-
قدِّر حياتك حق قدرهابرج المراقبة ٢٠٠٤ | ١٥ حزيران (يونيو)
-
-
قدِّر حياتك حق قدرها
‹دم المسيح يطهِّر ضمائرنا من اعمال ميتة لنؤدي للّٰه الحي خدمة مقدسة›. — عبرانيين ٩:١٤.
١ ماذا يبرهن اننا نقدِّر حياتنا كثيرا؟
اذا طُلب منك ان تحدِّد قيمة لحياتك، فبماذا تجيب؟ لا شك اننا نقدِّر كثيرا الحياة — حياتنا وحياة الآخرين. دليلا على ذلك، نحن نذهب الى الطبيب عندما نمرض او قد نُجري دوريا فحوصات طبية عامة. فنحن نريد ان نبقى احياء وأصحّاء. حتى معظم المسنين او المعوَّقين يحبّون الحياة ولا يريدون ان يموتوا.
٢، ٣ (أ) اية مسؤولية تلقي عليها الضوء الامثال ٢٣:٢٢؟ (ب) كيف نطبِّق ما هو مذكور في الامثال ٢٣:٢٢ على اللّٰه؟
٢ ان مدى تقديرك للحياة يؤثر في علاقاتك بالآخرين. مثلا، تقول كلمة اللّٰه: «اسمع لأبيك الذي ولدك ولا تحتقر امك اذا شاخت». (امثال ٢٣:٢٢) و ‹السماع› في هذه الآية ليس مجرد سماع حرفي للكلمات، بل يشير الى إطاعتها. (خروج ١٥:٢٦؛ تثنية ٧:١٢؛ ١٣:١٨؛ ١٥:٥؛ يشوع ٢٢:٢؛ مزمور ٨١:١٣) وأيّ سبب تعطيك اياه كلمة اللّٰه لتسمع لأبيك وأمك؟ ليس لأنهما اكبر وأخبر منك فحسب، بل ايضا لأنهما ‹ولداك›. تنقل بعض الترجمات بلغات اخرى هذا العدد: «اسمع لأبيك الذي منحك الحياة». فإذا كنت تقدِّر الحياة، فلا شكّ انك تشعر بالمسؤولية امام مَن منحك إياها.
٣ اذا كنت مسيحيا حقيقيا، فلا شك انك تُدرك ان يهوه هو المصدر الاساسي لحياتك. فبه ‹تحيا›؛ ‹تتحرك›، اي تكون مخلوقا يشعر؛ و ‹توجد› الآن وتضع الخطط للمستقبل، بما في ذلك الحياة الابدية. (اعمال ١٧:٢٨؛ مزمور ٣٦:٩؛ جامعة ٣:١١) وانسجاما مع الامثال ٢٣:٢٢، من الصائب ان ‹نسمع› للّٰه ونطيعه، راغبين في معرفة نظرته الى الحياة وأخذها بعين الاعتبار في تصرفاتنا بدلا من تبني اية نظرة اخرى.
أظهِر الاحترام للحياة
٤ كيف برزت قضية الاحترام للحياة منذ فجر التاريخ؟
٤ منذ فجر التاريخ، اوضح يهوه انه لم يضع الحياة بين ايدي البشر ليستخدموها على هواهم مهما كانت الاسباب. مثلا، قتل قايين اخاه البريء هابيل عندما استبدّ به الغضب الناجم عن الحسد. فهل تعتقد ان من حق قايين اتِّخاذ قرار كهذا بشأن الحياة؟ لم تكن هذه نظرة اللّٰه. فقد حاسب قايين، قائلا له: «ماذا فعلت. صوت دم اخيك صارخ اليَّ من الارض». (تكوين ٤:١٠) لاحِظ ان دم هابيل المسفوك مثّل حياته، التي قُضي عليها بطريقة وحشية، وأنه صرخ الى اللّٰه من اجل الانتقام. — عبرانيين ١٢:٢٤.
٥ (أ) اي امر حرَّمه اللّٰه في ايام نوح، وعلى مَن انطبق؟ (ب) كيف كان هذا التحريم خطوة مهمة؟
٥ بعد الطوفان، كانت للبشر بداية جديدة مع ثمانية اشخاص فقط. وما كشفه لهم اللّٰه آنذاك حول نظرته الى الحياة والدم ينطبق على كل البشر. فقد سمح للبشر بأكل لحم الحيوان، لكنه وضع هذا الشرط: «كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الاخضر دفعتُ اليكم الجميع. غير ان لحما بحياته دمه لا تأكلوه». (تكوين ٩:٣، ٤) يقول بعض اليهود ان هذه الكلمات تعني ان البشر لا يجب ان يأكلوا لحم او دم حيوان لا تزال حياته فيه. لكنَّ الوقت كان سيبرهن ان اللّٰه هنا كان يحرِّم على البشر ان يأكلوا الدم. وعلاوة على ذلك، كانت وصية اللّٰه التي اعطاها لنوح خطوة مهمة في إنجاز قصده السامي المتعلق بالدم — قصد يتيح للبشر نيل الحياة الابدية.
٦ كيف شدَّد اللّٰه على نظرته الى قيمة الحياة من خلال ما قاله لنوح؟
٦ تابع اللّٰه: «اطلب انا دمكم لأنفسكم فقط. من يد كل حيوان اطلبه. ومن يد الانسان اطلب نفس الانسان. من يد الانسان اخيه. سافك دم الانسان بالانسان يُسفَك دمه. لأن اللّٰه على صورته عمل الانسان». (تكوين ٩:٥، ٦) من هذه الآية الموجّهة الى كل العائلة البشرية نرى ان اللّٰه يعتبر ان دم الانسان يمثِّل حياته. فالخالق هو مَن يمنح الشخص الحياة، ولا يحقّ لأحد ان يأخذ هذه الحياة التي يمثِّلها الدم. وإذا ارتكب احد جريمة، كما فعل قايين، فلدى الخالق الحق ان ‹يطلب› حياة القاتل.
٧ لماذا ينبغي ان نهتم بوصية اللّٰه المتعلقة بالدم التي اعطاها لنوح؟
٧ من خلال الكلمات الآنفة الذكر، كان اللّٰه يوصي البشر ألّا يسيئوا استخدام الدم. فهل تساءلت مرة لماذا اعطى اللّٰه هذه الوصية؟ ولماذا لديه هذه النظرة الى الدم؟ في الواقع، يتعلق الجواب بأحد اهم التعاليم في الكتاب المقدس. وهذا التعليم جوهري في المسيحية رغم ان كنائس كثيرة ترفضه. فما هو هذا التعليم، وكيف يؤثر في حياتك وقراراتك وتصرفاتك؟
كيف كان من الممكن استخدام الدم بطريقة صائبة؟
٨ اية وصية اعطاها يهوه في الشريعة حول استخدام الدم؟
٨ عندما اعطى يهوه اسرائيل الشريعة الموسوية، زوَّد المزيد من التفاصيل حول الحياة والدم. وبذلك، اتَّخذ خطوة اضافية في إنجاز قصده. انت تعرف على الارجح ان الشريعة تطلبت من الاسرائيليين ان يقدِّموا تقدمات للّٰه، مثل الدقيق والزيت والخمر. (لاويين ٢:١-٤؛ ٢٣:١٣؛ عدد ١٥:١-٥) وكانت هنالك ايضا ذبائح حيوانية. قال اللّٰه عن هذه الذبائح: «نفس الجسد هي في الدم فأنا اعطيتكم اياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم. لأن الدم يكفِّر عن النفس. لذلك قلت لبني اسرائيل لا تأكل نفس منكم دما». وأضاف يهوه انه اذا قتل احد، سواء كان صيّادا او مزارعا، حيوانا بهدف اكله، يجب ان يستنزف دمه ويغطيه بالتراب. وبما ان الارض هي موطئ قدمَي اللّٰه، فإن استنزاف الدم وسكبه على الارض هو بمثابة اعتراف بأن الحياة يجب ان تعود الى مانحها. — لاويين ١٧:١١-١٣؛ اشعياء ٦٦:١.
٩ ماذا كان الاستخدام الوحيد للدم الذي سمحت به الشريعة، وماذا كان الهدف منه؟
٩ لم تكن هذه الوصية مجرد طقس ديني لا يحمل ايّ مغزى لنا. هل لاحظتَ لماذا مُنع الاسرائيليون من اكل الدم؟ قال اللّٰه: «انا اعطيتكم اياه [الدم] على المذبح للتكفير عن نفوسكم . . . لذلك قلت لبني اسرائيل لا تأكل نفس منكم دما». فهل تساعدك هذه الكلمات ان تفهم لماذا قال اللّٰه لنوح ان البشر لا يجب ان يأكلوا دما؟ لقد اختار الخالق ان يعتبر الدم ذا اهمية فائقة وأن يقصر استخدامه على امر خصوصي واحد يمكن ان ينقذ حياة كثيرين. فالدم كان سيؤدي دورا مهمًّا في التكفير عن الخطايا. ففي ظل الشريعة، كان الاستخدام الوحيد للدم الذي سمح به اللّٰه هو على المذبح للتكفير عن خطايا الاسرائيليين الذين كانوا يطلبون غفران يهوه.
١٠ لماذا لم يكن بإمكان دم الحيوانات ان يؤدي الى الغفران الكامل، وأيّ امر ذكَّرت به الذبائح المطلوبة في ظل الشريعة؟
١٠ ان هذا المفهوم وثيق الصلة بالمسيحية. كتب الرسول المسيحي بولس عندما اشار الى هذه الوصية التي اعطاها اللّٰه كجزء من الشريعة: «ان كل شيء تقريبا يُطهَّر حسب الشريعة بالدم، وبدون اراقة دم لا تحصل مغفرة». (عبرانيين ٩:٢٢) ثم اوضح ان الذبائح المطلوبة لم تجعل الاسرائيليين بشرا كاملين بلا خطية. كتب قائلا: «في تلك الذبائح تذكير بالخطايا سنة بعد سنة، لأنه من المستحيل ان دم ثيران ومعزى ينزع الخطايا». (عبرانيين ١٠:١-٤) مع ذلك، كان لهذه الذبائح قصد معيّن. فقد ذكّرت الاسرائيليين بأنهم بشر خطاة بحاجة الى امر اضافي لينالوا الغفران الكامل. ولكن اذا لم يكن بإمكان الدم الذي يمثِّل حياة الحيوانات ان يكفِّر كاملا عن خطايا البشر، فهل بإمكان ايّ دم آخر ان يفعل ذلك؟
الحلّ الذي قدَّمه معطي الحياة
١١ كيف نعرف ان الذبائح التي شملت دم الحيوانات كانت تشير الى امر آخر؟
١١ كانت الشريعة تشير الى امر آخر فعّال اكثر بكثير في إنجاز مشيئة اللّٰه. سأل بولس: «فلماذا الشريعة اذًا؟». ثم اجاب: «قد زيدت إظهارا للتعديات، الى ان يجيء النسل الذي جُعل الوعد له؛ وقد نُقلَت بواسطة ملائكة على يد وسيط»، اي موسى. (غلاطية ٣:١٩) وكتب ايضا: «ان للشريعة ظل الخيرات الآتية، لا جوهر الاشياء عينه». — عبرانيين ١٠:١.
١٢ كيف كان قصد اللّٰه بشأن الدم يُكشَف تدريجيا؟
١٢ كما رأينا، سمح اللّٰه للبشر في ايام نوح بأن يأكلوا لحم الحيوانات، لكنه لم يسمح لهم بأكل الدم. وبعد مدة، قال اللّٰه ان «نفس الجسد هي في الدم». فقد اختار اللّٰه ان يعتبر ان الدم يمثِّل الحياة. قال: «انا اعطيتكم اياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم». ولكن كان قصد اللّٰه سينكشف اكثر بطريقة رائعة. فالشريعة كانت ظلا للخيرات الآتية. اية خيرات؟
١٣ لماذا كان موت يسوع مهمّا؟
١٣ كان جوهر الشريعة متمحورا حول موت يسوع المسيح. فيسوع عُذِّب وسُمِّر على خشبة ومات ميتة مجرم. كتب بولس: «ان المسيح، اذ كنا بعد ضعفاء، مات عن الكافرين في الوقت المعين. اما اللّٰه فيبيِّن لنا فضل محبته بأنه إذ كنا بعد خطاة مات المسيح عنا». (روما ٥:٦، ٨) فقد زوَّد المسيح بموته فدية للتكفير عن خطايانا. والفدية هي جوهر الرسالة المسيحية. (متى ٢٠:٢٨؛ يوحنا ٣:١٦؛ ١ كورنثوس ١٥:٣؛ ١ تيموثاوس ٢:٦) فما علاقة الفدية بالدم والحياة، وكيف يؤثر ذلك في حياتك؟
١٤، ١٥ (أ) كيف تشدِّد بعض الترجمات على موت يسوع عند نقل افسس ١:٧؟ (ب) عمَّ تغفل هذه الترجمات في نقلها لأفسس ١:٧؟
١٤ تشدِّد بعض الكنائس على موت يسوع، اذ يقول المنتمون اليها عبارات مثل «يسوع مات عني». كما ان بعض ترجمات الكتاب المقدس تشدِّد على الفكرة نفسها عندما تنقل افسس ١:٧ كما يلي: «الذي به وبموته لنا الانقاذ، اي إبعاد تعدياتنا»؛ (الكتاب المقدس الاميركي، لواضعه فرانك شايل بالنتاين، ١٩٠٢) «بموت المسيح تحررنا، وغُفِرت خطايانا»؛ (الترجمة الانكليزية الحديثة، ١٩٦٦) «في المسيح وبواسطته وبذبيحة حياته تحررنا، تحرير يعني غفران خطايانا»؛ (العهد الجديد، لواضعه وليَم باركلي، ١٩٦٩) «بموت المسيح غُفِرت خطايانا وتحررنا». (العهد الجديد للمترجِم، ١٩٧٣) كما ترى، تشدِّد هذه الترجمات على موت يسوع. ولكن قد يحاجّ البعض قائلين: «ما المشكلة في التشديد على موت يسوع؟ أوليس موته مهمًّا جدا؟ ما الذي اغفلت عنه هذه الترجمات؟».
١٥ اذا كنتَ تعتمد على هذه الترجمات، فقد تفوتك نقطة بالغة الاهمية. وهذا يعيق فهمك لرسالة الكتاب المقدس. فهذه الترجمات لا تبيِّن ان النص الاصلي لأفسس ١:٧ يحتوي على كلمة يونانية تعني «دم». وبالتباين، تنقل ترجمات كثيرة النص الاصلي بدقة. وإحدى هذه الترجمات هي ترجمة العالم الجديد التي تقول: «الذي به لنا الفداء بدمه، مغفرة زلاتنا، حسب غنى نعمته».
١٦ بماذا ينبغي ان تذكِّرنا الكلمة «بدمه»؟
١٦ ان الكلمة «بدمه» لها مغزى كبير وينبغي ان تذكِّرنا بأمور عديدة وثيقة الصلة بالموضوع. فكان يلزم اكثر من مجرد موت شخص، حتى لو كان هذا الشخص الانسان الكامل يسوع. فقد تمَّم يسوع ما رُمِز اليه بالشريعة، وخصوصا بيوم الكفارة. ففي ذلك اليوم الخصوصي، كانت بعض الحيوانات التي حدَّدتها الشريعة تقدَّم ذبيحة. ثم كان رئيس الكهنة يأخذ بعضا من دمها ويدخل الى قدس الاقداس في المسكن او الهيكل، كما لو انه في حضرة اللّٰه، ليقدِّم هذا الدم ليهوه. — خروج ٢٥:٢٢؛ لاويين ١٦:٢-١٩.
١٧ كيف تمَّم يسوع ما رُمِز اليه بيوم الكفارة؟
١٧ كما اوضح بولس، تمَّم يسوع ما رُمِز اليه بيوم الكفارة. فقد ذكر اولا ان رئيس الكهنة في اسرائيل كان يدخل قدس الاقداس مرة في السنة ومعه الدم الذي يقدِّمه «عن نفسه وعن خطايا جهل الشعب». (عبرانيين ٩:٦، ٧) على نحو مماثل، صعد يسوع الى السماء عينها بعدما أُقيم كشخص روحاني. ولأنه روح، وليس لحما ودما، تمكّن من المثول امام «حضرة اللّٰه من اجلنا». وماذا قدَّم له؟ لم يقدِّم شيئا حرفيا، بل شيئا له اهمية فائقة. تابع بولس: «اما المسيح فعندما اتى رئيس كهنة . . . دخل مرة لا غير الى الموضع المقدس، لا بدم معزى وعجول، بل بدمه الخاص، وحصل على إنقاذ ابدي لنا. لأنه إنْ كان دم معزى وثيران . . . يقدِّس الى حد طهارة الجسد، فكم بالحري دم المسيح، الذي بروح ابدي قدَّم نفسه للّٰه بلا شائبة، يطهِّر ضمائرنا من اعمال ميتة لنؤدي للّٰه الحي خدمة مقدسة؟». فقد قدَّم يسوع للّٰه قيمة دمه. — عبرانيين ٩:١١-١٤، ٢٤، ٢٨؛ ١٠:١١-١٤؛ ١ بطرس ٣:١٨.
١٨ لماذا ينبغي ان يهتم المسيحيون اليوم بإشارات الكتاب المقدس الى الدم؟
١٨ ان هذه الحقيقة التي كشفها اللّٰه تتيح لنا ان نفهم كل الاوجه الرائعة لما يقوله الكتاب المقدس عن الدم — لماذا يعتبره اللّٰه مهمًّا، اية نظرة اليه ينبغي ان نمتلكها، ولماذا يجب ان نحترم القواعد التي وضعها اللّٰه بشأن استخدامه. عندما تقرأ الاسفار اليونانية المسيحية، تجد اشارات عديدة الى دم المسيح. (انظر الاطار.) وهذه الاشارات توضح ان كل مسيحي ينبغي ان يؤمن ‹بدم يسوع›. (روما ٣:٢٥) ونيلنا غفران الخطايا وتمتعنا بالسلام مع اللّٰه غير ممكنَين إلا بواسطة «الدم الذي سفكه» يسوع. (كولوسي ١:٢٠) وهذا ما يصحّ خصوصا في الذين قطع معهم يسوع عهدا خصوصيا ان يحكموا معه في السماء. (لوقا ٢٢:٢٠، ٢٨-٣٠؛ ١ كورنثوس ١١:٢٥؛ عبرانيين ١٣:٢٠) كما يصحّ اليوم ايضا في ‹الجمع الكثير› الذين سينجون من «الضيق العظيم» القادم ويتمتعون بالحياة الابدية على ارض فردوسية. فهم مجازيا ‹يغسلون حللهم بدم الحمل›. — كشف ٧:٩، ١٤.
١٩، ٢٠ (أ) لماذا اختار اللّٰه ان يقصر استخدام الدم على طريقة واحدة، وكيف ينبغي ان نشعر حيال ذلك؟ (ب) ايّ سؤال ينبغي ان نهتم بمعرفة الجواب عنه؟
١٩ من الواضح ان للدم مغزى خصوصيا في نظر اللّٰه. نحن ايضا ينبغي ان نمتلك النظرة نفسها. فالخالق، الذي يهتم بالحياة، يحقّ له ان يقرِّر ما يمكن ان يفعله البشر بالدم. فلأنه مهتم جدا بحياتنا، قرّر ان يقصر استخدام الدم على طريقة مهمة واحدة فقط، طريقة تتيح نيل الحياة الابدية: دم يسوع الثمين. فكم ينبغي ان نشكر يهوه اللّٰه لأنه عمل لفائدتنا باستخدام الدم — دم يسوع — بهذه الطريقة المنقذة للحياة! وكم ينبغي ان نكون شاكرين ليسوع لأنه ضحى وسكب دمه لأجلنا! وكلمات الرسول يوحنا تعبِّر عن مشاعرنا. فقد قال: «لذاك الذي يحبنا وقد حلّنا من خطايانا بدمه الخاص — وجعلنا مملكة، كهنة لإلهه وأبيه — له المجد والقدرة الى الابد! آمين». — كشف ١:٥، ٦.
٢٠ ان الهنا الكليّ الحكمة الذي اعطانا الحياة كان يفكر بهذا الامر المنقذ للحياة منذ زمن طويل. لذلك من المنطقي ان نسأل: ‹كيف ينبغي ان يؤثر ذلك في قراراتنا وتصرفاتنا؟›. ستجيب المقالة التالية عن هذا السؤال.
كيف تجيبون؟
• ماذا نتعلم عن نظرة اللّٰه الى الدم مما حدث مع هابيل ونوح؟
• اية وصية وضعها اللّٰه في الشريعة حول استخدام الدم، ولماذا؟
• كيف تمَّم يسوع ما رُمِز اليه بيوم الكفارة؟
• كيف يمكن ان يُنقِذ دم يسوع حياتنا؟
-
-
اقبَل إرشاد اللّٰه الحيّبرج المراقبة ٢٠٠٤ | ١٥ حزيران (يونيو)
-
-
اقبَل إرشاد اللّٰه الحيّ
‹ارجعوا الى اللّٰه الحيّ، الذي صنع السماء والارض والبحر وكل ما فيها›. — اعمال ١٤:١٥.
١، ٢ لماذا من المهم ان نعرف ان يهوه هو ‹الاله الحيّ›؟
بعدما شفى الرسول بولس وبرنابا رجلا في لسترة، اكَّد بولس للحاضرين آنذاك: «نحن ايضا بشر بنا اوهان مثلكم، ونبشركم لكي ترجعوا عن هذه الاباطيل الى اللّٰه الحيّ، الذي صنع السماء والارض والبحر وكل ما فيها». — اعمال ١٤:١٥.
٢ حقا، ليس يهوه صنما عديم الحياة، بل ‹الاله الحيّ›. (ارميا ١٠:١٠؛ ١ تسالونيكي ١:٩، ١٠) علاوة على ذلك، انه مصدر حياتنا. يقول الكتاب المقدس: «هو يعطي الجميع حياة ونسمة وكل شيء». (اعمال ١٧:٢٥) وهو مهتم بأن نتمتع بحياتنا، الآن وفي المستقبل. فقد قال بولس ان اللّٰه «لم يترك نفسه بلا شهادة بما فعل من صلاح، معطيا اياكم امطارا من السماء ومواسم مثمرة، مفعما قلوبكم طعاما وسرورا». — اعمال ١٤:١٧.
٣ لماذا يمكننا الثقة بالارشاد الذي يعطيه اللّٰه؟
٣ ان اهتمام اللّٰه بحياتنا يعطينا سببا للثقة بإرشاده. (مزمور ١٤٧:٨؛ متى ٥:٤٥) لكنَّ البعض قد يفقدون هذه الثقة اذا عجزوا عن فهم احدى وصايا الكتاب المقدس او اذا احسوا انها تقيِّد حريتهم. رغم ذلك، فقد تبيّن ان الثقة بإرشاد يهوه امر حكيم. مثلا: حتى لو لم يفهم احد الاسرائيليين الوصية التي حرَّمت مسّ الجثة، فقد كانت اطاعة هذه الوصية امرا مفيدا له. اولا، كانت الطاعة ستقرِّبه اكثر الى الاله الحيّ؛ وثانيا، كانت ستساعده على تجنب الامراض. — لاويين ٥:٢؛ ١١:٢٤.
٤، ٥ (أ) ايّ ارشاد بشأن الدم اعطاه يهوه في ازمنة ما قبل المسيحية؟ (ب) كيف نعرف ان هذا الارشاد ينطبق على المسيحيين؟
٤ يصحّ الامر نفسه في ارشاد اللّٰه حول الدم. فقد قال لنوح ان البشر لا يجب ان يأكلوا او يشربوا الدم. ثم كشف في الشريعة ان الاستعمال الوحيد للدم الذي يرضى عنه اللّٰه هو على المذبح لغفران الخطايا. وبهاتَين الوصيتَين كان اللّٰه يضع الاساس لأسمى استعمال للدم: انقاذ حياة الناس بواسطة فدية يسوع. (عبرانيين ٩:١٤) نعم، بهذا الارشاد كان اللّٰه يُظهِر الاهتمام بحياتنا وبخيرنا. كتب آدم كلارك، عالِم الكتاب المقدس الذي عاش في القرن التاسع عشر، في معرض مناقشته للتكوين ٩:٤: «لا يزال المسيحيون الشرقيون يتبعون بدقة هذه الوصية [المعطاة لنوح] . . . لم يكن الدم يؤكل تحت الشريعة، لأنه اشار الى الدم الذي كان سيُسفَك عن خطية العالم؛ ولا ينبغي ان يؤكل في عصر الانجيل، لأنه ينبغي دائما الاعتبار انه يمثِّل الدم الذي سُفك من اجل الصفح عن الخطايا».
٥ ربما كان هذا العالِم يشير الى الانجيل الاساسي (البشارة) المتمحور حول يسوع. وهذا يشمل إرسال اللّٰه ابنه ليموت عنا، ليسكب دمه لكي ننال نحن الحياة الابدية. (متى ٢٠:٢٨؛ يوحنا ٣:١٦؛ روما ٥:٨، ٩) كما ان كلارك شمل بتعليقه الوصية اللاحقة ان يمتنع أتباع المسيح عن الدم.
٦ اية وصية حول الدم أُعطيت للمسيحيين، ولماذا؟
٦ لقد اعطى اللّٰه للاسرائيليين مئات الفرائض. وعندما مات يسوع، لم يعُد تلاميذه ملزَمين بحفظ كل هذه الشرائع. (روما ٧:٤، ٦؛ كولوسي ٢:١٣، ١٤، ١٧؛ عبرانيين ٨:٦، ١٣) ولكن بعد فترة، نشأت قضية مهمة: قضية ختان الذكور. فهل كان على غير اليهود الذين ارادوا الاستفادة من دم المسيح ان يختتنوا، مظهرين بذلك انهم لا يزالون تحت الشريعة؟ سنة ٤٩ بم، عالجت الهيئة الحاكمة المسيحية هذه المسألة. (اعمال، الاصحاح ١٥) وبمساعدة روح اللّٰه، استنتج الرسل والشيوخ ان الختان الالزامي انتهى مع الشريعة. لكنَّ بعض الشرائع الالهية بقيت مطلوبة من المسيحيين. كتبت الهيئة الحاكمة في رسالة الى الجماعات: «قد استحسن الروح القدس ونحن ألّا نزيد عليكم عبئا اكثر، غير هذه الاشياء التي لا بد منها، ان تمتنعوا على الدوام عما ذُبح للاصنام وعن الدم والمخنوق والعهارة. اذا حفظتم انفسكم منها فستفلحون». — اعمال ١٥:٢٨، ٢٩.
٧ الى ايّ حد هو مهمّ ان ‹يمتنع المسيحيون عن الدم›؟
٧ من الواضح ان الهيئة الحاكمة اعتبرت ‹الامتناع عن الدم› قضية ادبية مهمةً اهميةَ الامتناع عن الفساد الادبي الجنسي او عبادة الاصنام. وهذا ما يُثبِت ان الوصية التي تحرِّم الدم ليست امرا يُستهان به. فالمسيحيون غير التائبين الذين يمارسون الصنمية او يرتكبون الفساد الادبي الجنسي لا «يرثون ملكوت اللّٰه»، بل يكون «نصيبهم . . . الموت الثاني». (١ كورنثوس ٦:٩، ١٠؛ كشف ٢١:٨؛ ٢٢:١٥) لاحِظ التباين: ان تجاهل وصية اللّٰه المتعلقة بقداسة الدم ينتج الموت الابدي، في حين ان إظهار الاحترام لذبيحة يسوع يؤدي الى الحياة الابدية.
٨ ماذا يُظهِر ان المسيحيين الاولين حملوا وصية اللّٰه المتعلقة بالدم محمل الجدّ؟
٨ وكيف فهم وطبَّق المسيحيون الاولون وصية اللّٰه المتعلقة بالدم؟ تذكَّرْ تعليق كلارك الآنف الذكر: «لا ينبغي ان يؤكل في عصر الانجيل، لأنه ينبغي دائما الاعتبار انه يمثِّل الدم الذي سُفك من اجل الصفح عن الخطايا». والتاريخ يؤكد ان المسيحيين الاولين حملوا هذه الوصية محمل الجدّ. كتب ترتليانوس: «فكِّروا في اولئك الذين بعطش جشِع، في الاستعراض في ساحة النِّزال، يأخذون الدم الطازج للمجرمين الاشرار . . . ويفوزون به لشفاء صرعهم». ففي حين ان الوثنيين اكلوا الدم، قال ترتليانوس ان المسيحيين «لا [يأكلون] حتى ولا دم الحيوانات في [وجباتهم] . . . وفي محاكمات المسيحيين انتم تقدمون لهم نقانق ملآنة دما. انتم مقتنعون، طبعا، انه غير شرعي لهم». نعم، لم يأكل المسيحيون الدم رغم تهديدهم بالقتل. فشريعة اللّٰه كانت مهمة جدا في نظرهم.
٩ ماذا تضمن الامتناع عن الدم الى جانب عدم اكله بحدّ ذاته؟
٩ قد يظن البعض ان الهيئة الحاكمة كانت تعني ببساطة ألّا يأكل المسيحيون او يشربوا الدم بحدّ ذاته وأن يمتنعوا عن اكل لحم لم يُستنزَف دمه او عن تناول طعام ممزوج بالدم. طبعا، كان هذا قصد اللّٰه الرئيسي عندما اعطى الوصية لنوح. كما نصّ قرار الرسل ‹ان يحفظ المسيحيون انفسهم من المخنوق›، لحم لم يُستنزَف دمه. (تكوين ٩:٣، ٤؛ اعمال ٢١:٢٥) لكنّ المسيحيين الاولين عرفوا ان كلمات الهيئة الحاكمة تحمل اكثر من هذا المعنى. ففي ايامهم، كان الدم احيانا يؤخذ كعلاج طبي. فكما ذكر ترتليانوس، كان بعض الوثنيين يشربون الدم الطازج في محاولة لشفاء الصرع. وربما استعملوا الدم ايضا ظنًّا منهم انه يشفي الامراض او يحسِّن الصحة. لذلك فإن امتناع المسيحيين عن الدم تضمَّن ايضا عدم اخذهم اياه لأسباب «طبية». وقد حافظوا على هذا الموقف حتى لو كانت حياتهم معرَّضة للخطر.
استخدام الدم كدواء
١٠ بأية طرائق يُستخدم الدم كعلاج طبي، مما يُنشئ اية اسئلة؟
١٠ من الشائع في ايامنا استخدام الدم كعلاج طبي. في بدايات نقل الدم، كان الدم الكامل يُسحَب من المتبرِع، يُخزَن، ثم يُعطى للمريض (ربما احد الجرحى في الحرب). لاحقا، تعلم الباحثون كيف يقسِّمون الدم الى مكوِّنات رئيسية. وهكذا عند نقل الدم، تمكّن الاطباء من توزيع المكوِّنات الرئيسية للدم المتبرَّع به على اكثر من مريض، ربما معطين الپلازما لأحد الجرحى والكريات الحُمر لآخر. بعد ذلك، اظهر البحث الدؤوب ان المكوِّنات الرئيسية، مثل الپلازما، يمكن تقسيمها الى اجزاء اصغر. وهذا ما يتيح للاطباء ان يوزِّعوا الدم على عدد اكبر ايضا من المرضى. ولا تزال الابحاث جارية في هذا المجال، ويُسمَع ايضا عن استعمالات جديدة للاجزاء. فكيف يجب ان ينظر المسيحي الى استعمال مكوِّنات الدم؟ لا شك انه عاقد العزم على عدم قبول نقل الدم. ولكن ماذا لو شجَّعه طبيبه على اخذ احد مكوِّنات الدم الرئيسية، مثل الكريات الحُمر المجمَّعة؟ او ماذا لو كان العلاج يحتوي على احد الاجزاء الصغيرة المستخرجة من مكوِّن اساسي؟ كيف يمكن لخادم اللّٰه ان يقرِّر في هذا المجال، آخذا في الاعتبار ان الدم مقدس وأن دم المسيح هو الدم الوحيد الذي ينقذ الحياة اعظم انقاذ؟
١١ انسجاما مع الوقائع الطبية، ايّ موقف من الدم اتَّخذه الشهود منذ وقت طويل؟
١١ منذ عقود، اوضح شهود يهوه موقفهم من الدم. مثلا، نشروا مقالة في مجلة الجمعية الطبية الاميركية (٢٧ تشرين الثاني [نوفمبر] ١٩٨١؛ أُعيد طبعها في كراسة كيف يمكن للدم ان ينقذ حياتكم؟، الصفحات ٢٧-٢٩).a وقد اقتبست المقالة من التكوين، اللاويين، والاعمال. قالت: «فيما لا تُذكَر هذه الآيات بعبارات طبية يعتبرها الشهود انها تُبطل نقل الدم الكامل، خلايا الدم الحُمر المجمَّعة، والپلازما، اضافة الى اعطاء خلايا الدم البيض والصُّفَيْحات». وذكر الكتاب الدراسي لسنة ٢٠٠١، العناية الطارئة (بالانكليزية) تحت العنوان الفرعي «تكوين الدم»: «يتألف الدم من عدة مكوِّنات: الپلازما، خلايا الدم الحُمر والبيضاء، والصُّفَيْحات». لذلك، انسجاما مع الوقائع الطبية، يرفض الشهود نقل الدم الكامل او ايّ من مكوِّناته الرئيسية الاربعة.
١٢ (أ) ايّ موقف للشهود جرى ايضاحه في ما يتعلق بالاجزاء المشتقة من مكوِّنات الدم الرئيسية؟ (ب) اين يمكن ايجاد معلومات اضافية حول هذا الموضوع؟
١٢ تابعت المقالة الطبية: «لا يحرِّم مفهوم الشهود الديني بشكل كامل استعمال [اجزاء] الدم مثل الألبومين، الڠلوبولينات المناعية، والمستحضرات لعلاج مرض الناعور؛ فكل شاهد يجب ان يقرِّر شخصيا هل يقبلها ام لا». ومنذ سنة ١٩٨١، يجري عزل واستعمال اجزاء عديدة (عناصر اصغر مشتقة من مكوِّنات الدم الرئيسية الاربعة). لذلك زوَّد عدد ١٥حزيران (يونيو) ٢٠٠٠ من برج المراقبة معلومات مساعِدة حول هذا الموضوع في مقالة «اسئلة من القراء». وحرصا منا على فائدة الملايين من قرّائنا، سنُعيد نشر الجواب في الصفحات ٢٩-٣١ من هذه المجلة. فهي تزوِّد تفاصيل وحججا منطقية وتنسجم من حيث المبدأ مع المعلومات التي نشرناها سنة ١٩٨١.
الدور الذي يلعبه ضميرك
١٣، ١٤ (أ) ما هو الضمير، وأين يأتي دوره في ما يتعلق بالدم؟ (ب) اية وصية بشأن اكل اللحم اعطاها اللّٰه للاسرائيليين، ولكن اية اسئلة ربما خطرت على بالهم؟
١٣ ان المعلومات الآنفة الذكر تتطلب استخدام ضميرك عند اتِّخاذ ايّ قرار. ولماذا؟ لا شك ان المسيحيين يقرّون بضرورة اتِّباع إرشاد اللّٰه، لكنَّ بعض الحالات تستدعي اتِّخاذ قرارات شخصية. وهنا يأتي دور ضميرك. والضمير هو قدرة فطرية على تقييم المسائل والتقرير فيها، وغالبا ما يكون ذلك في المسائل الادبية. (روما ٢:١٤، ١٥) لكنَّ ما يمليه الضمير يختلف من شخص الى آخر.b فالكتاب المقدس يقول ان البعض ‹ضميرهم ضعيف›، مما يدل ان البعض الآخر ضميرهم قوي. (١ كورنثوس ٨:١٢) فكل مسيحي يحرز درجة مختلفة من التقدم في تعلُّم مشيئة اللّٰه، فهم تفكيره، وتطبيق ما تعلّمه عند اتِّخاذ القرارات. لفهم هذه النقطة، لنأخذ على سبيل المثال قضية أكل اللحم عند اليهود.
١٤ يحتوي الكتاب المقدس على وصية واضحة تحرِّم على الذين يطيعون اللّٰه ان يأكلوا لحما لم يُستنزَف دمه. وقد كانت هذه الوصية مهمة جدا حتى ان الجنود الاسرائيليين الذين اكلوا لحما لم يُستنزَف دمه في احدى الحالات الطارئة اعتُبروا مذنبين بارتكاب خطية خطيرة. (تثنية ١٢:١٥، ١٦؛ ١ صموئيل ١٤:٣١-٣٥) ولكن ربما خطرت بعض الاسئلة على بال الاسرائيليين: اذا قتل اسرائيلي خروفا، فكم من الوقت يُسمَح له بتركه قبل استنزاف دمه؟ هل يجب ان يذبحه في حلقه ليستنزف الدم؟ هل من الضروري ان يعلِّقه بقائمتَيه الخلفيتَين، ولكم من الوقت؟ كيف يستنزف دم البقرة الكبيرة؟ حتى بعد الاستنزاف قد يبقى بعض الدم في اللحم، فهل بإمكانه اكل هذا اللحم؟ مَن يقرِّر في هذه المسائل؟
١٥ ماذا ربما فعل بعض اليهود بشأن اكل اللحم، ولكن ايّ مبدإ اعطاه اللّٰه؟
١٥ لنفرض ان يهوديا متعبدا واجه مسائل كهذه. فلربما فكر انه من الاسلم ان يتجنب اكل اللحم الذي يُباع في السوق، تماما كما قد يتجنب اسرائيلي آخر اكل اللحم اذا شكّ انه قُدِّم للاصنام. كما ان يهوديا آخر ربما لم يأكل اللحم إلا بعد اتِّباع اجراءات معيَّنة لاستنزاف الدم.c (متى ٢٣:٢٣، ٢٤) فما رأيك في ردود الفعل المختلفة هذه؟ وبما ان اللّٰه لم يطلب هذه الامور، فهل كان من الافضل ان يرسل اليهود مجموعة من الاسئلة الى مجلس من الرابِّيين ليقرِّروا ما الذي يجب فعله في كل حالة؟ رغم ان هذه العادة صارت شائعة في الدين اليهودي، من المفرح ان نعرف ان يهوه لم يوصِ العبّاد الحقيقيين ان يفعلوا ذلك لينالوا اجوبة عن الاسئلة حول الدم. بل قدَّم مبدأ اساسيا حول ذبح الحيوانات الطاهرة واستنزاف دمها دون ذكر تفاصيل اضافية. — يوحنا ٨:٣٢.
١٦ لماذا قد تختلف نظرة المسيحيين الى قبول حقنة تحتوي على جزء صغير مشتق من احد المكوِّنات الرئيسية للدم؟
١٦ كما ذكرنا في الفقرتَين ١١ و ١٢، لا يقبل شهود يهوه نقل الدم الكامل او ايّ من مكوِّناته الرئيسية الاربعة — الپلازما، الكريات الحُمر، الكريات البيض، والصُّفَيْحات. ولكن ماذا عن الاجزاء الصغيرة المشتقة من المكوِّنات الرئيسية مثل انواع المصل التي تحتوي على اجسام مضادة لمقاومة مرض ما او لمعالجة لدغة الافعى؟ (انظر الصفحة ٣٠، الفقرة ٤) استنتج البعض ان هذه الاجزاء الصغيرة لم تعد دما، لذلك فهي ليست مشمولة بالوصية التي تأمر ‹بالامتناع عن الدم›. (اعمال ١٥:٢٩؛ ٢١:٢٥؛ الصفحة ٣١، الفقرة ١) وهؤلاء الاشخاص مسؤولون عن قرارهم. أما ضمير مسيحيين آخرين فيدفعهم الى رفض كل شيء يشتق من الدم (سواء دم الحيوان او الانسان)، حتى ولو كان جزءا صغيرا من احد المكوِّنات الرئيسية.d وقد يقبل آخرون حقنة من پروتينات الپلازما لمقاومة مرض ما او لمعالجة لدغة الافعى في حين انهم يرفضون اجزاء صغيرة اخرى. وبالاضافة الى ذلك، يرفض معظم المسيحيين نقل بعض الاجزاء المشتقة من احد المكوِّنات الرئيسية الاربعة لأن لها المفعول نفسه للمكوِّن الكامل وتلعب بالتالي دورا مهمّا في المحافظة على الحياة.
١٧ (أ) كيف يكون ضميرنا مساعِدا في مسألة نقل اجزاء الدم الصغيرة؟ (ب) لماذا اتِّخاذ القرارات في هذه المسألة امر مهمّ؟
١٧ ان ما يقوله الكتاب المقدس عن الضمير هو مساعد عند اتِّخاذ قرارات كهذه. والخطوة الاولى هي ان تتعلّم ما تقوله كلمة اللّٰه وتسعى الى صوغ ضميرك وفق ما تعلمته. فهذا ما يجهِّزك لتتَّخذ قرارات منسجمة مع إرشادات اللّٰه بدلا من ان تطلب من شخص آخر ان يتَّخذ القرار عنك. (مزمور ٢٥:٤، ٥) ولكن قد يفكِّر البعض بشأن اخذ اجزاء مكوِّنات الدم الرئيسية: ‹ما دام هذا الامر يعود الى الضمير، فهو ليس قضية ذات شأن›. هذا تفكير خاطئ. فكون هذه المسألة تعود الى الضمير لا يعني انها بلا اهمية. فقد تكون لقرارنا عواقب خطيرة. وأحدى هذه العواقب هي ان قرارنا يمكن ان يؤثر في اشخاص يملي عليهم ضميرهم امرا مختلفا عمّا يمليه علينا ضميرنا. وهذا ما نراه من نصيحة بولس عن اللحم الذي ربما قُدِّم للاصنام وبيع لاحقا في السوق. فالمسيحي يجب ان يهتم بعدم ‹جرح الضمائر الضعيفة›. فإذا اعثر احدا، فقد ‹يُهلِك اخاه الذي مات المسيح من اجله› ويخطئ الى المسيح. لذلك في حين ان قضية نقل اجزاء الدم الصغيرة هي مسألة قرار شخصي، يجب ان يُحمَل اتِّخاذ هذا القرار محمل الجد. — ١ كورنثوس ٨:٨، ١١-١٣؛ ١٠:٢٥-٣١.
١٨ كيف يتجنب المسيحي صيرورة ضميره ميتا عند اتِّخاذ القرارات بشأن الدم؟
١٨ أما العاقبة الثانية التي يجب ان تفكِّر فيها عند اتِّخاذ قرارك بشأن الدم فهي كيف يؤثر هذا القرار فيك شخصيا. فإذا كان اخذك جزءا صغيرا من الدم سيتسبَّب لك بعذاب الضمير المدرَّب على الكتاب المقدس، فلا ينبغي ان تتجاهل صوت ضميرك. ولا ينبغي ايضا ان تتجاهل ما يمليه عليك ضميرك لمجرد ان احد الاشخاص يقول لك: «هذا ليس خطأ؛ فكثيرون يفعلون ذلك». وتذكَّر ان ملايين الاشخاص اليوم يتجاهلون تبكيت ضميرهم، فيصير ميتا ويسمح لهم بأن يكذبوا او يفعلوا امورا خاطئة اخرى دون ان يحسوا بوخز الضمير. ولا شك ان المسيحيين يريدون ان يتجنبوا اتّباع هذا المسلك. — ٢ صموئيل ٢٤:١٠؛ ١ تيموثاوس ٤:١، ٢.
١٩ ماذا ينبغي ان نبقي في بالنا عندما نقرِّر في مسائل طبية تتعلق بالدم؟
١٩ يرِد ما يلي في اواخر الجواب المُعاد نشره في الصفحات ٢٩-٣١: «بالنظر الى اختلاف الآراء والقرارات التي يمليها ضمير الاشخاص، هل يعني ذلك ان المسألة غير هامة؟ لا، بل على العكس انها مسألة خطيرة». وهذه المسألة خطيرة خصوصا لأنها مرتبطة بعلاقتك ‹بالاله الحيّ›. فهذه العلاقة هي الوحيدة التي تؤدي الى نيلك الحياة الابدية، على اساس قدرة دم يسوع المسفوك على الانقاذ. فليكن لديك احترام عميق للدم بسبب ما ينجزه اللّٰه بواسطته: انقاذ الحياة. لذلك تصحّ كلمات بولس: «لا رجاء لكم ومن دون اللّٰه في العالم. أما الآن، ففي اتحاد بالمسيح يسوع، انتم الذين كنتم في ما مضى بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح». — افسس ٢:١٢، ١٣.
-