مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مضطهَدون من اجل البر
    برج المراقبة ٢٠٠٣ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • مضطهَدون من اجل البر

      ‏«سعداء هم المضطهَدون من اجل البر».‏ —‏ متى ٥:‏١٠‏.‏

      ١ لماذا مَثَل يسوع امام بنطيوس بيلاطس،‏ وأية كلمات تفوّه بها؟‏

      ‏«لهذا وُلدت،‏ ولهذا اتيت الى العالم،‏ لأشهد للحق».‏ (‏يوحنا ١٨:‏٣٧‏)‏ تفوّه يسوع بهذه الكلمات امام حاكم اليهودية الروماني بنطيوس بيلاطس.‏ لكنه لم يمثُل امام بيلاطس باختياره ولا بدعوة من هذا الحاكم،‏ بل لأن القادة الدينيين اليهود اتَّهموه زورا بأنه فاعل سوء يستحق الموت.‏ —‏ يوحنا ١٨:‏٢٩-‏٣١‏.‏

      ٢ ماذا فعل يسوع،‏ وماذا كانت النتيجة؟‏

      ٢ كان يسوع يعرف تماما ان لبيلاطس سلطة ان يطلقه او ان يأمر بقتله.‏ (‏يوحنا ١٩:‏١٠‏)‏ إلا ان هذا لم يثنِه عن التكلم معه عن الملكوت بكل جرأة.‏ فمع ان حياته كانت في خطر،‏ اغتنم الفرصة ليشهد لأعلى سلطة حكومية في تلك المنطقة.‏ ولكن رغم هذه الشهادة،‏ حُكم عليه بالاعدام،‏ ومات ميتة أليمة كشهيد على خشبة الآلام.‏ —‏ متى ٢٧:‏٢٤-‏٢٦؛‏ مرقس ١٥:‏١٥؛‏ لوقا ٢٣:‏٢٤،‏ ٢٥؛‏ يوحنا ١٩:‏١٣-‏١٦‏.‏

      شاهد أم شهيد؟‏

      ٣ ماذا كانت الكلمة اليونانية المترجمة الى «شهيد» تعني في ازمنة الكتاب المقدس،‏ ولكن ماذا تعني اليوم؟‏

      ٣ يعتبر عديدون اليوم الشهيد شخصا متعصبا ومتطرفا.‏ فالاشخاص المستعدون للموت في سبيل معتقداتهم،‏ وخصوصا الدينية منها،‏ قد يُعتبَرون ارهابيين او خطرا على المجتمع.‏ لكنَّ الكلمة اليونانية (‏مارتيس‏)‏ المترجمة الى «شهيد» كانت تعني في ازمنة الكتاب المقدس «شاهدا»،‏ شخصا يشهد لإثبات صحة معتقداته ربما في جلسة استماع.‏ ولكن في وقت لاحق،‏ صارت هذه الكلمة تشير الى «شخص يضحّي بحياته في سبيل الشهادة»،‏ او حتى الى شخص يقدِّم شهادة بالتضحية بحياته.‏

      ٤ كيف كان يسوع شهيدا بالمعنى الاساسي للكلمة؟‏

      ٤ كان يسوع شهيدا بالمعنى الاساسي للكلمة.‏ فقد قال لبيلاطس انه اتى ‹ليشهد للحق›.‏ وشهادته اثارت ردود فعل متباينة.‏ فالبعض من عامة الشعب آمنوا به لأن ما سمعوه ورأوه أثَّر فيهم بعمق.‏ (‏يوحنا ٢:‏٢٣؛‏ ٨:‏٣٠‏)‏ أما الجموع عامةً والقادة الدينيون خاصة فكان ردّ فعلهم قويا ولكن سلبيا.‏ قال يسوع لأقربائه غير المؤمنين:‏ «ليس للعالم سبب ليبغضكم،‏ ولكنه يبغضني،‏ لأني اشهد عليه بأن اعماله شريرة».‏ (‏يوحنا ٧:‏٧‏)‏ فبسبب الشهادة للحق،‏ جلب يسوع على نفسه سخط قادة الامة،‏ مما ادّى الى موته.‏ حقا،‏ لقد كان «الشاهد (‏مارتيس‏)‏ الامين والحق».‏ —‏ كشف ٣:‏١٤‏.‏

      ‏«تكونون مُبغَضين»‏

      ٥ ماذا قال يسوع في بداية خدمته عن الاضطهاد؟‏

      ٥ لم يكن يسوع الوحيد الذي عانى الاضطهاد العنيف.‏ فقد سبق وحذّر أتباعه انهم سيعانون هم ايضا الامر نفسه.‏ ففي بداية خدمته،‏ قال لمستمعيه في الموعظة على الجبل:‏ «سعداء هم المضطهَدون من اجل البر،‏ فإن لهم ملكوت السموات.‏ سعداء انتم متى عيَّروكم واضطهدوكم وقالوا عليكم شتى الشرور من اجلي كاذبين.‏ افرحوا واطفروا من الفرح،‏ فإن مكافأتكم عظيمة في السموات».‏ —‏ متى ٥:‏١٠-‏١٢‏.‏

      ٦ ايّ تحذير قدَّمه يسوع عندما ارسل الرسل الـ‍ ١٢؟‏

      ٦ ولاحقا،‏ عندما ارسل يسوع الرسل الـ‍ ١٢،‏ قال لهم:‏ «احترسوا من الناس؛‏ فإنهم سيسلمونكم الى المحاكم المحلية،‏ ويجلدونكم في مجامعهم.‏ وتُساقون امام حكام وملوك من اجلي،‏ شهادة لهم وللامم».‏ لكنَّ القادة الدينيين لم يكونوا الوحيدين الذي سيضطهدون التلاميذ.‏ فقد قال يسوع ايضا:‏ «سيسلِّم الاخ اخاه الى الموت،‏ والاب ولده،‏ ويقوم الاولاد على والديهم ويميتونهم.‏ وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي؛‏ ولكن الذي يحتمل الى النهاية هو يخلص».‏ (‏متى ١٠:‏١٧،‏ ١٨،‏ ٢١،‏ ٢٢‏)‏ وتاريخ مسيحيي القرن الاول يشهد لصحة هذه الكلمات.‏

      سجل من الاحتمال بأمانة

      ٧ ماذا ادّى الى موت استفانوس كشهيد؟‏

      ٧ بُعيد موت يسوع،‏ صار استفانوس اول مسيحي يموت في سبيل الشهادة للحق.‏ وقد كان ‹ممتلئا نعمة وقدرة،‏ ويصنع علامات خارقة وآيات عظيمة بين الشعب›.‏ فلم يقدر اعداؤه الدينيون «ان يقاوموا الحكمة والروح اللذين كان يتكلم بهما».‏ (‏اعمال ٦:‏٨،‏ ١٠‏)‏ وإذ امتلأوا غيرة،‏ ساقوه الى السنهدريم،‏ محكمة اليهود العليا،‏ حيث واجه الذين اتَّهموه زورا وقدَّم شهادة فعّالة جدا.‏ لكنَّ هذا الشاهد الامين قُتل في النهاية على ايدي اعدائه.‏ —‏ اعمال ٧:‏٥٩،‏ ٦٠‏.‏

      ٨ كيف تجاوب التلاميذ في اورشليم مع الاضطهاد الذي عانوه بعد موت استفانوس؟‏

      ٨ بعد قتل استفانوس،‏ «حدث .‏ .‏ .‏ اضطهاد عظيم على الجماعة التي في اورشليم؛‏ فتبدَّد الجميع في مناطق اليهودية والسامرة،‏ ما عدا الرسل».‏ (‏اعمال ٨:‏١‏)‏ وهل اوقف الاضطهاد شهادة المسيحيين؟‏ على العكس.‏ فالرواية تخبرنا ان «الذين تبدَّدوا اجتازوا مبشرين بالكلمة».‏ (‏اعمال ٨:‏٤‏)‏ ولا بدّ ان شعورهم كان كشعور الرسول بطرس الذي قال في وقت سابق:‏ «ينبغي ان يُطاع اللّٰه حاكما لا الناس».‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏ فقد ثابر هؤلاء التلاميذ الامناء والشجعان على الشهادة للحق،‏ رغم الاضطهاد ورغم معرفتهم ان عملهم هذا سيؤدي الى المزيد من المصاعب.‏ —‏ اعمال ١١:‏١٩-‏٢١‏.‏

      ٩ كيف ازدادت حدّة الاضطهاد على أتباع يسوع؟‏

      ٩ وبالفعل،‏ ازدادت حدّة المصاعب.‏ فشاول،‏ الذي رضي بقتل استفانوس و «كان لا يزال ينفث تهديدا وقتلا اجراميا على تلاميذ الرب،‏ تقدم الى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل الى المجامع في دمشق،‏ حتى ايُّ من وجدهم من ‹الطريق›،‏ رجالا ونساء،‏ يأتي بهم الى اورشليم مقيّدين».‏ (‏اعمال ٩:‏١،‏ ٢‏)‏ ثم في سنة ٤٤ ب‌م،‏ «مدّ هيرودس الملك يديه ليسيء الى قوم من الجماعة.‏ فقضى على يعقوب اخي يوحنا بالسيف».‏ —‏ اعمال ١٢:‏١،‏ ٢‏.‏

      ١٠ ايّ سجل من الاضطهاد يحتوي عليه سفرَا الاعمال والكشف؟‏

      ١٠ ويحتوي باقي سفر الاعمال على سجل لا يُنسى من المحن والسجن والاضطهاد.‏ ومن بين الاشخاص الامناء الذين احتملوا هذه الامور يُذكَر بولس،‏ المضطهِد السابق الذي صار رسولا واستُشهد على الارجح على يدَي الامبراطور الروماني نيرون نحو السنة ٦٥ ب‌م.‏ (‏٢ كورنثوس ١١:‏٢٣-‏٢٧؛‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏٦-‏٨‏)‏ ويخبرنا سفر الكشف،‏ الذي كُتب في اواخر القرن الاول،‏ عن الرسول المسنّ يوحنا الذي نُفي الى جزيرة بطمس «لأجل التكلم عن اللّٰه والشهادة ليسوع».‏ كما يشير سفر الكشف الى «أنتيباس شاهدي الامين الذي قُتل» في برغامس.‏ —‏ كشف ١:‏٩؛‏ ٢:‏١٣‏.‏

      ١١ كيف اثبت مسلك المسيحيين الاولين صحة كلمات يسوع عن الاضطهاد؟‏

      ١١ يُثبِت كل ذلك صحة كلمات يسوع التي قالها لتلاميذه:‏ «إنْ كانوا قد اضطهدوني،‏ فسيضطهدونكم ايضا».‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ فالمسيحيون الاولون الامناء كانوا مستعدين لمواجهة اقسى امتحان:‏ الموت نتيجة التعذيب،‏ الرمي للحيوانات المفترسة،‏ او نتيجة ايّ امر آخر.‏ وكل ذلك من اجل إتمام التفويض الذي اعطاهم اياه الرب يسوع المسيح:‏ «تكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى اقصى الارض».‏ —‏ اعمال ١:‏٨‏.‏

      ١٢ لماذا اضطهاد المسيحيين ليس مجرد امر من الماضي؟‏

      ١٢ ولكن من الخطإ الاعتقاد ان هذه المعاملة الوحشية لأتباع يسوع ليست سوى امر من الماضي.‏ فقد كتب بولس،‏ الذي احتمل الكثير من المصاعب:‏ «جميع الذين يرغبون في ان يحيوا بتعبد للّٰه في المسيح يسوع سيُضطهَدون ايضا».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏)‏ كما قال بطرس عن الاضطهاد:‏ «الواقع هو انكم لهذا المسلك دُعيتم،‏ لأنه حتى المسيح تألم لأجلكم،‏ تاركا لكم قدوة لتتبعوا خطواته بدقة».‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢١‏)‏ وحتى «الايام الاخيرة» هذه من نظام الاشياء،‏ لا يزال شعب يهوه هدفا للبغض والعداء.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ ففي كل انحاء الارض اليوم،‏ تحت الانظمة الدكتاتورية وفي البلدان الديموقراطية،‏ يقاسي شهود يهوه،‏ افراديا وجماعيا،‏ الاضطهاد احيانا.‏

      لماذا نحن مكروهون ومضطهَدون؟‏

      ١٣ ماذا ينبغي ان يبقي خدام يهوه العصريون في ذهنهم في ما يتعلق بالاضطهاد؟‏

      ١٣ رغم ان معظمنا اليوم ينعم نسبيا بالحرية للقيام بعمل الكرازة وعقد الاجتماعات دون عوائق،‏ يجب ان ننتبه الى المذكِّر الوارد في الكتاب المقدس ان «مشهد هذا العالم في تغيّر».‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏٣١‏)‏ فالامور يمكن ان تتغير بين عشيّة وضحاها،‏ مما قد يجعلنا نعثر اذا لم نكن مستعدين ذهنيا،‏ عاطفيا،‏ وروحيا.‏ فماذا يمكن ان نفعل لنحمي انفسنا؟‏ احدى الطرائق الفعالة هي ان نبقي في ذهننا لماذا المسيحيون المسالمون الذين يطيعون القوانين مكروهون ومضطهَدون.‏

      ١٤ لماذا اضطُهِد المسيحيون كما اشار بطرس؟‏

      ١٤ علَّق الرسول بطرس على هذه المسألة في رسالته الاولى،‏ التي كتبها بين سنة ٦٢ و ٦٤ ب‌م عندما كان المسيحيون يكابدون المحن والاضطهاد في كل انحاء الامبراطورية الرومانية.‏ قال:‏ «ايها الاحباء،‏ لا تتحيّروا من النار المشتعلة في ما بينكم،‏ التي تصيبكم امتحانا لكم،‏ وكأن امرا غريبا يحلّ بكم».‏ وتابع بطرس،‏ موضحا ما يفكّر فيه:‏ «لا يتألم احدكم كمجرم قاتل او كسارق او فاعل سوء او متدخل في شؤون الآخرين.‏ فأما إنْ تألم كمسيحي،‏ فلا يشعر بالخزي،‏ بل ليداوم على تمجيد اللّٰه بهذا الاسم».‏ فقد اشار بطرس انهم يتألمون لأنهم مسيحيون،‏ وليس بسبب ارتكابهم الاعمال الخاطئة.‏ فلو كانوا منغمسين في «بؤرة الخلاعة عينها» كالناس حولهم لكانوا محبوبين ومقبولين بينهم.‏ لكنهم تألموا لأنهم حاولوا إتمام دورهم كأتباع للمسيح.‏ واليوم ايضا،‏ يمرّ المسيحيون الحقيقيون بالظروف نفسها.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏٤،‏ ١٢،‏ ١٥،‏ ١٦‏.‏

      ١٥ ايّ تناقض هنالك في الطريقة التي يُعامَل بها شهود يهوه اليوم؟‏

      ١٥ في انحاء عديدة من العالم،‏ يُمدَح شهود يهوه علنا على الوحدة والتعاون اللذين يظهرونهما في المحافل ومشاريع البناء،‏ على استقامتهم واجتهادهم،‏ على آدابهم السامية وحياتهم العائلية المثالية،‏ حتى على مظهرهم اللائق وتصرفاتهم الحسنة.‏a ولكن حتى تاريخ كتابة هذه المقالة،‏ فإن عملهم محظور في ما لا يقل عن ٢٨ بلدا.‏ كما ان كثيرين من الشهود يعانون الاساءة الجسدية ويتكبدون الخسائر في سبيل ايمانهم.‏ فلماذا هذا التناقض الواضح؟‏ ولماذا يسمح اللّٰه بذلك؟‏

      ١٦ ما هو السبب الرئيسي لسماح اللّٰه بأن يعاني شعبه الاضطهاد؟‏

      ١٦ بشكل رئيسي،‏ ينبغي ان نبقي في ذهننا كلمات الامثال ٢٧:‏١١‏:‏ «يا ابني كن حكيما وفرِّح قلبي فأجيب مَن يعيِّرني كلمة».‏ نعم،‏ ان السبب هو قضية السلطان الكوني القديمة العهد.‏ فرغم الكمّ الهائل من الادلة التي زوَّدها كل الذين برهنوا على استقامتهم امام يهوه على مرّ القرون،‏ لم يتوقف الشيطان عن تعيير يهوه،‏ تماما كما عيَّره في ايام الرجل البار ايوب.‏ (‏ايوب ١:‏٩-‏١١؛‏ ٢:‏٤،‏ ٥‏)‏ ولا شك ان الشيطان اصبح اكثر اهتياجا في محاولاته الاخيرة لإثبات ادعائه،‏ الآن وقد تأسس ملكوت اللّٰه وصار له رعايا وممثلون اولياء في كل انحاء الارض.‏ فهل يبقى هؤلاء امناء للّٰه مهما حلّ بهم من محن ومصاعب؟‏ هذا هو السؤال الذي يجب ان يجيب عنه افراديا كل خادم ليهوه.‏ —‏ كشف ١٢:‏١٢،‏ ١٧‏.‏

      ١٧ ماذا عنى يسوع عندما قال:‏ «يؤول بكم ذلك الى تأدية شهادة»؟‏

      ١٧ عندما كان يسوع يخبر تلاميذه عن حوادث ستجري خلال «اختتام نظام الاشياء»،‏ اشار الى سبب آخر لسماح يهوه بأن يعاني خدامه الاضطهاد.‏ قال لهم:‏ «تُساقون امام ملوك وحكام من اجل اسمي.‏ فيؤول بكم ذلك الى تأدية شهادة».‏ (‏متى ٢٤:‏٣،‏ ٩؛‏ لوقا ٢١:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ فيسوع نفسه قدَّم شهادة امام هيرودس وبنطيوس بيلاطس.‏ والرسول بولس ايضا ‹سيق امام ملوك وحكام›.‏ فبتوجيه من الرب يسوع المسيح،‏ سعى بولس الى تقديم شهادة لأقوى حاكم في ذلك العصر عندما قال:‏ «الى قيصر استأنف دعواي!‏».‏ (‏اعمال ٢٣:‏١١؛‏ ٢٥:‏٨-‏١٢‏)‏ وعلى نحو مماثل اليوم،‏ كثيرا ما تؤدي الظروف الصعبة الى تقديم شهادة حسنة للرسميين وعامة الشعب على السواء.‏b

      ١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ كيف يفيدنا اجتياز المحن؟‏ (‏ب)‏ ايّ سؤالين سنناقشهما في المقالة التالية؟‏

      ١٨ ان اجتياز المحن والضيقات يجلب لنا ايضا فوائد شخصية.‏ كيف؟‏ ذكَّر التلميذ يعقوب رفقاءه المسيحيين:‏ «اعتبروه كل فرح يا اخوتي عندما تواجهون محنا متنوعة،‏ عالمين ان نوعية ايمانكم الممتحَنة هذه تنشئ احتمالا».‏ نعم،‏ يمكن للاضطهاد ان يحسِّن نوعية ايماننا ويقوّي احتمالنا.‏ فلا نخَفْ من مواجهته ولا نسعَ الى الافلات منه او إنهائه بوسائل لا تنسجم مع الاسفار المقدسة.‏ بل لنصغِ الى نصيحة يعقوب:‏ «ليكن للاحتمال عمله التام،‏ لتكونوا تامين وسلماء من كل النواحي،‏ غير ناقصين في شيء».‏ —‏ يعقوب ١:‏٢-‏٤‏.‏

      ١٩ ورغم ان كلمة اللّٰه تساعدنا لنفهم لماذا يُضطهَد خدام اللّٰه الامناء ولماذا يسمح يهوه بحدوث الاضطهاد،‏ فهذا لا يعني بالضرورة ان ذلك سيسهِّل علينا احتماله.‏ فما الذي يقوّينا للصمود في وجهه؟‏ وماذا يمكننا فعله عندما نواجه الاضطهاد؟‏ سنناقش في المقالة التالية هاتين النقطتين المهمتين.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظر برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٥،‏ الصفحات ٢٧-‏٢٩؛‏ ١٥ نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٩٤،‏ الصفحتين ١٦-‏١٧؛‏ و استيقظ!‏ عدد ٢٢ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٩٣،‏ الصفحات ٦-‏١٣‏.‏

      b انظر استيقظ!‏ عدد ٨ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠٣،‏ الصفحات ٣-‏١١‏.‏

  • احتمال المحن يجلب التسبيح ليهوه
    برج المراقبة ٢٠٠٣ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • احتمال المحن يجلب التسبيح ليهوه

      ‏«إن كنتم وأنتم تفعلون الصلاح تتألمون فتحتملون،‏ فهذه مسرة عند اللّٰه».‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢٠‏.‏

      ١ بما ان المسيحيين الحقيقيين مهتمون بإتمام انتذارهم،‏ ايّ سؤال تلزم معالجته؟‏

      المسيحيون منتذرون ليهوه ويريدون ان يفعلوا مشيئته.‏ وليتمِّموا انتذارهم،‏ يبذلون اقصى جهدهم لاتّباع خطوات مثالهم،‏ يسوع المسيح،‏ والشهادة للحق.‏ (‏متى ١٦:‏٢٤؛‏ يوحنا ١٨:‏٣٧؛‏ ١ بطرس ٢:‏٢١‏)‏ لكنَّ يسوع والامناء الآخرين ضحّوا بحياتهم كشهداء في سبيل ايمانهم.‏ فهل يعني ذلك ان كل المسيحيين ينبغي ان يموتوا في سبيل ايمانهم؟‏

      ٢ ما هي نظرة المسيحيين الى المحن والالم؟‏

      ٢ صحيح ان الكتاب المقدس يحثّنا نحن المسيحيين ان نبقى امناء حتى الموت،‏ لكنَّ هذا لا يعني ان كل المسيحيين ينبغي ان يموتوا في سبيل ايمانهم.‏ (‏٢ تيموثاوس ٤:‏٧؛‏ كشف ٢:‏١٠‏)‏ فهو يعني اننا مستعدون للتألم —‏ بل للموت اذا لزم الامر —‏ في سبيل ايماننا،‏ رغم ان فكرة الالم والموت لا تروقنا.‏ فنحن لا نتلذذ بالالم او نستمتع بالاذلال.‏ ولكن بما انه ينبغي توقع المحن والاضطهاد،‏ يلزم ان نفكِّر مليًّا كيف يجب ان نتصرف عندما تحلّ هذه الامور بنا.‏

      امناء تحت الامتحان

      ٣ اية امثلة من الكتاب المقدس لطريقة التجاوب مع الاضطهاد يمكن الاستشهاد بها؟‏ (‏انظر الاطار «تجاوبهم مع الاضطهاد»،‏ في الصفحة التالية.‏)‏

      ٣ نجد في الكتاب المقدس عدة روايات تُظهِر كيف تصرف خدام اللّٰه في الماضي عندما مرّوا بأوضاع خطرة.‏ وطريقة تجاوبهم تساعد المسيحيين اليوم ليعرفوا كيف يجب ان يتصرفوا اذا ما واجهوا اوضاعا مماثلة.‏ فلنتأمل في الروايات المذكورة في الاطار «تجاوبهم مع الاضطهاد» ولنرَ ماذا يمكننا ان نتعلم منها.‏

      ٤ ماذا يمكن القول عن طريقة تجاوب يسوع والخدام الامناء الآخرين عندما واجهوا المحن؟‏

      ٤ رغم ان طريقة تجاوب يسوع وخدام اللّٰه الامناء الآخرين اختلفت بين مرة وأخرى حسبما اقتضت الظروف،‏ فمن الواضح انهم لم يعرِّضوا حياتهم للخطر بلا لزوم.‏ فعندما مرّوا بأوضاع حرجة،‏ تصرفوا بشجاعة ولكن بحذر.‏ (‏متى ١٠:‏١٦،‏ ٢٣‏)‏ وكان هدفهم ترويج عمل الكرازة والمحافظة على استقامتهم امام يهوه.‏ وطريقة تجاوبهم في مختلف الظروف تزوِّد المسيحيين اليوم بأمثلة للاقتداء بها عندما يواجهون المحن والاضطهاد.‏

      ٥ ايّ اضطهاد حدث في ملاوي في ستينات القرن العشرين،‏ وكيف تجاوب الشهود؟‏

      ٥ في الازمنة العصرية،‏ كثيرا ما يعاني شعب يهوه المشقات والعوز بسبب الحروب،‏ الحظر،‏ او الاضطهاد المباشر.‏ مثلا في ستينات القرن العشرين،‏ اضطُهد شهود يهوه في ملاوي اضطهادا عنيفا.‏ فقد خسروا كل ما يملكونه:‏ قاعات ملكوتهم،‏ بيوتهم،‏ مؤنهم،‏ وأعمالهم.‏ وتعرّضوا للضرب ولأمور فظيعة اخرى.‏ فكيف تجاوب هؤلاء الاخوة؟‏ اضطر الآلاف ان يهربوا من قراهم.‏ فالتجأ كثيرون الى الادغال،‏ فيما اقام آخرون مؤقتا في موزمبيق المجاورة.‏ وبما ان اشخاصا امناء عديدين ماتوا،‏ فقد اختار البعض الهرب من منطقة الخطر،‏ قرار منطقي في ظل هذه الظروف.‏ وقرارهم هذا كان على غرار ما فعله يسوع وبولس.‏

      ٦ ايّ امر لم يهمله الشهود في ملاوي رغم الاضطهاد العنيف؟‏

      ٦ رغم ان الاخوة في ملاوي اضطروا الى الانتقال او الاختباء،‏ فقد طلبوا الارشاد الثيوقراطي واتَّبعوه وداوموا سرّا على القيام قدر المستطاع بالنشاطات المسيحية.‏ والنتيجة؟‏ بلغت ذروة ناشري الملكوت ٥١٩‏,١٨ قبيل الحظر سنة ١٩٦٧.‏ ورغم الحظر وهروب كثيرين الى موزمبيق،‏ أُبلغ سنة ١٩٧٢ عن ذروة ناشرين جديدة بلغت ٣٩٨‏,٢٣.‏ وقد صرف كل ناشر شهريا كمعدل اكثر من ١٦ ساعة في خدمة الحقل.‏ ولا شك ان اعمالهم جلبت التسبيح ليهوه،‏ فأغدق بركاته على هؤلاء الاخوة الامناء خلال هذا الوقت العصيب.‏a

      ٧،‏ ٨ لماذا يختار البعض ألّا يهربوا،‏ رغم انهم يعانون المشاكل الناتجة عن المقاومة؟‏

      ٧ من ناحية اخرى،‏ قد يختار بعض الاخوة الذين يعانون المشاكل نتيجة المقاومة ألّا يتركوا بلدهم رغم انهم قادرون على ذلك.‏ فالانتقال قد يحل بعض المشاكل،‏ إلا انه يخلق على الارجح مشاكل اخرى.‏ مثلا،‏ هل سيكونون على اتصال بإخوتهم المسيحيين ام معزولين عنهم؟‏ وهل سيتمكنون من المحافظة على روتينهم الروحي فيما يجاهدون لكي يستقرّوا،‏ ربما في بلد مزدهر او في بلد يتيح فرصا اكثر للربح المادي؟‏ —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏٩‏.‏

      ٨ أما آخرون فقد يختارون عدم الانتقال لأنهم مهتمون بخير إخوتهم الروحي.‏ فيقرِّرون البقاء والتأقلم مع الوضع لكي يستمروا في الكرازة في بلدهم ولكي يكونوا مصدرا لتشجيع الرفقاء العبّاد.‏ (‏فيلبي ١:‏١٤‏)‏ وهذا ما مكَّن البعض من المساهمة في تحقيق انتصارات قانونية في بلدهم.‏b

      ٩ فيمَ يجب ان يفكر المرء قبل اتخاذ قراره ان يبقى في بلده او ينتقل منه بسبب الاضطهاد؟‏

      ٩ لا شك ان اختيار البقاء او الانتقال هو قرار شخصي.‏ وقرارات كهذه لا يجب اتِّخاذها إلا بعد الصلاة الى يهوه طلبا للارشاد.‏ ولكن مهما كان قرارنا،‏ يجب ان نبقي في ذهننا كلمات الرسول بولس:‏ «كل واحد منا سيؤدي حسابا عن نفسه للّٰه».‏ (‏روما ١٤:‏١٢‏)‏ وكما سبق فرأينا،‏ يطلب يهوه ان يبقى كلٌّ من خدامه امينا مهما كانت الظروف.‏ فبعض خدامه يواجهون المحن والاضطهاد اليوم؛‏ والآخرون قد يواجهونها لاحقا.‏ والجميع سيُمتحَنون بطريقة او بأخرى.‏ لذلك لا ينبغي ان يتوقع احد انه مستثنى.‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ فكخدام منتذرين ليهوه،‏ نحن معنيون افراديا بالقضية الكونية التي تشمل تقديس اسم يهوه وتبرئة سلطانه.‏ —‏ حزقيال ٣٨:‏٢٣؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      ‏«‏لا تبادلوا احدا سوءا بسوء»‏

      ١٠ ايّ مثال هام رسمه لنا يسوع والرسل في طريقة تجاوبهم مع الضغوط والمقاومة؟‏

      ١٠ ان المبدأ المهم الآخر الذي يمكننا تعلّمه من طريقة تجاوب يسوع والرسل عندما تعرَّضوا للضغط هو عدم الانتقام من المضطهِدين.‏ فما من اشارة في الكتاب المقدس الى ان يسوع او أتباعه اسّسوا حركة مقاومة او لجأوا الى العنف لمواجهة مضطهِديهم.‏ على العكس،‏ نصح الرسول بولس المسيحيين:‏ «لا تبادلوا احدا سوءا بسوء.‏ .‏ .‏ .‏ لا تنتقموا لأنفسكم،‏ ايها الاحباء،‏ بل أعطوا مكانا للسخط؛‏ لأنه مكتوب:‏ ‹لي الانتقام؛‏ انا اجازي،‏ يقول يهوه›.‏ .‏ .‏ .‏ لا تدع السوء يغلبك،‏ بل استمر في غلب السوء بالصلاح».‏ —‏ روما ١٢:‏١٧-‏٢١؛‏ مزمور ٣٧:‏١-‏٤؛‏ امثال ٢٠:‏٢٢‏.‏

      ١١ ماذا يقول احد المؤرخين عن موقف المسيحيين الاولين من الدولة؟‏

      ١١ وقد طبّق المسيحيون الاولون هذه النصيحة.‏ ففي كتاب الكنيسة الباكرة والعالم (‏بالانكليزية)‏،‏ يصف المؤرخ سيسيل ج.‏ كادو موقف المسيحيين من الدولة خلال السنوات ٣٠ الى ٧٠ ب‌م،‏ قائلا:‏ «لا نملك ايّ دليل مباشر على لجوء المسيحيين في تلك الفترة الى العنف لمواجهة الاضطهاد.‏ فجُلَّ ما فعلوه في هذا المجال هو شجب حكامهم بشدة او إحباط جهودهم بالهرب.‏ فطريقة تجاوب المسيحيين المعتادة مع الاضطهاد لم تتعدَّ الرفض الباتّ ولكن غير المتطرف لإطاعة اوامر الحكومة التي تتعارض مع الطاعة للمسيح».‏

      ١٢ لماذا احتمال الالم افضل من الانتقام؟‏

      ١٢ وهل هذا الموقف الذي يُعتبَر خنوعا هو مسلك حكيم؟‏ ألا يصير كل مَن يتجاوب بهذه الطريقة فريسة سهلة للذين يهدفون الى القضاء عليه؟‏ أليس من الاحكم ان يدافع المرء عن نفسه؟‏ قد يبدو الامر كذلك من وجهة النظر البشرية.‏ ولكن كخدام ليهوه،‏ لدينا ملء الثقة ان اتِّباع ارشاده في كل الامور هو المسلك الافضل.‏ ونحن نُبقي في ذهننا كلمات بطرس:‏ «إنْ كنتم وأنتم تفعلون الصلاح تتألمون فتحتملون،‏ فهذه مسرة عند اللّٰه».‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢٠‏)‏ ولدينا ثقة بأن يهوه يدرك تماما الوضع ولن يسمح باستمراره الى ما لا نهاية.‏ فكيف يمكننا التأكد من ذلك؟‏ اعلن يهوه لشعبه الاسير في بابل:‏ ‹مَن يمسكم يمس حدقة عيني›.‏ (‏زكريا ٢:‏٨‏)‏ فهل من شخص يسمح لأحد بأن يمس حدقة عينه لفترة طويلة؟‏!‏ وبشكل مماثل،‏ فإن يهوه سيجلب لشعبه الراحة في حينها.‏ وهذا امر لا شك فيه البتة.‏ —‏ ٢ تسالونيكي ١:‏٥-‏٨‏.‏

      ١٣ لماذا اذعن يسوع وسمح لأعدائه بالقبض عليه؟‏

      ١٣ في هذا المجال يمكن ان يكون يسوع مثالا لنا.‏ فقد سمح لأعدائه بأن يقبضوا عليه في بستان جتسيماني رغم انه لم يكن عاجزا عن الدفاع عن نفسه.‏ قال لأحد تلاميذه:‏ «أم تظن اني لا استطيع ان التمس من ابي ان يمدّني في هذه اللحظة بأكثر من اثني عشر فيلقا من الملائكة؟‏ ولكن كيف تتم الاسفار المقدسة،‏ انه هكذا لا بد ان يكون؟‏».‏ (‏متى ٢٦:‏٥٣،‏ ٥٤‏)‏ فإتمام مشيئة يهوه كان له اهمية بالغة في نظره،‏ حتى لو ادَّى ذلك الى معاناته الالم.‏ فقد كان يثق ثقة مطلقة بكلمات داود النبوية المسجّلة في المزمور:‏ «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية.‏ لن تدع تقيَّك يرى فسادا».‏ (‏مزمور ١٦:‏١٠‏)‏ كما ان الرسول بولس قال بعد سنوات عن يسوع:‏ «من اجل الفرح الموضوع امامه احتمل خشبة الآلام،‏ محتقرا الخزي،‏ وجلس عن يمين عرش اللّٰه».‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏٢‏.‏

      الفرح الناجم عن تقديس اسم يهوه

      ١٤ ماذا كان الفرح الذي دعم يسوع خلال محنه؟‏

      ١٤ وماذا كان الفرح الذي دعم يسوع في اقسى محنة يمكن تخيلها؟‏ من بين كل خدام يهوه،‏ لا شك ان يسوع،‏ ابن اللّٰه الحبيب،‏ كان الهدف الرئيسي للشيطان.‏ لذلك فإن محافظة يسوع على استقامته تحت الامتحان كانت ستزوِّد الجواب الشافي لتعيير الشيطان ليهوه.‏ (‏امثال ٢٧:‏١١‏)‏ فهل يمكن ان نتخيل الفرح والاكتفاء اللذين احس بهما يسوع عندما أُقيم؟‏ وكم فرح دون شك عندما ادرك انه تمّم،‏ كإنسان كامل،‏ الدور الذي أُوكل اليه في تبرئة سلطان يهوه وتقديس اسمه!‏ وكذلك فإن جلوس يسوع «عن يمين عرش اللّٰه» هو حقا امتياز رائع ومصدر فرح عظيم له.‏ —‏ مزمور ١١٠:‏١،‏ ٢؛‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٥،‏ ١٦‏.‏

      ١٥،‏ ١٦ ايّ اضطهاد وحشي احتمله الشهود في زاكسنهاوزن،‏ وماذا قوّاهم على ذلك؟‏

      ١٥ على نحو مماثل،‏ يفرح المسيحيون عندما يساهمون في تقديس اسم يهوه باحتمالهم المحن والاضطهاد،‏ اقتداء بيسوع.‏ وأحد الامثلة الملائمة هو ما حدث للشهود الذين تألموا في معسكر اعتقال زاكسنهاوزن الشهير وبقوا على قيد الحياة بعد مسيرة الموت الشاقة عند نهاية الحرب العالمية الثانية.‏ فخلال هذه المسيرة،‏ مات آلاف السجناء من البرد القارس،‏ الامراض،‏ او الجوع او أُعدموا بوحشية على ايدي حراس وحدات الحماية.‏ إلا ان الشهود الـ‍ ٢٣٠ جميعا بقوا على قيد الحياة لأنهم تكاتفوا وساعدوا واحدهم الآخر،‏ معرِّضين حياتهم للخطر.‏

      ١٦ وماذا قوَّى هؤلاء الشهود لاحتمال هذا الاضطهاد الوحشي؟‏ حالما صاروا بأمان،‏ عبَّروا عن فرحتهم وامتنانهم ليهوه في وثيقة بعنوان:‏ «قرار شهود يهوه الـ‍ ٢٣٠ المنتمين الى ستّ جنسيات والمجتمعين في غابة قرب شڤيرين في مَكلِنبورڠ».‏ وقد كتبوا في هذه الوثيقة:‏ «تخطينا حقبة عصيبة.‏ وقد انتُشل الناجون اذا جاز التعبير من اتون النار،‏ حتى ان رائحة النار لم تأتِ عليهم.‏ (‏انظر دانيال ٣:‏٢٧‏.‏)‏ بل امتلأوا من قوة يهوه وقدرته وهم ينتظرون بتوق الاوامر الجديدة من الملك لترويج المصالح الثيوقراطية».‏c

      ١٧ اية اشكال يتَّخذها الامتحان الذي يواجهه شعب اللّٰه اليوم؟‏

      ١٧ كهؤلاء الشهود الامناء الـ‍ ٢٣٠،‏ قد يُمتحَن ايماننا نحن ايضا رغم اننا لم ‹نقاوم بعد حتى الدم›.‏ (‏عبرانيين ١٢:‏٤‏)‏ لكنَّ الامتحان قد يتَّخذ اشكالا مختلفة.‏ فقد يكون استهزاء من رفقاء الصف او ضغطا من نظرائنا لارتكاب الفساد الادبي وخطايا اخرى.‏ كما يمكن ان يُنتِج التصميم على الامتناع عن الدم،‏ الزواج في الرب فقط،‏ او تربية الاولاد في الحق في بيت منقسم ضغوطا او محنا قاسية.‏ —‏ اعمال ١٥:‏٢٩؛‏ ١ كورنثوس ٧:‏٣٩؛‏ افسس ٦:‏٤؛‏ ١ بطرس ٣:‏١،‏ ٢‏.‏

      ١٨ اية كلمات مطمئنة تؤكد لنا ان بإمكاننا احتمال حتى اصعب المحن؟‏

      ١٨ ولكن مهما كان الامتحان الذي يواجهنا،‏ فنحن نعرف اننا نتألم لأننا نضع يهوه وملكوته في المرتبة الاولى ونعتبر ذلك امتيازا وفرحا.‏ ونحن نستمد الشجاعة من كلمات بطرس المطمئنة:‏ «سعداء انتم اذا كنتم تُعيَّرون من اجل اسم المسيح،‏ لأن روح المجد،‏ اي روح اللّٰه،‏ يستقر عليكم».‏ (‏١ بطرس ٤:‏١٤‏)‏ فبقوة روح يهوه،‏ نتقوى لاحتمال حتى اصعب المحن،‏ وكل ذلك لمجد اللّٰه وتسبيحه.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧؛‏ افسس ٣:‏١٦؛‏ فيلبي ٤:‏١٣‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a لم تكن الاحداث التي جرت في ستينات القرن العشرين سوى بداية الاضطهاد العنيف والوحشي الذي احتمله الشهود في ملاوي طوال ثلاثة عقود تقريبا.‏ اقرأ تفاصيل الرواية الكاملة في الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٩،‏ الصفحات ١٧١-‏٢١٢‏.‏

      b انظر مقالة «المحكمة العليا تؤيد العبادة الحقة في ‹ارض اراراط›» في برج المراقبة،‏ عدد ١ نيسان (‏ابريل)‏ ٢٠٠٣،‏ الصفحات ١١-‏١٤‏.‏

      c من اجل النص الكامل لهذا القرار،‏ انظر الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٧٤،‏ الصفحتين ٢٠٨-‏٢٠٩ (‏بالانكليزية)‏.‏ كما يمكنك ايجاد السيرة الذاتية لأحد الناجين من هذه المسيرة في برج المراقبة،‏ عدد ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨،‏ الصفحات ٢٥-‏٢٩‏.‏

  • احتمال المحن يجلب التسبيح ليهوه
    برج المراقبة ٢٠٠٣ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٥]‏

      تجاوبهم مع الاضطهاد

      ‏• قبلما وصل جنود هيرودس الى بيت لحم لقتل الصبيان من عمر سنتين فما دون،‏ عمل يوسف ومريم وفقا للارشاد الملائكي وأخذا الطفل يسوع وهربا الى مصر.‏ —‏ متى ٢:‏١٣-‏١٦‏.‏

      ‏• اثناء خدمة يسوع،‏ سعى اعداؤه عدة مرات الى قتله بسبب شهادته الجريئة.‏ لكنه كان يهرب منهم في كل مرة.‏ —‏ متى ٢١:‏٤٥،‏ ٤٦؛‏ لوقا ٤:‏٢٨-‏٣٠؛‏ يوحنا ٨:‏٥٧-‏٥٩‏.‏

      ‏• عندما اتى الجنود والشرط الى بستان جتسيماني للقبض على يسوع،‏ عرَّف بنفسه جهرا مرتين قائلا:‏ «اني هو».‏ حتى انه منع أتباعه من المقاومة وسمح للجمع باعتقاله.‏ —‏ يوحنا ١٨:‏٣-‏١٢‏.‏

      ‏• في اورشليم،‏ اعتُقل بطرس وتلاميذ آخرون،‏ جُلدوا،‏ وأُمروا ان يكفوا عن التكلم عن يسوع.‏ ولكن بعد إطلاق سراحهم،‏ «كانوا لا ينفكّون كل يوم في الهيكل ومن بيت الى بيت يعلّمون ويبشّرون بالمسيح يسوع».‏ —‏ اعمال ٥:‏٤٠-‏٤٢‏.‏

      ‏• عندما علِم شاول،‏ الذي صار لاحقا الرسول بولس،‏ ان اليهود في دمشق يخطِّطون للقضاء عليه،‏ ساعده الاخوة على الهرب اذ وضعوه في سلّ ودلّوه ليلا من فتحة في سور المدينة.‏ —‏ اعمال ٩:‏٢٢-‏٢٥‏.‏

      ‏• بعد سنوات،‏ اختار بولس ان يستأنف دعواه الى قيصر،‏ رغم ان الحاكم فستس والملك اغريباس لم يجدا فيه «شيئا يستحق الموت او القيود».‏ —‏ اعمال ٢٥:‏١٠-‏١٢،‏ ٢٤-‏٢٧؛‏ ٢٦:‏٣٠-‏٣٢‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة