مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التعرف بـ‍ «فكر المسيح»‏
    برج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • التعرف بـ‍ «فكر المسيح»‏

      ‏«‹من عرف فكر يهوه حتى يعلمه؟‏›.‏ أما نحن فلنا فكر المسيح».‏ —‏ ١ كورنثوس ٢:‏١٦‏.‏

      ١،‏ ٢ ماذا رأى يهوه انه من الملائم كشفه عن يسوع في كلمته؟‏

      كيف كان شكل يسوع؟‏ ماذا كان لون شعره؟‏ بشرته؟‏ عينيه؟‏ كم كان طوله ووزنه؟‏ على مرّ القرون،‏ تفاوتت الرسوم الفنية ليسوع من المنطقية الى البعيدة الاحتمال.‏ فقد صوَّره البعض انه يتمتع بسمات الرجولة والحيوية فيما صوَّره الآخرون انه واهن شاحب.‏

      ٢ إلا ان الكتاب المقدس لا يركِّز الانتباه على مظهر يسوع،‏ وقد رأى يهوه انه من الملائم كشف امر اهم بكثير:‏ شخصية يسوع.‏ فروايات الاناجيل لا تذكر ما قاله يسوع فحسب بل تكشف ايضا ما كان وراء كلامه وتصرفاته من عمق مشاعر ونمط تفكير.‏ وتمكِّننا هذه الروايات الاربع الموحى بها من التأمل في ما اشار اليه الرسول بولس انه «فكر المسيح».‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏١٦‏)‏ فمن المهم ان نتعرف بأفكار يسوع،‏ مشاعره،‏ وشخصيته.‏ ولماذا؟‏ لسببين على الاقل.‏

      ٣ اية بصيرة يمنحنا اياها التعرف بفكر المسيح؟‏

      ٣ اولا،‏ يعطينا فكر المسيح لمحة الى فكر يهوه اللّٰه.‏ فقد كان يسوع يعرف اباه معرفة عميقة بحيث تمكن من القول:‏ «ليس أحد يعرف مَن هو الابن إلا الآب؛‏ ولا مَن هو الآب إلا الابن،‏ ومَن يريد الابن ان يكشفه له».‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٢‏)‏ فكما لو ان يسوع كان يقول:‏ ‹اذا اردتم ان تعرفوا شخصية يهوه،‏ فانظروا اليّ›.‏ (‏يوحنا ١٤:‏٩‏)‏ لذلك عندما ندرس ما تكشفه الاناجيل عن طريقة تفكير يسوع وشعوره،‏ نتعلم في الواقع كيف يفكر يهوه ويشعر.‏ وتمكِّننا هذه المعرفة من الاقتراب اكثر الى الهنا.‏ —‏ يعقوب ٤:‏٨‏.‏

      ٤ ماذا يجب ان نتعلم اولا اذا كنا نريد حقا ان نتصرف كالمسيح،‏ ولماذا؟‏

      ٤ ثانيا،‏ تساعدنا معرفتنا لفكر المسيح على ‹اتِّباع خطواته بدقة›.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢١‏)‏ واتِّباع يسوع ليس مجرد مسألة تكرار كلماته وتقليد افعاله.‏ فبما ان الافكار والمشاعر تؤثر في الكلام والتصرفات،‏ فإن اتِّباع المسيح يتطلب تنمية «الموقف العقلي» نفسه الذي لديه.‏ (‏فيلبي ٢:‏٥‏)‏ وبكلمات اخرى،‏ اذا كنا حقا نريد ان نتصرف كالمسيح،‏ يجب ان نتعلم اولا ان نفكر ونشعر مثله،‏ الى الحد الذي تسمح به طاقتنا نحن البشر الناقصين.‏ فلنتأمل في فكر المسيح بمساعدة كتبة الاناجيل.‏ وسنناقش اولا عوامل اثَّرت في طريقة تفكير يسوع وشعوره.‏

      وجوده السابق لبشريته

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ ايّ اثر يمكن ان يكون لعشرائنا فينا؟‏ (‏ب)‏ اية معاشرة تمتع بها ابن اللّٰه البكر في السماء قبل مجيئه الى الارض،‏ وأيّ اثر كان لذلك فيه؟‏

      ٥ يمكن لعشرائنا الاحماء ان يؤثروا فينا،‏ اي في افكارنا،‏ مشاعرنا،‏ وتصرفاتنا للخير او للشر.‏a (‏امثال ١٣:‏٢٠‏)‏ تأملوا في المعاشرة التي تمتع بها يسوع في السماء قبل مجيئه الى الارض.‏ يلفت انجيل يوحنا الانتباه الى وجود يسوع السابق لبشريته بصفته «كلمة» اللّٰه،‏ او الناطق بلسانه.‏ يقول يوحنا:‏ «في البدء كان الكلمة،‏ والكلمة كان عند اللّٰه،‏ وكان الكلمة إلها.‏ هذا كان في البدء عند اللّٰه».‏ (‏يوحنا ١:‏١،‏ ٢‏)‏ وبما ان يهوه لا بداية له،‏ فلا بد ان يشير وجود الكلمة مع اللّٰه من «البدء» الى بداية اعمال اللّٰه الخلقية.‏ (‏مزمور ٩٠:‏٢‏)‏ فيسوع هو «بكر كل خليقة».‏ فقد كان موجودا قبل خلق المخلوقات الروحانية والكون المادي.‏ —‏ كولوسي ١:‏١٥؛‏ كشف ٣:‏١٤‏.‏

      ٦ وبحسب بعض التقديرات العلمية،‏ فإن الكون المادي موجود منذ ١٢ بليون سنة على الاقل.‏ وإذا كانت هذه التقديرات قريبة الى الحقيقة،‏ فقد تمتع ابن اللّٰه البكر بمعاشرة لصيقة لأبيه طوال دهور قبل خلق آدم.‏ (‏قارنوا ميخا ٥:‏٢‏.‏)‏ فتوطَّد بين الاثنين رباط حميم ومتين.‏ وبصفة هذا الابن البكر مجسّم الحكمة،‏ يجري تمثيله في وجوده السابق لبشريته انه يقول:‏ «كنت كل يوم لذَّته فرحة دائما قدامه».‏ (‏امثال ٨:‏٣٠‏)‏ طبعا،‏ ان قضاء عصور لا تحصى في معاشرة لصيقة لمصدر المحبة كان له اثر عميق في ابن اللّٰه.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨‏)‏ وقد صار هذا الابن يعرف ويعكس افكار ابيه،‏ مشاعره،‏ وطرقه كما لا يمكن لأيّ شخص آخر ان يفعل.‏ —‏ متى ١١:‏٢٧‏.‏

      الحياة على الارض وتأثيراتها

      ٧ ما هو احد اسباب ضرورة مجيء ابن اللّٰه البكر الى الارض؟‏

      ٧ كان لدى ابن اللّٰه المزيد ليتعلمه،‏ لأن قصد يهوه كان ان يعدّ ابنه ليكون رئيس كهنة رؤوفا،‏ قادرا ان «يتعاطف معنا في ضعفاتنا».‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٥‏)‏ وبلوغ متطلبات هذا الدور كان احد اسباب مجيء الابن الى الارض كشخص بشري.‏ وهنا،‏ مرَّ يسوع،‏ اذ كان انسانا من لحم ودم،‏ بظروف وتأثيرات كان سابقا قد رآها فقط من السماء.‏ فصار الآن بإمكانه ان يلمس مشاعر البشر وعواطفهم لمس اليد.‏ وقد شعر احيانا بالتعب،‏ العطش،‏ والجوع.‏ (‏متى ٤:‏٢؛‏ يوحنا ٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ حتى انه احتمل ايضا كل انواع المشقات والآلام.‏ وبذلك «تعلم الطاعة» وصار مؤهلا كاملا لدوره كرئيس كهنة.‏ —‏ عبرانيين ٥:‏٨-‏١٠‏.‏

      ٨ ماذا نعرف عن حياة يسوع الباكرة على الارض؟‏

      ٨ وماذا عن اختبارات يسوع خلال حياته الباكرة على الارض؟‏ ان سجل طفولته موجز جدا.‏ فمتى ولوقا فقط هما اللذان رويا الحوادث المرتبطة بولادته.‏ وكان كتبة الاناجيل يعرفون ان يسوع قد عاش في السماء قبل مجيئه الى الارض.‏ وهذا الوجود السابق لبشريته هو الذي يعلِّل اكثر من ايّ امر آخر الشخصية التي كانت لديه كإنسان.‏ لكنَّ يسوع كان شخصا بشريا تماما.‏ فرغم انه كامل،‏ كان يجب ان ينمو من الطفولة الى المراهقة ثم الى الرشد،‏ ويتعلم في كل هذه المراحل.‏ (‏لوقا ٢:‏٥١،‏ ٥٢‏)‏ ويكشف الكتاب المقدس بعض الامور عن حياة يسوع الباكرة التي اثَّرت فيه دون شك.‏

      ٩ (‏أ)‏ ايّ دليل هنالك ان يسوع وُلد في عائلة فقيرة؟‏ (‏ب)‏ في اية ظروف ترعرع يسوع على الارجح؟‏

      ٩ وُلد يسوع كما يتَّضح في عائلة فقيرة.‏ وهذا ما تدلّ عليه التقدمة التي جلبها يوسف ومريم الى الهيكل بعد نحو ٤٠ يوما من ولادته.‏ فبدلا من جلب خروف كمحرقة وفرخ يمامة او ترغل كذبيحة خطية،‏ جلبا إما «زوج ترغل او فرخي يمام».‏ (‏لوقا ٢:‏٢٤‏)‏ وبحسب الشريعة الموسوية،‏ كانت هذه التقدمة تدبيرا للفقراء.‏ (‏لاويين ١٢:‏٦-‏٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ وبعد فترة،‏ كبرت هذه العائلة المتواضعة.‏ فقد انجب يوسف ومريم على الاقل ستة اولاد آخرين بطريقة طبيعية بعد ولادة يسوع العجائبية.‏ (‏متى ١٣:‏٥٥،‏ ٥٦‏)‏ لذلك ترعرع يسوع في عائلة كبيرة،‏ وعلى الارجح في ظروف متواضعة.‏

      ١٠ ماذا يُظهِر ان مريم ويوسف كانا شخصَين يخافان اللّٰه؟‏

      ١٠ ومربِّيا يسوع اللذان اعتنيا به كانا والدَين يخافان اللّٰه.‏ فأمه مريم كانت امرأة بارزة.‏ تذكروا ان الملاك جبرائيل قال عند إلقاء التحية عليها:‏ «طاب يومك،‏ أيتها المنعَم عليها،‏ يهوه معك».‏ (‏لوقا ١:‏٢٨‏)‏ ويوسف ايضا كان رجلا تقيا.‏ فكل سنة كان يقوم بأمانة برحلة الى اورشليم طولها ١٥٠ كيلومترا للاحتفال بالفصح.‏ وكانت مريم ايضا تحضر الفصح،‏ رغم ان ذلك لم يكن مطلوبا إلا من الذكور.‏ (‏خروج ٢٣:‏١٧؛‏ لوقا ٢:‏٤١‏)‏ وفي احدى هذه المناسبات،‏ وجد يوسف ومريم،‏ بعد بحث شاق،‏ يسوع البالغ من العمر ١٢ سنة في الهيكل وسط المعلمين.‏ قال يسوع لوالدَيه القلقَين:‏ «ألم تعلما أنني لا بد أن أكون في بيت أبي؟‏».‏ (‏لوقا ٢:‏٤٩‏)‏ «ابي» —‏ لا بد ان هذه الكلمة كانت لها دلالة حميمة وإيجابية بالنسبة الى يسوع الحدث.‏ فمن جهة،‏ من الواضح انه أُخبر ان يهوه هو ابوه الحقيقي.‏ وإضافة الى ذلك،‏ لا بد ان ابا يسوع بالتبني،‏ يوسف،‏ كان ابًا صالحا.‏ فبطبيعة الحال،‏ لم يكن يهوه ليختار رجلا قاسيا متعسفا ليربي ابنه الحبيب!‏

      ١١ اية مهنة تعلَّمها يسوع،‏ وماذا شمل العمل في هذه المهنة في ازمنة الكتاب المقدس؟‏

      ١١ تعلَّم يسوع مهنة النجارة خلال سنواته في الناصرة،‏ على الارجح من ابيه بالتبني يوسف.‏ وقد برع في المهنة حتى انه دُعي «النجار».‏ (‏مرقس ٦:‏٣‏)‏ وفي ازمنة الكتاب المقدس،‏ كان النجارون يُستخدَمون لبناء البيوت،‏ صنع الاثاث (‏بما في ذلك الطاولات،‏ الكراسي،‏ والمقاعد)‏،‏ وصنع ادوات الزراعة.‏ في القرن الثاني بعد الميلاد،‏ كتب يوستينوس الشهيد عن يسوع في كتابه حوار مع تريفو:‏ «كان يعمل نجارا عندما كان بين الناس،‏ صانعا المحارث والانيار».‏ وهذا العمل لم يكن سهلا،‏ لأنه من المحتمل ان النجار قديما لم يستطِع شراء الخشب الذي يستعمله.‏ فقد كان على الارجح يخرج ويختار شجرة،‏ يقطعها بفأسه،‏ ويحمل الخشب الى البيت.‏ لذلك ربما عرف يسوع تحديات كسب المعيشة،‏ التعامل مع الزبائن،‏ وإعالة العائلة ماديا.‏

      ١٢ ماذا يدل ان يوسف مات كما يبدو قبل يسوع،‏ وماذا عنى ذلك ليسوع؟‏

      ١٢ بما ان يسوع كان الابن الاكبر،‏ فقد ساعد على الارجح على الاعتناء بالعائلة،‏ وخصوصا لأن يوسف مات كما يبدو قبل يسوع.‏b قالت برج مراقبة زيون عدد ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٠٠ (‏بالانكليزية)‏:‏ «يقول التقليد ان يوسف مات عندما كان يسوع صغيرا،‏ وإن يسوع تبنى مهنة النجارة وصار معيل العائلة.‏ وما يدعم هذه الفكرة نوعا ما هو شهادة الاسفار المقدسة حيث يُدعى يسوع نجارا،‏ وحيث تُذكَر امه وإخوته دون ذكر يوسف.‏ (‏مرقس ٦:‏٣‏)‏ .‏ .‏ .‏ فمن المحتمل ان الفترة الطويلة التي امتدت ثماني عشرة سنة من حياة ربنا،‏ من وقت الحادثة [المسجَّلة في لوقا ٢:‏٤١-‏٤٩‏] الى وقت معموديته،‏ قضاها في القيام بواجبات الحياة العادية».‏ وكانت مريم وأولادها،‏ بمن فيهم يسوع،‏ يعرفون على الارجح الالم الناتج عن موت زوج وأب حبيب.‏

      ١٣ عندما شرع يسوع في خدمته،‏ لماذا كانت لديه معرفة،‏ بصيرة،‏ وعمق مشاعر لم يمتلكها قط ايّ شخص آخر؟‏

      ١٣ من الواضح ان حياة يسوع لم تكن سهلة.‏ فقد عاش حياة عامة الشعب.‏ ثم في سنة ٢٩ ب‌م،‏ حان الوقت ليتمِّم التعيين الالهي الذي كان ينتظره.‏ ففي خريف تلك السنة،‏ اعتمد في الماء ووُلد كابن روحي للّٰه.‏ ‹فانفتحت له السماء›،‏ مما يشير الى انه صار بإمكانه الآن تذكُّر حياته السابقة لبشريته في السماء،‏ بما في ذلك الافكار والمشاعر التي كانت لديه.‏ (‏لوقا ٣:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ لذلك عندما شرع يسوع في خدمته،‏ كانت لديه معرفة،‏ بصيرة،‏ وعمق مشاعر لم يمتلكها قط ايّ شخص آخر.‏ فلسبب وجيه خصَّص كتبة الاناجيل معظم كتاباتهم للحوادث التي جرت خلال خدمة يسوع.‏ لكنهم لم يتمكنوا من تسجيل كل ما قاله وفعله.‏ (‏يوحنا ٢١:‏٢٥‏)‏ ولكن ما أُوحي اليهم ان يسجِّلوه يمكِّننا من التأمل في فكر اعظم انسان عاش على الاطلاق.‏

      كيف كانت شخصية يسوع

      ١٤ كيف تصوِّر الاناجيل يسوع كشخص لطيف رقيق كله مشاعر؟‏

      ١٤ ان شخصية يسوع التي تظهر في الاناجيل هي شخصية لطيفة رقيقة كلها مشاعر.‏ فقد اعرب عن تنوع واسع من ردود الفعل العاطفية:‏ الشفقة على ابرص (‏مرقس ١:‏٤٠،‏ ٤١‏)‏؛‏ الحزن على شعب غير متجاوب (‏لوقا ١٩:‏٤١،‏ ٤٢‏)‏؛‏ السخط المبرَّر على الصيارفة الجشعين (‏يوحنا ٢:‏١٣-‏١٧‏)‏.‏ ولأنه امتلك التقمص العاطفي،‏ كان يمكن ان يندفع الى البكاء ولم يخفِ مشاعره.‏ فعندما مات صديقه العزيز لعازر،‏ اثَّرت رؤية مريم اخت لعازر وهي تبكي في يسوع كثيرا حتى انه بكى،‏ على مرأى الآخرين.‏ —‏ يوحنا ١١:‏٣٢-‏٣٦‏.‏

      ١٥ كيف كانت مشاعر يسوع الرقيقة واضحة في نظرته الى الآخرين وتعامله معهم؟‏

      ١٥ كانت مشاعر يسوع الرقيقة واضحة خصوصا في نظرته الى الآخرين وتعامله معهم.‏ فقد مدّ يد المساعدة الى الفقراء والمظلومين،‏ مساعدا اياهم ان ‹يجدوا انتعاشا لنفوسهم›.‏ (‏متى ١١:‏٤،‏ ٥،‏ ٢٨-‏٣٠‏)‏ ولم يكن مشغولا اكثر من ان يلبي حاجات المتألمين،‏ سواء أكان امرأة بها نزف لمست بهدوء ثوبه ام متسولا اعمى ابى ان يصمت.‏ (‏متى ٩:‏٢٠-‏٢٢؛‏ مرقس ١٠:‏٤٦-‏٥٢‏)‏ وقد نظر يسوع الى الشيء الصالح في الآخرين ومدحهم؛‏ لكنه كان يقدِّم التوبيخ ايضا عند الضرورة.‏ (‏متى ١٦:‏٢٣؛‏ يوحنا ١:‏٤٧؛‏ ٨:‏٤٤‏)‏ وفي زمن حين لم يكن للنساء إلا القليل من الحقوق،‏ عاملهن يسوع بمقدار متزن من الاكرام والاحترام.‏ (‏يوحنا ٤:‏٩،‏ ٢٧‏)‏ فلا عجب ان مجموعة من النساء تطوعن لخدمته من ممتلكاتهن.‏ —‏ لوقا ٨:‏٣‏.‏

      ١٦ ماذا يبرهن انه كانت ليسوع نظرة متزنة الى الحياة والامور المادية؟‏

      ١٦ كانت ليسوع نظرة متزنة الى الحياة.‏ ولم تكن الامور المادية ذات اهمية رئيسية في نظره.‏ فيبدو انه كان يملك القليل من الممتلكات المادية.‏ وقال انه «ليس له اين يضع رأسه».‏ (‏متى ٨:‏٢٠‏)‏ وفي الوقت نفسه،‏ زاد يسوع من بهجة الآخرين.‏ فعندما حضر وليمة عرس —‏ حادثة من الطبيعي ان تشمل الموسيقى والغناء والفرح —‏ من الواضح انه لم يكن هناك ليُفسد المناسبة.‏ فقد صنع هناك عجيبته الاولى.‏ فعندما نفد الخمر،‏ حوَّل الماء الى خمر جيدة،‏ مشروب ‹يفرِّح قلب الانسان›.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏١٥؛‏ يوحنا ٢:‏١-‏١١‏)‏ وهكذا استمر الحفل،‏ مما جنَّب دون شك العريس والعروس معاناة الاحراج.‏ ويظهر اتِّزانه ايضا في مناسبات كثيرة ذُكرَت حين عمل يسوع طويلا وبكدّ في خدمته.‏ —‏ يوحنا ٤:‏٣٤‏.‏

      ١٧ لماذا ليس مدهشا ان يكون يسوع معلِّما بارعا،‏ وماذا عكست تعاليمه؟‏

      ١٧ كان يسوع معلِّما بارعا.‏ وعكس الكثير من تعليمه وقائع الحياة اليومية،‏ التي كان مطَّلعا عليها جيدا.‏ (‏متى ١٣:‏٣٣؛‏ لوقا ١٥:‏٨‏)‏ وكانت طريقة تعليمه منقطعة النظير —‏ واضحة وبسيطة وعملية دائما.‏ والاهم ايضا هو ما علَّمه.‏ فقد عكست تعاليمه رغبته القلبية ان يعرِّف سامعيه بأفكار ومشاعر وطرق يهوه.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٦-‏٨‏.‏

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ بأية صوَر كلامية حية وصف يسوع اباه؟‏ (‏ب)‏ ماذا ستناقش المقالة التالية؟‏

      ١٨ اذ استخدم يسوع الامثال في اغلب الاحيان،‏ كشف عن ابيه بصوَر كلامية حية لا يمكن نسيانها بسهولة.‏ فالتكلم بعبارات عامة عن رحمة اللّٰه شيء؛‏ أما تشبيه يهوه بأب غفور يتأثر بعمق بمنظر ابنه العائد حتى انه ‹يركض ويقع على عنقه ويقبِّله برقة› فهو امر آخر تماما.‏ (‏لوقا ١٥:‏١١-‏٢٤‏)‏ وإذ رفض يسوع حضارة متصلبة ازدرى فيها القادة الدينيون بعامة الشعب،‏ اوضح ان اباه اله يسهل الاقتراب منه ويفضِّل توسل جابي الضرائب المتواضع على الصلاة الطنانة التي قدَّمها الفريسي المتبجح.‏ (‏لوقا ١٨:‏٩-‏١٤‏)‏ ووصف يسوع يهوه انه اله يهتم بنا يعرف عندما يقع عصفور دوري صغير على الارض.‏ طمأن يسوع تلاميذه:‏ «لا تخافوا:‏ انتم اثمن من عصافير دورية كثيرة».‏ (‏متى ١٠:‏٢٩،‏ ٣١‏)‏ فلا عجب ان الناس ذهلوا من «طريقة تعليم» يسوع وانجذبوا اليه.‏ (‏متى ٧:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ فذات مرة،‏ بقي «جمع كبير» بقربه طوال ثلاثة ايام،‏ حتى انهم ظلّوا دون طعام.‏ —‏ مرقس ٨:‏١،‏ ٢‏.‏

      ١٩ يمكن ان نكون شاكرين ان يهوه كشف في كلمته فكر المسيح.‏ ولكن كيف ننمي فكر المسيح ونعرب عنه في تعاملاتنا مع الآخرين؟‏ هذا ما ستناقشه المقالة التالية.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a تدل الكشف ١٢:‏٣،‏ ٤ ان المعاشرة يمكن ان تؤثر في المخلوقات الروحانية.‏ فهناك يصوَّر الشيطان انه «تنين» تمكَّن من استعمال تأثيره لجعل «نجوم» اخرى،‏ او ابناء روحانيين،‏ ينضمون اليه في مسلك التمرد.‏ —‏ قارنوا ايوب ٣٨:‏٧‏.‏

      b ان آخر ذكر مباشر ليوسف هو عندما وُجد يسوع وهو في الـ‍ ١٢ من العمر في الهيكل.‏ وما من اشارة الى وجود يوسف في وليمة عرس قانا،‏ عند بداية خدمة يسوع.‏ (‏يوحنا ٢:‏١-‏٣‏)‏ وفي سنة ٣٣ ب‌م،‏ ترك يسوع المعلّق مريم في عهدة الرسول الحبيب يوحنا.‏ وهذا امر لم يكن يسوع ليفعله على الارجح لو كان يوسف لا يزال حيًّا.‏ —‏ يوحنا ١٩:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

  • هل لكم «فكر المسيح»؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • هل لكم «فكر المسيح»؟‏

      ‏«ليعطكم اللّٰه الذي يزود الاحتمال والتعزية .‏ .‏ .‏ الموقف العقلي عينه الذي كان عند المسيح يسوع».‏ —‏ روما ١٥:‏٥‏.‏

      ١ كيف يصوَّر يسوع في كثير من رسوم العالم المسيحي،‏ ولماذا ليس هذا تصويرا منصفا له؟‏

      ‏«لم يُرَ مرة وهو يضحك»،‏ هكذا وُصف يسوع في وثيقة تدَّعي زورا ان رسميا رومانيا قديما كتبها.‏ ويُقال ان هذه الوثيقة،‏ التي عُرفت في شكلها الحالي منذ القرن الـ‍ ١١ تقريبا،‏ هي التي اثَّرت في فنانين كثيرين.‏a فيظهر يسوع في عدد من الرسوم شخصا كئيبا نادرا ما يبتسم،‏ هذا اذا ابتسم.‏ لكنَّ هذا ليس تصويرا منصفا ليسوع،‏ الذي تصفه الاناجيل انه رجل رقيق شفوق ذو مشاعر جياشة.‏

      ٢ كيف يمكن ان ننمي «الموقف العقلي عينه الذي كان عند المسيح يسوع»،‏ ولفعل ماذا يعدّنا ذلك؟‏

      ٢ من الواضح انه لمعرفة يسوع حقا يجب ان نملأ عقولنا وقلوبنا بالفهم الدقيق لشخصية يسوع الحقيقية عندما كان هنا على الارض.‏ فلنفحص بعض روايات الاناجيل التي تمنحنا بصيرة في «فكر المسيح» —‏ اي مشاعره،‏ مفاهيمه،‏ افكاره،‏ ومنطقه.‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏١٦‏)‏ وخلال فحصنا،‏ لنتأمل كيف ننمي «الموقف العقلي عينه الذي كان عند المسيح يسوع».‏ (‏روما ١٥:‏٥‏)‏ وبذلك نصير مستعدين بشكل افضل في حياتنا وفي تعاملاتنا مع الآخرين لاتِّباع النموذج الذي وضعه لنا.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏١٥‏.‏

      سهل الاقتراب اليه

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ ما هي الظروف المحيطة بالرواية المسجلة في مرقس ١٠:‏١٣-‏١٦‏؟‏ (‏ب)‏ ماذا كان رد فعل يسوع عندما حاول تلاميذه منع الاولاد من المجيء اليه؟‏

      ٣ لقد انجذب الناس الى يسوع.‏ ففي مناسبات مختلفة،‏ اقترب اليه بسهولة اشخاص من مختلف الاعمار والخلفيات.‏ تأملوا في الحادثة المسجلة في مرقس ١٠:‏١٣-‏١٦‏.‏ لقد حدثت في اواخر خدمته تقريبا عندما كان ذاهبا الى اورشيم للمرة الاخيرة ليواجه موتا اليما.‏ —‏ مرقس ١٠:‏٣٢-‏٣٤‏.‏

      ٤ تخيَّلوا المشهد:‏ بدأ الناس يجلبون الاولاد،‏ بمن فيهم الاطفال،‏ لكي يباركهم يسوع.‏b لكنَّ التلاميذ حاولوا منع الاولاد من المجيء اليه.‏ فلربما شعر التلاميذ انه لا يرغب دون شك ان يزعجه الاولاد في الاسابيع الحاسمة هذه.‏ وكم كانوا مخطئين!‏ فعندما عرف يسوع ما فعله التلاميذ،‏ لم يسرّ بذلك.‏ فدعا الاولاد اليه وقال:‏ «دعوا الأولاد الصغار يأتون إلي؛‏ لا تحاولوا منعهم».‏ (‏مرقس ١٠:‏١٤‏)‏ ثم قام بأمر رقيق ومحب حقا.‏ تقول الرواية:‏ «ضمّ الأولاد بذراعيه،‏ وأخذ يباركهم».‏ (‏مرقس ١٠:‏١٦‏)‏ ومن الواضح ان الاولاد شعروا بالارتياح عندما ضمهم يسوع بذراعيه باهتمام.‏

      ٥ ماذا تخبرنا الرواية في مرقس ١٠:‏١٣-‏١٦ عن شخصية يسوع؟‏

      ٥ تخبرنا هذه الرواية القصيرة الكثير عن شخصية يسوع.‏ لاحظوا ان الاقتراب اليه كان سهلا.‏ ورغم انه شغل مركزا رفيعا في السموات،‏ لم يكن يخيف البشر الناقصين او يحط من قدرهم.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٥‏)‏ أليس لافتا للنظر ايضا انه حتى الاولاد كانوا يشعرون بالارتياح معه؟‏ فلا شك انهم لم يكونوا لينجذبوا الى شخص بارد كئيب لا يبتسم او يضحك ابدا.‏ فقد اقترب الناس من كل الاعمار الى يسوع لأنهم شعروا انه شخص رقيق يهتم بالآخرين،‏ وكانوا يثقون انه لن يخذلهم.‏

      ٦ كيف يمكن ان يسهِّل الشيوخ الاقتراب اليهم اكثر؟‏

      ٦ عندما نتأمل في هذه الرواية يمكن ان نسأل انفسنا:‏ ‹هل املك فكر المسيح؟‏ هل يسهل الاقتراب اليّ؟‏›.‏ ففي هذه الازمنة الحرجة،‏ يحتاج خراف اللّٰه الى رعاة يسهل الاقتراب اليهم،‏ رجال هم «كمخبإ من الريح».‏ (‏اشعياء ٣٢:‏١،‏ ٢؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ فيا ايها الشيوخ،‏ اذا اهتممتم اهتماما مخلصا من كل القلب بإخوتكم وكنتم مستعدين لبذل نفسكم من اجلهم،‏ يلمسون اهتمامكم بهم لمس اليد.‏ فسيرونه في تعابير وجهكم،‏ يسمعونه في نبرة صوتكم،‏ ويلاحظونه في اسلوبكم اللطيف.‏ وسيخلق الدفء والاهتمام الاصيلان هذان جوًّا من الثقة يسهِّل على الآخرين،‏ بمن فيهم الاولاد،‏ الاقتراب اليكم.‏ توضح امرأة مسيحية لماذا تمكنت من البوح بمشاعرها لأحد الشيوخ:‏ «تكلم معي برقة ورأفة.‏ ولولا ذلك،‏ لما كنت على الارجح نبست بكلمة.‏ فقد جعلني اشعر بالاطمئنان».‏

      يراعي مشاعر الآخرين

      ٧ (‏أ)‏ كيف اظهر يسوع انه يراعي مشاعر الآخرين؟‏ (‏ب)‏ لماذا ربما اعاد يسوع بصر رجل اعمى تدريجيا؟‏

      ٧ كان يسوع يراعي مشاعر الآخرين.‏ فقد كان حساسا تجاه مشاعرهم.‏ فمجرد النظر الى المتألمين اثَّر فيه بعمق حتى انه اندفع الى اراحتهم من معاناتهم.‏ (‏متى ١٤:‏١٤‏)‏ وكان يراعي ايضا حدود وحاجات الآخرين.‏ (‏يوحنا ١٦:‏١٢‏)‏ فذات مرة احضر الناس اليه رجلا اعمى وتوسلوا اليه ان يشفيه.‏ فأعاد يسوع بصر الرجل تدريجيا.‏ في بادئ الامر،‏ رأى الرجل الاشخاص رؤية غير واضحة —‏ «ما يبدو أنه أشجار،‏ لكنها تمشي».‏ ثم اعاد يسوع بصره كاملا.‏ فلماذا شفى الرجل تدريجيا؟‏ على الارجح،‏ ليمكِّن شخصا معتادا كثيرا على الظلمة ان يتأقلم مع صدمة رؤية عالم مشمس ومعقد فجأة.‏ —‏ مرقس ٨:‏٢٢-‏٢٦‏.‏

      ٨،‏ ٩ (‏أ)‏ ماذا حدث بعيد دخول يسوع وتلاميذه منطقة دِكابوليس؟‏ (‏ب)‏ صفوا شفاء يسوع للاصمّ.‏

      ٨ تأملوا ايضا في حادثة جرت بعد الفصح سنة ٣٢ ب‌م.‏ كان يسوع وتلاميذه قد دخلوا منطقة دِكابوليس،‏ شرقي بحر الجليل.‏ وسرعان ما وجدتهم الجموع هناك وأحضروا الى يسوع مرضى ومعاقين كثيرين،‏ فشفاهم.‏ (‏متى ١٥:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ ومن المثير للاهتمام ان يسوع اختار رجلا لهدف خصوصي.‏ وما حدث آنذاك يرويه كاتب الانجيل مرقس،‏ الوحيد الذي سجَّل هذه الحادثة.‏ —‏ مرقس ٧:‏٣١-‏٣٥‏.‏

      ٩ كان الرجل اصمَّ وثقيل اللسان.‏ وربما احس يسوع بأن هذا الرجل عصبي ومحرَج بشكل خصوصي.‏ لذلك قام بشيء استثنائي بعض الشيء.‏ فأخذ الرجل جانبا على انفراد،‏ بعيدا عن الجمع.‏ ثم استخدم بعض الاشارات ليُفهم الرجل ماذا يوشك ان يفعل.‏ «وضع إصبعيه في أذني الرجل،‏ وبعد أن تفل،‏ لمس لسانه».‏ (‏مرقس ٧:‏٣٣‏)‏ ثم رفع نظره الى السماء وتنهد وصلى.‏ فكانت هذه الحركات الايضاحية ستعني للرجل:‏ ‹ما سأفعله لك هو بقوة اللّٰه›.‏ وأخيرا قال يسوع:‏ «انفتح».‏ (‏مرقس ٧:‏٣٤‏)‏ عندئذ،‏ استرد الرجل سمعه وتمكن من التكلم سويًّا.‏

      ١٠،‏ ١١ كيف نظهر الاعتبار لمشاعر الآخرين في الجماعة؟‏ في العائلة؟‏

      ١٠ فما اشدّ المراعاة التي اظهرها يسوع لمشاعر الآخرين!‏ فقد كان حساسا تجاه مشاعرهم،‏ وقد دفعه هذا الاعتبار المتعاطف بدوره ان يتصرف بمراعاة لمشاعرهم.‏ ونحن المسيحيين نفعل حسنا إن نمينا وأعربنا عن فكر المسيح في هذا المجال.‏ يحضنا الكتاب المقدس:‏ «كونوا جميعا موحدي الفكر،‏ مشاطرين الآخرين مشاعرهم،‏ ذوي مودة أخوية وحنان،‏ متواضعي العقل».‏ (‏١ بطرس ٣:‏٨‏)‏ وهذا يتطلب دون شك ان نتكلم ونتصرف بأسلوب يأخذ مشاعر الآخرين في الاعتبار.‏

      ١١ ففي الجماعة،‏ يمكن ان نظهر المراعاة لمشاعر الآخرين بمنحهم الكرامة،‏ معاملينهم كما نريد ان نُعامَل.‏ (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ ويشمل ذلك الانتباه لكلماتنا وأسلوبنا.‏ (‏كولوسي ٤:‏٦‏)‏ تذكروا ان ‹الكلمات دون تفكير يمكن ان تطعن كالسيف›.‏ (‏امثال ١٢:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ وماذا عن العائلة؟‏ ان الزوج والزوجة اللذين يحبان حقا واحدهما الآخر يكونان حساسين واحدهما تجاه مشاعر الآخر.‏ (‏افسس ٥:‏٣٣‏)‏ فهما يتجنبان الكلمات القاسية،‏ النقد المستمر،‏ والتهكم اللاذع —‏ امور يمكن ان تجرح المشاعر جراحا لا تندمل بسهولة.‏ والاولاد ايضا لهم مشاعر،‏ والوالدون المحبون يأخذونها في الاعتبار.‏ وعندما يكون التقويم لازما،‏ يقدِّمه هؤلاء الوالدون بطريقة تحترم كرامة اولادهم وتجنِّبهم الاحراج غير الضروري.‏c (‏كولوسي ٣:‏٢١‏)‏ وعندما نظهر المراعاة لمشاعر الآخرين على هذا النحو،‏ نظهر ان لنا فكر المسيح.‏

      الرغبة في الثقة بالآخرين

      ١٢ اية نظرة متَّزنة وواقعية كانت ليسوع الى تلاميذه؟‏

      ١٢ كانت ليسوع نظرة متَّزنة وواقعية الى تلاميذه.‏ فكان يعرف جيدا انهم ليسوا كاملين.‏ فكان بإمكانه ان يقرأ ما في قلوب البشر.‏ (‏يوحنا ٢:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ ورغم ذلك،‏ لم ينظر فقط الى نقائصهم بل ايضا الى الصفات الجيدة التي امتلكوها.‏ ورأى ايضا الطاقة الكامنة في هؤلاء الرجال الذين اجتذبهم يهوه.‏ (‏يوحنا ٦:‏٤٤‏)‏ وظهرت نظرة يسوع الايجابية الى تلاميذه في طريقة تعامله معهم ومعاملتهم.‏ فقد اظهر رغبته في الثقة بهم.‏

      ١٣ كيف اظهر يسوع ثقته بتلاميذه؟‏

      ١٣ وكيف اظهر يسوع هذه الثقة؟‏ عندما ترك الارض،‏ فوَّض يسوع الى تلاميذه الممسوحين مسؤولية ثقيلة.‏ فقد اعطاهم مسؤولية الاعتناء بمصالح ملكوته العالمية النطاق.‏ (‏متى ٢٥:‏١٤،‏ ١٥؛‏ لوقا ١٢:‏٤٢-‏٤٤‏)‏ حتى انه اثناء خدمته،‏ اظهر بأمور بسيطة وطرائق غير مباشرة انه يثق بهم.‏ فعندما زاد الطعام عجائبيا لإطعام الجموع،‏ فوَّض الى تلاميذه مسؤولية توزيع الطعام.‏ —‏ متى ١٤:‏١٥-‏٢١؛‏ ١٥:‏٣٢-‏٣٧‏.‏

      ١٤ كيف تلخِّصون الرواية المسجلة في مرقس ٤:‏٣٥-‏٤١‏؟‏

      ١٤ تأملوا ايضا في الرواية المسجلة في مرقس ٤:‏٣٥-‏٤١‏.‏ ففي تلك المناسبة،‏ ركبوا مركبا وأبحروا شرقا عبر بحر الجليل.‏ وبعيد انطلاقهم،‏ استلقى يسوع في مؤخر المركب واستغرق في النوم.‏ ولكن سرعان ما «هبت عاصفة ريحٍ عنيفة جدا».‏ وكانت هذه العواصف مألوفة في بحر الجليل.‏ فبسبب انخفاضه (‏نحو ٢٠٠ متر تحت مستوى سطح البحر)‏،‏ يكون الهواء ادفأ من المنطقة المحيطة،‏ مما يخلق اضطرابات جوية.‏ وإضافة الى ذلك،‏ تندفع الرياح العاتية عبر وادي الاردن من جبل حرمون،‏ الذي يقع الى الشمال.‏ فالهدوء المؤقت قد تتبعه عاصفة هوجاء.‏ فكروا في ذلك:‏ لا شك ان يسوع كان يعرف عن العواصف المألوفة لأنه تربى في الجليل.‏ ورغم ذلك،‏ نام بسلام لأنه كان يثق بمهارات تلاميذه،‏ الذين كان البعض منهم صيادي سمك.‏ —‏ متى ٤:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

      ١٥ كيف نقتدي برغبة يسوع في الثقة بتلاميذه؟‏

      ١٥ وهل يمكننا ان نقتدي برغبة يسوع في الثقة بتلاميذه؟‏ يجد البعض انه من الصعب تفويض المسؤوليات الى الآخرين.‏ فيجب ان يكونوا دائما في الطليعة.‏ وقد يفكرون:‏ ‹اذا اردتُ ان يجري القيام بالعمل كما يجب،‏ فعليَّ ان اقوم به انا بنفسي›.‏ ولكن اذا قمنا بكل شيء نحن بأنفسنا،‏ نصير عرضة للارهاق وربما قضاء وقت غير ضروري بعيدا عن عائلتنا.‏ وإضافة الى ذلك،‏ اذا لم نفوِّض مهمات ومسؤوليات مناسبة الى الآخرين،‏ فقد نحرمهم من الخبرة والتدريب اللازمَين.‏ فمن الحكمة ان نتعلم الثقة بالآخرين،‏ مفوِّضين اليهم الامور.‏ ويحسن بنا ان نسأل انفسنا:‏ ‹هل لي فكر المسيح في هذه المسألة؟‏ هل افوِّض عن طيب خاطر بعض المهمات الى الآخرين،‏ اذ اثق انهم سيبذلون اقصى جهدهم للقيام بها؟‏›.‏

      وثق بتلاميذه

      ١٦،‏ ١٧ رغم ان يسوع عرف ان رسله سيتركونه،‏ اي تطمين اعطاه لهم في الليلة الاخيرة من حياته الارضية؟‏

      ١٦ كانت نظرة يسوع الى تلاميذه ايجابية في ناحية مهمة اخرى.‏ فقد جعلهم يعرفون انه يثق بهم.‏ وكان ذلك واضحا من كلماته المطمئنة التي قالها لرسله في الليلة الاخيرة من حياته الارضية.‏ لاحظوا ما حصل.‏

      ١٧ كانت هذه ليلة حافلة قضاها يسوع.‏ فقد لقَّن رسله درسا عمليا في الاتِّضاع بغسل اقدامهم.‏ بعدئذ،‏ اسَّس العشاء الذي كان سيصير ذكرى موته.‏ ثم انهمك الرسل مرة اخرى في جدال حامٍ في ايّهم يبدو انه الاعظم.‏ وإذ كان يسوع صبورا معهم دائما،‏ لم يوبِّخهم بل اقنعهم منطقيا.‏ وأخبرهم ما يكمن امامهم:‏ «كلكم ستعثرون فيَّ في هذه الليلة،‏ لأنه مكتوب:‏ ‹أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية›».‏ (‏متى ٢٦:‏٣١؛‏ زكريا ١٣:‏٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ فكان يعرف ان عشراءه الاحماء سيتركونه في اللحظة التي يحتاج فيها اليهم.‏ ورغم ذلك،‏ لم يدِنهم بل قال لهم:‏ «ولكن بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل».‏ (‏متى ٢٦:‏٣٢‏)‏ نعم،‏ لقد طمأنهم انه لن يتركهم رغم انهم كانوا سيتركونه.‏ فسيلتقي بهم مجددا عندما تكون هذه المحنة الرهيبة قد انتهت.‏

      ١٨ ايّ تفويض مهم ائتمن يسوع رسله عليه في الجليل،‏ وكيف انجز الرسل هذا التفويض؟‏

      ١٨ وقد وفى يسوع بوعده.‏ فقد ظهر يسوع المقام لاحقا في الجليل لـ‍ ١١ من رسله الامناء،‏ الذين كانوا مجتمعين كما يبدو مع آخرين كثيرين.‏ (‏متى ٢٨:‏١٦،‏ ١٧؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٦‏)‏ وهناك اعطاهم يسوع تفويضا مهما:‏ «فاذهبوا وتلمذوا أناسا من جميع الأمم،‏ وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس،‏ وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به».‏ (‏متى ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ويعطينا سفر الاعمال ادلة واضحة ان الرسل انجزوا هذا التفويض.‏ فقد كانوا بأمانة في طليعة عمل الكرازة بالبشارة في القرن الاول.‏ —‏ اعمال ٢:‏٤١،‏ ٤٢؛‏ ٤:‏٣٣؛‏ ٥:‏٢٧-‏٣٢‏.‏

      ١٩ ماذا يعلِّمنا تصرف يسوع بعد قيامته عن فكر المسيح؟‏

      ١٩ فأيّ درس نتعلمه عن فكر المسيح من هذه الرواية التي تكشف امورا مهمة؟‏ لقد رأى يسوع رسله في اسوإ حالاتهم،‏ ولكنه «احبهم الى النهاية».‏ (‏يوحنا ١٣:‏١‏)‏ ورغم نقائصهم،‏ جعلهم يعرفون انه يثق بهم.‏ لاحظوا ان ثقة يسوع لم تكن في غير محلها.‏ فلا شك ان ثقته بهم قوَّتهم ليعقدوا العزم على انجاز العمل الذي كان قد اوصاهم به.‏

      ٢٠،‏ ٢١ كيف يمكن ان نظهر ان لدينا نظرة ايجابية الى رفقائنا المؤمنين؟‏

      ٢٠ وكيف يمكننا ان نظهر فكر المسيح في هذا الخصوص؟‏ لا تفكروا سلبيا في الرفقاء المؤمنين.‏ فإذا اسأتم الظن بهم،‏ فستكشف كلماتكم وتصرفاتكم على الارجح افكاركم.‏ (‏لوقا ٦:‏٤٥‏)‏ وبالمقابل يقول لنا الكتاب المقدس ان المحبة «تصدِّق كل شيء».‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏٧‏)‏ فالمحبة ليست سلبية بل ايجابية.‏ وهي لا تهدم بل تبني.‏ والناس يتجاوبون بسرعة مع المحبة والتشجيع وليس مع التخويف.‏ ويمكننا ان نبني الآخرين ونشجِّعهم بالتعبير عن الثقة بهم.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏١١‏)‏ فإذا كانت لدينا كالمسيح نظرة ايجابية الى اخوتنا،‏ نعاملهم بطريقة تبنيهم ونجعلهم يبذلون اقصى جهدهم.‏

      ٢١ ان تنمية فكر المسيح وإظهاره اعمق من مجرد الاقتداء ببعض الامور التي قام بها يسوع.‏ فكما هو مذكور في المقالة السابقة،‏ يجب ان نتعلم اولا حيازة نظرته الى الامور،‏ اذا كنا فعلا نريد ان نتصرف مثله.‏ وتمكِّننا الاناجيل من رؤية وجه آخر من شخصيته،‏ افكاره ومشاعره تجاه العمل المعيَّن له،‏ كما ستناقش المقالة التالية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في الوثيقة،‏ يصف المزوِّر مظهر يسوع الجسدي المزعوم،‏ بما في ذلك لون شعره ولحيته وعينيه.‏ يوضح مترجم الكتاب المقدس إدڠار ڠودسپيد ان هذا التزوير «مصمَّم ليروِّج الوصف الذي تحتويه كتيِّبات الرسامين عن مظهر يسوع الشخصي».‏

      b كان الاولاد كما يبدو من مختلف الاعمار.‏ فالكلمة المنقولة هنا الى ‹اولاد صغار› تُستعمل ايضا لابنة يايرس البالغة من العمر ١٢ سنة.‏ (‏مرقس ٥:‏٣٩،‏ ٤٢؛‏ ١٠:‏١٣‏)‏ لكنَّ لوقا يستعمل في الرواية المناظرة كلمة تُستعمل ايضا للاطفال.‏ —‏ لوقا ١:‏٤١؛‏ ٢:‏١٢؛‏ ١٨:‏١٥‏.‏

      c انظروا مقالة «هل تحترمون كرامتهم» في عدد ١ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٨ من برج المراقبة.‏

  • هل تندفعون الى التصرف كيسوع؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • هل تندفعون الى التصرف كيسوع؟‏

      ‏«رأى جمعا كثيرا،‏ فأشفق عليهم،‏ لأنهم كانوا كخراف لا راعي لها.‏ فابتدأ يعلِّمهم».‏ —‏ مرقس ٦:‏٣٤‏.‏

      ١ لماذا من المفهوم ان يعرب الناس عن صفات رائعة؟‏

      على مر التاريخ،‏ اعرب اشخاص كثيرون عن صفات رائعة.‏ والسبب مفهوم لأن يهوه اللّٰه يملك ويعرب عن المحبة،‏ اللطف،‏ الكرم،‏ وصفات اخرى نقدِّرها.‏ وقد خُلق البشر على صورة اللّٰه.‏ لذلك يمكن ان نفهم لماذا يُظهِر البعض مقدارا من المحبة،‏ اللطف،‏ الرأفة،‏ وصفات الهية اخرى،‏ حتى ان الغالبية كما يبدو لديهم ضمير.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦؛‏ روما ٢:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ ولكن قد تدركون ان البعض يُظهِرون هذه الصفات بسهولة اكثر من غيرهم.‏

      ٢ اية اعمال صالحة ينجزها الناس،‏ شاعرين ربما انهم يقتدون بيسوع؟‏

      ٢ ربما تعرفون رجالا ونساء كثيرا ما يزورون او يساعدون المرضى،‏ يُظهرون الرأفة للمعاقين،‏ او يجزلون العطاء للفقراء.‏ فكروا ايضا في الذين تدفعهم رأفتهم الى وقف انفسهم على العمل في اماكن حجر المصابين بالجذام او في دور الايتام،‏ الذين يتطوعون للعمل في المستشفيات او المآ‌وي الخاصة بالمرضى المحتضرين،‏ او الذين يسعون الى مساعدة المشردين او اللاجئين.‏ وعلى الارجح،‏ يشعر البعض منهم انهم يقتدون بيسوع،‏ الذي وضع نموذجا للمسيحيين.‏ فنحن نقرأ في الاناجيل ان المسيح شفى المرضى وأطعم الجياع.‏ (‏مرقس ١:‏٣٤؛‏ ٨:‏١-‏٩؛‏ لوقا ٤:‏٤٠‏)‏ وإظهارات يسوع للمحبة،‏ الرقة،‏ والرأفة هي اعراب عن «فكر المسيح»،‏ الذي كان بدوره يقتدي بأبيه السماوي.‏ —‏ ١ كورنثوس ٢:‏١٦‏.‏

      ٣ فيمَ يلزم ان نتأمل لتكون لدينا نظرة متزنة الى اعمال يسوع الصالحة؟‏

      ٣ ولكن هل لاحظتم ان كثيرين اليوم ممَّن اثَّرت فيهم محبة يسوع ورأفته يتغاضون عن ناحية مهمة من نواحي فكر المسيح؟‏ يمكن ان ننال بصيرة بالتأمل الدقيق في مرقس الاصحاح ٦‏.‏ فنقرأ هناك ان الناس جلبوا المرضى ليشفيهم يسوع.‏ ونتعلم من القرينة ايضا انه عندما رأى يسوع الآلاف الذين اتوا اليه جائعين،‏ اطعمهم عجائبيا.‏ (‏مرقس ٦:‏٣٥-‏٤٤،‏ ٥٤-‏٥٦‏)‏ فكان شفاء المرضى وإطعام الجياع اعرابين بارزين عن الرأفة الحبية،‏ ولكن هل كانا الوسيلة الرئيسية التي ساعد بها يسوع الآخرين؟‏ وكيف يمكن ان نقتدي بشكل افضل بمثاله الكامل للمحبة،‏ اللطف،‏ والرأفة،‏ تماما كما اقتدى هو بيهوه؟‏

      الاندفاع الى اتِّخاذ الاجراء لسدّ الحاجات الروحية

      ٤ ماذا كانت الظروف المحيطة بالرواية في مرقس ٦:‏٣٠-‏٣٤‏؟‏

      ٤ لقد اشفق يسوع على مَن حوله بشكل رئيسي بسبب حاجاتهم الروحية.‏ فكانت لهذه الحاجات اهمية كبرى،‏ اكبر من اهمية الحاجات الجسدية.‏ تأملوا في الرواية في مرقس ٦:‏٣٠-‏٣٤‏.‏ فالحادثة المسجلة هناك حصلت عند شواطئ بحر الجليل،‏ نحو وقت الفصح سنة ٣٢ ب‌م.‏ كان الرسل متحمسين،‏ وذلك لسبب وجيه.‏ فإذ اكملوا جولة شاملة،‏ اتوا الى يسوع وهم يتوقون الى سرد اختباراتهم له.‏ لكنَّ حشدا من الناس تجمعوا.‏ وكانوا كثيرين جدا حتى ان يسوع ورسله لم يستطيعوا ان يأكلوا او يستريحوا.‏ فقال يسوع للرسل:‏ «تعالوا انتم على انفراد الى مكان خلاء واستريحوا قليلا».‏ (‏مرقس ٦:‏٣١‏)‏ فركبوا مركبا،‏ ربما قرب كفرناحوم،‏ وأبحروا الى مكان هادئ عبر بحر الجليل.‏ لكنَّ الجمع تراكضوا على الشاطئ ووصلوا قبل المركب.‏ فكيف كان يسوع سيتجاوب؟‏ هل استاء لأنه أُزعج في خلوته؟‏ كلا على الاطلاق!‏

      ٥ كيف شعر يسوع تجاه الجموع التي اتت اليه،‏ وكيف كان رد فعله؟‏

      ٥ فقد تأثر يسوع عندما رأى هذا الجمع الذي يعدّ بالآلاف والذي يشمل المرضى وهم ينتظرونه بتوق.‏ (‏متى ١٤:‏١٤؛‏ مرقس ٦:‏٤٤‏)‏ كتب مرقس،‏ مركِّزا على ما اثار رأفة يسوع وعلى ردّ فعله:‏ «رأى جمعا كثيرا،‏ فأشفق عليهم،‏ لأنهم كانوا كخراف لا راعي لها.‏ فابتدأ يعلِّمهم اشياء كثيرة».‏ (‏مرقس ٦:‏٣٤‏)‏ لقد رأى يسوع اكثر من مجرد جمع من الناس.‏ فما رآه كان افرادا لديهم حاجات روحية.‏ فكانوا كخراف عاجزة ضالة،‏ لا راعي لها ليقودها الى المراعي الخضراء او ليحميها.‏ وعرف يسوع ان القادة الدينيين المتحجري القلوب،‏ الذين يُفترض ان يكونوا رعاة يهتمون بالرعية،‏ كانوا في الواقع يحتقرون عامة الشعب ويهملون حاجاتهم الروحية.‏ (‏حزقيال ٣٤:‏٢-‏٤؛‏ يوحنا ٧:‏٤٧-‏٤٩‏)‏ أما يسوع فكان سيعاملهم بشكل مختلف،‏ اذ كان سيفعل لهم افضل ما يمكن.‏ فابتدأ يعلِّمهم عن ملكوت اللّٰه.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ اية اولويات تكشفها الاناجيل في كيفية تجاوب يسوع مع حاجات الناس؟‏ (‏ب)‏ بأيّ دافع كرز يسوع وعلَّم؟‏

      ٦ لاحظوا التسلسل وما يجري التلميح اليه في ما يتعلق بالاولوية في رواية مناظرة.‏ وهذه الرواية كتبها لوقا،‏ الذي كان طبيبا ويهتم كثيرا بخير الآخرين الجسدي.‏ «الجموع .‏ .‏ .‏ تبعوه [يسوع].‏ فاستقبلهم بالترحاب وابتدأ يكلمهم عن ملكوت اللّٰه،‏ وشفى الذين يحتاجون الى ابراء».‏ (‏لوقا ٩:‏١١؛‏ كولوسي ٤:‏١٤‏)‏ ورغم انه ليست هذه هي الحالة في كل روايات العجائب،‏ ففي هذه الحالة،‏ ماذا ذكرت رواية لوقا اولا؟‏ ان يسوع علَّم الشعب.‏

      ٧ وهذا يتفق في الواقع مع التشديد الذي نجده في مرقس ٦:‏٣٤‏.‏ فهذا العدد يُظهِر بوضوح ان يسوع اندفع بشكل رئيسي الى التعبير عن شفقته.‏ فعلَّم الشعب،‏ متجاوبا مع حاجاتهم الروحية.‏ وكان يسوع قد قال سابقا في خدمته:‏ «لا بدّ لي ان ابشر المدن الاخرى ايضا بملكوت اللّٰه،‏ لأني لهذا أُرسلت».‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ ولكننا قد نخطئ اذا فكرنا ان يسوع اعلن رسالة الملكوت بدافع الواجب البحت،‏ كما لو انه قام بعمل الكرازة بعدم مبالاة.‏ كلا،‏ فرأفته الحبية التي اظهرها للناس كانت الدافع الرئيسي الى اخبارهم بالبشارة.‏ فأعظم خير كان يمكن ان يفعله يسوع —‏ حتى للمرضى،‏ الذين بهم شيطان،‏ الفقراء،‏ او الجياع —‏ هو مساعدتهم على معرفة وقبول ومحبة الحق عن ملكوت اللّٰه.‏ وكان لهذا الحق اهمية رئيسية بسبب دور الملكوت في تبرئة سلطان يهوه وإغداق بركات دائمة على الجنس البشري.‏

      ٨ كيف شعر يسوع حيال كرازته وتعليمه؟‏

      ٨ كانت كرازة يسوع النشيطة بالملكوت احد اهم الاسباب لمجيئه الى الارض.‏ قال يسوع لبيلاطس نحو نهاية خدمته الارضية:‏ «لهذا ولدت،‏ ولهذا اتيت الى العالم،‏ لأشهد للحق.‏ كل مَن هو الى جانب الحق يسمع صوتي».‏ (‏يوحنا ١٨:‏٣٧‏)‏ لاحظنا في المقالتين السابقتين ان يسوع كان شخصا ذا مشاعر رقيقة —‏ من السهل الاقتراب اليه،‏ يهتم بالآخرين ويراعي مشاعرهم ويثق بهم،‏ والاهم انه محب.‏ فيلزم ان نقدِّر هذه الاوجه من شخصيته اذا اردنا حقا ان نفهم فكر المسيح.‏ ومن المهم ايضا الادراك ان فكر المسيح يشمل الاولوية التي اعطاها لعمل كرازته وتعليمه.‏

      حثَّ الآخرين على الشهادة

      ٩ مَن كان يجب ان يعطي الكرازة والتعليم الاولوية؟‏

      ٩ لم تكن الاولوية المعطاة للكرازة والتعليم —‏ كتعبير عن المحبة والرأفة —‏ ليسوع وحده.‏ فقد حث أتباعه على الاقتداء بدوافعه،‏ اولوياته،‏ وتصرفاته.‏ مثلا،‏ بعد ان اختار يسوع رسله الـ‍ ١٢،‏ ماذا كان عليهم ان يفعلوا؟‏ تخبرنا مرقس ٣:‏١٤،‏ ١٥‏:‏ «شكَّل فريقا من اثني عشر،‏ الذين سماهم ايضا ‹رسلا›،‏ ليبقوا معه وليرسلهم ليكرزوا ويكون لهم سلطة ان يخرجوا الشياطين».‏ فهل ترون اية اولوية وُضعت للرسل؟‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ ماذا قال يسوع لرسله ان يفعلوا عندما ارسلهم؟‏ (‏ب)‏ على ماذا كان التركيز في ما يتعلق بإرسال الرسل؟‏

      ١٠ بعد فترة،‏ مكَّن يسوع الـ‍ ١٢ من شفاء الآخرين وإخراج الشياطين.‏ (‏متى ١٠:‏١؛‏ لوقا ٩:‏١‏)‏ ثم ارسلهم في جولة الى «خراف بيت اسرائيل الضائعة».‏ لفعل ماذا؟‏ قال لهم يسوع:‏ «فيما انتم ذاهبون،‏ اكرزوا قائلين:‏ ‹قد اقترب ملكوت السموات›.‏ ابرئوا المرضى،‏ اقيموا الاموات،‏ طهِّروا البرص،‏ اخرجوا الشياطين».‏ (‏متى ١٠:‏٥-‏٨؛‏ لوقا ٩:‏٢‏)‏ فماذا فعلوا؟‏ «فانطلقوا [١] وكرزوا لكي يتوب الناس؛‏ [٢] وكانوا يُخرِجون شياطين كثيرة ويدهنون بالزيت مرضى كثيرين ويبرئونهم».‏ —‏ مرقس ٦:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

      ١١ بما ان التعليم لا يُذكَر دائما اولا،‏ فهل يكون لفت النظر الى التسلسل الآنف الذكر إبرازا اكثر من اللازم لمسألة الاولويات او الدوافع المشمولة؟‏ (‏لوقا ١٠:‏١-‏٩‏)‏ لا ينبغي ان نقلِّل من اهمية عدد المرات التي يُذكَر فيها التعليم قبل الشفاء.‏ تأملوا في القرينة في هذه الحالة.‏ قبيل ارسال الرسل الـ‍ ١٢،‏ كان يسوع قد تأثر بحالة الجموع.‏ نقرأ:‏ «اخذ يسوع يجول في جميع المدن والقرى،‏ يعلِّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويبرئ شتى العلل والعاهات.‏ ولما رأى الجموع أشفق عليهم،‏ لأنهم كانوا منزعجين ومنطرحين كخراف لا راعي لها.‏ حينئذ قال لتلاميذه:‏ ‹إن الحصاد كثير،‏ ولكن العمال قليلون.‏ فتوسلوا إلى سيد الحصاد أن يرسل عمالا إلى حصاده›».‏ —‏ متى ٩:‏٣٥-‏٣٨‏.‏

      ١٢ ايّ قصد اضافي كان يمكن ان تخدمه عجائب يسوع والرسل؟‏

      ١٢ كان بإمكان الرسل ان يتشربوا بعضا من فكر المسيح لأنهم كانوا معه.‏ فكان بإمكانهم ان يعرفوا ان امتلاكهم حقا المحبة والرأفة للناس يشمل الكرازة والتعليم عن الملكوت —‏ اللذين لزم ان يكونا وجهين رئيسيين لأعمالهم الصالحة.‏ وانسجاما مع ذلك،‏ لم تكن الاعمال الصالحة التي هي من طبيعة جسدية،‏ كشفاء المرضى،‏ مجرد مساعدة للمحتاجين.‏ فكما يمكن ان تتخيلوا،‏ قد ينجذب بعض الناس بأعمال الشفاء او الطعام المزوَّد عجائبيا.‏ (‏متى ٤:‏٢٤،‏ ٢٥؛‏ ٨:‏١٦؛‏ ٩:‏٣٢،‏ ٣٣؛‏ ١٤:‏٣٥،‏ ٣٦؛‏ يوحنا ٦:‏٢٦‏)‏ ولكن اضافة الى كون هذه الاعمال مساعدة جسدية،‏ فقد دفعت المشاهدين ايضا الى الاعتراف بأن يسوع هو ابن اللّٰه و«النبي» الذي انبأ موسى عنه.‏ —‏ يوحنا ٦:‏١٤؛‏ تثنية ١٨:‏١٥‏.‏

      ١٣ ايّ دور ‹للنبي› الذي سيأتي شدَّدت عليه النبوة في التثنية ١٨:‏١٨‏؟‏

      ١٣ ولماذا كان مهما ان يكون يسوع «النبي»؟‏ ماذا كان الدور الرئيسي الذي أُنبئ انه سيلعبه؟‏ هل كان «النبي» سيُعرَف بقيامه بالشفاء العجائبي او بتزويده الطعام برأفة للجياع؟‏ انبأت التثنية ١٨:‏١٨‏:‏ «اقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك [موسى] وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به».‏ ففي حين تعلَّم الرسل امتلاك مشاعر رقيقة والتعبير عنها،‏ كان بإمكانهم الاستنتاج انه يجب اعطاء الدليل على فكر المسيح بنشاطهم الكرازي والتعليمي ايضا.‏ فهذا افضل ما يمكن ان يفعلوه للناس.‏ فبهذه الطريقة،‏ يمكن ان ينال المرضى والفقراء فوائد ابدية،‏ وليس مجرد فوائد تقتصر على المدى القصير للحياة البشرية او على وجبة طعام او اثنتين.‏ —‏ يوحنا ٦:‏٢٦-‏٣٠‏.‏

      نمّوا فكر المسيح اليوم

      ١٤ كيف يتعلق امتلاك فكر المسيح بكرازتنا؟‏

      ١٤ لا احد منا يعتبر ان فكر المسيح يقتصر على القرن الاول —‏ على يسوع وتلاميذه الاولين الذين كتب عنهم الرسول بولس:‏ «أما نحن فلنا فكر المسيح».‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏١٦‏)‏ ومن السهل ان نعترف اننا ملزمون بالكرازة بالبشارة والتلمذة.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ومع ذلك،‏ من المفيد ان نتأمل في دوافعنا الى القيام بهذا العمل.‏ فلا ينبغي ان يكون ذلك بدافع الواجب فقط.‏ فالمحبة للّٰه هي سبب رئيسي لاشتراكنا في الخدمة،‏ والتمثل بيسوع فعليا يشمل ان تدفعنا الرأفة الى الكرازة والتعليم.‏ —‏ متى ٢٢:‏٣٧-‏٣٩‏.‏

      ١٥ لماذا الرأفة جزء ملائم من خدمتنا العامة؟‏

      ١٥ من المسلّم به انه ليس سهلا دائما ان نشعر بالرأفة تجاه الذين لا يشاركوننا معتقداتنا،‏ وخصوصا عندما نواجه اللامبالاة،‏ الرفض،‏ او المقاومة.‏ ولكن اذا خسرنا محبتنا ورأفتنا تجاه الناس،‏ يمكن ان نخسر دافعا مهما الى الاشتراك في الخدمة المسيحية.‏ فكيف يمكن ان ننمي الرأفة؟‏ يمكن ان نحاول رؤيتهم كما رآهم يسوع،‏ «منزعجين ومنطرحين كخراف لا راعي لها».‏ (‏متى ٩:‏٣٦‏)‏ أفلا ينطبق هذا الوصف على كثيرين اليوم؟‏ فقد اهملهم الرعاة الدينيون الكذبة وأعموهم روحيا.‏ لذلك فهم لا يعرفون الارشاد السليم الموجود في الكتاب المقدس ولا عن الاحوال الفردوسية التي سيجلبها ملكوت اللّٰه عما قريب لأرضنا.‏ ويواجهون مشاكل الحياة اليومية —‏ بما في ذلك الفقر،‏ النزاع العائلي،‏ المرض،‏ والموت —‏ دون ان يكون لديهم رجاء الملكوت.‏ ونحن نملك ما يحتاجون اليه:‏ البشارة المنقذة للحياة عن ملكوت اللّٰه المؤسس الآن في السماء!‏

      ١٦ لماذا ينبغي ان نرغب في إخبار الآخرين بالبشارة؟‏

      ١٦ عندما تتأملون على هذا النحو في حاجات الذين حولكم الروحية،‏ ألا يدفعكم قلبكم الى فعل كل ما في وسعكم لإخبارهم بقصد اللّٰه الحبي؟‏ نعم،‏ ان عملنا هو عمل رأفة.‏ فتعاطفنا مع الناس كما تعاطف يسوع معهم سيظهر في نبرة صوتنا،‏ تعابير وجهنا،‏ وأسلوب تعليمنا.‏ وكل ذلك سيجعل رسالتنا جذابة اكثر ‹للميالين بالصواب الى الحياة الابدية›.‏ —‏ اعمال ١٣:‏٤٨‏.‏

      ١٧ (‏أ)‏ ما هي بعض الطرائق التي يمكن ان نعرب بواسطتها عن محبتنا ورأفتنا للآخرين؟‏ (‏ب)‏ لماذا المسألة ليست مسألة اختيار إما فعل الاعمال الصالحة او الاشتراك في الخدمة العامة؟‏

      ١٧ طبعا،‏ ينبغي ان تظهر محبتنا ورأفتنا في كامل مسلك حياتنا.‏ ويشمل ذلك إظهار اللطف للمحرومين،‏ المرضى،‏ والفقراء —‏ اذ نبذل كل ما في وسعنا لتخفيف عذابهم.‏ ويشمل ذلك بذل الجهود،‏ بالكلام والتصرفات،‏ لتفريج الغم عن الذين فقدوا احباءهم.‏ (‏لوقا ٧:‏١١-‏١٥؛‏ يوحنا ١١:‏٣٣-‏٣٥‏)‏ ولكن لا يجب ان تصير هذه الاعرابات عن المحبة،‏ اللطف،‏ والرأفة الهدف الرئيسي لأعمالنا الصالحة،‏ كما يفعل بعض المحسنين.‏ فالجهود التي تدفعها الصفات الالهية المذكورة آنفا والتي تظهر في الاشتراك في عمل الكرازة والتعليم المسيحيَّين تكون ذات اهمية تدوم اكثر بكثير.‏ تذكروا ما قاله يسوع عن القادة الدينيين اليهود:‏ «تقدِّمون عشر النعنع والشبث والكمون،‏ وتجاهلتم أثقل ما في الشريعة،‏ أي العدل والرحمة والأمانة.‏ كان يجب أن تعملوا هذه،‏ ولا تتجاهلوا تلك».‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣‏)‏ فالمسألة بالنسبة الى يسوع،‏ لم تكن مسألة اختيار احد الامرين —‏ إما مساعدة الناس في حاجاتهم الجسدية او تعليمهم امورا روحية معطية للحياة.‏ فقد قام يسوع بالامرين كليهما.‏ ومع ذلك،‏ من الواضح ان عمله التعليمي كان العمل الرئيسي لأن الخير الذي صنعه بواسطته له فائدة ابدية.‏ —‏ يوحنا ٢٠:‏١٦‏.‏

      ١٨ إلامَ ينبغي ان يدفعنا تأملنا في فكر المسيح؟‏

      ١٨ فكم يمكن ان نكون شاكرين ليهوه على كشفه لنا فكر المسيح!‏ فبواسطة الاناجيل،‏ يمكننا ان نعرف بشكل افضل افكار اعظم انسان عاش على الاطلاق،‏ مشاعره،‏ صفاته،‏ نشاطاته،‏ وأولوياته.‏ وقراءة ما يكشفه الكتاب المقدس عن يسوع والتأمل فيه وتطبيقه هي وقف علينا.‏ تذكروا انه اذا اردنا حقا ان نتصرف كيسوع،‏ يجب اولا ان نتعلم ان نفكر،‏ نشعر،‏ ونقيِّم الامور مثله،‏ الى الحد الذي يمكننا كبشر ناقصين.‏ فلنصمِّم على تنمية وإظهار فكر المسيح.‏ فلا توجد طريقة افضل للعيش،‏ ولا طريقة افضل للتعامل مع الناس،‏ ولا طريقة افضل لنا وللآخرين للاقتراب الى الذي عكس يسوع شخصيته كاملا،‏ الهنا الرقيق يهوه.‏ —‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣؛‏ عبرانيين ١:‏٣‏.‏

  • هل تندفعون الى التصرف كيسوع؟‏
    برج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ شباط (‏فبراير)‏
    • ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٣]‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة