-
كفاح الكتاب المقدس ليحياالكتاب المقدس — كلمة اللّٰه أم الانسان؟
-
-
[الاطار في الصفحة ١٩]
النص المؤسس جيدا للكتاب المقدس
لكي نقدِّر كم هو مؤسس جيدا نص الكتاب المقدس، علينا فقط ان نقارنه بمجموعة اخرى من الادب اتت الينا من العصور القديمة: الكتابات الكلاسيكية لليونان ورومة: وفي الواقع، ان معظم ذلك الادب كُتب بعد اكمال الاسفار العبرانية. ولم تكن هنالك اية محاولات ابادة جماعية مسجَّلة ضد اليونان او الرومان، وأدبهم لم يُحفظ في وجه الاضطهاد. ومع ذلك، لاحظوا تعليقات الپروفسور ف. ف. بروس:
«لكتاب في الحرب الغاليّة لقيصر (المؤلَّف بين ٥٨ و ٥٠ قم) هنالك عدة مخطوطات باقية، إلاّ انّ تسعا او عشرا فقط صالحة، والأقدم هي بعد نحو ٩٠٠ سنة من عهد قيصر.
«مِن كُتُب ليڤي (٥٩ قم-١٧ بم) الـ ١٤٢ لتاريخ الرومان يبقى فقط ٣٥ كتابا؛ وهذه معروفة لدينا مما لا يزيد على عشرين مخطوطة ذات أهمية، واحدة منها فقط، وهي تحتوي على قطع من الكتب ٣-٦، ترجع الى القرن الرابع.
«مِن كُتُب التواريخ الاربعة عشر لتاسيتوس (نحو ١٠٠ بم) يبقى اربعة ونصف فقط؛ ومن كتب الحوليّات الستة عشر التي له يبقى عشرة كاملا واثنان جزئيا. ونص تلك الاقسام الباقية لعمَلَيْه التاريخيين العظيمين يعتمد كليًّا على مخطوطتين، واحدة من القرن التاسع وواحدة من الحادي عشر. . . .
«ان تاريخ ثوسيديديس (نحو ٤٦٠-٤٠٠ قم) معروف لدينا من ثماني مخطوطات، أبكرها تنتمي الى نحو ٩٠٠ بم، وقصاصات قليلة من ورق البَرْدِيّ تنتمي الى نحو بداية العصر الميلادي.
«والأمر نفسه صحيح بالنسبة الى تاريخ هيرودوتُس (نحو ٤٨٨-٤٢٨ قم). ومع ذلك، ما من عالِم متضلِّع من ادب الاغريق والرومان يصغي الى مجادلة بأنّ صحة هيرودوتُس أو ثوسيديديس مشكوك فيها لأن المخطوطات الابكر لأعمالهما النافعةَ لنا هي بعد اكثر من ٣٠٠,١ سنة من النُسخ الاصلية.» — الكتب والرقوق، الصفحة ١٨٠.
قارنوا ذلك بواقع وجود آلاف المخطوطات لمختلف اجزاء الكتاب المقدس. ومخطوطات الاسفار اليونانية المسيحية ترجع الى فترة اقل من مئة سنة من وقت كتابة الاسفار الاصلية.
-
-
كفاح الكتاب المقدس ليحياالكتاب المقدس — كلمة اللّٰه أم الانسان؟
-
-
نُسَخ عرضة للخطإ
١٠ كيف حُفظ الكتاب المقدس في الاصل؟
١٠ ان الكثير من الاعمال القديمة الآنفة الذكر التي جرى نسيانها في ما بعد قد نُقش في الحجر او خُتم على ألواح طينية تدوم طويلا. أمَّا الكتاب المقدس فليس هكذا. لقد كُتب في الاصل على ورق البَرْدِيّ او على الرقّ — مواد قابلة للتلف اكثر بكثير. لذلك فإن المخطوطات التي انتجها الكتبة الاصليون اختفت منذ زمن طويل جدًّا. فكيف، اذًا، حُفظ الكتاب المقدس؟ ان آلافا لا تحصى من النُسَخ كُتِبت بعناء بالصورة الكاملة باليد. وتلك كانت الطريقة الطبيعية لإعادة انتاج كتاب ما قبل مجيء صناعة الطباعة.
١١ ماذا يحدث بصورة حتمية عندما تُنسخ المخطوطات باليد؟
١١ إلاّ ان هنالك خطرا في النَسخ باليد. والسِّير فريدريك كنيون، عالِم الآثار الشهير وأمين مكتبة المتحف البريطاني، شرح: «لم يُخلَق بعدُ يد ودماغ بشريان يستطيعان نَسخ كامل عمل طويل من دون غلط على الاطلاق. . . . فالغلطات كان مؤكَّدا ان تتسلَّل.»٤ وعند تسلُّل غلطة الى مخطوطة ما فإنها كانت تتكرَّر عندما تصير تلك المخطوطة الاساس للنُسَخ المقبلة. وعندما صُنِعت نُسَخ كثيرة على مرّ فترة زمنية طويلة تسلَّلت اغلاط بشرية عديدة.
١٢ و ١٣ مَن اخذوا على عاتقهم المسؤولية لحفظ نص الاسفار العبرانية؟
١٢ نظرا الى الآلاف الكثيرة من نُسَخ الكتاب المقدس التي صُنِعت، كيف نعرف ان عملية اعادة الإنتاج هذه لم تغيِّره تغييرا يتجاوز كل تمييز؟ حسنا، خذوا حالة الكتاب المقدس العبراني، «العهد القديم.» ففي النصف الثاني من القرن السادس قم، عندما رجع اليهود من سبيهم البابلي، صار فريق من العلماء العبرانيين المعروفين بالسُفَريم، «الكتبة،» قيِّمين على نص الكتاب المقدس العبراني، وكانت مسؤوليتهم ان ينسخوا تلك الاسفار المقدَّسة للاستعمال في العبادة العامة والخاصة. وقد كانوا رجالا محترفين ذوي دوافع سامية، وعملهم كان من النوعية الاسمى.
١٣ ومن القرن السابع الى القرن العاشر لعصرنا الميلادي كان الماسوريّون ورثة السُفَريم. واسمهم يأتي من كلمة عبرانية تعني «التقليد،» ومن حيث الاساس هم ايضا كانوا كتبة عُهد اليهم في مهمة حفظ النص العبراني التقليدي. وكان الماسوريّون مفرطين في الاعتناء بالتفاصيل. مثلا، كان على الكاتب ان يستعمل نسخة يوثق بصحتها كما ينبغي بصفتها نصّه الأُم، ولم يكن يُسمَح له بكتابة ايّ شيء من الذاكرة. وكان عليه ان يتحقَّق كل حرف قبل كتابته.٥ يخبر الپروفسور نورمن ك. ڠوتوولد: «ان بعض الحرص الذي به أدَّوا واجباتهم يُشار اليه في مطلب الربابنة ان يُدقَّق في كل المخطوطات الجديدة وأن تُنبذ فورا المخطوطات التي فيها عيب.»٦
١٤ ايّ اكتشاف جعل ممكنا التاكد من نقل نص الكتاب المقدس من قِبَل السُفَريم والماسوريين؟
١٤ والى ايّ حد كان دقيقا نقل النص من قِبَل السُفَريم والماسوريّين؟ حتى السنة ١٩٤٧ كانت الإجابة عن هذا السؤال صعبة، لأن ابكر المخطوطات العبرانية الكاملة المتوفِّرة كانت من القرن العاشر لعصرنا الميلادي. أمَّا في السنة ١٩٤٧ فإن بعض قطع المخطوطات القديمة جدا وُجد في مغاور في جوار البحر الميت، بما فيه اجزاء من اسفار الكتاب المقدس العبراني. ويرجع تاريخ عدد من القطع الى ما قبل زمن المسيح. وقد قارن العلماء هذه بالمخطوطات العبرانية الموجودة للتاكد من دقَّة نقل النص. فماذا كانت نتيجة هذه المقارنة؟
١٥ (أ) ماذا كانت نتيجة مقارنة مخطوطة درج البحر الميت لإشعياء بالنص الماسوري؟ (ب) ماذا يجب ان نستنتج من واقع ان بعض المخطوطات التي وُجِدت عند البحر الميت يُظهر مقدارا من المغايرة النصّية؟ (انظروا الحاشية.)
١٥ احد اقدم الاعمال المكتشفة كان كامل سفر اشعياء، وتقارُب نصِّه وذاك الذي للكتاب المقدس الماسوري الذي نملكه اليوم مذهل. يكتب الپروفسور ميلر بَروزْ: «الكثير من الاختلافات بين دَرْج إشعياء لدير القديس مرقس [المُكتشَف مؤخرا] والنص الماسوري يمكن شرحه كغلطات في النَسخ. وبصرف النظر عن هذه، هنالك اتفاق لافت عموما مع النص الموجود في مخطوطات القرون الوسطى. واتفاق كهذا في مخطوطة أقدم بكثير يعطي شهادة مؤكِّدة للدقة العامة للنص التقليدي.»٧ ويضيف بَروزْ: «انه لأمر يدعو الى العَجَب ان يختبر النص القليل جدا من التغيير في خلال نحو ألف سنة.»a
١٦ و ١٧ (أ) لماذا يمكننا ان نكون على يقين من ان نص الاسفار اليونانية المسيحية سليم؟ (ب) بماذا شهد السِّير فريدريك كنيون بشأن نص الاسفار اليونانية؟
١٦ وفي حالة جزء الكتاب المقدس المكتوب باليونانية من قِبَل المسيحيين، ما يُدعى العهد الجديد، كان النُسَّاخ اشبه بهواة موهوبين اكثر ممَّا بالسُفَريم المحترفين المدرَّبين تدريبا عاليا. ولكنهم اذ عملوا تحت التهديد بالعقاب من السلطات اتخذوا عملهم بجدية. وثمة شيئان يضمنان لنا اننا نملك اليوم نصًّا هو من حيث الاساس نفس ذاك الذي خَطَّه الكتبة الاصليون. اولا، لدينا مخطوطات يرجع تاريخها الى زمن قريب من وقت الكتابة اكثر بكثير ممَّا هي الحال مع الجزء العبراني من الكتاب المقدس. وفي الواقع، ان احدى القطع من انجيل يوحنا هي من النصف الاول للقرن الثاني، اقل من ٥٠ سنة من التاريخ الذي فيه كتب يوحنا على الأرجح انجيله. وثانيا، مجرَّد عدد المخطوطات التي بقيت يزوِّد اثباتا هائلا لسلامة النص.
١٧ وفي هذا الصدد شهد السِّير فريدريك كنيون: «لا يمكن ان نبالغ مهما جزمنا بقوة انّ نص الكتاب المقدس في الجوهر اكيد. وهذه هي الحال خصوصا مع العهد الجديد. فعدد المخطوطات للعهد الجديد، للترجمات الباكرة منه، وللاقتباسات منه لدى الكتبة الأقدم للكنيسة، كبير جدا بحيث يكون اكيدا من الوجهة العملية انّ القراءة الصحيحة لكل مقطعٍ مشكوكٍ فيه محفوظةٌ في واحد او آخَر من هذه المراجع القديمة. ولا يمكن ان يقال ذلك عن ايّ كتاب قديم آخر في العالم.»١٠
-