مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مشكلة عالمية
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • مشكلة عالمية

      ‏«الانتحار مشكلة خطيرة تتعلق بمجال الصحة العامة».‏ —‏ دايڤيد ساتشر،‏ مدير دائرة الصحة العامة في الولايات المتحدة،‏ سنة ١٩٩٩.‏

      هذه العبارة تسم المرة الاولى في التاريخ التي يطرح فيها مدير لدائرة الصحة العامة في الولايات المتحدة موضوع الانتحار على طاولة البحث.‏ فعدد الذين يقتلون نفسهم في هذا البلد يفوق عدد الذين يقتلهم الآخرون.‏ لذلك لا عجب ان يعلن مجلس الشيوخ الاميركي ان مكافحة الانتحار مسألة ينبغي ان تحتل الاولوية في كل ارجاء البلد.‏

      لكنَّ نسبة الانتحار في الولايات المتحدة،‏ التي كانت ٤‏,١١ لكل ٠٠٠‏,١٠٠ سنة ١٩٩٧،‏ هي دون النسبة العالمية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية سنة ٢٠٠٠ —‏ ١٦ لكل ٠٠٠‏,١٠٠.‏ وقد ازدادت نسب الانتحار حول العالم ٦٠ في المئة في الـ‍ ٤٥ سنة الماضية.‏ واليوم،‏ في سنة واحدة،‏ ينتحر حوالي مليون شخص حول العالم،‏ مما يعادل تقريبا ميتة واحدة كل ٤٠ ثانية!‏

      لكنَّ الاحصائيات لا تخبر الحقيقة كاملة.‏ ففي حالات عديدة ينكر اعضاء العائلة ان الموت كان سببه الانتحار.‏ وعلاوة على ذلك،‏ يقدَّر ان مقابل كل عملية انتحار تتم،‏ هنالك ١٠ الى ٢٥ محاولة انتحار.‏ وفي احد الاستطلاعات،‏ اعترف ٢٧ في المئة من التلامذة في المدارس الثانوية في الولايات المتحدة انه خلال السنة السابقة راودتهم فعليا فكرة الانتحار؛‏ وأقدم ٨ في المئة ممَّن شملهم الاستطلاع على محاولة الانتحار.‏ كما وجدت دراسات اخرى ان ٥ الى ١٥ في المئة من الراشدين راودتهم افكار انتحارية في بعض الاوقات.‏

      الاختلافات الحضارية

      ان الطريقة التي ينظر بها الناس الى الانتحار تتفاوت الى حد بعيد.‏ فالبعض يعتبرونه جريمة،‏ والبعض الآخر وسيلة يلجأ اليها الجبناء للهرب من مشاكلهم،‏ وينظر اليه آخرون ايضا كطريقة شريفة للاعتذار عن خطإ.‏ ويذهب البعض الى حد اعتباره طريقة نبيلة لدعم قضية ما.‏ فلمَ يوجد مثل هذا التفاوت في الآراء؟‏ تلعب الحضارة دورا اساسيا.‏ تذكر رسالة هارڤرد للصحة العقلية ان الحضارة «تؤثر في امكانية حدوث الانتحار».‏

      تأملوا في بلد يقع في اوروپا الوسطى —‏ هنڠاريا.‏ يشير الطبيب زولتان ريمر الى ان نسبة الانتحار العالية في هذا البلد هي «‹تقليد› مؤسف».‏ وذكر بيلا بودا،‏ مدير المعهد الوطني للصحة في هنڠاريا،‏ ان الهنڠاريين يقدمون على الانتحار دون تردد،‏ لأي سبب تقريبا.‏ والقول «انه مصاب بالسرطان وهو يعرف كيف ينهي هذا الوضع» هو رد فعل شائع،‏ كما يقول بودا.‏

      وفي الهند،‏ درج قديما تقليد ديني معروف بالسُّوتية يقضي ان ترمي الارملة نفسها فوق محرقة زوجها الجنائزية.‏ ورغم ان هذه الممارسة مُنعت منذ زمن طويل،‏ فهي لم تنقرض كاملا.‏ ويُقال انه عندما انتحرت احدى النساء بهذه الطريقة،‏ جعل السكان المحليون من المأساة عملا بطوليا.‏ ووفقا لمجلة الهند اليوم (‏بالانكليزية)‏،‏ فإن تلك المنطقة في الهند «شهدت على مدى ٢٥ سنة موت حوالي ٢٥ امرأة ألقين بأنفسهن فوق محرقات ازواجهن الجنائزية».‏

      والجدير بالملاحظة ان عدد الضحايا الذي يحصده الانتحار في اليابان هو ثلاثة اضعاف الضحايا التي تحصدها حوادث السير!‏ تقول اليابان —‏ دائرة معارف مصوَّرة (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان حضارة اليابان التقليدية،‏ التي لم تدِن قط الانتحار،‏ معروفة بعادة متأصلة جدا في بنيتها،‏ عادة نزع الاحشاء (‏السيپوكو،‏ او الهاراكيري)‏».‏

      وهذا الافتتان الحضاري بالموت اوضحه إينازو نيتوبي،‏ الذي صار لاحقا وكيل الامين العام لعصبة الامم،‏ في كتابه البوشيدو —‏ روح اليابان (‏بالانكليزية)‏.‏ كتب:‏ «[السيپوكو] ابتكار يعود الى القرون الوسطى،‏ لجأ اليه المحاربون ليكفروا عن جرائمهم،‏ يعتذروا عن اخطائهم،‏ يهربوا من العار،‏ يفدوا اصدقاءهم،‏ او ليبرهنوا عن اخلاصهم».‏ ورغم ان هذا الشكل الشعائري من الانتحار مضى عليه الزمن،‏ لا يزال قليلون يلجأون اليه للتأثير في المجتمع.‏

      اما في العالم المسيحي،‏ فقد اعتُبر الانتحار جريمة فترة طويلة.‏ فبحلول القرنين السادس والسابع،‏ كانت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تحرم الذين ينتحرون ولا تسمح بإجراء الطقوس الجنائزية لهم.‏ وفي بعض الاماكن،‏ ادّت الحماسة الدينية الى عادات غريبة تتعلق بالمنتحرين —‏ بما فيها تعليق الجثث،‏ وغرز الاوتاد في القلوب.‏

      لكنَّ الغريب في الامر ان الذين كانوا يحاولون الانتحار تعرضوا لعقاب الموت.‏ فقد شُنق رجل انكليزي في القرن التاسع عشر بعدما فشل في ذبح نفسه.‏ وهكذا كانت السلطات تُكمل ما فشل الرجل نفسه في القيام به.‏ ورغم ان هذا العقاب تبدل على مر السنين،‏ لم يكن حتى سنة ١٩٦١ ان اعلن البرلمان البريطاني انه لم يعد الانتحار او محاولة الانتحار يعتبران جريمة.‏ اما في ايرلندا،‏ فقد استمر اعتبار الانتحار جريمة حتى سنة ١٩٩٣.‏

      واليوم،‏ يشجع بعض الكتّاب على الانتحار باعتباره احد الخيارات.‏ ففي كتاب صادر سنة ١٩٩١ يتناول موضوع انتحار من يعانون مرضا مميتا بمساعدة طبيب،‏ عُرضت طرائق ينهي بها المرء حياته.‏ ولاحقا،‏ صار عدد متزايد من المرضى الذين لا يشكون من مرض مميت يلجأون ايضا الى احدى هذه الطرائق المذكورة.‏

      فهل الانتحار هو حقا الحل لمشاكل المرء؟‏ ام ان هنالك اسبابا وجيهة للاستمرار في العيش؟‏ قبل التأمل في هذين السؤالين،‏ لنفحص اولا الاسباب التي تؤدي الى الانتحار.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤]‏

      في سنة واحدة،‏ ينتحر حوالي مليون شخص حول العالم،‏ مما يعادل ميتة واحدة كل ٤٠ ثانية تقريبا!‏

  • لماذا ييأس الناس من الحياة
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • لماذا ييأس الناس من الحياة

      ‏«لكل امرئ دوافع تؤدي به الى الانتحار:‏ دوافع شخصية الى ابعد حدود،‏ لا سبيل الى معرفتها،‏ ومروِّعة».‏ كاي رادفيلد جايميسن،‏ طبيبة نفسانية.‏

      ‏«‏الحياة عذاب».‏ كتب هذه الكلمات ريونوسوكي أكوتاڠاوا،‏ اديب ياباني اشتهر في مطلع القرن العشرين،‏ قبيل اقدامه على الانتحار.‏ لكنه مهَّد لهذه العبارة بقوله:‏ «طبعا،‏ انا لا ارغب في الموت ولكن .‏ .‏ .‏».‏

      مثل أكوتاڠاوا،‏ كثيرون ممن ينتحرون لا يرغبون في الموت بقدر ما يودون «انهاء معاناتهم»،‏ كما ذكر بروفسور في علم النفس.‏ وهذا ما تعكسه ايضا التعابير التي كثيرا ما نجدها في الرسائل التي يتركها المنتحرون.‏ فعبارات مثل ‹لا استطيع ان اتحمل اكثر من ذلك› او،‏ ‹لمَ الاستمرار في العيش؟‏› تُظهر رغبة قوية في الهروب من واقع الحياة المرير.‏ لكنّ اللجوء الى الانتحار،‏ كما وصفه احد الاطباء،‏ هو «كاستخدام قنبلة نووية لمعالجة الزكام».‏

      ورغم ان الاسباب التي تدفع الناس الى الانتحار تختلف،‏ هنالك حالات شائعة مشتركة تكمن وراء الانتحار.‏

      حالات تؤدي الى الانتحار

      ليس غريبا ان ييأس الاحداث ويقدمون على الانتحار حتى لأسباب تظهر تافهة للآخرين.‏ فعندما يتعرض الاحداث للأذى ولا يستطيعون شيئا للحؤول دونه،‏ قد يعتبرون موتهم وسيلة للانتقام من الذين آذوهم.‏ كتب هيروشي إينَمورا،‏ اختصاصي في معالجة الميالين الى الانتحار في اليابان:‏ «يرغب الاولاد بشدة في معاقبة الشخص الذي عذبهم،‏ من خلال موتهم».‏

      وأشار استطلاع حديث في بريطانيا انه عندما يتعرض الاولاد للتهجُّم الشديد،‏ يزيد احتمال اقدامهم على الانتحار سبعة اضعاف.‏ والالم العاطفي الذي يعانيه هؤلاء حقيقي.‏ فثمة ولد في الـ‍ ١٣ من عمره شنق نفسه بعدما ترك رسالة تتضمن اسماء خمسة احداث عذبوه وانتزعوا منه المال ايضا.‏ كتب يقول:‏ «ارجوكم،‏ خلصوا الاولاد الآخرين».‏

      وقد يحاول آخرون الانتحار عندما يواجهون مشاكل في المدرسة او مع القانون،‏ يفشلون في علاقة غرامية،‏ ينالون علامات دراسية منخفضة،‏ يختبرون الاجهاد عند التحضير للامتحانات،‏ او حين تثقل كاهلهم هموم المستقبل.‏ وبالنسبة الى المراهقين المتفوقين في دراستهم الذين يجدّون في اثر الكمال،‏ يمكن ان تؤدي نكسة او فشل —‏ سواء كان واقعيا او خياليا —‏الى محاولة الانتحار.‏

      اما بالنسبة الى الراشدين،‏ فالحالات الشائعة التي قد تؤدي الى الانتحار هي المشاكل المالية او المشاكل المتعلقة بالعمل.‏ ففي اليابان،‏ بعد سنوات من التدهور الاقتصادي،‏ فاق عدد المنتحرين مؤخرا الـ‍ ٠٠٠‏,٣٠ في السنة.‏ ووفقا لصحيفة ماينيتشي دايلي نيوز (‏بالانكليزية)‏،‏ ٧٥ في المئة من الرجال المتوسطي العمر الذين قتلوا انفسهم اقدموا على ذلك «بسبب المشاكل الناجمة عن الديون،‏ الفشل في الاعمال،‏ الفقر والبطالة».‏ وتؤدي المشاكل العائلية ايضا الى الانتحار.‏ ذكرت صحيفة فنلندية:‏ «ان الرجال المتوسطي الاعمار المطلَّقين حديثا» هم بين المجموعات الاكثر عرضة للانتحار.‏ ووجدت دراسة في هنڠاريا ان غالبية الفتيات اللواتي راودتهن فكرة الانتحار نشأن في عائلات محطمة.‏

      التقاعد والعلل الجسدية هي ايضا عوامل اساسية تؤدي الى الانتحار،‏ وخصوصا بين المسنين.‏ فغالبا ما يجري اللجوء الى الانتحار كمنفذ،‏ ليس بالضرورة عندما يكون المرض مميتا،‏ بل حين يشعر المريض انه لا يستطيع تحمل آلامه.‏

      لكن لا يتجاوب الجميع مع هذه الحالات المؤدية الى الانتحار بقتل انفسهم.‏ على العكس،‏ ان معظم الناس الذين يواجهون مثل هذه الحالات المجهدة لا ينتحرون.‏ فلماذا اذًا يعتبر البعض الانتحار حلا بعكس الغالبية؟‏

      العوامل الضمنية

      تقول كاي رادفيلد جايميسن،‏ بروفسورة في الطب النفسي في كلية الطب في جامعة جونز هوپكنز:‏ «ان اتخاذ قرار الموت يتوقف الى حد بعيد على الطريقة التي تفسَّر بها الاحداث».‏ وتضيف:‏ «غالبية العقول،‏ عندما تكون سليمة،‏ لا تعتبر اي حدث مدمرا الى حد يبرّر الاقدام على الانتحار».‏ وتذكر إيڤ ك.‏ موشتشتسكي،‏ من المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة،‏ ان عوامل كثيرة —‏ بما فيها عوامل ضمنية —‏ تعمل معا لتؤدي الى السلوك الانتحاري.‏ وتشمل هذه العوامل الضمنية الاضطرابات العقلية والاضطرابات الناجمة عن اساءة استعمال المواد المسببة للادمان،‏ التركيب الوراثي،‏ وكيمياء الدماغ.‏ فلنتأمل في بعض منها.‏

      في طليعة هذه العوامل تأتي الاضطرابات العقلية والاضطرابات الناجمة عن اساءة استعمال المواد المسببة للادمان.‏ وتشمل هذه الاضطرابات،‏ على سبيل المثال،‏ الكآ‌بة،‏ الاضطراب الثنائي القطب،‏ الفُصام،‏ وإساءة استعمال الكحول او المخدِّرات.‏ وتشير الابحاث في أوروپا وفي الولايات المتحدة على السواء ان اكثر من ٩٠ في المئة من عمليات الانتحار له علاقة بهذه الاضطرابات.‏ وفي الواقع،‏ وجد باحثون سويديون ان بين الرجال الذين لم يشخص لديهم اي اضطراب من هذا النوع،‏ بلغت نسبة الانتحار ٣‏,٨ لكل ٠٠٠‏,١٠٠،‏ في حين قفزت النسبة الى ٦٥٠ لكل ٠٠٠‏,١٠٠ بين المكتئبين!‏ ويقول الخبراء ان العوامل المؤدية الى الانتحار مشابهة في البلدان الشرقية.‏ لكنّ هذه العوامل بالاضافة الى الكآ‌بة لا تجعل من الانتحار امرا محتوما.‏

      تقول البروفسورة جايميسن التي حاولت هي نفسها الانتحار:‏ «يظهر ان الناس قادرون على تحمل الكآ‌بة ما دام هنالك بارقة امل».‏ لكنها وجدت انه فيما يتفاقم اليأس باستمرار ويصبح غير محتمل،‏ تضعف تدريجيا مقدرة العقل على كبح الدوافع الانتحارية.‏ وهي تشبّه الحالة بفرامل السيارة التي تبلى بسبب الضغط المستمر.‏

      من المهم ادراك هذه النزعة لأن الكآ‌بة يمكن معالجتها.‏ والشعور بالعجز يمكن عكسه.‏ فعندما تعالج العوامل الضمنية،‏ يمكن ان يتجاوب الناس بشكل مختلف مع الحزن والاجهاد اللذين غالبا ما يؤديا الى الانتحار.‏

      ويظن البعض ان تركيب المرء الوراثي ايضا عامل ضمني قد يكون وراء الكثير من حالات الانتحار.‏ دون شك،‏ ان المورِّثات تلعب دورا في تحديد طبع الشخص،‏ ولبعض العائلات تاريخ حافل بالانتحار،‏ كما تُظهر بعض الدراسات.‏ لكن،‏ «الاستعداد الوراثي لا يعني بأي شكل ان الانتحار لا مفر منه»،‏ كما تقول جايميسن.‏

      ويمكن ان تكون كيمياء الدماغ ايضا عاملا ضمنيا.‏ ففي الدماغ تتصل بلايين العصبونات بطريقة كهركيميائية.‏ وعند اطراف الالياف العصبية المتشعبة،‏ هنالك فجوات صغيرة تدعى المشابك تمرر المرسِلات العصبية عبرها المعلومات كيميائيا.‏ ومستوى احد هذه المرسِلات العصبية،‏ السيروتونين،‏ قد يكون له علاقة بميل الشخص بيولوجيا الى الانتحار.‏ يوضح كتاب داخل الدماغ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان مستوى السيروتونين المنخفض .‏ .‏ .‏ قد يسلب المرء سعادته،‏ فيشعر ان لا معنى لوجوده،‏ ويزداد خطر الكآ‌بة والانتحار».‏

      لكنّ الانتحار ليس امرا محتوما.‏ فملايين الناس يتكيفون مع الاحزان والضغوط.‏ وما يدفع البعض الى قتل انفسهم هو الطريقة التي بها يتجاوب العقل والقلب مع الضغوط.‏ لذلك لا يجب معالجة الحوافز المباشرة فحسب بل ايضا العوامل الضمنية.‏

      اذًا ماذا يمكن فعله لخلق نظرة اكثر تفاؤلا تعيد نوعا ما الى المرء لذته في الحياة؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      وقائع عن انتحار الرجال والنساء

      اظهرت دراسة اجريت في الولايات المتحدة ان نسبة محاولة الانتحار عند النساء هي ضعف الى ثلاثة اضعاف النسبة عند الرجال،‏ لكنَّ نسبة نجاح الرجال في الانتحار هي اربعة اضعاف النسبة عند النساء.‏ وما يفسر سبب محاولة انتحار عدد اكبر من النساء هو ان معاناتهن من الكآ‌بة هي على الاقل ضعف معاناة الرجال.‏ ولكن بما ان كآ‌بة النساء عموما اقل شدة من كآ‌بة الرجال،‏ فهن يلجأن الى وسائل اقل عنفا لينهين حياتهن.‏ اما الرجال فيلجأون الى استعمال وسائل قاضية وعنيفة اكثر ليتأكدوا من نجاح مسعاهم.‏

      لكن في الصين،‏ تنجح النساء في الانتحار اكثر من الرجال.‏ وفي الواقع،‏ تظهر دراسة ان حوالي ٥٦ في المئة من عمليات الانتحار التي تقوم بها النساء حول العالم تحدث في الصين،‏ وخصوصا في المناطق الريفية.‏ ويقال ان احد الاسباب التي تدفع النساء في هذه المناطق الى الإقدام بتهور على الانتحار والنجاح في مسعاهن هو سهولة حصولهن على مبيدات الآفات المميتة.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧]‏

      الانتحار والوحدة

      الوحدة هي احد العوامل التي تدفع الناس الى الكآ‌بة والانتحار.‏ قال يوكو لونكويست،‏ الذي ترأس دراسة تناولت موضوع الانتحار في فنلندا:‏ «العديدون [ممَن اقدموا على الانتحار]،‏ كانت حياتهم اليومية موحشة.‏ فقد كان لديهم الكثير من اوقات الفراغ ولكن القليل من العلاقات الاجتماعية».‏ وعلَّق كنشيرو اوهارا،‏ طبيب نفساني في كلية الطب في جامعة هاماماتسو في اليابان،‏ قائلا ان «الاعتزال» هو وراء موجة الانتحار التي حصلت مؤخرا بين الرجال المتوسطي العمر في ذلك البلد.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

      بالنسبة الى الراشدين،‏ ان الحالات الشائعة التي قد تؤدي الى الانتحار هي المشاكل المالية او المشاكل المتعلقة بالعمل

  • يمكنكم ايجاد العون
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • يمكنكم ايجاد العون

      تساءل رجل سويسري في الـ‍ ٢٨ من عمره:‏ ‹تسع وأربعون حبة منوم في الفنجان.‏ هل اتناولها ام لا؟‏›.‏ لقد تخلت عنه زوجته وتركه أولاده،‏ فتملكته كآ‌بة عارمة.‏ لكن بعد ان تناول الجرعة،‏ قال لنفسه ‹لا،‏ لا اريد ان اموت!‏›.‏ ولحسن التوفيق،‏ نجا ليخبر قصته.‏ فالنزعات الانتحارية لا تؤدي دائما الى الموت.‏

      قال ألكس كروزبي الذي يعمل في مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بشأن محاولات انتحار المراهقين:‏ «اذا استطعتم تأخير محاولة الانتحار ولو بضع ساعات،‏ يمكنكم الحؤول دون حدوثها.‏ فتدخلكم قد يمنع عددا كبيرا من الاشخاص من النجاح في مسعاهم وينقذ حياتهم».‏

      وفيما كان البروفسور هيساتشي كوروساوا يعمل في مركز الطوارئ والانقاذ في كلية الطب في اليابان،‏ ساعد مئات الاشخاص الميالين الى الانتحار على استعادة رغبتهم في الحياة.‏ نعم،‏ ان التدخل بطريقة ما يمكن ان ينقذ حياة الكثيرين.‏ فأي عون يلزم؟‏

      مواجهة المشاكل الضمنية

      كما ذُكر في المقالة السابقة،‏ يقول الباحثون ان ٩٠ في المئة من الذين انتحروا كانوا مصابين باضطرابات نفسية او يعانون مشاكل تتعلق بإساءة استعمال المواد المسببة للادمان.‏ لذلك،‏ تقول إيف ك.‏ موشتشتسكي من المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة:‏ «ان الامل بالقضاء على انتحار الاشخاص من كل فئات الاعمار يتوقف على معالجة الاضطرابات العقلية والاضطرابات المتعلقة بإساءة استعمال المواد المسبِّبة للادمان».‏

      لكنَّ المؤسف ان الذين يعانون هذه الاضطرابات لا ينشدون عادة المساعدة.‏ ولمَ لا؟‏ «بسبب نظرة التحامل الشديد في المجتمع»،‏ كما يعلق يوشيتومو تاكاهاشي من معهد الطب النفسي المتروبوليتي في طوكيو.‏ ويضيف قائلا انه بسبب هذا التحامل،‏ حتى الاشخاص الذين يدركون نوعا ما انهم يعانون علة نفسية يترددون في طلب معالجة فورية.‏

      لكنَّ البعض لا يردعهم الخجل.‏ فثمة مذيع مشهور يدعى هيروشي أوڠاوا قضى ١٧ سنة يُعدّ ويقدم برنامجا تلفزيونيا في اليابان،‏ اعترف علنا انه يعاني الكآ‌بة وانه وصل الى شفير الانتحار.‏ قال أوڠاوا:‏ «تشبَّه الكآ‌بة بزكام».‏ فأي كان يمكن ان يلتقطه،‏ كما اوضح،‏ لكنَّ شفاءه ممكن.‏

      تحدثوا الى شخص ما

      يقول بيلا بودا،‏ المسؤول الصحي الهنڠاري،‏ المقتبس منه سابقا:‏ «عندما يكون شخص وحيدا مع مشاكله،‏ يراها عادة اضخم بكثير مما هي عليه ولا يرى املا في حلها».‏ ويؤكد هذا التعليق حكمة مثل قديم في الكتاب المقدس:‏ «المعتزل يطلب شهوته.‏ بكل مشورة يغتاظ».‏ —‏ امثال ١٨:‏١‏.‏

      اصغوا الى هذه الكلمات الحكيمة.‏ لا تسمحوا لنفسكم بأن تتخبطوا وحدكم في بحر من المشاكل الشخصية الساحقة.‏ ابحثوا عن شخص يمكنكم الوثوق به وتستطيعون ان تبوحوا له بمكنونات قلبكم.‏ ‹لكن›،‏ قد تقولون،‏ ‹لا يوجد احد استطيع التحدث اليه›.‏ كثيرون يخالجهم شعور مماثل،‏ كما يقول الاختصاصي في الصحة العقلية الطبيب ناووكي ساتو.‏ ويذكر ساتو ايضا ان المرضى قد يتجنبون الافضاء بمشاكلهم الى آخرين لأنهم لا يرغبون في اظهار ضعفهم.‏

      فإلى اين يمكن ان يلجأ المرء لإيجاد اذن صاغية؟‏ في اماكن كثيرة،‏ يمكن اللجوء الى مراكز مكافحة الانتحار او الى الخدمات الهاتفية للمساعدة على حل الازمات او الى اي طبيب ذي صيت جيد يعالج المشاكل العاطفية.‏ لكنَّ بعض الخبراء يعترفون ايضا بمصدر آخر للمساعدة —‏ الدين.‏ فكيف يمكن ان يساعد ذلك؟‏

      ايجاد العون اللازم

      ثمة معوَّق في بلغاريا يدعى مارين،‏ صارت تنتابه رغبة جامحة في قتل نفسه.‏ لكن ذات يوم وجد صدفة مجلة برج المراقبة الدينية،‏ التي يصدرها شهود يهوه.‏ فتجاوب مع الدعوة في المجلة التي تشجع على قبول زيارة من شهود يهوه.‏ يوضح مارين النتيجة:‏ «تعلمت منهم ان الحياة هبة من ابينا السماوي واننا لا نملك حق ايذاء نفسنا او انهاء حياتنا عمدا.‏ وهكذا،‏ زالت رغبتي السابقة في الانتحار،‏ ورغبت في الحياة مجددا!‏».‏ ونال مارين ايضا الدعم الحبي من الجماعة المسيحية.‏ ورغم انه ما زال معوَّقا،‏ يقول:‏ «ان ايامي اليوم يسودها الفرح والهدوء،‏ وهي مليئة بأمور سارة اقوم بها —‏ حتى ان الوقت لا يتسع لإنجازها كلها!‏ وأنا ادين بهذا ليهوه ولشهوده».‏

      والشاب السويسري المذكور في مستهل المقالة نال ايضا مساعدة من شهود يهوه.‏ وهو يعلق اليوم على «لطف عائلة مسيحية» استضافته في بيتها.‏ ويضيف:‏ «لاحقا،‏ صار اعضاء الجماعة [شهود يهوه] يتناوبون على دعوتي الى تناول الطعام معهم يوما بعد يوم.‏ وما ساعدني ليس فقط استقبالي بترحاب بل ايضا التمكن من التكلم مع احد».‏

      وقد تشجع هذا الرجل كثيرا بما درسه في الكتاب المقدس،‏ وخصوصا عندما تعلم عن المحبة التي يكنّها الاله الحقيقي يهوه للجنس البشري.‏ (‏يوحنا ٣:‏١٦‏)‏ فلدى يهوه اللّٰه اذنان صاغيتان ليسمع لكم حين ‹تسكبون قدامه قلوبكم›.‏ (‏مزمور ٦٢:‏٨‏)‏ و‹عيناه تجولان في كل الارض› لا لتجد الاخطاء في الناس بل «ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه».‏ (‏٢ أخبار ١٦:‏٩‏)‏ يؤكد لنا يهوه:‏ «لا تخف لأني معك.‏ لا تتلفت لأني الهك.‏ قد ايدتك وأعنتك وعضدتك بيمين برّي».‏ —‏ اشعياء ٤١:‏١٠‏.‏

      وفي ما يتعلق بوعد اللّٰه بعالم جديد،‏ قال الرجل السويسري:‏ «لقد خفف كثيرا من وطأة تثبطي».‏ وهذا الرجاء،‏ الموصوف بأنه «مرساة للنفس»،‏ يشمل الوعد بحياة ابدية في فردوس على الارض.‏ —‏ عبرانيين ٦:‏١٩؛‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١،‏ ٢٩‏.‏

      حياتكم مهمة للآخرين

      صحيح انكم قد تواجهون حالات تجعلكم تشعرون بوحدة تامة وبأن موتكم لن يهم احدا.‏ لكن تذكروا:‏ هناك فرق شاسع بين الشعور بالوحدة وكونكم فعلا وحيدين.‏ ففي ازمنة الكتاب المقدس مرّ النبي ايليا بمرحلة من الكآ‌بة.‏ وقال ليهوه:‏ «قتلوا انبياءك بالسيف فبقيت انا وحدي».‏ نعم،‏ لقد شعر ايليا بوحدة تامة —‏ وذلك لسبب وجيه.‏ فقد قُتل الكثير من اصدقائه الانبياء،‏ وسُلِّط السيف فوق عنقه،‏ وقضى فترة هاربا لينجو بحياته.‏ لكن هل كان فعلا وحيدا؟‏ كلا.‏ لقد جعله يهوه يدرك ان حوالي ٠٠٠‏,٧ شخص امين كانوا مثله يحاولون بإخلاص ان يخدموا الاله الحقيقي في تلك الاوقات العصيبة.‏ (‏١ ملوك ١٩:‏١-‏١٨‏)‏ فماذا عنكم؟‏ هل من المعقول ألّا تكونوا وحدكم بقدر ما تشعرون؟‏

      هنالك اشخاص يهمهم امركم.‏ قد تفكرون في والديكم،‏ رفيق زواجكم،‏ اولادكم،‏ وأصدقائكم.‏ لكن هنالك المزيد ايضا.‏ فبين شهود يهوه،‏ يمكن ان تجدوا مسيحيين ناضجين يهتمون بكم،‏ يصغون اليكم،‏ ويصلون معكم ولأجلكم.‏ (‏يعقوب ٥:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ حتى لو خذلكم كل انسان ناقص،‏ فهنالك مَن لن يترككم ابدا.‏ قال الملك داود الذي عاش قديما:‏ «ان ابي وأمي قد تركاني والرب يضمني».‏ (‏مزمور ٢٧:‏١٠‏)‏ نعم ان يهوه ‏«يهتم بكم».‏ (‏١ بطرس ٥:‏٧‏)‏ فلا تنسوا ابدا انكم اعزاء في عينيه.‏

      ان الحياة هبة من اللّٰه.‏ صحيح انها قد تبدو احيانا عبئا اكثر منها هبة.‏ لكن هل يمكنكم ان تتخيلوا شعوركم لو منحتم احدا هدية قيمة فرماها قبل ان يستعملها؟‏ نحن البشر الناقصين بالكاد بدأنا نستعمل هبة الحياة.‏ فالكتاب المقدس يقول عن الحياة التي نعيشها اليوم انها ليست «الحياة الحقيقية» في نظر اللّٰه.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٩‏)‏ نعم،‏ في المستقبل القريب سننعم بحياة ذات قصد تمنحنا اقصى درجات الاكتفاء والسعادة.‏ وكيف ذلك؟‏

      يقول الكتاب المقدس:‏ «سيمسح [اللّٰه] كل دمعة من عيونهم،‏ والموت لا يكون في ما بعد،‏ ولا يكون نوح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.‏ فالأمور السابقة قد زالت».‏ (‏كشف ٢١:‏٣،‏ ٤‏)‏ حاولوا ان تتخيلوا كيف ستكون حياتكم عندما تتحقق هذه الكلمات.‏ خذوا وقتكم.‏ حاولوا ان تخلقوا في ذهنكم صورة كاملة نابضة بالحياة.‏ وهذه الصورة ليست مجرد خيال لا قيمة له.‏ وفيما تتأملون في كيفية تعامل يهوه مع شعبه في الماضي،‏ ستعظم ثقتكم به وتصبح هذه الصورة حقيقية اكثر بالنسبة اليكم.‏ —‏ مزمور ١٣٦:‏١-‏٢٦‏.‏

      قد يمضي بعض الوقت قبل ان تستعيدوا تماما رغبتكم في الحياة.‏ فواظبوا على الصلاة الى «إله كل تعزية،‏ الذي يعزينا في كل ضيقتنا».‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٣،‏ ٤؛‏ روما ١٢:‏١٢؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١٧‏)‏ وسيمنحكم يهوه القوة التي تحتاجون اليها.‏ كما انه سيعلمكم ان الحياة تستحق العيش.‏ —‏ اشعياء ٤٠:‏٢٩‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩]‏

      كيف يمكنكم مساعدة شخص ميال الى الانتحار

      ماذا ينبغي ان تفعلوا عندما يبوح لكم احد برغبته في الانتحار؟‏ تنصح مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة:‏ «كونوا مستمعين جيادا».‏ دعوه يعبّر عما يجيش في صدره.‏ لكن في حالات كثيرة،‏ يكون الشخص الميال الى الانتحار منطويا على نفسه ومتحفظا في الكلام.‏ فاعترفوا بحقيقة الالم او اليأس الذي يعانيه.‏ وقد تنجحون في جعله يبوح لكم بمكنونات قلبه اذا ذكرتم بلطف بعض التغييرات الخصوصية التي لاحظتموها في تصرفه.‏

      وحين تصغون،‏ أظهروا التقمص العاطفي.‏ تقول مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها:‏ «من المهم ان تؤكدوا للشخص ان حياته تهمكم وتهم الآخرين ايضا».‏ دعوه يعلم كم سيسحقكم موته،‏ انتم والآخرين.‏ وساعدوا الشخص على الادراك ان خالقه يهتم به.‏ —‏ ١ بطرس ٥:‏٧‏.‏

      ينصح الخبراء ايضا بالتخلص من كل ما يمكن ان يلجأ اليه الشخص للانتحار —‏ وخصوصا الاسلحة النارية.‏ وإذا بدا الوضع خطرا،‏ فقد ترغبون في تشجيع الشخص على طلب مساعدة طبية.‏ وفي الحالات القصوى،‏ قد لا يكون امامكم خيار سوى اللجوء الى الخدمات الطبية التي تُعنى بمثل هذه الحالات الطارئة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

      ‏‹هل يسامحني اللّٰه على تفكيري في الانتحار؟‏›‏

      ساعدت معاشرة شهود يهوه الكثيرين ان يتغلبوا على الافكار الانتحارية.‏ رغم ذلك،‏ لا احد اليوم مستثنى من الاحداث المجهدة في الحياة او الكآ‌بة.‏ والمسيحيون الذين فكروا في الانتحار يكافحون غالبا مشاعر ذنب قوية.‏ غير ان هذا الشعور بالذنب لا يعمل إلّا على زيادة اعبائهم.‏ فكيف يمكن معالجة هذه المشاعر؟‏

      من المهم الملاحظة ان بعض النساء والرجال الامناء في ازمنة الكتاب المقدس عبّروا بشدة عن مشاعر سلبية ازاء الحياة.‏ فرفقة،‏ زوجة الاب الجليل اسحق،‏ التي كانت مرة مكتئبة جدا بسبب مشكلة عائلية قالت:‏ «مللت حياتي».‏ (‏تكوين ٢٧:‏٤٦‏)‏ وأيوب الذي عانى خسارة اولاده،‏ صحته،‏ ثروته،‏ ومكانته الاجتماعية،‏ قال:‏ «قد كرهَت نفسي حياتي».‏ (‏ايوب ١٠:‏١‏)‏ وصرخ موسى مرة الى اللّٰه:‏ «اقتلني قتلا».‏ (‏عدد ١١:‏١٥‏)‏ وقال مرة ايليا،‏ احد انبياء اللّٰه:‏ «قد كفى الآن يا رب خذ نفسي».‏ (‏١ ملوك ١٩:‏٤‏)‏ كما ردَّد النبي يونان مرارا:‏ «موتي خير من حياتي».‏ —‏ يونان ٤:‏٨‏.‏

      فهل أدان يهوه هؤلاء الافراد بسبب الطريقة التي كانوا يشعرون بها؟‏ كلا.‏ حتى انه ابقى تعابيرهم في الكتاب المقدس.‏ لكن من الحيوي الملاحظة ان لا احد من هؤلاء الامناء ترك مشاعره تقوده الى الانتحار.‏ وقد قدرهم يهوه وأراد ان يحيوا.‏ وفي الواقع يهتم يهوه حتى بحياة الاشرار.‏ فهو يحثهم ان يغيروا طرقهم و‹يحيوا›.‏ (‏حزقيال ٣٣:‏١١‏)‏ فكم بالحري يرغب في ان يحيا الذين يسعون الى ربح رضاه!‏

      لقد زوّدنا اللّٰه ذبيحة ابنه الفدائية،‏ الجماعة المسيحية،‏ الكتاب المقدس،‏ وامتياز الصلاة.‏ وخط الاتصال باللّٰه هذا —‏ الصلاة —‏ لا يكون مشغولا ابدا.‏ فاللّٰه يستطيع ان يسمع،‏ لا بل يسمع كل الذين يقتربون اليه بقلب مخلص ومتواضع.‏ «فلنقترب إذا بحرية كلام من عرش النعمة،‏ لكي ننال رحمة ونجد نعمة للعون في حينه».‏ —‏ عبرانيين ٤:‏١٦‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢]‏

      هل خسَّركم الانتحار احد احبائكم؟‏

      عندما ينتحر احد،‏ يعاني اعضاء عائلته ورفقاؤه الاحماء تشويشا فكريا مروِّعا.‏ فيلوم كثيرون انفسهم على المأساة.‏ ويتفوهون بعبارات مثل:‏ «لو استطعت على الاقل ان اقضي معه وقتا اكثر في ذلك اليوم»،‏ «لو استطعت ان اضبط لساني آنذاك»،‏ «يا ليتني فعلت المزيد لأساعده».‏ وذلك يعني:‏ «لو فعلت كذا وكذا لكان من احبه موجودا اليوم بيننا».‏ فهل من المنطقي ان يحمِّل المرء نفسه مسؤولية انتحار شخص آخر؟‏

      تذكروا انه من السهل جدا تمييز مؤشرات الميل الى الانتحار بعد ان ينتهي الامر.‏ لكن قبل وقوعه يكون الوضع مختلفا.‏ فالكتاب المقدس يقول:‏ «القلب يعرف مرارة نفسه.‏ وبفرحه لا يشاركه غريب».‏ (‏امثال ١٤:‏١٠‏)‏ فأحيانا يستحيل تمييز ما يشعر به الشخص الآخر او يفكر فيه.‏ وأناس كثيرون ممَّن يميلون الى الانتحار يعجزون عن التعبير بشكل ملائم عن المشاعر التي تنتابهم،‏ حتى لأعضاء العائلة الاحماء.‏

      يقول كتاب التعبير عن الاسى بالكلمات (‏بالانكليزية)‏ عن المؤشرات التي تميز ميل الشخص الى الانتحار:‏ «الحقيقة هي انه من الصعب عادة تمييز هذه المؤشرات».‏ ويضيف الكتاب نفسه انه حتى لو تعرفتم على بعض العلامات،‏ لا يضمن ذلك بحد ذاته ان تحولوا دون حصول الانتحار.‏ فعوض ان تعذبوا نفسكم،‏ يمكنكم ان تجدوا العزاء في كلمات الملك الحكيم سليمان:‏ «الاحياء يعلمون انهم سيموتون.‏ اما الموتى فلا يعلمون شيئا».‏ (‏جامعة ٩:‏٥‏)‏ فالميت الذي تحبونه لا يتعذب في هاوية نارية.‏ والكرب العاطفي والفكري الذي ادّى الى اقدامه على الانتحار انتهى.‏ انه لا يتعذب بل هو راقد.‏

      وقد يكون من الافضل ان تركزوا الآن على خير الاحياء،‏ بمن فيهم انتم.‏ فقد تابع سليمان:‏ ‹كل ما تجده يدكم لتفعلوه فافعلوه بقوتكم› ما دمتم على قيد الحياة.‏ (‏جامعة ٩:‏١٠‏)‏ وثقوا بأن آمال الحياة المستقبلية للذين انتحروا هي في يد يهوه،‏ ‹أبي المراحم الرقيقة وإله كل تعزية›.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣‏.‏a

      ‏[الحاشية]‏

      a تجدون نظرة متزنة الى الآمال المستقبلية لمن انتحروا في مقالة «‏وجهة نظر الكتاب المقدس:‏ المنتحرون —‏ هل لهم قيامة؟‏‏» في عدد ٨ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٩٠ من استيقظ!‏.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٨]‏

      تحدثوا الى شخص ما

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      حياتكم تهم الآخرين

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة