مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الاجهاد —‏ «القاتل الصامت»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • الاجهاد —‏ «القاتل الصامت»‏

      ‏«كان الضغط الشديد اول عَرَض احسست به.‏ وبدأ قرب عظم القَصّ في وسط صدري،‏ ثم امتد بسرعة الى كتفيَّ وعنقي وفكّيَّ،‏ واندفع نزولا من جديد الى كلتا ذراعيَّ.‏ شعرت كما لو ان فيلا سقط على صدري.‏ كنت اتنفس بصعوبة شديدة.‏ وصرت اتصبب عرقا.‏ وبدأت احس بمغص في امعائي،‏ وتبع ذلك غثيان لا يطاق.‏ .‏ .‏ .‏ وبعد ذلك،‏ فيما كان الممرضون يضعونني على السرير في المستشفى،‏ اتذكر انني قلت بارتياع:‏ ‹اني اتعرض لنوبة قلبية›.‏ كنت آنذاك في الرابعة والاربعين من العمر».‏

      بهذه الكلمات يصف الدكتور روبرت س.‏ أليوت،‏ في كتابه من الاجهاد الى القوة (‏بالانكليزية)‏،‏ اشرافه على الموت قبل اكثر من ٢٠ سنة.‏ ففي صباح ذلك اليوم،‏ حضر مؤتمرا ألقى فيه محاضرة —‏ وما يدعو الى السخرية هو ان المحاضرة تناولت موضوع النوبات القلبية.‏ وفجأة،‏ وجد الدكتور أليوت نفسه،‏ وهو طبيب قلب،‏ «في وحدة العناية بمرضى القلب،‏ انما تحت الشراشف لا فوقها» على حد تعبيره.‏ فإلى ماذا ينسب هذه الازمة المرَضية غير المتوقعة؟‏ يقول الدكتور أليوت:‏ «كانت ردود فعل جسمي للاجهاد تفتك بي من الداخل».‏a

      كما يتبين من قصة الدكتور أليوت،‏ يمكن ان يؤدي الاجهاد والتوتر الى عواقب وخيمة تشكل خطرا على الحياة.‏ وقد رُبطا في الولايات المتحدة ببعض ابرز اسباب الوفاة.‏ ويمكن لآثار الاجهاد والتوتر ان تتراكم خلال فترة من الوقت دون ان تُلاحَظ،‏ ثم تَظهر فجأة دون سابق انذار.‏ ولهذا السبب الوجيه دعي الاجهاد «القاتل الصامت».‏

      من المدهش ان الذين تُصنَّف شخصياتهم من الفئة أ —‏ وهي فئة المتسمين بقلة الصبر،‏ العدائية،‏ وروح المنافسة —‏ ليسوا وحدهم المعرضين للمشاكل المرتبطة بالاجهاد والتوتر.‏ فالذين يبدو انهم يتمتعون بشخصيات هادئة يمكن ايضا ان يكونوا في خطر،‏ وخصوصا اذا كان هدوؤهم مجرد قشرة خارجية هشّة،‏ مثل غطاء غير محكم الاغلاق موضوع على قدر كاتمة (‏طنجرة ضغط)‏.‏ ويشعر الدكتور أليوت ان ذلك صحيح في حالته.‏ وهو الآن يحذر الآخرين قائلا:‏ «يمكن ان تموتوا فجأة اليوم —‏ غير مدركين ان قنبلة موقوتة كانت موصولة لسنوات طويلة بقلبكم».‏

      لكنَّ النوبة القلبية والموت المفاجئ ليسا المشكلتين الوحيدتين اللتين ترتبطان بالاجهاد والتوتر،‏ كما ستُظهر المقالة التالية.‏

  • الاجهاد —‏ «القاتل الصامت»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ‏[الحاشية]‏

      a في حين انه قد يكون للاجهاد والتوتر دور بارز في تسبيب النوبات القلبية،‏ تُصاب الشرايين الاكليلية بضرر كبير في معظم الحالات نتيجة تصلب الشرايين.‏ لذلك من غير الحكمة ان يستخف الشخص بأعراض مرض القلب،‏ معتقدا على الارجح ان مجرد تخفيف الاجهاد والتوتر سيشفيه.‏ انظروا استيقظ!‏ عدد ٨ كانون الاول ١٩٩٦،‏ الصفحات ٣-‏١٣‏.‏

  • الاجهاد —‏ «السمّ البطيء»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • الاجهاد —‏ «السمّ البطيء»‏

      ‏«نسمع دائما اناسا يقولون:‏ ‹لا تُجهد نفسك وتقلق كثيرا،‏ وإلا مرضت›.‏ وهم لا يدركون على الارجح ان هنالك اساسا بيولوجيا لذلك».‏ —‏ الدكتور دايڤيد فلتِن.‏

      كان لامرأة تدعى جيل ما يكفي من الاسباب لتشعر بالاجهاد والتوتر،‏ لأنها ام متوحدة لابن مراهق،‏ مع حساب مصرفي يستمر في التضاؤل،‏ وعلاقة متوترة بوالديها.‏ وفجأة ظهر طفح لاذع حكّاك على ذراعها.‏ فجربت المضادات الحيوية،‏ مراهم الكورتيزون،‏ ومضادات الهستامين،‏ ولكن دون جدوى.‏ وبدلا من ذلك،‏ تفشى الطفح بكامل جسم جيل،‏ حتى بوجهها.‏ لقد كان الاجهاد يسبب لها مشاكل جلدية.‏

      أُحيلت جيل الى عيادة للامراض الجلدية تقوم بفحص الحالة النفسية لمرضاها.‏ يقول الدكتور توماس ڠراڠ،‏ الذي اشترك في انشاء هذه العيادة:‏ «نحاول معرفة ما يجري في حياتهم».‏ وغالبا ما يجد ان الاشخاص الذين يعانون مشاكل جلدية مستعصية بحاجة الى المساعدة على التحكم في الاجهاد والتوتر،‏ بالاضافة الى الرعاية الطبية.‏ ويعترف الدكتور ڠراڠ قائلا:‏ «اذا قلنا ان طريقة شعوركم او تصرفكم تسبب مرضا جلديا،‏ فنحن نبالغ في تبسيط الامور.‏ .‏ .‏ .‏ ولكن بإمكاننا القول ان حالة المرء النفسية تلعب دورا كبيرا في اضطرابات الجلد،‏ وينبغي ألا نستمر في كتابة وصفات طبية لشراء مرهم استروئيدي دون ان نساعد الشخص ايضا على معالجة الاجهاد في حياته».‏

      تشعر جيل بأن تعلّم التحكم في الاجهاد والتوتر انقذ جلدها.‏ تقول:‏ «صحيح اني لا ازال اعاني انتكاسات،‏ لكنَّ جلدي لم يعد في الحالة السيئة التي كان عليها من قبل».‏ وهل هذه حالة نادرة؟‏ كلا.‏ فكثيرون من الاطباء يعتقدون ان الاجهاد والتوتر يساهمان في اغلب الاحيان في الاصابة بعدد من الحالات الجلدية،‏ بما فيها الشرى hives،‏ الصُّداف،‏ العُدّ acne،‏ والاكزيما.‏ لكنَّ الاجهاد لا يؤثر في جلدكم فقط.‏

      الاجهاد وجهازكم المناعي

      تُظهر الابحاث الحالية ان الاجهاد يمكن ان يُثبط جهازكم المناعي،‏ ربما فاتحا المجال امام عدد من الامراض الخمجية.‏ يقول عالم الڤيروسات رونالد ڠلايزر:‏ «الاجهاد لا يجعلكم مرضى،‏ بل يزيد خطر اصابتكم بالمرض بسبب ما يفعله بجهازكم المناعي».‏ وهنالك براهين مقنعة تربط الاجهاد والتوتر بالزكام،‏ الانفلونزا،‏ والحلإ herpes.‏ فمع اننا نتعرض دائما لهذه الڤيروسات،‏ يقوم جهازنا المناعي بمقاومتها.‏ لكنَّ بعض الخبراء يقولون انه حين يكون المرء في كرب نفسي،‏ يمكن ان تنهزم دفاعاته.‏

      ان الآليات البيولوجية ذات العلاقة ليست مفهومة بشكل كامل حتى الآن،‏ لكنَّ البعض يقول ان الهرمونات المسؤولة عن دفعكم الى القيام بعمل عندما تكونون متوترين يمكن ان تعيق،‏ خلال تدفقها في مجرى الدم،‏ الوظيفة المناعية.‏ وعادةً لا يكون ذلك سببا للقلق،‏ لأن هذه الهرمونات تقوم بمهمة وقتية فقط.‏ لكنَّ البعض يقول انه اذا كان المرء يواجه توترا متواصلا وشديدا،‏ فقد يضعف جهازه المناعي الى حد صيرورته سريع التأثر بالامراض.‏

      ربما يفسِّر ذلك لماذا يقدِّر الاطباء الكنديون ان نحو ٥٠ الى ٧٠ في المئة من المرضى الذين يستشيرونهم يعانون مشاكل لها علاقة بالاجهاد والتوتر،‏ وهي تشمل عموما الصداع،‏ الارق،‏ التعب،‏ والمشاكل المَعِدية المِعَوية.‏ ويُقدَّر ان النسبة في الولايات المتحدة تتراوح بين ٧٥ و ٩٠ في المئة.‏ وتشعر الدكتورة جين كينڠ بأنها لا تبالغ حين تقول:‏ «الاجهاد المزمن هو كالسمّ البطيء».‏

      وجودهما ليس السبب الوحيد وغيابهما ليس العلاج الوحيد

      رغم كل ما ذُكر آنفا،‏ فإن العلماء ليسوا متأكدين ان الاجهاد والتوتر وحدهما يؤثران في الجهاز المناعي الى حد التأثير في الوضع الطبي للشخص.‏ لذلك لا يمكن الجزم ان كل مَن يتعرض للتوتر،‏ حتى في شكله المزمن،‏ سيمرض.‏ والعكس صحيح،‏ فلا يمكن القول ان غياب التوتر يضمن الصحة الجيدة،‏ وليس من الحكمة ايضا رفض تلقي العناية الطبية بسبب الفكرة الخاطئة التي تقول ان المرض يمكن التغلب عليه بقوة الارادة،‏ وذلك بالتفاؤل والتفكير الايجابي.‏ يحذر الدكتور دانيال ڠولْمن قائلا:‏ «ان الفكرة الجميلة ظاهريا،‏ والتي تقول ان موقف الشخص يشفيه من كل مرض،‏ ادت الى تشويش وسوء فهم منتشرين بشأن مدى تأثير العقل في المرض،‏ وربما الاسوأ من ذلك هو انها جعلت الناس يشعرون احيانا بالذنب حين يصابون بمرض،‏ كما لو ان المرض دليل على زلّة ادبية او عدم جدارة روحية».‏

      لذلك يلزم ان ندرك انه نادرا ما يمكن حصر سبب مرض ما في عامل واحد.‏ ومع ذلك،‏ يُرى من الرابط بين الاجهاد والمرض انه من الحكمة تعلُّم كيفية تخفيف تأثير هذا «السمّ البطيء» كلما امكن.‏

      وقبل التأمل في كيفية فعل ذلك،‏ لنلقِ نظرة عن كثب الى طبيعة التوتر ونرَ كيف يمكن ان ينفعكم ايضا في بعض الحالات.‏

  • الاجهاد —‏ «السمّ البطيء»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      بعض العلل التي رُبطت بالاجهاد

      ‏• الارجيات (‏امراض الحساسية)‏

      ‏• التهاب المفاصل

      ‏• الربو

      ‏• ألم الظهر والعنق والكتفين

      ‏• الزكام

      ‏• الكآ‌بة

      ‏• الاسهال

      ‏• الانفلونزا

      ‏• المشاكل المَعِدية المِعَوية

      ‏• الصداع

      ‏• المشاكل القلبية

      ‏• الارق

      ‏• الشقيقة

      ‏• القرحة الهضمية

      ‏• الاختلال الوظيفي الجنسي

      ‏• المشاكل الجلدية

  • التوتر الجيد والتوتر الرديء
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • التوتر الجيد والتوتر الرديء

      ‏«بما ان التوتر هو الاستجابة غير المحدَّدة التي يقوم بها الجسم لأية حاجة،‏ فالجميع عندهم دائما درجة من التوتر».‏ —‏ الدكتور هانس سيلْيِه.‏

      لكي يتمكن عازف الكمان من العزف،‏ يجب ان تكون اوتار آلته مشدودة —‏ انما الى درجة معينة فقط.‏ فإذا كانت مشدودة اكثر من اللازم،‏ انقطعت.‏ ولكن اذا كانت مرتخية اكثر من اللازم،‏ فلن تُصدر صوتا على الاطلاق.‏ لذلك فإن الدرجة الملائمة من الشدّ تقع بين طرفَي النقيض هذين.‏

      والامر مماثل في حالة التوتر.‏ فالكثير منه يمكن ان يؤذي،‏ كما سبق ورأينا.‏ ولكن ماذا عن عدم وجود ايّ توتر؟‏ في حين ان ذلك قد يبدو جميلا،‏ فالحقيقة هي انكم بحاجة الى التوتر —‏ على الاقل الى درجة معينة.‏ مثلا،‏ تخيلوا انكم تجتازون الطريق وفجأة تلمحون سيارة تتجه نحوكم بسرعة كبيرة.‏ انه التوتر الذي يمكّنكم من الابتعاد وتفادي الاذى —‏ وبسرعة!‏

      لكنَّ التوتر ليس نافعا للحالات الطارئة فحسب.‏ فأنتم بحاجة اليه ايضا لتقوموا بمهماتكم اليومية.‏ وتبقى عندنا جميعا درجة معينة من التوتر طوال الوقت.‏ ‹والطريقة الوحيدة لتجنب الاجهاد والتوتر هي الموت›،‏ كما يقول الدكتور هانس سيلْيِه.‏ ويضيف ان القول:‏ «فلان عنده توتر» لا معنى له كالتعبير:‏ «فلان عنده حرارة».‏ «فما نقصده عند التفوُّه بهاتين العبارتين»،‏ كما يقول سيلْيِه،‏ «هو ان فلانا يعاني درجة عالية من التوتر او الحرارة».‏ وبهذا المعنى يشتمل الاستجمام ايضا على التوتر،‏ وكذلك النوم،‏ لأنه يجب ان يواصل قلبكم النبض ورئتاكم التنفس.‏

      ثلاثة انواع من الاجهاد

      كما ان هنالك درجات مختلفة من الاجهاد،‏ هنالك ايضا انواع مختلفة منه.‏

      ينتج الاجهاد الحاد من ضغوط الحياة اليومية.‏ وغالبا ما يرتبط بالاوضاع غير السارّة التي يلزم ايجاد حل لها.‏ وبما انها امور عرَضية ووقتية فقط،‏ فمن الممكن التحكم في الاجهاد عادةً.‏ طبعا،‏ هنالك مَن ينتقلون من ازمة الى اخرى —‏ اشخاص تشكّل الفوضى جزءا من شخصيتهم كما يَظهر.‏ حتى هذا المستوى من الاجهاد والتوتر يمكن التحكم فيه.‏ لكنَّ الشخص الذين يعاني هذه المشكلة قد يقاوم التغيير،‏ الى ان يدرك التأثير الذي يمارسه نمط الحياة المضطرب هذا عليه وعلى الذين حوله.‏

      في حين ان الاجهاد الحاد وقتي،‏ فإن الاجهاد المزمن طويل الامد.‏ والشخص الذي يعاني هذا النوع الاخير لا يرى مخرجا لحالته،‏ سواء أكان يواجه ويلات الفقر ام بؤس عمل لا يحبه —‏ او بؤس بقائه بلا عمل.‏ ويمكن ان ينتج الاجهاد المزمن من المشاكل العائلية المتواصلة.‏ والاعتناء بقريب مريض يمكن ان يسبب الاجهاد والتوتر ايضا.‏ ومهما تكن الحال،‏ ينهك الاجهاد المزمن ضحيته يوما بعد يوم،‏ اسبوعا بعد اسبوع،‏ شهرا بعد شهر.‏ «والجانب الاسوأ للاجهاد المزمن هو ان الناس يعتادونه»،‏ كما يقول كتاب حول هذا الموضوع.‏ «يلاحظ الناس انهم يعانون الاجهاد الحاد بسرعة لأنه يكون جديدا؛‏ لكنهم يتجاهلون وجود الاجهاد المزمن لأنه يكون قديما،‏ مألوفا،‏ ويكاد يكون في بعض الاحيان مرْضيا».‏

      والاجهاد الناجم عن صدمة هو الاثر الذي تخلفه حادثة مأساوية،‏ كالاغتصاب،‏ حادث السير،‏ او الكارثة الطبيعية.‏ وكثيرون من قدامى المحاربين والناجين من معسكرات الاعتقال يعانون هذا النوع من الاجهاد.‏ وقد تشتمل اعراض هذا الاجهاد على ذكريات حية عن الصدمة،‏ حتى بعد مرور سنوات،‏ بالاضافة الى حساسية شديدة حيال امور تافهة.‏ وتُشخَّص احيانا لدى الشخص الذي يعاني هذا الاجهاد حالة تدعى «اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة».‏ —‏ انظروا الاطار اعلاه.‏

      حساسون اكثر للاجهاد والتوتر

      يقول البعض ان طريقة تجاوبنا مع الاجهاد في الوقت الحاضر تعتمد كثيرا على مدى ونوع الاجهاد الذي واجهناه في الماضي.‏ ويقولون ان الاحداث المحزنة يمكن ان تغيّر «التوصيلات» الكيميائية في الدماغ،‏ وهذا ما يجعل المرء حساسا اكثر للاجهاد والتوتر في المستقبل.‏ مثلا،‏ في دراسة شملت ٥٥٦ شخصا من المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية،‏ وجد الدكتور لورنس براس ان خطر الاصابة بسكتة دماغية بين الذين أُخذوا كأسرى حرب كان اكبر بثماني مرات من خطرها بين الذين لم يجرِ اسرهم —‏ حتى بعد مرور ٥٠ سنة من حدوث الجرح النفسي الاول.‏ «لقد كان الاجهاد الناجم عن الصيرورة اسير حرب شديدا جدا حتى انه غيَّر طريقة تجاوب هؤلاء الاشخاص مع الاجهاد في المستقبل —‏ لقد جعلهم حساسين اكثر».‏

      يقول الخبراء انه يجب ألا يُستخف بالاحداث المجهدة التي يمر بها المرء في طفولته،‏ لأنها قد تترك اثرا كبيرا.‏ تقول الدكتورة جين كينڠ:‏ «معظم الاولاد الذين يعانون جرحا نفسيا لا يؤخذون الى الطبيب».‏ وتتابع قائلة:‏ «فيتجاوزون المشكلة،‏ يتابعون حياتهم،‏ ثم يأتون الى مكاتبنا بعد سنين وهم يعانون كآ‌بة او مرض القلب».‏ تأملوا،‏ مثلا،‏ في الجرح النفسي الناجم عن خسارة احد الوالدين.‏ تقول الدكتورة كينڠ:‏ «ان اجهادا بهذا المقدار في الصغر يمكن ان يغيِّر بشكل دائم التوصيلات في الدماغ مما يُضعف قدرته على معالجة الاجهاد والتوتر الطبيعيين اللذين يحصلان كل يوم».‏

      طبعا،‏ تعتمد طريقة تجاوب المرء مع الاجهاد والتوتر على عدد من العوامل الاخرى ايضا،‏ بما فيها صحته الجسدية والمقوِّمات المتوفرة لمساعدته على مواجهة الاحداث المجهدة.‏ ولكن يمكن التحكم في الاجهاد والتوتر،‏ بصرف النظر عن سببهما.‏ صحيح ان ذلك ليس سهلا.‏ فقد ذكرت الدكتورة رايتشل يهودا:‏ «ان القول للشخص الذي صار حساسا للاجهاد والتوتر ان يرخي اعصابه وحسب هو كالقول لمَن يعاني الارق ان ينام».‏ ومع ذلك،‏ هنالك امور كثيرة بإمكان المرء ان يقوم بها لتخفيف الاجهاد والتوتر،‏ كما ستُظهر المقالة التالية.‏

  • التوتر الجيد والتوتر الرديء
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      الاجهاد في العمل —‏ «ظاهرة عالمية»‏

      يقول تقرير صادر عن الامم المتحدة:‏ «صار الاجهاد احدى اخطر المشاكل الصحية في القرن الـ‍ ٢٠».‏ ووجوده في مكان العمل واضح جدا.‏

      ‏• ان عدد المطالبات بالتعويض عن امور مرتبطة بالاجهاد،‏ والتي يقدمها الموظفون الحكوميون في اوستراليا،‏ ازداد ٩٠ في المئة في غضون ثلاث سنوات فقط.‏

      ‏• كشف استطلاع أُجري في فرنسا ان ٦٤ في المئة من الممرضين والممرضات و ٦١ في المئة من المعلمين والمعلمات يقولون انهم مستاؤون من الجو المتوتر الذي يعملون فيه.‏

      ‏• ان الامراض المرتبطة بالاجهاد تكلّف الولايات المتحدة ما يقدَّر بـ‍ ٢٠٠ بليون دولار كل سنة.‏ ويقدَّر ان ٧٥ الى ٨٥ في المئة من الحوادث الصناعية له علاقة بالاجهاد.‏

      ‏• وُجد في بلد بعد آخر ان النساء يعانين اجهادا اكثر من الرجال،‏ ربما لأنهن يهتممن بواجبات اكثر في البيت والعمل.‏ ان الاجهاد في العمل هو فعلا،‏ كما يدعوه تقرير الامم المتحدة،‏ «ظاهرة عالمية».‏

  • التوتر الجيد والتوتر الرديء
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة —‏ رد فعل طبيعي لتجربة غير طبيعية

      ‹كانت قد مرت ثلاثة اشهر على تحطم سيارتنا،‏ وأنا لا استطيع ان اكف عن البكاء او انام الليل كله.‏ وكنت ارتعب من مجرد مغادرة البيت›.‏ —‏ لويز.‏

      تعاني لويز اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة،‏ وهو مرض مضعِف يتميَّز بتكرُّر الذكريات او الاحلام غير المرغوب فيها عن حادث محزن.‏ والشخص المصاب بهذا الاضطراب يمكن ان يجفل بسرعة اكثر من اللازم.‏ مثلا،‏ يخبر مايكل دايڤيس،‏ وهو خبير بالصحة العقلية،‏ عن محارب قديم في ڤيتنام،‏ احتمى في يوم زفافه تحت الشجيرات عند سماعه صوت فرقعة سيارة.‏ يقول دايڤيس:‏ «كانت هنالك مؤشرات كثيرة حوله توحي بأن كل شيء على ما يرام.‏ فقد مرت ٢٥ سنة،‏ وهو في الولايات المتحدة لا في ڤيتنام،‏ .‏ .‏ .‏ ويرتدي بدلة رسمية بيضاء لا بدلة عسكرية.‏ ولكن عندما نشأ هذا الحافز القديم،‏ ركض واحتمى بشيء».‏

      ان الجرح النفسي الذي ينشأ في ارض المعركة هو احد اسباب اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة.‏ وحسب رسالة هارڤرد في الصحة العقلية (‏بالانكليزية)‏،‏ يمكن ان ينتج هذا الاضطراب من اية «حادثة او سلسلة حوادث فيها موت فعلي او تهديد بالموت،‏ او اصابة خطيرة او خطر الاصابة بأذى.‏ ويمكن ان يشمل ذلك كارثة طبيعية،‏ حادث سير،‏ او عملا بشريا:‏ فيضانا،‏ حريقا،‏ زلزالا،‏ تحطم سيارة،‏ انفجارا،‏ اطلاق نار،‏ تعذيبا،‏ خطفا،‏ اعتداء،‏ اغتصابا،‏ او اساءة الى ولد».‏ ومجرد مشاهدة الحادث المحزن او المعرفة عنه —‏ ربما من خلال كلام او صور كان لها وقع كبير في النفس —‏ يمكن ان يثير اعراض هذا الاضطراب،‏ وخصوصا اذا كان الحادث يشمل اعضاء العائلة او اصدقاء احماء.‏

      طبعا،‏ لا يُظهر الناس رد الفعل نفسه للجرح النفسي.‏ «فمعظم الاشخاص الذين يمرون بتجربة محزنة لا يصابون بأعراض نفسية خطيرة،‏ وحتى عندما تَظهر الاعراض،‏ فهي لا تأخذ بالضرورة شكل اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة»،‏ كما توضح رسالة هارڤرد في الصحة العقلية.‏ وماذا عن الذين يؤدي اجهادهم الى هذا الاضطراب؟‏ على مر الوقت،‏ يتمكن البعض من معالجة المشاعر المرتبطة بالجرح النفسي ويرتاحون.‏ ويستمر آخرون في التصارع مع ذكريات حادث محزن بعد سنوات كثيرة من حصوله.‏

      على اية حال،‏ ان الذين يعانون هذا الاضطراب —‏ والذين يريدون المساعدة —‏ ينبغي ان يتذكروا ان الشفاء يتطلب الصبر.‏ ويناشد الكتاب المقدس المسيحيين ان ‹يتكلموا بمؤاساة الى النفوس الكئيبة› وأن ‹يكونوا طويلي الاناة نحو الجميع›.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏١٤‏،‏ ع‌ج)‏ أما لويز،‏ المقتبس كلامها في المقدمة،‏ فقد مرت عليها خمسة اشهر قبل ان تتمكن من الجلوس وراء مقود السيارة من جديد.‏ وبعد اربع سنوات من الحادث،‏ قالت:‏ «رغم التقدم الذي احرزته،‏ لن اجد بعد الآن متعة في قيادة السيارة كما في السابق.‏ فالقيادة هي عمل انا ملزمة بفعله،‏ لذلك افعله.‏ لكني احرزت تقدما كبيرا بالمقارنة مع ما كنت اشعر به من يأس بعد الحادث».‏

  • من الممكن التحكم في الاجهاد والتوتر!‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • من الممكن التحكم في الاجهاد والتوتر!‏

      ‏«الحياة فيها دائما توتر،‏ لذلك فإن ما يجب ان نفحصه هو طريقة رد فعلنا حيال التوتر لا محاولتنا التخلص منه».‏ —‏ ليون تشايتوف،‏ كاتب شهير في مواضيع الصحة.‏

      انبأ الكتاب المقدس انه في «الايام الاخيرة»،‏ ستأتي «ازمنة صعبة».‏ وتُظهر الادلة بوضوح اننا نعيش في هذه الفترة،‏ لأن الناس هم —‏ تماما كما تقول النبوة —‏ ‹متعظمون مستكبرون مجدفون غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسون بلا حنو بلا رضى ثالبون عديمو النزاهة شرسون غير محبين للصلاح خائنون مقتحمون متصلفون›.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      فلا عجب ان تكون المحافظة على مقدار من هدوء الروح امرا صعبا!‏ وحتى الذين يحاولون العيش بسلام يتأثرون بذلك.‏ كتب المرنم الملهم داود:‏ «كثيرة هي بلايا الصدِّيق».‏ (‏مزمور ٣٤:‏١٩‏؛‏ قارنوا ٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏.‏)‏ ومع ذلك،‏ بإمكانكم فعل الكثير لتخفيف الاجهاد بحيث لا يسحقكم.‏ فتأملوا في الاقتراحات التالية.‏

      اهتموا بأنفسكم

      انتبهوا لما تأكلونه.‏ يشتمل النظام الغذائي الصحي على الپروتينات،‏ الفواكه،‏ الخضراوات،‏ الحبوب،‏ ومنتَجات الحليب.‏ احترزوا من الدقيق الابيض المكرَّر والدهون المشبعة.‏ انتبهوا لكمية الملح،‏ السكّر المكرَّر،‏ المشروبات الكحولية،‏ والكافئين التي تتناولونها.‏ حسِّنوا نظامكم الغذائي،‏ وهكذا يمكن ان تصيروا اقل تأثرا بالاجهاد والتوتر.‏

      مارسوا التمارين.‏ ينصح الكتاب المقدس قائلا:‏ «الرياضة الجسدية نافعة».‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏٨‏)‏ نعم،‏ فالتمارين الممارَسة باعتدال ومواظبة —‏ ينصح البعض بممارستها ثلاث مرات في الاسبوع —‏ تقوّي القلب،‏ تحسّن الدورة الدموية،‏ تخفِّض الكولسترول،‏ وتقلل احتمالات الاصابة بنوبة قلبية.‏ وأكثر من ذلك،‏ تولّد التمارين احساسا بالعافية،‏ ربما بسبب الإندورفينات التي تُطلَق خلال القيام بعمل شاق.‏

      خذوا قسطا وافيا من النوم.‏ تؤدي قلة النوم الى الارهاق وتخفض قدرتكم على التحكم في الاجهاد والتوتر.‏ اذا كنتم تجدون صعوبة في النوم جيدا،‏ فحاولوا الالتزام بأوقات معينة للخلود الى النوم والاستيقاظ.‏ وينصح البعض بأن لا تتجاوز القيلولة مدة ٣٠ دقيقة لكي لا تؤثر في نومكم نوما هانئا في الليل.‏

      نظموا اموركم.‏ ان الاشخاص الذين ينظمون وقتهم هم قادرون اكثر على مواجهة الاجهاد والتوتر.‏ ولكي تنظموا اموركم،‏ حددوا اولا المسؤوليات التي لها الاولوية.‏ ثم ضعوا برنامجا لتتأكدوا انكم لن تهملوا هذه المسؤوليات.‏ —‏ قارنوا ١ كورنثوس ١٤:‏٣٣،‏ ٤٠ وفيلبي ١:‏١٠‏،‏ ع‌ج.‏

      حافظوا على علاقات طيبة

      ليكن هنالك دائما مَن يدعمكم.‏ ان الاشخاص الذين عندهم اصدقاء ومعارف يتمتعون على الاقل بمقدار من الحماية في اوقات الشدة،‏ ولا يسحقهم الاجهاد والتوتر.‏ وسيساعدكم كثيرا ايجاد صديق امين واحد على الاقل لتأتمنوه على حالتكم.‏ يقول مثل في الكتاب المقدس:‏ «الرفيق الحقيقي يحب في كل وقت،‏ وهو اخ يولد لوقت الشدة».‏ —‏ امثال ١٧:‏١٧‏،‏ ع‌ج‏.‏

      حلّوا الخلافات.‏ كتب الرسول بولس:‏ «لا تغرب الشمس على غيظكم».‏ (‏افسس ٤:‏٢٦‏)‏ والحكمة من حلّ الخلافات بسرعة،‏ بدلا من كَنِّ مشاعر الغضب،‏ تُرى من دراسة شملت ٩٢٩ شخصا نجوا من نوبات قلبية.‏ فاحتمال الموت من توقف القلب خلال عشر سنوات من النوبة الاولى كان اكبر بثلاث مرات،‏ بين الذين عندهم معدلات عالية من الروح العدائية،‏ مما بين ذوي الطبع الهادئ.‏ ويشير واضعو الدراسة الى انه في حين يبدو ان الغضب هو العامل الاقوى،‏ إلا ان ايّ انفعال سلبي شديد يجعل هرمونات الاجهاد تتدفق بقوة في الجسم،‏ يمكن ان يخلّف الاثر نفسه.‏ تقول الامثال ١٤:‏٣٠‏:‏ «نخر العظام الحسد».‏

      خصّصوا الوقت للعائلة.‏ أُمر الوالدون الاسرائيليون بقضاء الوقت مع اولادهم،‏ غارسين المبادئ الصائبة في قلوبهم.‏ (‏تثنية ٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ وكان الرباط الذي ينتج من ذلك يقوّي تماسك العائلة —‏ امر من المؤسف ان عائلات اليوم تفتقر اليه.‏ وقد كشفت احدى الدراسات ان بعض الازواج والزوجات،‏ الذين يعمل كلاهما،‏ يقضون كمعدل ٥‏,٣ دقائق فقط كل يوم للعب مع اولادهم.‏ لكنَّ عائلتكم يمكن ان تكون مصدرا كبيرا للدعم عندما تواجهون الاجهاد.‏ يقول كتاب عن الاجهاد:‏ «العائلة هي مثل مجموعة الاشخاص الذين يجتمعون لتبادل التشجيع،‏ انما انتماؤكم اليها هو كعضو مؤسِّس وليس انتماء مشروطا.‏ وأعضاء هذه المجموعة يعرفونكم على حقيقتكم ويحبونكم كيفما كنتم».‏ ويتابع قائلا:‏ «العمل الجماعي الذي تقوم به العائلة هو احدى افضل الوسائل لتخفيف الاجهاد».‏

      اجعلوا الاتزان يسود حياتكم

      أظهروا التعقل.‏ فالشخص الذي ينهك نفسه جسديا وعاطفيا هو عرضة بشكل كبير للارهاق وربما للكآ‌بة.‏ والاتزان هو المفتاح.‏ كتب التلميذ يعقوب:‏ «الحكمة التي من فوق .‏ .‏ .‏ مترفقة [«متعقلة»،‏ ع‌ج‏]».‏ (‏يعقوب ٣:‏١٧‏؛‏ قارنوا جامعة ٧:‏١٦،‏ ١٧ وفيلبي ٤:‏٥‏،‏ ع‌ج.‏‏)‏ تعلموا ان ترفضوا الطلبات التي يكون الاهتمام بها فوق طاقتكم.‏

      لا تقارنوا نفسكم بشخص آخر.‏ تذكر غلاطية ٦:‏٤‏:‏ «ليمتحن كل واحد عمله وحينئذ يكون له الفخر من جهة نفسه فقط لا من جهة [«لا بالمقارنة مع»،‏ ع‌ج‏] غيره».‏ نعم،‏ حتى في مسائل العبادة،‏ لا يُجري اللّٰه مقارنات سلبية،‏ طالبا منا اكثر مما تسمح به ظروفنا.‏ وهو يقبل تقدماتنا وتضحياتنا ‹على حسب ما لنا لا على حسب ما ليس لنا›.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٨:‏١٢‏.‏

      خصصوا وقتا للاسترخاء.‏ حتى يسوع،‏ مع انه كان شخصا مثابرا،‏ خصص الوقت ليرتاح هو وأتباعه.‏ (‏مرقس ٦:‏٣٠-‏٣٢‏)‏ وقد شعر الكاتب الملهم لسفر الجامعة بأن الاسترخاء السليم له فوائده.‏ فقد كتب:‏ «مدحت الفرح لأنه ليس للانسان خير تحت الشمس إلا ان يأكل ويشرب ويفرح وهذا يبقى له في تعبه مدة ايام حياته التي يعطيه اللّٰه اياها تحت الشمس».‏ (‏جامعة ٨:‏١٥‏)‏ فيمكن للامور الممتعة الممارَسة باتزان ان تنعش الجسم وتساعد على صد الاجهاد والتوتر.‏

      امتلكوا نظرة منطقية الى الاجهاد

      حين تواجهون ظروفا تسبب التوتر:‏

      لا تستنتجوا ان اللّٰه ليس راضيا عليكم.‏ يخبرنا الكتاب المقدس ان حنة،‏ وهي امرأة امينة،‏ كانت طوال سنوات «مرّة النفس» (‏«مغتمّة غمًّا شديدا»،‏ الترجمة القانونية المنقَّحة [بالانكليزية])‏.‏ (‏١ صموئيل ١:‏٤-‏١١‏)‏ وفي مكدونية،‏ كان بولس «في ضيق من كل وجه».‏ (‏٢ كورنثوس ٧:‏٥‏،‏ ترجمة حريصا‏)‏ وكان يسوع قبل موته «في جهاد»،‏ وكان يشعر بتوتر كبير جدا حتى ان ‹عرقه صار كقطرات دم نازلة على الارض›.‏a (‏لوقا ٢٢:‏٤٤‏)‏ وكان هؤلاء خداما امناء للّٰه.‏ لذلك عندما تواجهون الاجهاد والتوتر،‏ لا يوجد سبب لتستنتجوا ان اللّٰه تخلى عنكم.‏

      تعلّموا من ظروفكم الصعبة.‏ كتب بولس انه كان عليه ان يحتمل «شوكة في الجسد»،‏ ولا شك انها كانت مشكلة صحية تُسبب له كربا شديدا.‏ (‏٢ كورنثوس ١٢:‏٧‏)‏ ولكن،‏ بعد نحو خمس سنوات،‏ تمكن من القول:‏ «لقد روَّضت نفسي في جميع الاحوال وفي كل منها،‏ على الشبع وعلى الجوع،‏ على الرفاهة وعلى الفاقة.‏ اني استطيع كل شيء في الذي يقوِّيني».‏ (‏فيلبي ٤:‏١٢،‏ ١٣‏،‏ حر‏)‏ لم يكن بولس فرحا بهذه ‹الشوكة في الجسد›،‏ لكنه تعلم من خلال احتمالها كيف يعتمد اكثر على اللّٰه ليتقوى.‏ —‏ مزمور ٥٥:‏٢٢‏.‏

      نموا الروحيات

      اقرأوا كلمة اللّٰه وتأملوا فيها.‏ قال يسوع:‏ «سعداء هم الشاعرون بحاجتهم الروحية».‏ (‏متى ٥:‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ فقراءة كلمة اللّٰه والتأمل فيها ضروريان.‏ وبالبحث الدؤوب في الاسفار المقدسة،‏ غالبا ما نجد كلمة التشجيع المناسبة التي نحتاج اليها لنتابع يومنا.‏ (‏امثال ٢:‏١-‏٦‏)‏ كتب صاحب المزمور:‏ «عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك [يا اللّٰه] تلذِّذ نفسي».‏ —‏ مزمور ٩٤:‏١٩‏.‏

      صلّوا بانتظام.‏ كتب بولس:‏ «لتُعلَم طلباتكم لدى اللّٰه.‏ وسلام اللّٰه الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع».‏ (‏فيلبي ٤:‏٦،‏ ٧‏)‏ نعم،‏ يمكن ‹لسلام اللّٰه› ان يتجاوز اضطراب مشاعرنا ويسكّنه،‏ حتى لو تطلب ذلك «قدرة فوق ما هو عادي».‏ —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏،‏ ع‌ج‏.‏

      احضروا الاجتماعات المسيحية.‏ تقدِّم الجماعة المسيحية دعما قيِّما،‏ لأنه يُطلب من المنتمين اليها ان ‹يلاحظوا بعضهم بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة .‏ .‏ .‏ واعظين [«مشجعين»،‏ ع‌ج‏] بعضهم بعضا›.‏ فلسبب وجيه قال بولس للمسيحيين العبرانيين في القرن الاول ‹ألا يتركوا اجتماعهم›.‏ —‏ عبرانيين ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      رجاء اكيد

      من المسلم به انه لتخفيف الاجهاد لا يكفي اتِّباع قاعدة بسيطة.‏ فغالبا ما يلزم اجراء تغيير كبير في التفكير.‏ مثلا،‏ قد يلزم ان يتعلم المرء طرائق جديدة يتفاعل بها مع ظروفه وإلا سحقته.‏ وفي بعض الحالات قد يستلزم تكرر الاجهاد او شدته طلب مساعدة طبية موثوق بها.‏

      طبعا،‏ لا احد اليوم يعيش حياة خالية كليا من التوتر الرديء.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يؤكد لنا ان اللّٰه سيحوِّل انتباهه قريبا الى البشر ويزيل الظروف التي تسبب لهم الكثير من التوتر المؤذي.‏ نقرأ في الرؤيا ٢١:‏٤ ان اللّٰه سيمسح «كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد».‏ وبعد ذلك سيسكن الجنس البشري الامين في امان.‏ انبأ النبي ميخا:‏ «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون مَن يرعب لأن فم رب الجنود تكلم».‏ —‏ ميخا ٤:‏٤‏.‏

  • من الممكن التحكم في الاجهاد والتوتر!‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • ‏[الاطار في الصفحة ١٢]‏

      الاجهاد والجراحة

      يأخذ بعض الاطباء بعين الاعتبار مستوى الاجهاد عند مرضاهم قبل ادخالهم غرفة العمليات.‏ مثلا،‏ يقول الدكتور كامران نزْهَت،‏ وهو جراح:‏

      «اذا قالت لي مريضة،‏ من المقرَّر اجراء عملية لها،‏ انها مذعورة ولا تريد ان تُجرى لها العملية،‏ ألغيها».‏ ولماذا؟‏ يوضح نزْهَت:‏ «كل جرّاح يعلم ان الاشخاص الخائفين جدا تجري الامور معهم بشكل سيئ خلال العملية.‏ فهم ينزفون كثيرا،‏ ويصابون بأخماج ومضاعفات اكثر.‏ وهم لا يتعافون بسهولة.‏ لذلك من الافضل كثيرا ان يكونوا هادئين».‏

  • من الممكن التحكم في الاجهاد والتوتر!‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • a يقال ان العرق الذي فيه دم يحدث في بعض حالات الاجهاد الفكري الشديد.‏ مثلا،‏ في حالة العُراق الدموي،‏ يُفرَز العرق مع لون خفيف سببه وجود دم او صباغ دموي المنشإ او سائل جسمي مخلوط بدم.‏ ولكن لا يمكن الجزم بشأن ما حدث تماما في حالة يسوع.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة