مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الولادة الثانية هل هي السبيل الى الخلاص؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الثانية هل هي السبيل الى الخلاص؟‏

      كيف تجيب اذا سُئلت:‏ «هل وُلدت ثانية»؟‏ يردّ ملايين المتعبدين حول العالم بالفم الملآن:‏ «نعم بالتأكيد!‏».‏ فهم يؤمنون ان الولادة الثانية سمة تميّز جميع المسيحيين الحقيقيين وهي السبيل الاوحد الى الخلاص.‏ حتى انهم يثنّون على رأي بعض القادة الدينيين امثال اللاهوتي روبرت ت.‏ سپراول الذي كتب:‏ «ان لم يولد المرء ثانية .‏ .‏ .‏ فهو ليس بمسيحي».‏

      هل تؤمن انت ايضا ان الولادة ثانية هي سبيلك الى الخلاص؟‏ اذا اجبت بنعم،‏ فلا شك انك تريد مساعدة اقربائك وأصدقائك ان يجدوا سبيل الخلاص هذا ويسيروا فيه.‏ ولكن يلزم اولا ان يدركوا الفرق بين الشخص المولود وغير المولود ثانية.‏ فكيف توضح لهم ما تعنيه الولادة الثانية؟‏

      يعتقد كثيرون ان الاشخاص يولدون ثانية حين يقطعون وعدا جديا بخدمة اللّٰه والمسيح،‏ فيتحررون من حالة الموت الروحي ويصبحون احياء روحيا.‏ ويذكر عدد من المراجع ان المولود ثانية هو شخص مسيحي جدّد التزامه بمعتقداته ولا سيما بعد مروره بتجربة دينية مؤثّرة.‏

      هل تعلم ان الكتاب المقدس لا يؤيد هذه الفكرة؟‏ هل تودّ ان تعرف ما تعلّمه كلمة اللّٰه حقا عن الولادة الثانية؟‏ لا شك انك ستجني الكثير من الفوائد اذا تأملت عن كثب في هذا الموضوع وفهمته بدقة،‏ فذلك سيؤثر في حياتك وآمالك المستقبلية.‏

      ماذا يقول الكتاب المقدس في هذا الخصوص؟‏

      لا يأتي الكتاب المقدس على ذكر عبارة ‹يولد ثانية› الا في يوحنا ٣:‏١-‏١٢ التي تروي حوارا شيقا دار بين يسوع وقائد ديني في اورشليم.‏ نحثك ان تقرأ باعتناء هذه الرواية المقتبسة في الاطار على الصفحة التالية.‏

      ففي هذه الرواية يسلّط يسوع الضوء على جوانب عديدة مرتبطة بموضوع ‹الولادة الجديدة›.‏a وبتفحصنا اياها نجد الاجوبة عن هذه الاسئلة الخمسة المهمة:‏

      ◼ ما مدى اهمية الولادة الثانية؟‏

      ◼ هل الولادة من جديد امر عائد الينا؟‏

      ◼ ما القصد منها؟‏

      ◼ كيف يولد المرء من جديد؟‏

      ◼ كيف تؤثّر الولادة الجديدة في علاقة المرء باللّٰه؟‏

      لنتأمل في هذه الاسئلة واحدا فواحدا.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ترد عبارة «ولادة جديدة» في ١ بطرس ١:‏٣،‏ ٢٣‏.‏ وهي عبارة اخرى تُستخدم في الكتاب المقدس للاشارة الى ‹الولادة ثانية›.‏ والعبارتان كلتاهما مشتقتان من الفعل اليوناني غِنّاو.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٤]‏

      ‏«يجب ان تولدوا ثانية»‏

      «كان انسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس،‏ رئيس لليهود.‏ هذا جاء اليه ليلا وقال له:‏ ‹رابّي،‏ نحن نعرف انك من اللّٰه جئت معلما،‏ لأنه ما من احد يقدر ان يعمل هذه الآيات التي انت تعملها ما لم يكن اللّٰه معه›.‏ فأجاب يسوع وقال له:‏ ‹الحق الحق اقول لك:‏ إن كان احد لا يولد ثانية،‏ لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه›.‏ فقال له نيقوديموس:‏ ‹كيف يقدر انسان ان يولد وهو عجوز؟‏ أوَيقدر ان يدخل رحم امه ثانية ويولد؟‏›.‏ اجاب يسوع:‏ ‹الحق الحق اقول لك:‏ إن كان احد لا يولد من ماء وروح،‏ لا يقدر ان يدخل ملكوت اللّٰه.‏ المولود من الجسد هو جسد،‏ والمولود من الروح هو روح.‏ لا تتعجب اني قلت لك:‏ يجب ان تولدوا ثانية.‏ الريح تهب حيث تشاء،‏ وتسمع صوتها،‏ لكنك لا تعرف من اين تأتي ولا الى اين تذهب.‏ هكذا كل مولود من الروح›.‏ اجاب نيقوديموس وقال له:‏ ‹كيف يمكن ان يكون هذا؟‏›.‏ اجاب يسوع وقال له:‏ ‹انت معلم لإسرائيل ولست تعرف هذا؟‏ الحق الحق اقول لك:‏ اننا نتكلم بما نعرف ونشهد بما رأينا،‏ ولكنكم لا تقبلون شهادتنا.‏ إن كنت قد قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون،‏ فكيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات؟‏›».‏ —‏ يوحنا ٣:‏١-‏١٢‏.‏

  • الولادة الجديدة —‏ ما مدى اهميتها؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الجديدة —‏ ما مدى اهميتها؟‏

      أكد يسوع في معرض حديثه مع نيقوديموس ان ولادة المرء ثانية،‏ او من جديد،‏ هي على جانب كبير من الاهمية.‏ فكيف يتبين ذلك؟‏

      لاحظ كيف شدّد يسوع على اهمية الولادة الجديدة قائلا:‏ ‏«إن كان احد لا يولد ثانية،‏ لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه».‏ (‏يوحنا ٣:‏٣‏)‏ فاستعمال اداة الشرط «إن» و «لا» النافية يبرز كم ضرورية هي الولادة الجديدة.‏ لإيضاح ذلك،‏ اذا قيل:‏ «إن لم تبزغ الشمس لا يطلع النهار»،‏ فهذا يعني ان شروق الشمس ضرورة لازمة لرؤية ضوء النهار.‏ بشكل مماثل،‏ عنى يسوع ان الولادة ثانية ضرورة لازمة لرؤية ملكوت اللّٰه.‏

      ومنعًا لأي التباس حول هذا الموضوع،‏ قال يسوع بعد ذلك:‏ ‏«يجب ان تولدوا ثانية».‏ (‏يوحنا ٣:‏٧‏)‏ فمن الواضح ان الولادة الثانية،‏ حسبما ذكر يسوع،‏ مطلب اساسي كي «يدخل [المرء] ملكوت اللّٰه».‏ —‏ يوحنا ٣:‏٥‏.‏

      وبما ان يسوع علّق اهمية كبيرة على الولادة الجديدة،‏ ينبغي للمسيحيين ان يحرصوا على فهم هذه المسألة فهما دقيقا.‏ مثلا،‏ هل فكّرت في السؤال التالي:‏ هل المسيحي هو من يقرر ان يولد ثانية؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      ‏«إن لم تبزغ الشمس لا يطلع النهار»‏

  • الولادة الجديدة —‏ هل القرار بيدنا نحن؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الجديدة —‏ هل القرار بيدنا نحن؟‏

      هل المسيحي هو من يقرر ان يولد ثانية؟‏ حين يحضّ بعض المبشرين سامعيهم ان يولدوا من جديد،‏ يقتبسون كلمات يسوع «يجب ان تولدوا ثانية».‏ (‏يوحنا ٣:‏٧‏)‏ فهم يعتبرون هذه الكلمات بمثابة امر،‏ وكأنهم يعلّمون ان الشخص المؤمن هو الذي يقرر ان يطيع يسوع ويتخذ الخطوات الضرورية ليولد من جديد.‏ فاستنادا الى هذا المنطق،‏ تُعتبر الولادة الجديدة خيارا شخصيا.‏ ولكن هل تتوافق هذه النظرة مع ما قاله يسوع لنيقوديموس؟‏

      يظهر التمعن في كلمات يسوع انه لم يعلّم ان الولادة ثانية امر عائد الى المرء نفسه.‏ وكيف نعرف ذلك؟‏ ان التعبير اليوناني المترجم الى «يولد ثانية» يمكن ان يُنقل ايضا الى «يولد من فوق».‏a وبناء على هذه الترجمة،‏ يمكن القول ان مصدر الولادة الجديدة هو «من فوق»،‏ اي ‹من عند الآب›.‏ (‏يوحنا ٣:‏٣‏،‏ الترجمة البروتستانتية؛‏ يوحنا ١٩:‏١١؛‏ يعقوب ١:‏١٧‏)‏ نعم،‏ ان اللّٰه هو الذي يقرر من يولد ثانية.‏ —‏ ١ يوحنا ٣:‏٩‏.‏

      وإذا ابقينا في ذهننا عبارة «من فوق»،‏ يسهل علينا ان نفهم لمَ لا يستطيع المرء ان يقرر هو بنفسه الولادة ثانية.‏ تأمل في ولادتك الحرفية.‏ فهل انت الذي قرّر ان تأتي الى الوجود؟‏ قطعا لا!‏ فوالداك هما اللذان قرّرا انجابك.‏ على نحو مماثل،‏ لا يمكن ان نولد من جديد ما لم يقرر ذلك ابونا السماوي.‏ (‏يوحنا ١:‏١٣‏)‏ لذا اصاب الرسول بطرس حين قال:‏ «تبارك إله وأبو ربنا يسوع المسيح!‏،‏ فهو بعظيم رحمته ولدنا ولادة جديدة لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات».‏ —‏ ١ بطرس ١:‏٣‏.‏

      هل كانت كلمات يسوع بمثابة امر؟‏

      قد يتساءل البعض:‏ ‹اذا لم تكن الولادة ثانية في يد المرء،‏ فلمَ اعطى يسوع هذا الامر:‏ «يجب ان تولدوا ثانية»؟‏›.‏ ان هذا السؤال في محله.‏ ولكن فكّر:‏ هل يعقل ان يأمرنا يسوع بفعل شيء يفوق قدرتنا؟‏!‏ كلا بالتأكيد،‏ فهذا ليس منطقيا على الاطلاق.‏ اذًا،‏ كيف لنا ان نفهم الكلمات «يجب ان تولدوا ثانية»؟‏

      اذا تفحصنا بدقة هذه العبارة باللغة الاصلية نرى انها لم ترد بصيغة الامر،‏ بل القصد منها هو الإفادة او الإدلاء بالمعلومات.‏ وبكلمات اخرى،‏ لم يكن يسوع يصدر امرا حين ذكر «يجب ان تولدوا ثانية»،‏ بل قصد ان يقول:‏ «انكم بحاجة الى الولادة من جديد».‏ —‏ يوحنا ٣:‏٧‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏

      ولإيضاح الفرق بين اصدار امر ما والإدلاء بمعلومة معيّنة،‏ اليك هذا المثل البسيط.‏ تصوّر مدينة تضمّ مدارس عديدة خُصصت احداها لأبناء البلد.‏ وذات يوم،‏ يتقدم من المدير شاب ليس من ابناء البلد ويطلب منه ان يلتحق بالمدرسة.‏ فيجيبه المدير قائلا:‏ «لكي تتسجل في المدرسة يجب ان تكون من اهل البلد».‏ طبعا،‏ لم يقصد المدير ان يأمره:‏ «كن من اهل البلد».‏ بل كان يخبره بكل بساطة عن الشرط اللازم للالتحاق بالمدرسة.‏ بصورة مماثلة،‏ حين قال يسوع:‏ «يجب ان تولدوا ثانية»،‏ لم يقصد سوى الإدلاء بمعلومة حول المطلب اللازم ‹لدخول ملكوت اللّٰه›.‏

      وملكوت اللّٰه هذا مرتبط بسؤال آخر حول الولادة الجديدة:‏ ما القصد منها؟‏ فمعرفة الجواب عن هذا السؤال تساعدنا ان نفهم بدقة ما تعنيه الولادة ثانية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ثمة ترجمات عديدة للكتاب المقدس تنقل يوحنا ٣:‏٣ بطريقة مشابهة.‏ لاحظ مثلا ما تذكره الترجمة اليسوعية الجديدة:‏ «ما من احد يمكنه ان يرى ملكوت اللّٰه الا اذا وُلد من علُ».‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      ما هو وجه الشبه بين الولادة الجديدة والولادة الحرفية؟‏

  • الولادة الجديدة —‏ ما القصد منها؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الجديدة —‏ ما القصد منها؟‏

      يؤمن كثيرون ان الولادة ثانية مطلب اساسي لنيل الخلاص الابدي.‏ ولكن لاحظ ما قاله يسوع نفسه عن القصد من الولادة الجديدة:‏ «إن كان احد لا يولد ثانية،‏ لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه».‏ (‏يوحنا ٣:‏٣‏)‏ اذًا،‏ الولادة ثانية ضرورية لدخول ملكوت اللّٰه لا لنيل الخلاص.‏ ولكن قد يقول قائل:‏ ‹ألا يشير دخول الملكوت ونيل الخلاص الى المكافأة عينها؟‏›.‏ في الواقع كلا.‏ ولكي نعرف الفرق بينهما،‏ لنتفحص في البداية ما تعنيه عبارة «ملكوت اللّٰه».‏

      الملكوت هو حكومة،‏ لذا فإن عبارة «ملكوت اللّٰه» تعني «حكومة اللّٰه».‏ ويعلّم الكتاب المقدس ان يسوع المسيح،‏ «ابن الانسان»،‏ هو ملك هذا الملكوت يعاونه عدد من الحكام.‏ (‏دانيال ٧:‏١،‏ ١٣،‏ ١٤؛‏ متى ٢٦:‏٦٣،‏ ٦٤‏)‏ وتكشف احدى الرؤى التي نالها الرسول يوحنا ان هؤلاء الحكام المعاونين اختيروا «من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة» و «سيملكون على الارض».‏ (‏رؤيا ٥:‏٩،‏ ١٠؛‏ ٢٠:‏٦‏)‏ كما توضح كلمة اللّٰه انهم يشكّلون ‹قطيعا صغيرا› مؤلفا من ٠٠٠‏,١٤٤ شخص «اشتُروا من الارض».‏ —‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ رؤيا ١٤:‏١،‏ ٣‏.‏

      وأين هو مقرّ هذا الملكوت؟‏ يُدعى «ملكوت اللّٰه» ايضا «ملكوت السموات»،‏ ما يوضح ان يسوع والملوك المعاونين له سيحكمون من السماء.‏ ‏(‏لوقا ٨:‏١٠؛‏ متى ١٣:‏١١‏)‏ وهكذا فإن ملكوت اللّٰه هو حكومة سماوية مؤلفة من يسوع المسيح وعدد من الحكام المعاونين الذين اختيروا من بين البشر.‏

      فماذا قصد يسوع اذًا حين ذكر ان ‹دخول ملكوت اللّٰه› منوط بالولادة من جديد؟‏ لقد عنى ان الولادة ثانية ضرورية ليصير المرء حاكما معه في السماء.‏ وببسيط العبارة،‏ ان القصد من الولادة الجديدة هو إعداد فريق من البشر للحكم في السماء.‏

      لقد تعلّمنا حتى الآن ان الولادة الجديدة بالغة الاهمية،‏ ان اللّٰه هو الذي يقرر من يولد ثانية،‏ وأن القصد منها هو إعداد مجموعة من البشر للحكم في السماء.‏ ولكن كيف تحدث الولادة الجديدة؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧]‏

      القصد من الولادة الجديدة هو إعداد فريق من البشر للحكم في السماء

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      ملكوت اللّٰه حكومة تتألف من يسوع المسيح وفريق من الحكام المعاونين له اختيروا من بين البشر

  • الولادة الجديدة —‏ كيف تحدث؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الجديدة —‏ كيف تحدث؟‏

      لم يقتصر حديث يسوع مع نيقوديموس على اهمية الولادة الجديدة ومن هو صاحب القرار فيها وما القصد منها،‏ بل اخبر يسوع هذا الرجل كيف تحدث ايضا.‏ فقد ذكر:‏ «إن كان احد لا يولد من ماء وروح،‏ لا يقدر ان يدخل ملكوت اللّٰه».‏ (‏يوحنا ٣:‏٥‏)‏ اذًا يولد المرء ثانية بواسطة ماء وروح.‏ ولكن ما المقصود بذلك؟‏

      إلامَ يشير ‹الماء والروح›؟‏

      بما ان نيقوديموس كان يهوديا ضليعا في الدين،‏ فلا شك انه كان يعرف ما المقصود بعبارة «روح اللّٰه» حين ترد في الاسفار العبرانية.‏ فهي تشير الى قوته الفعالة التي تعمل في الناس ليأتوا بإنجازات مذهلة.‏ (‏تكوين ٤١:‏٣٨؛‏ خروج ٣١:‏٣؛‏ ١ صموئيل ١٠:‏٦‏)‏ لذا فهم نيقوديموس دون شك ان ‹الروح› الذي تحدث عنه يسوع هو الروح القدس،‏ قوة اللّٰه الفعالة.‏

      وما المقصود بالماء الذي اشار اليه يسوع؟‏ تأمل في الاحداث المدونة مباشرة قبل وبعد حوار يسوع مع نيقوديموس.‏ فهي تظهر ان يوحنا المعمِّد وتلاميذ يسوع على السواء كانوا يعمّدون الناس بالماء.‏ (‏يوحنا ١:‏١٩،‏ ٣١؛‏ ٣:‏٢٢؛‏ ٤:‏١-‏٣‏)‏ فباتت المعمودية شائعة جدا في اورشليم.‏ لذا حين تحدث يسوع عن الماء،‏ لا بد ان نيقوديموس ادرك انه لم يقصد الماء عموما بل ماء المعمودية.‏a

      المعمودية «بروح قدس»‏

      اذا كانت ‹الولادة من الماء› تشير الى المعمودية بالماء،‏ فماذا تعني ‹الولادة من الروح›؟‏ قبل ان يتحاور يسوع مع نيقوديموس بفترة من الوقت،‏ كان يوحنا المعمِّد قد اعلن ان الروح ايضا وليس الماء فحسب سيؤدي دورا في المعمودية.‏ فقد قال:‏ «انا عمدتكم بماء،‏ اما هو [يسوع] فسيعمدكم بروح قدس».‏ (‏مرقس ١:‏٧،‏ ٨‏)‏ ويخبرنا مرقس،‏ احد كتبة الاناجيل،‏ عن المرة الاولى التي حدثت فيها معمودية كهذه قائلا:‏ «في تلك الايام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الاردن.‏ وفي الحال عند صعوده من الماء رأى السموات تنشق،‏ والروح مثل حمامة نازلا عليه».‏ (‏مرقس ١:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فحين غُطس يسوع في نهر الاردن،‏ اعتمد بالماء.‏ وفي اللحظة التي نال فيها الروح من السماء،‏ اعتمد بالروح القدس.‏

      وبعد نحو ثلاث سنوات من معمودية يسوع،‏ اكّد لتلاميذه:‏ «ستعتمدون بروح قدس ليس بعد ايام كثيرة».‏ (‏اعمال ١:‏٥‏)‏ فمتى حدث ذلك؟‏

      في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ كان نحو ١٢٠ تلميذا ليسوع مجتمعين في احد بيوت اورشليم.‏ «وفجأة صار دوي من السماء كما من هبوب ريح شديدة،‏ وملأ كل البيت الذي كانوا جالسين فيه.‏ وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار .‏ .‏ .‏ فامتلأ الجميع روحا قدسا».‏ (‏اعمال ٢:‏١-‏٤‏)‏ وفي اليوم عينه،‏ حث الرسول بطرس جمعا غفيرا من الناس في اورشليم ان يعتمدوا بالماء قائلا:‏ «توبوا وليعتمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح لمغفرة خطاياكم،‏ فتنالوا هبة الروح القدس».‏ وماذا كانت النتيجة؟‏ «الذين قبلوا كلمته من القلب اعتمدوا،‏ فانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس».‏ —‏ اعمال ٢:‏٣٨،‏ ٤١‏.‏

      عملية في خطوتين

      تكشف هذه المعموديات ان الولادة الجديدة تحدث في عملية مؤلفة من خطوتين.‏ لاحظ ان يسوع اعتمد اولا بالماء ثم نال الروح القدس،‏ وكذلك التلاميذ الاوائل الذين اعتمدوا اولا بالماء (‏بعضهم على يد يوحنا المعمِّد)‏ ثم نالوا الروح القدس.‏ (‏يوحنا ١:‏٢٦-‏٣٦‏)‏ وينطبق الامر عينه على الثلاثة آلاف شخص الذين اهتدوا الى المسيحية.‏

      وبالنظر الى المعموديات التي جرت يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ كيف يُفترض ان تحدث الولادة الجديدة اليوم؟‏ تماما كما حصل مع رسل يسوع والتلاميذ الاولين.‏ ففي البداية،‏ يتوب المرء عن خطاياه،‏ يرجع عن مسلكه الخاطئ،‏ ينذر حياته ليهوه اللّٰه كي يعبده ويخدمه،‏ ثم يعلن انتذاره جهرا بمعمودية الماء.‏ وإذا انتقاه اللّٰه بعد ذلك حاكما في ملكوته،‏ فإنه يمسحه بالروح القدس.‏ وهكذا فإن الخطوة الاولى (‏المعمودية بالماء)‏ يتخذها الفرد نفسه،‏ اما الخطوة الثانية (‏المعمودية بالروح)‏ فاللّٰه هو من يتخذها.‏ وحين يختبر المرء كلتا المعموديتين يكون قد وُلد من جديد.‏

      ولكن لمَ استعمل يسوع كلمة «يولد» في حديثه مع نيقوديموس؟‏ كي يوضح ان الذين يعتمدون من ماء وروح سيشهدون تغييرا لافتا.‏ وستعالج المقالة التالية هذا الجانب من الولادة الجديدة.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a على نحو مماثل،‏ ذكر الرسول بطرس ذات مرة:‏ «أيستطيع احد ان يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء؟‏».‏ —‏ اعمال ١٠:‏٤٧‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      عمّد يوحنا الاسرائيليين التائبين بالماء

  • الولادة الجديدة —‏ كيف تؤثّر في علاقة المرء باللّٰه؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • الولادة الجديدة —‏ كيف تؤثّر في علاقة المرء باللّٰه؟‏

      لمَ قال يسوع ان الذي يعتمد بالروح القدس ‏«يولد من .‏ .‏ .‏ روح»؟‏ (‏يوحنا ٣:‏٥‏)‏ حين تُستعمل كلمة «ولادة» بمعنى مجازي فإنها تعني «بداية»،‏ كما في عبارة «ولادة امة».‏ وهكذا تشير عبارة «ولادة جديدة» الى «بداية جديدة».‏ لذلك يؤكد التعبيران المجازيان «يولد» و «ولادة جديدة» ان العلاقة بين اللّٰه والمعتمدين بالروح القدس ستشهد بداية جديدة.‏ ولكن كيف يحدث هذا التغيير الجذري في علاقتهم باللّٰه؟‏

      عندما اوضح الرسول بولس كيف يعدّ اللّٰه مجموعة من البشر للحكم في السماء،‏ استخدم ايضاحا مستوحى من الحياة العائلية.‏ فقد كتب الى المسيحيين في ايامه انهم سينالون «التبني» وأن اللّٰه بالتالي سيعاملهم «كالبنين».‏ (‏غلاطية ٤:‏٥؛‏ عبرانيين ١٢:‏٧‏)‏ ولكي نرى كيف تساعدنا فكرة التبني ان نفهم التغيير الذي يلمسه المعتمدون بالروح القدس،‏ لنعد الى مثل الشاب الذي يريد ان يلتحق بمدرسة مخصصة لأبناء البلد.‏

      التبني —‏ نقطة تحوّل في حياة المولودين ثانية

      في هذا المثل،‏ يُمنع الشاب من الالتحاق بالمدرسة لأنه ليس من ابناء البلد.‏ ولكن تخيل ان رب عائلة من اهل البلد تبناه شرعيا.‏ لا بد ان ذلك سيُحدث تغييرا كبيرا في حياته.‏ فهو سيتمتع آنذاك بنفس حقوق اهل البلد،‏ بما في ذلك دخول تلك المدرسة.‏ فقد غيّر التبني آماله المستقبلية تغييرا جوهريا.‏

      يوضح ذلك بشكل جليّ ما يحدث للذين يولدون من جديد.‏ فلنستعرض بعض اوجه الشبه في الحالتين.‏ فالشاب سيحظى بمكان في المدرسة شرط ان يستوفي المطلب اللازم،‏ اي ان يكون من ابناء البلد.‏ لكنه لن يبلغ هذا المطلب بجهده الخاص.‏ بصورة مماثلة،‏ سيحظى بعض البشر بمكان في ملكوت اللّٰه،‏ او حكومته السماوية،‏ شرط ان يستوفوا المطلب اللازم،‏ اي ان ‹يولدوا ثانية›.‏ لكنهم،‏ على غرار ذلك الشاب،‏ لن يبلغوا هذا المطلب بجهدهم الخاص لأن ولادتهم من جديد في يد اللّٰه.‏

      وما سبب التغيير الذي طرأ على حالة الشاب؟‏ يُعزى هذا التغيير الى تبنيه شرعيا من قبل رب احدى العائلات.‏ ودون شك،‏ لم تغير عملية التبني طبيعته،‏ فهو لا يزال الشخص نفسه.‏ لكنّ وضعه هو الذي تغير بعد استيفاء المطالب الشرعية للتبني.‏ فقد حظي ببداية جديدة،‏ ولادة جديدة اذا جاز التعبير.‏ فهذا الشاب صار ابنا لذلك الرجل،‏ لذا استطاع ان يتسجل في المدرسة وأصبح فردا من عائلة ابيه بالتبني.‏

      بشكل مشابه،‏ غيّر يهوه حالة مجموعة من البشر الناقصين باتخاذه اجراء شرعيا وتبنيهم كأولاد له.‏ فالرسول بولس،‏ الذي ينتمي الى تلك المجموعة،‏ كتب الى رفقائه المؤمنين:‏ «نلتم روح التبني الذي به نصرخ:‏ ‏‹أبّا،‏ ايها الآب!‏›.‏ والروح نفسه يشهد مع روحنا بأننا اولاد اللّٰه».‏ (‏روما ٨:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ نعم،‏ بات هؤلاء المسيحيون من خلال عملية التبني جزءا من عائلة اللّٰه،‏ اي «اولاد اللّٰه».‏ —‏ ١ يوحنا ٣:‏١؛‏ ٢ كورنثوس ٦:‏١٨‏.‏

      طبعا،‏ لم يغيّر التبني طبيعة هؤلاء المسيحيين الذين بقوا اشخاصا ناقصين.‏ (‏١ يوحنا ١:‏٨‏)‏ غير ان وضعهم،‏ حسبما اوضح بولس ايضا،‏ هو الذي تغير بعد استيفاء المطالب الشرعية للتبني.‏ وفي الوقت نفسه،‏ غرس روح اللّٰه في داخلهم اقتناعا راسخا بأنهم سيعيشون مع المسيح في السماء.‏ (‏١ يوحنا ٣:‏٢‏)‏ وهذا الاقتناع منحهم نظرة جديدة كليا الى الحياة.‏ (‏٢ كورنثوس ١:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ نعم،‏ حظي هؤلاء الاشخاص ببداية جديدة،‏ ولادة جديدة اذا جاز التعبير.‏

      وعن اولاد اللّٰه بالتبني،‏ يذكر الكتاب المقدس:‏ «سيكونون كهنة للّٰه وللمسيح،‏ وسيملكون معه الالف سنة».‏ (‏رؤيا ٢٠:‏٦‏)‏ فإلى جانب المسيح،‏ سيعيَّن ابناء اللّٰه هؤلاء ملوكا في ملكوته او حكومته السماوية.‏ وقد اخبر الرسول بطرس رفقاءه المؤمنين انهم سينالون ‹ميراثا غير قابل للفساد محفوظا في السموات لهم›.‏ (‏١ بطرس ١:‏٣،‏ ٤‏)‏ حقا،‏ انه لميراث ثمين!‏

      لكن مسألة الحكم هذه تطرح سؤالا مهما:‏ اذا نُصِّب المولودون ثانية ملوكا في السماء،‏ فمن سيكون الرعايا؟‏ ستجيب المقالة التالية عن هذا السؤال.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      ماذا قال بولس عن التبني؟‏

  • قليلون يحكمون وكثيرون يستفيدون
    برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (‏ابريل)‏
    • قليلون يحكمون وكثيرون يستفيدون

      منذ ايام الرسل،‏ يختار اللّٰه من بين البشر عددا محدودا من المسيحيين الامناء ويتبناهم كأولاد له.‏ ويشهد هؤلاء المتبنَّون تغييرا جذريا تشبّهه كلمة اللّٰه بالولادة الجديدة.‏ والقصد من هذه الولادة هو إعدادهم ليملكوا في السماء.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏١٢‏)‏ وبغية تحقيق هذا القصد،‏ يُقام هؤلاء الخدام المولودون ثانية من الموت الى الحياة السماوية.‏ (‏روما ٦:‏٣-‏٥‏)‏ وهناك «سيملكون على الارض» مع المسيح.‏ —‏ رؤيا ٥:‏١٠؛‏ ١١:‏١٥‏.‏

      غير ان كلمة اللّٰه توضح ايضا ان اشخاصا آخرين غير هؤلاء سينالون الخلاص الابدي.‏ ففي الكتاب المقدس (‏في الاسفار العبرانية كما في الاسفار اليونانية

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة