-
ادانة العاهرة الرديئة السمعةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٣
ادانة العاهرة الرديئة السمعة
الرؤيا ١١ — رؤيا ١٧:١-١٨
الموضوع: بابل العظيمة تركب وحشا قرمزي اللون ينقلب عليها اخيرا ويخرِّبها
وقت الاتمام: من السنة ١٩١٩ الى الضيق العظيم
١ ماذا يُظهر واحد من الملائكة السبعة ليوحنا؟
ان غضب يهوه البار يجب ان يُسكب حتى التمام، سبعة جامات منه! عندما افرغ الملاك السادس جامه في موقع بابل القديمة، رمز ذلك بشكل ملائم الى ضرب بابل العظيمة فيما تتحرَّك الحوادث بسرعة نحو حرب هرمجدون النهائية. (رؤيا ١٦:١، ١٢، ١٦) وعلى الارجح، انه الملاك نفسه الذي يُظهر الآن سبب وكيفية تنفيذ يهوه احكامه البارة. ويأخذ العجب يوحنا لما يسمعه ويراه بعد ذلك: «وجاء واحد من الملائكة السبعة الذين معهم الجامات السبعة وكلمني، قائلا: ‹تعال فأريك الدينونة على العاهرة العظيمة الجالسة على مياه كثيرة، التي ارتكب ملوك الارض معها العهارة، وسكر سكان الارض من خمر عهارتها›». — رؤيا ١٧:١، ٢.
٢ اي دليل هنالك على ان «العاهرة العظيمة» (أ) ليست روما القديمة؟ (ب) ليست التجارة الكبيرة؟ (ج) هي كيان ديني؟
٢ «العاهرة العظيمة»! لماذا التسمية صاعقة جدا؟ مَن هي؟ حدَّد البعض هوية هذه العاهرة الرمزية بصفتها روما القديمة. ولكنَّ روما كانت دولة سياسية. وهذه العاهرة ترتكب العهارة مع ملوك الارض، ويشمل ذلك على نحو واضح ملوك روما. وفضلا عن ذلك، بعد دمارها، يقال ان «ملوك الارض» ينوحون على زوالها. ولذلك لا يمكن ان تكون دولة سياسية. (رؤيا ١٨:٩، ١٠) وبالاضافة الى ذلك، اذ ينوح عليها تجار العالم ايضا، لا يمكن ان تمثِّل التجارة الكبيرة. (رؤيا ١٨:١٥، ١٦) ولكننا نقرأ انه ‹بممارستها الارواحية ضلَّت جميعُ الامم›. (رؤيا ١٨:٢٣) وهذا يوضح ان العاهرة العظيمة لا بد ان تكون كيانا دينيا عالميا.
٣ (أ) لماذا يجب ان ترمز العاهرة العظيمة الى اكثر من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية او حتى العالم المسيحي كله؟ (ب) اية عقائد بابلية توجد في معظم الاديان الشرقية بالاضافة الى طوائف العالم المسيحي؟ (ج) بماذا اعترف الكردينال الكاثوليكي الروماني جون هنري نيومان في ما يتعلق بمنشإ كثير من عقائد، مراسم، وممارسات العالم المسيحي؟ (انظروا الحاشية.)
٣ ايّ كيان ديني؟ هل هي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، كما جزم البعض؟ ام هل هي العالم المسيحي كله؟ كلا، يجب ان تكون اكبر ايضا من هذين اذا كانت ستضل جميع الامم. وفي الواقع، انها كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل. ومنشأُها في أسرار بابل يجري اظهاره لان عقائد وممارسات بابلية كثيرة هي شائعة في الاديان حول الارض. مثلا، ان الاعتقاد بالخلود الملازم للنفس البشرية، بهاوية عذاب، وبثالوث من الآلهة يوجد في معظم الاديان الشرقية بالاضافة الى طوائف العالم المسيحي. والدين الباطل، اذ نشأ في مدينة بابل القديمة منذ اكثر من ٠٠٠,٤ سنة، تطوَّر الى البشاعة العصرية التي تدعى بلياقة بابل العظيمة.a ولكن، لماذا توصف بالتعبير الكريه «العاهرة العظيمة»؟
٤ (أ) بأية طرائق ارتكبت اسرائيل القديمة العهارة؟ (ب) بأية طريقة بارزة ترتكب بابل العظيمة العهارة؟
٤ ان بابل (التي تعني «بلبلة») بلغت ذروة عظمتها في زمن نبوخذنصر. لقد كانت دولة دينية سياسية بأكثر من ألف هيكل ومعبد. وكهنوتها مارس سلطة عظيمة. ومع ان بابل توقفت منذ زمن طويل عن ان توجد كدولة عالمية، تستمر بابل العظيمة الدينية في العيش، وعلى غرار النموذج القديم، لا تزال تسعى الى التأثير في الشؤون السياسية وتكييفها. ولكن، هل يرضى اللّٰه عن الدين في السياسة؟ في الاسفار العبرانية، قيل ان اسرائيل ارتكبت البغاء عندما تورطت في العبادة الباطلة وعندما صنعت تحالفات مع الامم عوض الوثوق بيهوه. (ارميا ٣:٦، ٨، ٩؛ حزقيال ١٦:٢٨-٣٠) وبابل العظيمة ترتكب العهارة ايضا. وعلى نحو بارز، تفعل ايّ شيء تراه مناسبا لكي تكسب النفوذ والسلطة على ملوك الارض الذين يحكمون. — ١ تيموثاوس ٤:١.
٥ (أ) اية اضواء يتمتع بها رجال الدين؟ (ب) لماذا الرغبة في البروز العالمي هي تناقض مباشر مع كلمات يسوع المسيح؟
٥ واليوم، يشترك القادة الدينيون تكرارا في حملات من اجل مركز حكومي رفيع، وفي بعض البلدان، يشاركون في الحكومة، حتى انهم يتولَّون مناصب وزارية. وفي السنة ١٩٨٨ ترشَّح رجلا دين بروتستانتيان معروفان جيدا لمركز رئيس الولايات المتحدة. فالقادة في بابل العظيمة يحبّون الاضواء؛ وغالبا ما تُرى صورهم في الصحافة العامة اذ يعاشرون السياسيين البارزين. وبالتباين، تجنَّب يسوع التورط السياسي وقال عن تلاميذه: «ليسوا جزءا من العالم، كما اني انا لست جزءا من العالم». — يوحنا ٦:١٥؛ ١٧:١٦؛ متى ٤:٨-١٠؛ انظروا ايضا يعقوب ٤:٤.
«عهارة» عصرية
٦، ٧ (أ) كيف بلغ حزب هتلر النازي السلطة في المانيا؟ (ب) كيف ساعدت الاتفاقية التي صنعها الڤاتيكان مع المانيا النازية هتلر في دفعه الى السيطرة العالمية؟
٦ بتدخُّلها في السياسة، جلبت العاهرة العظيمة اسى كثيرا جدا للجنس البشري. مثلا، تأملوا في الوقائع وراء وصول هتلر الى السلطة في المانيا — وقائع شنيعة يريد البعض شطبها من كتب التاريخ. ففي ايار ١٩٢٤ شغل الحزب النازي ٣٢ مقعدا في مجلس النواب الالماني. وبحلول ايار ١٩٢٨ تضاءلت هذه الى ١٢ مقعدا. ولكنَّ الازمة الاقتصادية العظمى احاطت بالعالم في السنة ١٩٣٠؛ واذ انطلقوا في اعقابها، تعافى النازيون على نحو لافت، كاسبين ٢٣٠ مقعدا من ٦٠٨ في الانتخابات الالمانية لشهر تموز ١٩٣٢. وبعد ذلك مباشرة، انجد النازيين المستشار السابق فرانز ڤون پاپن، فارس بابوي. ووفقا للمؤرخين، تصوَّر ڤون پاپن امبراطورية رومانية مقدسة جديدة. والمدة القصيرة لتولِّيه مركز مستشار كانت فاشلة، ولذلك امل الآن ان يكسب السلطة عن طريق النازيين. وبحلول كانون الثاني ١٩٣٣، كان قد حشد الدعم لهتلر من الاقطاب الصناعيين، وبالمكائد الماكرة ضَمن صيرورة هتلر مستشار المانيا في ٣٠ كانون الثاني ١٩٣٣. وعُيِّن هو نفسه نائب المستشار واستخدمه هتلر ليربح دعم الاقاليم الكاثوليكية في المانيا. وفي غضون شهرين من كسب السلطة، حلَّ هتلر البرلمان، ارسل آلاف قادة المقاومة الى معسكرات الاعتقال، وبدأ حملة علنية من ظلم اليهود.
٧ وفي ٢٠ تموز ١٩٣٣، جرى الاعراب عن اهتمام الڤاتيكان بالسلطة الناشئة للنازية عندما وقَّع الكردينال پاسيللي (الذي صار لاحقا البابا پيوس الثاني عشر) اتفاقية في روما بين الڤاتيكان والمانيا النازية. وقد وقَّع ڤون پاپن الوثيقة بصفته ممثل هتلر، وهناك منح پاسيللي ڤون پاپن الوسام البابوي العالي للصليب العظيم من رتبة پيوس.b وفي كتابه الشيطان في القبعة الرسمية، يكتب تيبور كوڤيس عن ذلك ذاكرا: «كانت الاتفاقية انتصارا عظيما لهتلر. فقد منحته اول دعم ادبي تلقَّاه من العالم الخارجي، وذلك من أرفع مصدر». والاتفاقية تطلَّبت من الڤاتيكان ان يسحب دعمه من حزب الوسط الكاثوليكي لألمانيا، معترفا بالتالي بـ «الدولة الكليانية» ذات الحزب الواحد لهتلر.c وفضلا عن ذلك، ذكر بندها الـ ١٤: «ان التعيينات لرؤساء الاساقفة، الاساقفة، وما اشبه ذلك ستصدر فقط بعد ان يكون الحاكم، الذي ينصِّبه الرايخ، قد تحقَّق كما ينبغي انه لا شكوك توجد في ما يختص بالاعتبارات السياسية العامة». وبحلول نهاية السنة ١٩٣٣ (التي نادى بها البابا پيوس الحادي عشر «سنة مقدسة»)، صار دعم الڤاتيكان عاملا رئيسيا في دفع هتلر الى السيطرة العالمية.
٨، ٩ (أ) كيف تجاوب الڤاتيكان بالاضافة الى الكنيسة الكاثوليكية ورجال دينها مع الطغيان النازي؟ (ب) اي بيان اصدره الاساقفة الكاثوليك الالمان عند بداية الحرب العالمية الثانية؟ (ج) ماذا انتجت العلاقات الدينية السياسية؟
٨ على الرغم من ان عددا قليلا من الكهنة والراهبات احتجوا على فظائع هتلر — وتألموا من اجل ذلك — فان الڤاتيكان بالاضافة الى الكنيسة الكاثوليكية وجيشها من رجال الدين اعطوا إما الدعم النشيط وإما الصامت للطغيان النازي، الذي اعتبروه متراسا ضد تقدُّم الشيوعية العالمية. واذ جلس في وضع مريح في الڤاتيكان، ترك البابا پيوس الثاني عشر ابادة اليهود والاضطهادات القاسية لشهود يهوه وآخرين تأخذ مجراها دون انتقاد. ومما يدعو الى السخرية ان يمجِّد البابا يوحنا بولس الثاني، عند زيارة المانيا في ايار ١٩٨٧، الموقف المضاد للنازية لأحد الكهنة المخلصين. وماذا كان يفعل ألوف آخرون من رجال الدين الالمان في اثناء حكم هتلر الارهابي؟ ثمة رسالة رعوية اصدرها الاساقفة الكاثوليك الالمان في ايلول ١٩٣٩ عند نشوب الحرب العالمية الثانية تزوِّد الانارة في هذه النقطة. تقول جزئيا: «في هذه الساعة الحاسمة نحضّ جنودنا الكاثوليك ان يقوموا بواجبهم اطاعة للزعيم وأن يكونوا مستعدين للتضحية بشخصيتهم الفردية الكاملة. ونناشد المؤمنين ان يشتركوا في الصلوات الحارّة ان تقود العناية الالهية هذه الحرب الى نجاح مبارك».
٩ ان دبلوماسية كاثوليكية كهذه توضح نوع العهارة الذي انغمس فيه الدين على مرِّ الـ ٠٠٠,٤ سنة الماضية في التودُّد الى الدولة السياسية لكي يكسب السلطة والفائدة. وعلاقات دينية سياسية كهذه عزَّزت الحرب، الاضطهادات، والشقاء البشري على نطاق واسع. فكم يمكن للجنس البشري ان يكون سعيدا بأن دينونة يهوه على العاهرة العظيمة قريبة. فلتنفَّذ سريعا!
الجلوس على مياه كثيرة
١٠ ما هي ‹المياه الكثيرة› التي تتطلع اليها بابل العظيمة من اجل الحماية، وماذا يحدث لها؟
١٠ جلست بابل القديمة على مياه كثيرة — نهر الفرات وقنوات متعددة. هذه كانت حماية لها وكذلك مصدر تجارة ينتج الثراء، الى ان جفّت في ليلة واحدة. (ارميا ٥٠:٣٨؛ ٥١:٩، ١٢، ١٣) وبابل العظيمة ايضا تتطلع الى «مياه كثيرة» لتحميها وتغنيها. وهذه المياه الرمزية هي ‹شعوب وجموع وأمم وألسنة›، اي كل آلاف الملايين من البشر الذين تسيطر عليهم وتستمد منهم الدعم المادي. ولكنَّ هذه المياه تجفّ ايضا، او تسحب الدعم. — رؤيا ١٧:١٥؛ قارنوا مزمور ١٨:٤؛ اشعيا ٨:٧.
١١ (أ) كيف ‹اسكرت› بابل القديمة «كل الارض»؟ (ب) كيف «تُسكر» بابل العظيمة «كل الارض»؟
١١ وعلاوة على ذلك، وُصفت بابل القديمة بأنها «كأس ذهب بيد يهوه تُسكر كل الارض». (ارميا ٥١:٧) فبابل القديمة اجبرت الامم المجاورة على ابتلاع تعابير غضب يهوه عندما غلبتهم عسكريا، جاعلة اياهم ضعفاء كرجال سكارى. ومن هذه الناحية، كانت اداة يهوه. وبابل العظيمة ايضا قامت بغزوات الى حد الصيرورة امبراطورية عالمية. ولكنها بالتأكيد ليست اداة اللّٰه. وبالاحرى، خدمت «ملوك الارض» الذين معهم ترتكب العهارة الدينية. وهي تُشبع رغبات هؤلاء الملوك باستخدام عقائدها الكاذبة وممارساتها المستعبِدة لابقاء جماهير الناس، «سكان الارض»، ضعيفة كرجال سكارى، خانعة باستسلام لحكامها.
١٢ (أ) كيف كان قسم من بابل العظيمة في اليابان مسؤولا عن كثير من سفك الدم في اثناء الحرب العالمية الثانية؟ (ب) كيف تراجعت ‹المياه› الداعمة لبابل العظيمة في اليابان، وبأية نتيجة؟
١٢ تزوِّد اليابان الشنتوية مثالا لذلك جديرا بالملاحظة. فالجندي الياباني المتشرِّب العقيدة كان يعتبره ارفع شرف ان يقدِّم حياته للامبراطور — الاله الشنتوي الاسمى. وفي اثناء الحرب العالمية الثانية، مات نحو ٠٠٠,٥٠٠,١ جندي ياباني في المعركة؛ وبدون استثناء تقريبا، نظروا الى الاستسلام كشيء غير مشرِّف. ولكن نتيجة لهزيمة اليابان، اضطر الامبراطور هيروهيتو الى انكار ادعائه الالوهية. وأنتج ذلك تراجعا جديرا بالملاحظة ‹للمياه› الداعمة للقسم الشنتوي من بابل العظيمة — للأسف، بعد ان اجازت الشنتوية سفك مقدار كبير من الدم في مسرح حرب الپاسيفيك! وهذا الاضعاف للنفوذ الشنتوي فتح ايضا الطريق في السنوات الاخيرة لأكثر من ٠٠٠,٢٠٠ ياباني، غالبيتهم العظمى كانوا سابقا شنتويين او بوذيين، ليصيروا خداما معتمدين للرب المتسلط يهوه.
العاهرة تركب وحشا
١٣ اي منظر مذهل يراه يوحنا عندما يذهب به الملاك بقدرة الروح الى برِّية؟
١٣ وماذا تكشف النبوة بعدُ في ما يتعلق بالعاهرة العظيمة ومصيرها؟ كما يروي يوحنا الآن، يظهر مشهد حيوي اضافي: «وذهب [الملاك] بي بقدرة الروح الى برِّية. فأبصرت امرأة جالسة على وحش قرمزي اللون مملوء اسماء تجديف وله سبعة رؤوس وعشرة قرون». — رؤيا ١٧:٣.
١٤ لماذا من الملائم ان يُؤخذ يوحنا الى برِّية؟
١٤ ولماذا يُؤخذ يوحنا الى برِّية؟ ان اعلان دينونة ابكر على بابل القديمة وُصف بأنه «على برِّية البحر». (اشعيا ٢١:١، ٩) وقد اعطى ذلك تحذيرا مناسبا من ان بابل القديمة، على الرغم من كل دفاعها المائي، كانت ستصير خرابا عديم الحياة. من الملائم اذًا ان يُؤخذ يوحنا في رؤياه الى برِّية ليرى مصير بابل العظيمة. فهي ايضا يجب ان تصير قفرا وخرابا. (رؤيا ١٨:١٩، ٢٢، ٢٣) ولكنَّ يوحنا يذهله ما يراه هناك. فالعاهرة العظيمة ليست وحدها! انها تجلس على وحش ضخم!
١٥ اية اختلافات هنالك بين وحش الرؤيا ١٣:١ وذاك الذي للرؤيا ١٧:٣؟
١٥ لهذا الوحش سبعة رؤوس وعشرة قرون. اذًا، هل هو الوحش عينه الذي رآه يوحنا في وقت ابكر، الذي له ايضا سبعة رؤوس وعشرة قرون؟ (رؤيا ١٣:١) كلا، هنالك اختلافات. فهذا الوحش قرمزي اللون، وبخلاف الوحش السابق، لا يقال ان له اكاليل. وعوض ان تكون له اسماء تجديف على رؤوسه السبعة فقط، فانه «مملوء اسماء تجديف». غير انه يجب ان تكون هنالك علاقة بين هذا الوحش الجديد والوحش السابق؛ والتماثلات بينهما اوضح من ان تكون عرضية.
١٦ ما هي هوية الوحش القرمزي اللون، وماذا ذُكر في ما يتعلق بقصده؟
١٦ اذًا، ما هو هذا الوحش القرمزي اللون الجديد؟ لا بد ان يكون صورة الوحش التي أُنتجت بتحريض من الوحش الانكلواميركي الذي له قرنان كقرنَي الحمل. فبعد ان صُنعت الصورة، سُمح لهذا الوحش ذي القرنين بأن يمنح نسمة لصورة الوحش. (رؤيا ١٣:١٤، ١٥) ويرى يوحنا الآن الصورة الحية التي تتنفَّس. وهي تمثِّل منظمة عصبة الامم التي احياها الوحش ذو القرنين في السنة ١٩٢٠. ورئيس الولايات المتحدة ولسون تصوَّر ان العصبة «كانت ستصير منبرا لإجراء العدل لكل الناس وإزالة تهديد الحرب الى الابد». وعندما أُقيمت بعد الحرب العالمية الثانية بصفتها الامم المتحدة، كان قصد ميثاقها «ان تحافظ على السلام والامن الدوليين».
١٧ (أ) بأية طريقة يكون الوحش القرمزي اللون الرمزي مملوءا اسماء تجديف؟ (ب) مَن يركب الوحش القرمزي؟ (ج) كيف ربط الدين البابلي نفسه بعصبة الامم وخليفتها من البداية؟
١٧ وبأية طريقة يكون هذا الوحش الرمزي مملوءا اسماء تجديف؟ لأن الناس اقاموا هذا المعبود المتعدد الامم بديلا لملكوت اللّٰه — لينجز ما يقول اللّٰه ان ملكوته وحده يمكن ان ينجزه. (دانيال ٢:٤٤؛ متى ١٢:١٨، ٢١) ولكنَّ الجدير بالذكر بشأن رؤيا يوحنا هو ان بابل العظيمة تركب الوحش القرمزي اللون. ووفقا للنبوة، ربط الدين البابلي نفسه، وعلى نحو خصوصي في العالم المسيحي، بعصبة الامم وخليفتها. فباكرا في ١٨ كانون الاول ١٩١٨، تبنَّت الهيئة المعروفة الآن بالمجلس الوطني لكنائس المسيح في اميركا بيانا اعلن جزئيا: «ان عصبة كهذه ليست مجرد وسيلة سياسية؛ وبالاحرى هي التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض. . . . ويمكن للكنيسة ان تمنح روح حسن النية، الذي بدونه لا يمكن لعصبة الامم ان تدوم. . . . عصبة الامم متأصلة في الانجيل. وكالانجيل، هدفها ‹السلام على الارض، حسن النية تجاه الناس›».
١٨ كيف اظهر رجال دين العالم المسيحي دعمهم لعصبة الامم؟
١٨ في ٢ كانون الثاني ١٩١٩، حملت سان فرنسيسكو كرونيكل عنوان الصفحة الاولى: «البابا يدافع عن تبنِّي عصبة امم ولسون». وفي ١٦ تشرين الاول ١٩١٩، قُدِّمت عريضة وقَّعها ٤٥٠,١٤ رجل دين من فئات رئيسية الى مجلس شيوخ الولايات المتحدة، حاثَّة هذه الهيئة «ان تقرَّ معاهدة باريس للسلام التي تتضمن ميثاق عصبة الامم». ومع ان مجلس الشيوخ فشل في اقرار المعاهدة، استمر رجال دين العالم المسيحي في الاشتراك في حملة من اجل العصبة. وكيف دُشِّنت العصبة؟ تقول رسالة إخبارية من سويسرا، مؤرخة في ١٥ تشرين الثاني ١٩٢٠: «أُعلن افتتاح اول اجتماع لعصبة الامم عند الساعة الحادية عشرة من هذا الصباح بقرع جميع اجراس الكنائس في جنيڤ».
١٩ عندما ظهر الوحش القرمزي اللون، اي مسلك اتخذه صف يوحنا؟
١٩ وهل شارك صف يوحنا، الفريق الوحيد على الارض الذي قبل بشوق الملكوت المسيّاني المقبل، العالم المسيحي في تقديم التوقير للوحش القرمزي اللون؟ كلا على الاطلاق! ففي يوم الاحد ٧ ايلول ١٩١٩، ابرز محفل شعب يهوه في سيدر پوينت، اوهايو، الخطاب العام «الرجاء للبشرية المتضايقة». وفي اليوم التالي، اخبرت ستار جورنال لسَنْدَسكي ان ج. ف. رذرفورد، في مخاطبة ما يقارب ٠٠٠,٧ شخص، «اكَّد ان سخط الرب سيُصبُّ يقينا على العصبة . . . لأن رجال الدين — الكاثوليك والپروتستانت — اذ يدَّعون انهم ممثِّلو اللّٰه، هجروا خطته وأيدوا عصبة الامم، مرحِّبين بها بصفتها تعبيرا سياسيا لملكوت المسيح على الارض».
٢٠ لماذا كان تجديفا ان يرحِّب رجال الدين بعصبة الامم بصفتها «التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض»؟
٢٠ ان الفشل المفجع لعصبة الامم لا بد انه اعطى اشارة لرجال الدين بأن ادوات بشرية الصنع كهذه ليست جزءا من ملكوت اللّٰه على الارض. ويا له من تجديف ان يُصنع مثل هذا الادعاء! فهو يجعل الامر يبدو وكأن اللّٰه كان شريكا في العمل الضخم غير المتقن الذي صارت عليه عصبة الامم. أما اللّٰه ‹فكامل صنيعه›. وملكوت يهوه السماوي برئاسة المسيح — لا مزيج من السياسيين المتنازعين، وكثيرون منهم ملحدون — هو الوسيلة التي بها يجلب السلام ويجعل مشيئته على الارض كما في السماء. — تثنية ٣٢:٤؛ متى ٦:١٠.
٢١ ماذا يظهر ان العاهرة العظيمة تدعم وتُعجَب بخليفة العصبة، الامم المتحدة؟
٢١ وماذا عن خليفة العصبة، الامم المتحدة؟ من ابتدائها، كانت العاهرة العظيمة راكبة على ظهر هذه الهيئة، مرتبطة بها على نحو واضح ومحاولة توجيه مصيرها. مثلا، في ذكراها السنوية الـ ٢٠، في حزيران ١٩٦٥، اجتمع ممثِّلون للكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الاورثوذكسية الشرقية، الى جانب الپروتستانت، اليهود، الهندوس، البوذيين، والمسلمين — الذين قيل انهم يمثِّلون ألفي مليون من سكان الارض — في سان فرانسيسكو ليحتفلوا بدعمهم واعجابهم بالامم المتحدة. وعند زيارة الامم المتحدة في تشرين الاول ١٩٦٥، وصفها البابا بولس السادس بأنها «اعظم المنظمات الدولية قاطبة». وأضاف: «شعوب الارض تلتفت الى الامم المتحدة بصفتها الرجاء الاخير للوئام والسلام». وقال زائر بابوي آخر، البابا يوحنا بولس الثاني، مخاطبا الامم المتحدة في تشرين الاول ١٩٧٩: «ارجو ان تبقى الامم المتحدة ابدا المنبر الاسمى للسلام والعدل». وعلى نحو ذي مغزى، لم يلفت البابا الانتباه الى يسوع المسيح او ملكوت اللّٰه في خطابه. وفي اثناء زيارته للولايات المتحدة في ايلول ١٩٨٧، كما تخبر ذا نيويورك تايمز، «تكلم يوحنا بولس مطوَّلا عن الدور الايجابي للامم المتحدة في ترويج . . . ‹تضامن عالمي جديد›».
اسم، سرّ
٢٢ (أ) اي نوع من الوحوش اختارت العاهرة العظيمة ركوبه؟ (ب) كيف يصف يوحنا العاهرة الرمزية بابل العظيمة؟
٢٢ سيعلم الرسول يوحنا سريعا ان العاهرة العظيمة اختارت وحشا خطرا لركوبه. ولكنَّ انتباهه يتحول اولا الى بابل العظيمة نفسها. فهي متحلية على نحو وافر، ولكن كم تكون مثيرة للاشمئزاز! «وكانت المرأة متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ ومعها في يدها كأس ذهبية ملآنة ارجاسا ونجاسات عهارتها. وعلى جبهتها اسم مكتوب، سرّ: ‹بابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض›. ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهود يسوع». — رؤيا ١٧:٤-٦ أ.
٢٣ ما هو الاسم الكامل لبابل العظيمة، وما هو مغزاه؟
٢٣ كما كانت العادة في روما القديمة، تُحدَّد هوية هذه البغيّ بالاسم الذي على جبهتها.d انه اسم طويل: «بابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض». وهذا الاسم هو «سرّ»، شيء بمعنى مستتر. ولكن في وقت اللّٰه المعيَّن، سيجرى توضيح السرّ. وفي الواقع، يعطي الملاك يوحنا ما يكفي من المعلومات ليسمح لخدام يهوه اليوم بأن يميِّزوا المغزى الكامل لهذا الاسم الوصفي. ونحن ندرك ان بابل العظيمة هي كل الدين الباطل. انها «أم العاهرات» لأن كل الاديان الباطلة الافرادية في العالم، بما فيها الطوائف الكثيرة في العالم المسيحي، هي كبنات لها، اذ تقتدي بها في ارتكاب العهارة الروحية. وهي ايضا أم ‹الأرجاس› لأنها ولدت ذرية تتقزز منها النفس كالصنمية، الارواحية، قراءة البخت، التنجيم، قراءة الكف، الذبيحة البشرية، بغاء الهياكل، السكر تكريما للآلهة الباطلة، وممارسات قبيحة اخرى.
٢٤ لماذا من الملائم ان تُرى بابل العظيمة لابسة ‹ارجوانا وقرمزا› و «متحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ»؟
٢٤ وبابل العظيمة لابسة ‹ارجوانا وقرمزا›، وهما لونَا الملكية، و «متحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ». فكم يكون ذلك ملائما! تأملوا فقط في كل الابنية الرائعة، التماثيل والرسوم النادرة، الايقونات التي لا تقدَّر بثمن، والامتعة الدينية الاخرى، بالاضافة الى الكميات الهائلة من الممتلكات والاوراق المالية، التي جمعتها اديان العالم هذه. وسواء في الڤاتيكان، في امبراطورية التبشير التلفزيونية المتمركزة في الولايات المتحدة، او في معابد وهياكل الشرق الغريبة، تكدِّس بابل العظيمة — وأحيانا تخسر — ثروة خيالية.
٢٥ (أ) الى ماذا ترمز محتويات ‹الكأس الذهبية الملآنة ارجاسا›؟ (ب) بأي معنى تكون العاهرة الرمزية سكرى؟
٢٥ انظروا الآن ما في يد العاهرة. لا بد ان يوحنا شهق لمنظره — كأس ذهبية «ملآنة ارجاسا ونجاسات عهارتها»! هذه هي الكأس التي تحتوي على «خمر غضب عهارتها» التي بها اسكرت جميع الامم. (رؤيا ١٤:٨؛ ١٧:٤) انها تبدو انيقة من الخارج، ولكنَّ محتوياتها مثيرة للاشمئزاز ونجسة. (قارنوا متى ٢٣:٢٥، ٢٦.) وهي تحتوي على كل الممارسات والاكاذيب القذرة التي تستخدمها العاهرة العظيمة لتغوي الامم وتجعلهم تحت نفوذها. وما تتقزز منه النفس اكثر ايضا هو ان يوحنا يرى ان العاهرة نفسها ثملة، سكرى من دم خدام اللّٰه! وفي الواقع، نقرأ لاحقا انه «فيها وُجِد دم انبياء وقديسين وجميع الذين ذُبحوا على الارض». (رؤيا ١٨:٢٤) فيا له من ذنب جسيم لسفك الدم!
٢٦ اي دليل هنالك على ذنب سفك الدم من جهة بابل العظيمة؟
٢٦ على مر القرون، اراقت الامبراطورية العالمية للدين الباطل محيطات من الدم. مثلا، في يابان القرون الوسطى، حُوِّلت الهياكل في كيوتو الى حصون، والرهبان المحاربون، اذ استغاثوا بـ «اسم البوذا المقدس»، قاتلوا احدهم الآخر الى ان فاضت الشوارع بالدم. وفي القرن الـ ٢٠، سار رجال دين العالم المسيحي مع جيوش بلادهم الخاصة، وهؤلاء قتلوا احدهم الآخر، بخسارة حياة مئة مليون على الاقل. وفي تشرين الاول ١٩٨٧ قال الرئيس السابق للولايات المتحدة نِكسون: «القرن الـ ٢٠ هو الاكثر سفكا للدم في التاريخ. فقد قُتل في حروب هذا القرن اناس اكثر من كل الحروب التي جرى خوضها قبل بداية القرن». وأديان العالم تُدان على نحو مضاد من قِبل اللّٰه لمشاركتها في كل ذلك؛ فيهوه يكره ‹الايدي السافكة دما بريئا›. (امثال ٦:١٦، ١٧) وفي وقت ابكر، سمع يوحنا صراخا من المذبح: «حتى متى، ايها السيد الرب القدوس والحق، تُحجِم عن ان تدين وتنتقم لدمنا من الساكنين على الارض؟». (رؤيا ٦:١٠) وبابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض، ستكون متورطة بعمق عندما يأتي الوقت للاجابة عن هذا السؤال.
[الحواشي]
a اذ اشار الى المنشإ غير المسيحي لكثير من عقائد، مراسم، وممارسات العالم المسيحي المرتدّ، كتب الكردينال الكاثوليكي الروماني للقرن الـ ١٩ جون هنري نيومان في بحث في تطور العقيدة المسيحية الذي له: «استعمال الهياكل، وهذه مخصَّصة لقديسين معيَّنين، ومزخرفة في المناسبات بأغصان الشجر؛ البخور، السُّرُج، والشموع؛ قرابين الشكر عن الشفاء من المرض؛ الماء المقدَّس؛ الاماكن المقدسة التي يلجأ اليها المجرمون؛ الاعياد والمواسم، استعمال التقاويم، الزيَّاح، البركات على الحقول؛ الازياء الكهنوتية، حلق قمة الرأس، الخاتم في الزواج، الالتفات الى الشرق، التماثيل في تاريخ متأخر، وربما الترتيل الكنسي، والكِيرياليسُون [ترتيلة «يا رب، ارحم»]، كلها من اصل وثني، وقد جرى تقديسها بتبنيها في الكنيسة».
عوض تقديس صنمية كهذه، يحضّ «يهوه القادر على كل شيء» المسيحيين: «اخرجوا من بينهم، وافترزوا . . . ولا تمسوا النجس بعد». — ٢ كورنثوس ٦:١٤-١٨.
b يذكر عمل وليم ل. شَيرر التاريخي قيام وسقوط الرايخ الثالث ان ڤون پاپن كان «مسؤولا اكثر من ايّ فرد آخر في المانيا عن بلوغ هتلر السلطة». وفي كانون الثاني ١٩٣٣ قال المستشار الالماني السابق ڤون شْليخِر عن ڤون پاپن: «تبيَّن انه نوع الخائن الذي بالمقارنة معه يكون يهوذا الاسخريوطي قديسا».
c عند مخاطبة كلية موندرَڠوني في ١٤ ايار ١٩٢٩، قال البابا پيوس الحادي عشر انه يتفاوض مع الشيطان نفسه لو تطلَّب خير النفوس ذلك.
d قارنوا كلمات المؤلف الروماني سَنيكا الى كاهنة منحرفة (كما اقتبسها سويت): «يا فتاة، وقفتِ في بيت السمعة الرديئة . . . اسمك تدلَّى من جبهتك؛ قبلتِ مالا من اجل عارك». — كونتروڤ ١، ٢.
[الاطار في الصفحة ٢٣٧]
تْشَرْتشل يشهِّر ‹العهارة›
في كتابه عاصفة التجميع (١٩٤٨)، يخبر ونستون تْشَرْتشل ان هتلر عيَّن فرانز ڤون پاپن سفيرا المانيّا في ڤيينا من اجل «إضعاف او كسب رضى الشخصيات القيادية في السياسة النمساوية». ويقتبس تْشَرْتشل من سفير الولايات المتحدة في ڤيينا قوله عن ڤون پاپن: «بالطريقة الاجرإ والاكثر سخرية . . . شرع پاپن يخبرني انه . . . عزم ان يستعمل سمعته ككاثوليكي صالح ليكسب النفوذ عند النمساويين كالكردينال إنيتزر».
وبعد ان استسلمت النمسا ودخلت قوات عاصفة هتلر بخطوة عسكرية الى ڤيينا، امر الكردينال الكاثوليكي إنيتزر ان ترفع جميع الكنائس النمساوية علم الصليب المعقوف، تقرع اجراسها، وتصلّي من اجل ادولف هتلر تكريما ليوم ميلاده.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢٣٨]
‹صلاة حرب› من اجل الرايخ
تحت هذا العنوان، ظهرت المقالة التالية في الطبعة الاولى من ذا نيويورك تايمز، ٧ كانون الاول ١٩٤١:
«الاساقفة الكاثوليك في فولدا يطلبون البركة والنصر . . . اوصى مؤتمر الاساقفة الكاثوليك الالمان المنعقد في فولدا بتقديم ‹صلاة حرب› خصوصية يجب ان تُتلى عند بداية ونهاية جميع القداديس الالهية. والصلاة تناشد العناية الالهية ان تبارك الاسلحة الالمانية بالنصر وتمنح الحماية لحياة وصحة كل الجنود. وأمر الاساقفة ايضا رجال الدين الكاثوليك ان يحرصوا ويتذكَّروا في موعظة الاحد الخصوصية على الاقل مرة في الشهر الجنود الالمان ‹في البر، في البحر وفي الجو›».
لكن هذه المقالة أُلغيت من الطبعات اللاحقة للصحيفة. و ٧ كانون الاول ١٩٤١ هو اليوم الذي فيه هاجمت اليابان، حليفة المانيا النازية، اسطول الولايات المتحدة في پيرل هاربر.
[الاطار في الصفحة ٢٤٤]
«اسماء تجديف»
عندما روَّج الوحش ذو القرنين عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، سعى كثيرون من عشاقها الدينيين فورا الى منح الاعتراف الديني لهذه الخطوة. ونتيجة لذلك، صارت منظمة السلام الجديدة ‹مملوءة اسماء تجديف›.
«المسيحية يمكن ان تزوِّد حسن النية، القوة وراء العصبة [عصبة الامم]، وتغيِّر بالتالي المعاهدة من قصاصة ورق الى اداة لملكوت اللّٰه». — القرن المسيحي، الولايات المتحدة الاميركية، ١٩ حزيران ١٩١٩، الصفحة ١٥.
«فكرة عصبة الامم هي توسيع لفكرة ملكوت اللّٰه، كنظام عالمي لحسن النية، وتطبيقها على العلاقات الدولية . . . انها الشيء الذي يصلّي من اجله جميع المسيحيين عندما يقولون، ‹ليأت ملكوتك›». — القرن المسيحي، الولايات المتحدة الاميركية، ٢٥ ايلول ١٩١٩، الصفحة ٧.
«ان اسمنت عصبة الامم هو دم المسيح». — الدكتور فرانك كراين، قس پروتستانتي، الولايات المتحدة الاميركية.
«المجلس [الوطني للكنائس الجماعية] يدعم الميثاق [ميثاق عصبة الامم] بصفته الاداة السياسية الوحيدة المتوافرة الآن التي بها يمكن ان يجد روح يسوع المسيح مجالا اوسع في التطبيق العملي على شؤون الامم». — الجماعيّ والتقدُّم، الولايات المتحدة الاميركية، ٦ تشرين الثاني ١٩١٩، الصفحة ٦٤٢.
«المؤتمر يدعو جميع المنهجيين ان يؤيِّدوا ويروِّجوا على نحو رفيع المُثُل [التي لعصبة الامم] كما تعبِّر عنها فكرة اللّٰه الآب وأولاد اللّٰه الارضيين». — الكنيسة المنهجية الويزلية، بريطانيا.
«عندما نتأمل في المطامح، الاحتمالات والقرارات التي لهذا الاتفاق، نرى انه يحتوي على لُبِّ تعاليم يسوع المسيح: ملكوت اللّٰه وبرّه . . . وهو ليس اقل من ذلك». — موعظة ألقاها رئيس اساقفة كانتربري عند افتتاح اجتماع عصبة الامم في جنيڤ، ٣ كانون الاول ١٩٢٢.
«اتحاد عصبة الامم في هذا البلد له الحق المقدس نفسه كأي جمعية ارسالية خيرية، لأنه في الوقت الحاضر الوكالة الاكثر فعالية لحكم المسيح بصفته امير السلام بين الامم». — الدكتور ڠارڤي، قس جماعي، بريطانيا.
[الخريطة في الصفحة ٢٣٦]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
العقائد الباطلة التي يجري الايمان بها حول العالم لها منشأُها في بابل
بابل
ثواليث او مجموعات ثلاثية من الآلهة
النفس البشرية تبقى حية بعد الموت
الارواحية — التكلم مع «الموتى»
استعمال الصور في العبادة
استعمال الرقى لتهدئة الابالسة
الحكم بواسطة كهنوت قوي
[الصورة في الصفحة ٢٣٩]
بابل القديمة جلست على مياه كثيرة
[الصورة في الصفحة ٢٣٩]
العاهرة العظيمة اليوم تجلس ايضا على «مياه كثيرة»
[الصورة في الصفحة ٢٤١]
بابل العظيمة جالسة على وحش خطر
[الصور في الصفحة ٢٤٢]
العاهرة الدينية ترتكب العهارة مع ملوك الارض
[الصور في الصفحة ٢٤٥]
المرأة «سكرى من دم القديسين»
-
-
حلُّ سرّ رهيبالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٤
حلُّ سرّ رهيب
١ (أ) كيف يتجاوب يوحنا عند رؤية العاهرة العظيمة ومَطِيَّتها المخيفة، ولماذا؟ (ب) كيف يتجاوب صف يوحنا اليوم اذ تنكشف الحوادث اتماما للرؤيا النبوية؟
ما هو تجاوب يوحنا عند رؤية العاهرة العظيمة ومَطِيَّتها المخيفة؟ يجيب هو نفسه: «ولمَّا ابصرتُها تعجبت تعجبا عظيما». (رؤيا ١٧:٦ ب ) لم يكن ممكنا لمجرد خيال بشري ان يستحضر منظرا كهذا. ومع ذلك، ها هي — بعيدا في برِّية — عاهرة فاسقة جاثمة على وحش قرمزي اللون شنيع! (رؤيا ١٧:٣) وصفّ يوحنا يتعجب ايضا تعجبا عظيما اذ تنكشف الحوادث اتماما للرؤيا النبوية. ولو تمكَّن الناس في العالم من رؤيتها لهتفوا: ‹لا يُصدَّق!›، ولردَّد قادة العالم ‹لا يخطر بالبال!›. ولكنَّ الرؤيا تصير حقيقة مروِّعة اليوم. وشعب اللّٰه كان قد ساهم على نحو رائع في اتمام الرؤيا، وهذا يؤكِّد لهم ان النبوة ستتقدَّم مباشرة الى ذروتها المذهلة.
٢ (أ) تجاوبا مع دهشة يوحنا، ماذا يقول له الملاك؟ (ب) ماذا أُظهر لصف يوحنا، وكيف جرى ذلك؟
٢ يلاحظ الملاك دهشة يوحنا. يتابع يوحنا: «فقال لي الملاك: ‹لماذا تعجبت؟ انا اخبرك بسر المرأة والوحش الذي يحملها، الذي له الرؤوس السبعة والقرون العشرة›». (رؤيا ١٧:٧ ) ان الملاك سيحلُّ الآن السرّ! وهو يشرح ليوحنا المندهش الاوجه المختلفة للرؤيا والحوادث المؤثرة التي توشك ان تنكشف. وكذلك، اذ يخدم تحت التوجيه الملائكي اليوم، أُظهر لصف يوحنا فهم النبوة. «أليست التفاسير للّٰه؟». كيوسف الامين، نؤمن بأنها للّٰه. (تكوين ٤٠:٨؛ قارنوا دانيال ٢:٢٩، ٣٠.) وشعب اللّٰه يوضعون في وسط المسرح، مجازيا، اذ يفسِّر لهم يهوه معنى الرؤيا ووقعها في حياتهم. (مزمور ٢٥:١٤) ففي الوقت المعيَّن، كُشف لفهمهم سرّ المرأة والوحش. — مزمور ٣٢:٨.
٣، ٤ (أ) اي خطاب عام ألقاه ن. ه. نور في السنة ١٩٤٢، وكيف حدَّد هوية الوحش القرمزي اللون؟ (ب) اية كلمات تكلم بها الملاك الى يوحنا ناقشها ن. ه. نور؟
٣ من ١٨ الى ٢٠ ايلول ١٩٤٢، في اوج الحرب العالمية الثانية، عقد شهود يهوه في الولايات المتحدة محفلهم، «المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد». وقد رُبطت المدينة الرئيسية، كليڤلَند، اوهايو، بواسطة الهاتف باكثر من ٥٠ مدينة محفل اخرى، لذروة حضور من ٦٩٩,١٢٩. وحيثما سمحت احوال زمن الحرب، اعادت محافل اخرى البرنامج حول العالم. في ذلك الوقت، توقع كثيرون من شعب يهوه ان تتصاعد الحرب الى حرب اللّٰه هرمجدون؛ ولذلك اثار عنوان الخطاب العام، «السلام — هل يمكن ان يدوم؟»، كثيرا من الفضول. فكيف امكن للرئيس الجديد لجمعية برج المراقبة، ن. ه. نور، ان يتجرأ على التحدث عن السلام عندما بدا النقيض مخزونا للامم؟a السبب هو ان صف يوحنا كان ‹منتبها اكثر من المعتاد› الى كلمة اللّٰه النبوية. — عبرانيين ٢:١؛ ٢ بطرس ١:١٩.
٤ فأيّ نور ألقاه الخطاب «السلام — هل يمكن ان يدوم؟» على النبوة؟ اذ حدَّد بوضوح هوية الوحش القرمزي اللون للرؤيا ١٧:٣ بصفته عصبة الامم، مضى ن. ه. نور يناقش تطور سيرته العاصفة على اساس كلمات الملاك التالية الى يوحنا: «الوحش الذي رأيت كان، وليس الآن، إلا انه سيصعد من المهواة، ويمضي الى الهلاك». — رؤيا ١٧:٨ أ.
٥ (أ) كيف حدث ان «الوحش . . . كان» ثم «ليس الآن»؟ (ب) كيف اجاب ن. ه. نور عن السؤال «هل ستبقى العصبة في الحفرة»؟
٥ «الوحش . . . كان». نعم، لقد كان موجودا بصفته عصبة الامم من ١٠ كانون الثاني ١٩٢٠ فصاعدا، بـ ٦٣ امة مشاركة في وقت او آخر. ولكن انسحبت اليابان، المانيا، وايطاليا تباعا، والاتحاد السوڤياتي السابق أُخرج من العصبة. وفي ايلول ١٩٣٩ شن دكتاتور المانيا النازي الحرب العالمية الثانية.b واذ فشلت في حفظ السلام في العالم، هبطت عصبة الامم فعليا الى مهواة الخمول. وبحلول السنة ١٩٤٢ صارت شيئا من الماضي. لا قبل ذلك ولا في تاريخ لاحق — ولكن في ذلك الوقت العصيب تماما — فسَّر يهوه لشعبه العمق الكامل لمعنى الرؤيا! وفي المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد تمكّن ن. ه. نور ان يعلن، انسجاما مع النبوة، ان «الوحش . . . ليس الآن». ثم طرح السؤال: «هل ستبقى العصبة في الحفرة؟». واذ اقتبس من رؤيا ١٧:٨ اجاب: «ان جمعية الامم العالمية ستقوم ثانية». وهكذا كان — تبرئة لكلمة يهوه النبوية!
الصعود من المهواة
٦ (أ) متى صعد الوحش القرمزي اللون من المهواة، وبأي اسم جديد؟ (ب) لماذا تكون الامم المتحدة في الواقع اعادة احياء للوحش القرمزي اللون؟
٦ ان الوحش القرمزي اللون صعد فعلا من المهواة. ففي ٢٦ حزيران ١٩٤٥، بتبويق شديد الضجيج في سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة الاميركية، صوَّتت ٥٠ أمة لقبول ميثاق منظمة الامم المتحدة. وهذه الهيئة كانت «لتحافظ على السلام والامن الدوليين». وكانت هنالك تماثلات عديدة بين العصبة والامم المتحدة. تلاحظ دائرة معارف الكتاب العالمي: «ببعض الطرائق، تشبه الامم المتحدة عصبة الامم التي نُظِّمت بعد الحرب العالمية الاولى . . . فكثير من الامم التي اسست الامم المتحدة كان قد اسس ايضا العصبة. وكالعصبة، تأسست الامم المتحدة للمساعدة على حفظ السلام بين الامم. والاعضاء الرئيسيون في الامم المتحدة هم كالذين في العصبة». فالامم المتحدة هي في الواقع اعادة احياء للوحش القرمزي اللون. وعضويتها التي تتأ لَّف من نحو ١٩٠ امة تتجاوز الى حد بعيد تلك التي للـ ٦٣ للعصبة؛ وتتولّى ايضا مسؤوليات اوسع من سابقتها.
٧ (أ) بأية طريقة يتعجب ساكنو الارض من الوحش القرمزي اللون المعاد احياؤه؟ (ب) اي هدف افلت من الامم المتحدة، وماذا قال امينها العام من هذا القبيل؟
٧ في البداية، جرى التعبير عن آمال عظيمة للامم المتحدة. وكان ذلك اتماما لكلمات الملاك: «وسيتعجب الساكنون على الارض، الذين ليست اسماؤهم مكتوبة في دَرْج الحياة منذ تأسيس العالم، عندما يرون الوحش انه كان، وليس الآن، ولكنه سيكون حاضرا». (رؤيا ١٧:٨ ب ) يتعجب ساكنو الارض من هذا الشيء الضخم الجديد، اذ يعمل من مركزه الرئيسي المهيب في ايست ريڤر في نيويورك. ولكنَّ السلام والامن الحقيقيين افلتا من الامم المتحدة. فخلال الجزء الاكبر من القرن الـ ٢٠، جرى الحفاظ على السلام العالمي فقط بتهديد «الدمار الاكيد المتبادل» — MAD، كما يجري اختصاره — ويستمر سباق التسلح في التصاعد على نحو هائل. ففي سنة ١٩٨٥، بعد نحو ٤٠ سنة من الجهد من قِبل الامم المتحدة، رثا خافيير پيريز ديكويار، الذي كان آنذاك امينها العام: «نحن نعيش في عصر آخر للتعصب، ولا نعرف ماذا نفعل بشأنه».
٨، ٩ (أ) لماذا لا تملك الامم المتحدة الاجوبة عن مشاكل العالم، وماذا سيحدث لها قريبا وفقا لحكم اللّٰه؟ (ب) لماذا مؤسِّسو الامم المتحدة والمعجبون بها ليست اسماؤهم مسجلة في «دَرْج الحياة» الذي للّٰه؟ (ج) ماذا سينجز ملكوت يهوه بنجاح؟
٨ لا تملك الامم المتحدة الاجوبة. ولماذا؟ لأن معطي الحياة لجميع الجنس البشري ليس هو معطي الحياة للامم المتحدة. ومدى حياتها سيكون قصيرا، لانها وفقا لحكم اللّٰه ‹تمضي الى الهلاك›. ان مؤسِّسي الامم المتحدة والمعجبين بها ليست اسماؤهم مسجلة في دَرْج الحياة الذي للّٰه. فكيف يمكن لأناس خطاة مائتين، هزأ كثيرون منهم باسم اللّٰه، ان يحقِّقوا بواسطة الامم المتحدة ما اعلن يهوه اللّٰه انه على وشك انجازه، لا بوسائل بشرية، بل عن طريق ملكوت مسيحه؟ — دانيال ٧:٢٧؛ رؤيا ١١:١٥.
٩ والامم المتحدة هي في الواقع تزييف تجديفي لملكوت اللّٰه المسيّاني برئاسة رئيس سلامه، يسوع المسيح — الذي لا نهاية لرئاسته. (اشعيا ٩:٦، ٧) وحتى إن كانت الامم المتحدة ستزوِّد سلاما موقتا فان الحروب سرعان ما تنفجر ثانية. فذلك في طبيعة الناس الخطاة. «ليست اسماؤهم مكتوبة في دَرْج الحياة منذ تأسيس العالم». أما ملكوت يهوه برئاسة المسيح فلن يؤسس السلام الابدي على الارض فقط ولكنه، على اساس ذبيحة يسوع الفدائية، سيقيم الاموات، الابرار والاثمة، الذين هم في ذاكرة اللّٰه. (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩؛ اعمال ٢٤:١٥) ويشمل ذلك كل مَن بقي ثابتا على الرغم من هجمات الشيطان ونسله، والآخرين الذين سيُظهرون بعدُ انهم طائعون. ومن الواضح ان دَرْج الحياة الذي للّٰه لن يحتوي ابدا على اسماء الملتصقين العُنُد ببابل العظيمة او ايّ من الذين استمروا في عبادة الوحش. — خروج ٣٢:٣٣؛ مزمور ٨٦:٨-١٠؛ يوحنا ١٧:٣؛ رؤيا ١٦:٢؛ ١٧:٥.
السلام والامن — رجاء باطل
١٠، ١١ (أ) بماذا نادت الامم المتحدة في السنة ١٩٨٦، وماذا كان التجاوب؟ (ب) كم «عشيرة دينية» اجتمعت في أسِّيزي، ايطاليا، للصلاة من اجل السلام، وهل يستجيب اللّٰه صلوات كهذه؟ اشرحوا.
١٠ في جهد لدعم آمال الجنس البشري، نادت الامم المتحدة بالسنة ١٩٨٦ «سنة دولية للسلام»، بمحور «صيانة السلام ومستقبل البشرية». ودعيت الامم المتحاربة الى القاء سلاحها، على الاقل سنة واحدة. فماذا كان تجاوبها؟ وفقا لتقرير بواسطة المعهد الاممي لابحاث السلام، فإن ما قدره خمسة ملايين شخص قُتلوا نتيجة الحروب في اثناء السنة ١٩٨٦ وحدها! وعلى الرغم من اصدار قطع نقد خصوصية وطوابع تذكارية، فإن معظم الامم لم تسعَ الى غاية السلام في تلك السنة. إلا ان اديان العالم — المتشوِّقة دائما الى صلة جيدة بالامم المتحدة — بدأت تعلن السنة بطرائق مختلفة. ففي ١ كانون الثاني ١٩٨٦، مدح البابا يوحنا بولس الثاني عمل الامم المتحدة وخصَّص السنة الجديدة للسلام. وفي ٢٧ تشرين الاول، جمع قادةَ الكثير من اديان العالم في أسِّيزي، ايطاليا، للصلاة من اجل السلام.
١١ وهل يستجيب اللّٰه صلوات كهذه من اجل السلام؟ حسنا، الى ايّ اله كان اولئك القادة الدينيون يصلّون؟ اذا سألتموهم، فإن كل فريق يعطي جوابا مختلفا. وهل هنالك مجموعة من ملايين الآلهة يمكن ان تسمع وتلبِّي طلبات تقدَّم بطرائق مختلفة؟ فكثيرون من المشاركين عبدوا ثالوث العالم المسيحي.c والبوذيون، الهندوس، وآخرون انشدوا صلوات لآلهة بلا عدد. وككل، اجتمعت ١٢ «عشيرة دينية»، اذ مثَّلها وجهاء كرئيس اساقفة كانتربري الانڠليكاني، دالاي لاما البوذي، متروپوليت اورثوذكسي روسي، رئيس جمعية المزارات الشنتوية في طوكيو، اصحاب مذهب الروحانية في افريقيا، مع هنديَّين اميركيَّين مزيَّنَين بعمرة مزخرفة بالريش. لقد كان فريقا ملوَّنا، دون مبالغة، ساهم في تغطية مثيرة للتلفزيون. واحدى الفرق صلَّت دون توقُّف ١٢ ساعة في وقت واحد. (قارنوا لوقا ٢٠:٤٥-٤٧.) ولكن هل وصلت اية من هذه الصلوات الى ما وراء غيوم المطر التي تحرَّكت فوق التجمع؟ كلا، للاسباب التالية:
١٢ لأية اسباب لم يستجب اللّٰه صلوات قادة العالم الدينيين من اجل السلام؟
١٢ بالتباين مع اولئك الذين ‹يسيرون باسم يهوه›، لم يكن ايّ من اولئك الدينيين يصلّي الى يهوه، الاله الحي، الذي يظهر اسمه نحو ٠٠٠,٧ مرة في النص الاصلي للكتاب المقدس. (ميخا ٤:٥؛ اشعيا ٤٢:٨، ١٢)d وكفريق، لم يقتربوا الى اللّٰه باسم يسوع، حتى ان غالبيتهم لا تؤمن بيسوع المسيح. (يوحنا ١٤:١٣؛ ١٥:١٦) ولا احد منهم يفعل مشيئة اللّٰه لايامنا، التي هي المناداة في كل العالم بملكوت اللّٰه المقبل — لا الامم المتحدة — بصفته الرجاء الحقيقي للجنس البشري. (متى ٧:٢١-٢٣؛ ٢٤:١٤؛ مرقس ١٣:١٠) وفي اكثر الحالات، كانت هيئاتهم الدينية متورطة في الحروب الدموية للتاريخ، بما فيها الحربان العالميتان للقرن الـ ٢٠. ولمثل هؤلاء يقول اللّٰه: «وإن أكثرتم الصلاة لا اسمع. ايديكم ملآنة من الدماء». — اشعيا ١:١٥؛ ٥٩:١-٣.
١٣ (أ) لماذا هو ذو مغزى ان يتَّحد قادة العالم الدينيون بالامم المتحدة في الدعوة من اجل السلام؟ (ب) الصرخات من اجل السلام ستبلغ النهاية في اية ذروة منبإ بها من اللّٰه؟
١٣ وعلاوة على ذلك، فانه ذو مغزى على نحو عميق ان يتَّحد قادة العالم الدينيون بالامم المتحدة في الدعوة من اجل السلام في هذا الوقت. فهم يريدون ان يؤثِّروا في الامم المتحدة من اجل منفعتهم، وخصوصا في هذا العصر الحديث حين يهجر كثيرون من شعبهم الدين. وكالقادة الدينيين غير الامناء في اسرائيل القديمة، يصرخون، «‹سلام! سلام!›، ولا سلام». (ارميا ٦:١٤) ولا شك ان صرخاتهم من اجل السلام ستستمر، اذ ترتفع دعما للذروة التي تنبَّأ عنها الرسول بولس: «يوم يهوه آت كسارق في الليل. فحين يقولون: ‹سلام وأمن!›، حينئذ يدهمهم سريعا هلاك مفاجئ دهم المخاض للحامل، فلا يفلتون». — ١ تسالونيكي ٥:٢، ٣.
١٤ اي شكل يمكن ان يتخذه الصراخ «سلام وأمن»، وكيف يمكن للمرء ان يتجنب الضلال به؟
١٤ في السنوات الماضية، استخدم السياسيون عبارة «سلام وأمن» لوصف مخططات بشرية متنوعة. فهل هذه الجهود التي يبذلها قادة العالم هي بدء اتمام كلمات ١ تسالونيكي ٥:٣؟ ام ان بولس كان يشير الى حادثة محدَّدة لافتة للنظر تستقطب انتباه العالم بأسره؟ بما ان نبوات الكتاب المقدس لا تُفهَم كاملا في اغلب الاحيان إلا بعد إتمامها او عندما تكون قيد الاتمام، فما علينا إلا ان ننتظر لنرى. وفي هذه الاثناء، يعلم المسيحيون انه مهما كان مقدار السلام والامن الذي تحققه الامم ظاهريا، فلن يكون اي شيء قد تغيّر فعلا من حيث الاساس. فالانانية، البغض، الجريمة، التحطُّم العائلي، الفساد الادبي، المرض، الحزن، والموت ستكون هنا بعد. ولذلك لن يضلكم الصراخ «سلام وأمن» مهما كان، وذلك اذا بقيتم متيقظين لمعنى حوادث العالم وأصغيتم الى التحذيرات النبوية في كلمة اللّٰه. — مرقس ١٣:٣٢-٣٧؛ لوقا ٢١:٣٤-٣٦.
[الحواشي]
a مات ج. ف. رذرفورد في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢ وخلفه ن. ه. نور رئيسا لجمعية برج المراقبة.
b في ٢٠ تشرين الثاني ١٩٤٠، وقَّعت المانيا، ايطاليا، اليابان، وهنڠاريا للانضمام الى «عصبة الامم الجديدة»، تبعتها بعد اربعة ايام اذاعة الڤاتيكان لقداس وصلاة من اجل سلام ديني ونظام جديد للاشياء. وهذه ‹العصبة الجديدة› لم تتحقق قط.
c تنجم فكرة الثالوث عن بابل القديمة، حيث اله الشمس شَمَش، اله القمر سين، والاهة النجوم عَشتار كانت تُعبد كمجموعة ثلاثية. واتَّبعت مصر النموذج عينه، عابدة أوزيريس، إيزيس، وحُورَس. والاله الاشوري الرئيسي، اشور، يصوَّر بأنه يملك ثلاثة رؤوس. وبحسب النموذج عينه، توجد صور في الكنائس الكاثوليكية ترسم اللّٰه بأنه يملك ثلاثة رؤوس.
d يعرِّف قاموس وبستر الاممي الجديد الثالث لسنة ١٩٩٣ يهوه اللّٰه بصفته «الاله المتفوِّق الذي يعترف به والاله الوحيد الذي يعبده شهود يهوه».
[الاطار في الصفحة ٢٥٠]
مفارقة «السلام»
على الرغم من ان السنة ١٩٨٦ نادت بها الامم المتحدة سنة دولية للسلام، فقد تصاعد سباق التسلح الانتحاري. ونفقات العالم العسكرية والاجتماعية ١٩٨٦ تزوِّد هذه التفاصيل الواقعية:
في ١٩٨٦ بلغت النفقات العسكرية العالمية ٩٠٠ ألف مليون دولار اميركي.
كانت نفقة عسكرية عالمية لساعة واحدة ستكفي لتحصين الـ ٥,٣ ملايين الذين كانوا يموتون سنويا من المرض المعدي الممكن منعه.
حول العالم، كان شخص واحد من كل خمسة يعيش في فقر مدقع. وجميع هؤلاء الناس الجياع كان يمكن اطعامهم سنة واحدة بكلفة ما صرفه العالم من اجل التسلح في يومين.
كانت الطاقة الانفجارية في مخزون العالم للاسلحة النووية ٠٠٠,٠٠٠,١٦٠ مرة اكثر من تلك التي لانفجار تشيرنوبيل.
القنبلة النووية كان يمكن ان توجَّه بقوة انفجارية ٥٠٠ مرة اكثر من قوة القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما في السنة ١٩٤٥.
كانت المستودعات النووية تحتوي على ما يعادل اكثر من مليون قنبلة هيروشيما. ومثلت ٧٠٠,٢ مرة الطاقة الانفجارية التي أُطلقت في الحرب العالمية الثانية، عندما مات ٣٨ مليون شخص.
صارت الحروب اكثر تكرارا واكثر إماتة. فوفيات الحروب بلغت ما مجموعه ٤,٤ ملايين في القرن الـ ١٨، ٣,٨ ملايين في القرن الـ ١٩، ٨,٩٨ مليونا في اول ٨٦ سنة من القرن الـ ٢٠. ومنذ القرن الـ ١٨، ازدادت وفيات الحروب اكثر من ست مرات اسرع من ازدياد سكان العالم. وكانت هنالك وفيات لكل حرب في القرن الـ ٢٠ عشرة اضعاف ما في القرن الـ ١٩.
[الصور في الصفحة ٢٤٧]
كما أُنبئ عن الوحش القرمزي اللون، هبطت عصبة الامم الى المهواة في اثناء الحرب العالمية الثانية ولكن اعيد احياؤها بصفتها الامم المتحدة
[الصور في الصفحة ٢٤٩]
دعما لـ ‹سنة السلام› التي للامم المتحدة، قدَّم ممثِّلون لاديان العالم خليطا من الصلوات في أسِّيزي، ايطاليا، ولكن لم يكن ايّ منهم يصلّي الى الاله الحي، يهوه
-
-
تنفيذ الحكم في بابل العظيمةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٥
تنفيذ الحكم في بابل العظيمة
١ كيف يصف الملاك الوحش القرمزي اللون، وأي نوع من الحكمة لازم لفهم رموز سفر الرؤيا؟
في وصف اضافِي للوحش القرمزي اللون للرؤيا ١٧:٣، يخبر الملاك يوحنا: «لا بد هنا من الذكاء والحكمة: الرؤوس السبعة تمثل سبعة جبال عليها تجلس المرأة. ويوجد سبعة ملوك: خمسة سقطوا، وواحد موجود، والآخر لم يأت بعد، ولكن متى اتى لا بد ان يبقى مدة قصيرة». (رؤيا ١٧:٩، ١٠ ) ينقل الملاك هنا الحكمة التي من فوق، الحكمة الوحيدة التي يمكن ان تعطي الفهم للرموز في سفر الرؤيا. (يعقوب ٣:١٧) وهذه الحكمة تنير صف يوحنا ورفقاءه في ما يتعلق بخطورة الاوقات التي نعيش فيها. وتبني في القلوب المتعبِّدة التقدير لاحكام يهوه، التي هي الآن على وشك ان تنفَّذ، وتغرس خوفا سليما من يهوه. وكما تذكر امثال ٩:١٠: «مخافة يهوه بداية الحكمة، ومعرفة الكلي القداسة هي الفهم». فماذا تظهر لنا الحكمة الالهية عن الوحش؟
٢ ما هو معنى الرؤوس السبعة للوحش القرمزي اللون، وكيف حدث ان ‹خمسة سقطوا، وواحدا موجود›؟
٢ ان الرؤوس السبعة لهذا الوحش الضاري تمثِّل سبعة «جبال»، او سبعة «ملوك». وكلا التعبيرين يُستعملان في الاسفار المقدسة للاشارة الى دول حكومية. (ارميا ٥١:٢٤، ٢٥؛ دانيال ٢:٣٤، ٣٥، ٤٤، ٤٥) وفي الكتاب المقدس، تُذكر ست دول عالمية بأن لها وقعا في شؤون شعب اللّٰه: مصر، اشور، بابل، مادي وفارس، اليونان، وروما. ومن هذه، كانت خمس قد اتت ومضت وقتَ تسلُّم يوحنا سفر الرؤيا، فيما كانت روما لا تزال دولة عالمية الى حد بعيد. وهذا يتطابق جيدا مع الكلمات، «خمسة سقطوا، وواحد موجود». ولكن ماذا عن «الآخر» الذي كان سيأتي؟
٣ (أ) كيف انقسمت الامبراطورية الرومانية؟ (ب) اية تطورات حدثت في الغرب؟ (ج) كيف يجب النظر الى الامبراطورية الرومانية المقدسة؟
٣ دامت الامبراطورية الرومانية وامتدت ايضا مئات السنين بعد ايام يوحنا. وفي ٣٣٠ بم، نقل الامبراطور قسطنطين عاصمته من روما الى بيزنطة، التي اعاد تسميتها القسطنطينية. وفي ٣٩٥ بم، انشقت الامبراطورية الرومانية الى الجزءين الشرقي والغربي. وفي ٤١٠ بم، سقطت روما نفسها في يدي ألارِك، ملك القوط الغربيين (قبيلة جرمانية كانت قد اهتدت الى النوع الآريوسي من «المسيحية»). والقبائل الجرمانية (ايضا «مسيحيون») قهروا اسپانيا وقسما كبيرا من مقاطعة روما في افريقيا الشمالية. وكانت هنالك قرون من الثوران، عدم الاستقرار، واعادة التعديل في اوروپا. وقام اباطرة بارزون في الغرب مثل شارلمان، الذي شكَّل حلفا مع البابا ليو الثالث في القرن الـ ٩، وفريدريك الثاني، الذي حكم في القرن الـ ١٣. ولكنَّ منطقة نفوذهم، مع انها سميت الامبراطورية الرومانية المقدسة، كانت اصغر بكثير من تلك التي للامبراطورية الرومانية الابكر في اوجها. لقد كانت ردّا او استمرارا لهذه الدولة القديمة اكثر منه امبراطورية جديدة.
٤ اية نجاحات كانت للامبراطورية الشرقية، ولكن ماذا حدث للكثير من المقاطعة السابقة لروما القديمة في افريقيا الشمالية، اسپانيا، وسوريا؟
٤ بقيت امبراطورية روما الشرقية، المتمركزة في القسطنطينية، في علاقة متقلقلة نوعا ما بالامبراطورية الغربية. ففي القرن السادس، كان الامبراطور الشرقي يوستنيانُس الاول قادرا على اعادة قهر قسم كبير من افريقيا الشمالية وتدخَّل ايضا في اسپانيا وايطاليا. وفي القرن السابع، استعاد يوستنيانُس الثاني للامبراطورية مناطق مقدونيا التي كان قد قهرها رجال قبيلة سلاڤية. ولكن، بحلول القرن الثامن، صار الكثير من المقاطعة السابقة لروما القديمة في افريقيا الشمالية، اسپانيا، وسوريا تحت حكم الامبراطورية الاسلامية الجديدة وهكذا انتقل من سيطرة القسطنطينية وروما كلتيهما.
٥ مع ان مدينة روما سقطت في ٤١٠ بم، كيف حدث ان زوال كل آثار الامبراطورية الرومانية السياسية من المشهد العالمي تطلَّب قرونا كثيرة؟
٥ دامت مدينة القسطنطينية نفسها مدة اطول نوعا ما. فقد نجت من هجمات متكررة من الفرس، العرب، البلغاريين، والروس الى ان سقطت اخيرا في السنة ١٢٠٣ — لا في ايدي المسلمين بل في ايدي الصليبيين من الغرب. ولكن في ١٤٥٣ صارت تحت سلطة الحاكم العثماني المسلم محمد الثاني وصارت سريعا عاصمة الامبراطورية العثمانية او التركية. وهكذا، مع ان مدينة روما سقطت في ٤١٠ بم، فإن زوال كل آثار الامبراطورية الرومانية السياسية من المشهد العالمي تطلَّب قرونا كثيرة. وحتى في ذلك الحين، كان تأثيرها لا يزال متميِّزا في الامبراطوريات الدينية المؤسسة على بابوية روما والكنائس الارثوذكسية الشرقية.
٦ اية امبراطوريات جديدة تماما تطوَّرت، وأية واحدة صارت الاكثر نجاحا؟
٦ ولكن، بحلول القرن الـ ١٥، كانت بعض البلدان تبني امبراطوريات جديدة تماما. وفيما وُجدت بعض هذه الدول الامبراطورية الجديدة في مقاطعة المستعمرات السابقة لروما، لم تكن امبراطورياتهم مجرد استمرار للامبراطورية الرومانية. فالپرتغال، اسپانيا، فرنسا، وهولندا صارت جميعها مراكز لمناطق نفوذ مترامية الاطراف. ولكنَّ الاكثر نجاحا كانت بريطانيا، التي باتت تشرف على امبراطورية ضخمة ‹لا تغيب عنها الشمس›. وقد انتشرت هذه الامبراطورية في اوقات مختلفة في قسم كبير من اميركا الشمالية، افريقيا، الهند، وجنوب شرق آسيا، بالاضافة الى المساحة الفسيحة للپاسيفيك الجنوبي.
٧ كيف اتى الى الوجود نوع من الدولة العالمية المزدوجة، والى كم من الوقت قال يوحنا ان ‹الرأس›، او الدولة العالمية، السابع يستمر؟
٧ وبحلول القرن الـ ١٩، كانت بعض المستعمرات في اميركا الشمالية قد انفصلت عن بريطانيا لتشكِّل الولايات المتحدة الاميركية المستقلة. وسياسيا، استمر بعض النزاع بين الامة الجديدة والوطن الام السابق. غير ان الحرب العالمية الاولى اجبرت كلا البلدين على ادراك مصالحهما المشتركة ووطَّدت علاقة خصوصية بينهما. وهكذا اتى الى الوجود نوع من الدولة العالمية المزدوجة، مؤلف من الولايات المتحدة الاميركية، الآن اغنى امة في العالم، وبريطانيا العظمى، مركز اكبر امبراطورية في العالم. اذًا، هوذا ‹الرأس›، او الدولة العالمية، السابع الذي يستمر الى وقت النهاية وفي المقاطعات التي فيها تأسس اولا شهود يهوه العصريون. وبالمقارنة مع الحكم الطويل للرأس السادس، يبقى السابع «مدة قصيرة» فقط، الى ان يدمِّر ملكوت اللّٰه جميع الكيانات القومية.
لماذا يدعى ملكا ثامنا؟
٨، ٩ ماذا يدعو الملاك الوحش القرمزي اللون الرمزي، وبأية طريقة ينشأ عن السبعة؟
٨ يوضح الملاك ايضا ليوحنا: «والوحش الذي كان وليس الآن، فهو ملك ثامن، ولكنه ينشأ عن السبعة، ويمضي الى الهلاك». (رؤيا ١٧:١١ ) ان الوحش القرمزي اللون الرمزي «ينشأ عن» الرؤوس السبعة؛ اي انه مولود من او مَدين بوجوده لتلك الرؤوس التي ‹للوحش الصاعد من البحر› الاصلي، الذي يكون الوحش القرمزي اللون صورة له. وبأية طريقة؟ حسنا، في السنة ١٩١٩ كانت الدولة الانكلواميركية الرأسَ الصاعد. فالستة الرؤوس السابقة كانت قد سقطت، ومركز الدولة العالمية المسيطرة انتقل الى هذا الرأس المزدوج وتمركز فيه الآن. وهذا الرأس السابع، بصفته الممثِّل الحالي لسلالة الدول العالمية، كان القوة الدافعة في تأسيس عصبة الامم وهو لا يزال المروِّج الرئيسي والدعم المالي للامم المتحدة. وهكذا، رمزيا، فإن الوحش القرمزي اللون — الملك الثامن — «ينشأ عن» الرؤوس السبعة الاصلية. واذ يُنظر اليه بهذه الطريقة، تنسجم العبارة انه من السبعة جيدا مع الرؤيا الابكر ان الوحش ذا القرنين شبه الحمل (الدولة العالمية الانكلواميركية، الرأس السابع لذلك الوحش الاصلي) حضَّ على صنع الصورة وأعطاها حياة. — رؤيا ١٣:١، ١١، ١٤، ١٥.
٩ وبالاضافة الى ذلك، فان الاعضاء الاصليين لعصبة الامم شملوا، الى جانب بريطانيا العظمى، حكومات حكمت في مراكز بعض الرؤوس السابقة، اي اليونان، ايران (فارس)، وايطاليا (روما). وفي نهاية الامر، صارت الحكومات التي تحكم المقاطعة التي سيطرت عليها الدول العالمية الست السابقة اعضاء داعمة لصورة الوحش. وبهذا المعنى ايضا امكن القول ان هذا الوحش القرمزي اللون ينشأ عن السبع الدول العالمية.
١٠ (أ) كيف يمكن القول ان الوحش القرمزي اللون «هو ملك ثامن»؟ (ب) كيف عبَّر زعيم في الاتحاد السوڤياتي السابق عن الدعم للامم المتحدة؟
١٠ لاحظوا ان الوحش القرمزي اللون «هو ملك ثامن». وهكذا فإن الامم المتحدة اليوم مصمَّمة لتبدو كحكومة عالمية. حتى انها احيانا عملت كحكومة، مرسلة الجيوش الى الميدان لحلّ النزاعات الدولية، كما في كوريا، شبه جزيرة سيناء، بعض البلدان الافريقية، ولبنان. ولكنها مجرد صورة ملك. وكصورة دينية، ليس لها تأثير او سلطة حقيقيان بمعزل عما يمنحها اياه اولئك الذين اوجدوها ويعبدونها. وأحيانا، يبدو هذا الوحش الرمزي ضعيفا، ولكنه لم يختبر قط نوع الهجر الذريع من الاعضاء ذوي التوجُّه الدكتاتوري الذين ارسلوا عصبة الامم مترنحة الى المهواة. (رؤيا ١٧:٨) وعلى الرغم من التمسك جوهريا بآراء مختلفة في مناطق اخرى، انضم زعيم بارز في الاتحاد السوڤياتي السابق في السنة ١٩٨٧ الى بابوات روما في التعبير عن الدعم للامم المتحدة. حتى انه دعا الى «نظام شامل من الامن الدولي» مؤسس على الامم المتحدة. وكما يعلم يوحنا سريعا، سيأتي وقت تعمل فيه الامم المتحدة بسلطة معتبرة. ثم، بدورها، ‹تمضي الى الهلاك›.
عشرة ملوك لساعة واحدة
١١ ماذا يخبر ملاك يهوه عن القرون العشرة على الوحش القرمزي اللون الرمزي؟
١١ في الاصحاح السابق لسفر الرؤيا، سكب الملاكان السادس والسابع جامَي غضب اللّٰه. وهكذا أُشعرنا بأن ملوك الارض يجري تجميعهم الى حرب اللّٰه في هرمجدون وأن ‹اللّٰه يذكر بابل العظيمة›. (رؤيا ١٦:١، ١٤، ١٩) والآن سنتعلَّم بتفصيل اكبر كيف ستنفَّذ احكام اللّٰه على هؤلاء. أَصغوا ثانية الى ملاك يهوه فيما يتكلم الى يوحنا. «والقرون العشرة التي رأيت تمثل عشرة ملوك لم ينالوا مملكة بعد، ولكنهم ينالون سلطة كملوك ساعة واحدة مع الوحش. هؤلاء لهم فكر واحد، فيعطون الوحش قدرتهم وسلطتهم. هؤلاء سيحاربون الحمل، ولكن الحمل يغلبهم لأنه رب الارباب وملك الملوك. والمدعوون والمختارون والامناء الذين معه يغلبون ايضا». — رؤيا ١٧:١٢-١٤.
١٢ (أ) ماذا تصوِّر القرون العشرة؟ (ب) كيف يكون ان القرون العشرة الرمزية ‹لم تنل مملكة بعد›؟ (ج) كيف يكون للقرون العشرة الرمزية «مملكة» الآن، ولكم من الوقت؟
١٢ ان القرون العشرة تصوِّر جميع الدول السياسية التي تهيمن في الوقت الحاضر على المشهد العالمي والتي تدعم صورة الوحش. فالقليل جدا من البلدان الموجودة الآن كان معروفا في ايام يوحنا. وتلك التي كانت معروفة، مثل مصر وفارس (ايران)، لها اليوم بنية سياسية مختلفة كليا. ولذلك، في القرن الاول، ‹لم تنل القرون العشرة مملكة بعد›. أما الآن، في يوم الرب، فلها «مملكة»، او سلطة سياسية. وبانهيار الامبراطوريات الاستعمارية العظمى، وخصوصا منذ الحرب العالمية الثانية، وُلدت امم جديدة كثيرة. وهذه، اضافة الى الدول المؤسَّسة منذ وقت اطول، لا بد ان تحكم مع الوحش فترة قصيرة — مجرد «ساعة واحدة» — قبل ان يجلب يهوه نهاية لكل السلطة السياسية العالمية في هرمجدون.
١٣ بأية طريقة يكون للقرون العشرة «فكر واحد»، وأي موقف تجاه الحمل يؤكده ذلك؟
١٣ والقومية اليوم هي احدى القوى الاقوى التي تدفع هذه القرون العشرة. فلهم «فكر واحد» لأنهم يريدون ان يحفظوا سلطانهم القومي عوضا عن قبول ملكوت اللّٰه. وهذا كان قصدهم من الاشتراك في عصبة الامم وهيئة الامم المتحدة قبل كل شيء — ان يحفظوا السلام العالمي وبالتالي ان يصونوا وجودهم الخاص. وموقف كهذا يؤكد ان القرون ستقاوم الحمل، «رب الارباب وملك الملوك»، لأن يهوه قصد ان يحل ملكوته برئاسة يسوع المسيح قريبا محل جميع هذه الممالك. — دانيال ٧:١٣، ١٤؛ متى ٢٤:٣٠؛ ٢٥:٣١-٣٣، ٤٦.
١٤ كيف يمكن لحكام العالم ان يحاربوا الحمل، وماذا ستكون النتيجة؟
١٤ طبعا، لا شيء يمكن لحكام هذا العالم ان يفعلوه ضد يسوع نفسه. فهو في السماء بعيد عن متناولهم. ولكنَّ اخوة يسوع، باقي نسل المرأة، لا يزالون على الارض وهم معرَّضون للهجوم كما يبدو. (رؤيا ١٢:١٧) وكثير من القرون يعرب الآن عن عداء مرير تجاههم، وبهذه الطريقة يحاربون الحمل. (متى ٢٥:٤٠، ٤٥) ولكن، سريعا، سيحين لملكوت اللّٰه ان ‹يسحق ويُفني كل هذه الممالك›. (دانيال ٢:٤٤) وحينئذ سيكون ملوك الارض في قتال حتى النهاية مع الحمل كما سنرى قريبا. (رؤيا ١٩:١١-٢١) ولكن هنا نتعلَّم ما يكفي لندرك ان الامم لن تنجح. فمع انه لهم وللوحش القرمزي اللون للامم المتحدة «فكر واحد»، لا يمكنهم ان يهزموا «رب الارباب وملك الملوك» العظيم، ولا يمكنهم ان يهزموا اولئك الذين هم ‹مدعوّون ومختارون وأمناء›، الذين يشملون أتباعه الممسوحين الذين لا يزالون على الارض. وهؤلاء ايضا سيكونون قد غلبوا بالمحافظة على الاستقامة اجابة عن اتِّهامات الشيطان الخسيسة. — روما ٨:٣٧-٣٩؛ رؤيا ١٢:١٠، ١١.
تخريب العاهرة
١٥ ماذا يقول الملاك عن العاهرة وموقف واجراء القرون العشرة والوحش تجاهها؟
١٥ ليس شعب اللّٰه الاهداف الوحيدة لعداوة القرون العشرة. فالملاك الآن يلفت انتباه يوحنا ثانية الى العاهرة: «وقال لي: ‹المياه التي رأيت حيث العاهرة جالسة، تمثل شعوبا وجموعا وأمما وألسنة. والقرون العشرة التي رأيت، والوحش، هؤلاء سيبغضون العاهرة ويجعلونها خربة وعريانة، ويأكلون لحومها ويحرقونها كاملا بنار›». — رؤيا ١٧:١٥، ١٦.
١٦ لماذا لن تكون بابل العظيمة قادرة على الاتكال على مياهها من اجل الدعم الواقي عندما تنقلب الحكومات السياسية عليها؟
١٦ كما اتكلت بابل القديمة على دفاعها المائي، تتكل بابل العظيمة اليوم على عضويتها الهائلة من ‹شعوب وجموع وأمم وألسنة›. والملاك على نحو ملائم يلفت انتباهنا الى هذه قبل الإخبار بتطور صاعق: الحكومات السياسية لهذه الارض ستنقلب بعنف على بابل العظيمة. وماذا ستفعل حينئذ كل تلك ‹الشعوب والجموع والأمم والألسنة›؟ يحذِّر شعب اللّٰه الآن بابل العظيمة من ان ماء نهر الفرات سيجف. (رؤيا ١٦:١٢) وهذه المياه اخيرا ستجف كاملا. ولن تكون قادرة على منح العاهرة القديمة المثيرة للاشمئزاز ايّ دعم فعَّال في ساعة حاجتها الامسّ. — اشعيا ٤٤:٢٧؛ ارميا ٥٠:٣٨؛ ٥١:٣٦، ٣٧.
١٧ (أ) لماذا ثراء بابل العظيمة لن ينقذها؟ (ب) كيف ستكون نهاية بابل العظيمة بعيدة ان تكون مشرِّفة؟ (ج) الى جانب القرون العشرة، او الامم الافرادية، ماذا ايضا ينضم الى الثورة على بابل العظيمة؟
١٧ بالتأكيد، ان الثراء المادي الفاحش لبابل العظيمة لن ينقذها. حتى انه قد يعجِّل دمارها، لأن الرؤيا تظهر انه عندما يصب الوحش والقرون العشرة بغضهم عليها سيجرِّدونها من ثيابها الملكية وكل جواهرها. وسيسلبون ثراءها. «ويجعلونها . . . عريانة»، مشهِّرين شخصيتها الحقيقية على نحو مخزٍ. فيا له من تخريب! ونهايتها بعيدة ايضا عن ان تكون مشرِّفة. فهم يدمِّرونها، «يأكلون لحومها»، محوِّلين اياها الى هيكل عظمي عديم الحياة. وأخيرا، «يحرقونها كاملا بنار». فهي تُحرق كمن يحمل الوبأ، حتى دون دفن لائق! وليست الامم وحدها، كما تمثلها القرون العشرة، هي التي تدمِّر العاهرة العظيمة، ولكنَّ «الوحش»، الذي يعني الامم المتحدة نفسها، ينضم اليها في هذه الثورة. فسيمنح موافقته على دمار الدين الباطل. والعديد من الـ ١٩٠ امة تقريبا ضمن الامم المتحدة يعربون الآن، بطريقة تصويتهم، عن عداء تجاه الدين، وخصوصا ذاك الذي للعالم المسيحي.
١٨ (أ) اية امكانية لانقلاب الامم على الدين البابلي تجري رؤيتها الآن؟ (ب) ماذا سيكون السبب الاساسي للهجوم الشامل على العاهرة العظيمة؟
١٨ ولماذا تعامل الامم عشيقتها السابقة على نحو فظيع الى هذا الحد؟ رأينا في التاريخ الحديث امكانية انقلاب كهذا على الدين البابلي. فالمقاومة الحكومية الرسمية قلَّصت على نحو مذهل نفوذ الدين في بلدان كالاتحاد السوڤياتي السابق والصين. وفي القطاعات الپروتستانتية من اوروپا، تعمل اللامبالاة والشك المنتشران على إفراغ الكنائس، بحيث ان الدين ميت عمليا. والامبراطورية الكاثوليكية الواسعة يمزِّقها التمرُّد وعدم الاتفاق، اللذان لم يكن قادتها قادرين على تهدئتهما. ولكن، لا يجب ان ننسى الواقع ان هذا الهجوم النهائي الشامل على بابل العظيمة يأتي كتعبير عن دينونة اللّٰه غير القابلة للتغيير على العاهرة العظيمة.
تنفيذ فكر اللّٰه
١٩ (أ) كيف يمكن توضيح تنفيذ دينونة يهوه ضد العاهرة العظيمة بدينونته على اورشليم المرتدّة في السنة ٦٠٧ قم؟ (ب) ماذا صوَّرته لايامنا مسبقا الحالة المقفرة غير الآهلة لاورشليم بعد السنة ٦٠٧ قم؟
١٩ وكيف ينفِّذ يهوه هذه الدينونة؟ يمكن توضيح ذلك باجراء يهوه ضد شعبه المرتدّ في الازمنة القديمة، الذين قال عنهم: «في انبياء اورشليم رأيت الفظائع: الزنى والسير بالكذب. قد شددوا ايدي فاعلي السوء حتى لا يرجعوا كل واحد عن رداءته. صاروا لي كلهم كسدوم، وسكانها كعمورة». (ارميا ٢٣:١٤) وفي السنة ٦٠٧ قم، استخدم يهوه نبوخذنصر كي ‹ينزع ثياب ويأخذ ادوات زينة ويترك عريانة ومتجردة› تلك المدينة الزانية روحيا. (حزقيال ٢٣:٤، ٢٦، ٢٩) واورشليم ذلك الوقت كانت نموذجا للعالم المسيحي اليوم، وكما رأى يوحنا في الرؤى الابكر، سيوجِّه يهوه الى العالم المسيحي وباقي الدين الباطل عقابا مماثلا. والحالة المقفرة غير الآهلة لاورشليم بعد السنة ٦٠٧ قم تظهر ما سيبدو عليه العالم المسيحي الديني بعد تجريده من ثرائه وتشهيره على نحو مخزٍ. وباقي بابل العظيمة لن تصير حاله افضل.
٢٠ (أ) كيف يظهر يوحنا ان يهوه مرة اخرى سيستخدم الحكام البشر في تنفيذ الدينونة؟ (ب) ما هو «فكر» اللّٰه؟ (ج) بأية طريقة سينفذ الامم «فكرهم الواحد»، ولكن فكر مَن سيُنفَّذ حقا؟
٢٠ مرة اخرى يستخدم يهوه الحكام البشر في تنفيذ دينونته. «فإن اللّٰه وضع في قلوبهم ان ينفذوا فكره، اي ان ينفذوا فكرهم الواحد بإعطاء مملكتهم للوحش، الى ان تتم كلمات اللّٰه». (رؤيا ١٧:١٧ ) فما هو «فكر» اللّٰه؟ ان يرتِّب لمنفِّذي الحكم في بابل العظيمة ان يتَّحدوا معا، لكي يدمِّروها كاملا. طبعا، سيكون دافع الحكام في الهجوم عليها ان ينفذوا «فكرهم الواحد». وسيشعرون بأنه من مصالحهم القومية ان ينقلبوا على العاهرة العظيمة. فقد يعتبرون الوجود المستمر للدين المنظَّم ضمن حدودهم تهديدا لسلطانهم. ولكنَّ يهوه في الواقع هو الذي سيحرك الامور؛ وسينفذون فكره بتدمير عدوَّته العاهرة القديمة العهد بضربة واحدة! — قارنوا ارميا ٧:٨-١١، ٣٤.
٢١ بما ان الوحش القرمزي اللون سيُستخدم في تدمير بابل العظيمة، ماذا ستفعل الامم بشكل واضح في ما يتعلق بالامم المتحدة؟
٢١ نعم، ستستخدم الامم الوحش القرمزي اللون، الامم المتحدة، في تدمير بابل العظيمة. وهم لا يعملون من ذاتهم، لأن يهوه يضع في قلوبهم «ان ينفذوا فكرهم الواحد بإعطاء مملكتهم للوحش». وعندما يحين الوقت، سترى الامم بشكل واضح الحاجة الى تقوية الامم المتحدة. وسيعطونها اسنانا، مجازيا، معِيرين اياها ايَّ سلطة او قوة لديهم بحيث يمكن ان تنقلب على الدين الباطل وتقاتل ضده بنجاح «الى ان تتم كلمات اللّٰه». وهكذا ستصل العاهرة القديمة الى نهايتها الكاملة. فلتذهب دون عودة!
٢٢ (أ) في رؤيا ١٧:١٨، الى ماذا تشير طريقة اختتام الملاك شهادته؟ (ب) كيف يتجاوب شهود يهوه مع حل السرّ؟
٢٢ وكما لو انه للتشديد على يقينية تنفيذ يهوه للدينونة في الامبراطورية العالمية للدين الباطل، يختتم الملاك شهادته بالقول: «والمرأة التي رأيت تمثل المدينة العظيمة التي لها مملكة تسود على ملوك الارض». (رؤيا ١٧:١٨ ) وكبابل في زمن بيلشاصر، فإن بابل العظيمة ‹وُزنت في الميزان فوُجدت ناقصة›. (دانيال ٥:٢٧) وتنفيذ الحكم فيها سيكون سريعا ونهائيا. وكيف يتجاوب شهود يهوه مع حل سرّ العاهرة العظيمة وسرّ الوحش القرمزي اللون؟ انهم يظهرون الغيرة في المناداة بيوم دينونة يهوه، فيما يجاوبون «بنعمة» الباحثين المخلصين عن الحق. (كولوسي ٤:٥، ٦؛ رؤيا ١٧:٣، ٧) وكما سيظهر فصلنا التالي، يجب على جميع الراغبين في النجاة عندما ينفَّذ الحكم في العاهرة العظيمة ان يعملوا، وأن يعملوا بسرعة!
[الصور في الصفحة ٢٥٢]
تعاقب الدول العالمية السبع
مصر
اشور
بابل
مادي وفارس
اليونان
روما
انكلواميركا
[الصورتان في الصفحة ٢٥٤]
«هو ملك ثامن»
[الصورة في الصفحة ٢٥٥]
اذ يديرون ظهورهم للحمل، «يعطون الوحش قدرتهم وسلطتهم»
[الصورة في الصفحة ٢٥٧]
العالم المسيحي بصفته الجزء الرئيسي من بابل العظيمة سيشبه اورشليم القديمة في الخراب التام
-
-
خراب المدينة العظيمةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٦
خراب المدينة العظيمة
الرؤيا ١٢ — رؤيا ١٨:١–١٩:١٠
الموضوع: سقوط ودمار بابل العظيمة؛ اعلان عرس الحمل
وقت الاتمام: من السنة ١٩١٩ الى ما بعد الضيق العظيم
١ ماذا سيسم بداية الضيق العظيم؟
مفاجئ، صاعق، مخرِّب — هكذا سيكون زوال بابل العظيمة! وسيكون احد الحوادث المفجعة اكثر في كل التاريخ، واسما بداية «ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ بدء العالم الى الآن، ولن يحدث ثانية». — متى ٢٤:٢١.
٢ على الرغم من قيام وسقوط امبراطوريات سياسية، اي نوع من الامبراطوريات بقي؟
٢ ان الدين الباطل موجود لزمن طويل. فقد وُجد دون انقطاع منذ ايام نمرود المتعطش الى الدم، الذي قاوم يهوه وأقام رجالا لبناء برج بابل. وعندما بلبل يهوه ألسنة اولئك المتمردين وبدَّدهم في الارض، انتقل دين بابل الباطل معهم. (تكوين ١٠:٨-١٠؛ ١١:٤-٩) ومنذ ذلك الحين، قامت وسقطت امبراطوريات سياسية، ولكنَّ الدين البابلي بقي. وقد اتخذ اشكالا وهيئات كثيرة، صائرا امبراطورية عالمية للدين الباطل، بابل العظيمة المتنبَّأ عنها. وجزؤه الابرز هو العالم المسيحي الذي نشأ من ادماج التعاليم البابلية الباكرة في العقيدة «المسيحية» المرتدَّة. وبسبب تاريخ بابل العظيمة الطويل جدا، يجد اناس كثيرون انه من الصعب التصديق انها ستدمَّر يوما ما.
٣ كيف يؤكد سفر الرؤيا دينونة الدين الباطل؟
٣ ولذلك من الملائم ان يؤكد سفر الرؤيا دينونة الدين الباطل بإعطائنا وصفين مفصَّلين لسقوطه والحوادث اللاحقة المؤدية الى خرابه الكلي. فقد سبق ان رأيناه بصفته «العاهرة العظيمة» التي يخرِّبها اخيرا احباؤها السابقون من الحيِّز السياسي. (رؤيا ١٧:١، ١٥، ١٦) والآن، في رؤيا اخرى ايضا، ننظر اليه بصفته مدينة، الشيء الديني الذي رمزت اليه بابل القديمة.
بابل العظيمة تقع
٤ (أ) اية رؤيا يراها يوحنا بعد ذلك؟ (ب) كيف يمكن ان نحدِّد هوية الملاك، ولماذا من الملائم ان يعلن هو سقوط بابل العظيمة؟
٤ يتابع يوحنا الرواية، مخبرا ايانا: «بعد هذا رأيت ملاكا آخر نازلا من السماء، له سلطة عظيمة. واستنارت الارض من مجده. فصرخ بصوت قوي قائلا: ‹سقطت! سقطت بابل العظيمة›». (رؤيا ١٨:١، ٢ أ ) انها المرة الثانية التي يسمع فيها يوحنا هذا الاعلان الملائكي. (انظروا رؤيا ١٤:٨.) ولكن هذه المرة يُشدَّد على مغزاه بعظمة الملاك السماوي، لأن مجده ينير الارض كلها! فمَن يمكن ان يكون؟ قبل قرون، اذ اخبر عن رؤيا سماوية، ذكر النبي حزقيال ان «الارض اضاءت من مجده [يهوه]». (حزقيال ٤٣:٢) والملاك الوحيد الذي يضيء بمجد يمكن مقارنته بذاك الذي ليهوه هو الرب يسوع، الذي هو «انعكاس مجد [اللّٰه] والرسم الدقيق لذاته». (عبرانيين ١:٣) وفي السنة ١٩١٤ صار يسوع ملكا سماويا، ومنذ ذلك الحين، يمارس السلطة على الارض بصفته ملكا وديّانا معاونا ليهوه. اذًا، من الملائم ان يعلن هو سقوط بابل العظيمة.
٥ (أ) مَن يستخدم الملاك في اعلان سقوط بابل العظيمة؟ (ب) عندما ابتدأت الدينونة على اولئك المدَّعين انهم «بيت اللّٰه»، كيف كانت الحال مع العالم المسيحي؟
٥ ومَن يستخدم هذا الملاك بسلطة عظيمة في اعلان أخبار مذهلة كهذه امام الجنس البشري؟ انهم الشعب عينه الذي يتحرر نتيجة لذلك السقوط، الممسوحون الباقون على الارض، صف يوحنا. فمن ١٩١٤ الى ١٩١٨ تألم هؤلاء كثيرا على يدي بابل العظيمة، ولكن في السنة ١٩١٨ ابتدأ الرب يهوه و ‹رسول عهده [الابراهيمي]›، يسوع المسيح، الدينونة «ببيت اللّٰه»، اولئك المدَّعين انهم مسيحيون. وهكذا جُلب العالم المسيحي المرتدّ الى المحاكمة. (ملاخي ٣:١؛ ١ بطرس ٤:١٧) وذنبه المروِّع لسفك الدم الذي جلبه على نفسه في اثناء الحرب العالمية الاولى، اشتراكه في اضطهاد شهود يهوه الامناء، وعقائده البابلية لم تساعده في وقت الدينونة؛ ولم يستحق ايّ جزء آخر من بابل العظيمة رضى اللّٰه. — قارنوا اشعيا ١٣:١-٩.
٦ لماذا يمكن القول ان بابل العظيمة قد سقطت بحلول السنة ١٩١٩؟
٦ ولذلك بحلول السنة ١٩١٩ سقطت بابل العظيمة، فاتحة الطريق لتحرير وردّ شعب اللّٰه، في يوم واحد اذا جاز التعبير، الى ارض ازدهارهم الروحي. (اشعيا ٦٦:٨) وبحلول تلك السنة، حرَّك يهوه اللّٰه ويسوع المسيح، داريوس الاعظم وكورش الاعظم، الامور بحيث لم يعد ممكنا للدين الباطل ان يحتفظ بشعب يهوه. ولم يعد ممكنا له ان يمنعهم من خدمة يهوه وتعريف جميع الذين يمكن ان يسمعوا بأن بابل العظيمة المشبَّهة بعاهرة محكوم عليها وأن تبرئة سلطان يهوه قريبة! — اشعيا ٤٥:١-٤؛ دانيال ٥:٣٠، ٣١.
٧ (أ) مع ان بابل العظيمة لم تدمَّر في السنة ١٩١٩، كيف نظر اليها يهوه؟ (ب) عندما سقطت بابل العظيمة في السنة ١٩١٩، ماذا نتج لشعب يهوه؟
٧ صحيح ان بابل العظيمة لم تدمَّر في السنة ١٩١٩ — تماما كما ان مدينة بابل القديمة لم تدمَّر في السنة ٥٣٩ قم عندما سقطت في ايدي جيوش كورش الفارسي. ولكن، من وجهة نظر يهوه، سقطت هذه المنظَّمة. لقد أُدينت قضائيا، منتظرة تنفيذ الحكم؛ ولذلك لم يعد ممكنا للدين الباطل ان يبقي شعب يهوه في الاسر. (قارنوا لوقا ٩:٥٩، ٦٠.) وقد تحرَّر هؤلاء ليخدموا بصفتهم العبد الامين الفطين للسيد في تزويد الطعام الروحي في حينه. ونالوا دينونة «احسنْتَ» وفُوِّض اليهم ان ينشغلوا مرة اخرى بعمل يهوه. — متى ٢٤:٤٥-٤٧؛ ٢٥:٢١، ٢٣؛ اعمال ١:٨.
٨ اي حادث ينادي به الرقيب في اشعيا ٢١:٨، ٩، ومَن يرمز اليهم اليوم هذا الرقيب؟
٨ منذ آلاف السنين استخدم يهوه انبياء آخرين لينبئوا بهذا الحادث الذي يسم العصر. فقد تكلم اشعيا عن رقيب «صرخ كأسد: ‹يا يهوه، انا واقف على برج المراقبة دائما في النهار، وأنا قائم على محرسي كل الليالي›». وأيّ حادث يدركه هذا الرقيب وينادي به بجرأة كجرأة الاسد؟ هذا: «سقطت! سقطت بابل، وكل منحوتات آلهتها كسرها [يهوه] الى الارض!». (اشعيا ٢١:٨، ٩) يرمز هذا الرقيب جيدا الى صف يوحنا اليقظ اليوم اذ يستعملون مجلة برج المراقبة ومطبوعات ثيوقراطية اخرى لاعلان الاخبار ان بابل قد سقطت.
انحطاط بابل العظيمة
٩، ١٠ (أ) نفوذ الدين البابلي يعاني ايّ انحطاط منذ الحرب العالمية الاولى؟ (ب) كيف يصف الملاك القوي الحالة الساقطة لبابل العظيمة؟
٩ ان سقوط بابل القديمة في السنة ٥٣٩ قم كان بداية انحطاط طويل انتهى الى خرابها. وعلى نحو مماثل، منذ الحرب العالمية الاولى، انحط نفوذ الدين البابلي على نحو لافت على نطاق عالمي. ففي اليابان، حُرِّمت عبادة الامبراطور الشِّنتوي بعد الحرب العالمية الثانية. وفي الصين، تسيطر الحكومة الشيوعية على جميع التعيينات والنشاطات الدينية. وفي اوروپا الشمالية الپروتستانتية، يصير معظم الناس غير مبالين بالدين. والكنيسة الكاثوليكية الرومانية جرى اضعافها مؤخرا بالانشقاقات والانقسام الداخلي في منطقة نفوذها العالمية. — قارنوا مرقس ٣:٢٤-٢٦.
١٠ ان كل هذه الميول هي دون شك جزء من ‹جفاف نهر الفرات› استعدادا للهجوم العسكري الآتي على بابل العظيمة. وهذا ‹الجفاف› منعكس ايضا في اعلان البابا في تشرين الاول ١٩٨٦ ان الكنيسة يجب ان «تصير ثانية متسوِّلة» — بسبب العجز الهائل. (رؤيا ١٦:١٢) وعلى نحو خصوصي منذ السنة ١٩١٩ شُهِّرت بابل العظيمة امام انظار العموم بصفتها ارضا اعراء روحية، تماما كما يعلن الملاك القوي هنا: «وصارت مسكنا لشياطين ومَكْمَنا لكل فَيْح نجس ومَكْمَنا لكل طائر نجس وبغيض!». (رؤيا ١٨:٢ ب ) وسريعا ستكون حرفيا ارضا اعراء كهذه، مقفرة كخرائب بابل في العراق اليوم. — انظروا ايضا ارميا ٥٠:٢٥-٢٨.
١١ بأي معنى تصير بابل العظيمة «مسكنا لشياطين» و ‹مَكْمَنا لكل فَيْح وطائر نجس›؟
١١ ان الكلمة «شياطين» هنا هي على الارجح انعكاس لعبارة «الشياطين اشباه التيوس» (سِعيريم ) الموجودة في وصف اشعيا لبابل الساقطة: «تربض هناك وحوش القفر، ويملأ البوه بيوتهم. وتقيم هناك النعام، وتقفز هناك الشياطين اشباه التيوس». (اشعيا ١٣:٢١) ربما لا يشير ذلك الى شياطين حرفيين وانما بالاحرى الى حيوانات شعثاء الشعر تسكن الصحراء يجعل منظرها المشاهدين يفكِّرون في الشياطين. وفي خرائب بابل العظيمة يدل الوجود المجازي لحيوانات كهذه، الى جانب الهواء السام الراكد (‹الفَيْح النجس›) والطيور النجسة، على حالتها الميتة روحيا. فهي لا تقدِّم ايّ توقع للحياة على الاطلاق للجنس البشري. — قارنوا افسس ٢:١، ٢.
١٢ كيف تطابق حالة بابل العظيمة نبوة ارميا في الاصحاح ٥٠؟
١٢ وحالتها تطابق ايضا نبوة ارميا: «‹سيف على الكلدانيين›، يقول يهوه، ‹وعلى سكان بابل وعلى رؤسائها وعلى حكمائها. . . . خراب على مياهها فتجف. لأنها ارض منحوتات، ورؤاهم المفزعة قد جعلتهم يُجَنُّون. لذلك يسكن اهل القفر مع بنات آوى، وتسكن فيها النعام، ولا تُسكَن بعد ابدا، ولا يكون لها مكان تقيم فيه من جيل الى جيل›». ان الصنمية وانشاد الصلوات التكرارية لا يمكن ان ينقذا بابل العظيمة من العقوبة المشابهة لقلب اللّٰه سدوم وعمورة. — ارميا ٥٠:٣٥-٤٠.
خمر مثيرة للرغبة الجنسية
١٣ (أ) كيف يلفت الملاك القوي الانتباه الى المدى الواسع لعهارة بابل العظيمة؟ (ب) اي فساد ادبي كان سائدا في بابل القديمة موجود ايضا في بابل العظيمة؟
١٣ يلفت الملاك القوي الانتباه بعد ذلك الى المدى الواسع لعهارة بابل العظيمة، مناديا: «لأن جميع الامم وقعت ضحية بسبب [خمر عهارتها المثيرة للرغبة الجنسية ]a، وملوك الارض ارتكبوا العهارة معها، وتجار الارض الجائلين اغتنوا من فرط ترفها الفاضح». (رؤيا ١٨:٣ ) لقد لقَّنت جميع امم الجنس البشري طرقها الدينية النجسة. ففي بابل القديمة، وفقا للمؤرخ اليوناني هيرودوتُس، كان مطلوبا من كل امرأة ان تمارس البغاء مرة في حياتها كجزء من عبادة الهيكل. والفساد الجنسي الذي تتقزز منه النفس مصوَّر الى هذا اليوم في التماثيل المتضررة من الحرب في أَنكور وات في كمپوتشيا وفي الهياكل في خاجورِهو، الهند، التي تظهر الاله الهندوسي ڤيشنو محاطا بمشاهد شهوانية مثيرة للاشمئزاز. وفي الولايات المتحدة توضح فضائح الفساد الادبي التي هزَّت عالم مبشّري التلفزيون في السنة ١٩٨٧، ومرة اخرى في السنة ١٩٨٨، بالاضافة الى الكشف عن الممارسة الواسعة الانتشار لمضاجعة النظير من قِبل قسوس الدين، انه حتى العالم المسيحي يتساهل في الافراط الصاعق للعهارة الحرفية. ومع ذلك، وقعت جميع الامم ضحية نوع من العهارة اكثر خطورة ايضا.
١٤-١٦ (أ) اية علاقة دينية سياسية محرَّمة روحيا تطوَّرت في ايطاليا الفاشية؟ (ب) عندما اجتاحت ايطاليا الحبشة، اية تصاريح صنعها اساقفة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية؟
١٤ كنا قد راجعنا العلاقة الدينية السياسية المحرَّمة التي قذفت هتلر الى السلطة في المانيا النازية. وقد تألمت امم اخرى بسبب تدخُّل الدين في الشؤون الدنيوية. مثلا: في ايطاليا الفاشية، في ١١ شباط ١٩٢٩، وقَّع موسوليني والكردينال ڠاسپاري معاهدة لاتران، مما جعل مدينة الڤاتيكان دولة ذات سيادة. وادَّعى البابا پيوس الحادي عشر انه «أَرجع ايطاليا الى اللّٰه واللّٰه الى ايطاليا». فهل كان ذلك الحقيقة؟ تأملوا في ما حدث بعد ست سنوات. ففي ٣ تشرين الاول ١٩٣٥، اجتاحت ايطاليا الحبشة، مدَّعية انها «بلد بربري لا يزال يمارس الاستعباد». ومَن كان حقا بربريا؟ هل ادانت الكنيسة الكاثوليكية بربرية موسوليني؟ بينما اصدر البابا تصاريح غامضة، كان اساقفته صرحاء تماما في مباركة القوى المسلَّحة لـ «ارضهم الامّ» الايطالية. وفي الكتاب الڤاتيكان في عصر الدكتاتوريين، يذكر انتوني رودُس:
١٥ «في رسالته الرعوية في الـ ١٩ من تشرين الاول [١٩٣٥]، كتب اسقف أودين [ايطاليا]: ‹ليس في حينه ولا هو ملائم ان نبدي الرأي في الوقائع الحقيقية للحالة. ان واجبنا كايطاليين، واكثر ايضا كمسيحيين هو ان نساهم في نجاح فرقنا العسكرية›. وكتب اسقف پادووا في الـ ٢١ من تشرين الاول: ‹في الساعات الصعبة التي نعبرها، نطلب اليكم ان تؤمنوا برجال دولتنا وقواتنا المسلَّحة›. وفي الـ ٢٤ من تشرين الاول، قدَّس اسقف كريمونا عددا من الأعلام العسكريين وقال: ‹لتكن بركة اللّٰه على هؤلاء الجنود الذين، على التربة الافريقية، سيخضعون بلدانا جديدة وخصبة من اجل العبقرية الايطالية، جالبين اليها بذلك الحضارة الرومانية والمسيحية. فلتقف ايطاليا مرة اخرى بصفتها الناصح المسيحي للعالم بكامله›».
١٦ لقد اغتُصبت الحبشة ببركة رجال الدين الكاثوليك الرومان. فهل كان يمكن لأيٍّ من هؤلاء ان يدَّعي، بمعنى من المعاني، انه كالرسول بولس «طاهر من دم الجميع»؟ — اعمال ٢٠:٢٦.
١٧ كيف تألمت اسپانيا بسبب فشل رجال دينها في ‹طبع سيوفهم سككا›؟
١٧ بالاضافة الى المانيا، ايطاليا، والحبشة وقعت امة اخرى ضحية عهارة بابل العظيمة — اسپانيا. فالحرب الاهلية للسنوات ١٩٣٦-١٩٣٩ في هذا البلد اشعلها جزئيا اتخاذ الحكومة الديموقراطية خطوات لتقليص القوة الهائلة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. واذ اخذت الحرب مجراها، وصف القائد الفاشي الكاثوليكي للقوى الثورية، فرانكو، نفسه بأنه «القائد العام المسيحي للصليبية المقدسة»، لقب تركه لاحقا. ومئات ألوف متعددة من الاسپان ماتوا في القتال. وفضلا عن ذلك، وفقا لتقديرٍ محافظ، قتل قوميّو فرانكو ٠٠٠,٤٠ عضو في «الجبهة الشعبية»، فيما قتلت الاخيرة ٠٠٠,٨ اكليريكي — من رهبان، كهنة، راهبات، ورهبان مبتدئين. هذا هو رعب ومأساة الحرب الاهلية، مما يوضح حكمة الاصغاء الى كلمات يسوع: «ردَّ سيفك الى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون». (متى ٢٦:٥٢) فكم يكون مثيرا للاشمئزاز ان يتورط العالم المسيحي في سفك دم جماعي كهذا! وفي الواقع، فشل رجال دينه تماما في ‹طبع سيوفهم سككا›. — اشعيا ٢:٤.
التجار الجائلون
١٨ مَن هم ‹تجار الارض الجائلون›؟
١٨ ومَن هم ‹تجار الارض الجائلون›؟ لا شك اننا ندعوهم اليوم كبار التجار، عمالقة التجارة، اصحاب الصفقات الحاذقين للتجارة الكبيرة. وهذا ليس لنقول انه من الخطإ الانهماك في تجارة شرعية. والكتاب المقدس يزوِّد مشورة حكيمة لرجال الاعمال، محذِّرا من عدم الاستقامة، الجشع، وما اشبه ذلك. (امثال ١١:١؛ زكريا ٧:٩، ١٠؛ يعقوب ٥:١-٥) ان «التعبد للّٰه مع الاكتفاء» ربح عظيم. (١ تيموثاوس ٦:٦، ١٧-١٩) ولكنَّ عالم الشيطان لا يتبع المبادئ البارة. والفساد يكثر. وهو يوجد في الدين، في السياسة — وفي التجارة الكبيرة. ومن وقت الى آخر تعرض وسائل الاعلام فضائح، كالاختلاس من قبل رسميين حكوميين بمستوى رفيع والمتاجرة غير الشرعية بالسلاح.
١٩ اي واقع عن اقتصاد العالم يساعد على تفسير سبب ورود ذكرٍ غير مؤاتٍ لتجار الارض في سفر الرؤيا؟
١٩ ان التجارة الدولية بالسلاح ترتفع فوق الـ ٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,١ دولار اميركي كل سنة فيما يُحرم مئات الملايين من البشر ضرورات الحياة. وذلك رديء بما فيه الكفاية. ولكنَّ الاسلحة يظهر انها دعم اساسي لاقتصاد العالم. ففي ١١ نيسان ١٩٨٧، اخبرت مقالة في سپِكتايتُر اللندنية: «اذ نحسب فقط الصناعات ذات العلاقة المباشرة، يكون نحو ٠٠٠,٤٠٠ عمل ذا صلة في الولايات المتحدة و ٠٠٠,٧٥٠ في اوروپا. ولكن على نحو لافت كفاية، اذ ينمو الدور الاجتماعي والاقتصادي لبناء الاسلحة، فان السؤال الحقيقي عما اذا كان المنتجون في حماية انما يوضع في مكان ثانوي». والارباح الطائلة تُجنى فيما يتاجَر بالقنابل والاسلحة الاخرى في كل الارض، حتى الى الاعداء المحتمَلين. ويوما ما قد تعود هذه القنابل في محرقة نارية لتدمر الذين يبيعونها. فيا له من تناقض! أَضيفوا الى ذلك الكسب غير المشروع الذي يحيط بصناعة السلاح. ففي الولايات المتحدة وحدها، وفقا لـ سپِكتايتُر، «كل سنة يخسر الپانتاڠون على نحو لا يمكن تفسيره ٩٠٠ مليون دولار اميركي قيمة اسلحة ومعدات». فلا عجب ان يرد ذكرٌ غير مؤاتٍ لتجار الارض في سفر الرؤيا!
٢٠ اي مثال يظهر تورُّط الدين في الممارسات التجارية الفاسدة؟
٢٠ كما انبأ الملاك المجيد، ان الدين متورط عميقا في ممارسات تجارية فاسدة كهذه. مثلا، هنالك تورُّط الڤاتيكان في انهيار بنكو امبروزيانو في ايطاليا في السنة ١٩٨٢. وقد طالت القضية عبر ثمانينات الـ ١٩٠٠، والسؤال الذي بقي دون جواب هو: اين ذهب المال؟ وفي شباط ١٩٨٧ اصدر قضاة ميلانو اوامر توقيف لثلاثة اكليريكيين في الڤاتيكان، بمن فيهم رئيس اساقفة اميركي، بتهم كونهم محرِّضين على افلاس مزوَّر، ولكنَّ الڤاتيكان رفض طلب التسليم. وفي تموز ١٩٨٧، وسط اهتياج من الاحتجاج، أُلغيت الاوامر من قبل محكمة الاستئناف العليا في ايطاليا على اساس معاهدة قديمة بين الڤاتيكان والحكومة الايطالية.
٢١ كيف نعرف ان يسوع لم تكن له صلة بالممارسات التجارية المشكوك فيها لايامه، ولكن ماذا نرى اليوم في ما يتعلق بالدين البابلي؟
٢١ وهل كانت ليسوع صلة بالممارسات التجارية المشكوك فيها لايامه؟ كلا. حتى انه لم يكن صاحب ملكية، اذ لم يكن «له اين يضع رأسه». وقد نصح يسوع رئيسا شابا غنيا: «بع كل ما عندك ووزِّع على الفقراء، فيكون لك كنز في السموات، وتعال اتبعني». كان ذلك نصحا جيدا، لأنه كان يمكن ان ينتج تخلُّصه من كل الهموم بسبب المسائل التجارية. (لوقا ٩:٥٨؛ ١٨:٢٢) وبالتباين، غالبا ما تكون للدين البابلي روابط كريهة مع التجارة الكبيرة. مثلا، في السنة ١٩٨٧ أخبرت أولباني تايمز يونيون ان المدبِّر المالي لأبرشية رئيس الاساقفة الكاثوليكية في ميامي، فلوريدا، الولايات المتحدة الاميركية، اعترف بامتلاك الكنيسة أسهمًا في شركات تصنع اسلحة نووية، افلاما مصنَّفة بدرجة R، وسجائر.
«اخرجوا منها، يا شعبي»
٢٢ (أ) ماذا يقول صوت من السماء؟ (ب) ماذا قاد الى الابتهاج من جهة شعب اللّٰه في ٥٣٧ قم وفي ١٩١٩ بم؟
٢٢ تشير كلمات يوحنا التالية الى اتمام اضافي للنموذج النبوي: «وسمعت صوتا آخر من السماء يقول: ‹اخرجوا منها، يا شعبي، لئلا تشتركوا معها في خطاياها، ولئلا تنالوا من ضرباتها›». (رؤيا ١٨:٤ ) ان نبوات سقوط بابل القديمة في الاسفار العبرانية تشمل ايضا امر يهوه لشعبه: «اهربوا من وسط بابل». (ارميا ٥٠:٨، ١٣) وعلى نحو مماثل، نظرا الى الخراب الآتي لبابل العظيمة، يجري تحريض شعب اللّٰه الآن على الفرار. وفي السنة ٥٣٧ قم سبَّبت الفرصة للفرار من بابل ابتهاجا كثيرا من جهة الاسرائيليين الامناء. وبالطريقة عينها، فان تحرُّر شعب اللّٰه من الاسر البابلي في السنة ١٩١٩ قاد الى الابتهاج من جهتهم. (رؤيا ١١:١١، ١٢) ومنذ ذلك الحين يطيع ملايين من الآخرين الامر بالهرب.
٢٣ كيف يشدد الصوت من السماء على الحاح الهرب من بابل العظيمة؟
٢٣ وهل من الملح حقا الهرب من بابل العظيمة، الانسحاب من العضوية في اديان العالم والقيام بانفصال تام؟ انه كذلك، لأننا نحتاج ان نتخذ نظرة اللّٰه الى هذا الشيء الرهيب الديني القديم العهد، بابل العظيمة. وهو لم يلطِّف الكلام في دعائها بالعاهرة العظيمة. ولذلك يخبر الصوت من السماء الآن يوحنا بالمزيد في ما يتعلق بهذه البغيّ: «فإن خطاياها قد تراكمت حتى السماء، وتذكر اللّٰه مظالمها. جازوها كما جازت هي ايضا، وضاعفوا لها ضعفا بحسب اعمالها. في الكأس التي مزجت فيها امزجوا لها ضعفا. بقدر ما مجدت نفسها وعاشت في ترف فاضح، بقدر ذلك اعطوها عذابا ونوحا. فإنها تقول في قلبها: ‹اني جالسة ملكة، ولست ارملة، ولن ارى نوحا ابدا›. لذلك في يوم واحد ستأتي ضرباتها، موت ونوح ومجاعة، وستحترق كاملا بالنار، لأن يهوه اللّٰه الذي دانها قوي». — رؤيا ١٨:٥-٨.
٢٤ (أ) يجب ان يهرب شعب اللّٰه من بابل العظيمة ليتجنبوا ماذا؟ (ب) اولئك الذين يفشلون في الهرب من بابل العظيمة يشتركون معها في اية خطايا؟
٢٤ انها لكلمات قوية! ولذلك فان العمل مطلوب. وارميا حرَّض الاسرائيليين في ايامه على العمل، قائلا: «اهربوا من وسط بابل . . . لأن هذا وقت انتقام ليهوه، وهو يؤدي لها الجزاء. اخرجوا من وسطها يا شعبي، وانجوا كل واحد بنفسه من غضب يهوه المتقد». (ارميا ٥١:٦، ٤٥) وبطريقة مماثلة، يحذِّر الصوت من السماء شعب اللّٰه اليوم لكي يهربوا من بابل العظيمة لئلا ينالوا من ضرباتها. فأحكام يهوه المشبَّهة بضربات على هذا العالم، بما فيه بابل العظيمة، يُنادى بها الآن. (رؤيا ٨:١–٩:٢١؛ ١٦:١-٢١) ويلزم شعب اللّٰه ان ينفصلوا عن الدين الباطل اذا كانوا لا يريدون هم انفسهم ان يعانوا هذه الضربات ويموتوا اخيرا معه. والى جانب ذلك، فإن البقاء ضمن هذه الهيئة يجعلهم يشتركون في خطاياها. ويكونون مذنبين بقدر ما هي مذنبة بالزنا الروحي وإراقة دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض». — رؤيا ١٨:٢٤؛ قارنوا افسس ٥:١١؛ ١ تيموثاوس ٥:٢٢.
٢٥ بأية طرائق خرج شعب اللّٰه من بابل القديمة؟
٢٥ ولكن، كيف يخرج شعب اللّٰه من بابل العظيمة؟ في قضية بابل القديمة، كان على اليهود ان يقوموا برحلة جسدية من مدينة بابل في طريق العودة الى ارض الموعد. ولكن اكثرُ من ذلك كان مشمولا. فقد امر اشعيا الاسرائيليين نبويا: «انصرفوا، انصرفوا، اخرجوا من هناك، لا تمسوا نجسا. اخرجوا من وسطها، تطهروا يا حاملي عتاد بيت يهوه». (اشعيا ٥٢:١١) نعم، كان عليهم ان يهجروا كل الممارسات النجسة للدين البابلي التي يمكن ان تلوِّث عبادتهم ليهوه.
٢٦ كيف اطاع المسيحيون الكورنثيون الكلمات: ‹اخرجوا من بينهم ولا تمسوا النجس بعد›؟
٢٦ اقتبس الرسول بولس كلمات اشعيا في رسالته الى الكورنثيين، قائلا: «لا تكونوا تحت نير لا تكافؤ فيه مع غير المؤمنين. فأية خلطة للبر والتعدي على الشريعة؟ او اية شركة للنور مع الظلمة؟ . . . ‹لذلك اخرجوا من بينهم، وافترزوا›، يقول يهوه، ‹ولا تمسوا النجس بعد›». لم يكن على المسيحيين الكورنثيين ان يتركوا كورنثوس لكي يطيعوا هذه الوصية. ولكن، كان عليهم جسديا ان يتجنبوا الهياكل النجسة للدين الباطل، بالاضافة الى الاعتزال روحيا عن الاعمال النجسة لعبَّاد الاصنام. وفي السنة ١٩١٩ بدأ شعب اللّٰه يهربون من بابل العظيمة بهذه الطريقة، مطهِّرين انفسهم من اية تعاليم وممارسات نجسة متبقِّية. وهكذا كانوا قادرين على خدمته بصفتهم شعبه المطهَّر. — ٢ كورنثوس ٦:١٤-١٧؛ ١ يوحنا ٣:٣.
٢٧ اية تناظرات هنالك بين الاحكام على بابل القديمة وتلك التي على بابل العظيمة؟
٢٧ ان سقوط بابل القديمة وخرابها النهائي كان عقابا على خطاياها. «لأن قضاءها بلغ الى السموات». (ارميا ٥١:٩) وعلى نحو مماثل، فان خطايا بابل العظيمة «تراكمت حتى السماء»، بحيث تبلغ انتباه يهوه نفسه. فهي مذنبة بالجور، الصنمية، الفساد الادبي، الظلم، السرقة، والقتل. وسقوط بابل القديمة كان جزئيا انتقاما من اجل ما فعلته لهيكل يهوه وعبَّاده الحقيقيين. (ارميا ٥٠:٨، ١٤؛ ٥١:١١، ٣٥، ٣٦) وكذلك فان سقوط بابل العظيمة ودمارها النهائي هو تعبير عن الانتقام من اجل ما فعلته بالعبَّاد الحقيقيين على مرّ القرون. وفي الواقع، ان دمارها الاخير هو بداية «يوم انتقام لالهنا». — اشعيا ٣٤:٨-١٠؛ ٦١:٢؛ ارميا ٥٠:٢٨.
٢٨ اي مقياس للعدل يطبِّقه يهوه على بابل العظيمة، ولماذا؟
٢٨ تحت الشريعة الموسوية، اذا سرق اسرائيلي من اهل بلده الرفقاء، كان يجب ان يردّ الضعف على الاقل تعويضا. (خروج ٢٢:١، ٤، ٧، ٩) وفي الدمار الآتي لبابل العظيمة، سيطبِّق يهوه مقياسا مشابها للعدل. فيجب ان تأخذ ضعف ما اعطت. ولن تُظهَر لها الرحمة لأن بابل العظيمة لم تظهر الرحمة لضحاياها. فقد تغذَّت على نحو طفيلي بشعوب الارض ‹لتعيش في ترف فاضح›. والآن ستختبر الالم والنوح. وبابل القديمة شعرت بأنها في وضع آمن تماما، اذ افتخرت: «لا اجلس ارملة، ولا اعرف الثكل». (اشعيا ٤٧:٨، ٩، ١١) وبابل العظيمة ايضا تشعر بالامن. ولكنَّ دمارها، اذ يقضي به يهوه الذي هو «قوي»، سيحدث بسرعة، كأنه «في يوم واحد»!
[الحاشية]
a الكتاب المقدس المرجعي لترجمة العالم الجديد، الحاشية.
[الاطار في الصفحة ٢٦٣]
‹ارتكب الملوك . . . معها العهارة›
في وقت باكر من القرن الـ ١٩ كان التجار الاوروپيون يهرِّبون كميات هائلة من الافيون الى الصين. وفي آذار ١٨٣٩ حاول الرسميون الصينيون ايقاف التجارة غير الشرعية بمصادرة ٠٠٠,٢٠ صندوق من المخدِّر من التجار البريطانيين. وأدَّى ذلك الى توتُّر بين بريطانيا والصين. واذ تدهورت العلاقات بين البلدين، حرَّض بعض المرسَلين الپروتستانت بريطانيا على الذهاب الى الحرب، بتصاريح كالتالية:
«كم تبهج هذه الصعوبات قلبي لاني اعتقد ان الحكومة الانكليزية قد تُغضَب، واللّٰه، في قوته قد يحطِّم العوائق التي تمنع دخول انجيل المسيح الى الصين». — هنرييتا شاك، مرسَلة معمدانية جنوبية.
وأخيرا، نشبت الحرب — الحرب المعروفة اليوم بحرب الافيون. والمرسَلون شجَّعوا بريطانيا من كل القلب بتعليقات كهذه:
«انا مكرَه على النظر الى الحالة الحاضرة للاشياء ليس كشأن للافيون او شأن انكليزي، بقدر ما هي الخطة العظيمة للعناية الالهية لجعل شر الانسان يسهِّل مقاصد رحمته نحو الصين في اختراق جدار صدِّها». — پيتر پاركر، مرسَل جماعي.
مرسَل جماعي آخر، صموئيل و. وليمز، اضاف: «ان يد اللّٰه ظاهرة في كل ما حدث بطريقة لافتة، ولا نشك ان ذاك الذي قال انه يأتي ليجلب سيفا على الارض قد اتى الى هنا وذلك من اجل دمار اعدائه السريع وتأسيس ملكوته الخاص. وهو سيقلب ويقلب الى ان يثبِّت رئيس السلام».
وفي ما يتعلق بالقتل الرهيب للوطنيين الصينيين، كتب المرسَل ج. لُويس شاك: «أعتبر مشاهد كهذه . . . ادوات مباشرة للرب في ازالة النفاية التي تعيق تقدُّم الحق الالهي».
والمرسَل الجماعي ايليا سي. بريدجمان اضاف: «كثيرا ما استعمل اللّٰه الذراع القوية للسلطة المدنية ليعدّ الطريق لملكوته . . . والوكالة في هذه اللحظات العظيمة هي بشرية؛ والقوة الموجِّهة الهية. ان الحاكم الاسمى لكل الامم قد استخدم انكلترا ليؤدِّب ويذلَّ الصين». — اقتباسات أُخذت من «غايات ووسائل»، ١٩٧٤، مقالة بقلم ستووارت كرايتن ميلر نُشرت في المشروع الارسالي في الصين واميركا (درس في هارْڤَرْد حرره جون ك. فيربَنك).
[الاطار في الصفحة ٢٦٤]
‹التجار الجائلون اغتنوا›
«بين ١٩٢٩ وانفجار الحرب العالمية الثانية، عيَّن [برنادينو] نوڠارا [المدبِّر المالي للڤاتيكان] رأسمال الڤاتيكان ووكلاء الڤاتيكان للعمل في مجالات متنوعة من اقتصاد ايطاليا — وخصوصا في القوة الكهربائية، الاتصالات الهاتفية، التسليف والاعمال المصرفية، الخطوط الحديدية الصغيرة، وانتاج الادوات الزراعية، الاسمنت، وألياف النسيج الاصطناعية. والعديد من هذه المغامرات حقَّق ربحا.
«نوڠارا التهم عددا من الشركات بما فيها La Società ,La Supertessile ,Italiana della Viscosa ,La Cisaraion. La Società Meridionale Industrie Tessili واذ ادمج هذه في شركة واحدة، الشركة التي سمَّاها CISA-Viscosa ووضعها تحت إمرة البارون فرانشِسكو ماريّا اوداسو، احد علمانيي الڤاتيكان الاكثر ثقة، دبَّر نوڠارا ان يضمَّ صاحب اكبر مصنع نسيج في ايطاليا هذه الشركة الجديدة الى شركته، Viscosa-SNIA. وفي نهاية الامر نما اهتمام الڤاتيكان اكثر فاكثر بـ Viscosa-SNIA، وفي الوقت المناسب سيطر الڤاتيكان — كما يشهد واقع ان البارون اوداسو صار في ما بعد نائبا للرئيس.
«وهكذا تغلغل نوڠارا في صناعة النسيج. وتغلغل في صناعات اخرى بطرائق اخرى، لأن نوڠارا كانت لديه حيل كثيرة يخفيها في سرّه. هذا الرجل الغيري . . . ربما عمل على ادخال الحياة في الاقتصاد الايطالي اكثر مما فعل ايّ رجل اعمال آخر وحده في تاريخ ايطاليا . . . ان بنيتو موسوليني لم يكن قط قادرا تماما على تحقيق الامبراطورية التي حلم بها، ولكنه مكَّن الڤاتيكان وبرنادينو نوڠارا من خلق منطقة نفوذ من نوع آخر». — امبراطورية الڤاتيكان، بواسطة نينو لو بيلّو، الصفحات ٧١-٧٣.
هذا مجرد مثل واحد للتعاون الوثيق بين تجار الارض وبابل العظيمة. فلا عجب ان ينوح هؤلاء التجار عندما تنتهي شريكتهم في التجارة!
[الصورة في الصفحة ٢٥٩]
اذ انتشر البشر في كل الارض، اخذوا دينهم البابلي معهم
[الصورتان في الصفحة ٢٦١]
صف يوحنا، كرقيب، ينادي بأن بابل قد سقطت
[الصورة في الصفحة ٢٦٦]
خرائب بابل القديمة تنذر بالخراب الآتي لبابل العظيمة
-
-
نوح وفرح بنهاية بابلالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٧
نوح وفرح بنهاية بابل
١ كيف سيتجاوب «ملوك الارض» مع الدمار المفاجئ لبابل العظيمة؟
ان نهاية بابل بشارة لشعب يهوه، ولكن كيف تنظر الامم الى ذلك؟ يخبرنا يوحنا: «وملوك الارض الذين ارتكبوا العهارة معها وعاشوا في ترف فاضح، سيبكون ويلطمون صدورهم حزنا عليها حين ينظرون دخان حريقها، وهم واقفون من بعيد خوفا من عذابها ويقولون: ‹واأسفاه، واأسفاه، ايتها المدينة العظيمة، بابل المدينة القوية، لأنه في ساعة واحدة جاءت دينونتك!›». — رؤيا ١٨:٩، ١٠.
٢ (أ) بما ان القرون العشرة الرمزية للوحش القرمزي اللون تدمِّر بابل العظيمة، لماذا يتحسَّر «ملوك الارض» على نهايتها؟ (ب) لماذا يقف الملوك المصابون بالحزن بعيدا عن المدينة المحكوم عليها؟
٢ قد يبدو تجاوب الامم مدهشا نظرا الى واقع ان القرون العشرة الرمزية للوحش القرمزي اللون هي التي دمَّرت بابل. (رؤيا ١٧:١٦) ولكن عندما تمضي بابل سيدرك «ملوك الارض» على نحو واضح كم كانت نافعة لهم في ابقاء الشعب هادئا وفي خضوع. فرجال الدين اعلنوا ان الحروب مقدَّسة، عملوا كوكلاء تجنيد، وحضُّوا الاحداث على الذهاب الى خطوط القتال. وقد زوَّد الدين ستارا من القداسة عمل وراءه الحكام الفاسدون في ظلم عامة الشعب. (قارنوا ارميا ٥:٣٠، ٣١؛ متى ٢٣:٢٧، ٢٨.) ولكن، لاحظوا ان هؤلاء الملوك المصابين بالحزن الآن يقفون بعيدا عن المدينة المحكوم عليها. فهم لا يقتربون كفاية لمساعدتها. وهم حزانى لرؤيتها تمضي ولكنهم ليسوا حزانى كفاية للمجازفة من اجلها.
التجار يبكون وينوحون
٣ مَن ايضا يأسفون على زوال بابل العظيمة، وأية اسباب لذلك يعطيها يوحنا؟
٣ ان ملوك الارض ليسوا الوحيدين الذين يأسفون على زوال بابل العظيمة. «ويبكي عليها تجار الارض الجائلون وينوحون، لأن بضاعتهم لن يشتريها احد، بضاعة من ذهب وفضة وحجر كريم ولآلئ وكتان جيد وأرجوان وحرير وقرمز، وكل شيء من خشب عطر، وأدوات عاجية على انواعها وكل انواع الادوات من خشب ثمين جدا ومن نحاس ومن حديد ومن رخام، وقرفة وطيبا هنديا وبخورا وزيتا عطرا ولبانا وخمرا وزيت زيتون ودقيقا فاخرا وحنطة وبقرا وخرافا، وخيلا وعربات وعبيدا ونفوسا بشرية. نعم، لقد ذهب عنك [بابل العظيمة] الثمر الجيد الذي اشتهته نفسك، وزال عنك كل ما هو فاخر وبهي، ولن يجده الناس في ما بعد». — رؤيا ١٨:١١-١٤.
٤ لماذا يبكي وينوح ‹التجار الجائلون› على نهاية بابل العظيمة؟
٤ نعم، كانت بابل العظيمة صديقا حميما وزبونا جيدا للتجار الاثرياء. مثلا، اكتسبت اديرة الرهبان، اديرة الراهبات، والكنائس في العالم المسيحي على مرّ القرون كميات هائلة من الذهب، الفضة، الحجارة الكريمة، الاخشاب القيِّمة، وأشكالا اخرى من الثراء المادي. واكثر من ذلك، وُهبت بركة الدين للمناسبات المقترنة بتبذير المال والافراط في السكر، الامر الذي يرافق الاحتفال بعيد الميلاد المحقِّر للمسيح والايام الاخرى المدعوَّة مقدسة. ومرسَلو العالم المسيحي دخلوا بلدانا نائية، فاتحين اسواقا جديدة ‹للتجار الجائلين› لهذا العالم. حتى انه في يابان القرن الـ ١٧، صارت الكاثوليكية، التي اتت مع التجار، متورطة في الحرب الاقطاعية. واذ تخبر عن معركة حاسمة تحت اسوار قصر اوساكا، تذكر دائرة المعارف البريطانية: «وجدت فيالق توكُوڠَوا نفسها تحارب ضد عدوّ كانت أعلامه مزيَّنة بالصليب وبصور للمخلِّص وللقديس يعقوب، القديس الرئيسي لاسپانيا». والحزب المنتصر اضطهد ومحا عمليا الكاثوليكية في ذلك البلد. وكذلك فان مساهمة الكنائس في الشؤون العالمية اليوم لن تجلب لها بركة.
٥ (أ) كيف يصف الصوت من السماء ايضا نوح ‹التجار الجائلين›؟ (ب) لماذا التجار ايضا «يقفون من بعيد»؟
٥ والصوت من السماء يقول ايضا: «والتجار الجائلون لهذه الاشياء، الذين اغتنوا منها، سيقفون من بعيد خوفا من عذابها، فيبكون وينوحون قائلين: ‹واأسفاه، واأسفاه — المدينة العظيمة، اللابسة كتانا جيدا وأرجوانا وقرمزا، والمتحلية بغنى بحلي من ذهب وحجر كريم ولؤلؤ — لأنه في ساعة واحدة خرب غنى عظيم مثل هذا!›». (رؤيا ١٨:١٥-١٧ أ ) وبدمار بابل العظيمة، ينوح «التجار» على خسارة هذا الشريك التجاري. حقا، انه لأمر ‹مؤسف› بالنسبة اليهم. ولكن لاحظوا ان اسبابهم للنوح هي انانية كاملا وأنهم — كالملوك — «يقفون من بعيد». وهم لا يقتربون كفاية ليكونوا عونا لبابل العظيمة.
٦ كيف يصف الصوت من السماء نوح ربابنة السفن والبحارة، ولماذا يبكون؟
٦ تتابع الرواية: «وكل ربّان سفينة وكل مسافر من اي مكان، والبحارة وكل الذين يكسبون معيشتهم من البحر، وقفوا من بعيد وصرخوا إذ نظروا دخان حريقها وقالوا: ‹اية مدينة تشبه المدينة العظيمة؟›. وألقوا ترابا على رؤوسهم وصرخوا، باكين ونائحين، وقالوا: ‹واأسفاه، واأسفاه — المدينة العظيمة، التي فيها اغتنى كل الذين لهم مراكب في البحر من ثرائها — لأنها في ساعة واحدة خربت!›». (رؤيا ١٨:١٧ب-١٩ ) كانت بابل القديمة مدينة تجارية وكان لها اسطول عظيم من السفن. وعلى نحو مماثل، فإن بابل العظيمة تقوم بتجارة كثيرة بـ ‹المياه الكثيرة› لشعبها. وهذا يزوِّد العمل لكثيرين من رعاياها الدينيين. وكم سيكون دمار بابل العظيمة ضربة اقتصادية لهؤلاء! فلن يكون هنالك ابدا مصدر آخر للرزق مثلها.
الفرح بإبادتها
٧، ٨ كيف يجعل الصوت من السماء رسالته تبلغ ذروتها في ما يتعلق ببابل العظيمة، ومَن سيتجاوبون مع هذه الكلمات؟
٧ عندما قلب الماديون والفرس بابل القديمة قال ارميا نبويا: «وتهلِّل على بابل السموات والارض وكل ما فيها». (ارميا ٥١:٤٨) وعندما تُدمَّر بابل العظيمة يجعل الصوت من السماء رسالته تبلغ ذروتها قائلا عن بابل العظيمة: «تهللي لما حلّ بها، ايتها السموات، وأيها القديسون والرسل والانبياء، لأن اللّٰه دانها دينونة لأجلكم!». (رؤيا ١٨:٢٠ ) ان يهوه والملائكة سيُسَرُّون برؤية ابادة عدوَّة اللّٰه القديمة، كما سيُسَرُّ الرسل والانبياء المسيحيون الاولون، الذين هم الآن مقامون وقد اتخذوا مركزهم في ترتيب الـ ٢٤ شيخا. — قارنوا مزمور ٩٧:٨-١٢.
٨ وفي الواقع، ان جميع ‹القديسين› — سواء أُقيموا الى السماء او لا يزالون احياء على الارض — سيصرخون فرحا، كما سيفعل الجمع الكثير من الخراف الاخر العشراء. وفي حينه، سيقام جميع الناس الامناء في الازمنة القديمة الى نظام الاشياء الجديد، وهم ايضا سيشتركون في الفرح. وشعب اللّٰه لا يحاول ان ينتقم لنفسه من مضطهديه الدينيين الزائفين. فهم يتذكَّرون كلمات يهوه: «لي الانتقام، انا اجازي، يقول يهوه». (روما ١٢:١٩؛ تثنية ٣٢:٣٥، ٤١-٤٣) حسنا، يهوه يجازي الآن. وكل الدم الذي اراقته بابل العظيمة سيكون قد انتُقم له.
طرْح حجر رحى عظيم
٩، ١٠ (أ) ماذا يفعل ويقول ملاك قوي الآن؟ (ب) اي عمل مماثل لذاك الذي ينجزه الملاك القوي للرؤيا ١٨:٢١ حدث في زمن ارميا، وماذا ضمن؟ (ج) ماذا يضمنه الاجراء الذي يتخذه الملاك القوي الذي رآه يوحنا؟
٩ وما يراه يوحنا بعد ذلك يؤكد ان دينونة يهوه لبابل العظيمة نهائية: «ورفع ملاك قوي حجرا كحجر رحى عظيم وطرحه في البحر، قائلا: ‹هكذا برمية خاطفة ستُطرَح بابل المدينة العظيمة، ولن توجد في ما بعد›». (رؤيا ١٨:٢١ ) في زمن ارميا، أُنجز عمل مماثل بمعنى نبوي قوي. فقد اوحي الى ارميا بأن يكتب في كتاب «كلَّ البلية الآتية على بابل». فأعطى الكتاب لسَرايا وأمره بأن يسافر الى بابل. وهناك، اذ اتَّبع ارشادات ارميا، قرأ سَرايا اعلانا ضد المدينة: «يا يهوه، انت تكلمت على هذا المكان بالقطع، حتى لا يكون فيه ساكن، لا انسان ولا بهيمة، بل ليصير قفارا الى الدهر». ثم ربط سَرايا حجرا بالكتاب وطرحه الى نهر الفرات، قائلا: «هكذا تغرق بابل ولا تقوم من البلية التي انا جالبها عليها». — ارميا ٥١:٥٩-٦٤.
١٠ ان طرْح الكتاب مع الحجر المربوط به الى النهر كان ضمانا ان بابل ستندثر في النسيان، لئلا تشفى ابدا. ورؤية الرسول يوحنا ملاكا قويا ينجز عملا مماثلا هي كذلك ضمان قوي ان قصد يهوه نحو بابل العظيمة سيتم. والحالة الخربة تماما لبابل القديمة اليوم تشهد بقوة لما سيصيب الدين الباطل في المستقبل القريب.
١١، ١٢ (أ) كيف يخاطب الملاك القوي الآن بابل العظيمة؟ (ب) كيف تنبَّأ ارميا في ما يختص باورشليم المرتدَّة، والى ماذا اشار ذلك لايامنا؟
١١ والآن يخاطب الملاك القوي بابل العظيمة قائلا: «ولن يُسمع فيك بعد الآن صوت مرنمين عازفين على القيثارة وموسيقيين وزمارين ونافخين في الابواق، ولن يوجد فيك صانع صنعة ما، ولن يُسمع فيك صوت حجر رحى، ولن يضيء فيك بعد الآن نور سراج، ولن يُسمع فيك صوت عريس وعروس، لأن تجارك الجائلين كانوا ذوي مناصب رفيعة في الارض، فبممارستك الارواحية ضلت جميع الامم». — رؤيا ١٨:٢٢، ٢٣.
١٢ بتعابير مشابهة، تنبَّأ ارميا في ما يختص باورشليم المرتدَّة: «أبيد منهم صوت الابتهاج وصوت الفرح، صوت العريس وصوت العروس، صوت الرحى ونور السراج. وتصير كل هذه الارض خرابا ومثار دهشة». (ارميا ٢٥:١٠، ١١) وبصفته الجزء الرئيسي من بابل العظيمة، سيصير العالم المسيحي خرابا بلا حياة، كما صوَّرته بوضوح كبير حالة اورشليم المقفرة بعد السنة ٦٠٧ قم. ان العالم المسيحي الذي كان مرة يفرح بجذل ويعج بالضجيج اليومي سيجد نفسه مقهورا ومهجورا.
١٣ اي تغيير مفاجئ يباغت بابل العظيمة، وما هو الاثر في ‹تجارها الجائلين›؟
١٣ وفي الواقع، كما يخبر الملاك هنا يوحنا، كل بابل العظيمة ستتغيَّر من امبراطورية اممية قوية الى ارض قاحلة جدباء شبيهة بصحراء. و ‹تجارها الجائلون›، بمن فيهم اصحاب الملايين العظماء، استخدموا دينها للمنفعة الشخصية او كتغطية، ورجال الدين وجدوا ان الاشتراك في الاضواء معهم مربحا. ولكنَّ هؤلاء التجار لن تكون لديهم بابل العظيمة شريكة لهم في ما بعد. وهي لن تخدع امم الارض بممارساتها الدينية الغامضة في ما بعد.
ذنب سفك دم فظيع
١٤ اي سبب يعطيه الملاك القوي لقساوة دينونة يهوه، وماذا قال يسوع على نحو مماثل عندما كان على الارض؟
١٤ وفي الختام، يخبر الملاك القوي لماذا يدين يهوه بابل العظيمة بقساوة كبيرة. يقول الملاك: «نعم، فيها وُجد دم انبياء وقديسين وجميع الذين ذُبحوا على الارض». (رؤيا ١٨:٢٤ ) وعندما كان على الارض قال يسوع للقادة الدينيين في اورشليم انهم كانوا مسؤولين عن «كل دم بار أُريق على الارض، من دم هابيل البار» فصاعدا. ووفقا لذلك، دُمِّر ذلك الجيل الملتوي في السنة ٧٠ بم. (متى ٢٣:٣٥-٣٨) واليوم، يحمل جيل آخر من الدينيين ذنب سفك الدم لاضطهاده خدام اللّٰه.
١٥ كيف كانت الكنيسة الكاثوليكية في المانيا النازية مذنبة بسفك الدم في تهمتين؟
١٥ في كتابه الكنيسة الكاثوليكية والمانيا النازية، يكتب ڠُنتر لوِي: «عندما مُنع شهود يهوه في باڤاريا في ١٣ نيسان [١٩٣٣] قبلت الكنيسة ايضا التعيين المعطى لها من قبل وزارة الثقافة والدين للابلاغ عن ايّ عضو في الطائفة لا يزال يمارس الدين المحرَّم». وهكذا تشترك الكنيسة الكاثوليكية في المسؤولية عن ارسال آلاف الشهود الى معسكرات الاعتقال؛ ويداها ملطختان بدم حياة مئات الشهود الذين أُعدموا. وعندما اظهر شهود احداث، مثل وِلْهَلم كَسيرو، انه يمكنهم ان يموتوا بشجاعة بواسطة فرقة الاعدام، قرَّر هتلر ان فرقة الاعدام هي ألطف من اللازم بالنسبة الى الرافضين بسبب الضمير؛ ولذلك مات وولفڠانڠ اخو وِلْهَلم، بعمر ٢٠ سنة، بواسطة المقصلة. وفي الوقت نفسه، كانت الكنيسة الكاثوليكية تشجع الكاثوليك الالمان الاحداث على الموت في جيش الوطن الامّ. ان ذنب الكنيسة لسفك الدم يُرى بوضوح!
١٦، ١٧ (أ) اي ذنب لسفك الدم يجب ان تُتَّهم به بابل العظيمة، وكيف صار الڤاتيكان مذنبا بسفك الدم في ما يتعلق باليهود الذين ماتوا في المذابح النازية؟ (ب) ما هي الطريقة الاولى التي يُلام بها الدين الباطل على قتل ملايين الناس في مئات الحروب في الازمنة العصرية؟
١٦ ولكن، تقول النبوة ان دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض» يجب ان تُتَّهم به بابل العظيمة. وكان ذلك بالتاكيد صحيحا في الازمنة العصرية. مثلا، بما ان الخداع الكاثوليكي ساعد على جلب هتلر الى السلطة في المانيا، يشترك الڤاتيكان في ذنب سفك دم مروِّع في ما يتعلق بالستة ملايين يهودي الذين ماتوا في المذابح النازية. واكثر من ذلك، في زمننا هذا، قُتل اكثر من مئة مليون شخص في مئات الحروب. فهل يُلام الدين الباطل في هذا الصدد؟ نعم، بطريقتين.
١٧ الطريقة الاولى هي ان حروبا كثيرة مرتبطة بالخلافات الدينية. مثلا، العنف في الهند بين المسلمين والهندوس في ١٩٤٦-١٩٤٨ كان دافعه دينيا. ومئات الالوف خسروا حياتهم. والصراع بين العراق وايران في ثمانينات الـ ١٩٠٠ ارتبط بالخلافات الطائفية، وقد قُتل مئات الآلاف. والعنف بين الكاثوليك والپروتستانت في ايرلندا الشمالية اخذ حياة الآلاف. واذ درس هذا الحقل، قال سي. ل. سَلزبرڠر، محرر عمود، في السنة ١٩٧٦: «الحقيقة المفجعة هي انه ربما نصف الحروب او اكثر التي يجري خوضها الآن حول العالم هي إما صراعات دينية علنا او ذات علاقة بالنزاعات الدينية». وفي الواقع، كان الامر هكذا طوال التاريخ المضطرب لبابل العظيمة.
١٨ ما هي الطريقة الثانية التي تكون بها اديان العالم مذنبة بسفك الدم؟
١٨ وما هي الطريقة الثانية؟ من وجهة نظر يهوه، اديان العالم مذنبة بسفك الدم لأنها لم تعلِّم أتباعها بإقناعٍ حقيقة مطالب يهوه من خدامه. ولم تعلِّم الناس بإقناع ان عبَّاد اللّٰه الحقيقيين يجب ان يتمثلوا بيسوع المسيح ويظهروا المحبة نحو الآخرين بصرف النظر عن اصلهم القومي. (ميخا ٤:٣، ٥؛ يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥؛ اعمال ١٠:٣٤، ٣٥؛ ١ يوحنا ٣:١٠-١٢) ولأن الاديان التي تشكِّل بابل العظيمة لم تعلِّم هذه الامور، انجذب أنصارها الى دوّامة الحرب الدولية. وكم كان ذلك واضحا في الحربين العالميتين للنصف الاول من القرن الـ ٢٠، اللتين بدأتا كلتاهما في العالم المسيحي وأدَّتا الى ان يقتل الدينيون الرفقاء واحدهم الآخر! فلو التصق جميع الذين يدَّعون انهم مسيحيون بمبادئ الكتاب المقدس لما حدثت هاتان الحربان قط.
١٩ اي ذنب فظيع لسفك الدم تحمله بابل العظيمة؟
١٩ يضع يهوه اللوم في كل سفك الدم هذا على بابل العظيمة. فلو علَّم القادة الدينيون، وخصوصا اولئك الذين في العالم المسيحي، شعبهم حق الكتاب المقدس لما حدث سفك دم عظيم كهذا. حقا، اذًا، بصورة مباشرة او غير مباشرة، يجب ان تكون بابل العظيمة — العاهرة العظيمة والامبراطورية العالمية للدين الباطل — مسؤولة امام يهوه ليس فقط عن ‹دم الانبياء والقديسين› الذين اضطهدتهم وقتلتهم بل عن دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض». ان بابل العظيمة تحمل فعلا ذنبا فظيعا لسفك الدم. فلتذهب دون عودة اذ يحدث دمارها الاخير!
[الاطار في الصفحة ٢٧٠]
ثمن المسايرة
يكتب ڠُنتر لوِي في كتابه الكنيسة الكاثوليكية والمانيا النازية: «لو التصقت الكاثوليكية الالمانية من البداية بسياسة المقاومة العازمة للنظام النازي، لربما اتخذ تاريخ العالم مجرى مختلفا. وحتى لو فشل هذا الصراع تماما في هزم هتلر ومنع كل جرائمه الكثيرة، لرفع ذلك من وجهة نظر معيَّنة المقام الادبي للكنيسة على نحو لا يُحَدّ. ان الكلفة البشرية لمقاومة كهذه تكون باهظة بشكل لا يمكن انكاره، ولكنَّ هذه التضحيات تكون قد صُنعت من اجل اعظم القضايا. وبجبهة دعم مدنية لا يُركَن اليها، لم يكن هتلر ليجرؤ ربما على الذهاب الى الحرب ولكانت حياة الملايين حرفيا قد أُنقذت. . . . في حين عُذِّب حتى الموت الوف الالمان المقاومين للنازية في معسكرات اعتقال هتلر، وفي حين قُتل اهل الفكر الپولنديون، وفي حين مات مئات الآلاف من الروس نتيجة لمعاملتهم كسلاڤيين Untermenschen [دون البشر]، وفي حين قُتل ٠٠٠,٠٠٠,٦ كائن بشري لكونهم ‹غير آريين›، ساند رسميو الكنيسة الكاثوليكية في المانيا النظام الذي ارتكب هذه الجرائم. والبابا في روما، الرأس الروحي والمعلِّم الادبي الاسمى للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، بقي صامتا». — الصفحتان ٣٢٠، ٣٤١.
[الصورة في الصفحة ٢٦٨]
«واأسفاه، واأسفاه»، يقول الحكام
[الصورة في الصفحة ٢٦٨]
«واأسفاه، واأسفاه»، يقول التجار
-