-
«ليتقدس اسمك» — ايّ اسم؟الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
«ليتقدس اسمك» — ايّ اسم؟
هل انتم شخص متديِّن؟ اذًا لا شك انكم، ككثيرين آخرين، تؤمنون بكائن اسمى. ومن المرجَّح ان لديكم احتراما كبيرا للصلاة الشهيرة الى ذلك الكائن، التي علَّمها يسوع لأتباعه والمعروفة بالصلاة الربانية، او الأبانا. والصلاة تبتدئ كالتالي: «ابانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك.» — متى ٦:٩.
هل تساءلتم مرة لماذا وضع يسوع ‹تقديس› اسم اللّٰه اولا في هذه الصلاة؟ وبعد ذلك ذكر امورا اخرى كإتيان ملكوت اللّٰه، فعل مشيئة اللّٰه على الارض وغفران خطايانا. ان اتمام هذه الطلبات الاخرى سيعني اخيرا سلاما دائما على الارض وحياة ابدية للجنس البشري. فهل يمكنكم ان تفكّروا في ايّ شيء اهمّ من ذلك؟ ومع ذلك، أمرَنا يسوع بأن نصلّي اولا لأجل تقديس اسم اللّٰه.
لم يكن بمجرد الصدفة ان يسوع علَّم أتباعه ان يضعوا اسم اللّٰه اولا في صلواتهم. فمن الواضح ان هذا الاسم كان ذا اهمية كبيرة بالنسبة اليه، لأنه ذكره تكرارا في صلواته الخاصة. وفي احدى المناسبات عندما كان يصلّي الى اللّٰه علانية، سُمع يقول: «يا أبَتِ، مجِّد اسمك.» فأجاب اللّٰه نفسه: «قد مجَّدته وسأمجِّده ايضا.» — يوحنا ١٢:٢٨، الترجمة اليسوعية الجديدة.
وفي المساء قبل موت يسوع، كان يصلّي الى اللّٰه في مسامع تلاميذه، ومرة اخرى سمعوه يبرز اهمية اسم اللّٰه. قال: «عرَّفتُ اسمك للناس الذين اخذتَهم من العالم لتعطيني اياهم.» ولاحقا كرر: «عرَّفتهم اسمك وسأعرِّفهم.» — يوحنا ١٧:٦، الكتاب المقدس الاورشليمي، ٢٦ .
لماذا كان اسم اللّٰه مهمًّا الى هذا الحد بالنسبة الى يسوع؟ ولماذا اظهر انه مهمّ بالنسبة الينا ايضا اذ امرَنا بأن نصلّي لأجل تقديسه؟ لفهم ذلك، يلزمنا ان ندرك كيف كان يُنظر الى الاسماء في ازمنة الكتاب المقدس.
الاسماء في ازمنة الكتاب المقدس
من الواضح ان يهوه اللّٰه وضع في الانسان الرغبة في تسمية الاشياء. فالانسان الاول كان له اسم، آدم. وأحد الامور الاولى في قصة الخلق، التي يجري الاخبار ان آدم فعلها، هو تسمية الحيوانات. وعندما اعطى اللّٰه آدم زوجة، دعاها آدم في الحال «امرأة» ( إيشَّاه، في العبرانية). وفي ما بعد، اعطاها الاسم حواء، الذي يعني «حيّ،» لانها كانت ستصير «امّ كل حيّ.» (تكوين ٢:١٩، ٢٣؛ ٣:٢٠) وحتى اليوم نتبع عادة اعطاء الاسماء للناس. وفي الواقع، من الصعب ان نتصوَّر كيف يمكن ان نتدبَّر امرنا بدون اسماء.
ولكن، في الازمنة الاسرائيلية، لم تكن الاسماء مجرد ألقاب. فقد عنت شيئا. مثلا، ان اسم اسحاق، «ضحك،» كان يذكِّر بضحك والديه المسنين عندما سمعا للمرة الاولى انهما سيرزقان ولدا. (تكوين ١٧:١٧، ١٩؛ ١٨:١٢) وعنى اسم عيسو «اشعَر،» اذ وصف ميزة جسدية. واسمه الآخر، أدوم، «احمر،» او «ضارب الى الحمرة،» كان مذكِّرا بأنه باع بكوريته بصحن من الطبيخ الاحمر. (تكوين ٢٥:٢٥، ٣٠-٣٤؛ ٢٧:١١؛ ٣٦:١) ويعقوب، على الرغم من انه كان اصغر قليلا فقط من اخيه التوأم، عيسو، اشترى البكورية من عيسو ونال بركة البكر من ابيه. ومن الولادة كان معنى اسم يعقوب «الامساك بالعقب» او «متعقِّبا.» (تكوين ٢٧:٣٦) وبشكل مماثل فإن اسم سليمان، الذي تمتعت اسرائيل خلال ملكه بالسلام والازدهار، عنى «مسالما.» — ١ أخبار الايام ٢٢:٩.
وهكذا، يذكر قاموس الكتاب المقدس المصوَّر The Illustrated Bible Dictionary (المجلد ١، الصفحة ٥٧٢) ما يلي: «ثمة دراسة للكلمة ‹اسم› في العهد القديم تكشف مقدار ما يعنيه في العبرانية. فالاسم ليس مجرد لقب، ولكنه يدل على الشخصية الحقيقية لذاك الذي ينتمي اليه.»
أما ان اللّٰه يعتبر الاسماء مهمة فيُرى في انه، بواسطة ملاك، اشار على الوالدين المقبلين ليوحنا المعمدان ويسوع في ما يتعلق بما يجب ان يكون اسما ابنيهما. (لوقا ١:١٣، ٣١) وأحيانا غيَّر الاسماء، او اعطى الناس اسماء اضافية، ليظهر المكان الذي كانوا سيشغلونه في قصده. مثلا، عندما انبأ اللّٰه بأن خادمه ابرام («ابا الترفيع») سيصير ابًا لامم كثيرة، غيَّر اسمه الى ابراهيم («اب لجمهور»). وغيَّر اسم زوجة ابراهيم، ساراي («مجاهِدة»)، الى سارة («اميرة»)، لأنها كانت ستصير امّ نسل ابراهيم. — تكوين ١٧:٥، ١٥، ١٦؛ قارنوا تكوين ٣٢:٢٨؛ ٢ صموئيل ١٢:٢٤، ٢٥.
ويسوع ايضا ادرك اهمية الاسماء وأشار الى اسم بطرس في منحه امتيازا للخدمة. (متى ١٦:١٦-١٩) وحتى المخلوقات الروحانية لها اسماء. والاثنان المذكوران في الكتاب المقدس هما جبرائيل وميخائيل. (لوقا ١:٢٦؛ يهوذا ٩) وعندما يعطي الانسان اسماء للاشياء الجامدة كالنجوم، الكواكب، المدن، الجبال والانهار، فهو يتمثَّل بخالقه. مثلا، يخبرنا الكتاب المقدس ان اللّٰه يدعو كل النجوم بأسماء. — اشعياء ٤٠:٢٦.
اجل، ان الاسماء مهمة في نظر اللّٰه، وقد وضع في الانسان الرغبة في تحديد هوية الناس والاشياء بواسطة الاسماء. وهكذا فإن الملائكة، الناس، الحيوانات، بالاضافة الى النجوم والاشياء الجامدة الاخرى، لها اسماء. فهل يتوافق مع ذلك ان يترك خالق كل هذه الاشياء نفسه بلا اسم؟ طبعا لا، وخصوصا بالنظر الى كلمات المرنم الملهم: «ليبارك كل بشر اسم [اللّٰه] القدوس الى الدهر والابد.» — مزمور ١٤٥:٢١.
يقول The New International Dictionary of New Testament Theology (القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد) (المجلد ٢، الصفحة ٦٤٩): «ان احد الاوجه الاساسية والجوهرية الى ابعد حد لاعلان الكتاب المقدس هو ان اللّٰه ليس بلا اسم: فله اسم شخصي، به يمكن ويجب التضرع اليه.» وكان يسوع بالتأكيد يفكر في هذا الاسم عندما علَّم أتباعه ان يصلّوا: «ابانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك.» — متى ٦:٩.
نظرا الى كل ذلك، من المهم بشكل واضح ان نعرف ما هو اسم اللّٰه. فهل تعرفون اسم اللّٰه الشخصي؟
ما هو اسم اللّٰه؟
من المدهش ان غالبية مئات الملايين من اعضاء كنائس العالم المسيحي يستصعبون على الارجح الاجابة عن هذا السؤال. فالبعض يقولون ان اسم اللّٰه هو يسوع المسيح. لكنَّ يسوع كان يصلّي الى شخص آخر عندما قال: «انا اظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم.» (يوحنا ١٧:٦) فكان يصلّي الى اللّٰه في السماء، كابن يكلِّم اباه. (يوحنا ١٧:١) واسم ابيه السماوي هو ما كان يجب «تقديسه.»
إلا ان الكثير من الكتب المقدسة العصرية لا تحتوي على الاسم، ونادرا ما يُستعمل في الكنائس. لذلك، عوضا عن «تقديسه،» فُقِد بالنسبة الى الملايين من قرّاء الكتاب المقدس. ومثالا للطريقة التي بها عالج تراجمة الكتاب المقدس اسم اللّٰه، تأملوا في مجرد آية واحدة يظهر فيها: المزمور ٨٣:١٨ (١٩، اليسوعية الجديدة ) واليكم الطريقة التي بها تُنقل هذه الآية في اربعة كتب مقدسة مختلفة:
«فيعلموا أنك انت وحدك اسمك الرب المتعالي على الارض كلها.» (الترجمة اليسوعية الجديدة )
«لتعلِّمهم انك انت، ايها السرمدي، اللّٰه العلي على كل العالم.» (ترجمة جديدة للكتاب المقدس، بقلم جيمس موفات، لسنة ١٩٢٢)
«ليعلموا هذا: انت وحدك تحمل الاسم يَهوِه، العلي على كل العالم.» (الكتاب المقدس الاورشليمي الكاثوليكي لسنة ١٩٦٦)
«كي يعلم البشر انك انت، الذي اسمك وحدك جِهوڤاه، العلي على كل الارض.» (الترجمة المرخَّصة، او ترجمة الملك جيمس، لسنة ١٦١١)
لماذا يبدو اسم اللّٰه مختلفا الى هذا الحد في هذه الترجمات؟ وهل اسمه هو الرب، السرمدي، يَهوِه Yahweh او جِهوڤاه Jehovah؟ أم ان هذه جميعها مقبولة؟
للاجابة عن ذلك يجب ان نتذكَّر ان الكتاب المقدس لم يُكتب في الاصل بالانكليزية. فكتبة الكتاب المقدس كانوا عبرانيين، وكتبوا في الغالب باللغتين العبرانية واليونانية لزمنهم. ومعظمنا لا يتكلم تينك اللغتين القديمتين. لكنَّ الكتاب المقدس تُرجم بألسنة عصرية عديدة، ويمكننا ان نستعمل هذه الترجمات عندما نريد ان نقرأ كلمة اللّٰه.
لدى المسيحيين احترام عميق للكتاب المقدس وهم بالصواب يؤمنون بأن «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه.» (٢ تيموثاوس ٣:١٦) لذلك فإن ترجمة الكتاب المقدس مسؤولية خطيرة. فإذا غيَّر احد او حذف عمدا جزءا من محتويات الكتاب المقدس، فإنه يعبث بالكلمة الموحى بها. وعلى مثل هذا الشخص ينطبق تحذير الاسفار المقدسة: «إنْ كان احد يزيد على هذا يزيد اللّٰه عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإنْ كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة يحذف اللّٰه نصيبه من سفر الحياة.» — رؤيا ٢٢:١٨، ١٩؛ انظروا ايضا تثنية ٤:٢.
ان معظم تراجمة الكتاب المقدس يحترمون دون شك الكتاب المقدس ويريدون باخلاص ان يجعلوه مفهوما في هذا العصر الحديث. لكنَّ التراجمة ليسوا ملهمين. ولدى معظمهم ايضا آراء راسخة حول المسائل الدينية وقد تؤثر فيهم الافكار والتفضيلات الشخصية. ويمكن ايضا ان يقترفوا الاغلاط او الاخطاء البشرية في التمييز.
لذلك لنا الحق في طرح بعض الاسئلة المهمة: ما هو اسم اللّٰه الحقيقي؟ ولماذا تحتوي ترجمات مختلفة للكتاب المقدس على اسماء مختلفة للّٰه؟ واذ نثبت الجواب عن هذين السؤالين، يمكن ان نعود الى مسألتنا الاولى: لماذا تقديس اسم اللّٰه مهم الى هذا الحد؟
-
-
اسم اللّٰه — معناه والتلفظ بهالاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
اسم اللّٰه — معناه والتلفظ به
سأل احد كتبة الكتاب المقدس: «من جمع الريح في حفنتَيه. من صرَّ المياه في ثوب. من ثبَّت جميع اطراف الارض. ما اسمه وما اسم ابنه إنْ عرفتَ.» (امثال ٣٠:٤) فكيف يمكننا ان نعرف ما هو اسم اللّٰه؟ هذا سؤال مهم. ان الخليقة برهان قوي على ان اللّٰه موجود دون شك، لكنها لا تخبرنا باسمه. (رومية ١:٢٠) وفي الواقع، لا يمكننا ابدا ان نعرف اسم اللّٰه إنْ لم يخبرنا الخالق نفسه. وقد فعل ذلك في كتابه الخاص، الكتاب المقدس.
في احدى المناسبات الشهيرة تلفظ اللّٰه باسمه الخاص، مكررا اياه في مسامع موسى. وكتب موسى رواية عن تلك الحادثة حُفظت في الكتاب المقدس الى يومنا. (خروج ٣٤:٥) حتى ان اللّٰه كتب اسمه ‹بإصبعه› الخاص. وعندما اعطى موسى ما ندعوه اليوم الوصايا العشر، دوَّنها اللّٰه بشكل عجائبي. يقول السجل: «ثم اعطى [اللّٰه] موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء لوحي الشهادة لوحي حجر مكتوبين بإصبع اللّٰه.» (خروج ٣١:١٨) ويظهر اسم اللّٰه ثماني مرات في الوصايا العشر الاصلية. (خروج ٢٠:١-١٧) وهكذا كشف اللّٰه نفسه عن اسمه للانسان شفهيا وكتابيا على السواء. فما هو هذا الاسم؟
في اللغة العبرانية يُكتَب יהוה. وهذه الحروف الاربعة، التي تدعى التتراڠراماتون، تُقرأ في العبرانية من اليمين الى اليسار ويمكن تمثيلها في لغات عصرية عديدة بِـ YHWH او JHVH (ي ه و ه او ج ه ڤ ه). واسم اللّٰه، الممثَّل بهذه الحروف الساكنة الاربعة، يظهر نحو ٠٠٠,٧ مرة في «العهد القديم» الاصلي، او الاسفار العبرانية.
والاسم هو صيغة للفعل العبراني هَوَه (הוה)، الذي يعني «يصير،» ومغزاه في الواقع «يصيِّر.»a وهكذا فإن اسم اللّٰه يحدد هويته بصفته ذاك الذي يتمم مواعده تدريجيا ويحقق مقاصده بشكل لا يخفق. والإله الحقيقي فقط يمكنه ان يحمل مثل هذا الاسم الحافل بالمعنى.
هل تذكرون الطرائق المختلفة التي بها ظهر اسم اللّٰه في المزمور ٨٣:١٨ (١٩، اليسوعية الجديدة )، كما ورد في الجزء السابق (الصفحة ٥)؟ اثنتان من تلك الترجمات تضمَّنتا مجرد لقبين («الرب،» «السرمدي») كبديلين لاسم اللّٰه. ولكن في اثنتين منها، حيث نقرأ يَهوِه وجِهوڤاه، يمكنكم ان تروا الحروف الاربعة لاسم اللّٰه. إلا ان التلفظ يختلف. ولماذا؟
كيف يجري التلفظ باسم اللّٰه؟
الحقيقة هي انه لا احد يعرف يقينا كيف كان يُتلفظ باسم اللّٰه في الاصل. ولِمَ لا؟ حسنا، ان اللغة الاولى التي استُخدمت في كتابة الكتاب المقدس كانت العبرانية، وعندما دوِّنت اللغة العبرانية كتب الكتبة الحروف الساكنة فقط — لا الحركات. وهكذا عندما كتب الكتبة الملهمون اسم اللّٰه، فعلوا بصورة طبيعية الامر نفسه وكتبوا الحروف الساكنة فقط.
وفيما كانت العبرانية القديمة اللغة المحكية يوميا، لم يقدِّم ذلك اية مشكلة. فالتلفظ بالاسم كان مألوفا لدى الاسرائيليين، وعندما كانوا يرونه مكتوبا كانوا يزوِّدون الحركات دون تفكير (تماما كما ان القارئ العربي الذي سبق فرأى وسمع كلمة «يعمل» يستطيع ان يقرر كيفية التلفظ بها، مزوِّدا الحركات الصحيحة).
حدث امران لتغيير هذا الوضع. اولا، نشأت فكرة خرافية بين اليهود مفادها انه من الخطإ النطق بالاسم الالهي بصوتٍ عال؛ ولذلك عندما كانوا يصلون اليه في قراءتهم للكتاب المقدس كانوا يتفوَّهون بالكلمة العبرانية أَذوناي («الرب المتسلط»). وفضلا عن ذلك، على مرّ الوقت، توقفت اللغة العبرانية القديمة نفسها عن ان تكون محكية في الحديث اليومي، وهكذا نُسيَ اخيرا التلفظ العبراني الاصلي باسم اللّٰه.
ولضمان عدم فقدان التلفظ باللغة العبرانية ككل ابتكر العلماء اليهود في النصف الثاني من الألف الاول الميلادي نظاما للتشكيل لتمثيل الحركات المفقودة، ووضعوا هذه حول الحروف الساكنة في الكتاب المقدس العبراني. وهكذا دُوِّنت الحركات والحروف الساكنة على السواء، وحُفظ التلفظ بها كما كان في ذلك الوقت.
وفي ما يتعلق باسم اللّٰه، عوضا عن وضع الحركات المناسبة حوله، وضعوا في معظم الحالات حركات اخرى لتذكير القارئ بأنه يجب ان يقول أَذوناي. ومن ذلك اتت التهجية Iehouah، وأخيرا صار جِهوڤاه التلفظ المقبول للاسم الالهي بالانكليزية. وهذا يحتفظ بالعناصر الاساسية لاسم اللّٰه من الاصل العبراني.
ايّ تلفظ ستستعملون؟
ولكن من اين اتت طرائق التلفظ مثل يَهوِه؟ هذه صيغ اقترحها العلماء العصريون في محاولة لاستنباط التلفظ الاصلي باسم اللّٰه. ويعتقد البعض — ولكن ليس الجميع — ان الاسرائيليين قبل زمن يسوع كانوا على الارجح يتلفظون باسم اللّٰه يَهوِه. ولكن لا احد يمكن ان يكون على يقين من ذلك. فربما تلفظوا به بهذه الطريقة، وربما لا.
ومع ذلك، يفضِّل كثيرون التلفظ جِهوڤاه (بالعربية، يَهوَه). ولماذا؟ لأنه شائع ومألوف، صفتان لا يملكهما التلفظ يَهوِه. ولكن ألا يكون من الافضل استعمال الصيغة التي قد تكون اقرب الى التلفظ الاصلي؟ كلا، لانه ليست هذه هي العادة في ما يتعلق باسماء الكتاب المقدس.
ولأخذ المثال الابرز، تأملوا في اسم يسوع. هل تعرفون كيف كانت عائلة يسوع واصدقاؤه يخاطبونه في الحديث اليومي فيما كان ينمو في الناصرة؟ الحقيقة هي انه ما من انسان يعرف ذلك يقينا، على الرغم من انه ربما كان شيئا مثل يشوع (او ربما يهوشوع). وبالتأكيد لم يكن يسوع.
إلا انه عندما كُتبت روايات حياته باللغة اليونانية، لم يحاول الكتبة الملهمون ان يحفظوا ذلك التلفظ العبراني الاصلي. وبالاحرى، نقلوا الاسم في اليونانية، إيسوس. واليوم يُنقل بصورة مختلفة بحسب لغة قارئ الكتاب المقدس. فقرّاء الكتاب المقدس الاسپان يجدون Jesús (يُتلفظ به خِسّوس). والايطاليون يهجُّونه Gesù (يُتلفظ به دجيزو). والالمان يهجُّونه Jesus (يُتلفظ به يسوس).
فهل يلزمنا ان نتوقف عن استعمال اسم يسوع لأن معظمنا، او حتى جميعنا، لا نعرف حقا التلفظ الاصلي به؟ حتى الآن لم يقترح ايّ ترجمان ذلك. ونحن نرغب في استعمال الاسم، لأنه يحدد هوية ابن اللّٰه الحبيب، يسوع المسيح، الذي قدَّم دم حياته لأجلنا. فهل هو اعراب عن الاكرام ليسوع ان نزيل كل ذكر لاسمه في الكتاب المقدس ونستبدله بمجرد لقب مثل «معلِّم،» او «وسيط»؟ طبعا، لا! فيمكن ان تكون لنا علاقة ذات معنى بيسوع عندما نستعمل اسمه كما يُتلفظ به عموما في لغتنا.
ويمكن تقديم تعليقات مماثلة في ما يتعلق بكل الاسماء التي نقرأها في الكتاب المقدس. فنحن نتلفظ بها في لغتنا الخاصة ولا نحاول ان نقلِّد التلفظ الاصلي. وهكذا نقول «ارميا،» وليس يِرمياهو. وبصورة مماثلة نقول اشعياء، على الرغم من ان هذا النبي في ايامه كان معروفا على الارجح بِـ يَشَعياهو. وحتى العلماء الذين يعرفون التلفظ الاصلي بهذه الاسماء يستعملون التلفظ العصري، لا القديم، عند التكلم عنها.
ويصح الامر نفسه في الاسم جِهوڤاه (بالعربية، يَهوَه). فعلى الرغم من ان التلفظ العصري جِهوڤاه او يَهوَه ربما لا يكون تماما الطريقة التي بها كان يُتلفظ به في الاصل، لا يقلل ذلك مطلقا من اهمية الاسم. فهو يحدد هوية الخالق، الإله الحي، العلي الذي خاطبه يسوع قائلا: «ابانا الذي في السموات. ليتقدس اسمك.» — متى ٦:٩.
«لا يمكن استئصاله»
فيما يحبِّذ تراجمة عديدون التلفظ يَهوِه، تستمر ترجمة العالم الجديد وأيضا عدد من الترجمات الاخرى في استعمال الصيغة جِهوڤاه لأنها مألوفة لدى الناس لقرون. وفضلا عن ذلك، فانها تحتفظ، مع الصيغ الاخرى على حد سواء، بالحروف الاربعة للاسم الالهي، ي ه و ه او ج ه ڤ ه.b
وفي وقت ابكر، اتخذ الپروفسور الالماني ڠوستاڤ فريدريك اوهلر قرارا مماثلا للسبب نفسه تقريبا. فناقش طرائق متنوعة للتلفظ واستنتج: «من الآن فصاعدا أستعمل الكلمة جِهوڤاه، لأن هذا الاسم في الواقع يجري الآن تبنِّيه اكثر في مفرداتنا، ولا يمكن استئصاله.» — Theologie des Alten Testaments (لاهوت العهد القديم)، الطبعة الثانية، صدر في سنة ١٨٨٢، الصفحة ١٤٣.
وبشكل مماثل، في كتابه Grammaire de l’hébreu biblique (قواعد عبرانية الكتاب المقدس)، طبعة ١٩٢٣، في الحاشية في الصفحة ٤٩، يذكر العالم اليسوعي پول جُوون: «في ترجماتنا، بدلا من الصيغة (الافتراضية) يَهوِه، استعملنا الصيغة جِهوڤاه . . . التي هي الصيغة الادبية التقليدية المستعملة في الفرنسية.» وفي لغات اخرى عديدة يستعمل تراجمة الكتاب المقدس صيغة مماثلة، كما هو ظاهر في الاطار في الصفحة ٩.
اذًا، هل من الخطإ استعمال صيغة مثل يَهوِه؟ كلا على الاطلاق. إلا ان الصيغة جِهوڤاه من المرجح ان تلقى تجاوبا اسرع من قبل القارئ لأنها الصيغة التي جرى تبنِّيها في معظم اللغات. فالامر المهم هو ان نستعمل الاسم ونعلنه للآخرين. «احمدوا (يهوه) ادعوا باسمه عرِّفوا بين الشعوب بأفعاله ذكِّروا بأن اسمه قد تعالى.» — اشعياء ١٢:٤.
فلنرَ كيف عمل خدام اللّٰه بانسجام مع هذه الوصية على مرّ القرون.
[الحاشيتان]
a انظروا الملحق 1A في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة، طبعة ١٩٨٤، بالانكليزية.
b انظروا الملحق 1A في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة، طبعة ١٩٨٤، بالانكليزية.
[الاطار في الصفحة ٧]
لدى مختلف العلماء آراء مختلفة في الطريقة التي بها كان يُتلفظ بالاسم ي ه و ه في الاصل.
في The Mysterious Name of Y.H.W.H. (الاسم الغامض لِـ ي. ه. و. ه.)، الصفحة ٧٤، قال الدكتور م. ريسل ان «التلفظ بالحروف الاربعة للاسم الالهي لا بد انه كان في الاصل يِهُوَه او يَهُوَه.»
واعتبر كَنُن د. د. وليَمْز من كيمبريدج ان «الدليل يشير، لا بل يبرهن تقريبا، ان جَهْوِه لم يكن التلفظ الصحيح بالحروف الاربعة للاسم الالهي . . . والاسم نفسه كان على الارجح جَهُوه.» — Zeitschrift für die alttestamentliche Wissenschaft (المجلة الدورية لمعرفة العهد القديم)، ١٩٣٦، المجلد ٥٤، الصفحة ٢٦٩.
وفي مسرد ترجمة سيڠوند المنقحة الفرنسية، الصفحة ٩، يجري تقديم التعليق التالي: «ان التلفظ يَهْڤِه المستعمل في بعض الترجمات الحديثة مؤسس على شهادات قديمة قليلة، لكنها ليست قاطعة. واذا اخذ المرء بعين الاعتبار اسماءً شخصية تشمل الاسم الالهي، كالاسم العبراني للنبي إيليا (إيلياهو) قد يكون التلفظ ايضا Yaho او Yahou.»
وفي سنة ١٧٤٩ اخبر عالم الكتاب المقدس الالماني تلر عن بعض طرائق التلفظ المختلفة باسم اللّٰه التي قرأها: «ديودورُس الصقلّي، ماكروبيوس، اقليمس الاسكندري، القديس جيروم وأوريجانس كتبوا Jao؛ السامريون، إپيفانيوس، ثيودوريتُس، Jahe، او Jave؛ لودڤيڠ كاپِل يقول Javoh؛ دروسيوس، Jahve؛ هوتينڠر، Jehva؛ مرسِروس، Jehovah؛ كَسْتِليو، Jovah؛ ولو كلير، Jawoh، او Javoh.»
وهكذا يتضح ان التلفظ الاصلي باسم اللّٰه لم يعد معروفا. وليس ذلك حقا بالامر المهم. فلو كان كذلك، لتأكد اللّٰه نفسه من حفظه لنستعمله. فالامر المهم هو ان نستعمل اسم اللّٰه بحسب التلفظ المصطلح عليه في لغتنا الخاصة.
[الاطار في الصفحة ٩]
صِيَغ الاسم الالهي في لغات مختلفة، مشيرة الى القبول الاممي للصيغة جِهوڤاه
اسپانية - Jehová
إفيكية - Jehovah
المانية - Jehova
انكليزية - Jehovah
اواباكالية - Yehóa
ايطالية - Geova
ايڠبوية - Jehova
پرتغالية - Jeová
بوڠوتية - Jihova
پولندية - Jehowa
پيتاتية - Jihouva
تاهيتية - Iehova
تَڠالوڠية - Jehova
تونڠية - Jihova
دنماركية - Jehova
رومانية - Iehova
زولوِية - uJehova
سامْوِية - Ieova
سواحلية - Yehova
سوثوية - Jehova
سويدية - Jehova
فرنسية - Jéhovah
ڤِندا - Yehova
فنلندية - Jehova
فوتونية - Ihova
فيجية - Jiova
كانتونية - Yehwowah
كوزية - uYehova
ماورية - Ihowa
موالامالوية - Jihova
موتوِية - Iehova
نارينيارية - Jehovah
نمبية - Jihova
هنڠارية - Jehova
هولندية - Jehovah
يابانية - Ehoba
يروبا - Jehofah
[الاطار في الصفحة ١٠]
«جِهوڤاه» صار معروفا على نحو واسع بصفته اسم اللّٰه حتى في قرائن من خارج الكتاب المقدس.
ألَّف فرانز شوبرت الموسيقى لقصيدة غنائية بعنوان «القدرة الكلية،» كتبها جوهان لادِسلاڤ پِركر، حيث يظهر الاسم جِهوڤاه مرتين. ويُستعمل ايضا في نهاية المشهد الاخير من أوپرا «Nabucco» لڤيردي.
وبالاضافة الى ذلك، فإن الموشَّحة الدينية «الملك داود» للمؤلِّف الموسيقي الفرنسي أرتور أونيڠَر تبرز الاسم جِهوڤاه، واستعمله الكاتب الفرنسي المشهور ڤيكتور هوڠو في اكثر من ٣٠ من آثاره. وقد كتب هو ولامارتين قصائد بعنوان «جِهوڤاه.»
وفي كتاب Deutsche Taler (النقد الالماني القديم)، الذي اصدره المصرف الاتحادي الالماني في سنة ١٩٦٧، توجد صورة لاحدى القطع النقدية الاقدم تحمل الاسم «جِهوڤاه،» وهي قطعة من النقد الالماني القديم لسنة ١٦٣٤ من دوقيَّة سيليزيا. وعن الصورة على الجانب الآخر من القطعة النقدية نقرأ: «تحت الاسم المتألق جِهوڤاه، يبزغ من وسط السُّحب ترسٌ مكلَّلٌ عليه شعار النبالة السيليزي.»
وفي متحف في رودُلشتَتْ، المانيا الشرقية، يمكنكم ان تروا على طوق الدرع التي لبسها ذات مرة ڠوستاڤ الثاني أدولف، احد ملوك السويد للقرن الـ ١٧، الاسم جِهوڤاه بحروف كبيرة.
وهكذا، طوال قرون، كانت الصيغة جِهوڤاه الطريقة المعروفة امميا للتلفظ باسم اللّٰه، والناس الذين يسمعونه يدركون حالا عمن يجري التكلم. وكما قال الپروفسور اوهلر، «هذا الاسم . . . يجري الآن تبنِّيه اكثر في مفرداتنا، ولا يمكن استئصاله.» — Theologie des Alten Testaments (لاهوت العهد القديم).
[الصورة في الصفحة ٦]
نسخة من جزء من عمل فني لملاك عليه اسم اللّٰه، موجود على ضريح البابا كليمنت الثالث عشر في كنيسة القديس بطرس، الڤاتيكان
[الصورة في الصفحة ٧]
سُكَّت نقود عديدة تحمل اسم اللّٰه. وهذه القطعة النقدية، التي يرجع تاريخها الى سنة ١٦٦١، هي من نورَمبورڠ، المانيا. يقول النص اللاتيني: «تحت ظل جناحيك»
[الصور في الصفحة ٨]
في الازمنة الماضية جُعل اسم اللّٰه، في صيغة الحروف الاربعة للاسم الالهي، جزءا من زخرفة ابنية دينية عديدة
كاتدرائية فورڤيير الكاثوليكية، ليون، فرنسا
كاتدرائية بورج، فرنسا
كنيسة في لا سيل دونواز، فرنسا
كنيسة في دينيه، جنوبي فرنسا
كنيسة في سان پاولو، البرازيل
كاتدرائية ستراسبورڠ، فرنسا
كاتدرائية القديس مرقس، البندقية، ايطاليا
[الصور في الصفحة ١١]
اسم يهوه كما يظهر في دير في بوردِسهولم، المانيا؛
على قطعة نقدية المانية يرجع تاريخها الى سنة ١٦٣٥؛
فوق باب كنيسة في فَيْمارن، المانيا؛
وعلى شاهدة ضريح لسنة ١٨٤٥ في هارمَنْشلاخ، النمسا السُّفلى
-
-
الاسم الالهي على مرّ العصورالاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
الاسم الالهي على مرّ العصور
يريد يهوه اللّٰه من الانسان ان يعرف اسمه ويستعمله. وهذا واضح من واقع انه اعلن اسمه للشخصين الاولين انفسهما على الارض. فنحن نعرف ان آدم وحواء كانا حسنَي الاطلاع على اسم اللّٰه لأنه بعد ان ولدت حواء قايين، بحسب النص العبراني الاصلي، قالت: «انجبت رجلا بعون يهوه.» — تكوين ٤:١، عج.
وفي ما بعد نقرأ ان رجالا امناء كأخنوخ ونوح ‹ساروا مع اللّٰه.› (تكوين ٥:٢٤؛ ٦:٩) اذًا، لا بد انهم هم ايضا عرفوا اسم اللّٰه. وبقي الاسم بعد الطوفان العظيم مع بقاء الرجل البار نوح وعائلته. وعلى الرغم من التمرد العظيم في وقت لاحق في بابل، استمر خدام اللّٰه الحقيقيون يستعملون اسمه. وهو يظهر مئات المرات في الشرائع التي اعطاها اللّٰه لاسرائيل. وفي سفر التثنية وحده يظهر ٥٥١ مرة.
وفي زمن القضاة من الواضح ان الاسرائيليين لم يحجموا عن استعمال اسم اللّٰه. حتى انهم استعملوه في تحية احدهم الآخر. نقرأ (في العبرانية الاصلية) عن بوعز وهو يحيّي حصّاديه: «يهوه معكم.» فردّوا تحيته بالقول: «يباركك يهوه.» — راعوث ٢:٤.
وطوال تاريخ الاسرائيليين حتى وقت رجوعهم الى يهوذا بعد سبيهم في بابل استمر اسم يهوه مستعملا عموما. فالملك داود، رجل حسب قلب اللّٰه، استعمل الاسم الالهي بشكل واسع — فهو يظهر مئات المرات في المزامير التي كتبها. (اعمال ١٣:٢٢) وأُدمج اسم اللّٰه ايضا في الكثير من الاسماء الشخصية الاسرائيلية. وهكذا نقرأ عن أَدونيَّا («ربي هو ياه» — «ياه» هو الصيغة المختصرة ليهوه)، اشعياء («خلاص يهوه»)، يوناثان («يهوه قد اعطى»)، ميخا («مَن مثل ياه؟») ويشوع («يهوه خلاص»).
خارج الكتاب المقدس
وهنالك ايضا دليل من مصادر خارج الكتاب المقدس على الاستعمال الواسع للاسم الالهي في الازمنة القديمة. ففي سنة ١٩٦١ كُشِف النِّقاب عن كهف قديم كان يُستعمل للدفن على مسافة قصيرة الى الجنوب الغربي من اورشليم، بحسب تقرير في Israel Exploration Journal (مجلة استكشاف اسرائيل) (المجلد ١٣، العدد ٢). وكانت على جدرانه نقوش عبرانية يرجع تاريخها كما يظهر الى النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد. وتتضمَّن النقوش عبارات مثل «يهوه هو إله كل الارض.»
وفي سنة ١٩٦٦ نُشِر تقرير في Israel Exploration Journal (مجلة استكشاف اسرائيل) (المجلد ١٦، العدد ١) عن كِسَر آنية فخارية عليها كتابة عبرانية وُجدت في عراد، في جنوبي اسرائيل. وكُتبت هذه في النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد. وكانت احداها رسالة خصوصية الى رجل يدعى ألياشيب. تبتدئ الرسالة: «الى سيدي ألياشيب: ليطلب يهوه سلامك.» وتنتهي: «يسكن في بيت يهوه.»
وفي السنتين ١٩٧٥ و ١٩٧٦ قام علماء الآثار الذين يعملون في النَّقب بكشف النِّقاب عن مجموعة من النقوش العبرانية والفينيقية على جدران من الجصِّ، جرار للخزن وآنية حجرية كبيرة. وشملت النقوش الكلمة العبرانية التي تقابل اللّٰه، وكذلك اسم اللّٰه، ي ه و ه، بالحروف العبرانية. وفي اورشليم نفسها اكتُشفت مؤخرا شِقّة من الفضة صغيرة ملفوفة يرجع تاريخها على ما يظهر الى ما قبل السبي البابلي. ويقول الباحثون انه عندما بُسطت، وُجد اسم يهوه بالعبرانية مكتوبا عليها. — Biblical Archaeology Review (المجلة النقدية لآثار الكتاب المقدس)، آذار/نيسان ١٩٨٣، الصفحة ١٨.
والمثال الآخر لاستعمال اسم اللّٰه موجود في ما يُدعى رسائل لخيش. وهذه الرسائل، المكتوبة على كِسَر خزفية، وُجدت ما بين السنتين ١٩٣٥ و ١٩٣٨ في خرائب لخيش، مدينة حصينة برزت بشكل جليّ في تاريخ اسرائيل. ويبدو ان احد القواد في قاعدة امامية يهودية كتبها الى رئيسه، المدعو ياوش، في لخيش، على ما يظهر في اثناء الحرب بين اسرائيل وبابل نحو نهاية القرن السابع قبل الميلاد.
بين الكِسَر الثماني المقروءة، تبتدئ سبع رسالتها بتحية مثل: «ليجعل يهوه سيدي يرى هذا الموسم بصحة جيدة!» وبالاجمال، يظهر اسم اللّٰه ١١ مرة في الرسائل السبع، مما يدل بوضوح ان اسم يهوه تمتع باستعمال يومي نحو نهاية القرن السابع قبل الميلاد.
وحتى الحكام الوثنيون عرفوا الاسم الالهي واستعملوه عند الاشارة الى إله الاسرائيليين. وهكذا، على الحجر الموآبي، يفتخر ميشع ملك موآب ببطولاته العسكرية ضد اسرائيل، ويذكر بين امور اخرى: «قال لي كَموش، ‹اذهب، خذ نبو من اسرائيل!› فذهبت ليلا وحاربتها من انبلاج الفجر حتى الظهر، مستوليا عليها وقاتلا الجميع . . . وأخذت من هناك [آنية] يهوه، جارّا اياها امام كَموش.»
وفي ما يتعلق بهذه الاستعمالات من خارج الكتاب المقدس لاسم اللّٰه يقول Theologisches Wörterbuch zum Alten Testament (القاموس اللاهوتي للعهد القديم)، في المجلد ٣، العمود ٥٣٨: «وهكذا فإن نحو ١٩ دليلا وثائقيا على الحروف الاربعة للاسم الالهي في صيغة ج ه و ه تشهد من هذا القبيل على امكان الاعتماد على النص الماسوري؛ ويمكن توقع المزيد، وفي الغالب من سجلات عراد.» — مترجمة عن الالمانية.
اسم اللّٰه لم يُنسَ
ان كونَ اسم اللّٰه مألوفا ومستعملا استمر حتى ايام ملاخي، الذي عاش قبل زمن يسوع بنحو ٤٠٠ سنة. وفي سفر الكتاب المقدس الذي يحمل اسمه، يُبرز ملاخي كثيرا الاسم الالهي، مستعملا اياه ما مجموعه ٤٨ مرة.
وعلى مرّ الوقت صار كثيرون من اليهود يعيشون بعيدين عن ارض اسرائيل، ولم يعد بامكان البعض ان يقرأوا الكتاب المقدس باللغة العبرانية. لذلك، في القرن الثالث قبل الميلاد، ابتُدئ بترجمة جزء الكتاب المقدس الموجود آنذاك («العهد القديم») باليونانية، اللغة الاممية الجديدة. لكنَّ اسم اللّٰه لم يُهمَل. فقد استبقاه التراجمة، كاتبين اياه بصيغته العبرانية. والنسخ القديمة للترجمة السبعينية اليونانية التي حُفظت الى يومنا تشهد على ذلك.
ولكن، ماذا كانت الحالة عندما مشى يسوع على الارض؟ كيف يمكن ان نعرف ما اذا استعمل هو ورسله اسم اللّٰه؟
[الصورة في الصفحة ١٢]
في هذه الرسالة، المكتوبة على كِسرَة من إناء فخاري في النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد، يَظهر اسم اللّٰه مرتين
[مصدر الصورة]
Picture by courtesy of the Israel Department of Antiquities and Museums
[الصور في الصفحة ١٣]
اسم اللّٰه موجود ايضا في رسائل لخيش وعلى الحجر الموآبي
-
-
المسيحيون والاسمالاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
المسيحيون والاسم
لا احد يمكن ان يقول بالتأكيد متى تماما توقف اليهود التقليديون عن التلفظ باسم اللّٰه عاليا واستبدلوه بالكلمات العبرانية التي تقابل اللّٰه والرب المتسلط. ويعتقد البعض ان اسم اللّٰه غاب عن الاستعمال اليومي قبل زمن يسوع بوقت طويل. ولكن هنالك دليل قوي على ان رئيس الكهنة استمر يتلفظ به في الخدمات الدينية في الهيكل — وخصوصا في يوم الكفارة — الى الوقت الذي دُمِّر فيه الهيكل سنة ٧٠ بم. لذلك، عندما كان يسوع على الارض، كان التلفظ بالاسم معروفا، على الرغم من انه ربما لم يُستعمل على نحو واسع.
ولماذا توقف اليهود عن التلفظ باسم اللّٰه؟ ربما، جزئيا على الاقل، بسبب اساءة تطبيق كلمات الوصية الثالثة: «لا تنطق باسم (يهوه) إلهك باطلا.» (خروج ٢٠:٧) طبعا، لم تمنع هذه الوصية استعمال اسم اللّٰه. وإلا فلماذا استعمله خدام اللّٰه القدماء كداود بحرية كبيرة وتمتعوا مع ذلك ببركة يهوه؟ ولماذا تلفظ به اللّٰه لموسى وأمر موسى بأن يوضح للاسرائيليين مَن ارسله؟ — مزمور ١٨:١-٣، ٦، ١٣؛ خروج ٦:٢-٨.
ولكن، بحلول زمن يسوع، كان هنالك ميل قوي الى اخذ وصايا اللّٰه المعقولة وتفسيرها بطريقة غير معقولة الى حد بعيد. مثلا، ألزمت الوصية الرابعة من الوصايا العشر اليهود ان يحفظوا اليوم السابع من كل اسبوع كيوم راحة، سبت. (خروج ٢٠:٨-١١) فذهب اليهود التقليديون بهذه الوصية الى حدود سخيفة، واضعين قواعد لا تحصى تتحكم حتى في اصغر عمل يمكن او لا يمكن القيام به في السبت. ولا شك انهم بالروح نفسها ذهبوا بالوصية المعقولة، ان اسم اللّٰه لا يجب ان يُهان، الى حدود غير معقولة على الاطلاق، قائلين انه لا يجب حتى ان يُتلفظ بالاسم.a
يسوع والاسم
هل كان يسوع سيتبع مثل هذا التقليد غير المؤسس على الاسفار المقدسة؟ طبعا لا! وهو بالتأكيد لم يحجم عن القيام بأعمال شفاء في السبت، على الرغم من ان ذلك عنى كسر قواعد اليهود البشرية الصنع وحتى تعريض حياته للخطر. (متى ١٢:٩-١٤) وفي الواقع، دان يسوع الفريسيين بصفتهم مرائين لأن تقاليدهم تجاوزت كلمة اللّٰه الموحى بها. (متى ١٥:١-٩) ولذلك من غير المحتمل ان يكون قد احجم عن التلفظ باسم اللّٰه، وخصوصا بالنظر الى واقع ان اسمه الخاص، يسوع، يعني «يهوه خلاص.»
وفي احدى المناسبات وقف يسوع في المجمع وقرأ جزءا من درج اشعياء. وكان القسم الذي قرأه ما ندعوه اليوم اشعياء ٦١:١، ٢، حيث يظهر اسم اللّٰه اكثر من مرة. (لوقا ٤:١٦-٢١) فهل كان سيرفض ان يتلفظ بالاسم الالهي هناك، مستبدلا اياه بـ «الرب» او «اللّٰه»؟ طبعا لا. فكان ذلك سيعني اتِّباع تقليد القادة الدينيين اليهود غير المؤسس على الاسفار المقدسة. وبالاحرى، نقرأ: «كان يعلِّمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة.» — متى ٧:٢٩.
وفي الواقع، كما تعلَّمنا من قبل، علَّم أتباعه ان يصلّوا الى اللّٰه: «ليتقدس اسمك.» (متى ٦:٩) وفي الصلاة في الليلة التي سبقت تنفيذ الحكم فيه قال لأبيه: «اظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لي من بين العالم . . . يا أبَتِ القدوس احفظهم باسمك الذي وهبته لي.» — يوحنا ١٧:٦، ١١، الترجمة اليسوعية الحديثة.
وفي ما يتعلق باشارات يسوع هذه الى اسم اللّٰه، يوضح كتاب Der Name Gottes (اسم اللّٰه)، في الصفحة ٧٦: «لا بد ان نقدِّر الواقع المدهش ان فهم العهد القديم التقليدي لاعلان اللّٰه هو انه اعلان لاسمه وأن ذلك يتواصل الى الاجزاء الختامية للعهد القديم، اجل، يستمر حتى الى الاجزاء الاخيرة للعهد الجديد، حيث نقرأ على سبيل المثال في يوحنا ١٧:٦: ‹اظهرت اسمك.›»
اجل، من غير المعقول الى ابعد حد التفكير ان يسوع احجم عن استعمال اسم اللّٰه، وخصوصا عندما اقتبس من تلك الاجزاء للاسفار العبرانية التي احتوت عليه.
المسيحيون الاولون
وهل استعمل أتباع يسوع في القرن الاول اسم اللّٰه؟ لقد اوصاهم يسوع بأن يتلمذوا اناسا من جميع الامم. (متى ٢٨:١٩، ٢٠) وكثيرون من الناس الذين يجب ان يُكرز لهم لم تكن لديهم اية فكرة عن اللّٰه الذي اعلن نفسه لليهود بالاسم يهوه. فكيف كان يمكن للمسيحيين ان يحددوا لهم هوية الإله الحقيقي؟ هل كان كافيا ان يدعوه اللّٰه او الرب؟ كلا. لقد كانت للامم آلهتها وأربابها الخاصة. (١ كورنثوس ٨:٥) فكيف كان يمكن للمسيحيين ان يظهروا بوضوح الفرق بين الإله الحقيقي والآلهة الباطلة؟ فقط باستعمال اسم الإله الحقيقي.
لذلك علَّق التلميذ يعقوب خلال اجتماع للشيوخ في اورشليم: «سمعان قد اخبر كيف افتقد اللّٰه اولا الامم ليأخذ منهم شعبا على اسمه. وهذا توافقه اقوال الانبياء.» (اعمال ١٥:١٤، ١٥) والرسول بطرس، في خطابه الشهير يوم الخمسين، اشار الى جزء حيوي من الرسالة المسيحية عندما اقتبس كلمات النبي يوئيل: «كل مَنْ يدعو باسم (يهوه) ينجو.» — يوئيل ٢:٣٢؛ اعمال ٢:٢١.
والرسول بولس لا يترك ايّ شك في اهمية اسم اللّٰه بالنسبة اليه. ففي رسالته الى اهل رومية يقتبس كلمات النبي يوئيل نفسها ويمضي مشجعا الرفقاء المسيحيين على اظهار ايمانهم بتلك العبارة بالخروج للكرازة باسم اللّٰه للآخرين لكي يخلص هؤلاء ايضا. (رومية ١٠:١٣-١٥) وفي ما بعد كتب في رسالته الى تيموثاوس: «ليتجنبِ الاثم كل من يسمِّي اسم (يهوه).» (٢ تيموثاوس ٢:١٩) وفي نهاية القرن الاول استعمل الرسول يوحنا الاسم الالهي في كتاباته. فالتعبير «هللويا،» الذي يعني «سبِّحوا ياه،» يظهر تكرارا في سفر الرؤيا. — رؤيا ١٩:١، ٣، ٤، ٦.
لكنَّ يسوع وأتباعه تنبأوا بأن ارتدادا كان سيحدث في الجماعة المسيحية. كتب الرسول بطرس: «سيكون فيكم ايضا معلِّمون كذبة.» (٢ بطرس ٢:١؛ انظروا ايضا متى ١٣:٣٦-٤٣؛ اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠؛ ٢ تسالونيكي ٢:٣؛ ١ يوحنا ٢:١٨، ١٩.) وقد تمَّت هذه التحذيرات. وكانت احدى النتائج ان اسم اللّٰه حُجب عن الانظار. حتى انه أُزيل من نسخ وترجمات الكتاب المقدس! فلنرَ كيف حدث ذلك.
[الحاشية]
a يقترح البعض سببا آخر: ربما تأثر اليهود بالفلسفة اليونانية. مثلا، ان فيلون، فيلسوف يهودي من الاسكندرية كان تقريبا معاصرا ليسوع، تأثر كثيرا بالفيلسوف اليوناني أفلاطون، الذي اعتقد انه ملهم من اللّٰه. يذكر Lexikon des Judentums (معجم اليهودية)، تحت «فيلون،» ان فيلون «وحَّد لغة وأفكار الفلسفة اليونانية (أفلاطون) بايمان اليهود المعلن» وأنه قبل كل شيء «كان له تأثير واضح في آباء الكنيسة المسيحيين.» وعلَّم فيلون ان اللّٰه لا يمكن تعريفه، وبالتالي لا يمكن تسميته.
[الصورة في الصفحة ١٤]
هذه الصورة لرئيس كهنة يهودي، مع السمة على عمامته بالعبرانية التي تعني «القداسة ليهوه،» موجودة في الڤاتيكان
[الصورة في الصفحة ١٥]
كما تدل ترجمة الكتاب المقدس الالمانية هذه لسنة ١٨٠٥، عندما قرأ يسوع في المجمع من درج اشعياء، تلفظ باسم اللّٰه بصوت عال. — لوقا ٤:١٨، ١٩
[الصورتان في الصفحة ١٦]
بطرس وبولس استعملا اسم اللّٰه عندما اقتبسا من نبوة يوئيل. — اعمال ٢:٢١؛ رومية ١٠:١٣
-
-
اسم اللّٰه وتراجمة الكتاب المقدسالاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
اسم اللّٰه وتراجمة الكتاب المقدس
في وقت باكر من القرن الثاني، بعد موت آخر الرسل، بدأ جدِّيا الحيدان عن الايمان المسيحي الذي أنبأ به يسوع وأتباعه. فقد تسرَّبت الفلسفات والعقائد الوثنية الى الجماعة؛ نشأت الشيع والانقسامات، وافسِدت نقاوة الايمان الاصلية. وجرى التوقف عن استعمال اسم اللّٰه.
واذ انتشرت هذه المسيحية المرتدة، نشأت الحاجة الى ترجمة الكتاب المقدس عن لغتيه الاصليتين العبرانية واليونانية بلغات اخرى. فكيف نقل التراجمة اسم اللّٰه في ترجماتهم؟ استعملوا عادةً ما يقابل كلمة «رب.» والترجمة ذات التأثير الكبير في ذلك الحين كانت الڤولڠات اللاتينية، ترجمة للكتاب المقدس بقلم جيروم باللاتينية العادية. وقد نقل جيروم الحروف الاربعة للاسم الالهي (ي ه و ه) باستبدالها بـ Dominus، «الرب.»
وأخيرا بدأت تظهر في اوروپا لغات جديدة، كالفرنسية، الانكليزية والاسپانية. لكنَّ الكنيسة الكاثوليكية حاولت ان تثني عن ترجمة الكتاب المقدس بهذه اللغات الجديدة. وهكذا فيما رفض اليهود، الذين استعملوا الكتاب المقدس باللغة العبرانية الاصلية، ان يتلفظوا باسم اللّٰه عند رؤيته، فإن معظم «المسيحيين» سمعوا الكتاب المقدس يُقرأ في ترجمات لاتينية لا تستعمل الاسم.
وعلى مرّ الوقت صار اسم اللّٰه يُستعمل ثانية. ففي سنة ١٢٧٨ ظهر في اللاتينية في المؤلَّف Pugio fidei (خنجر الايمان)، بقلم رايمُندُس مارتيني، راهب اسپاني. ورايمُندُس مارتيني استعمل التهجية Yohoua.a وبعد وقت قصير، في سنة ١٣٠٣، اكمل پورشيتوس دو سَلڤاتيسيس مؤلَّفا بعنوان Victoria Porcheti adversus impios Hebraeos (انتصار پورشيتوس على العبرانيين الفجار). وفيه ذكر هو ايضا اسم اللّٰه، مهجِّيا اياه بأشكال مختلفة Iohouah، Ihouah و Iohoua. ثم، في سنة ١٥١٨، اصدر پيترُس ڠلاطينوس مؤلَّفا بعنوان De arcanis catholicae veritatis (في ما يتعلق بأسرار الحقيقة الكونية) فيه يهجِّي اسم اللّٰه Iehoua.
ظهر الاسم في كتاب مقدس انكليزي لاول مرة في سنة ١٥٣٠ حين اصدر وليم تِنْدَل ترجمة للاسفار الخمسة الاولى للكتاب المقدس. وفيها ذكر اسم اللّٰه، الذي جرت تهجيته عادةً Iehouah، في عدة اعداد،b وفي ملاحظة في هذه الطبعة كتب: «Iehovah هو اسم اللّٰه . . . وفضلا عن ذلك كلما رأيتم LORD [الرب] بحروف كبيرة (إلّا اذا كان هنالك ايّ خطإ في الطبع) كان في العبرانية Iehovah.» ومن ذلك نشأت عادة استعمال اسم يهوه في مجرد اعداد قليلة وكتابة «LORD» (الرب) او «GOD» (اللّٰه) في معظم الاماكن الاخرى حيث ترد الحروف الاربعة للاسم الالهي في النص العبراني.
وفي سنة ١٦١١ صدر ما صار الترجمة الانكليزية الاوسع استعمالا، الترجمة المرخَّصة. وفيها ظهر الاسم اربع مرات في النص الرئيسي. (خروج ٦:٣؛ مزمور ٨٣:١٨؛ اشعياء ١٢:٢؛ ٢٦:٤) وظهر «ياه،» اختصار شعري للاسم، في المزمور ٦٨:٤. وظهر الاسم بكامله في اسماء الامكنة مثل «يهوه يِرْأَه.» (تكوين ٢٢:١٤؛ خروج ١٧:١٥؛ قضاة ٦:٢٤) لكنَّ التراجمة، اذ اتَّبعوا مثال تِنْدَل، استبدلوا اسم اللّٰه في معظم الحالات بـ «LORD» (الرب) او «GOD» (اللّٰه). ولكن اذا كان ممكنا ان يظهر اسم اللّٰه في اربعة اعداد، فلماذا لا يمكن ان يظهر في آلاف الاعداد الاخرى كلها التي تحتوي عليه في العبرانية الاصلية؟
كان يجري شيء مماثل في اللغة الالمانية. ففي سنة ١٥٣٤ اصدر مارتن لوثر ترجمته الكاملة للكتاب المقدس، التي اسسها على اللغات الاصلية. ولسبب ما لم يشمل اسم اللّٰه بل استعمل بدائل، مثل HERR («رب»). لكنه كان يعرف الاسم الالهي، لأنه في موعظة عن ارميا ٢٣:١-٨، ألقاها في سنة ١٥٢٦، قال: «هذا الاسم يهوه، الرب، ينتمي بصورة مطلقة الى الإله الحقيقي.»
وفي سنة ١٥٤٣ كتب لوثر بصراحة مميِّزة: «أما انهم [اليهود] يزعمون الآن ان الاسم يهوه لا يمكن التلفظ به، فهم لا يعرفون ما يتكلمون عنه . . . فإذا كان يمكن كتابته بقلم وحبر، فلمَ لا ينبغي التكلم به، الامر الافضل بكثير من كتابته بقلم وحبر؟ ولمَ لا يعتبرون ايضا انه لا يمكن كتابته، لا يمكن قراءته او لا يمكن التفكير فيه؟ واذ تؤخذ كل الامور بعين الاعتبار، هنالك شيء كريه.» ومع ذلك، لم يصحِّح لوثر الامور في ترجمته للكتاب المقدس. ولكن، في السنوات اللاحقة، احتوت كتب مقدسة المانية اخرى على الاسم في نص الخروج ٦:٣.
وفي القرون التالية مضى تراجمة الكتاب المقدس في احد الاتجاهين. فتجنب البعض ايّ استعمال لاسم اللّٰه، فيما استعمله آخرون بصورة شاملة في الاسفار العبرانية، إما بالصيغة يَهوَه او بالصيغة يَهوِه. فلنتأمل في ترجمتين تجنبتا الاسم ولنرَ لماذا، بحسب تراجمتهما، جرى ذلك.
لماذا حذفوه
عندما انتج ج. م. پاويس سميث وادڠار ج. ڠودسپيد ترجمة عصرية للكتاب المقدس في سنة ١٩٣٥، وجد القرّاء ان LORD (الرب) و GOD (اللّٰه) جرى استعمالهما في معظم الاماكن كبديلين لاسم اللّٰه. وشُرِح السبب في المقدمة: «في هذه الترجمة اتَّبعنا العُرف اليهودي التقليدي واستبدلنا الاسم ‹يَهوِه› بـ ‹الرب› والعبارة ‹الرب يَهوِه› بعبارة ‹الرب الإله.› وفي جميع الحالات حيث الكلمة ‹الرب› او ‹الإله› تمثِّل الكلمة الاصلية ‹يَهوِه› تُستخدَم حروف استهلالية صغيرة.»
ثم، في إبطال غير عادي لتقليد اليهود الذين كانوا يقرأون ي ه و ه وانما يتلفظون به «الرب،» تقول المقدمة: «ولذلك فان كل مَن يرغب في الاحتفاظ بمذاق النص الاصلي ما عليه إلا ان يقرأ ‹يَهوِه› حيثما يرى LORD [الرب] او GOD [اللّٰه]»!
وعند قراءة ذلك، يخطر ببالنا فورا السؤال: اذا كانت قراءة « يَهوِه» عوضا عن «LORD» (الرب) تحتفظ «بمذاق النص الاصلي،» فلماذا لم يستعمل التراجمة « يَهوِه» في ترجمتهم؟ ولماذا، كما يقولون، ‹استبدلوا› اسم اللّٰه بالكلمة «LORD» (الرب) وبالتالي اخفَوا مذاق النص الاصلي؟
يقول التراجمة انهم كانوا يتبعون العُرف اليهودي التقليدي. ولكن، بالنسبة الى المسيحي، هل من الحكمة فعل ذلك؟ تذكَّروا ان الفريسيين، حافظي العُرف اليهودي التقليدي، هم الذين رفضوا يسوع والذين قال لهم: «ابطلتم وصية اللّٰه بسبب تقليدكم.» (متى ١٥:٦) ومثل هذا الاستبدال يُضعف حقا كلمة اللّٰه.
وفي سنة ١٩٥٢ جرى اصدار الترجمة القانونية المنقحة للاسفار العبرانية بالانكليزية، وهذا الكتاب المقدس ايضا استعمل بدائل لاسم اللّٰه. وكان ذلك جديرا بالملاحظة لأن الترجمة الاميركية القانونية الاصلية، التي كانت هذه تنقيحا لها، استعملت الاسم يهوه في كل الاسفار العبرانية. ولذلك كان إغفال الاسم انحرافا بارزا. فلماذا جرى ذلك؟
في مقدمة الترجمة القانونية المنقحة، نقرأ: «لسببين رجعت اللجنة الى الاستعمال المألوف اكثر لترجمة الملك جيمس [اي، إغفال اسم اللّٰه]: (١) ان الكلمة ‹يهوه› لا تمثِّل بدقة اية صيغة للاسم استعملت ذات مرة في العبرانية؛ و (٢) ان استعمال ايِّ اسم علم للإله الواحد والوحيد، كما لو كانت هنالك آلهة اخرى يجب تمييزه عنها، جرى التوقف عنه في الديانة اليهودية قبل العصر المسيحي وهو غير ملائم اطلاقا للايمان العام للكنيسة المسيحية.»
هل هاتان حجتان سليمتان؟ حسنا، كما نوقش سابقا، لا يمثِّل الاسم يسوع بدقة الصيغة الاصلية لاسم ابن اللّٰه التي استعملها أتباعه. لكنَّ ذلك لم يقنع اللجنة بأن تتجنب استعمال هذا الاسم وان تستعمل عوضا عنه لقبا مثل «الوسيط» او «المسيح.» صحيح ان هذين اللقبَين مستعملان، انما اضافة الى الاسم يسوع، لا عوضا عنه.
أما بالنسبة الى الحجة بأنه ليست هنالك آلهة اخرى يجب تمييز الإله الحقيقي عنها، فذلك غير صحيح. فهنالك ملايين الآلهة التي يعبدها الجنس البشري. ذكر الرسول بولس: «يوجد آلهة كثيرون.» (١ كورنثوس ٨:٥؛ فيلبي ٣:١٩) طبعا، هنالك إله حقيقي واحد فقط، كما يتابع بولس قوله. ولذلك فإن احدى الفوائد العظمى لاستعمال اسم الإله الحقيقي هي انه يفرزه عن كل الآلهة الباطلة. وعلاوة على ذلك، اذا كان استعمال اسم اللّٰه «غير ملائم اطلاقا،» فلماذا يظهر نحو ٠٠٠,٧ مرة في الاسفار العبرانية الاصلية؟
الحقيقة هي ان تراجمة عديدين لم يشعروا بأن الاسم، بتلفظه العصري، غير ملائم في الكتاب المقدس. وقد شملوه بترجماتهم، وكانت النتيجة دائما ترجمة تعطي المزيد من الاكرام لمؤلف الكتاب المقدس وتلتصق اكثر بأمانة بالنص الاصلي. وبعض الترجمات المستعملة على نحو واسع التي تشمل الاسم هي ترجمة ڤاليرا (اسپانية، صدرت في سنة ١٦٠٢)، ترجمة ألمايدا (پرتغالية، صدرت في سنة ١٦٨١)، ترجمة إلبِرفِلدر الاصلية (المانية، صدرت في سنة ١٨٧١)، بالاضافة الى الترجمة الاميركية القانونية (انكليزية، صدرت في سنة ١٩٠١). وبعض الترجمات، وخصوصا الكتاب المقدس الاورشليمي، تستعمل ايضا بشكل ثابت اسم اللّٰه انما بالتهجية Yahweh.
اقرأوا الآن تعليقات بعض التراجمة الذين شملوا الاسم بترجماتهم وقارِنوا حججهم بتلك التي لاولئك الذين أغفلوا الاسم.
لماذا يشمل آخرون الاسم
في ما يلي تعليق تراجمة الترجمة الاميركية القانونية لسنة ١٩٠١: «وصل [التراجمة] الى الاقتناع الاجماعي بأن الخرافة اليهودية، التي اعتبرت الاسم الالهي اقدس من ان يُنطق به، لا ينبغي ان تسود بعدُ في الترجمة الانكليزية او اية ترجمة اخرى للعهد القديم . . . فهذا الاسم التذكاري، الذي يجري ايضاحه في الخروج ٣:١٤، ١٥، والتشديد عليه بحد ذاته تكرارا في النص الاصلي للعهد القديم، يشير الى اللّٰه بصفته الإله الشخصي، إله العهد، إله الاعلان، المنقذ، صديق شعبه . . . وهذا الاسم الشخصي، بغنى صِلاته المقدسة، يُردُّ الآن في النص المقدس الى المكان الذي له الحق القاطع فيه.»
وبشكل مماثل، في مقدمة إلبِرفِلدر بِبَل الالماني الاصلي نقرأ: «يهوڤاه Jehova. احتفظنا بهذا الاسم لإله عهد اسرائيل لأن القارئ اعتاده لسنين.»
ويوضح ستيڤن ت. باينتون، مترجم الكتاب المقدس بالانكليزية الحية، لماذا يستعمل اسم اللّٰه: «ان التهجية والتلفظ ليسا مهمين جدا. فالمهم جدا هو ان يبقى واضحا ان هذا هو اسم شخصي. وهنالك آيات عديدة لا يمكن فهمها بلياقة اذا ترجمنا هذا الاسم باسم عام مثل ‹رب،› او اردأ بكثير، بنعت مستعمل كاسم [مثلا، السرمدي].»
وقضية ترجمة اخرى، بقلم ج. ب. رذرهام، مثيرة للاهتمام. فقد استعمل اسم اللّٰه في ترجمته لكنه فضَّل الصيغة يَهوِه. أما في مؤلَّف لاحق، Studies in the Psalms (دراسات في المزامير)، صادر في سنة ١٩١١، فقد عاد الى الصيغة جِهوڤاه. ولماذا؟ يوضح: «جِهوڤاه. — ان استعمال هذه الصيغة الانكليزية للاسم التذكاري (خروج ٣:١٨) في الترجمة الحالية لسفر المزامير لا ينشأ عن ايّ شك في ما يتعلق بالتلفظ الاصح، بأنه يَهوِه؛ وانما فقط عن الدليل العملي المنتقى شخصيا للرغبة في البقاء على اتصال بأذن وعين الجمهور في مسألة من هذا النوع، حيث الشيء الرئيسي هو الادراك السهل للاسم الالهي المقصود.»
في المزمور ٣٤:٣ يجري حضّ عبَّاد يهوه: «عظِّموا (يهوه) معي ولنعلِّ اسمه معا.» فكيف يمكن لقرّاء ترجمات الكتاب المقدس التي تحذف اسم اللّٰه ان يتجاوبوا كاملا مع هذا الحضِّ؟ ويسعد المسيحيين ان تكون لدى بعض التراجمة على الاقل الشجاعة لشمل اسم اللّٰه بترجماتهم للاسفار العبرانية، وبالتالي حفظ ما دعاه سميث وڠودسپيد «مذاق النص الاصلي.»
لكنَّ معظم الترجمات، حتى عندما تشمل اسم اللّٰه بالاسفار العبرانية، تحذفه من الاسفار اليونانية المسيحية، «العهد الجديد.» فما هو سبب ذلك؟ وهل هنالك ايّ مبرر لشمل اسم اللّٰه بهذا الجزء الاخير من الكتاب المقدس؟
[الحاشيتان]
a ولكنَّ طبعات هذا المؤلَّف، التي يعود تاريخها الى ما بعد بضعة قرون، تشتمل على التهجية Jehova للاسم الالهي.
b تكوين ١٥:٢؛ خروج ٦:٣؛ ١٥:٣؛ ١٧:١٦؛ ٢٣:١٧؛ ٣٣:١٩؛ ٣٤:٢٣؛ تثنية ٣:٢٤. وذكر تِنْدَل ايضا اسم اللّٰه في حزقيال ١٨:٢٣ و ٣٦:٢٣ في ترجماته التي أضيفت في آخر العهد الجديد، انتورپ، ١٥٣٤.
[النبذة في الصفحة ١٧]
ان تراجمة الترجمة المرخَّصة حفظوا اسم اللّٰه، يهوه، في اربعة اعداد فقط، مستبدلين اياه بـ GOD (اللّٰه) و LORD (الرب) في كل الاماكن الاخرى
[النبذة في الصفحة ٢٢]
اذا كان استعمال اسم اللّٰه «غير ملائم اطلاقا،» فلماذا يظهر نحو ٠٠٠,٧ مرة في النص العبراني الاصلي؟
[الاطار/الصور في الصفحتين ٢٠، ٢١]
عداء لاسم اللّٰه؟
في الوقت الحاضر لا توجد ترجمة متداولة للكتاب المقدس باللغة الافريقانية (التي يتكلمها سكان جنوب افريقيا من اصل هولندي) تحتوي على اسم اللّٰه. وهذا مثير للدهشة، لأن ترجمات عديدة باللغات القبلية المحكية في ذلك البلد تستعمل الاسم بحرّية. فلنرَ كيف حدث ذلك.
في ٢٤ آب ١٨٧٨ قُدِّم التماس شديد في اجتماع لجمعية الافريقانيين المخلصين (G.R.A.) ان تُصنع ترجمة للكتاب المقدس باللغة الافريقانية. وبعد ست سنوات اثيرت المسألة ثانية، وتقرَّر اخيرا ان يمضوا قدما ويترجموا الكتاب المقدس عن الألسنة الاصلية. وعُهِد في العمل الى س. ج. دو توا، مدير التربية في الترانسڤال.
شملت رسالة توجيهية الى دو توا الارشاد التالي: «ان الاسم العلم للرب، Jehovah او Jahvê، يجب ان يُترك دون ترجمة [اي، ان لا يُستبدل بالرب او اللّٰه] من البداية الى النهاية.» فترجم س. ج. دو توا سبعة اسفار للكتاب المقدس بالافريقانية، وظهر الاسم يهوه من البداية الى النهاية.
واحتوت ايضا مطبوعات جنوب افريقية اخرى في وقت من الاوقات على اسم اللّٰه. مثلا، في De Korte Catechismus (كتاب التعليم الديني المختصر)، بقلم ج. أ. ماليرب، ١٩١٤، ورد ما يلي: «ما هو اسم اللّٰه الفائق؟» الجواب؟ «جِهوڤاه، المكتوب LORD [الرب] بحروف كبيرة في كتبنا المقدسة. وهذا [الاسم] لم يطلق قط على ايّ مخلوق.»
وفي Die Katkisasieboek (كتاب تعليم ديني اصدرته لجنة مدرسة الاحد الاتحادية للكنيسة المُصلَحة الهولندية في جنوب افريقيا) ورد السؤال التالي: «اذًا ألا يمكننا ابدا ان نستعمل الاسم جِهوڤاه او LORD [الرب]؟ هذا ما يفعله اليهود . . . وليس هذا ما تعنيه الوصية. . . . فيمكننا ان نستعمل اسمه، ولكن ليس ابدا بغير احترام.» وحتى وقت قريب، فإن طبعات جديدة من Die Halleluja (كتاب تراتيل) احتوت ايضا على الاسم يهوه في بعض التراتيل.
لكنَّ ترجمة دو توا لم تكن شعبية، وفي سنة ١٩١٦ جرى تعيين لجنة لترجمة الكتاب المقدس بغية الاهتمام بانتاج كتاب مقدس افريقاني. وتبنَّت هذه اللجنة سياسة حذف اسم يهوه من الكتاب المقدس. وفي سنة ١٩٧١ اصدرت جمعية الكتاب المقدس لجنوب افريقيا «ترجمة تجريبية» لاسفار قليلة للكتاب المقدس بالافريقانية. وفيما ذُكر اسم اللّٰه في المقدمة، إلا انه لم يُستعمل في نص الترجمة. وبشكل مماثل، في سنة ١٩٧٩ ظهرت ترجمة جديدة لِـ «العهد الجديد» والمزامير وحذفت ايضا اسم اللّٰه.
وفضلا عن ذلك، منذ سنة ١٩٧٠ ازيل ذكر الاسم يهوه من Die Halleluja. والطبعة السادسة من نسخة Die Katkisasieboek المنقحة، التي اصدرتها الكنيسة المُصلَحة الهولندية في جنوب افريقيا، تحذف الآن ايضا الاسم.
وفي الواقع، ان الجهود لحذف الصيغة جِهوڤاه لا تقتصر على الكتب. فقد كان لدى كنيسة مُصلَحة هولندية في پارل حجر زاوية نُقشت عليه الكلمات JEHOVAH JIREH («يهوه سيزوِّد»). وظهرت صورة لهذه الكنيسة وحجر زاويتها في عدد ٢٢ تشرين الاول ١٩٧٤ من مجلة استيقظ! باللغة الافريقانية. ومنذ ذلك الحين، جرى استبدال حجر الزاوية بآخر عليه الكلمات DIE HERE SAL VOORSIEN («الرب سيزوِّد»). والاشارة الى الآية والتاريخ على حجر الزاوية تُركا كما كانا، لكنَّ الاسم يهوه جرت ازالته.
لذلك فإن كثيرين من الافريقانيين اليوم يجهلون اسم اللّٰه. واعضاء الكنيسة الذين يعرفونه يحجمون عن استعماله. حتى ان البعض يحاجّون ضده، قائلين ان اسم اللّٰه هو LORD (الرب) ومتهمين شهود يهوه بابتكار الاسم يهوه.
[الصور]
كنيسة مُصلَحة هولندية في پارل، جنوب افريقيا. في الاصل، كان الاسم جِهوڤاه محفورا على حجر الزاوية (فوق الى اليمين). ولاحقا، جرى استبداله (فوق الى اليسار)
[الصورة في الصفحة ١٨]
ان اسم اللّٰه بالصيغة Yohoua ظهر سنة ١٢٧٨ في المؤلَّف Pugio fidei كما هو ظاهر في هذه المخطوطة (التي يرجع تاريخها الى القرن الـ ١٣ او الـ ١٤) من مكتبة سانت جنڤياڤ، باريس، فرنسا (الصفحة ١٦٢ ب)
[الصورة في الصفحة ١٩]
في ترجمته للاسفار الخمسة الاولى للكتاب المقدس، الصادرة في سنة ١٥٣٠، وضع وليم تِنْدَل اسم اللّٰه في الخروج ٦:٣. وأوضح استعماله للاسم في ملاحظة للترجمة
[مصدر الصورة]
(Photograph courtesy of the American Bible Society Library, New York)
-
-
اسم اللّٰه و «العهد الجديد»الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
اسم اللّٰه و «العهد الجديد»
ان مركز اسم اللّٰه راسخ في الاسفار العبرانية، «العهد القديم.» وعلى الرغم من ان اليهود توقفوا اخيرا عن التلفظ به، فإن معتقداتهم الدينية منعتهم من ازالة الاسم عندما صنعوا نسخا لمخطوطات الكتاب المقدس الاقدم. لذلك تحتوي الاسفار العبرانية على اسم اللّٰه تكرارا اكثر من ايّ اسم آخر.
والوضع يختلف مع الاسفار اليونانية المسيحية، «العهد الجديد.» فمخطوطات سفر الرؤيا (آخر اسفار الكتاب المقدس) تشتمل على اسم اللّٰه بصيغته المختصرة، «ياه،» (في الكلمة «هللويا»). ولكن عدا ذلك، ما من مخطوطة يونانية قديمة نملكها اليوم للاسفار من متى الى الرؤيا تحتوي على اسم اللّٰه بكامله. فهل يعني ذلك ان الاسم لا يجب ان يكون هناك؟ يكون ذلك مستغربا نظرا الى ان أتباع يسوع ادركوا اهمية اسم اللّٰه، وأن يسوع علَّمنا ان نصلّي لأجل تقديس اسم اللّٰه. فماذا حدث؟
لفهم ذلك، تذكَّروا ان مخطوطات الاسفار اليونانية المسيحية التي نملكها اليوم ليست الاصلية. فالاسفار الفعلية التي كتبها متى، لوقا وكتبة الكتاب المقدس الآخرون استُعملت كثيرا وبليت بسرعة. لذلك صُنعت النسخ، وعندما بليت هذه، صُنعت نسخ اضافية لتلك النسخ. وهذا ما نتوقعه، لأن النسخ كانت تُصنع عادة لتُستعمل، لا لتُحفظ.
هنالك آلاف النسخ من الاسفار اليونانية المسيحية اليوم، لكنَّ معظمها صُنع خلال او بعد القرن الرابع لعصرنا الميلادي. وهذا يقترح امرا ممكنا: هل حصل شيء ما لنص الاسفار اليونانية المسيحية قبل القرن الرابع مما ادى الى إغفال اسم اللّٰه؟ تبرهن الوقائع ان شيئا ما قد حصل.
الاسم كان هناك
يمكننا التيقن ان الرسول متى شمل اسم اللّٰه بانجيله. ولماذا؟ لأنه كتبه في الاصل بالعبرانية. وفي القرن الرابع اخبر جيروم، الذي ترجم الڤولڠات اللاتينية: «متَّى، الذي هو لاوي ايضا، والذي من جابي ضرائب صار رسولا، وضع اولا انجيل المسيح في اليهودية باللغة العبرانية . . . أما من ترجمه بعد ذلك باليونانية فليس اكيدا كفاية. وفضلا عن ذلك، فإن الانجيل العبراني نفسه محفوظ الى هذا اليوم في المكتبة في قيصرية.»
وبما ان متى كتب بالعبرانية، فلا يمكن التصوُّر انه لم يستعمل اسم اللّٰه، وخصوصا عند الاقتباس من اجزاء من «العهد القديم» الذي احتوى على الاسم. لكنَّ الكتبة الآخرين للجزء الثاني من الكتاب المقدس كتبوا لجمهور اممي باللغة العالمية لذلك الزمان، اليونانية. لذلك لم يقتبسوا من الكتابات العبرانية الاصلية بل من الترجمة السبعينية اليونانية. وحتى انجيل متى تُرجم اخيرا باليونانية. فهل كان اسم اللّٰه سيظهر في هذه الكتابات اليونانية؟
حسنا، ان بعض الجُذاذات القديمة جدا من الترجمة السبعينية التي كانت في الواقع موجودة في زمن يسوع بقيت الى يومنا، ومن الجدير بالذكر ان اسم اللّٰه الشخصي ظهر فيها. يقول The New International Dictionary of New Testament Theology (القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد) (المجلد ٢، الصفحة ٥١٢): «ان الاكتشافات الاخيرة للنص تلقي شكا على الفكرة ان جامعي الـ LXX [الترجمة السبعينية ] نقلوا الحروف الاربعة للاسم الالهي ي ه و ه الى كيريوس. والمخطوطات (الجُذاذات) الاقدم للـ LXX المتوفرة لنا الآن تشتمل على الحروف الاربعة للاسم الالهي مكتوبة بالعبرانية في النص اليوناني. واحتفظ بهذه العادة التراجمة اليهود اللاحقون للعهد القديم في القرون الاولى بعد الميلاد.» لذلك، سواء قرأ يسوع وتلاميذه الاسفار المقدسة بالعبرانية او باليونانية، فإنهم كانوا سيصادفون الاسم الالهي.
لهذا السبب، قدَّم الپروفسور جورج هوارد، من جامعة جورجيا، الولايات المتحدة الاميركية، هذا التعليق: «عندما احتوت الترجمة السبعينية، التي استعملتها واقتبست منها كنيسة العهد الجديد، على الصيغة العبرانية للاسم الالهي، لا شك ان كتبة العهد الجديد شملوا الحروف العبرانية الاربعة للاسم الالهي باقتباساتهم.» (Biblical Archaeology Review) (المجلة النقدية لآثار الكتاب المقدس، آذار ١٩٧٨، الصفحة ١٤) وأيّ اساس كان لديهم ليفعلوا بخلاف ذلك؟
بقي اسم اللّٰه في الترجمات اليونانية لِـ «العهد القديم» فترة اطول. ففي النصف الاول من القرن الثاني بعد الميلاد صنع المهتدي اليهودي أَكوِلا ترجمة جديدة للاسفار العبرانية باليونانية، وفيها مثَّل اسم اللّٰه بالحروف الاربعة للاسم الالهي بالعبرانية القديمة. وفي القرن الثالث كتب اوريجانس: «وفي المخطوطات الأدقّ يظهر الاسم بالحروف العبرانية، انما ليس [بالحروف] العبرانية الحديثة، بل بأقدمها.»
وحتى في القرن الرابع يكتب جيروم في مقدمته لاسفار صموئيل والملوك: «ونجد اسم اللّٰه، الحروف الاربعة للاسم الالهي [יהוה]، في بعض المجلدات اليونانية حتى الى هذا اليوم معبَّرا عنه بحروف قديمة.»
ازالة الاسم
ولكن، بحلول ذلك الوقت، كان الارتداد الذي أنبأ به يسوع قد تشكل، وكان الاسم، على الرغم من ظهوره في المخطوطات، يُستعمل اقل فأقل. (متى ١٣:٢٤-٣٠؛ اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠) وأخيرا، فإن قرّاء كثيرين لم يدركوا حتى ما هو، ويخبر جيروم انه في زمنه «اعتاد بعض الجهال، بسبب تشابه الحروف، عندما يجدون [الحروف الاربعة للاسم الالهي] في الاسفار اليونانية، ان يقرأوا ΠΙΠΙ.»
وفي نسخ لاحقة من الترجمة السبعينية أُزيل اسم اللّٰه واستُبدل بكلمات مثل «اللّٰه» (ثِيوس ) و «الرب» (كيريوس ). ونعرف ان ذلك قد حدث لأننا نملك جُذاذات باكرة من الترجمة السبعينية حيث اسم اللّٰه مشمول ونسخا لاحقة من هذه الاجزاء نفسها من الترجمة السبعينية حيث أُزيل اسم اللّٰه.
والامر نفسه حصل في «العهد الجديد،» او الاسفار اليونانية المسيحية. يتابع الپروفسور جورج هوارد قائلا: «وعندما حُذفت الصيغة العبرانية للاسم الالهي لمصلحة البدائل اليونانية في الترجمة السبعينية، حُذفت ايضا في اقتباسات العهد الجديد من الترجمة السبعينية. . . . وقبل مضي وقت طويل فقدت الكنيسة الاممية الاسم الالهي إلا بقدر ما انعكس في البدائل المختصرة او تذكَّره العلماء.»
لذلك، فيما رفض اليهود ان يتلفظوا باسم اللّٰه، فإن الكنيسة المسيحية المرتدة تدبرت امر ازالته كاملا من مخطوطات اللغة اليونانية لجزئي الكتاب المقدس كليهما، وكذلك من الترجمات باللغات الاخرى.
الحاجة الى الاسم
وأخيرا، كما رأينا سابقا، جرى ردّ الاسم الى ترجمات عديدة للاسفار العبرانية. ولكن ماذا عن الاسفار اليونانية؟ حسنا، صار تراجمة وتلاميذ الكتاب المقدس يدركون انه، بدون اسم اللّٰه، يصعب جدا فهم بعض اجزاء الاسفار اليونانية المسيحية بشكل لائق. وردّ الاسم هو عون كبير في جعل هذا الجزء من الكتاب المقدس الموحى به واضحا ومفهوما اكثر.
مثلا، تأملوا في كلمات بولس الى اهل رومية، كما تظهر في الترجمة المرخَّصة: «لأن كل مَن يدعو باسم الرب يخلص.» (رومية ١٠:١٣) فباسم مَن يجب ان ندعو لنخلص؟ وبما ان يسوع غالبا ما يجري التكلم عنه بصفته ‹ربًّا،› حتى ان احدى الآيات تقول: «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص،» فهل يجب ان نستنتج ان بولس كان يتكلم هنا عن يسوع؟ — اعمال ١٦:٣١، الترجمة المرخَّصة.
كلا، لا يجب ان نستنتج ذلك. فالاشارة الهامشية الى رومية ١٠:١٣ في الترجمة المرخَّصة توجهنا الى يوئيل ٢:٣٢ في الاسفار العبرانية. واذا فحصتم هذه الاشارة، فستجدون ان بولس في رسالته الى اهل رومية كان يقتبس في الواقع كلمات يوئيل؛ وما قاله يوئيل في العبرانية الاصلية كان: «كل مَن يدعو باسم يهوه ينجو.» (ترجمة العالم الجديد ) نعم، عنى بولس هنا انه يجب ان ندعو باسم يهوه. ولذلك، فيما يجب ان نؤمن بيسوع، فإن خلاصنا مرتبط على نحو وثيق بالتقدير اللائق لاسم اللّٰه.
يوضح هذا المثال كيف ان ازالة اسم اللّٰه من الاسفار اليونانية ساهمت في الخلط بين يسوع ويهوه في اذهان كثيرين. ولا شك انها ساهمت كثيرا في تطوُّر عقيدة الثالوث!
هل يجب ردّ الاسم؟
هل للترجمان ايّ حق في ردّ الاسم، نظرا الى ان المخطوطات الموجودة لا تشتمل عليه؟ نعم، له الحق في ذلك. ومعظم المعاجم اليونانية تعترف بأن كلمة «الرب» في الكتاب المقدس غالبا ما تشير الى يهوه. مثلا، في الجزء تحت الكلمة اليونانية كيريوس («الرب»)، يقول A Greek and English Lexicon of the New Testament (معجم يوناني وانكليزي للعهد الجديد) لواضعه روبنسون (طُبع في سنة ١٨٥٩) انها تعني «اللّٰه بصفته الرب الاسمى والمتسلط في الكون، وعادة في الترجمة السبعينية مقابل الكلمة العبرانية יְהוָֹה يهوه.» اذًا، في الاماكن حيث يقتبس كتبة الاسفار اليونانية المسيحية من الاسفار العبرانية الابكر، يحقّ للترجمان ان ينقل الكلمة كيريوس الى «يهوه» حيثما ظهر الاسم الالهي في الاصل العبراني.
لقد فعل ذلك تراجمة كثيرون. وابتداء من القرن الـ ١٤ على الاقل صُنعت ترجمات عبرانية عديدة للاسفار اليونانية المسيحية. فماذا فعل التراجمة عندما وصلوا الى اقتباسات من «العهد القديم» حيث يظهر اسم اللّٰه؟ غالبا ما شعروا بأنهم مضطرون الى ردّ اسم اللّٰه الى النص. ان ترجمات عديدة لبعض او لكامل الاسفار اليونانية المسيحية بالعبرانية تحتوي على اسم اللّٰه.
والترجمات باللغات العصرية، وخصوصا تلك التي يستعملها المرسلون، اتَّبعت هذا المثال. وهكذا فإن ترجمات عديدة للاسفار اليونانية بلغات افريقيا، آسيا، اميركا وجزر الپاسيفيكي تستعمل الاسم يهوه بوفرة لكي يتمكن القرّاء من ان يروا بوضوح الفرق بين الإله الحقيقي والآلهة الباطلة. وقد ظهر الاسم ايضا في ترجمات بلغات اوروپية.
واحدى الترجمات التي تردّ بشجاعة اسم اللّٰه بأساس جيد هي ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية. وهذه الترجمة، المتوفرة حاليا بِـ ٢٧ لغة عصرية، بما فيها الانكليزية، ردَّت اسم اللّٰه كلما جرى الاقتباس في الاسفار اليونانية من جزء من الاسفار العبرانية يحتوي عليه. وبالاجمال، يظهر الاسم بأساس سليم ٢٣٧ مرة في هذه الترجمة للاسفار اليونانية.
مقاومة الاسم
على الرغم من جهود تراجمة كثيرين لردّ اسم اللّٰه في الكتاب المقدس، كان هنالك دائما ضغط ديني لحذفه. فاليهود، على الرغم من تركه في كتبهم المقدسة، رفضوا التلفظ به. والمسيحيون المرتدّون للقرنين الثاني والثالث ازالوه عندما صنعوا نسخا لمخطوطات الكتاب المقدس اليونانية وأغفلوه عندما صنعوا ترجمات للكتاب المقدس. والتراجمة في الازمنة العصرية ازالوه، حتى عندما اسسوا ترجماتهم على العبرانية الاصلية، حيث يظهر نحو ٠٠٠,٧ مرة. (يظهر ٩٧٣,٦ مرة في النص العبراني لِـ ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة، طبعة ١٩٨٤.)
وكيف ينظر يهوه الى اولئك الذين يزيلون اسمه من الكتاب المقدس؟ اذا كنتم مؤلِّفا، فكيف تشعرون حيال شخص بذل اقصى ما في وسعه لازالة اسمكم من الكتاب الذي ألَّفتموه؟ ان التراجمة الذين يعترضون على الاسم، فاعلين ذلك بسبب مشاكل التلفظ او بسبب التقليد اليهودي، يمكن تشبيههم باولئك الذين قال يسوع انهم «يُصفّون عن البعوضة ويبلعون الجمل.» (متى ٢٣:٢٤) فهم يعثرون بهذه المشاكل الاصغر انما لينتهي بهم الامر الى خلق مشكلة اكبر — بازالة اسم اعظم شخصية في الكون من الكتاب الذي اوحى به.
كتب المرنم الملهم: «حتى متى يا اللّٰه يعيِّر المقاوم ويُهين العدوُّ اسمك الى الغاية.» — مزمور ٧٤:١٠.
[الاطار في الصفحة ٢٤]
«الرب» — كلمة مرادفة لِـ «يهوه»؟
ان ازالة اسم اللّٰه الشخصي المميِّز من الكتاب المقدس واستبداله بلقب مثل «الرب» او «اللّٰه» يجعل النص ضعيفا ولا يفي بالغرض بطرائق عديدة. مثلا، يمكن ان يؤدي ذلك الى مجموعات من الكلمات لا معنى لها. ففي مقدمته يقول الكتاب المقدس الاورشليمي: «ان نقول ‹الرب هو اللّٰه› هو بالتأكيد لغو [تكرار لا لزوم، او لا معنى، له]، أما ان نقول ‹يَهوِه هو اللّٰه› فليس كذلك.»
ومثل هذه البدائل يمكن ان تؤدي ايضا الى عبارات غير متناسبة. وهكذا في الترجمة المرخَّصة يقول المزمور ٨:٩: «ايها الرب ربنا، ما اعظم اسمك في كل الارض!» ويا له من تحسين عندما يُردّ الاسم يهوه الى آية كهذه! لذلك تقول هنا ترجمة يونڠ الحرفية للكتاب المقدس: «يهوه، ربنا، ما امجد اسمك في كل الارض!»
وازالة الاسم يمكن ان تؤدي ايضا الى التشويش. يقول المزمور ١١٠:١: «قال الرب لربي، اجلس عن يميني، حتى اجعل اعداءك موطئا لقدميك.» (الترجمة المرخَّصة ) فمَن يكلِّم مَن؟ كم افضل هي الترجمة: «قول يهوه لربي هو: ‹اجلس عن يميني حتى اضع اعداءك موطئا لقدميك.›» — ترجمة العالم الجديد.
وبالاضافة الى ذلك، ان استبدال «يهوه» بِـ «الرب» يزيل شيئا ذا اهمية حيوية من الكتاب المقدس: اسم اللّٰه الشخصي. يذكر The Illustrated Bible Dictionary (قاموس الكتاب المقدس المصوَّر) (المجلد ١، الصفحة ٥٧٢): «اذ نتكلم بدقة، يَهوِه هو ‹اسم› اللّٰه الوحيد.»
ويصف The Imperial Bible-Dictionary (القاموس الملوكي للكتاب المقدس) (المجلد ١، الصفحة ٨٥٦) الفرق بين «اللّٰه» ( إلوهيم) و «يهوه،» قائلا: «[يهوه] في كل مكان هو اسم علم، اذ يشير الى الإله الشخصي واليه وحده؛ في حين ان إلوهيم لها بالاكثر خصائص الاسم العام، اذ تشير عادة، في الواقع، انما ليس بالضرورة ولا بانتظام، الى الكائن الاسمى.»
ويضيف ج. أ. موتْيِر، مدير كلية الثالوث، انكلترا: «يضيع الكثير في قراءة الكتاب المقدس اذا نسينا ان ننظر الى ابعد من الكلمة البديلة [الرب او اللّٰه] الى الاسم الشخصي الخصوصي للّٰه نفسه. وباعلان اسمه لشعبه، قصد اللّٰه ان يكشف لهم عن صفاته الاعمق.» — Eerdmans’ Handbook to the Bible (كتيِّب ايردمانز للكتاب المقدس)، الصفحة ١٥٧.
كلا، لا احد يستطيع ان يترجم الاسم العلم المميِّز بمجرد لقب. فاللقب لا يمكن ابدا ان ينقل المعنى الكامل الغني لاسم اللّٰه الاصلي.
[الاطار/الصور في الصفحة ٢٦]
هذه الجُذاذة من الترجمة السبعينية (الى اليمين) التي يرجع تاريخها الى القرن الاول بعد الميلاد والتي تحتوي على زكريا ٨:١٩-٢١ و٨:٢٣–٩:٤ هي في متحف اسرائيل في اورشليم. وهي تحتوي على اسم اللّٰه اربع مرات، ثلاث منها مشار اليها هنا. وفي المخطوطة الاسكندرية (الى اليسار)، وهي نسخة من الترجمة السبعينية صُنعت بعد ٤٠٠ سنة، جرى استبدال اسم اللّٰه في تلك الاعداد نفسها بـ KY و KC، صيغتان مختصرتان للكلمة اليونانية كيريوس («رب»)
[الاطار في الصفحة ٢٧]
اوضح جون و. دايڤيس، مُرسَل في الصين خلال القرن الـ ١٩، لماذا اعتقد ان اسم اللّٰه يجب ان يكون في الكتاب المقدس: «اذا كان الروح القدس يقول يهوه في مكان ما في النص العبراني، فلماذا لا يقول الترجمان يهوه بالانكليزية او بالصينية؟ ايّ حق له في القول، سأستعمل يهوه في هذا المكان وأستبدله في ذلك؟ . . . واذا كان احد سيقول ان هنالك حالات من الخطإ فيها استعمال يهوه، فليُظهر السبب؛ ان onus probandi [عبء البرهان] ملقى عليه. وسيجد المهمة عسيرة، لأنه لا بد ان يجيب عن هذا السؤال البسيط، — اذا كان من الخطإ في حالة ما استعمال يهوه في الترجمة، فلماذا استعملها الكاتب الملهم في الاصل؟» — The Chinese Recorder and Missionary Journal (مجلة المدوِّن والمُرسَل الصينية)، المجلد ٧، شَنڠهاي، ١٨٧٦.
[الصورة في الصفحة ٢٣]
ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية تستعمل اسم اللّٰه بلياقة ٢٣٧ مرة
[الصور في الصفحة ٢٥]
اسم اللّٰه على كنيسة في مِنوركا، اسپانيا؛
على نُصب قرب باريس، فرنسا؛
وعلى كِيزا دي سان لُرَنزو، پارما، ايطاليا
-
-
لماذا يجب ان نعرف اسم اللّٰهالاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد
-
-
لماذا يجب ان نعرف اسم اللّٰه
«كل من يدعو باسم (يهوه) يخلص.» (رومية ١٠:١٣) بهذه الكلمات اكَّد الرسول بولس كم هو حيوي ان نعرف اسم اللّٰه. وعبارته تعيدنا الى سؤالنا الاول: لماذا وضع يسوع ‹تقديس› اسم اللّٰه تماما في بداية صلاته النموذجية، قبل الكثير من الامور المهمة الاخرى؟ لفهم ذلك يلزمنا ان ننال ادراكا افضل قليلا لمعنى كلمتين رئيسيتين.
اولا، ماذا تعني حقا كلمة ‹يقدِّس؟› انها تعني حرفيا: «يجعل مقدسا.» ولكن أليس اسم اللّٰه مقدَّسا من قبل؟ انه كذلك طبعا. وعندما نقدِّس اسم اللّٰه، لا نجعله اقدس مما هو عليه. وبالاحرى، نحن نعترف بأنه مقدَّس، نميِّزه، نمنحه الاعتبار الاسمى. وعندما نصلّي ان يتقدس اسم اللّٰه، نحن نتطلع بشوق الى الوقت الذي فيه ستحترمه الخليقة بأسرها بصفته مقدَّسا.
ثانيا، ما هو بالضبط المعنى الضمني لكلمة «اسم»؟ لقد رأينا ان للّٰه اسما، يهوه، وأن اسمه يظهر آلاف المرات في الكتاب المقدس. وناقشنا ايضا اهمية ردّ هذا الاسم الى مكانه الملائم في نص الكتاب المقدس. ولو لم يكن الاسم هناك، كيف يمكن ان تتم كلمات المرنم الملهم: «يتكل عليك العارفون اسمك. لأنك لم تترك طالبيك يا (يهوه).» — مزمور ٩:١٠.
ولكن هل تشمل ‹معرفة اسم اللّٰه› مجرد المعرفة العقلية ان اسم اللّٰه بالعبرانية هو ي ه و ه، بالانكليزية جِهوڤاه، او بالعربية يهوه؟ كلا، انها تعني اكثر من ذلك. فعندما كان موسى في جبل سيناء، «نزل (يهوه) في السحاب. فوقف [موسى] عنده هناك ونادى باسم (يهوه ).» فماذا استلزمت هذه المناداة باسم يهوه؟ وصفًا لصفاته: «(يهوه، يهوه،) إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء.» (خروج ٣٤:٥، ٦) ومرة ثانية، قبيل موته، قال موسى للاسرائيليين: «باسم (يهوه) انادي.» وماذا تبع ذلك؟ ذِكر لبعض مزاياه العظيمة، ثم مراجعة لما انجزه اللّٰه نحو اسرائيل من اجل اسمه. (تثنية ٣٢:٣-٤٣) اذًا، تعني معرفة اسم اللّٰه تعلُّم ما يمثِّله هذا الاسم وعبادة الإله الذي يملكه.
وبما ان يهوه ربط اسمه بصفاته، مقاصده وأعماله، يمكننا ان نرى لماذا يقول الكتاب المقدس ان اسم اللّٰه قدوس. (لاويين ٢٢:٣٢) فهو مجيد، عظيم، مهوب ومتعالٍ جدا. (مزمور ٨:١؛ ٩٩:٣؛ ١٤٨:١٣) اجل، ان اسم اللّٰه هو اكثر من مجرد لقب. فهو يمثِّله كشخص. ولم يكن مجرد اسم وقتي يُستعمل فترة من الوقت ليحلّ محله بعد ذلك لقب مثل «الرب.» قال يهوه نفسه لموسى: «يهوه . . . هذا اسمي الى الابد وهذا ذكري الى دور فدور.» — خروج ٣:١٥.
ومهما حاول الانسان، فلن يزيل ابدا اسم اللّٰه من الارض. «من مشرق الشمس الى مغربها اسمي عظيم بين الامم وفي كل مكان يقرَّب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لأن اسمي عظيم بين الامم قال (يهوه) الجنود.» — ملاخي ١:١١؛ خروج ٩:١٦؛ حزقيال ٣٦:٢٣.
لذلك فان تقديس اسم اللّٰه اهم بكثير من اية قضية اخرى. فجميع مقاصد اللّٰه مرتبطة باسمه. ومشاكل الجنس البشري ابتدأت عندما دنَّس الشيطان اولا اسم يهوه اذ نسب اللّٰه الى الكذب واعتبره، في الواقع، غير اهل لحكم الجنس البشري. (تكوين ٣:١-٦؛ يوحنا ٨:٤٤) وعندما يتبرأ اسم اللّٰه بلياقة، عندئذ فقط سيتمتع الجنس البشري بالراحة التامة من النتائج الهدّامة لكذبة الشيطان. ولهذا السبب يصلّي المسيحيون بحرارة لأجل تقديس اسم اللّٰه. ولكن هنالك ايضا امور يمكن ان يفعلوها لتقديسه.
كيف يمكن ان نقدِّس اسم اللّٰه؟
احدى الطرائق هي التكلم الى الآخرين عن يهوه والاشارة الى ملكوته برئاسة المسيح يسوع بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري. (رؤيا ١٢:١٠) وكثيرون يفعلون ذلك في اتمام عصري لكلمات نبوة اشعياء هذه: «تقولون في ذلك اليوم احمدوا (يهوه) ادعوا باسمه عرِّفوا بين الشعوب بأفعاله ذكِّروا بأن اسمه قد تعالى. رنموا (ليهوه) لأنه قد صنع مفتخرا. ليكن هذا معروفا في كل الارض.» — اشعياء ١٢:٤، ٥.
والطريقة الاخرى هي إطاعة شرائع اللّٰه ووصاياه. قال يهوه لأمة اسرائيل: «تحفظون وصاياي وتعملونها. انا (يهوه). ولا تدنِّسون اسمي القدوس فأتقدَّس في وسط بني اسرائيل. انا (يهوه) مُقدِّسكم.» — لاويين ٢٢:٣١، ٣٢.
وكيف عمل حفظ الاسرائيليين ناموس يهوه على تقديس اسمه؟ لقد اعطي الناموس للاسرائيليين على اساس اسمه. (خروج ٢٠:٢-١٧) ولذلك عندما كانوا يحفظون الناموس، كانوا يظهرون الاكرام والاعتبار اللائقين لهذا الاسم. وفضلا عن ذلك، فان اسم يهوه كان على الاسرائيليين كأمة. (تثنية ٢٨:١٠؛ ٢ أخبار الايام ٧:١٤) فعندما كانوا يعملون بلياقة، كان ذلك يجلب له التسبيح، تماما كما ان الولد الذي يتصرف بطريقة لائقة يجلب الاكرام لأبيه.
ومن ناحية اخرى، عندما كان الاسرائيليون يفشلون في حفظ ناموس اللّٰه، كانوا يدنسون اسمه. وهكذا فإن خطايا كتقديم الذبائح للاوثان، الحلف للكذب، ظلم الفقير وارتكاب العهارة موصوفة في الكتاب المقدس بأنها ‹تدنيس لاسم اللّٰه.› — لاويين ١٨:٢١؛ ١٩:١٢؛ ارميا ٣٤:١٦؛ حزقيال ٤٣:٧.
وبشكل مماثل، أُعطي المسيحيون وصايا باسم اللّٰه. (يوحنا ٨:٢٨) وهم ايضا مقترنون ‹بشعب على اسم يهوه.› (اعمال ١٥:١٤) ولذلك فإن المسيحي الذي يصلّي باخلاص، «ليتقدس اسمك،» سيقدِّس هذا الاسم في حياته الخاصة بإطاعة كل وصايا اللّٰه. (١ يوحنا ٥:٣) وهذا يشمل ايضا إطاعة الوصايا التي اعطاها ابن اللّٰه، يسوع، الذي مجَّد دائما اباه. — يوحنا ١٣:٣١، ٣٤؛ متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠.
في الليلة التي سبقت تنفيذ الحكم فيه، اظهر يسوع اهمية اسم اللّٰه بالنسبة الى المسيحيين. فبعد قوله لأبيه: «عرَّفتهم اسمك وسأعرِّفهم،» يمضي موضحا، «ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم.» (يوحنا ١٧:٢٦) فتعلُّم التلاميذ اسم اللّٰه شمل اتيانهم شخصيا الى معرفة محبة اللّٰه. وكان يسوع قد مكَّنهم من التعرُّف باللّٰه بصفته اباهم المحب. — يوحنا ١٧:٣.
كيف يؤثر فيكم
في اجتماع في القرن الاول للرسل والشيوخ المسيحيين في اورشليم قال التلميذ يعقوب: «سمعان قد اخبر كيف افتقد اللّٰه اولا الامم ليأخذ منهم شعبا على اسمه.» فهل يمكن تحديد هويتكم مع اولئك الذين يأخذهم اللّٰه ليكونوا «شعبا على اسمه» اذا فشلتم في استعمال او حمل هذا الاسم؟ — اعمال ١٥:١٤.
على الرغم من ان اشخاصا كثيرين لا يرغبون في استعمال الاسم يهوه، وتراجمة عديدين للكتاب المقدس يحذفونه من ترجماتهم، فإن ملايين الناس حول العالم قبلوا بسرور امتياز حمل اسم اللّٰه، استعماله ليس فقط في العبادة بل في الحديث اليومي، واعلانه للآخرين. فإذا كلمكم احد عن إله الكتاب المقدس واستعمل الاسم يهوه، فبأي فريق ديني تقرنونه؟ ليس هنالك سوى فريق واحد في العالم يستعمل اسم اللّٰه قانونيا في عبادته، تماما كما فعل عبَّاده في الازمنة القديمة. انهم شهود يهوه.
والاسم شهود يهوه المؤسس على الكتاب المقدس يحدد هوية هؤلاء المسيحيين بصفتهم ‹شعبا على اسم اللّٰه.› وهم فخورون بحمل هذا الاسم، لأنه اسم اعطاه يهوه اللّٰه نفسه للعبَّاد الحقيقيين. ففي اشعياء ٤٣:١٠ نقرأ: «انتم شهودي يقول (يهوه) وعبدي الذي اخترته.» فعمَّن كان اللّٰه يتحدث هنا؟ تأملوا في بعض الاعداد السابقة.
في الاعداد ٥ الى ٧ من الاصحاح نفسه يقول اشعياء: «لا تخف فإني معك. من المشرق آتي بنسلك ومن المغرب أجمعك. اقول للشمال أعطِ وللجنوب لا تمنع. اِيتِ ببنيَّ من بعيد وببناتي من اقصى الارض. بكل مَنْ دُعي باسمي ولمجدي خلقته وجبلته وصنعته.» في ايامنا تشير هذه الاعداد الى شعب اللّٰه الخاص الذي جمعه من جميع الامم ليسبِّحوه ويكونوا شهوده. وهكذا فإن اسم اللّٰه لا يحدد هويته فحسب بل يساعد ايضا على تحديد هوية خدامه الحقيقيين على الارض اليوم.
البركات الناجمة عن معرفة اسم اللّٰه
يحمي يهوه اولئك الذين يحبون اسمه. قال المرنم الملهم: «لأنه تعلَّق بي أُنجِّيه. (أحميه) لأنه عرف اسمي.» (مزمور ٩١:١٤) وهو يتذكَّرهم ايضا: «حينئذ كلم متَّقو (يهوه) كل واحد قريبه و (يهوه) اصغى وسمع وكُتِب امامه سفر تذكرة للذين اتَّقوا (يهوه) و للمفكرين في اسمه.» — ملاخي ٣:١٦.
وهكذا فإن الفوائد الناجمة عن معرفة ومحبة اسم اللّٰه لا تقتصر على هذه الحياة وحدها. فقد وعد يهوه البشر الطائعين بحياة ابدية في سعادة على ارض فردوسية. وقد اوحي الى داود بأن يكتب: «لان عاملي الشر يُقطعون و الذين ينتظرون (يهوه ) هم يرثون الارض. أما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة.» — مزمور ٣٧:٩، ١١.
وكيف يكون ذلك ممكنا؟ اعطى يسوع الجواب. ففي الصلاة النموذجية نفسها التي علَّمنا فيها ان نصلّي، «ليتقدس اسمك،» اضاف: «ليأتِ ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» (متى ٦:٩، ١٠) اجل، ان ملكوت اللّٰه برئاسة يسوع المسيح سيقدِّس اسم اللّٰه ويجلب ايضا احوالا جيدة لهذه الارض. وسيزيل الشر وينزع الحرب، الجريمة، الجوع، المرض والموت. — مزمور ٤٦:٨، ٩؛ اشعياء ١١:٩؛ ٢٥:٦؛ ٣٣:٢٤؛ رؤيا ٢١:٣، ٤.
يمكنكم ان تتمتعوا بحياة ابدية في ظل هذا الملكوت. كيف؟ بالاتيان الى معرفة اللّٰه. «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» (يوحنا ١٧:٣) ويسرّ شهود يهوه ان يساعدوكم على نيل هذه المعرفة المانحة الحياة. — اعمال ٨:٢٩-٣١.
نرجو ان تكون المعلومات في هذه الكراسة قد اقنعتكم بأن للخالق اسما شخصيا عزيزا جدا عليه. ويجب ان يكون عزيزا جدا عليكم ايضا. وأملنا ان تدركوا اهمية معرفة واستعمال هذا الاسم، وخصوصا في العبادة.
وليكن تصميمكم ان تقولوا كما قال النبي ميخا بجرأة قبل قرون كثيرة: «جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم إلهه ونحن نسلك باسم (يهوه) إلهنا الى الدهر والابد.» — ميخا ٤:٥.
-