مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٨٨ ١/‏٧ ص ١٨-‏٢٢
  • وجدت العدل لا في السياسة بل في المسيحية الحقيقية

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • وجدت العدل لا في السياسة بل في المسيحية الحقيقية
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٨٨
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • بحث من الطفولية
  • هتلر يغزو فرنسا
  • الاشمئزاز من التجارة،‏ السياسة،‏ والدين
  • رسالة رجاء
  • أتخذ موقفي الى جانب العدل الحقيقي
  • التوسع في الخدمة
  • مقاطعة جديدة وحياة جديدة
  • بركات وافرة
  • هل هناك امل للمظلومين؟‏
    مواضيع أخرى
  • يسوع «يقيم العدل في الارض»‏
    اقترب الى يهوه
  • يهوه —‏ مصدر العدل والبرّ الحقيقيَّين
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٨
  • العدل قريبا لجميع الامم
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٨٩
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٨٨
ب٨٨ ١/‏٧ ص ١٨-‏٢٢

وجدت العدل لا في السياسة بل في المسيحية الحقيقية

كما رواها زافيير نول

الظلم!‏ هذا كان ما واجهتُه في وقت مبكر من الحياة وتألمت بسببه.‏ وكحدث،‏ سألت نفسي:‏ ‹هل الظلم شيء يلزم احتماله؟‏ وهل هنالك حكومة على الارض قادرة على وضع حد له؟‏ اين يمكن ايجاد العدل؟‏› وأخيرا وجدتُه،‏ لكن ليس حيث توقعت.‏

بحث من الطفولية

نشأت في ويتيلشيم،‏ بلدة صغيرة في ألزاس،‏ مقاطعة في شمالي شرقي فرنسا.‏ وأبي،‏ ككثيرين من الرجال الآخرين في تلك المنطقة،‏ كان يعمل في منجم بوتاس.‏ وقديما في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ كان العمال في العالم الصناعي منهمكين في الثورة.‏ اتذكَّر انني كولد،‏ انضممت الى تظاهرات العمال.‏ وكنا نقوم بالاستعراض في الشوارع بقبضات أيدٍ مرفوعة،‏ منشدين اناشيد ثورية،‏ مثل «الانترناشنال» الاشتراكية.‏ وكان العمال يطالبون بالعدل والاحوال المعيشية الافضل.‏

عندما واصل عمال المنجم الاضراب واحتلوا المنجم كنت آخذ الى ابي وجبات طعامه.‏ ولا ازال اتذكَّر كم كنت اخاف عندما كان يلزم ان اجتاز نطاق الحرس القومي المسلح لكي انقل «غاميل» (‏علبة الطعام)‏ الى ابي عبر حواجز المنجم.‏ وتأثرت بالرايات التي تُبرز شعارات العنف والأعلام الحمراء التي تخفق في الهواء اذ يحمل بعضها المطرقة والمنجل.‏

والنساء كنَّ يجتمعن امام ابواب المنجم،‏ هاتفات بالشعارات لتشجيع ازواجهنَّ على الاستمرار في محاربة «الاستغلاليين.‏» والنساء الاخريات كنَّ يعشن في خوف دائم على سلامة ازواجهنَّ.‏ ورغم مشاعرهم المعادية للرأسمالية كان بعض الرجال يتسللون الى المنجم تحت ستار الظلام لكي يكسبوا ما يكفي لإطعام عائلتهم.‏ وأحيانا كان ابي يفعل ذلك ايضا.‏ وحينئذ كان يحمل مسدسا في حقيبته في حال صادف مراقبي الاضراب الذين يبحثون عن مفسدي الاضراب.‏

هتلر يغزو فرنسا

كنت في الـ‍ ١٧ من العمر عندما نشبت الحرب.‏ وبعد اشهر قليلة غزا النازيون فرنسا.‏ وبما انهم ادَّعوا ان ألزاس ليست مجرد مقاطعة محتلة بل هي جزء من الرايخ الالماني كان يجب على جميع الشبان مثلي ان يتسجلوا في جيش هتلر.‏ ولذلك،‏ بحقيبة مربوطة على ظهري،‏ هربت على دراجتي قبل اقتراب الغزاة.‏ وأحيانا كنت اتدبر امر جرِّي بالتمسك بمؤخَّر الشاحنات المتوجهة جنوبا.‏ وكانت صفوف اللاجئين هدفا للطائرات الالمانية،‏ لذلك كنت ارمي نفسي في الخندق عندما اسمعها آتية.‏

وصلت الى وسط جنوب فرنسا،‏ الذي لم يكن الالمان قد احتلوه بعد.‏ ولكن هناك ايضا واجهت الظلم.‏ فعملت بكدّ مكنِّسا الشوارع او ناقلا التوابيت في المدافن او حاملا احمالا تزن ١٠٠ باوند في مصنع للاسمنت.‏ وأحيانا كنت اعمل ١٢ ساعة يوميا لقاء اجر زهيد.‏ ومعظم الاعانة التي يجب ان ننالها كلاجئين كان يسرقها الرسميون المعيَّنون لتوزيعها.‏

ونحو نهاية السنة ١٩٤٠ قررت ان اشترك في القتال لأحرر بلدي.‏ فذهبت الى الجزائر،‏ في شمال افريقيا،‏ وانضممت الى ما تبقى من الجيش الفرنسي هناك.‏ وحياة الجندية لم تروِ عطشي الى العدل اكثر من الحياة المدنية،‏ ولكنني كنت لا ازال ارغب في الاشتراك في تحرير اوروبا.‏ والاميركيون حلّوا في شمال افريقيا قرب نهاية السنة ١٩٤٢.‏ ولكن ذات يوم في السنة ١٩٤٣ فقدت ثلاثا من اصابعي عندما انفجرت قنبلة يدوية كنت احملها.‏ ولذلك لم اكن قادرا ان انضم الى الفِرق التي كانت لتعيد الاستيلاء على اوروبا.‏

الاشمئزاز من التجارة،‏ السياسة،‏ والدين

عند العودة الى الحياة المدنية في الجزائر فان استغلال الانسان الفظيع للانسان،‏ الذي كان مستمرا في عالم العمال،‏ جعلني اشعر بالسخط.‏ فأحد رفقائي مات بعد تنشق غاز مميت في احوال عمل خطرة.‏ وبعد ذلك بوقت قصير كنت على وشك الموت في الظروف نفسها.‏ فهذه الشركة التجارية لم يكن لها اطلاقا ايّ اعتبار لصحة عمالها او حتى حياتهم.‏ وكان عليَّ ان اقاتل لاحصل على التعويض.‏ وكنت مشمئزا تماما.‏

ورغم انني كنت في مجرد الـ‍ ٢٤ من العمر،‏ انتهيت الى بيت اناس متقدمين في السن حيث بقيت حتى نهاية الحرب.‏ وبينما كنت هناك التقيت بعض المقاتلين الفرنسيين الشيوعيين الذين كانوا قد نُفوا الى الجزائر في بداية الحرب.‏ فحصل توافق بيننا الى حد بعيد ولم تكن لديهم اية مشكلة في اقناعي بالانضمام اليهم في محاربتهم ضد الظلم.‏

وعندما انتهت الحرب رجعت الى موطني في ألزاس وأنا مليء بمُثلي العليا الجديدة.‏ ولكنّ الامور لم تصر كما كنت ارجو.‏ فقد ازعجني للغاية ان اكتشف ان بعض اعضاء الحزب الشيوعي لم يكونوا وطنيين صالحين في اثناء الحرب.‏ وذات يوم قال لي رسمي حزبي:‏ «أتعرف،‏ يا زافيير،‏ لم نكن لنصل ابدا الى ايّ مكان لو قبلنا المتصلبين فقط.‏» فعبَّرت عن عدم موافقتي وخيبة املي.‏

لاحظت ايضا ان اولئك الذين كانوا ينادون اكثر بالمثل العليا والعدل كانوا ينفقون معظم راتبهم على المشروبات في مقصف في المنجم،‏ موصلين عائلتهم الى الفقر.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ صوَّت لمصلحة الحزب الشيوعي لانني اعتقدت ان الشيوعيين كانوا يعملون اكثر ليحققوا العدل للطبقة العاملة.‏

كنت خادما في القداس في ايام حداثتي،‏ ولذلك اتى اليَّ الكاهن الكاثوليكي ليحاول اقناعي بأن اصير محاربا من اجل الكنيسة.‏ ولكنني كنت قد فقدت الايمان برجال الدين.‏ وكنت مقتنعا بأنهم كانوا الى جانب الطبقة السائدة.‏ وفضلا عن ذلك،‏ عرفت ان كثيرين من الكهنة الكاثوليك تعاونوا مع الالمان في فرنسا في اثناء الاحتلال.‏ وتذكَّرت انه عندما كنت في الجيش كان القسوس الكاثوليك يكرزون بالوطنية.‏ ولكنني عرفت ايضا ان القسوس الكاثوليك في الجيش الالماني كانوا يفعلون الامر نفسه.‏ وفي رأيي كانت تلك وظيفة السياسيين والقادة العسكريين،‏ لا قسوس الكنيسة.‏

وبالاضافة الى ذلك،‏ فان الاختبارات المرَّة زعزعت ايماني باللّٰه بشكل خطير.‏ فأختي قُتلت بقذيفة في اليوم الذي بلغت فيه الـ‍ ٢٠ من العمر.‏ وفي ذلك الحين قلت لنفسي:‏ ‹اذا كان اللّٰه موجودا،‏ لماذا يسمح بكل هذا الظلم؟‏› ولكنني عندما تمتعت بالهدوء السلمي لريفنا الجميل شعرت بأنني تأثرت بعمق.‏ وكنت اقول لنفسي:‏ ‹كل هذا لا يمكن ان «يحدث بالصدفة.‏»› وفي اوقات كهذه كنت اصلّي.‏

رسالة رجاء

في صباح يوم احد سنة ١٩٤٧ جاء رجل وامرأة في الثلاثينات من العمر الى بابنا.‏ تحدَّثا الى ابي،‏ الذي قال لهما:‏ «من الافضل ان تريا ابني.‏ فهو يقرأ كل ما يمكن ان تقع عليه يداه.‏» كان ذلك صحيحا.‏ فكنت اقرأ كل شيء،‏ من الجريدة الشيوعية «لومانيتيه» الى «لا كروا» الكاثوليكية اليومية.‏ وهذان الزائران اخبراني عن عالم عدل للجميع خال من الحرب حيث ستصير ارضنا فردوسا.‏ وكل فرد سيسكن في بيته الخاص،‏ والمرض والموت سيكونان من الامور التي مضت.‏ وقد برهنا على كل ما قالاه من الكتاب المقدس،‏ واستطعت ان ارى انهما كانا مقتنعين حقا.‏

كنت في الـ‍ ٢٥ من العمر،‏ وكانت هذه هي المرة الاولى التي ألمس فيها كتابا مقدسا.‏ والفقرات التي قرأاها عليَّ اثارت فضولي.‏ وبدا ذلك احسن من ان يتحقق،‏ وأردت ان تتوضح المسألة في فكري.‏ فوعدني زائراي بأن يُحضرا اليَّ كتابا مقدسا وتركا كتابا يدعى «الانقاذ» مع كراس بعنوان «تهلَّلوا ايها الامم.‏»‏

وحالما غادرا بدأت بقراءة الكراس.‏ وشهادة ابنة اخت الجنرال ديغول عن استقامة شهود يهوه في معسكر اعتقال رافنسبروك للنساء كانت منبِّها حقيقيا.‏ ‹اذا كان يوجد مسيحيون حقيقيون،‏› قلت لنفسي،‏ ‹فيجب ان يكونوا هؤلاء.‏› وانتهيت من كتاب «الانقاذ» قبل الذهاب الى الفراش تلك الليلة.‏ وأخيرا وجدت الجواب عن احد الاسئلة التي كانت تزعجني لمدة طويلة:‏ «لماذا يسمح اله العدل بالظلم؟‏»‏

أتخذ موقفي الى جانب العدل الحقيقي

وفي اليوم التالي،‏ حسب وعدهما،‏ رجع الشاهدان بكتاب مقدس.‏ وبسبب حادث دراجة كانت كتفي في القالب،‏ ولم اتمكن من الذهاب الى العمل،‏ ولذلك كان لديَّ الوقت.‏ فقرأت كامل الكتاب المقدس في مجرد سبعة ايام،‏ مكتشفا مبادئه الجميلة للعدل والبر.‏ وفيما تابعت القراءة صرت مقتنعا اكثر فاكثر بأن هذا الكتاب هو من اللّٰه.‏ وبدأت افهم ان الحرب لتأسيس عدل حقيقي يجب ان تكون روحية،‏ لا سياسية.‏ —‏ افسس ٦:‏١٢‏.‏

كنت مقتنعا بأن جميع اصدقائي السياسيين سيفرحون بأن يسمعوا عن رسالة الرجاء التي اكتشفتها.‏ ويا للخيبة عندما اظهروا كل شيء سوى الحماسة!‏ أما انا فلم اتمكن من الاحجام عن الإخبار بالبشارة للجميع.‏ وتمتعت خصوصا باقتباس آيات معيَّنة،‏ مثل يعقوب ٥:‏١-‏٤‏،‏ حيث تجري ادانة الاغنياء بسبب استغلالهم للعمال.‏

كنت ساعي بريد في ذلك الحين.‏ ولكي اتجنب اثارة ابي،‏ الذي التصق بآ‌رائه،‏ كنت اغادر البيت مرتديا قبَّعتي كساعي بريد وأتأكد ان ارتديها عندما ارجع الى البيت.‏ وذات يوم قال ابي لصديق:‏ «ابني يشتغل كثيرا خارج الدوام في الآونة الاخيرة.‏» والحقيقة هي انني كنت اترك قبَّعتي عند صديق عندما اخرج في عمل الكرازة وأرتديها بعد ذلك.‏

وفي اقل من ثلاثة اشهر بعد اتصالي الاول بشهود يهوه انطلقت وحدي لاحضر محفلا في بازل،‏ سويسرا.‏ وفي منتصف خطاب المعمودية ذكرت للشاهدة الجالسة الى جانبي (‏التي اضافتني بلطف من اجل المحفل)‏ بأنني اريد ان اعتمد ولكنني لا املك ملابس استحمام.‏ فتركت مقعدها على الفور ثم رجعت بسروال ومنشفة قبل انتهاء الخطاب بوقت طويل.‏

التوسع في الخدمة

كنت حتى الآن اصرف حوالى ٦٠ ساعة شهريا في زيارة الناس في بيوتهم.‏ أما عندما قُرئت رسالة تشجِّع على خدمة الفتح (‏عمل الكرازة كامل الوقت)‏ في قاعة الملكوت فقلت لنفسي:‏ ‹هذا هو لي!‏›‏

نحو نهاية السنة ١٩٤٩ أُرسلتُ الى مرفإ مرسيليا الشهير على البحر المتوسط لاخدم كفاتح.‏ وكانت الحياة سارّة في مرسيليا في تلك الايام بعد الحرب.‏ فكانت مدينة يتوقف فيها سائقو القطار الكهربائي لئلا يقاطعوا لعبة «البيتانغ» (‏لعبة كرة)‏ التي تجري في الشارع.‏ والاخوة الفاتحون الآخرون وأنا لم نجد مكانا للمكوث سوى بيت يقدِّم الطعام والمنامة وكانت تستعمله العواهر ايضا.‏ فلم يكن مكانا مثاليا للخدام المسيحيين،‏ ولكن لا بد ان اقول ان «بنات الهوى» هؤلاء في ما يتعلق بنا لم يقلن او يفعلن شيئا في غير محله وكنَّ يصغين بانتباه الى رسالتنا.‏

كان لدينا القليل جدا من المال وكنا نتكل بشدة على يهوه لتزويد حاجاتنا المادية.‏ وفي الامسيات،‏ عند رجوعنا الى البيت،‏ كنا نشترك في اختباراتنا.‏ وذات يوم،‏ لدهشتي العظيمة،‏ فان سيدة يوغوسلافية قابلتها في اثناء الذهاب من بيت الى بيت اخذت صليبا ضخما من الطاولة قرب فراشها وقبَّلته بحرارة لتبرهن الى ايّ حد تحبّ اللّٰه.‏ فقبلت درسا في الكتاب المقدس،‏ وسرعان ما انفتحت عيناها لبُطل عبادة الاصنام.‏

في تشرين الثاني ١٩٥٢ وصلت الاخت سارة رودريغيه،‏ فاتحة من باريس،‏ الى مرسيليا لتساعد في عمل الكرازة.‏ وكنا جميعا نحن الاخوة الفاتحين مسرورين بأن ترافقنا عند زيارة النساء اللواتي يظهرن الاهتمام بحق الكتاب المقدس.‏ وأخيرا «اختطفتُها،‏» مجازيا،‏ لانها اصبحت زوجتي.‏

وفي السنة ١٩٥٤،‏ بعد ثلاثة اشهر من زواجنا،‏ دعتنا الجمعية لنذهب الى مارتينيك من جزر الانتيل الفرنسية.‏ وكنا سنصير اول الشهود عبر البحار الذين يكرزون في هذه الجزيرة منذ طرد المرسلين في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وبعد ١٧ يوما في المحيط وصلنا اخيرا بأسئلة كثيرة في ذهننا.‏ كيف سيجري قبولنا؟‏ اين سنسكن؟‏ ايّ نوع من الطعام سنأكل؟‏ كم من الوقت سيلزم لايجاد قاعة ملكوت ملائمة لاجتماعاتنا؟‏

مقاطعة جديدة وحياة جديدة

برهن سكان مارتينيك انهم مضيافون جدا.‏ واذ كنا نذهب من باب الى باب كثيرا ما كان الناس يقدمون لنا المرطبات.‏ وفي الواقع،‏ لم يكن غير عادي ان ندعى من اجل الطعام.‏ لقد وزعنا مطبوعات كثيرة للكتاب المقدس،‏ ومع ان معظم سكان الجزيرة لم يملكوا الكتاب المقدس فقد كانوا يمنحونه اعتبارا رفيعا.‏

كان بيتنا الاول كوخا بسقف من تنك.‏ وفي اثناء الفصل الممطر كان انهمار المطر الفجائي في الليل يوقظنا بغتة اذ يضرب المطر بعنف على السطح.‏ وحنفية الماء كانت متوافرة فقط مرتين او ثلاث مرات يوميا.‏ ولم يكن لدينا حمَّام.‏ فكنا نستحم بالوقوف في برميل فارغ في ساحتنا الخلفية الصغيرة،‏ متناوبين سكب الماء احدنا على الآخر.‏ ومع انها بدائية فانها مستحبة جدا بعد يوم طويل خارجا في الشمس!‏

كان على سارة ان تتبنى الطبخ المحلي وتتعلم تحضير ثمرة الخبز.‏ وكطفل،‏ كنت اتخيل دائما شجرة ثمرة الخبز بأرغفة متدلية من اغصانها.‏ وفي الواقع،‏ فان ثمر هذه الشجرة هو اشبه بالخُضَر.‏ ويمكن تحضيره كالبطاطا.‏ وقديما في تلك الايام كنا نأكله مع بيض السلحفاة.‏ وكان ذلك لذيذا،‏ أما اليوم فان بيضا كهذا هو شيء كمالي.‏ وثمرة الخبز هي ايضا جيدة مع اللحم او السمك.‏

جرى التغلب على المشاكل المادية،‏ والبركات الروحية الوافرة عوَّضت كثيرا عن اية صعوبات.‏ وعند مجيئي الى البيت ذات يوم اخبرتُ سارة بأنني وجدت قاعة ملكوت تتسع لمئة شخص.‏ «كم؟‏» سألتْ.‏ «قال لي المالك ان احدِّد السعر،‏» اجبت.‏ وفي ذلك الوقت كان كل ما نستطيع تقديمه المبلغ السُّخري ١٠ فرنكات شهريا.‏ وبعناية الهية قبل الرجل.‏

كنا بآ‌مال عالية للحصول على حضور ممتاز في الاجتماعات،‏ لان الناس كانوا يقولون دائما:‏ «اذا كانت لديكم قاعة فاننا نأتي الى اجتماعاتكم.‏» ومع ذلك فلأشهر طويلة عديدة حصلنا على معدل للحضور يبلغ عشرة فقط.‏ ولكنّ المثابرة انتجت ثمرا،‏ وهنالك اليوم ٢٤ جماعة في الجزيرة المزهرة،‏ كما تدعى مارتينيك،‏ بمجموع ٠٠٠‏,٢ شاهد تقريبا.‏

بركات وافرة

نحو نهاية السنة ١٩٥٨ ذهبتُ الى غويانا الفرنسية استجابة لدعوة من تلميذ حدث.‏ وبعد رحلة بحرية لمدة عشرة ايام في مركب صغير يدعى «نينا» بدأت اكرز في سان لوران،‏ مرفإ على نهر الماروني.‏ وهناك قابلت عديدين من المحكوم عليهم سابقا الذين بقوا بعد ان ألغت فرنسا نظام المستعمرات الجزائي في السنة ١٩٤٥.‏ ثم ذهبت الى كاين حيث زرت الشاب الذي اتيت لرؤيته.‏ وهو مع عديدين من الاشخاص الآخرين الذين اشتركوا في مجلاتنا في اثناء اقامتي في غويانا الفرنسية هم الآن خدام نشاطى ليهوه.‏

زوجتي وأنا دُعينا مرارا عديدة الى المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه،‏ في بروكلين،‏ من اجل مناهج تدريبية مختلفة وذلك لمدة يزيد مجموعها على سنة.‏ وهناك رأيت حقا كيف تجري ممارسة مبادئ الكتاب المقدس للعدل والمساواة بين شعب اللّٰه.‏ فأولئك الذين يشغلون مراكز المسؤولية يأكلون على الموائد نفسها كالاحداث الذين يعملون في المصنع،‏ وينالون التعويض الضئيل نفسه.‏ نعم،‏ العدل والمساواة —‏ حلم طفولتي —‏ حقيقة حية هناك.‏

عمري الآن ٦٥ سنة،‏ مع ٤٠ سنة في الخدمة كامل الوقت ورائي.‏ وزوجتي وأنا صرفنا الكثير من تلك السنوات ونحن نمشِّط مارتينيك على الدراجات البخارية،‏ كارزين ببشارة نظام اشياء يهوه الجديد المؤسس على العدل.‏ والآن نعمل في الفرع في مكتب بناء يطل على الخليج الرائع فورت دي فرانس.‏ وكل هذه السنوات في هيئة اللّٰه علَّمتنا درسا مهما.‏ فبين شعب اللّٰه فقط يمكن ان يوجد العدل الحقيقي دون عوائق عرقية او قبلية او دينية.‏ ومع الذين رأيناهم يأتون الى الحق على مر السنين نعزز رجاء العيش قريبا في ارض جديدة يسكن فيها البر.‏ —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة