مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩٤ ١/‏٦ ص ١٩-‏٢٣
  • رسموا لنا مثالا

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • رسموا لنا مثالا
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٤
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • تعلُّم حقائق الكتاب المقدس
  • خدمة الفتح في اوستراليا
  • الدعوة الى حقل اجنبي
  • زواج،‏ حظر،‏ وحرب
  • الحياة في معسكرات الاعتقال
  • الحرية والاتحاد الرائع من جديد
  • العودة الى اوستراليا
  • انا شاكر انني نجوت
    استيقظ!‏ ١٩٩٢
  • ‏‹طلب الملكوت اولا›‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
  • الجزء ٣ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
  • منتصرون في وجه الموت
    استيقظ!‏ ١٩٩٣
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٤
ب٩٤ ١/‏٦ ص ١٩-‏٢٣

رسموا لنا مثالا

كما رواها كريڠ زنكر

لثماني سنوات كنا زوجتي ڠايل وأنا فاتحَين،‏ خادمَين كامل الوقت من شهود يهوه.‏ وفي السنوات الست الاخيرة،‏ كنا نخدم بين السكان الاصليين في المناطق النائية من اوستراليا.‏ ونحن نتَّبع المثال الجيد الذي رسمه لنا والداي وجدَّاي.‏

دعوني اخبركم خصوصا عن جدَّيَّ.‏ كنا ندعوهما دائما بمودة اوپا وأوما،‏ الكلمتان اللتان تقابلان الجد والجدة بالهولندية.‏ ولا يزال جدِّي،‏ تشارلز هاريس،‏ يخدم بغيرة في ملبورن،‏ حيث عاش نحو ٥٠ سنة.‏

تعلُّم حقائق الكتاب المقدس

وُلد اوپا في بلدة صغيرة في تسمانيا الولاية الجزيرة لاوستراليا.‏ وفي سنة ١٩٢٤،‏ عندما كان في الـ‍ ١٤ من عمره،‏ اشترى والده صندوق بحَّار في مزاد علني.‏ وقد تبيَّن انه صندوق كنز حقيقي،‏ من الناحية الروحية،‏ لأنه احتوى على مجموعة كُتب كتبها الرئيس الاول لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس،‏ تشارلز تاز رصل.‏

وعلى ما يظهر لم يكن والد اوپا مهتما بشكل خصوصي بالكتب،‏ ولكنَّ اوپا ابتدأ بقراءتها وأدرك فورا انها تحتوي على حقائق الكتاب المقدس الحيوية.‏ لذلك ابتدأ بالبحث عن تلاميذ الكتاب المقدس الامميين،‏ الذين يمثِّلون ناشري الكتاب المعروفين الآن بشهود يهوه.‏ فأراد ان يتكلم معهم لكي يتمكن من نيل تفسيرات اضافية لحقائق الكتاب المقدس التي كان يتعلمها.‏

وبعد ان استعلم كثيرا وجد ثلاث نساء مسنَّات نشيطات في تعليم الآخرين.‏ وقد كان لديهن تأثير كبير في تشارلز الحدث.‏ وأخيرا،‏ في سنة ١٩٣٠،‏ انتذر ليهوه اللّٰه واعتمد في الماء.‏ واستقال من عمله كجزَّار وسافر شمالا الى سيدني،‏ حيث تسلَّم تعيينا كمبشِّر كامل الوقت.‏

خدمة الفتح في اوستراليا

خلال السنوات القليلة التالية،‏ شملت مقاطعات تشارلز الكرازية بانداي،‏ ضاحية سيدني الساحلية بالاضافة الى المناطق الريفية في ولاية نيو سَوْث ويلز.‏ ثم عُيِّن في پيرث،‏ اوستراليا الغربية،‏ التي تبعد آلاف الاميال في الجهة الاخرى من القارة.‏ ولستة اشهر شهد في مقاطعة پيرث التجارية،‏ ثم عُيِّن مع فاتحَين آخرَين للخدمة في المناطق الواسعة المتفرِّقة السكان في شمالي غربي اوستراليا.‏

كان التعيين الكرازي لهؤلاء الثلاثة —‏ آرثر ويلز،‏ جورج رولستن،‏ وتشارلز —‏ منطقة تبلغ مساحتها اربع مرات حجم ايطاليا!‏ وكان السكان متفرِّقين،‏ الريف قاحلا،‏ والحر شديدا.‏ وأحيانا كان من الضروري السفر اكثر من ٣٠٠ ميل (‏٥٠٠ كلم)‏ بين مزارع كبيرة،‏ معروفة بمزارع الماشية.‏ وكانت السيارة التي استعملوها بالية،‏ حتى بحسب مقاييس سنة ١٩٣٠،‏ ولكن كان لديهم ايمان قوي والكثير من التصميم.‏

وفي الطرقات غير المعبَّدة الضيقة الممتلئة بالحُفَر كانت هنالك آثار متقاطعة لأخفاف الجِمال،‏ وقد حجب الغبار الناعم (‏الذي يدعى غِرْيَن)‏ هنا وهناك جذولَ الشجر الخطرة.‏ ولا عجب ان تنكسر غالبا نوابض السيارات.‏ وقد انكسر المحور الخلفي في مناسبتين،‏ وتمزقت الاطارات مرات كثيرة.‏ وغالبا ما كان الفاتحون يصنعون بطائن من الاطارات القديمة ويثبتونها بمسامير ملولبة داخل الاطارات الموجودة لكي يستمروا في رحلتهم.‏

وعندما كنت صبيا،‏ سألتُ اوپا ماذا شجعهم على الاستمرار في ظروف صعبة كهذه.‏ فأوضح انه في عزلتهم كانوا قريبين من يهوه.‏ وقال ان ما كان احيانا مشقة جسدية،‏ اصبح بركة روحية.‏

ودون ايّ تلميح الى التفوُّق والبر الذاتي،‏ عبَّر اوپا عن دهشة لأن اناسا كثيرين يبدون مهتمين بإفراط بتكديس الممتلكات المادية.‏ فنبَّهني،‏ «من الافضل بكثير ان يعبر المرء الحياة بأقل ما يمكن من الامتعة.‏ فإذا كان يسوع مستعدا ان ينام في العراء عند الضرورة،‏ يجب اذًا ان نكون سعداء ان نفعل الامر نفسه اذا تطلَّب تعييننا ذلك.‏» (‏متى ٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وبالفعل،‏ فعل هو ورفيقاه ذلك.‏

الدعوة الى حقل اجنبي

في سنة ١٩٣٥،‏ تسلَّم اوپا تعيينا كرازيا جديدا —‏ الشهادة لسكان جزر جنوبي الهادئ.‏ ومع طاقم مؤلف من ستة آخرين،‏ ابحر على متن مركب حامل النور الشراعي لجمعية برج المراقبة الذي يبلغ طوله ٥٢ قدما (‏١٦ م)‏.‏

وذات مرة،‏ فيما كانوا في بحر كورال شمالي اوستراليا،‏ تعطَّل محرِّك حامل النور الاحتياطي.‏ ولم تكن هنالك ريح البتة،‏ فصاروا في وضع يائس على بُعد اميال عديدة من اليابسة.‏ وعلى الرغم من انه كان هنالك خطر ان تغرق السفينة في الحاجز المرجاني العظيم،‏ تأثر اوپا بالهدوء الرائع.‏ «كان البحر هادئا جدا،‏» كتب في يومياته.‏ «لن انسى ابدا غروب الشمس كل مساء في ذلك البحر الهادئ.‏ كان المنظر جميلا جدا حتى انه مطبوع في ذاكرتي كل الاوقات.‏»‏

ولسعادتهم،‏ قبل ان ينجرفوا نحو الشُّعب المرجانية،‏ عادت الريح،‏ وأبحروا بأمان بأشرعة مبسوطة الى پورت مورزبي،‏ پاپوا غينيا الجديدة،‏ حيث اصلحوا المحرِّك.‏ ومن پورت مورزبي ابحروا الى جزيرة ثرسداي ثم نحو جاوا،‏ جزيرة إندونيسية كبيرة.‏ وطوَّر اوپا محبة عميقة لهذا البلد الموصوف انه «عقد من اللؤلؤ يتقلَّده خط الاستواء.‏» في ذلك الوقت،‏ كانت إندونيسيا مستعمرة هولندية،‏ لذلك تعلَّم جدي الهولندية والإندونيسية على السواء.‏ لكنَّ المطبوعات التي كان يقدِّمها في نشاطه الكرازي،‏ كانت بخمس لغات:‏ الهولندية،‏ الإندونيسية،‏ الصينية،‏ الانكليزية،‏ والعربية.‏

وكان اوپا ناجحا جدا في توزيع مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وذات مرة استُدعي كلِم ديشان،‏ الذي كان مسؤولا عن مستودع برج المراقبة في باتاڤيا (‏الآن جاكارتا)‏،‏ ليمثُل امام ضابط هولندي كان يراقب عن كثب عملنا الكرازي.‏ «كم هو عدد الاشخاص الذين يعملون لديكم هنا في شرقي جاوا؟‏» سأل الضابط.‏

‏«شخص واحد فقط‍،‏» اجاب الاخ ديشان.‏

‏«هل تتوقع مني ان اصدق ذلك؟‏» صاح الضابط.‏ «يجب ان يكون لديكم جيش كبير من العاملين هناك،‏ بحُكم كمية مطبوعاتكم الموزَّعة في كل مكان!‏»‏

يشعر اوپا بأن هذه كانت احدى اكثر عبارات المدح منحا للاكتفاء في حياته.‏ ولكنه استحقها فعلا،‏ لأنه كان من المعتاد ان يوزِّع ما بين ٥٠٠‏,١ و ٠٠٠‏,٣ مطبوعة كل شهر.‏

زواج،‏ حظر،‏ وحرب

في كانون الاول ١٩٣٨،‏ تزوج اوپا امرأة إندونيسية اسمها ڤلهلمينا،‏ التي اصبحت جدتي.‏ وكانت اوما،‏ او جدتي لطيفة،‏ وديعة،‏ مجتهدة،‏ وناعمة الكلام.‏ وخلال طفولتي كانت صديقتي الاحمّ.‏

وبعد زواجهما استمر اوپا وأوما في خدمتهما كفاتحَين معا.‏ وبحلول ذلك الوقت كان الاعضاء الآخرون في طاقم حامل النور إما تشتتوا في انحاء اخرى من العالم او عادوا الى وطنهم.‏ ولكنَّ اوپا جعل من إندونيسيا موطنه،‏ وصمَّم على البقاء.‏

وفيما كانت الحرب العالمية الثانية تقترب ابتدأت الحكومة الهولندية،‏ التي كانت تحكم إندونيسيا وتعمل تحت ضغط رجال الدين،‏ بوضع قيود على نشاط شهود يهوه،‏ وأخيرا حظرت عملنا.‏ لذلك كان يجري القيام بالكرازة بصعوبة،‏ باستخدام الكتاب المقدس فقط.‏ وفي كل بلدة زارها اوپا وأوما تقريبا،‏ كانا يُقتادان للمثول امام الرسميين ويُستجوبان.‏ وعوملا كمجرمَين.‏ وبُعيد بدء الحظر،‏ سُجن صهر اوما بسبب موقف حياده المسيحي.‏ ومات في سجن هولندي.‏

كان اوپا وأوما يعيشان في شاحنة ثبِّت عليها هيكل مقطورة.‏ واذ استخدما هذا البيت المتنقل،‏ كرزا في كل انحاء جاوا.‏ وفي سنة ١٩٤٠،‏ فيما كان تهديد اجتياح الجيوش اليابانية يلوح في الافق،‏ بوركا بابنة،‏ اصبحت امي.‏ وسمَّيا الطفلة ڤيكتوري (‏النصر)‏،‏ الاسم الذي كان عنوان محاضرة القاها قبل سنتين ج.‏ ف.‏ رذرفورد الذي كان آنذاك رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ واستمرا في خدمتهما كفاتحَين حتى وقت ولادة الطفلة.‏

وفي اوائل سنة ١٩٤٢،‏ كان اوپا،‏ اوما،‏ وڤيكتوري على متن سفينة شحن هولندية عائدة من بورنيو عندما سُمعت طلقة مدفعية مدوية من سفينة حربية يابانية.‏ فانطفأت كل الاضواء،‏ وصرخ الناس.‏ وبهذه الطريقة دخلت الحرب في حياة عائلتي.‏ وعلى الرغم من انهم نجحوا في العودة آمنين الى المرفإ،‏ اجتاح اليابانيون جاوا بعد ايام قليلة فقط،‏ وكشف ضابط هولندي عن مكان وجود اوپا وأوما للجنود اليابانيين.‏

وعندما وجدهما اليابانيون،‏ جرَّدوهما من ممتلكاتهما،‏ بما فيها لُعب ڤيكتوري القليلة،‏ وأخذوهما الى معسكرَي اعتقال مختلفَين.‏ وسُمح لڤيكتوري بالبقاء مع اوما،‏ ولم يراهما اوپا طوال السنوات الثلاث والنصف التالية.‏

الحياة في معسكرات الاعتقال

خلال اعتقاله،‏ نُقل اوپا من بلدة الى بلدة —‏ من سوريبايا الى انڠاوي،‏ الى باندونڠ وأخيرا الى تشيماهي.‏ وكانت هذه الانتقالات المستمرة لإحباط اية محاولة لخطة هرب منظَّمة.‏ وكان السجناء هولنديين بشكل رئيسي،‏ مع قليلين من البريطانيين وبعض الاوستراليين.‏ وفيما كان في المعسكرات،‏ تعلَّم اوپا مهنة الحلاقة،‏ ولا يزال يستخدمها احيانا ببراعة.‏ والكتاب الديني الوحيد الذي سُمح له بابقائه كان الكتاب المقدس —‏ نسخته من ترجمة الملك جيمس‏.‏

وفي غضون ذلك،‏ كانت اوما وڤيكتوري تُنقلان ايضا من معسكر الى معسكر.‏ وفي هذه المعسكرات دعا آمر المعسكر النساء ليؤدين خارجا «خدمات اجتماعية.‏» ولكن لسبب ما،‏ لم يجرِ اختيار اوما قط.‏ وفي ما بعد علمَت ان النساء كن يخرجن ليكنّ عاهرات للجنود اليابانيين.‏

وبما ان الجنود اليابانيين لم يعاملوا الصغيرات بلطف،‏ كانت اوما دائما تُلبس ڤيكتوري كصبي وتبقي شعرها قصيرا.‏ وقد سبَّب الاسم ڤيكتوري مشكلة كبيرة عندما اراد آمر المعسكر ان يعرف علامَ يدل الاسم —‏ النصر للجيش الامبراطوري الياباني ام النصر للاميركيين؟‏

‏«النصر لملكوت اللّٰه على كل الحكومات الارضية!‏» اجابت جدتي بفخر.‏

وكعقاب لرفضها القول،‏ «النصر للجيش الامبراطوري الياباني،‏» أُجبرت اوما وابنتها البالغة من العمر خمس سنوات على الوقوف منتصبتين بلا حراك لثماني ساعات تحت الشمس الاستوائية اللاذعة.‏ دون ظلّ،‏ دون ماء،‏ دون جلوس،‏ ودون استرخاء.‏ ولكن بمساعدة يهوه نجتا من هذه المحنة المروِّعة.‏

وبعد سنة من اعتقال اوما،‏ اخبرها آمر المعسكر ان زوجها مات!‏ فوضعت بحزن صورة اوپا في اسفل حقيبتها البالية وتابعت حياتها على الرغم من حزنها.‏

كانت الحياة في معسكر السجناء شاقة.‏ وكانت الحصص اليومية لكل شخص تتألف من كوب واحد (‏٢٥٠ سم٣‏)‏ من التَپْيوكة للفطور،‏ وسبع اونصات (‏١٩٠ ڠ)‏ من الخبز المصنوع من الساڠو للغداء،‏ ولوجبة المساء كوب واحد (‏٢٥٠ سم٣‏)‏ من الارُز المطبوخ في حساء مسيخ من الخضر.‏ وبسبب حصص ضئيلة كهذه،‏ صار سوء التغذية شائعا،‏ وكان ضحايا الزُّحار يموتون يوميا.‏

وخلال اعتقال اوپا،‏ عانى من البلَّغْرَة (‏مرض من سوء التغذية)‏ والوذمة الغذائية (‏مرض من الجوع)‏.‏ وأشرفت اوما ايضا على الموت،‏ لأنها كثيرا ما كانت تعطي طعامها لڤيكتوري لتحول دون موت الفتاة الصغيرة من الجوع.‏ وأصبحت الوحشية والجوع رفيقَين دائمَين لهما.‏ وكانا قادرَين على البقاء على قيد الحياة فقط بالاقتراب الى الههما،‏ يهوه.‏

وأتذكر جيدا احد اقوال اوپا المفضلة:‏ «الحرية هي الانسجام مع اللّٰه،‏ يهوه.‏» فقد اعتبر اوپا نفسه حرّا بمعنى حقيقي حتى وهو يحتمل السجن القاسي.‏ ولا شك في ان المحبة التي كانت لديه ولدى اوما ليهوه ساعدتهما على ‹احتمال كل شيء.‏› (‏١ كورنثوس ١٣:‏٧‏)‏ وهذه العلاقة الحميمة باللّٰه هي ما نسعى ڠايل وأنا الآن الى الحفاظ عليها.‏

الحرية والاتحاد الرائع من جديد

اخيرا،‏ انتهت الحرب العالمية الثانية في سنة ١٩٤٥.‏ وبُعيد استسلام اليابان،‏ نُقل اوپا بالقطار.‏ وفي الطريق من جاكارتا الى باندونڠ،‏ اوقف الجنود الإندونيسيون القطار.‏ وعلى الرغم من ان الحرب مع اليابانيين كانت قد توقفت،‏ ناضل الإندونيسيون للاستقلال عن هولندا.‏ وفوجئ اوپا كثيرا ان يجري انزاله بغتة من القطار حتى انه نسي ان يتكلم بالانكليزية وعوضا عن ذلك ابتدأ يتكلم بالهولندية.‏ وبالنسبة الى الإندونيسيين،‏ كانت الهولندية لغة العدو،‏ والعدو كان يجب ان يُقتل.‏

ولحسن التوفيق،‏ فيما كان الجنود يفتشون،‏ وجدوا مع اوپا رخصة قيادته الاوسترالية،‏ التي كان قد نسي كل شيء عنها.‏ ولسعادته،‏ لم يكن الإندونيسيون في حرب مع اوستراليا.‏ والى هذا اليوم،‏ يعتبر اوپا العثور على الرخصة التي اثبتت جنسيته الاوسترالية انه تدخل الهي،‏ لأنه عند هذا الموقف عينه بعد ساعات فقط،‏ قتل هؤلاء الجنود انفسهم ١٢ هولنديا كانوا يمرّون في القطار.‏

وبُعيد هذه الحادثة،‏ كانت اوما وڤيكتوري تنتظران نقلهما من المناطق التي مزَّقتها الحرب.‏ وفيما هما جالستان على جانب الطريق،‏ مرَّت مجموعة بدا وكأنه لا نهاية لها من شاحنات تحمل الجنود والمدنيين.‏ فجأة،‏ وبلا سبب ظاهر،‏ توقفت المجموعة.‏ وبالصدفة نظرت اوما الى المؤخرة المفتوحة لأقرب شاحنة،‏ ولدهشتها،‏ كان يجلس هناك رجل نحيل عرفته فورا.‏ لقد كان زوجها!‏ ما من كلمة كان يمكن ان تنقل انفعال اتحادهما من جديد.‏

العودة الى اوستراليا

عندما عاد جدي مع عائلته الى اوستراليا في سنة ١٩٤٦،‏ بعد العيش في إندونيسيا لمدة ١١ سنة،‏ لم تكن الحياة سهلة بالنسبة اليهم.‏ فقد عادوا كلاجئي حرب —‏ معدمين،‏ سيِّئي التغذية،‏ مشبوهين من السكان المحليين.‏ وكان على اوما وڤيكتوري ان تتحملا وطأة التحامل العنصري ضد المهاجرين الآسيويين.‏ وكان على اوپا ان يعمل بجد ولساعات طويلة ليعتني بعائلته ويجهِّز لها بيتا.‏ وعلى الرغم من هذه المشقات،‏ فقد احتملوا وبقوا على قيد الحياة وروحياتهم سليمة.‏

والآن،‏ بعد اكثر من ٤٨ سنة،‏ يعيش اوپا في ملبورن،‏ حيث لا يزال يعمل في الخدمة من بيت الى بيت.‏ ولقد رأى ڤيكتوري وأولادها يعتنقون الحق،‏ ينذرون حياتهم ليهوه،‏ وكل واحد بدوره،‏ ينخرط في خدمة الفتح كامل الوقت.‏

داس زنكر،‏ الذي اصبح ابي،‏ وڤيكتوري اعتمدا في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وصار داس عضوا في عائلة البتل في اوستراليا في سنة ١٩٥٨.‏ وبعد ان تزوج ڤيكتوري،‏ التي كانت تخدم كفاتحة خصوصية،‏ خدما لفترة كفاتحَين ثم دُعيا الى الخدمة الجائلة.‏ وفي ما بعد ولدتُ انا،‏ وكان عليهما ان يتركا العمل الجائل ليربياني.‏ ولكن بعد ٢٧ سنة،‏ لا يزال ابي يخدم كفاتح.‏

وفي اوائل سنة ١٩٩٠،‏ ماتت اوما بسلام في الموطن،‏ في البيت نفسه الذي ترعرعت فيه امي.‏ وقد ترعرعت انا ايضا في ذلك البيت نفسه في ملبورن،‏ وكذلك اخي وأختي الاصغران.‏ لقد كان بركة حقيقية لعائلتنا ان نتشارك معا في البيت.‏ وأحيانا كان مسكنا مكتظا،‏ ولكنني لا اتذكر انني قلقت يوما بشأن ذلك.‏ وحتى خلال سنوات زواجنا الاربع الاولى،‏ تكيَّفت زوجتي ڠايل مع ذلك وأحبته.‏ وعندما غادرنا اخيرا من اجل تعييننا الجديد،‏ بكيت.‏ فقد نلت الكثير من الدعم والمحبة في هذا البيت.‏

ولكن الآن،‏ لدينا ڠايل وأنا سبب لفرح كبير،‏ وذلك لأننا قادران على فعل ما قام به والداي ووالداهما قبلهما.‏ وعندما غادرنا البيت،‏ وجدنا تعزية في سبب ذهابنا،‏ الذي كان فعل مشيئة يهوه في الخدمة كامل الوقت.‏ ونحن نحاول جاهدَين ان نتَّبع المثال الرائع لاسلافنا الامناء،‏ الذين وجدوا تعزية مماثلة عند الخدمة في تعيينات صعبة،‏ عند اختبار اقصى درجات الفقر،‏ وحتى عند الاحتجاز لسنوات في معسكرات الاعتقال اليابانية.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣،‏ ٤‏.‏

لقد وجد اوپا دائما العزاء في الكلمات الموحى بها التي قالها الملك داود ليهوه:‏ «رحمتك افضل من الحياة.‏» (‏مزمور ٦٣:‏٣‏)‏ لقد كانت دائما رغبة جدي الشديدة ان يتمتع بهذه الرحمة الى الابد.‏ ورغبة عائلته بكاملها هي ان يشتركوا فيها معه.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢١]‏

اوما وأوپا هاريس

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

كريڠ زنكر (‏في الخلف)‏،‏ مع زوجته،‏ والديه،‏ وشقيقه وشقيقته الاصغرين

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة