مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٢ ٨/‏٥ ص ١٤-‏١٩
  • ‏«كنت مصمِّما ان اموت من اجل الامبراطور»‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ‏«كنت مصمِّما ان اموت من اجل الامبراطور»‏
  • استيقظ!‏ ١٩٩٢
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • الاحوال السيِّئة في الصين
  • في الطريق الى سنڠافورة
  • الموت عوضا عن الاستسلام
  • الاستيلاء على سنڠافورة
  • مشاهدة المأساة في هيروشيما
  • خسارة الايمان بالآلهة
  • العثور على الاله الحقيقي
  • فرح خدمة اللّٰه العلي بولاء
  • صنع مشيئة اللّٰه ملأ حياتي فرحا
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٨
  • سنڠافورة —‏ جوهرة آسيا الخامد بريقها
    استيقظ!‏ ١٩٩٧
  • هيروشيما —‏ هل ضاع درسها؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٦
  • ‏«لا مزيد من هيروشيما!‏»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٢
ع٩٢ ٨/‏٥ ص ١٤-‏١٩

‏«كنت مصمِّما ان اموت من اجل الامبراطور»‏

١ «على الجندي ان يجعل الولاء التزامه.‏

٢ على الجندي ان يجعل اللياقة طريقة حياته.‏

٣ على الجندي ان يقدِّر على نحو رفيع البسالة العسكرية.‏

٤ على الجندي ان يملك اعتبارا رفيعا للبر.‏

٥ على الجندي ان يحيا حياة بسيطة.‏»‏

كانت هذه العبارات الخمس بنودَ قَسَم صيغ للتأثير في اولئك الذين جرى تجنيدهم حديثا في الجيش الامبراطوري الياباني.‏ وكان الضباط الاقدمون يأتون كل يوم لجعل كل مجنَّد جديد يردِّد من الذاكرة البنود الخمسة تحت تهديد اللكمات إن لم يجرِ قولها على نحو صحيح.‏ وكان التشديد خصوصا على الولاء الذي لا ينثني للامبراطور والبلد.‏

جرى تجنيدي في السنة ١٩٣٨،‏ حين كانت اليابان في غمرة الحرب الصينية اليابانية للسنوات ١٩٣٧-‏١٩٤٥.‏ وفي كل مناسبة،‏ كانت تُغرس فينا الفكرة أن الحرب مقدسة وأنه تماما كما اكتسحت «الريح الالهية» (‏كاميكازي‏)‏ المغولَ عندما هاجموا اليابان في اواخر القرن الـ‍ ١٣،‏ فإن آلهة،‏ او كامي،‏ اليابان ستمنحنا النصر.‏

بعد التدريب الحربي و «الروحي،‏» انطلقنا الى ساحة القتال في السنة ١٩٣٩.‏ فأعطاني والداي حزاما له ألف درزة للتمنطق به عند وركيَّ.‏ لقد صُنع بجعل ألف شخص مختلف يخيطون درزة من خيط احمر كصلاة من اجل النصر وحسن حظي المستمر في القتال.‏ واذ كنت متَّجها الى الصين ومودِّعا بلدي،‏ كانت لديَّ مشاعر مختلطة.‏ ‹قد يكون هذا آخر ما أراه من وطني الام،‏› فكَّرت.‏ وفي الوقت نفسه،‏ كنت مصمِّما ان اموت من اجل الامبراطور.‏

الاحوال السيِّئة في الصين

خلال تموز ١٩٣٩،‏ في الحر الشديد الذي يتميَّز به البر الرئيسي الصيني،‏ اشتركنا في عملية تطهير من بقايا جيش العدو في اواسط الصين.‏ سرت مجهَّزا كاملا بحملٍ على الظهر من ٧٠ پاوندا (‏٣٠ كلغ)‏ ولكن لابسا دائما حزامي ذا الالف درزة.‏ وبحلول نهاية مسيرة يوم،‏ نحو ٢٥ ميلا (‏٤٠ كلم)‏،‏ كنت اجرّ قدميَّ المتقرحتين من الجزمة.‏ جرحتُ النفطات بسيف وسكبت حمض الساليسليك فيها.‏ فكادت طعنات الالم ترفعني في الهواء!‏ ومع ذلك كرَّرت مثل هذا التعذيب الذاتي الى ان تحوَّلت النفطات الى شَثَن ولم اعد اشعر بأيّ ألم.‏

والسير في الحر جعلني جافا كالعظم.‏ فكنت اضع ماء بنيا من جدول في مَطَرة،‏ اضيف مسحوقا للتبييض،‏ وأطفئ ظمإي.‏ وأيّ شراب كان يصير على الفور عرقا،‏ مبلِّلا ثيابي وتاركا بقع ملح بيضاء على بذلتي العسكرية.‏ وبسرعة استحكَّني جلدي وشعرت بألم في كل انحاء جسمي.‏ وذات يوم فككت ازرار بذلتي العسكرية فوجدت قملا يدبّ هنا وهناك ويضع البيض!‏ فسحقته واحدة واحدة،‏ ولكن لم تكن هنالك طريقة لاتمكَّن من الفوز بسبب عدده الكبير.‏ كان القمل فينا جميعا.‏ لذلك عندما وصلنا الى جدول،‏ قفزنا فيه لنستحم.‏ وكان كل شخص مغطى ببقع حمراء منتفخة من لسعات القمل.‏ وبعد الاستحمام،‏ نقعنا بذلاتنا العسكرية في ماء مغلي لقتل الحشرات الطفيلية.‏

لاحقا،‏ نُقلت الى مركز قيادة الفرقة في شنڠهاي وصرت ضابط صف لكشف الرواتب.‏ وعملي كدافع للرواتب كان ان اتولَّى الحسابات للجنود وأهتم بصندوق النقود.‏ وذات يوم رأيت حمَّالَين صينيين يحاولان الهرب به.‏ فحذَّرتهما،‏ صوَّبت سلاحي الناري،‏ وأطلقت النار.‏ فماتا كلاهما في الحال.‏ ولاحقا في الحياة عذَّبتْ هذه الحادثة ضميري لسنوات كثيرة.‏

في الطريق الى سنڠافورة

في اواخر سنة ١٩٤١،‏ اذ كنا مجهَّزين كاملا،‏ أُعطينا اوامر بأن نركب سفينة.‏ لم يُذكر شيء بالنسبة الى مكاننا المقصود.‏ ولدى الوصول الى هونڠ كونڠ،‏ حمِّلت السفينة بالدراجات،‏ الدبابات،‏ والمدافع البعيدة المدى.‏ وزِّعت كمامات الغاز والبذلات العسكرية الصيفية،‏ وأبحرنا من جديد.‏ بعد ايام قليلة،‏ قيل لنا:‏ ‹نحن مهيَّأون لشنّ حرب علمية ذات مدى غير محدود.‏ تأكدوا الآن من ترك رسالة مختصرة وداعية لعائلتكم.‏› فكتبت رسالة مختصرة اخيرة الى والديَّ،‏ ملتمسا منهما ان يسامحاني على عدم قيامي بأيّ شيء لانجاز واجبي البنوي.‏ وأخبرتهما انني سأضحّي بحياتي من اجل الامبراطور وأموت من اجل بلدي.‏

في الصباح الباكر من ٨ كانون الاول ١٩٤١،‏ في اليوم نفسه الذي شنَّت فيه قاذفات القنابل اليابانية الهجوم على پيرل هاربر،‏ قمنا بغارة برمائية على ساحل سونڠكلا پروڤِنس،‏ تايلند،‏ في حين كان لا يزال هنالك ظلام.‏a كان البحر هائجا.‏ وتدلّى سلَّم من حبال من السفينة الام.‏ وكان علينا ان ننزل ثلثي طوله ثم نقفز الى احد زوارق الغارة،‏ الذي كان يتمايل كورقة في الريح.‏ وفعلنا ذلك بأحمالنا الثقيلة!‏ ألقى العدو القنابل علينا،‏ ولكنَّ هجومنا نجح.‏ وبدأ تقدُّمنا عبر الدغل الى سنڠافورة.‏

وبصفتي دافعا للرواتب،‏ كان عملي الرئيسي خلال التحرك العسكري تأمين المؤَن للجنود.‏ وكان علينا ان نحصل على هذه محليا،‏ اذ لم يكن بإمكاننا ان نعتمد على الامدادات من اليابان.‏ وعنى ذلك انه على دافعي الرواتب ان يتقدَّموا مع الجنود في المقدِّمة،‏ يبحثوا عن مؤَن الطعام،‏ ويؤمنوها من اجل حاجتنا.‏ وعلى الرغم من انني لم اشعر بالذنب حيال القيام بذلك في ذلك الوقت،‏ فانه لم يكن مختلفا عن السرقة على نطاق واسع.‏

الموت عوضا عن الاستسلام

خلال مواجهة عنيفة في آلور سيتار قرب الحدود بين تايلند والملايو،‏ وجدنا مخزنا ضخما ملآنا طعاما.‏ ففكَّرت،‏ ‹يجب نقل هذه الاخبار الرائعة الى مكتب دافعي الرواتب في المؤخرة.‏› غادرت في سيارة جرى الاستيلاء عليها من البريطانيين،‏ مع احد رجالي بصفته السائق.‏ كنا نتقدم بابتهاج الى ان سرنا في منعطف ورأينا صفا من الدبابات البريطانية.‏ لقد ضللنا الطريق ووجدنا انفسنا نواجه نحو ٢٠٠ جندي هندي شرقي وبريطاني!‏ هل كان ذلك هزيمتنا؟‏ اذا لم نستطع شقّ طريقنا،‏ فسينتهي بنا الامر الى ان نكون اسيرَين جديرين بالازدراء.‏ وكجنديين يابانيين،‏ عوضا عن ان نحيا بخزي كسجينَي حرب،‏ كنا مصمِّمين ان نموت.‏ فصوَّبت مسدسي نحو صدغ السائق،‏ وهو وجَّه سكينه المسلول الى معدتي.‏ وأمرته ان يقود مباشرة الى الامام.‏ واندفعنا بسرعة عبر ستارة من رصاص الرشاشات.‏ وعلى الرغم من اننا لم نصب بأذى،‏ فقد كنا ضالَّين تماما.‏ ووصلنا الى طريق مسدود،‏ تركنا العربة،‏ وبدأنا بالسير عبر الدغل.‏ واذ هاجمتنا الحيَّات وطاردَنا الاعداء،‏ جاهدنا عدة ايام للوصول الى جنودنا.‏ وعندما وصلنا وجدنا انهم قد كتبوا تقريرا ذاكرين اننا قُتلنا في المعركة.‏

في كْوالا لومپور،‏ الملايو،‏ رأينا الكثير من سجناء الحرب البريطانيين.‏ لقد وقفوا في تباين صارخ مع الجنود اليابانيين الذين بالنسبة اليهم كانت فكرة الصيرورة سجين حرب مخزية وشائنة.‏ والبريطانيون كانوا لا يزالون متفائلين وقالوا ان الاوضاع ستنقلب يوما ما.‏ فتجاهلنا كلماتهم،‏ اذ كنا نتقدَّم بزخم متزايد.‏

الاستيلاء على سنڠافورة

بسرعة واجهنا جزيرة سنڠافورة.‏ وعلى طول الشاطئ كان مصفوفا عدد لا يحصى من الالغام وسياجات من الاسلاك الشائكة.‏ فساعدت النار من مدافعنا البعيدة المدى المركَّزة على زاوية من الشاطئ على تأسيس رأس جسر ساحلي،‏ ونزلنا الى اليابسة.‏

سنڠافورة هي جزيرة صغيرة نسبيا،‏ ولكن جملة،‏ حارب ٠٠٠‏,١٦٠ جندي فيها.‏ واذ تقدمنا ببطء،‏ تعثَّرنا بجثث رفقائنا الموتى.‏ والبريطانيون خافوا من هجماتنا الليلية.‏ ففرق الانتحار كِشيتاي (‏المصمِّمون ان يموتوا)‏ اليابانية،‏ كل واحدة بنحو اثني عشر عضوا،‏ قامت بموجات من الهجوم وسيوفهم مسلولة.‏ وعندما خرج نداء من اجل متطوعين اضافيين،‏ تطوَّع الجميع.‏ لقد حسبناه شرفا ان نموت من اجل الامبراطور.‏

عندما عبرنا مضيق جوهور من شبه جزيرة الملايو في شباط ١٩٤٢،‏ وجدنا ان العدو قد صوَّب مدفعياته جانڠي المتباهى بها بعيدا عنا،‏ ظانا اننا سنأتي من عرض البحر.‏ ولكن حالما وجِّهت نحونا،‏ كانت فعلا مرعبة.‏

لقد احدثت القذائف من مدفعيات العدو حفرا كبيرة في الطريق التي امتدت امامنا،‏ جاعلة من المستحيل للعربات العسكرية ان تتقدَّم.‏ فأُمر اثنا عشر سجين حرب ان يقفوا حول الحفرة.‏ وفرقة اعدام برشاشات صوَّبت نحوهم وأطلقت النار.‏ وقيل لاثني عشر سجين آخر ان يلقوا الجثث في الحفرة ويغطوها بالتراب.‏ وبسلسلة اخرى من نار الرشاشات،‏ صاروا الردم التالي للطريق.‏ استمرت العملية الى ان رُمم الطريق كاملا.‏ (‏يؤلمني الآن ان اتذكَّر بعض الفظائع التي ارتكبناها،‏ ولكنها كانت جزءا من الحقيقة الرهيبة لتلك الحرب الشنيعة.‏)‏ وفي ذلك الوقت كان ضميري ‹موسوما،‏› اذا جاز التعبير،‏ مقسًّى الى حد بعيد بحيث انه لم يحرِّكني ايّ احساس لدى رؤية هذه الفظاعة.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٤:‏٢‏.‏

في ١٥ شباط ١٩٤٢،‏ اتى ضابط بريطاني عالي الرتبة مع علم ابيض ماشيا نحونا مع عدد قليل من رجاله.‏ «انه الجنرال پِرْسِڤل!‏» صرخ احد الرفقاء.‏ ‹لقد نجحنا!‏› قلت لنفسي.‏ فالقائد الاعلى للقوات البريطانية في الملايو قد استسلم.‏ وأتذكَّر جيدا مشاهدتي هذه المناسبة التاريخية.‏ فجرت تقوية ثقتي بقوة الآلهة اليابانية القديمة.‏

بعد ان استولينا على سنڠافورة،‏ أُرسلتُ الى اماكن شتى،‏ بما فيها غينيا الجديدة.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٤٣،‏ تلقيت امرا بالعودة الى اليابان.‏ فابتهجت لتوقُّع رؤية والديَّ.‏ ولكن كان على سفينتنا ان تنتظر بسبب غواصات العدو.‏ وبحلول ذلك الوقت كان مجرى الحرب يتحوَّل ضدنا.‏ فتذكَّرت ما قاله لنا سجناء الحرب البريطانيون في كْوالا لومپور.‏ نعم،‏ كانت الاوضاع تنقلب.‏

مشاهدة المأساة في هيروشيما

عندما وصلت اخيرا الى اليابان،‏ شبكت يديَّ في صلاة شكر للآلهة ولبوذا.‏ ‹لا بد ان تكون القوة الواقية للحزام ذي الالف درزة والآلهة القديمة ما حماني،‏› فكَّرت.‏ واذ كان يجري انزالنا،‏ امرنا القائد المعيَّن ان ننجب اولادا.‏ «إن لم تشكِّلوا عائلة،‏» قال،‏ «فأنتم غير وطنيين.‏» ولتنفيذ هذه المهمة،‏ صمَّمت ان اتزوج.‏ فرتَّب احد الاقرباء الزواج لي،‏ وأخذت هاتسوكو زوجة لي في كانون الاول ١٩٤٣.‏

كنت اخدم كحارس سجن في ضواحي هيروشيما عندما دمَّرتْ قنبلة ذرية المدينة في ٦ آب ١٩٤٥.‏ وكان يلزم ان يذهب احد ويساعد اولئك الذين في اماكن الخراب.‏ «إن كان احدكم راغبا في الذهاب بروح عازمة،‏ فمن فضلكم تجمَّعوا معا،‏» التمس المشرف عليَّ.‏ وعلى الرغم من ان زوجتي كانت حبلى بولدنا الاول،‏ فقد حثَّتني عقليتي المدرَّبة عسكريا على الذهاب.‏ ونلنا عصائب للرأس ذات شمس شارقة في الوسط وكتابة تُقرأ كِشيتاي.‏

كانت مهمتنا انقاذ السجناء في سجن هيروشيما.‏ واذ انطلقنا في ذلك الاتجاه،‏ عبرنا انهارا ملآنة جثثا.‏ فالناس اذ كانوا غير قادرين على تحمُّل الحرارة من الانفجار،‏ قفزوا في الانهار.‏ وعندما وصلنا الى السجن،‏ قدَّمنا الاسعاف الاولي للسجناء وأخذناهم بالشاحنة الى المستشفى.‏ لم ادرك ان كاتسو ميورا،‏ احد شهود يهوه الذي حافظ على حياده المسيحي في اليابان خلال الحرب،‏ كان في ذلك السجن في ذلك الوقت بسبب دينه.‏

خسارة الايمان بالآلهة

بعد اسبوع كان عليَّ ان اقدِّم تقريرا الى مكتب دافعي الرواتب لفيلق الهندسة في هيروشيما.‏ واذ سرت نحو السيارة التي كانت ستأخذني،‏ نقلَت مدرسة محلية بثّا اذاعيا خصوصيا عبر مكبِّر الصوت الذي لمجتمعها.‏ لقد كانت المرة الاولى التي يُسمع فيها صوت الامبراطور هيروهيتو بالراديو.‏ فوقفت منتصبا واستمعت الى اعلانه.‏ وملات الدموع عينيَّ وتركت آثارا على خديَّ.‏ وشعرت كأنه جرى سلبي من كل قوة.‏ لقد قال انه سوف ‹يتحمَّل ما لا يمكن تحمُّله.‏› سيتذلَّل ويستسلم لقوات الحلفاء!‏ الكلمة «استسلام» التي لا تُغتفر على شفتي الامبراطور الاله!‏

لم تهبَّ الريح «الالهية» قط،‏ واليابان،‏ الارض «الالهية،‏» هُزمت.‏ لقد تحطَّمت ثقتي بالامبراطور والبلد.‏ وجرت الايام دون قصد ودون رجاء.‏ واذ اعتبرت ان الاله الحقيقي لم يكن بين الآلهة التي آمنتُ بها،‏ قرعتُ ابواب اديان شتى.‏ ولكنها كلها عملت على ارضاء الانانية،‏ مبرزة شفاءات الايمان والربح الجشع.‏ وانتهى بي الامر الى الايمان بنوعي الخاص من الدين.‏ فالهدف الاساسي من الحياة،‏ استنتجت،‏ كان اظهار المرء محبة ودية من خلال عمله.‏ واذ اتَّجرت بالدراجات،‏ حاولت بيع دراجات ذات نوعية جيدة بأسعار معقولة وتزويد خدمة اصلاحات سريعة بطريقة لطيفة.‏ لقد احتلَّ العمل المكان الذي شغلته الآلهة سابقا في قلبي.‏

العثور على الاله الحقيقي

في اوائل ١٩٥٩،‏ عندما كنت اعمل في متجري،‏ زارني شخصان وقدَّما مجلتَي برج المراقبة واستيقظ!‏ كانا من شهود يهوه،‏ وعادا بعد ايام قليلة لتشجيعي على درس الكتاب المقدس.‏ واذ اردت دائما ان اعرف المزيد عن اللّٰه،‏ وافقت فورا.‏ ودعوت زوجتي ايضا الى الاشتراك في الدرس الاسبوعي.‏

وأخيرا،‏ بدأت ارى انني كنت قد آمنت بشيء ليس له ايّ جوهر.‏ واستطعت الآن رؤية سخافة وقف نفسي باخلاص لشخص لم يكن في وضع لتزويد الخلاص.‏ والمزمور ١٤٦،‏ العددان ٣ و ٤‏،‏ محا ايّ تعلُّق بالامبراطور كان لا يزال باقيا في قلبي.‏ انه يذكر:‏ «لا تتكِّلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده.‏ تخرج روحه فيعود الى ترابه.‏ في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره.‏» والولاء المطلق الذي كنت قد منحته للامبراطور والبلد خلال الحرب يجب توجيهه الآن الى المتسلِّط الكوني العظيم ومنشئ الحياة،‏ يهوه اللّٰه.‏

ولكن كان هنالك امر يُثقل قلبي.‏ لقد كان ذنب سفك الدم الذي جلبته على نفسي في المعارك في الصين —‏ وخصوصا في سنڠافورة.‏ فكيف يمكن لرجل ملطَّخ بالدم مثلي ان يخدم المتسلِّط الكوني العظيم؟‏ حُلَّت هذه المشكلة في السنة ١٩٦٠،‏ عندما عُقد محفل دائري في إيواكوني،‏ حيث كنا نعيش.‏ فقد اضفنا المرسَل ادريان طومبسون وزوجته،‏ نورين،‏ اذ زار المدينة للاشراف على المحفل.‏ فانتهزت الفرصة للتعبير عن الامور الاعمق التي كانت تقلقني بسرد اختباراتي في سنڠافورة.‏ «لقد جلبت على نفسي الكثير من ذنب سفك الدم.‏ فهل انا مؤهل للحصول على الرضى الالهي؟‏» سألته.‏ ردّا على ذلك لم يقل سوى:‏ «انت تسلك طريق القائد الروماني للقرن الاول كرنيليوس.‏» فأزالت كلماته التحفُّظ الاخير الذي كان لديَّ،‏ واعتمدت في اليوم التالي مع زوجتي.‏ —‏ اعمال ١٠:‏١-‏٤٨‏.‏

فرح خدمة اللّٰه العلي بولاء

يا له من فرح ان اتمكَّن من خدمة الشخصية العظمى في الكون،‏ يهوه،‏ الذي يفوق كل الآلهة الاخرى التي خدمتها!‏ ويا له من امتياز ان اتمكَّن من الاشتراك في الحرب الروحية كجندي ليسوع المسيح!‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٣‏)‏ بدأت اظهر وفائي للّٰه في عائلتي.‏ وحالا بعد ان اعتمدت،‏ سمعت عَرَضا ابي يقول لأمي:‏ ‹لن يقوم توميجي بعمل انحناءٍ احتراما للمذبح البوذي،‏ ولن يُجري صلوات تذكارية عند قبر عائلتنا بعد الآن.‏› والامر هو ان اليابانيين يعتبرونه تعبيرا عن المحبة عندما يُجري الاولاد صلوات تذكارية سنوية لاكرام والديهم.‏ وسماع كلمات ابي دفعني الى الاشتراك في الحق معه.‏ فدرسَ الكتاب المقدس معي واعتمد في خريف ١٩٦١،‏ بالاضافة الى ابنتي إيْكو وابني،‏ أكينوبو.‏ وماساكو،‏ ابنتي الصغرى،‏ تبعت مثالهم.‏ امي كان لديها دينها الخاص ولم توافق ان تدرس في بادئ الامر،‏ ولكن بعد عدة سنوات،‏ انضمَّت هي ايضا الينا في خدمة يهوه.‏

في السنة ١٩٧٥،‏ انضممت الى زوجتي في الخدمة كامل الوقت كفاتح قانوني.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ اتمكن من الخدمة كجندي ليسوع المسيح في حقل نشاط الجماعة.‏ وعندما اشعر بأنني تعب قليلا،‏ اتذكَّر الحماسة التي كانت لديَّ في خدمة الامبراطور والبلد وأفكِّر في نفسي،‏ ‹إن كنتُ قد خدمت الامبراطور والبلد بكل هذا التعبُّد،‏ فكيف يمكنني ان اقوم بأقل من ذلك عندما اخدم المتسلِّط الكوني العظيم؟‏› فأجدِّد قوتي لأستمر.‏ (‏اشعياء ٤٠:‏٢٩-‏٣١‏)‏ لم اعد اخدم ايّ انسان تحت اكراه البنود الخمسة للقَسَم،‏ بل اخدم اللّٰه العلي،‏ يهوه،‏ بتعبُّد قلبي مؤسس على المعرفة الدقيقة.‏ وهو جدير بولائنا من كل القلب.‏ —‏ كما رواها توميجي هيروناكا.‏

‏[الحاشية]‏

a حدث الهجوم على پيرل هاربر في ٧ كانون الاول ١٩٤١،‏ بحسب التوقيت الهاوايي،‏ الذي كان ٨ كانون الاول في اليابان وأيضا في تايلند.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٥]‏

توميجي هيروناكا خلال الحرب

‏[الصورتان في الصفحة ١٦]‏

عمال الدفاع المدني يكافحون النيران في معركة سنڠافورة

استسلام الجنرال پِرْسِڤل لليابانيين

‏[مصدر الصورة]‏

The Bettmann Archive

‏[الصورة في الصفحة ١٧]‏

هيروشيما بعد سقوط القنبلة الذرية في السنة ١٩٤٥

‏[مصدر الصورة]‏

USAF photo

‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

زوجتي وأنا مع الكتاب الذي غيَّر حياتنا —‏ الكتاب المقدس

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة