مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٠ ٢٢/‏١١ ص ٧-‏١٣
  • الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة
  • استيقظ!‏ ١٩٩٠
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • الاجسام المضادة —‏ ٠٠٠‏,١٠ للخلية الواحدة في الثانية!‏
  • الخلايا التائية الفاتكة تشنُّ الحرب الحيوية
  • الخلايا الذاكرة والمناعة،‏ مع المضاعفات
  • الدماغ والجهاز المناعي يتصلان
  • جهازنا المناعي —‏ اعجوبة الخلق
    استيقظ!‏ ١٩٩٠
  • حرّاس لوقاية صحتكم
    استيقظ!‏ ٢٠٠١
  • قدرة الخلايا على التمايز (‏التخصُّص)‏
    هل من مصمِّم؟‏
  • رائعة طبية،‏ معضلة اخلاقية
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٠
ع٩٠ ٢٢/‏١١ ص ٧-‏١٣

الخلايا التائية والخلايا البائية تذهب الى الكلِّيَّة

لا يمكن للخلايا التائية والخلايا البائية ان تخرج مباشرة من نِقْي العظم وتنتقل الى الحرب.‏ فأسلحتها عصرية جدا.‏ والتدريب ذو التقنية المتطورة إلزامي قبل ان تمضي الى ساحة القتال.‏ فستنهمك الخلايا التائية في الحرب الحيوية.‏ وستتخصص الخلايا البائية في الصواريخ الموجَّهة.‏ وهي تحصل على تدريبها على ذلك في الكلِّيَّات التقنية للجهاز المناعي.‏

لذلك يذهب نصف الملايين من الخلايا اللمفاوية التي يجري انتاجها كل دقيقة في نِقْي العظم الى غدة التوتة —‏ غدة صغيرة مستقرة خلف عظم القص —‏ من اجل تدريبها كخلايا تائية.‏ وفي ما يتعلق بذلك،‏ يقول كتاب الجسم المنتصر:‏ «ان الخلايا اللمفاوية التي تحضر الكلِّيَّة التقنية لغدة التوتة هي الخلايا المساعِدة helper،‏ الكابتة suppressor،‏ والفاتكة killer التي تُدعى اللمفاويات التائية (‏او الخلايا التائية)‏.‏ وهي من بين القوى المسلَّحة الاكثر ضرورة للجهاز المناعي.‏»‏

الاجسام المضادة —‏ ٠٠٠‏,١٠ للخلية الواحدة في الثانية!‏

ان «النصف [الآخر] من الخلايا اللمفاوية غير المدرَّبة،‏» يخبرنا الجسم المنتصر،‏ هو الخلايا البائية التي تذهب الى العقد اللمفاوية والانسجة ذات العلاقة من اجل تدريبها لتستطيع ان تصنِّع وتطلق الصواريخ الموجَّهة،‏ التي تُدعى الاجسام المضادة.‏ وعندما «تحتشد [الخلايا البائية] في هذه الانسجة،‏ تكون كالصفحات البيضاء:‏ لا تعرف شيئا،‏ ولا بد ان تتعلَّم من اللاشيء» لكي «تكتسب المقدرة لتقاوم على نحو خصوصي المواد الغريبة بالنسبة الى الجسم.‏» وفي العقد اللمفاوية،‏ فان الخلية البائية الناضجة،‏ التي تنشِّطها الخلايا التائية المساعِدة ومولد الضد ذو العلاقة،‏ «تتكاثر وتتميَّز لتشكِّل خلايا پلازمية تفرز اجساما مضادة متماثلة ذات نوعية واحدة بمعدل ٠٠٠‏,١٠ جزَيْء تقريبا للخلية الواحدة في الثانية.‏» —‏ علم المناعة.‏

لمساعدتنا على استيعاب عِظَم ما ينجزه الجهاز المناعي،‏ تفصِّل مقالة في ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ المشكلةَ التي تواجه غدة التوتة:‏ «بطريقة ما،‏ اذ تنضج الخلايا التائية في غدة التوتة،‏ تتعلَّم الواحدة ان تميِّز مولدات الضد التي لڤيروس الكُباد hepatitis virus،‏ مثلا،‏ والاخرى ان تثبت هوية ذرّية من مولدات الضد التي للانفلونزا،‏ والثالثة ان تكتشف الڤيروس الانفي ١٤ 14 rhinovirus [ڤيروس للزكام]،‏ وهلم جرا.‏» وبعد التعليق على «المهمة المذهلة التي تواجهها غدة التوتة،‏» تقول المقالة انه في الطبيعة هنالك «مولدات ضد بمئات الملايين من الاشكال المختلفة.‏ ولا بد ان تنتج غدة التوتة مجموعة من الخلايا التائية تميِّز كل واحد.‏ .‏ .‏ .‏ وغدة التوتة تزوِّد خلايا تائية بعشرات الملايين.‏ وعلى الرغم من ان القليل منها فقط يمكن ان يميِّز واحدا من مولدات الضد،‏ فان القوة الاستطلاعية الجماعية واسعة على نحو يكفي لاثبات هوية التنوُّع غير المحدود تقريبا لمولدات الضد التي تنتجها الطبيعة.‏»‏

بينما كان بعض الخلايا التائية المساعِدة يحث البلاعم الكبيرة على التكاثر،‏ كانت الاخرى في العقد اللمفاوية تقترن بالخلايا البائية الموجودة هناك،‏ مسبِّبة تكاثرها.‏ ويصير الكثير منها خلايا پلازمية.‏ ومرة اخرى،‏ لا بد ان تكون هنالك المستقبِلات الصائبة على الخلايا التائية المساعِدة لتتحد بالخلايا البائية وتجعلها تنتج الخلايا الپلازمية.‏ وهذه الخلايا الپلازمية هي التي تبدأ بانتاج آلاف الاجسام المضادة في الثانية.‏

بما ان كل خلية پلازمية تصنع نوعا واحدا فقط من الاجسام المضادة،‏ بمستقبِلة خاصة بمولد ضد مَرَضي واحد فقط،‏ تكون البلايين بسرعة في الخطوط الامامية متوجِّهة نحو مولدات الضد التي لمرض خاص واحد.‏ فتدرك الغزاة،‏ مبطِّئة اياهم،‏ مسبِّبة ان يتجمَّعوا معا،‏ جاعلة اياهم طبق طعام اكثر اغراء لتلتهمه الخلايا البُلعمية.‏ وهذا،‏ بالاضافة الى اطلاق الخلايا التائية مواد كيميائية معيَّنة،‏ يثير البلاعم الكبيرة الى جنون التغذي،‏ مسبِّبا ان تلتهم ملايين العضويات الدقيقة الغازية.‏

وعلاوة على ذلك،‏ يمكن للاجسام المضادة نفسها ان تؤدّي الى موت هذه العضويات الدقيقة.‏ فحالما تقتفي مولدات الضد السطحية التي لها،‏ فان جزَيْئات پروتينية خصوصية،‏ تُدعى عوامل المتمِّمة complement factors،‏ تندفع الى الجرثومة.‏ وعندما يصير العدد المطلوب من عوامل المتمِّمة في المكان الصحيح،‏ تثقب غشاء العضوية الدقيقة،‏ يتدفَّق السائل الى الداخل،‏ فتنفجر الخلية وتموت.‏

وطبعا،‏ لا بد ان تكون لهذه الاجسام المضادة ايضا المستقبِلات الصائبة لتدرك الدخلاء.‏ وعن هذه النقطة يقول الكتاب السنوي الطبي والصحي لعام ١٩٨٩ الذي لـ‍ دائرة المعارف البريطانية،‏ الصفحة ٢٧٨،‏ ان الخلايا البائية قادرة «على انتاج ما بين ١٠٠ مليون وبليون جسم مضاد مختلف.‏»‏

الخلايا التائية الفاتكة تشنُّ الحرب الحيوية

استنفرت الخلايا التائية المساعِدة حتى الآن ملايين البلاعم الكبيرة القمَّامة لتلتهم العدوّ وأثارت الخلايا البائية بالاجسام المضادة التي لها لتنضم الى النزاع ضد الغزاة،‏ ولكن لا تزال هنالك قوى اخرى تدعوها الخلايا التائية المساعِدة الى المعركة.‏ فهي تنظِّم ملايين المقاتلات الاكثر اهلاكا لتنضم الى الصراع —‏ الخلايا التائية الفاتكة.‏

ان هدف الڤيروسات،‏ البكتريا،‏ والطفيليات هو ان تدخل خلايا الجسم لانه حالما تكون هناك تصير آمنة من البلاعم الكبيرة والخلايا البائية والاجسام المضادة التي لها —‏ ولكن ليس من الخلايا التائية الفاتكة!‏ فالواحدة من هذه الخلايا المخموجة لا يلزم إلا ان تمر بسرعة امام خلية تائية فاتكة لتجعلها تطلق على الخلية المخموجة پروتينات مهلكة مالئة اياها ثقوبا،‏ تدمِّر الدنا DNA التي لها،‏ وتدلق محتوياتها في الموت.‏ وبهذه الطريقة تستطيع الخلايا التائية الفاتكة ان تهاجم وتدمِّر حتى الخلايا الطافرة mutant والخلايا التي تحوَّلت الى سرطانية.‏

وبالاضافة الى الخلايا التائية الفاتكة،‏ هنالك خلايا فاتكة اخرى في اسلحة الجهاز المناعي،‏ اي الخلايا الفاتكة الطبيعية.‏ وبخلاف الخلايا التائية والبائية،‏ فان هذه الخلايا الفاتكة الطبيعية لا تحتاج ان يثيرها مولد ضد خاص.‏ والخلايا السرطانية والخلايا التي تغزوها ڤيروسات اخرى هي عرضة لهجومها.‏ لكنّ مقدرتها ربما لا تقتصر على الڤيروسات.‏ والاميركية العلمية،‏ كانون الثاني ١٩٨٨،‏ تقول انه «يجري الاعتقاد ان اهدافها الرئيسية هي الخلايا الورمية،‏ وربما ايضا الخلايا المخموجة بعوامل غير الڤيروسات.‏»‏

وكيف تلتقي مقاتلات المرض هذه العضويات الدقيقة الغازية؟‏ هل ذلك بمجرد الصدفة؟‏ كلا.‏ لا يُترك شيء للصدفة.‏ فمولدات الضد المَرَضية والخلايا التائية،‏ الخلايا البائية،‏ الخلايا البُلعمية،‏ والاجسام المضادة تدور في كل الجسم بواسطة مجرى الدم والجهاز اللمفاوي.‏ والاعضاء اللمفاوية الثانوية،‏ كالعقد اللمفاوية،‏ الطحال،‏ اللوزتين،‏ الغدّانيات adenoids،‏ بقع النسيج المتخصص في المعي الدقيق،‏ والزائدة،‏ هي مواقع حيث تبدأ الاستجابات المناعية.‏ وتقوم العقد اللمفاوية بدور رئيسي.‏ واللِمف هو السائل الذي يغمر الخلايا في انسجتنا.‏ وهو ينشأ في هذه الانسجة،‏ يتجمَّع في اوعية دقيقة الجدران ويتدفق الى العقد اللمفاوية،‏ يستمر في باقي الجهاز اللمفاوي،‏ وأخيرا يُكمل دورته بالصبِّ في الاوردة الكبيرة التي تؤدّي الى القلب.‏

واذ تمرّ مولدات الضد المَرَضية عبر العقد اللمفاوية،‏ يجري ترشيحها واحتجازها.‏ ومقاتلات المرض للجهاز المناعي تتطلَّب ٢٤ ساعة لتكمل الدورة اللمفاوية كلها،‏ لكنّ ٦ ساعات من هذا الوقت يجري قضاؤها في العقد اللمفاوية.‏ وهناك تلتقي مولدات الضد الغازية المحتجَزة،‏ وتبتدئ المعارك الرئيسية.‏ وكذلك فان مولدات الضد المعادية التي تسير في مجرى الدم لا تفلت.‏ فيجري توجيهها الى الطحال،‏ حيث تنتظر مقاتلاتُ المرض لتواجهها.‏

والآن تنتهي الحرب في داخلنا.‏ فقوى الغزو تُهزم.‏ والجهاز المناعي بتريليوناته او اكثر من الكريَّات البيض قد انتصر.‏ انه الوقت لتتولّى فئة اخرى من الخلايا التائية الامر،‏ اي الخلايا التائية الكابتة.‏ فعندما ترى ان الحرب قد جرى ربحها،‏ توقف المعركة وتبطل انتاج القوى القتالية للجهاز المناعي.‏

الخلايا الذاكرة والمناعة،‏ مع المضاعفات

ولكن،‏ بحلول هذا الوقت،‏ تكون الخلايا البائية والخلايا التائية قد انجزت خدمة حيوية اخرى:‏ فقد انتجت الخلايا الذاكرة التي تدور في مجرى الدم والاوعية اللمفاوية طوال سنوات كثيرة —‏ وفي بعض الحالات طوال العمر.‏ فاذا أُصبتم يوما ما بعدوى بالذرّية نفسها لڤيروس الانفلونزا او ڤيروس الزكام،‏ او بأية مادة غريبة اخرى جرت مواجهتها في الماضي،‏ فان هذه الخلايا الذاكرة ستكتشفها حالا وتحث الجهاز المناعي على هجوم سريع وساحق.‏ والخلايا الذاكرة ستُنتِج بسرعة فيضا من النوع الخاص من الخلايا البائية والخلايا التائية الذي قاوم الهجوم الاول لهذا المغير الخصوصي.‏ وهذا الغزو الجديد يجري قمعه قبل ان ينال موطئ قدم.‏ ان ما احتاج اولا ربما الى ثلاثة اسابيع لينهزم يجري التغلب عليه الآن قبل ان يبدأ بالعمل.‏ فعدواكم السابقة بهذا الغازي الخصوصي تركتكم في مناعة منه.‏

لكنّ الصورة تتعقَّد بوجود الذرّيات المختلفة لڤيروسات الانفلونزا،‏ الناشئة غالبا في الاجزاء المختلفة من العالم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ هنالك نحو ٢٠٠ ذرّية من ڤيروس الزكام،‏ وكل ذرّية لديها مولدها الضدي الخاص بها.‏ لذلك لا بد ان يكون هنالك ٢٠٠ نوع مختلف من الخلايا التائية المساعِدة،‏ كل نوع له مستقبِلة تطابق مولد الضد لواحد من الـ‍ ٢٠٠ ڤيروس زكام.‏ لكنّ ذلك ليس كل ما هنالك.‏ فڤيروسات الزكام والانفلونزا تتغيَّر باستمرار،‏ وكلما حدث ذلك،‏ يكون هنالك مولد ضد زكامي او انفلونزي جديد يتطلَّب مستقبِلة خلية تائية مساعِدة جديدة لتوافقه.‏ ان ڤيروس الزكام يستمر في تغيير الاقفال،‏ لذلك لا بد ان تستمر الخلية التائية في تغيير المفاتيح.‏

وقبل ان تسخروا من الاطباء الذين لا يستطيعون معالجة الزكام الشائع،‏ أدركوا المشكلة.‏ فالزكام الخصوصي الذي تعانونه يمكن ان يُعالج ولا يهاجمكم ابدا مرة اخرى،‏ لكنّ ڤيروس زكام متغيِّرا مؤخرا يظهر،‏ ولا بد ان يزوِّد جهازكم المناعي خلية تائية مساعِدة جديدة كليا لحث القوى المناعية على مقاتلته.‏ واذ تربحون معركة واحدة،‏ تبتدئ الاخرى حالا.‏ فالحرب لا نهاية لها.‏

الدماغ والجهاز المناعي يتصلان

لا عجب ان يُقارن الجهاز المناعي على نحو مؤات بالدماغ.‏ والبحث يستمر ليظهر انه هو والدماغ يتحدثان احدهما مع الآخر عن صحتنا وأن العقل يمارس تأثيرا على جسمنا،‏ بما في ذلك الجهاز المناعي.‏ والاقتباسات التالية تشير الى علاقة بين الدماغ والجهاز المناعي.‏ انها مسألة تأثير العقل على الجسم والجسم على العقل.‏

‏«علماء المناعة يكتشفون المزيد عن الروابط بين العقل والجسم،‏ آليات المرض النفسي الجسدي.‏» —‏ ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ ص ٧٣٣.‏

ان الصلة بين الجهاز المناعي والدماغ يجري تمييزها ولكن قلَّما يجري فهمها.‏ فالاجهاد العقلي،‏ الفاجعة،‏ الوحدة،‏ والكآ‌بة تؤثر في اعمال الكريَّات البيض،‏ او الخلايا اللمفاوية،‏ وهذا يقلِّل من نشاط الخلايا التائية.‏ «ان الاساس الحيوي لهذه الصلات المتبادلة يبقى غامضا الى حد بعيد.‏ ولكن من الواضح ان الجهازين العصبي والمناعي مترابطان بطريقة معقَّدة،‏ تشريحيا وكيميائيا.‏» —‏ الآلة المذهلة،‏ الصفحتان ٢١٧،‏ ٢١٩.‏

‏«ان الجهاز المناعي .‏ .‏ .‏ ينافس الجهاز العصبي المركزي في الحساسية،‏ النوعية،‏ التعقيد.‏» —‏ علم المناعة،‏ الصفحة ٢٨٣.‏

وأخبرت مجلة العلم عن الرابطة بين الدماغ والجهاز المناعي:‏ «ان مقدارا كبيرا من الدليل يُظهر ان الجهازين متصلان احدهما بالآخر بطريقة معقَّدة.‏ .‏ .‏ .‏ والصورة البارزة تُظهر ان الجهازين المناعي والعصبي متكاملان الى حد بعيد،‏ قادران على التحدث ذهابا وايابا لتنسيق نشاطاتهما.‏» —‏ ٨ آذار ١٩٨٥،‏ الصفحات ١١٩٠-‏١١٩٢.‏

كل ذلك يعكس الحكمة اللامتناهية لخالق الجهاز المناعي والدماغ كليهما.‏ وهذا،‏ بدوره،‏ يجعلنا نتساءل عما اذا كان خالقنا،‏ بعد بناء مثل هذه العجائب المذهلة فينا كالدماغ والجهاز المناعي،‏ سيبرمجنا بعدئذ لنموت.‏ وفي الواقع،‏ لم يفعل ذلك؛‏ فالعالِم هو الذي يقول اننا مصنوعون على هذا النحو.‏ ويُقال لنا ان الخلايا تنقسم —‏ يُخلق في اجسامنا اكثر من ٢٠٠ مليون كل دقيقة —‏ لتحل محل الخلايا المصابة بضرر والتالفة.‏ ولكنّ خلايانا،‏ يقول العلماء،‏ تنقسم ليس اكثر من ٥٠ مرة.‏ وبسرعة نخسر اكثر مما نستبدل،‏ تبدأ الشيخوخة،‏ ويتبع الموت.‏

لكنّ هذه ليست الطريقة التي خُلق بها الانسان؛‏ فالانسان جلب هذه الامور على نفسه.‏ لقد خُلق ليحيا،‏ يُثمر،‏ يكثر،‏ يملأ الارض،‏ ويعتني بالارض —‏ ما دام طائعا لخالقه.‏ لكنه حُذِّر:‏ ان لم تُطع «موتا تموت.‏» والانسان الاول لم يُطع،‏ حصل على مشاعر الذنب،‏ واختبأ.‏ من تلك اللحظة فصاعدا،‏ صارت البشرية تحت حكم عملية الموت.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٦-‏٢٨؛‏ ٢:‏١٥-‏١٧‏،‏ ترجمة العالم الجديد بشواهد،‏ الحاشية؛‏ ٣:‏٨-‏١٠ .‏

وعلى مر الوقت فان المشاعر السلبية القوية ‹تنخر العظام،‏› و «الروح المنسحقة تجفف العظم.‏» وتكون النتيجة جهازا مناعيا بمقدرة ناقصة،‏ لان نِقْي العظم الرطب السليم لازم لانتاج وفرة من الكريَّات البيض المقاتلة للمرض.‏ —‏ امثال ١٤:‏٣٠؛‏ ١٧:‏٢٢‏.‏

لكنّ عملية الموت ستُستبدل بعملية الحياة،‏ والجهاز المناعي الذي يعمل على نحو كامل سيكون عاملا مهما في المساهمة في ذلك.‏ وقصد يهوه في حيازة ارض فردوسية ملآنة بجنس بشري بار وطائع سيجري انجازه بواسطة الذبيحة الفدائية للمسيح يسوع.‏ حينئذ لا احد سيمرض،‏ والموت سيُباد،‏ واللحم كله سيصير «اغض من لحم الصبي.‏» (‏ايوب ٣٣:‏٢٥؛‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤؛‏ متى ٢٠:‏٢٨؛‏ يوحنا ١٧:‏٣؛‏ رؤيا ٢١:‏٤‏)‏ وحينئذ لن يخسر الجهاز المناعي المدهش المصمَّم من يهوه معركة ضد اية عوامل غازية.‏

وحتى الآن،‏ فان جهازنا المناعي،‏ بنقائصه،‏ هو اعجوبة الخلق.‏ وكلما تعلَّمنا عنه اكثر،‏ وقفنا اكثر في رهبة من خالقه العظيم،‏ يهوه اللّٰه.‏ ونحن ننضم الى صاحب المزمور داود في تعبيره الموحى به:‏ «احمدك من اجل اني قد امتزت عجبا.‏ عجيبة هي اعمالك ونفسي تعرف ذلك يقينا.‏» —‏ مزمور ١٣٩:‏١٤‏.‏

‏[الاطار/‏الرسومات في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

المدافعات في القوات المسلَّحة للجهاز المناعي

١-‏ الخلايا البُلعمية الخلايا المتغذية،‏ نوعان:‏ العَدِلات والبلاعم الكبيرة.‏ وكلتاهما كاسحات تلتهم القمامة العديمة الحياة،‏ الخلايا الميتة والنفايات الاخرى،‏ وأعدادا ضخمة من الميكروبات الغازية.‏ والبلاعم الكبيرة اكبر،‏ امتن،‏ اقوى من العَدِلات،‏ اذ تعيش فترة اطول وتأكل مقدارا اكبر من العضويات الدقيقة.‏ واذ تكون اكثر بكثير من وحدات للتخلص من النفايات،‏ تصنِّع الانزيمات المختلفة والعميلات المضادة للميكروبات،‏ وتعمل كحلقات اتصال بين الخلايا الاخرى للجهاز المناعي وأيضا الدماغ.‏

٢-‏ MHC (‏مركَّب التلاؤم النسيجي الرئيسي)‏ جزَيْئات على سطح الخلايا تحدِّد هوية الخلايا كجزء من الجسم.‏ وعلى البلاعم الكبيرة،‏ يَعرض الـ‍ MHC مقدارا ضئيلا من مولدات الضد الخاصة بالضحايا التي جعلتها البلاعم الكبيرة طعاما،‏ مما يثير الخلية التائية المساعِدة والبُلعمة الكبيرة على السواء لتتكاثرا على نحو استثنائي من اجل زيادة قواتهما المسلَّحة لمحاربة العدوى.‏

٣-‏ الخلايا التائية المساعِدة انها رؤساء العمليات للجهاز المناعي،‏ اذ تحدِّد هوية الاعداء وتثير عملية انتاج المحاربين الآخرين للجهاز المناعي،‏ حاشدة قواهم لينضموا الى المعركة ضد الغزاة.‏ وهي تستدعي الامدادات العسكرية في صفوف البلاعم الكبيرة،‏ الخلايا التائية والخلايا البائية الاخرى،‏ وتثير عملية انتاج الخلايا الپلازمية.‏

٤-‏ اللِمفوكينات پروتينات شبيهة بالهرمونات،‏ بما في ذلك الانترلوكينات وڠاما انترفرون،‏ بواسطتها تتصل الخلايا المناعية احداها بالاخرى.‏ انها تنشِّط تفاعلات حيوية كثيرة للجهاز المناعي،‏ معزِّزة بذلك استجابته للجراثيم المَرَضية.‏

٥-‏ الخلايا التائية الفاتكة هذه الخلايا التائية تدمِّر الخلايا التي اختبأت فيها الڤيروسات والميكروبات.‏ فهي توجِّه پروتينات مهلكة نحو هذه الخلايا،‏ جاعلة ثقوبا في اغشيتها ومسبِّبة تمزيق الخلايا.‏ وهي ايضا تتخلص من الخلايا التي تحوَّلت الى سرطانية.‏

٦-‏ الخلايا البائية تحت تأثير الخلايا التائية المساعِدة،‏ فان الخلايا البائية تزداد في العدد،‏ والبعض ينقسم وينضج ليصير خلايا پلازمية.‏

٧-‏ الخلايا الپلازمية تُنتج هذه الخلايا الاجسام المضادة بالملايين،‏ التي،‏ مثل الصواريخ الموجَّهة،‏ تدور بعد ذلك في كل الجسم.‏

٨-‏ الاجسام المضادة عند التقاء الاجسام المضادة بمولدات الضد يمكن لمستقبِلاتها ان تدركها،‏ تقبض عليها،‏ تبطِّئها،‏ تسبِّب تجمُّعها معا لتصير طبق طعام مغريا تلتهمه الخلايا البُلعمية.‏ او تقوم بالمهمة هي نفسها،‏ بمساعدة عوامل المتمِّمة.‏

٩-‏ پروتينات المتمِّمة حالما تقتفي الاجسام المضادة سطح العضوية الدقيقة،‏ فان الپروتينات التي تدعى المتمِّمة تندفع اليها وتحقن سائلا فيها،‏ جاعلة اياها تنفجر وتموت.‏

١٠-‏ الخلية التائية الكابتة عندما تُكبح العدوى ويربح الجهاز المناعي،‏ تبدأ الخلايا التائية الكابتة بالعمل وتستخدم اشارات كيميائية لتوقف سلسلة الاستجابات المناعية بكاملها.‏ ويجري ربح المعركة.‏

١١-‏ الخلايا الذاكرة بحلول هذا الوقت تكون الخلايا التائية والخلايا البائية قد انتجت وتركت وراءها الخلايا الذاكرة التي تدور في مجرى الدم والجهاز اللمفاوي طوال سنوات،‏ وحتى طوال العمر.‏ فاذا جرى شنّ غزو آخر من قبل النوع نفسه للعضوية التي هُزمت سابقا،‏ تشنّ هذه الخلايا الذاكرة هجوما ساحقا،‏ ويجري قهر هذا الغزو الجديد بسرعة.‏ فالجسم الآن في مناعة من هذه العضوية الدقيقة الخصوصية.‏ هذه هي الآلية التي تجعل عمليات التلقيح فعّالة في التخلص من الامراض التي كانت ذات مرة اسبابا لألم كبير —‏ الحَصْبة،‏ الجُدَريّ،‏ التيفوئيد،‏ الخانوق،‏ وأمراض اخرى.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٠]‏

زيادة انفجارية في المعرفة،‏ لكنّ اللغز يبقى

بما ان ڤيروس الأيدز ضرب وركَّز انتباهه على الجهاز المناعي لتعطيله،‏ انطلق البحث بسرعة.‏ والمعرفة ازدادت على نحو هائل.‏ على الرغم من ذلك،‏ فان الجهاز المناعي معقَّد بطريقة مذهلة حتى ان الكثير عنه يبقى لغزا،‏ كما تُظهر الاقتباسات التالية من علماء المناعة.‏

يقول عالم المناعة جون كاپلر:‏ «ان الحقل يتقدم بسرعة كبيرة حتى ان المجلات تكون قديمة في الوقت الذي تصدر فيه.‏» —‏ تايم،‏ ٢٣ ايار ١٩٨٨،‏ الصفحة ٥٦.‏

وعالم المناعة ليرويْ هود،‏ من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا،‏ يقول:‏ «لقد نلنا فهما جيدا لعتاد الجهاز المناعي،‏ لكننا تقريبا لا نعرف شيئا بعدُ عن البرنامج الذي يسيِّر الجهاز —‏ المورِّثات التي تقول لخلايانا ما يجب ان تفعل.‏» وفي ما يتعلق بالاشارات الكيميائية الشبيهة بالهرمونات التي تثير ردود الفعل،‏ اللِمفوكينات،‏ يقول هود ان التي اكتُشفت حتى الآن هي «مجرد رأس الجبل الجليدي.‏» —‏ ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ الصفحة ٧٣٢؛‏ تايم،‏ ٢٣ ايار ١٩٨٨،‏ الصفحة ٦٤.‏

والباحث ادوَرد برادلي:‏ «من المحتمل اننا نعرف القليل عن الجهاز المناعي الآن كما كان كولومبس يعرف عن الاميركيتين بعد رحلته الاولى.‏» —‏ ناشنال جيوڠرافيك،‏ حزيران ١٩٨٦،‏ الصفحة ٧٣٢.‏

‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

ان تدخين الماريجوانا «يقوم بدور حاسم في إضعاف الجهاز المناعي اذ يحدّ من نموّ كريَّات بيض معيَّنة.‏» —‏ الكيميائي الصناعي،‏ تشرين الثاني ١٩٨٧،‏ الصفحة ١٤.‏

‏[الاطار في الصفحة ١١]‏

عندما تصير الحرب حربا اهلية

«ان المقدرة على التمييز بين الذات واللاذات هي السمة المميِّزة للجهاز المناعي.‏» (‏علم المناعة،‏ الصفحة ٣٦٨)‏ ولكن عندما يخفق الجهاز —‏ كما يفعل في بعض الاحيان —‏ يفشل في التمييز بين الذات واللاذات وينتهي به الامر الى حرب اهلية،‏ مقاتلا نفسه.‏ والاسقام التي تصيبنا آنذاك تُدعى امراض المناعة الذاتية autoimmune diseases.‏ ويُعتقد ان يكون بينها الحمّى الروماتزمية،‏ التهاب المفاصل شبه الرَّثْييّ،‏ التصلُّب المتعدِّد،‏ داء السكري من النوع ١،‏ الوهن العضليّ الوخيم،‏ والذَّأَب الحُمامي الجهازي.‏

وبالاضافة الى ذلك،‏ يخطئ الجهاز المناعي احيانا عندما يعتبر الدخلاء العديمي الاذى اعداء خطرين.‏ فيمكن ان يسبِّب مقدار ضئيل من اللقاح،‏ جُسَيْم من الغبار،‏ قشور الرأس الحيوانية،‏ او عضَّة سلطعون ردَّ فعل ارجيّا allergic.‏ فيجري انتاج كميات زائدة من المواد الكيميائية الفعّالة،‏ كالهستامينات،‏ لتقاتل اجزاء هي غير مؤذية بحد ذاتها.‏ وأعراض ردود الفعل الارجيّة هذه يمكن ان تكون مزعجة جدا —‏ الازيز،‏ العُطاس،‏ الزكام الانفي،‏ انف سيّال،‏ اعين دامعة.‏ واذا كانت متطرفة فان ردود الفعل هذه يمكن ان تؤدي الى حالة شبيهة بالصدمة تدعى تحساسا anaphylaxis ويمكن ايضا ان تسبب الموت.‏

‏[الاطار في الصفحة ١٢]‏

يزداد الدليل على ان نقل الدم مؤذ للجهاز المناعي.‏ ومئات المقالات العلمية على مرّ السنوات العديدة الماضية ربطت نقل الدم بالكبت المناعي.‏ «ان وحدة واحدة من الدم الكامل كانت كافية لرؤية كبت المناعة،‏» ذكر احد التقارير.‏ —‏ اخبار العالم الطبية،‏ ١١ كانون الاول ١٩٨٩،‏ الصفحة ٢٨.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة