مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • المعتقدات الخرافية —‏ ما مدى انتشارها اليوم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • المعتقدات الخرافية —‏ ما مدى انتشارها اليوم؟‏

      في كل مكان —‏ في العمل،‏ المدرسة،‏ وسائل النقل العامة،‏ وفي الشارع —‏ يتكرر الامر نفسه.‏ فحين تعطسون يبادركم اناس لم تلتقوهم قط من قبل بالقول:‏ «يرحمك اللّٰه».‏ وتجدون عبارات مشابهة في لغات عديدة.‏ ففي المانيا يتجاوب الناس بقولهم:‏ ‏«ڠيزونتهايت».‏ ويُقال باللغة الانكليزية:‏ ‏«ڠاد بلِس يو»،‏ اما بعض الپولينيزيين في جنوب المحيط الهادئ فيقولون:‏ ‏«تيهاي ماوري اورّا».‏

      اذا كنتم تعتقدون ان هذه العبارات لا تتعدى كونها مجاملات شائعة تنبع من آداب اللياقة الاجتماعية فذلك لأنكم لم تحاولوا التأمل في ما تعنيه.‏ لكنَّ لهذه العبارات جذورا متأصلة في المعتقدات الخرافية.‏ وتتحدث مُويرا سميث،‏ امينة مكتبة في معهد الفولكلور في جامعة إنديانا،‏ في بلومنڠتون،‏ انديانا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ مشيرة الى العبارة الانكليزية:‏ «انها تنبع من الفكرة ان نفسكم تخرج منكم حين تعطسون».‏ ففي الواقع تعني عبارة «ڠاد بلِس يو»،‏ اي «ليحمِك اللّٰه»،‏ الالتماس من اللّٰه اعادة نفسكم اليكم.‏

      طبعا،‏ يوافق معظم الناس على الارجح ان الاعتقاد بنفس تهرب من الجسد عند العطس هو فكرة غير عقلانية البتة.‏ فلا عجب ان يقول قاموس وبستر الجامعي الجديد التاسع (‏بالانكليزية)‏ عن المعتقدات او الممارسات الخرافية انها:‏ «نتيجة الجهل،‏ الخوف من المجهول،‏ الثقة بالسحر او الحظ،‏ او مفهوم خاطئ عن العلاقة بين السبب والمسبِّب».‏

      ولا عجب ان يدعو فيزيائي من القرن الـ‍ ١٧ المعتقدات الخرافية في عصره «اخطاء عامة الشعب» التي يرتكبها غير المثقفين.‏ وهكذا فيما كان الجنس البشري يدخل القرن العشرين بإنجازاته العلمية،‏ تنبأت بتفاؤل دائرة المعارف البريطانية (‏بالانكليزية)‏،‏ اصدار سنة ١٩١٠،‏ عن الوقت الذي فيه «تُحرَّر الحضارة من آخر شبح للمعتقدات الخرافية».‏

      منتشرة كما كانت دائما

      لكن لم يكن من اساس لذلك التفاؤل الذي حصل منذ حوالي ثمانية عقود اذ تبدو المعتقدات الخرافية مترسخة الآن كما في السابق.‏ وهذه الاستمرارية هي ميزة المعتقدات الخرافية.‏ ففي اللغة الانكليزية تشتق الكلمة superstition التي تقابل «المعتقدات الخرافية» من اللاتينية super التي تعني «فوق»،‏ و stare اي «الوقوف».‏ والمحاربون الذين كانوا ينجون من المعركة دُعوا في الواقع superstites،‏ لأنهم عاشوا اكثر من رفقائهم الذين اشتركوا معهم في المعارك،‏ فهم حرفيا «وقفوا» فوقهم.‏ يذكر كتاب المعتقدات الخرافية (‏بالانكليزية)‏ ملمِّحا الى هذا الاشتقاق:‏ «ان المعتقدات الخرافية التي لا تزال موجودة اليوم انتصرت على العصور التي حاولت ان تمحوها».‏ تأملوا في بعض الامثلة لاستمرار المعتقدات الخرافية.‏

      ▫ بعد الموت الفجائي لحاكم مدينة آسيوية رئيسية،‏ ما كان من هيئة العاملين في المقر الرسمي بمعنوياتها المنحطة إلّا ان نصحت الحاكم الجديد باستشارة وسيط ارواحي مختص اقترح القيام بتغييرات في المقر وحوله.‏ وقد شعرت هيئة العاملين ان التغييرات قد تزيل تأثير النحس.‏

      ▫ حجر خصوصي هو الرفيق الدائم لمديرة شركة تدر ملايين الدولارات في الولايات المتحدة الاميركية.‏ فمنذ ان نجح اول معرض تجاري اقامته وهي لا تغادر البيت دون ان تحمله معها.‏

      ▫ غالبا ما يستشير المديرون التنفيذيون الآسيويون العرافين قبل ابرام صفقات تجارية هامة.‏

      ▫ رغم كل الجهود التي يبذلها رياضي في التمارين،‏ ينسب انتصاره الى قطعة من الثياب.‏ فيستمر في ارتدائها —‏ دون غسل —‏ في المباريات اللاحقة.‏

      ▫ يستعمل تلميذ قلما ما لتقديم فحص وينال علامة جيدة.‏ فيعتبر القلم «جالبا للحظ».‏

      ▫ في يوم الزفاف،‏ تهيئ العروس ثوب الزفاف بتأنٍّ بحيث يشتمل على «شيء قديم،‏ شيء جديد،‏ شيء مستعار،‏ وشيء ازرق».‏

      ▫ يفتح شخص كتابا مقدسا عشوائيا ويقرأ اول آية تقع عيناه عليها معتقدا ان هذه الكلمات ستزوِّده بالارشادات الخصوصية التي يحتاج اليها في تلك اللحظة.‏

      ▫ عندما يهدر محرك الطائرة منبئا بالاقلاع،‏ يرسم بعض المسافرين اشارة الصليب.‏ ويلمس البعض الآخر بلطف ميدالية «القديس» كريستوفر اثناء الرحلة.‏

      فمن الواضح ان المعتقدات الخرافية واسعة الانتشار جدا حتى في يومنا هذا.‏ وفي الواقع،‏ يقول ستيوارت أ.‏ ڤايس،‏ استاذ مساعد في علم النفس في جامعة كونكتيكت،‏ في كتابه الايمان بالسحر —‏ التحليل النفسي للمعتقدات الخرافية (‏بالانكليزية)‏:‏ «رغم اننا نعيش في مجتمع متقدم تقنيا،‏ فالمعتقدات الخرافية منتشرة كما كانت دائما».‏

      والمعتقدات الخرافية مترسخة اليوم الى حد ان الجهود المبذولة للقضاء عليها تبوء بالفشل.‏ ولماذا؟‏

  • المعتقدات الخرافية —‏ لمَ هي مترسخة الى هذا الحد؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • المعتقدات الخرافية —‏ لمَ هي مترسخة الى هذا الحد؟‏

      كما تعلمون،‏ لا يزال اشخاص كثيرون يعتبرون مرور هر اسود بهم نذير شؤم او يخافون المرور تحت سلَّم.‏ ويعتقد كثيرون ايضا ان يوم الجمعة الواقع في ١٣ من الشهر هو يوم نحس وأن الطابق الـ‍ ١٣ في اي مبنى خطر.‏ وهذه المعتقدات الخرافية مترسخة رغم انها غير عقلانية.‏

      فكروا في الامر.‏ لماذا يحمل بعض الناس قدم ارنب او يدقون على الخشب عندما يعبِّرون عن تفاؤلهم؟‏ أليس لأنهم يعتقدون،‏ دون اية براهين سليمة،‏ ان هذه الاعمال تجلب لهم الحظ السعيد؟‏ يذكر كتاب قاموس للمعتقدات الخرافية (‏بالانكليزية)‏:‏ «يعتقد العقل الذي يؤمن بالخرافات ان بعض الاشياء،‏ الاماكن،‏ الحيوانات،‏ او الاعمال تجلب الحظ السعيد (‏تمائم او فؤول حسنة)‏ وأن اخرى تجلب الحظ السيِّىء (‏فؤول سيئة او علامات سوء الحظ)‏».‏ —‏ انظروا غلاطية ٥:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏

      جهود للقضاء عليها في الصين

      من الواضح ان المعتقدات الخرافية نجت من المحاولات العصرية للقضاء عليها.‏ مثلا،‏ سنة ١٩٩٥ اصدر مجلس الشعب في شنڠهاي مرسوما حكوميا رسميا يحظر الممارسات الخرافية معتبرا اياها آثارا من ماضي الامة مرّ عليها الزمن.‏ وكان الهدف «استئصال المعتقدات الخرافية الرثة،‏ اصلاح التقاليد المتعلقة بمراسيم الدفن وتعزيز بناء عاصمة اكثر حضارة».‏ ولكن ماذا كانت النتيجة؟‏

      وفقا لأحد التقارير،‏ بقي الناس في شنڠهاي مخلصين لمعتقداتهم الخرافية.‏ وتحديا للحظر الرسمي للطقس الصيني الذي يشمل حرق اوراق نقدية مزيفة على قبور الاسلاف،‏ قال شخص يزور قبرا:‏ «حرقنا ١٩ بليون يوان [حوالي ثلاثة بلايين دولار اميركي]».‏ وأضاف:‏ «انه التقليد.‏ وهو يجعل الآلهة سعيدة».‏

      شدَّدت الصحيفة المشهورة ڠوانڠمينڠ دايلي (‏بالصينية)‏ على عدم فعالية الحظر،‏ معلقة انه قد يكون هنالك «خمسة ملايين عراف محترف في الصين،‏ فيما لا يتعدى العدد الاجمالي للاختصاصيين في التكنولوجيا والعلوم الـ‍ ١٠ ملايين».‏ وذكرت الصحيفة:‏ «يبدو ان كل شيء يشجع على وجود العرافين».‏

      وتقول الطبعة الدولية لـ‍ دائرة المعارف الاميركية (‏بالانكليزية)‏ في ما يتعلق باستمرار المعتقدات الخرافية:‏ «في كل الحضارات،‏ لا يجري الحفاظ على بعض التقاليد القديمة فحسب،‏ بل يُعاد ايضا تفسيرها وتتخذ مفاهيم جديدة».‏ واعترفت دائرة المعارف البريطانية الجديدة (‏بالانكليزية)‏ في طبعة حديثة:‏ «حتى في ما ندعوه العصر الحديث،‏ العصر الذي يُعطى فيه البرهان الموضوعي قيمة كبيرة،‏ يعترف معظم الناس،‏ بعد الالحاح عليهم في السؤال،‏ بأنهم سرًّا يعزون واحدا او اثنين من المعتقدات الخرافية او غير العقلانية».‏

      مقياس مزدوج

      كما يبدو،‏ يملك كثيرون مقياسا مزدوجا.‏ فهم لا يعترفون علنا بما يمارسونه في حياتهم الشخصية.‏ ويقول احد الكتَّاب ان هذا الامتناع نابع من خوفهم ان يَظهروا للآخرين بمظهر الاغبياء.‏ لذلك قد يفضِّل امثال هؤلاء ان يدْعوا معتقداتهم الخرافية عادات.‏ مثلا،‏ قد يسمي الرياضيون تصرفاتهم تقاليد ما قبل اللعب.‏

      ابدى صحفي مؤخرا ملاحظة ساخرة عن رسالة تمرَّر الى عدة اشخاص يُطلب من كلٍّ منهم ان يرسل نسخا منها الى آخرين.‏ وغالبا ما يوعَد الشخص الذي يساهم في تمرير هذه الرسالة بالحظ السعيد،‏ في حين يفترض ان يواجه مَن يعرقل مسيرة هذه الرسالة نتائج سيئة.‏ لكن عندما وصلت الرسالة الى الصحفي مرَّرها وقال:‏ «اريد ان تعرفوا انني لا افعل ذلك لأنني اومن بالخرافات.‏ فأنا اريد فقط تجنُّب الحظ السيِّىء».‏

      يشعر علماء الانثروپولوجيا والخبراء بعادات الشعوب ان العبارة «مؤمن بالخرافات» غير موضوعية؛‏ وهم يترددون في اعطاء انماط من السلوك هذا الوصف.‏ فهم يفضلون العبارات «الشاملة» اكثر لكن الملطَّفة مثل:‏ «معتقد وتقليد شعبي»،‏ «عادات شعبية»،‏ او «مجموعة المعتقدات».‏ ويعلِّق دِك هايمن بموضوعية،‏ في كتابه لئلا يصيبكم سوء الحظ —‏ المعتقدات الخرافية للعظماء والضعفاء (‏بالانكليزية)‏:‏ «كما الخطيئة والزكام،‏ لدى المعتقدات الخرافية القليل من المؤيدين ولكن الكثير من الممارسين».‏

      لكن مهما أُعطيت المعتقدات الخرافية من ألقاب فهي مستمرة.‏ ولماذا يحدث ذلك في هذا العصر العلمي المتقدم تقنيا؟‏

      لماذا هي مترسخة الى هذا الحد

      يؤكد البعض انه من الطبيعي ان يؤمن البشر بالخرافات.‏ ويوجد حتى مَن يدَّعون ان هنالك نزعة نحو المعتقد الخرافي في مورِّثاتنا.‏ لكن هنالك دراسات تثبت العكس،‏ فالناس يكتسبون المعتقدات الخرافية نتيجة ما يتعلمونه.‏

      ويوضح الپروفسور ستيوارت أ.‏ ڤايس:‏ «ان التصرف المتعلق بالمعتقدات الخرافية،‏ كمعظم التصرفات،‏ يكتسبه الناس خلال حياتهم.‏ فنحن لا نولد ونحن ندق على الخشب؛‏ بل نحن نتعلم ذلك».‏ ويُقال ان الناس يكتسبون الايمان بالسحر وهم صغار ويبقون سريعي التأثر بالمعتقدات الخرافية حتى بعد «تبنيهم احساسات الراشدين» بفترة طويلة.‏ وأين يكتسبون الكثير من المعتقدات الخرافية؟‏

      لمعتقدات خرافية كثيرة صلة وثيقة بالمعتقدات الدينية العزيزة على قلوب الناس.‏ مثلا،‏ كانت المعتقدات الخرافية جزءا من دين الذين سكنوا ارض كنعان قبل الاسرائيليين القدماء.‏ ويقول الكتاب المقدس ان عادات الكنعانيين شملت العرافة،‏ العيافة،‏ الاعتماد على الفؤول او السحر،‏ الرقية،‏ استشارة الوسطاء الارواحيين والتوابع،‏ واستشارة الموتى.‏ —‏ تثنية ١٨:‏٩-‏١٢‏.‏

      واشتهر اليونانيون القدماء ايضا بالمعتقدات الخرافية التي لها ارتباط بدينهم.‏ فقد آمنوا بوسطاء الوحي،‏ العرافة،‏ والسحر،‏ كما آمن الكنعانيون.‏ ونظر البابليون الى كبد حيوان لاعتقادهم انه يظهر اي مسلك يجب اتباعه.‏ (‏حزقيال ٢١:‏٢١‏)‏ واشتهروا ايضا بالمقامرة فكانوا يلتمسون مساعدة ما يدعوه الكتاب المقدس «اله ‹الحظ›».‏ (‏اشعياء ٦٥:‏١١‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ وإلى هذا اليوم يُعرف عن المقامرين ايمانهم بالمعتقدات الخرافية.‏

      والمثير للاهتمام ان عددا من الكنائس شجع فعليا على حب المقامرة.‏ وأحد الامثلة هو تشجيع الكنيسة الكاثوليكية على نشاطات مثل البنڠو.‏ وعن الموضوع نفسه،‏ ذكر احد المقامرين:‏ «انا متأكد ان الكنيسة الكاثوليكية تدرك [ان المقامرين يؤمنون جدا بالخرافات] لأن الراهبات كن يقفن دائما قرب حلبات السباق مع صناديق التبرع.‏ فكيف يمكن لكاثوليكي،‏ كما كان الكثيرون منا،‏ ان يرفض التبرع ‹لأخت› ويتوقع ان يربح في المراهنة في سباق الاحصنة؟‏ لذلك كنا نتبرع.‏ وإذا ربحنا في ذلك اليوم نجزل العطاء اكثر من المعتاد،‏ آملين ان يجلب لنا ذلك الربح المستمر».‏

      والمعتقدات الخرافية المتعلقة بعيد الميلاد،‏ احتفال تحييه كنائس العالم المسيحي،‏ انما هي امثلة تبرز الصلة الوثيقة بين الدين والمعتقدات الخرافية.‏ وتشمل هذه المعتقدات امل الزواج اذا جرى التقبيل تحت نبتة الهدال،‏ بالاضافة الى معتقدات خرافية كثيرة حول سانتا كلوز.‏

      ويعلِّق كتاب لئلا يصيبكم سوء الحظ ان المعتقدات الخرافية طوِّرت سعيا وراء «كشف خبايا المستقبل».‏ لذلك،‏ اليوم كما على مر التاريخ،‏ يستشير زعماء العالم وعامة الشعب على السواء العرافين وغيرهم ممن يدعون امتلاك القوى السحرية.‏ ويوضح كتاب لا تغنوا قبل الفطور،‏ لا تناموا في ضوء القمر (‏بالانكليزية)‏:‏ «احتاج الناس الى الاعتقاد بوجود تمائم ورقى تنجح في ازالة اهوال المعلوم وغير المعلوم».‏

      وهكذا فإن الممارسات الخرافية هي محاولة لمنح البشر شعورا بالسيطرة على مخاوفهم الى حدٍّ ما.‏ يقول كتاب اشبكوا اصابعكم،‏ ابصقوا في قبعتكم (‏بالانكليزية)‏:‏ «يعتمد [البشر] اليوم على المعتقدات الخرافية للاسباب نفسها التي امتلكوها على مر التاريخ.‏ فعندما يواجهون مواقف يصعب التحكم فيها —‏ معتمدة على ‹الحظ› او ‹الصدفة› —‏ تجعلهم المعتقدات الخرافية يشعرون اكثر بالامان».‏

      ورغم ان العلم حسَّن بطرائق متنوعة نصيب البشر،‏ فإن شعورهم بعدم الامان يبقى.‏ وفي الواقع،‏ ازداد عدم الامان بسبب المشاكل التي اوجدها العلم.‏ يقول الپروفسور ڤايس:‏ «ان المعتقدات الخرافية والايمان بقدرة فوق الطبيعة هي جزء لا يتجزأ من حضارتنا .‏ .‏ .‏ لأن عالمنا الحاضر قوَّى احساسنا بعدم اليقين».‏ واستنتجت دائرة معارف الكتاب العالمي (‏بالانكليزية)‏:‏ «ستبقى المعتقدات الخرافية على الارجح جزءا من حياة الناس ما دامت .‏ .‏ .‏ الشكوك تساورهم بشأن المستقبل».‏

      اذًا باختصار،‏ يستمر وجود المعتقدات الخرافية لأنها متأصلة في المخاوف الشائعة عند البشر ومدعومة من معتقدات دينية كثيرة يعزها البشر.‏ لكن هل يجب ان نستنتج ان المعتقدات الخرافية تخدم هدفا مفيدا لأنها تساعد الناس على مواجهة عدم اليقين؟‏ هل هي غير مؤذية؟‏ او هي امر خطير ينبغي تجنبه؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

      قد يكون هنالك خمسة ملايين عراف في الصين وحدها

      ‏[الصورة في الصفحة ٦]‏

      بترويج البنڠو،‏ عزَّزت كنائس كثيرة المعتقدات الخرافية

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      تقاليد عيد الميلاد،‏ مثل التقبيل تحت نبتة الهَدَال،‏ متأصلة في المعتقدات الخرافية

  • المعتقدات الخرافية —‏ لمَ هي خطيرة الى هذا الحد؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٢
    • المعتقدات الخرافية —‏ لمَ هي خطيرة الى هذا الحد؟‏

      هل يمكن ان تؤذيكم المعتقدات الخرافية؟‏ قد يستبعد البعض هذه الفكرة او يقللون من شأنها.‏ رغم ذلك،‏ يحذر الپروفسور ستيوارت أ.‏ ڤايس في كتابه الايمان بالسحر —‏ التحليل النفسي للمعتقدات الخرافية (‏بالانكليزية)‏:‏ «قد تؤدي المعتقدات الخرافية الى نوعية حياة رديئة اذا صرف المرء اموالا طائلة على الوسطاء الارواحيين،‏ العرافين،‏ المتكهنين بواسطة الارقام او قارئي الغيب من خلال ورق اللعب المستخدم للتنبؤ،‏ او اذا ساهمت المعتقدات الخرافية ان يستمر المرء في الادمان على المقامرة».‏ ويمكن ان يؤدي السماح للمعتقدات الخرافية بالسيطرة على حياتنا الى عواقب اشد خطرا.‏

      كما رأينا،‏ تهدف معتقدات خرافية كثيرة الى تهدئة المخاوف بشأن المستقبل.‏ لكن من المهم ان نميِّز بين المعتقد الخرافي والمعرفة الموثوق بها عما يكمن امامنا.‏ تأملوا في مثل.‏

      قصة منوِّرة

      سنة ١٥٠٣،‏ بعد اشهر من الاستكشاف على طول شاطئ اميركا الوسطى،‏ استطاع كريستوفر كولومبس ان يرسي آخر سفينتين عنده في ما هو اليوم جزيرة جامايكا.‏ في البداية،‏ شارك سكان الجزر بكل طيب خاطر البحارة المستكشفين في الطعام.‏ لكن مع الوقت،‏ توقفوا عن تزويد البحارة بالطعام بسبب سلوكهم الرديء.‏ فكانت الحالة حرجة اذ كان سيمضي بعض الوقت قبل ان تصل سفينة اخرى لإنقاذهم.‏

      وبحسب الرواية،‏ راجع كولومبس روزنامته وعلم ان خسوفا كليا للقمر سيحدث في ٢٩ شباط (‏فبراير)‏ سنة ١٥٠٤.‏ فحذَّر سكان الجزر،‏ مستغلا ايمانهم بالخرافات،‏ من ان الظلام سيغطي القمر اذا لم يزودوا طاقمه بالطعام.‏ لكنَّ سكان الجزيرة تجاهلوا الانذار —‏ حتى بدأ الخسوف!‏ عندئذ،‏ «بكثير من الولولة والنحيب،‏ اتوا راكضين من كل النواحي الى السفينتين محملين بالمؤن».‏ فزُوِّد المستكشفون بالطعام طوال فترة بقائهم.‏

      بالنسبة الى سكان الجزيرة،‏ انجز كولومبس سحرا قويا.‏ لكنَّ استنتاجهم كان نتيجة معتقدات خرافية بحتة.‏ وفي الواقع،‏ كان «التنبؤ» مؤسسا على حركات ثابتة للارض،‏ القمر،‏ والشمس.‏ ويستطيع الفلكيون بثقة ان يتنبأوا عن امور مثل الخسوف والكسوف قبل حدوثهما بوقت طويل،‏ وتظهر هذه المعلومات في الروزنامات.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ تسمح دقة تحركات الاجرام السماوية للفلكيين ان يعرفوا بدقة وفي اي تاريخ محدَّد اين سيكون موقعها.‏ لذلك،‏ عندما تعلن صحيفتكم وقت شروق الشمس او غروبها تقبلون ذلك كواقع.‏

      والخالق العظيم لهذه الاجرام السماوية هو،‏ في الواقع،‏ مصدر المعلومات الصادرة عن اوقات الكسوف والخسوف،‏ وشروق الشمس وغروبها.‏ أما تنبؤات العرافين،‏ الوسطاء الارواحيين،‏ المحدِّقين في الكرات البلورية،‏ قارئي الغيب بواسطة ورق اللعب المستخدم للتنبؤ،‏ فهي تأتي من مصدر مختلف مقاوم للّٰه القادر على كل شيء.‏ تأملوا في ما نعنيه.‏

      مصدر خطر

      في اعمال ١٦:‏١٦-‏١٩‏،‏ يخبر السجل المقدس ان «جارية» في مدينة فيلبي القديمة اكسبت سادتها ربحا كثيرا «بممارسة مهنة التكهُّن».‏ لكنَّ الرواية تقول بصراحة ان مصدر تنبؤاتها لم يكن الخالق الكليّ القدرة،‏ انما «روح شيطان يمكِّنها من العرافة».‏ ولذلك عندما طرد الرسول بولس الشيطان،‏ فقدت الجارية قدراتها على التنبؤ.‏

      عندما نفهم ان مثل هذه التنبؤات تأتي من مصدر شيطاني،‏ نفهم لماذا نصَّت شريعة اللّٰه التي اعطاها لإسرائيل القديمة على ما يلي:‏ «لا يوجد فيك مَن .‏ .‏ .‏ يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا مَن يرقي رقية ولا مَن يسأل جانا او تابعة .‏ .‏ .‏ لأن كل مَن يفعل ذلك مكروه عند الرب».‏ (‏تثنية ١٨:‏١٠-‏١٢‏)‏ في الواقع،‏ اعتبرت الشريعة مثل هذه الممارسات جريمة تستوجب الموت.‏ —‏ لاويين ١٩:‏٣١؛‏ ٢٠:‏٦‏.‏

      وقد تتعجبون عندما تعلمون ان القوى الشريرة هي وراء ممارسات خرافية كثيرة تبدو غير مؤذية.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يقول ان الشيطان ‹يغيِّر شكله الى ملاك نور›.‏ (‏٢ كورنثوس ١١:‏١٤‏)‏ ويمكن للشيطان والابالسة التي يسيطر عليها ان يجعلوا الممارسات الخطرة تبدو غير مؤذية،‏ حتى مفيدة.‏ وأحيانا،‏ قد يبتدعون اشياء تنذر بالشؤم ثم يجعلونها تتحقق،‏ فتضلِّل المتفرجين اذ يعتقدون ان هذه الفؤول تأتي من اللّٰه.‏ (‏قارنوا متى ٧:‏٢١-‏٢٣؛‏ ٢ تسالونيكي ٢:‏٩-‏١٢‏)‏ ويوضح ذلك لماذا تتحقق احيانا بعض التنبؤات التي يتنبأ بها الذين يدَّعون امتلاك قدرات خصوصية.‏

      طبعا،‏ كثيرون ممَّن يدَّعون امتلاك قوى خصوصية،‏ ان لم يكن معظمهم،‏ هم مزيفون،‏ دجالون يسعون الى سلب اموال الغافلين.‏ ولكن سواء أكانوا مزيفين ام لا،‏ يستخدمهم الشيطان كلهم بفعالية ليحوِّل الناس عن يهوه،‏ ويعميهم عن «البشارة المجيدة».‏ —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      تمائم «الحظ» والصنمية

      وماذا عن تمائم «الحظ» والممارسات الخرافية التي يستعملها الناس لينالوا شعورا بالامان والسيطرة على الحوادث العشوائية في الحياة؟‏ تشتمل هذه الامور على عدد من المخاطر المخفية.‏ احدها هو ان الشخص المؤمن بالخرافات قد يسلِّم فعليا زمام حياته الى قوى غير منظورة.‏ وهو يتخلى عن كل منطق مستسلما لمخاوف غير عقلانية.‏

      ويذكر احد الكتَّاب خطرا ضمنيا آخر.‏ يقول:‏ «عندما يعتمد شخص على تميمة الحظ السعيد للحماية وتفشل التميمة في ذلك،‏ يمكن ان يلوم الشخص افعال الآخرين على حظه السيِّىء عوض ان يتحمل المسؤولية هو بنفسه».‏ (‏قارنوا غلاطية ٦:‏٧‏.‏)‏ ومن المثير للاهتمام ان كاتب المقالات رالف والدو أمرسون اعلن مرة:‏ «الرجال السطحيون يؤمنون بالحظ .‏ .‏ .‏ اما الفهماء فيؤمنون بالسبب والنتيجة».‏

      وغالبا ما يؤدي عمل «السبب والنتيجة» في حياتنا الى الحوادث العشوائية —‏ «الوقت والعرض» اللذين نتعرض لهما جميعا.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ فليست الحوادث العشوائية نتيجة نزوات «الحظ السيِّىء».‏ ويعلم المسيحيون ان الممارسات الخرافية والتمائم السحرية لا تؤثر في نتيجة الحوادث العشوائية.‏ فعندما تقع هذه الحوادث،‏ نتذكر حق الكتاب المقدس:‏ «لا تعرفون ما تكون حياتكم غدا.‏ فانتم ضباب يظهر قليلا ثم يختفي».‏ —‏ يعقوب ٤:‏١٤‏.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ يعرف المسيحيون الحقيقيون ان تمائم الحظ السعيد والممارسات او العادات الخرافية تحظى دائما باهتمام توقيري.‏ لذلك يعتبر المسيحيون كل هذه الامور اشكالا من الصنمية يدينها الكتاب المقدس بوضوح.‏ —‏ خروج ٢٠:‏٤،‏ ٥؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١‏.‏

      كيف نعرف المستقبل

      هذا لا يعني ان المسيحيين لا يهتمون بالمستقبل.‏ بالعكس،‏ يدل التفكير السليم ان معرفة ما يكمن امامنا لها قيمة حقيقية.‏ فإذا عرفنا مسبقا ماذا سيحدث،‏ يمكن ان نتخذ الخطوات المناسبة لنستفيد ونفيد احباءنا.‏

      لكن من الضروري استقاء هذه المعلومات من المنبع الصحيح.‏ حذَّر النبي اشعيا:‏ «سيقول لكم الشعب اطلبوا رسائل من العرافين والوسطاء الارواحيين .‏ .‏ .‏ فينبغي ان تجيبوهم:‏ ‹اصغوا الى ارشاد الرب!‏ لا تصغوا الى الوسطاء الارواحيين —‏ فما يخبرونكم به لا يفيدكم ابدا›».‏ —‏ اشعيا ٨:‏١٩،‏ ٢٠‏،‏ الترجمة الانكليزية الحديثة.‏

      والمنبع الحقيقي للمعلومات الموثوق بها عن المستقبل هو كاتب الكتاب المقدس.‏ (‏٢ بطرس ١:‏١٩-‏٢١‏)‏ ويحتوي هذا الكتاب الموحى به براهين وافرة تؤكد ان النبوات التي اعطاها اللّٰه القادر على كل شيء،‏ يهوه،‏ يمكن الوثوق بها —‏ ثقة تضاهي في الواقع الثقة «بالتنبؤات» المتعلقة بحركات الاجرام السماوية الموجودة في روزنامات لا تحصى.‏ ولتوضيح دقة تفاصيل نبوة الكتاب المقدس،‏ تأملوا في هذا المثل.‏ لنفترض ان شخصا بارزا اليوم تنبأ علنا بحوادث ستحدث بعد ٢٠٠ سنة،‏ اي سنة ٢١٩٩،‏ وأن نبوته تحتوي هذه التفاصيل:‏

      ◻ ستندلع حرب عظيمة بين امتين ليستا بعد قوتين عالميتين متنافستين،‏ والنتيجة ستغير التاريخ.‏

      ◻ تشمل الخطة الحربية المستخدمة عملا هندسيا عظيما يغيِّر مجرى نهر عظيم.‏

      ◻ يُعطى اسم الفاتح —‏ قبل سنين من ولادته.‏

      ◻ يوصف المصير النهائي للخاسر مما يجعل التنبؤ يغطي فترة من قرون اضافية في المستقبل.‏

      اذا صحت كل هذه التنبؤات،‏ أفلا يدفع ذلك الناس ان يأخذوا بعين الاعتبار امورا اخرى قالها هذا الشخص عن المستقبل؟‏

      وما وُصف الآن حدث بالفعل.‏ فقبل ٢٠٠ سنة تقريبا من الهزيمة التي ألحقتها قوات مادي وفارس ببابل،‏ اخبر يهوه بواسطة نبيِّه اشعيا ما يلي:‏

      ◻ تندلع حرب عظيمة بين مادي وفارس من جهة وبابل من جهة اخرى.‏ —‏ اشعياء ١٣:‏١٧،‏ ١٩‏.‏

      ◻ تشمل الخطة المتبعة تجفيف نهر هو كخندق دفاع.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ تُترك ابواب المدينة المحصنة مفتوحة.‏ —‏ اشعياء ٤٤:‏٢٧–‏٤٥:‏٢‏.‏

      ◻ يُدعى الفاتح كورش —‏ نبوة ذُكرت قبل نحو ١٥٠ سنة من ولادته.‏ —‏ اشعياء ٤٥:‏١‏.‏

      ◻ مع مرور الوقت،‏ تصبح بابل بكاملها خِرَبا.‏ —‏ اشعياء ١٣:‏١٧-‏٢٢‏.‏

      وقد تمت كل النبوات بحذافيرها.‏ أليس جديرا باهتمامكم اذًا ان تتأملوا في نبوات اخرى قالها يهوه في كلمته المكتوبة؟‏

      المستقبل العظيم الذي يعد به اللّٰه

      بمَ ينبئ الكتاب المقدس؟‏ يعد الكتاب المقدس انه في عالم اللّٰه الجديد لن يتألم احد بسبب الشعور بعدم الامان بشأن المستقبل.‏ لاحظوا الضمانة التي يعطيها اللّٰه للعائشين في ذلك الوقت:‏ «لا يكون مَن يرعب».‏ —‏ ميخا ٤:‏٤‏.‏

      ويعد الكتاب المقدس ايضا ان اللّٰه ‹يفتح يده فيشبع كل حي رضى›.‏ (‏مزمور ١٤٥:‏١٦‏)‏ وهل تحقيق هذا الوعد بعيد جدا؟‏ كلا!‏ فقد تنبأ الكتاب المقدس قبل وقت طويل ان الظروف الحالية التي نراها على الارض اليوم تزوِّد البرهان على اننا نعيش في «الايام الاخيرة» من النظام الشرير الحاضر.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏.‏

      قريبا سينهي الخالق المحب هذه الاحوال الشريرة.‏ سيوقف كل الحروب —‏ مصدر عدم الامان العالمي والالم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سيختفي الحقد،‏ الانانية،‏ الجريمة،‏ والعنف الى الابد.‏ يعد الكتاب المقدس:‏ «الودعاء .‏ .‏ .‏ يرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة».‏ —‏ مزمور ٣٧:‏١٠،‏ ١١‏.‏

      والصحة الجيدة هي احدى البركات الكثيرة التي سيتمتع بها الناس في هذا العالم الجديد.‏ حتى الموت والاحزان التي ترافقه لن تعود موجودة.‏ فاللّٰه نفسه قال:‏ «ها انا اصنع كل شيء جديدا».‏ —‏ كشف ٢١:‏٤،‏ ٥‏.‏

      في ذلك الوقت لن يتعرض احد للحوادث العشوائية التي تغير الحياة اليوم وتدمرها.‏ وسيزول ايضا الابالسة الاشرار والشيطان،‏ مصدر المخاوف الخرافية والاكاذيب الشريرة.‏ وهذه الحقائق المثيرة موجودة في الكتاب المقدس.‏

      ‏[الصور في الصفحتين ٨ و ٩]‏

      المعتقدات الخرافية لها صلة وثيقة بالممارسات الارواحية

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Except woman inside crystal ball: Les Wies/Tony Stone Images

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      عالم اللّٰه الجديد سيخلو من المعتقدات الخرافية

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة