مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • أب وبنوه المتمرِّدون
    نبوة اشعيا —‏ نور لكل الجنس البشري الجزء ١
    • الفصل الثاني

      أب وبنوه المتمرِّدون

      اشعياء ١:‏​٢-‏٩

      ١،‏ ٢ اوضحوا كيف صار عند يهوه بنون متمرِّدون.‏

      كان معيلا سخيا لأولاده،‏ كما يفعل ايّ اب محب.‏ وقد حرص طوال سنوات على تأمين الغذاء واللباس والمسكن لهم.‏ وقام بتأديبهم عندما دعت الحاجة.‏ لكنه لم يبالغ قط في قصاصهم،‏ بل كان تأديبه دائما «الى الحد الملائم».‏ (‏ارميا ٣٠:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولا يسعنا إلا ان نتخيَّل الالم الكبير الذي شعر به هذا الاب المحب وهو يتفوَّه بهذه الكلمات:‏ ‏«ربَّيت بنين ونشَّأتهم.‏ أما هم فعصوا عليَّ».‏ —‏ اشعياء ١:‏٢ ب.‏

      ٢ البنون المتمرِّدون المشار اليهم هنا هم شعب يهوذا،‏ والاب المتألم هو يهوه اللّٰه.‏ وكم هذا مفجع!‏ فقد اعال يهوه سكان يهوذا ورفَّعهم الى مركز مرموق بين الامم.‏ يذكِّرهم لاحقا بواسطة النبي حزقيال:‏ «ألبستُكِ مطرَّزة ونعلتُكِ بالتُّخَس وأزَّرتُكِ بالكتان وكسوتُكِ بَزًّا».‏ (‏حزقيال ١٦:‏١٠‏)‏ لكنَّ معظم شعب يهوذا لا يملكون التقدير لما فعله يهوه من اجلهم،‏ بل يتمردون،‏ او يعصون،‏ عليه.‏

      ٣ لماذا يُشهِد يهوه السموات والارض على عصيان يهوذا؟‏

      ٣ ولسبب وجيه يستهل يهوه هذه الكلمات عن بنيه المتمرِّدين بهذا القول:‏ ‏«اسمعي ايتها السموات وأصغي ايتها الارض لأن الرب يتكلم».‏ (‏اشعياء ١:‏٢ أ‏)‏ فقبل قرون سمعت السموات والارض،‏ اذا جاز التعبير،‏ الاسرائيليين يتلقون تحذيرات واضحة من عواقب تمرُّدهم.‏ قال موسى:‏ «أُشهِد عليكم اليوم السماء والارض انكم تبيدون سريعا عن الارض التي انتم عابرون الاردن اليها لتمتلكوها».‏ (‏تثنية ٤:‏٢٦‏)‏ وفي ايام اشعيا،‏ يُشهِد يهوه السموات غير المنظورة والارض المنظورة على عصيان يهوذا.‏

      ٤ بماذا يشبِّه يهوه نفسه بالنسبة الى يهوذا؟‏

      ٤ تستدعي خطورة الوضع مواجهة صريحة.‏ ولكن حتى في هذا الظرف الملحّ،‏ من الملاحظ —‏ والمفرح ايضا —‏ ان يهوه لا يقول ان يهوذا مُلك له وإنه اشتراهم،‏ بل يشبِّه نفسه بأب محب لهم.‏ وفي الواقع،‏ يطلب يهوه من شعبه ان يتأملوا في المسألة من وجهة نظر اب يتألم بسبب بنيه العصاة.‏ وربما هذا ما يحصل شخصيا مع بعض الوالدين في يهوذا،‏ مما يجعلهم يتأثرون بهذا التشبيه.‏ على اية حال،‏ يوشك يهوه ان يبيِّن وقائع دعواه ضد يهوذا.‏

      الحيوانات العجماء تعرف افضل

      ٥ بالتباين مع اسرائيل،‏ بأية طريقة يعرب الثور والحمار عن نوع من الأمانة؟‏

      ٥ يقول يهوه بواسطة اشعيا:‏ ‏«الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه.‏ أما اسرائيل فلا يعرف.‏ شعبي لا يفهم [‏‏«لا يتصرف بفهم»،‏ ع‌ج‏]».‏ (‏اشعياء ١:‏٣‏)‏a الثور والحمار حيوانان يُستخدمان لجرّ الاثقال،‏ وهما معروفان عند سكان الشرق الاوسط.‏ ولم يكن سكان يهوذا لينكروا طبعا انه حتى هذان الحيوانان الوضيعان يعربان عن نوع من الامانة.‏ فهما يعرفان جيدا ان سيدا يملكهما.‏ وفي هذا الخصوص،‏ تأملوا في ما شاهده باحث في الكتاب المقدس في احدى مدن الشرق الاوسط في آخِر النهار:‏ «ما إن دخل القطيع اسوار المدينة حتى بدأ يتفرَّق.‏ كان كل ثور يعرف صاحبه تماما،‏ ويعرف ايضا الطريق الى بيته،‏ ولم يَضِل سبيله لحظة واحدة في متاهات الطرق الضيقة والمتعرجة.‏ أما الحمار فقد سار مباشرة الى الباب،‏ ومنه الى ‹مذود سيده›».‏

      ٦ كيف تصرَّف شعب يهوذا بعدم فهم؟‏

      ٦ بما ان مشاهد كهذه شائعة دون شك في ايام اشعيا،‏ فالفكرة من رسالة يهوه واضحة:‏ حتى الحيوان الاعجم يعرف سيده ومعلفه،‏ فأيّ عذر يعطيه شعب يهوذا ليتركوا يهوه؟‏ لقد ‹تصرَّفوا فعلا بعدم فهم› وكأنهم لا يدركون ان ازدهارهم ووجودهم يعتمد على يهوه.‏ واستمرار يهوه في دعوة سكان يهوذا «شعبي» دليل واضح على مدى رحمته.‏

      ٧ ما هي بعض الطرائق التي نُظهر بها اننا نقدِّر تدابير يهوه؟‏

      ٧ لذلك يحسن بنا ألا نتصرَّف ابدا بعدم فهم بعدم إظهار التقدير لكل ما فعله يهوه من اجلنا!‏ بل ينبغي ان نتمثَّل بالمرنِّم الملهم داود الذي قال:‏ «احمد الرب بكل قلبي.‏ احدِّث بجميع عجائبك».‏ (‏مزمور ٩:‏١‏)‏ والاستمرار في اخذ المعرفة عن يهوه سيشجعنا في هذا المجال،‏ لأن الكتاب المقدس يقول ان «معرفة القدوس فهم».‏ (‏امثال ٩:‏١٠‏)‏ والتأمل يوميا في بركات يهوه سيساعدنا ان نكون شاكرين ولا نستهين بأبينا السماوي.‏ (‏كولوسي ٣:‏١٥‏)‏ يقول يهوه:‏ ‏«ذابح الحمد يمجدني والمقوِّم طريقه أُريه خلاص اللّٰه».‏ —‏ مزمور ٥٠:‏٢٣ .‏

      إهانة فظيعة ‹لقدوس اسرائيل›‏

      ٨ لماذا يمكن القول عن شعب يهوذا انهم «الامة الخاطئة»؟‏

      ٨ يتابع اشعيا رسالته بالتفوُّه بهذه الكلمات القوية ضد امة يهوذا:‏ ‏«ويل للامة الخاطئة الشعب الثقيل الاثم نسل فاعلي الشر اولادِ مفسِدين.‏ تركوا الرب استهانوا بقدوس اسرائيل ارتدوا الى وراء».‏ (‏اشعياء ١:‏٤‏)‏ يمكن ان تتفاقم الافعال الشريرة حتى تصير كثقل ساحق.‏ وفي ايام ابراهيم وصف يهوه خطايا سدوم وعمورة بالقول انها «ثقُلت جدا».‏ (‏تكوين ١٨:‏٢٠‏،‏ ي‌ج‏)‏ وثمة شيء مماثل ظاهر الآن بين شعب يهوذا،‏ لأن اشعيا يقول ان الشعب «ثقيل الاثم».‏ وهو يدعوهم ايضا «نسل فاعلي الشر اولاد مفسدين».‏ نعم،‏ فسكان يهوذا هم كأولاد جانحين.‏ وقد «ارتدوا الى وراء»،‏ او كما تنقلها الترجمة القانونية المنقَّحة (‏بالانكليزية)‏،‏ «ابتعدوا كليا» عن ابيهم.‏

      ٩ ما هو مغزى عبارة «قدوس اسرائيل»؟‏

      ٩ يُظهر شعب يهوذا بعصيانهم انهم يستهينون جدا «بقدوس اسرائيل».‏ فماذا تعني هذه العبارة التي تَظهر ٢٥ مرة في سفر اشعياء؟‏ القدوس هو الطاهر والنقي.‏ ويهوه هو اقدس القدوسين.‏ (‏كشف ٤:‏٨‏)‏ ويتذكر الاسرائيليون هذا الامر كلما رأوا الكلمتَين المنقوشتَين على الصفيحة الذهبية التي كانت توضع على عمامة رئيس الكهنة:‏ «القداسة ليهوه».‏ (‏خروج ٣٩:‏٣٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا عندما يشير اشعيا الى يهوه بعبارة «قدوس اسرائيل»،‏ يشدِّد على مدى فداحة خطية يهوذا.‏ فهؤلاء المتمرِّدون ينتهكون بشكل مباشر الوصية التي أُعطيت لآبائهم:‏ «تتقدسون وتكونون قديسين لأني انا قدوس».‏ —‏ لاويين ١١:‏٤٤ .‏

      ١٠ كيف يمكن ان نتجنب الاستهانة «بقدوس اسرائيل»؟‏

      ١٠ يجب ان يبذل المسيحيون اليوم كل ما في وسعهم لكي لا يفعلوا مثلما فعلت يهوذا عندما استهانت «بقدوس اسرائيل».‏ ويجب ان يتمثَّلوا بقداسة يهوه.‏ (‏١ بطرس ١:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ ويلزم ان ‹يبغضوا الشر›.‏ (‏مزمور ٩٧:‏١٠‏)‏ فيمكن لممارسات نجسة كالفساد الادبي الجنسي،‏ الصنمية،‏ السرقة،‏ والسكر ان تفسد الجماعة المسيحية.‏ لهذا السبب يُفصل من الجماعة المسيحية مَن يرفض التوقف عن فعل هذه الامور.‏ وفي النهاية،‏ فإن جميع الذين يسلكون دون توبة في طريق نجس سيُحرمون من التمتع ببركات حكومة ملكوت اللّٰه.‏ نعم،‏ كل هذه الاعمال الشريرة هي إهانة فظيعة ‹لقدوس اسرائيل›.‏ —‏ روما ١:‏​٢٦،‏ ٢٧؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏​٦-‏١١؛‏ ٦:‏​٩،‏ ١٠ .‏

      مريض من القدم الى الرأس

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ صفوا حالة يهوذا السيئة.‏ (‏ب)‏ لماذا يجب ألا نأسف على حالة يهوذا؟‏

      ١١ ثم يحاول اشعيا ان يحاجّ شعب يهوذا بالاشارة الى حال مرضهم.‏ يقول:‏ ‏«على مَ تُضربون بعد.‏ تزدادون زيغانا».‏ ان اشعيا يسألهم في الواقع:‏ ‹ألم يكفِكم ما عانيتموه حتى الآن؟‏ لماذا تزيدون على انفسكم الضربات باستمراركم في التمرُّد؟‏›.‏ ويتابع اشعيا:‏ ‏«كل الرأس مريض وكل القلب سقيم.‏ من اسفل القدم الى الرأس ليس فيه صحة».‏ (‏اشعياء ١:‏​٥،‏ ٦ أ‏)‏ لقد صارت يهوذا مريضة بشكل يثير الاشمئزاز،‏ مريضة روحيا من الرأس الى القدم.‏ ويا له من تشخيص مريع!‏

      ١٢ هل ينبغي ان نأسف على حالة يهوذا؟‏ طبعا لا!‏ فقبل قرون حُذِّرت امة اسرائيل بكاملها من مغبَّة العصيان.‏ ومن الامور التي قيلت لها:‏ «يضربكَ الرب بقرح خبيث على الركبتين وعلى الساقين حتى لا تستطيع الشفاء من اسفل قدمك الى قمة رأسك».‏ (‏تثنية ٢٨:‏٣٥‏)‏ وبمعنى مجازي،‏ تعاني يهوذا نفس هذه العواقب الناجمة عن عنادها.‏ وكان من الممكن تجنُّب كل ذلك لو اطاع شعب يهوذا يهوه.‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ اية اصابات حلَّت بيهوذا؟‏ (‏ب)‏ هل كانت آلام يهوذا حافزا لها على اعادة النظر في مسلكها المتمرِّد؟‏

      ١٣ يتابع اشعيا وصفه لحالة يهوذا المزرية:‏ ‏«جرح وأحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت».‏ (‏اشعياء ١:‏٦ ب‏)‏ يشير النبي هنا الى ثلاثة انواع من الاصابات:‏ الجرح (‏الذي ينتج من ضربة سيف او سكين)‏،‏ الأحباط (‏تورُّمات ناجمة عن الضرب)‏،‏ والضربة الطرية (‏قرح جديد مفتوح يبدو غير قابل للشفاء)‏.‏ ينقل هذا الوصف صورة رجل عوقب بأشد الوسائل التي يتخيَّلها العقل بحيث لم يبقَ في جسمه مكان سليم.‏ لقد كانت يهوذا فعلا في حالة ميؤوس منها.‏

      ١٤ وهل تؤثر حالة يهوذا البائسة فيها وترجع الى يهوه؟‏ كلا!‏ فيهوذا تشبه المتمرِّد الموصوف في الامثال ٢٩:‏١‏:‏ «الكثير التوبُّخ المقسِّي عنقه بغتة يُكسَّر ولا شفاء».‏ فيبدو انه لا دواء لهذه الامة.‏ وبكلمات اشعيا،‏ جروحها «لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليَّن بالزيت».‏b فيهوذا تشبه الى حد ما تقرُّحا مفتوحا وغير مضمَّد يتفشى بكل الجسم.‏

      ١٥ بأية طرائق يمكن ان نحمي انفسنا من المرض الروحي؟‏

      ١٥ ويجب علينا ان نتعلم درسا من يهوذا ونحترز من المرض الروحي.‏ فيمكنه ان يؤثر في ايّ واحد منا كما يؤثر المرض الجسدي.‏ ومَن منا لا يتأثر بالرغبات الجسدية؟‏!‏ فقد يتأصل في قلوبنا الجشع والرغبة في المتعة الزائدة.‏ لذلك يلزم ان ندرِّب انفسنا على ان ‹نمقت ما هو شر› و ‹نلتصق بما هو صالح›.‏ (‏روما ١٢:‏٩‏)‏ ويلزم ايضا ان ننمي ثمر روح اللّٰه في كل يوم من حياتنا.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وهذا ما سيمكِّننا من تجنب الحالة التي انتشرت في يهوذا:‏ المرض الروحي من الرأس الى القدم.‏

      ارض خربة

      ١٦ (‏أ)‏ كيف يصف اشعيا حالة الارض في يهوذا؟‏ (‏ب)‏ لماذا يقول البعض ان هذه الكلمات قيلت على الارجح خلال حكم آحاز،‏ ولكن كيف يمكن ان نفهمها؟‏

      ١٦ ينتقل اشعيا الآن من التشبيه الطبي الى وصف حالة الارض في يهوذا.‏ وكما لو انه يحدِّق في سهل دارت فيه رحى معركة،‏ يقول:‏ ‏«بلادكم خربة.‏ مدنكم محرقة بالنار.‏ ارضكم تأكلها غرباء قدامكم وهي خربة كانقلاب الغرباء».‏ (‏اشعياء ١:‏٧‏)‏ يقول بعض العلماء ان هذه الكلمات،‏ مع انها موجودة في بداية سفر اشعياء،‏ ذُكرت في وقت متأخر من خدمة النبي،‏ ربما خلال حكم الملك الشرير آحاز.‏ فهم يؤكدون ان حكم عُزِّيَّا كان مزدهرا جدا بحيث لا يوجد مبرِّر ليُذكر هذا الوصف القاتم.‏ صحيح انه لا يمكن الجزم بما اذا ألّف اشعيا سفره بالترتيب الزمني،‏ لكنَّ كلماته عن الخراب نبوية على الارجح.‏ فمن المحتمل جدا ان اشعيا،‏ عند تفوُّهه بالكلمات المذكورة اعلاه،‏ يستخدم اسلوبا مستعملا في اماكن اخرى من الكتاب المقدس —‏ اسلوبا يعتمد على وصف حادث مستقبلي كما لو انه حدث،‏ وبهذه الطريقة يشدَّد على ان النبوة ستتمّ بالتأكيد.‏ —‏ قارنوا كشف ١١:‏١٥ .‏

      ١٧ لماذا لا ينبغي ان يفاجأ شعب يهوذا بالوصف النبوي للخراب؟‏

      ١٧ على اية حال،‏ لا يجب ان يفاجأ هذا الشعب العنيد والمتمرِّد بهذا الوصف النبوي عن خراب يهوذا.‏ فقبل قرون حذَّرهم يهوه من مغبَّة تمرُّدهم.‏ قال:‏ «أوحش الارض فيستوحش منها اعداؤكم الساكنون فيها.‏ وأذرِّيكم بين الامم وأجرِّد وراءكم السيف فتصير ارضكم موحشة ومدنكم تصير خربة».‏ —‏ لاويين ٢٦:‏​٣٢،‏ ٣٣؛‏ ١ ملوك ٩:‏​٦-‏٨ .‏

      ١٨-‏٢٠ متى تمَّت كلمات اشعياء ١:‏​٧،‏ ٨‏،‏ وبأيّ معنى ‹أبقى يهوه بقية صغيرة› في ذلك الوقت؟‏

      ١٨ تتم الكلمات في اشعياء ١:‏​٧،‏ ٨ كما يَظهر خلال الغزوات الاشورية التي تؤدي الى دمار اسرائيل وإلى دمار واسع ومعاناة في يهوذا.‏ (‏٢ ملوك ١٧:‏​٥،‏ ١٨؛‏ ١٨:‏​١١،‏ ١٣؛‏ ٢ أخبار الايام ٢٩:‏​٨،‏ ٩‏)‏ لكنَّ يهوذا لا تُمحى كليا من الوجود.‏ يقول اشعيا:‏ ‏«فبقيت ابنة صهيون كمظلة في كرم كخيمة في مقثأة كمدينة محاصرة».‏ —‏ اشعياء ١:‏٨ ‏.‏

      ١٩ وسط كل الخراب،‏ ستبقى «ابنة صهيون»،‏ اورشليم،‏ قائمة.‏ ولكنها ستبدو ضعيفة جدا،‏ مثل سقيفة في كرم او كوخ حارس في حقل قثاء.‏ وأثناء قيام احد العلماء برحلة على طول نهر النيل في القرن الـ‍ ١٩،‏ تذكَّر كلمات اشعيا عندما رأى سقائف مماثلة وصفها بأنها «اشبه بسياج واقف في وجه الريح الشمالية».‏ وفي يهوذا،‏ عند نهاية الحصاد،‏ كانت هذه المظلات تُترك لتتداعى وتسقط.‏ ولكن مع ان اورشليم ربما تبدو ضعيفة امام الجيش الاشوري الغازي،‏ فهي ستنجو.‏

      ٢٠ يختم اشعيا هذا الكلام النبوي بالقول:‏ ‏«لولا ان رب الجنود ابقى لنا بقية صغيرة لَصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة».‏ (‏اشعياء ١:‏٩‏)‏c فيهوه سيساعد يهوذا اخيرا ويجابه جبروت اشور.‏ وبخلاف سدوم وعمورة،‏ لن تُمحى يهوذا من الوجود،‏ بل ستبقى قائمة.‏

      ٢١ بعدما دمرت بابل اورشليم،‏ لماذا ‹أبقى يهوه بقية صغيرة›؟‏

      ٢١ بعد اكثر من ١٠٠ سنة،‏ تعرَّضت يهوذا مرة اخرى لخطر الاجتياح.‏ ولم يكن الشعب قد تعلّم من التأديب الموجَّه من خلال اشور.‏ «فكانوا يهزأون برسل اللّٰه ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه».‏ وبسبب ذلك «ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء».‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏١٦‏)‏ فقد اجتاح الحاكم البابلي نبوخذنصر يهوذا،‏ وهذه المرة لم يبقَ شيء «كمظلة في كرم».‏ حتى اورشليم دُمِّرت.‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٦:‏​١٧-‏٢١‏)‏ ومع ذلك،‏ ‹أبقى يهوه بقية صغيرة›.‏ فرغم ان يهوذا بقيت مسبية ٧٠ سنة،‏ حرص يهوه على ان تستمر الامة عموما والسلالة الداودية خصوصا،‏ التي منها يأتي المسيَّا الموعود به.‏

      ٢٢،‏ ٢٣ لماذا ‹أبقى يهوه بقية صغيرة› في القرن الاول؟‏

      ٢٢ وفي القرن الاول،‏ عانت اسرائيل آخر ازمة لها كشعب في عهد مع اللّٰه.‏ فعندما عرَّف يسوع بنفسه على انه المسيَّا الموعود به،‏ رفضته الامة،‏ فرفضهم يهوه.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣؛‏ ٢٣:‏​٣٧-‏٣٩؛‏ يوحنا ١:‏١١‏)‏ وهل كانت هذه آخر مرة يتعامل فيها يهوه مع امة خاصة على الارض؟‏ كلا.‏ فقد اظهر الرسول بولس ان اشعياء ١:‏٩ لها اتمام آخر ايضا.‏ كتب مقتبسا من الترجمة السبعينية:‏ «كما كان اشعيا قد قال سابقا:‏ ‹لو لم يترك لنا يهوه الجنود نسلا،‏ لَصرنا مثل سدوم وجُعلنا مثل عمورة›».‏ —‏ روما ٩:‏٢٩ .‏

      ٢٣ والناجون هذه المرة كانوا المسيحيين الممسوحين الذين آمنوا بيسوع المسيح.‏ كان هؤلاء في البداية يهودا مؤمنين.‏ وانضم اليهم لاحقا مؤمنون من الامم.‏ وشكّلوا معا اسرائيل جديدة،‏ «اسرائيل اللّٰه».‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦؛‏ روما ٢:‏٢٩‏)‏ وهذا ‹النسل› نجا من دمار نظام الاشياء اليهودي سنة ٧٠ ب‌م.‏ ولا يزال «اسرائيل اللّٰه» معنا اليوم.‏ وقد انضم اليه ملايين المؤمنين من الامم،‏ وهم يؤلفون ‹جمعا كثيرا لم يستطع احد ان يعدَّه،‏ من كل الامم والقبائل والشعوب والألسنة›.‏ —‏ كشف ٧:‏٩ .‏

      ٢٤ لأيّ شيء ينبغي ان ينتبه الجميع اذا ارادوا النجاة من اعظم ازمة ستحلّ بالجنس البشري؟‏

      ٢٤ سيواجه العالم قريبا معركة هرمجدون.‏ (‏كشف ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ ومع ان هذه المعركة ستسبِّب ازمة اعظم من الغزو الاشوري او البابلي ليهوذا،‏ وأعظم ايضا من التخريب الروماني لليهودية سنة ٧٠ ب‌م،‏ فسيبقى ناجون.‏ (‏كشف ٧:‏١٤‏)‏ فكم هو مهم ان يتأمل الجميع بإمعان في كلمات اشعيا ليهوذا!‏ فبسببها نجا المؤمنون آنذاك.‏ ويمكن ان ينجو بسببها المؤمنون في هذه الايام.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في هذه القرينة،‏ تشير «اسرائيل» الى مملكة يهوذا ذات السبطين.‏

      b تعكس كلمات اشعيا ممارسة طبية شائعة في ايامه.‏ يذكر الباحث في الكتاب المقدس ا.‏ ه‍.‏ پلامتر:‏ «كان الجرح المتقيِّح ‹يُختم› او ‹يُعصر› اولا للتخلص من القيح؛‏ وبعد ذلك،‏ كما في حالة حزقيا (‏في الاصحاح ٣٨ والعدد ٢١‏)‏،‏ كان ‹يُعصب› باستعمال كِمادة؛‏ وكان يُستعمل ايضا زيت او مرهم مليِّن،‏ او زيت وخمر كما هو مذكور في لوقا ١٠:‏٣٤ لتطهير القرحة».‏

      c يذكر التعليق على العهد القديم (‏بالانكليزية)‏،‏ بقلم ك.‏ ف.‏ كايل و ف.‏ ديليتش:‏ «يبلغ كلام النبي نقطة توقف هنا.‏ وما يشهد على تقسيمه عند هذه النقطة الى جزءين منفصلين هو وجود فسحة بين العددين ٩ و ١٠ في النص.‏ وهذه الطريقة المعتمدة لفصل الاجزاء الاكبر او الاصغر،‏ سواء بترك فُسَح او بعدم اكمال السطر،‏ هي اقدم من طريقة علامات التشكيل والنبر،‏ وتقوم على تقليد قديم جدا».‏

  • ‏‹هلمَّ نقوِّم الامور بيننا›‏
    نبوة اشعيا —‏ نور لكل الجنس البشري الجزء ١
    • الفصل الثالث

      ‏‹هلمَّ نقوِّم الامور بيننا›‏

      اشعياء ١:‏​١٠-‏٣١

      ١،‏ ٢ بمَن يشبِّه يهوه حكام وشعب اورشليم ويهوذا،‏ ولماذا هذا التشبيه مناسب؟‏

      ربما يشعر سكان اورشليم بميل الى تبرير انفسهم بعد سماع التنديد المسجَّل في اشعياء ١:‏​١-‏٩ .‏ ويسرُّهم دون شك ان يشيروا بافتخار الى مجموع الذبائح التي يقدِّمونها ليهوه.‏ لكنَّ الاعداد ١٠ الى ١٥ تروي ردَّ يهوه الصاعق على هذه المواقف.‏ وهو يستهله بالقول:‏ ‏«اسمعوا كلام الرب يا قضاة [‏‏«حكام»،‏ تف‏] سدوم.‏ اصغوا الى شريعة الهنا يا شعب عمورة».‏ —‏ اشعياء ١:‏١٠ ‏.‏

      ٢ لم تُدمَّر مدينتا سدوم وعمورة بسبب ممارساتهما الجنسية المنحرفة فحسب،‏ بل ايضا بسبب تحجُّرهما وتكبُّرهما.‏ (‏تكوين ١٨:‏​٢٠،‏ ٢١؛‏ ١٩:‏​٤،‏ ٥،‏ ٢٣-‏٢٥؛‏ حزقيال ١٦:‏​٤٩،‏ ٥٠‏)‏ ولا بد ان سامعي اشعيا يُصدمون لتشبيههم بشعب هاتين المدينتين الملعونتين.‏a لكنَّ يهوه يرى شعبه على حقيقتهم،‏ وإشعيا لا يلطّف رسالته لكي ‹يدغدغ آذانهم›.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏٣ .‏

      ٣ ماذا يقصد يهوه عندما يقول انه «اتَّخم» من ذبائح الشعب،‏ وما السبب؟‏

      ٣ لاحظوا كيف يشعر يهوه حيال عبادة شعبه الشكلية.‏ ‏«لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب.‏ اتَّخمت من محرقات كباش وشحم مسمَّنات.‏ وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسَرّ».‏ (‏اشعياء ١:‏١١‏)‏ لقد نسي الشعب ان يهوه لا يعتمد على ذبائحهم.‏ (‏مزمور ٥٠:‏​٨-‏١٣‏)‏ وهو لا يحتاج الى ايّ شيء يقدِّمه البشر.‏ لذلك اذا اعتقد الشعب انهم يُسْدون الى يهوه معروفا بتقدماتهم غير النابعة من صميم قلوبهم،‏ فإنهم لَمخطئون.‏ ويستعمل يهوه هنا استعارة قوية.‏ فهو يقول انه «اتَّخم».‏ هل سبق ان شعرتم بالاشمئزاز من منظر الطعام عندما تكون معدتكم مليئة جدا به؟‏ هذا ما شعر به يهوه حيال هذه التقدمات:‏ اشمئزاز شديد!‏

      ٤ كيف تشهِّر اشعياء ١:‏١٢ عدم جدوى حضور الشعب الى الهيكل في اورشليم؟‏

      ٤ ويتابع يهوه:‏ ‏«حينما تأتون لتظهروا امامي مَن طلب هذا من ايديكم ان تدوسوا دُوري».‏ (‏اشعياء ١:‏١٢‏)‏ أليست شريعة يهوه هي التي تطلب من الشعب ان ‹يَظهر امامه›،‏ اي ان يحضر الى هيكله في اورشليم؟‏ (‏خروج ٣٤:‏​٢٣،‏ ٢٤‏)‏ بلى،‏ لكنَّ قدومهم الى هناك هو مجرد اجراء شكلي،‏ تأدية روتينية لمتطلبات العبادة النقية بدون دوافع نقية.‏ والزيارات المتكررة لدُور يهوه هي في نظره مجرد ‹دوس›،‏ اذ انها لا تنجز شيئا سوى جعل الأرضية تبلى.‏

      ٥ ما هي بعض اعمال العبادة التي كان اليهود يحفظونها،‏ ولماذا صارت هذه «ثقلا» على يهوه؟‏

      ٥ لا عجب ان يتبنى يهوه الآن لهجة اشدّ!‏ ‏«لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة.‏ البخور هو مكرهة لي.‏ رأس الشهر والسبت ونداء المحفل.‏ لست اطيق الاثم [‏‏«استعمال القوة الخارقة»،‏ ع‌ج‏] والاعتكاف.‏ رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي.‏ صارت عليَّ ثقلا.‏ مللت [‏‏«تعبت من»،‏ ع‌ج‏] حملها».‏ (‏اشعياء ١:‏​١٣‏،‏ ١٤‏)‏ كانت التقدمات والبخور والسبوت والاعتكافات جزءا من شريعة اللّٰه المعطاة لإسرائيل.‏ أما ‹رؤوس الشهور› فقد امرت الشريعة بحفظها دون ذكر المزيد،‏ ولكن انتشرت تدريجيا تقاليد سليمة بشأن الاحتفال بها.‏ (‏عدد ١٠:‏١٠؛‏ ٢٨:‏١١‏)‏ فكان رأس الشهر يُعتبر سبتا شهريا،‏ وفيه يتوقف الشعب عن العمل ويجتمعون لتلقّي التعليم من الانبياء والكهنة.‏ (‏٢ ملوك ٤:‏٢٣؛‏ حزقيال ٤٦:‏٣؛‏ عاموس ٨:‏٥‏)‏ وليست هذه الاحتفالات خاطئة.‏ لكنَّ المشكلة هي انها تُحفظ لمجرد التباهي.‏ وعلاوة على ذلك،‏ يلجأ اليهود الى «القوة الخارقة»،‏ اي الممارسات الارواحية،‏ فيما يحفظون شريعة اللّٰه بطريقة صورية.‏b لذلك فإن اعمال عبادتهم ليهوه هي «ثقل» عليه.‏

      ٦ بأيّ معنى يصير يهوه ‹تعِبا›؟‏

      ٦ ولكن كيف يمكن ان ‹يتعب› يهوه؟‏ فله «كثرة القوة»،‏ وهو «لا يكل ولا يعيا».‏ (‏اشعياء ٤٠:‏​٢٦،‏ ٢٨‏)‏ يستعمل يهوه هنا صورة مجازية حية لنتمكن من فهم مشاعره.‏ فهل سبق ان حملتم شيئا ثقيلا لوقت طويل حتى بلغ منكم التعب كل مبلغ وأردتم ان تُنزلوه عن كاهلكم بأسرع ما يمكن؟‏ هكذا يشعر يهوه حيال اعمال العبادة الريائية التي يمارسها شعبه.‏

      ٧ لماذا لم يعد يهوه يسمع صلوات شعبه؟‏

      ٧ يتحدَّث يهوه الآن عن احمّ عمل بين كل اعمال العبادة.‏ ‏«حين تبسطون ايديكم استر عينيَّ عنكم وإن كثَّرتم الصلاة لا اسمع.‏ ايديكم ملآنة دما».‏ (‏اشعياء ١:‏١٥‏)‏ ان بسط الايدي،‏ بمدّ الذراعين وتوجيه الراحتين الى اعلى،‏ طريقة للتعبير عن التضرُّع.‏ لكنَّ هذه الوضعية صارت عند يهوه بلا معنى،‏ لأن ايدي هذا الشعب ملآنة دما.‏ فالعنف منتشر في الارض.‏ وتعوَّد الناس ظلم الضعيف.‏ انها لَوقاحة من جهة هذا الشعب الفاسد والاناني ان يصلي الى يهوه طلبا لبركاته.‏ فلا عجب ان يقول يهوه:‏ «لا اسمع».‏

      ٨ ايّ خطإ يرتكبه العالم المسيحي اليوم،‏ وكيف يسقط بعض المسيحيين في فخ مماثل؟‏

      ٨ والعالم المسيحي اليوم لم ينجح ايضا في نيل حظوة عند اللّٰه بتكراره الدائم للصلوات العقيمة وبأعماله الدينية الاخرى.‏ (‏متى ٧:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ ومن المهم جدا عدم السقوط في الفخ نفسه.‏ ففي بعض الاحيان يستسلم احد المسيحيين ويمارس خطية خطيرة،‏ ثم يقول في نفسه انه اذا كتم ما يفعله وكثَّف نشاطه في الجماعة المسيحية،‏ فستعوِّض افعاله عن خطيته.‏ لكنَّ هذه الاعمال الشكلية لا ترضي يهوه.‏ ولا علاج للمرض الروحي الا واحدا،‏ كما تُظهر الاعداد التالية من سفر اشعياء.‏

      علاج المرض الروحي

      ٩،‏ ١٠ ما اهمية الطهارة في عبادتنا ليهوه؟‏

      ٩ يتحدث الآن الاله الرؤوف يهوه بمزيد من الدفء والاسلوب الجذاب.‏ ‏«اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر افعالكم من امام عينيَّ كفوا عن فعل الشر تعلموا فعل الخير.‏ اطلبوا الحق انصفوا المظلوم [‏‏«فتّشوا عن العدل قوِّموا الظالم»،‏ ع‌ج‏] اقضوا لليتيم حاموا عن الارملة».‏ (‏اشعياء ١:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ نجد هنا تسع جمل طلبية بصيغة الامر.‏ والجمل الاربع الاولى سلبية بمعنى انها تقتضي ازالة الخطية،‏ في حين ان الجمل الخمس الاخيرة تأمر بفعل امور ايجابية تؤدي الى نيل بركة يهوه.‏

      ١٠ لطالما شكّل الاغتسال والنقاوة والطهارة جزءا مهما من العبادة النقية.‏ (‏خروج ١٩:‏​١٠،‏ ١١؛‏ ٣٠:‏٢٠؛‏ ٢ كورنثوس ٧:‏١‏)‏ لكنَّ يهوه يريد ان تصل النقاوة الى اعماق عبّاده،‏ الى صميم قلوبهم.‏ والاهم هو النقاوة الادبية والروحية،‏ وهذا ما يتحدث عنه يهوه.‏ وفِعلَا الامر المذكوران اولا في العدد ١٦ ليسا مجرد تكرار.‏ فثمة عالم بالنحو العبراني يقول ان الفعل الاول،‏ «اغتسلوا»،‏ يشير الى عمل التطهير الاولي،‏ في حين ان الفعل الثاني،‏ «تنقوا»،‏ يشير الى الجهود المستمرة التي تُبذل للمحافظة على هذه الطهارة.‏

      ١١ ماذا ينبغي ان نفعل لمحاربة الخطية،‏ وماذا ينبغي ألا نفعل؟‏

      ١١ لا يمكن ان نخفي شيئا عن يهوه.‏ (‏ايوب ٣٤:‏٢٢؛‏ امثال ١٥:‏٣؛‏ عبرانيين ٤:‏١٣‏)‏ لذلك عندما يأمر:‏ «اعزلوا شر افعالكم من امام عينيَّ»،‏ فهذا لا يعني سوى شيء واحد:‏ التوقف عن فعل الشر.‏ ويعني ذلك عدم محاولة إخفاء الخطايا الخطيرة،‏ لأن ذلك خطية بحد ذاته.‏ تحذر الامثال ٢٨:‏١٣ قائلة:‏ «مَن يكتم خطاياه لا ينجح ومَن يقر بها ويتركها يُرحَم».‏

      ١٢ (‏أ)‏ لماذا من المهم ‏‹تعلّم الخير›؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان يطبِّق الشيوخ خصوصا التوجيهات المتعلقة بـ‍ ‏‹التفتيش عن العدل› و ‹تقويم الظالم›؟‏

      ١٢ يمكننا تعلم الكثير من الافعال الايجابية التي يأمر بها يهوه في العدد ١٧ من اشعياء الاصحاح ١ ‏.‏ لاحظوا انه لا يقول «افعلوا الخير» بل ‏«تعلموا فعل الخير».‏ ويلزم ان يقوم المرء بدرس شخصي لكلمة اللّٰه ليعرف ما هو خير وصلاح في نظر اللّٰه ولتنمو عنده الرغبة في فعله.‏ ولا يقول يهوه ايضا «أجروا العدل»،‏ بل ‏«فتّشوا عن العدل».‏ فحتى الشيوخ ذوو الخبرة يلزم ان يفتّشوا كلمة اللّٰه جيدا ليعرفوا الاجراء الصائب والعادل الذي يلزم اتخاذه في بعض المسائل المعقدة.‏ ويجب عليهم ايضا ان ‹يقوِّموا الظالم›،‏ كما يأمر يهوه بعد ذلك.‏ وهذه التوجيهات مهمة للرعاة المسيحيين اليوم،‏ لأنه يجب ان يحموا الرعية من ‹الذئاب الجائرة›.‏ —‏ اعمال ٢٠:‏​٢٨-‏٣٠ .‏

      ١٣ كيف يمكن ان نطبّق اليوم الامرَين المتعلقَين باليتيم والارملة؟‏

      ١٣ وتتعلق جملتا الامر الاخيرتان ببعض اكثر الاشخاص حساسية بين شعب اللّٰه:‏ اليتامى والارامل.‏ فالعالم يميل الى استغلال هؤلاء،‏ وهذا ما لا يجب ان يحدث بين شعب اللّٰه.‏ فالشيوخ المحبون ‹يقضون› لليتامى في الجماعة اذ يحرصون على ان يُنصَفوا وينالوا الحماية في عالم يريد ان يستغلهم ويؤذيهم.‏ والشيوخ ‹يحامون› عن الارملة،‏ او ‹يجاهدون› من اجلها كما يمكن ان تعني الكلمة العبرانية ايضا.‏ وفي الواقع،‏ نريد نحن المسيحيين جميعا ان نوفّر الحماية والتعزية والعدل للمعوِزين بيننا لأنهم اعزّاء في نظر يهوه.‏ —‏ ميخا ٦:‏٨‏،‏ ع‌ج؛‏ يعقوب ١:‏٢٧ .‏

      ١٤ اية رسالة ايجابية تحملها اشعياء ١:‏​١٦،‏ ١٧‏؟‏

      ١٤ يا للرسالة الحازمة والايجابية التي تحملها هذه الاوامر التسعة من يهوه!‏ وممارسو الخطية يقنعون انفسهم احيانا بأنهم عاجزون عن فعل الصواب ولا حيلة لهم في تجنب ذلك.‏ لكنَّ هذه الافكار مثبِّطة،‏ وغير صحيحة ايضا.‏ فيهوه يعرف —‏ ويريد منا ان نعرف —‏ انه بمساعدته يمكن لكل خاطئ ان يكف عن سلوك طريق الخطية ويرجع ويفعل الصواب.‏

      مناشدة رقيقة وعادلة

      ١٥ كيف يُساء احيانا فهم عبارة ‹هلمَّ نقوِّم الامور بيننا›،‏ وماذا تعني في الحقيقة؟‏

      ١٥ يتكلم يهوه الآن بأسلوب اكثر دفئا ورقة ايضا.‏ ‏«هلمَّ نتحاجج [‏‏«نقوِّم الامور بيننا»،‏ ع‌ج‏] يقول الرب.‏ إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضُّ كالثلج.‏ إن كانت حمراء كالدوديّ [‏‏«كالارجوان»،‏ ي‌ج‏] تصير كالصوف».‏ (‏اشعياء ١:‏١٨‏)‏ غالبا ما يُساء فهم الدعوة التي يُستهل بها هذا العدد الجميل.‏ مثلا،‏ تقول الترجمة اليسوعية الجديدة:‏ «تعالوا نتناقش»،‏ كما لو انه يجب ان يقوم الطرفان بتنازلات للتوصل الى اتفاق.‏ لكنَّ الامر ليس كذلك!‏ فيهوه ليس مذنبا بشيء،‏ وخصوصا في تعاملاته مع هذا الشعب المتمرد والمرائي.‏ (‏تثنية ٣٢:‏​٤،‏ ٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ لذلك لا تتحدث الآية عن اخذ وردّ بين نِدَّين بل عن محكمة ملتئمة لإقامة العدل.‏ فالامر كما لو ان يهوه يستدعي اسرائيل الى المحاكمة.‏

      ١٦،‏ ١٧ كيف نعرف ان يهوه يريد ان يغفر حتى الخطايا الخطيرة؟‏

      ١٦ قد تبدو هذه الفكرة مخيفة،‏ لكنَّ يهوه أرحم وأرقّ قاضٍ.‏ وقدرته على الغفران لا نظير لها.‏ (‏مزمور ٨٦:‏٥‏)‏ وهو وحده قادر ان يأخذ خطايا اسرائيل،‏ التي هي «كالقرمز»،‏ وينظفها بحيث «تبيضُّ كالثلج».‏ ولا يمكن ازالة لطخة الخطية بالجهد البشري او بصنع اعمال معينة او بتقديم الذبائح او الصلوات،‏ بل وحده غفران يهوه يمحو الخطية.‏ ويمنح يهوه هذا الغفران وفقا لشروط يضعها هو،‏ وهذه تشمل التوبة القلبية الاصيلة.‏

      ١٧ وهذه الحقيقة مهمة جدا حتى ان يهوه يكررها بأسلوب شعري ينقل المعاني نفسها بكلمات مختلفة؛‏ فالخطايا التي هي حمراء ارجوانية «كالدوديّ» ستصير صوفا جديدا ابيض وغير مصبوغ.‏ يريد يهوه ان نعرف انه يغفر الخطايا فعلا،‏ حتى لو كانت خطيرة،‏ اذا وجد اننا تائبون توبة اصيلة.‏ والذين يقولون ان ذلك لا يصح في حالتهم يحسن بهم التأمل في مثال منسى.‏ فقد ارتكب خطايا مريعة لسنوات.‏ لكنه تاب وغُفر له.‏ (‏٢ أخبار الايام ٣٣:‏​٩-‏١٦‏)‏ نعم،‏ يريد يهوه ان نعرف جميعا،‏ حتى مَن ارتكب خطايا خطيرة،‏ انه لم يفت الاوان بعد ‹لتقويم الامور› بينه وبيننا.‏

      ١٨ ايّ شيئين خيَّر يهوه شعبه المتمرد بينهما؟‏

      ١٨ يذكّر يهوه شعبه بأنهم يجب ان يختاروا.‏ ‏«ان شئتم وسمعتم تأكلون خير الارض.‏ وإن ابيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلم».‏ (‏اشعياء ١:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ يشدِّد يهوه هنا على المواقف،‏ ويستخدم صورة مجازية حية اخرى ليؤكد فكرته.‏ فكان على يهوذا ان تختار:‏ إما ان تأكل او ان تؤكل.‏ فإذا اعربوا في موقفهم عن استعداد لسماع ما يقوله يهوه ولإطاعته،‏ يأكلون خير الارض.‏ أما اذا اصروا على موقفهم المتمرد،‏ فسيؤكلون بسيف اعدائهم!‏ ولا يتخيل المرء شعبا يفضِّل سيف اعدائه على رحمة اله غفور وسخائه.‏ ولكن هكذا هي الحال مع اورشليم،‏ كما تُظهر الاعداد التالية.‏

      مرثاة على المدينة المحبوبة

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كيف يعبِّر يهوه عن شعوره بالخيانة؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى ‹كان مَبيت البر في اورشليم›؟‏

      ١٩ في اشعياء ١:‏​٢١-‏٢٣‏،‏ نرى الحدّ الفظيع للشر الذي بلغته اورشليم في ذلك الوقت.‏ ويبدأ اشعيا الآن بذكر قصيدة شعرية ملهمة بأسلوب رثائي:‏ ‏«كيف صارت المدينة الامينة زانية؟‏ لقد كانت مملوءة عدلا وفيها كان مَبيت البر أما الآن فإنما فيها قتلة».‏ —‏ اشعيا ١:‏٢١‏،‏ ي‌ج.‏

      ٢٠ كم انحلّت الاخلاق في مدينة اورشليم!‏ فقد كانت زوجة امينة،‏ أما الآن فصارت زانية.‏ وهل من طريقة اقوى يعبَّر بها عن الشعور بالخيانة والخيبة اللتين يشعر بهما يهوه؟‏!‏ و «كان مَبيت البر» في هذه المدينة.‏ متى؟‏ كانت هذه المدينة تدعى شليم في ايام ابراهيم،‏ قبل ان توجد اسرائيل.‏ وكان يحكمها رجل له صفة ملك وكاهن على السواء.‏ واسم هذا الرجل،‏ الذي هو ملكيصادق،‏ يعني «ملك البر»،‏ ولا بد انه كان اسما على مسمّى.‏ (‏عبرانيين ٧:‏٢؛‏ تكوين ١٤:‏​١٨-‏٢٠‏)‏ وبعد ملكيصادق بنحو ٠٠٠‏,١ سنة،‏ بلغت اورشليم ذروة ازدهارها في ظل حكمَي داود وسليمان.‏ لقد ‹كان مَبيت البر فيها›،‏ وخصوصا عندما كان ملوكها يرسمون مثالا للشعب بالسير في طرق يهوه.‏ لكنَّ هذه الفترات اصبحت في ايام اشعيا ذكريات من الماضي.‏

      ٢١،‏ ٢٢ ماذا يُقصد بالزغل والخمر المغشوشة،‏ ولماذا هذا الوصف مناسب لزعماء يهوذا؟‏

      ٢١ ويبدو ان زعماء الشعب يشكلون جزءا كبيرا من المشكلة.‏ يتابع اشعيا مرثاته قائلا:‏ ‏«صارت فضتك زغلا وخمرك مغشوشة بماء.‏ رؤساؤك متمردون [‏‏«معاندون»،‏ ع‌ج‏] ولغفاء [‏‏«شركاء»،‏ ي‌ج‏] اللصوص.‏ كل واحد منهم يحب الرشوة ويتبع العطايا.‏ لا يقضون لليتيم ودعوى الارملة لا تصل اليهم».‏ (‏اشعياء ١:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ يُستعمل هنا ايضاحان سريعان تمهيدا لما سيتبع.‏ فالصائغ في مشغله يغترف الزغل عن وجه الفضة المذابة ويرميه.‏ ورؤساء اسرائيل وقضاتها هم كالزغل لا كالفضة،‏ ويلزم التخلص منهم.‏ ولا منفعة منهم كالخمر التي غُشَّت بماء ففقدت طعمها.‏ وأفضل ما يُفعل بمشروب كهذا هو رميه!‏

      ٢٢ ويُظهر العدد ٢٣ لماذا هذا الوصف مناسب للزعماء.‏ فقد رفّعت الشريعة الموسوية شعب اللّٰه وفرزته من باقي الامم.‏ وفعلت ذلك،‏ مثلا،‏ بفرض حماية اليتامى والارامل.‏ (‏خروج ٢٢:‏​٢٢-‏٢٤‏)‏ ولكن لا امل لليتيم في ايام اشعيا بأن يُنصَف.‏ وليس بإمكان الارملة ان تجد احدا يسمع دعواها،‏ فكم بالاحرى يجاهد من اجلها.‏ فالقضاة والزعماء مشغولون جدا بالسعي وراء مصالحهم،‏ وهم يطلبون الرشى،‏ ويتبعون العطايا،‏ ويعملون كشركاء للصوص اذ يحمون المجرمين كما يَظهر ولا يهتمون بما يعانيه ضحاياهم.‏ والاسوأ هو انهم «معاندون»،‏ او متقسُّون في مسلكهم الخاطئ.‏ فيا لها من حالة فظيعة!‏

      يهوه سيمحِّص شعبه

      ٢٣ اية مشاعر يعبِّر عنها يهوه حيال خصمائه؟‏

      ٢٣ لن يسمح يهوه باستمرار هذه الاساءة لاستعمال السلطة الى الابد.‏ يتابع اشعيا قائلا:‏ ‏«لذلك يقول السيد رب الجنود عزيز [‏‏«جبار»،‏ جد‏] اسرائيل آه اني استريح من خصمائي وأنتقم من اعدائي».‏ (‏اشعياء ١:‏٢٤‏)‏ يُشار الى يهوه هنا بثلاثة ألقاب تشدد على سيادته الشرعية وقدرته الشديدة.‏ ومن المحتمل ان كلمة «آه» تشير الى ان شفقة يهوه صار يتخللها تصميم على صبّ جام سخطه.‏ وهنالك طبعا سبب لذلك.‏

      ٢٤ اية عملية تمحيص ينوي يهوه تنفيذها في شعبه؟‏

      ٢٤ لقد جعل شعب يهوه من انفسهم اعداء له.‏ وهم يستحقون تماما نقمة اللّٰه عليهم.‏ و‹سيستريح› يهوه عندما يتخلص منهم.‏ ولكن هل يعني ذلك انه سيمحو شعب اسمه كليا من الوجود؟‏ كلا،‏ لأن يهوه يمضي قائلا:‏ ‏«وأرد يدي عليكِ وأنقي زغلكِ كأنه بالبورق وأنزع كل قصديركِ».‏ (‏اشعياء ١:‏٢٥‏)‏ يستخدم يهوه الآن ايضاحا مأخوذا من عملية التمحيص.‏ فغالبا ما كان الممحِّص في الازمنة القديمة يضيف البورق ليفصل بين الزغل والمعدن الثمين.‏ كذلك يهوه،‏ الذي لا يعتبر شعبه شريرا كليا،‏ ‹سيؤدبهم الى الحد الملائم›.‏ ولن ينزع منهم سوى ‹القصدير›،‏ الذي يمثّل الاشخاص العنيدين وغير المرغوب فيهم الذين يرفضون التعلم والطاعة.‏c (‏ارميا ٤٦:‏٢٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ وبهذه الكلمات يحظى اشعيا بامتياز تدوين الامور قبل حدوثها.‏

      ٢٥ (‏أ)‏ كيف محَّص يهوه شعبه في سنة ٦٠٧ ق‌م؟‏ (‏ب)‏ متى محَّص يهوه شعبه في الازمنة العصرية؟‏

      ٢٥ وقد محَّص يهوه شعبه فعلا،‏ نازعا زغل الزعماء الفاسدين والمتمردين الآخرين.‏ ففي سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ بعد اشعيا بزمن طويل،‏ دُمِّرت اورشليم وسُبي سكانها الى بابل حيث بقوا هناك ٧٠ سنة.‏ ويشبه ذلك الى حد ما اجراء اتخذه اللّٰه بعد وقت طويل.‏ فالنبوة في ملاخي ٣:‏​١-‏٥‏،‏ التي كُتبت بعد السبي البابلي بوقت طويل،‏ اظهرت ان اللّٰه سيقوم بعمل تمحيص من جديد.‏ وقد اشارت الى الوقت الذي يأتي فيه يهوه اللّٰه الى هيكله الروحي ومعه ‹ملاك [«رسول»،‏ ع‌ج‏] عهده› يسوع المسيح.‏ وكما يتضح حدث ذلك عند نهاية الحرب العالمية الاولى،‏ حين تفقَّد يهوه كل الذين يدَّعون انهم مسيحيون وفصل بين المسيحيين الحقيقيين والمسيحيين الزائفين.‏ وماذا كانت النتيجة؟‏

      ٢٦-‏٢٨ (‏أ)‏ ماذا كان الاتمام الاولي لإشعياء ١:‏٢٦‏؟‏ (‏ب)‏ كيف تمت النبوة في ايامنا؟‏ (‏ج)‏ كيف يمكن ان تفيد هذه النبوة الشيوخ اليوم؟‏

      ٢٦ يجيب يهوه:‏ ‏«أعيد قضاتكِ كما في الاول ومشيريكِ كما في البداءة.‏ بعد ذلك تدعين مدينة العدل القرية الامينة.‏ صهيون تُفدى بالحق وتائبوها بالبر».‏ (‏اشعياء ١:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ شهدت اورشليم القديمة اتماما اوليا لهذه النبوة.‏ فبعدما عاد المسبيون الى مدينتهم المحبوبة سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ اتاهم من جديد قضاة ومشيرون امناء كالذين كانوا في الماضي.‏ وقد عمل النبيَّان حجَّي وزكريا،‏ والكاهن يهوشع،‏ والكاتب عزرا،‏ والوالي زربابل على ارشاد البقية الامينة العائدة وتوجيهها الى السير في سبل اللّٰه.‏ لكنَّ اتماما اهم حدث في القرن العشرين.‏

      ٢٧ ففي سنة ١٩١٩،‏ خرج شعب يهوه العصري من فترة امتحان.‏ وقد حُرِّروا من العبودية الروحية لبابل العظيمة،‏ الامبراطورية العالمية للدين الباطل.‏ وصار واضحا الفرق بين البقية الممسوحة الامينة ورجال الدين المرتدين في العالم المسيحي.‏ وبارك اللّٰه شعبه ثانيةً اذ ‹اعاد قضاتهم ومشيريهم› —‏ رجال امناء يقدِّمون لشعب اللّٰه المشورة المؤسسة على كلمته لا على تقاليد بشر.‏ وهنالك اليوم آلاف من هؤلاء الرجال بين «القطيع الصغير» المتقلص العدد والملايين من رفقائهم ‹الخراف الاخر› الدائمي الازدياد.‏ —‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ اشعياء ٣٢:‏​١،‏ ٢؛‏ ٦٠:‏١٧؛‏ ٦١:‏​٣،‏ ٤ .‏

      ٢٨ ولا ينسى الشيوخ انهم يأخذون احيانا دور ‹القضاة› في الجماعة ليُبقوها طاهرة ادبيا وروحيا وليقوِّموا فاعلي السوء.‏ ويهمُّهم جدا ان يفعلوا الامور كما يريد اللّٰه،‏ متمثِّلين بحسّ العدالة المتزن والرحيم عنده.‏ لكنهم يقومون في معظم الحالات بدور ‹المشيرين›.‏ وهذا بالطبع مختلف جدا عن تصرُّف ذوي المقامات الرفيعة او الطغاة،‏ فهؤلاء المشيرون يبذلون كل جهد لكي لا يبدو وكأنهم ‹يسودون على مَن هم ميراث اللّٰه›.‏ —‏ ١ بطرس ٥:‏٣ .‏

      ٢٩،‏ ٣٠ (‏أ)‏ ماذا يقول يهوه عن الذين يرفضون الاستفادة من عملية التمحيص؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى ‹سيخجل› الناس من اشجارهم وجناتهم؟‏

      ٢٩ وماذا عن ‹الزغل› المذكور في نبوة اشعيا؟‏ ماذا يحدث للذين يرفضون الاستفادة من عملية التمحيص الالهية؟‏ يتابع اشعيا قائلا:‏ ‏«وهلاك المذنبين والخطاة يكون سواء.‏ وتاركو الرب يفنون.‏ لأنهم يخجلون من اشجار البطم التي اشتهيتموها وتخزون من الجنات التي اخترتموها».‏ (‏اشعياء ١:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ ‹يهلك› و ‹يفنى› المذنبون والمخطئون الى يهوه الذين يستمرون في تجاهل رسائل انبيائه التحذيرية الى ان يفوت الاوان.‏ ويحدث ذلك سنة ٦٠٧ ق‌م.‏ ولكن ماذا تعني الاشجار والجنات المذكورة هنا؟‏

      ٣٠ ان شعب يهوذا عالقون دائما بمشكلة الصنمية.‏ وغالبا ما تبرز الاشجار والجنائن والاحراج في ممارساتهم المنحطة.‏ مثلا،‏ يؤمن عبدة الاله بعل وزوجته عشتورة بأن هذين المعبودين يكونان ميتين ومدفونين في فصل الجفاف.‏ ولدفعهما الى الاستيقاظ والتزاوج،‏ جاعلَين الارض خصبة،‏ يلتقي عبدة الاصنام للقيام بممارسات جنسية منحرفة تحت الاشجار «المقدسة» في الاحراج او الجنائن.‏ وعندما تهطل الامطار وتخصب الارض،‏ يُنسب الفضل الى الالهين الباطلين،‏ ويشعر عبدة الاصنام بأن معتقداتهم صحيحة.‏ ولكن عندما يهلك يهوه عبدة الاصنام المتمردين ويفنيهم،‏ لا يحميهم ايّ اله صنمي.‏ وهكذا «يخجل» المتمردون من هذه الاشجار والجنات العاجزة.‏

      ٣١ ما الامر الذي يواجهه عبدة الاصنام وهو اسوأ من العار؟‏

      ٣١ لكنَّ سكان يهوذا الصنميين يواجهون امرا اسوأ من العار المخجل.‏ فيهوه يعدِّل ايضاحه ويشبِّه عابد الاصنام نفسه بشجرة.‏ ‏«تصيرون كبطمة قد ذبل ورقها وكجنة ليس لها ماء».‏ (‏اشعياء ١:‏٣٠‏)‏ هذا الايضاح مناسب تماما،‏ نظرا الى المناخ الحار والجاف في الشرق الاوسط.‏ فلا شجرة ولا جنة تبقى طويلا اذا لم يتوفر لها الماء بشكل دائم.‏ والنبات اذا جفّ يحترق بسهولة فائقة.‏ لذلك فإن الايضاح المذكور في العدد ٣١ يَظهر مناسبا جدا.‏

      ٣٢ (‏أ)‏ مَن هو «القوي» المشار اليه في العدد ٣١‏؟‏ (‏ب)‏ بأيّ معنى سيصير «مشاقة»،‏ وأيّ «شرار» يشعله،‏ وبأية نتيجة؟‏

      ٣٢ ‏«يصير القوي مشاقة وعمله شرارا فيحترقان كلاهما معا وليس مَن يطفئ».‏ (‏اشعياء ١:‏٣١‏)‏ فمن هو هذا «القوي»؟‏ ينقل التعبير العبراني فكرة القوة والغنى.‏ وهو يشير على الارجح الى عابد الآلهة الباطلة الناجح والواثق جدا بنفسه.‏ وفي ايام اشعيا،‏ كما في ايامنا،‏ يوجد كثيرون ممن يرفضون يهوه وعبادته النقية،‏ وبعض هؤلاء ناجحون على ما يبدو.‏ لكنَّ يهوه يحذّر ان اشخاصا كهؤلاء هم ك‍ «مشاقة»،‏ ألياف خشنة من الكتان ضعيفة وجافة جدا حتى انها تنقطع بسهولة عندما تشم النار،‏ اذا جاز التعبير.‏ (‏قضاة ١٦:‏​٨،‏ ٩‏)‏ أما نتيجة عمل عابد الاصنام —‏ سواء كانت آلهته الصنمية او غناه او ايّ شيء يعبده مكان يهوه —‏ فستكون ك‍ «شرار» ناري.‏ وسيحترق الشرار والمشاقة على السواء،‏ اذ يفنيان بنار لن يتمكن احد من اطفائها.‏ فما من قوة في الكون قادرة على قلب احكام يهوه الكاملة.‏

      ٣٣ (‏أ)‏ كيف تُظهر التحذيرات الالهية عن دينونة آتية ان اللّٰه رحيم ايضا؟‏ (‏ب)‏ اية فرصة يمنحها يهوه للجنس البشري،‏ وكيف يؤثر ذلك في كل واحد منا؟‏

      ٣٣ هل تنسجم هذه الرسالة الاخيرة مع رسالة الرحمة والغفران الموجودة في العدد ١٨‏؟‏ انها تنسجم بالتأكيد!‏ فقد امر يهوه خدامه ان يدوِّنوا مثل هذه التحذيرات ويسلّموها لأنه رحيم.‏ فهو «لا يرغب ان يهلك احد،‏ بل ان يبلغ الجميع الى التوبة».‏ (‏٢ بطرس ٣:‏٩‏)‏ وامتياز كل مسيحي حقيقي اليوم ان يعلن رسائل اللّٰه التحذيرية للجنس البشري لكي يستفيد التائبون من جزيل غفرانه ويعيشوا الى الابد.‏ فكم هو لطف من يهوه ان يمنح الجنس البشري فرصة ‹ليقوِّموا الامور› بينه وبينهم قبل فوات الاوان!‏

      ‏[الحواشي]‏

      a يقول التقليد اليهودي القديم ان الملك الشرير منسى امر بإعدام اشعيا بنشره إربا إربا.‏ (‏قارنوا عبرانيين ١١:‏٣٧ .‏)‏ ويقول احد المراجع انه لكي يُحكم على اشعيا بالاعدام،‏ استخدم احد الانبياء الكذبة هذه التهمة ضده:‏ «لقد دعا اورشليم سدوم،‏ وقال عن رؤساء يهوذا وأورشليم انهم شعب عمورة».‏

      b ان الكلمة العبرانية المترجمة الى ‹قوة خارقة› تُنقل ايضا الى «ما هو مؤذٍ»،‏ «ما هو خارق»،‏ و «باطل».‏ وبحسب القاموس اللاهوتي للعهد القديم (‏بالانكليزية)‏،‏ كان الانبياء العبرانيون يستعملون الكلمة ليندِّدوا «بالشر الناجم عن اساءة استعمال السلطة».‏

      c تعني عبارة «ارد يدي عليك» ان يهوه سيعاقب شعبه بعدما كان داعما لهم.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة