مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«ليتقدس اسمك» —‏ ايّ اسم؟‏
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • ‏«ليتقدس اسمك» —‏ ايّ اسم؟‏

      هل انتم شخص متديِّن؟‏ اذًا لا شك انكم،‏ ككثيرين آخرين،‏ تؤمنون بكائن اسمى.‏ ومن المرجَّح ان لديكم احتراما كبيرا للصلاة الشهيرة الى ذلك الكائن،‏ التي علَّمها يسوع لأتباعه والمعروفة بالصلاة الربانية،‏ او الأبانا.‏ والصلاة تبتدئ كالتالي:‏ «ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏» —‏ متى ٦:‏٩‏.‏

      هل تساءلتم مرة لماذا وضع يسوع ‹تقديس› اسم اللّٰه اولا في هذه الصلاة؟‏ وبعد ذلك ذكر امورا اخرى كإتيان ملكوت اللّٰه،‏ فعل مشيئة اللّٰه على الارض وغفران خطايانا.‏ ان اتمام هذه الطلبات الاخرى سيعني اخيرا سلاما دائما على الارض وحياة ابدية للجنس البشري.‏ فهل يمكنكم ان تفكّروا في ايّ شيء اهمّ من ذلك؟‏ ومع ذلك،‏ أمرَنا يسوع بأن نصلّي اولا لأجل تقديس اسم اللّٰه.‏

      لم يكن بمجرد الصدفة ان يسوع علَّم أتباعه ان يضعوا اسم اللّٰه اولا في صلواتهم.‏ فمن الواضح ان هذا الاسم كان ذا اهمية كبيرة بالنسبة اليه،‏ لأنه ذكره تكرارا في صلواته الخاصة.‏ وفي احدى المناسبات عندما كان يصلّي الى اللّٰه علانية،‏ سُمع يقول:‏ «يا أبَتِ،‏ مجِّد اسمك.‏» فأجاب اللّٰه نفسه:‏ «قد مجَّدته وسأمجِّده ايضا.‏» —‏ يوحنا ١٢:‏٢٨‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة.‏

      وفي المساء قبل موت يسوع،‏ كان يصلّي الى اللّٰه في مسامع تلاميذه،‏ ومرة اخرى سمعوه يبرز اهمية اسم اللّٰه.‏ قال:‏ «عرَّفتُ اسمك للناس الذين اخذتَهم من العالم لتعطيني اياهم.‏» ولاحقا كرر:‏ «عرَّفتهم اسمك وسأعرِّفهم.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏٦‏،‏ الكتاب المقدس الاورشليمي،‏ ٢٦ ‏.‏

      لماذا كان اسم اللّٰه مهمًّا الى هذا الحد بالنسبة الى يسوع؟‏ ولماذا اظهر انه مهمّ بالنسبة الينا ايضا اذ امرَنا بأن نصلّي لأجل تقديسه؟‏ لفهم ذلك،‏ يلزمنا ان ندرك كيف كان يُنظر الى الاسماء في ازمنة الكتاب المقدس.‏

      الاسماء في ازمنة الكتاب المقدس

      من الواضح ان يهوه اللّٰه وضع في الانسان الرغبة في تسمية الاشياء.‏ فالانسان الاول كان له اسم،‏ آدم.‏ وأحد الامور الاولى في قصة الخلق،‏ التي يجري الاخبار ان آدم فعلها،‏ هو تسمية الحيوانات.‏ وعندما اعطى اللّٰه آدم زوجة،‏ دعاها آدم في الحال «امرأة» (‏ إيشَّاه،‏ في العبرانية)‏.‏ وفي ما بعد،‏ اعطاها الاسم حواء،‏ الذي يعني «حيّ،‏» لانها كانت ستصير «امّ كل حيّ.‏» (‏تكوين ٢:‏​١٩،‏ ٢٣؛‏ ٣:‏٢٠‏)‏ وحتى اليوم نتبع عادة اعطاء الاسماء للناس.‏ وفي الواقع،‏ من الصعب ان نتصوَّر كيف يمكن ان نتدبَّر امرنا بدون اسماء.‏

      ولكن،‏ في الازمنة الاسرائيلية،‏ لم تكن الاسماء مجرد ألقاب.‏ فقد عنت شيئا.‏ مثلا،‏ ان اسم اسحاق،‏ «ضحك،‏» كان يذكِّر بضحك والديه المسنين عندما سمعا للمرة الاولى انهما سيرزقان ولدا.‏ (‏تكوين ١٧:‏​١٧،‏ ١٩؛‏ ١٨:‏١٢‏)‏ وعنى اسم عيسو «اشعَر،‏» اذ وصف ميزة جسدية.‏ واسمه الآخر،‏ أدوم،‏ «احمر،‏» او «ضارب الى الحمرة،‏» كان مذكِّرا بأنه باع بكوريته بصحن من الطبيخ الاحمر.‏ (‏تكوين ٢٥:‏​٢٥،‏ ٣٠-‏٣٤؛‏ ٢٧:‏١١؛‏ ٣٦:‏١‏)‏ ويعقوب،‏ على الرغم من انه كان اصغر قليلا فقط من اخيه التوأم،‏ عيسو،‏ اشترى البكورية من عيسو ونال بركة البكر من ابيه.‏ ومن الولادة كان معنى اسم يعقوب «الامساك بالعقب» او «متعقِّبا.‏» (‏تكوين ٢٧:‏٣٦‏)‏ وبشكل مماثل فإن اسم سليمان،‏ الذي تمتعت اسرائيل خلال ملكه بالسلام والازدهار،‏ عنى «مسالما.‏» —‏ ١ أخبار الايام ٢٢:‏٩‏.‏

      وهكذا،‏ يذكر قاموس الكتاب المقدس المصوَّر The Illustrated Bible Dictionary (‏المجلد ١،‏ الصفحة ٥٧٢)‏ ما يلي:‏ «ثمة دراسة للكلمة ‹اسم› في العهد القديم تكشف مقدار ما يعنيه في العبرانية.‏ فالاسم ليس مجرد لقب،‏ ولكنه يدل على الشخصية الحقيقية لذاك الذي ينتمي اليه.‏»‏

      أما ان اللّٰه يعتبر الاسماء مهمة فيُرى في انه،‏ بواسطة ملاك،‏ اشار على الوالدين المقبلين ليوحنا المعمدان ويسوع في ما يتعلق بما يجب ان يكون اسما ابنيهما.‏ (‏لوقا ١:‏​١٣،‏ ٣١‏)‏ وأحيانا غيَّر الاسماء،‏ او اعطى الناس اسماء اضافية،‏ ليظهر المكان الذي كانوا سيشغلونه في قصده.‏ مثلا،‏ عندما انبأ اللّٰه بأن خادمه ابرام (‏«ابا الترفيع»)‏ سيصير ابًا لامم كثيرة،‏ غيَّر اسمه الى ابراهيم (‏«اب لجمهور»)‏.‏ وغيَّر اسم زوجة ابراهيم،‏ ساراي (‏«مجاهِدة»)‏،‏ الى سارة (‏«اميرة»)‏،‏ لأنها كانت ستصير امّ نسل ابراهيم.‏ —‏ تكوين ١٧:‏​٥،‏ ١٥،‏ ١٦‏؛‏ قارنوا تكوين ٣٢:‏٢٨؛‏ ٢ صموئيل ١٢:‏​٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      ويسوع ايضا ادرك اهمية الاسماء وأشار الى اسم بطرس في منحه امتيازا للخدمة.‏ (‏متى ١٦:‏​١٦-‏١٩‏)‏ وحتى المخلوقات الروحانية لها اسماء.‏ والاثنان المذكوران في الكتاب المقدس هما جبرائيل وميخائيل.‏ (‏لوقا ١:‏٢٦؛‏ يهوذا ٩‏)‏ وعندما يعطي الانسان اسماء للاشياء الجامدة كالنجوم،‏ الكواكب،‏ المدن،‏ الجبال والانهار،‏ فهو يتمثَّل بخالقه.‏ مثلا،‏ يخبرنا الكتاب المقدس ان اللّٰه يدعو كل النجوم بأسماء.‏ —‏ اشعياء ٤٠:‏٢٦‏.‏

      اجل،‏ ان الاسماء مهمة في نظر اللّٰه،‏ وقد وضع في الانسان الرغبة في تحديد هوية الناس والاشياء بواسطة الاسماء.‏ وهكذا فإن الملائكة،‏ الناس،‏ الحيوانات،‏ بالاضافة الى النجوم والاشياء الجامدة الاخرى،‏ لها اسماء.‏ فهل يتوافق مع ذلك ان يترك خالق كل هذه الاشياء نفسه بلا اسم؟‏ طبعا لا،‏ وخصوصا بالنظر الى كلمات المرنم الملهم:‏ «ليبارك كل بشر اسم [اللّٰه] القدوس الى الدهر والابد.‏» —‏ مزمور ١٤٥:‏٢١‏.‏

      يقول The New International Dictionary of New Testament Theology (‏القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد)‏ (‏المجلد ٢،‏ الصفحة ٦٤٩)‏:‏ «ان احد الاوجه الاساسية والجوهرية الى ابعد حد لاعلان الكتاب المقدس هو ان اللّٰه ليس بلا اسم:‏ فله اسم شخصي،‏ به يمكن ويجب التضرع اليه.‏» وكان يسوع بالتأكيد يفكر في هذا الاسم عندما علَّم أتباعه ان يصلّوا:‏ «ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك‏.‏» —‏ متى ٦:‏٩‏.‏

      نظرا الى كل ذلك،‏ من المهم بشكل واضح ان نعرف ما هو اسم اللّٰه.‏ فهل تعرفون اسم اللّٰه الشخصي؟‏

      ما هو اسم اللّٰه؟‏

      من المدهش ان غالبية مئات الملايين من اعضاء كنائس العالم المسيحي يستصعبون على الارجح الاجابة عن هذا السؤال.‏ فالبعض يقولون ان اسم اللّٰه هو يسوع المسيح.‏ لكنَّ يسوع كان يصلّي الى شخص آخر عندما قال:‏ «انا اظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٦‏)‏ فكان يصلّي الى اللّٰه في السماء،‏ كابن يكلِّم اباه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١‏)‏ واسم ابيه السماوي هو ما كان يجب «تقديسه.‏»‏

      إلا ان الكثير من الكتب المقدسة العصرية لا تحتوي على الاسم،‏ ونادرا ما يُستعمل في الكنائس.‏ لذلك،‏ عوضا عن «تقديسه،‏» فُقِد بالنسبة الى الملايين من قرّاء الكتاب المقدس.‏ ومثالا للطريقة التي بها عالج تراجمة الكتاب المقدس اسم اللّٰه،‏ تأملوا في مجرد آية واحدة يظهر فيها:‏ المزمور ٨٣:‏١٨ (‏١٩،‏ اليسوعية الجديدة )‏ واليكم الطريقة التي بها تُنقل هذه الآية في اربعة كتب مقدسة مختلفة:‏

      ‏«فيعلموا أنك انت وحدك اسمك الرب المتعالي على الارض كلها.‏» (‏الترجمة اليسوعية الجديدة )‏

      ‏«لتعلِّمهم انك انت،‏ ايها السرمدي،‏ اللّٰه العلي على كل العالم.‏» (‏ترجمة جديدة للكتاب المقدس،‏ بقلم جيمس موفات،‏ لسنة ١٩٢٢)‏

      ‏«ليعلموا هذا:‏ انت وحدك تحمل الاسم يَهوِه،‏ العلي على كل العالم.‏» (‏الكتاب المقدس الاورشليمي الكاثوليكي لسنة ١٩٦٦)‏

      ‏«كي يعلم البشر انك انت،‏ الذي اسمك وحدك جِهوڤاه،‏ العلي على كل الارض.‏» (‏الترجمة المرخَّصة،‏ او ترجمة الملك جيمس،‏ لسنة ١٦١١)‏

      لماذا يبدو اسم اللّٰه مختلفا الى هذا الحد في هذه الترجمات؟‏ وهل اسمه هو الرب،‏ السرمدي،‏ يَهوِه Yahweh او جِهوڤاه Jehovah؟‏ أم ان هذه جميعها مقبولة؟‏

      للاجابة عن ذلك يجب ان نتذكَّر ان الكتاب المقدس لم يُكتب في الاصل بالانكليزية.‏ فكتبة الكتاب المقدس كانوا عبرانيين،‏ وكتبوا في الغالب باللغتين العبرانية واليونانية لزمنهم.‏ ومعظمنا لا يتكلم تينك اللغتين القديمتين.‏ لكنَّ الكتاب المقدس تُرجم بألسنة عصرية عديدة،‏ ويمكننا ان نستعمل هذه الترجمات عندما نريد ان نقرأ كلمة اللّٰه.‏

      لدى المسيحيين احترام عميق للكتاب المقدس وهم بالصواب يؤمنون بأن «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ لذلك فإن ترجمة الكتاب المقدس مسؤولية خطيرة.‏ فإذا غيَّر احد او حذف عمدا جزءا من محتويات الكتاب المقدس،‏ فإنه يعبث بالكلمة الموحى بها.‏ وعلى مثل هذا الشخص ينطبق تحذير الاسفار المقدسة:‏ «إنْ كان احد يزيد على هذا يزيد اللّٰه عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب.‏ وإنْ كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة يحذف اللّٰه نصيبه من سفر الحياة.‏» —‏ رؤيا ٢٢:‏​١٨،‏ ١٩‏؛‏ انظروا ايضا تثنية ٤:‏٢‏.‏

      ان معظم تراجمة الكتاب المقدس يحترمون دون شك الكتاب المقدس ويريدون باخلاص ان يجعلوه مفهوما في هذا العصر الحديث.‏ لكنَّ التراجمة ليسوا ملهمين.‏ ولدى معظمهم ايضا آراء راسخة حول المسائل الدينية وقد تؤثر فيهم الافكار والتفضيلات الشخصية.‏ ويمكن ايضا ان يقترفوا الاغلاط او الاخطاء البشرية في التمييز.‏

      لذلك لنا الحق في طرح بعض الاسئلة المهمة:‏ ما هو اسم اللّٰه الحقيقي؟‏ ولماذا تحتوي ترجمات مختلفة للكتاب المقدس على اسماء مختلفة للّٰه؟‏ واذ نثبت الجواب عن هذين السؤالين،‏ يمكن ان نعود الى مسألتنا الاولى:‏ لماذا تقديس اسم اللّٰه مهم الى هذا الحد؟‏

  • اسم اللّٰه —‏ معناه والتلفظ به
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • اسم اللّٰه —‏ معناه والتلفظ به

      سأل احد كتبة الكتاب المقدس:‏ «من جمع الريح في حفنتَيه.‏ من صرَّ المياه في ثوب.‏ من ثبَّت جميع اطراف الارض.‏ ما اسمه وما اسم ابنه إنْ عرفتَ.‏» (‏امثال ٣٠:‏٤‏)‏ فكيف يمكننا ان نعرف ما هو اسم اللّٰه؟‏ هذا سؤال مهم.‏ ان الخليقة برهان قوي على ان اللّٰه موجود دون شك،‏ لكنها لا تخبرنا باسمه.‏ (‏رومية ١:‏٢٠‏)‏ وفي الواقع،‏ لا يمكننا ابدا ان نعرف اسم اللّٰه إنْ لم يخبرنا الخالق نفسه.‏ وقد فعل ذلك في كتابه الخاص،‏ الكتاب المقدس.‏

      في احدى المناسبات الشهيرة تلفظ اللّٰه باسمه الخاص،‏ مكررا اياه في مسامع موسى.‏ وكتب موسى رواية عن تلك الحادثة حُفظت في الكتاب المقدس الى يومنا.‏ (‏خروج ٣٤:‏٥‏)‏ حتى ان اللّٰه كتب اسمه ‹بإصبعه› الخاص.‏ وعندما اعطى موسى ما ندعوه اليوم الوصايا العشر،‏ دوَّنها اللّٰه بشكل عجائبي.‏ يقول السجل:‏ «ثم اعطى [اللّٰه] موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين بإصبع اللّٰه.‏» (‏خروج ٣١:‏١٨‏)‏ ويظهر اسم اللّٰه ثماني مرات في الوصايا العشر الاصلية.‏ (‏خروج ٢٠:‏​١-‏١٧‏)‏ وهكذا كشف اللّٰه نفسه عن اسمه للانسان شفهيا وكتابيا على السواء.‏ فما هو هذا الاسم؟‏

      في اللغة العبرانية يُكتَب יהוה‏.‏ وهذه الحروف الاربعة،‏ التي تدعى التتراڠراماتون،‏ تُقرأ في العبرانية من اليمين الى اليسار ويمكن تمثيلها في لغات عصرية عديدة بِـ‍ YHWH او JHVH (‏ي ه‍ و ه‍ او ج ه‍ ڤ ه‍)‏.‏ واسم اللّٰه،‏ الممثَّل بهذه الحروف الساكنة الاربعة،‏ يظهر نحو ٠٠٠‏,٧ مرة في «العهد القديم» الاصلي،‏ او الاسفار العبرانية.‏

      والاسم هو صيغة للفعل العبراني هَوَه (‏הוה)‏،‏ الذي يعني «يصير،‏» ومغزاه في الواقع «يصيِّر.‏»‏a وهكذا فإن اسم اللّٰه يحدد هويته بصفته ذاك الذي يتمم مواعده تدريجيا ويحقق مقاصده بشكل لا يخفق.‏ والإله الحقيقي فقط يمكنه ان يحمل مثل هذا الاسم الحافل بالمعنى.‏

      هل تذكرون الطرائق المختلفة التي بها ظهر اسم اللّٰه في المزمور ٨٣:‏١٨ (‏١٩،‏ اليسوعية الجديدة )‏،‏ كما ورد في الجزء السابق (‏الصفحة ٥)‏؟‏ اثنتان من تلك الترجمات تضمَّنتا مجرد لقبين (‏«الرب،‏» «السرمدي»)‏ كبديلين لاسم اللّٰه.‏ ولكن في اثنتين منها،‏ حيث نقرأ يَهوِه وجِهوڤاه،‏ يمكنكم ان تروا الحروف الاربعة لاسم اللّٰه.‏ إلا ان التلفظ يختلف.‏ ولماذا؟‏

      كيف يجري التلفظ باسم اللّٰه؟‏

      الحقيقة هي انه لا احد يعرف يقينا كيف كان يُتلفظ باسم اللّٰه في الاصل.‏ ولِمَ لا؟‏ حسنا،‏ ان اللغة الاولى التي استُخدمت في كتابة الكتاب المقدس كانت العبرانية،‏ وعندما دوِّنت اللغة العبرانية كتب الكتبة الحروف الساكنة فقط —‏ لا الحركات.‏ وهكذا عندما كتب الكتبة الملهمون اسم اللّٰه،‏ فعلوا بصورة طبيعية الامر نفسه وكتبوا الحروف الساكنة فقط.‏

      وفيما كانت العبرانية القديمة اللغة المحكية يوميا،‏ لم يقدِّم ذلك اية مشكلة.‏ فالتلفظ بالاسم كان مألوفا لدى الاسرائيليين،‏ وعندما كانوا يرونه مكتوبا كانوا يزوِّدون الحركات دون تفكير (‏تماما كما ان القارئ العربي الذي سبق فرأى وسمع كلمة «يعمل» يستطيع ان يقرر كيفية التلفظ بها،‏ مزوِّدا الحركات الصحيحة)‏.‏

      حدث امران لتغيير هذا الوضع.‏ اولا،‏ نشأت فكرة خرافية بين اليهود مفادها انه من الخطإ النطق بالاسم الالهي بصوتٍ عال؛‏ ولذلك عندما كانوا يصلون اليه في قراءتهم للكتاب المقدس كانوا يتفوَّهون بالكلمة العبرانية أَذوناي (‏«الرب المتسلط»)‏.‏ وفضلا عن ذلك،‏ على مرّ الوقت،‏ توقفت اللغة العبرانية القديمة نفسها عن ان تكون محكية في الحديث اليومي،‏ وهكذا نُسيَ اخيرا التلفظ العبراني الاصلي باسم اللّٰه.‏

      ولضمان عدم فقدان التلفظ باللغة العبرانية ككل ابتكر العلماء اليهود في النصف الثاني من الألف الاول الميلادي نظاما للتشكيل لتمثيل الحركات المفقودة،‏ ووضعوا هذه حول الحروف الساكنة في الكتاب المقدس العبراني.‏ وهكذا دُوِّنت الحركات والحروف الساكنة على السواء،‏ وحُفظ التلفظ بها كما كان في ذلك الوقت.‏

      وفي ما يتعلق باسم اللّٰه،‏ عوضا عن وضع الحركات المناسبة حوله،‏ وضعوا في معظم الحالات حركات اخرى لتذكير القارئ بأنه يجب ان يقول أَذوناي.‏ ومن ذلك اتت التهجية Iehouah،‏ وأخيرا صار جِهوڤاه التلفظ المقبول للاسم الالهي بالانكليزية.‏ وهذا يحتفظ بالعناصر الاساسية لاسم اللّٰه من الاصل العبراني.‏

      ايّ تلفظ ستستعملون؟‏

      ولكن من اين اتت طرائق التلفظ مثل يَهوِه؟‏ هذه صيغ اقترحها العلماء العصريون في محاولة لاستنباط التلفظ الاصلي باسم اللّٰه.‏ ويعتقد البعض —‏ ولكن ليس الجميع —‏ ان الاسرائيليين قبل زمن يسوع كانوا على الارجح يتلفظون باسم اللّٰه يَهوِه.‏ ولكن لا احد يمكن ان يكون على يقين من ذلك.‏ فربما تلفظوا به بهذه الطريقة،‏ وربما لا.‏

      ومع ذلك،‏ يفضِّل كثيرون التلفظ جِهوڤاه (‏بالعربية،‏ يَهوَه)‏.‏ ولماذا؟‏ لأنه شائع ومألوف،‏ صفتان لا يملكهما التلفظ يَهوِه.‏ ولكن ألا يكون من الافضل استعمال الصيغة التي قد تكون اقرب الى التلفظ الاصلي؟‏ كلا،‏ لانه ليست هذه هي العادة في ما يتعلق باسماء الكتاب المقدس.‏

      ولأخذ المثال الابرز،‏ تأملوا في اسم يسوع.‏ هل تعرفون كيف كانت عائلة يسوع واصدقاؤه يخاطبونه في الحديث اليومي فيما كان ينمو في الناصرة؟‏ الحقيقة هي انه ما من انسان يعرف ذلك يقينا،‏ على الرغم من انه ربما كان شيئا مثل يشوع (‏او ربما يهوشوع)‏.‏ وبالتأكيد لم يكن يسوع.‏

      إلا انه عندما كُتبت روايات حياته باللغة اليونانية،‏ لم يحاول الكتبة الملهمون ان يحفظوا ذلك التلفظ العبراني الاصلي.‏ وبالاحرى،‏ نقلوا الاسم في اليونانية،‏ إيسوس.‏ واليوم يُنقل بصورة مختلفة بحسب لغة قارئ الكتاب المقدس.‏ فقرّاء الكتاب المقدس الاسپان يجدون Jesús (‏يُتلفظ به خِسّوس‏)‏.‏ والايطاليون يهجُّونه Gesù (‏يُتلفظ به دجيزو‏)‏.‏ والالمان يهجُّونه Jesus (‏يُتلفظ به يسوس‏)‏.‏

      فهل يلزمنا ان نتوقف عن استعمال اسم يسوع لأن معظمنا،‏ او حتى جميعنا،‏ لا نعرف حقا التلفظ الاصلي به؟‏ حتى الآن لم يقترح ايّ ترجمان ذلك.‏ ونحن نرغب في استعمال الاسم،‏ لأنه يحدد هوية ابن اللّٰه الحبيب،‏ يسوع المسيح،‏ الذي قدَّم دم حياته لأجلنا.‏ فهل هو اعراب عن الاكرام ليسوع ان نزيل كل ذكر لاسمه في الكتاب المقدس ونستبدله بمجرد لقب مثل «معلِّم،‏» او «وسيط»؟‏ طبعا،‏ لا!‏ فيمكن ان تكون لنا علاقة ذات معنى بيسوع عندما نستعمل اسمه كما يُتلفظ به عموما في لغتنا.‏

      ويمكن تقديم تعليقات مماثلة في ما يتعلق بكل الاسماء التي نقرأها في الكتاب المقدس.‏ فنحن نتلفظ بها في لغتنا الخاصة ولا نحاول ان نقلِّد التلفظ الاصلي.‏ وهكذا نقول «ارميا،‏» وليس يِرمياهو‏.‏ وبصورة مماثلة نقول اشعياء،‏ على الرغم من ان هذا النبي في ايامه كان معروفا على الارجح بِـ‍ يَشَعياهو.‏ وحتى العلماء الذين يعرفون التلفظ الاصلي بهذه الاسماء يستعملون التلفظ العصري،‏ لا القديم،‏ عند التكلم عنها.‏

      ويصح الامر نفسه في الاسم جِهوڤاه (‏بالعربية،‏ يَهوَه)‏.‏ فعلى الرغم من ان التلفظ العصري جِهوڤاه او يَهوَه ربما لا يكون تماما الطريقة التي بها كان يُتلفظ به في الاصل،‏ لا يقلل ذلك مطلقا من اهمية الاسم.‏ فهو يحدد هوية الخالق،‏ الإله الحي،‏ العلي الذي خاطبه يسوع قائلا:‏ «ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏» —‏ متى ٦:‏٩‏.‏

      ‏«لا يمكن استئصاله»‏

      فيما يحبِّذ تراجمة عديدون التلفظ يَهوِه،‏ تستمر ترجمة العالم الجديد وأيضا عدد من الترجمات الاخرى في استعمال الصيغة جِهوڤاه لأنها مألوفة لدى الناس لقرون.‏ وفضلا عن ذلك،‏ فانها تحتفظ،‏ مع الصيغ الاخرى على حد سواء،‏ بالحروف الاربعة للاسم الالهي،‏ ي ه‍ و ه‍ او ج ه‍ ڤ ه‍.‏b

      وفي وقت ابكر،‏ اتخذ الپروفسور الالماني ڠوستاڤ فريدريك اوهلر قرارا مماثلا للسبب نفسه تقريبا.‏ فناقش طرائق متنوعة للتلفظ واستنتج:‏ «من الآن فصاعدا أستعمل الكلمة جِهوڤاه،‏ لأن هذا الاسم في الواقع يجري الآن تبنِّيه اكثر في مفرداتنا،‏ ولا يمكن استئصاله.‏» —‏ Theologie des Alten Testaments (‏لاهوت العهد القديم)‏،‏ الطبعة الثانية،‏ صدر في سنة ١٨٨٢،‏ الصفحة ١٤٣.‏

      وبشكل مماثل،‏ في كتابه Grammaire de l’hébreu biblique (‏قواعد عبرانية الكتاب المقدس)‏،‏ طبعة ١٩٢٣،‏ في الحاشية في الصفحة ٤٩،‏ يذكر العالم اليسوعي پول جُوون:‏ «في ترجماتنا،‏ بدلا من الصيغة (‏الافتراضية)‏ يَهوِه،‏ استعملنا الصيغة جِهوڤاه .‏ .‏ .‏ التي هي الصيغة الادبية التقليدية المستعملة في الفرنسية.‏» وفي لغات اخرى عديدة يستعمل تراجمة الكتاب المقدس صيغة مماثلة،‏ كما هو ظاهر في الاطار في الصفحة ٩.‏

      اذًا،‏ هل من الخطإ استعمال صيغة مثل يَهوِه؟‏ كلا على الاطلاق.‏ إلا ان الصيغة جِهوڤاه من المرجح ان تلقى تجاوبا اسرع من قبل القارئ لأنها الصيغة التي جرى تبنِّيها في معظم اللغات.‏ فالامر المهم هو ان نستعمل الاسم ونعلنه للآخرين.‏ «احمدوا (‏يهوه)‏ ادعوا باسمه عرِّفوا بين الشعوب بأفعاله ذكِّروا بأن اسمه قد تعالى.‏» —‏ اشعياء ١٢:‏٤‏.‏

      فلنرَ كيف عمل خدام اللّٰه بانسجام مع هذه الوصية على مرّ القرون.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظروا الملحق 1A في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة،‏ طبعة ١٩٨٤،‏ بالانكليزية.‏

      b انظروا الملحق 1A في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة،‏ طبعة ١٩٨٤،‏ بالانكليزية.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      لدى مختلف العلماء آراء مختلفة في الطريقة التي بها كان يُتلفظ بالاسم ي ه‍ و ه‍ في الاصل.‏

      في The Mysterious Name of Y.‎H.‎W.‎H.‎ (‏الاسم الغامض لِـ‍ ي.‏ ه‍.‏ و.‏ ه‍.‏)‏،‏ الصفحة ٧٤،‏ قال الدكتور م.‏ ريسل ان «التلفظ بالحروف الاربعة للاسم الالهي لا بد انه كان في الاصل يِهُوَه او يَهُوَه.‏»‏

      واعتبر كَنُن د.‏ د.‏ وليَمْز من كيمبريدج ان «الدليل يشير،‏ لا بل يبرهن تقريبا،‏ ان جَهْوِه لم يكن التلفظ الصحيح بالحروف الاربعة للاسم الالهي .‏ .‏ .‏ والاسم نفسه كان على الارجح جَهُوه.‏» —‏ Zeitschrift für die alttestamentliche Wissenschaft (‏المجلة الدورية لمعرفة العهد القديم)‏،‏ ١٩٣٦،‏ المجلد ٥٤،‏ الصفحة ٢٦٩.‏

      وفي مسرد ترجمة سيڠوند المنقحة الفرنسية،‏ الصفحة ٩،‏ يجري تقديم التعليق التالي:‏ «ان التلفظ يَهْڤِه المستعمل في بعض الترجمات الحديثة مؤسس على شهادات قديمة قليلة،‏ لكنها ليست قاطعة.‏ واذا اخذ المرء بعين الاعتبار اسماءً شخصية تشمل الاسم الالهي،‏ كالاسم العبراني للنبي إيليا (‏إيلياهو)‏ قد يكون التلفظ ايضا Yaho او Yahou.‏»‏

      وفي سنة ١٧٤٩ اخبر عالم الكتاب المقدس الالماني تلر عن بعض طرائق التلفظ المختلفة باسم اللّٰه التي قرأها:‏ «ديودورُس الصقلّي،‏ ماكروبيوس،‏ اقليمس الاسكندري،‏ القديس جيروم وأوريجانس كتبوا Jao؛‏ السامريون،‏ إپيفانيوس،‏ ثيودوريتُس،‏ Jahe،‏ او Jave؛‏ لودڤيڠ كاپِل يقول Javoh؛‏ دروسيوس،‏ Jahve؛‏ هوتينڠر،‏ Jehva؛‏ مرسِروس،‏ Jehovah؛‏ كَسْتِليو،‏ Jovah؛‏ ولو كلير،‏ Jawoh،‏ او Javoh.‏»‏

      وهكذا يتضح ان التلفظ الاصلي باسم اللّٰه لم يعد معروفا.‏ وليس ذلك حقا بالامر المهم.‏ فلو كان كذلك،‏ لتأكد اللّٰه نفسه من حفظه لنستعمله.‏ فالامر المهم هو ان نستعمل اسم اللّٰه بحسب التلفظ المصطلح عليه في لغتنا الخاصة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      صِيَغ الاسم الالهي في لغات مختلفة،‏ مشيرة الى القبول الاممي للصيغة جِهوڤاه

      اسپانية -‏ Jehová

      إفيكية -‏ Jehovah

      المانية -‏ Jehova

      انكليزية -‏ Jehovah

      اواباكالية -‏ Yehóa

      ايطالية -‏ Geova

      ايڠبوية -‏ Jehova

      پرتغالية -‏ Jeová

      بوڠوتية -‏ Jihova

      پولندية -‏ Jehowa

      پيتاتية -‏ Jihouva

      تاهيتية -‏ Iehova

      تَڠالوڠية -‏ Jehova

      تونڠية -‏ Jihova

      دنماركية -‏ Jehova

      رومانية -‏ Iehova

      زولوِية -‏ uJehova

      سامْوِية -‏ Ieova

      سواحلية -‏ Yehova

      سوثوية -‏ Jehova

      سويدية -‏ Jehova

      فرنسية -‏ Jéhovah

      ڤِندا -‏ Yehova

      فنلندية -‏ Jehova

      فوتونية -‏ Ihova

      فيجية -‏ Jiova

      كانتونية -‏ Yehwowah

      كوزية -‏ uYehova

      ماورية -‏ Ihowa

      موالامالوية -‏ Jihova

      موتوِية -‏ Iehova

      نارينيارية -‏ Jehovah

      نمبية -‏ Jihova

      هنڠارية -‏ Jehova

      هولندية -‏ Jehovah

      يابانية -‏ Ehoba

      يروبا -‏ Jehofah

      ‏[الاطار في الصفحة ١٠]‏

      ‏«جِهوڤاه» صار معروفا على نحو واسع بصفته اسم اللّٰه حتى في قرائن من خارج الكتاب المقدس.‏

      ألَّف فرانز شوبرت الموسيقى لقصيدة غنائية بعنوان «القدرة الكلية،‏» كتبها جوهان لادِسلاڤ پِركر،‏ حيث يظهر الاسم جِهوڤاه مرتين.‏ ويُستعمل ايضا في نهاية المشهد الاخير من أوپرا «Nabucco» لڤيردي.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ فإن الموشَّحة الدينية «الملك داود» للمؤلِّف الموسيقي الفرنسي أرتور أونيڠَر تبرز الاسم جِهوڤاه،‏ واستعمله الكاتب الفرنسي المشهور ڤيكتور هوڠو في اكثر من ٣٠ من آثاره.‏ وقد كتب هو ولامارتين قصائد بعنوان «جِهوڤاه.‏»‏

      وفي كتاب Deutsche Taler (‏النقد الالماني القديم)‏،‏ الذي اصدره المصرف الاتحادي الالماني في سنة ١٩٦٧،‏ توجد صورة لاحدى القطع النقدية الاقدم تحمل الاسم «جِهوڤاه،‏» وهي قطعة من النقد الالماني القديم لسنة ١٦٣٤ من دوقيَّة سيليزيا.‏ وعن الصورة على الجانب الآخر من القطعة النقدية نقرأ:‏ «تحت الاسم المتألق جِهوڤاه،‏ يبزغ من وسط السُّحب ترسٌ مكلَّلٌ عليه شعار النبالة السيليزي.‏»‏

      وفي متحف في رودُلشتَتْ،‏ المانيا الشرقية،‏ يمكنكم ان تروا على طوق الدرع التي لبسها ذات مرة ڠوستاڤ الثاني أدولف،‏ احد ملوك السويد للقرن الـ‍ ١٧،‏ الاسم جِهوڤاه بحروف كبيرة.‏

      وهكذا،‏ طوال قرون،‏ كانت الصيغة جِهوڤاه الطريقة المعروفة امميا للتلفظ باسم اللّٰه،‏ والناس الذين يسمعونه يدركون حالا عمن يجري التكلم.‏ وكما قال الپروفسور اوهلر،‏ «هذا الاسم .‏ .‏ .‏ يجري الآن تبنِّيه اكثر في مفرداتنا،‏ ولا يمكن استئصاله.‏» —‏ Theologie des Alten Testaments (‏لاهوت العهد القديم)‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      نسخة من جزء من عمل فني لملاك عليه اسم اللّٰه،‏ موجود على ضريح البابا كليمنت الثالث عشر في كنيسة القديس بطرس،‏ الڤاتيكان

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      سُكَّت نقود عديدة تحمل اسم اللّٰه.‏ وهذه القطعة النقدية،‏ التي يرجع تاريخها الى سنة ١٦٦١،‏ هي من نورَمبورڠ،‏ المانيا.‏ يقول النص اللاتيني:‏ «تحت ظل جناحيك»‏

      ‏[الصور في الصفحة ٨]‏

      في الازمنة الماضية جُعل اسم اللّٰه،‏ في صيغة الحروف الاربعة للاسم الالهي،‏ جزءا من زخرفة ابنية دينية عديدة

      كاتدرائية فورڤيير الكاثوليكية،‏ ليون،‏ فرنسا

      كاتدرائية بورج،‏ فرنسا

      كنيسة في لا سيل دونواز،‏ فرنسا

      كنيسة في دينيه،‏ جنوبي فرنسا

      كنيسة في سان پاولو،‏ البرازيل

      كاتدرائية ستراسبورڠ،‏ فرنسا

      كاتدرائية القديس مرقس،‏ البندقية،‏ ايطاليا

      ‏[الصور في الصفحة ١١]‏

      اسم يهوه كما يظهر في دير في بوردِسهولم،‏ المانيا؛‏

      على قطعة نقدية المانية يرجع تاريخها الى سنة ١٦٣٥؛‏

      فوق باب كنيسة في فَيْمارن،‏ المانيا؛‏

      وعلى شاهدة ضريح لسنة ١٨٤٥ في هارمَنْشلاخ،‏ النمسا السُّفلى

  • الاسم الالهي على مرّ العصور
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • الاسم الالهي على مرّ العصور

      يريد يهوه اللّٰه من الانسان ان يعرف اسمه ويستعمله.‏ وهذا واضح من واقع انه اعلن اسمه للشخصين الاولين انفسهما على الارض.‏ فنحن نعرف ان آدم وحواء كانا حسنَي الاطلاع على اسم اللّٰه لأنه بعد ان ولدت حواء قايين،‏ بحسب النص العبراني الاصلي،‏ قالت:‏ «انجبت رجلا بعون يهوه.‏» —‏ تكوين ٤:‏١‏،‏ ع‌ج‏.‏

      وفي ما بعد نقرأ ان رجالا امناء كأخنوخ ونوح ‹ساروا مع اللّٰه.‏› (‏تكوين ٥:‏٢٤؛‏ ٦:‏٩‏)‏ اذًا،‏ لا بد انهم هم ايضا عرفوا اسم اللّٰه.‏ وبقي الاسم بعد الطوفان العظيم مع بقاء الرجل البار نوح وعائلته.‏ وعلى الرغم من التمرد العظيم في وقت لاحق في بابل،‏ استمر خدام اللّٰه الحقيقيون يستعملون اسمه.‏ وهو يظهر مئات المرات في الشرائع التي اعطاها اللّٰه لاسرائيل.‏ وفي سفر التثنية وحده يظهر ٥٥١ مرة.‏

      وفي زمن القضاة من الواضح ان الاسرائيليين لم يحجموا عن استعمال اسم اللّٰه.‏ حتى انهم استعملوه في تحية احدهم الآخر.‏ نقرأ (‏في العبرانية الاصلية)‏ عن بوعز وهو يحيّي حصّاديه:‏ «يهوه معكم.‏» فردّوا تحيته بالقول:‏ «يباركك يهوه.‏» —‏ راعوث ٢:‏٤‏.‏

      وطوال تاريخ الاسرائيليين حتى وقت رجوعهم الى يهوذا بعد سبيهم في بابل استمر اسم يهوه مستعملا عموما.‏ فالملك داود،‏ رجل حسب قلب اللّٰه،‏ استعمل الاسم الالهي بشكل واسع —‏ فهو يظهر مئات المرات في المزامير التي كتبها.‏ (‏اعمال ١٣:‏٢٢‏)‏ وأُدمج اسم اللّٰه ايضا في الكثير من الاسماء الشخصية الاسرائيلية.‏ وهكذا نقرأ عن أَدونيَّا (‏«ربي هو ياه» —‏ «ياه» هو الصيغة المختصرة ليهوه)‏،‏ اشعياء (‏«خلاص يهوه»)‏،‏ يوناثان (‏«يهوه قد اعطى»)‏،‏ ميخا (‏«مَن مثل ياه؟‏»)‏ ويشوع (‏«يهوه خلاص»)‏.‏

      خارج الكتاب المقدس

      وهنالك ايضا دليل من مصادر خارج الكتاب المقدس على الاستعمال الواسع للاسم الالهي في الازمنة القديمة.‏ ففي سنة ١٩٦١ كُشِف النِّقاب عن كهف قديم كان يُستعمل للدفن على مسافة قصيرة الى الجنوب الغربي من اورشليم،‏ بحسب تقرير في Israel Exploration Journal (‏مجلة استكشاف اسرائيل)‏ (‏المجلد ١٣،‏ العدد ٢)‏.‏ وكانت على جدرانه نقوش عبرانية يرجع تاريخها كما يظهر الى النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد.‏ وتتضمَّن النقوش عبارات مثل «يهوه هو إله كل الارض.‏»‏

      وفي سنة ١٩٦٦ نُشِر تقرير في Israel Exploration Journal (‏مجلة استكشاف اسرائيل)‏ (‏المجلد ١٦،‏ العدد ١)‏ عن كِسَر آنية فخارية عليها كتابة عبرانية وُجدت في عراد،‏ في جنوبي اسرائيل.‏ وكُتبت هذه في النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد.‏ وكانت احداها رسالة خصوصية الى رجل يدعى ألياشيب.‏ تبتدئ الرسالة:‏ «الى سيدي ألياشيب:‏ ليطلب يهوه سلامك.‏» وتنتهي:‏ «يسكن في بيت يهوه.‏»‏

      وفي السنتين ١٩٧٥ و ١٩٧٦ قام علماء الآثار الذين يعملون في النَّقب بكشف النِّقاب عن مجموعة من النقوش العبرانية والفينيقية على جدران من الجصِّ،‏ جرار للخزن وآنية حجرية كبيرة.‏ وشملت النقوش الكلمة العبرانية التي تقابل اللّٰه،‏ وكذلك اسم اللّٰه،‏ ي ه‍ و ه‍،‏ بالحروف العبرانية.‏ وفي اورشليم نفسها اكتُشفت مؤخرا شِقّة من الفضة صغيرة ملفوفة يرجع تاريخها على ما يظهر الى ما قبل السبي البابلي.‏ ويقول الباحثون انه عندما بُسطت،‏ وُجد اسم يهوه بالعبرانية مكتوبا عليها.‏ —‏ Biblical Archaeology Review (‏المجلة النقدية لآثار الكتاب المقدس)‏،‏ آذار/‏نيسان ١٩٨٣،‏ الصفحة ١٨.‏

      والمثال الآخر لاستعمال اسم اللّٰه موجود في ما يُدعى رسائل لخيش.‏ وهذه الرسائل،‏ المكتوبة على كِسَر خزفية،‏ وُجدت ما بين السنتين ١٩٣٥ و ١٩٣٨ في خرائب لخيش،‏ مدينة حصينة برزت بشكل جليّ في تاريخ اسرائيل.‏ ويبدو ان احد القواد في قاعدة امامية يهودية كتبها الى رئيسه،‏ المدعو ياوش،‏ في لخيش،‏ على ما يظهر في اثناء الحرب بين اسرائيل وبابل نحو نهاية القرن السابع قبل الميلاد.‏

      بين الكِسَر الثماني المقروءة،‏ تبتدئ سبع رسالتها بتحية مثل:‏ «ليجعل يهوه سيدي يرى هذا الموسم بصحة جيدة!‏» وبالاجمال،‏ يظهر اسم اللّٰه ١١ مرة في الرسائل السبع،‏ مما يدل بوضوح ان اسم يهوه تمتع باستعمال يومي نحو نهاية القرن السابع قبل الميلاد.‏

      وحتى الحكام الوثنيون عرفوا الاسم الالهي واستعملوه عند الاشارة الى إله الاسرائيليين.‏ وهكذا،‏ على الحجر الموآبي،‏ يفتخر ميشع ملك موآب ببطولاته العسكرية ضد اسرائيل،‏ ويذكر بين امور اخرى:‏ «قال لي كَموش،‏ ‹اذهب،‏ خذ نبو من اسرائيل!‏› فذهبت ليلا وحاربتها من انبلاج الفجر حتى الظهر،‏ مستوليا عليها وقاتلا الجميع .‏ .‏ .‏ وأخذت من هناك [آنية] يهوه،‏ جارّا اياها امام كَموش.‏»‏

      وفي ما يتعلق بهذه الاستعمالات من خارج الكتاب المقدس لاسم اللّٰه يقول Theologisches Wörterbuch zum Alten Testament (‏القاموس اللاهوتي للعهد القديم)‏،‏ في المجلد ٣،‏ العمود ٥٣٨:‏ «وهكذا فإن نحو ١٩ دليلا وثائقيا على الحروف الاربعة للاسم الالهي في صيغة ج ه‍ و ه‍ تشهد من هذا القبيل على امكان الاعتماد على النص الماسوري؛‏ ويمكن توقع المزيد،‏ وفي الغالب من سجلات عراد.‏» —‏ مترجمة عن الالمانية.‏

      اسم اللّٰه لم يُنسَ

      ان كونَ اسم اللّٰه مألوفا ومستعملا استمر حتى ايام ملاخي،‏ الذي عاش قبل زمن يسوع بنحو ٤٠٠ سنة.‏ وفي سفر الكتاب المقدس الذي يحمل اسمه،‏ يُبرز ملاخي كثيرا الاسم الالهي،‏ مستعملا اياه ما مجموعه ٤٨ مرة.‏

      وعلى مرّ الوقت صار كثيرون من اليهود يعيشون بعيدين عن ارض اسرائيل،‏ ولم يعد بامكان البعض ان يقرأوا الكتاب المقدس باللغة العبرانية.‏ لذلك،‏ في القرن الثالث قبل الميلاد،‏ ابتُدئ بترجمة جزء الكتاب المقدس الموجود آنذاك (‏«العهد القديم»)‏ باليونانية،‏ اللغة الاممية الجديدة.‏ لكنَّ اسم اللّٰه لم يُهمَل.‏ فقد استبقاه التراجمة،‏ كاتبين اياه بصيغته العبرانية.‏ والنسخ القديمة للترجمة السبعينية اليونانية التي حُفظت الى يومنا تشهد على ذلك.‏

      ولكن،‏ ماذا كانت الحالة عندما مشى يسوع على الارض؟‏ كيف يمكن ان نعرف ما اذا استعمل هو ورسله اسم اللّٰه؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٢]‏

      في هذه الرسالة،‏ المكتوبة على كِسرَة من إناء فخاري في النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد،‏ يَظهر اسم اللّٰه مرتين

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Picture by courtesy of the Israel Department of Antiquities and Museums

      ‏[الصور في الصفحة ١٣]‏

      اسم اللّٰه موجود ايضا في رسائل لخيش وعلى الحجر الموآبي

  • المسيحيون والاسم
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • المسيحيون والاسم

      لا احد يمكن ان يقول بالتأكيد متى تماما توقف اليهود التقليديون عن التلفظ باسم اللّٰه عاليا واستبدلوه بالكلمات العبرانية التي تقابل اللّٰه والرب المتسلط.‏ ويعتقد البعض ان اسم اللّٰه غاب عن الاستعمال اليومي قبل زمن يسوع بوقت طويل.‏ ولكن هنالك دليل قوي على ان رئيس الكهنة استمر يتلفظ به في الخدمات الدينية في الهيكل —‏ وخصوصا في يوم الكفارة —‏ الى الوقت الذي دُمِّر فيه الهيكل سنة ٧٠ ب‌م.‏ لذلك،‏ عندما كان يسوع على الارض،‏ كان التلفظ بالاسم معروفا،‏ على الرغم من انه ربما لم يُستعمل على نحو واسع.‏

      ولماذا توقف اليهود عن التلفظ باسم اللّٰه؟‏ ربما،‏ جزئيا على الاقل،‏ بسبب اساءة تطبيق كلمات الوصية الثالثة:‏ «لا تنطق باسم (‏يهوه)‏ إلهك باطلا.‏» (‏خروج ٢٠:‏٧‏)‏ طبعا،‏ لم تمنع هذه الوصية استعمال اسم اللّٰه.‏ وإلا فلماذا استعمله خدام اللّٰه القدماء كداود بحرية كبيرة وتمتعوا مع ذلك ببركة يهوه؟‏ ولماذا تلفظ به اللّٰه لموسى وأمر موسى بأن يوضح للاسرائيليين مَن ارسله؟‏ —‏ مزمور ١٨:‏​١-‏٣،‏ ٦،‏ ١٣؛‏ خروج ٦:‏​٢-‏٨‏.‏

      ولكن،‏ بحلول زمن يسوع،‏ كان هنالك ميل قوي الى اخذ وصايا اللّٰه المعقولة وتفسيرها بطريقة غير معقولة الى حد بعيد.‏ مثلا،‏ ألزمت الوصية الرابعة من الوصايا العشر اليهود ان يحفظوا اليوم السابع من كل اسبوع كيوم راحة،‏ سبت.‏ (‏خروج ٢٠:‏​٨-‏١١‏)‏ فذهب اليهود التقليديون بهذه الوصية الى حدود سخيفة،‏ واضعين قواعد لا تحصى تتحكم حتى في اصغر عمل يمكن او لا يمكن القيام به في السبت.‏ ولا شك انهم بالروح نفسها ذهبوا بالوصية المعقولة،‏ ان اسم اللّٰه لا يجب ان يُهان،‏ الى حدود غير معقولة على الاطلاق،‏ قائلين انه لا يجب حتى ان يُتلفظ بالاسم.‏a

      يسوع والاسم

      هل كان يسوع سيتبع مثل هذا التقليد غير المؤسس على الاسفار المقدسة؟‏ طبعا لا!‏ وهو بالتأكيد لم يحجم عن القيام بأعمال شفاء في السبت،‏ على الرغم من ان ذلك عنى كسر قواعد اليهود البشرية الصنع وحتى تعريض حياته للخطر.‏ (‏متى ١٢:‏​٩-‏١٤‏)‏ وفي الواقع،‏ دان يسوع الفريسيين بصفتهم مرائين لأن تقاليدهم تجاوزت كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ (‏متى ١٥:‏​١-‏٩‏)‏ ولذلك من غير المحتمل ان يكون قد احجم عن التلفظ باسم اللّٰه،‏ وخصوصا بالنظر الى واقع ان اسمه الخاص،‏ يسوع،‏ يعني «يهوه خلاص.‏»‏

      وفي احدى المناسبات وقف يسوع في المجمع وقرأ جزءا من درج اشعياء.‏ وكان القسم الذي قرأه ما ندعوه اليوم اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢‏،‏ حيث يظهر اسم اللّٰه اكثر من مرة.‏ (‏لوقا ٤:‏​١٦-‏٢١‏)‏ فهل كان سيرفض ان يتلفظ بالاسم الالهي هناك،‏ مستبدلا اياه بـ‍ «الرب» او «اللّٰه»؟‏ طبعا لا.‏ فكان ذلك سيعني اتِّباع تقليد القادة الدينيين اليهود غير المؤسس على الاسفار المقدسة.‏ وبالاحرى،‏ نقرأ:‏ «كان يعلِّمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة.‏» —‏ متى ٧:‏٢٩‏.‏

      وفي الواقع،‏ كما تعلَّمنا من قبل،‏ علَّم أتباعه ان يصلّوا الى اللّٰه:‏ «ليتقدس اسمك.‏» (‏متى ٦:‏٩‏)‏ وفي الصلاة في الليلة التي سبقت تنفيذ الحكم فيه قال لأبيه:‏ «اظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لي من بين العالم .‏ .‏ .‏ يا أبَتِ القدوس احفظهم باسمك الذي وهبته لي.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏​٦،‏ ١١‏،‏ الترجمة اليسوعية الحديثة.‏

      وفي ما يتعلق باشارات يسوع هذه الى اسم اللّٰه،‏ يوضح كتاب Der Name Gottes (‏اسم اللّٰه)‏،‏ في الصفحة ٧٦:‏ «لا بد ان نقدِّر الواقع المدهش ان فهم العهد القديم التقليدي لاعلان اللّٰه هو انه اعلان لاسمه وأن ذلك يتواصل الى الاجزاء الختامية للعهد القديم،‏ اجل،‏ يستمر حتى الى الاجزاء الاخيرة للعهد الجديد،‏ حيث نقرأ على سبيل المثال في يوحنا ١٧:‏٦‏:‏ ‹اظهرت اسمك.‏›»‏

      اجل،‏ من غير المعقول الى ابعد حد التفكير ان يسوع احجم عن استعمال اسم اللّٰه،‏ وخصوصا عندما اقتبس من تلك الاجزاء للاسفار العبرانية التي احتوت عليه.‏

      المسيحيون الاولون

      وهل استعمل أتباع يسوع في القرن الاول اسم اللّٰه؟‏ لقد اوصاهم يسوع بأن يتلمذوا اناسا من جميع الامم.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ وكثيرون من الناس الذين يجب ان يُكرز لهم لم تكن لديهم اية فكرة عن اللّٰه الذي اعلن نفسه لليهود بالاسم يهوه.‏ فكيف كان يمكن للمسيحيين ان يحددوا لهم هوية الإله الحقيقي؟‏ هل كان كافيا ان يدعوه اللّٰه او الرب؟‏ كلا.‏ لقد كانت للامم آلهتها وأربابها الخاصة.‏ (‏١ كورنثوس ٨:‏٥‏)‏ فكيف كان يمكن للمسيحيين ان يظهروا بوضوح الفرق بين الإله الحقيقي والآلهة الباطلة؟‏ فقط باستعمال اسم الإله الحقيقي.‏

      لذلك علَّق التلميذ يعقوب خلال اجتماع للشيوخ في اورشليم:‏ «سمعان قد اخبر كيف افتقد اللّٰه اولا الامم ليأخذ منهم شعبا على اسمه.‏ وهذا توافقه اقوال الانبياء.‏» (‏اعمال ١٥:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ والرسول بطرس،‏ في خطابه الشهير يوم الخمسين،‏ اشار الى جزء حيوي من الرسالة المسيحية عندما اقتبس كلمات النبي يوئيل:‏ «كل مَنْ يدعو باسم (‏يهوه)‏ ينجو.‏» —‏ يوئيل ٢:‏٣٢؛‏ اعمال ٢:‏٢١‏.‏

      والرسول بولس لا يترك ايّ شك في اهمية اسم اللّٰه بالنسبة اليه.‏ ففي رسالته الى اهل رومية يقتبس كلمات النبي يوئيل نفسها ويمضي مشجعا الرفقاء المسيحيين على اظهار ايمانهم بتلك العبارة بالخروج للكرازة باسم اللّٰه للآخرين لكي يخلص هؤلاء ايضا.‏ (‏رومية ١٠:‏​١٣-‏١٥‏)‏ وفي ما بعد كتب في رسالته الى تيموثاوس:‏ «ليتجنبِ الاثم كل من يسمِّي اسم (‏يهوه)‏.‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏١٩‏)‏ وفي نهاية القرن الاول استعمل الرسول يوحنا الاسم الالهي في كتاباته.‏ فالتعبير «هللويا،‏» الذي يعني «سبِّحوا ياه،‏» يظهر تكرارا في سفر الرؤيا.‏ —‏ رؤيا ١٩:‏​١،‏ ٣،‏ ٤،‏ ٦‏.‏

      لكنَّ يسوع وأتباعه تنبأوا بأن ارتدادا كان سيحدث في الجماعة المسيحية.‏ كتب الرسول بطرس:‏ «سيكون فيكم ايضا معلِّمون كذبة.‏» (‏٢ بطرس ٢:‏١‏؛‏ انظروا ايضا متى ١٣:‏​٣٦-‏٤٣؛‏ اعمال ٢٠:‏​٢٩،‏ ٣٠؛‏ ٢ تسالونيكي ٢:‏٣؛‏ ١ يوحنا ٢:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏)‏ وقد تمَّت هذه التحذيرات.‏ وكانت احدى النتائج ان اسم اللّٰه حُجب عن الانظار.‏ حتى انه أُزيل من نسخ وترجمات الكتاب المقدس!‏ فلنرَ كيف حدث ذلك.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a يقترح البعض سببا آخر:‏ ربما تأثر اليهود بالفلسفة اليونانية.‏ مثلا،‏ ان فيلون،‏ فيلسوف يهودي من الاسكندرية كان تقريبا معاصرا ليسوع،‏ تأثر كثيرا بالفيلسوف اليوناني أفلاطون،‏ الذي اعتقد انه ملهم من اللّٰه.‏ يذكر Lexikon des Judentums (‏معجم اليهودية)‏،‏ تحت «فيلون،‏» ان فيلون «وحَّد لغة وأفكار الفلسفة اليونانية (‏أفلاطون)‏ بايمان اليهود المعلن» وأنه قبل كل شيء «كان له تأثير واضح في آباء الكنيسة المسيحيين.‏» وعلَّم فيلون ان اللّٰه لا يمكن تعريفه،‏ وبالتالي لا يمكن تسميته.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٤]‏

      هذه الصورة لرئيس كهنة يهودي،‏ مع السمة على عمامته بالعبرانية التي تعني «القداسة ليهوه،‏» موجودة في الڤاتيكان

      ‏[الصورة في الصفحة ١٥]‏

      كما تدل ترجمة الكتاب المقدس الالمانية هذه لسنة ١٨٠٥،‏ عندما قرأ يسوع في المجمع من درج اشعياء،‏ تلفظ باسم اللّٰه بصوت عال.‏ —‏ لوقا ٤:‏​١٨،‏ ١٩

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٦]‏

      بطرس وبولس استعملا اسم اللّٰه عندما اقتبسا من نبوة يوئيل.‏ —‏ اعمال ٢:‏٢١؛‏ رومية ١٠:‏١٣

  • اسم اللّٰه وتراجمة الكتاب المقدس
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • اسم اللّٰه وتراجمة الكتاب المقدس

      في وقت باكر من القرن الثاني،‏ بعد موت آخر الرسل،‏ بدأ جدِّيا الحيدان عن الايمان المسيحي الذي أنبأ به يسوع وأتباعه.‏ فقد تسرَّبت الفلسفات والعقائد الوثنية الى الجماعة؛‏ نشأت الشيع والانقسامات،‏ وافسِدت نقاوة الايمان الاصلية.‏ وجرى التوقف عن استعمال اسم اللّٰه.‏

      واذ انتشرت هذه المسيحية المرتدة،‏ نشأت الحاجة الى ترجمة الكتاب المقدس عن لغتيه الاصليتين العبرانية واليونانية بلغات اخرى.‏ فكيف نقل التراجمة اسم اللّٰه في ترجماتهم؟‏ استعملوا عادةً ما يقابل كلمة «رب.‏» والترجمة ذات التأثير الكبير في ذلك الحين كانت الڤولڠات اللاتينية،‏ ترجمة للكتاب المقدس بقلم جيروم باللاتينية العادية.‏ وقد نقل جيروم الحروف الاربعة للاسم الالهي (‏ي ه‍ و ه‍)‏ باستبدالها بـ‍ Dominus‏،‏ «الرب.‏»‏

      وأخيرا بدأت تظهر في اوروپا لغات جديدة،‏ كالفرنسية،‏ الانكليزية والاسپانية.‏ لكنَّ الكنيسة الكاثوليكية حاولت ان تثني عن ترجمة الكتاب المقدس بهذه اللغات الجديدة.‏ وهكذا فيما رفض اليهود،‏ الذين استعملوا الكتاب المقدس باللغة العبرانية الاصلية،‏ ان يتلفظوا باسم اللّٰه عند رؤيته،‏ فإن معظم «المسيحيين» سمعوا الكتاب المقدس يُقرأ في ترجمات لاتينية لا تستعمل الاسم.‏

      وعلى مرّ الوقت صار اسم اللّٰه يُستعمل ثانية.‏ ففي سنة ١٢٧٨ ظهر في اللاتينية في المؤلَّف Pugio fidei (‏خنجر الايمان)‏،‏ بقلم رايمُندُس مارتيني،‏ راهب اسپاني.‏ ورايمُندُس مارتيني استعمل التهجية Yohoua‏.‏a وبعد وقت قصير،‏ في سنة ١٣٠٣،‏ اكمل پورشيتوس دو سَلڤاتيسيس مؤلَّفا بعنوان Victoria Porcheti adversus impios Hebraeos (‏انتصار پورشيتوس على العبرانيين الفجار)‏.‏ وفيه ذكر هو ايضا اسم اللّٰه،‏ مهجِّيا اياه بأشكال مختلفة Iohouah‏،‏ Ihouah و Iohoua‏.‏ ثم،‏ في سنة ١٥١٨،‏ اصدر پيترُس ڠلاطينوس مؤلَّفا بعنوان De arcanis catholicae veritatis (‏في ما يتعلق بأسرار الحقيقة الكونية)‏ فيه يهجِّي اسم اللّٰه Iehoua‏.‏

      ظهر الاسم في كتاب مقدس انكليزي لاول مرة في سنة ١٥٣٠ حين اصدر وليم تِنْدَل ترجمة للاسفار الخمسة الاولى للكتاب المقدس.‏ وفيها ذكر اسم اللّٰه،‏ الذي جرت تهجيته عادةً Iehouah‏،‏ في عدة اعداد،‏b وفي ملاحظة في هذه الطبعة كتب:‏ «Iehovah هو اسم اللّٰه .‏ .‏ .‏ وفضلا عن ذلك كلما رأيتم LORD [الرب] بحروف كبيرة (‏إلّا اذا كان هنالك ايّ خطإ في الطبع)‏ كان في العبرانية Iehovah.‏» ومن ذلك نشأت عادة استعمال اسم يهوه في مجرد اعداد قليلة وكتابة «LORD» (‏الرب)‏ او «GOD» (‏اللّٰه)‏ في معظم الاماكن الاخرى حيث ترد الحروف الاربعة للاسم الالهي في النص العبراني.‏

      وفي سنة ١٦١١ صدر ما صار الترجمة الانكليزية الاوسع استعمالا،‏ الترجمة المرخَّصة.‏ وفيها ظهر الاسم اربع مرات في النص الرئيسي.‏ (‏خروج ٦:‏٣؛‏ مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ اشعياء ١٢:‏٢؛‏ ٢٦:‏٤‏)‏ وظهر «ياه،‏» اختصار شعري للاسم،‏ في المزمور ٦٨:‏٤‏.‏ وظهر الاسم بكامله في اسماء الامكنة مثل «يهوه يِرْأَه.‏» (‏تكوين ٢٢:‏١٤؛‏ خروج ١٧:‏١٥؛‏ قضاة ٦:‏٢٤‏)‏ لكنَّ التراجمة،‏ اذ اتَّبعوا مثال تِنْدَل،‏ استبدلوا اسم اللّٰه في معظم الحالات بـ‍ «LORD» (‏الرب)‏ او «GOD» (‏اللّٰه)‏.‏ ولكن اذا كان ممكنا ان يظهر اسم اللّٰه في اربعة اعداد،‏ فلماذا لا يمكن ان يظهر في آلاف الاعداد الاخرى كلها التي تحتوي عليه في العبرانية الاصلية؟‏

      كان يجري شيء مماثل في اللغة الالمانية.‏ ففي سنة ١٥٣٤ اصدر مارتن لوثر ترجمته الكاملة للكتاب المقدس،‏ التي اسسها على اللغات الاصلية.‏ ولسبب ما لم يشمل اسم اللّٰه بل استعمل بدائل،‏ مثل HERR (‏«رب»)‏.‏ لكنه كان يعرف الاسم الالهي،‏ لأنه في موعظة عن ارميا ٢٣:‏​١-‏٨‏،‏ ألقاها في سنة ١٥٢٦،‏ قال:‏ «هذا الاسم يهوه،‏ الرب،‏ ينتمي بصورة مطلقة الى الإله الحقيقي.‏»‏

      وفي سنة ١٥٤٣ كتب لوثر بصراحة مميِّزة:‏ «أما انهم [اليهود] يزعمون الآن ان الاسم يهوه لا يمكن التلفظ به،‏ فهم لا يعرفون ما يتكلمون عنه .‏ .‏ .‏ فإذا كان يمكن كتابته بقلم وحبر،‏ فلمَ لا ينبغي التكلم به،‏ الامر الافضل بكثير من كتابته بقلم وحبر؟‏ ولمَ لا يعتبرون ايضا انه لا يمكن كتابته،‏ لا يمكن قراءته او لا يمكن التفكير فيه؟‏ واذ تؤخذ كل الامور بعين الاعتبار،‏ هنالك شيء كريه.‏» ومع ذلك،‏ لم يصحِّح لوثر الامور في ترجمته للكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ في السنوات اللاحقة،‏ احتوت كتب مقدسة المانية اخرى على الاسم في نص الخروج ٦:‏٣‏.‏

      وفي القرون التالية مضى تراجمة الكتاب المقدس في احد الاتجاهين.‏ فتجنب البعض ايّ استعمال لاسم اللّٰه،‏ فيما استعمله آخرون بصورة شاملة في الاسفار العبرانية،‏ إما بالصيغة يَهوَه او بالصيغة يَهوِه.‏ فلنتأمل في ترجمتين تجنبتا الاسم ولنرَ لماذا،‏ بحسب تراجمتهما،‏ جرى ذلك.‏

      لماذا حذفوه

      عندما انتج ج.‏ م.‏ پاويس سميث وادڠار ج.‏ ڠودسپيد ترجمة عصرية للكتاب المقدس في سنة ١٩٣٥،‏ وجد القرّاء ان LORD (‏الرب)‏ و GOD (‏اللّٰه)‏ جرى استعمالهما في معظم الاماكن كبديلين لاسم اللّٰه.‏ وشُرِح السبب في المقدمة:‏ «في هذه الترجمة اتَّبعنا العُرف اليهودي التقليدي واستبدلنا الاسم ‹يَهوِه› بـ‍ ‹الرب› والعبارة ‹الرب يَهوِه› بعبارة ‹الرب الإله.‏› وفي جميع الحالات حيث الكلمة ‹الرب› او ‹الإله› تمثِّل الكلمة الاصلية ‹يَهوِه› تُستخدَم حروف استهلالية صغيرة.‏»‏

      ثم،‏ في إبطال غير عادي لتقليد اليهود الذين كانوا يقرأون ي ه‍ و ه‍ وانما يتلفظون به «الرب،‏» تقول المقدمة:‏ «ولذلك فان كل مَن يرغب في الاحتفاظ بمذاق النص الاصلي ما عليه إلا ان يقرأ ‹يَهوِه› حيثما يرى LORD [الرب] او GOD [اللّٰه]»!‏

      وعند قراءة ذلك،‏ يخطر ببالنا فورا السؤال:‏ اذا كانت قراءة « يَهوِه» عوضا عن «LORD» (‏الرب)‏ تحتفظ «بمذاق النص الاصلي،‏» فلماذا لم يستعمل التراجمة « يَهوِه» في ترجمتهم؟‏ ولماذا،‏ كما يقولون،‏ ‹استبدلوا› اسم اللّٰه بالكلمة «LORD» (‏الرب)‏ وبالتالي اخفَوا مذاق النص الاصلي؟‏

      يقول التراجمة انهم كانوا يتبعون العُرف اليهودي التقليدي.‏ ولكن،‏ بالنسبة الى المسيحي،‏ هل من الحكمة فعل ذلك؟‏ تذكَّروا ان الفريسيين،‏ حافظي العُرف اليهودي التقليدي،‏ هم الذين رفضوا يسوع والذين قال لهم:‏ «ابطلتم وصية اللّٰه بسبب تقليدكم.‏» (‏متى ١٥:‏٦‏)‏ ومثل هذا الاستبدال يُضعف حقا كلمة اللّٰه.‏

      وفي سنة ١٩٥٢ جرى اصدار الترجمة القانونية المنقحة للاسفار العبرانية بالانكليزية،‏ وهذا الكتاب المقدس ايضا استعمل بدائل لاسم اللّٰه.‏ وكان ذلك جديرا بالملاحظة لأن الترجمة الاميركية القانونية الاصلية،‏ التي كانت هذه تنقيحا لها،‏ استعملت الاسم يهوه في كل الاسفار العبرانية.‏ ولذلك كان إغفال الاسم انحرافا بارزا.‏ فلماذا جرى ذلك؟‏

      في مقدمة الترجمة القانونية المنقحة،‏ نقرأ:‏ «لسببين رجعت اللجنة الى الاستعمال المألوف اكثر لترجمة الملك جيمس [اي،‏ إغفال اسم اللّٰه]:‏ (‏١)‏ ان الكلمة ‹يهوه› لا تمثِّل بدقة اية صيغة للاسم استعملت ذات مرة في العبرانية؛‏ و (‏٢)‏ ان استعمال ايِّ اسم علم للإله الواحد والوحيد،‏ كما لو كانت هنالك آلهة اخرى يجب تمييزه عنها،‏ جرى التوقف عنه في الديانة اليهودية قبل العصر المسيحي وهو غير ملائم اطلاقا للايمان العام للكنيسة المسيحية.‏»‏

      هل هاتان حجتان سليمتان؟‏ حسنا،‏ كما نوقش سابقا،‏ لا يمثِّل الاسم يسوع بدقة الصيغة الاصلية لاسم ابن اللّٰه التي استعملها أتباعه.‏ لكنَّ ذلك لم يقنع اللجنة بأن تتجنب استعمال هذا الاسم وان تستعمل عوضا عنه لقبا مثل «الوسيط» او «المسيح.‏» صحيح ان هذين اللقبَين مستعملان،‏ انما اضافة الى الاسم يسوع،‏ لا عوضا عنه.‏

      أما بالنسبة الى الحجة بأنه ليست هنالك آلهة اخرى يجب تمييز الإله الحقيقي عنها،‏ فذلك غير صحيح.‏ فهنالك ملايين الآلهة التي يعبدها الجنس البشري.‏ ذكر الرسول بولس:‏ «يوجد آلهة كثيرون.‏» (‏١ كورنثوس ٨:‏٥؛‏ فيلبي ٣:‏١٩‏)‏ طبعا،‏ هنالك إله حقيقي واحد فقط،‏ كما يتابع بولس قوله.‏ ولذلك فإن احدى الفوائد العظمى لاستعمال اسم الإله الحقيقي هي انه يفرزه عن كل الآلهة الباطلة.‏ وعلاوة على ذلك،‏ اذا كان استعمال اسم اللّٰه «غير ملائم اطلاقا،‏» فلماذا يظهر نحو ٠٠٠‏,٧ مرة في الاسفار العبرانية الاصلية؟‏

      الحقيقة هي ان تراجمة عديدين لم يشعروا بأن الاسم،‏ بتلفظه العصري،‏ غير ملائم في الكتاب المقدس.‏ وقد شملوه بترجماتهم،‏ وكانت النتيجة دائما ترجمة تعطي المزيد من الاكرام لمؤلف الكتاب المقدس وتلتصق اكثر بأمانة بالنص الاصلي.‏ وبعض الترجمات المستعملة على نحو واسع التي تشمل الاسم هي ترجمة ڤاليرا (‏اسپانية،‏ صدرت في سنة ١٦٠٢)‏،‏ ترجمة ألمايدا (‏پرتغالية،‏ صدرت في سنة ١٦٨١)‏،‏ ترجمة إلبِرفِلدر الاصلية (‏المانية،‏ صدرت في سنة ١٨٧١)‏،‏ بالاضافة الى الترجمة الاميركية القانونية (‏انكليزية،‏ صدرت في سنة ١٩٠١)‏.‏ وبعض الترجمات،‏ وخصوصا الكتاب المقدس الاورشليمي،‏ تستعمل ايضا بشكل ثابت اسم اللّٰه انما بالتهجية Yahweh.‏

      اقرأوا الآن تعليقات بعض التراجمة الذين شملوا الاسم بترجماتهم وقارِنوا حججهم بتلك التي لاولئك الذين أغفلوا الاسم.‏

      لماذا يشمل آخرون الاسم

      في ما يلي تعليق تراجمة الترجمة الاميركية القانونية لسنة ١٩٠١:‏ «وصل [التراجمة] الى الاقتناع الاجماعي بأن الخرافة اليهودية،‏ التي اعتبرت الاسم الالهي اقدس من ان يُنطق به،‏ لا ينبغي ان تسود بعدُ في الترجمة الانكليزية او اية ترجمة اخرى للعهد القديم .‏ .‏ .‏ فهذا الاسم التذكاري،‏ الذي يجري ايضاحه في الخروج ٣:‏​١٤،‏ ١٥‏،‏ والتشديد عليه بحد ذاته تكرارا في النص الاصلي للعهد القديم،‏ يشير الى اللّٰه بصفته الإله الشخصي،‏ إله العهد،‏ إله الاعلان،‏ المنقذ،‏ صديق شعبه .‏ .‏ .‏ وهذا الاسم الشخصي،‏ بغنى صِلاته المقدسة،‏ يُردُّ الآن في النص المقدس الى المكان الذي له الحق القاطع فيه.‏»‏

      وبشكل مماثل،‏ في مقدمة إلبِرفِلدر بِبَل الالماني الاصلي نقرأ:‏ «يهوڤاه Jehova.‏ احتفظنا بهذا الاسم لإله عهد اسرائيل لأن القارئ اعتاده لسنين.‏»‏

      ويوضح ستيڤن ت.‏ باينتون،‏ مترجم الكتاب المقدس بالانكليزية الحية،‏ لماذا يستعمل اسم اللّٰه:‏ «ان التهجية والتلفظ ليسا مهمين جدا.‏ فالمهم جدا هو ان يبقى واضحا ان هذا هو اسم شخصي.‏ وهنالك آيات عديدة لا يمكن فهمها بلياقة اذا ترجمنا هذا الاسم باسم عام مثل ‹رب،‏› او اردأ بكثير،‏ بنعت مستعمل كاسم [مثلا،‏ السرمدي].‏»‏

      وقضية ترجمة اخرى،‏ بقلم ج.‏ ب.‏ رذرهام،‏ مثيرة للاهتمام.‏ فقد استعمل اسم اللّٰه في ترجمته لكنه فضَّل الصيغة يَهوِه.‏ أما في مؤلَّف لاحق،‏ Studies in the Psalms (‏دراسات في المزامير)‏،‏ صادر في سنة ١٩١١،‏ فقد عاد الى الصيغة جِهوڤاه.‏ ولماذا؟‏ يوضح:‏ «جِهوڤاه.‏ —‏ ان استعمال هذه الصيغة الانكليزية للاسم التذكاري (‏خروج ٣:‏١٨‏)‏ في الترجمة الحالية لسفر المزامير لا ينشأ عن ايّ شك في ما يتعلق بالتلفظ الاصح،‏ بأنه يَهوِه؛‏ وانما فقط عن الدليل العملي المنتقى شخصيا للرغبة في البقاء على اتصال بأذن وعين الجمهور في مسألة من هذا النوع،‏ حيث الشيء الرئيسي هو الادراك السهل للاسم الالهي المقصود.‏»‏

      في المزمور ٣٤:‏٣ يجري حضّ عبَّاد يهوه:‏ «عظِّموا (‏يهوه)‏ معي ولنعلِّ اسمه معا.‏» فكيف يمكن لقرّاء ترجمات الكتاب المقدس التي تحذف اسم اللّٰه ان يتجاوبوا كاملا مع هذا الحضِّ؟‏ ويسعد المسيحيين ان تكون لدى بعض التراجمة على الاقل الشجاعة لشمل اسم اللّٰه بترجماتهم للاسفار العبرانية،‏ وبالتالي حفظ ما دعاه سميث وڠودسپيد «مذاق النص الاصلي.‏»‏

      لكنَّ معظم الترجمات،‏ حتى عندما تشمل اسم اللّٰه بالاسفار العبرانية،‏ تحذفه من الاسفار اليونانية المسيحية،‏ «العهد الجديد.‏» فما هو سبب ذلك؟‏ وهل هنالك ايّ مبرر لشمل اسم اللّٰه بهذا الجزء الاخير من الكتاب المقدس؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a ولكنَّ طبعات هذا المؤلَّف،‏ التي يعود تاريخها الى ما بعد بضعة قرون،‏ تشتمل على التهجية Jehova للاسم الالهي.‏

      b تكوين ١٥:‏٢؛‏ خروج ٦:‏٣؛‏ ١٥:‏٣؛‏ ١٧:‏١٦؛‏ ٢٣:‏١٧؛‏ ٣٣:‏١٩؛‏ ٣٤:‏٢٣؛‏ تثنية ٣:‏٢٤‏.‏ وذكر تِنْدَل ايضا اسم اللّٰه في حزقيال ١٨:‏٢٣ و ٣٦:‏٢٣ في ترجماته التي أضيفت في آخر العهد الجديد،‏ انتورپ،‏ ١٥٣٤.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧]‏

      ان تراجمة الترجمة المرخَّصة حفظوا اسم اللّٰه،‏ يهوه،‏ في اربعة اعداد فقط،‏ مستبدلين اياه بـ‍ GOD (‏اللّٰه)‏ و LORD (‏الرب)‏ في كل الاماكن الاخرى

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٢]‏

      اذا كان استعمال اسم اللّٰه «غير ملائم اطلاقا،‏» فلماذا يظهر نحو ٠٠٠‏,٧ مرة في النص العبراني الاصلي؟‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٠،‏ ٢١]‏

      عداء لاسم اللّٰه؟‏

      في الوقت الحاضر لا توجد ترجمة متداولة للكتاب المقدس باللغة الافريقانية (‏التي يتكلمها سكان جنوب افريقيا من اصل هولندي)‏ تحتوي على اسم اللّٰه.‏ وهذا مثير للدهشة،‏ لأن ترجمات عديدة باللغات القبلية المحكية في ذلك البلد تستعمل الاسم بحرّية.‏ فلنرَ كيف حدث ذلك.‏

      في ٢٤ آب ١٨٧٨ قُدِّم التماس شديد في اجتماع لجمعية الافريقانيين المخلصين (‏G.‎R.‎A.‎)‏ ان تُصنع ترجمة للكتاب المقدس باللغة الافريقانية.‏ وبعد ست سنوات اثيرت المسألة ثانية،‏ وتقرَّر اخيرا ان يمضوا قدما ويترجموا الكتاب المقدس عن الألسنة الاصلية.‏ وعُهِد في العمل الى س.‏ ج.‏ دو توا،‏ مدير التربية في الترانسڤال.‏

      شملت رسالة توجيهية الى دو توا الارشاد التالي:‏ «ان الاسم العلم للرب،‏ Jehovah او Jahvê،‏ يجب ان يُترك دون ترجمة [اي،‏ ان لا يُستبدل بالرب او اللّٰه] من البداية الى النهاية.‏» فترجم س.‏ ج.‏ دو توا سبعة اسفار للكتاب المقدس بالافريقانية،‏ وظهر الاسم يهوه من البداية الى النهاية.‏

      واحتوت ايضا مطبوعات جنوب افريقية اخرى في وقت من الاوقات على اسم اللّٰه.‏ مثلا،‏ في De Korte Catechismus (‏كتاب التعليم الديني المختصر)‏،‏ بقلم ج.‏ أ.‏ ماليرب،‏ ١٩١٤،‏ ورد ما يلي:‏ «ما هو اسم اللّٰه الفائق؟‏» الجواب؟‏ «جِهوڤاه،‏ المكتوب LORD [الرب] بحروف كبيرة في كتبنا المقدسة.‏ وهذا [الاسم] لم يطلق قط على ايّ مخلوق.‏»‏

      وفي Die Katkisasieboek (‏كتاب تعليم ديني اصدرته لجنة مدرسة الاحد الاتحادية للكنيسة المُصلَحة الهولندية في جنوب افريقيا)‏ ورد السؤال التالي:‏ «اذًا ألا يمكننا ابدا ان نستعمل الاسم جِهوڤاه او LORD [الرب]؟‏ هذا ما يفعله اليهود .‏ .‏ .‏ وليس هذا ما تعنيه الوصية.‏ .‏ .‏ .‏ فيمكننا ان نستعمل اسمه،‏ ولكن ليس ابدا بغير احترام.‏» وحتى وقت قريب،‏ فإن طبعات جديدة من Die Halleluja (‏كتاب تراتيل)‏ احتوت ايضا على الاسم يهوه في بعض التراتيل.‏

      لكنَّ ترجمة دو توا لم تكن شعبية،‏ وفي سنة ١٩١٦ جرى تعيين لجنة لترجمة الكتاب المقدس بغية الاهتمام بانتاج كتاب مقدس افريقاني.‏ وتبنَّت هذه اللجنة سياسة حذف اسم يهوه من الكتاب المقدس.‏ وفي سنة ١٩٧١ اصدرت جمعية الكتاب المقدس لجنوب افريقيا «ترجمة تجريبية» لاسفار قليلة للكتاب المقدس بالافريقانية.‏ وفيما ذُكر اسم اللّٰه في المقدمة،‏ إلا انه لم يُستعمل في نص الترجمة.‏ وبشكل مماثل،‏ في سنة ١٩٧٩ ظهرت ترجمة جديدة لِـ‍ «العهد الجديد» والمزامير وحذفت ايضا اسم اللّٰه.‏

      وفضلا عن ذلك،‏ منذ سنة ١٩٧٠ ازيل ذكر الاسم يهوه من Die Halleluja‏.‏ والطبعة السادسة من نسخة Die Katkisasieboek المنقحة،‏ التي اصدرتها الكنيسة المُصلَحة الهولندية في جنوب افريقيا،‏ تحذف الآن ايضا الاسم.‏

      وفي الواقع،‏ ان الجهود لحذف الصيغة جِهوڤاه لا تقتصر على الكتب.‏ فقد كان لدى كنيسة مُصلَحة هولندية في پارل حجر زاوية نُقشت عليه الكلمات JEHOVAH JIREH (‏«يهوه سيزوِّد»)‏.‏ وظهرت صورة لهذه الكنيسة وحجر زاويتها في عدد ٢٢ تشرين الاول ١٩٧٤ من مجلة استيقظ!‏ باللغة الافريقانية.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ جرى استبدال حجر الزاوية بآ‌خر عليه الكلمات DIE HERE SAL VOORSIEN (‏«الرب سيزوِّد»)‏.‏ والاشارة الى الآية والتاريخ على حجر الزاوية تُركا كما كانا،‏ لكنَّ الاسم يهوه جرت ازالته.‏

      لذلك فإن كثيرين من الافريقانيين اليوم يجهلون اسم اللّٰه.‏ واعضاء الكنيسة الذين يعرفونه يحجمون عن استعماله.‏ حتى ان البعض يحاجّون ضده،‏ قائلين ان اسم اللّٰه هو LORD (‏الرب)‏ ومتهمين شهود يهوه بابتكار الاسم يهوه.‏

      ‏[الصور]‏

      كنيسة مُصلَحة هولندية في پارل،‏ جنوب افريقيا.‏ في الاصل،‏ كان الاسم جِهوڤاه محفورا على حجر الزاوية (‏فوق الى اليمين)‏.‏ ولاحقا،‏ جرى استبداله (‏فوق الى اليسار)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

      ان اسم اللّٰه بالصيغة Yohoua ظهر سنة ١٢٧٨ في المؤلَّف Pugio fidei كما هو ظاهر في هذه المخطوطة (‏التي يرجع تاريخها الى القرن الـ‍ ١٣ او الـ‍ ١٤)‏ من مكتبة سانت جنڤياڤ،‏ باريس،‏ فرنسا (‏الصفحة ١٦٢ ب)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

      في ترجمته للاسفار الخمسة الاولى للكتاب المقدس،‏ الصادرة في سنة ١٥٣٠،‏ وضع وليم تِنْدَل اسم اللّٰه في الخروج ٦:‏٣‏.‏ وأوضح استعماله للاسم في ملاحظة للترجمة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      ‏(Photograph courtesy of the American Bible Society Library,‎ New York)‏

  • اسم اللّٰه و «العهد الجديد»‏
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • اسم اللّٰه و «العهد الجديد»‏

      ان مركز اسم اللّٰه راسخ في الاسفار العبرانية،‏ «العهد القديم.‏» وعلى الرغم من ان اليهود توقفوا اخيرا عن التلفظ به،‏ فإن معتقداتهم الدينية منعتهم من ازالة الاسم عندما صنعوا نسخا لمخطوطات الكتاب المقدس الاقدم.‏ لذلك تحتوي الاسفار العبرانية على اسم اللّٰه تكرارا اكثر من ايّ اسم آخر.‏

      والوضع يختلف مع الاسفار اليونانية المسيحية،‏ «العهد الجديد.‏» فمخطوطات سفر الرؤيا (‏آخر اسفار الكتاب المقدس)‏ تشتمل على اسم اللّٰه بصيغته المختصرة،‏ «ياه،‏» (‏في الكلمة «هللويا»)‏.‏ ولكن عدا ذلك،‏ ما من مخطوطة يونانية قديمة نملكها اليوم للاسفار من متى الى الرؤيا تحتوي على اسم اللّٰه بكامله.‏ فهل يعني ذلك ان الاسم لا يجب ان يكون هناك؟‏ يكون ذلك مستغربا نظرا الى ان أتباع يسوع ادركوا اهمية اسم اللّٰه،‏ وأن يسوع علَّمنا ان نصلّي لأجل تقديس اسم اللّٰه.‏ فماذا حدث؟‏

      لفهم ذلك،‏ تذكَّروا ان مخطوطات الاسفار اليونانية المسيحية التي نملكها اليوم ليست الاصلية.‏ فالاسفار الفعلية التي كتبها متى،‏ لوقا وكتبة الكتاب المقدس الآخرون استُعملت كثيرا وبليت بسرعة.‏ لذلك صُنعت النسخ،‏ وعندما بليت هذه،‏ صُنعت نسخ اضافية لتلك النسخ.‏ وهذا ما نتوقعه،‏ لأن النسخ كانت تُصنع عادة لتُستعمل،‏ لا لتُحفظ.‏

      هنالك آلاف النسخ من الاسفار اليونانية المسيحية اليوم،‏ لكنَّ معظمها صُنع خلال او بعد القرن الرابع لعصرنا الميلادي.‏ وهذا يقترح امرا ممكنا:‏ هل حصل شيء ما لنص الاسفار اليونانية المسيحية قبل القرن الرابع مما ادى الى إغفال اسم اللّٰه؟‏ تبرهن الوقائع ان شيئا ما قد حصل.‏

      الاسم كان هناك

      يمكننا التيقن ان الرسول متى شمل اسم اللّٰه بانجيله.‏ ولماذا؟‏ لأنه كتبه في الاصل بالعبرانية.‏ وفي القرن الرابع اخبر جيروم،‏ الذي ترجم الڤولڠات اللاتينية:‏ «متَّى،‏ الذي هو لاوي ايضا،‏ والذي من جابي ضرائب صار رسولا،‏ وضع اولا انجيل المسيح في اليهودية باللغة العبرانية .‏ .‏ .‏ أما من ترجمه بعد ذلك باليونانية فليس اكيدا كفاية.‏ وفضلا عن ذلك،‏ فإن الانجيل العبراني نفسه محفوظ الى هذا اليوم في المكتبة في قيصرية.‏»‏

      وبما ان متى كتب بالعبرانية،‏ فلا يمكن التصوُّر انه لم يستعمل اسم اللّٰه،‏ وخصوصا عند الاقتباس من اجزاء من «العهد القديم» الذي احتوى على الاسم.‏ لكنَّ الكتبة الآخرين للجزء الثاني من الكتاب المقدس كتبوا لجمهور اممي باللغة العالمية لذلك الزمان،‏ اليونانية.‏ لذلك لم يقتبسوا من الكتابات العبرانية الاصلية بل من الترجمة السبعينية اليونانية.‏ وحتى انجيل متى تُرجم اخيرا باليونانية.‏ فهل كان اسم اللّٰه سيظهر في هذه الكتابات اليونانية؟‏

      حسنا،‏ ان بعض الجُذاذات القديمة جدا من الترجمة السبعينية التي كانت في الواقع موجودة في زمن يسوع بقيت الى يومنا،‏ ومن الجدير بالذكر ان اسم اللّٰه الشخصي ظهر فيها.‏ يقول The New International Dictionary of New Testament Theology (‏القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد)‏ (‏المجلد ٢،‏ الصفحة ٥١٢)‏:‏ «ان الاكتشافات الاخيرة للنص تلقي شكا على الفكرة ان جامعي الـ‍ LXX [‏الترجمة السبعينية ] نقلوا الحروف الاربعة للاسم الالهي ي ه‍ و ه‍ الى كيريوس.‏ والمخطوطات (‏الجُذاذات)‏ الاقدم للـ‍ LXX المتوفرة لنا الآن تشتمل على الحروف الاربعة للاسم الالهي مكتوبة بالعبرانية في النص اليوناني.‏ واحتفظ بهذه العادة التراجمة اليهود اللاحقون للعهد القديم في القرون الاولى بعد الميلاد.‏» لذلك،‏ سواء قرأ يسوع وتلاميذه الاسفار المقدسة بالعبرانية او باليونانية،‏ فإنهم كانوا سيصادفون الاسم الالهي.‏

      لهذا السبب،‏ قدَّم الپروفسور جورج هوارد،‏ من جامعة جورجيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ هذا التعليق:‏ «عندما احتوت الترجمة السبعينية،‏ التي استعملتها واقتبست منها كنيسة العهد الجديد،‏ على الصيغة العبرانية للاسم الالهي،‏ لا شك ان كتبة العهد الجديد شملوا الحروف العبرانية الاربعة للاسم الالهي باقتباساتهم.‏» (‏Biblical Archaeology Review‏)‏ (‏المجلة النقدية لآثار الكتاب المقدس،‏ آذار ١٩٧٨،‏ الصفحة ١٤)‏ وأيّ اساس كان لديهم ليفعلوا بخلاف ذلك؟‏

      بقي اسم اللّٰه في الترجمات اليونانية لِـ‍ «العهد القديم» فترة اطول.‏ ففي النصف الاول من القرن الثاني بعد الميلاد صنع المهتدي اليهودي أَكوِلا ترجمة جديدة للاسفار العبرانية باليونانية،‏ وفيها مثَّل اسم اللّٰه بالحروف الاربعة للاسم الالهي بالعبرانية القديمة.‏ وفي القرن الثالث كتب اوريجانس:‏ «وفي المخطوطات الأدقّ يظهر الاسم بالحروف العبرانية،‏ انما ليس [بالحروف] العبرانية الحديثة،‏ بل بأقدمها.‏»‏

      وحتى في القرن الرابع يكتب جيروم في مقدمته لاسفار صموئيل والملوك:‏ «ونجد اسم اللّٰه،‏ الحروف الاربعة للاسم الالهي [יהוה]،‏ في بعض المجلدات اليونانية حتى الى هذا اليوم معبَّرا عنه بحروف قديمة.‏»‏

      ازالة الاسم

      ولكن،‏ بحلول ذلك الوقت،‏ كان الارتداد الذي أنبأ به يسوع قد تشكل،‏ وكان الاسم،‏ على الرغم من ظهوره في المخطوطات،‏ يُستعمل اقل فأقل.‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠؛‏ اعمال ٢٠:‏​٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وأخيرا،‏ فإن قرّاء كثيرين لم يدركوا حتى ما هو،‏ ويخبر جيروم انه في زمنه «اعتاد بعض الجهال،‏ بسبب تشابه الحروف،‏ عندما يجدون [الحروف الاربعة للاسم الالهي] في الاسفار اليونانية،‏ ان يقرأوا ΠΙΠΙ‏.‏»‏

      وفي نسخ لاحقة من الترجمة السبعينية أُزيل اسم اللّٰه واستُبدل بكلمات مثل «اللّٰه» (‏ثِيوس )‏ و «الرب» (‏كيريوس )‏.‏ ونعرف ان ذلك قد حدث لأننا نملك جُذاذات باكرة من الترجمة السبعينية حيث اسم اللّٰه مشمول ونسخا لاحقة من هذه الاجزاء نفسها من الترجمة السبعينية حيث أُزيل اسم اللّٰه.‏

      والامر نفسه حصل في «العهد الجديد،‏» او الاسفار اليونانية المسيحية.‏ يتابع الپروفسور جورج هوارد قائلا:‏ «وعندما حُذفت الصيغة العبرانية للاسم الالهي لمصلحة البدائل اليونانية في الترجمة السبعينية،‏ حُذفت ايضا في اقتباسات العهد الجديد من الترجمة السبعينية.‏ .‏ .‏ .‏ وقبل مضي وقت طويل فقدت الكنيسة الاممية الاسم الالهي إلا بقدر ما انعكس في البدائل المختصرة او تذكَّره العلماء.‏»‏

      لذلك،‏ فيما رفض اليهود ان يتلفظوا باسم اللّٰه،‏ فإن الكنيسة المسيحية المرتدة تدبرت امر ازالته كاملا من مخطوطات اللغة اليونانية لجزئي الكتاب المقدس كليهما،‏ وكذلك من الترجمات باللغات الاخرى.‏

      الحاجة الى الاسم

      وأخيرا،‏ كما رأينا سابقا،‏ جرى ردّ الاسم الى ترجمات عديدة للاسفار العبرانية.‏ ولكن ماذا عن الاسفار اليونانية؟‏ حسنا،‏ صار تراجمة وتلاميذ الكتاب المقدس يدركون انه،‏ بدون اسم اللّٰه،‏ يصعب جدا فهم بعض اجزاء الاسفار اليونانية المسيحية بشكل لائق.‏ وردّ الاسم هو عون كبير في جعل هذا الجزء من الكتاب المقدس الموحى به واضحا ومفهوما اكثر.‏

      مثلا،‏ تأملوا في كلمات بولس الى اهل رومية،‏ كما تظهر في الترجمة المرخَّصة:‏ «لأن كل مَن يدعو باسم الرب يخلص.‏» (‏رومية ١٠:‏١٣‏)‏ فباسم مَن يجب ان ندعو لنخلص؟‏ وبما ان يسوع غالبا ما يجري التكلم عنه بصفته ‹ربًّا،‏› حتى ان احدى الآيات تقول:‏ «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص،‏» فهل يجب ان نستنتج ان بولس كان يتكلم هنا عن يسوع؟‏ —‏ اعمال ١٦:‏٣١‏،‏ الترجمة المرخَّصة.‏

      كلا،‏ لا يجب ان نستنتج ذلك.‏ فالاشارة الهامشية الى رومية ١٠:‏١٣ في الترجمة المرخَّصة توجهنا الى يوئيل ٢:‏٣٢ في الاسفار العبرانية.‏ واذا فحصتم هذه الاشارة،‏ فستجدون ان بولس في رسالته الى اهل رومية كان يقتبس في الواقع كلمات يوئيل؛‏ وما قاله يوئيل في العبرانية الاصلية كان:‏ «كل مَن يدعو باسم يهوه ينجو.‏» (‏ترجمة العالم الجديد )‏ نعم،‏ عنى بولس هنا انه يجب ان ندعو باسم يهوه.‏ ولذلك،‏ فيما يجب ان نؤمن بيسوع،‏ فإن خلاصنا مرتبط على نحو وثيق بالتقدير اللائق لاسم اللّٰه.‏

      يوضح هذا المثال كيف ان ازالة اسم اللّٰه من الاسفار اليونانية ساهمت في الخلط بين يسوع ويهوه في اذهان كثيرين.‏ ولا شك انها ساهمت كثيرا في تطوُّر عقيدة الثالوث!‏

      هل يجب ردّ الاسم؟‏

      هل للترجمان ايّ حق في ردّ الاسم،‏ نظرا الى ان المخطوطات الموجودة لا تشتمل عليه؟‏ نعم،‏ له الحق في ذلك.‏ ومعظم المعاجم اليونانية تعترف بأن كلمة «الرب» في الكتاب المقدس غالبا ما تشير الى يهوه.‏ مثلا،‏ في الجزء تحت الكلمة اليونانية كيريوس (‏«الرب»)‏،‏ يقول A Greek and English Lexicon of the New Testament (‏معجم يوناني وانكليزي للعهد الجديد)‏ لواضعه روبنسون (‏طُبع في سنة ١٨٥٩)‏ انها تعني «اللّٰه بصفته الرب الاسمى والمتسلط في الكون،‏ وعادة في الترجمة السبعينية مقابل الكلمة العبرانية יְהוָֹה يهوه.‏»‏ اذًا،‏ في الاماكن حيث يقتبس كتبة الاسفار اليونانية المسيحية من الاسفار العبرانية الابكر،‏ يحقّ للترجمان ان ينقل الكلمة كيريوس الى «يهوه» حيثما ظهر الاسم الالهي في الاصل العبراني.‏

      لقد فعل ذلك تراجمة كثيرون.‏ وابتداء من القرن الـ‍ ١٤ على الاقل صُنعت ترجمات عبرانية عديدة للاسفار اليونانية المسيحية.‏ فماذا فعل التراجمة عندما وصلوا الى اقتباسات من «العهد القديم» حيث يظهر اسم اللّٰه؟‏ غالبا ما شعروا بأنهم مضطرون الى ردّ اسم اللّٰه الى النص.‏ ان ترجمات عديدة لبعض او لكامل الاسفار اليونانية المسيحية بالعبرانية تحتوي على اسم اللّٰه.‏

      والترجمات باللغات العصرية،‏ وخصوصا تلك التي يستعملها المرسلون،‏ اتَّبعت هذا المثال.‏ وهكذا فإن ترجمات عديدة للاسفار اليونانية بلغات افريقيا،‏ آسيا،‏ اميركا وجزر الپاسيفيكي تستعمل الاسم يهوه بوفرة لكي يتمكن القرّاء من ان يروا بوضوح الفرق بين الإله الحقيقي والآلهة الباطلة.‏ وقد ظهر الاسم ايضا في ترجمات بلغات اوروپية.‏

      واحدى الترجمات التي تردّ بشجاعة اسم اللّٰه بأساس جيد هي ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وهذه الترجمة،‏ المتوفرة حاليا بِـ‍ ٢٧ لغة عصرية،‏ بما فيها الانكليزية،‏ ردَّت اسم اللّٰه كلما جرى الاقتباس في الاسفار اليونانية من جزء من الاسفار العبرانية يحتوي عليه.‏ وبالاجمال،‏ يظهر الاسم بأساس سليم ٢٣٧ مرة في هذه الترجمة للاسفار اليونانية.‏

      مقاومة الاسم

      على الرغم من جهود تراجمة كثيرين لردّ اسم اللّٰه في الكتاب المقدس،‏ كان هنالك دائما ضغط ديني لحذفه.‏ فاليهود،‏ على الرغم من تركه في كتبهم المقدسة،‏ رفضوا التلفظ به.‏ والمسيحيون المرتدّون للقرنين الثاني والثالث ازالوه عندما صنعوا نسخا لمخطوطات الكتاب المقدس اليونانية وأغفلوه عندما صنعوا ترجمات للكتاب المقدس.‏ والتراجمة في الازمنة العصرية ازالوه،‏ حتى عندما اسسوا ترجماتهم على العبرانية الاصلية،‏ حيث يظهر نحو ٠٠٠‏,٧ مرة.‏ (‏يظهر ٩٧٣‏,٦ مرة في النص العبراني لِـ‍ ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة،‏ طبعة ١٩٨٤.‏)‏

      وكيف ينظر يهوه الى اولئك الذين يزيلون اسمه من الكتاب المقدس؟‏ اذا كنتم مؤلِّفا،‏ فكيف تشعرون حيال شخص بذل اقصى ما في وسعه لازالة اسمكم من الكتاب الذي ألَّفتموه؟‏ ان التراجمة الذين يعترضون على الاسم،‏ فاعلين ذلك بسبب مشاكل التلفظ او بسبب التقليد اليهودي،‏ يمكن تشبيههم باولئك الذين قال يسوع انهم «يُصفّون عن البعوضة ويبلعون الجمل.‏» (‏متى ٢٣:‏٢٤‏)‏ فهم يعثرون بهذه المشاكل الاصغر انما لينتهي بهم الامر الى خلق مشكلة اكبر —‏ بازالة اسم اعظم شخصية في الكون من الكتاب الذي اوحى به.‏

      كتب المرنم الملهم:‏ «حتى متى يا اللّٰه يعيِّر المقاوم ويُهين العدوُّ اسمك الى الغاية.‏» —‏ مزمور ٧٤:‏١٠‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٤]‏

      ‏«الرب» —‏ كلمة مرادفة لِـ‍ «يهوه»؟‏

      ان ازالة اسم اللّٰه الشخصي المميِّز من الكتاب المقدس واستبداله بلقب مثل «الرب» او «اللّٰه» يجعل النص ضعيفا ولا يفي بالغرض بطرائق عديدة.‏ مثلا،‏ يمكن ان يؤدي ذلك الى مجموعات من الكلمات لا معنى لها.‏ ففي مقدمته يقول الكتاب المقدس الاورشليمي:‏ «ان نقول ‹الرب هو اللّٰه› هو بالتأكيد لغو [تكرار لا لزوم،‏ او لا معنى،‏ له]،‏ أما ان نقول ‹يَهوِه هو اللّٰه› فليس كذلك.‏»‏

      ومثل هذه البدائل يمكن ان تؤدي ايضا الى عبارات غير متناسبة.‏ وهكذا في الترجمة المرخَّصة يقول المزمور ٨:‏٩‏:‏ «ايها الرب ربنا،‏ ما اعظم اسمك في كل الارض!‏» ويا له من تحسين عندما يُردّ الاسم يهوه الى آية كهذه!‏ لذلك تقول هنا ترجمة يونڠ الحرفية للكتاب المقدس:‏ «يهوه،‏ ربنا،‏ ما امجد اسمك في كل الارض!‏»‏

      وازالة الاسم يمكن ان تؤدي ايضا الى التشويش.‏ يقول المزمور ١١٠:‏١‏:‏ «قال الرب لربي،‏ اجلس عن يميني،‏ حتى اجعل اعداءك موطئا لقدميك.‏» (‏الترجمة المرخَّصة )‏ فمَن يكلِّم مَن؟‏ كم افضل هي الترجمة:‏ «قول يهوه لربي هو:‏ ‹اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك.‏›» —‏ ترجمة العالم الجديد.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ ان استبدال «يهوه» بِـ‍ «الرب» يزيل شيئا ذا اهمية حيوية من الكتاب المقدس:‏ اسم اللّٰه الشخصي.‏ يذكر The Illustrated Bible Dictionary (‏قاموس الكتاب المقدس المصوَّر)‏ (‏المجلد ١،‏ الصفحة ٥٧٢)‏:‏ «اذ نتكلم بدقة،‏ يَهوِه هو ‹اسم› اللّٰه الوحيد.‏»‏

      ويصف The Imperial Bible-Dictionary (‏القاموس الملوكي للكتاب المقدس)‏ (‏المجلد ١،‏ الصفحة ٨٥٦)‏ الفرق بين «اللّٰه» (‏ إلوهيم)‏ و «يهوه،‏» قائلا:‏ «[يهوه] في كل مكان هو اسم علم،‏ اذ يشير الى الإله الشخصي واليه وحده؛‏ في حين ان إلوهيم لها بالاكثر خصائص الاسم العام،‏ اذ تشير عادة،‏ في الواقع،‏ انما ليس بالضرورة ولا بانتظام،‏ الى الكائن الاسمى.‏»‏

      ويضيف ج.‏ أ.‏ موتْيِر،‏ مدير كلية الثالوث،‏ انكلترا:‏ «يضيع الكثير في قراءة الكتاب المقدس اذا نسينا ان ننظر الى ابعد من الكلمة البديلة [الرب او اللّٰه] الى الاسم الشخصي الخصوصي للّٰه نفسه.‏ وباعلان اسمه لشعبه،‏ قصد اللّٰه ان يكشف لهم عن صفاته الاعمق.‏» —‏ Eerdmans’ Handbook to the Bible (‏كتيِّب ايردمانز للكتاب المقدس)‏،‏ الصفحة ١٥٧.‏

      كلا،‏ لا احد يستطيع ان يترجم الاسم العلم المميِّز بمجرد لقب.‏ فاللقب لا يمكن ابدا ان ينقل المعنى الكامل الغني لاسم اللّٰه الاصلي.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢٦]‏

      هذه الجُذاذة من الترجمة السبعينية (‏الى اليمين)‏ التي يرجع تاريخها الى القرن الاول بعد الميلاد والتي تحتوي على زكريا ٨:‏​١٩-‏٢١ و٨:‏​٢٣–‏٩:‏٤ هي في متحف اسرائيل في اورشليم.‏ وهي تحتوي على اسم اللّٰه اربع مرات،‏ ثلاث منها مشار اليها هنا.‏ وفي المخطوطة الاسكندرية (‏الى اليسار)‏،‏ وهي نسخة من الترجمة السبعينية صُنعت بعد ٤٠٠ سنة،‏ جرى استبدال اسم اللّٰه في تلك الاعداد نفسها بـ‍ KY و KC،‏ صيغتان مختصرتان للكلمة اليونانية كيريوس (‏«رب»)‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٧]‏

      اوضح جون و.‏ دايڤيس،‏ مُرسَل في الصين خلال القرن الـ‍ ١٩،‏ لماذا اعتقد ان اسم اللّٰه يجب ان يكون في الكتاب المقدس:‏ «اذا كان الروح القدس يقول يهوه في مكان ما في النص العبراني،‏ فلماذا لا يقول الترجمان يهوه بالانكليزية او بالصينية؟‏ ايّ حق له في القول،‏ سأستعمل يهوه في هذا المكان وأستبدله في ذلك؟‏ .‏ .‏ .‏ واذا كان احد سيقول ان هنالك حالات من الخطإ فيها استعمال يهوه،‏ فليُظهر السبب؛‏ ان onus probandi [عبء البرهان] ملقى عليه.‏ وسيجد المهمة عسيرة،‏ لأنه لا بد ان يجيب عن هذا السؤال البسيط،‏ —‏ اذا كان من الخطإ في حالة ما استعمال يهوه في الترجمة،‏ فلماذا استعملها الكاتب الملهم في الاصل؟‏» —‏ The Chinese Recorder  and Missionary Journal (‏مجلة المدوِّن والمُرسَل الصينية)‏،‏ المجلد ٧،‏ شَنڠهاي،‏ ١٨٧٦.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

      ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية تستعمل اسم اللّٰه بلياقة ٢٣٧ مرة

      ‏[الصور في الصفحة ٢٥]‏

      اسم اللّٰه على كنيسة في مِنوركا،‏ اسپانيا؛‏

      على نُصب قرب باريس،‏ فرنسا؛‏

      وعلى كِيزا دي سان لُرَنزو،‏ پارما،‏ ايطاليا

  • لماذا يجب ان نعرف اسم اللّٰه
    الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
    • لماذا يجب ان نعرف اسم اللّٰه

      ‏«كل من يدعو باسم (‏يهوه)‏ يخلص.‏» (‏رومية ١٠:‏١٣‏)‏ بهذه الكلمات اكَّد الرسول بولس كم هو حيوي ان نعرف اسم اللّٰه.‏ وعبارته تعيدنا الى سؤالنا الاول:‏ لماذا وضع يسوع ‹تقديس› اسم اللّٰه تماما في بداية صلاته النموذجية،‏ قبل الكثير من الامور المهمة الاخرى؟‏ لفهم ذلك يلزمنا ان ننال ادراكا افضل قليلا لمعنى كلمتين رئيسيتين.‏

      اولا،‏ ماذا تعني حقا كلمة ‹يقدِّس؟‏› انها تعني حرفيا:‏ «يجعل مقدسا.‏» ولكن أليس اسم اللّٰه مقدَّسا من قبل؟‏ انه كذلك طبعا.‏ وعندما نقدِّس اسم اللّٰه،‏ لا نجعله اقدس مما هو عليه.‏ وبالاحرى،‏ نحن نعترف بأنه مقدَّس،‏ نميِّزه،‏ نمنحه الاعتبار الاسمى.‏ وعندما نصلّي ان يتقدس اسم اللّٰه،‏ نحن نتطلع بشوق الى الوقت الذي فيه ستحترمه الخليقة بأسرها بصفته مقدَّسا.‏

      ثانيا،‏ ما هو بالضبط المعنى الضمني لكلمة «اسم»؟‏ لقد رأينا ان للّٰه اسما،‏ يهوه،‏ وأن اسمه يظهر آلاف المرات في الكتاب المقدس.‏ وناقشنا ايضا اهمية ردّ هذا الاسم الى مكانه الملائم في نص الكتاب المقدس.‏ ولو لم يكن الاسم هناك،‏ كيف يمكن ان تتم كلمات المرنم الملهم:‏ «يتكل عليك العارفون اسمك.‏ لأنك لم تترك طالبيك يا (‏يهوه)‏.‏» —‏ مزمور ٩:‏١٠‏.‏

      ولكن هل تشمل ‹معرفة اسم اللّٰه› مجرد المعرفة العقلية ان اسم اللّٰه بالعبرانية هو ي ه‍ و ه‍،‏ بالانكليزية جِهوڤاه،‏ او بالعربية يهوه؟‏ كلا،‏ انها تعني اكثر من ذلك.‏ فعندما كان موسى في جبل سيناء،‏ «نزل (‏يهوه)‏ في السحاب.‏ فوقف [موسى] عنده هناك ونادى باسم (‏يهوه )‏‏.‏»‏ فماذا استلزمت هذه المناداة باسم يهوه؟‏ وصفًا لصفاته:‏ «(‏يهوه،‏ يهوه،‏)‏ إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء.‏» (‏خروج ٣٤:‏​٥،‏ ٦‏)‏ ومرة ثانية،‏ قبيل موته،‏ قال موسى للاسرائيليين:‏ «باسم (‏يهوه)‏ انادي.‏» وماذا تبع ذلك؟‏ ذِكر لبعض مزاياه العظيمة،‏ ثم مراجعة لما انجزه اللّٰه نحو اسرائيل من اجل اسمه.‏ (‏تثنية ٣٢:‏​٣-‏٤٣‏)‏ اذًا،‏ تعني معرفة اسم اللّٰه تعلُّم ما يمثِّله هذا الاسم وعبادة الإله الذي يملكه.‏

      وبما ان يهوه ربط اسمه بصفاته،‏ مقاصده وأعماله،‏ يمكننا ان نرى لماذا يقول الكتاب المقدس ان اسم اللّٰه قدوس.‏ (‏لاويين ٢٢:‏٣٢‏)‏ فهو مجيد،‏ عظيم،‏ مهوب ومتعالٍ جدا.‏ (‏مزمور ٨:‏١؛‏ ٩٩:‏٣؛‏ ١٤٨:‏١٣‏)‏ اجل،‏ ان اسم اللّٰه هو اكثر من مجرد لقب.‏ فهو يمثِّله كشخص.‏ ولم يكن مجرد اسم وقتي يُستعمل فترة من الوقت ليحلّ محله بعد ذلك لقب مثل «الرب.‏» قال يهوه نفسه لموسى:‏ «يهوه .‏ .‏ .‏ هذا اسمي الى الابد وهذا ذكري الى دور فدور.‏» —‏ خروج ٣:‏١٥‏.‏

      ومهما حاول الانسان،‏ فلن يزيل ابدا اسم اللّٰه من الارض.‏ «من مشرق الشمس الى مغربها اسمي عظيم بين الامم وفي كل مكان يقرَّب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الامم قال (‏يهوه)‏ الجنود.‏» —‏ ملاخي ١:‏١١؛‏ خروج ٩:‏١٦؛‏ حزقيال ٣٦:‏٢٣‏.‏

      لذلك فان تقديس اسم اللّٰه اهم بكثير من اية قضية اخرى.‏ فجميع مقاصد اللّٰه مرتبطة باسمه.‏ ومشاكل الجنس البشري ابتدأت عندما دنَّس الشيطان اولا اسم يهوه اذ نسب اللّٰه الى الكذب واعتبره،‏ في الواقع،‏ غير اهل لحكم الجنس البشري.‏ (‏تكوين ٣:‏​١-‏٦؛‏ يوحنا ٨:‏٤٤‏)‏ وعندما يتبرأ اسم اللّٰه بلياقة،‏ عندئذ فقط سيتمتع الجنس البشري بالراحة التامة من النتائج الهدّامة لكذبة الشيطان.‏ ولهذا السبب يصلّي المسيحيون بحرارة لأجل تقديس اسم اللّٰه.‏ ولكن هنالك ايضا امور يمكن ان يفعلوها لتقديسه.‏

      كيف يمكن ان نقدِّس اسم اللّٰه؟‏

      احدى الطرائق هي التكلم الى الآخرين عن يهوه والاشارة الى ملكوته برئاسة المسيح يسوع بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏ (‏رؤيا ١٢:‏١٠‏)‏ وكثيرون يفعلون ذلك في اتمام عصري لكلمات نبوة اشعياء هذه:‏ «تقولون في ذلك اليوم احمدوا (‏يهوه)‏ ادعوا باسمه عرِّفوا بين الشعوب بأفعاله ذكِّروا بأن اسمه قد تعالى.‏ رنموا (‏ليهوه)‏ لأنه قد صنع مفتخرا.‏ ليكن هذا معروفا في كل الارض.‏» —‏ اشعياء ١٢:‏​٤،‏ ٥‏.‏

      والطريقة الاخرى هي إطاعة شرائع اللّٰه ووصاياه.‏ قال يهوه لأمة اسرائيل:‏ «تحفظون وصاياي وتعملونها.‏ انا (‏يهوه)‏.‏ ولا تدنِّسون اسمي القدوس فأتقدَّس في وسط بني اسرائيل.‏ انا (‏يهوه)‏ مُقدِّسكم.‏» —‏ لاويين ٢٢:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

      وكيف عمل حفظ الاسرائيليين ناموس يهوه على تقديس اسمه؟‏ لقد اعطي الناموس للاسرائيليين على اساس اسمه.‏ (‏خروج ٢٠:‏​٢-‏١٧‏)‏ ولذلك عندما كانوا يحفظون الناموس،‏ كانوا يظهرون الاكرام والاعتبار اللائقين لهذا الاسم.‏ وفضلا عن ذلك،‏ فان اسم يهوه كان على الاسرائيليين كأمة.‏ (‏تثنية ٢٨:‏١٠؛‏ ٢ أخبار الايام ٧:‏١٤‏)‏ فعندما كانوا يعملون بلياقة،‏ كان ذلك يجلب له التسبيح،‏ تماما كما ان الولد الذي يتصرف بطريقة لائقة يجلب الاكرام لأبيه.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ عندما كان الاسرائيليون يفشلون في حفظ ناموس اللّٰه،‏ كانوا يدنسون اسمه.‏ وهكذا فإن خطايا كتقديم الذبائح للاوثان،‏ الحلف للكذب،‏ ظلم الفقير وارتكاب العهارة موصوفة في الكتاب المقدس بأنها ‹تدنيس لاسم اللّٰه.‏› —‏ لاويين ١٨:‏٢١؛‏ ١٩:‏١٢؛‏ ارميا ٣٤:‏١٦؛‏ حزقيال ٤٣:‏٧‏.‏

      وبشكل مماثل،‏ أُعطي المسيحيون وصايا باسم اللّٰه.‏ (‏يوحنا ٨:‏٢٨‏)‏ وهم ايضا مقترنون ‹بشعب على اسم يهوه.‏› (‏اعمال ١٥:‏١٤‏)‏ ولذلك فإن المسيحي الذي يصلّي باخلاص،‏ «ليتقدس اسمك،‏» سيقدِّس هذا الاسم في حياته الخاصة بإطاعة كل وصايا اللّٰه.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏٣‏)‏ وهذا يشمل ايضا إطاعة الوصايا التي اعطاها ابن اللّٰه،‏ يسوع،‏ الذي مجَّد دائما اباه.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​٣١،‏ ٣٤؛‏ متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      في الليلة التي سبقت تنفيذ الحكم فيه،‏ اظهر يسوع اهمية اسم اللّٰه بالنسبة الى المسيحيين.‏ فبعد قوله لأبيه:‏ «عرَّفتهم اسمك وسأعرِّفهم،‏» يمضي موضحا،‏ «‏ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٢٦‏)‏ فتعلُّم التلاميذ اسم اللّٰه شمل اتيانهم شخصيا الى معرفة محبة اللّٰه.‏ وكان يسوع قد مكَّنهم من التعرُّف باللّٰه بصفته اباهم المحب.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      كيف يؤثر فيكم

      في اجتماع في القرن الاول للرسل والشيوخ المسيحيين في اورشليم قال التلميذ يعقوب:‏ «سمعان قد اخبر كيف افتقد اللّٰه اولا الامم ليأخذ منهم شعبا على اسمه.‏» فهل يمكن تحديد هويتكم مع اولئك الذين يأخذهم اللّٰه ليكونوا «شعبا على اسمه» اذا فشلتم في استعمال او حمل هذا الاسم؟‏ —‏ اعمال ١٥:‏١٤‏.‏

      على الرغم من ان اشخاصا كثيرين لا يرغبون في استعمال الاسم يهوه،‏ وتراجمة عديدين للكتاب المقدس يحذفونه من ترجماتهم،‏ فإن ملايين الناس حول العالم قبلوا بسرور امتياز حمل اسم اللّٰه،‏ استعماله ليس فقط في العبادة بل في الحديث اليومي،‏ واعلانه للآخرين.‏ فإذا كلمكم احد عن إله الكتاب المقدس واستعمل الاسم يهوه،‏ فبأي فريق ديني تقرنونه؟‏ ليس هنالك سوى فريق واحد في العالم يستعمل اسم اللّٰه قانونيا في عبادته،‏ تماما كما فعل عبَّاده في الازمنة القديمة.‏ انهم شهود يهوه.‏

      والاسم شهود يهوه المؤسس على الكتاب المقدس يحدد هوية هؤلاء المسيحيين بصفتهم ‹شعبا على اسم اللّٰه.‏› وهم فخورون بحمل هذا الاسم،‏ لأنه اسم اعطاه يهوه اللّٰه نفسه للعبَّاد الحقيقيين.‏ ففي اشعياء ٤٣:‏١٠ نقرأ:‏ «انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وعبدي الذي اخترته.‏» فعمَّن كان اللّٰه يتحدث هنا؟‏ تأملوا في بعض الاعداد السابقة.‏

      في الاعداد ٥ الى ٧ من الاصحاح نفسه يقول اشعياء:‏ «لا تخف فإني معك.‏ من المشرق آتي بنسلك ومن المغرب أجمعك.‏ اقول للشمال أعطِ وللجنوب لا تمنع.‏ اِيتِ ببنيَّ من بعيد وببناتي من اقصى الارض.‏ بكل مَنْ دُعي باسمي ولمجدي خلقته وجبلته وصنعته.‏» في ايامنا تشير هذه الاعداد الى شعب اللّٰه الخاص الذي جمعه من جميع الامم ليسبِّحوه ويكونوا شهوده.‏ وهكذا فإن اسم اللّٰه لا يحدد هويته فحسب بل يساعد ايضا على تحديد هوية خدامه الحقيقيين على الارض اليوم.‏

      البركات الناجمة عن معرفة اسم اللّٰه

      يحمي يهوه اولئك الذين يحبون اسمه.‏ قال المرنم الملهم:‏ «لأنه تعلَّق بي أُنجِّيه.‏ (‏أحميه)‏ لأنه عرف اسمي.‏»‏ (‏مزمور ٩١:‏١٤‏)‏ وهو يتذكَّرهم ايضا:‏ «حينئذ كلم متَّقو (‏يهوه)‏ كل واحد قريبه و (‏يهوه)‏ اصغى وسمع وكُتِب امامه سفر تذكرة للذين اتَّقوا (‏يهوه)‏ و للمفكرين في اسمه.‏»‏ —‏ ملاخي ٣:‏١٦‏.‏

      وهكذا فإن الفوائد الناجمة عن معرفة ومحبة اسم اللّٰه لا تقتصر على هذه الحياة وحدها.‏ فقد وعد يهوه البشر الطائعين بحياة ابدية في سعادة على ارض فردوسية.‏ وقد اوحي الى داود بأن يكتب:‏ «لان عاملي الشر يُقطعون و الذين ينتظرون (‏يهوه )‏ هم يرثون الارض.‏ أما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة.‏» —‏ مزمور ٣٧:‏​٩،‏ ١١‏.‏

      وكيف يكون ذلك ممكنا؟‏ اعطى يسوع الجواب.‏ ففي الصلاة النموذجية نفسها التي علَّمنا فيها ان نصلّي،‏ «ليتقدس اسمك،‏» اضاف:‏ «ليأتِ ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.‏» (‏متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ اجل،‏ ان ملكوت اللّٰه برئاسة يسوع المسيح سيقدِّس اسم اللّٰه ويجلب ايضا احوالا جيدة لهذه الارض.‏ وسيزيل الشر وينزع الحرب،‏ الجريمة،‏ الجوع،‏ المرض والموت.‏ —‏ مزمور ٤٦:‏​٨،‏ ٩؛‏ اشعياء ١١:‏٩؛‏ ٢٥:‏٦؛‏ ٣٣:‏٢٤؛‏ رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      يمكنكم ان تتمتعوا بحياة ابدية في ظل هذا الملكوت.‏ كيف؟‏ بالاتيان الى معرفة اللّٰه.‏ «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ ويسرّ شهود يهوه ان يساعدوكم على نيل هذه المعرفة المانحة الحياة.‏ —‏ اعمال ٨:‏​٢٩-‏٣١‏.‏

      نرجو ان تكون المعلومات في هذه الكراسة قد اقنعتكم بأن للخالق اسما شخصيا عزيزا جدا عليه.‏ ويجب ان يكون عزيزا جدا عليكم ايضا.‏ وأملنا ان تدركوا اهمية معرفة واستعمال هذا الاسم،‏ وخصوصا في العبادة.‏

      وليكن تصميمكم ان تقولوا كما قال النبي ميخا بجرأة قبل قرون كثيرة:‏ «جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم إلهه ونحن نسلك باسم (‏يهوه)‏ إلهنا الى الدهر والابد.‏» —‏ ميخا ٤:‏٥‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة