مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الصفحة ٢
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • الصفحة ٢

      الجمال،‏ التنوُّع،‏ والتصميم في الخليقة قادت كثيرين الى الايمان بأنه يجب ان يكون هنالك خالق ذكي.‏ ومع ذلك،‏ بالنسبة الى آخرين كثيرين،‏ فان اكبر معثرة لايمانهم باللّٰه هي وجود الالم والشر في العالم.‏ واذا كان ‹اللّٰه محبة،‏› فلماذا يدع الكثير جدا من الامور الرديئة تحدث للصالحين؟‏ هل هنالك اسباب وجيهة لسماح اللّٰه بالشر؟‏ وهل هنالك سبب للاعتقاد ان الشر سينتهي في المستقبل القريب؟‏

  • لماذا تحدث الامور الرديئة للصالحين؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • لماذا تحدث الامور الرديئة للصالحين؟‏

      عند سفح بركان سان سلفادور في السلفادور تجثم بلدة سان رامون.‏ وفي صباح ١٩ ايلول ١٩٨٢ ضربتها ثلاث موجات هائلة من الوحل.‏ واذ تغذَّت بالامطار الغزيرة كانت الموجة الاولى بارتفاع حوالى طابقين وحملت صخورا ضخمة وجذوع اشجار.‏ واذ صنعت واديا ضيقا بعمق ١٦٠ قدما وعرض ٢٥٠ قدما انحدرت من جانب البركان،‏ مكتسبة باندفاعها زخما وحجما.‏ وببلوغها القاعدة خبطت البيوت الطوبية في طريقها.‏

      انهار بيت آنّا تحت وطأة الموجة القاسية في لحظة مرعبة.‏ فتمسكت بنات آنّا بها وصرخت،‏ «صلّي لاجلنا!‏» ثم ابتلعهنّ الوحل .‏ .‏ .‏

      ولكن،‏ بالصدفة،‏ استقرت قرميدة من السطح امام وجه آنّا،‏ تاركة لها بعض الفراغ للتنفس.‏ «ظللت اصرخ وأصرخ طلبا للعون،‏» تقول.‏ وبعد حوالى اربع ساعات سمع الجيران صراخها وشرعوا في تخليصها.‏ لقد وُجدت مدفونة في الوحل حتى إبطيها،‏ وجثث بناتها مضغوطة نحوها في الوحل الخانق.‏

      كان سكان سان رامون متواضعين ووديين.‏ وكان بين الاموات عدد من المسيحيين المنتذرين،‏ بمن فيهم اثنان متزوجان حديثا،‏ ميغيل وسسيليا،‏ وعائلة من خمسة وُجدت جثثهم متشابكة في عناق.‏

      ولكنّ البليّة لا تميز بين الصالحين والطالحين،‏ حقيقة يجد كثيرون انه من الصعب ان يوفِّقوا بينها وبين الايمان باله محب.‏ ‹ايّ نوع من الآلهة،‏› يسألون،‏ ‹يدع مثل هذه الخسارة غير الضرورية للحياة تقع؟‏ او بقدر ما يتعلق الامر بذلك،‏ كيف يمكن لاله كلي القدرة ان يشاهد المسنين يصبحون بلا مأوى،‏ العائلات الكادحة تفقد مُدَّخرات عمرها،‏ الشبان والشابات في ريعان حياتهم يُصابون بأسقام مميتة —‏ ولا يفعل شيئا؟‏›‏

      هارولد س.‏ كوشنر،‏ احد الربابنة اليهود،‏ طرح مثل هذه الاسئلة عندما علم ان ابنه سيموت بمرض نادر.‏ والظلم الرابك لهذا حيَّر كوشنر.‏ «كنت شخصا صالحا،‏» يتذكَّر.‏ «حاولت ان افعل ما هو صواب في نظر اللّٰه.‏ .‏ .‏ .‏ اعتقدت انني كنت اتبع طرق اللّٰه وأقوم بعمله.‏ فكيف امكن ان يحدث هذا لعائلتي؟‏» ومن بحثه عن الاجوبة اتى كتابه الشعبي «عندما تحدث الامور الرديئة للصالحين.‏»‏

      كوشنر هو مجرد واحد من لاهوتيين كثيرين حاولوا ان يجيبوا عن السؤال،‏ لماذا يسمح اللّٰه بالشر.‏ وفي الواقع،‏ احال الانسان اللّٰه الى المحاكمة.‏ وماذا كان القرار الذي وصل اليه كوشنر واللاهوتيون الآخرون؟‏ وهل قرارهم قرار عادل؟‏

  • كيف يفسِّر البعض سماح اللّٰه بالشر
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • كيف يفسِّر البعض سماح اللّٰه بالشر

      اللّٰه —‏ مذنب ام بريء من تسبيب الألم البشري؟‏ يُلقي هذا السؤال ظلّه بصورة هائلة على البلايا،‏ سواء كانت شخصية او على نطاق كبير كالتي في سان رامون.‏ تقول المجلة البريطانية «الرُبْعية الانجيلية»:‏ «احد اعظم العوائق في سبيل الايمان بإله كلي القدرة،‏ كلي المحبة،‏ هو وجود ألم غير مستحق حسب الظاهر في العالم.‏»‏

      لذلك يستذنب البعض اللّٰه لسكوته عن الالم —‏ ان لم يكن تسبيبه اياه فعلا.‏ كتب اللاهوتي جون ك.‏ روث:‏ «التاريخ نفسه هو اتهام اللّٰه.‏ .‏ .‏ .‏ لا تستهينوا بما تقتضيه مسؤولية اللّٰه.‏»‏

      ومع ذلك حاجّ ببلاغة مفكرون دينيون كثيرون منذ اوغسطين لمصلحة براءة اللّٰه.‏ ووضع فيلسوف القرن السابع عشر ليبنتس اصطلاحا في محاولة ذلك:‏ ‏«العدالة الالهية» theodicy،‏ او «تبرير اللّٰه.‏» —‏ انظروا الصفحة ٦.‏

      علم اللاهوت الحديث يأخذ موقف الشاهد

      ان الجهود لتبرئة اللّٰه من استحقاق اللوم استمرت حتى الازمنة العصرية.‏ وماري باكر إدي،‏ مؤسسة «كنيسة العلم المسيحي،‏» حاولت ان تحل المشكلة بانكار وجود الشر اولا!‏ وفي «العلم والصحة مع مفتاح الى الاسفار المقدسة،‏» كتبت:‏ «اللّٰه .‏ .‏ .‏ لم يصنع الانسان قط قابلا للخطية .‏ .‏ .‏ لذلك،‏ ليس الشر سوى وهم‏،‏ وهو بلا اساس حقيقي.‏»‏

      وقد عذر آخرون اللّٰه على اساس وجود فضيلة مفترضة في الالم.‏ قال احد الربابنة ذات مرة:‏ «يأتي الألم ليشرِّف الانسان،‏ ليُنقِّي افكاره من الكبرياء والسطحية.‏» وعلى نحو مماثل،‏ وضع بعض اللاهوتيين نظريات بأن الالم على الارض «ضروري لاعدادنا كشخصيات ادبية لحياة الملكوت السماوي المقبل.‏»‏

      ولكن هل يعقل ان نؤمن بأن اللّٰه يجلب الكوارث او يسمح بها لكي ينقِّي الناس ويعاقبهم؟‏ بالتأكيد،‏ ان اولئك الذين دُفنوا احياء في سان رامون نالوا فرصة زهيدة لتحسين نموهم الادبي.‏ فهل ضحّى اللّٰه بهم لكي يلقّن الذين بقوا احياء درسا؟‏ وان كان الامر كذلك،‏ فماذا كان الدرس؟‏

      اذاً،‏ على نحو يمكن فهمه،‏ نال كتاب كوشنر «عندما تحدث الامور الرديئة للصالحين» اعجابا شعبيا.‏ ولان مؤلفه عرف شخصيا اسى الألم حاول ان يعزِّي قراءه،‏ مؤكدا لهم ان اللّٰه صالح.‏ ولكن عندما وصل الامر الى تفسير سبب سماح اللّٰه بتألم الابرياء اتخذ تفكير كوشنر تحوُّلا غريبا.‏ «اللّٰه يريد ان يحيا الابرار حياة سلمية سعيدة،‏» اوضح كوشنر،‏ «ولكن حتى هو يعجز احيانا عن جلب ذلك.‏»‏

      وهكذا اقترح كوشنر إلها ليس شريرا بل ضعيفا،‏ الها الى حد ما اقل من قادر على كل شيء.‏ مع ذلك،‏ وعلى نحو غريب،‏ شجَّع كوشنر قراءه ان يُصلّوا طلبا للعون الالهي.‏ أما في ما يتعلق بكيفية قدرة هذا الاله الذي يُفترض انه محدود ان يكون ذا عون حقيقي فكوشنر غامض.‏

      محاورة قديمة

      وهكذا فشل مفكرو العالم الدينيون في الوصول الى دفاع مقنع لمصلحة اللّٰه وفي تقديم تعزية حقيقية لضحايا الشر.‏ ولعل ما يجب ان يُحاكم هو علم اللاهوت وليس اللّٰه!‏ لان هذه النظريات المتضاربة تردد صدى الحجج الجوفاء التي جرى التفوه بها قبل نحو اربعة آلاف سنة.‏ ففي ذلك الوقت جرت محاورةٌ دارت حول آلام رجل يتقي اللّٰه اسمه ايوب،‏ رجل غني ومشهور من بني المشرق صار ضحية سلسلة من البلايا.‏ ففي تعاقب سريع تألم ايوب من خسارة غناه،‏ موت اولاده،‏ وبُلي اخيرا بمرض يثير الاشمئزاز.‏ —‏ ايوب ١:‏٣،‏ ١٣-‏١٩؛‏ ٢:‏٧‏.‏

      وأتى ثلاثة اصدقاء مزعومين لمساعدة ايوب.‏ ولكن عوض ان يقدموا التعزية هاجموه بعلم اللاهوت.‏ وكان جوهر حجتهم:‏ ‹اللّٰه فعل بك هذا،‏ يا ايوب!‏ من الواضح انك تُعاقب على ارتكاب شيء خاطئ!‏ واضافة الى ذلك فان اللّٰه لا يأتمن عبيده.‏› (‏ايوب ٤:‏٧-‏٩،‏ ١٨‏)‏ ولم يستطع ايوب ان يفهم لماذا اللّٰه،‏ كما يظهر،‏ ‹نصبه له غرضا.‏› (‏ايوب ١٦:‏١١،‏ ١٢‏)‏ ولفخره حافظ ايوب على استقامته ولم ينسب شرا الى اللّٰه مباشرة قط.‏

      ومع ذلك فان معزّي ايوب ‹استذنبوا (‏اللّٰه)‏› في الواقع اذ لمَّحوا الى ان كل متألم من بلية انما يُعاقب على فعل الشر.‏ (‏ايوب ٣٢:‏٣‏،‏ ع‌ج)‏ ولكنّ اللّٰه قوَّم سريعا وجهات نظرهم الخاطئة.‏

  • فحص الشر من اوغسطين الى كالفن
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • فحص الشر من اوغسطين الى كالفن

      في كتابه «مدينة اللّٰه» حاجّ لاهوتي القرن الخامس اوغسطين بأن الانسان،‏ وليس اللّٰه،‏ مسؤول عن وجود الشر.‏ كتب اوغسطين:‏ «اللّٰه،‏ منشئ السجايا لا الرذائل،‏ خلق الانسان مستقيما؛‏ ولكنّ الانسان،‏ اذ أُفسد بارادته الخاصة ودين بعدل،‏ انجب اولادا فاسدين ومحكوما عليهم .‏ .‏ .‏ وهكذا،‏ من الاستعمال الرديء للارادة الحرة،‏ نشأت هنالك سلسلة الشر كلها.‏»‏

      ان الاستعمال الرديء للارادة الحرة قد يفسر الكثير من الشر،‏ او معظمه،‏ الذي عذَّب الناس.‏ ولكن هل يمكن ان تُلام الارادة الحرة للانسان على كارثة كالتي في سان رامون؟‏ ألا تسبب ظروف خارج نطاق سيطرة الانسان حوادث مفجعة كثيرة؟‏ وحتى اذا اختار الانسان الشر طوعا،‏ لماذا يسمح اله المحبة بأن يستمر الشر؟‏

      في القرن الـ‍ ١٦ آمن اللاهوتي البروتستانتي الفرنسي جون كالفن،‏ مثل اوغسطين،‏ بأن هنالك اولئك الذين «قُدِّر [من قِبل اللّٰه] ان يكونوا اولاد الملكوت السماوي وورثته.‏» ولكنّ كالفن تقدَّم بالامور خطوة اضافية،‏ محاجّا بأن اللّٰه قدَّر ايضا لافراد ان يكونوا «نائلي سخطه» —‏ محكوما عليهم باللعنة الابدية!‏

      كان لعقيدة كالفن دلالات ضمنية مرعبة.‏ فاذا عانى انسان ايّ نوع من النكبة،‏ ألا يمكن ان يدل ذلك انه كان بين الملعونين؟‏ وفضلا عن ذلك،‏ ألا يكون اللّٰه مسؤولا عن اعمال اولئك الذين قدَّر لهم؟‏ وهكذا جعل كالفن اللّٰه عن غير قصد خالق الخطية!‏ وقال كالفن ان «الانسان يُخطئ بموافقة ارادة مبادِرة وميّالة جدا.‏» —‏ «توجيهات في الايمان،‏» بواسطة جون كالفن.‏

      ولكنّ مفاهيم الارادة الحرة والقَدر تَبرهَن بشكل ميؤوس منه انها لا تتلاءم.‏ ولم يكن باستطاعة كالفن سوى تمويه التناقض الرابك بالادعاء ان «فظاظة فكرنا لم تستطع بالتأكيد تحمُّل وضوحٍ عظيمٍ،‏ ولا صغرنا ادراك حكمة عظيمة» كالقَدر.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦]‏

      اوغسطين

      جون كالفن

  • الشر والالم —‏ كيف سينتهيان؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • الشر والالم —‏ كيف سينتهيان؟‏

      الاختبارات المرّة تكدِّر في اغلب الاحيان.‏ ولكن ماذا ان كان هنالك سبب معقول للالم البشري؟‏ اذ نبقي ذلك في اذهاننا،‏ فلنتابع الرواية المتعلقة بأيوب.‏ بعدما انقضت ثلاث جولات من المحاورة المرّة يتكلم شاب اسمه أليهو.‏ ويقول لايوب:‏ «قلتَ انا أبرّ من اللّٰه.‏» نعم،‏ كان ايوب مهتما بنفسه وكان يبرر نفسه.‏ يقول أليهو:‏ «ها انك في هذا لم تصب.‏ انا اجيبك.‏ لان اللّٰه اعظم من الانسان.‏» —‏ ايوب ٣٥:‏٢؛‏ ٣٣:‏٨-‏١٢‏.‏

      ترك اللّٰه دليلا وافرا على انه صالح.‏ (‏اعمال ١٤:‏١٧،‏ رومية ١:‏٢٠‏)‏ وهكذا هل يكون وجود الشر سببا لتحدي صلاح اللّٰه؟‏ يجيب أليهو:‏ «حاشا للّٰه من الشر وللقدير من الظلم.‏» —‏ ايوب ٣٤:‏١٠‏.‏

      اللّٰه —‏ عاجز امام الشر؟‏

      اذاً،‏ هل يعقل ان اللّٰه لم يكن قويا كفاية ليتدخل لمصلحة ايوب او ايّ امرئ آخر؟‏ على الضد من ذلك!‏ فمن عاصفة مُرهبة يتكلم اللّٰه الآن عن نفسه،‏ مؤكدا بقوةٍ قدرته على كل شيء.‏ «اين كنتَ حين اسستُ الارض،‏» يسأل ايوب.‏ وبعيدا عن كونه محدودا يتكلم عن نفسه بصفته ذاك الذي يستطيع ان يضبط البحار ويسيطر على السموات ومخلوقاتها الحية.‏ —‏ ايوب ٣٨:‏٤ و ٨-‏١٠،‏ ٣٣؛‏ ٣٩:‏٩؛‏ ٤٠:‏١٥؛‏ ٤١:‏١‏.‏

      صحيح ان اللّٰه لا يشرح لايوب سبب سماحه بأن يتألم.‏ ولكن «هل يخاصمُ القديرَ موبخُه،‏» يسأل اللّٰه.‏ «لعلك تناقض (‏عدلي)‏.‏ تستذنبني لكي تتبرر انت.‏» (‏ايوب ٤٠:‏٢،‏ ٨‏)‏ اذاً،‏ كم يكون اجتراء لوم اللّٰه على علل العالم او صنع دفاعات فلسفية عنه!‏ وكما يندفع ايوب الآن الى العمل،‏ يحسن بمثل هؤلاء ان ‹يرفضوا› نظرياتهم المتناقضة.‏ —‏ ايوب ٤٢:‏٦‏.‏

      قضايا يلزم بتّها

      لم يدرك ايوب ان آلامه شملت عددا من القضايا البارزة التي كانت قد أُثيرت بعد وقت قصير من خلق الانسان.‏ ففي ذلك الوقت قاد مخلوق روحاني متمرد يدعى الشيطان (‏«مقاوم»)‏ الانسان الى الخطية.‏ وكان اللّٰه قد اوصى آدم وحواء ان يتجنبا الاكل من «شجرة معرفة الخير والشر.‏» فكان عليهما ان يحترما حق اللّٰه في تقرير ما هو خير او شر لهما.‏ ولكنّ المقاوِم زرع شكوكا في فكر حواء قائلا:‏ «أحقا قال اللّٰه لا تأكلا من كل شجر الجنة.‏» ثم ناقض اللّٰه:‏ «لن تموتا.‏ بل اللّٰه عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كاللّٰه عارفين الخير والشر.‏» —‏ تكوين ٢:‏١٧؛‏ ٣:‏١-‏٥‏.‏

      اثارت كلمات الشيطان المفترية قضايا عظيمة:‏ هل كان اللّٰه كاذبا عندما حكم بالموت للاكل من الثمرة المحرمة؟‏ ورغم ذلك،‏ ايّ حق كان له في ان يسلب خلائقه الاستقلال ويفرض عليهم مقاييسه؟‏ ألم يكن الها انانيا،‏ مانعا ما هو خير عن خلائقه؟‏ وهل كان يمكن ان يصير الاستقلال عن اللّٰه مرغوبا فيه؟‏

      ان القضاء على المتمردين لم يكن ليفعل اكثر من اثارة اسئلة اضافية.‏ وفقط بترك الاستقلال عن اللّٰه يمضي دون رادع يمكن البرهان —‏ مرة والى الابد —‏ ان عرض الشيطان للاستقلال هو دعوة الى كارثة.‏ نعم،‏ «العالم كله قد وُضع في الشرير،‏» الشيطان ابليس،‏ لا في اللّٰه.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ والمرض،‏ الظلم،‏ العبودية الاقتصادية،‏ وجع القلب —‏ كل هذه هي ثمار اختيار الانسان الاستقلال عن اللّٰه والصيرورة تحت الحكم الشيطاني!‏ ورغم كل تقدم تكنولوجي،‏ تستمر احوال العالم في الصيرورة اردأ —‏ وفي اغلب الاحيان بسبب التقدم التكنولوجي.‏

      ولكنّ احتمال اللّٰه لكل هذه التعاسة التي تفوق الوصف لا يجعله غير بار.‏ وعلى الضد من ذلك،‏ ان اثم الانسان ‹بيّن برّ اللّٰه.‏› (‏رومية ٣:‏٥‏)‏ كيف؟‏

      الالم يُزال —‏ الى الابد!‏

      ‏«كل الخليقة تئن وتتمخض معا الى الآن،‏» قال الرسول بولس.‏ (‏رومية ٨:‏٢٢‏)‏ نعم،‏ ان ٠٠٠‏,٦ سنة مشؤومة من الاستقلال البشري قد اظهرت ان كلمات ارميا ١٠:‏٢٣ صحيحة:‏ «ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته.‏» ولكن،‏ قريبا،‏ سيتدخل اللّٰه بطريقة بارة وسيبدأ بتوجيه شؤون الجنس البشري.‏

      وبتشهير العواقب المفجعة للاستقلال البشري على نحو شامل جدا يستطيع اللّٰه آنذاك ان يزيل كل الامور التي سبَّبت الالم:‏ الحروب،‏ المرض،‏ الجريمة،‏ العنف —‏ وحتى الموت نفسه!‏ (‏مزمور ٤٦:‏٨،‏ ٩،‏ اشعياء ٣٥:‏٥،‏ ٦،‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١،‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٦‏)‏ وكما سمع الرسول يوحنا في رؤيا سماوية:‏ «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لان الامور الاولى قد مضت.‏» —‏ رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      على نحو ممتع انهى اللّٰه آلام ايوب بردّ صحته وغناه وبمباركته بعائلة كبيرة.‏ (‏ايوب ٤٢:‏١٠-‏١٧‏)‏ وعلى نحو مشابه يعدنا الكتاب المقدس:‏ «ان آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن .‏ .‏ .‏ الخليقة نفسها ايضا ستُعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد اللّٰه.‏» (‏رومية ٨:‏١٨،‏ ٢١‏)‏ وهكذا سيُمحى الشر فعليا من ذاكرتنا!‏ —‏ قارنوا اشعياء ٦٥:‏١٧‏.‏

      معايشة الشر

      الى ان تأتي تلك الحرية يجب ان نحتمل العيش في عالم شرير،‏ غير متوقعين ان يحمينا اللّٰه من البلية الشخصية.‏ وقد اثار الشيطان ابليس رجاء باطلا عندما اغرى يسوع المسيح بأن يطرح نفسه من جناح الهيكل،‏ مُحرِّفا نص الكتاب المقدس في المزمور ٩١:‏١٠-‏١٢‏،‏ الذي يقول:‏ «لا (‏تلاقيك بلية)‏ .‏ .‏ .‏ لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.‏» ولكنّ يسوع رفض اية فكرة لنيل حماية جسدية عجائبية.‏ (‏متى ٤:‏٥-‏٧‏)‏ فاللّٰه يعد بصون خيرنا الروحي فقط.‏

      ولذلك فان المسيحيين الحقيقيين لا ‹يحنق قلبهم على يهوه› حتى عندما تنزل المأساة.‏ (‏امثال ١٩:‏٣‏)‏ لان «الوقت والعرض يلاقيان» المسيحيين ايضا.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ ومع ذلك،‏ لسنا بلا رجاء.‏ فلدينا رجاء العيش الى الابد في عالم جديد بار حيث لن يوجد شر في ما بعد.‏ ونستطيع دائما ان نقترب الى يهوه اللّٰه بالصلاة،‏ لانه يعد ان يهبنا الحكمة اللازمة لاحتمال اية تجربة!‏ (‏يعقوب ١:‏٥‏)‏ ونتمتع كذلك بدعم رفقائنا المسيحيين.‏ (‏١ يوحنا ٣:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ ولدينا المعرفة بأن امانتنا تحت التجربة تفرِّح قلب يهوه!‏ —‏ امثال ٢٧:‏١١‏.‏

      ومع ذلك فان احتمال الشر ليس سهلا ابدا.‏ ولذلك،‏ عند تعزية امرئ في غمرة الالم،‏ يحسن ان ‹نبكي مع الباكين› —‏ ونقدِّم المساعدة العملية.‏ (‏رومية ١٢:‏١٥‏)‏ وهكذا جرت مساعدة آنّا،‏ التي ذُكرت في البداية،‏ لتتعافى من البلية.‏ انها واحدة من شهود يهوه ووجدت ان رفقاءها المسيحيين كانوا اكثر من راغبين في المساعدة،‏ مقدِّمين لها المبيت وقتيا.‏ ومع انها تشعر من حين الى آخر باليأس،‏ فهي تجد ملجأ في رجاء الكتاب المقدس.‏ «اعرف ان اولادي سيرجعون في القيامة،‏» تذكر آنّا.‏ ولذلك فان ايمانها باله الصلاح هو اقوى من ايّ وقت مضى.‏

      فاذا كنتم تختبرون فترة ألم،‏ اطلبوا من شهود يهوه ان يساعدوكم في اسئلتكم وشكوككم.‏ ومنهم تستطيعون ايضا ان تحصلوا على كتاب «يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض،‏» الذي يتضمن الفصلين المساعدين،‏ «لماذا سمح اللّٰه بالشر؟‏» و «انتم متورطون في قضية حيوية.‏» صحيح انه تحدث الآن امور رديئة للصالحين،‏ ولكنّ ذلك كله سيتغيَّر قريبا.‏ اكتشفوا لانفسكم تفاصيل اضافية بالاتصال بشهود يهوه في جواركم او اكتبوا الى ناشري هذه المجلة.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة