-
الصفحة ٢استيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
الصفحة ٢
الجمال، التنوُّع، والتصميم في الخليقة قادت كثيرين الى الايمان بأنه يجب ان يكون هنالك خالق ذكي. ومع ذلك، بالنسبة الى آخرين كثيرين، فان اكبر معثرة لايمانهم باللّٰه هي وجود الالم والشر في العالم. واذا كان ‹اللّٰه محبة،› فلماذا يدع الكثير جدا من الامور الرديئة تحدث للصالحين؟ هل هنالك اسباب وجيهة لسماح اللّٰه بالشر؟ وهل هنالك سبب للاعتقاد ان الشر سينتهي في المستقبل القريب؟
-
-
لماذا تحدث الامور الرديئة للصالحين؟استيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
لماذا تحدث الامور الرديئة للصالحين؟
عند سفح بركان سان سلفادور في السلفادور تجثم بلدة سان رامون. وفي صباح ١٩ ايلول ١٩٨٢ ضربتها ثلاث موجات هائلة من الوحل. واذ تغذَّت بالامطار الغزيرة كانت الموجة الاولى بارتفاع حوالى طابقين وحملت صخورا ضخمة وجذوع اشجار. واذ صنعت واديا ضيقا بعمق ١٦٠ قدما وعرض ٢٥٠ قدما انحدرت من جانب البركان، مكتسبة باندفاعها زخما وحجما. وببلوغها القاعدة خبطت البيوت الطوبية في طريقها.
انهار بيت آنّا تحت وطأة الموجة القاسية في لحظة مرعبة. فتمسكت بنات آنّا بها وصرخت، «صلّي لاجلنا!» ثم ابتلعهنّ الوحل . . .
ولكن، بالصدفة، استقرت قرميدة من السطح امام وجه آنّا، تاركة لها بعض الفراغ للتنفس. «ظللت اصرخ وأصرخ طلبا للعون،» تقول. وبعد حوالى اربع ساعات سمع الجيران صراخها وشرعوا في تخليصها. لقد وُجدت مدفونة في الوحل حتى إبطيها، وجثث بناتها مضغوطة نحوها في الوحل الخانق.
كان سكان سان رامون متواضعين ووديين. وكان بين الاموات عدد من المسيحيين المنتذرين، بمن فيهم اثنان متزوجان حديثا، ميغيل وسسيليا، وعائلة من خمسة وُجدت جثثهم متشابكة في عناق.
ولكنّ البليّة لا تميز بين الصالحين والطالحين، حقيقة يجد كثيرون انه من الصعب ان يوفِّقوا بينها وبين الايمان باله محب. ‹ايّ نوع من الآلهة،› يسألون، ‹يدع مثل هذه الخسارة غير الضرورية للحياة تقع؟ او بقدر ما يتعلق الامر بذلك، كيف يمكن لاله كلي القدرة ان يشاهد المسنين يصبحون بلا مأوى، العائلات الكادحة تفقد مُدَّخرات عمرها، الشبان والشابات في ريعان حياتهم يُصابون بأسقام مميتة — ولا يفعل شيئا؟›
هارولد س. كوشنر، احد الربابنة اليهود، طرح مثل هذه الاسئلة عندما علم ان ابنه سيموت بمرض نادر. والظلم الرابك لهذا حيَّر كوشنر. «كنت شخصا صالحا،» يتذكَّر. «حاولت ان افعل ما هو صواب في نظر اللّٰه. . . . اعتقدت انني كنت اتبع طرق اللّٰه وأقوم بعمله. فكيف امكن ان يحدث هذا لعائلتي؟» ومن بحثه عن الاجوبة اتى كتابه الشعبي «عندما تحدث الامور الرديئة للصالحين.»
كوشنر هو مجرد واحد من لاهوتيين كثيرين حاولوا ان يجيبوا عن السؤال، لماذا يسمح اللّٰه بالشر. وفي الواقع، احال الانسان اللّٰه الى المحاكمة. وماذا كان القرار الذي وصل اليه كوشنر واللاهوتيون الآخرون؟ وهل قرارهم قرار عادل؟
-
-
كيف يفسِّر البعض سماح اللّٰه بالشراستيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
كيف يفسِّر البعض سماح اللّٰه بالشر
اللّٰه — مذنب ام بريء من تسبيب الألم البشري؟ يُلقي هذا السؤال ظلّه بصورة هائلة على البلايا، سواء كانت شخصية او على نطاق كبير كالتي في سان رامون. تقول المجلة البريطانية «الرُبْعية الانجيلية»: «احد اعظم العوائق في سبيل الايمان بإله كلي القدرة، كلي المحبة، هو وجود ألم غير مستحق حسب الظاهر في العالم.»
لذلك يستذنب البعض اللّٰه لسكوته عن الالم — ان لم يكن تسبيبه اياه فعلا. كتب اللاهوتي جون ك. روث: «التاريخ نفسه هو اتهام اللّٰه. . . . لا تستهينوا بما تقتضيه مسؤولية اللّٰه.»
ومع ذلك حاجّ ببلاغة مفكرون دينيون كثيرون منذ اوغسطين لمصلحة براءة اللّٰه. ووضع فيلسوف القرن السابع عشر ليبنتس اصطلاحا في محاولة ذلك: «العدالة الالهية» theodicy، او «تبرير اللّٰه.» — انظروا الصفحة ٦.
علم اللاهوت الحديث يأخذ موقف الشاهد
ان الجهود لتبرئة اللّٰه من استحقاق اللوم استمرت حتى الازمنة العصرية. وماري باكر إدي، مؤسسة «كنيسة العلم المسيحي،» حاولت ان تحل المشكلة بانكار وجود الشر اولا! وفي «العلم والصحة مع مفتاح الى الاسفار المقدسة،» كتبت: «اللّٰه . . . لم يصنع الانسان قط قابلا للخطية . . . لذلك، ليس الشر سوى وهم، وهو بلا اساس حقيقي.»
وقد عذر آخرون اللّٰه على اساس وجود فضيلة مفترضة في الالم. قال احد الربابنة ذات مرة: «يأتي الألم ليشرِّف الانسان، ليُنقِّي افكاره من الكبرياء والسطحية.» وعلى نحو مماثل، وضع بعض اللاهوتيين نظريات بأن الالم على الارض «ضروري لاعدادنا كشخصيات ادبية لحياة الملكوت السماوي المقبل.»
ولكن هل يعقل ان نؤمن بأن اللّٰه يجلب الكوارث او يسمح بها لكي ينقِّي الناس ويعاقبهم؟ بالتأكيد، ان اولئك الذين دُفنوا احياء في سان رامون نالوا فرصة زهيدة لتحسين نموهم الادبي. فهل ضحّى اللّٰه بهم لكي يلقّن الذين بقوا احياء درسا؟ وان كان الامر كذلك، فماذا كان الدرس؟
اذاً، على نحو يمكن فهمه، نال كتاب كوشنر «عندما تحدث الامور الرديئة للصالحين» اعجابا شعبيا. ولان مؤلفه عرف شخصيا اسى الألم حاول ان يعزِّي قراءه، مؤكدا لهم ان اللّٰه صالح. ولكن عندما وصل الامر الى تفسير سبب سماح اللّٰه بتألم الابرياء اتخذ تفكير كوشنر تحوُّلا غريبا. «اللّٰه يريد ان يحيا الابرار حياة سلمية سعيدة،» اوضح كوشنر، «ولكن حتى هو يعجز احيانا عن جلب ذلك.»
وهكذا اقترح كوشنر إلها ليس شريرا بل ضعيفا، الها الى حد ما اقل من قادر على كل شيء. مع ذلك، وعلى نحو غريب، شجَّع كوشنر قراءه ان يُصلّوا طلبا للعون الالهي. أما في ما يتعلق بكيفية قدرة هذا الاله الذي يُفترض انه محدود ان يكون ذا عون حقيقي فكوشنر غامض.
محاورة قديمة
وهكذا فشل مفكرو العالم الدينيون في الوصول الى دفاع مقنع لمصلحة اللّٰه وفي تقديم تعزية حقيقية لضحايا الشر. ولعل ما يجب ان يُحاكم هو علم اللاهوت وليس اللّٰه! لان هذه النظريات المتضاربة تردد صدى الحجج الجوفاء التي جرى التفوه بها قبل نحو اربعة آلاف سنة. ففي ذلك الوقت جرت محاورةٌ دارت حول آلام رجل يتقي اللّٰه اسمه ايوب، رجل غني ومشهور من بني المشرق صار ضحية سلسلة من البلايا. ففي تعاقب سريع تألم ايوب من خسارة غناه، موت اولاده، وبُلي اخيرا بمرض يثير الاشمئزاز. — ايوب ١:٣، ١٣-١٩؛ ٢:٧.
وأتى ثلاثة اصدقاء مزعومين لمساعدة ايوب. ولكن عوض ان يقدموا التعزية هاجموه بعلم اللاهوت. وكان جوهر حجتهم: ‹اللّٰه فعل بك هذا، يا ايوب! من الواضح انك تُعاقب على ارتكاب شيء خاطئ! واضافة الى ذلك فان اللّٰه لا يأتمن عبيده.› (ايوب ٤:٧-٩، ١٨) ولم يستطع ايوب ان يفهم لماذا اللّٰه، كما يظهر، ‹نصبه له غرضا.› (ايوب ١٦:١١، ١٢) ولفخره حافظ ايوب على استقامته ولم ينسب شرا الى اللّٰه مباشرة قط.
ومع ذلك فان معزّي ايوب ‹استذنبوا (اللّٰه)› في الواقع اذ لمَّحوا الى ان كل متألم من بلية انما يُعاقب على فعل الشر. (ايوب ٣٢:٣، عج) ولكنّ اللّٰه قوَّم سريعا وجهات نظرهم الخاطئة.
-
-
فحص الشر من اوغسطين الى كالفناستيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
فحص الشر من اوغسطين الى كالفن
في كتابه «مدينة اللّٰه» حاجّ لاهوتي القرن الخامس اوغسطين بأن الانسان، وليس اللّٰه، مسؤول عن وجود الشر. كتب اوغسطين: «اللّٰه، منشئ السجايا لا الرذائل، خلق الانسان مستقيما؛ ولكنّ الانسان، اذ أُفسد بارادته الخاصة ودين بعدل، انجب اولادا فاسدين ومحكوما عليهم . . . وهكذا، من الاستعمال الرديء للارادة الحرة، نشأت هنالك سلسلة الشر كلها.»
ان الاستعمال الرديء للارادة الحرة قد يفسر الكثير من الشر، او معظمه، الذي عذَّب الناس. ولكن هل يمكن ان تُلام الارادة الحرة للانسان على كارثة كالتي في سان رامون؟ ألا تسبب ظروف خارج نطاق سيطرة الانسان حوادث مفجعة كثيرة؟ وحتى اذا اختار الانسان الشر طوعا، لماذا يسمح اله المحبة بأن يستمر الشر؟
في القرن الـ ١٦ آمن اللاهوتي البروتستانتي الفرنسي جون كالفن، مثل اوغسطين، بأن هنالك اولئك الذين «قُدِّر [من قِبل اللّٰه] ان يكونوا اولاد الملكوت السماوي وورثته.» ولكنّ كالفن تقدَّم بالامور خطوة اضافية، محاجّا بأن اللّٰه قدَّر ايضا لافراد ان يكونوا «نائلي سخطه» — محكوما عليهم باللعنة الابدية!
كان لعقيدة كالفن دلالات ضمنية مرعبة. فاذا عانى انسان ايّ نوع من النكبة، ألا يمكن ان يدل ذلك انه كان بين الملعونين؟ وفضلا عن ذلك، ألا يكون اللّٰه مسؤولا عن اعمال اولئك الذين قدَّر لهم؟ وهكذا جعل كالفن اللّٰه عن غير قصد خالق الخطية! وقال كالفن ان «الانسان يُخطئ بموافقة ارادة مبادِرة وميّالة جدا.» — «توجيهات في الايمان،» بواسطة جون كالفن.
ولكنّ مفاهيم الارادة الحرة والقَدر تَبرهَن بشكل ميؤوس منه انها لا تتلاءم. ولم يكن باستطاعة كالفن سوى تمويه التناقض الرابك بالادعاء ان «فظاظة فكرنا لم تستطع بالتأكيد تحمُّل وضوحٍ عظيمٍ، ولا صغرنا ادراك حكمة عظيمة» كالقَدر.
[الصورتان في الصفحة ٦]
اوغسطين
جون كالفن
-
-
الشر والالم — كيف سينتهيان؟استيقظ! ١٩٨٨ | تموز (يوليو) ٨
-
-
الشر والالم — كيف سينتهيان؟
الاختبارات المرّة تكدِّر في اغلب الاحيان. ولكن ماذا ان كان هنالك سبب معقول للالم البشري؟ اذ نبقي ذلك في اذهاننا، فلنتابع الرواية المتعلقة بأيوب. بعدما انقضت ثلاث جولات من المحاورة المرّة يتكلم شاب اسمه أليهو. ويقول لايوب: «قلتَ انا أبرّ من اللّٰه.» نعم، كان ايوب مهتما بنفسه وكان يبرر نفسه. يقول أليهو: «ها انك في هذا لم تصب. انا اجيبك. لان اللّٰه اعظم من الانسان.» — ايوب ٣٥:٢؛ ٣٣:٨-١٢.
ترك اللّٰه دليلا وافرا على انه صالح. (اعمال ١٤:١٧، رومية ١:٢٠) وهكذا هل يكون وجود الشر سببا لتحدي صلاح اللّٰه؟ يجيب أليهو: «حاشا للّٰه من الشر وللقدير من الظلم.» — ايوب ٣٤:١٠.
اللّٰه — عاجز امام الشر؟
اذاً، هل يعقل ان اللّٰه لم يكن قويا كفاية ليتدخل لمصلحة ايوب او ايّ امرئ آخر؟ على الضد من ذلك! فمن عاصفة مُرهبة يتكلم اللّٰه الآن عن نفسه، مؤكدا بقوةٍ قدرته على كل شيء. «اين كنتَ حين اسستُ الارض،» يسأل ايوب. وبعيدا عن كونه محدودا يتكلم عن نفسه بصفته ذاك الذي يستطيع ان يضبط البحار ويسيطر على السموات ومخلوقاتها الحية. — ايوب ٣٨:٤ و ٨-١٠، ٣٣؛ ٣٩:٩؛ ٤٠:١٥؛ ٤١:١.
صحيح ان اللّٰه لا يشرح لايوب سبب سماحه بأن يتألم. ولكن «هل يخاصمُ القديرَ موبخُه،» يسأل اللّٰه. «لعلك تناقض (عدلي). تستذنبني لكي تتبرر انت.» (ايوب ٤٠:٢، ٨) اذاً، كم يكون اجتراء لوم اللّٰه على علل العالم او صنع دفاعات فلسفية عنه! وكما يندفع ايوب الآن الى العمل، يحسن بمثل هؤلاء ان ‹يرفضوا› نظرياتهم المتناقضة. — ايوب ٤٢:٦.
قضايا يلزم بتّها
لم يدرك ايوب ان آلامه شملت عددا من القضايا البارزة التي كانت قد أُثيرت بعد وقت قصير من خلق الانسان. ففي ذلك الوقت قاد مخلوق روحاني متمرد يدعى الشيطان («مقاوم») الانسان الى الخطية. وكان اللّٰه قد اوصى آدم وحواء ان يتجنبا الاكل من «شجرة معرفة الخير والشر.» فكان عليهما ان يحترما حق اللّٰه في تقرير ما هو خير او شر لهما. ولكنّ المقاوِم زرع شكوكا في فكر حواء قائلا: «أحقا قال اللّٰه لا تأكلا من كل شجر الجنة.» ثم ناقض اللّٰه: «لن تموتا. بل اللّٰه عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كاللّٰه عارفين الخير والشر.» — تكوين ٢:١٧؛ ٣:١-٥.
اثارت كلمات الشيطان المفترية قضايا عظيمة: هل كان اللّٰه كاذبا عندما حكم بالموت للاكل من الثمرة المحرمة؟ ورغم ذلك، ايّ حق كان له في ان يسلب خلائقه الاستقلال ويفرض عليهم مقاييسه؟ ألم يكن الها انانيا، مانعا ما هو خير عن خلائقه؟ وهل كان يمكن ان يصير الاستقلال عن اللّٰه مرغوبا فيه؟
ان القضاء على المتمردين لم يكن ليفعل اكثر من اثارة اسئلة اضافية. وفقط بترك الاستقلال عن اللّٰه يمضي دون رادع يمكن البرهان — مرة والى الابد — ان عرض الشيطان للاستقلال هو دعوة الى كارثة. نعم، «العالم كله قد وُضع في الشرير،» الشيطان ابليس، لا في اللّٰه. (١ يوحنا ٥:١٩) والمرض، الظلم، العبودية الاقتصادية، وجع القلب — كل هذه هي ثمار اختيار الانسان الاستقلال عن اللّٰه والصيرورة تحت الحكم الشيطاني! ورغم كل تقدم تكنولوجي، تستمر احوال العالم في الصيرورة اردأ — وفي اغلب الاحيان بسبب التقدم التكنولوجي.
ولكنّ احتمال اللّٰه لكل هذه التعاسة التي تفوق الوصف لا يجعله غير بار. وعلى الضد من ذلك، ان اثم الانسان ‹بيّن برّ اللّٰه.› (رومية ٣:٥) كيف؟
الالم يُزال — الى الابد!
«كل الخليقة تئن وتتمخض معا الى الآن،» قال الرسول بولس. (رومية ٨:٢٢) نعم، ان ٠٠٠,٦ سنة مشؤومة من الاستقلال البشري قد اظهرت ان كلمات ارميا ١٠:٢٣ صحيحة: «ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته.» ولكن، قريبا، سيتدخل اللّٰه بطريقة بارة وسيبدأ بتوجيه شؤون الجنس البشري.
وبتشهير العواقب المفجعة للاستقلال البشري على نحو شامل جدا يستطيع اللّٰه آنذاك ان يزيل كل الامور التي سبَّبت الالم: الحروب، المرض، الجريمة، العنف — وحتى الموت نفسه! (مزمور ٤٦:٨، ٩، اشعياء ٣٥:٥، ٦، مزمور ٣٧:١٠، ١١، يوحنا ٥:٢٨، ٢٩؛ ١ كورنثوس ١٥:٢٦) وكما سمع الرسول يوحنا في رؤيا سماوية: «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لان الامور الاولى قد مضت.» — رؤيا ٢١:٣، ٤.
على نحو ممتع انهى اللّٰه آلام ايوب بردّ صحته وغناه وبمباركته بعائلة كبيرة. (ايوب ٤٢:١٠-١٧) وعلى نحو مشابه يعدنا الكتاب المقدس: «ان آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن . . . الخليقة نفسها ايضا ستُعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد اللّٰه.» (رومية ٨:١٨، ٢١) وهكذا سيُمحى الشر فعليا من ذاكرتنا! — قارنوا اشعياء ٦٥:١٧.
معايشة الشر
الى ان تأتي تلك الحرية يجب ان نحتمل العيش في عالم شرير، غير متوقعين ان يحمينا اللّٰه من البلية الشخصية. وقد اثار الشيطان ابليس رجاء باطلا عندما اغرى يسوع المسيح بأن يطرح نفسه من جناح الهيكل، مُحرِّفا نص الكتاب المقدس في المزمور ٩١:١٠-١٢، الذي يقول: «لا (تلاقيك بلية) . . . لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.» ولكنّ يسوع رفض اية فكرة لنيل حماية جسدية عجائبية. (متى ٤:٥-٧) فاللّٰه يعد بصون خيرنا الروحي فقط.
ولذلك فان المسيحيين الحقيقيين لا ‹يحنق قلبهم على يهوه› حتى عندما تنزل المأساة. (امثال ١٩:٣) لان «الوقت والعرض يلاقيان» المسيحيين ايضا. (جامعة ٩:١١) ومع ذلك، لسنا بلا رجاء. فلدينا رجاء العيش الى الابد في عالم جديد بار حيث لن يوجد شر في ما بعد. ونستطيع دائما ان نقترب الى يهوه اللّٰه بالصلاة، لانه يعد ان يهبنا الحكمة اللازمة لاحتمال اية تجربة! (يعقوب ١:٥) ونتمتع كذلك بدعم رفقائنا المسيحيين. (١ يوحنا ٣:١٧، ١٨) ولدينا المعرفة بأن امانتنا تحت التجربة تفرِّح قلب يهوه! — امثال ٢٧:١١.
ومع ذلك فان احتمال الشر ليس سهلا ابدا. ولذلك، عند تعزية امرئ في غمرة الالم، يحسن ان ‹نبكي مع الباكين› — ونقدِّم المساعدة العملية. (رومية ١٢:١٥) وهكذا جرت مساعدة آنّا، التي ذُكرت في البداية، لتتعافى من البلية. انها واحدة من شهود يهوه ووجدت ان رفقاءها المسيحيين كانوا اكثر من راغبين في المساعدة، مقدِّمين لها المبيت وقتيا. ومع انها تشعر من حين الى آخر باليأس، فهي تجد ملجأ في رجاء الكتاب المقدس. «اعرف ان اولادي سيرجعون في القيامة،» تذكر آنّا. ولذلك فان ايمانها باله الصلاح هو اقوى من ايّ وقت مضى.
فاذا كنتم تختبرون فترة ألم، اطلبوا من شهود يهوه ان يساعدوكم في اسئلتكم وشكوككم. ومنهم تستطيعون ايضا ان تحصلوا على كتاب «يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض،» الذي يتضمن الفصلين المساعدين، «لماذا سمح اللّٰه بالشر؟» و «انتم متورطون في قضية حيوية.» صحيح انه تحدث الآن امور رديئة للصالحين، ولكنّ ذلك كله سيتغيَّر قريبا. اكتشفوا لانفسكم تفاصيل اضافية بالاتصال بشهود يهوه في جواركم او اكتبوا الى ناشري هذه المجلة.
-