علامات من السماء — سبب للغم؟
«يمكن نشر اسلحة فعالة بشكل مريع في الفضاء بحلول عام ٢٠٠٠، اسلحة تستطيع مهاجمة الاقمار الصناعية والمحطات الفضائية على السواء اضافة الى الاهداف هنا على الارض.»
تفوّه بالعبارة اعلاه في السنة ١٩٨٤ رئيس الاكاديمية الدولية للملاحة الفضائية. والاسلحة الفضائية ليست مجرد كلام. فحتى الآن اختبرت بنجاح احدى الدولتين العظميين سلاحا مضادا للاقمار الصناعية.
وفي خطاب أُلقي في ٢٣ آذار ١٩٨٣ اقترح رئيس الولايات المتحدة استعمال اسلحة ذات قواعد فضائية كوسيلة للدفاع. ويتطلب ذلك وضع عدد من الاقمار الصناعية في مدارات — اقمار صناعية لها القدرة على اكتشاف قذائف العدو والوسيلة لتدميرها. والخطة المدعوة رسميا «المبادرة الدفاعية الاستراتيجية» لُقّبت بحرب النجوم.
ووصفتها احدى المجلات العلمية بأنها «رجاء كبير للمستقبل،» رجاء «سيقلل من التهديد المرهب للاسلحة النووية.» وقالت اخرى هي مجلة «الطبيعة»: «ان تطور نظام حرب النجوم يجعل فرص خفض عدد الاسلحة النووية بعيدة بازدياد. فاذا امتلك عدوك ترسا ستحتاج الى المزيد من السهام.» وعلى نحو مشابه وصفت مقالة في المجلة «الاميركية العلمية» «النقص المشؤوم في الامن العالمي» الذي جلبه العصر النووي، واقترحت انها اذا تبع ذلك «سباق غير مكبوح في اسلحة الفضاء» فانه سيقلل اكثر من «مستوى الامن.»
التوقعات القاتمة المنبأ بها
لقد انبأ الكتاب المقدس بعدم الامن الذي يختبره جيلنا عندما قال انه سوف «يغمى على الناس من الرعب ومن توقّع ما سوف يجتاح المسكونة، اذ تتزعزع قوات السموات.» (لوقا ٢١:٢٦، ترجمة تفسيرية عربية) وهنالك امور كثيرة تجعل الناس يغمى عليهم من الرعب ازاء مستقبل الارض.
مثلا، كتب مؤخرا فريق من خمسة علماء عن موضوع «الآثار المناخية للحرب النووية» وقالوا: «ان مكتشفات فريقنا الاخيرة، التي اكّدها عاملون في اوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، تقترح ان الآثار المناخية الطويلة الامد لحرب نووية رئيسية هي على الارجح اخطر وأبعد مدى مما كان متوقعا. وفي آثار حرب كهذه فان مناطق واسعة من الارض يمكن ان تخضع لفترة طويلة من الظلمة، ودرجات حرارة منخفضة على نحو شاذ، وعواصف عنيفة، ومزيج من ضباب ودخان سام، وغبار اشعاعي متساقط متواصل . . . وحتى في المناطق البعيدة عن الصراع سيتعرض الناجون للمجاعة . . . وغيرها من العواقب الرهيبة.» — «الاميركية العلمية،» آب ١٩٨٤.
وهذا الاثر العالمي اللاحق للحرب النووية يُعرف عادة بالشتاء النووي. فلا عجب ان يشعر بالخطر الناس في نصف الكرة الارضية الجنوبي ايضا مع انهم بعيدون عن مقاطعة الدولتين العظميين. وقالت «المجلة الطبية لافريقيا الجنوبية» في افتتاحية بعنوان «هرمجدون»: «ان الاحتمال الحقيقي جدا لحرب نووية حرارية عالمية يجعل كل المخاطر الاخرى على الصحة البشرية تبدو تافهة. . . . وفي اية حرب تتسع اكثر من تبادل محدود للاسلحة النووية فان الخدمات الطبية كما نعرفها ستتوقف عن الوجود. . . . وفي الوقت الحاضر هنالك على الارجح وعي عام اكثر من السابق لمخاطر فاجعة نووية.»
ولا تقتصر التوقعات القاتمة لدمار جماعي على تهديد الحرب النووية. فالكوارث الكونية الطبيعية، بشكل او بآخر، هي الموضوع المتكرر في الكتب والمجلات. والاحتمال المتوقع لاصطدام جسم هائل بالارض كان محور فيلم تشويقي اخير بعنوان «النيزك.» وفي وقت احدث ايضا طرحت مجلة افريقية السؤال: «الى ايّ حد آمنة هي الحياة البشرية من الهلاك بواسطة كويكبات او مُذنّبات شاردة؟» وقد طُرح ايضا كشيء محتمل دمار الارض بانفجار نجم ضخم ينفخ جرعة خطيرة من الاشعاعات نحو ارضنا.
فهل يلزم ان تسبب لكم مثل هذه التخمينات الغم؟ وماذا عن التهديد الحقيقي بحرب نووية وآثارها؟ هل ثمة اساس للاعتقاد بأن الارض والحياة البشرية ستستمر في البقاء؟
اسباب للتفاؤل
ان التكهنات بانقراض جماعي مؤسسة غالبا على الاعتقاد بأنه حتى ولو وُجد خالق فهو عاجز عن المحافظة على كونه. ولكن هل مثل هذا التفكير سليم؟ اوحي الى المرنم الملهم للكتاب المقدس بأن يكتب عن قدرة اللّٰه القادر على كل شيء: «سبحيه يا ايتها الشمس والقمر سبحيه يا جميع كواكب النور. سبحيه يا سماء السموات . . . لأنه امر فخُلقت. وثبَّتها الى الدهر والابد. وضع لها حدا فلن تتعداه.» — مزمور ١٤٨:٣-٦.
ولكنكم قد تتساءلون: أيّ تأكيد يقدمه الكتاب المقدس على ان الارض ايضا ستبقى الى الابد؟ لاحظوا: «(اللّٰه) المؤسس الارض على قواعدها فلا تتزعزع الى الدهر والابد.» (مزمور ١٠٤:٥) ولذلك فان الوعد الالهي هو: «اما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة. الصدِّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.» (مزمور ٣٧:١١، ٢٩) وفي الواقع اقتبس يسوع المسيح من المزمور ٣٧، مظهرا بالتالي انه يؤمن بثبات بمستقبل ابدي للانسان على الارض. — متى ٥:٥.
حتى ان يسوع انبأ بالجيل الذي سيبدأ برؤيا اتمام وعود اللّٰه. فالى جانب الانباء بـ «علامات عظيمة من السماء» في الوقت الحاضر قال ان المجاعات والاوبئة والزلازل والاثم وغيرها من النكبات ستكون من اوجه الايام الاخيرة لنظام الاشياء هذا. (لوقا ٢١:١٠، ١١؛ متى ٢٤:٦-١٢) وقد يستنتج المرء انها حقا سبب للغم. ولكن اصغوا الى يسوع: «متى ابتدأت هذه تكون،» كما قال، «فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب. . . . متى رأيتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا ان ملكوت اللّٰه قريب.» — لوقا ٢١:٢٨-٣١.
ولماذا هذا التفاؤل؟ لان يسوع عرف انه لا يلزم أتباعه الحقيقيين ان يشاطروا الناس «خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة.» (لوقا ٢١:٢٦) وعوض ذلك يستطيعون رفع رؤوسهم بثقة لان نجاتهم من كل تهديدات النكبة قريبة. ومثل هذه النجاة لا يمكن ان تأتي ابدا بواسطة حكومات سياسية بشرية الصنع. ولكنها ستأتي بتدخل «ملكوت اللّٰه.» من اجل ذلك علّم يسوع أتباعه ان يصلّوا: «ابانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» — متى ٦:٩، ١٠.
ولكنكم قد تتساءلون: متى ستأتي هذه النجاة الموعود بها؟ قال يسوع بخصوص الجل الذي سيبدأ باختبار «علامات عظيمة من السماء: «الحق اقول لكم انه لا يمضي هذا الجيل حتى يكون الكل.» ولذلك فان البعض من جيل عام ١٩١٤ الذي بدأ يشهد هذه «العلامات» سيكونون احياء بعدُ عندما يتسلم ملكوت اللّٰه كامل زمام شؤون الارض. — لوقا ٢١:٣٢.
هل تكونون بين الناجين؟
يمكنكم ان تنجوا من عصر الخوف هذا لان يسوع قال: «فاسهروا اذن وتضرعوا في كل حين، لكي تتمكنوا من ان تنجوا من جميع هذه الامور التي هي على وشك ان تحدث، وتقفوا امام ابن الانسان.» (لوقا ٢١:٣٦، تف) نعم، يمكنكم «ان تنجوا.» ولكن كيف؟
اولا، من الضروري ان تنالوا معرفة مشيئة اللّٰه وقصده. وهذا يستلزم قراءة ودرسا جديين للكتاب المقدس. فتنتج بركات رائعة، كما قال يسوع «سعداء هم الشاعرون بحاجتهم الروحية.» وعندما تفكرون في ذلك، أي سبب هنالك للسعادة اعظم من الرجاء الاكيد بالحياة الابدية؟ قال يسوع في الصلاة للّٰه: «وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» — متى ٥:٣، عج؛ يوحنا ١٧:٣.
ولكنّ معرفة الكتاب المقدس بحد ذاتها ليست كافية ليصير الشخص ناجيا من فترة الخوف هذه. قال يسوع: «طوبى للذين يسمعون كلام اللّٰه ويحفظونه.» نعم، من الضروري حفظ كلمة اللّٰه او العيش بانسجام معها. وبكلمات اخرى، يجب ان نستمر في فعل مشيئة اللّٰه. ويعد الكتاب المقدس: «الذي يصنع مشيئة اللّٰه . . . يثبت الى الابد.» — لوقا ١١:٢٨؛ ١ يوحنا ٢:١٧.
سيفرح موزعو هذه المجلة بمساعدتكم. وسيسرهم ان يُظهروا كيف يمكنكم ان تدرسوا الكتاب المقدس في بيتكم. ويمكن للمعرفة المانحة الحياة التي تنالونها ان تؤدي الى نيلكم الحياة الابدية في الفردوس على الارض. (مزمور ٣٧:٢٩) ودون شك يوجد اساس للنظر الى المستقبل بتفاؤل.
[الصور في الصفحة ٧]
ما هو مستقبلكم — ارض مفحَّمة ام فردوس؟
[الصورتان في الصفحة ٩]
علّم يسوع ان الودعاء سيرثون الارض