-
النساء — هل يجري احترامهنَّ اليوم؟استيقظ! ١٩٩٢ | تموز (يوليو) ٨
-
-
النساء — هل يجري احترامهنَّ اليوم؟
لماذا يُثار هذا السؤال؟ قد يسأل بعض الذكور المندهشين. ولكن عندما نتفحص معاملة النساء طوال التاريخ، وفي الوقت الحاضر في كل العالم، تعطينا اسئلة بسيطة قليلة مفتاح الجواب.
في العلاقات البشرية، مَن كانوا بشكل رئيسي الضحايا ومَن كانوا الظالمين؟ مَن ضُربوا اولا في الزواج؟ الرجال ام النساء؟ مَن اغتُصبوا في اوقات السلم والحرب؟ مَن كانوا الضحايا الرئيسيين للاساءة الجنسية الى الاولاد؟ الصبيان ام البنات؟ مَن جعلتهم القرارات التي صنعها الانسان عضوا ادنى في المجتمع؟ مَن حُرموا حق التصويت؟ مَن كانت لديهم فرصة محدودة للتعلُّم؟ الرجال ام النساء؟
يمكن ان يكون هنالك المزيد من الاسئلة، إلا ان الوقائع تتكلم لنفسها. وفي كتابها نتمنى ان تكوني امّا لمئة ابن، المؤسَّس على اختباراتها في الهند، تكتب إليزابيث بوميلر: «المرأة الهندية ‹النموذجية،› التي تمثل ٧٥ في المئة من الاربعمئة مليون امرأة وبنت في الهند، تعيش في قرية. . . . ولا يمكنها ان تقرأ ولا ان تكتب، على الرغم من انها ترغب في ذلك، ونادرا ما تنتقل اكثر من عشرين ميلا (٣٠ كلم) من مكان ولادتها.» وعدم المساواة هذا في التعليم هو مشكلة ليس فقط في الهند بل في كل العالم.
وفي اليابان، كما في بلدان اخرى كثيرة، لا يزال التفاوت موجودا. واستنادا الى الكتاب السنوي اساهي لسنة ١٩٩١، فإن عدد التلامذة الذكور في المقررات التعليمية الجامعية للسنوات الاربع هو ٠٠٠,٤٦٠,١ في حين ان عدد الاناث هو ٠٠٠,٦٠٠. ودون شك، ان النساء في كل انحاء العالم يمكن ان يعطين الدليل على فرصهنَّ الادنى في حقل التعليم. ‹التعليم للصبيان› هو الموقف الذي وجب ان يواجهنه.
في كتابها الاخير رد الفعل المعاكس — الحرب غير المعلَنة ضد النساء الاميركيات، تطرح سوزَن فالودي بعض الاسئلة الملائمة بشأن مكانة النساء في الولايات المتحدة. «اذا كانت النساء الاميركيات مساويات الى حد بعيد للرجال، فلماذا يمثِّلن ثلثي كل الراشدين الفقراء؟ . . . ولماذا لا يزال من المرجح اكثر من الرجال ان يعشن في مساكن فقيرة ولا ينلن تأمينا صحيا، ويكون احتمال عدم نيلهن معاش التقاعد مضاعفا؟»
والنساء عموما هنَّ مَن عانين اكثر. فهنَّ اللواتي كنَّ هدفا رئيسيا للاهانات، الشتائم، التحرُّش الجنسي، وعدم الاحترام على ايدي الرجال. واساءة المعاملة هذه لا تقتصر ابدا على ما يُدعى البلدان النامية. لقد جمعت مؤخرا لجنة مجلس الشيوخ القضائية في الولايات المتحدة تقريرا عن العنف ضد النساء. فكشف بعض الوقائع الصادمة. «كل ٦ دقائق تُغتصب امرأة؛ كل ١٥ ثانية تُضرب امرأة. . . . ما من امرأة في مأمن من جريمة العنف في هذا البلد. ومن النساء الاميركيات العائشات اليوم، ثلاث من اربع يكنَّ ضحايا جريمة عنف واحدة على الاقل.» وفي سنة واحدة، من ثلاثة الى اربعة ملايين امرأة جرت الاساءة اليهن من قبل ازواجهن. وهذه الحالة التي يُرثى لها هي التي ادَّت الى مقدمة قانون العنف ضد النساء لسنة ١٩٩٠. — تقرير مجلس الشيوخ، قانون العنف ضد النساء لسنة ١٩٩٠.
فدعونا الآن نتفحص بعض الحالات التي فيها احتملت النساء عدم الاحترام من الرجال حول العالم. ثم في المقالتين الاخيرتين في هذه السلسلة، سنناقش كيف يمكن ان يظهر الرجال والنساء الاحترام المتبادل في كل مسالك الحياة.
-
-
النساء — محترمات في البيت؟استيقظ! ١٩٩٢ | تموز (يوليو) ٨
-
-
النساء — محترمات في البيت؟
«واجهت النساء، الواحدة تلو الاخرى، ميتات مريعة. . . . وفيما اختلفت طريقة موتهن، فإن الظروف الاساسية لم تختلف: تقول شرطة كويبك [كندا] ان كل امرأة جرى قتلها من قِبَل زوج او عشيق سابق او حاضر. وبالاجمال، قُتلت ٢١ امرأة في كويبك هذه السنة [١٩٩٠]، ضحايا موجة العنف الزوجي.» — ماكلينز، ٢٢ تشرين الاول ١٩٩٠.
العنف المنزلي، الذي دعاه البعض «الوجه المظلم للحياة العائلية،» يحصد غلَّة من عائلات ممزقة وينتج اولادا بنظرة مشوَّهة الى ما يُفترض ان تكون عليه العلاقات الزوجية. والاولاد مشوَّشون بشأن ايّ من الوالدَين يجب ان يكونوا اولياء له فيما يحاولون ان يفهموا لماذا ابي يضرب امي. (ومرارا اقل، يكون السؤال، لماذا امي قاسية جدا مع ابي؟) وثمار العنف المنزلي غالبا ما تشمل الابناء الذين يكبرون ليكونوا هم انفسهم ضاربين للزوجات. فالاثر الابوي يتركهم بمشاكل نفسية خطيرة بالاضافة الى مشاكل في الشخصية.
تذكر مطبوعة الامم المتحدة نساء العالم — ١٩٧٠-١٩٩٠: «يُعتقد ان هجمات الرجال على النساء في بيوتهنَّ هي اقل ما يُخبر به من الجرائم — الى حدّ ما لأن عنفا كهذا يُعتبر مرضا اجتماعيا، لا جريمة.»
الى ايّ حد رديئة هي الاساءة الى الزوجة في الولايات المتحدة؟ يذكر تقرير مجلس الشيوخ المقتبَس منه في المقالة السابقة: «ان العبارة ‹العنف المنزلي› قد تبدو غير وحشية، لكنَّ التصرف الذي تصفه بعيد عن ان يكون لطيفا. وتقدم الاحصاءات صورة مروعة عن الحد الذي اليه يمكن ان تكون الاساءة الزوجية خطيرة — وفي الواقع مميتة ايضا. فيموت ما بين ٠٠٠,٢ و ٠٠٠,٤ امرأة كل سنة من الاساءة. . . . وبخلاف الجرائم الاخرى، فإن الاساءة الزوجية عنف ‹مزمن.› انها ترهيب متواصل وأذى جسدي متكرر.»
وتقول مجلة الصحة العالمية: «يحدث العنف ضد النساء في كل بلد وفي كل طبقة اجتماعية واقتصادية. وفي مجتمعات كثيرة، يُعتبر ضرب الزوجة حقا للرجل. وفي اغلب الاحيان، يُعتبر الضرب والاغتصاب الروتينيان للنساء والفتيات ‹مسألتين خاصتين› لا علاقة للآخرين بهما — سواء أكانوا السلطات الشرعية ام الهيئة الصحية.» وهذا العنف في البيت يمكن ان يمتد بسهولة الى محيط المدرسة.
جرى ايضاح ذلك في ما حدث في مدرسة داخلية مختلطة في كينيا في تموز ١٩٩١. اخبرت ذا نيويورك تايمز انه «جرى اغتصاب ٧١ تلميذة مراهقة من قبل التلامذة الذكور و ١٩ أخريات مُتْنَ في ليلة من العنف في قاعة النوم الذي كما يُقال . . . استمر دون ضبط الشرطة المحلية او المعلمين.» فكيف يمكن شرح هيجان العنف الجنسي هذا؟ «اكَّدت هذه المأساة نعرة الذكور البغيضة التي تسود الحياة الاجتماعية في كينيا،» كتب هيلَري إنڠوِنو، رئيس تحرير ذا ويكلي رِڤيو، مجلة كينيا التي تُقرأ على نحو اوسع. «وضعُ نسائنا وفتياتنا في الحياة يُرثى له. . . . فنحن نربي بنينا ليكون لديهم القليل او لا شيء من الاحترام للبنات.»
وفي ذلك يكمن جوهر المشكلة العالمية النطاق — فغالبا ما يُربَّى الصبيان ليعتبروا البنات والنساء مخلوقات ادنى يمكن استغلالها. وتُعتبَر النساء دون حماية ومن السهل السيطرة عليهنَّ. من هنا مجرد خطوة قصيرة الى عدم احترام الانثى والى نعرة الذكور الصريحة وخطوة قصيرة على نحوٍ مساوٍ الى الاغتصاب من احد المعارف او رفيق جرت مواعدته. وفي ما يتعلق بالاغتصاب، لا ننسَ ان «الاعتداء يمكن ان ينتهي في لحظات، لكنَّ احاسيس المرء تتأثر مدى الحياة.» — تقرير مجلس الشيوخ.
وكثيرون من الرجال، على الرغم من انهم ليسوا بالضرورة عنفاء جسديا ضد النساء، يمكن وصفهم بأنهم كارهون للنساء دون وعي. وعوضا عن العنف الجسدي، يستعملون الاساءة او الضرب النفسيَّين. وفي كتابها الرجال الذين يكرهون النساء والنساء اللواتي يحببنهم، تقول الدكتورة سوزَن فوروِرد: «كما وصفتهم رفيقاتهم، غالبا ما كانوا [هؤلاء الرجال] فاتنين ومحبِّين ايضا، ولكنهم كانوا قادرين على التحول فجأة الى التصرف القاسي، الانتقادي، والمهين. وشمل تصرفهم سلسلة واسعة، من الترهيب والتهديدات الواضحة الى الهجومات الاكثر خبثا وتستُّرا التي اتخذت شكل التحقير المستمر او الانتقاد الاكَّال. ومهما كان الاسلوب، كانت النتائج هي نفسها. فالرجل نال السيطرة بسحقه المرأة. وهؤلاء الرجال رفضوا ايضا ان يتحملوا اية مسؤولية عن الطريقة التي بها تجعل هجماتهم رفيقاتهم يشعرن.»
يَسوكو،a يابانية صغيرة الجسم انيقة، متزوجة الآن منذ ١٥ سنة، اخبرت استيقظ! عن اختبار عائلتها: «كان ابي يضرب امي ويسيء معاملتها بشكل مستمر. فكان يرفسها ويلكمها، يجرُّها بشعرها، ويرميها بالحجارة ايضا. وهل تعرفون لماذا؟ لأنها تجرأت ان تعترض على خيانته مع امرأة اخرى. وكما تعرفون، في المجتمع الياباني، يُعتبَر طبيعيا جدا ان تكون لدى بعض الرجال عشيقة. وأمي كانت منفتحة ورفضت قبول ذلك. وبعد ١٦ سنة من الزواج وأربعة اولاد، حصلتْ على طلاق. وتُركت دون مال من ابي لاعالة الاولاد.»
ومع ذلك، حتى حيث جرى اخبار السلطات بضرب الزوجة، فإن ذلك في اغلب الاحيان لم يمنع الزوج الحاقد من قتل زوجته. وفي مناسبات كثيرة، في بلدان كالولايات المتحدة، لم يكن القانون كافيا ليحمي زوجة مهدَّدة ومروَّعة. «اظهرت احدى الدراسات انه في اكثر من نصف كل جرائم قتل الزوجات من قِبَل ازواجهنَّ، جرى استدعاء الشرطة الى مكان الاقامة خمس مرّات في السنة الماضية لكي تحقِّق في شكوى تتعلق بالعنف المنزلي.» (تقرير مجلس الشيوخ) وفي بعض الحالات القصوى، لكي تنقذ نفسها من المزيد من الاساءات، قتلت الزوجة زوجها.
والعنف المنزلي، الذي فيه تكون المرأة هي الضحية عادة، يَظهر بطرائق كثيرة مختلفة. ففي الهند ازداد العدد المُخبر عنه لما يدعى ميتات الدوطة (ازواج يقتلون الزوجات بسبب استيائهم من الدوطة التي دفعتها عائلة الزوجة) من ٢٠٩,٢ في ١٩٨٨ الى ٨٣٥,٤ في ١٩٩٠. ولكن لا يمكن اعتبار هذه الارقام كاملة او دقيقة، لان ميتات كثيرة للزوجات يجري الادعاء كذبا انها حوادث منزلية — عادة بالحرق عمدًا بالكاز المستعمل للطبخ. ويُضاف الى ذلك انتحار الزوجات اللواتي لا يمكنهنَّ بعد ان يواجهن الشقاء المنزلي.
عندما يكون الاختيار ابناء او بنات
يجري التحامل على النساء من الولادة وحتى قبل الولادة. فكيف يكون الامر كذلك؟ قابلت استيقظ! مادهو من بومباي، الهند، من اجل جواب واحد: «عندما يولد ابن لعائلة هندية، يكون هنالك ابتهاج. ومشاكل الام تنتهي. والآن لدى الوالدَين ابن ليعتني بهما في شيخوختهما. و ‹ضمانهما الاجتماعي› مكفول. ولكن اذا انجبت ابنة، تُعتبر فاشلة. فيكون كما لو انها لم تجلب سوى عبء آخر الى العالم. وسيضطر الوالدان الى تزويد دوطة غالية لكي يجدا زوجا لها. وإذا استمرت الام في انجاب البنات، فعندئذ تكون امرأة عاجزة.»b
اخبرت الصحيفة الهندية اكسپرس عن البنات في الهند: «نجاتهنَّ لا تعتبر مهمة حقا لنجاة العائلة.» ويشير المصدر نفسه الى استطلاع في بومباي «اظهر انه من الـ ٠٠٠,٨ جنين الذين أُجهضوا عقب اختبارات تحديد الجنس، كان ٩٩٩,٧ اناثا.»
تكتب إليزابيث بوميلر: «ان حالة بعض النساء الهنديات بائسة جدا الى حد انه لو نال مأزقهنَّ الانتباه الممنوح لتلك الاقليات العرقية والعنصرية في اجزاء اخرى من العالم، لتبنَّت فِرَق حقوق الانسان قضيَّتهنَّ.» — نتمنى ان تكوني امّا لمئة ابن.
«عمل المرأة لا ينتهي»
«عمل المرأة لا ينتهي» قد تبدو عبارة مبتذلة. لكنها تعلن حقيقةً غالبا ما يغفل عنها الرجال. فالمرأة التي لديها اولاد ليست لديها رفاهة برنامج عمل ثابت، من التاسعة الى الخامسة، كما لدى الرجال غالبا. اذا بكى الطفل في الليل، فمَن على الارجح يستجيب؟ مَن الذي يقوم بالتنظيف، الغسل، والكيّ؟ مَن يحضِّر ويقدِّم الوجبات عندما يأتي الزوج الى البيت من العمل؟ مَن ينظِّف بعد الوجبات ويعدُّ بعد ذلك الاولاد للفراش؟ وفي بلدان كثيرة، بالاضافة الى كل ذلك، مَن يُتوقع منه ان يجلب الماء وأن يعمل ايضا في الحقول والطفل على ظهره؟ عادة الام. فبرنامجها ليس مجرد ٨ او ٩ ساعات في اليوم؛ فهو غالبا ما يكون من ١٢ الى ١٤ ساعة او اكثر. ومع ذلك لا يُدفع اليها لقاء ساعات العمل الاضافية — وفي اغلب الاحيان لا تكون هنالك تعابير شكر ايضا!
وفي إثيوپيا، استنادا الى مجلة الصحة العالمية، فان الكثير من «النساء يُتوقع منهنَّ ان يعملن من ١٦ الى ١٨ ساعة في اليوم، [و] مستوى دخلهنَّ منخفض جدا بحيث لا يمكنهنَّ اعالة انفسهنَّ وعائلاتهنَّ. . . . والجوع ظاهرة يومية؛ وفي معظم الحالات، يحصلن [النساء اللواتي يجمعن ويحملن حطب الوقود] فقط على وجبة واحدة غير كاملة في اليوم ويتركن عادة بيوتهنَّ دون فطور.»
قالت سْيو، من هونڠ كونڠ في الاصل، متزوجة الآن منذ ٢٠ سنة: «في البيئة الصينية، يميل الرجال الى التقليل من شأن النساء، معتبرين اياهن مساعِدات في الشؤون المنزلية ومنجبات للاولاد او، من ناحية اخرى، اصناما، دمًى، او اهدافا جنسية. ولكنَّ ما نريده حقا نحن النساء هو ان تجري معاملتنا كمخلوقات ذكية. نريد ان يصغي الرجال الينا عندما نتكلم ولا يتصرفوا كما لو اننا غبيات!»
وليس مدهشا ان يقول كتاب الرجال والنساء: «في كل مكان، حتى لو كانت النساء تُعتبر على نحو رفيع، يجري تقدير نشاطات الرجال اكثر من تلك التي للنساء. وليس مهما على الاطلاق كيف يوزِّع المجتمع الادوار والمهمات بين الجنسين؛ فتلك التي للرجال جديرة بالاعتبار اكثر في عيني المجتمع بكامله.»
وحقيقة الامر هي ان دور المرأة في البيت يُستخف به عادة. لذلك تذكر افتتاحية نساء العالم — ١٩٧٠-١٩٩٠: «اوضاع النساء المعيشية — ومساهمتهنَّ في العائلة، الاقتصاد والبيت — كانت غير منظورة عموما. فقد جرى تحديد احصاءات كثيرة بعبارات تظهر اوضاع ومساهمة الرجال، لا النساء، او تتجاهل ببساطة الجنس. . . . ومعظم العمل الذي تقوم به النساء لا يُعتبر بعدُ ذا قيمة اقتصادية على الاطلاق — ولا يُقاس ايضا.»
وفي سنة ١٩٣٤، عبَّر الكاتب في اميركا الشمالية جيرالد و. جونسون عن آراء في النساء في مكان العمل: «كثيرا ما تحصل المرأة على عمل الرجل ولكن نادرا ما تحصل على راتب الرجل. والسبب هو انه ليس هنالك نوع يمكن تصوره من العمل اليومي لا يمكن ان يفعله رجل ما على نحو افضل مما تفعله اية امرأة. فأعظم الخياطين ومصمِّمي القبَّعات هم رجال . . . وأعظم الطهاة هم رجال دون استثناء. . . . في هذا المكان والزمان انه الواقع ان يرغب ايّ مستخدِم ان يعطي الرجل مالا اكثر مما يعطي المرأة لقاء العمل نفسه لأن لديه سببا ليعتقد ان الرجل سيقوم به على نحو افضل.» ومع ان هذا التعليق يمكن ان يكون على سبيل السخرية، فقد عكَس محاباة ذلك الوقت، التي لا تزال سائدة في اذهان ذكور كثيرين.
عدم الاحترام — مشكلة عالمية
لقد طورت كل حضارة مواقفها، محاباتها، وتحاملاتها في ما يتعلق بدور النساء في المجتمع. ولكنَّ السؤال الذي يجب الاجابة عنه هو، هل تُظهِر هذه المواقف الاحترام الواجب لكرامة النساء؟ ام انها، عوض ذلك، تعكس سيطرة الذكر على مر القرون بسبب قوة الرجل الجسدية المتفوقة عادة؟ اذا عوملت النساء كالعبيد او كأشياء يمكن استغلالها، فأين هو اذًا احترام كرامتهنَّ؟ الى درجة اكبر او اقلّ، دمَّرت معظم الحضارات دور المرأة وزعزعت اعتبارها للذات.
وأحد الامثلة الكثيرة من حول العالم يأتي من افريقيا: «النساء اليوروبيَّات [نَيجيريا] يجب ان يدَّعين الجهلَ والاذعان في حضور ازواجهنَّ، وعندما يقدِّمن الوجبات، يُطلَب منهنَّ ان يركعن عند قدمي ازواجهنَّ.» (الرجال والنساء) وفي انحاء اخرى من العالم، قد يَظهر هذا الخنوع بطرائق مختلفة — اضطرار الزوجة الى السير وراء زوجها على بُعد مسافة معيَّنة، او اضطرارها الى السير فيما يمتطي حصانا او بغلا، او اضطرارها الى حمل الاثقال فيما لا يحمل زوجها شيئا، او اضطرارها الى الاكل على انفراد، وهلمّ جرا.
وفي كتابه اليابانيون كتب ادوين رايشاور، الذي وُلد وترعرع في اليابان: «مواقف نعرة الذكور متناهية الوضوح في اليابان. . . . والمقياس الجنسي المزدوج، الذي يترك الرجل حرا والمرأة مقيَّدة، لا يزال شائعا. . . . وعلاوة على ذلك، يُتوقَّع من النساء المتزوجات ان يكنَّ مخلصات اكثر من الرجال.»
وكما في بلدان كثيرة، فإن التحرُّش الجنسي هو مشكلة ايضا في اليابان، وخصوصا في عربات القطار النفقي المكتظة في فترة الازدحام. يَسوكو، من هينو سيتي، احدى ضواحي طوكيو، اخبرت استيقظ!: «كشابة، كنت اقوم برحلات يومية الى مكان العمل في طوكيو. وكان ذلك مربكا جدا لأن بعض الرجال كانوا يستغلون الظرف ليقرصوا ويلمسوا حيثما استطاعوا. فماذا امكننا نحن النساء ان نفعل بشأن ذلك؟ كان يجب ان نحتمل ذلك. ولكنه كان مخجِلا. وفي فترة الازدحام الصباحية، كانت هنالك عربة مفرَزة للنساء، وهكذا كان يتسنّى للبعض على الاقل الهرب من هذه الاهانات.»
سو، من سكان اليابان السابقين، كانت لديها طريقتها الخاصة للتخلُّص من هذه الملاطفات. فكانت تقول بصوت عالٍ، «فوزاكِناي دي كوداساي!» التي تعني «كفّ عن التحامق!» وهي تقول: «نال ذلك انتباها وعملا فوريَّين. فلم يكن ايّ شخص يريد ان يفقد اعتباره امام الآخرين جميعا. وفجأة لم يعد يلمسني ايّ رجل!»
يتَّضح ان عدم احترام النساء في الدائرة العائلية هو مشكلة عالمية. ولكن ماذا عن دور النساء في مكان العمل؟ هل ينلن المزيد من الاحترام والتقدير هناك؟
[الحاشيتان]
a ان الذين جرت مقابلتهم طلبوا ان تبقى اسماؤهم مجهولة. فاستُعملت اسماء بديلة في كل هذه المقالات.
b يفترض الازواج دائما تقريبا ان الزوجة هي الملومة على حيازة بنات. حتى انهم لا يفكرون في قانون الوراثة. [انظروا الاطار في هذه الصفحة.]
[الاطار في الصفحة ٦]
كيف يُحدَّد جنس الطفل؟
«يتقرَّر جنس الطفل غير المولود في لحظة الإخصاب، وخلية الاب المنوية هي العامِل المقرِّر. فكل بيضة تنتجها المرأة هي انثى بمعنى انها تحتوي على صِبغيٍّ جنسي X، او انثوي. وفي الرجل، يحمل نصف الخلايا المنوية فقط صِبغيَّ X، فيما يحمل النصف الآخر Y، وهو صِبغيٌّ جنسي ذَكَري.» وهكذا، اذا اتحدت صِبغيَّتا X، تكون النتيجة بنتا؛ واذا اتحد Y ذَكَري بـ X انثوي، يكون الطفل صبيًّا. لذلك، سواء أكان للمرأة صِبيان ام بنات فان ذلك يقرّره العامل الصِّبغيّ في الخلية المنوية الذَّكَرية. (المبادئ الاوَّلية للجسم البشري، مطبوعة ريدرز دايجست) وليس من المنطقي ان يلوم الرجل زوجته على انجاب مجرد بنات. فلا يجب ان يُلام احد. انه يانصيب الإنسال.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٨]
مأساة ذات أبعاد هائلة
في كتابها النسائية دون اوهام، كتبت إليزابيث فَكس-جينوڤيزا: «هنالك سبب وجيه لنعتقد ان رجالا كثيرين . . . تجري استمالتهم على نحو متزايد الى استعمال القوة [التي لهم] في الحالة الوحيدة التي فيها لا تزال تعطيهم بشكل واضح فرصة — علاقاتهم الشخصية بالنساء. واذا كنتُ على حق في هذا الظنّ، فإننا ننظر الى مأساة ذات أبعاد هائلة.» وهذه المأساة ذات الأبعاد الهائلة تشمل ملايين النساء اللواتي يعانين يوميا على يدي زوج، اب، او ايّ ذكرٍ آخر طاغٍ — ذكرٍ يفشل في «بلوغ مقاييس الانصاف والعدل.»
«في ثلاثين ولاية [من الولايات المتحدة]، لا يزال شرعيا عموما ان يغتصب الازواج زوجاتهم؛ وعشر ولايات فقط لديها قوانين تجيز التوقيف بسبب العنف المنزلي . . . والنساء اللواتي ليس لديهنَّ خيار آخر سوى الهرب يجدن ان ذلك ليس بديلا جيدا ايضا. . . . فثلث الـ ١ مليون من النساء اللواتي يُضربن ويبحثن عن ملجإ للطوارئ كل سنة لا يجدن ايّ ملجإ.» — مقدمة رد الفعل المعاكس — الحرب غير المعلَنة ضد النساء الاميركيات، بواسطة سوزَن فالودي.
[الصورة]
بالنسبة الى الملايين، يكون العنف المنزلي الوجه المظلم للحياة العائلية
[الصورة في الصفحة ٧]
يحيا مئات الملايين دون مياه جارية، تصريف لاقذار المجارير، او كهرباء في بيوتهم — اذا كان لديهم بيت
-
-
النساء — محترمات في مكان العمل؟استيقظ! ١٩٩٢ | تموز (يوليو) ٨
-
-
النساء — محترمات في مكان العمل؟
«سواء أكانوا عزابا ام متزوجين، نظر معظم الرجال الى النساء كصيد مباح.» — جِني، سكرتيرة قانونية سابقا.
«التحرُّش الجنسي بالاناث والاساءة اليهنَّ جنسيا في محيط المستشفى امر مشهور.» — سارة، ممرِّضة مجازة.
«كانت تُقدَّم لي العروض باستمرار في العمل، اي الاقتراحات الفاسدة ادبيا.» — جين، ممرِّضة مجازة.
هل تمثِّل هذه الحالات وضعا استثنائيا، ام انها واسعة الانتشار؟ قابلت استيقظ! عددا من النساء الخبيرات في مكان العمل. فهل احترمهنَّ نظراؤهنَّ الذكور وعاملوهنَّ بكرامة؟ كانت هذه بعض تعليقاتهنَّ:
سارة، ممرِّضة من نيوجيرزي، الولايات المتحدة الاميركية، لها خبرة تسع سنوات في المستشفيات العسكرية للولايات المتحدة: «اذكر عندما كنت اخدم في سان أنطونيو، تكساس، ونشأت وظيفة شاغرة في قسم التحالّ الكُلْويّ. سألت فريقا من الاطباء عما يجب ان افعل لاحصل على الوظيفة. فأجاب واحد بابتسامة متكلَّفة، ‹كوني على علاقة جنسية بالطبيب المسؤول.› فقلت، ‹لا اريد الوظيفة بهذه الشروط.› ولكنَّ الترقية والوظائف كثيرا ما تُقرَّر بهذه الطريقة. فعلى المرأة ان ترضخ للذكر الشهواني المسيطر.
«وفي مناسبة اخرى، كنت اعمل في وحدة العناية الفائقة أضع انابيب وريدية لمريض عندما مرّ طبيب وقرص مؤخّرتي. فاغتظت وخرجت بغضب الى غرفة مجاورة. فتبعني وقال شيئا بذيئا. فلكمته موقعة اياه في صندوق للنفايات! وعدت مباشرة الى مريضي. لا حاجة الى القول انه لم يتحرَّش بي قط مرة اخرى!»
ميريَم، امرأة متزوجة من مصر عملت في السابق سكرتيرة في القاهرة، شرحت الحالة بالنسبة الى النساء اللواتي يعملن في محيط اسلامي مصري. «النساء يلبسن على نحو اكثر احتشاما مما في المجتمع الغربي. لم ألاحظ ايّ تحرُّش جنسي جسدي في مكان عملي. ولكن هنالك تحرُّش جنسي في قطار القاهرة النفقي الى حد انه يجري الآن حجز العربة الاولى للنساء.»
جين، امرأة هادئة ولكن ذات عزم لها خبرة ٢٠ سنة كممرِّضة، قالت: «اتَّبعت السياسة الصارمة لعدم مواعدة احد على الاطلاق في العمل. ولكنَّ التحرُّش اتى سواء كنت اتعامل مع الاطباء او مع الممرِّضين الذكور. وكلهم اعتقدوا ان لديهم الافضلية التي تجعلهم ذوي حظوة. وإن لم ‹نتعاون› نحن الممرِّضات معهم في رغباتهم الجنسية، فلن يكون الممرِّضون متوافرين عندما نحتاج الى مساعدة لرفع مريض الى السرير وفعل امور مماثلة.»
عملت جِني سكرتيرة «قانونية» طوال سبع سنوات. وهي توضح ما رأته فيما كانت تعمل مع المحامين. «سواء أكانوا عزابا ام متزوجين، نظر معظم الرجال الى النساء كصيد مباح. وكان موقفهم، ‹نحن نستأهل ذلك كمحامين، والنساء هنَّ احد امتيازاتنا.›» ويبدو ان الدليل يشير الى ان اختصاصيين آخرين لديهم الرأي نفسه. ولكن ماذا يمكن ان تفعل المرأة لتقلِّل من التحرُّش؟
دارلين، اميركية سوداء عملت سكرتيرة ومضيفة في مطعم، قالت: «يمكن ان تسوء الامور اذا فشلتنَّ في إقامة حدود لسلوككنَّ. اذا ابتدأ رجل بإغاظتكنَّ وأنتنَّ على سبيل الردّ قمتنَّ بإغاظته، فعندئذ يمكن بسهولة ان تخرج الامور عن السيطرة. كان يجب ان اعلن موقفي بوضوح في مناسبات مختلفة. وكنت استعمل عبارات مثل، ‹اقدِّر ذلك إن لم تتكلَّم معي بهذه الطريقة.› وفي مناسبة اخرى قلت: ‹كامرأة متزوجة، اجد ما تقوله مهينا، ولا اعتقد ان زوجي يقدِّر ذلك.›
«النقطة هي، اذا اردتنَّ الاحترام، يجب ان تكسبنه. ولا اتصوَّر كيف يمكن للمرأة ان تكسب الاحترام اذا حاولت ان تنافس الرجال في ما ادعوه محادثة تليق بحجرة الخزائن المقفلة — النِّكات غير المحتشمة والتلاميح الجنسية. فإذا جعلتنَّ الحدود بين الكلام والسلوك المقبولَين وغير المقبولَين غير واضحة، فعندئذ سيحاول رجل ما ان يخترقها.»
الذَّكَر الطاغي
كَني، ممرِّضة لها خبرة ١٤ سنة، اوضحت شكلا آخر من المضايقة المستمرة يمكن ان يبرز على نحو غير متوقَّع في ظروف كثيرة. «كنت اعمل مع طبيب في روتين عادي لتغيير ضمائد الجروح. فاتَّبعت كل الاجراءات النموذجية التي كنت قد تعلَّمتها. وأنا اعرف كل شيء عن طريقة التعقيم، وهلمّ جرا. ولكن لم يكن شيء صحيحا بالنسبة الى ذلك الطبيب. فكان يعنِّفني ويتكلم معي بغضب وينتقد عليَّ كل حركة. وهذا النوع من الامور، الحطّ من شأن النساء، مألوف جدا. فبعض الرجال لديهم مشكلة الأنا، ويبدو ان لديهم حاجة الى فرض سلطتهم على النساء اللواتي يعملن معهم.»
سارة، المقتبَس منها سابقا، اضافت اختبارها في هذا الصدد. «كنت اعمل في التحضير لعملية جراحية عندما تفحَّصت العلامات الحياتية للمريض. فكان سجل مخطَّط قلبه الكهربائي غير منتظم الى حد بعيد بحيث عرفت انه ليس في حالة تسمح له بالخضوع لعملية. وأخطأت في لفت انتباه الجرَّاح الى ذلك. فاغتاظ، وكان تجاوبه: ‹الممرِّضات يجب ان ينتبهن الى القصريات، لا الى مخطَّطات القلب الكهربائية.› لذلك اعلمتُ رئيس الاختصاصيين في التبنيج، وقال انه في هذه الظروف لن يتعاون فريقه مع الجرَّاح. فالتفت الجرَّاح مندهشا وقال لزوجة الرجل انني الملومة على عدم اجراء العملية لزوجها حتى الآن! في هذا الظرف لا يمكن للمرأة ان تربح. ولماذا؟ لانكنَّ تهدِّدن عن غير قصد الأنا الذَّكَرية.»
فمن الواضح ان النساء غالبا ما يخضعن للتحرُّش والسلوك المحقِّر في مكان العمل. ولكن ما هو موقفهنَّ امام القانون؟
النساء والقانون
في بعض البلدان لزمت قرون كثيرة لتحرز النساء ولو مساواة نظرية بموجب القانون. وحيث يجعل القانون هذه المساواة واضحة، غالبا ما تفصل هوَّة كبيرة بين النظرية والتطبيق العملي.
تذكر مطبوعة الامم المتحدة نساء العالم — ١٩٧٠-١٩٩٠: «ان الكثير من هذه الفجوة [فجوة السياسة الحكومية] مُدرج في القوانين التي تنكر مساواة النساء بالرجال في حقوقهم لامتلاك الارض، اقتراض المال والتعاقُد.» وكما قالت امرأة من أوغندا: «لا نزال مواطنات من الدرجة الثانية — لا بل من الدرجة الثالثة، لأن بنينا يأتون قبلنا. وحتى الحمير والجرَّارات تنال احيانا معاملة افضل.»
وتذكر مطبوعة الـ تايم-لايف الرجال والنساء: «في سنة ١٩٢٠، ضَمِن التعديل الـ ١٩ لدستور الولايات المتحدة حقَّ النساء في التصويت — بعد وقت طويل من كسبهنَّ هذا الحق في بلدان اوروپية كثيرة. ولكنَّ حق التصويت لم يُمنح في بريطانيا حتى سنة ١٩٢٨ (وليس إلّا بعد الحرب العالمية الثانية في اليابان).» وللاحتجاج على الظلم السياسي للنساء، قامت امرأة بريطانية تطالب بحق النساء في التصويت، إملي وايلدينڠ دايڤِسُن، برمي نفسها امام حصان الملك في سباق الخيل لسنة ١٩١٣ وقُتلت. فصارت شهيدة في قضية حقوق المساواة للمرأة.
وواقع كون مجلس شيوخ الولايات المتحدة قد تأمل في «قانون العنف ضد النساء» في وقت متأخر كسنة ١٩٩٠، يظهر ان الهيئات التشريعية التي فيها يغلب الذكور ابطأت في التجاوب مع حاجات النساء.
ان الصورة المختصَرة لمعاملة النساء في كل الارض تقودنا الى السؤال، هل ستكون الامور مختلفة يوما ما؟ وما هو الشيء الضروري لكي تتغيَّر الحالة؟ ستناقش المقالتان التاليتان هذين السؤالين.
[الاطار/الصورة في الصفحة ١١]
مَن الاسوأ حالا؟
«تقوم النساء بثلثَي عمل العالم. انهنَّ ينتجن من ٦٠ الى ٨٠ في المئة من طعام افريقيا وآسيا، ٤٠ في المئة من طعام اميركا اللاتينية. ومع ذلك يكسبن فقط عُشر دخل العالم ويمتلكن اقل من واحد في المئة من ملكية العالم. فهنَّ بين افقر فقراء العالم.» — نتمنى ان تكوني امّا لمئة ابن، بواسطة إليزابيث بوميلر.
«الحقيقة هي ان الفتيات الصغيرات لا يذهبن الى المدرسة [في بعض انحاء العالم] لانه ليس هنالك ماء آمن للشرب. . . . لقد رأيت مراهقات يجلبن ماء الشرب من مسافة تبعد عشرين وأحيانا ثلاثين كيلومترا (١٠ الى ٢٠ ميلا)، مما يستغرق يوما بكامله. وبحلول الوقت الذي فيه يصرن بعمر اربع عشرة او خمس عشرة سنة، فإن هؤلاء الفتيات . . . لا يكنَّ قد ذهبن الى المدرسة قط، لا يكنَّ قد تعلَّمن شيئا.» — جاك-إيڤ كوستو، ذا يونسكو كورْير، تشرين الثاني ١٩٩١.
[الصورة في الصفحة ١٠]
التحرُّش الجنسي لا يجب ان يُسمَح به
-
-
احترام النساء في الحياة اليوميةاستيقظ! ١٩٩٢ | تموز (يوليو) ٨
-
-
احترام النساء في الحياة اليومية
اذا كان يجب احترام النساء اكثر مما في الوقت الحاضر، فمتى وأين لا بد ان يبدأ التغيير؟ حسنا، متى وأين تنشأ عادةً المحاباة والتحاملات؟ في البيت وفي المدرسة، خلال سنوات النشوء. ونحن نطور مواقفنا تحت التأثير الابوي الى حد كبير. فمَن منطقيا يمكن ان يكون له تأثير قوي في المواقف المستقبلية للشبان تجاه النساء؟ على نحو واضح، الاب والام. ولذلك فان احد مفاتيح المشكلة هو التعليم الملائم الذي يمكن ان يدخل البيوت ويؤثر في الوالدين.
كيف يُنظر الى النساء
أما ان التحامل يتأسس في البيت فتوضحه جِني، سكرتيرة متزوجة، الاكبر بين اربع بنات، التي قالت: «كشابات، ادركنا دائما الواقع انه في الولايات المتحدة هنالك نساء اكثر من الرجال. لذلك اذا كنتِ تريدين ان تتزوجي، يجب ان تجعلي نفسك جذَّابة.
«والنساء ايضا يجري تكييفهن ليعتقدن انهنَّ مخلوقات اقل شأنا. وأحيانا يجعلكنَّ والداكنَّ ايضا تعتقدن انكنَّ ذات قيمة اقل من الصبيان. وعندما يدخل رجل الى حياتكنَّ، ينقل الرسالة نفسها، انكنَّ ادنى من الرجال.
«ولماذا يلزم ان يكون احترامنا للذات مؤسسا بصورة رئيسية على التناسقات والمواهب الجسدية او الافتقار اليها. هل يُحكم على الرجال بهذه الطريقة؟»
بِتي، متزوجة طوال ٣٢ سنة، مديرة مخزن سابقا، توضح وجهة نظر اخرى: «لماذا يُحكم على النساء على اساس جنسهنَّ بدلا من خبرتهنَّ، مقدرتهنَّ، وذكائهنَّ؟ كل ما اطلبه هو ان يصغي الرجال الى رأيي. فلا تحطّوا من شأني على اساس جنسي!
«كثيرا ما ينظر الرجال الى النساء كما لو اننا جميعا مغفَّلات او حمقاوات — مغفَّلات اكثر من ان نتَّخذ قرارا صائبا. هل تدركون ما اقول؟ دعوهم يعاملوننا كما يريدون ان يُعامَلوا. فذلك سيغيِّر نظرتهم سريعا!» فكل ما تطلبه هو ان يطبِّق الرجال القاعدة الذهبية، ‹افعلوا بالآخرين كما تريدون ان يفعلوا بكم.› — متى ٧:١٢.
تثير هاتان المرأتان بعض النقاط الصحيحة. فالقيمة الحقيقية للمرأة لا يجب ان تتأسس على المظهر والجاذبية الجسديين الخارجيين او على التحاملات الثقافية. وثمة مثل اسپاني يعبِّر عن ذلك بهذه الطريقة: «المرأة الجميلة ترضي الأعين؛ والمرأة الصالحة ترضي القلب. واذا كانت الاولى جوهرة فإن الثانية كنز.»
يوضح الكتاب المقدس وجهة نظر مماثلة بطريقة مختلفة: «على المرأة ان لا تعتمد الزينة الخارجية لإظهار جمالها، بضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب الفاخرة. وإنما، لتعتمد الزينة الداخلية، ليكون قلبها متزينا بروح الوداعة والهدوء. هذه هي الزينة التي لا تفنى، وهي غالية الثمن في نظر اللّٰه!» وتماما كما لا يجب ان نحكم على كتاب على اساس غلافه، كذلك لا يجب ان نحكم على الناس على اساس جنسهم. — ١ بطرس ٣:٣، ٤، ترجمة تفسيرية.
اظهار الاحترام في البيت
ثمة تشكٍّ منطقي لنساء كثيرات، وخصوصا الزوجات والامهات العاملات، وهو ان الازواج يفشلون في الاعتراف بالاعمال المنزلية كعمل اضافي، وهم عادةً لا يشتركون فيها. تقول سوزَن فالودي التي اقتُبس منها آنفا: «لا تتمتع النساء بالمساواة في بيوتهنَّ، حيث لا يزلن يحملن ٧٠ في المئة من الواجبات المنزلية.» فما هو الحل لعدم العدل هذا؟
فيما ربما لا يكون مستساغا لازواج كثيرين في بعض المجتمعات، فإن تنظيما منزليا غير متحيِّز يجب وضعه، وخصوصا اذا كان على الزوجة ايضا ان تخرج الى العمل. وطبعا، ان ايّ توزيع للواجبات يجب ان يأخذ ايضا بعين الاعتبار حقول النشاط التي تكون عادةً من مسؤولية الذكر — الاهتمام بالسيارة، الاعتناء بالفناء والحديقة، عمل السِّباكة، العمل الكهربائي، وهلم جرا — ولكن التي نادرا ما تساوي الوقت الذي تصرفه الزوجة في الاعمال المنزلية. وفي بعض البلدان يتوقع الازواج ايضا من الزوجة ان تبقي السيارة مغسولة ونظيفة، كما لو انها امتداد للبيت!
واقتراح الاشتراك في الاعمال المنزلية هذا هو بطريقة ما منسجم مع مشورة الرسول بطرس للازواج ان يسكنوا مع زوجاتهم «بحسب الفطنة.» (١ بطرس ٣:٧) وبين امور اخرى، يعني ذلك ان الزوج لا يجب ان يكون مجرد رفيق للغرفة او شريك في البيت غير منهمك في المشاعر وغير حساس. فيجب ان يحترم ذكاء زوجته وخبرتها. ويجب ان يفهم ايضا حاجاتها كامرأة، زوجة، وأم. ويشمل ذلك اكثر من الحاجة الى معيل يجلب راتبا الى البيت؛ فزوجات عاملات كثيرات يفعلن ذلك. فيجب ان يفهم حاجاتها الجسدية، العاطفية، النفسية، الجنسية، وقبل كل شيء، الروحية.
وبالنسبة الى الزوج الذي يدَّعي انه يتبع المبادئ المسيحية، يشمل الامر مسؤولية اكبر — تلك التي للاقتداء بمثال المسيح. فقد قدَّم دعوة رائعة الى جميع «المتعبين والثقيلي الاحمال،» قائلا: «انا (انعشكم). . . . اني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا (انتعاشا) لنفوسكم.» (متى ١١:٢٨، ٢٩) يا له من تحدّ للازواج والآباء المسيحيين! فيجب على كل واحد ان يسأل نفسه: ‹هل انعش زوجتي ام اقمعها؟ هل انا لطيف ويسهل الاقتراب اليَّ، ام انني اميل الى الكينونة ظالما، مستبدا، او دكتاتورا؟ هل اظهر «محبة اخوية» في الاجتماعات المسيحية وبعد ذلك اصير شخصا لا يُطاق في البيت؟› فلا يجب ان يكون هنالك ازواج مزدوجو الشخصية في الجماعة المسيحية. — ١ بطرس ٣:٨، ٩.
لذلك لا يمكن ان يكون هنالك تبرير لوصف زوج قدَّمته امرأة مسيحية مُساء اليها: «الرأس المسيحي المفتخر برجوليته الذي يكون لطيفا جدا في قاعة الملكوت ويشتري الهدايا للآخرين لكنه يعامل زوجته بازدراء.» فالاحترام اللائق للزوجة لا يفسح مجالا للقمع والاذلال. وللمسألة طبعا وجهان؛ فالزوجة ايضا يجب ان تظهر الاحترام اللائق لزوجها. — افسس ٥:٣٣؛ ١ بطرس ٣:١، ٢.
واذ تؤكد في الواقع ما ورد اعلاه، تكتب الدكتورة سوزَن فوروِرد: «تتأسس العلاقة الجيدة على الاحترام المتبادل.» وذلك يجعل كِلا الشريكين مسؤولين عن النجاح. وتتابع: «يشمل ذلك اهتمام الواحد بمشاعر وحاجات الآخر والكينونة حساسا تجاهها، بالاضافة الى تقدير الامور التي تجعل كل شريك مميَّزا جدا. . . . والشركاء المحبون يجدون طرائق فعّالة لمعالجة خلافاتهم؛ فهم لا يعتبرون كل مواجهة معركة لربحها او خسارتها.» — الرجال الذين يكرهون النساء والنساء اللواتي يحببنهم.
ويعطي الكتاب المقدس ايضا مشورة حسنة للازواج في افسس ٥:٢٨: «يجب على الرجال ان يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه.» ولماذا هذه العبارة صحيحة؟ لان الزواج هو كحساب مصرفي مشترَك أودع فيه كلاهما ٥٠ في المئة. فإذا اساء الزوج استعمال ايّ من هذا المال، فانه يؤذي الوضع المالي لكليهما. وعلى نحو مماثل، اذا آذى الزوج زوجته بأية طريقة، فعندئذ يؤذي نفسه ايضا عاجلا او آجلا. ولماذا؟ لان زواجه استثمار مشترَك. فإذا آذيتم هذا الاستثمار، فانكم تؤذون طرفيه.
وهنالك نقطة حيوية يجب تذكرها بشأن الاحترام — فلا يجب ان يُطلب. وفيما يدين كل من الزوجين للآخر بالاحترام، فلا بد ايضا من كسبه. والمسيح لم يحصل قط على الاحترام بمحاولة فرض قوته او مركزه الاسمى.a وعلى نحو مماثل، في الزواج يكسب الزوج والزوجة الاحترام بمسلكهما المتسم بالاعتبار المتبادل، لا باستعمال آيات الكتاب المقدس كمطرقة لطلبه.
اظهار الاحترام في العمل
هل يلزم الرجال ان يعتبروا النساء تهديدا للأنا الذَّكَرية التي لهم؟ في كتابها النسائية دون اوهام، كتبت إليزابيث فَكس-جينوڤيزا: «في الحقيقة، تريد نساء كثيرات اليوم ما يريده رجال كثيرون: ان يعشن عيشة لائقة، ان تكون لهنَّ حياة شخصية مكافئة، وأن يتقدَّمن في العالم دون اثارة مشاكل كثيرة.» فهل يجب تفسير هذه الرغبة او الطموح كتهديد للرجال؟ وذكرت ايضا: «لمَ لا ندرك، على الرغم من كل التغييرات التي خضع لها العالم او التي قد يخضع لها، ان الاختلافات موجودة دائما ويمكن التمتع بها؟»
والرجال المسيحيون الذين يعملون كرؤساء للعمال او كمشرفين يلزمهم خصوصا ان يحترموا كرامة الاناث من رفقاء عملهم ويذكروا ان المرأة المتزوجة لها رجل واحد فقط ك «رأس» لها بحسب المفهوم المؤسس على الكتاب المقدس، زوجها. والآخرون يمكن ان يكونوا في مراكز اشراف ويجري احترامهم لاجل ذلك؛ ولكن من جديد بحسب المفهوم الدقيق المؤسس على الكتاب المقدس، ليس ايّ رجل سوى زوجها ‹رأسا› لها. — افسس ٥:٢٢-٢٤.
يجب ان تكون المحادثات في مكان العمل مهذَّبة دائما. وعندما يلجأ الرجال الى محادثة تشمل معاني مزدوجة او تلاميح جنسية، فإنهم لا يظهرون الاحترام للنساء ولا يرفِّعون سمعتهم. كتب بولس الى المسيحيين: «وأما الزنا وكل نجاسة او طمع فلا يُسمَّ بينكم كما يليق بقديسين ولا القباحة ولا كلام السفاهة والهزل التي لا تليق بل بالحري الشكر.» — افسس ٥:٣، ٤.
وتغيير تعيين العمل دون اخذ مشاعر المرأة بعين الاعتبار هو طريقة اخرى للفشل في اظهار الاحترام. جين، ممرضة، قالت: «يكون لطيفا جدا اذا كان هنالك بعض التشاور قبل صنع التغييرات في تعيينات عملنا. فذلك بالتأكيد يجلب نتائج ايجابية. والنساء يحتجن الى العطف ويحتجن الى الشعور بأن لهنَّ قيمة وأنه يجري اعتبارهنَّ.»
وثمة وجه آخر للاحترام في مكان العمل هو الحاجز الذي تدعوه بعض النساء «السقف الزجاجي.» ويعني ذلك «المحاباة المتعلقة بالمؤسسات التي تمنع النساء من الحصول على مراكز ادارية عُليا في الصناعة الخاصة.» (ذا نيويورك تايمز، ٣ كانون الثاني ١٩٩٢) ونتيجة لذلك، اظهرت دراسة حديثة في الولايات المتحدة ان النساء يشغلن نسبة مئوية منخفضة من الاعمال ذات المستوى الاعلى، اذ تمتد من ١٤ في المئة في هاوايي و ١٨ في المئة في يوتا الى ٣٩ في المئة في لويزيانا. واذا أُظهر الاحترام، فلا تتأسس الترقية في مكان العمل الدنيوي على الجنس بل على المقدرة والخبرة. قالت مديرة البحث شارُن هارلان: «الامر يتحسَّن، ولكن . . . لا يزال هنالك الكثير من الحواجز البنيوية الموجودة بالنسبة الى النساء.»
[الحاشية]
a انظروا برج المراقبة ١٥ ايار ١٩٨٩، الصفحات ١٠-٢٠، «اظهار المحبة والاحترام كزوج» و «. . . كزوجة.»
[الاطار في الصفحة ١٤]
الاحترام — ماذا يمكن ان تفعل النساء؟
• امتلكن وحافظن على احترام الذات
• اوضحن ما تسمحن بأن يُقال ويُفعل في حضوركنَّ
• ارسمن حدودا لائقة للسلوك والكلام المقبولَين
• لا تحاولن ان تنافسن الرجال في مجال الكلام البذيء والنِّكات المشكوك فيها؛ فذلك يجعلكنَّ اقل من سيدات ولا يجعلهم سادة
• لا تلبسن على نحو مثير، بصرف النظر عما يمكن ان يكون عليه الزيّ السائد؛ فالطريقة التي بها تلبسنَ تظهر درجة اعتباركنَّ للذات
• اكسبن الاحترام بسلوككنَّ؛ عاملن الرجال بالاحترام الذي تتوقَّعنه منهم
• لا تكنَّ ميَّالات الى الغنج
الاحترام — ماذا يمكن ان يفعل الرجال؟
• عاملوا جميع النساء باحترام وكرامة؛ لا تشعروا بأنكم مهدَّدون من قِبل امرأة لها ثقة مفرطة بالذات
• لا ترفعوا الكلفة اكثر مما ينبغي مع امرأة ليست زوجتكم، مستعملين عبارات مودّة غير ضرورية
• تجنبوا النِّكات غير المحتشمة والنظرات المحدِّقة التي تقترح امورا غير لائقة
• لا تفرطوا في الاطراء وتجنَّبوا اللمس غير اللائق
• لا تستصغروا او تحطّوا من قدر عملها او شخصها
• تشاوروا، أَصغوا، واتصلوا بطريقة موضوعية
• عبِّروا عن التقدير لعمل المرأة
• ساعدوا في الاعمال المنزلية. واذا كنتم تشعرون بأن ذلك دون مقامكم، فماذا عن مقامها هي؟
• اذا كنتم تحيون مع والدَيكم، فكونوا حساسين للضغوط التي تتحمَّلها زوجتكم. انها الآن مسؤوليتكم الاولى وتحتاج الى دعمكم (متى ١٩:٥)
-
-
احترام النساء في الجماعةاستيقظ! ١٩٩٢ | تموز (يوليو) ٨
-
-
احترام النساء في الجماعة
بالنسبة الى المسيحيين يؤسس الكتاب المقدس سلسلة ثيوقراطية للرئاسة، يكون فيها المسيح خاضعا للّٰه، الرجل خاضعا للمسيح، والمرأة خاضعة لزوجها. (١ كورنثوس ١١:٣) إلا ان هذا الخضوع لا يعني الدكتاتورية. فالرئاسة في العائلة لا تتأسس ابدا بالعنف، سواء كان جسديا، نفسيا، او كلاميا. وعلاوة على ذلك، فإن الرئاسة المسيحية نسبية ولا تعني ان الزوج يمكنه ان يكون المستبد الذي يعتبر نفسه معصوما من الخطإ.a فمعرفة كيف ومتى تقولون «انني متأسف، كنتِ على حق» يمكن ان تساعد زيجات كثيرة لتكون منعشة على نحو متبادل ودائمة. ولكن، ما أسهل ان تكون عبارات الإذلال تلك غصَّة في الخلق! — كولوسي ٣:١٢-١٤، ١٨.
في مشورتهما المتعلقة بالزواج، يعيدنا الرسولان بولس وبطرس باستمرار الى مثال المسيح. فالاحترام يُكسب بالمثال المنعش للزوج اذ يقتدي بالنموذج الذي رسمه المسيح، لان «الرجل هو رأس المرأة كما ان المسيح ايضا رأس الكنيسة. وهو مخلِّص الجسد.» — افسس ٥:٢٣.
ومشورة بطرس للازواج واضحة: «ايها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع [زوجاتكم].» (١ بطرس ٣:٧) وثمة ترجمة اسپانية حديثة تعبِّر عن هذه الافكار بكلمات اخرى، قائلة: «في ما يتعلق بالازواج: اظهروا اللباقة في حياتكم المشتركة، مظهرين الاعتبار للزوجة.» تتضمن هذه الكلمات عوامل عديدة، بما فيها الكينونة حساسين في العلاقة الزوجية. فلا يجب على الزوج ان يعتبر زوجته مجرد وسيلة للاكتفاء الجنسي. كتبت زوجة تألمت من الاساءة الجنسية الى الاولاد: «اتمنى فقط ان تتمكنوا من قول المزيد عن الدعم الذي يمكن ان يمنحه الزوج لزوجة عانت هذا الاختبار. فما يحتاج معظمنا نحن الزوجات الى معرفته هو اننا حقا محبوبات ويجري الاهتمام بنا، لا اننا موجودات فقط لاشباع بعض الرغبات الجسدية او كمدبِّرات للمنزل، من دون رباط عاطفي.»b لقد أسس اللّٰه الزواج لكي يتمكن الازواج والزوجات من ان يكونوا رفقاء ومساعدين واحدهم للآخر. انها مسألة عمل مشترك واعتبار متبادل. — تكوين ٢:١٨؛ امثال ٣١:٢٨، ٢٩.
كيف تكون ‹اناء اضعف›؟
ينصح بطرس الازواج ايضا ان يعطوا كرامة لزوجاتهم بصفتهنَّ ‹الاناء النسائي الاضعف.› (١ بطرس ٣:٧) فماذا يمكن ان يكون بطرس قد قصد بالقول ان المرأة ‹اناء اضعف›؟ ان المرأة بالتأكيد، كمعدَّل، اضعف جسديا من الرجل. واختلاف البنية الهيكلية والعضلية يفسِّر ذلك. أما اذا تكلَّمنا عن القوة الادبية الداخلية، فلا تكون المرأة على الاطلاق اضعف من الرجل. لقد احتملت النساء لسنوات احوالا ربما لا يطيقها معظم الرجال ولو لفترة وجيزة — بما في ذلك الاساءة من قبل زوج عنيف او كحولي. وفكِّروا في ما تحتمله المرأة بغية انجاب طفل، بما في ذلك ساعات المخاض خلال الولادة! وكل رجل حساس يشاهد عجيبة الولادة لا بد ان يغادر بشعور متزايد من الاحترام لزوجته وقوتها الداخلية.
وعن مسألة القوة الادبية الداخلية هذه كتبت هانا لِڤَيْ-هاس، سجينة يهودية لمعسكر الاعتقال النازي رَڤنْسْبروك، في يومياتها سنة ١٩٤٤: «ثمة امر هنا يزعجني بشدة، وهو رؤية ان الرجال اضعف بكثير وأقل قدرة بكثير من النساء على الوقوف في وجه المشقة — جسديا وفي الغالب ادبيا ايضا. واذ هم غير قادرين على ضبط انفسهم، يعربون عن نقص في الثبات الادبي بحيث لا يمكن للمرء إلا ان يشفق عليهم.» — الامهات في وطن الاسلاف، بواسطة كلوديا كونز.
يخدم هذا الاختبار ليوضح انه ليس هنالك اساس متين للتحامل على النساء لمجرد انه يمكن ان يكنَّ اضعف جسديا. كتب ادوين رايشاور: «في الازمنة العصرية، من المقبول عموما انه لدى النساء قوة ارادة وقدرة نفسية اكثر من الرجال.» (اليابانيون) ويمكن استخدام هذه القدرة في الجماعة المسيحية عندما تكون النساء الناضجات ربما قادرات على مساعدة نساء اخريات يعانين اجهادا عاطفيا خطيرا. وبالتأكيد، في بعض الظروف يكون التفات المرأة المساء اليها الى امرأة ناضجة من اجل الراحة الفورية اسهل من الالتفات الى رجل. واذا نشأت الحاجة، يمكن استشارة شيخ مسيحي من اجل المزيد من الارشاد. — ١ تيموثاوس ٥:٩، ١٠؛ يعقوب ٥:١٤، ١٥.
ان النبذ الشامل لردود فعل المرأة بأنها عاطفية، ناسبين اياها الى «فترة الطمث» يغيظ نساء كثيرات. ذكرت بِتي، مسيحية ممارسة،: «نحن نعلم، كما كتب الرسول بطرس، اننا في بعض النواحي ‹الاناء الاضعف،› الاناء النسائي، بتركيب بيولوجي ادقّ. ولكنَّ ذلك لا يعني ان رئيس العمال او المشرف يلزم ان يكون كيِّسا بطريقة تظهر تفوُّقه ومتَّصفا بالسلطة الابوية، ناسبا كل رد فعل انثوي الى دورتنا الشهرية. فنحن ذكيات ونريد ان يجري الاصغاء الينا باحترام.»
ليست النساء جميعا عاطفيات، تماما كما ان الرجال ليسوا جميعا غير عاطفيين. فيجب ان يُفهم كل شخص كفرد. وبِتي، المقتبَس منها آنفا، اخبرت استيقظ!: «لا أقدِّر تصنيفي على اساس الجنس. لقد رأيت رجالا يبكون ويكونون رهن الامزجة. وهنالك نساء يمكن ان يكنَّ مجرَّدات من الشعور. ولذلك فليصغِ الرجال الينا بموضوعية دون التفكير في الجنس.»
ما هو الامر اللازم للتغيير؟
اذا كان لا بد من حدوث تغيير نحو الاحسن، يقول البعض انه لا يكفي ان تقوم النساء بحملة للمطالبة بحقوقهنَّ وبالعدل؛ ولا يكفي ان يقوم الرجال بايماءة احترام رمزية للنساء. ففي كل مجتمع ومحيط، يجب ان يفحص الرجال دورهم في الحالة ويسألوا انفسهم عما يمكنهم ان يفعلوا لجعل الحياة سعيدة اكثر ومنعشة اكثر بالنسبة الى النساء. — متى ١١:٢٨، ٢٩.
كتبت الكاتبة والشاعرة كاثا پُلِت في تايم: «معظم الرجال، طبعا، لا يغتصبون او يضربون او يقتلون. ولكنَّ ذلك لا يعني، كما يبدو ان كثيرين منهم يعتقدون، ان لا علاقة لهم بالعنف ضد النساء. فكلٌّ منا في حياتنا اليومية يساهم في تحديد المفاهيم والافتراضات الاجتماعية التي تعيِّن حدودَ المسموح به. . . . انني اتكلم عن رجال يشتركون في نوع جدّي من فحص الذات، متحدِّين تحاملاتهم وامتيازاتهم، حاملين قِسْطهم العادل من المسؤولية عن الحالة الرديئة التي نحن فيها.»
ولكن حتى لو صنع الرجال حول العالم كله تغييرا جذريا في مواقفهم من النساء، فلن يكون ذلك الحل الكامل للمظالم التي تصيب الجنس البشري. ولماذا؟ لأن الرجال يفرضون المظالم والاعمال الوحشية ليس فقط على النساء وانما على رفقائهم الرجال. فالحرب، العنف، القتل، الفِرَق المسلَّحة التي تُشكَّل لقتل الاعداء السياسيين، والارهاب لا تزال الحالة السائدة في بلدان كثيرة. فما يلزم هو نظام حكم جديد بكامله للارض بأسرها. وتعليم جديد لكل الجنس البشري. وهذا ما وعد به اللّٰه بواسطة حكم ملكوته من السماء على الارض. حينئذ فقط سيكون العدل والانصاف الحقيقيان موجودَين للجميع — الرجال، النساء، والاولاد. وحينئذ فقط سيوجد الاحترام المتبادل الحقيقي بين الرجال والنساء. ويعبِّر الكتاب المقدس عن ذلك بهذه الطريقة في اشعياء ٥٤:١٣: «(يكون) كل بنيك [وبناتك] تلاميذ الرب وسلام بنيك [وبناتك] كثيرا.» نعم، ان التعليم الملائم بموجب مبادئ يهوه البارة سيساهم في عالم جديد من الاحترام المتبادل.
[الحاشيتان]
a انظروا «ماذا يعني الخضوع في الزواج؟» برج المراقبة، ١٥ كانون الاول ١٩٩١، الصفحات ١٩-٢١.
[الصورة في الصفحة ١٦]
كثيرا ما يمكن ان تمنح المرأة الناضجة مشورة مساعِدة
[الصورة في الصفحة ١٧]
الاشتراك في الاعمال المنزلية هو احدى الطرائق التي بها يمكن للرجل ان يظهر احترامه لزوجته
-