مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ألم اطلاق الاولاد في سبيلهم
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • ألم اطلاق الاولاد في سبيلهم

      ‏«كان زوجي قد حذَّرني يومَ وُلد الطفل الاول قائلا:‏ ‹ان تربية الاولاد،‏ يا حبيبتي،‏ هي مشوار طويل ندفع فيه الاولاد الى الانطلاق في سبيلهم›».‏ —‏ نحن وأولادنا —‏ كتاب بقلم والدين للوالدين،‏ بالانكليزية.‏

      معظم الوالدين يبتهجون —‏ بل يطيرون فرحا —‏ حين يولد ولدهم الاول.‏ ورغم كل المشقات،‏ المشاكل،‏ الآلام،‏ التثبُّطات،‏ والهموم التي ترافق الابوّة،‏ يمكن ان يكون الاولاد مصدر فرح كبير.‏ فقبل نحو ثلاثة آلاف سنة،‏ ذكر الكتاب المقدس:‏ «الاولاد هبة من الرب؛‏ انهم بركة حقيقية».‏ —‏ مزمور ١٢٧:‏٣‏،‏ الترجمة الانكليزية الحديثة.‏

      لكنَّ الكتاب المقدس ينبِّه الى هذا الواقع الحقيقي:‏ «يترك الرجل اباه وأمه».‏ (‏تكوين ٢:‏٢٤‏)‏ فلأسباب عديدة يغادر بشكل عام الاولاد الكبار البيت،‏ مثلا،‏ لمتابعة الدراسة او السعي وراء مهنة،‏ لتوسيع خدمتهم المسيحية،‏ او للزواج.‏ لكنَّ هذا الواقع يحزّ كثيرا في نفس بعض الوالدين.‏ فهم يسمحون للجهود الطبيعية التي يبذلها اولادهم للاستقلال بأن تولّد فيهم —‏ على حد تعبير احدى الكاتبات —‏ «شعورا بالاهانة،‏ الاستياء،‏ الارتباك،‏ الخطر،‏ او النبذ».‏ وغالبا ما يُترجَم ذلك عمليا الى نزاع وتوتُّر عائليَّين لا نهاية لهما.‏ ولأن بعض الوالدين يرفضون فكرة مغادرة اولادهم البيت يوما ما،‏ يفشلون في إعدادهم لمرحلة الرشد.‏ ويمكن ان تكون عاقبة هذا الاهمال وخيمة:‏ راشدين غير مهيَّئين لتدبير شؤون بيت،‏ او الاعتناء بعائلة،‏ او حتى العثور على عمل والبقاء فيه.‏

      قد يحزّ الفراق اكثر في نفس الوالدين المتوحدين.‏ تقول والدة متوحدة تدعى كارِن:‏ «تربطني بابنتي علاقة حميمة؛‏ فقد نمت بيننا صداقة حقيقية.‏ وحيثما ذهبت،‏ كنت آخذها».‏ وهذه العلاقات الحميمة بين الوالدين والاولاد شائعة في الأُسَر ذات الوالد المتوحد.‏ لذلك لا يُستغرب ان يكون لفكرة فقدان هذه العلاقة الحميمة اثر ساحق في النفس.‏

      لكنَّ كتاب سِمات العائلة السليمة (‏بالانكليزية)‏ يذكّر الوالدين قائلا:‏ «هذه هي سُنّة الحياة العائلية:‏ تربية طفل غير مستقل ليصير راشدا ذا كيان خاص».‏ ثم يحذِّر قائلا:‏ «ينشأ الكثير من المشاكل في العائلات بسبب عدم قدرة الوالدين على اطلاق اولادهم في سبيلهم».‏

      وماذا عنكم؟‏ هل انتم اب او أمّ؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فهل انتم مستعدون لليوم الذي ستضطرون فيه الى اطلاق اولادكم في سبيلهم؟‏ وماذا عن اولادكم؟‏ هل تُعِدّونهم ليعيشوا حياتهم بشكل مستقل؟‏

  • تعلُّم اطلاقهم في سبيلهم
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • تعلُّم اطلاقهم في سبيلهم

      كتب المرنم الملهم في الكتاب المقدس:‏ «كسهام بيد جبار هكذا ابناء الشبيبة».‏ (‏مزمور ١٢٧:‏٤‏)‏ والسهم لا يبلغ هدفه مصادفةً،‏ بل يجب ان يُصوَّب بدقة.‏ وبطريقة مماثلة،‏ قد لا يبلغ الاولاد هدف الصيرورة راشدين يتحمّلون المسؤولية دون توجيه ابوي.‏ يناشد الكتاب المقدس قائلا:‏ «ربِّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه».‏ —‏ امثال ٢٢:‏٦‏.‏

      ان التحوُّل من حالة الاعتماد على الغير في مرحلة الطفولة الى حالة الاستقلال في مرحلة الرشد لا يمكن ان يجري بين ليلة وضحاها.‏ فمتى ينبغي ان يبدأ الوالدون بتدريب اولادهم ان يكونوا مستقلّين؟‏ ذكّر الرسول بولس حدثا يدعى تيموثاوس:‏ «انك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكّمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٥‏)‏ تخيلوا هذا:‏ لقد بدأت أمّ تيموثاوس تمنحه التدريب الروحي حين كان لا يزال طفلا!‏

      فإذا كان ممكنا ان يستفيد الاطفال الصغار من التدريب الروحي،‏ أفليس منطقيا ان يُمنح الاولاد في اسرع وقت ممكن التدريب اللازم لمرحلة الرشد؟‏ احدى الطرائق لذلك هي تعليمهم تحمُّل المسؤولية،‏ تعليمهم اتخاذ قراراتهم الخاصة.‏

      تعليم الاولاد تحمُّل المسؤولية

      كيف يمكنكم ان تشجّعوا اولادكم على تحمُّل المسؤولية؟‏ ثمة زوجان يدعيان جاك ونورا يتذكران عن ابنتهما:‏ «تعلمت في اول مشيها ان تأخذ الجوارب او الاشياء الصغيرة الى غرفة نومها وتضعها في الدرج المناسب.‏ وتعلمت ايضا ان تضع اللُّعب والكتب في اماكنها».‏ هذه البدايات صغيرة،‏ لكنَّ الطفلة كانت تتعلم اتخاذ قرارات مسؤولة.‏

      وربما يمكن ائتمان الولد على مسؤوليات اثقل نوعا ما وهو يكبر.‏ فقد سمح آبْرا وأنيتا لابنتهما باقتناء كلب.‏ وكانت الصغيرة مسؤولة عن الاعتناء بالكلب،‏ وحتى عن دفع المال من مصروفها الخاص لتربيته.‏ ان تدريب الاولاد على إتمام مسؤولياتهم يتطلب الصبر.‏ لكنَّ المسألة تستحق العناء،‏ وهي تساهم في نموّهم العاطفي.‏

      والاعمال المنزلية تتيح هي ايضا فرصة تعليم الاولاد تحمُّل المسؤولية.‏ ان بعض الوالدين يعفون الاولاد تقريبا من الواجبات العائلية،‏ معتبرين انهماكهم فيها مصدر ازعاج اكثر منه مساعدة.‏ ويريد آخرون ان يعيش اولادهم ‹حياة افضل من التي عاشوها›.‏ وهذا التحليل خاطئ.‏ فالكتاب المقدس يقول:‏ «مَن دلل عبده منذ صباه وجده في آخِر الامر عاصيا».‏ (‏امثال ٢٩:‏٢١‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة‏)‏ والمبدأ في هذه الآية ينطبق طبعا على الاولاد.‏ ومن المحزن ان يبلغ الحدث سن الرشد ولا يكون «عاصيا» فحسب بل ايضا عاجزا عن إتمام ابسط الواجبات المنزلية.‏

      كان من الشائع،‏ في ازمنة الكتاب المقدس،‏ ان يوكَّل الاحداث على اعمال منزلية.‏ مثلا،‏ اشترك يوسف الحدث،‏ وهو بعمر غضّ يبلغ ١٧ سنة،‏ في مسؤولية رعي قطعان العائلة.‏ (‏تكوين ٣٧:‏٢‏)‏ ولم يكن ذلك عملا سهلا،‏ لأن قطعان ابيه كانت كبيرة.‏ (‏تكوين ٣٢:‏١٣-‏١٥‏)‏ وبما ان يوسف كبر وصار قائدا قويا،‏ فمن المحتمل جدا ان يكون هذا التدريب الباكر قد ساهم كثيرا في سبك شخصيته بشكل ايجابي.‏ وداود،‏ الذي صار ملكا على اسرائيل،‏ اؤتمن هو ايضا على رعي قطعان عائلته وهو صغير.‏ —‏ ١ صموئيل ١٦:‏١١‏.‏

      وماذا يتعلم الوالدون اليوم من ذلك؟‏ وكِّلوا اولادكم على اعمال منزلية ذات معنى.‏ وبصرف الوقت وبذل الجهد وإظهار الصبر،‏ يمكنكم ان تعلّموا اولادكم ان يشتركوا في التنظيف،‏ الطبخ،‏ الاعتناء بالحديقة،‏ وإصلاح البيت والسيارة.‏ صحيح ان الكثير من ذلك يعتمد على عمر الولد وطاقته،‏ ولكن حتى الاولاد الصغار يمكنهم عادةً ان ‹يساعدوا البابا على اصلاح السيارة› او ‹يساعدوا الماما على الطبخ›.‏

      ويتطلب تعليم الاعمال المنزلية ايضا ان يمنح الوالدون اولادهم اثمن هبة:‏ وقتهم.‏ وقد سُئل زوجان،‏ لديهما ولدان،‏ عن سرّ نجاحهما في تربية ولديهما.‏ فأجابا:‏ «انه الوقت الوقت الوقت».‏

      التقويم الحبي

      عندما ينجز الاولاد الاعمال المعيَّنة لهم بشكل جيد،‏ او على الاقل عندما يبذلون الجهد لإنجازها،‏ شجِّعوهم بإغداق كلمات المدح المخلصة عليهم!‏ (‏قارنوا متى ٢٥:‏٢١‏.‏)‏ طبعا،‏ نادرا ما ينجز الاولاد الاعمال بدرجة الكفاءة نفسها كالراشدين.‏ وعندما يُسمح للاولاد باتخاذ قراراتهم الخاصة،‏ غالبا ما يخطئون.‏ ولكن احترزوا من ردود الفعل المبالَغ فيها!‏ ألا تخطئون انتم الراشدين في اتخاذ بعض القرارات؟‏ فلمَ لا تصبرون على ولدكم حين يخطئ؟‏ (‏قارنوا مزمور ١٠٣:‏١٣‏.‏)‏ أبقوا احتمال ارتكاب الاخطاء واردا.‏ واعتبروها جزءا من عملية التعلّم.‏

      يذكر المؤلفان مايكل شولمَن وإيڤا ماكلِر:‏ «ان الاولاد الذين يعامَلون بطريقة ودّية لا يخافون من ان يعاقَبوا لأنهم تصرَّفوا من عندهم».‏ لكنَّ «اولاد الوالدين الباردين او القساة يخافون من القيام بأيِّ عمل تقريبا من تلقاء انفسهم،‏ بما في ذلك الاعمال المفيدة،‏ لأنهم يخشون ان يجد والدوهم خطأً ما في ما فعلوه،‏ فينتقدوهم او يعاقبوهم».‏ ينسجم هذا التعليق مع تحذير الكتاب المقدس الموجَّه الى الوالدين:‏ «لا تغيظوا اولادكم لئلا يفشلوا».‏ (‏كولوسي ٣:‏٢١‏)‏ لذلك عندما لا تكون جهود الولد على قدر ما توقعتموه،‏ لمَ لا تمدحونه على الاقل لأنه حاول؟‏ وشجِّعوه على فعل الافضل في المرة التالية.‏ دعوه يعرف ان تقدُّمه يُفرحكم.‏ وأكدوا له حبّكم.‏

      طبعا،‏ التقويم ضروري احيانا.‏ وقد يتجلى ذلك خصوصا في سني المراهقة،‏ حين يسعى الاحداث الى ترسيخ هويتهم الخاصة وإلى ان يكونوا مقبولين كأفراد لهم شخصيتهم.‏ لذلك من الحكمة ان ينظر الوالدون الى هذه المحاولات لتحقيق الاستقلال بعين التفهُّم ولا يفسِّروها دائما على انها تمرُّد.‏

      من المعروف ان الاحداث ميّالون الى التصرُّف دون سابق تفكير او الى الانقياد ‹للشهوات الشبابية›.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٢٢‏)‏ لذلك فإن عدم وضع حدود للسلوك الشبابي يمكن ان يضرّ الولد عاطفيا،‏ لأنه لن يتعلم ضبط النفس وتأديب الذات.‏ يحذر الكتاب المقدس:‏ «الصبي المطلَق الى هواه يُخجِل امه».‏ (‏امثال ٢٩:‏١٥‏)‏ لكنَّ التأديب الملائم،‏ المزوَّد بطريقة حبية،‏ مفيد ويعدّ الحدث لمتطلبات مرحلة الرشد وضغوطها.‏ ينصح الكتاب المقدس:‏ «مَن يمنع عصاه يمقت ابنه ومَن احبه يطلب له التأديب».‏ (‏امثال ١٣:‏٢٤‏)‏ ولكن تذكروا ان قوام التأديب هو التعليم والتدريب لا المعاقبة.‏ و ‹العصا› هنا تشير على الارجح الى العصا التي يستخدمها الرعاة لتوجيه قطعانهم.‏ (‏مزمور ٢٣:‏٤‏)‏ وهي رمز الى التوجيه الحبي لا الى الوحشية القاسية.‏

      التعليم النافع في الحياة

      ان التوجيه الابوي ضروري جدا من ناحية تعليم الولد.‏ فاهتموا بمسألة التعليم الدراسي الذي يتلقاه ولدكم.‏ ساعدوه على اختيار المقرَّرات المدرسية الملائمة وعلى اتخاذ قرار مسؤول بشأن ما اذا كانت ستلزمه اية ثقافة اضافية.‏a

      وأهمّ تعليم هو التعليم الروحي طبعا.‏ (‏اشعياء ٥٤:‏١٣‏)‏ فالاولاد بحاجة الى القيم الالهية ليعيشوا في عالم الراشدين.‏ ويجب ان تُدرَّب ‹قوى ادراكهم›.‏ (‏عبرانيين ٥:‏١٤‏)‏ لذلك يمكن ان يلعب الوالدون دورا كبيرا في هذا الشأن.‏ والعائلات بين شهود يهوه يشجَّعون على عقد درس منتظم في الكتاب المقدس مع اولادهم.‏ وعلى مثال أمّ تيموثاوس التي كانت تعلّمه الاسفار المقدسة من الطفولية،‏ يقوم الوالدون الشهود ايضا بتعليم اولادهم الصغار.‏

      ثمة والدة متوحدة تدعى باربرا تجعل الدرس العائلي في الكتاب المقدس وقتا ممتعا للغاية لأولادها.‏ «في ذلك المساء اتأكد ان يتناول الاولاد وجبة طعام لذيذة تتبعها حلوى يحبونها.‏ وأُسمعهم كسيتات ألحان الملكوت لأخلق الجوّ الملائم.‏ وبعد صلاة افتتاحية،‏ ندرس عادةً مجلة برج المراقبة.‏ ولكن اذا كانت هنالك حاجة خصوصية،‏ أستخدم مطبوعات مثل اسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح».‏b ووفقا لباربرا،‏ يساعد درس الكتاب المقدس اولادها على «معرفة وجهة نظر يهوه من الامور».‏

      نعم،‏ ما من عطية تُقدَّم للولد اعظم من معرفة كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ وفهمها.‏ فهي قادرة على ‹اعطاء الجهال ذكاء والشاب معرفة وتدبرا›.‏ (‏امثال ١:‏٤‏)‏ وبهذا السلاح يدخل الحدث مرحلة الرشد وهو قادر على مواجهة ضغوط وأوضاع جديدة.‏

      ومع ذلك،‏ يُحدِث رحيل الاولاد تغيُّرا كبيرا في نمط حياة معظم الوالدين.‏ أما كيف يمكنهم ان يواجهوا بنجاح مغادرة اولادهم البيت،‏ فهذا ما ستناقشه مقالتنا التالية.‏

  • العيش بسعادة في بيت غادره الاولاد
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٢
    • العيش بسعادة في بيت غادره الاولاد

      اعترفت أمّ:‏ «بالنسبة الى كثيرين منا،‏ يشكّل الفراق الاخير صدمة مهما استعددنا له جيدا».‏ نعم،‏ فمع ان مغادرة الولد امر محتوم،‏ قد لا يكون التعامل مع المسألة سهلا جدا عندما يحين وقت الرحيل.‏ يقول اب عن رد فعله بعد ان ودَّع ابنه:‏ «لأول مرة في حياتي .‏ .‏ .‏،‏ بكيت أحرّ بكاء».‏

      يترك رحيل الاولاد في حياة والدين كثيرين فراغا كبيرا،‏ جرحا مفتوحا.‏ وتنتاب البعض مشاعر شديدة من الوحدة والالم والخسارة نتيجة فقدانهم الاتصال اليومي بأولادهم.‏ وقد لا يكون الوالدون وحدهم مَن يعاني مشقّة التكيُّف.‏ يذكّرنا زوجان يدْعيان ادوارد وأڤريل:‏ «اذا كان هنالك اولاد آخرون لم يغادروا البيت بعد،‏ فسيشعر هؤلاء ايضا بالخسارة».‏ وما هي نصيحة هذين الزوجين؟‏ «امنحوهم وقتكم وتفهُّمكم.‏ فهذا سيساعدهم على التكيُّف».‏

      نعم،‏ عجَلة الحياة ستواصل دورانها.‏ وإذا كان عليكم ان تهتموا بأولادكم الباقين —‏ هذا ان لم نذكر عملكم او واجباتكم المنزلية —‏ فلا تسمحوا للحزن بأن يهدَّكم.‏ لذلك دعونا نتأمل في بعض الطرائق لإيجاد السعادة رغم مغادرة اولادكم البيت.‏

      ركّزوا على الجانب الايجابي

      طبعا،‏ اذا شعرتم بالحزن او الوحدة،‏ ورغبتم في البكاء او الافصاح عن مشاعركم لصديق متعاطف،‏ فلا تترددوا!‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «الغم في قلب الرجل يحنيه والكلمة الطيبة تفرِّحه».‏ (‏امثال ١٢:‏٢٥‏)‏ فأحيانا يمكن ان يُريكم الآخرون الامور من منظار مختلف.‏ مثلا،‏ ينصح زوجان يدْعيان ڤالديمار وماريان:‏ «لا تنظروا الى المسألة وكأنكم خسرتموهم،‏ بل وكأنكم نجحتم في تحقيق الهدف».‏ فيا لها من طريقة ايجابية للنظر الى الامور!‏ يقول زوجان يدْعيان رودولف وهيلدا:‏ «نحن سعيدان لأننا تمكّنّا من تربية ابنائنا ليصيروا راشدين مسؤولين».‏

      هل كنتم تجاهدون لتربية ولدكم «بتأديب الرب وإنذاره»؟‏ (‏افسس ٦:‏٤‏)‏ حتى لو كان الامر كذلك،‏ فقد تستمر مشاعر القلق تنتابكم بشأن رحيله.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يؤكد للذين يربّون ولدهم بهذه الطريقة انه ‏«متى شاخ ايضا لا يحيد عنه».‏ (‏امثال ٢٢:‏٦‏)‏ ألا ينتابكم شعور عميق بالرضا حين ترون ولدكم يتجاوب بشكل مؤات مع تدريبكم؟‏ قال الرسول يوحنا عن عائلته الروحية:‏ «ليس لي فرح اعظم من هذا ان اسمع عن اولادي انهم يسلكون بالحق».‏ (‏٣ يوحنا ٤‏)‏ وربما يمكنكم ان تعربوا عن مشاعر مماثلة بشأن رحيل ولدكم.‏

      ولكن لا يتجاوب جميع الاولاد بشكل مؤات مع التدريب المسيحي.‏ فإذا كانت هذه حال ولدكم البالغ،‏ فلا يعني ذلك انكم والدون فاشلون.‏ ولا حاجة بكم الى لوم انفسكم ما دمتم قد بذلتم جهدكم لتربيته في طريق التقوى.‏ أدركوا ان ولدكم الراشد يحمل حمله الخاص من المسؤولية امام اللّٰه.‏ (‏غلاطية ٦:‏٥‏)‏ تمسّكوا بالامل انه ربما يعيد في النهاية التفكير في اختياراته وأن ‹السهم› سيصيب اخيرا الهدف الذي صُوِّب نحوه.‏ —‏ مزمور ١٢٧:‏٤‏.‏

      انتم والدون وتبقون والدين

      في حين ان رحيل ولدكم يعني ان تغييرا جذريا قد حدث،‏ فهذا لا يُنهي دوركم كوالدين.‏ يقول الاختصاصي في الصحة العقلية هاورد هلپِرْن:‏ «انتم والدون الى يوم مماتكم،‏ ولكن يجب ان يتخذ العطاء والتربية معنى جديدا».‏

      اعترف الكتاب المقدس منذ وقت طويل بأن الدور الابوي لا يتوقف لمجرد ان الولد كبر.‏ تقول الامثال ٢٣:‏٢٢‏:‏ «اسمع لأبيك الذي ولدك ولا تحتقر امك اذا شاخت».‏ نعم،‏ فحتى عندما ‹يشيخ› الوالدون ويبلغ اولادهم مرحلة الرشد،‏ يمكن ان يبقى للوالدين تأثير كبير في حياة اولادهم.‏ طبعا،‏ يلزم صنع بعض التعديلات.‏ فجميع العلاقات بحاجة الى اعادة تكييف من وقت الى آخر لإبقائها منعشة ومرضية.‏ وبما ان اولادكم كبروا الآن،‏ فاسعوا الى جعل علاقتكم بهم على مستوى راشدين.‏ وما يثير الاهتمام هو ان الدراسات تشير الى ان العلاقة بين الوالد والولد غالبا ما تتحسن حين يغادر الاولاد البيت!‏ فعندما يواجِه الاولاد بأنفسهم ضغوط الحياة الحقيقية،‏ غالبا ما يبتدئون يرون والديهم بمنظار جديد.‏ يقول رجل الماني يدعى هارتْموت:‏ «الآن صرت افهم والديَّ اكثر،‏ وصرت اعرف لماذا كانا يقومان بالامور بالطريقة التي قاما بها».‏

      تجنبوا التدخل

      ولكن يحدث ضرر كبير اذا صرتم تتدخلون في حياة ولدكم الراشد الشخصية.‏ (‏قارنوا ١ تيموثاوس ٥:‏١٣‏.‏)‏ تقول بأسف امرأة متزوجة تواجه ضغوطا كبيرة من والدَي زوجها:‏ «نحن نحبهما،‏ لكننا نريد ان نحيا حياتنا الخاصة ونتخذ قراراتنا الخاصة».‏ طبعا،‏ لن يقف ايّ والد محب مكتوف اليدين حين يرى ولده الراشد يغرق في المشاكل.‏ ولكن من الافضل عادةً تجنب تقديم نصيحة ابوية لم تُطلب،‏ مهما كانت حكيمة وحسنة النية.‏ ويصحّ ذلك خصوصا بعد ان يتزوج الولد.‏

      قدمت استيقظ!‏ هذه النصيحة سنة ١٩٨٣:‏ «تقبَّلوا دوركم الجديد.‏ فدور الام كمرضعة يتوقف حين يبدأ الطفل بالمشي.‏ وبشكل مماثل،‏ يجب ان تستبدلوا الدور الذي تعزّونه كمعيل بدور مقدِّم النصائح.‏ فاتخاذ القرارات عن ولدكم في مرحلة [الرشد] من الحياة غير ملائم كحمله على التجشؤ او ارضاعه.‏ وهنالك حدود واضحة لدوركم كمقدِّم نصائح.‏ فلا يمكنكم بعد الآن ان تتذرَّعوا بسلطتكم كوالدين.‏ (‏‹اِفعل هذا لأني اقول لك ان تفعله›.‏)‏ فيجب ان يُحترم وضع ولدكم كراشد».‏a

      قد لا توافقون على كل القرارات التي يتخذها ولدكم ورفيق زواجه.‏ لكنَّ الاحترام لقدسية الزواج يمكن ان يساعدكم على تخفيف قلقكم وتجنب التطفل غير اللازم.‏ والحقيقة هي انه من الافضل عادةً ترك الازواج والزوجات الشباب يحلّون مشاكلهم شخصيا،‏ وإلا فهنالك خطر الوقوع في مواجهة غير ضرورية حين تقدِّمون نصيحة غير مطلوبة لصهر او كنّة قد يكون،‏ في مرحلة حسّاسة من الزواج،‏ سريع التأثر بالانتقاد.‏ والمقالة في استيقظ!‏ المذكورة آنفا نصحت ايضا:‏ «اسحقوا الميل الى تقديم اقتراحات لا تنتهي ولم تُطلب منكم،‏ فهي قد تحوِّل الصهر او الكنّة الى عدو».‏ ادعموا،‏ ولا تتحكموا.‏ وبالمحافظة على علاقة طيبة،‏ تسهِّلون على ولدكم الاقتراب اليكم اذا كان بحاجة حقا الى نصيحة.‏

      جدِّدوا روابط الزواج

      بالنسبة الى كثيرين من الازواج،‏ البيت الذي غادره الاولاد قد يتيح الفرصة ايضا لزيادة السعادة الزوجية.‏ فالوقت والجهد اللذان تتطلبهما التربية الناجحة للاولاد يمكن ان يكونا كبيرين جدا حتى ان الزوجين يهملان علاقتهما واحدهما بالآخر.‏ تقول احدى الزوجات:‏ «الآن،‏ برحيل الاولاد،‏ نحاول كونْراد وأنا ان نتعرَّف واحدنا بالآخر من جديد».‏

      وبما انكم انتهيتم من المسؤوليات اليومية لتربية الاولاد،‏ فقد تجدون الآن وقتا اكثر واحدكم للآخر.‏ لاحظت احدى الامهات:‏ «ان وقت الفراغ الجديد هذا .‏ .‏ .‏ يتيح لنا تركيز انتباه اكبر على ما نحن عليه،‏ والتركيز على التعلّم اكثر عن علاقاتنا،‏ والابتداء بالانخراط في نشاطات تسدّ حاجاتنا».‏ وتضيف:‏ «انه الوقت لتعلّم امور جديدة وصنع تحسينات كبيرة،‏ ومع ان اوقاتا كهذه قد تكون مضطربة،‏ فهي ايضا مفرحة».‏

      ويتمتع ازواج وزوجات آخرون بحرية مالية اكبر ايضا.‏ والهوايات والمساعي التي تُركت جانبا يمكن متابعتها الآن.‏ وكثيرون من الازواج والزوجات بين شهود يهوه يستخدمون حريتهم الجديدة للسعي وراء اهتمامات روحية.‏ فثمة اب يدعى هرمان يوضح انه بعدما غادر اولاده البيت،‏ وجّه هو وزوجته اهتمامهما فورا الى استئناف الخدمة كامل الوقت.‏

      اطلاق الوالدين المتوحدين الاولاد في سبيلهم

      يمكن ان يستصعب الوالدون المتوحدون مغادرة اولادهم البيت اكثر من غيرهم.‏ توضح ربيكا،‏ وهي أمّ لولدين:‏ «حين يرحل اولادنا،‏ لا يكون هنالك زوج يمنحنا المحبة ويكون رفيق دربنا».‏ فربما كان الوالد المتوحد يجد في اولاده مصدرا للدعم العاطفي.‏ وإذا كانوا يساهمون في تسديد نفقات البيت،‏ فقد يسبِّب رحيلهم مشكلة مالية ايضا.‏

      بعض الوالدات المتوحدات يحسِّنّ وضعهن الاقتصادي بالاشتراك في برامج للتدريب المهني او في مقرَّرات مدرسية سريعة.‏ ولكن كيف يمكن للمرء ان يملأ فراغ الوحدة؟‏ تقول والدة متوحدة:‏ «الطريقة التي تنجح معي هي ابقاء نفسي مشغولة.‏ وقد يكون ذلك بقراءة الكتاب المقدس،‏ تنظيف بيتي،‏ او مجرد ممارسة المشي السريع او الركض.‏ لكنَّ انجع طريقة لكي اتغلب على الوحدة هي التحدث الى صديقة تتحلى بصفات روحية».‏ نعم،‏ ‹اتَّسعوا› ونمّوا صداقات جديدة ومبهجة.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏١٣‏)‏ ‹واظبوا الطلبات والصلوات› حين تشعرون بالاستسلام.‏ (‏١ تيموثاوس ٥:‏٥‏)‏ وتأكدوا ان يهوه سيقوِّيكم ويدعمكم في مرحلة التكيُّف الصعبة هذه.‏

      اطلاقهم في سبيلهم بسعادة

      مهما يكن وضعكم،‏ فأدركوا ان الحياة لا تنتهي حين يغادر اولادكم البيت.‏ والروابط العائلية لا تتفكك.‏ فالمحبة السليمة الموصوفة في الكتاب المقدس لها قوة جمع الناس،‏ حتى لو كانوا جسديا بعيدين بعضهم عن بعض.‏ ويذكّرنا الرسول بولس ان المحبة «تصبر على كل شيء.‏ المحبة لا تسقط ابدا».‏ (‏١ كورنثوس ١٣:‏٧،‏ ٨‏)‏ فالمحبة غير الانانية التي نمّيتموها في عائلتكم لن تسقط لمجرد ان اولادكم غادروا البيت.‏

      من المثير للاهتمام انه عندما يبدأ الاولاد يشعرون بألم الفراق والحنين الى البيت،‏ او يحسون بضائقة ناجمة عن الضغوط الاقتصادية،‏ غالبا ما يكونون السبّاقين الى معاودة الاتصال.‏ ينصح هانز وإنڠرِت:‏ «دعوا الاولاد يعرفون ان باب بيتكم مفتوح دائما».‏ والزيارات المنتظمة،‏ الرسائل،‏ او المكالمات الهاتفية من حين الى آخر ستساعدكم ان تبقوا على اطلاع على احوالهم.‏ وعلى حد تعبير جاك ونورا:‏ «أظهروا الاهتمام بما يفعلونه دون التدخل في شؤونهم».‏

      عندما يرحل الاولاد من البيت،‏ تتغيَّر حياتكم.‏ ولكن يمكن ان تجعلوا الحياة في بيت غادره الاولاد ناشطة،‏ كثيرة الاشغال،‏ ومانحة الاكتفاء.‏ وتتغيَّر ايضا علاقتكم بأولادكم.‏ ولكن يمكن مع ذلك ان تبقى العلاقة سعيدة ومبهجة.‏ «ان الاستقلال عن الوالدين»،‏ كما يقول الپروفسوران جفري لي وڠاري پيترسون،‏ «لا يعني فقدان المحبة،‏ الولاء،‏ او الاحترام للوالدين.‏ .‏ .‏ .‏ فغالبا ما تدوم الروابط العائلية المتينة مدى الحياة».‏ نعم،‏ لن تتلاشى محبتكم لأولادكم،‏ ولن يتوقف دوركم كوالدين ابدا.‏ ولأنكم احببتم اولادكم الى حدّ اطلاقهم في سبيلهم،‏ فأنتم لم تخسروهم.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة