-
«لا بدّ ان تحدث هذه»برج المراقبة ١٩٩٩ | ١ ايار (مايو)
-
-
«لا بدّ ان تحدث هذه»
«اجاب يسوع وقال لهم: ‹ . . . لا بدّ ان تحدث هذه، ولكن ليست النهاية بعد›». — متى ٢٤:٤-٦.
١ ايّ موضوع ينبغي ان نوليه اهتمامنا؟
لا شك انكم تهتمون بحياتكم ومستقبلكم. لذلك ينبغي ان تكونوا مهتمين ايضا بالموضوع الذي اثار اهتمام ت. ت. رصل سنة ١٨٧٧. فقد كتب رصل، الذي اسَّس لاحقا جمعية برج المراقبة، كراسا بعنوان هدف وطريقة رجوع ربنا (بالانكليزية). وكان الموضوع الذي عالجه هذا الكراس المؤلف من ٦٤ صفحة رجوع يسوع، او مجيئه المقبل. (يوحنا ١٤:٣) فذات مرة على جبل الزيتون، سأل الرسل عن هذا الرجوع قائلين: «متى يكون هذا، وماذا تكون علامة حضورك واختتام نظام الاشياء؟». — متى ٢٤:٣.
٢ لماذا هنالك آراء متضاربة حول ما انبأ به يسوع؟
٢ هل تعرفون وتفهمون جواب يسوع؟ انه موجود في ثلاثة من الاناجيل. يذكر الپروفسور د. أ. كارسون: «قليلة هي اصحاحات الكتاب المقدس التي اثارت الجدال بين المفسِّرين اكثر من متى ٢٤ والاصحاحين المناظرين له في مرقس ١٣ ولوقا ٢١». ثم يعطي رأيه — الذي هو مجرد رأي آخر من الآراء البشرية المتضاربة. ففي القرنين الماضيين، عكست آراء كهذه قلة الايمان. وكان الذين يعطونها يعتقدون ان يسوع لم يقل ما نقرأه في الاناجيل، وأن اقواله حُرِّفت لاحقا، او ان تنبؤاته لم تتم — وكلّها آراء صاغها النقد الاعلى. حتى ان احد المعلِّقين حلّل انجيل لوقا ‹على ضوء الفلسفة البوذية المهايانية›!
٣ كيف ينظر شهود يهوه الى نبوة يسوع؟
٣ وبالمقابل، يقبل شهود يهوه الكتاب المقدس باعتباره صحيحا وموثوقا به. ويشمل ذلك ما قاله يسوع لرسله الاربعة الذين كانوا معه على جبل الزيتون قبل موته بثلاثة ايام. ومنذ ايام ت. ت. رصل، نال شعب اللّٰه فهما اوضح للنبوة التي اعطاها يسوع هناك. وفي السنوات القليلة الماضية، حسَّنت برج المراقبة اكثر ايضا فهمهم لهذه النبوة. فهل استوعبتم هذه المعلومات وأدركتم تأثيرها على حياتكم؟a دعونا نراجعها معا.
إتمام مأساوي في مستقبل قريب
٤ لماذا ربما سأل الرسل يسوع عن المستقبل؟
٤ كان الرسل يعرفون ان يسوع هو المسيَّا. لذلك عندما سمعوه يتكلم عن موته وقيامته ورجوعه، لا بدّ انهم تساءلوا: ‹اذا مات يسوع وذهب فكيف يمكنه القيام بالامور الرائعة التي من المتوقع ان يقوم بها المسيَّا؟›. وعندما تكلم يسوع ايضا عن نهاية اورشليم وهيكلها، لا بدّ انهم تساءلوا: ‹متى وكيف سيحدث ذلك؟›. وفي محاولة لفهم هذه الامور، سألوا: «متى يكون هذا، وماذا تكون العلامة عندما تُختتَم هذه الامور كلها؟». — مرقس ١٣:٤؛ متى ١٦:٢١، ٢٧، ٢٨؛ ٢٣:٣٧–٢٤:٢.
٥ كيف تمّ ما قاله يسوع في القرن الاول؟
٥ انبأ يسوع بحروب، مجاعات، أوبئة، زلازل، بغض واضطهاد للمسيحيين، مسحاء كذبة، وكرازة واسعة النطاق ببشارة الملكوت، وبإتيان النهاية بعد ذلك. (متى ٢٤:٤-١٤؛ مرقس ١٣:٥-١٣؛ لوقا ٢١:٨-١٩) قال يسوع ذلك في اوائل سنة ٣٣ بم. وخلال العقود التالية، كان بإمكان تلاميذه المتيقظين ان يدركوا ان الامور المنبأ بها كانت تحدث فعلا بطريقة بارزة. نعم، يُثبِت التاريخ ان العلامة كان لها اتمام آنذاك، مما ادى الى اختتام نظام الاشياء اليهودي على ايدي الرومان من سنة ٦٦ الى ٧٠ بم. فكيف حدث ذلك؟
٦ ماذا حدث بين الرومان واليهود سنة ٦٦ بم؟
٦ خلال صيف اليهودية الحار سنة ٦٦ بم، هاجم افراد من حزب الغيارى اليهودي حراسا رومانيين في حصن قرب هيكل اورشليم، مما اطلق شرارة العنف في كل انحاء البلد. يروي الپروفسور هاينرخ ڠرِتس في كتاب تاريخ اليهود (بالالمانية): «لم يعد بإمكان سستيوس ڠالوس، الذي كان واجبه كوالٍ لسورية ان يحافظ على شرف الجيوش الرومانية . . .، ان يرى انتشار الثورة حوله دون ان يفعل شيئا لمنع تقدمها. فاستدعى فيالقه وتطوع الامراء المجاورون ان يرسلوا قواتهم». فحاصر هذا الجيش المؤلف من ٠٠٠,٣٠ جندي اورشليم. وبعد القتال تراجع اليهود الى ما وراء الاسوار قرب الهيكل. «خلال خمسة ايام متتالية، كان الرومان يهاجمون الاسوار، ولكنهم كانوا يضطرون الى التراجع امام رجوم سكان اليهودية. ولم يُفلحوا إلا في اليوم السادس في الحفر عند جزء من اساس السور الشمالي امام الهيكل».
٧ لماذا تمكن تلاميذ يسوع من رؤية الامور بشكل مختلف عن معظم اليهود؟
٧ فكروا كم كان اليهود مشوَّشين لأنهم لطالما اعتقدوا ان اللّٰه سيحميهم ويحمي مدينتهم المقدسة! أما تلاميذ يسوع فقد سبق ان حُذِّروا ان اورشليم تنتظرها كارثة. فقد انبأ يسوع: «ستأتي عليكِ ايام يبني حولكِ اعداؤكِ تحصينا من اخشاب محددة الرأس، ويُحدِقون بكِ، ويضيِّقون عليكِ من كل جهة، ويدكونكِ وأولادكِ فيكِ الى الارض، ولا يتركون فيكِ حجرا على حجر». (لوقا ١٩:٤٣، ٤٤) فهل كان هذا سيعني الموت للمسيحيين داخل اورشليم سنة ٦٦ بم؟
٨ اية مأساة انبأ بها يسوع، ومَن كان ‹المُختارون› الذين من اجلهم قصِّرت الايام؟
٨ انبأ يسوع عند الاجابة عن سؤال الرسل على جبل الزيتون: «تلك الايام ستكون ايام ضيق لم يحدث مثله منذ بدء الخليقة التي خلقها اللّٰه الى ذلك الوقت، ولن يحدث ثانية. ولو لم يقصِّر يهوه الايام، لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين الذين اختارهم، قصَّر الايام». (مرقس ١٣:١٩، ٢٠؛ متى ٢٤:٢١، ٢٢) فالايام ستُقصَّر وسيخلَّص ‹المُختارون›. فمَن كانوا؟ حتما ليس اليهود المتمردين الذين ادَّعوا عبادة يهوه ولكنهم رفضوا ابنه. (يوحنا ١٩:١-٧؛ اعمال ٢:٢٢، ٢٣، ٣٦) فالمُختارون الحقيقيون آنذاك كانوا اولئك اليهود وغير اليهود الذي مارسوا الايمان بأن يسوع هو المسيَّا والمخلِّص. وكان اللّٰه قد اختار هؤلاء الاشخاص، وكان قد جمعهم يوم الخمسين سنة ٣٣ بم في امة روحية جديدة، «اسرائيل اللّٰه». — غلاطية ٦:١٦؛ لوقا ١٨:٧؛ اعمال ١٠:٣٤-٤٥؛ ١ بطرس ٢:٩.
٩، ١٠ كيف ‹قصِّرت› ايام الهجوم الروماني، وبأية نتيجة؟
٩ وهل ‹قُصِّرت› الايام وخُلِّص المُختارون الممسوحون في اورشليم؟ يقترح الپروفسور ڠرِتس: «لم يعتقد [سستيوس ڠالوس] انه من المستحسن الاستمرار في المعركة ضد المتحمسين المستبسلين والشروع في حملة طويلة في ذلك الفصل، حين كانت امطار الخريف على الابواب . . . والتي قد تعيق وصول المؤن الى الجيش. لذلك ربما فكر انه من الاحكم التراجع». ومهما كان ما يفكر فيه سستيوس ڠالوس، فقد انسحب الجيش الروماني من المدينة، وأنزل بهم اليهود الذين تبعوهم خسائر فادحة.
١٠ وأتاح هذا التراجع الروماني المفاجئ ‹للجسد›، اي تلاميذ يسوع الذين كان الخطر مُحدقا بهم في اورشليم، فرصة الخلاص. ويسجِّل التاريخ ان المسيحيين هربوا من المنطقة عندما توفرت لهم هذه الفرصة. فيا له من اعراب عن قدرة اللّٰه على معرفة المستقبل وضمان نجاة عباده! ولكن ماذا عن اليهود غير المؤمنين الذين بقوا في اورشليم واليهودية؟
الاحياء آنذاك كانوا سيرونه
١١ ماذا قال يسوع عن «هذا الجيل»؟
١١ كان كثيرون من اليهود يعتقدون ان نظام عبادتهم، المرتكز على الهيكل، لن ينتهي. لكنَّ يسوع قال: «من . . . شجرة التين تعلَّموا هذا: حالما يصير غصنها الصغير رخصا ويخرج اوراقا، تعلمون ان الصيف قريب. كذلك انتم ايضا، متى رأيتم هذه الامور كلها، فاعلموا انه قريب على الابواب. الحق اقول لكم انه لن يزول هذا الجيل ابدا حتى تكون هذه كلها. السماء والارض تزولان، أما كلامي فلن يزول ابدا». — متى ٢٤:٣٢-٣٥.
١٢، ١٣ كيف فهم تلاميذ يسوع الاشارة الى «هذا الجيل»؟
١٢ في السنوات التي سبقت سنة ٦٦ بم، كان المسيحيون سيرون إتمام اجزاء ثانوية عديدة من العلامة المركبة: الحروب والمجاعات والكرازة الواسعة ببشارة الملكوت. (اعمال ١١:٢٨؛ كولوسي ١:٢٣) ولكن متى كانت النهاية ستأتي؟ ماذا عنى يسوع عندما قال: «لن يزول هذا الجيل [باليونانية، جِنيا]»؟ كثيرا ما كان يسوع يدعو جموع معاصريه المقاومين اليهود، بمن فيهم القادة الدينيون، ‹جيلا شريرا زانيا›. (متى ١١:١٦؛ ١٢:٣٩، ٤٥؛ ١٦:٤؛ ١٧:١٧؛ ٢٣:٣٦) لذلك عندما تكلم مرة اخرى عن «هذا الجيل» على جبل الزيتون، من الواضح انه لم يعنِ العرق اليهودي بكامله على مرّ التاريخ؛ ولم يعنِ ايضا أتباعه، رغم انهم «جنس مختار». (١ بطرس ٢:٩) ولم يقل يسوع ايضا ان «هذا الجيل» هو فترة من الوقت.
١٣ وبالاحرى، كان يسوع يفكر في اليهود المقاومين آنذاك الذين كانوا سيرون إتمام العلامة التي اعطاها. يذكر الپروفسور جويل ب. ڠرين عن الاشارة الى «هذا الجيل» في لوقا ٢١:٣٢: «في الانجيل الثالث، تدل عبارة ‹هذا الجيل› (والعبارات ذات العلاقة) دائما على فئة من الناس تقاوم قصد اللّٰه. . . . [تشير] الى اشخاص يديرون ظهورهم بعناد للقصد الالهي».b
١٤ ماذا قاسى ذلك «الجيل»، ولكن كيف كانت هنالك نتيجة مختلفة للمسيحيين؟
١٤ ان الجيل الشرير من المقاومين اليهود الذين رأوا إتمام العلامة كانوا سيشهدون ايضا النهاية. (متى ٢٤:٦، ١٣، ١٤) وهذا ما حدث. ففي سنة ٧٠ بم، عاد الجيش الروماني بقيادة تيطس، ابن الامبراطور ڤسپازيان. وكانت المعاناة التي قاساها اليهود الذين حوصروا ثانية في المدينة تكاد لا توصف.c يذكر شاهد العيان فلاڤيوس يوسيفوس انه عندما دمر الرومان المدينة، كان قد مات نحو ٠٠٠,١٠٠,١ يهودي وأُسر نحو ٠٠٠,١٠٠، وكان معظمهم سيموتون ميتة مريعة من الجوع او في المسارح الرومانية. حقا، لقد كان الضيق من سنة ٦٦-٧٠ بم اعظم ضيق عرفته اورشليم والنظام اليهودي. وكم كانت النتيجة مختلفة للمسيحيين الذين كانوا قد اصغوا الى تحذير يسوع النبوي وتركوا اورشليم بعدما رحلت الجيوش الرومانية سنة ٦٦ بم! فقد ‹خلص المختارون› الممسوحون المسيحيون سنة ٧٠ بم. — متى ٢٤:١٦، ٢٢.
إتمام آخر سيحدث
١٥ كيف يمكن ان نتأكد ان نبوة يسوع كانت ستتم إتماما اعظم بعد سنة ٧٠ بم؟
١٥ ولكن لم تكن هذه نهاية المطاف. فكان يسوع قد اشار انه سيأتي باسم يهوه بعد دمار المدينة. (متى ٢٣:٣٨، ٣٩؛ ٢٤:٢) ثم اوضح ذلك اكثر في نبوته التي قالها على جبل الزيتون. وإذ ذكر ‹الضيق العظيم› القادم، قال انه بعدئذ سيظهر مسحاء دجالون وتدوس الامم اورشليم فترة طويلة. (متى ٢٤:٢١، ٢٣-٢٨؛ لوقا ٢١:٢٤) فهل يمكن ان يأتي إتمام آخر، يكون اعظم؟ تجيب الوقائع نعم. فعندما نقارن الكشف ٦:٢-٨ (المكتوب بعد الضيق على اورشليم سنة ٧٠ بم) بمتى ٢٤:٦-٨ ولوقا ٢١:١٠، ١١، نرى انه كانت لا تزال هنالك بعد حرب ومجاعات واوبئة على نطاق اعظم. وهذا الاتمام الاعظم لكلمات يسوع يحدث منذ نشوب الحرب العالمية الاولى سنة ١٩١٤.
١٦-١٨ ماذا نتوقع ان يحدث بعد؟
١٦ يعلِّم شهود يهوه منذ عقود ان الاتمام الحالي للعلامة يبرهن ان ‹ضيقا عظيما› سيأتي بعد. و«الجيل» الشرير الحاضر سيشهد هذا الضيق. ويبدو انه ستكون هنالك مرة اخرى مرحلة افتتاحية (هجوم على الدين الباطل)، تماما كما افتتح هجوم ڠالوس سنة ٦٦ بم الضيق في اورشليم.d ثم، بعد فترة طولها غير معروف، ستأتي النهاية — دمار عالمي النطاق يناظر الدمار سنة ٧٠ بم.
١٧ قال يسوع مشيرا الى الضيق الكامن امامنا: «وفي الحال بعد ضيق تلك الايام [دمار الدين الباطل]، تُظلم الشمس، ولا يعطي القمر نوره، وتسقط النجوم من السماء، وتتزعزع قوات السموات. بعد ذلك تظهر آية ابن الانسان في السماء، ثم يلطم جميع قبائل الارض نائحين، ويرون ابن الانسان آتيا على سحب السماء بقدرة ومجد عظيم». — متى ٢٤:٢٩، ٣٠.
١٨ وهكذا يقول يسوع نفسه انه «بعد ضيق تلك الايام» ستحدث ظواهر سماوية معيَّنة. (قارنوا يوئيل ٢:٢٨-٣٢؛ ٣:١٥.) وهذا ما سيصدم البشر غير الطائعين حتى انهم ‹سيلطمون نائحين›. وكثيرون «يُغشى عليهم من الخوف وترقّب ما يأتي على المسكونة». ولكنَّ هذه لن تكون حالة المسيحيين الحقيقيين. فهم ‹سيرفعون رؤوسهم لأن نجاتهم تقترب›. — لوقا ٢١:٢٥، ٢٦، ٢٨.
الدينونة كامنة امامنا
١٩ كيف يمكن ان نحدِّد متى سيتم مثل الخراف والجداء؟
١٩ لاحظوا ان متى ٢٤:٢٩-٣١ تنبئ ان (١) ابن الانسان يأتي، (٢) هذا المجيء سيكون بمجد عظيم، (٣) الملائكة ستكون معه، و(٤) كل قبائل الارض سيرونه. ويكرِّر يسوع هذه النقاط في مثل الخراف والجداء. (متى ٢٥:٣١-٤٦) لذلك نستنتج ان هذا المثل يتكلم عن الوقت الذي سيأتي فيه يسوع، بعد المرحلة الافتتاحية من الضيق، مع ملائكته ويجلس على عرشه للدينونة. (يوحنا ٥:٢٢؛ اعمال ١٧:٣١؛ قارنوا ١ ملوك ٧:٧؛ دانيال ٧:١٠، ١٣، ١٤، ٢٢، ٢٦؛ متى ١٩:٢٨.) ومَن سيُدانون وبأية نتيجة؟ يُظهِر المثل ان يسوع سيولي كل الامم اهتمامه، كما لو انهم مجتمعون امام عرشه السماوي.
٢٠، ٢١ (أ) ماذا سيحدث للخراف في مثل يسوع؟ (ب) ماذا سيحدث للجداء في المستقبل؟
٢٠ ان الرجال والنساء المشبهين بالخراف سيُفرَزون الى يمين رضى المسيح. ولماذا؟ لأنهم استخدموا الفرص المُتاحة لهم ليفعلوا الصلاح لإخوته — المسيحيين الممسوحين، الذين سيشتركون في ملكوت المسيح السماوي. (دانيال ٧:٢٧، عج؛ عبرانيين ٢:٩–٣:١) وانسجاما مع هذا المثل، يعرف ملايين من المسيحيين المشبهين بالخراف مَن هم اخوة يسوع الروحيون ويدعمونهم. ونتيجة لذلك، يملك ‹الجمع الكثير› الرجاء المؤسس على الكتاب المقدس بالنجاة من «الضيق العظيم» ثم العيش الى الابد في الفردوس، الحيز الارضي لملكوت اللّٰه. — كشف ٧:٩، ١٤؛ ٢١:٣، ٤؛ يوحنا ١٠:١٦.
٢١ ولكن كم هي مختلفة عاقبة الجداء! ففي متى ٢٤:٣٠، يوصفون انهم ‹يلطمون نائحين› عندما يأتي يسوع. ولديهم سبب وجيه لذلك، لأن سجل اعمالهم يدل انهم رفضوا بشارة الملكوت وقاوموا تلاميذ يسوع وفضَّلوا العالم الزائل. (متى ١٠:١٦-١٨؛ ١ يوحنا ٢:١٥-١٧) ويسوع هو الذي يحدِّد مَن هم الجداء، وليس ايٌّ من تلاميذه على الارض. ويقول عنهم: «يذهب هؤلاء الى قطع ابدي». — متى ٢٥:٤٦.
٢٢ ايّ جزء من نبوة يسوع يستحق ان نوليه اهتماما اضافيا؟
٢٢ ان التقدم الذي احرزناه في فهم النبوة في متى الاصحاحين ٢٤ و ٢٥ مثير. ولكن هنالك جزء من نبوة يسوع يستحق ان نوليه اهتماما اضافيا — ‹الرجسة التي تسبِّب الخراب القائمة في المكان المقدس›. فقد حث يسوع أتباعه ان يستخدموا التمييز في ما يتعلق بها ويكونوا مستعدين لاتِّخاذ الاجراء. (متى ٢٤:١٥، ١٦) فما هي هذه «الرجسة»؟ متى تقوم في المكان المقدس؟ وما علاقة آمالنا بالحياة الآن وفي المستقبل بذلك؟ هذا ما ستعالجه المقالة التالية.
-
-
«ليميِّز القارئ»برج المراقبة ١٩٩٩ | ١ ايار (مايو)
-
-
«ليميِّز القارئ»
«متى رأيتم الرجسة التي تسبب الخراب . . . قائمة في المكان المقدس . . . فحينئذ ليبدإ الذين في اليهودية بالهرب الى الجبال». — متى ٢٤:١٥، ١٦.
١ ماذا انتج التحذير الذي قدَّمه يسوع في لوقا ١٩:٤٣، ٤٤؟
ان انذارنا بكارثة على وشك الحدوث يمكِّننا من تجنبها. (امثال ٢٢:٣) لذلك تخيَّلوا وضع المسيحيين في اورشليم بعد هجوم الرومان سنة ٦٦ بم. فكان يسوع قد حذَّر ان المدينة ستُحاصَر وتُدمَّر. (لوقا ١٩:٤٣، ٤٤) لكنَّ معظم اليهود تجاهلوا هذا التحذير. أما تلاميذه فقد اصغوا اليه. ونتيجة لذلك، خلصوا من الكارثة سنة ٧٠ بم.
٢، ٣ لماذا ينبغي ان تهمنا نبوة يسوع المسجلة في متى ٢٤:١٥-٢١؟
٢ اعطى يسوع في نبوة لها انطباق علينا اليوم علامة مركبة تشمل الحروب، المجاعات، الزلازل، الاوبئة، واضطهاد المسيحيين الذين يكرزون بملكوت اللّٰه. (متى ٢٤:٤-١٤؛ لوقا ٢١:١٠-١٩) وأعطى يسوع ايضا دليلا يساعد تلاميذه ان يعرفوا ان النهاية قريبة: ‹رجسة تسبب الخراب قائمة في المكان المقدس›. (متى ٢٤:١٥) فلنفحص مجددا هذه الكلمات المهمة لنرى كيف تؤثر في حياتنا الآن وفي المستقبل.
٣ بعد اعطاء العلامة، قال يسوع: «متى رأيتم الرجسة التي تسبِّب الخراب، التي تكلم عنها دانيال النبي، قائمة في المكان المقدس (ليميِّز القارئ)، فحينئذ ليبدإ الذين في اليهودية بالهرب الى الجبال. ومَن كان على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته الامتعة؛ ومَن كان في الحقل فلا يعد الى البيت ليأخذ رداءه. الويل للحوامل والمرضعات في تلك الايام! داوموا على الصلاة لكي لا يكون هربكم في شتاء، او في يوم سبت؛ لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ بدء العالم». — متى ٢٤:١٥-٢١.
٤ ماذا يدل ان متى ٢٤:١٥ كان لها إتمام في القرن الاول؟
٤ ان الروايتين اللتين كتبهما مرقس ولوقا تزوِّدان تفاصيل اضافية. ففي حين ان متى يستعمل عبارة «قائمة في المكان المقدس»، تقول مرقس ١٣:١٤ «قائمة حيث لا ينبغي». وتضيف لوقا ٢١:٢٠ كلمات يسوع: «متى رأيتم اورشليم مُحاطة بجيوش معسكِرة، فحينئذ اعرفوا ان خرابها قد اقترب». وهذا ما يساعدنا ان نرى ان الاتمام الاول كان يشمل الهجوم الروماني على اورشليم وهيكلها — مكان مقدس في نظر اليهود ولكن لم يعد المكان المقدس في نظر يهوه — الذي ابتدأ سنة ٦٦ بم. وقد حدث الخراب الكامل عندما دمَّر الرومانيون المدينة وهيكلها سنة ٧٠ بم. فماذا كانت «الرجسة» آنذاك؟ وكيف كانت «قائمة في المكان المقدس»؟ ان الاجابة عن هذين السؤالين ستساعد على ايضاح الاتمام العصري.
٥، ٦ (أ) لماذا كان التمييز لازما لقراء دانيال الاصحاح ٩؟ (ب) كيف تمت نبوة يسوع عن «الرجسة»؟
٥ حث يسوع القراء ان يميِّزوا. قراء ماذا؟ على الارجح قراء دانيال الاصحاح ٩. فهناك نجد نبوة تدل متى سيظهر المسيَّا وتنبئ انه ‹سيُقطَع› بعد ثلاث سنوات ونصف. تقول النبوة: «على جناح الارجاس مخرَّب [«سيكون الذي يسبِّب الخراب»، عج] حتى يتم ويصبَّ المقضي على المخرّب». (امالة الحروف لنا) — دانيال ٩:٢٦، ٢٧؛ انظروا ايضا دانيال ١١:٣١، عج؛ ١٢:١١، عج.
٦ اعتقد اليهود ان هذه النبوة انطبقت على تنجيس انطيوخوس الرابع للهيكل قبل نحو ٢٠٠ سنة. ولكنَّ يسوع اظهر ان هذا خطأ، وحث على التمييز لأن «الرجسة» كانت ستظهر لاحقا وتقوم في «المكان المقدس». ومن الواضح ان يسوع كان يشير الى الجيوش الرومانية التي كانت ستأتي سنة ٦٦ بم حاملة معها رايات مميَّزة. وهذه الرايات، التي طالما استعملوها، كانت اصناما فعلية ورجسة في نظر اليهود.a ولكن متى كانوا ‹سيقومون في المكان المقدس›؟ حدث ذلك عندما هاجمت الجيوش الرومانية براياتها اورشليم وهيكلها، اللذين كان اليهود يعتبرونهما مقدسين. حتى ان الرومان ابتدأوا بالحفر عند اساس سور منطقة الهيكل. حقا، ان ما كان رجسا لزمن طويل هو قائم الآن في المكان المقدس! — اشعياء ٥٢:١؛ متى ٤:٥؛ ٢٧:٥٣؛ اعمال ٦:١٣.
‹رجسة› عصرية
٧ اية نبوة قالها يسوع تتم في ايامنا؟
٧ منذ الحرب العالمية الاولى نشهد إتماما اكبر لعلامة يسوع المسجلة في متى الاصحاح ٢٤. ولكن تذكروا كلماته: «متى رأيتم الرجسة التي تسبِّب الخراب . . . قائمة في المكان المقدس . . . فحينئذ ليبدإ الذين في اليهودية بالهرب الى الجبال». (متى ٢٤:١٥، ١٦) فلا بد ان لهذا الوجه من النبوة إتماما في ايامنا ايضا.
٨ كيف حدَّد شهود يهوه طوال سنوات هوية «الرجسة» في الازمنة العصرية؟
٨ ركزت برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني (يناير) ١٩٢١ (بالانكليزية) على هذه النبوة في ما يتعلق بالتطورات في الشرق الاوسط، مما يُظهِر ثقة خدام يهوه بأنها ستتم. ثم قالت برج المراقبة جازمة في عددها ١٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٢٩، الصفحة ٣٧٤ (بالانكليزية): «ان كل ما تصبو اليه عصبة الامم هو إبعاد الناس عن اللّٰه والمسيح، لذلك فهي المخرِّب، نتاج الشيطان، والشيء البغيض في نظر اللّٰه». وقد ظهرت «الرجسة» سنة ١٩١٩. وبعد فترة، فسحت العصبة المجال للامم المتحدة. ولطالما شهَّر شهود يهوه هاتين المنظمتين على انهما رجستان في نظر اللّٰه.
٩، ١٠ كيف اثَّر فهم سابق للضيق العظيم في نظرتنا للوقت حين تقوم «الرجسة» في المكان المقدس؟
٩ اوجزت المقالة السابقة نظرة اوضح لكثير مما جاء في متى الاصحاحين ٢٤ و ٢٥. فهل من الملائم ان يكون هنالك توضيح ‹للرجسة القائمة في المكان المقدس›؟ يبدو الامر كذلك. فنبوة يسوع تربط بشكل وثيق بين ‹القيام في المكان المقدس› واندلاع ‹الضيق› المنبإ به. لذلك، رغم ان ‹الرجسة› كانت موجودة لزمن طويل، فإن الرابط بين ‹قيامها في المكان المقدس› والضيق العظيم ينبغي ان يؤثر في تفكيرنا. وكيف ذلك؟
١٠ فهم شعب اللّٰه في السابق ان المرحلة الاولى من الضيق العظيم ابتدأت سنة ١٩١٤ وأن الجزء النهائي سيكون في معركة هرمجدون. (كشف ١٦:١٤، ١٦؛ قارنوا برج المراقبة عدد ١ نيسان (ابريل) ١٩٣٩، الصفحة ١١٠، بالانكليزية.) لذلك يمكن ان نفهم لماذا كان هنالك اعتقاد ان «الرجسة» العصرية لا بد انها قامت في المكان المقدس مباشرة بعد الحرب العالمية الاولى.
١١، ١٢ اية نظرة معدَّلة للضيق العظيم قدِّمت سنة ١٩٦٩؟
١١ ولكن في السنوات الاخيرة صرنا نرى الامور من زاوية مختلفة. فيوم الخميس في ١٠ تموز (يوليو) ١٩٦٩ في محفل «السلام على الارض» الاممي في مدينة نيويورك، القى ف. و. فرانز، الذي كان آنذاك نائب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس، خطابا مثيرا للغاية. وفي مراجعة الفهم السابق لنبوة يسوع، قال الاخ فرانز: «أُعطي الشرح ان ‹الضيق العظيم› كان قد ابتدأ سنة ١٩١٤ بم وأنه لم يُسمح ان يكمل حتى النهاية آنذاك ولكنَّ اللّٰه اوقف الحرب العالمية الاولى في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩١٨. ومن ذلك الحين فصاعدا كان اللّٰه يسمح بفترة من النشاط لبقيته الممسوحة من المسيحيين المختارين قبل ان يسمح باستئناف الجزء الاخير من ‹الضيق العظيم› في معركة هرمجدون».
١٢ ثم قدِّم شرح معدَّل تعديلا مهما: «بشكل يناظر حوادث القرن الاول، . . . لم يبدأ ‹الضيق العظيم› المرموز اليه سنة ١٩١٤ بم. ولكنَّ ما جاء على نظيرة اورشليم العصرية من سنة ١٩١٤ الى ١٩١٨ كان مجرد ‹بداية الشدائد› . . . ‹فالضيق العظيم› الذي لن يحدث مثله ثانية لا يزال يكمن امامنا، لأنه يعني دمار الامبراطورية العالمية للدين الباطل (بما في ذلك العالم المسيحي) ويتبعه ‹حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء› في هرمجدون». وقد عنى ذلك ان الضيق العظيم بكامله كان لا يزال في المستقبل.
١٣ لماذا من المنطقي القول ان ‹قيام الرجسة في المكان المقدس› سيكون في المستقبل؟
١٣ وكان لذلك تأثير مباشر في تمييز متى تقوم «الرجسة» في المكان المقدس. تذكروا ما حدث في القرن الاول. فقد هاجم الرومان اورشليم سنة ٦٦ بم، ولكنهم انسحبوا فجأة، مما اتاح ‹للجسد›، اي المسيحيين، فرصة الخلاص. (متى ٢٤:٢٢) ووفقا لذلك، نتوقع ان يبدأ الضيق العظيم قريبا، ولكنه سيقصَّر من اجل مختاري اللّٰه. لاحظوا هذه النقطة المهمة: في النموذج القديم، كانت ‹الرجسة القائمة في المكان المقدس› مرتبطة بالهجوم الروماني بقيادة القائد ڠالوس سنة ٦٦ بم. والنظير العصري لهذا الهجوم، اندلاع الضيق العظيم، لا يزال امامنا. لذلك يبدو ان ‹الرجسة التي تسبِّب الخراب›، الموجودة منذ سنة ١٩١٩، ستقوم في المستقبل في المكان المقدس.b فكيف سيحدث ذلك؟ وكيف يمكن ان يؤثر فينا؟
هجوم مستقبلي
١٤، ١٥ كيف يساعدنا الكشف الاصحاح ١٧ على فهم الحوادث التي تسبق هرمجدون؟
١٤ يصف سفر الكشف هجوما مدمِّرا في المستقبل على الدين الباطل. ويوجز الاصحاح ١٧ دينونة اللّٰه على «بابل العظيمة، ام العاهرات»، — الامبراطورية العالمية للدين الباطل. ويلعب العالم المسيحي دورا رئيسيا ويدَّعي ان هنالك علاقة عهد بينه وبين اللّٰه. (قارنوا ارميا ٧:٤.) والاديان الباطلة، بما فيها العالم المسيحي، لها سجل طويل من التعاملات المحرمة مع «ملوك الارض»، ولكنَّ هذه العلاقة ستنتهي بخراب هذه الاديان. (كشف ١٧:٢، ٥) وعلى يدَي مَن؟
١٥ يصوِّر الكشف ‹وحشا قرمزيا› يوجد لفترة، يختفي، ثم يعود. (كشف ١٧:٣، ٨) ويدعم حكام العالم هذا الوحش. وتساعدنا التفاصيل المزوَّدة في النبوة على تحديد هوية هذا الوحش المجازي بصفته منظمة سلام تأسست سنة ١٩١٩ باسم عصبة الامم («رجسة») وتُعرَف الآن بالامم المتحدة. ويظهر الكشف ١٧:١٦، ١٧ ان اللّٰه سيضع في قلوب بعض الحكام البشر الذين يلعبون دورا بارزا في هذا ‹الوحش› ان يخربوا الامبراطورية العالمية للدين الباطل. ويسم هذا الهجوم اندلاع الضيق العظيم.
١٦ اية تطورات جديرة بالملاحظة تحدث في ما يتعلق بالدين؟
١٦ بما ان بداية الضيق العظيم لا تزال في المستقبل، فهل ‹القيام في المكان المقدس› لا يزال امامنا ايضا؟ على ما يبدو نعم. ففي حين ان «الرجسة» ظهرت في اوائل هذا القرن، وبذلك تكون موجودة طوال عقود، فإنها ستقوم بطريقة مميَّزة «في المكان المقدس» في المستقبل القريب. وتماما كما ان أتباع المسيح لا بد انهم راقبوا ليروا كيف سيحدث ‹القيام في المكان المقدس›، كذلك يفعل المسيحيون العصريون. وصحيح انه يجب ان ننتظر الاتمام الفعلي لنعرف كل التفاصيل، إلا انه من الجدير بالملاحظة انه في بعض البلدان هنالك منذ الآن كراهية واضحة ومتزايدة للدين. وبعض العناصر السياسية، المتحالفة مع المسيحيين السابقين الذين انحرفوا عن الايمان الحقيقي، يروِّجون العداء ضد الدين عامة وضد المسيحيين الحقيقيين خاصة. (مزمور ٩٤:٢٠، ٢١؛ ١ تيموثاوس ٦:٢٠، ٢١) ولذلك فإن الدول السياسية ‹تحارب الحمل› حتى في هذا الوقت، وكما يشير الكشف ١٧:١٤ سيزداد هذا القتال حدة. وفي حين انهم لا يستطيعون حرفيا ان يضعوا ايديهم على حمل اللّٰه — يسوع المسيح في حالته المجيدة المرفَّعة — فسيستمرون في مقاومة عبّاد اللّٰه الحقيقيين، وخصوصا ‹قدوسيه›. (دانيال ٧:٢٥؛ قارنوا روما ٨:٢٧؛ كولوسي ١:٢؛ كشف ١٢:١٧.) ولدينا التأكيد الالهي ان الخروف والذين معه سينتصرون. — كشف ١٩:١١-٢١.
١٧ ماذا يمكن ان نقول عن قيام «الرجسة» في المكان المقدس، دون ان نكون جازمين في ذلك؟
١٧ نحن نعرف ان الخراب هو بانتظار الدين الباطل. فبابل العظيمة هي «سكرى من دم القديسين» وتتصرف كملكة، ولكنَّ دمارها محتوم. والتأثير النجس الذي مارسته على ملوك الارض سيتغير تغييرا جذريا اذ تنقلب هذه العلاقة الى علاقة كراهية عنيفة من جهة ‹القرون العشرة والوحش›. (كشف ١٧:٦، ١٦؛ ١٨:٧، ٨) وعندما يهجم ‹الوحش القرمزي› على العاهرة الدينية، تكون «الرجسة» قائمة بطريقة مهدِّدة في ما يُدعى المكان المقدس للعالم المسيحي.c وهكذا سيبدأ الخراب من العالم المسيحي الخائن، الذي يدَّعي انه مقدس.
«الهرب» — كيف؟
١٨، ١٩ اية اسباب تُعطى للبرهان ان «الهرب الى الجبال» لن يعني تغيير الدين؟
١٨ بعد ان انبأ يسوع ‹بقيام الرجسة في المكان المقدس›، حذَّر ذوي التمييز ليتَّخذوا الاجراء. فهل عنى انه عند هذه المرحلة المتأخرة — عندما ‹تقوم الرجسة في المكان المقدس› — سيهرب كثيرون من الدين الباطل الى العبادة الحقة؟ ان هذا مستبعد. تأملوا في الاتمام الاول. قال يسوع: «ليبدإ الذين في اليهودية بالهرب الى الجبال. ومَن كان على السطح فلا ينزل، ولا يدخل بيته ليأخذ منه شيئا؛ ومَن كان في الحقل فلا يعد الى ما هو وراء ليأخذ رداءه. الويل للحوامل والمرضعات في تلك الايام! داوموا على الصلاة لكي لا يكون ذلك في شتاء». — مرقس ١٣:١٤-١٨.
١٩ لم يقل يسوع ان الذين في اورشليم فقط يلزم ان ينسحبوا، كما لو ان هدفه كان انهم يلزم ان يخرجوا من مركز العبادة اليهودية؛ ولم يأتِ تحذيره على ذكر ايّ تغيير في الدين — الهرب من الباطل الى الحق. فتلاميذ يسوع دون شك لم يكونوا بحاجة الى تحذير بشأن الهرب من دين الى آخر؛ فقد سبق لهم ان صاروا مسيحيين حقيقيين. والهجوم سنة ٦٦ بم لم يدفع ممارسي الدين اليهودي في اورشليم واليهودية كلها الى هجر هذا الدين واعتناق المسيحية. يقول الپروفسور هاينرخ ڠرِتس ان الذين طاردوا الرومان الهاربين رجعوا الى المدينة: «عاد الغيارى، وهم يهتفون اناشيد حرب بابتهاج، الى اورشليم (في ٨ تشرين الاول [اكتوبر])، وقلوبهم تخفق بالامل المشرق بالحرية والاستقلال. . . . أفلم يساعدهم اللّٰه برحمة كما ساعد آباءهم؟ ولم تكن قلوب الغيارى تخشى المستقبل».
٢٠ كيف اتَّبع التلاميذ الاولون تحذير يسوع عن الهرب الى الجبال؟
٢٠ فكيف طبَّق آنذاك هذا العدد الصغير نسبيا من المختارين نصيحة يسوع؟ بترك اليهودية والهرب الى الجبال عبر الاردن، اظهروا انهم ليسوا جزءا من النظام اليهودي، سياسيا او دينيا. فقد تركوا حقولهم وبيوتهم، حتى دون ان يأخذوا ممتلكاتهم من بيوتهم. وإذ كانوا واثقين بحماية يهوه ودعمه، وضعوا عبادتهم له قبل ايّ شيء آخر قد يبدو مهما. — مرقس ١٠:٢٩، ٣٠؛ لوقا ٩:٥٧-٦٢.
٢١ ايّ امر لا يجب ان نتوقعه عندما تشن «الرجسة» الهجوم؟
٢١ والآن، تأملوا في الاتمام الاعظم. اننا نحث الناس طوال عقود على الخروج من الدين الباطل واعتناق العبادة الحقة. (كشف ١٨:٤، ٥) وهذا ما قام به الملايين. ونبوة يسوع لا تشير الى انه بعد اندلاع الضيق العظيم ستتحول جموع الى العبادة النقية؛ فحتما لم يكن هنالك اهتداء جماعي بين اليهود سنة ٦٦ بم. ومع ذلك، سيكون هنالك حافز قوي ليطبِّق المسيحيون تحذير يسوع ويهربوا.
٢٢ ماذا قد يشمل تطبيقنا نصيحة يسوع حول الهرب الى الجبال؟
٢٢ لا يمكن في الوقت الحاضر نيل تفاصيل دقيقة حول الضيق العظيم، ولكن يمكن ان نستنتج منطقيا ان هربنا الذي تكلم عنه يسوع لن يكون هربا جغرافيا. فشعب اللّٰه موجودون الآن حول الارض، في كل انحائها تقريبا. ولكن يمكننا ان نكون على يقين انه عندما يكون الهرب ضروريا، يجب على المسيحيين ان يستمروا في المحافظة على الفرق الواضح بينهم وبين منظمات الاديان الباطلة. وتحذير يسوع من رجوع المرء الى بيته لإنقاذ الاردية او الامتعة الاخرى انما هو ذو مغزى ايضا. (متى ٢٤:١٧، ١٨) فقد تكمن امامنا امتحانات لنظرتنا الى الامور المادية؛ فهل نعتبرها هي المهمة ام ان الخلاص الذي سيأتي لجميع الذين يقفون الى جانب اللّٰه اهمّ منها؟ نعم، قد يشمل هربنا بعض المشقات او الحرمان. فيجب ان نكون مستعدين لفعل كل ما يلزم، كما فعل نظراؤنا في القرن الاول الذين هربوا من اليهودية الى پيريا عبر الاردن.
٢٣، ٢٤ (أ) اين فقط سنجد الحماية؟ (ب) كيف ينبغي ان يؤثر فينا تحذير يسوع بشأن ‹الرجسة القائمة في المكان المقدس›؟
٢٣ يجب ان نتأكد من بقاء يهوه وهيئته المشبهة بجبل ملجأ لنا. (٢ صموئيل ٢٢:٢، ٣؛ مزمور ١٨:٢؛ دانيال ٢:٣٥، ٤٤) فهناك سنجد الحماية! ولن نتمثَّل بالجموع التي ستهرب الى «المغاور» وتختبئ «في صخور الجبال» — الهيئات والمنظمات البشرية التي قد تبقى فترة وجيزة بعد خراب بابل العظيمة. (كشف ٦:١٥؛ ١٨:٩-١١) ان الازمنة ستصير اصعب كما حدث سنة ٦٦ بم للحبالى اللواتي هربن من اليهودية او لكل مَن اضطر ان يسافر في الشتاء الممطر البارد. ولكن يمكننا ان نتأكد ان اللّٰه سيجعل النجاة ممكنة. فلنقوِّ منذ الآن اتكالنا على يهوه وابنه الذي يحكم الآن ملكا للملكوت.
٢٤ وما من سبب ليسيطر الخوف مما سيحصل على حياتنا. فيسوع لم يُرد ان يخاف تلاميذه آنذاك، ولا يريد ان نخاف نحن ايضا الآن او في الايام القادمة. فقد حذَّرنا لكي نتمكن من تهيئة قلوبنا وعقولنا. فالمسيحيون الحقيقيون لن يُعاقَبوا عندما يأتي الدمار على الدين الباطل وباقي هذا النظام الشرير. بل سيكونون ذوي تمييز ويصغون الى التحذير عن ‹الرجسة القائمة في المكان المقدس›. وسيتخذون اجراء حاسما وفقا لإيمانهم غير المتزعزع. فلا ننسَ ابدا ما وعد به يسوع: «الذي يحتمل الى النهاية هو يخلص». — مرقس ١٣:١٣.
[الحواشي]
a «كانت الرايات الرومانية تُحفَظ بإكرام ديني في هياكل روما؛ وكان توقير هذا الشعب لراياتهم يزداد كلما حققوا انتصارا عسكريا على الامم الاخرى . . . [كانت الراية في نظر الجنود] ربما اقدس شيء على وجه الارض. وكان الجندي الروماني يُقسِم برايته». — دائرة المعارف البريطانية، الطبعة الـ ١١ (بالانكليزية).
b ينبغي ملاحظة الامر التالي: رغم ان إتمام كلمات يسوع في ٦٦-٧٠ بم يمكن ان يساعدنا ان نفهم كيف ستتم في الضيق العظيم، لا يمكن ان يكون الاتمامان متناظرَين كليًّا لأن لهما خلفيتَين مختلفتَين.
c انظروا برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٩٧٥، الصفحات ٧٤١-٧٤٤، بالانكليزية.
هل تذكرون؟
◻ كيف ظهرت «الرجسة التي تسبِّب الخراب» في القرن الاول؟
◻ لماذا من المنطقي الاعتقاد ان «الرجسة» العصرية ستقوم في المكان المقدس في المستقبل؟
◻ ايّ هجوم ‹للرجسة› منبأ به في الكشف؟
◻ ايّ نوع من «الهرب» قد يلزم من جهتنا؟
[الصورة في الصفحة ١٦]
تُدعى بابل العظيمة «ام العاهرات»
[الصورة في الصفحة ١٧]
الوحش القرمزي في الكشف الاصحاح ١٧ هو «الرجسة» التي اشار اليها يسوع
[الصورة في الصفحة ١٨]
سيشن الوحش القرمزي هجوما مخرِّبا على الدين
-
-
كونوا متيقِّظين ومجتهدين!برج المراقبة ١٩٩٩ | ١ ايار (مايو)
-
-
كونوا متيقِّظين ومجتهدين!
«داوموا على السهر اذًا، لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة». — متى ٢٥:١٣.
١ الى ماذا كان الرسول يوحنا يتطلع؟
في آخر حوار مسجَّل في الكتاب المقدس، وعد يسوع: «انا آتٍ سريعا». فأجاب رسوله يوحنا: «آمين! تعال، ايها الرب يسوع». ولم يكن عند هذا الرسول ايّ شك في ان يسوع سيأتي. فقد كان يوحنا بين الرسل الذين سألوا يسوع: «متى يكون هذا، وماذا تكون علامة حضورك [باليونانية: پاروسيا] واختتام نظام الاشياء؟». نعم، كان يوحنا يتطلع بثقة الى حضور يسوع في المستقبل. — كشف ٢٢:٢٠؛ متى ٢٤:٣.
٢ ما هو الوضع في الكنائس في ما يتعلق بحضور يسوع؟
٢ وهذه الثقة نادرة في ايامنا. فمع ان كنائس كثيرة عندها عقيدة رسمية عن «إتيان» يسوع، قلة من اعضائها ينتظرون هذا الإتيان. وهم يعيشون كما لو ان يسوع غير آتٍ. يلاحظ كتاب الپاروسيا في العهد الجديد (بالانكليزية): «ان رجاء الپاروسيا له تأثير فعلي زهيد في حياة الكنيسة وفكرها وعملها. . . . وقد ضعُفَ، إن لم نقل فُقد كليا، الشعور بالإلحاح الشديد الذي به ينبغي ان تتولى الكنيسة اعمالها المتعلقة بالتوبة ونشر الانجيل بواسطة الارساليات». ولكن ليس عند الجميع!
٣ (أ) ما هو موقف المسيحيين الحقيقيين من الپاروسيا؟ (ب) ماذا سنتأمل فيه الآن خصوصا؟
٣ فتلاميذ يسوع الحقيقيون ينتظرون بتوق نهاية نظام الاشياء الشرير الحاضر. وفيما نواصل انتظارنا بولاء، يلزم ان نحافظ على النظرة الصائبة الى كل ما يشمله حضور يسوع ونتصرَّف بطريقة تنسجم مع هذه النظرة. وسيمكّننا ذلك من ‹الاحتمال الى النهاية والخلاص›. (متى ٢٤:١٣) عندما كان يسوع يروي النبوة التي نجدها في متى الأصحاحَين ٢٤ و ٢٥، اعطى نصيحة حكيمة يحسن بنا تطبيقها، لأنها لخيرنا الابدي. والاصحاح ٢٥ يحتوي على امثال معروفة لديكم على الارجح، ومنها مثل العشر عذارى (العذارى الحكيمات والحمقاوات) ومثل الوزنات. (متى ٢٥:١-٣٠) فكيف نستفيد من هذين المثلَين؟
كونوا متيقِّظين كالعذارى الخمس!
٤ ما هي خلاصة مثل العذارى؟
٤ ما رأيكم في ان تقرأوا من جديد مثل العذارى الموجود في متى ٢٥:١-١٣؟ المشهد هو عرس يهودي فخم يذهب فيه العريس الى بيت ابي العروس ليرافقها الى بيت العريس (او الى بيت ابيه). وقد يكون في هذا الموكب موسيقيون ومغنّون، ولا يُعرف بالتحديد وقت وصوله. وفي المثل، كانت عشر عذارى ينتظرن في الليل وصول العريس. خمس منهنَّ، اذ اعربن عن حماقة، لم يجلبن ما يكفي من الزيت للسُّرُج، لذلك اضطررن الى الذهاب وشراء المزيد. أما الخمس الاخريات فقد اعربن عن حكمة وجلبن معهنَّ زيتا اضافيا في اوعية، وذلك لكي يُعدن ملء سُرُجهنَّ اذا لزم الامر خلال الانتظار. وهؤلاء الخمس فقط كن موجودات ومستعدات حين وصل العريس. وهكذا لم يُسمح إلا لهنَّ بدخول الوليمة. وعندما عادت العذارى الخمس الحمقاوات، كان قد فات الاوان ليدخلن.
٥ اية آيات تلقي الضوء على المعنى المجازي لمثل العذارى؟
٥ هنالك اوجه كثيرة من المثل يمكن فهمها على انها رمزية. مثلا، تتكلم الاسفار المقدسة عن يسوع كعريس. (يوحنا ٣:٢٨-٣٠) وشبَّه يسوع نفسه بابن ملك أُعدَّت له وليمة عرس. (متى ٢٢:١-١٤) ويشبِّه الكتاب المقدس المسيح بزوج. (افسس ٥:٢٣) والمثير للاهتمام انه في حين يشبَّه المسيحيون الممسوحون في اماكن اخرى بـ «عروس» للمسيح، لا يتحدَّث المثل عن عروس. (يوحنا ٣:٢٩؛ كشف ١٩:٧؛ ٢١:٢، ٩) لكنه يتحدَّث عن عشر عذارى، ويشبَّه الممسوحون في مكان آخر بعذراء مخطوبة للمسيح. — ٢ كورنثوس ١١:٢.a
٦ ايّ حضٍّ ذكره يسوع عندما اختتم مثل العذارى؟
٦ بالاضافة الى هذه التفاصيل وأية تطبيقات نبوية للمثل، هنالك طبعا مبادئ حسنة يمكن ان نتعلمها منه. مثلا، لاحظوا ان يسوع اختتمه بهذه الكلمات: «داوموا على السهر اذًا، لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة». اذًا يُبرز المثل الحاجة لدى كلٍّ منا الى التيقُّظ والتنبُّه لاقتراب نهاية هذا النظام الشرير. وهذه النهاية آتية لا محالة، مع اننا لا نستطيع تحديد تاريخ دقيق لها. وفي هذا المجال، لاحظوا الموقفَين اللذين اعربت عنهما هاتان الفئتان من العذارى.
٧ بأيّ معنى كانت خمس من العذارى في المثل حمقاوات؟
٧ قال يسوع: «كانت خمس منهنَّ حمقاوات». فهل كنَّ كذلك لأنهنَّ لم يؤمِنَّ بأن العريس آتٍ؟ هل كنَّ يسعين وراء الملذَّات؟ او هل كنَّ مخدوعات؟ الجواب هو لا عن كل هذه الاسئلة. فقد قال يسوع ان هؤلاء الخمس «خرجن للقاء العريس». لقد كنَّ يعرفن انه آتٍ، وأردن ان يشتركن في المناسبة وفي «وليمة العرس» ايضا. ولكن هل كنَّ مستعدات بما فيه الكفاية؟ صحيح انهنَّ انتظرنه فترة من الوقت، حتى «نصف الليل»، لكنهنَّ لم يكنَّ مستعدات لوصوله في ايّ وقت كان — سواء كان ذلك قبل او بعد الوقت الذي توقَّعنه اصلا.
٨ كيف كانت خمس من العذارى في المثل فطنات؟
٨ أما العذارى الخمس الاخريات — اللواتي دعاهنَّ يسوع بالفطنات — فقد خرجن هنَّ ايضا بسُرُج مضاءة بانتظار وصول العريس. وكان يجب ان ينتظرن ايضا، لكنهنَّ كنَّ «فطنات». والكلمة اليونانية المترجمة «فطنات» تنقل معنى كون المرء «حصيفا، عاقلا، حكيما بطريقة عملية». وأثبتت هؤلاء الخمس انهنَّ فطنات عندما جلبن معهنَّ اوعية فيها زيت اضافي لإعادة ملء سُرُجهنَّ اذا لزم الامر. وفي الواقع، كنَّ متمسِّكات جدا باستعدادهنَّ لوصول العريس حتى انهنَّ رفضن اعطاء شيء من زيتهنَّ. ولم يكن هذا التيقُّظ في غير محله، لأنهنَّ كنَّ حاضرات ومستعدات كاملا عندما وصل العريس. واللواتي كنَّ ‹مستعدات دخلن معه الى وليمة العرس، وأُغلق الباب›.
٩، ١٠ ماذا كان القصد من مثل العذارى، وأية اسئلة ينبغي ان نطرحها على انفسنا؟
٩ لم يكن يسوع يعطي درسا في آداب التصرُّف في الاعراس، ولم يكن يقدِّم نصيحة عن روح المشاركة. فكان القصد من مثله هو: «داوموا على السهر اذًا، لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة». لذلك اسألوا انفسكم: ‹هل انا متيقِّظ فعلا بشأن حضور يسوع؟›. نحن نؤمن بأن يسوع يحكم الآن في السماء، ولكن الى ايّ حد نُبقي تفكيرنا مركّزا على الواقع ان ‹ابن الانسان سيأتي قريبا على سحب السماء بقدرة ومجد عظيم›؟ (متى ٢٤:٣٠) وفي «نصف الليل»، كان وصول العريس اقرب طبعا مما كان حين خرجت العذارى للقائه. وبشكل مماثل، ان وصول ابن الانسان ليدمر النظام الشرير الحاضر اقرب مما كان حين بدأنا نتطلع الى إتيانه. (روما ١٣:١١-١٤) فهل نبقى متيقِّظين، وهل يزداد تيقُّظنا كلما اقترب ذلك الوقت؟
١٠ تتطلب اطاعة الوصية «داوموا على السهر» التيقُّظ بشكل متواصل. فقد تركت خمس من العذارى زيتهنَّ ينفد وذهبن لشراء المزيد. وبشكل مماثل، قد يتلهى المسيحي اليوم بحيث لا يكون مستعدا كاملا لوصول يسوع الوشيك. لقد حدث ذلك مع بعض مسيحيي القرن الاول. ويمكن ان يحدث للبعض اليوم. فلنسأل انفسنا: ‹هل يحدث ذلك معي؟›. — ١ تسالونيكي ٥:٦-٨؛ عبرانيين ٢:١؛ ٣:١٢؛ ١٢:٣؛ كشف ١٦:١٥.
كونوا مجتهدين فيما تقترب النهاية
١١ ايّ مثل اعطاه يسوع بعد ذلك، وماذا كان يشبه؟
١١ في المثل التالي، لم يكتفِ يسوع بحثِّ أتباعه على التيقُّظ. فبعد ان تحدَّث عن العذارى الحكيمات والحمقاوات، روى مثل الوزنات. (اقرأوا متى ٢٥:١٤-٣٠.) ويشبه هذا المثل في نواح كثيرة مثله السابق عن الأمْناء، الذي اعطاه يسوع لأن كثيرين «كانوا يظنون ان مملكة اللّٰه ستظهر في الحال». — لوقا ١٩:١١-٢٧.
١٢ ما هي خلاصة مثل الوزنات؟
١٢ في مثل الوزنات، تحدَّث يسوع عن انسان استدعى ثلاثة عبيد قبل ان يسافر. فسلّم الاول خمس وزنات، والثاني وزنتَين، والثالث وزنة واحدة فقط — «كل واحد حسب قدرته». ومن المحتمل ان المقصود هنا هو الوزنة الفضية، القيمة المتعارف عليها والتي كانت تساوي آنذاك ما يكسبه العامل في ١٤ سنة — مبلغ كبير بالفعل! وعندما عاد هذا الانسان، بدأ يحاسب عبيده على ما فعلوه خلال ‹الزمان الطويل› الذي كان فيه مسافرا. كان العبدان الاولان قد ضاعفا المبلغ الذي اؤتُمنا عليه. فقال لكل واحد: «أحسنت»، ووعدهما بالمزيد من المسؤوليات، وختم قائلا لكلٍّ منهما: «ادخل الى فرح سيدك». أما العبد الذي أُعطي وزنة واحدة، فقد ادّعى ان السيد متطلب جدا. ولم يستثمر الوزنة في مشروع مربح بل اخفى المال، حتى انه لم يُودِعه عند المصرفيين ليأخذ فائدة. فدعاه السيد بـ «الشرير والكسلان» لأنه لم يروِّج مصالح سيده. وبسبب ذلك أُخذت منه الوزنة، وأُلقي خارجا حيث «البكاء وصرير الاسنان».
١٣ كيف كان يسوع كالسيد في المثل؟
١٣ هنا ايضا، يمكن ان تُفهم تفاصيل المثل بمعنى رمزي. مثلا، كان يسوع، المشبَّه هنا بالانسان المسافر، سيترك أتباعه ويذهب الى السماء وينتظر زمانا طويلا الى ان ينال سلطة ملكية.b (مزمور ١١٠:١-٤؛ اعمال ٢:٣٤-٣٦؛ روما ٨:٣٤؛ عبرانيين ١٠:١٢، ١٣) ولكن يمكن ان نستمد هنا ايضا درسا او مبدأً اشمل يحسن بنا جميعا ان نطبِّقه في حياتنا. وما هو؟
١٤ ما الامر الضروري الذي يشدِّد عليه مثل الوزنات؟
١٤ سواء كان رجاؤنا حياة خالدة في السماء او حياة ابدية في ارض فردوسية، يتضح من مثل يسوع انه يجب ان نبذل الجهد في نشاطاتنا المسيحية. وفي الواقع، يمكن ايجاز محور هذا المثل بكلمة واحدة: الاجتهاد. وقد رسم الرسل المثال من يوم الخمسين سنة ٣٣ بم فصاعدا. يقول السجل: «بكلمات اخرى كثيرة قدم [بطرس] لهم شهادة كاملة وبقي يحثُّهم، قائلا: ‹اخلصوا من هذا الجيل الملتوي›». (اعمال ٢:٤٠-٤٢) ويا للنتائج الرائعة التي حصل عليها بسبب جهوده! فقد انضم آخرون الى الرسل في العمل الكرازي المسيحي، وهؤلاء كانوا ايضا مجتهدين، فصارت البشارة «نامية في العالم كله». — كولوسي ١:٣-٦، ٢٣؛ ١ كورنثوس ٣:٥-٩.
١٥ بأية طريقة خصوصية ينبغي ان نطبِّق الفكرة الرئيسية من مثل الوزنات؟
١٥ تذكروا قرينة هذا المثل: نبوة عن حضور يسوع. وعندنا ادلة وافرة تؤكد ان پاروسيا يسوع جارٍ الآن، وأنه سيبلغ ذروته قريبا. وتذكروا ربط يسوع ‹للنهاية› بالعمل الذي يجب ان يقوم به المسيحيون: «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم؛ ثم تأتي النهاية». (متى ٢٤:١٤) فأيًّا من العبيد نشبه نحن؟ اسألوا انفسكم: ‹هل هنالك سبب يدعو الى الاستنتاج انني مثل العبد الذي اخفى ما اؤتُمن عليه، وربما كان في الوقت نفسه يهتم بشؤونه الخاصة؟ أم من الواضح انني مثل اللذين كانا صالحَين وأمينَين؟ وهل انا عاقد العزم على زيادة مصالح السيد في كل مناسبة؟
متيقِّظون ومجتهدون خلال حضوره
١٦ اية رسالة ينقلها لكم المثلان اللذان ناقشناهما؟
١٦ نعم، بالاضافة الى المعنى المجازي والنبوي، يمنحنا المثلان تشجيعا واضحا نابعا من فم يسوع نفسه. ورسالته هي هذه: كونوا متيقِّظين ومجتهدين، وخصوصا عندما تُرى علامة پاروسيا المسيح. وهذا ما يحدث الآن. فهل نحن حقا متيقِّظون ومجتهدون؟
١٧، ١٨ اية نصيحة قدمها التلميذ يعقوب بشأن حضور يسوع؟
١٧ لم يكن يعقوب، اخو يسوع من امه، على جبل الزيتون ليسمع نبوة يسوع. ولكنه علم بها لاحقا، ومن الواضح انه ادرك مغزاها. كتب: «فاصبروا، ايها الاخوة، الى حضور الرب. ها ان المزارع يبقى منتظرا ثمر الارض الثمين، صابرا عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر. اصبروا انتم ايضا؛ ثبِّتوا قلوبكم، لأن حضور الرب قد اقترب». — يعقوب ٥:٧، ٨.
١٨ بعدما اكد يعقوب ان اللّٰه سيدين الذين يسيئون استعمال غناهم، حثَّ المسيحيين ألا يفقدوا الصبر وهم ينتظرون تدخُّل يهوه. فقد يصير المسيحي القليل الصبر انتقاميا، كما لو ان من واجبه تصحيح الاخطاء المرتكَبة. ولكن لا يصحّ فعل ذلك، لأن وقت الدينونة آتٍ لا محالة. ويتضح ذلك من مثل المزارع، كما قال يعقوب.
١٩ ايّ نوع من الصبر كان المزارع الاسرائيلي يمارسه؟
١٩ كان على المزارع الاسرائيلي الزارع البذار ان ينتظر، اولا ليفرِّخ الزرع، ثم لينضج، وأخيرا ليبدأ بالحصاد. (لوقا ٨:٥-٨؛ يوحنا ٤:٣٥) وطوال هذه الاشهر، كانت تمرُّ اوقات يشعر فيها بالقلق، وربما كانت هنالك اسباب لذلك. فهل يأتي المطر المبكر، ويكون وافرا؟ وماذا عن المطر المتأخر؟ وهل تقضي الحشرات او اية عاصفة على الزرع؟ (قارنوا يوئيل ١:٤؛ ٢:٢٣-٢٥.) ومع ذلك، كان بإمكان المزارع الاسرائيلي عموما ان يثق بيهوه وبالدورات الطبيعية التي أوجدها. (تثنية ١١:١٤؛ ارميا ٥:٢٤) وهكذا كان صبر المزارع في الواقع بمثابة توقُّع واثق. فهو يعرف يقينا ان ما ينتظره سيتحقَّق. وسيتحقَّق بالتأكيد!
٢٠ كيف يمكن ان نعرب عن الصبر انسجاما مع نصيحة يعقوب؟
٢٠ وفي حين ان المزارع يعرف بعض الشيء متى يكون الحصاد، لم يكن في وسع مسيحيي القرن الاول ان يحسبوا متى يكون حضور يسوع. لكنَّ حضوره كان امرا حتميا. كتب يعقوب: «حضور الرب [باليونانية: پاروسيا] قد اقترب». وفي الوقت الذي كتب فيه يعقوب هذه الكلمات، لم تكن علامة حضور يسوع العالمية النطاق ظاهرة للعيان بعد. لكنها ظاهرة الآن! لذلك كيف ينبغي ان نشعر في هذه الفترة؟ فالعلامة ظاهرة. ونحن نراها. ويمكننا ان نقول دون تردُّد: ‹انا ارى العلامة تتم›. وعندنا ملء الثقة لنقول: ‹حضور الرب قد تمّ، وذروته قريبة›.
٢١ على ماذا نحن مصمِّمون بشكل قاطع؟
٢١ نظرا الى كل ذلك، عندنا سبب وجيه لنحفظ ونطبِّق الدرسَين المهمَّين من مثلَي يسوع اللذين ناقشناهما. فقد قال: «داوموا على السهر اذًا، لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة». (متى ٢٥:١٣) ولا شك ان هذا هو الوقت لنكون غيورين في خدمتنا المسيحية. فلنُظهر في كل يوم من حياتنا اننا فهمنا فكرة يسوع. ولنكن متيقِّظين ومجتهدين!
-