مناعة روحية ضد الانحطاط الادبي
ان كياننا الجسدي محاط بملايين الميكروبات التي تضج لتصل الى داخلنا وتغلبنا. ولسعادتنا، لدينا ملايين المدافعات تنتظر في داخلنا متحفِّزة لتنقضَّ عليها وتهزمها اولا. ان استجابتها للغزاة تلقائية؛ فلا يلزم ان تُمنح ايّ انتباه. ولكن هنالك نوع آخر من الغزو لا بد ان نمنحه الكثير من الانتباه اذا كنا سننجو. وهو ايضا مهدِّد للحياة، وهنالك قوى خلفه هي ايضا غير منظورة اكثر من العضويات الدقيقة المسبِّبة للمرض!
هذه القوى تهاجم العقل والقلب، الفكر والمشاعر. واعلاناتها المنظورة تقدِّم ما يرضي الجسد ولا تشبع حاجات الروح وأفراحه. وبطرائق ماكرة وفاضحة، تُوقِع جماهير الجنس البشري في الانحطاط الادبي الدائم الانتشار الذي يصيب هذا الجيل. وكما ان هنالك جهازا مناعيا جسديا لردّ غزو اجسامنا من قبل الميكروبات والڤيروسات، هل هنالك وسيلة مناعة لانقاذ روحياتنا من مدمِّريها؟ نعم، هنالك وسيلة!
وما الذي يمكن ان يزوِّد الاجسام المضادة الروحية القوية على نحو يكفي لتزويد مناعة روحية ضد الانحطاط الادبي؟ من الواضح انه لا يمكن لسلسلة كتب علم النفس الشعبية الاكثر رواجا ولا للمجلدات الاثقل وزنا للاطباء النفسانيين ان تقوم بذلك.
توصَّل محرِّر نقابي الى مصدر اسمى من اجل المساعدة: «من المستحيل الحصول على مجتمع او امة تتسم بالآداب دون الايمان باللّٰه، لان كل شيء يتحوَّل بسرعة الى ‹انا،› و ‹انا› وحدها لا مغزى لها.» وعندما طُلب من المنشقّ الروسي ألكسندر سولجينيتْزِن ان يحدِّد هوية مشكلة القرن الـ ٢٠، قال: «لقد نسي الانسان اللّٰه. . . . والقرن العشرون بكامله يجري امتصاصه الى دردور الالحاد وتدمير الذات.»
وأحد رواد الطب النفسي الحديث، الدكتور سي. ج. يونڠ، اظهر القوام الرئيسي لمقاومة الانحطاط الادبي بنجاح: «ان الفرد الذي لا يعتمد على اللّٰه لا يمكنه ان يبدي اية مقاومة بوسائله الخاصة لمداهنات العالم الجسدية والادبية. ولهذا السبب يحتاج الى دليل الاختبار الداخلي الفائق الذي وحده يمكن ان يحميه من الغرق المحتوم في غمر الناس دون ذلك. ومجرد البصيرة الفكرية او حتى الادبية . . . تنقصها القوة الموجِّهة للاقتناع الديني، لانها مجرد عقلانية.» — الذات غير المكتشفة، الصفحة ٣٤.
ان الكتاب المقدس وحده، عندما يجري تطبيقه في سلوكنا اليومي، يزوِّد الاجسام المضادة الروحية القوية على نحو يكفي لحماية العقل والقلب من مولدات الضد المريضة المحيطة بنا والتي يطلقها نقيق شبه الضفادع ‹للعبارات الملهمة النجسة› التي تقودنا الى نزاع مع اللّٰه. — رؤيا ١٦:١٣، ١٤؛ ١ يوحنا ٤:١.
الاجسام المضادة الروحية لحماية الروحيات
▪ كلمة اللّٰه لديها القوة على تغيير الحياة:
«لا زناة ولا عبدة اوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طمَّاعون ولا سكيرون ولا شتَّامون ولا خاطفون يرثون ملكوت اللّٰه. وهكذا كان اناس منكم. لكن اغتسلتم بل تقدَّستم بل تبرَّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا.» — ١ كورنثوس ٦:٩-١١.
«زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا ارادة الامم سالكين في الدعارة والشهوات وادمان الخمر والبطر والمنادمات وعبادة الاوثان المحرَّمة الامر الذي فيه يستغربون انكم لستم تركضون معهم الى فيض هذه الخلاعة عينها مجدِّفين.» — ١ بطرس ٤:٣، ٤.
«اذ خلعتم الانسان العتيق مع اعماله ولبستم الجديد الذي يتجدَّد للمعرفة حسب صورة خالقه.» — كولوسي ٣:٩، ١٠.
▪ عندما يجري تطبيقها، تحمي الاسفار المقدسة من المادية:
«انظروا وتحفظوا من الطمع. فانه متى كان لاحد كثير فليست حياته من امواله.» — لوقا ١٢:١٥.
«أمّا الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ . . . لان محبة المال اصل لكل الشرور.» — ١ تيموثاوس ٦:٩، ١٠.
«كما خرج من بطن امه عريانا يرجع ذاهبا كما جاء ولا يأخذ شيئا من تعبه.» — جامعة ٥:١٥.
▪ اعتنوا بالارض، لا تلوِّثوها، طبيعيا او روحيا:
«اخذ الرب الاله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها.» — تكوين ٢:١٥.
ان اللّٰه «للسكن صوَّرها.» — اشعياء ٤٥:١٨.
«الارض . . . اعطاها لبني آدم.» — مزمور ١١٥:١٦.
«الارض تدنست تحت سكانها . . . وعوقب الساكنون فيها.» — اشعياء ٢٤:٥، ٦.
ان اللّٰه سوف «يهلك الذين كانوا يهلكون الارض.» — رؤيا ١١:١٨.
▪ أعرضوا عن مذهب الانا، عبادة الذات:
«فأميتوا اعضاءكم التي على الارض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع الذي هو عبادة الاوثان.» — كولوسي ٣:٥.
▪ تجنبوا المعاشرات غير الطاهرة:
«لا تضلوا. فان المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة.» — ١ كورنثوس ١٥:٣٣.
«المساير الحكماء يصير حكيما ورفيق الجهال يضرّ.» — امثال ١٣:٢٠.
▪ احترزوا من الشيطان وعالمه:
«إله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين.» — ٢ كورنثوس ٤:٤.
«نعلم اننا نحن من اللّٰه والعالم كله قد وضع في الشرير.» — ١ يوحنا ٥:١٩.
«ان احب احد العالم فليست فيه محبة الآب. لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيثبت الى الابد.» — ١ يوحنا ٢:١٥-١٧.
▪ تسلَّحوا ضد القوى الابليسية غير المنظورة:
«البسوا سلاح اللّٰه الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع . . . اجناد الشر الروحية في السماويات.» — افسس ٦:١١، ١٢.
«قاوموا ابليس فيهرب منكم. اقتربوا الى اللّٰه فيقترب اليكم.» — يعقوب ٤:٧، ٨.
▪ اتَّبعوا الارشادات الآمنة والمثال الكامل:
«سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي.» — مزمور ١١٩:١٠٥.
«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون انسان اللّٰه كاملا متأهبا لكل عمل صالح.» — ٢ تيموثاوس ٣:١٦، ١٧.
«ان المسيح . . . تألم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتَّبعوا خطواته.» — ١ بطرس ٢:٢١.
▪ التفكير الذي يجدِّد الذهن:
«لا تشاكلوا هذا الدهر. بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة اللّٰه الصالحة المرضية الكاملة.» — رومية ١٢:٢.
«كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسرّ كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا.» — فيلبي ٤:٨.
▪ تدريب الاولاد الذي يمنع الجُناح:
«منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكِّمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع.» — ٢ تيموثاوس ٣:١٥.
«رب الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه.» — امثال ٢٢:٦.
«من يمنع عصاه يمقت ابنه ومن احبه يطلب له التأديب.» — امثال ١٣:٢٤.
«فأي ابن لا يؤدبه ابوه. ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى انه للفرح بل للحزن. وأما اخيرا فيعطي الذين يتدرَّبون به ثمر بر للسلام.» — عبرانيين ١٢:٧، ١١.
«لتكن هذه الكلمات التي انا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصَّها على اولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم.» — تثنية ٦:٦، ٧.
«ايها الاولاد اطيعوا والديكم في الرب لان هذا حق. وانتم ايها الآباء لا تغيظوا اولادكم بل ربوهم بتأديب الرب وانذاره.» — افسس ٦:١، ٤.
▪ تجنبوا الطلاق الذي يؤدي الى عائلات ذات والد واحد، الجناح، المخدرات، الفساد الادبي الجنسي:
«لا يغدر احد بامرأة شبابه. لانه يكره الطلاق قال الرب إله اسرائيل.» — ملاخي ٢:١٥، ١٦.
«اقول لكم ان من طلَّق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني.» — متى ١٩:٩.
▪ المحبة التي تزيل كل العنف، الجريمة، العنصرية، المخدرات، السكر، البغض، الاساءة الى الآخرين:
«تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك.» و «تحب قريبك كنفسك.» — مرقس ١٢:٣٠، ٣١.
«كل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم. لان هذا هو الناموس والانبياء.» — متى ٧:١٢.
«هذه هي محبة اللّٰه ان نحفظ وصاياه.» — ١ يوحنا ٥:٣.
العالم القديم هذا في طريقه الى الانتهاء، العالم الجديد هذا في طريقه الى الابتداء
كثيرون من العلماء والاطباء النفسانيين العصريين يقلِّلون من اهمية كون قيود الاسفار المقدسة هذه عملية في السلوك. فالبعض يقبل الفساد الادبي الجنسي ومضاجعة النظير كمجرد انماط حياة مختلفة. والتمييز بين الصواب والخطإ صار مشوَّشا جدا اذ ان «آدابا جديدة» يجري اعتناقها. ان ذلك مثال عصري لاشعياء ٥:٢٠: «ويل للقائلين للشر خيرا وللخير شرا الجاعلين الظلام نورا والنور ظلاما الجاعلين المرّ حلوا والحلو مرّا.» وكما يقول الكتاب المقدس عن اشخاص كهؤلاء: «اطباء بطّالون كلكم.» (ايوب ١٣:٤) انهم يعطون الضوء الاخضر لمولدات الضد المَرَضية الروحية؛ ولا يكتبون وصفات طبية من اجل الاجسام المضادة الروحية لتقاتلها.
تبرهن الاحوال ان العالم القديم هذا هو في ‹ايامه الاخيرة،› ليحل محله عالم جديد من البر. «أمّا السموات والارض الكائنة الآن فهي مخزونة . . . محفوظة للنار الى يوم الدين وهلاك الناس الفجار. ولكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.» — ٢ تيموثاوس ٣:١-٥؛ ٢ بطرس ٣:٧، ١٣.
سيرى العالم الجديد نهاية الحزن، المرض، والموت وسيفتح الطريق الى حياة ابدية على ارض فردوسية: «لا يقول ساكن انا مرضت.» (اشعياء ٣٣:٢٤) «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.» (رؤيا ٢١:٣، ٤) والوصفة لنيل ذلك العالم معطاة في يوحنا ١٧:٣: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.»