مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«ما هو الحق؟‏»‏
    برج المراقبة ١٩٩٥ | ١ تموز (‏يوليو)‏
    • ‏«ما هو الحق؟‏»‏

      كان الرجلان اللذان يواجه واحدهما الآخر مختلفين للغاية.‏ فقد كان احدهما سياسيا ساخرا،‏ طَموحا،‏ غنيا،‏ مستعدا للقيام بأيّ شيء من اجل تقدُّم عمله.‏ وكان الآخر معلما ازدرى بالغنى والأُبَّهة وكان مستعدا للتضحية بحياته لانقاذ حياة الآخرين.‏ وبديهي القول ان هذين الرجلين لم يتفقا في الرأي!‏ وقد اختلفا خصوصا بشكل كامل في احدى المسائل —‏ مسألة الحق.‏

      كان الرجلان بيلاطس البنطي ويسوع المسيح.‏ وكان يسوع واقفا امام بيلاطس كمجرم مدان.‏ لماذا؟‏ اوضح يسوع ان سبب ذلك —‏ وهو في الواقع السبب عينه الذي من اجله اتى الى الارض وباشر خدمته —‏ هو امر واحد:‏ الحق.‏ «لهذا قد ولدت انا ولهذا قد اتيت الى العالم،‏» قال،‏ «لأشهد للحق.‏» —‏ يوحنا ١٨:‏٣٧‏.‏

      كان ردُّ بيلاطس سؤالا وجيها:‏ «ما هو الحق.‏» (‏يوحنا ١٨:‏٣٨‏)‏ فهل كان حقا يريد جوابا؟‏ على الارجح لا.‏ فيسوع كان رجلا يجيب عن ايّ سؤال يُطرح عليه بإخلاص،‏ ولكنه لم يشأ ان يجيب بيلاطس.‏ ويقول الكتاب المقدس ان بيلاطس،‏ بعد ان طرح سؤاله،‏ خرج على الفور من قاعة الاستماع.‏ فقد طرح الحاكم الروماني السؤال على الارجح بإنكار ساخر،‏ كأنه يقول:‏ «الحق؟‏ وما هو الحق؟‏ لا يوجد امر كهذا!‏»‏a

      ان نظرة بيلاطس المتشكِّكة الى الحق هي امر شائع اليوم.‏ فكثيرون يعتقدون ان الحق نسبي —‏ وبكلمات اخرى،‏ ما هو حق بالنسبة الى شخص ما قد يكون باطلا بالنسبة الى شخص آخر،‏ بحيث يمكن ان يكون كلاهما على «صواب.‏» ان هذا الاعتقاد واسع الانتشار الى حد انه توجد كلمة له —‏ «النسبية.‏» فهل تنظرون على هذا النحو الى مسألة الحق؟‏ وإذا كان الامر كذلك،‏ فهل يمكن ان تكونوا قد تبنَّيتم هذه النظرة دون ان تستفهموا عنها بإمعان؟‏ حتى لو لم يكن الامر كذلك،‏ هل تعرفون كم تؤثر هذه الفلسفة في حياتكم؟‏

      التهجُّم على الحق

      لم يكن بيلاطس البنطي اول شخص ارتاب في فكرة الحق المطلق.‏ فقد جعل بعض الفلاسفة اليونانيين القدماء من تعليم شكوك كهذه مهنة حياتهم تقريبا!‏ قبل بيلاطس بخمسة قرون،‏ آمن بَرْمنيديس (‏الذي اعتُبر ابا الميتافيزيقا الاوروپية)‏ بأنه لا يمكن احراز المعرفة الحقيقية.‏ وديمُقريطُس،‏ الذي اعتُبر «اعظم الفلاسفة القدماء،‏» اكَّد:‏ «الحق مدفون عميقا.‏ .‏ .‏ .‏ ولسنا على يقين من شيء.‏» وقال سقراط،‏ الذي ربما يُنظر اليه بأكثر توقير،‏ ان كل ما يعرفه حقا هو انه لا يعرف شيئا.‏

      ان هذا التهجُّم على فكرة كون الحق يمكن ان يُعرف يستمر حتى ايامنا.‏ يقول بعض الفلاسفة،‏ مثلا،‏ انه اذ تصل المعرفة الينا بواسطة حواسنا التي يمكن ان تُخدع،‏ لا توجد معرفة حقة يمكن اثباتها.‏ وقرَّر الفيلسوف والرياضي الفرنسي رينيه ديكارت ان يفحص كل الامور التي اعتقد انه على يقين منها.‏ فنبذ كل الحقائق إلّا واحدة اعتبر انها لا تقبل الجدل:‏ Cogito ergo sum‏،‏ اي «انا افكر،‏ اذًا انا موجود.‏»‏

      حضارة النسبية

      لا تقتصر النسبية على الفلاسفة.‏ فقد علَّمها القادة الدينيون،‏ عُلِّمت في المدارس،‏ ونشرتها وسائل الاعلام.‏ قال اسقف في الكنيسة الاسقفية،‏ جون س.‏ سپونڠ،‏ قبل سنوات قليلة:‏ «يجب ان .‏ .‏ .‏ ننصرف عن التفكير في انه لدينا الحق وأنه على الآخرين ان يتبنَّوا وجهة نظرنا،‏ ونتحوَّل الى الادراك ان الحق المطلق بعيد عن متناولنا جميعا.‏» ونسبية سپونڠ،‏ كنسبية رجال دين كثيرين اليوم،‏ تهجر بسرعة تعاليم الكتاب المقدس الادبية لمصلحة الفلسفة القائلة:‏ «فليستخلص كل واحد استنتاجه الخاص.‏» على سبيل المثال،‏ في محاولة لجعل مضاجعي النظير يشعرون بأنهم اكثر «ارتياحا» في الكنيسة الاسقفية،‏ كتب سپونڠ كتابا يدَّعي فيه ان الرسول بولس كان مضاجع نظير!‏

      وفي بلدان كثيرة يبدو ان الانظمة المدرسية تنمّي نمط تفكير مشابها.‏ كتب آلن بلوم في كتابه انغلاق العقل الاميركي:‏ «هنالك امر واحد يمكن للاستاذ ان يكون على يقين منه تماما:‏ كل تلميذ تقريبا يدخل الجامعة يؤمن،‏ او يقول انه يؤمن،‏ بأن الحق نسبي.‏» وقد وجد بلوم انه اذا تحدَّى اقتناع تلاميذه في هذه المسألة،‏ فسيتجاوبون باستغراب شديد،‏ «كما لو انه يرتاب في ان ٢ + ٢ = ٤.‏»‏

      ويروَّج التفكير نفسه بطرائق اخرى لا تحصى.‏ مثلا،‏ غالبا ما يبدو ان مراسلي التلفزيون والصحف يهتمون بتسلية مشاهديهم اكثر من تقديم الحقائق عن قصة ما.‏ فبعض البرامج الاخبارية عدَّلت او زيَّفت لقطات الافلام المصوَّرة لجعلها تبدو مأساوية اكثر.‏ وفي التسلية يُشن هجوم اقوى على الحق.‏ فالقيم والحقائق الادبية التي عاش والدونا وأجدادنا وفقها تُعتبر عتيقة الطراز وغالبا ما تُجعل هدفا للسخرية التامة.‏

      طبعا،‏ قد يحاجّ البعض بأن الكثير من هذه النسبية يصوِّر انفتاح العقل وأنّ له بالتالي تأثيرا ايجابيا في المجتمع البشري.‏ ولكن،‏ هل هذا صحيح؟‏ وماذا عن تأثيره فيكم؟‏ هل تؤمنون بأن الحق نسبي او غير موجود؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فإن البحث عنه قد يبدو لكم مضيعة للوقت.‏ ووجهة نظر كهذه ستؤثر في مستقبلكم.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a استنادا الى عالِم الكتاب المقدس ر.‏ سي.‏ ه‍.‏ لنْسكي،‏ فإن «نبرة [بيلاطس] هي نبرة شخص دنيوي غير مبالٍ يقصد بسؤاله القول ان كل ما يتَّخذ شكل حق ديني هو تخمين عقيم.‏»‏

  • لماذا البحث عن الحق؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٥ | ١ تموز (‏يوليو)‏
    • لماذا البحث عن الحق؟‏

      تدَّعي هيئات دينية كثيرة انها تملك الحق،‏ وهي تقدِّمه بشوق للآخرين.‏ ولكنها تقدِّم في ما بينها وفرة من «الحقائق» المشوِّشة.‏ فهل هذا مجرد دليل آخر على ان كل الحقائق نسبية،‏ وأنه لا توجد حقائق مطلقة؟‏ لا.‏

      يعبِّر الپروفسور ڤ.‏ ر.‏ روجيرو في كتابه فن التفكير،‏ عن دهشته لأنه حتى الناس الاذكياء يقولون احيانا ان الحق نسبي.‏ ويذكر محاجًّا:‏ «اذا حدَّد كل شخص حقه الخاص،‏ فلن تكون عندئذ فكرة شخص ما افضل من فكرة شخص آخر.‏ فيجب ان تكون جميعها متساوية.‏ وإذا كانت جميع الافكار متساوية،‏ فما الداعي الى البحث في ايّ موضوع؟‏ لِمَ التنقيب في الارض بحثا عن اجوبة لاسئلة علم الآثار؟‏ لِمَ سبر غور اسباب التوتر في الشرق الاوسط؟‏ لِمَ البحث عن علاج للسرطان؟‏ لِمَ استكشاف المجرة؟‏ لا تصير هذه النشاطات ذات معنى إلّا اذا كانت بعض الاجابات افضل من غيرها وإذا كان الحق شيئا منفصلا عن وجهات النظر الفردية ولا يتأثر بها.‏»‏

      وفي الواقع،‏ لا احد يعتقد فعلا انه لا يوجد حق.‏ فعندما يصل الامر الى الحقائق المادية،‏ كالطب،‏ الرياضيات،‏ او قوانين الفيزياء،‏ سيؤمن حتى النسبي الأوفر غيرةً بأن بعض الامور صحيحة.‏ فمَن منا يجرؤ على ركوب طائرة اذا كنا لا نعتقد ان قوانين الديناميكا الهوائية هي حقائق مطلقة؟‏ فالحقائق الممكن اثباتها انما هي موجودة؛‏ انها تحيط بنا،‏ ونخاطر بحياتنا على اساسها.‏

      ثمن النسبية

      ولكنَّ اخطاء النسبية تظهر اكثر في عالم الآداب،‏ لأن فيه سبَّب تفكير كهذا اكبر ضرر.‏ تؤكد دائرة المعارف الاميركية هذه النقطة:‏ «جرى الشك على نحو خطير في ما إذا كان في وسع البشر ان يحرزوا المعرفة،‏ او الحق المعروف،‏ .‏ .‏ .‏ ولكن من المؤكد انه كلما رُفض المثالان الاعليان التوأمان للحق والمعرفة على انهما خياليان او مؤذيان،‏ انحط المجتمع البشري.‏»‏

      وربما لاحظتم انحطاطا كهذا.‏ على سبيل المثال،‏ ان تعاليم الكتاب المقدس الادبية،‏ التي تقول بوضوح ان الفساد الادبي الجنسي هو خطأ،‏ نادرا ما تُعتبر حقائق.‏ والمبادئ الاخلاقية التي تتوقف على الظروف —‏ «قرِّر ما هو صائب بالنسبة اليك»‏ —‏ هي الرأي السائد اليوم.‏ فهل يمكن ان يدّعي ايّ شخص بأن الانحطاط الاجتماعي لم ينشأ من هذه النظرة النسبية؟‏ طبعا،‏ ان الانتشار العالمي للامراض المنتقلة جنسيا،‏ البيوت المحطمة،‏ وحبَل المراهقات يقدِّم دليلا وافيا.‏

      ما هو الحق؟‏

      دعونا اذًا نترك مياه النسبية العَكِرة ونفحص بإيجاز ما يصفه الكتاب المقدس بأنه مياه الحق النقية.‏ (‏يوحنا ٤:‏١٤؛‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ ففي الكتاب المقدس،‏ ليس «الحق» مطلقا المفهوم المجرَّد غير الملموس الذي يتجادل فيه الفلاسفة.‏

      عندما قال يسوع ان كل قصده في الحياة هو التكلم عن الحق،‏ كان يتكلم عن امر قدَّره اليهود الامناء طوال قرون.‏ ففي كتاباتهم المقدسة،‏ قرأ اليهود طويلا عن «الحق» بأنه شيء واقعي لا نظري.‏ وكلمة «الحق» في الكتاب المقدس هي ترجمة للكلمة العبرانية ‏«إِمِث،‏»‏ التي تعني ما هو ثابت،‏ متين،‏ وربما الأهم موثوق به.‏

      كان لدى اليهود سبب وجيه لينظروا الى الحق بهذه الطريقة.‏ فكانوا يدعون الههم،‏ يهوه،‏ «اله الحق.‏» (‏مزمور ٣١:‏٥‏)‏ ذلك لأن كل ما قال يهوه انه سيفعله قد فعله.‏ فعندما اعطى وعودا،‏ وفى بها.‏ وعندما اوحى بنبوات،‏ تمَّت.‏ وعندما تفوَّه بأحكام نهائية،‏ نُفِّذت.‏ وكان ملايين الاسرائيليين شهود عيان على هذه الحقائق.‏ وقد سجَّلها كتبة الكتاب المقدس الملهمون كوقائع تاريخية لا تقبل الجدل.‏ وبخلاف الكتب الاخرى التي تُعتبر مقدسة،‏ لا يرتبط الكتاب المقدس بخلفية اسطورية او خرافية.‏ فهو مؤسس بشكل راسخ على وقائع يمكن اثباتها —‏ حقائق تاريخية،‏ اثرية،‏ علمية،‏ واجتماعية.‏ ولا عجب ان يقول المرنم الملهم عن يهوه:‏ «شريعتك حق.‏ .‏ .‏ .‏ كل وصاياك حق.‏ .‏ .‏ .‏ رأس كلامك حق»!‏ —‏ مزمور ١١٩:‏١٤٢،‏ ١٥١،‏ ١٦٠‏.‏

      كرَّر يسوع المسيح كلمات ذلك المزمور عندما قال في الصلاة الى يهوه:‏ «كلامك هو حق.‏» (‏يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ فقد عرف يسوع ان كل ما تكلم به ابوه كان ثابتا وموثوقا به بشكل مطلق.‏ وعلى نحو مماثل،‏ كان يسوع «مملوءا .‏ .‏ .‏حقا.‏» (‏يوحنا ١:‏١٤‏)‏ وكشهود عيان،‏ تعلَّم أتباعه وسجلوا لكل الاجيال القادمة ان كل ما قاله كان موثوقا به،‏ كان الحق.‏a

      ولكن،‏ عندما قال يسوع لبيلاطس انه اتى الى الارض ليقول الحق،‏ كان يفكر في حق معيَّن.‏ فقد تفوَّه يسوع بهذه العبارة ردًّا على سؤال بيلاطس:‏ ‹أفأنت ملك.‏› (‏يوحنا ١٨:‏٣٧‏)‏ كان ملكوت اللّٰه،‏ ودور يسوع كملك له،‏ محور وجوهر تعليم يسوع حين كان على الارض.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ والتعليم ان هذا الملكوت سيقدِّس اسم يهوه،‏ يبرئ سلطانه،‏ ويردّ الجنس البشري الامين الى حياة ابدية وسعيدة،‏ هو «الحق» الذي يرجوه جميع المسيحيين المخلصين.‏ وبما ان دور يسوع حيوي جدا في اتمام كل وعود اللّٰه،‏ ولأن كل نبوات اللّٰه تصير «آمين،‏» او حقة،‏ بسببه استطاع يسوع ان يقول:‏ «انا هو الطريق والحق والحياة.‏» —‏ يوحنا ١٤:‏٦؛‏ ٢ كورنثوس ١:‏٢٠؛‏ رؤيا ٣:‏١٤‏.‏

      والاعتراف بأن هذا الحق موثوق به تماما يعني الشيء الكثير بالنسبة الى المسيحيين اليوم.‏ فهو يعني ان ايمانهم باللّٰه ورجاءهم في وعوده مؤسسان على وقائع،‏ على حقائق.‏

      الحق وهو يعمل

      لا عجب ان يربط الكتاب المقدس الحق بالعمل.‏ (‏١ صموئيل ١٢:‏٢٤؛‏ ١ يوحنا ٣:‏١٨‏)‏ فبالنسبة الى اليهود الخائفين اللّٰه،‏ لم يكن الحق موضوعا فلسفيا؛‏ لقد كان طريقة حياة.‏ والكلمة العبرانية التي تقابل «الحق» يمكن ان تعني ايضا «الامانة» وكانت تُستعمَل لتصف شخصا جديرا بالثقة.‏ وقد علَّم يسوع أتباعه ان ينظروا الى الحق من وجهة النظر نفسها.‏ وشجب بحدة رياء الفريسيين،‏ الهوَّة الواسعة بين كلماتهم التي تنمّ عن بر ذاتي وأعمالهم الاثيمة.‏ ورسم المثال بعيشه وفق الحقائق التي علَّمها.‏

      ويجب ان يكون الامر كذلك بالنسبة الى أتباع المسيح كلهم.‏ فبالنسبة اليهم،‏ حق كلمة اللّٰه،‏ بشارة ملكوت اللّٰه المنعشة تحت حكم يسوع المسيح،‏ هو اكثر بكثير من مجرد معلومات.‏ فهذا الحق يدفعهم الى العمل،‏ يلزمهم بالعيش وفقه والاشتراك فيه مع الآخرين.‏ (‏قارنوا ارميا ٢٠:‏٩‏.‏)‏ وبالنسبة الى الجماعة المسيحية في القرن الاول،‏ كانت طريقة الحياة التي تبنَّوها كأتباع للمسيح تُعرف احيانا بأنها «الحق» او «طريق الحق.‏» —‏ ٢ يوحنا ٤؛‏ ٣ يوحنا ٤،‏ ٨؛‏ ٢ بطرس ٢:‏٢‏.‏

      كنز جدير بأيّ ثمن

      من المسلّم به ان قبول حقائق كلمة اللّٰه يتطلب ثمنا.‏ اولا،‏ ان مجرد تعلُّم الحق يمكن ان يكون اختبارا صاعقا.‏ تلاحظ دائرة المعارف الاميركية:‏ «كثيرا ما يكون الحق غير سار،‏ لأنه لا يدعم التحامل او الخرافة.‏» ورؤية تشهير معتقداتنا بأنها باطلة يمكن ان تكون مخيبة للامل،‏ وخصوصا اذا علَّمنا قادة دينيون موثوق بهم.‏ وقد يشبِّه البعض الاختبار باكتشاف ان الوالدين الموثوق بهم هم،‏ في الواقع،‏ مجرمون سرِّيّون.‏ ولكن،‏ أليس اكتشاف الحق الديني افضل من العيش في وهم؟‏ أوليست معرفة الوقائع افضل من ان تتحكم فينا الاكاذيب؟‏b —‏ قارنوا يوحنا ٨:‏٣٢؛‏ رومية ٣:‏٤‏.‏

      ثانيا،‏ يمكن ان يخسِّرنا العيش وفق الحق الديني رضى بعض الذين كانوا سابقا اصدقاءنا.‏ وفي عالم يكثر فيه الذين «استبدلوا حق اللّٰه بالكذب،‏» يبدو الذين يلتصقون بثبات بحق كلمة اللّٰه غريبي الاطوار ويجري اجتنابهم وإساءة فهمهم احيانا.‏ —‏ رومية ١:‏٢٥؛‏ ١ بطرس ٤:‏٤‏.‏

      لكنَّ الحق يستحق هذا الثمن المزدوج.‏ فمعرفة الحق تحررنا من الاكاذيب،‏ الاوهام،‏ والخرافات.‏ وعندما نحيا وفقه،‏ يقوِّينا الحق على احتمال المشقات.‏ وحق اللّٰه موثوق به وراسخ الاساس،‏ ويثير فينا الرجاء،‏ بحيث يمكِّننا من الثبات تحت ايّ امتحان.‏ ولا عجب ان الرسول بولس شبَّه الحق بحزام جلدي قوي وعريض،‏ او بمنطقة كان يلبسها الجنود في المعركة!‏ —‏ افسس ٦:‏١٣،‏ ١٤‏.‏

      يقول مثل في الكتاب المقدس:‏ «اقتنِ الحق ولا تَبِعْه والحكمة والأدب والفهم.‏» (‏امثال ٢٣:‏٢٣‏)‏ ورفض الحق بصفته نسبيا او غير موجود هو اغفال البحث الاكثر اثارةً ومنحا للاكتفاء الذي تقدمه الحياة.‏ فإيجاده يعني ايجاد الرجاء؛‏ ومعرفته ومحبته تعنيان معرفة ومحبة خالق الكون وابنه الوحيد يسوع؛‏ والعيش وفقه يعني العيش بقصد وبسلام العقل،‏ الآن وإلى الابد.‏ —‏ امثال ٢:‏١-‏٥؛‏ زكريا ٨:‏١٩؛‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a هنالك اكثر من ٧٠ مكانا في روايات الاناجيل يسجَّل فيها استعمال يسوع لتعبير فريد للتشديد على صدق كلماته.‏ فكثيرا ما كان يقول «آمين» (‏المترجمة «الحق»)‏ ليبدأ بجملة.‏ والكلمة العبرانية التي تقابلها عنت «يقين،‏ حق.‏» ويذكر القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد:‏ «عندما كان يسوع يستهلّ كلماته بآ‌مين كان يصفها بأنها اكيدة وموثوق بها.‏ وقد ايَّدها وألزم نفسه وسامعيه بها.‏ انها تعبير عن جلاله وسلطته.‏»‏

      b ان الكلمة اليونانية التي تقابل «الحق،‏» ألِثِيا،‏ تُشتق من كلمة تعني «غير مخفي،‏» لذلك كثيرا ما يشمل الحق الكشف عمّا كان سابقا مخفيا.‏ —‏ قارنوا لوقا ١٢:‏٢‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦]‏

      هل يتغيَّر الحق يوما ما؟‏

      اثار ڤ.‏ ر.‏ روجيرو هذا السؤال في كتابه فن التفكير.‏ وجوابه هو لا.‏ وهو يتوسَّع قائلا:‏ «قد يبدو انه يتغيَّر احيانا،‏ ولكن عند اجراء فحص ادقّ سيظهر انه لم يتغيَّر.‏»‏

      «تأملوا،‏» يقول،‏ «في قضية مؤلِّف اول سفر في الكتاب المقدس،‏ سفر التكوين.‏ فقد آمن المسيحيون واليهود على السواء لقرون بأن السفر له مولِّف واحد.‏ ومع الوقت جرى الشك في هذه النظرة،‏ واستُبدلت اخيرا بالاعتقاد ان خمسة مؤلِّفين ساهموا في التكوين.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٨١،‏ نُشرت حصيلة ٥ سنوات من التحليل اللغوي للتكوين،‏ ذاكرةً ان هنالك احتمالَ ٨٢ في المئة ان يكون هنالك مؤلِّف واحد،‏ كما اعتُقد في البداية.‏

      «فهل تغيَّر الحق بشأن مؤلِّف التكوين؟‏ كلا.‏ تغيَّر ايماننا فقط.‏ .‏ .‏ .‏ والحق لن تغيِّره معرفتنا او جهلنا.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      الاحترام للحق

      ‏«الاحترام للحق ليس موقف التهكم الزائف الموجود في عصرنا،‏ الذي يحاول ‹فضح› كل شيء،‏ انطلاقا من الاعتقاد انه لا احد ولا شيء يمكنه حقا ان يدَّعي امتلاك الحق.‏ بل هو الموقف الذي يجمع الثقة المفرحة بأن الحق يمكن ان يوجد فعلا مع الاذعان المتواضع للحق كلما ظهر وحيثما ظهر.‏ ومثل هذا الانفتاح للحق مطلوب من اولئك الذين يعبدون اله الحق؛‏ في حين ان الاحترام اللائق للحق يضمن الاستقامة في تعاملات الانسان مع قريبه،‏ في القول والعمل على السواء.‏ هذا هو الموقف،‏ كما رأينا،‏ الذي يشهد له العهد القديم والعهد الجديد كلاهما.‏» —‏ القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد،‏ المجلد ٣،‏ الصفحة ٩٠١.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٧]‏

      التقدُّم العلمي مؤسس على اكتشاف الحقائق العلمية

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      يشمل الحق الملكوت وبركاته

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة