-
كيف يفسِّر البعض سماح اللّٰه بالشراستيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
تقول المجلة البريطانية «الرُبْعية الانجيلية»: «احد اعظم العوائق في سبيل الايمان بإله كلي القدرة، كلي المحبة، هو وجود ألم غير مستحق حسب الظاهر في العالم.»
لذلك يستذنب البعض اللّٰه لسكوته عن الالم — ان لم يكن تسبيبه اياه فعلا. كتب اللاهوتي جون ك. روث: «التاريخ نفسه هو اتهام اللّٰه. . . . لا تستهينوا بما تقتضيه مسؤولية اللّٰه.»
ومع ذلك حاجّ ببلاغة مفكرون دينيون كثيرون منذ اوغسطين لمصلحة براءة اللّٰه. ووضع فيلسوف القرن السابع عشر ليبنتس اصطلاحا في محاولة ذلك: «العدالة الالهية» theodicy، او «تبرير اللّٰه.» — انظروا الصفحة ٦.
علم اللاهوت الحديث يأخذ موقف الشاهد
ان الجهود لتبرئة اللّٰه من استحقاق اللوم استمرت حتى الازمنة العصرية. وماري باكر إدي، مؤسسة «كنيسة العلم المسيحي،» حاولت ان تحل المشكلة بانكار وجود الشر اولا! وفي «العلم والصحة مع مفتاح الى الاسفار المقدسة،» كتبت: «اللّٰه . . . لم يصنع الانسان قط قابلا للخطية . . . لذلك، ليس الشر سوى وهم، وهو بلا اساس حقيقي.»
وقد عذر آخرون اللّٰه على اساس وجود فضيلة مفترضة في الالم. قال احد الربابنة ذات مرة: «يأتي الألم ليشرِّف الانسان، ليُنقِّي افكاره من الكبرياء والسطحية.» وعلى نحو مماثل، وضع بعض اللاهوتيين نظريات بأن الالم على الارض «ضروري لاعدادنا كشخصيات ادبية لحياة الملكوت السماوي المقبل.»
ولكن هل يعقل ان نؤمن بأن اللّٰه يجلب الكوارث او يسمح بها لكي ينقِّي الناس ويعاقبهم؟ بالتأكيد، ان اولئك الذين دُفنوا احياء في سان رامون نالوا فرصة زهيدة لتحسين نموهم الادبي. فهل ضحّى اللّٰه بهم لكي يلقّن الذين بقوا احياء درسا؟ وان كان الامر كذلك، فماذا كان الدرس؟
اذاً، على نحو يمكن فهمه، نال كتاب كوشنر «عندما تحدث الامور الرديئة للصالحين» اعجابا شعبيا. ولان مؤلفه عرف شخصيا اسى الألم حاول ان يعزِّي قراءه، مؤكدا لهم ان اللّٰه صالح. ولكن عندما وصل الامر الى تفسير سبب سماح اللّٰه بتألم الابرياء اتخذ تفكير كوشنر تحوُّلا غريبا. «اللّٰه يريد ان يحيا الابرار حياة سلمية سعيدة،» اوضح كوشنر، «ولكن حتى هو يعجز احيانا عن جلب ذلك.»
وهكذا اقترح كوشنر إلها ليس شريرا بل ضعيفا، الها الى حد ما اقل من قادر على كل شيء. مع ذلك، وعلى نحو غريب، شجَّع كوشنر قراءه ان يُصلّوا طلبا للعون الالهي. أما في ما يتعلق بكيفية قدرة هذا الاله الذي يُفترض انه محدود ان يكون ذا عون حقيقي فكوشنر غامض.
محاورة قديمة
وهكذا فشل مفكرو العالم الدينيون في الوصول الى دفاع مقنع لمصلحة اللّٰه وفي تقديم تعزية حقيقية لضحايا الشر. ولعل ما يجب ان يُحاكم هو علم اللاهوت وليس اللّٰه!
-
-
فحص الشر من اوغسطين الى كالفناستيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
فحص الشر من اوغسطين الى كالفن
في كتابه «مدينة اللّٰه» حاجّ لاهوتي القرن الخامس اوغسطين بأن الانسان، وليس اللّٰه، مسؤول عن وجود الشر. كتب اوغسطين: «اللّٰه، منشئ السجايا لا الرذائل، خلق الانسان مستقيما؛ ولكنّ الانسان، اذ أُفسد بارادته الخاصة ودين بعدل، انجب اولادا فاسدين ومحكوما عليهم . . . وهكذا، من الاستعمال الرديء للارادة الحرة، نشأت هنالك سلسلة الشر كلها.»
ان الاستعمال الرديء للارادة الحرة قد يفسر الكثير من الشر، او معظمه، الذي عذَّب الناس. ولكن هل يمكن ان تُلام الارادة الحرة للانسان على كارثة كالتي في سان رامون؟ ألا تسبب ظروف خارج نطاق سيطرة الانسان حوادث مفجعة كثيرة؟ وحتى اذا اختار الانسان الشر طوعا، لماذا يسمح اله المحبة بأن يستمر الشر؟
في القرن الـ ١٦ آمن اللاهوتي البروتستانتي الفرنسي جون كالفن، مثل اوغسطين، بأن هنالك اولئك الذين «قُدِّر [من قِبل اللّٰه] ان يكونوا اولاد الملكوت السماوي وورثته.» ولكنّ كالفن تقدَّم بالامور خطوة اضافية، محاجّا بأن اللّٰه قدَّر ايضا لافراد ان يكونوا «نائلي سخطه» — محكوما عليهم باللعنة الابدية!
كان لعقيدة كالفن دلالات ضمنية مرعبة. فاذا عانى انسان ايّ نوع من النكبة، ألا يمكن ان يدل ذلك انه كان بين الملعونين؟ وفضلا عن ذلك، ألا يكون اللّٰه مسؤولا عن اعمال اولئك الذين قدَّر لهم؟ وهكذا جعل كالفن اللّٰه عن غير قصد خالق الخطية! وقال كالفن ان «الانسان يُخطئ بموافقة ارادة مبادِرة وميّالة جدا.» — «توجيهات في الايمان،» بواسطة جون كالفن.
-