مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مَن تصدق؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • مَن تصدق؟‏

      ‏«كل بيت يبنيه احد،‏ ولكن باني كل شيء هو اللّٰه».‏ —‏ عبرانيين ٣:‏٤‏.‏

      أتوافق على المنطق الذي استخدمه كاتب الكتاب المقدس هذا؟‏ لقد مر على كتابة هذه الكلمات نحو ٠٠٠‏,٢ سنة أحرز فيها العالم تقدُّما علميا لافتا.‏ فهل يعتقد احد بعدُ ان التصميم الذي يُرى في الطبيعة ينبغي ان يقود المرء الى الايمان بوجود مصمم،‏ او خالق،‏ اي اللّٰه؟‏

      يجيب اناس كثيرون على هذا السؤال بنعم حتى في البلدان المتقدمة صناعيا.‏ ففي الولايات المتحدة مثلا،‏ وجد استطلاع للرأي اجرته مجلة نيوزويك (‏بالانكليزية)‏ سنة ٢٠٠٥ ان ٨٠ في المئة من الناس ‹يؤمنون بأن اللّٰه خلق الكون›.‏ أتُراهم يؤمنون بذلك لأنهم غير مثقفين ثقافة عالية؟‏ ألا يوجد بين العلماء مَن يؤمن باللّٰه؟‏ اخبرت مجلة الطبيعة العلمية البريطانية سنة ١٩٩٧ ان نحو ٤٠ في المئة من علماء الاحياء والفيزياء والرياضيات الذين استُطلعت آراؤهم لا يؤمنون فقط بوجود اللّٰه،‏ بل ايضا بأنه يسمع الصلوات ويستجيبها.‏

      غير ان علماء آخرين يعترضون على ذلك اشد اعتراض.‏ فقد ذكر الدكتور هربرت آ.‏ هاوپتمان الحائز جائزة نوبل،‏ في كلمة القاها مؤخرا امام مؤتمر علمي،‏ ان الايمان بالظواهر الخارقة للطبيعة،‏ وخصوصا الايمان باللّٰه،‏ لا يتماشى مع العلم الصحيح.‏ قال:‏ «هذا النوع من الايمان مضرّ بخير الجنس البشري».‏ حتى العلماء الذين يؤمنون بوجود اللّٰه يترددون في القول ان التصميم الظاهر في النباتات والحيوانات يتطلب وجود مصمم.‏ ولماذا؟‏ حدد دوغلاس ه‍.‏ ايروين،‏ وهو عالم احافير بيولوجية في معهد سميثسونيان،‏ احد الاسباب عندما قال:‏ «احد مبادئ العلم هو انه لا مكان للعجائب».‏

      فمَن تصدق؟‏ بإمكانك —‏ اذا شئت —‏ ان تدع الآخرين يملون عليك ما تفكر وتؤمن به،‏ وبإمكانك من جهة اخرى ان تتحقَّق انت بنفسك من بعض الادلة وتتوصل الى استنتاجاتك الخاصة.‏ ففيما تقرأ في الصفحات التالية عن الاكتشافات العلمية الاخيرة،‏ سَلْ نفسك:‏ ‹هل من المنطقي الاستنتاج ان الخالق موجود؟‏›.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣]‏

      تحقَّق من الادلة انت بنفسك

      ‏[الاطار في الصفحة ٣]‏

      هل شهود يهوه من دعاة «نظرية الخلق»؟‏

      يؤمن شهود يهوه برواية الخلق كما ترد في سفر التكوين في الكتاب المقدس.‏ لكن لا يمكن القول ان شهود يهوه من دعاة «نظرية الخلق».‏ ولمَ لا؟‏ اولا،‏ يؤمن كثيرون من دعاة هذه النظرية ان الكون،‏ بما فيه الارض وكل الحياة التي عليها،‏ خُلق منذ نحو ٠٠٠‏,١٠ سنة في ستة ايام حرفية.‏ لكنّ ذلك ليس ما يعلمه الكتاب المقدس.‏a بالاضافة الى ذلك،‏ تبنّى دعاة «نظرية الخلق» عقائد كثيرة لا يؤيدها الكتاب المقدس.‏ أما شهود يهوه فيبنون كل تعاليمهم الدينية على الكتاب المقدس دون سواه.‏

      فضلا عن ذلك،‏ يقترن دعاة «نظرية الخلق» في بلدان كثيرة بالمجموعات الاصولية المسيحية الناشطة سياسيا.‏ وتحاول هذه المجموعات الضغط على رجال السياسة والقضاة والعاملين في الحقل التربوي ليتبنوا قوانين وتعاليم توافق معتقداتهم الدينية.‏

      أما شهود يهوه فيبقون محايدين سياسيا.‏ فهم يحترمون حق الحكومات في سن القوانين وتطبيقها.‏ (‏روما ١٣:‏١-‏٧‏)‏ لكنهم يحملون محمل الجد وصية يسوع بأن اتباعه لا يجب ان يكونوا جزءا من العالم.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٤-‏١٦‏)‏ وفي خدمتهم العامة،‏ يُظهرون للناس فوائد العيش وفق مقاييس اللّٰه.‏ غير انهم لا يكسرون حيادهم المسيحي بدعم جهود المجموعات الاصولية التي تحاول سن قوانين مدنية تجبر الآخرين على تبني مقاييس الكتاب المقدس.‏ —‏ يوحنا ١٨:‏٣٦‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظر من فضلك مقالة «وجهة نظر الكتاب المقدس:‏ هل يناقض العِلم رواية سفر التكوين؟‏»،‏ في الصفحة ١٨ من هذا العدد.‏

  • ماذا تعلِّمنا الطبيعة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • ماذا تعلِّمنا الطبيعة؟‏

      ‏«لو تسأل البهائم فتعلمك،‏ وطيور السماء فتخبرك.‏ او التفت الى الارض فتعلمك،‏ ويخبرك سمك البحر».‏ —‏ ايوب ١٢:‏٧،‏ ٨‏.‏

      ينكبّ العلماء والمهندسون في السنوات الاخيرة على دراسة النباتات والحيوانات بحيث انها اصبحت حرفيا تعلِّمهم.‏ فهم يبحثون في خصائص مختلف المخلوقات ويقلدونها في تصاميمهم بغية ابتكار منتجات جديدة او تحسين اداء الآلات الموجودة،‏ وهذا الحقل يُعرف بعلم التقليد الاحيائي.‏ ونحن ندعوك ان تتأمل في الامثلة التالية وتسأل نفسك:‏ ‹الى مَن يعود الفضل حقا في هذه التصاميم؟‏›.‏

      ما نتعلمه من زعانف الحيتان

      ماذا يمكن ان يتعلم مصمِّمو الطائرات من الحوت الاحدب؟‏ الكثير على ما يبدو.‏ يزن الحوت الاحدب المكتمل النمو نحو ٣٠ طنا،‏ اي ما يعادل وزن شاحنة بكامل حمولتها،‏ كما ان جسمه صلب وله زعنفتان طويلتان شبيهتان بجناحين.‏ غير ان هذا الحوت البالغ طوله ١٢ مترا يتميز برشاقته في الماء.‏ مثلا،‏ لكي يقتات الحوت الاحدب،‏ يسبح احيانا صعودا بشكل دائري تحت وجبته المؤلفة من القشريات او الاسماك،‏ فيما يطلق الفقاقيع.‏ وتقوم «شبكة الفقاقيع» هذه،‏ التي يمكن ان يكون قطرها صغيرا جدا بحيث يبلغ المتر والنصف،‏ بتطويق الفرائس وجمعها على سطح الماء.‏ فتنتهي هذه الوجبة الجاهزة لقمة سائغة في فم الحوت.‏

      لكنّ ما حيّر العلماء فترة طويلة هو قدرة هذا الحوت اثناء السباحة على الدوران دوائر صغيرة الى حد يفوق التصور،‏ رغم صلابة جسمه.‏ فوجدوا ان السر يكمن في شكل زعنفتيه.‏ فالحافة الامامية للزعنفة ليست ملساء كالحافة الامامية لجناح الطائرة،‏ بل مسننة،‏ اي فيها صف من النتوءات المسماة دُرَينات.‏

      ففيما يسبح الحوت بسرعة في الماء،‏ تزيد هذه الدُّرَينات من قوة الرفع وتخفف قوة السحب.‏ كيف؟‏ توضح مجلة التاريخ الطبيعي (‏بالانكليزية)‏ ان الدُّرَينات تجعل الماء يتسارع وينساب على الزعنفة انسيابا دورانيا منتظما،‏ وذلك حتى عندما يصعد الحوت نحو سطح الماء بزاوية حادة.‏ لكن لو كانت الحافة الامامية للزعنفة ملساء،‏ لما تمكن الحوت من الدوران دوائر ضيقة صعودا نحو السطح،‏ لأن الماء يضطرب ويدور في دوّامات وراء الزعنفة ولا يولِّد قوة رفع.‏

      وكيف يمكن الاستفادة عمليا من هذا الاكتشاف؟‏ اذا صُمِّمت اجنحة الطائرات على هذا الشكل،‏ فستحتاج الى عدد أقل من الجنيِّحات القلّابة وغيرها من القطع الميكانيكية لتعديل انسياب الهواء.‏ فتصير الاجنحة اكثر امانا وتسهُل صيانتها.‏ ويقول جون لونڠ،‏ وهو خبير في الميكانيك الحيوي،‏ انه في المستقبل القريب «قد يصير لكل اجنحة الطائرات النفاثة نتوءات كالتي تتميز بها زعانف الحيتان الحدباء».‏

      محاكاة جناحَي النورس

      طبعا،‏ ان اجنحة الطائرات صُمِّمت في الاصل بتقليد اجنحة الطيور.‏ لكنّ المهندسين في الوقت الحاضر يَسْمون بهذا التقليد الاحيائي الى آفاق جديدة.‏ تذكر مجلة العالِم الجديد (‏بالانكليزية)‏ ان «الباحثين في جامعة فلوريدا بنوا نموذجا اوليا لطائرة موجَّهة عن بُعد قادرة كالنورس ان تحوِّم ساكنة،‏ وتنقضّ وترتفع بسرعة».‏

      يؤدي النورس كل هذه المناورات المذهلة بثني جناحَيه عند مفصَلَي المرفق والكتف.‏ وتقول المجلة انه لتقليد تصميم جناح النورس،‏ «زُوِّدت الطائرة البالغ طولها ٢٤ انشا [٦٠ سنتيمترا] بمحرّك صغير يتحكّم في عدد من القضبان التي تحرّك الجناحَين».‏ وبفضل هذين الجناحين المصمّمين ببراعة،‏ بإمكان الطائرة الصغيرة ان تحوِّم ساكنة وتنقضّ في طيرانها بين الابنية الشاهقة.‏ وتبدي السلطات العسكرية في احد البلدان اهتماما كبيرا بتطوير طائرة كهذه قادرة على القيام بمناورات صعبة من اجل استخدامها للبحث عن الاسلحة الكيميائية والبيولوجية في المدن الكبيرة.‏

      تقليد اقدام ابو بريص

      هنالك ايضا حيوانات برية يستمد منها العلماء دروسا قيِّمة.‏ مثلا تتمتع عظاية صغيرة،‏ تُعرف باسم «ابو بريص»،‏ بقدرة على تسلق الجدران والتعلق بالسقف.‏ حتى في ازمنة الكتاب المقدس،‏ كانت هذه العظاية معروفة بقدرتها المدهشة هذه.‏ (‏امثال ٣٠:‏٢٨‏)‏ فما السرّ الذي يمكّن ابو بريص من تحدّي الجاذبية؟‏

      ان قدرة ابو بريص على الالتصاق بالسطوح الملساء كالزجاج مردّها الى ان اقدامه مغطاة ببنى دقيقة جدا شبيهة بالشعيرات تُسمى هُلُبًا.‏ فأقدام ابو بريص لا تفرز الغراء،‏ لكنها تستفيد من مفعول قوة ضعيفة تنشأ بين الجزيئات.‏ فالجزيئات على السطح الذي يقف عليه ابو بريص والجزيئات في اقدامه تلتصق بعضها ببعض بفضل قوى تجاذب ضعيفة تُعرف باسم قوى ڤان دِرڤالس.‏ وعادة لا تصمد هذه القوى امام تأثير الجاذبية،‏ لذلك لا يمكن للانسان ان يتسلق الجدران بمجرد ان يضع راحتَي يديه عليها.‏ لكنّ الهُلُب الدقيقة التي تغطي اقدام ابو بريص تزيد مساحة الاحتكاك بالحائط.‏ وبما ان آلاف الهُلُب على اقدام ابو بريص تضاعف قوى ڤان دِرڤالس،‏ يتولّد من هذه القوى ما يكفي من التجاذب ليوازن تأثير الجاذبية.‏

      وكيف يمكن الاستفادة من هذا الاكتشاف؟‏ يمكن تقليد اقدام ابو بريص لإنتاج شريط لاصق اصطناعي ليحلّ محل شريط الڤلكرو،‏ الذي هو بدوره فكرة اخرى مأخوذة من الطبيعة.‏a وتقتبس مجلة ذي إيكونوميست (‏بالانكليزية)‏ من احد الباحثين قوله ان «شريط ابو بريص اللاصق» هذا يمكن ان يكون مفيدا جدا «في الاستخدامات الطبية حيث لا يمكن استعمال المواد اللاصقة الكيميائية».‏

      الى مَن يعود الفضل؟‏

      في هذه الاثناء،‏ تطوِّر وكالة الطيران والفضاء الاميركية (‏ناسا)‏ رجلا آليا له عدة ارجل يمشي مثل العقرب.‏ كما ان المهندسين الفنلنديين ابتكروا جرّارا زراعيا بست ارجل يمكنه،‏ مثل حشرة كبيرة،‏ ان يتخطى العقبات والعوائق.‏ ويصمِّم باحثون آخرون قماشا له سدلات تنفتح وتنغلق مثل اكواز الصنوبر.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يطوّر احد مصانع السيارات سيارة تصميمها مستوحى من شكل سمك ابو صندوق،‏ وهذا التصميم يخفف من المقاومة الناجمة عن الاحتكاك بالهواء.‏ في حين يدرس باحثون آخرون خصائص قواقع أذن البحر التي تمكِّنها من امتصاص الصدمات،‏ ليتعلموا منها كيفية صنع سُتَر واقية من الرصاص متينة وخفيفة الوزن.‏

      لقد أوحت الينا الطبيعة بالكثير جدا من الافكار المفيدة بحيث أنشأ الباحثون قاعدة بيانات أدرجوا فيها حتى الآن آلاف الانظمة البيولوجية المختلفة.‏ وتقول مجلة ذي إيكونوميست ان العلماء يمكنهم ان يرجعوا الى قاعدة البيانات هذه لإيجاد «حلول مستوحاة من الطبيعة للمشاكل التي تواجههم في التصاميم التي يبتكرونها».‏ ويُشار الى هذه الانظمة الطبيعية بأنها «اختراعات بيولوجية مسجلة».‏ ان الشخص او الشركة الذي يسجل فكرة او آلة جديدة يُعطى عادة براءة اختراع.‏ لذلك تقول مجلة ذي إيكونوميست في معرض حديثها عن قاعدة البيانات هذه:‏ «عندما يطلق الباحثون تسمية ‹الاختراعات البيولوجية المسجلة› على التصاميم الفذة المستوحاة من الطبيعة،‏ يشدِّدون على ان الطبيعة هي في الواقع صاحب براءة هذه الاختراعات».‏

      ومن اين اتت الطبيعة بكل هذه الافكار الخلاقة؟‏ ينسب باحثون كثيرون روائع الطبيعة الفذة التي تنم عن تصميم الى ملايين السنين من التطور عن طريق التجربة والخطإ.‏ لكنّ باحثين آخرين يتوصلون الى استنتاجات مختلفة تماما.‏ فقد كتب الاختصاصي في الاحياء المجهرية مايكل بيهي سنة ٢٠٠٥ في صحيفة ذا نيويورك تايمز:‏ «ان الدلائل القوية على التصميم الظاهرة [في الطبيعة] تزود حجة بسيطة ومقنعة:‏ اذا كان ما نراه يشبه البطة ويمشي كالبطة وصوته كصوت البطة،‏ فبغياب ادلة مقنعة تشير الى العكس،‏ لدينا اساس للاستنتاج انه بطة».‏ وماذا يستخلص من كل هذا؟‏ «لا يجوز ان نُسقط من حساباتنا وجود مصمِّم لمجرد ان ذلك استنتاج بديهي جدا».‏

      طبعا لا يمكن انكار براعة المهندس الذي يصمم جناح طائرة اكثر فعالية وأمانا.‏ كما لا يمكن انكار براعة المخترع الذي يصمم ضمادة متعددة الاستعمالات،‏ او قماشا مريحا اكثر،‏ او سيارة اكثر فعالية.‏ وفي الواقع،‏ ان المصنِّع الذي يقلّد تصاميم اشخاص آخرين دون ان ينسب اليهم الفضل يُعتبر عمله جرما في نظر القانون.‏

      فهل يبدو لك منطقيا ان يحلّ الباحثون المدربون تدريبا عاليا مشاكل هندسية معقدة بتقليد انظمة الطبيعة تقليدا غير متقن،‏ ثم ينسبوا عبقرية تصميم الفكرة الاصلية التي قلدوها الى التطور الاعمى؟‏ وإذا كانت النسخة تتطلب مصمما ذكيا،‏ فما القول في الاصل؟‏ مَن يستحق الفضل اكثر:‏ الاستاذ ام التلميذ الذي يقلّده؟‏

      استنتاج منطقي

      بعد الاطّلاع على الدلائل التي تشير الى وجود تصميم في الطبيعة،‏ يردد اناس منطقيون كثيرون كلمات صاحب المزمور الذي كتب:‏ «يا لكثرة اعمالك يا يهوه!‏ كلها بحكمة صَنعتَ.‏ ملآنة الارض من نتاجك».‏ (‏مزمور ١٠٤:‏٢٤‏)‏ وقد توصَّل كاتب الكتاب المقدس،‏ بولس،‏ الى خلاصة مشابهة.‏ قال:‏ «ان صفات [اللّٰه] غير المنظورة،‏ اي قدرته السرمدية وألوهته،‏ تُرى بوضوح منذ خلق العالم،‏ لأنها تُدرَك بالمصنوعات».‏ —‏ روما ١:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      غير ان اناسا كثيرين ممن يحترمون الكتاب المقدس ويؤمنون باللّٰه يحاجّون ان اللّٰه استخدم التطور ليخلق روائع الطبيعة.‏ فماذا يعلِّم الكتاب المقدس؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a شريط الڤلكرو هو شريط لاصق يعتمد على حلقات صغيرة تعلق بخطاطيف،‏ وقد استوحي تصميمه من بزور نبتة الأَرقُطِيون.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      من اين اتت الطبيعة بكل هذه الافكار الخلاقة؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦]‏

      لمَن براءة اختراع روائع الطبيعة؟‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٧]‏

      اذا كانت النسخة تتطلب مصمما ذكيا،‏ فما القول في الاصل؟‏

      هذه الطائرة القادرة على القيام بمناورات صعبة لها جناحان يحاكيان جناحَي النورس

      اقدام عظاية ابو بريص لا تتسخ ولا تترك اي اثر.‏ وهي تلتصق بجميع السطوح،‏ ما عدا التفلون،‏ كما انها تلتصق بالسطوح وتنفصل عنها بكل سهولة.‏ ويحاول الباحثون تقليدها

      استوحى المهندسون فكرة لتصميم سيارة من تصميم سمك ابو صندوق المتوازن الذي يخفف من المقاومة الناجمة عن الاحتكاك

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Airplane: Kristen Bartlett/ University of Florida; gecko foot: Breck P.‎ Kent; box fish and car: Mercedes-Benz USA

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٨]‏

      تعرف طريقها بالحكمة الغريزية

      تتمتع مخلوقات كثيرة بالقدرة على معرفة طريقها،‏ لأنها «حكيمة بالغريزة».‏ (‏امثال ٣٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وإليك مثالَين لذلك.‏

      ◼ تنظيم حركة المرور في دروب النمل كيف يجد النمل طريق العودة الى وكره بعد ان يطوف بعيدا بحثا عن الطعام؟‏ اكتشف الباحثون في المملكة المتحدة انه فضلا عن تعليم طريق العودة بإفرازات لها رائحة،‏ يستخدم بعض انواع النمل ايضا مبادئ هندسية لشق دروب تسهّل عليه ايجاد طريق العودة.‏ مثلا،‏ تقول مجلة العالِم الجديد (‏بالانكليزية)‏ ان نمل فرعون «ينشئ دروبا من الوكر تتشعب فيها المسارات وتفصل بينها زاوية مقدارها ٥٠ الى ٦٠ درجة».‏ وما اللافت في ذلك؟‏ عندما تصل النملة في طريق العودة الى مفترق طرق،‏ تتخذ غريزيا المسار الاقل انحرافا عن مسارها،‏ مما يقودها حتما الى الوكر.‏ وتقول المقالة ان «الترتيب الهندسي للمسارات المتشعبة ينظم جريان النمل عبر شبكة الدروب بالطريقة المثلى،‏ وخصوصا عندما يتنقل النمل بالاتجاهين على طول المسار نفسه،‏ كما انه يخفف الى الحد الادنى كمية الطاقة التي تبددها النملة فيما لو تاهت».‏

      ◼ بوصلة للطيور تتمكن طيور كثيرة من معرفة طريقها والوصول الى وجهتها بدقة بالغة بعد الطيران مسافات طويلة مهما كانت حال الطقس.‏ كيف؟‏ اكتشف الباحثون ان الطيور تشعر بحقل الارض المغنطيسي.‏ غير ان «خطوط الحقل المغنطيسي [للارض] تتفاوت من مكان الى آخر ولا تشير دائما الى الشمال الجغرافي»،‏ كما تقول مجلة العِلم (‏بالانكليزية)‏.‏ فلماذا لا تنحرف الطيور المهاجرة عن مسارها؟‏ على ما يبدو،‏ تعيِّر الطيور بوصلتها الداخلية قياسا على غروب الشمس كل مساء.‏ وبما ان موقع غروب الشمس يتغير تبعا لخط العرض وفصل السنة،‏ يعتقد الباحثون،‏ بحسب مجلة العِلم،‏ ان هذه الطيور لا بد انها تتمتع بالقدرة على اخذ هذه التغييرات في الاعتبار بفضل «ساعة بيولوجية تساعدها على تحديد فصول السنة».‏

      فمَن لقَّن النملة مبادئ علم الهندسة؟‏ من زوّد الطيور ببوصلة وساعة بيولوجية،‏ فضلا عن دماغ قادر على تفسير المعلومات التي تزودها هاتان الآليتان؟‏ التطور الاعمى ام خالق ذكي؟‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      2004 E.‎J.‎H.‎ Robinson ©

  • هل استخدم اللّٰه التطور ليخلق الحياة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • هل استخدم اللّٰه التطور ليخلق الحياة؟‏

      ‏«انت مستحق،‏ يا يهوه إلهنا،‏ ان تنال المجد والكرامة والقدرة،‏ لأنك خلقت كل الاشياء،‏ وهي بمشيئتك وُجدت وخُلقت».‏ —‏ رؤيا ٤:‏١١‏.‏

      بُعَيد نشر تشارلز داروين نظرية التطور،‏ بدأت بعض الفرق التي تدّعي المسيحية تبحث عن سبل للتوفيق بين ايمانها باللّٰه وقبولها لنظرية التطور.‏

      واليوم،‏ يبدو ان معظم الفرق الدينية «المسيحية» البارزة مستعدة لتقبّل الفكرة القائلة ان اللّٰه استخدم التطور بطريقة ما لخلق الحياة.‏ فبعضها يعلّم ان اللّٰه برمج الكون مسبقا بحيث لا بد ان تتطور الكائنات الحية من مواد كيميائية عديمة الحياة وتنتج في النهاية الجنس البشري.‏ والذين يقبلون هذا التعليم يقولون ان اللّٰه ابدأ هذه العملية ثم تنحى جانبا ولم يتدخل في ما بعد.‏ لكنَّ آخرين يعتقدون ان اللّٰه سمح عموما للتطور بأن يُنشئ معظم فصائل النبات والحيوان،‏ لكنه كان يتدخل من وقت الى آخر لتوجيه هذه العملية.‏

      هل ينجح التوفيق بين المذهبين؟‏

      هل يمكن حقا التوفيق بين نظرية التطور وتعاليم الكتاب المقدس؟‏ لو كانت نظرية التطور صحيحة،‏ لكانت رواية الكتاب المقدس عن خلق الانسان الاول آدم،‏ في افضل الاحوال،‏ قصة كُتبت لأخذ العبرة لا لتُفهم حرفيا.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦،‏ ٢٧؛‏ ٢:‏١٨-‏٢٤‏)‏ فهل هذا ما رآه يسوع فيها؟‏ قال:‏ «أما قرأتم ان الذي خلقهما،‏ من البدء صنعهما ذكرا وأنثى وقال:‏ ‹من اجل هذا يترك الرجل اباه وأمه ويلتصق بزوجته،‏ ويكون الاثنان جسدا واحدا›؟‏ فليسا بعد اثنين،‏ بل جسد واحد.‏ فما جمعه اللّٰه في نير واحد فلا يفرقه انسان».‏ —‏ متى ١٩:‏٤-‏٦‏.‏

      كان يسوع في هذه الآية يقتبس كلمات رواية الخلق المسجلة في الاصحاح الثاني من سفر التكوين‏.‏ فلو اعتقد يسوع ان هذا الزواج الاول قصة خرافية،‏ أفيُعقل ان يشير اليه لدعم تعليمه حول قدسية الزواج؟‏ كلا.‏ فيسوع انما اشار الى رواية التكوين لأنه عرف انها تاريخ دقيق.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏١٧‏.‏

      آمن تلاميذ يسوع هم بدورهم برواية الخلق في التكوين.‏ مثلا،‏ تتتبَّع رواية انجيل لوقا سلسلة نسب يسوع المسيح رجوعا الى آدم.‏ (‏لوقا ٣:‏٢٣-‏٣٨‏)‏ فلو كان آدم شخصية خرافية،‏ تُرى عند اي مرحلة في التعداد خرجت سلسلة النسب من حيز الحقيقة الى حيز الخرافة؟‏ وإذا كان اصل شجرة عائلة يسوع خرافيا،‏ فأي مصداقية كان سيضفيها ذلك على ادعاء يسوع انه المسيا المولود من سلالة داود؟‏ (‏متى ١:‏١‏)‏ ان كاتب انجيل لوقا قال انه ‹تتبَّع كل الاشياء من الاول بدقة›.‏ فمن الواضح انه آمن برواية الخلق في التكوين.‏ —‏ لوقا ١:‏٣‏.‏

      كان ايمان بولس بيسوع يرتبط بإيمانه بصحة رواية التكوين.‏ كتب:‏ «بما ان الموت بإنسان،‏ فبإنسان ايضا قيامة الاموات.‏ فكما في آدم يموت الجميع،‏ هكذا ايضا في المسيح سيحيا الجميع».‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ فلو لم يكن آدم حرفيا هو السلف الذي تحدر منه كل الجنس البشري،‏ الانسان الذي به «دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت»،‏ فما الداعي الى ان يموت يسوع لكي يبطل آثار الخطية الموروثة؟‏ —‏ روما ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣‏.‏

      ان زعزعة الايمان برواية التكوين تعني زعزعة أُسس الايمان المسيحي.‏ فنظرية التطور لا تتوافق مع تعاليم المسيح.‏ وأية محاولة للتوفيق بينهما لا يمكن ان تنشئ إلا ايمانا ضعيفا ‹تتقاذفه الامواج،‏ ويحمله الى هنا وهناك كل ريح تعليم›.‏ —‏ افسس ٤:‏١٤‏.‏

      ايمان مبني على اساس ثابت

      لقد صمد الكتاب المقدس في وجه الانتقادات والهجمات التي تعرَّض لها على مر القرون.‏ وفي كل مرة،‏ تبرّأت ساحة نص الكتاب المقدس.‏ فقد ثبت مرة بعد اخرى ان الكتاب المقدس دقيق عندما يتطرق الى معلومات تاريخية،‏ صحية،‏ او علمية.‏ كما ان مشورته في العلاقات البشرية جديرة بالثقة ولا يحدّها زمان.‏ وفي حين ان النظريات والفلسفات تنمو كالعشب الاخضر ثم لا تلبث ان تذبل،‏ ‹تبقى كلمة اللّٰه الى الدهر›.‏ —‏ اشعيا ٤٠:‏٨‏.‏

      ان عقيدة التطور تعدَّت نطاق النظريات العلمية لتصبح فلسفة بشرية برزت وظلت سائدة لعقود.‏ لكن في السنوات الاخيرة تطورت عقيدة التطور الداروينية المعروفة نفسها —‏ بل خضعت «لطفرات»،‏ او تغيُّرات،‏ جذرية —‏ في محاولة للتقليل من شأن الادلة المتزايدة على التصميم التي تقدِّمها الطبيعة.‏ ونحن ندعوك ان تتعمق اكثر في هذا الموضوع،‏ وذلك بقراءة المقالات الاخرى في هذا العدد.‏ كما يمكنك قراءة المطبوعات الظاهرة في هذه الصفحة،‏ وفي الصفحة ٣٢.‏

      بعد التعمق في هذا الموضوع،‏ ستجد على الارجح ان ثقتك بما يقوله الكتاب المقدس عن الماضي قد تعززت.‏ والاهم ان ايمانك بوعود الكتاب المقدس المستقبلية سيقوى.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١‏)‏ وقد تندفع ايضا الى تسبيح يهوه «صانع السماء والارض».‏ —‏ مزمور ١٤٦:‏٦‏.‏

      مراجع للاستزادة

      كتاب لكل الناس تناقش هذه الكراسة امثلة محددة تظهر ان الكتاب المقدس موثوق به

      هل يوجد خالق يهتمُّ بأمركم؟‏ تفحّص المزيد من الادلة العلمية،‏ واعرف كيف يمكن لإله يهتمُّ بنا ان يسمح بوجود هذا القدر من الالم

      ماذا يعلّم الكتاب المقدس حقا؟‏ يجيب الفصل الثالث من هذا الكتاب عن السؤال:‏ «ما هو قصد اللّٰه للأرض؟‏».‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠]‏

      آمن يسوع برواية الخلق المذكورة في سفر التكوين.‏ فهل كان مخطئا في ذلك؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      ما هو التطور؟‏

      احد تعريفات كلمة «تطور» هو:‏ ‹انتقال تدريجي الى حال اخرى›.‏ ويمكن استعمال هذه الكلمة بمعانٍ عديدة.‏ مثلا،‏ يمكن استخدامها لوصف التغيُّرات الكبيرة في الجماد،‏ مثل نمو الكون.‏ كما يمكن استخدام هذا التعبير لوصف التغيُّرات البسيطة التي تطرأ على الكائنات الحية،‏ مثل تكيُّف النبات والحيوان مع بيئتهما.‏ لكنّ الاستعمال الاكثر شيوعا لهذه الكلمة هو للاشارة الى نظرية النشوء والارتقاء القائلة ان الحياة نشأت من مواد كيميائية غير حية انتظمت في خلايا قابلة للتكاثر،‏ ثم ارتقت الى كائنات حية اكثر تعقيدا،‏ وانتهت الى الانسان الذي يُعتبر الكائن الاكثر ذكاء.‏ وهذه المقالة تستخدم كلمة «تطور» بهذا المعنى الاخير.‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٠]‏

      Space photo: J.‎ Hester and P.‎ Scowen )AZ State Univ.‎(,‎ NASA

  • مقابلة مع عالِم
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • مقابلة مع عالِم

      مايكل بيهي بروفسور في الكيمياء الحيوية يعمل في الوقت الحاضر في جامعة ليهاي ببنسلفانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ نشر بيهي عام ١٩٩٦ كتابا بعنوان صندوق داروين الاسود:‏ التحدي الكيميائي الحيوي للتطور (‏بالانكليزية)‏.‏ وقد اشارت مجلة استيقظ!‏ الى هذا الكتاب في سلسلة مقالات وردت في عدد ٨ ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٧ بعنوان:‏ «كيف اتينا الى الوجود؟‏ بالصدفة ام بالتصميم؟‏».‏ خلال السنوات العشر التي تلت نشر صندوق داروين الاسود،‏ حاول العلماء المؤيدون للتطور جاهدين دحض الحجج التي قدمها بيهي.‏ فقد اتّهمه النقاد انه سمح لمعتقداته الدينية،‏ وهو كاثوليكي روماني،‏ بأن تغشّي بصيرته العلمية وتمنعه من التوصل الى استنتاجات علمية سليمة.‏ وادّعى آخرون ان طريقة تحليله بعيدة كل البعد عن اسلوب التحليل العلمي.‏ في ما يلي مقابلة أجرتها مجلة استيقظ!‏ مع البروفسور بيهي لتستوضح منه سبب كل هذا الجدل الذي اثارته افكاره.‏

      استيقظ!‏:‏ لماذا تقول اننا نجد في الكائنات الحية دليلا على التصميم الذكي؟‏

      البروفسور بيهي:‏ عندما نرى عادة آلية مؤلّفة من اجزاء مختلفة مرتّبة معا للقيام بوظائف معقدة،‏ نستنتج انها وليدة تصميم.‏ لنأخذ على سبيل المثال الآلات التي نستعملها كل يوم كجزَّازة العشب،‏ السيارة،‏ حتى الآلات البسيطة.‏ وأبرز مثل احب التكلم عنه هو مصيدة الفئران.‏ فعندما تنظر اليها وترى كيف تعمل مختلف اجزائها معا لتقوم بمهمة اصطياد الفئران،‏ لا يسعك إلّا ان تستنتج انها نتاج تصميم ذكي.‏

      تقدم العلم كثيرا بحيث صرنا نعرف أصغر اجزاء الكائنات الحية.‏ وقد ذُهل العلماء عند اكتشاف آليات عمل معقدة في هذه الجزيئات الصغيرة.‏ فداخل الخلايا الحية هنالك،‏ مثلا،‏ جزيئات صغيرة تقوم بعمل «الشاحنات» وتنقل المواد بين سائر اجزاء الخلية،‏ في حين تقوم جزيئات اخرى بالغة الصغر بعمل «لافتات الطرقات» فتوجِّه هذه «الشاحنات» يمينا او يسارا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ لدى بعض الخلايا «محركات جانبية» تستخدمها لتدفع نفسها عبر السوائل.‏ عادة،‏ عندما يلاحظ الناس في اي مجال آخر تركيبات بمثل هذا التعقيد تعمل بنجاح،‏ يستنتجون ان هذه التركيبات وليدة تصميم.‏ ونحن لا نملك اي تفسير آخر لهذا التعقيد،‏ رغم كل ادعاءات مؤيدي نظرية التطور.‏ وبما اننا تعلّمنا من كل التجارب السابقة دون استثناء ان هذا الترتيب المعقد هو دليل على التصميم،‏ فنحن مبرَّرون إن استنتجنا ان هذه الانظمة الجُزَيئية صُمِّمت بذكاء هي ايضا.‏

      استيقظ!‏:‏ برأيك،‏ لماذا لا يوافقك غالبية زملائك على استنتاجاتك حول التصميم الذكي؟‏

      البروفسور بيهي:‏ يخالفني علماء كثيرون في استنتاجاتي لأنهم يعتبرون ان فكرة التصميم الذكي لها مضامين لا يمكن تعليلها علميا،‏ اي انها تشير على نحو لا يرقى اليه الشك الى كائن فوق الطبيعة.‏ وهذا الاستنتاج يقلق كثيرين.‏ لكنني تعلّمت منذ البداية ان العلماء ينبغي ان يقبلوا الاستنتاجات التي تقودهم اليها الادلة مهما كانت هذه الاستنتاجات.‏ وأظن انه من الجبن ألّا يقبل المرء خلاصة تشير اليها كل الادلة بقوة،‏ لمجرد ان هذه الخلاصة تنطوي على مضامين مرفوضة فلسفيا.‏

      استيقظ!‏:‏ كيف تجيب النقاد الذين يدّعون ان قبول فكرة التصميم الذكي تعزّز الجهل؟‏

      البروفسور بيهي:‏ ليس جهلا الاقتناع بوجود تصميم ذكي.‏ فما قادنا الى هذا الاستنتاج ليس ما لا نعرفه،‏ بل ما نعرفه.‏ عندما نشر داروين كتابه اصل الانواع منذ ١٥٠ سنة،‏ كان الجميع يظنون ان الحياة بسيطة.‏ فالعلماء كانوا يعتقدون ان الخلية بسيطة جدا ويمكن بكل سهولة ان تنبثق تلقائيا من وحل البحر.‏ لكنّ العلم قطع شوطا كبيرا منذ ذلك الزمان.‏ فقد اكتشف العلماء ان الخلايا بالغة التعقيد،‏ وتفوق بتعقيدها الآلات التي نستخدمها في القرن الحادي والعشرين.‏ وآليات العمل المعقدة هذه تشير الى ان الكائنات الحية صُمِّمت لقصد معيّن.‏

      استيقظ!‏:‏ هل وجد العلم اي دليل يثبت ان الآليات الجُزَيئية المعقدة التي تتكلم عنها جاءت الى الوجود عن طريق الانتقاء الطبيعي،‏ كما تقول نظرية التطور؟‏

      البروفسور بيهي:‏ لو بحثنا في الكتب العلمية،‏ لما وجدنا أية محاولة جدية —‏ سواء كانت تجربة مخبرية او نموذجا علميا مفصلا —‏ تفسر كيف يمكن ان تنشأ هذه الآليات الجُزَيئية المعقدة عن طريق التطور،‏ مع ان منظمات علمية كثيرة مثل معهد العلوم الوطني والجمعية الاميركية لتقدُّم العلم قامت مذ نُشر كتابي قبل عشر سنوات بإطلاق دعوات عاجلة تحث اعضاءها على فعل كل ما في وسعهم لدحض الفكرة القائلة ان الكائنات الحية تعطي الدليل على التصميم الذكي.‏

      استيقظ!‏:‏ كيف تجيب الذين يستندون في حججهم الى بعض الخصائص النباتية او الحيوانية المصممة على نحو غير متقن،‏ على حدّ تعبيرهم؟‏

      البروفسور بيهي:‏ اذا كنا نجهل سبب وجود احدى الخصائص في كائن معيّن،‏ فهذا لا يعني انها لا تلعب دورا مهما.‏ مثلا،‏ ساد الاعتقاد في الماضي ان الاعضاء اللاوظيفيَّة تُظهر ان جسم البشر او الكائنات الاخرى غير مصمم على نحو متقن.‏ فالزائدة الدودية واللوزتان كانت تُعتبر أعضاء لاوظيفيَّة من مخلفات عملية التطور،‏ وجرت العادة ان تُستأصل جراحيا.‏ ولكن تبيّن لاحقا ان هذه الاعضاء تلعب دورا في جهاز المناعة.‏ لذلك ما عادت تُعدّ اليوم اعضاء لاوظيفيَّة.‏

      هنالك امر آخر جدير بالذكر،‏ وهو ان بعض التغييرات تطرأ على نحو غير متوقع في الطبيعة.‏ فكما ان وجود انبعاج في سيارتي او فراغ احد اطاراتها من الهواء لا يعني ان سيارتي او اطاراتها لم تُصمَّم،‏ كذلك ان مجرد حدوث بعض التغييرات في الطبيعة على نحو غير متوقع لا يعني ان الآليات الجُزَيئية المعقَّدة في الكائنات الحية نشأت من تلقاء نفسها.‏ هذه الحجة واهية وغير منطقية البتة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢]‏

      ‏«أظن انه من الجبن ألّا يقبل المرء خلاصة تشير اليها كل الادلة بقوة،‏ لمجرد ان هذه الخلاصة تنطوي على مضامين مرفوضة فلسفيا»‏

  • هل التطور حقيقة ثابتة؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • هل التطور حقيقة ثابتة؟‏

      ‏«التطور حقيقة ثابتة مثلما ان حرارة الشمس حقيقة ثابتة».‏ هذا ما يؤكده البروفسور ريتشارد دوكِنز،‏ وهو عالم بارز مؤيِّد للتطور.‏ طبعا،‏ يمكن البرهان بالاختبار العلمي والملاحظة المباشرة ان الشمس تولِّد الحرارة.‏ ولكن هل يمكن استخدام الاختبار العلمي والملاحظة المباشرة للبرهان ان التطور واقع ثابت لا مجال للشك فيه؟‏

      قبل الاجابة عن هذا السؤال،‏ لا بد من ايضاح امر هام.‏ فقد لاحظ علماء كثيرون انه بمرور الوقت قد تظهر تغيُّرات طفيفة في النسل المتحدر من الكائنات الحية،‏ وهي عملية دعاها تشارلز داروين «تحوُّل النسل بعد ولادته».‏ وقد جرت ملاحظة هذه التغيُّرات ملاحظة مباشرة ووثَّقتها الاختبارات العلمية،‏ كما ان مولِّدي النبات والحيوان يستغلونها ببراعة في مجال عملهم.‏a لذا يمكن اعتبار هذه التغيُّرات واقعا مثبتا.‏ لكنّ العلماء يُدخلون هذه التغيُّرات الطفيفة في خانة ما يُسمّى «التطور الدقيق».‏ وهذه التسمية بحد ذاتها تحمل اشارة ضمنية الى ما يؤكده علماء كثيرون:‏ ان هذه التغيُّرات الطفيفة هي برهان على عملية اخرى مختلفة كل الاختلاف لم يتمكن احد من ملاحظتها،‏ يطلقون عليها تسمية «التطور الجليل».‏

      فالحقيقة هي ان داروين تمادى كثيرا في تفسير هذه التغيُّرات الملاحظة.‏ فقد ذكر في كتابه الشهير اصل الانواع (‏بالانكليزية)‏:‏ «ارى ان كل الكائنات ليست مخلوقات اتت الى الوجود كلٌّ بذاته الخاصة،‏ بل هي أنسال تحدَّرت مباشرة من عدد قليل من الكائنات».‏ وقال داروين ان هذا ‹العدد القليل من الكائنات›،‏ او ما يُدعى اشكال الحياة البسيطة،‏ تطوَّر ببطء على مدى فترات زمنية طويلة عن طريق «تحوُّلات بسيطة للغاية» فنتجت منه ملايين الاشكال المختلفة للحياة على الارض.‏ ويعلّم دعاة التطور ان هذه التغيُّرات الطفيفة تراكمت ونتجت عنها التغيُّرات الكبرى التي حوَّلت السمك الى برمائيات والقرود الى بشر.‏ وتُسمّى هذه التغيُّرات الكبرى المفترضة «التطور الجليل».‏ ويعتبر كثيرون هذا الادعاء الثاني منطقيا.‏ فبحسب رأيهم،‏ بما ان التغيُّرات الطفيفة يمكن ان تحدث ضمن النوع الواحد،‏ فما المانع ان يُسبِّب التطور تغيُّرات كبرى على مدى فترات زمنية طويلة؟‏b

      يرتكز تعليم التطور الجليل على ثلاثة افتراضات رئيسية:‏

      ١-‏ تشكّل الطفرات الاساس اللازم لظهور انواع جديدة.‏c

      ٢-‏ يؤدي الانتقاء الطبيعي الى ظهور الانواع الجديدة.‏

      ٣-‏ يؤكد سجل الاحافير حدوث التطور الجليل في النبات والحيوان.‏

      فهل الادلة على حدوث التطور الجليل دامغة جدا بحيث يمكن اعتباره واقعا؟‏

      هل يمكن ان تنتج الطفرات انواعا جديدة من الكائنات؟‏

      هنالك تفاصيل كثيرة في النباتات والحيوانات تحددها المعلومات الموجودة في شفرتها الوراثية،‏ اي مخططات بناء الكائن الحي التي تحتوي عليها نواة كل خلية.‏d وقد اكتشف الباحثون ان الطفرات،‏ اي التغيُّرات العشوائية،‏ في الشفرة الوراثية يمكن ان تنتج التعديلات في سلالات النباتات والحيوانات.‏ لذلك عام ١٩٤٦،‏ ادّعى هرمان مولر الحائز جائزة نوبل ومؤسس علم الوراثة الطفري:‏ «ان تراكم التغيُّرات الكثيرة النادرة،‏ والتي غالبا ما تكون صغيرة،‏ ليس فقط الوسيلة الرئيسية التي يُدخل الانسان بواسطتها التحسينات على الحيوانات والنباتات،‏ ولكنه على نحو اهم الوسيلة التي حدث بها التطور،‏ بتوجيه من الانتقاء الطبيعي».‏

      اذًا،‏ ان فكرة التطور الجليل مبنية على الادّعاء ان الطفرات لا تنتج انواعا جديدة فقط،‏ بل ايضا فصائل جديدة من النباتات والحيوانات.‏ فهل هنالك اي سبيل الى تأكيد هذا الادّعاء الجازم؟‏ تأمَّل في ما كشفته الابحاث الوراثية على مدى نحو ١٠٠ سنة.‏

      في اواخر ثلاثينات القرن العشرين،‏ تبنى العلماء بحماس الفكرة القائلة انه اذا امكن للانتقاء الطبيعي ان ينتج انواعا جديدة من النباتات بواسطة الطفرات العشوائية،‏ يمكن ان ينجح الانسان اكثر في انتاج انواع نباتية جديدة اذا انتقى الطفرات هو بنفسه.‏ فقد «عمَّت الفرحة والحماس اوساط علماء الاحياء عموما وعلماء الوراثة والاختصاصيين في توليد النباتات خصوصا»،‏ كما قال ڤولف-‏إكِّهارت لونيڠ،‏ وهو عالم من معهد ماكس پلانك لأبحاث توليد النباتات في المانيا اجرت استيقظ!‏ مقابلة معه.‏ وما سبب فرحتهم الكبيرة؟‏ قال لونيڠ الذي اجرى على مدى ٢٨ سنة تقريبا ابحاثا في مجال علم الوراثة الطفري في النباتات:‏ «ظن هؤلاء الباحثون ان الوقت قد حان لإحداث ثورة على الطرق التقليدية لاستيلاد النباتات والحيوانات.‏ فقد اعتقدوا انه باستحداث الطفرات وانتقاء المفيدة منها يمكنهم ان ينتجوا نباتات وحيوانات افضل».‏e

      نتيجة لذلك اطلق العلماء في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا برامج ابحاث مموَّلة برؤوس اموال ضخمة،‏ مستخدمين وسائل ظنوا انها ستسرِّع عملية التطور.‏ وماذا كانت النتائج بعد اكثر من ٤٠ سنة من الابحاث المكثَّفة؟‏ يقول الباحث پيتر فون زينڠبوش:‏ «رغم الاموال الطائلة التي صُرفت على هذه الابحاث،‏ فإن محاولة توليد ضروب عالية الانتاجية باستخدام الاشعة فشلت فشلا ذريعا».‏ قال لونيڠ:‏ «بحلول ثمانينات القرن العشرين كانت آمال العلماء وحماستهم الغامرة قد خبت نتيجة الفشل الذريع حول العالم.‏ ولم يعد الاستيلاد عن طريق الطفرات يُعتبر حقل ابحاث قائما بحد ذاته في البلدان الغربية.‏ فجميع الطافرات تقريبا ‹قُيِّمت تقييما سلبيا›،‏ اي انها ماتت او تبيَّن انها اضعف من الضروب الطبيعية».‏f

      رغم ذلك فإن البيانات التي تجمَّعت على مدى نحو ١٠٠ سنة من الدراسات حول الطفرات عامة،‏ و ٧٠ سنة من الاستيلاد عن طريق الطفرات خاصة،‏ تساعد العلماء على معرفة ما اذا كانت الطفرات قادرة على انتاج انواع جديدة من الكائنات الحية.‏ وبعد فحص هذه الادلة استنتج لونيڠ:‏ «لا يمكن ان تجعل الطفرات نوعا [من النباتات او الحيوانات] يتحول الى نوع جديد مختلف كليا.‏ وهذا الاستنتاج يتوافق مع جميع نتائج الاختبارات التي أُجريت في الدراسات حول الطفرات خلال القرن العشرين،‏ فضلا عن توافقه مع قوانين نظرية الاحتمالات.‏ وهكذا،‏ انسجاما مع قانون التغيُّر الوراثي المتكرر،‏ فإن الانواع المتمايزة وراثيا لديها حدود لا يمكن إلغاؤها او تخطيها عن طريق الطفرات العشوائية».‏

      تأمَّل في مغزى الحقائق التي سبق ذكرها.‏ اذا كان العلماء المتخصصون عاجزين عن انتاج انواع جديدة من الكائنات الحية عن طريق استحداث الطفرات اصطناعيا وانتقاء المفيدة منها،‏ فهل يُعقل ان تنجح في ذلك عملية عشوائية مجردة من اي ذكاء؟‏ وما دامت الابحاث قد اظهرت ان الطفرات لا يمكن ان تجعل نوعا من الكائنات الحية يتحول الى نوع جديد مختلف،‏ فكيف يُفترض ان يكون التطور الجليل قد حدث؟‏

      هل يؤدي الانتقاء الطبيعي الى انتاج انواع جديدة من الكائنات؟‏

      كان داروين مقتنعا بأن ما دعاه الانتقاء الطبيعي يعزّز بقاء اشكال الحياة التي تتلاءم على افضل نحو مع بيئتها،‏ في حين ان الاشكال الاقل تلاؤما تموت تدريجيا.‏ ويعلّم دعاة التطور اليوم انه فيما انتشرت الانواع وانعزلت،‏ اختار الانتقاء الطبيعي الانواع التي جعلتها طفراتها الوراثية اصلح لبيئتها الجديدة.‏ ويفترض دعاة التطور انه نتيجة لذلك صارت هذه المجموعات المنعزلة مع الوقت انواعا جديدة كليا من الكائنات الحية.‏

      كما ذكرنا سابقا،‏ ان الادلة التي اسفرت عنها الابحاث تشير بقوة الى ان الطفرات لا يمكن ان تنتج اجناسا جديدة كليا من النباتات والحيوانات.‏ لكن ما الدليل الذي يقدمه دعاة التطور ليدعموا ادعاءهم ان الانتقاء الطبيعي يختار الطفرات المفيدة لإنتاج انواع جديدة؟‏ تقول كراسة اصدرها معهد العلوم الوطني في الولايات المتحدة سنة ١٩٩٩:‏ «المثال النموذجي لنشوء الانواع الجديدة [عن طريق التطور] هو الانواع الـ‍ ١٣ من الشراشير التي درسها داروين في جُزر ڠالاپاڠوس،‏ والتي تُعرف الآن بعصافير داروين».‏

      في سبعينات القرن العشرين ابتدأ فريق باحثين يرأسه پيتر وروزميري ڠرانت بدراسة هذه العصافير،‏ واكتشفوا انه بعد سنة من الجفاف كان البقاء على قيد الحياة اسهل على الطيور ذات المناقير الاكبر بقليل منه على الطيور ذات المناقير الاصغر.‏ وبما ان حجم المنقار وشكله هما من الطرائق الرئيسية لتحديد الانواع الـ‍ ١٣ من العصافير،‏ عُلِّقت اهمية كبيرة على هذه النتائج.‏ تتابع الكراسة:‏ «لقد خمّن [پيتر وروزميري] ڠرانت انه اذا حدث جفاف في الجزيرة مرة كل ١٠ سنوات تقريبا،‏ يكفي مرور ٢٠٠ سنة لظهور نوع جديد من العصافير».‏

      غير ان كراسة معهد العلوم لا تذكر وقائع مهمة ولكن محرجة.‏ ففي السنوات التي تلت الجفاف،‏ تكاثرت العصافير ذات المناقير الاصغر من جديد وصارت هي الاغلبية.‏ وهكذا كتب پيتر ڠرانت ومعاونه،‏ طالب الدراسات العليا لايل ڠيبس،‏ في مجلة الطبيعة العلمية البريطانية عام ١٩٨٧ انهما شهدا «انحرافا للانتقاء الطبيعي بالاتجاه المعاكس».‏ وكتب ڠرانت عام ١٩٩١ ان «الجماعة التي تتعرض للانتقاء الطبيعي تتأرجح جيئة وذهابا» مع كل تغير في المناخ.‏ وذكر الباحثون ايضا ان بعض «الانواع» المختلفة من العصافير تتزاوج في ما بينها وتنتج نسلا قادرا على البقاء على قيد الحياة اكثر من اسلافه.‏ واستنتج پيتر وروزميري ڠرانت انه اذا استمر التزاوج،‏ فقد يُدمج «نوعان» في غضون ٢٠٠ سنة فقط.‏

      عام ١٩٦٦ كتب عالم الاحياء جورج كريستوفر وليَمز المؤيِّد لنظرية التطور:‏ «اجد من المؤسف ان تكون نظرية الانتقاء الطبيعي قد وُضعت في الاصل تفسيرا للتغيُّرات التطورية.‏ فهي اكثر فائدة في تفسير استمرار التكيُّف».‏ وعام ١٩٩٩ كتب جفري شوارتز،‏ صاحب نظريات في التطور،‏ انه اذا كانت استنتاجات وليَمز صحيحة،‏ يكون الانتقاء الطبيعي عاملا مساعدا للانواع على التكيُّف وفق متطلبات البقاء المتغيرة،‏ لكنه «لا يخلق اي شيء جديد».‏

      وبالفعل،‏ ان عصافير داروين لا تصير ‹شيئا جديدا›.‏ فما زالت شراشير.‏ وواقع انها تتزاوج في ما بينها يشكك في المعايير التي يتبعها بعض دعاة التطور لتحديد النوع.‏ كما انه دليل على ان المعاهد العلمية المشهورة ايضا ليست منزّهة عن نشر نتائج ابحاثها بطريقة متحيزة.‏

      هل نجد دليلا على التطور الجليل في سجل الاحافير؟‏

      ان كراسة المعهد الوطني للعلوم المقتبس منها آنفا تترك لدى القارئ الانطباع ان الاحافير التي اكتشفها العلماء تعطي براهين وافية على التطور الجليل.‏ فهي تذكر:‏ «لقد اكتُشف الكثير جدا من اشكال الحياة المتوسطة بين السمك والبرمائيات،‏ بين البرمائيات والزواحف،‏ بين الزواحف والثدييات،‏ وصولا الى سلالات رتبة الرئيسيات،‏ بحيث يصعب جدا ان نحدد بدقة المرحلة التي حدث فيها التحوُّل من نوع الى آخر».‏

      ان هذا التصريح الجريء لمدهش فعلا.‏ لماذا؟‏ عام ٢٠٠٤،‏ وصفت مجلة ناشونال جيوغرافيك (‏بالانكليزية)‏ سجل الاحافير بأنه يشبه «فيلما عن التطور قُطعت منه في غرفة المونتاج ٩٩٩ لقطة من كل ٠٠٠‏,١».‏ وهل توثّق «اللقطات» البالغة نسبتها ١ في الالف سير عملية التطور الجليل حق التوثيق؟‏ ماذا يكشف سجل الاحافير فعليا؟‏ يعترف نايْلز ألدْريدْج،‏ وهو من اشد المدافعين عن نظرية التطور،‏ ان السجل يُظهر «عدم تراكم التغيُّرات التطورية او تراكم القليل منها فقط في معظم الانواع» على مدى فترات طويلة من الزمن.‏

      لقد نبش العلماء حول العالم حتى اليوم نحو ٢٠٠ مليون احفورة كبيرة وبلايين الاحافير المجهرية وأعدّوا جداول بها.‏ ويوافق باحثون كثيرون ان هذا السجل الكبير والمفصَّل يُظهر ان كل المجموعات الرئيسية من الحيوانات ظهرت فجأة ولم تطرأ عليها تغييرات تُذكر،‏ في حين ان بعض الانواع اختفت فجأة مثلما ظهرت.‏ ويكتب عالم الاحياء جوناثان ولْز بعد مراجعة الدلائل التي يقدمها سجل الاحافير:‏ «على مستوى العوالم والشُّعب والصفوف [التصنيفات العليا للكائنات الحية]،‏ لا نلاحظ تحوُّل النسل بعد ولادته.‏ وإذا اخذنا في الاعتبار الادلة الاحفورية والجُزَيئية،‏ لا يكون هنالك اساس متين لهذه النظرية».‏

      التطور —‏ واقع ام وهم؟‏

      لماذا يصرّ كثيرون من دعاة التطور البارزين ان التطور الجليل واقع؟‏ كتب المؤيِّد البارز للتطور ريتشارد لِوُونتين،‏ بعدما انتقد بعض افكار ريتشارد دوكِنز،‏ ان علماء كثيرين مستعدون لقبول الادعاءات العلمية المنافية للمنطق السليم «لأن لدينا التزاما مسبقا،‏ التزاما بمذهب المادية».‏g ويرفض علماء كثيرون حتى ان يفكروا في امكانية وجود مصمم ذكي،‏ وسبب ذلك على حد قول لِوُونتين اننا «لا نريد ان نترك اي مجال لأي تدخُّل الهي».‏

      وفي هذا الخصوص اقتبست مجلة ساينتفيك امريكان من عالِم الاجتماع رودني ستارك قوله:‏ «تروَّج منذ مئتي سنة دعاية مفادها انك اذا اردت ان يكون تفكيرك علميا،‏ فعليك ان تبقى حرًّا من اغلال الدين».‏ وهو يقول ايضا انه في الجامعات حيث تُجرى الابحاث،‏ «يعتصم المتدينون بالصمت» في حين ان «غير المتدينين يعاملونهم بتحامل».‏ ووفقا لستارك،‏ «من مصلحة الذين يحتلون المناصب العليا [في المجتمع العلمي] ان يكونوا غير متدينين».‏

      اذا اخترت ان تصدِّق فكرة التطور الجليل،‏ فعليك ان تسلِّم بأن العلماء اللاأدريين والملحدين لا يدعون معتقداتهم الشخصية تؤثر في تفسيراتهم للمكتشفات العلمية.‏ وعليك ان تؤمن بأن الطفرات والانتقاء الطبيعي انتجت جميع اشكال الحياة المعقدة،‏ رغم ان قرنا من الابحاث في بلايين الطفرات اظهر ان الطفرات لم تغيِّر حتى نوعا واحدا متميّزا وراثيا الى نوع آخر.‏ وعليك ان تؤمن ايضا ان جميع الكائنات تطورت تدريجيا من سلف مشترك،‏ رغم ان سجل الاحافير يشير على نحو لا يقبل الشك ان الاجناس الرئيسية من النبات والحيوان ظهرت فجأة ولم تتطور الى اجناس اخرى رغم مرور فترات زمنية طويلة.‏ فهل تعتقد ان الايمان بهذه الامور مؤسس على وقائع،‏ ام هو مجرد وهم؟‏

      ‏[الحواشي]‏

      a يمكن لمربّي الكلاب ان يزاوجوا بين كلابهم بطريقة انتقائية بحيث يتميز النسل بأرجل اقصر من ارجل الاسلاف او وبر اطول.‏ لكنّ التغيُّرات التي يستحدثها مربّو الكلاب بهذه الطريقة غالبا ما تنتج عن ضياع بعض الوظائف الجينية.‏ مثلا،‏ ان حجم كلاب الدَّشهند الصغير سببه نقص في نمو الغضاريف نموا طبيعيا،‏ مما ينتج التقزُّم.‏

      b في حين ان كلمة «نوع» تُستخدَم كثيرا في هذه المقالة،‏ من الجدير بالذكر انها لا ترد في سفر التكوين في الكتاب المقدس،‏ حيث تُستخدَم كلمة اشمل بكثير هي «جنس».‏ وما يرتئي العلماء تسميته «تطور نوع جديد» غالبا ما يكون مجرد تنوّع ضمن «الجنس» نفسه،‏ بالمعنى الذي تُستخدم فيه هذه الكلمة في سفر التكوين.‏

      c انظر الاطار «كيف تُصنَّف الكائنات الحية».‏

      d تُظهر الابحاث ان سيتوپلازما الخلية وأغشيتها وبنى اخرى فيها تلعب هي ايضا دورا في تحديد الشكل النهائي للكائن الحي.‏

      e ان تعليقات لونيڠ في هذه المقالة تمثل رأيه الخاص لا رأي معهد ماكس پلانك لأبحاث توليد النباتات.‏

      f اظهرت الابحاث تكرارا ان عدد الطافرات الجديدة يتدنى بثبات،‏ في حين تَظهر الطفرات نفسها مرة بعد اخرى.‏ وقد استنبط لونيڠ من هذه الظاهرة «قانون التغيُّر الوراثي المتكرر».‏ بالاضافة الى ذلك،‏ اختير اقل من ١ في المئة من الطفرات النباتية لإجراء المزيد من الابحاث عليها،‏ وتبيّن ان اقل من ١ في المئة من الطفرات المختارة صالح للتطوير التجاري.‏ وكانت نتائج الاستيلاد عن طريق الطفرات اسوأ في الحيوانات منها في النباتات،‏ وقد تم الاستغناء عن هذه الطريقة تماما.‏

      g يشير مذهب المادية هنا الى النظرية القائلة ان المادة هي الحقيقة الوحيدة او الاساسية،‏ وأن كل شيء في الكون،‏ بما في ذلك كل اشكال الحياة،‏ اتى الى الوجود دون تدخُّل فوق الطبيعة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥]‏

      ‏«لا يمكن ان تجعل الطفرات نوعا [من النباتات او الحيوانات] يتحول الى نوع جديد مختلف كليا»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦]‏

      يُظهر سجل الاحافير ان كل المجموعات الرئيسية من الحيوانات ظهرت فجأة ولم تطرأ عليها تغييرات تُذكر

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧]‏

      ان عصافير داروين،‏ ان دلت على شيء،‏ فهي تدل ان الانواع يمكنها التكيُّف مع تغيُّر المناخ

      ‏[الجدول في الصفحة ١٤]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      كيف تُصنَّف الكائنات الحية

      تُصنَّف الكائنات الحية ضمن مجموعات تزداد اتساعا ابتداء من النوع (‏species)‏،‏ وهو المجموعة الاكثر تحديدا،‏ الى العالم (‏kingdom)‏ الاكثر شمولا.‏h قارن مثلا تصنيفَي الانسان وذبابة الفاكهة كما هو ظاهر ادناه.‏

      البشر ذباب الفاكهة

      النوع melanogaster sapiens

      الجنس Drosophila Homo

      الفصيلة الانسانيات أليفات الندى

      الرتبة الرئيسيات ثنائيات الاجنحة

      الصف الثدييات الحشرات

      الشُّعبة الحَبْلِيّات مفصليات الارجل

      العالم الحيوان الحيوان

      ‏[الحاشية]‏

      h ملاحظة:‏ يذكر الاصحاح الاول من التكوين ان النباتات والحيوانات خُلقت لتتكاثر «بحسب اجناسها».‏ (‏تكوين ١:‏١٢،‏ ٢١،‏ ٢٤،‏ ٢٥‏)‏ لكن كلمة «جنس» المستخدمة في الكتاب المقدس ليست كلمة علمية،‏ ولا يجب الخلط بينها وبين اية كلمة تُستعمل في التصنيف العلمي.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      جدول مأخوذ من كتاب رموز التطور —‏ علم ام خرافة؟‏ لماذا معظم ما نعلّمه عن التطور خاطئ (‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم جوناثان ولْز.‏

      ‏[الصور في الصفحة ١٥]‏

      ذبابة الفاكهة الطافرة هذه (‏في الاعلى)‏،‏ رغم انها مشوَّهة،‏ لا تزال ذبابة فاكهة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Dr.‎ Jeremy Burgess/Photo Researchers,‎ Inc.‎ ©

      ‏[الصور في الصفحة ١٥]‏

      اظهرت ابحاث الطفرات النباتية تكرارا ان عدد الطافرات الجديدة يتدنى بثبات،‏ في حين تَظهر الطفرات نفسها مرة بعد اخرى (‏النبتة الطافرة الظاهرة هنا ازهارها اكبر)‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٣]‏

      From a Photograph by Mrs.‎ J.‎ M.‎ Cameron/ U.‎S.‎ National Archives photo

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٦]‏

      Dinosaur: © Pat Canova/Index Stock Imagery; fossils: GOH CHAI HIN/AFP/Getty Images

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٧]‏

      Finch heads: © Dr.‎ Jeremy Burgess/ Photo Researchers,‎ Inc.‎

  • لمَ نؤمن بوجود خالق
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • لمَ نؤمن بوجود خالق

      يلاحظ خبراء كثيرون في مجالات علمية عديدة وجود تصميم ذكي في الطبيعة.‏ فهم يشعرون انه لا يُعقل ان تكون الطبيعة المعقدة للحياة على الارض قد جاءت وليدة الصدفة.‏ لذلك يؤمن عدد من العلماء والباحثين بوجود خالق.‏

      وقد صار عدد من رجال العلم هؤلاء شهودا ليهوه.‏ وهم مقتنعون ان إله الكتاب المقدس هو مصمِّم وباني الكون المادي.‏ فما الذي أوصلهم الى هذه القناعة؟‏ طرحت مجلة استيقظ!‏ هذا السؤال على مجموعة منهم.‏ ولا شك انك ستجد اجوبتهم مثيرة جدا للاهتمام.‏a

      ‏‹اسرار الحياة التي لا يُسبَر غورها›‏

      ◼ ڤولف-‏إكِّهارت لونيڠ

      لمحة عن حياة:‏ قمتُ طوال السنوات الثماني والعشرين الماضية بأبحاث ودراسات علمية تُعنى بالطفرات الوراثية في النباتات.‏ وقد عملت خلال احدى وعشرين سنة منها في «معهد ماكس پلانك للأبحاث في مجال تربية النباتات» في كولون بألمانيا.‏ وأنا اخدم ايضا منذ ثلاثة عقود تقريبا كشيخ في احدى جماعات شهود يهوه.‏

      ان ابحاثي التجريبية في علم الوراثة،‏ فضلا عن دراساتي حول المسائل البيولوجية مثل علم وظائف الاعضاء وعلم الشكل،‏ جعلتني ارى ما في الحياة من اسرار عميقة لا يُسبَر غورها.‏ حقا،‏ لقد قوّت دراساتي لهذه المواضيع اقتناعي ان الحياة،‏ حتى في اشكالها الاساسية،‏ لا بد انها نجمت عن علّة ذكية.‏

      تعي الاوساط العلمية تماما مدى التعقيد الموجود في الحياة.‏ غير ان هذه الحقائق المذهلة غالبا ما تقدَّم في قالب يدعم نظرية التطوّر.‏ لكنني اعتقد ان الحجج المقدَّمة لدحض رواية الكتاب المقدس عن الخلق تصبح واهية عندما تُفحص فحصا علميا دقيقا.‏ لقد تأملت في حجج مماثلة طوال سنوات.‏ وبعد ان درست بتأنٍّ الكائنات الحية وكيف ان القوانين التي تضبط الكون تعمل معا بتناغم فائق يضمن استمرار الحياة على الارض،‏ لا يسعني إلّا ان أومن بوجود خالق.‏

      ‏‹كل ما أراقبه له علّة›‏

      ◼ بايرون ليون مِدوز

      لمحة عن حياة:‏ اعيش في الولايات المتحدة الاميركية وأعمل في مجال علم فيزياء الليزر في وكالة الطيران والفضاء الاميركية (‏ناسا)‏.‏ اشارك حاليا في تطوير تقنية تحسِّن قدرتنا على مراقبة المُناخ والطقس وغيرهما من الظواهر التي تشهدها الكواكب.‏ كما انني اخدم كشيخ في جماعة لشهود يهوه في كيلمارنوك بفيرجينيا.‏

      غالبا ما تشتمل الابحاث التي اقوم بها خلال عملي على قوانين فيزيائية.‏ فأنا احاول ان افهم سبب وكيفية حدوث بعض الامور.‏ وقد تبيّن لي بوضوح ان كل ما أراقبه في مجال تخصصي له علّة.‏ لذلك انا مقتنع ان قبول اللّٰه بوصفه العلّة الاصلية لكل ما في الطبيعة امر منطقي من الناحية العلمية.‏ فقوانين الطبيعة هي في نظري ثابتة لدرجة اننا لا نستطيع انكار وجود منظِّم او خالق وضعها وحدَّدها.‏

      ولكن اذا كانت هذه الخلاصة بديهية الى هذا الحد،‏ فلمَ يؤمن علماء كثيرون بالتطوّر؟‏ هل يُعقل ان يكوِّن مؤيدو التطوّر آراء مسبقة قبل ان يتفحصوا الأدلة المتوفرة؟‏ لن تكون هذه المرة الاولى التي يتصرف فيها العلماء على هذا النحو.‏ كما ان مراقبة امر معيّن،‏ مهما كانت واضحة،‏ لا تضمن بالضرورة التوصل الى خلاصة صحيحة.‏ لنفترض،‏ مثلا،‏ ان عالِما يجري ابحاثا في حقل فيزياء الليزر يصرّ ان الضوء هو موجات شبيهة بالموجات الصوتية،‏ وذلك لأنه غالبا ما يتصرف كموجات.‏ غير ان هذه الخلاصة ناقصة لأن الادلة تُظهر ايضا ان الضوء يتصرف كمجموعات من الجسيمات تُدعى فوتونات.‏ ينطبق الامر عينه على مؤيدي التطوّر.‏ فالعلماء الذين يصرّون ان التطوّر واقع ملموس يرتكزون في استنتاجهم هذا على جزء من الأدلة.‏ كما انهم يسمحون للخلاصات التي افترضوها مسبقا ان تؤثر في حكمهم على الادلة المتوفرة.‏

      ما أستغربه حقا هو وجود اشخاص يؤمنون بالتطوّر في حين ان «الخبراء» في التطوّر انفسهم يتجادلون حول كيفية حدوث هذه النظرية.‏ فهل يُعقل ان تصدق مثلا ان علم الحساب صحيح لو كان بعض الخبراء يقولون ان ٢ زائد ٢ يساوي ٤ في حين يقول آخرون ان الجواب هو ٣ او حتى ٦؟‏ فضلا عن ذلك،‏ اذا افترضنا ان العلم لا يقبل إلَّا ما هو مؤكد وممتحن ويمكن تكرار حدوثه،‏ فعندئذ تكون النظرية القائلة ان كل اشكال الحياة تطوّرت من سلف واحد مشترك مرفوضة علميا.‏

      ‏«ما من شيء يولَد من لا شيء»‏

      ◼ كنيث لويد تاناكا

      لمحة عن حياة:‏ انا متخصص في الجيولوجيا وأعمل حاليا في دائرة المسح الجيولوجي الاميركية في فلاڠستاف بآ‌ريزونا.‏ لقد شاركت طوال ثلاثة عقود تقريبا في ابحاث علمية في مختلف فروع الجيولوجيا،‏ بما في ذلك جيولوجيا الكواكب.‏ ونُشر الكثير من مقالاتي العلمية والخرائط الجيولوجية التي أعددتها عن كوكب المريخ في مجلات علمية معروفة.‏ وبما انني واحد من شهود يهوه،‏ فأنا أخصص شهريا حوالي ٧٠ ساعة لتشجيع الناس على قراءة الكتاب المقدس.‏

      تعلّمت ان أومن بالتطوّر،‏ لكنني لم استطع تقبّل فكرة ان الطاقة الهائلة اللازمة لنشوء الكون لم تصدر عن خالق جبار.‏ فما من شيء يولَد من لا شيء.‏ كما انني أعتبر الكتاب المقدس نفسه برهانا قويا على وجود خالق.‏ فهذا الكتاب يحتوي امثلة عديدة عن وقائع علمية لها علاقة بتخصصي.‏ فهو يقول مثلا ان الارض كروية ومعلّقة «على لا شيء».‏ (‏ايوب ٢٦:‏٧؛‏ اشعيا ٤٠:‏٢٢‏)‏ وقد دُوّنت هذه الوقائع في الكتاب المقدس قبلما تمكَّن البشر من التثبت منها بوقت طويل.‏

      لنفكّر قليلا في الطريقة التي صُنعنا بها.‏ فنحن نملك ادراكا حسيا،‏ وعيا ذاتيا،‏ قدرة على التفكير بذكاء،‏ مشاعر،‏ ومقدرة على التواصل.‏ ويمكننا على وجه الخصوص ان نشعر بالمحبة،‏ نقدّرها،‏ ونعرب عنها.‏ وتعجز نظرية التطوّر عن تعليل هذه الميزات البشرية الرائعة.‏

      فضلا عن ذلك،‏ اسأل نفسك:‏ ‹هل يمكن حقا الوثوق بمصادر المعلومات التي تُستخدم لدعم نظرية التطوّر؟‏›.‏ فالسجل الجيولوجي ناقص،‏ معقد،‏ ومحيِّر.‏ وقد حاول مؤيدو التطوّر اثبات نظريتهم هذه بواسطة التجارب المخبرية،‏ لكنهم فشلوا في تقديم براهين جازمة تؤكد صحتها.‏ ومع ان العلماء يعتمدون عادة تقنيات بحث جيدة للحصول على البيانات،‏ غالبا ما يتأثرون بدوافعهم الانانية عند تحليل وتفسير ما توصلوا اليه.‏ فمن الشائع ان يروّج العلماء افكارهم الخاصة عندما تكون البيانات التي حصلوا عليها متضاربة او غير حاسمة.‏ فسيرتهم المهنية ونظرتهم الى انفسهم لهما تأثير كبير في هذا المجال.‏

      لذلك سواء كنت ادرس الكتاب المقدس او اجري ابحاثا علمية،‏ فأنا افتش دوما عن الحقيقة الكاملة التي تنسجم مع كافة المعطيات والملاحظات،‏ وذلك بغية التوصل الى ادق فهم ممكن.‏ وأعتقد ان الايمان بالخالق هو التفكير المنطقي بحد ذاته.‏

      ‏«تعكس الخلية بكل وضوح وجود تصميم لا يمكن تجاهله»‏

      ◼ پولا كينتشيلو

      لمحة عن حياة:‏ اقوم منذ سنوات عديدة بأبحاث حول علم الاحياء الخلوي والجزيئي وعلم الاحياء المجهرية.‏ اعمل حاليا في جامعة إموري في أتلانتا بجورجيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ وأنا اعلّم مجانا الكتاب المقدس للجالية الروسية.‏

      بحكم دراساتي البيولوجية،‏ امضيت اربع سنوات في تفحص الخلية ومكوّناتها.‏ وكلما تعمّقت في المعرفة عن الدَّنا DNA،‏ الرَّنا RNA،‏ البروتينات،‏ والمسارات الأيضية،‏ ازددت اعجابا بمدى التعقيد والتنظيم والدقة في الخلية.‏ لقد اذهلني الكمّ الهائل من المعلومات التي جمعها الانسان عن الخلية.‏ لكنني تأثرت اكثر حين ادركت كم عليه ان يتعلم بعد.‏ حقا،‏ تعكس الخلية بكل وضوح وجود تصميم لا يمكن تجاهله،‏ وهذا احد الامور التي جعلتني أومن باللّٰه.‏

      لقد عرفت خلال درسي الكتاب المقدس مَن هو الخالق،‏ انه يهوه اللّٰه.‏ وأنا مقتنعة انه ليس مصمِّما مبدعا فحسب،‏ بل هو ايضا اب حنون ومحبّ يهتم بنا.‏ فضلا عن ذلك،‏ يوضح الكتاب المقدس القصد من الحياة ويمنح البشر رجاء بالعيش حياة سعيدة في المستقبل.‏

      ربما يشعر الاحداث الذين يتعلمون نظرية التطوّر في المدرسة انهم ما عادوا واثقين بماذا يؤمنون.‏ وقد يمرون بفترة من الضياع.‏ وإذا كانوا يؤمنون باللّٰه،‏ فسيشكل ذلك امتحانا لإيمانهم.‏ ولكن بإمكانهم ان يتخطوا هذا الامتحان بنجاح عندما يتأملون في الأمور الرائعة الموجودة في الطبيعة من حولنا ويواصلون نموهم في المعرفة عن الخالق وصفاته.‏ هذا ما فعلته انا،‏ وقد استخلصت في النهاية ان رواية الكتاب المقدس عن الخلق دقيقة ولا تتعارض مع العلم الصحيح والمثبَّت.‏

      ‏«البساطة المذهلة للقوانين»‏

      ◼ إِنريكِه إِرناندِس لَيموس

      لمحة عن حياة:‏ انا خادم كامل الوقت من شهود يهوه،‏ كما اني متخصص في الفيزياء النظرية.‏ اعمل اليوم في الجامعة الوطنية في المكسيك،‏ وأنا احاول حاليا ايجاد تفسير لإحدى آليات ولادة النجوم المعروفة بانهيار النواة (‏gravothermal catastrophe او core collapse)‏،‏ تفسير يكون منسجما مع مبادئ التحريك الحراري.‏ وقد تناولَتْ ايضا الابحاث التي اجريتها تعقيد تسلسل وحدات الدَّنا DNA.‏

      الحياة اكثر تعقيدا من ان تكون وليدة الصدفة.‏ تأمل على سبيل المثال في الكمّ الهائل من المعلومات التي يحتويها جُزَيء الدَّنا DNA.‏ وإذا حاولنا ان نحدد حسابيا احتمال نشوء صِبغي واحد بالصدفة،‏ نجد انه اقل من ١ من ٩ تريليونات.‏ وهذا احتمال بعيد جدا بحيث يمكننا اعتباره مستحيلا.‏ لذلك اظن ان من الحماقة الاعتقاد ان قوى عمياء تستطيع ان تخلق صِبغيا واحدا.‏ فإن كان ذلك ينطبق على مجرد صِبغي واحد،‏ فكم بالاحرى كلّ هذا التعقيد المذهل في الكائنات الحية!‏

      علاوة على ذلك،‏ عندما ادرس تصرف المادة الشديد التعقيد،‏ من شكلها المجهري الى حركة الغيوم النجمية الهائلة في الفضاء،‏ اقف حائرا امام البساطة المذهلة للقوانين التي تضبط حركتها.‏ فهذه القوانين في نظري ليست مجرد عمل رياضي ماهر،‏ بل هي اشبه بتوقيع فنان مبدع.‏

      غالبا ما ترتسم علامات الدهشة على وجوه الناس حين اخبرهم انني واحد من شهود يهوه.‏ حتى انهم يسألونني احيانا كيف يمكنني ان أومن باللّٰه.‏ وأنا اتفهم ردة فعلهم هذه لأن معظم الاديان لا تشجع أتباعها ان يبحثوا عن ادلة تبرهن ما يتعلمونه او يتأكدوا من صحة معتقداتهم.‏ لكنّ الكتاب المقدس يشجعنا ان نستخدم ‹مقدرتنا التفكيرية›.‏ (‏امثال ٣:‏٢١‏)‏ نعم،‏ ان كل هذه الأدلة على وجود تصميم ذكي في الطبيعة،‏ فضلا عن الأدلة التي يقدمها الكتاب المقدس،‏ تجعلني مقتنعا تماما ان اللّٰه موجود وأنه يسمع صلواتنا ايضا.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ان وجهات نظر الخبراء الوارد ذكرهم في هذه المقالة لا تعكس بالضرورة وجهة نظر ارباب عملهم.‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٢٢]‏

      Mars in background: Courtesy USGS Astrogeology Research Program,‎ http://astrogeology.‎usgs.‎gov

  • انماط محيّرة في عالم النبات
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • انماط محيّرة في عالم النبات

      هل لاحظت يوما ان نباتات كثيرة تتخذ عند نموّها اشكالا لولبية؟‏ فثمرة الأناناس،‏ مثلا،‏ لها ٨ اوراق حرشفية لولبية الشكل تنمو في اتجاه معيّن و ٥ او ١٣ ورقة اخرى تنمو في الاتجاه المعاكس.‏ (‏انظر الصورة ١.‏‏)‏ وإذا تأملت في بزور زهرة دوّار الشمس،‏ ترى ٥٥ و ٨٩ شكلا لولبيا او اكثر تتداخل وتتكدَّس بعضها فوق بعض.‏ وهنالك ايضا اشكال مماثلة في نبتة القُنَّبيط.‏ وعندما تعتاد ملاحظة هذه الاشكال اللولبية،‏ ستشعر دون شك بمتعة اكبر خلال زيارتك متجر الخضار والفاكهة.‏ ولكن لماذا تنمو النباتات بهذه الطريقة؟‏ وهل لعدد الاشكال اللولبية اية دلالة؟‏

      كيف تنمو النباتات؟‏

      في معظم النباتات،‏ تنمو الاعضاء الجديدة كالساق والاوراق والازهار من نقطة نمو مركزية تدعى النسيج الإنشائي.‏ وكل مجموعة جديدة من الخلايا التي تكبر وتنمو من هذه النقطة المركزية تسمى بُداءة.‏ تتخذ كل بُداءة عند نموها اتجاها مختلفا،‏ مشكِّلة مع البُداءة التي نمت قبلها زاوية محددة.‏a (‏انظر الصورة ٢.‏‏)‏ ونمو هذه البُداءات بزاوية معيّنة هو ما يؤدي الى ظهور الاشكال اللولبية.‏ ولكن كم تساوي هذه الزاوية؟‏

      تأمل في مدى صعوبة هذا التصميم المذهل.‏ تخيّل نفسك تصمِّم نبتة يكون فيها كل نمو جديد،‏ او بُداءة،‏ في مكانه المحدد حول نقطة النمو المركزية،‏ بحيث لا تبقى فيها اية فراغات.‏ ولنفترض انك اخترت ان تجعل كل بُداءة تنمو بزاوية قدرها ٥/‏٢ من الدائرة بالنسبة الى النمو السابق.‏ لكنك في هذه الحالة ستواجه مشكلة،‏ إذ ان كل بُداءة خامسة ستنمو من النقطة نفسها وتتخذ الاتجاه عينه.‏ نتيجة لذلك،‏ تتشكل صفوف تتخللها فراغات.‏ ‏(‏انظر الصورة ٣.‏)‏ وفي الواقع،‏ ان مطلق زاوية تختارها ويمكن التعبير عنها بكسر بسيط (‏simple fraction)‏ ستؤدي الى تشكّل صفوف تتخللها فراغات،‏ عوض ان تتكدَّس البُداءات دون فراغات بينها.‏ وما من زاوية غير «الزاوية المثالية» التي تساوي تقريبا ٥‏,١٣٧ تتيح لك الحصول على ترتيب مثالي خالٍ من الفراغات.‏ ‏(‏انظر الصورة ٥.‏)‏ ولكن ما المميّز في هذه الزاوية؟‏

      تُعتبر الزاوية المثالية زاوية مميزة،‏ إذ لا يمكن كتابتها على شكل كسر بسيط للدائرة.‏ صحيح ان الكسر ٨/‏٥ يكاد يوازيها والكسر ١٣/‏٨ اقرب اليها والكسر ٢١/‏١٣ أقرب بعد،‏ ولكن ما من كسر يعادل تماما الزاوية المثالية.‏ لذلك،‏ عندما تنمو البُداءة الجديدة من النسيج الانشائي مشكِّلة مع النمو السابق زاوية تعادل الزاوية المثالية بالتمام،‏ لا نجد مطلقا بُداءتين تنموان في الاتجاه عينه.‏ ‏(‏انظر الصورة ٤.‏)‏ ونتيجة لذلك،‏ تتخذ البُداءات اشكالا لولبية عوض ان تنمو في اشكال شعاعية.‏

      عند محاولة استخدام الكمبيوتر لتقليد نمو البُداءات من نقطة مركزية،‏ نلاحظ ان الاشكال اللولبية لا تظهر واضحة ما لم تكن الزاوية بين البُداءات دقيقة للغاية.‏ فهذه الاشكال لا تبدو جلية حتى لو لم يتجاوز الفرق بين الزاوية التي تُستخدم والزاوية المثالية عُشْر درجة.‏ —‏ انظر الصورة ٥.‏

      كم يبلغ عدد التُّويجيات في الزهرة؟‏

      من المثير للاهتمام ان عدد الاشكال اللولبية التي تنجم عن نمو البُداءات وفق الزاوية المثالية يوازي عادة احد الارقام المدرجة في متتالية فيبوناشي.‏ وضع هذه المتتالية ليوناردو فيبوناشي،‏ عالِم رياضيات ايطالي عاش في القرن الثالث عشر.‏ ويساوي كل عدد فيها مجموع العددين السابقين.‏ وهي تبدأ كالتالي:‏ ١،‏ ١،‏ ٢،‏ ٣،‏ ٥،‏ ٨،‏ ١٣،‏ ٢١،‏ ٣٤،‏ ٥٥،‏ وهكذا دواليك.‏

      ان عدد تُويجيات الازهار في العديد من النباتات التي تتخذ عند نموها اشكالا لولبية غالبا ما يوازي احد الارقام في متتالية فيبوناشي.‏ مثلا،‏ يقول بعض المراقبين انهم يلاحظون عادة وجود ٥ تُويجيات في أزهار الحَوْذان،‏ ٨ في ازهار الدموية،‏ ١٣ في السِّنفيّة الضيّقة الورق،‏ ٢١ في النجمية،‏ ٣٤ في المَرغريتا الصغرى العادية،‏ و ٥٥ او ٨٩ في نجمية نيو انڠلند.‏ ‏(‏انظر الصورة ٦.‏)‏ كما ان الفواكه والخضر غالبا ما تتميز بخصائص تتلاءم مع تسلسل الارقام في متتالية فيبوناشي.‏ على سبيل المثال،‏ اذا تأملنا في مقطع عرضي لموزة نرى ان لها خمسة جوانب.‏

      ‏«عمل كل شيء حسنا»‏

      ادرك الفنانون منذ زمن بعيد ان الزاوية المثالية تجعل الاشياء تبدو بأفضل مظهر ممكن.‏ ولكن لماذا تنمو البُداءات الجديدة في النباتات بهذه الزاوية المحيّرة بالتحديد؟‏ يعتقد كثيرون ان ذلك هو برهان اضافي على وجود تصميم ذكي في الكائنات الحية.‏

      فعندما يتأملون تصميم الكائنات الحية ويدركون قدرة الانسان على ايجاد المتعة فيها،‏ يرون فيها برهانا على وجود خالق يريد ان نتمتع بالحياة.‏ فقد قال الكتاب المقدس عن خالقنا:‏ «عمل كل شيء حسنا في وقته».‏ —‏ جامعة ٣:‏١١‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a من الجدير بالملاحظ ان دوّار الشمس يمتاز عن غيره من النباتات بأن الاشكال اللولبية التي تشكلها زُهيراته التي تصبح لاحقا بزورا تبدأ بالتشكل من طرف القرص عوض الوسط.‏

      ‏[الرسوم في الصفحتين ٢٤ و ٢٥]‏

      صورة ١

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      صورة ٢

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      صورة ٣

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      صورة ٤

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      صورة ٥

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      صورة ٦

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٤]‏

      صورة عن قرب للنسيج الإنشائي

      ‏[مصدر الصورة]‏

      R.‎ Rutishauser,‎ University of Zurich,‎ Switzerland

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٢٥]‏

      White flower: Thomas G.‎ Barnes @ USDA-NRCS PLANTS Database

  • هل يهمّ ما تؤمن به؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • هل يهمّ ما تؤمن به؟‏

      هل تعتقد ان هنالك قصدا للحياة؟‏ اذا كان التطور حقيقة،‏ فإن العبارة الواردة في مجلة ساينتفيك امريكان صحيحة ايضا.‏ فهي تقول:‏ «ان مفهومنا العصري للتطور يشير الى .‏ .‏ .‏ عدم وجود معنى جوهري للحياة».‏

      تأمل في ابعاد هذه الكلمات.‏ اذا غاب المعنى الجوهري للحياة،‏ فسيقتصر هدفك على القيام ببعض الاعمال الصالحة وربما نقل سماتك الوراثية الى الجيل التالي.‏ وحين تموت،‏ ستغيب عن الوجود الى الابد.‏ ولن يكون دماغك،‏ بكل قدرته على التفكير والتحليل والتأمل في معنى الحياة،‏ سوى وليد صدفة اوجدتها الطبيعة.‏

      ولا يتوقف الامر عند هذا الحدّ.‏ فكثيرون ممن يؤمنون بالتطور يؤكدون ان اللّٰه غير موجود او انه لا يتدخل في شؤون البشر.‏ وفي كلتا الحالتين،‏ سيكون مستقبلنا بين ايدي القادة السياسيين والدينيين ورجال العِلم.‏ وبسبب سجلهم الحافل،‏ يُقدَّر ان الفوضى والنزاعات والفساد ستستمر في تقويض المجتمع البشري.‏ وإذا كان التطور حقيقة،‏ فسيكون هنالك سبب وجيه للعيش وفق الشعار الذي يؤمن به الجبريون:‏ «لنأكل ونشرب،‏ لأننا غدا نموت».‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٣٢‏.‏

      ولكن ما لا شك فيه هو ان شهود يهوه لا يؤيدون مطلقا الافكار المذكورة آنفا.‏ كما انهم لا يقبلون الاساس الذي بُنيت عليه هذه الافكار،‏ اي نظرية التطور.‏ على العكس،‏ يؤمن الشهود بأن الكتاب المقدس هو حق.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ وهم بالتالي يؤمنون بما تذكره كلمة اللّٰه حين تخبر كيف أتينا الى الوجود،‏ اذ تقول:‏ «لأن عندك [اللّٰه] ينبوع الحياة».‏ (‏مزمور ٣٦:‏٩‏)‏ ولهذه الكلمات مضامين عميقة.‏

      فالحياة لها معنى.‏ ولدى خالقنا قصد حبي يشمل كل الذين يختارون ان يعيشوا بحسب مشيئته.‏ (‏جامعة ١٢:‏١٣‏)‏ ويتضمن هذا القصد الوعد بحياة خالية من الفوضى والنزاعات والفساد —‏ وحتى من الموت.‏ (‏اشعيا ٢:‏٤؛‏ ٢٥:‏٦-‏٨‏)‏ ويمكن ان يثبَّت الملايين من شهود يهوه في العالم بأسره انه ما من شيء يمكن ان يعطي معنى للحياة كالتعلُّم عن اللّٰه وفعل مشيئته.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      ان ما تؤمن به هو مهم حقا.‏ فهو لا يؤثر في سعادتك الحالية فحسب،‏ بل في حياتك المستقبلية ايضا.‏ لكنّ الخيار يعود لك.‏ فهل تصدق نظرية فشلت في اعطاء حجج تدحض الدلائل المتزايدة التي تشير الى وجود مصمِّم للطبيعة؟‏ ام تقبل ما يذكره الكتاب المقدس،‏ اي ان الارض والحياة عليها هما نتاج المصمِّم العظيم يهوه،‏ الاله الذي ‹خلق كل الأشياء›؟‏ —‏ رؤيا ٤:‏١١‏.‏

  • هل يناقض العِلم رواية سفر التكوين؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • وجهة نظر الكتاب المقدس

      هل يناقض العِلم رواية سفر التكوين؟‏

      يدّعي اشخاص كثيرون ان العِلم يدحض رواية الخلق المسجَّلة في الكتاب المقدس.‏ لكنّ التناقض الحقيقي هو بين العِلم ومعتقدات مَن يُدعَون اصوليين مسيحيين،‏ وليس الكتاب المقدس.‏ فبعض هذه الفرق تدّعي خطأً ان الكتاب المقدس يعلّم ان الخليقة المادية بكاملها أتت الى الوجود في ستة ايام حرفية منذ حوالي عشرة آلاف سنة.‏

      غير ان كلمة اللّٰه لا تؤيد ادعاء كهذا.‏ فلو كانت كذلك،‏ لكانت الاكتشافات العلمية العديدة التي جرى التوصّل اليها خلال المئة سنة الماضية تشكك في مصداقية الكتاب المقدس.‏ كما ان الدراسة المتعمِّقة لنص الكتاب المقدس تُظهر بوضوح انه لا يتناقض مع الحقائق العلمية المثبتة.‏ لذلك يختلف شهود يهوه في الرأي مع الاصوليين «المسيحيين» وعديدين من مؤيدي ‏«نظرية الخلق».‏ وسنناقش في ما يلي ما يعلّمه الكتاب المقدس حقا.‏

      متى كان «البدء»؟‏

      تبدأ رواية سفر التكوين بعبارة بسيطة انما ذات اهمية كبيرة:‏ «في البدء خلق اللّٰه السموات والارض».‏ (‏تكوين ١:‏١‏)‏ يوافق علماء الكتاب المقدس ان هذا العدد يصف حدثا منفصلا عن الايام الخلقية المذكورة من العدد الثالث فصاعدا.‏ ولهذه الآية مدلول عميق.‏ فالكون،‏ بما في ذلك كوكبنا الارض،‏ كان موجودا لوقت غير محدد قبل ان تبدأ الايام الخلقية.‏

      يقدّر الجيولوجيون ان عمر الارض هو حوالي اربعة بلايين سنة،‏ اما الفلكيون فيقدّرون عمر الكون بخمسة عشر بليون سنة تقريبا.‏ فهل تتناقض هذه الاكتشافات،‏ والتحسينات التي قد يُدخلها العلماء اليها في المستقبل،‏ مع ما تذكره التكوين ١:‏١‏؟‏ كلا،‏ لأن الكتاب المقدس لا يحدد العمر الفعلي ‹للسموات والارض›.‏ فالعِلم اذًا لا يدحض نص الكتاب المقدس.‏

      كم كان طول الايام الخلقية؟‏

      ماذا عن الايام الخلقية وكم كان طول كل يوم منها؟‏ وهل كان كل يوم مؤلَّفا من ٢٤ ساعة حرفية؟‏ يدعي البعض ان طول كل يوم خلقي هو اربع وعشرون ساعة حرفية،‏ ذلك لأن موسى،‏ كاتب سفر التكوين،‏ اشار لاحقا الى الايام الخلقية الستة واعتبرها نموذجا للسبت الاسبوعي.‏ (‏خروج ٢٠:‏١١‏)‏ فهل يجيز لنا نص سفر التكوين التوصل الى هذا الاستنتاج؟‏

      كلا،‏ فالكلمة العبرانية المترجمة الى «يوم» يمكن ان تشير الى فترات زمنية مختلفة،‏ وليس فقط الى فترة مؤلفة من اربع وعشرين ساعة.‏ على سبيل المثال،‏ حين لخص موسى عمل اللّٰه الخلقي،‏ اشار الى كل الايام الخلقية الستة على انها يوم واحد.‏ (‏تكوين ٢:‏٤‏)‏ من الواضح اذًا انه لا يوجد في الاسفار المقدسة اي مبرّر لكي يدّعي المرء ان طول كل يوم من الايام الخلقية هو ٢٤ ساعة فقط.‏

      فكم يبلغ طول الايام الخلقية اذًا؟‏ يشير نص التكوين في الاصحاحين ١ و ٢ الى ان هذه الايام شملت فترات طويلة من الزمن.‏

      الخليقة تظهر تدريجيا

      كتب موسى رواية الخلق بالعبرانية،‏ وقد كتبها من وجهة نظر شخص يعيش على الارض.‏ ان درايتنا بهذين الامرين،‏ فضلا عن معرفتنا ان الكون وُجد قبل بداية الفترات او ‹الايام› الخلقية،‏ تساهم في حل الكثير من الجدل الدائر حول رواية الخلق.‏ كيف ذلك؟‏

      ان التأمل بعناية في رواية التكوين يكشف ان بعض الحوادث كانت تبدأ في احد ‹الايام› الخلقية وتستمر في اليوم او الايام التالية.‏ على سبيل المثال،‏ قبل ان يبدأ ‹اليوم› الخلقي الاول،‏ ربما كانت الغيوم الكثيفة السبب في حجب النور القادم من الشمس التي كانت موجودة اساسا،‏ فلم يبلغ سطح الارض.‏ (‏ايوب ٣٨:‏٩‏)‏ ولكن خلال ‹اليوم› الاول،‏ بدأ هذا الحاجز ينقشع شيئا فشيئا سامحا بالتالي للضوء المنتثر ان يخترق الغلاف الجوي.‏a

      وفي «اليوم» الثاني،‏ يتبيَّن ان الغلاف الجوي اصبح اكثر صفاء،‏ مما افسح المجال لظهور الجلد الذي يفصل بين الغيوم في الاعلى والبحر في الاسفل.‏ اما في «اليوم» الرابع،‏ فقد ازداد الغلاف الجوي صفاء الى حد انه صارت رؤية الشمس والقمر «في جلد السماء» ممكنة.‏ (‏تكوين ١:‏١٤-‏١٦‏)‏ بكلمات اخرى،‏ صار بإمكان شخص يعيش على الارض ان يرى الشمس والقمر.‏ وقد حدثت كل هذه الامور تدريجيا.‏

      تذكر رواية سفر التكوين ايضا انه فيما كان الغلاف الجوي يصفو تدريجيا،‏ بدأت تظهر في ‹اليوم› الخامس مخلوقاتٌ طائرة،‏ من بينها الحشرات والمخلوقات ذات الاجنحة الغشائية.‏ لكنّ الكتاب المقدس يشير ايضا الى انه خلال ‹اليوم› السادس،‏ كان اللّٰه لا يزال «يجبل من الارض كل وحوش الحقل وكل طيور السماء».‏ —‏ تكوين ٢:‏١٩‏.‏

      ويتضح من لغة الكتاب المقدس ان الحوادث الرئيسية خلال كل «يوم» خلقي لم تكن تحصل بطريقة فجائية بل بشكل تدريجي.‏ ولربما استمرت بعض هذه الحوادث في ‹الايام› الخلقية التالية.‏

      بحسب اجناسها

      هل يعني الظهور التدريجي للنباتات والحيوانات ان اللّٰه استخدم عملية التطور لينتج هذا التنوّع الهائل من المخلوقات الحية؟‏ كلا،‏ لأن السجل يذكر بوضوح ان اللّٰه خلق كل ‹الاجناس› الاساسية للحيوانات والنباتات.‏ (‏تكوين ١:‏١١،‏ ١٢،‏ ٢٠-‏٢٥‏)‏ ولكن هل بُرمجت هذه ‹الاجناس› الاساسية لتتأقلم مع التغييرات التي تحصل في بيئتها؟‏ ما هي الحدود الفاصلة بين «جنس» وآخر؟‏ لا يجيبنا الكتاب المقدس عن هذين السؤالين.‏ إلا انه يذكر ان الارض عجّت بالمخلوقات الحية كلٌّ ‹بحسب جنسه›.‏ (‏تكوين ١:‏٢١‏)‏ تظهر هذه العبارة ان هنالك حدًّا للتنوّع الذي يحصل ضمن احد ‹الاجناس›.‏ كما ان كلًّا من السجلات الاحفورية والابحاث المعاصرة يدعم الرأي القائل ان اصناف النباتات والحيوانات الرئيسية لم تتغيّر كثيرا على مر العصور الطويلة الماضية.‏

      اذًا،‏ لا يوافق سفر التكوين على ادّعاءات بعض الاصوليين المسيحيين ان الكون (‏بما في ذلك الارض وكل ما عليها)‏ خُلق خلال فترة زمنية قصيرة في الماضي القريب نسبيا.‏ بل ينسجم وصف سفر التكوين لخلق الكون وظهور الحياة على الارض مع الكثير من الاكتشافات العلمية الحديثة.‏

      ولأن علماء كثيرين لديهم معتقداتهم الفلسفية الخاصة،‏ فهم يرفضون ما يقوله الكتاب المقدس ان اللّٰه خلق كل شيء.‏ ولكن ما يثير الاهتمام هو ان موسى كتب قديما في سفر التكوين انه كانت للكون بداية وأن الحياة ظهرت تدريجيا على مر فترات طويلة من الزمن.‏ فكيف تمكّن موسى من الحصول على هذه المعلومات العلمية الدقيقة منذ حوالي ٥٠٠‏,٣ سنة؟‏ لا يوجد سوى تفسير منطقي واحد.‏ ان الشخصية الوحيدة التي تملك القدرة والحكمة لتخلق السماوات والارض هي مَن اعطى موسى هذه المعرفة العلمية الدقيقة السابقة لعصرها.‏ وهذا الامر يعطي وزنا كبيرا لادعاء الاسفار المقدسة انها «موحى بها من اللّٰه».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏.‏

      هل تساءلت؟‏

      ◼ منذ متى خلق اللّٰه الكون؟‏ —‏ تكوين ١:‏١‏.‏

      ◼ هل خُلقت الارض في ستة ايام يبلغ طول كل منها ٢٤ ساعة؟‏ —‏ تكوين ٢:‏٤‏.‏

      ◼ ما الذي يجعل كتابات موسى عن بداية الارض دقيقة من الناحية العلمية؟‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a عند وصف ما حدث في ‹اليوم› الاول،‏ تُستعمل الكلمة العبرانية أور مقابل ضوء وهي تشير الى الضوء بمعناه العام.‏ اما في ما يتعلق ‹باليوم› الرابع،‏ فتُستعمل كلمة ماؤور التي تشير الى مصدر النور.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩]‏

      لا يعلِّم سفر التكوين ان الكون خُلق خلال فترة زمنية قصيرة في الماضي القريب نسبيا

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٠]‏

      ‏«في البدء خلق اللّٰه السموات والأرض».‏ —‏ تكوين ١:‏١

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٨]‏

      Universe: IAC/RGO/David Malin Images

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٢٠]‏

      NASA photo

  • كيف ادافع عن ايماني بالخَلق؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٦ | ايلول (‏سبتمبر)‏
    • الاحداث يسألون .‏ .‏ .‏

      كيف ادافع عن ايماني بالخَلق؟‏

      ‏«حين أُثير موضوع التطور في الصف شكّل ذلك تحديا لكل ما تعلمته.‏ لقد عُرضت هذه النظرية وكأنها واقع ملموس،‏ فأرعبني ذلك».‏ —‏ راين،‏ ١٨ سنة.‏

      ‏«عندما كنت في الثانية عشرة من عمري،‏ كانت احدى مدرِّساتي من مؤيدي التطور الغيورين.‏ فجعلني ذلك اتردّد في المجاهرة بإيماني بالخَلق».‏ —‏ تايلر،‏ ١٩ سنة.‏

      ‏«استولى عليّ الذعر حين قالت معلمة الدراسات الاجتماعية ان درسنا التالي سيتناول موضوع التطور.‏ فقد ادركتُ انني سأُضطر الى شرح موقفي من هذه المسألة المثيرة للجدل».‏ —‏ راكيل،‏ ١٤ سنة.‏

      لربما تشعر انت ايضا بالتوتر مثل راين،‏ تايلر،‏ وراكيل كلما أُثير موضوع التطور في الصف.‏ فأنت تؤمن بأن اللّٰه ‹خلق كل الاشياء›.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١‏)‏ كما انك ترى من حولك ادلة كثيرة تبرهن وجود تصميم ذكي.‏ لكنّ الكتب والاساتذة يقولون اننا تطورنا.‏ فتسأل نفسك:‏ ‹مَن انا لأجادل «الخبراء»؟‏ وماذا سيكون رد فعل رفقائي اذا بدأت بالتكلم عن .‏ .‏ .‏ اللّٰه؟‏›.‏

      اذا تبادرَت الى ذهنك مثل هذه الاسئلة،‏ فلا تقلق!‏ انت لست الوحيد الذي يؤمن بالخَلق.‏ فالعديد من العلماء والمعلِّمين يرفضون نظرية التطور.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ يؤمن ٤ من كل ٥ تلامذة بوجود خالق رغم ما تقوله الكتب الدراسية.‏

      ولكن قد تتساءل:‏ ‹كيف يمكنني ان ادافع عن ايماني بالخَلق؟‏›.‏ تأكد ان بإمكانك التعبير عن موقفك بكل ثقة حتى لو كنتَ خجولا.‏ لكنّ المسألة تحتاج الى بعض الاستعداد.‏

      امتحن ايمانك!‏

      اذا كنت من عائلة مسيحية،‏ فربما تؤمن بالخَلق بسبب ما علّمك اياه والداك وحسب.‏ لكنك الآن،‏ فيما تكبر،‏ قد ترغب في ان تعبد اللّٰه ‹بقوتك العقلية›،‏ بانيا ايمانك على اسس متينة.‏ (‏روما ١٢:‏١‏)‏ لقد شجع بولس مسيحيي القرن الاول ان ‹يتيقنوا من كل شيء›.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏٢١‏)‏ فكيف يمكنك ان تتيقن من إيمانك بالخَلق؟‏

      اولا،‏ لاحظ ما قاله بولس عن اللّٰه.‏ فقد كتب:‏ «ان صفاته غير المنظورة،‏ اي قدرته السرمدية وألوهته،‏ تُرى بوضوح منذ خلق العالم،‏ لأنها تدرَك بالمصنوعات،‏ حتى إنهم بلا عذر».‏ (‏روما ١:‏٢٠‏)‏ أبقِ في ذهنك هذه الكلمات فيما تتأمل مليا في جسم الانسان،‏ كوكب الارض،‏ الكون الفسيح،‏ وأعماق المحيطات.‏ ألقِ نظرة عن كثب على العالم المذهل للحشرات،‏ النباتات،‏ الحيوانات،‏ او اي موضوع آخر قد يثير اهتمامك انت.‏ ثم استعمل ‹قوتك العقلية› واسأل نفسك:‏ ‹لمَ انا مقتنع بوجود خالق؟‏›.‏

      للاجابة عن هذا السؤال،‏ اختار سام البالغ من العمر ١٤ سنة جسم الانسان.‏ يقول:‏ «انه معقد جدا وفيه الكثير من التفاصيل الدقيقة.‏ وكل اعضائه تعمل معا بانسجام تام.‏ لذلك يستحيل ان يكون جسم الانسان قد تطوّر».‏ وتثني هولي ابنة السادسة عشرة على رأيه قائلة:‏ «مذ شخَّص الطبيب انني مصابة بالداء السكري تعلّمت الكثير عن وظائف الجسم.‏ فمن المدهش مثلا ان نرى كيف يقوم البنكرياس،‏ وهو مجرد عضو صغير يقع خلف المعدة،‏ بعمل جبار اذ يساعد الدم وباقي اعضاء الجسم على الاستمرار في تأدية وظائفها».‏

      وينظر بعض الاحداث الى المسألة بمنظار آخر.‏ يقول جارد البالغ من العمر ١٩ سنة:‏ «اكبر دليل على وجود خالق هو ان لدينا ميلا روحيا وتقديرا للجمال ورغبة في التعلّم.‏ وهذه السمات ليست ضرورية لبقائنا على قيد الحياة،‏ بعكس ما تريد نظرية التطور ان نعتقد.‏ والتفسير الوحيد الذي يبدو لي منطقيا هو ان هنالك مَن اوجدنا وأراد ان نتمتع بالحياة».‏ وقد توصل تايلر المذكور في مستهل المقالة الى استنتاج مشابه.‏ يقول:‏ «حين افكر كيف تدعم النباتات الحياة وأتأمل في طريقة صنعها المعقدة التي تفوق ادراك الانسان،‏ اقتنع بوجود خالق».‏

      من الاسهل ان تدافع عن موضوع الخَلق اذا فكرت فيه مليا واقتنعت به اقتناعا تاما.‏ لذلك،‏ تمثّل بما فعله سام وهولي وجارد وتايلر وخصِّص بعض الوقت لتتأمل في العجائب التي صنعها اللّٰه.‏ ثم «اصغِ» الى ما «تخبرك» به الخليقة.‏ ولا شك انك ستصل الى الخلاصة نفسها التي وصل اليها الرسول بولس،‏ وهي ان اللّٰه موجود حقا وأن صفاته «تُدرك بالمصنوعات».‏a

      اعرفْ ما يعلّمه الكتاب المقدس حقا

      بالاضافة الى التأمل مليا في الامور التي صنعها اللّٰه،‏ يلزم ايضا ان تعرف ما يعلّمه الكتاب المقدس حقا لتتمكن من الدفاع عن موضوع الخَلق.‏ ولكن لا تقف عند المسائل التي لا يأتي الكتاب المقدس على ذكرها بشكل مباشر.‏ إليك بعض الامثلة.‏

      ▪ يقول كتاب العلوم الذي ادرس فيه ان الارض والنظام الشمسي موجودان منذ بلايين السنين.‏ لا يعلّق الكتاب المقدس على عمر الارض او النظام الشمسي،‏ بل ينسجم ما يقوله مع فكرة وجود الكون قبل بداية «اليوم» الخَلقي الاول ببلايين السنين.‏ —‏ تكوين ١:‏١،‏ ٢‏.‏

      ▪ يقول استاذي ان الارض لا يمكن ان تكون قد خُلقت في ستة ايام فقط.‏ لا يقول الكتاب المقدس ان كل يوم من الايام الخَلقية الستة مؤلف حرفيا من ٢٤ ساعة.‏ لمزيد من المعلومات،‏ راجع الصفحات ١٨ الى ٢٠ من هذه المجلة.‏

      ▪ ناقشنا في الصف العديد من الامثلة عن التغييرات التي طرأت على الحيوانات والبشر على مرّ الزمن.‏ يقول الكتاب المقدس ان اللّٰه خلق الكائنات الحية «بحسب اجناسها».‏ (‏تكوين ١:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ وهو لا يدعم الفكرة القائلة ان الحياة نشأت من مادة غير حية او ان اللّٰه بدأ عملية التطور من خلية واحدة.‏ ولكن هنالك امكانية وجود تنوع كبير ضمن ‹الجنس› الواحد.‏ والكتاب المقدس لا ينفي امكانية حصول هذه التغييرات ضمن نطاق ‹الجنس› الواحد فقط.‏

      ثق بمعتقداتك!‏

      ما من سبب يجعلك تشعر بالاحراج او الخجل لأنك تؤمن بالخَلق.‏ فالادلة تشير ان الايمان بأننا نتاج تصميم ذكي هو امر منطقي جدا وعلمي ايضا.‏ ويتبين ان التطور،‏ لا الخَلق،‏ هو الذي يتطلب حيازة ايمان عميق بسبب عدم توفر الادلة،‏ كما يتطلب ايضا تصديق عجائب بغياب صانع للعجائب.‏ وبعدما تطّلع على المقالات الاخرى في هذا العدد من مجلة استيقظ!‏،‏ ستقتنع دون شك بأن الادلة تدعم الخَلق.‏ وحين تستخدم قوتك العقلية وتتأمل مليا في المسألة،‏ تتعزّز ثقتك بالخَلق وتصبح اكثر استعدادا لتدافع عن ايمانك امام الصف.‏

      هذا ما اكتشفته راكيل المذكورة آنفا.‏ تقول:‏ «لم تمضِ ايام قليلة حتى ادركتُ انه لا ينبغي ان احتفظ بمعتقداتي لنفسي.‏ فأعطيت معلّمتي كتاب الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوُّر ام بالخَلق؟‏ بعد ان وضعتُ علامة على بعض المقاطع التي اردت ان ألفت انتباهها اليها.‏ لاحقا،‏ اخبرتني معلمتي ان الكتاب ساعدها ان تنظر الى التطور بمنظار مختلف تماما وأنها ستأخذ بعين الاعتبار المعلومات الموجودة فيه عند تعليم موضوع التطور».‏

      ‏[الحاشية]‏

      a استفاد احداث كثيرون من مراجعة المعلومات الواردة في مطبوعات مثل كتاب الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوُّر ام بالخَلق؟‏ وكتاب هل يوجد خالق يهتمُّ بأمركم؟‏.‏ وهذان الكتابان من اصدار شهود يهوه.‏

      نقطتان للتأمل فيهما

      ◼ ما هي بعض الطرائق التي تمكّنك من التعبير بسهولة عن ايمانك بالخَلق في المدرسة؟‏

      ◼ كيف يمكنك اظهار التقدير للذي خلق كل الاشياء؟‏ —‏ اعمال ١٧:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٧]‏

      ‏«هنالك فيض من الادلة»‏

      طُرح السؤال التالي على اختصاصية في علم الاحياء المجهرية هي واحدة من شهود يهوه:‏ «ماذا تقولين لأحداث نشأوا في عائلة مسيحية وتعلّموا ان يؤمنوا بالخَلق لكنهم الآن يتعلّمون عن التطور في المدرسة؟‏».‏ فأجابت مخاطبة هؤلاء الاحداث:‏ «ينبغي ان تعتبروا ذلك فرصة لتثبتوا لأنفسكم ان اللّٰه موجود —‏ ليس بسبب ما تعلمتموه من والديكم،‏ بل لانكم تفحصتم انتم بأنفسكم الادلة وتوصلتم الى هذا الاستنتاج.‏ حتى الاساتذة يعجزون احيانا ان ‹يثبتوا› نظرية التطور اذا ما طُلب منهم ذلك،‏ ويدركون انهم يقبلون النظرية لمجرد انهم تعلّموها.‏ قد تقعون انتم ايضا في شرك مماثل،‏ اذ تؤمنون بالخَلق لمجرد ان هذا ما تعلمتموه.‏ لذلك من المهم ان تبرهنوا لأنفسكم ان اللّٰه موجود حقا،‏ لأن الامر يستحق العناء.‏ وهنالك فيض من الادلة التي تثبت وجود الخالق واكتشافها ليس صعبا».‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٨]‏

      لمَ انت مقتنع؟‏

      دوِّنْ ادناه ثلاثة اسباب تقنعك انت شخصيا بوجود خالق:‏

      ١-‏ ‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‏

      ٢-‏ ‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‏

      ٣-‏ ‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة