-
لا تستسلموا!برج المراقبة ١٩٩٥ | ١ كانون الاول (ديسمبر)
-
-
لا تستسلموا!
«لا (نستسلم) في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكلّ.» — غلاطية ٦:٩.
١، ٢ (أ) بأية طرائق يصطاد الاسد؟ (ب) مَن هم الذين يهتم ابليس خصوصا بافتراسهم؟
يصطاد الاسد بطرائق مختلفة. فهو يكمن احيانا لفريسته عند جبّ ماء او على طول طرقات يكثر فيها المارَّة. ولكن احيانا، كما يوضح كتاب صور في البرية، «ينتهز [الاسد] الفرصة — مثلا، مصادفة مُهر حمار الوحش المخطَّط نائما.»
٢ يوضح الرسول بطرس ان ‹ابليس خصمنا كأسد زائر يجول ملتمسا مَن يبتلعه هو.› (١ بطرس ٥:٨) والشيطان، اذ يعلم ان زمانه الباقي قليل، يضغط على البشر اكثر من ايّ وقت مضى ليمنعهم من خدمة يهوه. لكنَّ هذا ‹الاسد الزائر› مهتم خصوصا بافتراس خدام يهوه. (رؤيا ١٢:١٢، ١٧) وأساليب صيده مماثلة لأساليب نظيره في مملكة الحيوان. وكيف ذلك؟
٣، ٤ (أ) اية اساليب يستخدمها الشيطان في افتراس خدام يهوه؟ (ب) لأنَّ هذه هي «ازمنة حرجة صعبة المعالجة،» ايّ سؤالَين ينشأان؟
٣ يجرِّب الشيطان احيانا كمينا — الاضطهاد او المقاومة الهادفة الى كسر استقامتنا لنتوقف عن خدمة يهوه. (٢ تيموثاوس ٣:١٢) لكنَّ ابليس في احيان اخرى، كالاسد، ينتهز الفرصة. فهو ينتظر حتى نتثبط او نُعيِي، ثم يحاول ان يستغل حالتنا الكئيبة لحمْلِنا على الاستسلام. فلا يجب ان نصير فريسة سهلة!
٤ ولكننا نحيا في اصعب حقبة في كل التاريخ البشري. وفي هذه ‹الازمنة الحرجة الصعبة المعالجة› قد يشعر كثيرون منا بالتثبط او الكآبة من حين الى آخر. (٢ تيموثاوس ٣:١، عج) فكيف نتجنب ان نصير مُعيِين جدا بحيث نصبح فريسة سهلة لابليس؟ نعم، كيف نصغي الى مشورة الرسول بولس الموحى بها: «لا (نستسلم) في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكلّ»؟ — غلاطية ٦:٩.
عندما يخيِّبنا الآخرون
٥ ماذا اعيا داود، ولكن ايّ امر لم يفعله؟
٥ في ازمنة الكتاب المقدس ربما شعر حتى خدام يهوه الاكثر امانة بالكآبة. كتب المرنم الملهم داود: «تعبت في تنهّدي. أُعوِّم في كل ليلة سريري بدموعي أُذوِّب فراشي. ساخت من الغم عينِي.» فلماذا شعر داود هكذا؟ اوضح قائلا: «(بسبب) كل مضايِقيَّ.» ان اعمال الآخرين المؤذية آلمت داود في الصميم بحيث فاضت دموعه بغزارة. لكنَّ داود لم يبتعد عن يهوه بسبب ما فعله به الرفقاء البشر. — مزمور ٦:٦-٩.
٦ (أ) كيف يمكن ان تؤثر فينا كلمات او تصرفات الآخرين؟ (ب) كيف يجعل البعض انفسهم فريسة سهلة لإبليس؟
٦ وعلى نحو مماثل، يمكن ان تُعيِينا كلمات او تصرفات الآخرين وتؤلمنا كثيرا في الصميم. تقول الامثال ١٢:١٨: «يوجد من يهذر مثل طعن السيف.» وعندما يكون الهاذر احد الاخوة او الاخوات المسيحيين، يكون ‹جرح الطعنة› عميقا. وقد يكون من شأن البشر ان يغتاظوا، مضمرين ربما الاستياء. ويصح ذلك خصوصا اذا كنا نشعر بأننا عوملنا بفظاظة او بظلم. وقد يصعب علينا ان نتكلم الى مَن اغاظنا؛ حتى اننا قد نتعمَّد تجنبه او تجنبها. والبعض، اذ اكتأبوا من الاستياء، استسلموا وكفّوا عن المجيء الى الاجتماعات المسيحية. وهكذا، للأسف، ‹أعطَوا ابليس مكانا› ليخدعهم كفريسة سهلة. — افسس ٤:٢٧.
٧ (أ) كيف نتجنب ترويج خطة ابليس عندما يخيِّبنا او يؤذينا الآخرون؟ (ب) لماذا يجب ان نتخلص من الاستياء؟
٧ وكيف نتجنب ترويج خطة ابليس عندما يخيِّبنا او يؤذينا الآخرون؟ يجب ان نحاول ألا نضمر الاستياء. وبدلا من ذلك، بادِروا الى صنع السلام او تسوية المسائل بأسرع ما يمكن. (افسس ٤:٢٦) تحثنا كولوسي ٣:١٣: «مسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد على احد شكوى.» ويليق بنا ان نسامح خصوصا عندما يقرّ مَن اغاظنا بالخطإ ويتأسف بصدق. (قارنوا مزمور ٣٢:٣-٥ وأمثال ٢٨:١٣.) ولكن من المساعد ان نبقي نصب اعيننا ان المسامحة لا تعني التغاضي او التقليل من شأن الذنوب التي يرتكبها الآخرون. والمسامحة تشمل التخلص من الاستياء. فالاستياء عبء ثقيل. ويمكن ان يسيطر على افكارنا ويسلبنا السعادة. ويمكن ايضا ان يؤثِّر في صحتنا. وبالتباين، تعمل المسامحة لخيرنا عندما تكون في محلها. فكداود، لا نستسلمْ ابدا ونبتعد عن يهوه بسبب ما قاله او فعله بنا بشر آخرون!
عندما نقصِّر
٨ (أ) لماذا يشعر البعض احيانا بالذنب اكثر من المعتاد؟ (ب) ما الخطر في ان يغمرنا الذنب الى حد الاستسلام؟
٨ «في اشياء كثيرة نعثر جميعنا،» تقول يعقوب ٣:٢. وعندما نعثر، من الطبيعي جدا ان نشعر بالذنب. (مزمور ٣٨:٣-٨) وقد تقوى مشاعر الذنب اكثر من المعتاد اذا كنا نحارب ضعفا في الجسد ونعاني نكسات متكررة.a اوضحت امرأة مسيحية واجهت مثل هذا الصراع: «لم اشأ ان ابقى على قيد الحياة وأنا لا اعلم ما اذا كنت قد ارتكبت الخطية التي لا تُغتفَر او لا. وشعرت بأنه لا حاجة ايضا الى ان اجهد نفسي في خدمة يهوه لأنه، على اية حال، فات الاوان على الارجح بالنسبة اليّ.» عندما يغمرنا الذنب الى حد الاستسلام، نعطي ابليس فرصة — وقد يستغلها بسرعة! (٢ كورنثوس ٢:٥-٧، ١١) وقد يكون كل ما يلزم نظرة اكثر اتِّزانا الى الذنب.
٩ لماذا يجب ان نثق برحمة اللّٰه؟
٩ عندما نخطئ من الملائم ان نشعر بالذنب الى حد ما. إلّا ان مشاعر الذنب تدوم احيانا لأن المسيحي يشعر بأنه لا يمكن ان يستحق ابدا رحمة اللّٰه. لكنَّ الكتاب المقدس يطمئننا: «إن اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم.» (١ يوحنا ١:٩) فهل هنالك سبب وجيه لنعتقد ان اللّٰه لن يفعل ذلك في حالتنا؟ تذكَّروا ان يهوه يقول في كلمته انه «غفور.» (مزمور ٨٦:٥؛ ١٣٠:٣، ٤) وبما انه منزَّه عن الكذب، فسيفعل كما تعِد كلمته، شرط ان نأتي اليه بقلب تائب. — تيطس ١:٢.
١٠ اية طمأنة مبهجة نشرها عدد سابق من برج المراقبة في ما يتعلق بمحاربة ضعف في الجسد؟
١٠ وماذا يجب ان تفعلوا اذا كنتم تحاربون ضعفا وتعانون نكسة؟ لا تستسلموا! فالنكسة لا تلغي بالضرورة ما قد احرزتموه من تقدُّم. وعدد ١٥ شباط ١٩٥٤، بالانكليزية، من هذه المجلة طمأننا بهذه الكلمات المبهجة: «[قد] نجد اننا نتعثَّر ونقع مرارا وتكرارا بسبب عادة سيئة تأصلت في نمط حياتنا السابق بشكل اعمق مما كنا ندرك. . . . فلا تيأسوا. ولا تستنتجوا انكم ارتكبتم الخطية التي لا تُغتفر. فالشيطان يريد ان تفكروا بهذه الطريقة تماما. وواقع انكم تشعرون بالاسى والاغتياظ على نفسكم هو بحد ذاته دليل على انكم لم تبتعدوا اكثر مما ينبغي. فلا تُعيُوا ابدا من الالتفات بتواضع وبصدق الى اللّٰه، طالبين ان يسامحكم ويطهركم ويساعدكم. والجأوا اليه كما يلجأ الولد الى ابيه عندما يقع في مشكلة مهما تكرر ذلك بسبب الضعف نفسه، ويهوه سيساعدكم برأفة بسبب لطفه غير المستحَق، وإذا كنتم مخلصين فسيجعلكم تحرزون ضميرا طاهرا.»
عندما نشعر بأن ما نقوم به غير كافٍ
١١ (أ) كيف يجب ان نشعر حيال الاشتراك في عمل الكرازة بالملكوت؟ (ب) اية مشاعر بشأن الاشتراك في الخدمة يكافحها بعض المسيحيين؟
١١ يلعب عمل الكرازة بالملكوت دورا مهما في حياة المسيحي، والاشتراك فيه مفرح. (مزمور ٤٠:٨) لكنَّ بعض المسيحيين يشعرون بأنهم مذنبون كثيرا لأنهم غير قادرين على فعل المزيد في الخدمة. ومثل هذا الذنب يمكن تدريجيا ان يدمِّر ايضا فرحنا ويجعلنا نستسلم، متخيِّلين ان يهوه يشعر بأننا لا نقوم ابدا بما يكفي. تأملوا في المشاعر التي يكافحها البعض.
“«هل تعرفون كم ان الفقر مبدِّد للوقت؟» كتبت اخت مسيحية تربِّي وزوجها ثلاثة اولاد. «يجب ان اقتصد حيثما امكن. وهذا يعني قضاء الوقت في البحث في متاجر السلع المستعملة، رفوف التصفيات، او حتى في خياطة الثياب. وأقضي ايضا ساعة او اثنتين كل اسبوع وأنا اعمل في القسائم [قسائم الحسم من ثمن المواد الغذائية] — اقتطعها، اضعها في ملف، وأقايض بها. وأحيانا اشعر بأنني مذنبة جدا لفعلي هذه الامور، معتقدةً انه كان يجب ان اقضي هذا الوقت في خدمة الحقل.»
“«ظننت انه لا بد انني لا احب يهوه كفاية،» اوضحت اخت لها اربعة اولاد وزوج غير مؤمن. «ولذلك جاهدت في خدمتي ليهوه. بذلت اقصى جهدي، ولكنني لم اشعر قط بأن ذلك كافٍ. فلم يكن لديَّ ايّ شعور بالقيمة الذاتية، ولذلك لم استطِع ان اتخيَّل كيف يمكن ان يقبل يهوه خدمتي له.»
“وقالت امرأة مسيحية اضطرت ان تترك الخدمة كامل الوقت: «لم احتمل الفكرة انني كنت انكث التزامي ان اخدم يهوه كامل الوقت. لا يمكنكم ان تتخيلوا خيبة املي! ابكي الآن عندما اتذكر ذلك.»
١٢ لماذا يشعر بعض المسيحيين بأنهم مذنبون جدا حيال عدم تمكُّنهم من انجاز المزيد في الخدمة؟
١٢ من الطبيعي جدا ان يرغب المرء في خدمة يهوه على اكمل وجه ممكن. (مزمور ٨٦:١٢) ولكن لماذا يشعر البعض بأنهم مذنبون جدا لأنهم لا يستطيعون فعل المزيد؟ بالنسبة الى البعض، يبدو ان الامر مرتبط بشعور عام بعدم القيمة ناتج ربما من اختبارات غير سارة في الحياة. وفي حالات اخرى، قد ينتج ذنب في غير محله من نظرة غير واقعية الى ما يتوقعه يهوه منا. اعترفت امرأة مسيحية: «كنت اشعر بأنه إن لم تعمل حتى تنهك نفسك، فلا بد انك لا تفعل ما فيه الكفاية.» ونتيجة لذلك رسمَت لنفسها مقاييس رفيعة اكثر مما ينبغي — ثم شعرت بذنب اعظم عندما عجزت عن بلوغها.
١٣ ماذا يتوقع يهوه منا؟
١٣ وماذا يتوقع يهوه منا؟ بعبارة بسيطة، يتوقع يهوه منا ان نخدمه من كل النفس، منجزين ما تسمح به ظروفنا. (كولوسي ٣:٢٣) ولكن قد يكون هنالك فرق كبير بين ما تودّون فعله وما يمكنكم في الواقع ان تفعلوه. فقد تكبِّلنا عوامل كالسنّ، الصحة، القدرة الجسدية على الاحتمال، او المسؤوليات العائلية. ولكن عندما نفعل كل ما في وسعنا، يمكن ان نكون على يقين من ان خدمتنا ليهوه هي من كل النفس — ليس اكثر ولا اقل ممَّن تسمح له صحته وظروفه بأن يكون في الخدمة كامل الوقت. — متى ١٣:١٨-٢٣.
١٤ ماذا يمكنكم ان تفعلوا اذا كنتم بحاجة الى المساعدة في معرفة ما يمكن ان تتوقعوه في الواقع من نفسكم؟
١٤ اذًا كيف يمكنكم ان تعرفوا ما يمكن ان تتوقعوه في الواقع من نفسكم؟ قد ترغبون في مناقشة المسألة مع صديق مسيحي ناضج تثقون به، ربما شيخ او اخت ذات خبرة، يعرف قدراتكم، حدودكم، ومسؤولياتكم العائلية. (امثال ١٥:٢٢) وتذكَّروا انه في نظر اللّٰه، لا تُقاس قيمتكم كشخص بمقدار ما تفعلونه في خدمة الحقل. ان كل خدام يهوه اعزاء عنده. (حجي ٢:٧؛ ملاخي ٣:١٦، ١٧) وما تنجزونه في العمل الكرازي قد يكون اكثر او اقل مما ينجزه الآخرون، ولكن ما دام ذلك يمثِّل اقصى ما في وسعكم، فيهوه راضٍ ولا يلزم ان تشعروا بالذنب. — غلاطية ٦:٤.
عندما يُطلَب منا الكثير
١٥ من اية نواحٍ يُطلَب الكثير من شيوخ الجماعات؟
١٥ قال يسوع: «كل مَن أُعطي كثيرا يُطلَب منه كثير.» (لوقا ١٢:٤٨) ولا شك انه ‹يُطلَب الكثير› ممَّن يخدمون كشيوخ في الجماعة. وهم كبولس يبذلون انفسهم في سبيل الجماعة. (٢ كورنثوس ١٢:١٥) فيجب ان يحضِّروا الخطابات، يقوموا بالزيارات الرعائية، يعالجوا القضايا القضائية — كل ذلك دون اهمال عائلاتهم. (١ تيموثاوس ٣:٤، ٥) وبعض الشيوخ مشغولون ايضا بالمساعدة على بناء قاعات الملكوت، الخدمة في لجان الاتصال بالمستشفيات، والتطوع في المحافل. فكيف يتجنب هؤلاء الرجال العاملون بجد والمتفانون ان يصيروا مُعيِين رازحين تحت ثقل مسؤوليات كهذه؟
١٦ (أ) اي حلّ عملي قدَّمه يثرون لموسى؟ (ب) اية صفة ستمكِّن الشيخ من الاشتراك في المسؤوليات المناسبة مع الآخرين؟
١٦ عندما كان موسى، رجل محتشم ومتواضع، يُجهِد نفسه في الاعتناء بمشاكل الآخرين، قدَّم له حموه، يثرون، حلا عمليا: اشترِك في شيء من المسؤولية مع رجال اكفاء آخرين. (خروج ١٨:١٧-٢٦؛ عدد ١٢:٣) تقول الامثال ١١:٢: «مع المتواضعين حكمة.» وأن تكونوا متواضعين يعني ان تدركوا حدودكم وتقبلوها. والمتواضع لا يمتنع عن ان يفوِّض الى الآخرين، ولا يخشى ان يفقد السيطرة بطريقة او بأخرى باشتراكه في المسؤوليات المناسبة مع رجال اكفاء آخرين.b (عدد ١١:١٦، ١٧، ٢٦-٢٩) ولكنه يتوق الى مساعدتهم على التقدم. — ١ تيموثاوس ٤:١٥.
١٧ (أ) كيف يمكن ان يخفف اعضاء الجماعة من حمل الشيوخ؟ (ب) اية تضحيات تقوم بها زوجات الشيوخ، وكيف نظهر لهن اننا لا نعتبر هذه التضحيات امرا مسلَّما به؟
١٧ يمكن لاعضاء الجماعة ان يفعلوا الكثير للتخفيف من حمل الشيوخ. فعندما يتفهَّم الآخرون ان الشيوخ لديهم عائلاتهم للاعتناء بها، لا يطلبون مقدارا غير معقول من وقت الشيوخ وانتباههم. ولا يعتبرونه امرا مسلَّما به ان تضحّي زوجات الشيوخ طوعا اذ يشتركن بلا انانية في وقت ازواجهن مع الجماعة. اوضحت أم لثلاثة اولاد يخدم زوجها كشيخ: «ان ما لا اتذمر منه ابدا هو الحمل الزائد الذي احمله طوعا في البيت لكي يتمكن زوجي من الخدمة كشيخ. اعرف ان بركة يهوه سخية على عائلتنا بسبب خدمته، وأنا لا انزعج مما يبذله من وقت وطاقة. ولكن، في الواقع، كثيرا ما يلزم ان اعمل في كنس الاوراق في الفناء وتأديب اولادنا اكثر مما لو كان زوجي غير مشغول.» وللأسف، وجدت هذه الاخت ان البعض، بدلا من تقدير حملها الزائد، قدَّموا ملاحظات غير حساسة مثل، «لماذا لست فاتحة؟» (امثال ١٢:١٨) فكم هو افضل ان نمدح الآخرين على ما يفعلونه بدلا من ان ننتقد عليهم ما لا يستطيعون فعله! — امثال ١٦:٢٤؛ ٢٥:١١.
لأنَّ المنتهى لم يأتِ بعد
١٨، ١٩ (أ) لماذا ليس هذا الوقت وقت التوقف عن الركض في السباق لنيل الحياة الابدية؟ (ب) اية نصيحة في حينها اعطاها الرسول بولس للمسيحيين في اورشليم؟
١٨ عندما يعرف العدَّاء انه اشرف على نهاية سباق طويل، لا يستسلم. ربما كان جسمه في اقصى درجات احتماله — منهكا، مرتفع الحرارة، ويعوزه الماء — ولكن لأنه قريب من النهاية، ليس الوقت وقت التوقف عن الركض. وبشكل مماثل، نحن كمسيحيين في سباق لنيل جائزة الحياة، ونحن قريبون جدا من خط النهاية. فليس الوقت الآن وقت التوقف عن الركض! — قارنوا ١ كورنثوس ٩:٢٤؛ فيلبي ٢:١٦؛ ٣:١٣، ١٤.
١٩ واجه المسيحيون في القرن الاول حالة مماثلة. فنحو السنة ٦١ بم كتب الرسول بولس الى المسيحيين في اورشليم. كان الوقت ينفد — «الجيل» الشرير، نظام الاشياء اليهودي المرتد، كان على وشك ان «يمضي.» والمسيحيون في اورشليم خصوصا كان يجب ان يكونوا متيقظين وأمناء؛ فكان يجب ان يهربوا من المدينة عندما يرونها محاطة بجيوش. (لوقا ٢١:٢٠-٢٤، ٣٢) ولذلك كانت نصيحة بولس الموحى بها في حينها: «لا تكلّوا وتخوروا في نفوسكم.» (عبرانيين ١٢:٣) استخدم الرسول بولس هنا فعلَين حيويَّين: «تكلّوا» (كامنو) و«تخوروا» ( إكليوماي). وبحسب احد علماء الكتاب المقدس، «استعمل أرسطو [هاتين الكلمتين اليونانيتين] للعدَّائين الذين يتراخون وينهارون بعد اجتيازهم خط النهاية. والقرّاء [قرّاء رسالة بولس] كانوا لا يزالون في السباق. فلا يجب ان يستسلموا قبل الاوان. ولا يجب ان يسمحوا بأن تخور قواهم وينهاروا من التعب. ومن جديد تُوجَّه الدعوة الى المثابرة في وجه المشقة.»
٢٠ لماذا نصيحة بولس هي في حينها لنا اليوم؟
٢٠ وكم هي في حينها نصيحة بولس لنا اليوم! ففي وجه الضغوط المتزايدة قد تكون هنالك اوقات نشعر فيها كعدَّاء منهك رجلاه على وشك الانهيار. ولكن لأننا قريبون جدا من خط النهاية لا يجب ان نستسلم! (٢ أخبار الايام ٢٩:١١، عج) فهذا تماما ما يريد خصمنا، ‹الاسد الزائر،› ان نفعله. ولسعادتنا، صنع يهوه تدابير تعطي «المُعيِي قدرة.» (اشعياء ٤٠:٢٩) أما ما هي هذه التدابير وكيف يمكننا ان نستفيد منها فهذا ما سنناقشه في المقالة التالية.
[الحاشيتان]
a مثلا، قد يجاهد البعض لضبط احدى السمات الشخصية المتأصلة عميقا، كالطبع الحاد، او للتغلب على مشكلة تتعلق بالعادة السرية. — انظروا استيقظ!، ٢٢ ايار ١٩٨٨، الصفحات ١٩-٢١، بالانكليزية؛ ٨ تشرين الثاني ١٩٨١، الصفحات ١٦-٢٠، بالانكليزية؛ وأسئلة يطرحها الاحداث — اجوبة تنجح، الصفحات ١٩٨-٢١١، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
b انظروا المقالة «ايها الشيوخ — فَوِّضوا!» في عدد ١٥ تشرين الاول ١٩٩٢ من برج المراقبة، الصفحات ٢٠-٢٣.
-
-
يهوه يعطي المعيي قدرةبرج المراقبة ١٩٩٥ | ١ كانون الاول (ديسمبر)
-
-
يهوه يعطي المعيي قدرة
«منتظرو (يهوه) . . . يجددون قوة. يرفعون اجنحة (كالعقبان).» — اشعياء ٤٠:٣١.
١، ٢ ماذا يعطي يهوه اولئك المتوكلين عليه، وماذا سنتأمل فيه الآن؟
العقبان هي بين اقوى طيور السماء. ويمكنها ان تحوِّم مسافات كبيرة حتى دون ان تصْفق بأجنحتها. و «ملك الطيور،» العقاب الذهبي، بجناحيه اللذين قد تبلغ بسطتهما اكثر من سبع اقدام (٢ م)، هو «احد اكثر العقبان اثارة للاعجاب على الاطلاق؛ وإذ يعتلي فوق التلال والسهول، يحلِّق ساعات فوق سلسلة جبال ثم يرتفع في حركة لولبية حتى يبدو وكأنه بقعة غامقة في السماء.» — دائرة معارف جمعية أُودُبُن لطيور اميركا الشمالية.
٢ كتب اشعياء، مفكِّرا في قدرات العقاب على الطيران: «[يهوه] يعطي المُعيِي قدرة ولعديم القوة يُكثِّر شدة. الغلمان يُعيُون ويتعبون والفتيان يتعثَّرون تعثُّرا. وأما منتظرو الرب فيجددون قوة. يرفعون اجنحة (كالعقبان). يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يُعيُون.» (اشعياء ٤٠:٢٩-٣١) كم هو معزٍّ ان نعرف ان يهوه يعطي المتوكلين عليه القدرة على الاستمرار، وكأنه يزوِّدهم بجناحي العقاب المحلِّق اللذين يبدو انهما لا يكلان! تأملوا الآن في بعض التدابير التي صنعها ليعطي المُعيِي قدرة.
قوة الصلاة
٣، ٤ (أ) علامَ حث يسوع تلاميذه؟ (ب) ماذا يمكن ان نتوقع ان يفعل يهوه استجابةً لصلواتنا؟
٣ حث يسوع تلاميذه ان «يُصلَّى كل حين ولا يُمَلّ.» (لوقا ١٨:١) وهل سكْب قلبنا امام يهوه يمكن ان يساعدنا حقا على تجديد القوة وتجنب الاستسلام عندما تبدو ضغوط الحياة ساحقة؟ نعم، ولكن هنالك امور يجب ان نبقيها نصب اعيننا.
٤ يجب ان نكون واقعيين في ما نتوقع ان يفعله يهوه استجابةً لصلواتنا. ذكرت امرأة مسيحية كانت قد غرقت في كآبة عميقة: «كما هي الحال مع الامراض الاخرى، لا يصنع يهوه العجائب في هذا الزمن. ولكنه يساعدنا على مواجهة الامر والشفاء الى الحد الذي نستطيعه في هذا النظام.» ثم اضافت موضحةً لماذا كانت صلواتها عاملا مهما: «كنت على اتصال ٢٤ ساعة في اليوم بروح يهوه القدوس.» وهكذا لا يحمينا يهوه من ضغوط الحياة التي يمكن ان تجعلنا مكتئبين، ولكنه «يعطي الروح القدس للذين يسألونه.» (لوقا ١١:١٣؛ مزمور ٨٨:١-٣) وهذا الروح يمكِّننا من مواجهة ايّ محنة او ضغط يمكن ان نصادفه. (١ كورنثوس ١٠:١٣) وإذا لزم الامر، يمنحنا «القدرة فوق ما هو عادي» لنحتمل الى ان يزيل ملكوت اللّٰه كل المشاكل المجهِدة في العالم الجديد القريب جدا. — ٢ كورنثوس ٤:٧، عج.
٥ (أ) لكي تكون صلواتنا فعَّالة، ايّ امرين هما حيويان؟ (ب) كيف يمكن ان نصلّي اذا كنا نحارب ضعفا في الجسد؟ (ج) ماذا ستبرهن ليهوه صلواتُنا الملحَّة والمحدَّدة؟
٥ ولكن لكي تكون صلواتنا فعَّالة، يجب ان نواظب ويجب ان نتكلم بالتحديد. (رومية ١٢:١٢) على سبيل المثال، اذا شعرتم بالاعياء احيانا لأنكم تحاربون ضعفا في الجسد، فعند مستهَلّ كل يوم اطلبوا من يهوه ان يساعدكم على تجنب الاستسلام لهذا الضعف المحدَّد خلال اليوم. وصلّوا بشكل مماثل في اثناء النهار، وقبل ان تخلدوا الى النوم كل ليلة. وإذا اختبرتم نكسة، فالتمسوا غفران يهوه، ولكن كلِّموه ايضا عما ادَّى الى النكسة وما يمكن ان تفعلوه لتجنب هذه الظروف في المستقبل. ومثل هذه الصلوات الملحَّة والمحدَّدة ستبرهن ‹لسامع الصلاة› صدق رغبتكم في كسب المعركة. — مزمور ٦٥:٢؛ لوقا ١١:٥-١٣.
٦ لماذا يمكن ان نتوقع بالصواب ان يسمع يهوه صلواتنا حتى عندما نشعر بأننا لسنا اهلا لنصلّي؟
٦ ولكن قد يشعر احيانا اولئك الذين صاروا مُعيِين بأنهم ليسوا اهلا ليصلّوا. ذكرت امرأة مسيحية كانت قد شعرت على هذا النحو: «هذا التفكير خطر جدا لأنه يعني اننا اخذنا على عاتقنا ان ندين انفسنا، ولكنَّ هذا ليس شأننا.» وفي الواقع، «اللّٰه هو الديَّان.» (مزمور ٥٠:٦) ويؤكد لنا الكتاب المقدس انه «إن لامتنا قلوبنا فاللّٰه اعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء.» (١ يوحنا ٣:٢٠) وكم هو معزٍّ ان نعرف انه عندما نعتبر انفسنا غير اهل لنصلّي، قد لا يشعر يهوه بهذه الطريقة نحونا! فهو «يعلم كل شيء» عنا، بما في ذلك ظروفنا الحياتية التي ربما جعلتنا نشعر بأننا غير اهل الى هذا الحد. (مزمور ١٠٣:١٠-١٤) ورحمته وعمق فهمه يدفعانه الى سماع الصلوات النابعة من ‹قلب منكسر ومنسحق.› (مزمور ٥١:١٧) وكيف يأبى ان يصغي الى صرخات استغاثتنا في حين انه يدين «مَن يسدّ اذنيه عن صراخ المسكين»؟ — امثال ٢١:١٣.
دفء معشر الإخوة
٧ (أ) ما هو التدبير الآخر الذي صنعه يهوه لمساعدتنا على تجديد القوة؟ (ب) معرفة ايّ امر عن معشر اخوتنا يمكن ان تقوِّينا؟
٧ والتدبير الآخر الذي صنعه يهوه لمساعدتنا على تجديد القوة هو معشر اخوتنا المسيحيين. ويا له من امتياز ثمين ان نكون جزءا من عائلة عالمية من الاخوة والاخوات! (١ بطرس ٢:١٧، عج) وعندما نكتئب بسبب ضغوط الحياة، يمكن ان يساعدنا دفء معشر اخوتنا على تجديد القوة. وكيف ذلك؟ ان المعرفة اننا لسنا وحدنا في مواجهة التحديات المجهِدة يمكن ان تكون بحد ذاتها امرا مقوِّيا. ولا شك ان هنالك بين اخوتنا وأخواتنا بعض الذين واجهوا ضغوطا او محنا مماثلة واختبروا مشاعر اشبه بتلك التي نختبرها نحن. (١ بطرس ٥:٩) ومن المطمئن ان نعرف ان ما نعانيه ليس غير شائع وأن مشاعرنا ليست غير عادية.
٨ (أ) ايّ مثالَين يظهران كيف يمكن ان نجد في معشر اخوتنا المعونة والتعزية اللازمتين جدا؟ (ب) بأية طريقة ساعدكم او عزاكم شخصيا ‹رفيق حقيقي›؟
٨ وفي دفء معشر الاخوة نجد ‹رفقاء حقيقيين› يمكن ان يزوِّدونا بالمعونة والتعزية اللازمتين جدا عندما نكون في شدة. (امثال ١٧:١٧، عج) وكل ما يلزم في اغلب الاحيان هو بعض الكلمات اللطيفة او التصرفات اللبقة. تتذكر امرأة مسيحية كافحت مشاعر عدم القيمة: «كان هنالك اصدقاء يتكلمون معي عن الامور الايجابية فيَّ لمساعدتي على التغلب على افكاري السلبية.» (امثال ١٥:٢٣) ووجدَت احدى الاخوات انه كان صعبا عليها في البداية ان ترنم ترانيم الملكوت في اجتماعات الجماعة بعد موت ابنتها الصغيرة، وخصوصا الترانيم التي تذكر القيامة. «ذات مرة،» تتذكر، «رأتني اخت كانت جالسة في الجانب الآخر وأنا ابكي. فأتت اليَّ، طوَّقتني بذراعها، ورنَّمت معي بقية الترنيمة. فشعرت بأنني افيض حبا للاخوة والأخوات وبأنني سعيدة جدا لأننا اتينا الى الاجتماعات، وأدركت ان مساعدتنا هي هنا في قاعة الملكوت.»
٩، ١٠ (أ) كيف يمكن ان نساهم في دفء معشر اخوتنا؟ (ب) مَن بشكل خصوصي يحتاجون الى المعاشرة السليمة؟ (ج) ماذا يمكننا ان نفعل لمساعدة الذين يحتاجون الى التشجيع؟
٩ طبعا، لدى كلٍّ منا مسؤولية المساهمة في دفء معشر الاخوة المسيحيين. لذلك يجب ان ‹تتَّسع› قلوبنا لتشمل كل اخوتنا وأخواتنا. (٢ كورنثوس ٦:١٣) وكم هو محزن ان يشعر الذين صاروا مُعيِين بأن محبة معشر الاخوة قد بردت نحوهم! ومع ذلك يخبر بعض المسيحيين انهم يشعرون بالوحدة والاهمال. ناشدت اخت يقاوم زوجها الحق قائلة: «مَن لا يتوق ويحتاج الى الصداقات البنَّاءة، التشجيع، والمعاشرة الحبية؟ من فضلكم ذكِّروا اخوتنا وأخواتنا بأننا بحاجة اليهم!» نعم، ان الذين تجعلهم ظروفهم الحياتية مكتئبين — الذين لديهم رفقاء زواج غير مؤمنين، الوالدون المتوحِّدون، الذين لديهم مشاكل صحية مزمنة، الاكبر سنًّا، وغيرهم — يحتاجون بشكل خصوصي الى المعاشرة السليمة. وهل يلزم تذكير البعض منا بذلك؟
١٠ وماذا يمكننا ان نفعل لنساعد؟ لنتَّسع في التعبير عن محبتنا. وعندما نصنع ضيافة، لا ننسَ المحتاجين الى التشجيع. (لوقا ١٤:١٢-١٤؛ عبرانيين ١٣:٢) وبدلا من ان نفترض ان ظروفهم تمنعهم من تلبية الدعوة، لِمَ لا ندعوهم على اية حال؟ ثم دعوهم يقررون. وحتى إن لم يكن في وسعهم ان يلبّوا الدعوة، فسيتشجعون دون شك بالمعرفة ان الآخرين يفكِّرون فيهم. وقد يكون هذا ما يلزمهم تماما لتجديد القوة.
١١ بأية طرائق قد يحتاج المكتئبون الى المساعدة؟
١١ وقد يكون المكتئبون بحاجة الى المساعدة بطرائق اخرى. فالأم المتوحِّدة، على سبيل المثال، قد تحتاج ان يهتم اخ ناضج بابنها اليتيم. (يعقوب ١:٢٧) والاخ، او الاخت، الذي يعاني مشكلة صحية خطيرة قد يلزمه شيء من المساعدة في التسوُّق او الاعمال المنزلية. والمسنّ قد يتوق الى شيء من الرفقة او يحتاج الى مساعدة للخروج في خدمة الحقل. وعندما تكون هنالك حاجة مستمرة الى مثل هذه المساعدة، يشكِّل ذلك في الحقيقة ‹اختبارا لإخلاص محبتنا.› (٢ كورنثوس ٨:٨) وبدلا من الابتعاد عن المحتاجين بسبب الوقت والجهد اللازمين، دعونا نجتاز امتحان المحبة المسيحية بكوننا حساسين ومتجاوبين مع حاجات الآخرين.
قوة كلمة اللّٰه
١٢ كيف تساعدنا كلمة اللّٰه على تجديد القوة؟
١٢ ان الشخص الذي يتوقف عن تناول الطعام، سرعان ما يفقد طاقته او قوته. وهكذا فإن الطريقة الاخرى التي بها يعطينا يهوه القوة لنستمر هي اهتمامه بأن نتغذى بشكل جيد روحيا. (اشعياء ٦٥:١٣، ١٤) وأيّ طعام روحي زوَّده؟ قبل كل شيء، كلمته، الكتاب المقدس. (متى ٤:٤؛ قارنوا عبرانيين ٤:١٢.) وكيف يمكن ان تساعدنا على تجديد القوة؟ عندما تبدأ الضغوط والمشاكل التي نواجهها باستنزاف طاقتنا، يمكن ان نستمد الطاقة من القراءة عن مشاعر الرجال والنساء الامناء في ازمنة الكتاب المقدس وعن كفاحاتهم التي هي من واقع الحياة. فمع انهم كانوا امثلة بارزة للاستقامة، فقد كانوا بشرا «(بمشاعر) مثلنا.» (يعقوب ٥:١٧؛ اعمال ١٤:١٥) وقد واجهوا محنا وضغوطا مماثلة لتلك التي نواجهها نحن. تأملوا في بعض الامثلة.
١٣ اية امثلة من الاسفار المقدسة تظهر ان الرجال والنساء الامناء في ازمنة الكتاب المقدس كانت لديهم مشاعر واختبارات كتلك التي لنا؟
١٣ حزن الاب الجليل ابراهيم بعمق على موت زوجته مع انه كان يؤمن بالقيامة. (تكوين ٢٣:٢؛ قارنوا عبرانيين ١١:٨-١٠، ١٧-١٩.) وشعر داود التائب بأن خطاياه جرَّدته من اهليته لخدمة يهوه. (مزمور ٥١:١١) وموسى كانت لديه مشاعر عدم الكفاءة. (خروج ٤:١٠) وصار أَبَفرودتس مكتئبا عندما انتشر الخبر ان مرضا خطيرا يحدّ نشاطه في «عمل (الرب.)» (فيلبي ٢:٢٥-٣٠) وكان على بولس ان يحارب ضد الجسد الساقط. (رومية ٧:٢١-٢٥) وأفودية وسنتيخي، اختان ممسوحتان في الجماعة في فيلبي، كانتا كما يبدو تجدان صعوبة في الانسجام معا. (فيلبي ١:١؛ ٤:٢، ٣) فكم هو مشجِّع ان نعرف ان هؤلاء الامناء كانت لديهم مشاعر واختبارات كتلك التي لنا، لكنهم لم يستسلموا! ولا تخلَّى يهوه عنهم.
١٤ (أ) اية اداة يستخدمها يهوه لمساعدتنا على استمداد الطاقة من كلمته؟ (ب) لماذا تحمل مجلتا برج المراقبة واستيقظ! في طياتهما مقالات حول مسائل اجتماعية، عائلية، وعاطفية؟
١٤ ولمساعدتنا على استمداد الطاقة من كلمته، يستخدم يهوه صف العبد الامين الحكيم لتزويدنا بفيض مستمر من «الطعام في حينه.» (متى ٢٤:٤٥) ولطالما استخدم العبد الامين مجلتَي برج المراقبة واستيقظ! للمدافعة عن حق الكتاب المقدس والمناداة بملكوت اللّٰه باعتباره الرجاء الوحيد للانسان. وخصوصا في العقود القليلة الماضية حملت هاتان المجلتان في طياتهما مقالات في حينها مؤسسة على الاسفار المقدسة حول التحديات الاجتماعية، العائلية، والعاطفية التي يصادفها حتى البعض من شعب اللّٰه. ولأيّ قصد تُنشَر مثل هذه المعلومات؟ بالتأكيد لمساعدة الذين يختبرون هذه التحديات على استمداد الطاقة والتشجيع من كلمة اللّٰه. ولكنَّ مثل هذه المقالات ايضا تساعدنا جميعا ان نفهم بشكل اوضح ما يعانيه بعض اخوتنا وأخواتنا. وهكذا نكون مجهَّزين بشكل افضل للاصغاء الى كلمات بولس: «تكلموا بمؤاساة الى النفوس الكئيبة، اسندوا الضعفاء، كونوا طويلي الاناة نحو الجميع.» — ١ تسالونيكي ٥:١٤، عج.
الشيوخ الذين هم ‹مخبأ من الريح›
١٥ بماذا تنبأ اشعياء عن الذين يخدمون كشيوخ، وأية مسؤولية يلقيها ذلك على عاتقهم؟
١٥ زوَّد يهوه شيئا آخر لمساعدتنا عندما نصير مُعيِين — شيوخ الجماعة. وعن هؤلاء كتب النبي اشعياء: «(كل واحد لا بد ان يكون) كمخبإ من الريح وستارة من السيل كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في ارض مُعيِية.» (اشعياء ٣٢:١، ٢) اذًا، لدى الشيوخ مسؤولية بلوغ ما انبأ به يهوه عنهم. ‹(لا بد ان يكونوا)› مصادر تعزية وانتعاش للآخرين ويكونوا مستعدين ان ‹يحملوا بعضهم اثقال [او، «الاشياء المرهقة»؛ حرفيا، «الاشياء الثقيلة»] بعض.» (غلاطية ٦:٢، حاشية عج) وكيف يمكنهم ان يفعلوا ذلك؟
١٦ ماذا يمكن ان يفعل الشيوخ لمساعدة الشخص الذي يشعر بأنه غير اهل لأن يصلّي؟
١٦ كما ذُكر سابقا، قد يشعر المُعيِي بأنه غير اهل لأن يصلّي. فماذا يمكن ان يفعل الشيوخ؟ يمكنهم ان يصلّوا مع الشخص ومن اجله. (يعقوب ٥:١٤) فمجرد الطلب من يهوه، على مَسْمع من المُعيِي، ان يساعد هذا الشخص ان يفهم كم هو محبوب من يهوه ومن الآخرين، يكون دون شك امرا معزِّيا. والاستماع الى صلاة الشيخ الحارة النابعة من القلب يمكن ان يساعد على تقوية ثقة الشخص المكتئب. ويمكن مساعدته على التفكير انه اذا كان الشيوخ واثقين بأن يهوه سيستجيب الصلوات من اجله، فحينئذٍ بإمكانه ان يشترك في هذه الثقة.
١٧ لماذا يجب ان يكون الشيوخ مستمعين متعاطفين؟
١٧ تقول يعقوب ١:١٩: «ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم.» ولمساعدة المُعيِين على تجديد القوة، يجب ان يكون الشيوخ ايضا مستمعين متعاطفين. ففي بعض الحالات قد يصارع اعضاء الجماعة مشاكل او ضغوطا لا يمكن حلّها في نظام الاشياء هذا. وعندئذٍ قد يكون ما يحتاجون اليه ليس حلًّا معيَّنا «يصلح» مشكلتهم، بل فقط ان يتكلموا الى مستمع جيد — شخص لا يقول لهم كيف يُفترَض ان يشعروا بل يسمع دون ان يدين. — لوقا ٦:٣٧؛ رومية ١٤:١٣.
١٨، ١٩ (أ) كيف يساعد الاسراع في الاستماع الشيخ على تجنب جعل حِمل الشخص المُعيِي اثقل ايضا؟ (ب) ماذا ينتج عندما يُظهِر الشيوخ ‹الحس الواحد›؟
١٨ فيا ايها الشيوخ، ان كونكم مسرعين في الاستماع يساعدكم على تجنب جعل حِمل الشخص المُعيِي اثقل ايضا دون ان تدروا. على سبيل المثال، اذا فوَّت اخ او اخت بعض الاجتماعات او تباطأ في خدمة الحقل فهل هو بحاجة حقا الى مشورة ليفعل المزيد في الخدمة او ليكون قانونيا اكثر في الاجتماعات؟ ربما. ولكن هل انتم على عِلم بالوضع كله؟ هل هنالك مشاكل صحية متزايدة؟ هل تغيَّرت مؤخرا المسؤوليات العائلية؟ هل هنالك ظروف او ضغوط اخرى تجعل الشخص كئيبا؟ وتذكَّروا ان الشخص ربما كان يشعر بذنب كبير بسبب عدم تمكنه من فعل المزيد.
١٩ اذًا، كيف يمكنكم ان تساعدوا الاخ او الاخت؟ قبل ان تتوصَّلوا الى الاستنتاجات وتقدِّموا النصيحة، أَصغوا! (امثال ١٨:١٣) وبأسئلة مميِّزة ‹استقوا› مشاعر الشخص القلبية. (امثال ٢٠:٥) لا تتجاهلوا هذه المشاعر — أَقرّوا بها. فالمُعيِي قد يكون محتاجا الى مَن يطمئنه ان يهوه يهتم بنا ويفهم ان ظروفنا قد تكبِّلنا احيانا. (١ بطرس ٥:٧) وعندما يُظهِر الشيوخ مثل هذا ‹الحس الواحد،› ‹سيجد› المُعيُون ‹انتعاشا لنفوسهم.› (١ بطرس ٣:٨؛ متى ١١:٢٨-٣٠، عج) وعندما يجدون انتعاشا كهذا، لن يحتاجوا الى مَن يوصيهم بفعل المزيد؛ فقلوبهم ستدفعهم الى فعل كل ما يستطيعون بشكل معقول ان يفعلوه في خدمة يهوه. — قارنوا ٢ كورنثوس ٨:١٢؛ ٩:٧.
٢٠ مع اقتراب نهاية هذا الجيل الشرير الوشيكة، علامَ يجب ان نصمِّم؟
٢٠ حقا، اننا نحيا في اقسى زمن في كل التاريخ البشري. وضغوط العيش في عالم الشيطان تزداد كلما اوغلنا اكثر في وقت النهاية. تذكَّروا ان ابليس، كأسد يصطاد، ينتظر ان نُعيِي ونستسلم لكي يستغلنا كطريدة سهلة. وكم نحن شاكرون ان يهوه يعطي المُعيِي قدرة! فلنستفِد كاملا من التدابير التي صنعها لنا لمنحنا القدرة على الاستمرار، وكأنه يزوِّدنا بالجناحَين الجبارَين لعقاب محلِّق. وإذ تكون نهاية هذا الجيل الشرير قريبة جدا، ليس الوقت الآن وقت التوقف عن الركض في سباقنا لنيل الجائزة — الحياة الابدية. — عبرانيين ١٢:١.
-