-
الولادة الثانية هل هي السبيل الى الخلاص؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الثانية هل هي السبيل الى الخلاص؟
كيف تجيب اذا سُئلت: «هل وُلدت ثانية»؟ يردّ ملايين المتعبدين حول العالم بالفم الملآن: «نعم بالتأكيد!». فهم يؤمنون ان الولادة الثانية سمة تميّز جميع المسيحيين الحقيقيين وهي السبيل الاوحد الى الخلاص. حتى انهم يثنّون على رأي بعض القادة الدينيين امثال اللاهوتي روبرت ت. سپراول الذي كتب: «ان لم يولد المرء ثانية . . . فهو ليس بمسيحي».
هل تؤمن انت ايضا ان الولادة ثانية هي سبيلك الى الخلاص؟ اذا اجبت بنعم، فلا شك انك تريد مساعدة اقربائك وأصدقائك ان يجدوا سبيل الخلاص هذا ويسيروا فيه. ولكن يلزم اولا ان يدركوا الفرق بين الشخص المولود وغير المولود ثانية. فكيف توضح لهم ما تعنيه الولادة الثانية؟
يعتقد كثيرون ان الاشخاص يولدون ثانية حين يقطعون وعدا جديا بخدمة اللّٰه والمسيح، فيتحررون من حالة الموت الروحي ويصبحون احياء روحيا. ويذكر عدد من المراجع ان المولود ثانية هو شخص مسيحي جدّد التزامه بمعتقداته ولا سيما بعد مروره بتجربة دينية مؤثّرة.
هل تعلم ان الكتاب المقدس لا يؤيد هذه الفكرة؟ هل تودّ ان تعرف ما تعلّمه كلمة اللّٰه حقا عن الولادة الثانية؟ لا شك انك ستجني الكثير من الفوائد اذا تأملت عن كثب في هذا الموضوع وفهمته بدقة، فذلك سيؤثر في حياتك وآمالك المستقبلية.
ماذا يقول الكتاب المقدس في هذا الخصوص؟
لا يأتي الكتاب المقدس على ذكر عبارة ‹يولد ثانية› الا في يوحنا ٣:١-١٢ التي تروي حوارا شيقا دار بين يسوع وقائد ديني في اورشليم. نحثك ان تقرأ باعتناء هذه الرواية المقتبسة في الاطار على الصفحة التالية.
ففي هذه الرواية يسلّط يسوع الضوء على جوانب عديدة مرتبطة بموضوع ‹الولادة الجديدة›.a وبتفحصنا اياها نجد الاجوبة عن هذه الاسئلة الخمسة المهمة:
◼ ما مدى اهمية الولادة الثانية؟
◼ هل الولادة من جديد امر عائد الينا؟
◼ ما القصد منها؟
◼ كيف يولد المرء من جديد؟
◼ كيف تؤثّر الولادة الجديدة في علاقة المرء باللّٰه؟
لنتأمل في هذه الاسئلة واحدا فواحدا.
[الحاشية]
a ترد عبارة «ولادة جديدة» في ١ بطرس ١:٣، ٢٣. وهي عبارة اخرى تُستخدم في الكتاب المقدس للاشارة الى ‹الولادة ثانية›. والعبارتان كلتاهما مشتقتان من الفعل اليوناني غِنّاو.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٤]
«يجب ان تولدوا ثانية»
«كان انسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس، رئيس لليهود. هذا جاء اليه ليلا وقال له: ‹رابّي، نحن نعرف انك من اللّٰه جئت معلما، لأنه ما من احد يقدر ان يعمل هذه الآيات التي انت تعملها ما لم يكن اللّٰه معه›. فأجاب يسوع وقال له: ‹الحق الحق اقول لك: إن كان احد لا يولد ثانية، لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه›. فقال له نيقوديموس: ‹كيف يقدر انسان ان يولد وهو عجوز؟ أوَيقدر ان يدخل رحم امه ثانية ويولد؟›. اجاب يسوع: ‹الحق الحق اقول لك: إن كان احد لا يولد من ماء وروح، لا يقدر ان يدخل ملكوت اللّٰه. المولود من الجسد هو جسد، والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك: يجب ان تولدوا ثانية. الريح تهب حيث تشاء، وتسمع صوتها، لكنك لا تعرف من اين تأتي ولا الى اين تذهب. هكذا كل مولود من الروح›. اجاب نيقوديموس وقال له: ‹كيف يمكن ان يكون هذا؟›. اجاب يسوع وقال له: ‹انت معلم لإسرائيل ولست تعرف هذا؟ الحق الحق اقول لك: اننا نتكلم بما نعرف ونشهد بما رأينا، ولكنكم لا تقبلون شهادتنا. إن كنت قد قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون، فكيف تؤمنون إن قلت لكم السماويات؟›». — يوحنا ٣:١-١٢.
-
-
الولادة الجديدة — ما مدى اهميتها؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الجديدة — ما مدى اهميتها؟
أكد يسوع في معرض حديثه مع نيقوديموس ان ولادة المرء ثانية، او من جديد، هي على جانب كبير من الاهمية. فكيف يتبين ذلك؟
لاحظ كيف شدّد يسوع على اهمية الولادة الجديدة قائلا: «إن كان احد لا يولد ثانية، لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه». (يوحنا ٣:٣) فاستعمال اداة الشرط «إن» و «لا» النافية يبرز كم ضرورية هي الولادة الجديدة. لإيضاح ذلك، اذا قيل: «إن لم تبزغ الشمس لا يطلع النهار»، فهذا يعني ان شروق الشمس ضرورة لازمة لرؤية ضوء النهار. بشكل مماثل، عنى يسوع ان الولادة ثانية ضرورة لازمة لرؤية ملكوت اللّٰه.
ومنعًا لأي التباس حول هذا الموضوع، قال يسوع بعد ذلك: «يجب ان تولدوا ثانية». (يوحنا ٣:٧) فمن الواضح ان الولادة الثانية، حسبما ذكر يسوع، مطلب اساسي كي «يدخل [المرء] ملكوت اللّٰه». — يوحنا ٣:٥.
وبما ان يسوع علّق اهمية كبيرة على الولادة الجديدة، ينبغي للمسيحيين ان يحرصوا على فهم هذه المسألة فهما دقيقا. مثلا، هل فكّرت في السؤال التالي: هل المسيحي هو من يقرر ان يولد ثانية؟
[النبذة في الصفحة ٥]
«إن لم تبزغ الشمس لا يطلع النهار»
-
-
الولادة الجديدة — هل القرار بيدنا نحن؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الجديدة — هل القرار بيدنا نحن؟
هل المسيحي هو من يقرر ان يولد ثانية؟ حين يحضّ بعض المبشرين سامعيهم ان يولدوا من جديد، يقتبسون كلمات يسوع «يجب ان تولدوا ثانية». (يوحنا ٣:٧) فهم يعتبرون هذه الكلمات بمثابة امر، وكأنهم يعلّمون ان الشخص المؤمن هو الذي يقرر ان يطيع يسوع ويتخذ الخطوات الضرورية ليولد من جديد. فاستنادا الى هذا المنطق، تُعتبر الولادة الجديدة خيارا شخصيا. ولكن هل تتوافق هذه النظرة مع ما قاله يسوع لنيقوديموس؟
يظهر التمعن في كلمات يسوع انه لم يعلّم ان الولادة ثانية امر عائد الى المرء نفسه. وكيف نعرف ذلك؟ ان التعبير اليوناني المترجم الى «يولد ثانية» يمكن ان يُنقل ايضا الى «يولد من فوق».a وبناء على هذه الترجمة، يمكن القول ان مصدر الولادة الجديدة هو «من فوق»، اي ‹من عند الآب›. (يوحنا ٣:٣، الترجمة البروتستانتية؛ يوحنا ١٩:١١؛ يعقوب ١:١٧) نعم، ان اللّٰه هو الذي يقرر من يولد ثانية. — ١ يوحنا ٣:٩.
وإذا ابقينا في ذهننا عبارة «من فوق»، يسهل علينا ان نفهم لمَ لا يستطيع المرء ان يقرر هو بنفسه الولادة ثانية. تأمل في ولادتك الحرفية. فهل انت الذي قرّر ان تأتي الى الوجود؟ قطعا لا! فوالداك هما اللذان قرّرا انجابك. على نحو مماثل، لا يمكن ان نولد من جديد ما لم يقرر ذلك ابونا السماوي. (يوحنا ١:١٣) لذا اصاب الرسول بطرس حين قال: «تبارك إله وأبو ربنا يسوع المسيح!، فهو بعظيم رحمته ولدنا ولادة جديدة لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات». — ١ بطرس ١:٣.
هل كانت كلمات يسوع بمثابة امر؟
قد يتساءل البعض: ‹اذا لم تكن الولادة ثانية في يد المرء، فلمَ اعطى يسوع هذا الامر: «يجب ان تولدوا ثانية»؟›. ان هذا السؤال في محله. ولكن فكّر: هل يعقل ان يأمرنا يسوع بفعل شيء يفوق قدرتنا؟! كلا بالتأكيد، فهذا ليس منطقيا على الاطلاق. اذًا، كيف لنا ان نفهم الكلمات «يجب ان تولدوا ثانية»؟
اذا تفحصنا بدقة هذه العبارة باللغة الاصلية نرى انها لم ترد بصيغة الامر، بل القصد منها هو الإفادة او الإدلاء بالمعلومات. وبكلمات اخرى، لم يكن يسوع يصدر امرا حين ذكر «يجب ان تولدوا ثانية»، بل قصد ان يقول: «انكم بحاجة الى الولادة من جديد». — يوحنا ٣:٧، ترجمة تفسيرية.
ولإيضاح الفرق بين اصدار امر ما والإدلاء بمعلومة معيّنة، اليك هذا المثل البسيط. تصوّر مدينة تضمّ مدارس عديدة خُصصت احداها لأبناء البلد. وذات يوم، يتقدم من المدير شاب ليس من ابناء البلد ويطلب منه ان يلتحق بالمدرسة. فيجيبه المدير قائلا: «لكي تتسجل في المدرسة يجب ان تكون من اهل البلد». طبعا، لم يقصد المدير ان يأمره: «كن من اهل البلد». بل كان يخبره بكل بساطة عن الشرط اللازم للالتحاق بالمدرسة. بصورة مماثلة، حين قال يسوع: «يجب ان تولدوا ثانية»، لم يقصد سوى الإدلاء بمعلومة حول المطلب اللازم ‹لدخول ملكوت اللّٰه›.
وملكوت اللّٰه هذا مرتبط بسؤال آخر حول الولادة الجديدة: ما القصد منها؟ فمعرفة الجواب عن هذا السؤال تساعدنا ان نفهم بدقة ما تعنيه الولادة ثانية.
[الحاشية]
a ثمة ترجمات عديدة للكتاب المقدس تنقل يوحنا ٣:٣ بطريقة مشابهة. لاحظ مثلا ما تذكره الترجمة اليسوعية الجديدة: «ما من احد يمكنه ان يرى ملكوت اللّٰه الا اذا وُلد من علُ».
[الصورة في الصفحة ٦]
ما هو وجه الشبه بين الولادة الجديدة والولادة الحرفية؟
-
-
الولادة الجديدة — ما القصد منها؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الجديدة — ما القصد منها؟
يؤمن كثيرون ان الولادة ثانية مطلب اساسي لنيل الخلاص الابدي. ولكن لاحظ ما قاله يسوع نفسه عن القصد من الولادة الجديدة: «إن كان احد لا يولد ثانية، لا يقدر ان يرى ملكوت اللّٰه». (يوحنا ٣:٣) اذًا، الولادة ثانية ضرورية لدخول ملكوت اللّٰه لا لنيل الخلاص. ولكن قد يقول قائل: ‹ألا يشير دخول الملكوت ونيل الخلاص الى المكافأة عينها؟›. في الواقع كلا. ولكي نعرف الفرق بينهما، لنتفحص في البداية ما تعنيه عبارة «ملكوت اللّٰه».
الملكوت هو حكومة، لذا فإن عبارة «ملكوت اللّٰه» تعني «حكومة اللّٰه». ويعلّم الكتاب المقدس ان يسوع المسيح، «ابن الانسان»، هو ملك هذا الملكوت يعاونه عدد من الحكام. (دانيال ٧:١، ١٣، ١٤؛ متى ٢٦:٦٣، ٦٤) وتكشف احدى الرؤى التي نالها الرسول يوحنا ان هؤلاء الحكام المعاونين اختيروا «من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة» و «سيملكون على الارض». (رؤيا ٥:٩، ١٠؛ ٢٠:٦) كما توضح كلمة اللّٰه انهم يشكّلون ‹قطيعا صغيرا› مؤلفا من ٠٠٠,١٤٤ شخص «اشتُروا من الارض». — لوقا ١٢:٣٢؛ رؤيا ١٤:١، ٣.
وأين هو مقرّ هذا الملكوت؟ يُدعى «ملكوت اللّٰه» ايضا «ملكوت السموات»، ما يوضح ان يسوع والملوك المعاونين له سيحكمون من السماء. (لوقا ٨:١٠؛ متى ١٣:١١) وهكذا فإن ملكوت اللّٰه هو حكومة سماوية مؤلفة من يسوع المسيح وعدد من الحكام المعاونين الذين اختيروا من بين البشر.
فماذا قصد يسوع اذًا حين ذكر ان ‹دخول ملكوت اللّٰه› منوط بالولادة من جديد؟ لقد عنى ان الولادة ثانية ضرورية ليصير المرء حاكما معه في السماء. وببسيط العبارة، ان القصد من الولادة الجديدة هو إعداد فريق من البشر للحكم في السماء.
لقد تعلّمنا حتى الآن ان الولادة الجديدة بالغة الاهمية، ان اللّٰه هو الذي يقرر من يولد ثانية، وأن القصد منها هو إعداد مجموعة من البشر للحكم في السماء. ولكن كيف تحدث الولادة الجديدة؟
[النبذة في الصفحة ٧]
القصد من الولادة الجديدة هو إعداد فريق من البشر للحكم في السماء
[الصورة في الصفحة ٧]
ملكوت اللّٰه حكومة تتألف من يسوع المسيح وفريق من الحكام المعاونين له اختيروا من بين البشر
-
-
الولادة الجديدة — كيف تحدث؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الجديدة — كيف تحدث؟
لم يقتصر حديث يسوع مع نيقوديموس على اهمية الولادة الجديدة ومن هو صاحب القرار فيها وما القصد منها، بل اخبر يسوع هذا الرجل كيف تحدث ايضا. فقد ذكر: «إن كان احد لا يولد من ماء وروح، لا يقدر ان يدخل ملكوت اللّٰه». (يوحنا ٣:٥) اذًا يولد المرء ثانية بواسطة ماء وروح. ولكن ما المقصود بذلك؟
إلامَ يشير ‹الماء والروح›؟
بما ان نيقوديموس كان يهوديا ضليعا في الدين، فلا شك انه كان يعرف ما المقصود بعبارة «روح اللّٰه» حين ترد في الاسفار العبرانية. فهي تشير الى قوته الفعالة التي تعمل في الناس ليأتوا بإنجازات مذهلة. (تكوين ٤١:٣٨؛ خروج ٣١:٣؛ ١ صموئيل ١٠:٦) لذا فهم نيقوديموس دون شك ان ‹الروح› الذي تحدث عنه يسوع هو الروح القدس، قوة اللّٰه الفعالة.
وما المقصود بالماء الذي اشار اليه يسوع؟ تأمل في الاحداث المدونة مباشرة قبل وبعد حوار يسوع مع نيقوديموس. فهي تظهر ان يوحنا المعمِّد وتلاميذ يسوع على السواء كانوا يعمّدون الناس بالماء. (يوحنا ١:١٩، ٣١؛ ٣:٢٢؛ ٤:١-٣) فباتت المعمودية شائعة جدا في اورشليم. لذا حين تحدث يسوع عن الماء، لا بد ان نيقوديموس ادرك انه لم يقصد الماء عموما بل ماء المعمودية.a
المعمودية «بروح قدس»
اذا كانت ‹الولادة من الماء› تشير الى المعمودية بالماء، فماذا تعني ‹الولادة من الروح›؟ قبل ان يتحاور يسوع مع نيقوديموس بفترة من الوقت، كان يوحنا المعمِّد قد اعلن ان الروح ايضا وليس الماء فحسب سيؤدي دورا في المعمودية. فقد قال: «انا عمدتكم بماء، اما هو [يسوع] فسيعمدكم بروح قدس». (مرقس ١:٧، ٨) ويخبرنا مرقس، احد كتبة الاناجيل، عن المرة الاولى التي حدثت فيها معمودية كهذه قائلا: «في تلك الايام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الاردن. وفي الحال عند صعوده من الماء رأى السموات تنشق، والروح مثل حمامة نازلا عليه». (مرقس ١:٩، ١٠) فحين غُطس يسوع في نهر الاردن، اعتمد بالماء. وفي اللحظة التي نال فيها الروح من السماء، اعتمد بالروح القدس.
وبعد نحو ثلاث سنوات من معمودية يسوع، اكّد لتلاميذه: «ستعتمدون بروح قدس ليس بعد ايام كثيرة». (اعمال ١:٥) فمتى حدث ذلك؟
في يوم الخمسين سنة ٣٣ بم، كان نحو ١٢٠ تلميذا ليسوع مجتمعين في احد بيوت اورشليم. «وفجأة صار دوي من السماء كما من هبوب ريح شديدة، وملأ كل البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار . . . فامتلأ الجميع روحا قدسا». (اعمال ٢:١-٤) وفي اليوم عينه، حث الرسول بطرس جمعا غفيرا من الناس في اورشليم ان يعتمدوا بالماء قائلا: «توبوا وليعتمد كل واحد منكم باسم يسوع المسيح لمغفرة خطاياكم، فتنالوا هبة الروح القدس». وماذا كانت النتيجة؟ «الذين قبلوا كلمته من القلب اعتمدوا، فانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس». — اعمال ٢:٣٨، ٤١.
عملية في خطوتين
تكشف هذه المعموديات ان الولادة الجديدة تحدث في عملية مؤلفة من خطوتين. لاحظ ان يسوع اعتمد اولا بالماء ثم نال الروح القدس، وكذلك التلاميذ الاوائل الذين اعتمدوا اولا بالماء (بعضهم على يد يوحنا المعمِّد) ثم نالوا الروح القدس. (يوحنا ١:٢٦-٣٦) وينطبق الامر عينه على الثلاثة آلاف شخص الذين اهتدوا الى المسيحية.
وبالنظر الى المعموديات التي جرت يوم الخمسين سنة ٣٣ بم، كيف يُفترض ان تحدث الولادة الجديدة اليوم؟ تماما كما حصل مع رسل يسوع والتلاميذ الاولين. ففي البداية، يتوب المرء عن خطاياه، يرجع عن مسلكه الخاطئ، ينذر حياته ليهوه اللّٰه كي يعبده ويخدمه، ثم يعلن انتذاره جهرا بمعمودية الماء. وإذا انتقاه اللّٰه بعد ذلك حاكما في ملكوته، فإنه يمسحه بالروح القدس. وهكذا فإن الخطوة الاولى (المعمودية بالماء) يتخذها الفرد نفسه، اما الخطوة الثانية (المعمودية بالروح) فاللّٰه هو من يتخذها. وحين يختبر المرء كلتا المعموديتين يكون قد وُلد من جديد.
ولكن لمَ استعمل يسوع كلمة «يولد» في حديثه مع نيقوديموس؟ كي يوضح ان الذين يعتمدون من ماء وروح سيشهدون تغييرا لافتا. وستعالج المقالة التالية هذا الجانب من الولادة الجديدة.
[الحاشية]
a على نحو مماثل، ذكر الرسول بطرس ذات مرة: «أيستطيع احد ان يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء؟». — اعمال ١٠:٤٧.
[الصورة في الصفحة ٩]
عمّد يوحنا الاسرائيليين التائبين بالماء
-
-
الولادة الجديدة — كيف تؤثّر في علاقة المرء باللّٰه؟برج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
الولادة الجديدة — كيف تؤثّر في علاقة المرء باللّٰه؟
لمَ قال يسوع ان الذي يعتمد بالروح القدس «يولد من . . . روح»؟ (يوحنا ٣:٥) حين تُستعمل كلمة «ولادة» بمعنى مجازي فإنها تعني «بداية»، كما في عبارة «ولادة امة». وهكذا تشير عبارة «ولادة جديدة» الى «بداية جديدة». لذلك يؤكد التعبيران المجازيان «يولد» و «ولادة جديدة» ان العلاقة بين اللّٰه والمعتمدين بالروح القدس ستشهد بداية جديدة. ولكن كيف يحدث هذا التغيير الجذري في علاقتهم باللّٰه؟
عندما اوضح الرسول بولس كيف يعدّ اللّٰه مجموعة من البشر للحكم في السماء، استخدم ايضاحا مستوحى من الحياة العائلية. فقد كتب الى المسيحيين في ايامه انهم سينالون «التبني» وأن اللّٰه بالتالي سيعاملهم «كالبنين». (غلاطية ٤:٥؛ عبرانيين ١٢:٧) ولكي نرى كيف تساعدنا فكرة التبني ان نفهم التغيير الذي يلمسه المعتمدون بالروح القدس، لنعد الى مثل الشاب الذي يريد ان يلتحق بمدرسة مخصصة لأبناء البلد.
التبني — نقطة تحوّل في حياة المولودين ثانية
في هذا المثل، يُمنع الشاب من الالتحاق بالمدرسة لأنه ليس من ابناء البلد. ولكن تخيل ان رب عائلة من اهل البلد تبناه شرعيا. لا بد ان ذلك سيُحدث تغييرا كبيرا في حياته. فهو سيتمتع آنذاك بنفس حقوق اهل البلد، بما في ذلك دخول تلك المدرسة. فقد غيّر التبني آماله المستقبلية تغييرا جوهريا.
يوضح ذلك بشكل جليّ ما يحدث للذين يولدون من جديد. فلنستعرض بعض اوجه الشبه في الحالتين. فالشاب سيحظى بمكان في المدرسة شرط ان يستوفي المطلب اللازم، اي ان يكون من ابناء البلد. لكنه لن يبلغ هذا المطلب بجهده الخاص. بصورة مماثلة، سيحظى بعض البشر بمكان في ملكوت اللّٰه، او حكومته السماوية، شرط ان يستوفوا المطلب اللازم، اي ان ‹يولدوا ثانية›. لكنهم، على غرار ذلك الشاب، لن يبلغوا هذا المطلب بجهدهم الخاص لأن ولادتهم من جديد في يد اللّٰه.
وما سبب التغيير الذي طرأ على حالة الشاب؟ يُعزى هذا التغيير الى تبنيه شرعيا من قبل رب احدى العائلات. ودون شك، لم تغير عملية التبني طبيعته، فهو لا يزال الشخص نفسه. لكنّ وضعه هو الذي تغير بعد استيفاء المطالب الشرعية للتبني. فقد حظي ببداية جديدة، ولادة جديدة اذا جاز التعبير. فهذا الشاب صار ابنا لذلك الرجل، لذا استطاع ان يتسجل في المدرسة وأصبح فردا من عائلة ابيه بالتبني.
بشكل مشابه، غيّر يهوه حالة مجموعة من البشر الناقصين باتخاذه اجراء شرعيا وتبنيهم كأولاد له. فالرسول بولس، الذي ينتمي الى تلك المجموعة، كتب الى رفقائه المؤمنين: «نلتم روح التبني الذي به نصرخ: ‹أبّا، ايها الآب!›. والروح نفسه يشهد مع روحنا بأننا اولاد اللّٰه». (روما ٨:١٥، ١٦) نعم، بات هؤلاء المسيحيون من خلال عملية التبني جزءا من عائلة اللّٰه، اي «اولاد اللّٰه». — ١ يوحنا ٣:١؛ ٢ كورنثوس ٦:١٨.
طبعا، لم يغيّر التبني طبيعة هؤلاء المسيحيين الذين بقوا اشخاصا ناقصين. (١ يوحنا ١:٨) غير ان وضعهم، حسبما اوضح بولس ايضا، هو الذي تغير بعد استيفاء المطالب الشرعية للتبني. وفي الوقت نفسه، غرس روح اللّٰه في داخلهم اقتناعا راسخا بأنهم سيعيشون مع المسيح في السماء. (١ يوحنا ٣:٢) وهذا الاقتناع منحهم نظرة جديدة كليا الى الحياة. (٢ كورنثوس ١:٢١، ٢٢) نعم، حظي هؤلاء الاشخاص ببداية جديدة، ولادة جديدة اذا جاز التعبير.
وعن اولاد اللّٰه بالتبني، يذكر الكتاب المقدس: «سيكونون كهنة للّٰه وللمسيح، وسيملكون معه الالف سنة». (رؤيا ٢٠:٦) فإلى جانب المسيح، سيعيَّن ابناء اللّٰه هؤلاء ملوكا في ملكوته او حكومته السماوية. وقد اخبر الرسول بطرس رفقاءه المؤمنين انهم سينالون ‹ميراثا غير قابل للفساد محفوظا في السموات لهم›. (١ بطرس ١:٣، ٤) حقا، انه لميراث ثمين!
لكن مسألة الحكم هذه تطرح سؤالا مهما: اذا نُصِّب المولودون ثانية ملوكا في السماء، فمن سيكون الرعايا؟ ستجيب المقالة التالية عن هذا السؤال.
[الصورة في الصفحة ١٠]
ماذا قال بولس عن التبني؟
-
-
قليلون يحكمون وكثيرون يستفيدونبرج المراقبة ٢٠٠٩ | ١ نيسان (ابريل)
-
-
قليلون يحكمون وكثيرون يستفيدون
منذ ايام الرسل، يختار اللّٰه من بين البشر عددا محدودا من المسيحيين الامناء ويتبناهم كأولاد له. ويشهد هؤلاء المتبنَّون تغييرا جذريا تشبّهه كلمة اللّٰه بالولادة الجديدة. والقصد من هذه الولادة هو إعدادهم ليملكوا في السماء. (٢ تيموثاوس ٢:١٢) وبغية تحقيق هذا القصد، يُقام هؤلاء الخدام المولودون ثانية من الموت الى الحياة السماوية. (روما ٦:٣-٥) وهناك «سيملكون على الارض» مع المسيح. — رؤيا ٥:١٠؛ ١١:١٥.
غير ان كلمة اللّٰه توضح ايضا ان اشخاصا آخرين غير هؤلاء سينالون الخلاص الابدي. ففي الكتاب المقدس (في الاسفار العبرانية كما في الاسفار اليونانية
-