مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الدَّفع من اجل النبوغ
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • الدَّفع من اجل النبوغ

      ‏«كان يمكن ان يزخر العالم بعمالقة الفكر كاينشتاين،‏ شكسبير،‏ بتهوفن،‏ ليوناردو دا فينشي،‏ لو علَّمنا اطفالا عوض ان نعلم اولادا.‏» —‏ الدكتور غلين دومَن،‏ مدير معاهد انجاز الامكانية البشرية.‏

      ‏«اذاً لا يولد طفل نابغةً،‏ ولا يولد احد غبياً.‏ فذلك كله يعتمد على تنبيه خلايا الدماغ خلال السنوات الحاسمة.‏ وهذه السنوات هي من الولادة الى الثلاث سنوات.‏ وعند روضة الاطفال يكون قد فات الاوان.‏» —‏ مسارو ابوكا،‏ مؤلف كتاب ‏«عند روضة الاطفال يكون قد فات الاوان!‏»‏

      ان الامكانية الرهيبة لادمغة الاطفال تقدم للآباء قرارا.‏ فمتى تبتدئون تدريبا خصوصيا؟‏ ماذا تعلِّمونهم؟‏ وكم؟‏ بأية سرعة؟‏ كانت بعض النتائج مذهلة:‏ اولاد صغار بين الثانية والخامسة من العمر يقرأون،‏ يكتبون،‏ يتكلمون لغتين او اكثر،‏ يعزفون موسيقى كلاسيكية على الكمان والبيانو،‏ يمتطون الخيول،‏ يسبحون،‏ يمارسون الرياضة الجمنازية.‏

      والهدف في معظم الاحوال هو العقلي عوضا عن الجسدي.‏ فهنالك ابن سنتين يعدّ حتى الـ‍ ١٠٠،‏ يجمع بدقة،‏ لديه مفردات تبلغ ٠٠٠‏,٢ كلمة،‏ يقرأ جملا من ٥ كلمات،‏ وقد طوَّر طبقة صوت كاملة.‏ وهنالك ابن ثلاث سنوات يسمّي اجزاء الخلية عندما يشيرون اليها على الرسم:‏ الحبيبات الخيطية،‏ الشبكة البلازمية الداخلية،‏ اجسام غولجي،‏ المُريكزات،‏ الجويفات،‏ الصبغيات،‏ وهلم جرا.‏ وابن ثلاث سنوات آخر يعزف على الكمان.‏ وابن اربع سنوات ينقل اللغة اليابانية والفرنسية الى الانكليزية.‏ ويزعم معلِّم يدرِّس الاولاد الصغار الرياضيات:‏ «اذا رميتُ ٥٩ بنسا على الارض يستطيع اولادنا اخبارك على الفور انها ٥٩ وليس ٥٨.‏»‏

      بينما يتحمَّس البعض لمثل هذا التدريب المكثَّف يتحفَّظ آخرون حياله.‏ وفي ما يلي مقتطفات نموذجية من ردود فعل المحترفين في الحقل:‏

      ‏«ان الدليل،‏ بالاجمال،‏ لا يؤيد كثيرا ابتداء الاولاد بالمهارات المدرسية في سن مبكرة.‏ وثمة دليل وافر على امكان القيام بذلك.‏ ولكنّ المسألة ليست ما اذا كان ممكنا القيام بذلك بل بالحري ما هي الآثار الفورية وكذلك البعيدة المدى.‏»‏

      ‏«انها نظرية تُحوِّل الاولاد الى اجهزة كومبيوتر صغيرة،‏ ولا تعطيهم مجالا للتنفس.‏»‏

      ‏«يتعلم الاولاد بأخذ المبادرة واكتشاف محيطهم بنفسهم.‏ وقد نسبِّب تضاربا [بدفع التطور العقلي] مع تطور آخر يجري [كالتطور العاطفي والمهارات الاجتماعية].‏»‏

      ‏«رسالتي هي،‏ احذروا من مساواة الذكاء بالتطور الجيد.‏ فكثيرا ما يجري الحصول على التفوّق العقلي على حساب التقدم في مجالات اخرى ذات اهمية معادلة او اعظم.‏»‏

      ‏«هذه ليست علاقة سليمة بين اب وطفل.‏ فهي تعطي الولد الرسالة:‏ ‹احبك لانك ذكي.‏›»‏

      هنالك دون شك بعض الآباء الذين يدفعون اولادهم،‏ محاولين تحويلهم الى اطفال عباقرة او نوابغ.‏ وفي حالات كهذه ساد الغرور والكبرياء الابويان.‏ فيُستخدم الاولاد كتُحف وينعم الآباء بالمجد المنعكس.‏ ولكن لا يبدو ان هذا هو الدافع عند بعض القادة في هذا الحقل من التعليم المبكر.‏

      وغلين دومَن،‏ الذي جرى الاقتباس منه في بداية هذه المقالة،‏ هو ضد فكرة انتاج اطفال فائقين.‏ فهدفه هو:‏ «منح كل الآباء المعرفة لجعل اطفالهم اذكياء جدا،‏ مقتدرين الى حد بعيد،‏ واولادا مبهجين.‏» فيجب ان يكون التعلُّم متنوعا ومسليا للاطفال.‏ ويجب ان يكونوا مصقولين عقليا،‏ جسديا،‏ عاطفيا.‏ ودومَن هو ضد الامتحان.‏ «الامتحان هو نقيض التعلُّم.‏ وهو مليء بالضغط.‏ فتعليم الولد هو اعطاؤه هدية مبهجة.‏ وامتحانه هو طلب دفعة —‏ مقدَّما.‏»‏

      أما مسارو ابوكا،‏ الذي جرى الاقتباس منه ايضا في البداية،‏ فقال عندما سُئل ان كان التدريب المبكر يُنتج نبوغا:‏ «ان الهدف الوحيد للتطوير المبكر هو تعليم الطفل أن يحرز عقلا مرنا وجسما سليما وأن يكون ذكيا ولطيفا.‏»‏

      أما شينيشي سوزوكي،‏ المشهور بنجاحه في تدريب الاولاد في العزف على الكمان،‏ فيقول:‏ «ان هذه العبارة ‹تعلُّم المواهب› لا تنطبق على المعرفة او المهارة التقنية وحسب بل ايضا على الآداب،‏ بناء الشخصية وتقدير الجمال.‏ ونحن نعرف ان هذه هي خصائص بشرية يجري اكتسابها بالتعلُّم والبيئة.‏ وهكذا فان حركتنا لا تهتم بتنشئة ما يُدعى بالاطفال العباقرة،‏ وهي لا تعتزم التشديد على مجرد ‹التطور المبكر.‏› فيجب ان نعبِّر عن ذلك ‹بمجموع التعلُّم البشري.‏›»‏

      ويرى سوزوكي ان فرض التمرُّن عديم الفعالية وغير مرغوب فيه على حد سواء.‏ وعندما سُئل كم ينبغي ان يطول تمرُّن الاولاد لم يحدِّد برنامجا صارما على الاطلاق.‏ «ان التمرُّن خمس مرات في اليوم لمدة دقيقتين مع الاستعداد والانتباه الجيد،‏» يقول،‏ «هو افضل من الالتصاق بهم نصف ساعة وهم يصدّون.‏» ومعادلته هي:‏ «دقيقتان مع الفرح خمس مرات في اليوم.‏»‏

      اذاً،‏ ما هو الاتزان المناسب في استعمال التعلُّم المبكر لولدكم الصغير؟‏ تقدِّم المقالة التالية بعض الخطوط الارشادية للتأمل فيها.‏

  • درِّبوا ولدكم في الطريق الصحيح —‏ وافعلوا ذلك من الطفولية!‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٨ | كانون الثاني (‏يناير)‏ ٨
    • درِّبوا ولدكم في الطريق الصحيح —‏ وافعلوا ذلك من الطفولية!‏

      ‏«لا شك ان فترة الطفولية هي الاغنى.‏ وينبغي الافادة منها بالتعلُّم بكل طريقة ممكنة ومعقولة.‏ وتبديد هذه الفترة من الحياة لا يمكن التعويض عنه على الاطلاق.‏ وبدلا من تجاهل السنوات المبكرة،‏ من واجبنا ان نتعهدها بأفضل عناية.‏» —‏ الدكتورة الكسيس كريل.‏

      هنالك حاجة الى برمجة العقل والقلب على السواء.‏ وقد تُرهب الناس انجازات العقل الباهرة،‏ لكنّ اللّٰه ينظر الى القلب.‏ فالعلم في الرأس يميل الى ان ينفخ،‏ أما المحبة في القلب فهي التي تبني.‏ وتحتاج العقول النيِّرة الى قلوب مُحبة لانه «من فضلة القلب يتكلم الفم.‏» ومن هذا القلب المجازي تخرج ايضا اعمال صالحة وردية.‏ (‏متى ١٢:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ ١٥:‏١٩؛‏ ١ صموئيل ١٦:‏٧؛‏ ١ كورنثوس ٨:‏١‏)‏ ولذلك فيما يكون مهما تنبيه عقول الاولاد فان الاهم ايضا غرس المحبة في قلوبهم.‏

      وثمة مُبدِئ لذلك مبني في الداخل عند الولادة.‏ وهو يدعى رابطا.‏ فالام تُمسك طفلها،‏ تحضنه،‏ تلاطفه،‏ وتحدثه بتودد.‏ والطفل بدوره ينظر بتركيز الى امه.‏ فيحدث رابط،‏ وتُثار غرائز الامومة،‏ ويشعر الطفل بالامن.‏ وتعتقد بعض المراجع انه «هنالك فترة حساسة في الدقائق والساعات القليلة الاولى التي تلي ولادة الطفل هي الاحسن للتعلّق بين الوالدين والاطفال.‏»‏

      بداية حسنة،‏ ولكنها مجرد بداية.‏ فالطفل عاجز وهو يعتمد بشكل رئيسي على امه من اجل حاجاته الفورية —‏ الجسدية والعاطفية على السواء.‏ فدون طعام يتضور الطفل جوعا،‏ ويمكن ايضا ان يجوع عاطفيا.‏ والحضن،‏ المعانقة،‏ الهزهزة،‏ اللعب،‏ التودد —‏ كلها تنبِّه تطور الدماغ.‏ وقد جرى تشبيه هذا التنبيه بغذاء للدماغ.‏ ومن دونه يُسلب الدماغ قوته ويُعاق نموه للحياة.‏ وبسبب هذا الاهمال يمكن ان يصير عدائيا،‏ جانحا وعنيفا.‏ فالامومة هي من الاولويات للطفل وللمجتمع —‏ اهم من اية مهنة عالمية!‏

      دور الاب

      الاب غير مستثنى.‏ فان كان حاضرا عند الولادة يبتدئ رباط بين الاب والطفل.‏ واذ تمر الاسابيع والشهور يتسع تأثير دوره بسرعة،‏ كما يُظهر الدكتور ت.‏ بيري برازلتون،‏ الاختصاصي في حقل تطور الاولاد.‏

      ‏«يحتاج كل ولد الى ام وأب،‏» يقول،‏ «وفي وسع كل اب ان يُحدث فرقا.‏ فبالنسبة الى الطفل ليست حيازة اب ناشط مهتم كحيازة مجرد مزيد من الامومة.‏» ويشير الى تقرير اظهر الفرق بين طرائق معاملة الامهات والآباء للاولاد.‏ «مالت الامهات الى الاتصاف باللطف والكبت مع اطفالهن.‏ ومن ناحية ثانية،‏ لاعب الآباء اطفالهم وداعبوهم ولكزوهم اكثر مما فعلت الامهات.‏»‏

      ولكنّ الآباء يعطون الاولاد اكثر من مجرد التسلية.‏ وهو يقول:‏ «حيث يكون هنالك اب ناشط ينمو الولد ليكون انجح في المدرسة،‏ وصاحب روح نكتة افضل،‏ ومنسجما بشكل افضل مع الاولاد الآخرين.‏ ويثق بنفسه اكثر ويندفع الى التعلُّم بشكل افضل.‏ وما ان يصير الولد في السادسة او السابعة حتى يغدو حاصل الذكاء لديه اعلى.‏»‏

      يوصي يهوه اللّٰه بعلاقة تعليم لصيقة بين الاب والابن:‏ «لتكن هذه الكلمات التي انا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على اولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم.‏» (‏تثنية ٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ لا بداية فجوة جيل هنا!‏

      تدريب من الطفولية

      هنالك مراحل او اطوار في تطور الاطفال على مر السنين من الولادة الى الست سنوات:‏ التناسق العضلي،‏ المهارات الكلامية،‏ الصفات العاطفية،‏ قوى الذاكرة،‏ القدرات التفكيرية،‏ الضمير،‏ وغيرها.‏ وعندما يكبر دماغ الطفل بسرعة،‏ وتأتي هذه المراحل تباعا،‏ فآ‌نذاك هو الوقت الملائم للتدريب في هذه القدرات المختلفة.‏

      وآنذاك يتشرّب دماغ الطفل هذه القدرات او الصفات كما تمتص الاسفنجة الماء.‏ فاذا نال المحبة يتعلم ان يحب.‏ واذا جرى التحدث اليه والقراءة عليه يتعلم التحدث والقراءة على السواء.‏ واذا وُضع على الزلاَّجة يصير خبير تزلُّج.‏ واذا عُرِّض للاستقامة يتشرَّب المبادئ الصائبة.‏ أما اذا مرَّت مراحل التعلم المؤاتية دون معلومات مناسبة فيغدو اكتساب هذه الصفات والقدرات اصعب في ما بعد.‏

      يعترف الكتاب المقدس بذلك فينصح الآباء:‏ «درِّب الصبي على حسب طريقه فمتى شاخ لم يحد عنه.‏» (‏امثال ٢٢:‏٦‏،‏ يس)‏ وتعليق كيل-‏دليتزخ ينقلها هكذا:‏ «أعطِ الولد الارشاد بانسجام مع طريقه.‏» والكلمة العبرانية المترجمة «درِّب» تعني ايضا «لقِّن» وتشير هنا الى تلقين الطفل الارشاد الاول.‏ فأعطوا ذلك على حسب طريق الولد،‏ بانسجام مع طريقه،‏ وفق مراحل تطوره التي يمر بها.‏ هذا هو الوقت الملائم ليتشرب ذلك بسهولة،‏ وما يتعلمه في غضون هذه السنين ذات الاثر الفعّال في تكوينه سيبقى على الارجح معه.‏

      هذا هو ايضا رأي معظم دارسي التطور البشري:‏ «لم نُثبت قط في البحث المتعلق بتطور الاولاد قدرة قوية على تغيير أنماط الشخصية الباكرة او المواقف الاجتماعية الباكرة.‏» وهم يقرّون بامكان حدوث ذلك،‏ ولكن «في معظم الاحيان لن يجري تحقيق العلاج.‏» ومع ذلك تحصل استثناءات كثيرة بقدرة حق اللّٰه على احداث التغيير.‏ —‏ افسس ٤:‏٢٢،‏ ٢٤،‏ كولوسي ٣:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      واللغة هي مثال جيد على التدريب الممنوح في الوقت الصحيح.‏ فالاطفال مبرمجون وراثيا للتكلم،‏ ولكن لكي تعمل مثل هذه المجموعة من الدارات الدماغية المبنية في الداخل بأقصى فعالية يجب ان يتعرَّض الطفل للاصوات الكلامية في المرحلة الصحيحة من التطور.‏ والنمو في مراكز الكلام ينفجر بين الـ‍ ٦ أشهر والـ‍ ١٢ شهرا اذا تحدَّث البالغون الى الطفل في احيان كثيرة.‏ ويتسارع هذا النمو بين الـ‍ ١٢ شهرا والـ‍ ١٨ شهرا اذ يدرك الطفل ان الكلمات لها معان.‏

      وهو يتعلَّم الكلمات قبل تمكنه من النطق بها.‏ وخلال السنة الثانية من الحياة فان هذه المفردات المتلقاة،‏ او السلبية،‏ قد تمتد من بضع كلمات الى عدة مئات.‏ وذكَّر الرسول بولس تيموثاوس،‏ «انك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٥‏)‏ والمعنى الحرفي لكلمة «طفولية» هو «غير ناطق.‏» فمن المرجح جدا ان تكون الاسفار المقدسة قد قُرئت على تيموثاوس فيما كان لا يزال طفلا،‏ وهكذا عرف الكثير من كلمات الكتاب المقدس قبل تمكنه من النطق بها.‏

      والنقطة هي ان هنالك اوقاتا محددة في تطور الولد يمكن فيها تعلُّم بعض الامور بسهولة،‏ وتقريبا بالتشرب.‏ أما اذا مرّت هذه الاوقات دون التنبيه اللازم فلن تتطور القدرات كاملا.‏ وعلى سبيل المثال،‏ ان لم يسمع الاولاد ايّ كلام على الاطلاق حتى سنوات لاحقة فانهم سيتعلمونه ببطء شديد وبكد عظيم،‏ وعادة بدون اتقان على الاطلاق.‏

      اقرأوا على طفلكم من الطفولية

      متى تبتدئون؟‏ من البداية.‏ اقرأوا على مولودكم الحديث.‏ ‹ولكنه لن يفهم!‏› متى ابتدأتم تكلمونه؟‏ ‹في الحال،‏ طبعا.‏› وهل فهم ما كنتم تقولونه؟‏ ‹لا،‏ ولكن .‏ .‏ .‏› اذاً لمَ لا تقرأون عليه؟‏

      اذ يكون الطفل في حضنكم،‏ وذراعكم حوله،‏ وأنتم تضمونه اليكم،‏ يشعر بأنه آمن ومحبوب.‏ وقراءتكم عليه هي اختبار سار.‏ انها تترك انطباعا.‏ وهو يقرن بالقراءة شعورا بالفرح.‏ والاطفال مُقلِّدون،‏ والآباء هم امثلة نموذجية.‏ فهو يريد ان يحذو حذوكم.‏ وهو يريد ان يقرأ.‏ ويُمثِّل دور القارئ.‏ وفي ما بعد يختبر افراح القراءة.‏

      وبسبب ذلك تأتي فائدة كبيرة اخرى —‏ عادةً لا يصير مدمنا على التلفزيون.‏ ولا يجلس شاخص البصر ليشاهد ألوف الطعنات،‏ حوادث اطلاق الرصاص،‏ الجرائم،‏ حوادث الاغتصاب،‏ والعهارة والزنا.‏ فيستطيع ان يوقف التلفزيون،‏ ويستطيع ان يفتح كتابا ويقرأ.‏ انه انجاز فعلا في هذه الايام المفعمة بالامية والادمان على التلفزيون!‏

      محبة الولد تتطلب وقتا

      طبعا،‏ تتطلب القراءة على الاولاد وقتا.‏ ويتطلب اللعب مع طفلكم وقتا،‏ مداعبته بالكلمات والحركات،‏ مراقبته وهو يكتشف،‏ يبتدئ الحركات،‏ يبحث عن شيء جديد،‏ يُشبع فضوله،‏ ينبِّه القدرة على الابداع.‏ فالابوة تتطلب وقتا.‏ ومن الافضل ان تبتدئوا فيما اولادكم اطفال.‏ ففي اغلب الاحيان تبتدئ فجوة الجيل آنذاك،‏ ونادرا ما تنتظر حتى سن المراهقة.‏ وروبرت ج.‏ كيشان،‏ الذي يمثل في برامج الاولاد بصفته الكابتن كنغارو،‏ يخبر كيف يمكن ان يحدث ذلك:‏

      ‏«تنتظر البنت الصغيرة،‏ والابهام في فمها،‏ واللعبة في يدها،‏ بشيء من نفاد الصبر،‏ مجيء الاب الى البيت.‏ فهي ترغب في ان تروي اختبارا صغيرا عن اللعب بالرمل.‏ وهي متحمسة للمشاركة في الاثارة التي عرفتها في ذلك اليوم.‏ يحين الوقت،‏ ويصل الاب.‏ واذ ترهقه ضغوط العمل غالبا ما يقول الاب للبنت،‏ ‹ليس الآن يا حبيبتي.‏ انا مشغول،‏ اذهبي وشاهدي التلفزيون.‏› انها الكلمات التي تقال اكثر في العديد من البيوت الاميركية،‏ ‹انا مشغول،‏ اذهب وشاهد التلفزيون.‏› وان لم يكن الآن فمتى؟‏ ‹في وقت لاحق.‏› ولكن نادرا ما يأتي هذا الوقت اللاحق .‏ .‏ .‏

      ‏«تمر السنون وتكبر البنت.‏ ونعطيها اللُّعب والثياب.‏ نعطيها ثياب المصمِّمين وجهاز ستيريو ولكننا لا نعطيها ما تحتاج اليه اكثر،‏ وقتنا.‏ وها هي في الرابعة عشرة،‏ شاخصة البصر،‏ متورطة في امر ما.‏ ‹حبيبتي،‏ ما الذي يحدث؟‏ حدِّثيني،‏ حدِّثيني.‏› لقد فات الاوان.‏ فات الاوان.‏ فقد فاتتنا المحبة.‏ .‏ .‏ .‏

      ‏«عندما نقول للولد،‏ ‹ليس الآن،‏ في وقت لاحق.‏› عندما نقول،‏ ‹اذهب وشاهد التلفزيون.‏› وعندما نقول،‏ ‹لا تطرح اسئلة كثيرة.‏› عندما نفشل في اعطاء صغارنا الشيء الوحيد الذي يطلبونه منا،‏ وقتنا.‏ وعندما نفشل في محبة الولد.‏ فلسنا غير مبالين.‏ نحن ببساطة اكثر انشغالا من ان نحب ولدا.‏»‏

      صحيح ان محبتكم لولدكم تتطلب الوقت.‏ ليس مجرد الوقت لتغذية جسده بالطعام وكسو جسمه ثيابا بل الوقت لملء قلبه بالمحبة.‏ لا بمحبة توزَن،‏ تُقاس،‏ وتوزع حصصا بل بمحبة فيّاضة و «محبة بلا تمييز،‏» كما يدعوها بورتن ل.‏ وايت،‏ مؤلف «السنوات الثلاث الاولى من الحياة.‏» قال:‏ «من عدم الحكمة ان ينقل الآباء العاملون عمل تربية الاولاد الرئيسي الى شخص آخر،‏ وخصوصا الى مراكز الرعاية.‏ لقد جعلتُ الكثير من البنادورة يُرمى عليَّ بسبب هذا التصريح،‏ الا ان همّي هو ما يكون افضل للاطفال.‏» وهو يعتبر هذا «‏ما يكون افضل للاطفال،‏‏» ومع ذلك يدرك ان هذا الامر المثالي ليس ممكنا اقتصاديا على الدوام حيث ينبغي ان يعمل احد الابوين او كلاهما.‏

      التأديب —‏ موضوع حساس!‏

      ويُرمى الكثير من البنادورة على الكتاب المقدس ايضا بسبب مشورته في التأديب.‏ «مَن يمنع عصاه يمقت ابنه ومن احبه يطلب له التأديب.‏» (‏امثال ١٣:‏٢٤‏)‏ وعن هذه الآية تقول حاشية «الكتاب المقدس الدراسي للترجمة الاممية الجديدة»:‏ «‏عصا.‏ لعلها لغة مجازية تدل على التأديب من ايّ نوع.‏» و «قاموس فاين التفسيري لكلمات العهد القديم والجديد» يعرِّف «العصا» بأنها «صولجان،‏ رمز الى السلطة.‏»‏

      والسلطة الابوية قد تشمل الصفع،‏ ولكنها في اكثر الاحيان لا تحتاج اليه.‏ وبحسب ٢ تيموثاوس ٢:‏٢٤،‏ ٢٥‏،‏ يجب على المسيحيين ان يكونوا ‹مُترفِّقين بالجميع .‏ .‏ .‏ (‏مرشدين)‏ بالوداعة.‏› وكلمة «مرشدين» هنا مترجمة من الكلمة اليونانية التي تعني التأديب.‏ وينبغي ان يُمنح التأديب حسب مشاعر الاولاد:‏ «وأنتم ايها الآباء لا تغيظوا اولادكم بل ربوهم بتأديب الرب وانذاره.‏» —‏ افسس ٦:‏٤‏.‏

      يقول علماء النفس الذين يدافعون عن التساهل انكم تكرهون ولدكم اذا صفعتموه.‏ وذلك غير صحيح.‏ فالتساهل امر مكروه.‏ وقد أطلق فيضا من جناح الاحداث والاجرام في كل مكان من الارض وسبَّب الكرب لملايين الآباء.‏ والامر هو كما تقول الامثال ٢٩:‏١٥‏:‏ «الصبي المطلق الى هواه يُخجل امه.‏» وتحت عنوان «الآباء الصوارم ضد المتساهلين» تقول الدكتورة جويس براذرز:‏

      ‏«ان دراسة حديثة على حوالى ٠٠٠‏,٢ من الصف الخامس والسادس —‏ تربَّى بعضهم على ايدي آباء صوارم،‏ وآخرون على ايدي آباء متساهلين —‏ اظهرت بعض النتائج المذهلة.‏ فالاولاد الذين جرى تأديبهم بصرامة امتلكوا احتراما ساميا للذات و [كانوا] اصحاب انجازات رفيعة اجتماعيا واكاديميا.‏» وهل كانوا مستائين من آبائهم الصوارم؟‏ كلا،‏ «اعتقدوا ان السلطات الابوية قد وُضعت لخير الاولاد —‏ وكانت تعبيرا عن المحبة الابوية.‏»‏

      ويقول وايت انكم اذا اتصفتم بالصرامة مع ولدكم لا حاجة الى الخوف من «ان يحبكم اقل مما اذا اتصفتم باللين.‏ فالاولاد في السنة الاولى والثانية من الحياة لا ينفصلون بسهولة عمن يعتنون بهم بشكل رئيسي؛‏ وحتى اذا صفعتموهم قانونيا ستجدون انهم يواصلون الرجوع اليكم.‏»‏

      افضل المحاضرات قاطبة

      انتم.‏ مثالكم.‏ انتم المثال النموذجي لولدكم.‏ فهو يصغي الى ما انتم عليه اكثر مما الى ما تقولونه.‏ وهو يسمع كلامكم،‏ لكنه يقلِّد اعمالكم.‏ فولدكم انما هو مقلِّد.‏ ولذلك،‏ ماذا تريدون ان يكون؟‏ محبا،‏ لطيفا،‏ كريما،‏ مولعا بالدراسة،‏ ذكيا،‏ مجتهدا،‏ تلميذا ليسوع،‏ عابدا ليهوه؟‏ مهما يكن الامر،‏ كونوا هكذا انتم نفسكم.‏

      اذاً،‏ درِّبوا ولدكم من الطفولية فيما ينمو دماغه بسرعة،‏ متشرِّبا المعلومات والمشاعر للعقل والقلب.‏ أما اذا مرّت سنوات التكوين الحرجة هذه ولم تنغرس الشخصية الالهية في ولدكم،‏ فما القول آنذاك؟‏ لا تيأسوا.‏ من الممكن ايضا حدوث التغيير وهو يحدث للملايين،‏ الصغار والكبار على السواء،‏ بقوة اللّٰه.‏ «اخلعوا الشخصية العتيقة مع ممارساتها،‏» تقول كلمة اللّٰه،‏ «والبسوا الشخصية الجديدة التي بالمعرفة الصحيحة تتجدد حسب صورة ذاك الذي خلقها.‏» —‏ كولوسي ٣:‏٩،‏ ١٠‏،‏ ع‌ج.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٨]‏

      مع الاب:‏ وقت للقراءة،‏ ووقت للعب

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      وقت الاستحمام يمكن ان يكون تسلية

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة