اَلْبِشَارَةُ عَلَى مَا رَوَى لُوقَا
١ إِذْ سَعَى كَثِيرُونَ إِلَى تَأْلِيفِ رِوَايَةٍ عَنِ ٱلْوَقَائِعِ+ ٱلْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، ٢ كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا ٱلَّذِينَ صَارُوا مُنْذُ ٱلْبِدَايَةِ+ شُهُودَ عِيَانٍ+ وَخُدَّامًا لِلرِّسَالَةِ،+ ٣ عَزَمْتُ أَنَا أَيْضًا، إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ مِنَ ٱلْأَوَّلِ بِدِقَّةٍ، أَنْ أَكْتُبَهَا إِلَيْكَ بِٱلتَّرْتِيبِ،+ يَا صَاحِبَ ٱلسُّمُوِّ+ ثَاوُفِيلُسُ،+ ٤ لِتَعْرِفَ تَمَامًا يَقِينَ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلَّتِي تَلَقَّنْتَهَا.+
٥ كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ،+ مَلِكِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، كَاهِنٌ ٱسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا،+ وَزَوْجَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ،+ وَٱسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ. ٦ وَكَانَا كِلَاهُمَا بَارَّيْنِ+ أَمَامَ ٱللّٰهِ، يَسِيرَانِ بِلَا لَوْمٍ+ فِي جَمِيعِ وَصَايَا+ يَهْوَهَ وَشَرَائِعِهِ.+ ٧ وَلٰكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَدٌ، لِأَنَّ أَلِيصَابَاتَ كَانَتْ عَاقِرًا،+ وَكَانَا كِلَاهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا.
٨ وَبَيْنَمَا كَانَ يَقُومُ بِٱلْخِدْمَةِ ٱلْكَهَنُوتِيَّةِ فِي دَوْرِ فِرْقَتِهِ+ أَمَامَ ٱللّٰهِ، ٩ جَاءَ دَوْرُهُ، حَسَبَ عُرْفِ ٱلْكَهَنُوتِ، لِيُقَرِّبَ بَخُورًا+ عِنْدَ دُخُولِهِ مَقْدِسَ يَهْوَهَ.+ ١٠ وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ ٱلشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجًا فِي سَاعَةِ تَقْرِيبِ ٱلْبَخُورِ.+ ١١ فَتَرَاءَى لَهُ مَلَاكُ يَهْوَهَ، وَاقِفًا عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ.+ ١٢ فَٱضْطَرَبَ زَكَرِيَّا حِينَ رَآهُ وَٱسْتَوْلَى عَلَيْهِ ٱلْخَوْفُ.+ ١٣ فَقَالَ لَهُ ٱلْمَلَاكُ: «لَا تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا، لِأَنَّهُ قَدِ ٱسْتُجِيبَ تَضَرُّعُكَ،+ وَسَتَلِدُ لَكَ زَوْجَتُكَ أَلِيصَابَاتُ ٱبْنًا، فَتَدْعُو ٱسْمَهُ يُوحَنَّا.+ ١٤ وَسَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَٱبْتِهَاجٌ، وَيَفْرَحُ+ كَثِيرُونَ بِوِلَادَتِهِ، ١٥ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ يَهْوَهَ.+ وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لَا يَشْرَبْ أَبَدًا،+ وَيَمْتَلِئُ رُوحًا قُدُسًا وَهُوَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ.+ ١٦ وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَهْوَهَ+ إِلٰهِهِمْ. ١٧ وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا+ وَقُدْرَتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ+ ٱلْآبَاءِ إِلَى ٱلْأَوْلَادِ، وَٱلْعُصَاةَ إِلَى حِكْمَةِ ٱلْأَبْرَارِ، لِيُعِدَّ لِيَهْوَهَ+ شَعْبًا مُهَيَّأً».+
١٨ فَقَالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلَاكِ: «كَيْفَ أَتَيَقَّنُ مِنْ هٰذَا؟ فَأَنَا مُسِنٌّ+ وَزَوْجَتِي مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامِهَا». ١٩ فَأَجَابَ ٱلْمَلَاكُ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا جِبْرَائِيلُ،+ ٱلْوَاقِفُ أَمَامَ ٱللّٰهِ، وَقَدْ أُرْسِلْتُ لِأُكَلِّمَكَ+ وَأُبَشِّرَكَ بِهٰذَا. ٢٠ وَهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا+ وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي يَحْدُثُ فِيهِ هٰذَا، لِأَنَّكَ لَمْ تُؤْمِنْ بِكَلَامِي ٱلَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ ٱلْمُعَيَّنِ». ٢١ فِي أَثْنَاءِ ذٰلِكَ، بَقِيَ ٱلشَّعْبُ يَنْتَظِرُونَ زَكَرِيَّا،+ وَتَعَجَّبُوا مِنْ تَأَخُّرِهِ فِي ٱلْمَقْدِسِ. ٢٢ وَلٰكِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَنْظَرًا فَوْقَ ٱلطَّبِيعَةِ+ فِي ٱلْمَقْدِسِ. فَكَانَ يُومِئُ إِلَيْهِمْ، وَبَقِيَ أَخْرَسَ. ٢٣ وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ+ مَضَى إِلَى بَيْتِهِ.
٢٤ وَبَعْدَ تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ حَمَلَتْ+ أَلِيصَابَاتُ زَوْجَتُهُ، وَعَزَلَتْ نَفْسَهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، قَائِلَةً: ٢٥ «هٰكَذَا صَنَعَ إِلَيَّ يَهْوَهُ فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي فِيهَا ٱلْتَفَتَ إِلَيَّ لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ ٱلنَّاسِ».+
٢٦ وَفِي شَهْرِهَا ٱلسَّادِسِ أُرْسِلَ ٱلْمَلَاكُ جِبْرَائِيلُ+ مِنَ ٱللّٰهِ إِلَى مَدِينَةٍ فِي ٱلْجَلِيلِ ٱسْمُهَا ٱلنَّاصِرَةُ، ٢٧ إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ ٱسْمُهُ يُوسُفُ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ، وَٱسْمُ ٱلْعَذْرَاءِ+ مَرْيَمُ.+ ٢٨ فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهَا قَالَ: «طَابَ يَوْمُكِ،+ أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا، يَهْوَهُ+ مَعَكِ».+ ٢٩ فَٱضْطَرَبَتْ بِشِدَّةٍ مِنْ هٰذَا ٱلْكَلَامِ وَأَخَذَتْ تَفْتَكِرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هٰذَا ٱلسَّلَامُ. ٣٠ فَقَالَ لَهَا ٱلْمَلَاكُ: «لَا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، فَإِنَّكِ قَدْ نِلْتِ حُظْوَةً+ عِنْدَ ٱللّٰهِ. ٣١ وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْنًا،+ فَتَدْعِينَ ٱسْمَهُ يَسُوعَ.+ ٣٢ هٰذَا يَكُونُ عَظِيمًا+ وَيُدْعَى ٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ،+ وَيُعْطِيهِ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ عَرْشَ+ دَاوُدَ أَبِيهِ،+ ٣٣ وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمَمْلَكَتِهِ نِهَايَةٌ».+
٣٤ فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا، وَأَنَا لَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ+ بِرَجُلٍ؟». ٣٥ فَأَجَابَ ٱلْمَلَاكُ وَقَالَ لَهَا: «رُوحٌ قُدُسٌ+ يَأْتِي عَلَيْكِ، وَقُدْرَةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ. لِذٰلِكَ أَيْضًا يُدْعَى ٱلْمَوْلُودُ قُدُّوسًا،+ ٱبْنَ ٱللّٰهِ.+ ٣٦ وَهَا إِنَّ أَلِيصَابَاتَ نَسِيبَتَكِ قَدْ حَبِلَتْ هِيَ أَيْضًا بِٱبْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهٰذَا هُوَ ٱلشَّهْرُ ٱلسَّادِسُ لِتِلْكَ ٱلْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا،+ ٣٧ لِأَنَّهُ مَا مِنْ إِعْلَانٍ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱللّٰهِ».+ ٣٨ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ!+ لِيَكُنْ لِي كَمَا أَعْلَنْتَ». فَٱنْصَرَفَ عَنْهَا ٱلْمَلَاكُ.
٣٩ فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ وَجَاءَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى ٱلْكُورَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةٍ فِي يَهُوذَا، ٤٠ وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. ٤١ فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلَامَ مَرْيَمَ، ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ فِي رَحِمِهَا. وَٱمْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ رُوحًا قُدُسًا، ٤٢ فَهَتَفَتْ بِصَوْتٍ عَالٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ، وَمُبَارَكَةٌ+ ثَمَرَةُ رَحِمِكِ! ٤٣ فَمِنْ أَيْنَ لِي هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازُ أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي+ إِلَيَّ؟ ٤٤ فَهُوَذَا حِينَ وَقَعَ صَوْتُ سَلَامِكِ فِي أُذُنَيَّ ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ بِٱبْتِهَاجٍ+ فِي رَحِمِي. ٤٥ فَسَعِيدَةٌ هِيَ ٱلَّتِي آمَنَتْ، لِأَنَّهُ سَيَتِمُّ+ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ يَهْوَهَ».+
٤٦ فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي يَهْوَهَ،+ ٤٧ وَبِٱللّٰهِ مُخَلِّصِي+ تَتَهَلَّلُ+ رُوحِي، ٤٨ لِأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى ضِعَةِ أَمَتِهِ.+ فَهَا إِنَّ جَمِيعَ ٱلْأَجْيَالِ مُنْذُ ٱلْآنَ تَغْبِطُنِي،+ ٤٩ لِأَنَّ ٱلْقَدِيرَ صَنَعَ لِي عَظَائِمَ، مُقَدَّسٌ ٱسْمُهُ،+ ٥٠ وَرَحْمَتُهُ إِلَى أَجْيَالٍ فَأَجْيَالٍ عَلَى ٱلَّذِينَ يَخَافُونَهُ.+ ٥١ صَنَعَ عِزًّا بِذِرَاعِهِ،+ بَدَّدَ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ بِنِيَّةِ قُلُوبِهِمْ.+ ٥٢ أَنْزَلَ ذَوِي ٱلنُّفُوذِ+ عَنِ ٱلْعُرُوشِ وَرَفَعَ ٱلْمَسَاكِينَ،+ ٥٣ أَشْبَعَ ٱلْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ+ وَصَرَفَ ٱلْأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ.+ ٥٤ سَاعَدَ إِسْرَائِيلَ خَادِمَهُ،+ لِيَتَذَكَّرَ ٱلرَّحْمَةَ،+ ٥٥ كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا، إِبْرَاهِيمَ وَنَسْلَهُ، إِلَى ٱلْأَبَدِ».+ ٥٦ وَبَقِيَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى بَيْتِهَا.
٥٧ وَحَانَ وَقْتُ أَلِيصَابَاتَ لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا. ٥٨ وَسَمِعَ ٱلْجِيرَانُ وَأَنْسِبَاؤُهَا أَنَّ يَهْوَهَ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ+ لَهَا، فَفَرِحُوا+ مَعَهَا. ٥٩ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا ٱلصَّغِيرَ،+ وَكَانُوا سَيَدْعُونَهُ بِٱسْمِ أَبِيهِ، زَكَرِيَّا. ٦٠ فَأَجَابَتْ أُمُّهُ وَقَالَتْ: «كَلَّا! بَلْ يُدْعَى يُوحَنَّا». ٦١ عِنْدَئِذٍ قَالُوا لَهَا: «لَا أَحَدَ مِنْ أَنْسِبَائِكِ يُدْعَى بِهٰذَا ٱلِٱسْمِ». ٦٢ ثُمَّ رَاحُوا يُومِئُونَ إِلَى أَبِيهِ، مَاذَا يُرِيدُ أَنْ يُدْعَى. ٦٣ فَطَلَبَ لَوْحًا وَكَتَبَ: «يُوحَنَّا+ ٱسْمُهُ». فَتَعَجَّبُوا كُلُّهُمْ. ٦٤ وَفِي ٱلْحَالِ ٱنْفَتَحَ فَمُهُ+ وَٱنْطَلَقَ لِسَانُهُ وَصَارَ يَتَكَلَّمُ، مُبَارِكًا ٱللّٰهَ. ٦٥ فَحَلَّ خَوْفٌ عَلَى جَمِيعِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي جِوَارِهِمْ. وَسَرَى ٱلْحَدِيثُ عَنْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورِ جَمِيعِهَا فِي كُلِّ ٱلْكُورَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ لِلْيَهُودِيَّةِ، ٦٦ فَحَفِظَهَا جَمِيعُ ٱلسَّامِعِينَ فِي قُلُوبِهِمْ+ قَائِلِينَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هٰذَا ٱلصَّغِيرُ؟». فَقَدْ كَانَتْ يَدُ+ يَهْوَهَ مَعَهُ.
٦٧ وَٱمْتَلَأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ رُوحًا قُدُسًا،+ وَتَنَبَّأَ+ قَائِلًا: ٦٨ «تَبَارَكَ يَهْوَهُ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ،+ لِأَنَّهُ ٱفْتَقَدَ شَعْبَهُ+ وَصَنَعَ لَهُ إِنْقَاذًا!+ ٦٩ وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ+ خَلَاصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ خَادِمِهِ، ٧٠ كَمَا تَكَلَّمَ، بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ ٱلْقُدُّوسِينَ ٱلَّذِينَ هُمْ مُنْذُ ٱلْقِدَمِ،+ ٧١ عَنْ خَلَاصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ يَدِ جَمِيعِ مُبْغِضِينَا؛+ ٧٢ لِيُتِمَّ ٱلرَّحْمَةَ تِجَاهَ آبَائِنَا وَيَتَذَكَّرَ عَهْدَهُ ٱلْمُقَدَّسَ،+ ٧٣ ٱلْقَسَمَ ٱلَّذِي حَلَفَ لِإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا،+ ٧٤ أَنْ يُعْطِيَنَا، بَعْدَ نَجَاتِنَا مِنْ أَيْدِي ٱلْأَعْدَاءِ،+ ٱلِٱمْتِيَازَ أَنْ نُؤَدِّيَ لَهُ دُونَ خَوْفٍ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً+ ٧٥ بِوَلَاءٍ وَبِرٍّ أَمَامَهُ كُلَّ أَيَّامِنَا.+ ٧٦ أَمَّا أَنْتَ، أَيُّهَا ٱلصَّغِيرُ، فَسَتُدْعَى نَبِيًّا لِلْعَلِيِّ، لِأَنَّكَ سَتَتَقَدَّمُ أَمَامَ يَهْوَهَ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ،+ ٧٧ لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ ٱلْخَلَاصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ،+ ٧٨ بِفَضْلِ حَنَانِ إِلٰهِنَا. فَبِهٰذَا ٱلْحَنَانِ يَزُورُنَا فَجْرٌ+ مِنَ ٱلْعَلَاءِ،+ ٧٩ لِيُنِيرَ لِلْجَالِسِينَ فِي ٱلظُّلْمَةِ وَظِلِّ ٱلْمَوْتِ،+ لِيَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ ٱلسَّلَامِ».
٨٠ وَكَانَ ٱلصَّغِيرُ يَنْمُو+ وَيَتَقَوَّى فِي ٱلرُّوحِ، وَبَقِيَ فِي ٱلْقِفَارِ إِلَى يَوْمِ إِظْهَارِ نَفْسِهِ عَلَنًا لِإِسْرَائِيلَ.
٢ وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ صَدَرَ مَرْسُومٌ+ مِنَ ٱلْقَيْصَرِ أُوغُسْطُسَ بِأَنْ يَكْتَتِبَ كُلُّ ٱلْمَسْكُونَةِ ٢ (جَرَى هٰذَا ٱلِٱكْتِتَابُ ٱلْأَوَّلُ عِنْدَمَا كَانَ كِيرِينِيُوسُ حَاكِمَ سُورِيَّةَ). ٣ فَسَافَرَ ٱلْجَمِيعُ لِيَكْتَتِبُوا،+ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. ٤ فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ ٱلْجَلِيلِ، مِنْ مَدِينَةِ ٱلنَّاصِرَةِ، إِلَى ٱلْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ ٱلَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمَ،+ لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَائِلَتِهِ،+ ٥ لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ+ خَطِيبَتِهِ ٱلَّتِي تَزَوَّجَهَا،+ وَقَدْ ثَقُلَ حَمْلُهَا.+ ٦ وَبَيْنَمَا كَانَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. ٧ فَوَلَدَتِ ٱبْنَهَا ٱلْبِكْرَ+ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي مِذْوَدٍ،+ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي ٱلنُّزُلِ.
٨ وَكَانَ فِي تِلْكَ ٱلْكُورَةِ عَيْنِهَا رُعَاةٌ يَعِيشُونَ فِي ٱلْعَرَاءِ وَيَسْهَرُونَ فِي هُزُعِ ٱللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ. ٩ وَإِذَا مَلَاكُ+ يَهْوَهَ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ+ يَهْوَهَ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا جِدًّا. ١٠ فَقَالَ لَهُمُ ٱلْمَلَاكُ: «لَا تَخَافُوا، فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ ٱلشَّعْبِ،+ ١١ لِأَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مُخَلِّصٌ،+ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱلرَّبُّ،+ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ.+ ١٢ وَهٰذِهِ عَلَامَةٌ لَكُمْ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا وَمُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ». ١٣ وَٱنْضَمَّ فَجْأَةً إِلَى ٱلْمَلَاكِ جُمْهُورٌ مِنَ ٱلْجُنْدِ ٱلسَّمَاوِيِّ،+ يُسَبِّحُونَ ٱللّٰهَ+ وَيَقُولُونَ: ١٤ «اَلْمَجْدُ لِلّٰهِ فِي ٱلْأَعَالِي،+ وَعَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلسَّلَامُ+ بَيْنَ أُنَاسِ ٱلرِّضَى».+
١٥ فَلَمَّا ٱنْصَرَفَتْ عَنْهُمُ ٱلْمَلَائِكَةُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، قَالَ ٱلرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لِنَذْهَبِ ٱلْآنَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ وَنَنْظُرْ هٰذَا ٱلْأَمْرَ ٱلَّذِي حَدَثَ، وَقَدْ أَعْلَمَنَا بِهِ يَهْوَهُ».+ ١٦ فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ، وَٱلطِّفْلَ مُضْجَعًا فِي ٱلْمِذْوَدِ. ١٧ وَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هٰذَا ٱلصَّغِيرِ. ١٨ وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قَالَهُ لَهُمُ ٱلرُّعَاةُ، ١٩ وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلَامِ، مُتَفَكِّرَةً فِيهِ فِي قَلْبِهَا.+ ٢٠ ثُمَّ عَادَ ٱلرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ، كَمَا قِيلَ لَهُمْ.
٢١ وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ+ لِيُخْتَنَ،+ دُعِيَ ٱسْمُهُ يَسُوعَ،+ كَمَا دَعَاهُ ٱلْمَلَاكُ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي ٱلرَّحِمِ.+
٢٢ وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهِمَا+ حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدَا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَرِّبَاهُ إِلَى يَهْوَهَ، ٢٣ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ يَهْوَهَ: «كُلُّ ذَكَرٍ فَاتِحِ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِيَهْوَهَ»،+ ٢٤ وَلِيُقَرِّبَا ذَبِيحَةً عَلَى حَسَبِ مَا قِيلَ فِي شَرِيعَةِ يَهْوَهَ: «زَوْجَ تِرْغَلٍّ أَوْ فَرْخَيْ يَمَامٍ».+
٢٥ وَإِذَا رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ ٱسْمُهُ سِمْعَانُ، وَكَانَ هٰذَا ٱلرَّجُلُ بَارًّا وَيَخْشَى ٱللّٰهَ، يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ،+ وَرُوحٌ قُدُسٌ عَلَيْهِ. ٢٦ وَكَانَ قَدْ كُشِفَ لَهُ إِلٰهِيًّا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أَنَّهُ لَا يَرَى ٱلْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ+ يَهْوَهَ. ٢٧ فَأَتَى إِلَى ٱلْهَيْكَلِ تَحْتَ تَأْثِيرِ ٱلرُّوحِ.+ وَلَمَّا دَخَلَ ٱلْوَالِدَانِ بِٱلصَّغِيرِ يَسُوعَ لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ ٱلْعَادَةِ ٱلَّتِي تَقْتَضِيهَا ٱلشَّرِيعَةُ،+ ٢٨ أَخَذَهُ هُوَ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ ٱللّٰهَ وَقَالَ: ٢٩ «اَلْآنَ، أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، تُطْلِقُ عَبْدَكَ بِسَلَامٍ+ كَمَا أَعْلَنْتَ؛ ٣٠ لِأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلَاصَكَ+ ٣١ ٱلَّذِي أَعْدَدْتَهُ أَمَامَ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ،+ ٣٢ نُورًا+ لِكَشْفِ ٱلْبُرْقُعِ+ عَنِ ٱلْأُمَمِ+ وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ». ٣٣ وَكَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا يُقَالُ فِيهِ. ٣٤ وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هٰذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ+ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ+ وَلِعَلَامَةٍ يُتَكَلَّمُ عَلَيْهَا+ ٣٥ (وَأَنْتِ سَيَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ طَوِيلٌ)،+ لِتُكْشَفَ أَفْكَارُ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ».+
٣٦ وَكَانَتْ هُنَاكَ نَبِيَّةٌ، هِيَ حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ، مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ (هٰذِهِ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً فِي أَيَّامِهَا، وَقَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ عَذْرَاوِيَّتِهَا، ٣٧ وَهِيَ أَرْمَلَةٌ+ تَبْلُغُ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً)، لَا تَغِيبُ أَبَدًا عَنِ ٱلْهَيْكَلِ، مُؤَدِّيَةً خِدْمَةً مُقَدَّسَةً لَيْلًا وَنَهَارًا+ بِٱلْأَصْوَامِ وَٱلتَّضَرُّعَاتِ. ٣٨ فَفِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا ٱقْتَرَبَتْ وَأَخَذَتْ تَشْكُرُ ٱللّٰهَ وَتَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلصَّغِيرِ إِلَى جَمِيعِ ٱلْمُنْتَظِرِينَ إِنْقَاذَ أُورُشَلِيمَ.+
٣٩ وَلَمَّا أَتَمَّا كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ شَرِيعَةِ+ يَهْوَهَ، عَادُوا إِلَى ٱلْجَلِيلِ إِلَى مَدِينَتِهِمِ ٱلنَّاصِرَةِ.+ ٤٠ وَكَانَ ٱلصَّغِيرُ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى،+ مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَلَهُ حُظْوَةٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ.+
٤١ وَكَانَ وَالِدَاهُ مُعْتَادَيْنِ أَنْ يَذْهَبَا كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ+ لِأَجْلِ عِيدِ ٱلْفِصْحِ. ٤٢ فَلَمَّا بَلَغَ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، صَعِدُوا إِلَيْهَا كَعَادَةِ+ ٱلْعِيدِ ٤٣ وَأَكْمَلُوا ٱلْأَيَّامَ. وَلٰكِنْ عِنْدَ عَوْدَتِهِمَا بَقِيَ ٱلصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَلَمْ يُلَاحِظْ وَالِدَاهُ ذٰلِكَ. ٤٤ وَإِذْ حَسِبَا أَنَّهُ مَعَ جَمَاعَةِ ٱلْمُسَافِرِينَ، سَارَا مَسِيرَةَ يَوْمٍ+ ثُمَّ أَخَذَا يَتَفَقَّدَانِهِ بَيْنَ ٱلْأَهْلِ وَٱلْمَعَارِفِ. ٤٥ وَإِذْ لَمْ يَجِدَاهُ، عَادَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَبْحَثَانِ عَنْهُ. ٤٦ وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي ٱلْهَيْكَلِ،+ جَالِسًا وَسْطَ ٱلْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ. ٤٧ وَكَانَ كُلُّ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَهُ مَبْهُوتِينَ مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ.+ ٤٨ فَلَمَّا أَبْصَرَاهُ ذَهِلَا، وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا وَلَدِي، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هٰكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا فِي كَرْبٍ نُفَتِّشُ عَنْكَ». ٤٩ فَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا تُفَتِّشَانِ عَنِّي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّنِي لَا بُدَّ أَنْ أَكُونَ فِي بَيْتِ أَبِي؟».+ ٥٠ لٰكِنَّهُمَا لَمْ يَفْهَمَا ٱلْكَلَامَ ٱلَّذِي قَالَهُ لَهُمَا.+
٥١ وَنَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى ٱلنَّاصِرَةِ، وَبَقِيَ خَاضِعًا+ لَهُمَا. وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ بِٱعْتِنَاءٍ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلَامِ فِي قَلْبِهَا.+ ٥٢ وَكَانَ يَسُوعُ يَتَقَدَّمُ فِي ٱلْحِكْمَةِ+ وَٱلْقَامَةِ وَٱلْحُظْوَةِ عِنْدَ ٱللّٰهِ وَٱلنَّاسِ.+
٣ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْخَامِسَةَ عَشْرَةَ مِنْ مُلْكِ ٱلْقَيْصَرِ طِيبَارِيُوسَ، حِينَ كَانَ بُنْطِيُوسُ بِيلَاطُسُ حَاكِمًا عَلَى ٱلْيَهُودِيَّةِ، وَهِيرُودُسُ+ حَاكِمَ إِقْلِيمٍ عَلَى ٱلْجَلِيلِ، وَفِيلِبُّسُ أَخُوهُ حَاكِمَ إِقْلِيمٍ عَلَى بِلَادِ إِيطُورِيَةَ وَتَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَانِيُوسُ حَاكِمَ إِقْلِيمٍ عَلَى أَبِيلِينَةَ، ٢ فِي أَيَّامِ ٱلْكَاهِنِ ٱلْكَبِيرِ حَنَّانَ وَقَيَافَا،+ كَانَ إِعْلَانُ ٱللّٰهِ إِلَى يُوحَنَّا+ بْنِ زَكَرِيَّا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ.+
٣ فَجَاءَ إِلَى كُلِّ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ بِٱلْأُرْدُنِّ، يَكْرِزُ بِٱلْمَعْمُودِيَّةِ رَمْزًا إِلَى ٱلتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا،+ ٤ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ أَقْوَالِ إِشَعْيَا ٱلنَّبِيِّ: «اِسْمَعُوا! فِي ٱلْبَرِّيَّةِ صَارِخٌ: ‹هَيِّئُوا طَرِيقَ يَهْوَهَ، ٱجْعَلُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً.+ ٥ كُلُّ وَهْدٍ فَلْيَمْتَلِئْ، وَكُلُّ جَبَلٍ وَأَكَمَةٍ فَلْيُسَوَّ، وَٱلْمُنْعَطَفَاتُ فَلْتَصِرْ طُرُقًا مُسْتَقِيمَةً وَٱلْأَمَاكِنُ ٱلْوَعْرَةُ طُرُقًا سَهْلَةً،+ ٦ وَكُلُّ جَسَدٍ سَيَرَى وَسِيلَةَ خَلَاصِ ٱللّٰهِ›».+
٧ فَقَالَ لِلْجُمُوعِ ٱلَّذِينَ خَرَجُوا لِيَعْتَمِدُوا مِنْهُ: «يَا سُلَالَةَ ٱلْأَفَاعِي،+ مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ ٱلسُّخْطِ ٱلْآتِي؟+ ٨ فَأَنْتِجُوا ثِمَارًا تَلِيقُ بِٱلتَّوْبَةِ.+ وَلَا تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: ‹لَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبًا›. لِأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ ٱللّٰهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحِجَارَةِ أَوْلَادًا لِإِبْرَاهِيمَ. ٩ وَٱلْآنَ قَدْ وُضِعَتِ ٱلْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ ٱلشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لَا تُنْتِجُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي ٱلنَّارِ».+
١٠ وَكَانَ ٱلْجُمُوعُ يَسْأَلُونَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ إِذًا؟».+ ١١ فَيُجِيبُهُمْ قَائِلًا: «مَنْ لَهُ قَمِيصَانِ فَلْيُشَارِكْ مَنْ لَيْسَ لَهُ، وَمَنْ لَهُ طَعَامٌ فَلْيَفْعَلْ هٰكَذَا».+ ١٢ وَجَاءَ جُبَاةُ ضَرَائِبَ أَيْضًا لِيَعْتَمِدُوا، وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا نَفْعَلُ؟».+ ١٣ فَقَالَ لَهُمْ: «لَا تَطْلُبُوا أَكْثَرَ مِنَ ٱلضَّرِيبَةِ ٱلْمَفْرُوضَةِ».+ ١٤ وَسَأَلَهُ جُنُودٌ: «مَاذَا نَفْعَلُ نَحْنُ أَيْضًا؟». فَقَالَ لَهُمْ: «لَا تُضَايِقُوا أَحَدًا، وَلَا تَتَّهِمُوا+ أَحَدًا زُورًا، بَلِ ٱكْتَفُوا بِأُجُورِكُمْ».+
١٥ وَإِذْ كَانَ ٱلشَّعْبُ فِي تَرَقُّبٍ، وَٱلْجَمِيعُ يَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ عَنْ يُوحَنَّا: «لَعَلَّهُ هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟»،+ ١٦ أَجَابَ يُوحَنَّا ٱلْجَمِيعَ قَائِلًا: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلٰكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، ٱلَّذِي لَسْتُ جَدِيرًا بِأَنْ أَفُكَّ سَيْرَ نَعْلَيْهِ.+ هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِرُوحٍ قُدُسٍ وَنَارٍ.+ ١٧ فِي يَدِهِ رَفْشُ ٱلتَّذْرِيَةِ لِيُنَقِّيَ بَيْدَرَهُ وَيَجْمَعَ+ ٱلْحِنْطَةَ إِلَى مَخْزَنِهِ، أَمَّا ٱلْعُصَافَةُ+ فَيُحْرِقُهَا بِنَارٍ+ لَا تُطْفَأُ».
١٨ وَبِأَشْيَاءَ أُخْرَى كَثِيرَةٍ كَانَ يَعِظُ ٱلشَّعْبَ وَيُبَشِّرُهُمْ. ١٩ أَمَّا هِيرُودُسُ حَاكِمُ ٱلْإِقْلِيمِ، فَإِذْ كَانَ يُوَبَّخُ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا زَوْجَةِ أَخِيهِ وَلِسَبَبِ جَمِيعِ ٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا،+ ٢٠ زَادَ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ هٰذَا أَيْضًا: أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي ٱلسِّجْنِ.+
٢١ وَلَمَّا ٱعْتَمَدَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ، ٱعْتَمَدَ يَسُوعُ+ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي، ٱنْفَتَحَتِ ٱلسَّمَاءُ+ ٢٢ وَنَزَلَ عَلَيْهِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلَ حَمَامَةٍ، وَأَتَى صَوْتٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: «أَنْتَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ، عَنْكَ رَضِيتُ».+
٢٣ وَلَمَّا ٱبْتَدَأَ يَسُوعُ عَمَلَهُ+ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلَاثِينَ+ سَنَةً، وَهُوَ، عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ،
ٱبْنِ هَالِي،
٢٤ ٱبْنِ مَتْثَاتَ،
ٱبْنِ لَاوِي،
ٱبْنِ مَلْكِي،
ٱبْنِ يَنَّا،
ٱبْنِ يُوسُفَ،
٢٥ ٱبْنِ مَتَّاثِيَا،
ٱبْنِ عَامُوسَ،
ٱبْنِ نَاحُومَ،
ٱبْنِ حَسْلِي،
ٱبْنِ نَجَّايَ،
٢٦ ٱبْنِ مَآثَ،
ٱبْنِ مَتَّاثِيَا،
ٱبْنِ شِمْعِينَ،
ٱبْنِ يُوسِخَ،
ٱبْنِ يُوذَا،
٢٧ ٱبْنِ يُوحَنَانَ،
ٱبْنِ رِيسَا،
ٱبْنِ زَرُبَّابِلَ،+
ٱبْنِ شَأَلْتِيئِيلَ،+
ٱبْنِ نِيرِي،
٢٨ ٱبْنِ مَلْكِي،
ٱبْنِ أَدِّي،
ٱبْنِ قُصَمِ،
ٱبْنِ أَلْمُودَامَ،
ٱبْنِ عِيرِ،
٢٩ ٱبْنِ يَسُوعَ،
ٱبْنِ أَلِيعَازَرَ،
ٱبْنِ يُورِيمَ،
ٱبْنِ مَتْثَاتَ،
ٱبْنِ لَاوِي،
٣٠ ٱبْنِ شِمْعُونَ،
ٱبْنِ يَهُوذَا،
ٱبْنِ يُوسُفَ،
ٱبْنِ يُونَامَ،
ٱبْنِ أَلِيَاقِيمَ،
٣١ ٱبْنِ مَلَيَا،
ٱبْنِ مَيْنَانَ،
ٱبْنِ مَتَّاثَا،
ٱبْنِ نَاثَانَ،+
ٱبْنِ دَاوُدَ،+
ٱبْنِ عُوبِيدَ،+
ٱبْنِ بُوعَزَ،+
ٱبْنِ سَلْمُونَ،+
ٱبْنِ نَحْشُونَ،+
ٱبْنِ أَرْنِي،+
ٱبْنِ حَصْرُونَ،+
ٱبْنِ فَارِصَ،+
ٱبْنِ يَهُوذَا،+
ٱبْنِ إِسْحَاقَ،+
ٱبْنِ إِبْرَاهِيمَ،+
ٱبْنِ تَارَحَ،+
ٱبْنِ نَاحُورَ،+
ٱبْنِ رَعُو،+
ٱبْنِ فَالَجَ،+
ٱبْنِ عَابِرَ،+
ٱبْنِ شَالَحَ،+
٣٦ ٱبْنِ قَيْنَانَ،
ٱبْنِ أَرْفَكْشَادَ،+
ٱبْنِ سَامِ،+
ٱبْنِ نُوحِ،+
ٱبْنِ لَامِكَ،+
ٱبْنِ أَخْنُوخَ،+
ٱبْنِ يَارِدَ،+
ٱبْنِ مَهْلَلْئِيلَ،+
ٱبْنِ قَيْنَانَ،+
ٱبْنِ شِيثِ،+
ٱبْنِ آدَمَ،+
ٱبْنِ ٱللّٰهِ.
٤ وَٱنْصَرَفَ يَسُوعُ مِنَ ٱلْأُرْدُنِّ مَلْآنًا رُوحًا قُدُسًا، فَٱقْتَادَهُ ٱلرُّوحُ فِي أَرْجَاءِ ٱلْبَرِّيَّةِ+ ٢ أَرْبَعِينَ يَوْمًا،+ وَهُوَ يُجَرَّبُ+ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، فَلَمَّا تَمَّتْ شَعَرَ بِٱلْجُوعِ. ٣ فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ، فَقُلْ لِهٰذَا ٱلْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ رَغِيفَ خُبْزٍ». ٤ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ: ‹لَا يَحْيَ ٱلْإِنْسَانُ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ›».+
٥ فَصَعِدَ بِهِ إِبْلِيسُ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ ٱلْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ ٱلزَّمَانِ. ٦ وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ+ كُلَّهُ وَمَجْدَ هٰذِهِ ٱلْمَمَالِكِ، لِأَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ إِلَيَّ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ.+ ٧ فَإِنْ أَنْتَ قُمْتَ بِعَمَلِ+ عِبَادَةٍ أَمَامِي، يَكُونُ لَكَ كُلُّهُ». ٨ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَكْتُوبٌ: ‹يَهْوَهَ إِلٰهَكَ+ تَعْبُدُ، وَلَهُ وَحْدَهُ تُؤَدِّي خِدْمَةً مُقَدَّسَةً›».+
٩ وَٱقْتَادَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى شَرَفَاتِ+ ٱلْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ، فَٱطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلُ،+ ١٠ لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ‹يُوَصِّي مَلَائِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ›،+ ١١ وَأَيْضًا: ‹يَحْمِلُونَكَ عَلَى أَيْدِيهِمْ، لِئَلَّا تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ›».+ ١٢ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «قَدْ قِيلَ: ‹لَا تَمْتَحِنْ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ›».+ ١٣ فَلَمَّا أَتَمَّ إِبْلِيسُ ٱلتَّجْرِبَةَ كُلَّهَا، تَنَحَّى عَنْهُ إِلَى فُرْصَةٍ أُخْرَى.+
١٤ وَعَادَ يَسُوعُ بِقُدْرَةِ ٱلرُّوحِ إِلَى ٱلْجَلِيلِ.+ وَذَاعَتْ أَخْبَارُهُ ٱلْحَسَنَةُ فِي كُلِّ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ.+ ١٥ وَٱبْتَدَأَ أَيْضًا يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَٱلْجَمِيعُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ نَظْرَةَ إِكْرَامٍ.+
١٦ وَأَتَى إِلَى ٱلنَّاصِرَةِ،+ حَيْثُ كَانَ قَدْ نَشَأَ. وَدَخَلَ ٱلْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ ٱلسَّبْتِ،+ وَوَقَفَ لِيَقْرَأَ. ١٧ فَأُعْطِيَ دَرْجَ ٱلنَّبِيِّ إِشَعْيَا، فَفَتَحَ ٱلدَّرْجَ وَوَجَدَ ٱلْمَكَانَ ٱلْمَكْتُوبَ فِيهِ: ١٨ «رُوحُ يَهْوَهَ+ عَلَيَّ، لِأَنَّهُ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ ٱلْفُقَرَاءَ، أَرْسَلَنِي لِأَكْرِزَ لِلْمَأْسُورِينَ بِٱلْعِتْقِ وَلِلْعُمْيَانِ بِرَدِّ ٱلْبَصَرِ، لِأَصْرِفَ ٱلْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا،+ ١٩ لِأَكْرِزَ بِسَنَةِ يَهْوَهَ ٱلْمَقْبُولَةِ».+ ٢٠ عِنْدَئِذٍ طَوَى ٱلدَّرْجَ، وَأَعَادَهُ إِلَى ٱلْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَكَانَتْ عُيُونُ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَجْمَعِ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. ٢١ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «اَلْيَوْمَ تَمَّتْ هٰذِهِ ٱلْآيَةُ ٱلَّتِي قَدْ سَمِعْتُمُوهَا».+
٢٢ وَكَانُوا كُلُّهُمْ يَشْهَدُونَ لَهُ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُسِرَّةِ+ ٱلصَّادِرَةِ مِنْ فَمِهِ، وَيَقُولُونَ: «أَلَيْسَ هٰذَا ٱبْنَ يُوسُفَ؟».+ ٢٣ فَقَالَ لَهُمْ: «لَا شَكَّ أَنَّكُمْ سَتُطَبِّقُونَ عَلَيَّ هٰذَا ٱلْمَثَلَ: ‹أَيُّهَا ٱلطَّبِيبُ،+ ٱشْفِ نَفْسَكَ؛ فَمَا+ سَمِعْنَا أَنَّهُ جَرَى فِي كَفَرْنَاحُومَ،+ ٱصْنَعْهُ هُنَا أَيْضًا فِي مَوْطِنِكَ›».+ ٢٤ ثُمَّ قَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ مَقْبُولًا فِي مَوْطِنِهِ. ٢٥ وَبِٱلْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: أَرَامِلُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِ إِيلِيَّا، حِينَ أُغْلِقَتِ ٱلسَّمَاءُ ثَلَاثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَحَلَّتْ مَجَاعَةٌ عَظِيمَةٌ فِي تِلْكَ ٱلْأَرْضِ كُلِّهَا،+ ٢٦ وَلٰكِنَّ إِيلِيَّا لَمْ يُرْسَلْ إِلَى أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، إِنَّمَا فَقَطْ إِلَى صَرْفَةَ+ فِي أَرْضِ صَيْدُونَ إِلَى ٱمْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ. ٢٧ وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ ٱلنَّبِيِّ، وَلٰكِنْ لَمْ يُطَهَّرْ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَّا نَعْمَانُ ٱلْأَرَامِيُّ».+ ٢٨ فَٱمْتَلَأَ غَضَبًا كُلُّ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا هٰذَا فِي ٱلْمَجْمَعِ،+ ٢٩ فَقَامُوا وَأَسْرَعُوا بِهِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱقْتَادُوهُ إِلَى حَرْفِ ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ، لِكَيْ يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلُ.+ ٣٠ أَمَّا هُوَ فَٱجْتَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَتَابَعَ طَرِيقَهُ.+
٣١ وَنَزَلَ إِلَى كَفَرْنَاحُومَ،+ مَدِينَةٍ فِي ٱلْجَلِيلِ. وَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي ٱلسَّبْتِ، ٣٢ فَذَهِلُوا مِنْ طَرِيقَةِ تَعْلِيمِهِ،+ لِأَنَّ كَلَامَهُ كَانَ بِسُلْطَةٍ.+ ٣٣ وَكَانَ فِي ٱلْمَجْمَعِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ،+ شَيْطَانٌ نَجِسٌ، فَصَاحَ بِصَوْتٍ عَالٍ: ٣٤ «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ+ يَا يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ؟+ أَجِئْتَ لِتُهْلِكَنَا؟ أَنَا أَعْرِفُكَ+ مَنْ أَنْتَ، قُدُّوسُ ٱللّٰهِ».+ ٣٥ فَٱنْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اُسْكُتْ، وَٱخْرُجْ مِنْهُ». فَطَرَحَ ٱلشَّيْطَانُ ٱلْإِنْسَانَ أَرْضًا فِي وَسْطِهِمْ، وَخَرَجَ مِنْهُ دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهُ.+ ٣٦ عِنْدَئِذٍ وَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى ٱلْجَمِيعِ، وَأَخَذُوا يَتَحَدَّثُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَائِلِينَ: «مَا هٰذَا ٱلْكَلَامُ، لِأَنَّهُ بِسُلْطَةٍ وَقُدْرَةٍ يَأْمُرُ ٱلْأَرْوَاحَ ٱلنَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ؟».+ ٣٧ فَخَرَجَتْ أَخْبَارُهُ إِلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنَ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ.+
٣٨ وَقَامَ مِنَ ٱلْمَجْمَعِ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ. وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ تُعَانِي حُمَّى شَدِيدَةً، فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا.+ ٣٩ فَوَقَفَ فَوْقَهَا وَٱنْتَهَرَ ٱلْحُمَّى+ فَتَرَكَتْهَا. وَفِي ٱلْحَالِ قَامَتْ وَأَخَذَتْ تَخْدُمُهُمْ.+
٤٠ وَعِنْدَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ، جَمِيعُ ٱلَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِعِلَلٍ مُخْتَلِفَةٍ أَتَوْا بِهِمْ إِلَيْهِ. وَبِوَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ يَشْفِيهِمْ.+ ٤١ وَكَانَ ٱلشَّيَاطِينُ أَيْضًا يَخْرُجُونَ مِنْ كَثِيرِينَ،+ وَهُمْ يَصْرُخُونَ وَيَقُولُونَ: «أَنْتَ ٱبْنُ+ ٱللّٰهِ». أَمَّا هُوَ فَكَانَ يَنْتَهِرُهُمْ وَلَا يَسْمَحُ لَهُمْ بِأَنْ يَتَكَلَّمُوا،+ لِأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ+ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ.+
٤٢ وَلَمَّا صَارَ ٱلنَّهَارُ، خَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَكَانٍ خَلَاءٍ.+ غَيْرَ أَنَّ ٱلْجُمُوعَ أَخَذُوا يَبْحَثُونَ عَنْهُ فَوَصَلُوا إِلَيْهِ، وَحَاوَلُوا أَنْ يُعِيقُوهُ لِئَلَّا يَنْصَرِفَ عَنْهُمْ. ٤٣ وَلٰكِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «لَا بُدَّ لِي أَنْ أُبَشِّرَ ٱلْمُدُنَ ٱلْأُخْرَى أَيْضًا بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، لِأَنِّي لِهٰذَا أُرْسِلْتُ».+ ٤٤ فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.+
٥ وَذَاتَ مَرَّةٍ، فِيمَا كَانَ ٱلْجَمْعُ مُزْدَحِمًا عَلَيْهِ يَسْمَعُ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ، كَانَ وَاقِفًا إِلَى جَانِبِ بُحَيْرَةِ جِنِّيسَارِتَ.+ ٢ فَرَأَى مَرْكَبَيْنِ رَاسِيَيْنِ عِنْدَ شَاطِئِ ٱلْبُحَيْرَةِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْهُمَا ٱلصَّيَّادُونَ يَغْسِلُونَ شِبَاكَهُمْ.+ ٣ فَصَعِدَ إِلَى أَحَدِ ٱلْمَرْكَبَيْنِ، ٱلَّذِي كَانَ لِسِمْعَانَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَبْتَعِدَ قَلِيلًا عَنِ ٱلْبَرِّ. ثُمَّ جَلَسَ وَشَرَعَ يُعَلِّمُ ٱلْجُمُوعَ مِنَ ٱلْمَرْكَبِ.+ ٤ وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلَامِ، قَالَ لِسِمْعَانَ: «تَقَدَّمْ إِلَى ٱلْعُمْقِ، وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ+ لِلصَّيْدِ». ٥ فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، تَعِبْنَا ٱللَّيْلَ كُلَّهُ وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا،+ وَلٰكِنْ بِنَاءً عَلَى طَلَبِكَ أُنْزِلُ ٱلشِّبَاكَ». ٦ وَلَمَّا فَعَلُوا ذٰلِكَ، حَصَرُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا. وَٱبْتَدَأَتْ شِبَاكُهُمْ تَتَمَزَّقُ. ٧ فَأَشَارُوا إِلَى شُرَكَائِهِمْ فِي ٱلْمَرْكَبِ ٱلْآخَرِ أَنْ يَأْتُوا وَيُسَاعِدُوهُمْ.+ فَأَتَوْا وَمَلَأُوا ٱلْمَرْكَبَيْنِ كِلَيْهِمَا حَتَّى أَخَذَا فِي ٱلْغَرَقِ. ٨ فَلَمَّا رَأَى سِمْعَانُ بُطْرُسُ+ ذٰلِكَ، خَرَّ عِنْدَ رُكْبَتَيْ يَسُوعَ قَائِلًا: «اِبْتَعِدْ عَنِّي يَا رَبُّ، لِأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ».+ ٩ لِأَنَّ ٱلدَّهْشَةَ غَمَرَتْهُ هُوَ وَكُلَّ مَنْ مَعَهُ عَلَى صَيْدِ ٱلسَّمَكِ ٱلَّذِي أَصَابُوهُ، ١٠ وَكَذٰلِكَ أَيْضًا يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ٱبْنَا زَبَدِي،+ ٱللَّذَانِ كَانَا شَرِيكَيْ سِمْعَانَ. وَلٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لِسِمْعَانَ: «كَفَاكَ خَوْفٌ. مِنَ ٱلْآنَ تَصْطَادُ ٱلنَّاسَ أَحْيَاءً».+ ١١ فَأَعَادُوا ٱلْمَرْكَبَيْنِ إِلَى ٱلْبَرِّ، وَتَرَكُوا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعُوهُ.+
١٢ وَفِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى، فِيمَا كَانَ فِي إِحْدَى ٱلْمُدُنِ، إِذَا إِنْسَانٌ مَمْلُوءٌ بَرَصًا. فَلَمَّا أَبْصَرَ يَسُوعَ، سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ قَائِلًا: «يَا رَبُّ، إِنْ أَرَدْتَ، فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي».+ ١٣ فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ، فَٱطْهُرْ». وَفِي ٱلْحَالِ زَالَ عَنْهُ ٱلْبَرَصُ.+ ١٤ فَأَوْصَاهُ أَلَّا يَقُولَ لِأَحَدٍ:+ «بَلِ ٱذْهَبْ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ،+ وَقَدِّمْ قُرْبَانًا+ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُمْ».+ ١٥ وَلٰكِنْ كَانَ ٱلْكَلَامُ عَنْهُ يَنْتَشِرُ أَكْثَرَ، فَتَتَوَافَدُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ لِيَسْمَعُوا وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ.+ ١٦ أَمَّا هُوَ فَبَقِيَ مُعْتَزِلًا فِي ٱلْقِفَارِ يُصَلِّي.+
١٧ وَخِلَالَ أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ كَانَ يُعَلِّمُ، وَكَانَ فَرِّيسِيُّونَ وَمُعَلِّمُونَ لِلشَّرِيعَةِ جَالِسِينَ هُنَاكَ، وَقَدْ أَتَوْا مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ مِنَ ٱلْجَلِيلِ وَٱلْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ. وَكَانَتْ قُدْرَةُ يَهْوَهَ هُنَاكَ لِكَيْ يُجْرِيَ ٱلشِّفَاءَ.+ ١٨ وَإِذَا رِجَالٌ يَحْمِلُونَ عَلَى سَرِيرٍ إِنْسَانًا مَشْلُولًا، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ طَرِيقَةً لِيَدْخُلُوا بِهِ وَيَضَعُوهُ أَمَامَهُ.+ ١٩ وَإِذْ لَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِيَدْخُلُوا بِهِ بِسَبَبِ ٱلْجَمْعِ، صَعِدُوا إِلَى ٱلسَّطْحِ، وَمِنْ بَيْنِ ٱلْآجُرِّ دَلَّوْهُ مَعَ ٱلسَّرِيرِ ٱلصَّغِيرِ إِلَى وَسْطِ هٰؤُلَاءِ أَمَامَ يَسُوعَ.+ ٢٠ فَلَمَّا رَأَى إِيمَانَهُمْ قَالَ: «أَيُّهَا ٱلْإِنْسَانُ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ».+ ٢١ فَٱبْتَدَأَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ يَفْتَكِرُونَ، قَائِلِينَ: «مَنْ هٰذَا ٱلَّذِي يَتَكَلَّمُ بِتَجَادِيفَ؟+ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا إِلَّا ٱللّٰهُ وَحْدَهُ؟».+ ٢٢ وَلٰكِنَّ يَسُوعَ أَدْرَكَ أَفْكَارَهُمْ، فَأَجَابَهُمْ قَائِلًا: «بِمَاذَا تَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِكُمْ؟+ ٢٣ أَيُّمَا أَسْهَلُ، أَنْ يُقَالَ: ‹مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ›، أَمْ أَنْ يُقَالَ: ‹قُمْ وَٱمْشِ›؟+ ٢٤ وَلٰكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ سُلْطَةً عَلَى ٱلْأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا . . .». وَقَالَ لِلْمَشْلُولِ: «أَقُولُ لَكَ: قُمْ وَٱحْمِلْ سَرِيرَكَ وَٱمْضِ إِلَى بَيْتِكَ».+ ٢٥ وَفِي ٱلْحَالِ قَامَ أَمَامَهُمْ وَحَمَلَ مَا كَانَ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ وَذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ يُمَجِّدُ ٱللّٰهَ.+ ٢٦ حِينَئِذٍ أَخَذَ ٱلذُّهُولُ+ ٱلْجَمِيعَ، وَٱبْتَدَأُوا يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ، وَٱمْتَلَأُوا خَوْفًا قَائِلِينَ: «قَدْ رَأَيْنَا ٱلْيَوْمَ أُمُورًا غَرِيبَةً!».+
٢٧ وَبَعْدَ هٰذَا خَرَجَ فَرَأَى جَابِيًا لِلضَّرَائِبِ ٱسْمُهُ لَاوِي جَالِسًا عِنْدَ مَكْتَبِ جِبَايَةِ ٱلضَّرَائِبِ، فَقَالَ لَهُ: «اِتْبَعْنِي».+ ٢٨ فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ+ وَتَبِعَهُ. ٢٩ وَصَنَعَ لَهُ لَاوِي وَلِيمَةَ ٱسْتِقْبَالٍ كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ، وَكَانَ هُنَالِكَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَغَيْرِهِمْ مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ لِلطَّعَامِ.+ ٣٠ فَتَذَمَّرَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَكَتَبَتُهُمْ قَائِلِينَ لِتَلَامِيذِهِ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ جُبَاةِ ضَرَائِبَ وَخُطَاةٍ؟».+ ٣١ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لَا يَحْتَاجُ ٱلْأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ،+ بَلِ ٱلسُّقَمَاءُ.+ ٣٢ مَا جِئْتُ لِأَدْعُوَ أَبْرَارًا، بَلْ خُطَاةً إِلَى ٱلتَّوْبَةِ».+
٣٣ وَقَالُوا لَهُ: «تَلَامِيذُ يُوحَنَّا يَصُومُونَ مِرَارًا وَيُقَدِّمُونَ تَضَرُّعَاتٍ، وَكَذٰلِكَ تَلَامِيذُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ، وَأَمَّا تَلَامِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ».+ ٣٤ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا أَصْدِقَاءَ ٱلْعَرِيسِ يَصُومُونَ وَٱلْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟+ ٣٥ وَلٰكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ ٱلْعَرِيسُ+ عَنْهُمْ،+ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ».+
٣٦ ثُمَّ قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلًا: «لَا أَحَدَ يَقْتَطِعُ رُقْعَةً مِنْ رِدَاءٍ جَدِيدٍ وَيَخِيطُهَا عَلَى رِدَاءٍ عَتِيقٍ، وَإِلَّا فَٱلرُّقْعَةُ ٱلْجَدِيدَةُ تَنْمَزِعُ وَأَيْضًا ٱلرُّقْعَةُ ٱلَّتِي مِنَ ٱلثَّوْبِ ٱلْجَدِيدِ لَا تُوَافِقُ ٱلْعَتِيقَ.+ ٣٧ وَلَا أَحَدَ يَضَعُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ عَتِيقَةٍ، وَإِلَّا فَٱلْخَمْرُ ٱلْجَدِيدَةُ تَشُقُّ ٱلزِّقَاقَ،+ فَتُرَاقُ هِيَ وَتَتْلَفُ ٱلزِّقَاقُ.+ ٣٨ بَلْ يَجِبُ أَنْ تُوضَعَ ٱلْخَمْرُ ٱلْجَدِيدَةُ فِي زِقَاقٍ جَدِيدَةٍ. ٣٩ مَا مِنْ أَحَدٍ وَقَدْ شَرِبَ خَمْرًا عَتِيقَةً يُرِيدُ ٱلْجَدِيدَةَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: ‹اَلْعَتِيقَةُ+ طَيِّبَةٌ›».
٦ وَحَدَثَ ذَاتَ سَبْتٍ أَنَّهُ كَانَ مُجْتَازًا فِي حُقُولِ ٱلزَّرْعِ، وَكَانَ تَلَامِيذُهُ يَقْطِفُونَ+ ٱلسَّنَابِلَ وَيَأْكُلُونَهَا، وَهُمْ يَفْرُكُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ.+ ٢ فَقَالَ بَعْضُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ: «لِمَاذَا تَفْعَلُونَ مَا لَا يَحِلُّ+ فِي ٱلسَّبْتِ؟».+ ٣ فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ+ حِينَ جَاعَ هُوَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ؟+ ٤ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ ٱللّٰهِ وَحَصَلَ عَلَى أَرْغِفَةِ ٱلتَّقْدِمَةِ+ وَأَكَلَ وَأَعْطَى مِنْهَا لِلَّذِينَ مَعَهُ، وَهِيَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا إِلَّا لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ؟».+ ٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ ٱلسَّبْتِ».+
٦ وَفِي سَبْتٍ آخَرَ،+ دَخَلَ إِلَى ٱلْمَجْمَعِ وَأَخَذَ يُعَلِّمُ. وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ ٱلْيُمْنَى يَابِسَةٌ.+ ٧ وَكَانَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ يُرَاقِبُونَهُ+ عَنْ كَثَبٍ لِيَرَوْا هَلْ يَشْفِي فِي ٱلسَّبْتِ، لِكَيْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِٱتِّهَامِهِ.+ ٨ وَلٰكِنَّهُ عَرَفَ أَفْكَارَهُمْ،+ فَقَالَ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَدُهُ يَابِسَةٌ: «قُمْ وَقِفْ فِي ٱلْوَسَطِ». فَقَامَ وَوَقَفَ.+ ٩ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَسْأَلُكُمْ: أَيَحِلُّ فِي ٱلسَّبْتِ فِعْلُ ٱلصَّلَاحِ+ أَمْ فِعْلُ ٱلْأَذَى، تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَمْ إِهْلَاكُهَا؟».+ ١٠ وَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَفَعَلَ هٰكَذَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً.+ ١١ فَٱمْتَلَأُوا حَنَقًا، وَرَاحُوا يَتَدَاوَلُونَ فِي مَا بَيْنَهُمْ مَا عَسَاهُمْ يَفْعَلُونَ بِيَسُوعَ.+
١٢ وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى ٱلْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ،+ وَبَقِيَ كُلَّ ٱللَّيْلِ يُصَلِّي إِلَى ٱللّٰهِ.+ ١٣ وَلَمَّا كَانَ ٱلنَّهَارُ دَعَا إِلَيْهِ تَلَامِيذَهُ وَٱخْتَارَ مِنْهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ سَمَّاهُمْ «رُسُلًا»:+ ١٤ سِمْعَانَ، ٱلَّذِي سَمَّاهُ أَيْضًا بُطْرُسَ،+ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ، وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا،+ وَفِيلِبُّسَ+ وَبَرْثُولَمَاوُسَ، ١٥ وَمَتَّى وَتُومَا،+ وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَسِمْعَانَ ٱلَّذِي يُدْعَى «ٱلْغَيُورَ»،+ ١٦ وَيَهُوذَا بْنَ يَعْقُوبَ، وَيَهُوذَا ٱلْإِسْخَرْيُوطِيَّ، ٱلَّذِي تَحَوَّلَ إِلَى خَائِنٍ.+
١٧ وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ مُسْتَوٍ، وَكَانَ هُنَالِكَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلشَّعْبِ+ مِنْ كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدُونَ، قَدْ أَتَوْا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ.+ ١٨ حَتَّى ٱلَّذِينَ تُزْعِجُهُمُ ٱلْأَرْوَاحُ ٱلنَّجِسَةُ كَانُوا يُشْفَوْنَ. ١٩ وَكَانَ كُلُّ ٱلْجَمْعِ يَطْلُبُونَ أَنْ يَلْمُسُوهُ،+ لِأَنَّ قُدْرَةً+ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِيهِمْ جَمِيعًا.
٢٠ وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلَامِيذِهِ وَقَالَ:+
«سُعَدَاءُ أَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلْفُقَرَاءُ،+ لِأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ.
٢١ «سُعَدَاءُ أَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلْجِيَاعُ+ ٱلْآنَ، لِأَنَّكُمْ سَتَشْبَعُونَ.+
«سُعَدَاءُ أَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلْبَاكُونَ ٱلْآنَ، لِأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ.+
٢٢ «سُعَدَاءُ أَنْتُمْ مَتَى أَبْغَضَكُمُ+ ٱلنَّاسُ، وَمَتَى عَزَلُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ وَنَبَذُوا+ ٱسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ. ٢٣ اِفْرَحُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَٱطْفِرُوا، فَهَا إِنَّ مُكَافَأَتَكُمْ عَظِيمَةٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، فَهٰكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِٱلْأَنْبِيَاءِ.+
٢٤ «وَلٰكِنْ، وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَغْنِيَاءُ،+ لِأَنَّكُمْ قَدِ ٱسْتَوْفَيْتُمْ عَزَاءَكُمْ.+
٢٥ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلشَّبَاعَى ٱلْآنَ، لِأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ.+
«وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلضَّاحِكُونَ ٱلْآنَ، لِأَنَّكُمْ سَتَنُوحُونَ وَتَبْكُونَ.+
٢٦ «وَيْلٌ لَكُمْ مَتَى قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ ٱلنَّاسِ حَسَنًا، فَهٰكَذَا فَعَلَ آبَاؤُهُمْ بِٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلدَّجَّالِينَ.+
٢٧ «لٰكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلسَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ،+ وَٱفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ+ لِمُبْغِضِيكُمْ، ٢٨ وَبَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يُهِينُونَكُمْ.+ ٢٩ مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ،+ فَقَدِّمْ لَهُ ٱلْآخَرَ أَيْضًا؛ وَمَنْ أَخَذَ+ رِدَاءَكَ، فَلَا تَمْنَعْ عَنْهُ قَمِيصَكَ أَيْضًا. ٣٠ كُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ،+ وَمَنْ أَخَذَ ٱلَّذِي لَكَ فَلَا تُطَالِبْهُ بِهِ.
٣١ «وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمْ، كَذٰلِكَ ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ بِهِمْ.+
٣٢ «فَإِنْ أَحْبَبْتُمُ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ ٱلْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ.+ ٣٣ وَإِنْ فَعَلْتُمُ ٱلصَّلَاحَ لِلَّذِينَ يَفْعَلُونَ ٱلصَّلَاحَ لَكُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ ٱلْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هٰكَذَا.+ ٣٤ وَإِنْ أَقْرَضْتُمْ بِدُونِ فَائِدَةٍ+ ٱلَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ ٱلْخُطَاةَ أَيْضًا يُقْرِضُونَ ٱلْخُطَاةَ بِدُونِ فَائِدَةٍ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا ٱلْمِثْلَ.+ ٣٥ بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَٱفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ، وَأَقْرِضُوا+ بِدُونِ فَائِدَةٍ، غَيْرَ رَاجِينَ أَنْ يُرَدَّ لَكُمْ شَيْءٌ، فَتَكُونَ مُكَافَأَتُكُمْ عَظِيمَةً وَتَكُونُوا أَبْنَاءَ ٱلْعَلِيِّ،+ لِأَنَّهُ لَطِيفٌ+ نَحْوَ غَيْرِ ٱلشَّاكِرِينَ وَٱلْأَشْرَارِ. ٣٦ فَكُونُوا دَوْمًا رُحَمَاءَ، كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ رَحِيمٌ.+
٣٧ «لَا تَدِينُوا فَلَا تُدَانُوا.+ لَا تَحْكُمُوا عَلَى أَحَدٍ، فَلَا يُحْكَمَ عَلَيْكُمْ. دَاوِمُوا عَلَى ٱلصَّفْحِ، يُصْفَحْ عَنْكُمْ.+ ٣٨ مَارِسُوا ٱلْعَطَاءَ تُعْطَوْا.+ فَإِنَّهُمْ سَيُفْرِغُونَ فِي حِجْرِكُمْ كَيْلًا جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا. فَبِٱلْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يَكِيلُونَ لَكُمْ فِي ٱلْمُقَابِلِ».+
٣٩ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا: «أَيَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَلَا يَهْوِي كِلَاهُمَا فِي حُفْرَةٍ؟+ ٤٠ لَيْسَ تِلْمِيذٌ أَسْمَى مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ يَتَلَقَّى تَعْلِيمًا كَامِلًا يَصِيرُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ.+ ٤١ فَلِمَاذَا تَنْظُرُ ٱلْقَشَّةَ ٱلَّتِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا ٱلْعَارِضَةُ ٱلَّتِي فِي عَيْنِكَ أَنْتَ فَلَا تَأْبَهُ لَهَا؟+ ٤٢ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لِأَخِيكَ: ‹يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَشَّةَ ٱلَّتِي فِي عَيْنِكَ›، فِي حِينِ أَنَّكَ أَنْتَ لَا تَنْظُرُ ٱلْعَارِضَةَ ٱلَّتِي فِي عَيْنِكَ؟+ يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا ٱلْعَارِضَةَ مِنْ عَيْنِكَ أَنْتَ،+ وَحِينَئِذٍ تَرَى جَيِّدًا كَيْفَ تُخْرِجُ ٱلْقَشَّةَ ٱلَّتِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ.+
٤٣ «لِأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُنْتِجُ ثَمَرًا فَاسِدًا، وَمَا مِنْ شَجَرَةٍ فَاسِدَةٍ تُنْتِجُ ثَمَرًا جَيِّدًا.+ ٤٤ لِأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا.+ فَإِنَّهُمْ لَا يَجْنُونَ مِنَ ٱلشَّوْكِ تِينًا، وَلَا يَقْطِفُونَ مِنَ ٱلْعُلَّيْقَةِ عِنَبًا.+ ٤٥ اَلْإِنْسَانُ ٱلصَّالِحُ يُخْرِجُ ٱلصَّلَاحَ مِنَ ٱلْكَنْزِ ٱلصَّالِحِ+ فِي قَلْبِهِ، أَمَّا ٱلْإِنْسَانُ ٱلشِّرِّيرُ فَيُخْرِجُ ٱلشَّرَّ مِنْ كَنْزِهِ ٱلشِّرِّيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَيْضِ ٱلْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.+
٤٦ «فَلِمَاذَا تَدْعُونَنِي: ‹يَا رَبُّ! يَا رَبُّ!›، وَلَا تَعْمَلُونَ بِمَا أَقُولُ؟+ ٤٧ كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلَامِي وَيَعْمَلُ بِهِ، أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ:+ ٤٨ يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، فَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ أَسَاسًا عَلَى ٱلصَّخْرِ. فَلَمَّا حَدَثَ فَيَضَانٌ،+ لَطَمَ ٱلنَّهْرُ ذٰلِكَ ٱلْبَيْتَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْوَ عَلَى زَعْزَعَتِهِ لِجُودَةِ بِنَائِهِ.+ ٤٩ وَأَمَّا ٱلَّذِي يَسْمَعُ وَلَا يَعْمَلُ،+ فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا عَلَى ٱلْأَرْضِ دُونَ أَسَاسٍ. وَلَطَمَهُ ٱلنَّهْرُ فَٱنْهَارَ حَالًا، وَكَانَ خَرَابُ+ ذٰلِكَ ٱلْبَيْتِ عَظِيمًا».+
٧ وَلَمَّا أَتَمَّ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا بِمَسْمَعٍ مِنَ ٱلشَّعْبِ، دَخَلَ كَفَرْنَاحُومَ.+ ٢ وَكَانَ لِأَحَدِ ٱلضُّبَّاطِ عَبْدٌ سَقِيمٌ مُشْرِفٌ عَلَى ٱلْمَوْتِ، وَكَانَ عَزِيزًا عَلَيْهِ.+ ٣ فَلَمَّا سَمِعَ عَنْ يَسُوعَ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخًا مِنَ ٱلْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيُنَجِّيَ عَبْدَهُ. ٤ وَٱلَّذِينَ جَاءُوا إِلَى يَسُوعَ تَوَسَّلُوا إِلَيْهِ بِشِدَّةٍ، قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ تَمْنَحَهُ ذٰلِكَ، ٥ لِأَنَّهُ يُحِبُّ أُمَّتَنَا+ وَهُوَ بَنَى لَنَا ٱلْمَجْمَعَ». ٦ فَٱنْطَلَقَ يَسُوعُ مَعَهُمْ. وَلٰكِنْ لَمَّا صَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ ٱلْبَيْتِ، كَانَ ٱلضَّابِطُ قَدْ أَرْسَلَ أَصْدِقَاءَ لِيَقُولَ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، لَا تُزْعِجْ نَفْسَكَ، فَأَنَا لَسْتُ جَدِيرًا بِأَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي.+ ٧ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ لَمْ أَعْتَبِرْ نَفْسِي مُسْتَحِقًّا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ. إِنَّمَا قُلْ كَلِمَةً فَيُشْفَى خَادِمِي. ٨ فَأَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَةٍ، وَلِي جُنُودٌ تَحْتَ يَدِي، أَقُولُ لِهٰذَا: ‹اِذْهَبْ!› فَيَذْهَبُ، وَلِآخَرَ: ‹تَعَالَ!› فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: ‹اِفْعَلْ هٰذَا!› فَيَفْعَلُ».+ ٩ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذٰلِكَ، تَعَجَّبَ مِنْهُ، وَٱلْتَفَتَ إِلَى ٱلْجَمْعِ ٱلَّذِي يَتْبَعُهُ وَقَالَ: «أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلَا فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَانًا عَظِيمًا كَهٰذَا».+ ١٠ وَرَجَعَ ٱلْمُرْسَلُونَ إِلَى ٱلْبَيْتِ، فَوَجَدُوا ٱلْعَبْدَ فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ.+
١١ وَبُعَيْدَ ذٰلِكَ سَافَرَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ، وَكَانَ تَلَامِيذُهُ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مُسَافِرِينَ مَعَهُ. ١٢ فَلَمَّا ٱقْتَرَبَ مِنْ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ، إِذَا مَيِّتٌ+ مَحْمُولٌ خَارِجًا، ٱبْنٌ هُوَ ٱلْوَلَدُ ٱلْوَحِيدُ+ لِأُمِّهِ. وَكَانَتْ أَرْمَلَةً. وَكَانَ مَعَهَا جَمْعٌ غَفِيرٌ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. ١٣ فَلَمَّا رَآهَا ٱلرَّبُّ، أَشْفَقَ+ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: «كُفِّي عَنِ ٱلْبُكَاءِ».+ ١٤ ثُمَّ ٱقْتَرَبَ وَلَمَسَ ٱلنَّعْشَ، فَوَقَفَ ٱلْحَامِلُونَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!».+ ١٥ فَجَلَسَ ٱلْمَيِّتُ وَٱبْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ.+ ١٦ فَأَخَذَ ٱلْجَمِيعَ خَوْفٌ،+ وَشَرَعُوا يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ»،+ وَأَيْضًا: «قَدِ ٱفْتَقَدَ ٱللّٰهُ شَعْبَهُ».+ ١٧ وَذَاعَ هٰذَا ٱلْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَكُلِّ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ.
١٨ وَنَقَلَ تَلَامِيذُ يُوحَنَّا إِلَيْهِ خَبَرَ هٰذَا كُلِّهِ.+ ١٩ فَٱسْتَدْعَى يُوحَنَّا ٱثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ وَأَرْسَلَهُمَا إِلَى ٱلرَّبِّ، قَائِلًا: «أَأَنْتَ ٱلْآتِي أَمْ نَتَرَقَّبُ آخَرَ؟».+ ٢٠ فَلَمَّا جَاءَ ٱلرَّجُلَانِ إِلَيْهِ، قَالَا: «أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ، قَائِلًا: ‹أَأَنْتَ ٱلْآتِي أَمْ نَتَرَقَّبُ آخَرَ؟›». ٢١ وَفِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ+ وَعِلَلٍ مُضْنِيَةٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ ٱلْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. ٢٢ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمَا: «اِذْهَبَا+ وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: اَلْعُمْيُ+ يُبْصِرُونَ، وَٱلْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَٱلْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَٱلصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَٱلْأَمْوَاتُ يَقُومُونَ، وَٱلْفُقَرَاءُ يُبَشَّرُونَ.+ ٢٣ وَسَعِيدٌ هُوَ ٱلَّذِي لَمْ يَعْثُرْ فِيَّ».+
٢٤ فَلَمَّا مَضَى رَسُولَا يُوحَنَّا، ٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تَتَلَاعَبُ بِهَا ٱلرِّيحُ؟+ ٢٥ بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَرَوْا؟ أَإِنْسَانًا لَابِسًا أَرْدِيَةً نَاعِمَةً؟+ هَا إِنَّ ٱلَّذِينَ فِي ٱللِّبَاسِ ٱلْبَهِيِّ وَٱلتَّرَفِ هُمْ فِي بُيُوتٍ مَلَكِيَّةٍ.+ ٢٦ فَمَاذَا إِذًا خَرَجْتُمْ لِتَرَوْا؟ أَنَبِيًّا؟+ أَقُولُ لَكُمْ: نَعَمْ، وَأَكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِنْ نَبِيٍّ.+ ٢٧ إِنَّ هٰذَا هُوَ ٱلَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: ‹هَا أَنَا مُرْسِلٌ أَمَامَ وَجْهِكَ رَسُولِي+ ٱلَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ›.+ ٢٨ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ بَيْنَ ٱلْمَوْلُودِينَ مِنَ ٱلنِّسَاءِ أَعْظَمُ+ مِنْ يُوحَنَّا، وَلٰكِنْ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ».+ ٢٩ (فَلَمَّا سَمِعَ ذٰلِكَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَجُبَاةُ ٱلضَّرَائِبِ، ٱعْتَرَفُوا أَنَّ ٱللّٰهَ بَارٌّ،+ إِذْ كَانُوا قَدِ ٱعْتَمَدُوا بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا.+ ٣٠ وَأَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱلْمُتَضَلِّعُونَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ، فَتَجَاهَلُوا مَشُورَةَ+ ٱللّٰهِ لَهُمْ، إِذْ لَمْ يَكُونُوا قَدِ ٱعْتَمَدُوا مِنْهُ).
٣١ «فَبِمَنْ أُشَبِّهُ أُنَاسَ هٰذَا ٱلْجِيلِ، وَمَنْ يُشْبِهُونَ؟+ ٣٢ يُشْبِهُونَ أَوْلَادًا صِغَارًا جَالِسِينَ فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ يَصْرُخُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَيَقُولُونَ: ‹زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا، نَدَبْنَا فَلَمْ تَبْكُوا›.+ ٣٣ فَقَدْ جَاءَ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَلَا يَشْرَبُ خَمْرًا، فَتَقُولُونَ: ‹بِهِ شَيْطَانٌ›.+ ٣٤ وَجَاءَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَتَقُولُونَ: ‹هُوَذَا إِنْسَانٌ شَرِهٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، صَدِيقٌ لِجُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْخُطَاةِ!›.+ ٣٥ وَلٰكِنَّ ٱلْحِكْمَةَ+ تَتَبَرَّرُ بِجَمِيعِ أَوْلَادِهَا».+
٣٦ وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَتَغَدَّى مَعَهُ. فَدَخَلَ بَيْتَ+ ٱلْفَرِّيسِيِّ وَٱتَّكَأَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ. ٣٧ وَإِذَا ٱمْرَأَةٌ مَعْرُوفٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ أَنَّهَا خَاطِئَةٌ، عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ لِلطَّعَامِ فِي بَيْتِ ٱلْفَرِّيسِيِّ، فَجَاءَتْ بِقَارُورَةٍ مِنَ ٱلْمَرْمَرِ+ فِيهَا زَيْتٌ عَطِرٌ، ٣٨ وَإِذْ وَقَفَتْ مِنَ ٱلْوَرَاءِ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، بَكَتْ وَٱبْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِدُمُوعِهَا، وَكَانَتْ تُمَسِّحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. وَأَيْضًا قَبَّلَتْ قَدَمَيْهِ وَدَهَنَتْهُمَا بِٱلزَّيْتِ ٱلْعَطِرِ. ٣٩ فَلَمَّا رَأَى ٱلْفَرِّيسِيُّ ٱلَّذِي دَعَاهُ ذٰلِكَ، قَالَ فِي نَفْسِهِ: «لَوْ كَانَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ نَبِيًّا،+ لَعَرَفَ مَنْ هِيَ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي تَلْمُسُهُ وَمَا هِيَ، أَنَّهَا خَاطِئَةٌ».+ ٤٠ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ!».
٤١ «كَانَ لِمُقْرِضٍ مَدْيُونَانِ، أَحَدُهُمَا مَدْيُونٌ بِخَمْسِ مِئَةِ دِينَارٍ،+ وَٱلْآخَرُ بِخَمْسِينَ. ٤٢ وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ، سَامَحَهُمَا+ كِلَيْهِمَا. فَأَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟». ٤٣ فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ ٱلَّذِي سَامَحَهُ بِٱلْأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِٱلصَّوَابِ حَكَمْتَ». ٤٤ عِنْدَئِذٍ ٱلْتَفَتَ إِلَى ٱلْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَرَى هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةَ؟ أَنَا دَخَلْتُ بَيْتَكَ، فَمَا أَعْطَيْتَنِي مَاءً+ لِأَجْلِ قَدَمَيَّ. أَمَّا هٰذِهِ فَبَلَّتْ قَدَمَيَّ بِدُمُوعِهَا وَمَسَّحَتْهُمَا بِشَعْرِهَا. ٤٥ أَنْتَ لَمْ تُقَبِّلْنِي قُبْلَةً،+ أَمَّا هٰذِهِ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ قَدَمَيَّ. ٤٦ أَنْتَ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي بِزَيْتٍ،+ أَمَّا هٰذِهِ فَدَهَنَتْ قَدَمَيَّ بِزَيْتٍ عَطِرٍ. ٤٧ لِهٰذَا أَقُولُ لَكَ: مَغْفُورَةٌ خَطَايَاهَا ٱلْكَثِيرَةُ،+ لِأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا؛ وَأَمَّا ٱلَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ، فَيُحِبُّ قَلِيلًا». ٤٨ ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ خَطَايَاكِ».+ ٤٩ عِنْدَئِذٍ ٱبْتَدَأَ ٱلْمُتَّكِئُونَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هُوَ هٰذَا ٱلَّذِي يَغْفِرُ ٱلْخَطَايَا أَيْضًا؟».+ ٥٠ أَمَّا هُوَ فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ.+ اِذْهَبِي بِسَلَامٍ».+
٨ وَبُعَيْدَ ذٰلِكَ أَخَذَ يُسَافِرُ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ وَمِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ، يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.+ وَكَانَ مَعَهُ ٱلِٱثْنَا عَشَرَ، ٢ وَنِسَاءٌ+ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ ٱلَّتِي تُدْعَى ٱلْمَجْدَلِيَّةَ ٱلَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ،+ ٣ وَيُوَنَّا+ زَوْجَةُ خُوزِي ٱلْقَيِّمِ عَلَى شُؤُونِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَنِسَاءٌ أُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدُمْنَهُمْ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِنَّ.
٤ فَلَمَّا ٱجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مَعَ ٱلَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ مَدِينَةٍ بَعْدَ أُخْرَى، قَالَ بِمَثَلٍ:+ ٥ «خَرَجَ زَارِعٌ لِيَزْرَعَ بِذَارَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ، سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى جَانِبِ ٱلطَّرِيقِ، فَٱنْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ.+ ٦ وَوَقَعَ آخَرُ عَلَى ٱلصَّخْرِ، فَأَفْرَخَ ثُمَّ جَفَّ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ.+ ٧ وَسَقَطَ آخَرُ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ، فَٱلشَّوْكُ ٱلَّذِي نَمَا مَعَهُ خَنَقَهُ.+ ٨ وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى ٱلتُّرْبَةِ ٱلصَّالِحَةِ، فَأَفْرَخَ ثُمَّ أَنْتَجَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ».+ قَالَ هٰذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ».+
٩ أَمَّا تَلَامِيذُهُ فَسَأَلُوهُ مَا عَسَى أَنْ يَعْنِيَ هٰذَا ٱلْمَثَلُ.+ ١٠ فَقَالَ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَفْهَمُوا ٱلْأَسْرَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، أَمَّا ٱلْبَاقُونَ فَأُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ،+ لِكَيْ يَكُونُوا وَهُمْ نَاظِرُونَ، يَنْظُرُونَ عَبَثًا، وَهُمْ سَامِعُونَ، لَا يَفْهَمُونَ ٱلْمَعْنَى.+ ١١ وَهٰذَا مَا يَعْنِيهِ ٱلْمَثَلُ:+ اَلْبِذَارُ هُوَ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ.+ ١٢ وَمَا سَقَطَ عَلَى جَانِبِ ٱلطَّرِيقِ هُمُ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا،+ ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ+ وَيَنْزِعُ ٱلْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلَّا يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.+ ١٣ وَمَا وَقَعَ عَلَى ٱلصَّخْرِ هُمُ ٱلَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ ٱلْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ، وَلٰكِنْ لَيْسَ لِهٰؤُلَاءِ أَصْلٌ. فَهُمْ يُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ، وَفِي وَقْتِ ٱلِٱمْتِحَانِ يَزِلُّونَ بَعِيدًا.+ ١٤ وَمَا سَقَطَ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ هُمُ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا، وَلٰكِنْ إِذْ تَجْرُفُهُمْ هُمُومُ وَغِنَى وَلَذَّاتُ+ ٱلْحَيَاةِ، يَخْتَنِقُونَ كُلِّيًّا وَلَا يَأْتُونَ بِشَيْءٍ تَامِّ ٱلنُّمُوِّ.+ ١٥ وَمَا سَقَطَ فِي ٱلتُّرْبَةِ ٱلْجَيِّدَةِ هُمُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ بِقَلْبٍ جَيِّدٍ وَصَالِحٍ،+ فَيَحْفَظُونَهَا وَيُثْمِرُونَ بِٱلِٱحْتِمَالِ.+
١٦ «لَا أَحَدَ يُوقِدُ سِرَاجًا ثُمَّ يُغَطِّيهِ بِإِنَاءٍ أَوْ يَضَعُهُ تَحْتَ سَرِيرٍ، بَلْ يَضَعُهُ عَلَى مَنَارَةٍ، لِيَرَى ٱلدَّاخِلُونَ ٱلنُّورَ.+ ١٧ فَمَا مِنْ خَفِيٍّ+ لَنْ يُظْهَرَ، وَمَا مِنْ مَكْتُومٍ لَنْ يُعْرَفَ وَيُعْلَنَ.+ ١٨ فَٱنْتَبِهُوا إِذًا كَيْفَ تَسْمَعُونَ، لِأَنَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى ٱلْمَزِيدَ،+ وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَحَتَّى ٱلَّذِي يَظُنُّهُ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».+
١٩ وَجَاءَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ،+ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بِسَبَبِ ٱلْجَمْعِ.+ ٢٠ فَأُخْبِرَ وَقِيلَ لَهُ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ».+ ٢١ فَأَجَابَهُمْ قَائِلًا: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».+
٢٢ وَفِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ دَخَلَ مَرْكَبًا هُوَ وَتَلَامِيذُهُ، وَقَالَ لَهُمْ: «لِنَعْبُرْ إِلَى ٱلضَّفَّةِ ٱلْأُخْرَى مِنَ ٱلْبُحَيْرَةِ». فَأَقْلَعُوا.+ ٢٣ وَفِيمَا هُمْ مُبْحِرُونَ نَامَ. وَنَزَلَتْ عَلَى ٱلْبُحَيْرَةِ عَاصِفَةُ رِيحٍ عَنِيفَةٌ، فَأَخَذُوا يَمْتَلِئُونَ مَاءً وَٱلْخَطَرُ يُحِيطُ بِهِمْ.+ ٢٤ وَأَخِيرًا تَقَدَّمُوا إِلَيْهِ وَأَيْقَظُوهُ، قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، يَا مُعَلِّمُ، نَكَادُ نَهْلِكُ!».+ فَنَهَضَ وَٱنْتَهَرَ+ ٱلرِّيحَ وَهَيَجَانَ ٱلْمَاءِ، فَهَمَدَا وَسَادَ سُكُونٌ. ٢٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيْنَ إِيمَانُكُمْ؟». فَٱعْتَرَاهُمُ ٱلْخَوْفُ وَتَعَجَّبُوا، قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هٰذَا حَقًّا، فَإِنَّهُ يَأْمُرُ حَتَّى ٱلرِّيَاحَ وَٱلْمَاءَ فَتُطِيعُهُ؟».+
٢٦ وَأَرْسَوْا عِنْدَ كُورَةِ ٱلْجِرَاسِيِّينَ، مُقَابِلَ ٱلْجَلِيلِ.+ ٢٧ وَإِذْ خَرَجَ إِلَى ٱلْبَرِّ، لَاقَاهُ رَجُلٌ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ بِهِ شَيَاطِينُ. وَلَمْ يَكُنْ يَلْبَسُ لِبَاسًا مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ، وَلَا يَمْكُثُ فِي ٱلْبَيْتِ، بَلْ بَيْنَ ٱلْقُبُورِ.+ ٢٨ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ، صَرَخَ وَخَرَّ أَمَامَهُ، وَقَالَ بِصَوْتٍ عَالٍ: «مَا لِي وَلَكَ+ يَا يَسُوعُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ؟ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَلَّا تُعَذِّبَنِي».+ ٢٩ (فَإِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ ٱلرُّوحَ ٱلنَّجِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ ٱلرَّجُلِ. لِأَنَّهُ كَانَ قَدِ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ،+ وَكَانَ يُقَيَّدُ بِسَلَاسِلَ وَأَكْبَالٍ تَحْتَ حِرَاسَةٍ، فَيَقْطَعُ ٱلْقُيُودَ وَيُسَاقُ مِنْ هٰذَا ٱلشَّيْطَانِ إِلَى أَمَاكِنَ خَلَاءٍ). ٣٠ فَسَأَلَهُ يَسُوعُ: «مَا ٱسْمُكَ؟». فَقَالَ: «فَيْلَقٌ»، لِأَنَّ شَيَاطِينَ كَثِيرِينَ كَانُوا قَدْ دَخَلُوا فِيهِ.+ ٣١ وَتَوَسَّلُوا+ إِلَيْهِ أَلَّا يَأْمُرَهُمْ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْمَهْوَاةِ.+ ٣٢ وَكَانَ قَطِيعُ خَنَازِيرَ+ كَثِيرَةٍ يَرْعَى هُنَاكَ فِي ٱلْجَبَلِ، فَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَسْمَحَ لَهُمْ بِٱلدُّخُولِ فِيهَا.+ فَسَمَحَ لَهُمْ. ٣٣ عِنْدَئِذٍ خَرَجَتِ ٱلشَّيَاطِينُ مِنَ ٱلرَّجُلِ وَدَخَلَتْ فِي ٱلْخَنَازِيرِ، فَٱنْدَفَعَ ٱلْقَطِيعُ مِنْ عَلَى ٱلْجُرُفِ إِلَى ٱلْبُحَيْرَةِ وَغَرِقَ.+ ٣٤ فَلَمَّا رَأَى ٱلرُّعْيَانُ مَا حَدَثَ، هَرَبُوا وَنَقَلُوا ٱلْخَبَرَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَإِلَى ٱلْأَرْيَافِ.+
٣٥ عِنْدَئِذٍ خَرَجَ ٱلنَّاسُ لِيَرَوْا مَا حَدَثَ، وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَوَجَدُوا ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ ٱلشَّيَاطِينُ جَالِسًا عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ، لَابِسًا وَسَلِيمَ ٱلْعَقْلِ، فَخَافُوا.+ ٣٦ فَأَخْبَرَهُمُ ٱلنَّاظِرُونَ كَيْفَ شُفِيَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي كَانَتِ ٱلشَّيَاطِينُ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِ.+ ٣٧ فَسَأَلَهُ كُلُّ جُمْهُورِ كُورَةِ ٱلْجِرَاسِيِّينَ ٱلْمُحِيطَةِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْهُمْ، لِأَنَّهُ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ.+ فَصَعِدَ إِلَى ٱلْمَرْكَبِ وَٱنْصَرَفَ. ٣٨ أَمَّا ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ ٱلشَّيَاطِينُ فَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ أَنْ يَبْقَى هُوَ مَعَهُ، وَلٰكِنَّهُ صَرَفَ ٱلرَّجُلَ قَائِلًا:+ ٣٩ «عُدْ إِلَى بَيْتِكَ، وَحَدِّثْ دَوْمًا بِمَا صَنَعَ ٱللّٰهُ إِلَيْكَ».+ فَمَضَى وَهُوَ يُنَادِي فِي ٱلْمَدِينَةِ كُلِّهَا بِمَا صَنَعَ يَسُوعُ إِلَيْهِ.+
٤٠ وَلَمَّا رَجَعَ يَسُوعُ، ٱسْتَقْبَلَهُ ٱلْجَمْعُ بِٱلتَّرْحَابِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يَتَرَقَّبُونَهُ.+ ٤١ وَإِذَا رَجُلٌ ٱسْمُهُ يَايِرُسُ قَدْ جَاءَ، وَهٰذَا كَانَ رَئِيسًا لِلْمَجْمَعِ. فَسَقَطَ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ،+ ٤٢ لِأَنَّ لَهُ ٱبْنَةً وَحِيدَةً لَهَا نَحْوُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى ٱلْمَوْتِ.+
وَفِيمَا هُوَ ذَاهِبٌ، زَحَمَتْهُ ٱلْجُمُوعُ.+ ٤٣ وَإِنَّ ٱمْرَأَةً بِهَا سَيْلُ دَمٍ+ مُنْذُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا،+ ٤٤ ٱقْتَرَبَتْ مِنْ وَرَاءٍ وَلَمَسَتْ هُدْبَ+ رِدَائِهِ،+ وَفِي ٱلْحَالِ تَوَقَّفَ سَيْلُ دَمِهَا.+ ٤٥ فَقَالَ يَسُوعُ: «مَنِ ٱلَّذِي لَمَسَنِي؟».+ وَإِذْ كَانَ ٱلْجَمِيعُ يُنْكِرُونَ، قَالَ بُطْرُسُ: «يَا مُعَلِّمُ، ٱلْجُمُوعُ تَحْصُرُكَ وَتَزْحَمُكَ».+ ٤٦ فَقَالَ يَسُوعُ: «أَحَدُهُمْ لَمَسَنِي، لِأَنِّي شَعَرْتُ بِأَنَّ قُوَّةً+ خَرَجَتْ مِنِّي».+ ٤٧ فَلَمَّا رَأَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَهَا لَمْ يُخْفَ، جَاءَتْ مُرْتَعِدَةً وَخَرَّتْ أَمَامَهُ وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ كُلِّ ٱلشَّعْبِ لِأَيِّ سَبَبٍ لَمَسَتْهُ وَكَيْفَ شُفِيَتْ فِي ٱلْحَالِ.+ ٤٨ فَقَالَ لَهَا: «يَا ٱبْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ،+ فَٱذْهَبِي بِسَلَامٍ».+
٤٩ وَإِذْ كَانَ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ، جَاءَ مُمَثِّلٌ لِرَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ، قَائِلًا: «قَدْ مَاتَتِ ٱبْنَتُكَ. لَا تُزْعِجِ ٱلْمُعَلِّمَ بَعْدُ».+ ٥٠ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذٰلِكَ، أَجَابَهُ: «لَا تَخَفْ، آمِنْ فَقَطْ،+ فَهِيَ تَخْلُصُ». ٥١ وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ٱلْبَيْتِ، لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ مَعَهُ إِلَّا بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَأَبَا ٱلْفَتَاةِ وَأُمَّهَا.+ ٥٢ وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ يَبْكُونَ وَيَلْطِمُونَ صُدُورَهُمْ حُزْنًا عَلَيْهَا. فَقَالَ: «كُفُّوا عَنِ ٱلْبُكَاءِ،+ فَهِيَ لَمْ تَمُتْ لٰكِنَّهَا نَائِمَةٌ».+ ٥٣ فَضَحِكُوا عَلَيْهِ بِٱزْدِرَاءٍ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّهَا مَاتَتْ.+ ٥٤ أَمَّا هُوَ فَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى، قَائِلًا: «يَا فَتَاةُ، قُومِي!».+ ٥٥ فَعَادَتْ رُوحُهَا+ وَقَامَتْ+ فِي ٱلْحَالِ، فَأَمَرَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.+ ٥٦ فَلَمْ يَمْلِكْ وَالِدَاهَا أَنْفُسَهُمَا مِنَ ٱلْفَرَحِ، وَلٰكِنَّهُ أَمَرَهُمَا أَلَّا يُخْبِرَا أَحَدًا بِمَا حَدَثَ.+
٩ ثُمَّ جَمَعَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ قُدْرَةً وَسُلْطَةً عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّيَاطِينِ وَشِفَاءِ ٱلْأَمْرَاضِ.+ ٢ وَأَرْسَلَهُمْ لِيَكْرِزُوا بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَيَشْفُوا، ٣ وَقَالَ لَهُمْ: «لَا تَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ، لَا عُكَّازًا وَلَا مِزْوَدًا، وَلَا خُبْزًا وَلَا فِضَّةً، وَلَا يَكُنْ لَكُمْ قَمِيصَانِ.+ ٤ إِنَّمَا حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا، فَهُنَاكَ ٱمْكُثُوا وَمِنْ هُنَاكَ ٱمْضُوا.+ ٥ وَحَيْثُ لَا يَقْبَلُكُمُ ٱلنَّاسُ، فَلَدَى خُرُوجِكُمْ مِنْ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ+ ٱنْفُضُوا ٱلْغُبَارَ عَنْ أَقْدَامِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ».+ ٦ فَٱنْطَلَقُوا وَٱجْتَازُوا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ، يُبَشِّرُونَ وَيَشْفُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.+
٧ وَسَمِعَ هِيرُودُسُ حَاكِمُ ٱلْإِقْلِيمِ بِكُلِّ مَا كَانَ يَجْرِي، وَوَقَعَ فِي حَيْرَةٍ كَبِيرَةٍ لِأَنَّ بَعْضًا كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ،+ ٨ وَآخَرِينَ إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَ، وَآخَرِينَ أَيْضًا إِنَّ وَاحِدًا مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلْقُدَمَاءِ قَدْ قَامَ. ٩ فَقَالَ هِيرُودُسُ: «يُوحَنَّا، أَنَا قَطَعْتُ رَأْسَهُ.+ فَمَنْ هُوَ هٰذَا ٱلَّذِي أَسْمَعُ عَنْهُ أُمُورًا كَهٰذِهِ؟». وَكَانَ يَطْلُبُ+ أَنْ يَرَاهُ.
١٠ وَلَمَّا عَادَ ٱلرُّسُلُ، قَصُّوا عَلَيْهِ مَا فَعَلُوا.+ فَأَخَذَهُمْ وَٱنْصَرَفَ يَخْلُو بِهِمْ+ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى بَيْتَ صَيْدَا. ١١ لٰكِنَّ ٱلْجُمُوعَ عَلِمُوا بِذٰلِكَ فَتَبِعُوهُ. فَٱسْتَقْبَلَهُمْ وَٱبْتَدَأَ يُكَلِّمُهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ،+ وَشَفَى ٱلَّذِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَى شِفَاءٍ.+ ١٢ ثُمَّ أَخَذَ ٱلنَّهَارُ يَمِيلُ. فَدَنَا ٱلِٱثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اِصْرِفِ ٱلْجَمْعَ لِكَيْ يَذْهَبُوا إِلَى ٱلْقُرَى وَٱلْأَرْيَافِ ٱلْمُحِيطَةِ فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا قُوتًا، لِأَنَّنَا هُنَا فِي مَكَانٍ خَلَاءٍ».+ ١٣ وَلٰكِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ مَا يَأْكُلُونَ».+ فَقَالُوا: «لَيْسَ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَيْنِ،+ إِلَّا إِذَا ذَهَبْنَا نَحْنُ وَٱشْتَرَيْنَا طَعَامًا لِهٰذَا ٱلشَّعْبِ كُلِّهِ».+ ١٤ لَقَدْ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ آلَافِ رَجُلٍ.+ فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «أَتْكِئُوهُمْ لِلطَّعَامِ فِرَقًا، فِي كُلٍّ مِنْهَا نَحْوُ ٱلْخَمْسِينَ».+ ١٥ فَفَعَلُوا هٰكَذَا وَأَتْكَأُوا ٱلْجَمِيعَ. ١٦ ثُمَّ أَخَذَ ٱلْأَرْغِفَةَ ٱلْخَمْسَةَ وَٱلسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَبَارَكَهَا وَكَسَرَهَا وَأَعْطَاهَا لِلتَّلَامِيذِ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ.+ ١٧ فَأَكَلَ ٱلْجَمِيعُ وَشَبِعُوا، وَرُفِعَ مَا فَضَلَ عَنْهُمُ، ٱثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ ٱلْكِسَرِ.+
١٨ وَلَاحِقًا، فِيمَا كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ، ٱجْتَمَعَ إِلَيْهِ ٱلتَّلَامِيذُ، فَسَأَلَهُمْ قَائِلًا: «مَنْ تَقُولُ ٱلْجُمُوعُ إِنِّي أَنَا؟».+ ١٩ فَأَجَابُوا وَقَالُوا: «يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ أَيْضًا: إِنَّ وَاحِدًا مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلْقُدَمَاءِ قَدْ قَامَ».+ ٢٠ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ:+ «مَسِيحُ+ ٱللّٰهِ». ٢١ فَأَمَرَهُمْ بِكَلَامٍ شَدِيدِ ٱللَّهْجَةِ أَلَّا يُخْبِرُوا أَحَدًا بِذٰلِكَ،+ ٢٢ بَلْ قَالَ: «لَا بُدَّ لِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ أَنْ يُقَاسِيَ آلَامًا كَثِيرَةً وَيَرْفُضَهُ ٱلشُّيُوخُ وَكِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ، وَيُقْتَلَ،+ وَيُقَامَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ».+
٢٣ ثُمَّ قَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ كُلِّيًّا+ وَيَحْمِلْ خَشَبَةَ آلَامِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي عَلَى ٱلدَّوَامِ.+ ٢٤ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يَخْسَرُهَا، أَمَّا مَنْ خَسِرَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِي فَهُوَ ٱلَّذِي يُخَلِّصُهَا.+ ٢٥ فَإِنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ أَوْ كَابَدَ ضَرَرًا؟+ ٢٦ فَمَنْ يَخْجَلْ بِي وَبِكَلَامِي، يَخْجَلْ بِهِ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ حِينَ يَجِيءُ فِي مَجْدِهِ وَمَجْدِ ٱلْآبِ وَٱلْمَلَائِكَةِ ٱلْقُدُّوسِينَ.+ ٢٧ وَلٰكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ بِحَقٍّ: إِنَّ بَعْضًا مِنَ ٱلْقَائِمِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا ٱلْمَوْتَ أَبَدًا حَتَّى يَرَوْا أَوَّلًا مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ».+
٢٨ وَبَعْدَ هٰذَا ٱلْكَلَامِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى ٱلْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ.+ ٢٩ وَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي، صَارَ مَظْهَرُ+ وَجْهِهِ مُخْتَلِفًا وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ بَرَّاقًا.+ ٣٠ وَإِذَا رَجُلَانِ يَتَحَدَّثَانِ إِلَيْهِ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا.+ ٣١ تَرَاءَى هٰذَانِ بِمَجْدٍ وَأَخَذَا يَتَكَلَّمَانِ عَنْ رَحِيلِهِ ٱلَّذِي كَانَ مَحْتُومًا أَنْ يُتَمِّمَهُ فِي أُورُشَلِيمَ.+ ٣٢ وَكَانَ بُطْرُسُ وَٱللَّذَانِ مَعَهُ قَدْ أَثْقَلَهُمُ ٱلنَّوْمُ، لٰكِنَّهُمْ حِينَ ٱسْتَيْقَظُوا تَمَامًا، رَأَوْا مَجْدَهُ+ وَٱلرَّجُلَيْنِ ٱلْوَاقِفَيْنِ مَعَهُ. ٣٣ وَفِيمَا هُمَا يُفَارِقَانِهِ، قَالَ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «يَا مُعَلِّمُ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هٰهُنَا، فَلْنَنْصِبْ ثَلَاثَ خِيَامٍ: وَاحِدَةً لَكَ، وَوَاحِدَةً لِمُوسَى، وَوَاحِدَةً لِإِيلِيَّا»، وَهُوَ لَا يُدْرِكُ مَا يَقُولُ.+ ٣٤ وَفِيمَا هُوَ يَقُولُ ذٰلِكَ، تَشَكَّلَتْ سَحَابَةٌ وَظَلَّلَتْهُمْ. فَلَمَّا دَخَلُوا فِي ٱلسَّحَابَةِ خَافُوا.+ ٣٥ وَأَتَى صَوْتٌ+ مِنَ ٱلسَّحَابَةِ قَائِلًا: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ.+ لَهُ ٱسْمَعُوا».+ ٣٦ وَلَمَّا كَانَ ٱلصَّوْتُ، وُجِدَ يَسُوعُ وَحْدَهُ.+ وَأَمَّا هُمْ فَلَزِمُوا ٱلصَّمْتَ وَلَمْ يُخْبِرُوا أَحَدًا فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ بِشَيْءٍ مِمَّا رَأَوْا.+
٣٧ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي، لَمَّا نَزَلُوا مِنَ ٱلْجَبَلِ، لَاقَاهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ.+ ٣٨ وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ ٱلْجَمْعِ صَرَخَ قَائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تُلْقِيَ نَظْرَةً عَلَى ٱبْنِي، لِأَنَّهُ وَلَدِي ٱلْوَحِيدُ،+ ٣٩ وَهَا إِنَّ رُوحًا+ يَأْخُذُهُ فَيَصْرُخُ فَجْأَةً، وَيَجْعَلُهُ يَنْتَفِضُ فَيُزْبِدُ، وَبِٱلْجَهْدِ يُفَارِقُهُ بَعْدَ أَنْ يَرُضَّهُ. ٤٠ فَتَوَسَّلْتُ إِلَى تَلَامِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا».+ ٤١ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلْجِيلُ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنِ وَٱلْمُعَوَّجُ،+ إِلَى مَتَى أَبْقَى مَعَكُمْ وَأَتَحَمَّلُكُمْ؟ قَدِّمِ ٱبْنَكَ إِلَى هُنَا».+ ٤٢ وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ، صَرَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ أَرْضًا وَجَعَلَهُ يَنْتَفِضُ بِعُنْفٍ. لٰكِنَّ يَسُوعَ ٱنْتَهَرَ ٱلرُّوحَ ٱلنَّجِسَ وَشَفَى ٱلصَّبِيَّ وَسَلَّمَهُ إِلَى أَبِيهِ.+ ٤٣ فَذَهِلَ ٱلْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ قُدْرَةِ+ ٱللّٰهِ.
وَإِذْ كَانُوا جَمِيعًا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ، قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: ٤٤ «أَوْدِعُوا هٰذَا ٱلْكَلَامَ فِي آذَانِكُمْ، لِأَنَّهُ مَحْتُومٌ أَنْ يُسَلَّمَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ إِلَى أَيْدِي ٱلنَّاسِ».+ ٤٥ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا هٰذَا ٱلْقَوْلَ. فَقَدْ كَانَ مُخْفًى عَنْهُمْ كَيْ لَا يُدْرِكُوهُ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هٰذَا ٱلْقَوْلِ.+
٤٦ ثُمَّ دَاخَلَهُمْ فِكْرٌ فِي مَنْ يَكُونُ أَعْظَمَهُمْ.+ ٤٧ وَعَرَفَ يَسُوعُ فِكْرَ قُلُوبِهِمْ، فَأَخَذَ وَلَدًا صَغِيرًا وَأَقَامَهُ بِجَانِبِهِ،+ ٤٨ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ يَقْبَلْ هٰذَا ٱلْوَلَدَ ٱلصَّغِيرَ بِٱسْمِي يَقْبَلْنِي؛ وَمَنْ يَقْبَلْنِي يَقْبَلِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي.+ لِأَنَّ ٱلَّذِي يَتَصَرَّفُ كَأَصْغَرَ+ بَيْنَكُمْ جَمِيعًا هُوَ ٱلْعَظِيمُ».+
٤٩ فَأَجَابَ يُوحَنَّا قَائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا رَجُلًا يُخْرِجُ شَيَاطِينَ+ بِٱسْمِكَ، فَحَاوَلْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ+ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُكَ مَعَنَا».+ ٥٠ وَلٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: «لَا تُحَاوِلُوا أَنْ تَمْنَعُوهُ، لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ فَهُوَ مَعَكُمْ».+
٥١ وَإِذْ كَانَتِ ٱلْأَيَّامُ تَتِمُّ لِيُرْفَعَ،+ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ٥٢ وَأَرْسَلَ قُدَّامَهُ رُسُلًا. فَذَهَبُوا وَدَخَلُوا قَرْيَةً لِلسَّامِرِيِّينَ+ حَتَّى يُهَيِّئُوا لَهُ. ٥٣ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مُتَّجِهًا نَحْوَ أُورُشَلِيمَ.+ ٥٤ فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ ٱلتِّلْمِيذَانِ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا،+ قَالَا: «يَا رَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَأْمُرَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ+ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَتُفْنِيَهُمْ؟». ٥٥ فَٱلْتَفَتَ وَٱنْتَهَرَهُمَا. ٥٦ فَذَهَبُوا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.
٥٧ وَفِيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ، قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي».+ ٥٨ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَوْكَارٌ، أَمَّا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يَضَعُ رَأْسَهُ».+ ٥٩ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: «اِتْبَعْنِي». فَقَالَ: «اِسْمَحْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلًا وَأَدْفِنَ أَبِي».+ ٦٠ فَقَالَ لَهُ: «دَعِ ٱلْمَوْتَى+ يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ فَٱذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».+ ٦١ وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: «أَتْبَعُكَ يَا رَبُّ، وَلٰكِنِ ٱسْمَحْ لِي أَوَّلًا أَنْ أُوَدِّعَ+ ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِي». ٦٢ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى ٱلْمِحْرَاثِ+ وَيَنْظُرُ إِلَى مَا هُوَ وَرَاءُ+ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».
١٠ وَبَعْدَ ذٰلِكَ، ٱخْتَارَ ٱلرَّبُّ سَبْعِينَ+ آخَرِينَ وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ+ قُدَّامَهُ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ حَيْثُ كَانَ هُوَ عَازِمًا أَنْ يَأْتِيَ. ٢ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ٱلْحَصَادَ+ كَثِيرٌ، وَلٰكِنَّ ٱلْعُمَّالَ+ قَلِيلُونَ. فَتَوَسَّلُوا+ إِلَى سَيِّدِ ٱلْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ عُمَّالًا+ إِلَى حَصَادِهِ. ٣ اِنْطَلِقُوا. هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلَانٍ+ بَيْنَ ذِئَابٍ. ٤ لَا تَحْمِلُوا مَحْفَظَةً وَلَا مِزْوَدًا+ وَلَا نَعْلَيْنِ، وَلَا تُسَلِّمُوا+ عَلَى أَحَدٍ وَتُعَانِقُوهُ فِي ٱلطَّرِيقِ. ٥ وَحَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا فَقُولُوا أَوَّلًا: ‹سَلَامٌ لِهٰذَا ٱلْبَيْتِ!›.+ ٦ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلَامٍ، يَحِلُّ سَلَامُكُمْ عَلَيْهِ.+ وَإِلَّا فَيَعُودُ إِلَيْكُمْ.+ ٧ وَٱمْكُثُوا فِي ذٰلِكَ ٱلْبَيْتِ،+ آكِلِينَ وَشَارِبِينَ مَا يُزَوِّدُونَ،+ لِأَنَّ ٱلْعَامِلَ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ.+ لَا تَنْتَقِلُوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ.+
٨ «وَحَيْثُمَا دَخَلْتُمْ مَدِينَةً وَقَبِلُوكُمْ، فَكُلُوا مَا يُقَدَّمُ لَكُمْ، ٩ وَٱشْفُوا+ ٱلْمَرْضَى ٱلَّذِينَ فِيهَا، وَدَاوِمُوا عَلَى ٱلْقَوْلِ لَهُمْ: ‹قَدِ ٱقْتَرَبَ مِنْكُمْ مَلَكُوتُ+ ٱللّٰهِ›. ١٠ وَحَيْثُمَا دَخَلْتُمْ مَدِينَةً وَلَمْ يَقْبَلُوكُمْ،+ فَٱخْرُجُوا إِلَى شَوَارِعِهَا ٱلرَّئِيسِيَّةِ وَقُولُوا: ١١ ‹حَتَّى ٱلْغُبَارُ ٱلَّذِي لَصِقَ بِأَقْدَامِنَا مِنْ مَدِينَتِكُمْ نَنْفُضُهُ عَنَّا لَكُمْ.+ وَلٰكِنِ ٱذْكُرُوا هٰذَا، أَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ›. ١٢ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ ٱلْأَمْرَ يَكُونُ أَخَفَّ وَطْأَةً عَلَى سَدُومَ+ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنْهُ عَلَى تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ.
١٣ «وَيْلٌ لَكِ يَا كُورَزِينُ!+ وَيْلٌ لَكِ يَا بَيْتَ صَيْدَا!+ لِأَنَّهُ لَوْ حَدَثَتْ فِي صُورَ وَصَيْدُونَ ٱلْقُوَّاتُ ٱلَّتِي حَدَثَتْ فِيكُمَا، لَتَابَتَا مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ جَالِسَتَيْنِ فِي ٱلْمِسْحِ وَٱلرَّمَادِ.+ ١٤ وَلِذٰلِكَ، يَكُونُ ٱلْأَمْرُ أَخَفَّ وَطْأَةً عَلَى صُورَ وَصَيْدُونَ فِي ٱلدَّيْنُونَةِ مِنْهُ عَلَيْكُمَا.+ ١٥ وَأَنْتِ يَا كَفَرْنَاحُومُ، أَتُرَاكِ تُرْفَعِينَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ؟+ إِلَى هَادِسَ+ سَتَنْزِلِينَ!
١٦ «مَنْ يَسْمَعْ+ لَكُمْ يَسْمَعْ لِي. وَمَنْ يَتَجَاهَلْكُمْ يَتَجَاهَلْنِي. وَمَنْ يَتَجَاهَلْنِي يَتَجَاهَلِ+ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي».
١٧ ثُمَّ عَادَ ٱلسَّبْعُونَ بِفَرَحٍ، قَائِلِينَ: «يَا رَبُّ، حَتَّى ٱلشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ+ لَنَا بِٱسْمِكَ». ١٨ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُمْ: «اِبْتَدَأْتُ أَرَى ٱلشَّيْطَانَ وَقَدْ سَقَطَ+ مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. ١٩ هَا أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ ٱلسُّلْطَةَ لِتَدُوسُوا ٱلْحَيَّاتِ+ وَٱلْعَقَارِبَ+ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، وَعَلَى كُلِّ قُوَّةِ ٱلْعَدُوِّ،+ وَلَنْ يُؤْذِيَكُمْ شَيْءٌ أَبَدًا. ٢٠ وَلٰكِنْ لَا تَفْرَحُوا بِهٰذَا، أَنَّ ٱلْأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ، بَلِ ٱفْرَحُوا لِأَنَّ أَسْمَاءَكُمْ+ قَدْ كُتِبَتْ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ». ٢١ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا تَهَلَّلَ+ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَقَالَ: «أُسَبِّحُكَ عَلَانِيَةً أَيُّهَا ٱلْآبُ، رَبُّ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ، لِأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هٰذِهِ عَنِ ٱلْحُكَمَاءِ+ وَٱلْمُفَكِّرِينَ، وَكَشَفْتَهَا لِلْأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا ٱلْآبُ، لِأَنَّ مِثْلَ هٰذَا صَارَ مَرْضِيًّا عِنْدَكَ. ٢٢ كُلُّ شَيْءٍ قَدْ سُلِّمَ+ إِلَيَّ مِنْ أَبِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ ٱلِٱبْنُ إِلَّا ٱلْآبُ،+ وَلَا مَنْ هُوَ ٱلْآبُ إِلَّا ٱلِٱبْنُ،+ وَمَنْ يُرِيدُ ٱلِٱبْنُ أَنْ يَكْشِفَهُ لَهُ».
٢٣ عِنْدَئِذٍ ٱلْتَفَتَ إِلَى ٱلتَّلَامِيذِ وَحْدَهُمْ وَقَالَ: «سَعِيدَةٌ هِيَ ٱلْعُيُونُ ٱلَّتِي تُبْصِرُ مَا تُبْصِرُونَ.+ ٢٤ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَٱلْمُلُوكِ رَغِبُوا أَنْ يَرَوْا+ مَا تُبْصِرُونَ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُونَ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا».
٢٥ وَإِذَا مُتَضَلِّعٌ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ+ قَامَ لِيَمْتَحِنَهُ، فَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَفْعَلُ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟».+ ٢٦ فَقَالَ لَهُ: «مَا ٱلْمَكْتُوبُ فِي ٱلشَّرِيعَةِ؟+ كَيْفَ تَقْرَأُ؟». ٢٧ فَأَجَابَ وَقَالَ: «‹تُحِبُّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ وَبِكُلِّ عَقْلِكَ›،+ وَ ‹قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ›».+ ٢٨ فَقَالَ لَهُ: «أَجَبْتَ بِٱلصَّوَابِ. ‹اِسْتَمِرَّ فِي فِعْلِ ذٰلِكَ فَتَحْيَا›».+
٢٩ أَمَّا ٱلرَّجُلُ، فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، قَالَ لِيَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟».+ ٣٠ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «كَانَ إِنْسَانٌ نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَٱنْهَالُوا عَلَيْهِ ضَرْبًا، ثُمَّ مَضَوْا وَقَدْ تَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيِّتٍ. ٣١ وَٱتَّفَقَ أَنَّ كَاهِنًا كَانَ نَازِلًا فِي تِلْكَ ٱلطَّرِيقِ، وَلٰكِنَّهُ حِينَ رَآهُ، ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.+ ٣٢ وَكَذٰلِكَ لَاوِيٌّ أَيْضًا، حِينَ وَصَلَ إِلَى ٱلْمَكَانِ وَرَآهُ، ٱجْتَازَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ.+ ٣٣ إِلَّا أَنَّ سَامِرِيًّا+ مَارًّا فِي ٱلطَّرِيقِ أَتَى إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ، أَشْفَقَ عَلَيْهِ. ٣٤ فَٱقْتَرَبَ مِنْهُ وَضَمَدَ جُرُوحَهُ، سَاكِبًا عَلَيْهَا زَيْتًا وَخَمْرًا.+ ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى بَهِيمَتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَٱعْتَنَى بِهِ. ٣٥ وَفِي ٱلْغَدِ، أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ ٱلْفُنْدُقِ وَقَالَ: ‹اِعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا تُنْفِقْ فَوْقَ هٰذَا، فَأَنَا أُوفِيكَ عِنْدَ رُجُوعِي›. ٣٦ فَأَيُّ هٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةِ يَبْدُو لَكَ أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا+ لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ ٱللُّصُوصِ؟». ٣٧ فَقَالَ: «اَلَّذِي عَامَلَهُ بِرَحْمَةٍ».+ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اِذْهَبْ وَٱفْعَلْ+ أَنْتَ هٰكَذَا».
٣٨ وَفِيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ، دَخَلَ قَرْيَةً. فَأَضَافَتْهُ ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا مَرْثَا+ فِي بَيْتِهَا. ٣٩ وَكَانَتْ لِهٰذِهِ أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَمَ، ٱلَّتِي جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيِ+ ٱلرَّبِّ تَسْمَعُ كَلَامَهُ. ٤٠ أَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ مُلْتَهِيَةً+ بِٱلِٱعْتِنَاءِ بِوَاجِبَاتٍ كَثِيرَةٍ. فَٱقْتَرَبَتْ وَقَالَتْ: «يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟+ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي». ٤١ فَأَجَابَ ٱلرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: «مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَحْمِلِينَ هَمًّا+ وَتَضْطَرِبِينَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ.+ ٤٢ وَإِنَّمَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى قَلِيلٍ،+ أَوْ إِلَى وَاحِدٍ. فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ،+ وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».
١١ وَكَانَ يُصَلِّي فِي أَحَدِ ٱلْأَمَاكِنِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ: «يَا رَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ+ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أَيْضًا تَلَامِيذَهُ».+
٢ فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ+ فَقُولُوا: ‹أَيُّهَا ٱلْآبُ، لِيَتَقَدَّسِ ٱسْمُكَ.+ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ.+ ٣ أَعْطِنَا خُبْزَنَا+ ٱلْيَوْمِيَّ كَفَافَ يَوْمِنَا. ٤ وَٱغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا+ لِأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ هُوَ مَدْيُونٌ+ لَنَا. وَلَا تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ›».+
٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ صَدِيقٌ فَيَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ وَيَقُولُ لَهُ: ‹يَا صَدِيقُ، أَقْرِضْنِي ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ، ٦ لِأَنَّ صَدِيقًا لِي أَتَى إِلَيَّ مِنْ سَفَرٍ وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُقَدِّمُ لَهُ›، ٧ فَيُجِيبُ ذَاكَ مِنَ ٱلدَّاخِلِ قَائِلًا: ‹كُفَّ عَنْ إِزْعَاجِي!+ فَٱلْبَابُ مُقْفَلٌ ٱلْآنَ، وَصِغَارِي مَعِي فِي ٱلْفِرَاشِ، فَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ وَأُعْطِيَكَ›؟ ٨ أَقُولُ لَكُمْ: وَإِنْ كَانَ لَا يَقُومُ وَيُعْطِيهِ لِكَوْنِهِ صَدِيقَهُ، فَإِنَّهُ لِلَجَاجَتِهِ+ ٱلْجَرِيئَةِ يَقُومُ وَيُعْطِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. ٩ لِذٰلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: دَاوِمُوا عَلَى ٱلسُّؤَالِ+ تُعْطَوْا، دَاوِمُوا عَلَى ٱلطَّلَبِ+ تَجِدُوا، دَاوِمُوا عَلَى ٱلْقَرْعِ يُفْتَحْ لَكُمْ. ١٠ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَنَالُ،+ وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. ١١ فَأَيُّ أَبٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ٱبْنُهُ+ سَمَكَةً، أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ ٱلسَّمَكَةِ؟ ١٢ أَوْ إِذَا سَأَلَ أَيْضًا بَيْضَةً، يُعْطِيهِ عَقْرَبًا؟ ١٣ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ كَيْفَ تُعْطُونَ أَوْلَادَكُمْ عَطَايَا صَالِحَةً،+ فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى ٱلْآبُ فِي ٱلسَّمَاءِ يُعْطِي رُوحًا قُدُسًا+ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!».
١٤ وَلَاحِقًا، كَانَ يُخْرِجُ شَيْطَانًا أَخْرَسَ.+ فَلَمَّا خَرَجَ ٱلشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ ٱلْأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَتِ ٱلْجُمُوعُ. ١٥ وَلٰكِنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ يُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ بِبِيلَزَبُوبَ رَئِيسِ ٱلشَّيَاطِينِ».+ ١٦ وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً+ مِنَ ٱلسَّمَاءِ لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. ١٧ فَعَرَفَ تَصَوُّرَاتِهِمْ+ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَٱلْبَيْتُ ٱلْمُنْقَسِمُ عَلَى نَفْسِهِ يَسْقُطُ.+ ١٨ فَإِنْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا مُنْقَسِمًا عَلَى نَفْسِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟+ لِأَنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ بِبِيلَزَبُوبَ. ١٩ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِبِيلَزَبُوبَ أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ+ بِمَنْ يُخْرِجُونَهُمْ؟ مِنْ أَجْلِ هٰذَا، هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ. ٢٠ وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبَعِ ٱللّٰهِ+ أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَدْرَكَكُمْ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ.+ ٢١ حِينَمَا يَحْرُسُ ٱلْقَوِيُّ+ قَصْرَهُ وَهُوَ مُتَسَلِّحٌ جَيِّدًا، تَبْقَى مُمْتَلَكَاتُهُ فِي سَلَامٍ. ٢٢ وَلٰكِنْ مَتَى جَاءَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى+ مِنْهُ وَغَلَبَهُ،+ فَإِنَّهُ يَنْزِعُ سِلَاحَهُ ٱلْكَامِلَ ٱلَّذِي كَانَ يَتَّكِلُ عَلَيْهِ وَيُقَسِّمُ مَا سَلَبَهُ مِنْهُ. ٢٣ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لَا يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُبَدِّدُ.+
٢٤ «مَتَى خَرَجَ رُوحٌ نَجِسٌ مِنْ إِنْسَانٍ، يَمُرُّ فِي أَمَاكِنَ قَاحِلَةٍ بَحْثًا عَنْ مَكَانِ رَاحَةٍ، وَإِذْ لَا يَجِدُ يَقُولُ: ‹أَعُودُ إِلَى بَيْتِي ٱلَّذِي تَرَكْتُهُ›.+ ٢٥ وَمَتَى جَاءَ يَجِدُهُ مَكْنُوسًا وَمُزَيَّنًا. ٢٦ ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ+ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ. فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذٰلِكَ ٱلْإِنْسَانِ أَسْوَأَ مِنْ أَوَائِلِهِ».+
٢٧ وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهٰذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ ٱلْجَمْعِ صَوْتَهَا وَقَالَتْ لَهُ: «يَا لَسَعَادَةِ ٱلرَّحِمِ+ ٱلَّذِي حَمَلَكَ وَٱلثَّدْيَيْنِ ٱللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا!». ٢٨ أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ يَا لَسَعَادَةِ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَحْفَظُونَهَا!».+
٢٩ وَإِذْ كَانَتِ ٱلْجُمُوعُ تَحْتَشِدُ، أَخَذَ يَقُولُ: «هٰذَا ٱلْجِيلُ جِيلٌ شِرِّيرٌ. إِنَّهُ يَطْلُبُ آيَةً.+ وَلٰكِنْ لَنْ يُعْطَى آيَةً إِلَّا آيَةَ يُونَانَ.+ ٣٠ فَإِنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ+ آيَةً لِأَهْلِ نِينَوَى، كَذٰلِكَ يَكُونُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ أَيْضًا لِهٰذَا ٱلْجِيلِ. ٣١ مَلِكَةُ+ ٱلْجَنُوبِ سَتَقُومُ فِي ٱلدَّيْنُونَةِ مَعَ رِجَالِ هٰذَا ٱلْجِيلِ وَتَحْكُمُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي ٱلْأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهٰهُنَا أَعْظَمُ+ مِنْ سُلَيْمَانَ. ٣٢ رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي ٱلدَّيْنُونَةِ مَعَ هٰذَا ٱلْجِيلِ وَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ تَابُوا بِمَا كَرَزَ بِهِ يُونَانُ،+ وَهٰهُنَا أَعْظَمُ+ مِنْ يُونَانَ. ٣٣ لَا يُوقِدُ أَحَدٌ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي قَبْوٍ أَوْ تَحْتَ مِكْيَالٍ، بَلْ عَلَى ٱلْمَنَارَةِ،+ لِكَيْ يَرَى ٱلدَّاخِلُونَ ٱلنُّورَ. ٣٤ سِرَاجُ ٱلْجَسَدِ هُوَ عَيْنُكَ. مَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً، فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ أَيْضًا نَيِّرًا؛+ وَلٰكِنْ مَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً، فَجَسَدُكَ يَكُونُ أَيْضًا مُظْلِمًا. ٣٥ فَتَنَبَّهْ إِذًا، لِئَلَّا يَكُونَ ٱلنُّورُ ٱلَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً.+ ٣٦ فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ بِكَامِلِهِ نَيِّرًا لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ نَيِّرًا+ كَمَا حِينَمَا يُنِيرُ لَكَ ٱلسِّرَاجُ بِأَشِعَّتِهِ».
٣٧ وَبَعْدَمَا قَالَ هٰذَا، سَأَلَهُ فَرِّيسِيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى+ عِنْدَهُ. فَدَخَلَ وَٱتَّكَأَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ. ٣٨ وَأَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّ فَدُهِشَ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ+ أَوَّلًا قَبْلَ ٱلْغَدَاءِ. ٣٩ فَقَالَ لَهُ ٱلرَّبُّ: «أَنْتُمُ ٱلْآنَ، أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ، تُطَهِّرُونَ خَارِجَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ، وَأَمَّا دَاخِلُكُمْ+ فَمَمْلُوءٌ نَهْبًا وَشَرًّا.+ ٤٠ يَا عَدِيمِي ٱلتَّعَقُّلِ! أَلَيْسَ ٱلَّذِي صَنَعَ ٱلْخَارِجَ+ صَنَعَ ٱلدَّاخِلَ أَيْضًا؟ ٤١ وَمَعَ ذٰلِكَ، أَعْطُوا مَا فِي ٱلدَّاخِلِ صَدَقَةً،+ وَهُوَذَا كُلُّ شَيْءٍ آخَرَ يَكُونُ طَاهِرًا لَكُمْ. ٤٢ وَلٰكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ، لِأَنَّكُمْ تُقَدِّمُونَ عُشْرَ+ ٱلنَّعْنَعِ وَٱلسَّذَابِ وَسَائِرِ ٱلْبُقُولِ، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ ٱلْعَدْلِ وَمَحَبَّةِ ٱللّٰهِ! كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تَعْمَلُوا هٰذِهِ، وَلَا تُهْمِلُوا تِلْكَ.+ ٤٣ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ، لِأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ ٱلْمَقَاعِدَ ٱلْأَمَامِيَّةَ فِي ٱلْمَجَامِعِ، وَٱلتَّحِيَّاتِ فِي سَاحَاتِ ٱلْأَسْوَاقِ!+ ٤٤ وَيْلٌ لَكُمْ، لِأَنَّكُمْ مِثْلُ ٱلْقُبُورِ ٱلتَّذْكَارِيَّةِ غَيْرِ ٱلظَّاهِرَةِ، يَمْشِي ٱلنَّاسُ عَلَيْهَا وَلَا يَعْلَمُونَ!».+
٤٥ فَأَجَابَ أَحَدُ ٱلْمُتَضَلِّعِينَ+ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، إِنَّكَ بِقَوْلِكَ هٰذَا تُهِينُنَا نَحْنُ أَيْضًا». ٤٦ فَقَالَ: «وَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَيُّهَا ٱلْمُتَضَلِّعُونَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ، لِأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ ٱلنَّاسَ أَحْمَالًا يَصْعُبُ حَمْلُهَا، وَأَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ لَا تَمَسُّونَ ٱلْأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ!+
٤٧ «وَيْلٌ لَكُمْ، لِأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلتَّذْكَارِيَّةَ، وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ!+ ٤٨ فَشُهُودٌ أَنْتُمْ عَلَى أَعْمَالِ آبَائِكُمْ وَمَعَ ذٰلِكَ تُوَافِقُونَ+ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُمْ هُمْ قَتَلُوا+ ٱلْأَنْبِيَاءَ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَبْنُونَ قُبُورَهُمْ. ٤٩ لِهٰذَا قَالَتْ حِكْمَةُ+ ٱللّٰهِ أَيْضًا: ‹أُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ وَيَضْطَهِدُونَ، ٥٠ لِكَيْ يُطْلَبَ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ+ دَمُ جَمِيعِ ٱلْأَنْبِيَاءِ+ ٱلَّذِي أُرِيقَ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ، ٥١ مِنْ دَمِ هَابِيلَ+ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا،+ ٱلَّذِي قُتِلَ بَيْنَ ٱلْمَذْبَحِ وَٱلْبَيْتِ›.+ أَقُولُ لَكُمْ: نَعَمْ، إِنَّهُ يُطْلَبُ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ.
٥٢ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَضَلِّعُونَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ، لِأَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ مِفْتَاحَ ٱلْمَعْرِفَةِ،+ فَلَمْ تَدْخُلُوا أَنْتُمْ، وَٱلدَّاخِلُونَ أَعَقْتُمُوهُمْ!».+
٥٣ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ هُنَاكَ، شَرَعَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ يُضَيِّقُونَ عَلَيْهِ جِدًّا وَيُمْطِرُونَهُ بِٱلْأَسْئِلَةِ عَنْ أُمُورٍ أُخْرَى، ٥٤ وَهُمْ يَتَرَصَّدُونَ+ لَهُ لِكَيْ يَصْطَادُوا+ شَيْئًا مِنْ فَمِهِ.
١٢ وَفِي أَثْنَاءِ ذٰلِكَ، حِينَ ٱجْتَمَعَ ٱلْجَمْعُ أُلُوفًا كَثِيرَةً جِدًّا حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضًا، شَرَعَ يَقُولُ لِتَلَامِيذِهِ أَوَّلًا: «اِحْذَرُوا خَمِيرَ+ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ، ٱلَّذِي هُوَ ٱلرِّيَاءُ.+ ٢ وَلٰكِنْ، مَا مِنْ مَكْتُومٍ لَنْ يُكْشَفَ، وَمَا مِنْ خَفِيٍّ لَنْ يُعْرَفَ.+ ٣ فَإِنَّ مَا تَقُولُونَهُ فِي ٱلظَّلَامِ سَيُسْمَعُ فِي ٱلنُّورِ، وَمَا تَهْمِسُونَ بِهِ فِي ٱلْمَخَادِعِ سَيُكْرَزُ بِهِ عَنِ ٱلسُّطُوحِ.+ ٤ وَأَقُولُ لَكُمْ يَا أَصْدِقَائِي:+ لَا تَخَافُوا مِنَ ٱلَّذِينَ يَقْتُلُونَ ٱلْجَسَدَ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَفْعَلُوا أَكْثَرَ.+ ٥ بَلْ أُبَيِّنُ لَكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ: خَافُوا+ مِنَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَةٌ بَعْدَ ٱلْقَتْلِ أَنْ يُلْقِيَ فِي وَادِي هِنُّومَ.*+ أَقُولُ لَكُمْ: نَعَمْ، مِنْ هٰذَا خَافُوا.+ ٦ أَلَا تُبَاعُ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ دُورِيَّةٍ بِقِرْشَيْنِ؟ وَمَعَ هٰذَا، فَلَا يُنْسَى وَاحِدٌ مِنْهَا أَمَامَ ٱللّٰهِ.+ ٧ بَلْ حَتَّى شُعُورُ+ رُؤُوسِكُمْ كُلُّهَا مَعْدُودَةٌ. فَلَا تَخَافُوا، أَنْتُمْ أَثْمَنُ مِنْ عَصَافِيرَ دُورِيَّةٍ كَثِيرَةٍ.+
٨ «وَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنِ ٱعْتَرَفَ+ بِٱتِّحَادِهِ بِي أَمَامَ ٱلنَّاسِ، يَعْتَرِفُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ أَيْضًا بِٱتِّحَادِهِ بِهِ أَمَامَ مَلَائِكَةِ ٱللّٰهِ.+ ٩ وَمَنْ أَنْكَرَنِي+ أَمَامَ ٱلنَّاسِ، يُنْكَرُ أَمَامَ مَلَائِكَةِ ٱللّٰهِ.+ ١٠ وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ، يُغْفَرُ لَهُ؛ وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، فَلَا يُغْفَرُ لَهُ.+ ١١ وَعِنْدَمَا يُؤْتَى بِكُمْ أَمَامَ ٱلْمَحَافِلِ ٱلْعَامَّةِ وَٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْحُكُومِيِّينَ وَٱلسُّلُطَاتِ، فَلَا تَحْمِلُوا هَمًّا كَيْفَ أَوْ بِمَاذَا تُجِيبُونَ فِي دِفَاعِكُمْ أَوْ مَاذَا تَقُولُونَ،+ ١٢ فَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ+ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوا».+
١٣ ثُمَّ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لِأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي ٱلْمِيرَاثَ». ١٤ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ عَيَّنَنِي عَلَيْكُمْ قَاضِيًا+ أَوْ مُقَسِّمًا؟». ١٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَبْقُوا عُيُونَكُمْ مَفْتُوحَةً وَٱحْتَرِسُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلطَّمَعِ،+ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لِأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ مُمْتَلَكَاتِهِ».+ ١٦ عِنْدَئِذٍ كَلَّمَهُمْ بِمَثَلٍ، قَائِلًا: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَنْتَجَتْ أَرْضُهُ بِوَفْرَةٍ. ١٧ فَرَاحَ يَفْتَكِرُ فِي نَفْسِهِ، قَائِلًا: ‹مَاذَا أَفْعَلُ، إِذْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ مَحَاصِيلِي؟›. ١٨ وَقَالَ: ‹أَفْعَلُ هٰذَا:+ أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْهَا، وَهُنَاكَ أَجْمَعُ كُلَّ ٱلْحُبُوبِ وَٱلْخَيْرَاتِ ٱلَّتِي لَدَيَّ،+ ١٩ وَأَقُولُ+ لِنَفْسِي: «يَا نَفْسُ، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُذَّخَرَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. فَٱسْتَرِيحِي وَكُلِي وَٱشْرَبِي وَتَمَتَّعِي»›.+ ٢٠ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ قَالَ لَهُ: ‹يَا عَدِيمَ ٱلتَّعَقُّلِ، هٰذِهِ ٱللَّيْلَةَ يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ مِنْكَ.+ فَلِمَنْ تَكُونُ هٰذِهِ ٱلَّتِي ٱدَّخَرْتَهَا؟›.+ ٢١ هٰذَا شَأْنُ مَنْ يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا لِلّٰهِ».+
٢٢ ثُمَّ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «لِهٰذَا أَقُولُ لَكُمْ: لَا تَحْمِلُوا هَمًّا بَعْدُ مِنْ جِهَةِ نُفُوسِكُمْ مَاذَا تَأْكُلُونَ، أَوْ مِنْ جِهَةِ أَجْسَادِكُمْ مَاذَا تَلْبَسُونَ.+ ٢٣ فَٱلنَّفْسُ أَعْظَمُ قِيمَةً مِنَ ٱلطَّعَامِ، وَٱلْجَسَدُ أَعْظَمُ قِيمَةً مِنَ ٱللِّبَاسِ. ٢٤ لَاحِظُوا جَيِّدًا أَنَّ ٱلْغِرْبَانَ+ لَا تَزْرَعُ وَلَا تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا عَنْبَرٌ وَلَا مَخْزَنٌ، وَٱللّٰهُ يَقُوتُهَا. فَكَمْ أَنْتُمْ بِٱلْحَرِيِّ أَثْمَنُ مِنَ ٱلطُّيُورِ؟+ ٢٥ مَنْ مِنْكُمْ إِذَا حَمَلَ هَمًّا يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى عُمْرِهِ ذِرَاعًا؟+ ٢٦ فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ٱلْأَصْغَرِ، فَلِمَاذَا تَحْمِلُونَ هَمًّا+ مِنْ جِهَةِ ٱلْبَاقِي؟ ٢٧ لَاحِظُوا جَيِّدًا كَيْفَ تَنْمُو ٱلزَّنَابِقُ.+ إِنَّهَا لَا تَتْعَبُ وَلَا تَغْزِلُ، وَلٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: وَلَا سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ تَسَرْبَلَ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا.+ ٢٨ فَإِنْ كَانَ ٱلنَّبْتُ فِي ٱلْحَقْلِ ٱلَّذِي يُوجَدُ ٱلْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي ٱلتَّنُّورِ يَكْسُوهُ ٱللّٰهُ هٰكَذَا، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ يَكْسُوكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي ٱلْإِيمَانِ!+ ٢٩ فَلَا تَطْلُبُوا بَعْدُ مَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَشْرَبُونَ، وَلَا تَكُونُوا فِي حَيْرَةٍ وَهَمٍّ.+ ٣٠ فَهٰذِهِ كُلُّهَا هِيَ مَا تَسْعَى أُمَمُ ٱلْعَالَمِ إِلَيْهَا، وَلٰكِنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هٰذِهِ.+ ٣١ إِنَّمَا دَاوِمُوا عَلَى طَلَبِ مَلَكُوتِهِ، وَهٰذِهِ تُزَادُ لَكُمْ.+
٣٢ «لَا تَخَفْ+ أَيُّهَا ٱلْقَطِيعُ ٱلصَّغِيرُ،+ لِأَنَّ أَبَاكُمْ رَضِيَ أَنْ يُعْطِيَكُمُ ٱلْمَلَكُوتَ.+ ٣٣ بِيعُوا+ مَا تَمْلِكُونَ وَأَعْطُوا صَدَقَةً.+ اِصْنَعُوا لَكُمْ مَحَافِظَ لَا تَبْلَى، كَنْزًا لَا يَنْفَدُ أَبَدًا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ،+ حَيْثُ لَا يَقْتَرِبُ سَارِقٌ وَلَا يُفْسِدُ عُثٌّ. ٣٤ فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ، هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا.+
٣٥ «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ+ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ+ مُوقَدَةً، ٣٦ وَكُونُوا أَنْتُمْ مِثْلَ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ+ مَتَى يَعُودُ مِنَ ٱلْعُرْسِ،+ حَتَّى إِذَا وَصَلَ وَقَرَعَ+ يَفْتَحُونَ لَهُ حَالًا. ٣٧ يَا لَسَعَادَةِ أُولٰئِكَ ٱلْعَبِيدِ ٱلَّذِينَ مَتَى جَاءَ ٱلسَّيِّدُ وَجَدَهُمْ سَاهِرِينَ!+ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ+ وَيُتْكِئُهُمْ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ.+ ٣٨ وَإِنْ جَاءَ فِي ٱلْهَزِيعِ ٱلثَّانِي، أَوْ حَتَّى فِي ٱلثَّالِثِ، وَوَجَدَهُمْ هٰكَذَا، فَيَا لَسَعَادَتِهِمْ!+ ٣٩ وَلٰكِنِ ٱعْلَمُوا هٰذَا، أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ ٱلْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي ٱلسَّارِقُ، لَظَلَّ سَاهِرًا وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُقْتَحَمُ.+ ٤٠ فَٱبْقَوْا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ».+
٤١ ثُمَّ قَالَ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، أَتَقُولُ هٰذَا ٱلْمَثَلَ لَنَا أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟». ٤٢ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: «مَنْ هُوَ ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ+ ٱلْفَطِينُ،+ ٱلَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى هَيْئَةِ خَدَمِهِ لِيُدَاوِمَ عَلَى إِعْطَائِهِمْ حِصَّتَهُمْ مِنَ ٱلطَّعَامِ فِي حِينِهَا؟+ ٤٣ يَا لَسَعَادَةِ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ، إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ وَوَجَدَهُ يَفْعَلُ هٰكَذَا!+ ٤٤ بِٱلْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُمْتَلَكَاتِهِ.+ ٤٥ وَلٰكِنْ، إِنْ قَالَ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ: ‹سَيِّدِي يَتَأَخَّرُ فِي مَجِيئِهِ›،+ وَٱبْتَدَأَ يَضْرِبُ ٱلْغِلْمَانَ وَٱلْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ،+ ٤٦ يَأْتِي سَيِّدُ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لَا يَتَرَقَّبُهُ وَفِي سَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا،+ وَيُعَاقِبُهُ عِقَابًا شَدِيدًا وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ غَيْرِ ٱلْأُمَنَاءِ.+ ٤٧ فَذٰلِكَ ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي فَهِمَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ وَلَمْ يَسْتَعِدَّ وَلَمْ يَفْعَلْ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ، يُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا.+ ٤٨ وَأَمَّا ٱلَّذِي لَمْ يَفْهَمْ+ وَفَعَلَ مَا يَسْتَحِقُّ ٱلضَّرْبَ، فَيُضْرَبُ قَلِيلًا.+ فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطَالَبُ بِكَثِيرٍ،+ وَمَنْ عَهِدُوا إِلَيْهِ بِكَثِيرٍ يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنَ ٱلْمُعْتَادِ.+
٤٩ «جِئْتُ لِأُوقِدَ نَارًا+ عَلَى ٱلْأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ بَعْدُ مَا دَامَتْ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ؟ ٥٠ وَلِي مَعْمُودِيَّةٌ أَعْتَمِدُ بِهَا، وَمَا أَعْظَمَ شِدَّتِي حَتَّى تَنْتَهِيَ!+ ٥١ أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لِأُعْطِيَ سَلَامًا عَلَى ٱلْأَرْضِ؟ أَقُولُ لَكُمْ: كَلَّا، بَلْ بِٱلْأَحْرَى ٱنْقِسَامًا.+ ٥٢ فَمُنْذُ ٱلْآنَ سَيَكُونُ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ، ثَلَاثَةٌ عَلَى ٱثْنَيْنِ وَٱثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ.+ ٥٣ يَنْقَسِمُ ٱلْأَبُ عَلَى ٱلِٱبْنِ وَٱلِٱبْنُ عَلَى ٱلْأَبِ، وَٱلْأُمُّ عَلَى ٱلِٱبْنَةِ وَٱلِٱبْنَةُ عَلَى أُمِّهَا، وَٱلْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَٱلْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».+
٥٤ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوعِ: «مَتَى رَأَيْتُمْ سَحَابَةً تَطْلُعُ فِي ٱلْمَغَارِبِ، قُلْتُمْ عَلَى ٱلْفَوْرِ: ‹عَاصِفَةُ مَطَرٍ آتِيَةٌ›، فَيَكُونُ هٰكَذَا.+ ٥٥ وَمَتَى رَأَيْتُمْ رِيحًا جَنُوبِيَّةً تَهُبُّ، قُلْتُمْ: ‹سَتَكُونُ مَوْجَةُ حَرٍّ›، فَتَكُونُ. ٥٦ يَا مُرَاؤُونَ، تَعْرِفُونَ أَنْ تَفْحَصُوا مَظْهَرَ ٱلْأَرْضِ وَٱلسَّمَاءِ، وَأَمَّا هٰذَا ٱلْوَقْتُ ٱلْخُصُوصِيُّ، فَكَيْفَ لَا تَعْرِفُونَ أَنْ تَفْحَصُوهُ؟+ ٥٧ وَلِمَ لَا تَحْكُمُونَ بِٱلْبِرِّ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُمْ؟+ ٥٨ فَحِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى ٱلْحَاكِمِ، ٱعْمَلْ وَأَنْتَ فِي ٱلطَّرِيقِ عَلَى أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنَ ٱلْمُنَازَعَةِ مَعَهُ، لِئَلَّا يَسُوقَكَ أَمَامَ ٱلْقَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ ٱلْقَاضِي إِلَى مُنَفِّذِ ٱلْأَحْكَامِ، وَيُلْقِيَكَ مُنَفِّذُ ٱلْأَحْكَامِ فِي ٱلسِّجْنِ.+ ٥٩ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى تُسَدِّدَ آخِرَ فَلْسٍ».+
١٣ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ، كَانَ حَاضِرًا قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ+ ٱلَّذِينَ مَزَجَ بِيلَاطُسُ دَمَهُمْ بِدَمِ ذَبَائِحِهِمْ. ٢ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً+ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ لِأَنَّهُمْ عَانَوْا ذٰلِكَ؟ ٣ أَقُولُ لَكُمْ: كَلَّا، بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا، فَكُلُّكُمْ كَذٰلِكَ سَتَهْلِكُونَ.+ ٤ أَوْ أُولٰئِكَ ٱلثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ٱلَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمِ ٱلْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ فَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَدْيُونِينَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلنَّاسِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ ٥ أَقُولُ لَكُمْ: كَلَّا، بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا، فَسَتَهْلِكُونَ كُلُّكُمْ مِثْلَهُمْ».+
٦ ثُمَّ قَالَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ: «كَانَ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ،+ فَجَاءَ يَطْلُبُ ثَمَرًا عَلَيْهَا+ فَلَمْ يَجِدْ.+ ٧ فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: ‹هَا إِنَّ لِي ثَلَاثَ سِنِينَ+ آتِي وَأَطْلُبُ ثَمَرًا عَلَى شَجَرَةِ ٱلتِّينِ هٰذِهِ فَلَا أَجِدُ. اِقْطَعْهَا!+ لِمَاذَا تُعَطِّلُ ٱلْأَرْضَ؟›. ٨ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: ‹يَا سَيِّدُ، ٱتْرُكْهَا+ هٰذِهِ ٱلسَّنَةَ أَيْضًا، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلًا. ٩ فَإِنْ أَنْتَجَتْ ثَمَرًا فِي مَا بَعْدُ، فَذٰلِكَ حَسَنٌ، وَإِلَّا فَتَقْطَعُهَا›».+
١٠ وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ ٱلْمَجَامِعِ فِي ٱلسَّبْتِ. ١١ وَإِذَا ٱمْرَأَةٌ بِهَا رُوحٌ+ أَمْرَضَهَا مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْتَصِبَ أَلْبَتَّةَ. ١٢ فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ، خَاطَبَهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَةُ، أَنْتِ فِي حِلٍّ+ مِنْ مَرَضِكِ». ١٣ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهَا، فَٱسْتَقَامَتْ فِي ٱلْحَالِ،+ وَٱبْتَدَأَتْ تُمَجِّدُ ٱللّٰهَ. ١٤ فَٱغْتَاظَ رَئِيسُ ٱلْمَجْمَعِ لِأَنَّ يَسُوعَ أَبْرَأَ فِي ٱلسَّبْتِ، وَقَالَ لِلْجَمْعِ: «هُنَاكَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي ٱلْعَمَلُ فِيهَا،+ فَفِي هٰذِهِ تَعَالَوْا وَٱبْرَأُوا، لَا فِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ».+ ١٥ وَلٰكِنَّ ٱلرَّبَّ أَجَابَهُ وَقَالَ: «يَا مُرَاؤُونَ،+ أَلَا يَفُكُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ ٱلْمَرْبِطِ وَيَمْضِي بِهِ لِيَسْقِيَهُ؟+ ١٦ فَهٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي هِيَ ٱبْنَةٌ لِإِبْرَاهِيمَ+ وَقَدْ قَيَّدَهَا ٱلشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُحَلَّ مِنْ هٰذَا ٱلْقَيْدِ فِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ؟». ١٧ وَلَمَّا قَالَ هٰذَا شَعَرَ كُلُّ مُعَارِضِيهِ بِٱلْخِزْيِ،+ أَمَّا ٱلْجَمْعُ كُلُّهُ فَفَرِحَ بِجَمِيعِ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَجِيدَةِ ٱلَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا.+
١٨ ثُمَّ قَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ، وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟+ ١٩ يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَجَعَلَهَا فِي بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً، وَٱتَّخَذَتْ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ+ مَأْوًى فِي أَغْصَانِهَا».+
٢٠ وَقَالَ أَيْضًا: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ؟ ٢١ يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا ٱمْرَأَةٌ وَأَخْفَتْهَا فِي ثَلَاثَةِ أَكْيَالٍ كَبِيرَةٍ مِنَ ٱلطَّحِينِ حَتَّى ٱخْتَمَرَ ٱلْجَمِيعُ».+
٢٢ وَكَانَ يَجْتَازُ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ وَمِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ، فَيُعَلِّمُ فِيهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ إِلَى أُورُشَلِيمَ.+ ٢٣ فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا رَبُّ، هَلِ ٱلَّذِينَ يَخْلُصُونَ قَلِيلُونَ؟».+ فَقَالَ لَهُمْ: ٢٤ «اِجْتَهِدُوا+ بِقُوَّةٍ أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ ٱلْبَابِ ٱلضَّيِّقِ،+ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ،+ ٢٥ حِينَ يَكُونُ رَبُّ ٱلْبَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَقْفَلَ ٱلْبَابَ، وَتَبْتَدِئُونَ تَقِفُونَ خَارِجًا وَتَقْرَعُونَ ٱلْبَابَ، قَائِلِينَ: ‹يَا سَيِّدُ، ٱفْتَحْ لَنَا›.+ وَلٰكِنَّهُ يُجِيبُكُمْ وَيَقُولُ: ‹لَا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ›.+ ٢٦ فَتَبْتَدِئُونَ تَقُولُونَ: ‹أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا أَمَامَكَ، وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعِنَا ٱلرَّئِيسِيَّةِ›.+ ٢٧ فَيَتَكَلَّمُ وَيَقُولُ لَكُمْ: ‹لَا أَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ. اِبْتَعِدُوا عَنِّي يَا جَمِيعَ عَامِلِي ٱلْإِثْمِ!›.+ ٢٨ هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلْأَسْنَانِ،+ عِنْدَمَا تَرَوْنَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلَّ ٱلْأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ،+ وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجًا. ٢٩ وَيَأْتُونَ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ وَٱلْمَغَارِبِ، وَمِنَ ٱلشَّمَالِ وَٱلْجَنُوبِ،+ وَيَتَّكِئُونَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ.+ ٣٠ وَهُوَذَا آخِرُونَ يَصِيرُونَ أَوَّلِينَ، وَأَوَّلُونَ يَصِيرُونَ آخِرِينَ».+
٣١ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا، دَنَا قَوْمٌ مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلِينَ لَهُ: «اُخْرُجْ وَٱذْهَبْ مِنْ هُنَا، لِأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ». ٣٢ فَقَالَ لَهُمْ: «اِذْهَبُوا وَقُولُوا لِهٰذَا ٱلثَّعْلَبِ:+ ‹هَا أَنَا أُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ وَأُجْرِي ٱلشِّفَاءَ ٱلْيَوْمَ وَغَدًا، وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ أَنْتَهِي›.+ ٣٣ إِنَّمَا لَا بُدَّ أَنْ أُوَاصِلَ ٱلسَّيْرَ ٱلْيَوْمَ وَغَدًا وَٱلَّذِي بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجَ أُورُشَلِيمَ.+ ٣٤ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ+ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ+ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلَادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا،+ وَلَمْ تُرِيدُوا!+ ٣٥ هَا هُوَ بَيْتُكُمْ+ يُتْرَكُ لَكُمْ. وَأَقُولُ لَكُمْ: لَنْ تَرَوْنِي أَلْبَتَّةَ حَتَّى تَقُولُوا: ‹مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ!›».+
١٤ وَذَاتَ مَرَّةٍ، إِذْ دَخَلَ إِلَى بَيْتِ أَحَدِ رُؤَسَاءِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ فِي ٱلسَّبْتِ لِتَنَاوُلِ ٱلطَّعَامِ،+ كَانُوا يُرَاقِبُونَهُ عَنْ كَثَبٍ.+ ٢ وَإِذَا أَمَامَهُ إِنْسَانٌ بِهِ ٱسْتِسْقَاءٌ. ٣ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَكَلَّمَ ٱلْمُتَضَلِّعِينَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلًا: «أَيَحِلُّ ٱلْإِبْرَاءُ فِي ٱلسَّبْتِ أَمْ لَا؟».+ ٤ وَلٰكِنَّهُمْ ظَلُّوا سَاكِتِينَ. فَأَمْسَكَ بِهِ وَشَفَاهُ وَصَرَفَهُ. ٥ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ مِنْكُمْ يَسْقُطُ ٱبْنُهُ أَوْ ثَوْرُهُ فِي بِئْرٍ+ وَلَا يُخْرِجُهُ حَالًا فِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ؟».+ ٦ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُجَاوِبُوا عَنْ هٰذَا.+
٧ ثُمَّ كَلَّمَ ٱلْمَدْعُوِّينَ بِمَثَلٍ، إِذْ لَاحَظَ كَيْفَ كَانُوا يَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمِ ٱلْأَمَاكِنَ ٱلْأَبْرَزَ، قَائِلًا لَهُمْ:+ ٨ «مَتَى دَعَاكَ أَحَدٌ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ، فَلَا تَتَّكِئْ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْأَبْرَزِ.+ فَلَعَلَّهُ كَانَ قَدْ دَعَى آنَذَاكَ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ قَدْرًا، ٩ فَيَأْتِي ٱلَّذِي دَعَاكَ وَدَعَاهُ وَيَقُولُ لَكَ: ‹أَعْطِ ٱلْمَكَانَ لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ›. فَحِينَئِذٍ تَنْهَضُ بِخِزْيٍ لِتَشْغَلَ ٱلْمَكَانَ ٱلْأَوْضَعَ.+ ١٠ بَلْ مَتَى دُعِيتَ، فَٱذْهَبْ وَٱتَّكِئْ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْأَوْضَعِ،+ حَتَّى إِذَا جَاءَ ٱلَّذِي دَعَاكَ، يَقُولُ لَكَ: ‹يَا صَدِيقُ، ٱرْتَفِعْ إِلَى أَعْلَى›. فَحِينَئِذٍ تَنَالُ كَرَامَةً أَمَامَ كُلِّ ٱلضُّيُوفِ مَعَكَ.+ ١١ فَكُلُّ مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ».+
١٢ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلَّذِي دَعَاهُ: «مَتَى صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً، فَلَا تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلَا إِخْوَتَكَ وَلَا أَنْسِبَاءَكَ وَلَا ٱلْجِيرَانَ ٱلْأَغْنِيَاءَ. فَلَعَلَّهُمْ يَدْعُونَكَ هُمْ أَيْضًا فِي ٱلْمُقَابِلِ، فَتَكُونَ لَكَ مُجَازَاةٌ. ١٣ بَلْ مَتَى صَنَعْتَ وَلِيمَةً، فَٱدْعُ ٱلْفُقَرَاءَ وَٱلْكُسْحَ وَٱلْعُرْجَ وَٱلْعُمْيَ،+ ١٤ فَتَكُونَ سَعِيدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مَا يُجَازُونَكَ بِهِ. فَإِنَّكَ تُجَازَى فِي قِيَامَةِ+ ٱلْأَبْرَارِ».
١٥ وَإِذْ سَمِعَ هٰذَا وَاحِدٌ مِنَ ٱلضُّيُوفِ مَعَهُ، قَالَ لَهُ: «سَعِيدٌ هُوَ ٱلَّذِي يَأْكُلُ خُبْزًا فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».+
١٦ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْسَانٌ صَنَعَ عَشَاءً عَظِيمًا، وَدَعَا كَثِيرِينَ.+ ١٧ وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ سَاعَةَ ٱلْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: ‹تَعَالَوْا،+ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ ٱلْآنَ مُعَدٌّ›. ١٨ فَٱبْتَدَأُوا كُلُّهُمْ يَسْتَعْفُونَ+ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ. قَالَ لَهُ ٱلْأَوَّلُ: ‹اِشْتَرَيْتُ حَقْلًا وَعَلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْذِرَنِي›.+ ١٩ وَقَالَ آخَرُ: ‹اِشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ فَدَادِينِ بَقَرٍ، وَأَنَا ذَاهِبٌ لِأَفْحَصَهَا، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْذِرَنِي›.+ ٢٠ وَقَالَ آخَرُ أَيْضًا: ‹قَدْ تَزَوَّجْتُ+ ٱمْرَأَةً، فَلِذٰلِكَ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَجِيءَ›. ٢١ فَجَاءَ ٱلْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِهٰذَا. حِينَئِذٍ سَخِطَ رَبُّ ٱلْبَيْتِ وَقَالَ لِعَبْدِهِ: ‹اُخْرُجْ سَرِيعًا إِلَى شَوَارِعِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا ٱلْفُقَرَاءَ وَٱلْكُسْحَ وَٱلْعُمْيَ وَٱلْعُرْجَ›.+ ٢٢ وَبَعْدَ وَقْتٍ، قَالَ ٱلْعَبْدُ: ‹يَا سَيِّدُ، قَدْ أُجْرِيَ مَا أَمَرْتَ بِهِ، وَلَا يَزَالُ هُنَاكَ مَكَانٌ›. ٢٣ فَقَالَ ٱلسَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: ‹اُخْرُجْ إِلَى ٱلطُّرُقِ+ وَٱلْأَمَاكِنِ ٱلْمُسَيَّجَةِ، وَأَلْزِمْهُمْ بِٱلدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَيْتِي.+ ٢٤ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يَذُوقَ عَشَائِي أَحَدٌ مِنْ أُولٰئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلْمَدْعُوِّينَ›».+
٢٥ وَكَانَتْ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مُسَافِرَةً مَعَهُ، فَٱلْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: ٢٦ «إِنْ أَتَى أَحَدٌ إِلَيَّ وَلَمْ يُبْغِضْ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، بَلْ نَفْسَهُ أَيْضًا،+ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.+ ٢٧ مَنْ لَا يَحْمِلْ خَشَبَةَ آلَامِهِ وَيَأْتِ وَرَائِي فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.+ ٢٨ فَمَنْ مِنْكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا وَلَا يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَحْسُبُ ٱلنَّفَقَةَ،+ لِيَرَى هَلْ عِنْدَهُ مَا يَكْفِي لِإِتْمَامِهِ؟ ٢٩ وَإِلَّا فَقَدْ يَضَعُ أَسَاسَهُ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُنْهِيَهُ، وَيَبْتَدِئُ جَمِيعُ ٱلنَّاظِرِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، ٣٠ قَائِلِينَ: ‹هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ ٱبْتَدَأَ يَبْنِي وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُنْهِيَ›. ٣١ أَمْ أَيُّ مَلِكٍ سَائِرٍ لِلِقَاءِ مَلِكٍ آخَرَ فِي حَرْبٍ، لَا يَجْلِسُ أَوَّلًا وَيَتَشَاوَرُ هَلْ يَقْدِرُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ ٱلْعَسْكَرِ أَنْ يُوَاجِهَ مَنْ يَأْتِي عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا؟+ ٣٢ وَإِلَّا فَمَا دَامَ ذَاكَ بَعِيدًا، يُرْسِلُ وَفْدًا مِنَ ٱلسُّفَرَاءِ وَيَلْتَمِسُ ٱلسَّلَامَ.+ ٣٣ وَهٰكَذَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَا يَتْرُكُ كُلَّ مُمْتَلَكَاتِهِ،+ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.
٣٤ «إِنَّ ٱلْمِلْحَ جَيِّدٌ. وَلٰكِنْ إِذَا تَفِهَ ٱلْمِلْحُ، فَبِمَاذَا يُطَيَّبُ؟+ ٣٥ لَا يَصْلُحُ لِتُرْبَةٍ وَلَا لِزِبْلٍ. فَيُلْقُونَهُ خَارِجًا. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ».+
١٥ وَكَانَ جَمِيعُ جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ+ وَٱلْخُطَاةِ+ يَقْتَرِبُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. ٢ فَصَارَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱلْكَتَبَةُ يُدَمْدِمُونَ، قَائِلِينَ: «هٰذَا يُرَحِّبُ بِٱلْخُطَاةِ وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ».+ ٣ فَكَلَّمَهُمْ بِهٰذَا ٱلْمَثَلِ، قَائِلًا: ٤ «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ وَأَضَاعَ وَاحِدًا مِنْهَا، لَا يَتْرُكُ ٱلتِّسْعَةَ وَٱلتِّسْعِينَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ وَيَذْهَبُ لِأَجْلِ ٱلضَّائِعِ حَتَّى يَجِدَهُ؟+ ٥ وَعِنْدَمَا يَجِدُهُ يَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْهِ فَرِحًا.+ ٦ وَإِذْ يَصِلُ إِلَى بَيْتِهِ يَجْمَعُ أَصْدِقَاءَهُ وَجِيرَانَهُ، قَائِلًا لَهُمْ: ‹اِفْرَحُوا مَعِي، لِأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي ٱلضَّائِعَ›.+ ٧ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ هٰكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي ٱلسَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ+ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ.+
٨ «أَمْ أَيُّ ٱمْرَأَةٍ لَهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، إِذَا أَضَاعَتْ دِرْهَمًا وَاحِدًا، لَا تُوقِدُ سِرَاجًا وَتَكْنُسُ بَيْتَهَا وَتَبْحَثُ بِٱعْتِنَاءٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟ ٩ وَعِنْدَمَا تَجِدُهُ تَجْمَعُ صَدِيقَاتِهَا وَجَارَاتِهَا، قَائِلَةً: ‹اِفْرَحْنَ مَعِي، لِأَنِّي وَجَدْتُ ٱلدِّرْهَمَ ٱلَّذِي أَضَعْتُهُ›. ١٠ أَقُولُ لَكُمْ: هٰكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ بَيْنَ مَلَائِكَةِ ٱللّٰهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ».+
١١ ثُمَّ قَالَ: «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ٱبْنَانِ.+ ١٢ فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لِأَبِيهِ: ‹يَا أَبِي، أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ ٱلْأَمْلَاكِ›.+ فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ.+ ١٣ وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ كَثِيرَةً، جَمَعَ ٱلِٱبْنُ ٱلْأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَهُنَاكَ بَدَّدَ مَا يَمْلِكُ عَائِشًا حَيَاةً خَلِيعَةً.+ ١٤ وَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ، حَدَثَتْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ فِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَدِ، فَٱبْتَدَأَ يَحْتَاجُ. ١٥ حَتَّى إِنَّهُ ذَهَبَ وَٱلْتَحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ مُوَاطِنِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَدِ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ.+ ١٦ وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنْ قُرُونِ ٱلْخَرُّوبِ ٱلَّتِي كَانَتِ ٱلْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهَا، فَلَا يُعْطِيهِ أَحَدٌ شَيْئًا.+
١٧ «وَلَمَّا عَادَ إِلَى رُشْدِهِ قَالَ: ‹كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لِأَبِي يَكْثُرُ عِنْدَهُ ٱلْخُبْزُ، وَأَنَا أَهْلِكُ هُنَا مِنَ ٱلْجُوعِ! ١٨ أَقُومُ وَأُسَافِرُ+ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: «يَا أَبِي، قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ.+ ١٩ وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ٱبْنَكَ. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ»›. ٢٠ فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا، أَبْصَرَهُ أَبُوهُ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ، وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. ٢١ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ ٱلِٱبْنُ: ‹يَا أَبِي، قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ.+ وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ٱبْنَكَ. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ›.+ ٢٢ أَمَّا ٱلْأَبُ فَقَالَ لِعَبِيدِهِ: ‹أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا أَفْضَلَ حُلَّةٍ وَأَلْبِسُوهُ،+ وَٱجْعَلُوا خَاتَمًا+ فِي يَدِهِ وَنَعْلَيْنِ فِي قَدَمَيْهِ. ٢٣ وَأْتُوا بِٱلْعِجْلِ ٱلْمُسَمَّنِ+ وَٱذْبَحُوهُ، وَلْنَأْكُلْ وَنَسْتَمْتِعْ، ٢٤ لِأَنَّ ٱبْنِي هٰذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ،+ كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ›. فَٱبْتَدَأُوا يَسْتَمْتِعُونَ.
٢٥ «وَكَانَ ٱبْنُهُ ٱلْأَكْبَرُ+ فِي ٱلْحَقْلِ. فَلَمَّا جَاءَ وَٱقْتَرَبَ مِنَ ٱلْبَيْتِ، سَمِعَ عَزْفَ آلَاتٍ وَرَقْصًا. ٢٦ فَدَعَا أَحَدَ ٱلْخَدَمِ وَٱسْتَعْلَمَهُ عَمَّا يَكُونُ هٰذَا. ٢٧ فَقَالَ لَهُ: ‹قَدْ أَتَى أَخُوكَ،+ فَذَبَحَ أَبُوكَ+ ٱلْعِجْلَ ٱلْمُسَمَّنَ، لِأَنَّهُ ٱسْتَعَادَهُ فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ›. ٢٨ وَلٰكِنَّهُ سَخِطَ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَدْخُلَ. فَخَرَجَ أَبُوهُ وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ.+ ٢٩ فَأَجَابَ وَقَالَ لِأَبِيهِ: ‹هَا أَنَا أَخْدُمُكَ كَعَبْدٍ سِنِينَ كَثِيرَةً جِدًّا وَلَمْ أَتَعَدَّ وَصِيَّتَكَ قَطُّ، وَمَعَ ذٰلِكَ لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ جَدْيًا لِأَسْتَمْتِعَ مَعَ أَصْدِقَائِي.+ ٣٠ وَلٰكِنْ مَا إِنْ جَاءَ ٱبْنُكَ هٰذَا+ ٱلَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ مَعَ ٱلْعَاهِرَاتِ،+ حَتَّى ذَبَحْتَ لَهُ ٱلْعِجْلَ ٱلْمُسَمَّنَ›.+ ٣١ فَقَالَ لَهُ: ‹يَا وَلَدِي، أَنْتَ مَعِي كُلَّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ.+ ٣٢ وَلٰكِنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَفْرَحَ، لِأَنَّ أَخَاكَ هٰذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ، وَكَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ›».+
١٦ ثُمَّ قَالَ أَيْضًا لِلتَّلَامِيذِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيًّا وَلَهُ وَكِيلٌ،+ فَٱتُّهِمَ هٰذَا لَدَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ.+ ٢ فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: ‹مَا هٰذَا ٱلَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ+ وِكَالَتِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُدَبِّرَ ٱلْبَيْتَ بَعْدُ›. ٣ فَقَالَ ٱلْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: ‹مَاذَا أَفْعَلُ، وَسَيِّدِي+ يَنْزِعُ عَنِّي ٱلْوِكَالَةَ؟ فَأَنَا لَسْتُ قَوِيًّا كِفَايَةً لِأَنْقُبَ، وَأَخْجَلُ أَنْ أَتَسَوَّلَ. ٤ قَدْ عَرَفْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى مَتَى خُلِعْتُ عَنِ ٱلْوِكَالَةِ يَقْبَلُونَنِي فِي بُيُوتِهِمْ›.+ ٥ فَدَعَا إِلَيْهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلْأَوَّلِ: ‹كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟›. ٦ فَقَالَ: ‹مِئَةُ بَثٍّ مِنْ زَيْتِ ٱلزَّيْتُونِ›. فَقَالَ لَهُ: ‹خُذْ صَكَّكَ وَٱجْلِسْ وَٱكْتُبْ سَرِيعًا خَمْسِينَ›. ٧ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: ‹وَأَنْتَ، كَمْ عَلَيْكَ؟›. فَقَالَ: ‹مِئَةُ كُرٍّ مِنَ ٱلْحِنْطَةِ›. فَقَالَ لَهُ: ‹خُذْ صَكَّكَ وَٱكْتُبْ ثَمَانِينَ›. ٨ فَأَثْنَى ٱلسَّيِّدُ عَلَى ٱلْوَكِيلِ ٱلْأَثِيمِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِحِكْمَةٍ.+ فَأَبْنَاءُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا هُمْ مِنْ جِهَةِ جِيلِهِمْ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ ٱلنُّورِ.+
٩ «وَأَنَا أَقُولُ لَكُمْ: اِصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ+ بِٱلْمَالِ ٱلْأَثِيمِ،+ حَتَّى مَتَى نَفِدَ هٰذَا يَقْبَلُونَكُمْ فِي ٱلْمَسَاكِنِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.+ ١٠ اَلْأَمِينُ فِي ٱلْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضًا فِي ٱلْكَثِيرِ، وَٱلْأَثِيمُ فِي ٱلْقَلِيلِ أَثِيمٌ أَيْضًا فِي ٱلْكَثِيرِ.+ ١١ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي ٱلْمَالِ ٱلْأَثِيمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى ٱلْمَالِ ٱلْحَقِّ؟+ ١٢ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ،+ فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ ١٣ لَا يَسْتَطِيعُ خَادِمُ بَيْتٍ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِرَبَّيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَيُحِبَّ ٱلْآخَرَ، أَوْ يَلْتَصِقَ بِٱلْوَاحِدِ وَيَحْتَقِرَ ٱلْآخَرَ. لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَكُونُوا عَبِيدًا لِلّٰهِ وَلِلْمَالِ».+
١٤ وَكَانَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ، وَهُمْ مُحِبُّونَ لِلْمَالِ، يَسْمَعُونَ هٰذَا كُلَّهُ وَيَضْحَكُونَ مُسْتَهْزِئِينَ بِهِ.+ ١٥ فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمُ ٱلَّذِينَ تُبَرِّرُونَ أَنْفُسَكُمْ أَمَامَ ٱلنَّاسِ،+ وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ يَعْرِفُ قُلُوبَكُمْ،+ لِأَنَّ مَا هُوَ شَامِخٌ بَيْنَ ٱلنَّاسِ هُوَ رِجْسٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ.+
١٦ «كَانَتِ ٱلشَّرِيعَةُ وَٱلْأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا.+ وَمُنْذُ ذٰلِكَ ٱلْحِينِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، وَشَتَّى ٱلنَّاسِ يَسْعَوْنَ بِعَزْمٍ نَحْوَهُ.+ ١٧ وَإِنَّهُ لَأَسْهَلُ أَنْ تَزُولَ ٱلسَّمَاءُ وَٱلْأَرْضُ+ مِنْ أَنْ يَمْضِيَ جُزْءٌ+ مِنْ حَرْفٍ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ دُونَ إِتْمَامٍ.+
١٨ «كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى زَنَى، وَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةً مِنْ زَوْجِهَا زَنَى.+
١٩ «كَانَ إِنْسَانٌ+ غَنِيٌّ يَلْبَسُ ٱلْأُرْجُوَانَ وَٱلْكَتَّانَ، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِبَذْخٍ كُلَّ يَوْمٍ.+ ٢٠ وَكَانَ مُتَسَوِّلٌ ٱسْمُهُ لِعَازَرُ يُوضَعُ عِنْدَ بَابِهِ، وَهُوَ مَلْآنٌ قُرُوحًا ٢١ وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِمَّا يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ ٱلْغَنِيِّ. بَلْ كَانَتِ ٱلْكِلَابُ أَيْضًا تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. ٢٢ ثُمَّ مَاتَ ٱلْمُتَسَوِّلُ+ فَحَمَلَتْهُ ٱلْمَلَائِكَةُ إِلَى حِضْنِ+ إِبْرَاهِيمَ.+
«وَمَاتَ ٱلْغَنِيُّ+ أَيْضًا فَدُفِنَ. ٢٣ وَفِي هَادِسَ رَفَعَ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ فِي ٱلْعَذَابِ،+ وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ. ٢٤ فَنَادَى وَقَالَ: ‹يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ،+ ٱرْحَمْنِي وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَغْمِسَ طَرَفَ إِصْبَعِهِ فِي ٱلْمَاءِ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي،+ لِأَنِّي فِي كَرْبٍ فِي هٰذِهِ ٱلنَّارِ ٱلْمُتَّقِدَةِ›.+ ٢٥ وَلٰكِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ‹يَا وَلَدِي، ٱذْكُرْ أَنَّكَ نِلْتَ خَيْرَاتِكَ كَامِلًا فِي حَيَاتِكَ، وَلِعَازَرُ نَالَ ٱلْأَذَى. وَلٰكِنَّهُ ٱلْآنَ يَتَعَزَّى هُنَا، أَمَّا أَنْتَ فَفِي كَرْبٍ.+ ٢٦ وَفَوْقَ هٰذَا كُلِّهِ، فَقَدْ أُثْبِتَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ+ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ،+ حَتَّى إِنَّ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْتَازُوا مِنْ هُنَا إِلَيْكُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ، وَلَا ٱلَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يُمْكِنُ أَنْ يَعْبُرُوا إِلَيْنَا›.+ ٢٧ فَقَالَ: ‹أَسْأَلُكَ إِذًا، يَا أَبِي، أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى بَيْتِ أَبِي، ٢٨ لِأَنَّ لِي خَمْسَةَ إِخْوَةٍ، حَتَّى يَشْهَدَ لَهُمْ كَامِلًا لِكَيْلَا يَصِيرُوا هُمْ أَيْضًا إِلَى مَوْضِعِ ٱلْعَذَابِ هٰذَا›. ٢٩ وَلٰكِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ‹عِنْدَهُمْ مُوسَى+ وَٱلْأَنْبِيَاءُ،+ فَلْيَسْمَعُوا لَهُمْ›.+ ٣٠ فَقَالَ: ‹كَلَّا، يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ، بَلْ إِذَا ذَهَبَ إِلَيْهِمْ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ يَتُوبُونَ›. ٣١ فَقَالَ لَهُ: ‹إِنْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَ لِمُوسَى+ وَٱلْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُمْ وَلَا إِنْ قَامَ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ يَقْتَنِعُونَ›».
١٧ ثُمَّ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ ٱلْمَعَاثِرُ.+ وَلٰكِنْ، وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ!+ ٢ خَيْرٌ لَهُ لَوْ عُلِّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ رَحًى وَأُلْقِيَ فِي ٱلْبَحْرِ،+ مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هٰؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ.+ ٣ اِنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ. إِذَا ٱرْتَكَبَ أَخُوكَ خَطِيَّةً فَٱنْتَهِرْهُ،+ وَإِذَا تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ.+ ٤ وَإِذَا أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي ٱلْيَوْمِ وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَائِلًا: ‹أَنَا تَائِبٌ›، يَجِبُ أَنْ تَغْفِرَ لَهُ».+
٥ وَقَالَ ٱلرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْنَا إِيمَانًا».+ ٦ فَقَالَ ٱلرَّبُّ: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ بِمِقْدَارِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِشَجَرَةِ ٱلتُّوتِ هٰذِهِ: ‹اِنْقَلِعِي مِنْ أَصْلِكِ وَٱنْغَرِسِي فِي ٱلْبَحْرِ!›، فَتُطِيعُكُمْ.+
٧ «مَنْ مِنْكُمْ لَهُ عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، يَقُولُ لَهُ مَتَى دَخَلَ مِنَ ٱلْحَقْلِ: ‹تَعَالَ فِي ٱلْحَالِ وَٱتَّكِئْ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ›؟ ٨ أَلَا يَقُولُ لَهُ بِٱلْأَحْرَى: ‹أَعِدَّ لِي مَا أَتَعَشَّى، وَٱتَّزِرْ وَٱخْدُمْنِي حَتَّى إِذَا مَا فَرَغْتُ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ تَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْرَبُ›؟ ٩ أَيَشْعُرُ بِأَنَّ لِلْعَبْدِ فَضْلًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُوكِلَ إِلَيْهِ؟ ١٠ هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُوكِلَ إِلَيْكُمْ، فَقُولُوا: ‹نَحْنُ عَبِيدٌ لَا نَصْلُحُ لِشَيْءٍ.+ قَدْ فَعَلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ›».
١١ وَفِي ذَهَابِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، مَرَّ فِي وَسَطِ ٱلسَّامِرَةِ وَٱلْجَلِيلِ.+ ١٢ وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى إِحْدَى ٱلْقُرَى، لَاقَاهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ،+ إِلَّا أَنَّهُمْ وَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ. ١٣ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ قَائِلِينَ: «يَا يَسُوعُ، يَا مُعَلِّمُ، ٱرْحَمْنَا!».+ ١٤ فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ قَالَ لَهُمْ: «اِذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ».+ وَفِيمَا هُمْ ذَاهِبُونَ طَهُرُوا.+ ١٥ وَإِنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ، لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ، عَادَ وَهُوَ يُمَجِّدُ+ ٱللّٰهَ بِصَوْتٍ عَالٍ. ١٦ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ قَدَمَيْ+ يَسُوعَ يَشْكُرُهُ، وَكَانَ سَامِرِيًّا.+ ١٧ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَمَا طَهُرَ ٱلْعَشَرَةُ؟ فَأَيْنَ ٱلتِّسْعَةُ ٱلْآخَرُونَ؟ ١٨ أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعُودُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا لِلّٰهِ سِوَى هٰذَا ٱلَّذِي مِنْ أُمَّةٍ أُخْرَى؟». ١٩ وَقَالَ لَهُ: «قُمْ وَٱمْضِ فِي سَبِيلِكَ، إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ».+
٢٠ وَإِذْ سَأَلَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ،+ أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لَا يَأْتِي مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ عَلَى وَجْهٍ لَافِتٍ، ٢١ وَلَا يَقُولُونَ: ‹هُوَذَا هُنَا!›، أَوْ: ‹هُنَاكَ!›.+ فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ فِي وَسْطِكُمْ».+
٢٢ ثُمَّ قَالَ لِلتَّلَامِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيهَا أَنْ تَرَوْا أَحَدَ أَيَّامِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ، فَلَا تَرَوْنَ.+ ٢٣ وَيَقُولُونَ لَكُمْ: ‹هُوَذَا هُنَاكَ!›، أَوْ: ‹هُوَذَا هُنَا!›.+ فَلَا تَذْهَبُوا وَلَا تَجْرُوا وَرَاءَهُمْ.+ ٢٤ فَكَمَا أَنَّ ٱلْبَرْقَ+ يُضِيءُ بِبَرِيقِهِ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، كَذٰلِكَ يَكُونُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ.+ ٢٥ وَلٰكِنْ لَا بُدَّ لَهُ أَوَّلًا أَنْ يُقَاسِيَ آلَامًا كَثِيرَةً وَيُرْفَضَ مِنْ هٰذَا ٱلْجِيلِ.+ ٢٦ وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ،+ كَذٰلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ:+ ٢٧ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَٱلرِّجَالُ يَتَزَوَّجُونَ وَٱلنِّسَاءُ يُزَوَّجْنَ، إِلَى ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ ٱلْفُلْكَ، فَجَاءَ ٱلطُّوفَانُ وَأَهْلَكَهُمْ جَمِيعًا.+ ٢٨ وَكَذٰلِكَ، كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ:+ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ. ٢٩ وَلٰكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَتِ ٱلسَّمَاءُ نَارًا وَكِبْرِيتًا وَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعًا.+ ٣٠ هٰكَذَا يَكُونُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ يُكْشَفُ عَنِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ.+
٣١ «فَمَنْ كَانَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَلَى ٱلسَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي ٱلْبَيْتِ، فَلَا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كَانَ خَارِجًا فِي ٱلْحَقْلِ، فَلَا يَعُدْ كَذٰلِكَ إِلَى مَا هُوَ وَرَاءُ. ٣٢ اُذْكُرُوا زَوْجَةَ لُوطٍ.+ ٣٣ مَنْ طَلَبَ أَنْ يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَخْسَرُهَا، وَمَنْ خَسِرَهَا يَسْتَحْيِيهَا.+ ٣٤ أَقُولُ لَكُمْ: فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ ٱلْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ ٱلْآخَرُ.+ ٣٥ تَكُونُ ٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى ٱلرَّحَى نَفْسِهَا، فَتُؤْخَذُ ٱلْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ ٱلْأُخْرَى».+ ٣٦ ــــــــ ٣٧ فَأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ، يَا رَبُّ؟». فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ يَكُونُ ٱلْجَسَدُ،+ هُنَاكَ أَيْضًا تَجْتَمِعُ ٱلْعِقْبَانُ».+
١٨ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ بِمَثَلٍ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُصَلُّوا كُلَّ حِينٍ وَلَا يَفْتُرَ عَزْمُهُمْ،+ ٢ قَائِلًا: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لَا يَخَافُ ٱللّٰهَ وَلَا يَحْتَرِمُ إِنْسَانًا. ٣ وَكَانَ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ لَا تَكُفُّ عَنِ ٱلْمَجِيءِ+ إِلَيْهِ، قَائِلَةً: ‹اِعْدِلْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَصْمِي›. ٤ فَبَقِيَ زَمَنًا لَا يَشَاءُ، وَلٰكِنْ بَعْدَ ذٰلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: ‹وَإِنْ كُنْتُ لَا أَخَافُ ٱللّٰهَ وَلَا أَحْتَرِمُ إِنْسَانًا، ٥ فَمَهْمَا يَكُنْ، فَلِأَنَّ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةَ لَا تَكُفُّ عَنْ إِزْعَاجِي،+ سَأَقْضِي لَهَا بِٱلْعَدْلِ لِئَلَّا تَأْتِيَ دَائِمًا وَتَقْمَعَنِي+ لِلْغَايَةِ›». ٦ ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ: «اِسْمَعُوا مَا قَالَ ٱلْقَاضِي، مَعَ أَنَّهُ أَثِيمٌ! ٧ أَفَلَا يُجْرِي ٱللّٰهُ ٱلْعَدْلَ+ لِمُخْتَارِيهِ ٱلصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، رَغْمَ أَنَّهُ طَوِيلُ ٱلْأَنَاةِ+ فِي أَمْرِ أُولٰئِكَ؟ ٨ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُجْرِي لَهُمُ ٱلْعَدْلَ سَرِيعًا.+ وَلٰكِنْ مَتَى جَاءَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ، فَهَلْ يَجِدُ ٱلْإِيمَانَ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟».
٩ وَقَالَ أَيْضًا هٰذَا ٱلْمَثَلَ لِبَعْضِ ٱلَّذِينَ يَثِقُونَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ+ وَيَعْتَبِرُونَ ٱلْبَاقِينَ كَلَا شَيْءٍ:+ ١٠ «إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى ٱلْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَٱلْآخَرُ جَابِي ضَرَائِبَ. ١١ فَوَقَفَ ٱلْفَرِّيسِيُّ+ وَٱبْتَدَأَ يُصَلِّي+ فِي نَفْسِهِ هٰكَذَا: ‹اَللّٰهُمَّ، أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي ٱلنَّاسِ ٱلْمُبْتَزِّينَ ٱلْأَثَمَةِ ٱلزُّنَاةِ، أَوْ حَتَّى مِثْلَ جَابِي ٱلضَّرَائِبِ هٰذَا.+ ١٢ أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي ٱلْأُسْبُوعِ، وَأُقَدِّمُ عُشْرَ كُلِّ مَا أَقْتَنِيهِ›.+ ١٣ وَأَمَّا جَابِي ٱلضَّرَائِبِ ٱلْوَاقِفُ مِنْ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَشَأْ حَتَّى رَفْعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ ٱلسَّمَاءِ، بَلْ بَقِيَ يَقْرَعُ عَلَى صَدْرِهِ،+ قَائِلًا: ‹اَللّٰهُمَّ، تَحَنَّنْ عَلَيَّ أَنَا ٱلْخَاطِئَ›.+ ١٤ أَقُولُ لَكُمْ: نَزَلَ هٰذَا إِلَى بَيْتِهِ بَارًّا+ أَكْثَرَ مِنْ ذَاكَ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ أُذِلَّ، وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ».+
١٥ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ أَطْفَالَهُمْ أَيْضًا لِيَلْمُسَهُمْ. فَلَمَّا رَأَى ٱلتَّلَامِيذُ ذٰلِكَ أَنَّبُوهُمْ.+ ١٦ أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا ٱلْأَطْفَالَ إِلَيْهِ، قَائِلًا: «دَعُوا ٱلْأَوْلَادَ ٱلصِّغَارَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلَا تُحَاوِلُوا مَنْعَهُمْ، لِأَنَّ لِأَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ.+ ١٧ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لَا يَقْبَلْ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ مِثْلَ وَلَدٍ صَغِيرٍ، فَلَنْ يَدْخُلَهُ أَبَدًا».+
١٨ وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْمُعَلِّمُ ٱلصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟».+ ١٩ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَ تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلَّا وَاحِدٌ، وَهُوَ ٱللّٰهُ.+ ٢٠ أَنْتَ تَعْرِفُ ٱلْوَصَايَا:+ ‹لَا تَزْنِ،+ لَا تَقْتُلْ،+ لَا تَسْرِقْ،+ لَا تَشْهَدْ بِٱلزُّورِ،+ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ›».+ ٢١ فَقَالَ: «كُلُّ هٰذِهِ قَدْ حَفِظْتُهَا مُنْذُ ٱلْحَدَاثَةِ».+ ٢٢ فَبَعْدَ أَنْ سَمِعَ يَسُوعُ ذٰلِكَ، قَالَ لَهُ: «يَنْقُصُكَ أَمْرٌ وَاحِدٌ بَعْدُ: بِعْ كُلَّ مَا عِنْدَكَ وَوَزِّعْ عَلَى ٱلْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي».+ ٢٣ فَلَمَّا سَمِعَ ذٰلِكَ، حَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا.+
٢٤ فَنَظَرَ يَسُوعُ إِلَيْهِ وَقَالَ: «مَا أَصْعَبَ دُخُولَ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ عَلَى ذَوِي ٱلْمَالِ!+ ٢٥ فَإِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ فِي ثَقْبِ إِبْرَةِ ٱلْخِيَاطَةِ أَسْهَلُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ».+ ٢٦ فَقَالَ ٱلسَّامِعُونَ: «وَمَنْ عَسَاهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟». ٢٧ فَقَالَ: «إِنَّ ٱلْمُسْتَحِيلَ عِنْدَ ٱلنَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ».+ ٢٨ أَمَّا بُطْرُسُ فَقَالَ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا مَا لَنَا وَتَبِعْنَاكَ».+ ٢٩ فَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَا مِنْ أَحَدٍ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ زَوْجَةً أَوْ إِخْوَةً أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ أَوْلَادًا لِأَجْلِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ+ ٣٠ إِلَّا وَيَنَالُ أَضْعَافًا فِي هٰذَا ٱلزَّمَانِ، وَفِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْآتِي حَيَاةً أَبَدِيَّةً».+
٣١ ثُمَّ أَخَذَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ عَلَى ٱنْفِرَادٍ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِٱلْأَنْبِيَاءِ+ عَنِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ.+ ٣٢ فَسَيُسَلَّمُ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ وَيُهْزَأُ+ بِهِ وَيُهَانُ وَيُسَاءُ+ إِلَيْهِ وَيُبْصَقُ+ عَلَيْهِ، ٣٣ وَبَعْدَ أَنْ يَجْلِدُوهُ+ يَقْتُلُونَهُ،+ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يَقُومُ».+ ٣٤ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَى شَيْءٍ مِنْ هٰذَا، بَلْ كَانَ هٰذَا ٱلْقَوْلُ مُخْفًى عَنْهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ مَا يُقَالُ.+
٣٥ وَلَمَّا ٱقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا، كَانَ أَعْمَى جَالِسًا بِجَانِبِ ٱلطَّرِيقِ يَتَسَوَّلُ.+ ٣٦ فَإِذْ سَمِعَ جَمْعًا مُجْتَازًا، أَخَذَ يَسْتَعْلِمُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هٰذَا. ٣٧ فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ مَارٌّ!».+ ٣٨ عِنْدَئِذٍ صَرَخَ قَائِلًا: «يَا يَسُوعُ ٱبْنَ دَاوُدَ، ٱرْحَمْنِي!».+ ٣٩ فَأَمَرَهُ ٱلْمُتَقَدِّمُونَ بِلَهْجَةٍ شَدِيدَةٍ أَنْ يَلْزَمَ ٱلصَّمْتَ، لٰكِنَّهُ ٱسْتَمَرَّ يَصِيحُ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ٱبْنَ دَاوُدَ، ٱرْحَمْنِي!».+ ٤٠ فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ.+ وَلَمَّا ٱقْتَرَبَ سَأَلَهُ يَسُوعُ: ٤١ «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ لَكَ؟».+ فَقَالَ: «يَا رَبُّ، رُدَّ لِي بَصَرِي».+ ٤٢ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اِسْتَرِدَّ بَصَرَكَ، إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ».+ ٤٣ وَفِي ٱلْحَالِ ٱسْتَرَدَّ بَصَرَهُ+ وَتَبِعَهُ، وَهُوَ يُمَجِّدُ ٱللّٰهَ.+ وَلَمَّا رَأَى كُلُّ ٱلشَّعْبِ ذٰلِكَ، سَبَّحُوا ٱللّٰهَ.
١٩ وَدَخَلَ أَرِيحَا+ وَٱجْتَازَ فِيهَا. ٢ وَإِذَا رَجُلٌ يُدْعَى ٱسْمُهُ زَكَّا، كَانَ مِنْ كِبَارِ جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَغَنِيًّا. ٣ وَكَانَ يَطْلُبُ أَنْ يَرَى+ مَنْ هُوَ يَسُوعُ هٰذَا، وَلٰكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ بِسَبَبِ ٱلْجَمْعِ، لِأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ ٱلْقَامَةِ. ٤ فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَتَسَلَّقَ شَجَرَةَ جُمَّيْزٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لِأَنَّهُ كَانَ مُوشِكًا أَنْ يَجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ. ٥ وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى ٱلْمَكَانِ، رَفَعَ نَظَرَهُ وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَٱنْزِلْ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ أَمْكُثَ ٱلْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». ٦ عِنْدَئِذٍ أَسْرَعَ وَنَزَلَ وَأَضَافَهُ بِفَرَحٍ. ٧ فَلَمَّا رَأَى ٱلْجَمِيعُ ذٰلِكَ، أَخَذُوا يُدَمْدِمُونَ+ قَائِلِينَ: «دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئٍ». ٨ أَمَّا زَكَّا فَوَقَفَ وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا، يَا رَبُّ، أُعْطِي نِصْفَ مُمْتَلَكَاتِي لِلْفُقَرَاءِ، وَمَهْمَا ٱبْتَزَزْتُ مِنْ أَحَدٍ بِتُهْمَةِ زُورٍ،+ أَرُدَّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ».+ ٩ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اَلْيَوْمَ صَارَ خَلَاصٌ لِهٰذَا ٱلْبَيْتِ، لِأَنَّهُ هُوَ أَيْضًا ٱبْنٌ لِإِبْرَاهِيمَ.+ ١٠ فَٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ جَاءَ لِيَطْلُبَ ٱلضَّائِعَ وَيُخَلِّصَهُ».+
١١ وَبَيْنَمَا هُمْ يَسْمَعُونَ هٰذَا، قَالَ أَيْضًا مَثَلًا، لِأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَمْلَكَةَ ٱللّٰهِ سَتَظْهَرُ فِي ٱلْحَالِ.+ ١٢ فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ ٱلنَّسَبِ سَافَرَ إِلَى أَرْضٍ بَعِيدَةٍ لِيُحْرِزَ سُلْطَةً مَلَكِيَّةً لِنَفْسِهِ وَيَعُودَ.+ ١٣ فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: ‹تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ›.+ ١٤ وَلٰكِنَّ مُوَاطِنِيهِ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ،+ فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ وَفْدًا مِنَ ٱلسُّفَرَاءِ يَقُولُونَ: ‹لَا نُرِيدُ أَنْ يَمْلِكَ هٰذَا عَلَيْنَا›.+
١٥ «وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَحْرَزَ ٱلسُّلْطَةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ هٰؤُلَاءِ ٱلْعَبِيدُ ٱلَّذِينَ أَعْطَاهُمُ ٱلْفِضَّةَ، لِيَتَحَقَّقَ مِمَّا رَبِحُوا بِٱلتِّجَارَةِ.+ ١٦ فَحَضَرَ ٱلْأَوَّلُ قَائِلًا: ‹يَا رَبُّ، مَنَاكَ رَبِحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ›.+ ١٧ فَقَالَ لَهُ: ‹أَحْسَنْتَ أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ! لِأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي أَمْرٍ صَغِيرٍ جِدًّا، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَةٌ عَلَى عَشْرِ مُدُنٍ›.+ ١٨ وَجَاءَ ٱلثَّانِي قَائِلًا: ‹مَنَاكَ، يَا رَبُّ، عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ›.+ ١٩ فَقَالَ لِهٰذَا أَيْضًا: ‹وَأَنْتَ كُنْ عَلَى خَمْسِ مُدُنٍ›.+ ٢٠ وَلٰكِنْ جَاءَ آخَرُ قَائِلًا: ‹يَا رَبُّ، هُوَذَا مَنَاكَ ٱلَّذِي أَبْقَيْتُهُ مَوْضُوعًا جَانِبًا فِي مِنْدِيلٍ. ٢١ فَإِنِّي خِفْتُ مِنْكَ، لِأَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تُودِعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ›.+ ٢٢ فَقَالَ لَهُ: ‹مِنْ فَمِكَ+ أَدِينُكَ أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ قَاسٍ، آخُذُ مَا لَمْ أُودِعْ وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ؟+ ٢٣ إِذًا لِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي فِي مَصْرِفٍ؟ فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَرِدُّهَا مَعَ فَائِدَةٍ›.+
٢٤ «عِنْدَئِذٍ قَالَ لِلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ: ‹خُذُوا ٱلْمَنَا مِنْهُ وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ ٱلْعَشَرَةُ ٱلْأَمْنَاءُ›.+ ٢٥ أَمَّا هُمْ فَقَالُوا: ‹يَا رَبُّ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ!›. فَأَجَابَ: ٢٦ ‹أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ عِنْدَهُ يُعْطَى ٱلْمَزِيدَ. وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ، فَحَتَّى مَا هُوَ عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ.+ ٢٧ وَأَعْدَائِي هٰؤُلَاءِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، أَحْضِرُوهُمْ إِلَى هُنَا وَٱذْبَحُوهُمْ أَمَامِي›».+
٢٨ وَبَعْدَ أَنْ قَالَ هٰذَا، تَقَدَّمَ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ.+ ٢٩ وَلَمَّا ٱقْتَرَبَ مِنْ بَيْتَ فَاجِي وَبَيْتَ عَنْيَا عَلَى ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي يُدْعَى جَبَلَ ٱلزَّيْتُونِ،+ أَرْسَلَ ٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ،+ ٣٠ قَائِلًا: «اِذْهَبَا إِلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي أَمَامَكُمَا، وَبَعْدَ أَنْ تَدْخُلَاهَا تَجِدَانِ فِيهَا جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ قَطُّ. فَحُلَّاهُ وَأْتِيَا بِهِ.+ ٣١ وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: ‹لِمَاذَا تَحُلَّانِهِ؟›، تَقُولَانِ هٰكَذَا: ‹اَلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ›».+ ٣٢ فَذَهَبَ ٱللَّذَانِ أَرْسَلَهُمَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا.+ ٣٣ وَفِيمَا هُمَا يَحُلَّانِ ٱلْجَحْشَ، قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: ‹لِمَاذَا تَحُلَّانِ ٱلْجَحْشَ؟›.+ ٣٤ فَقَالَا: «اَلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ».+ ٣٥ ثُمَّ أَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا أَرْدِيَتَهُمَا عَلَى ٱلْجَحْشِ وَأَرْكَبَا يَسُوعَ.+
٣٦ وَفِيمَا هُوَ يَسِيرُ،+ فَرَشُوا أَرْدِيَتَهُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ.+ ٣٧ وَحَالَمَا ٱقْتَرَبَ مِنَ ٱلطَّرِيقِ ٱلْمُنْحَدِرَةِ مِنْ جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ، ٱبْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ ٱلتَّلَامِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ ٱللّٰهَ بِصَوْتٍ عَالٍ عَلَى كُلِّ مَا رَأَوْا مِنْ قُوَّاتٍ،+ ٣٨ قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ ٱلْآتِي مَلِكًا بِٱسْمِ يَهْوَهَ!+ سَلَامٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَمَجْدٌ فِي ٱلْأَعَالِي!».+ ٣٩ وَلٰكِنَّ بَعْضَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ ٱلْجَمْعِ قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، ٱنْتَهِرْ تَلَامِيذَكَ».+ ٤٠ فَأَجَابَ وَقَالَ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ سَكَتَ هٰؤُلَاءِ، فَٱلْحِجَارَةُ+ تَصْرُخُ».
٤١ وَلَمَّا ٱقْتَرَبَ، شَاهَدَ ٱلْمَدِينَةَ وَبَكَى عَلَيْهَا،+ ٤٢ قَائِلًا: «لَوْ أَدْرَكْتِ+ أَنْتِ أَيْضًا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ سَبِيلَ ٱلسَّلَامِ . . . لٰكِنَّهُ ٱلْآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ.+ ٤٣ لِأَنَّهُ سَتَأْتِي عَلَيْكِ أَيَّامٌ يَبْنِي حَوْلَكِ أَعْدَاؤُكِ مِتْرَسَةً+ مِنَ ٱلْأَخْشَابِ،+ وَيُحْدِقُونَ+ بِكِ، وَيُضَيِّقُونَ+ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، ٤٤ وَيَدُكُّونَكِ وَأَوْلَادَكِ فِيكِ إِلَى ٱلْأَرْضِ،+ وَلَا يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَرًا عَلَى حَجَرٍ،+ لِأَنَّكِ لَمْ تُدْرِكِي وَقْتَ تَفَقُّدِكِ».+
٤٥ ثُمَّ دَخَلَ ٱلْهَيْكَلَ وَٱبْتَدَأَ يَطْرُدُ ٱلْبَاعَةَ،+ ٤٦ قَائِلًا لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: ‹وَسَيَكُونُ بَيْتِي بَيْتَ صَلَاةٍ›،+ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ».+
٤٧ وَأَخَذَ يُعَلِّمُ يَوْمِيًّا فِي ٱلْهَيْكَلِ. وَأَمَّا كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ وَأَعْيَانُ ٱلشَّعْبِ، فَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ،+ ٤٨ وَلٰكِنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لِأَنَّ ٱلشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ لِيَسْمَعَ لَهُ.+
٢٠ وَإِذْ كَانَ فِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ يُعَلِّمُ ٱلشَّعْبَ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، ٱقْتَرَبَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ مَعَ ٱلشُّيُوخِ،+ ٢ وَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ هٰذَا، أَوْ مَنِ ٱلَّذِي أَعْطَاكَ هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةَ».+ ٣ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ سُؤَالًا، فَقُولُوا لِي:+ ٤ أَمِنَ ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟».+ ٥ فَتَوَصَّلُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ إِلَى ٱسْتِنْتَاجَاتٍ، قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: ‹مِنَ ٱلسَّمَاءِ›، يَقُولُ: ‹فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟›.+ ٦ وَإِنْ قُلْنَا: ‹مِنَ ٱلنَّاسِ›، يَرْجُمُنَا ٱلشَّعْبُ كُلُّهُ،+ لِأَنَّهُمْ مُقْتَنِعُونَ أَنَّ يُوحَنَّا+ كَانَ نَبِيًّا».+ ٧ فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ هِيَ. ٨ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ هٰذَا».+
٩ ثُمَّ ٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلشَّعْبِ هٰذَا ٱلْمَثَلَ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا+ وَأَجَّرَهُ لِفَلَّاحِينَ، وَسَافَرَ زَمَانًا طَوِيلًا.+ ١٠ وَلَمَّا آنَ ٱلْأَوَانُ، أَرْسَلَ إِلَى ٱلْفَلَّاحِينَ عَبْدًا،+ لِكَيْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِنْ ثَمَرِ ٱلْكَرْمِ.+ وَلٰكِنَّ ٱلْفَلَّاحِينَ صَرَفُوهُ فَارِغًا،+ بَعْدَ أَنْ ضَرَبُوهُ. ١١ فَعَادَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدًا آخَرَ. وَهٰذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ وَأَهَانُوهُ وَصَرَفُوهُ فَارِغًا.+ ١٢ ثُمَّ عَادَ وَأَرْسَلَ ثَالِثًا.+ وَهٰذَا أَيْضًا جَرَحُوهُ وَأَلْقَوْهُ خَارِجًا. ١٣ عِنْدَئِذٍ قَالَ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ: ‹مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبَ،+ فَلَعَلَّهُمْ يَحْتَرِمُونَهُ›. ١٤ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ ٱلْفَلَّاحُونَ، ٱفْتَكَرُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ، قَائِلِينَ: ‹هٰذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ. فَلْنَقْتُلْهُ لِيَصِيرَ ٱلْمِيرَاثُ لَنَا›.+ ١٥ عِنْدَئِذٍ أَلْقَوْهُ خَارِجَ+ ٱلْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ.+ فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟+ ١٦ إِنَّهُ يَأْتِي وَيُهْلِكُ هٰؤُلَاءِ ٱلْفَلَّاحِينَ، وَيُعْطِي ٱلْكَرْمَ لِآخَرِينَ».+
فَلَمَّا سَمِعُوا ذٰلِكَ قَالُوا: «حَاشَا أَنْ يَكُونَ هٰذَا!». ١٧ وَلٰكِنَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذًا مَا مَعْنَى هٰذَا ٱلْمَكْتُوبِ: ‹اَلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ+ هُوَ صَارَ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ ٱلرَّئِيسِيَّ›؟+ ١٨ كُلُّ مَنْ سَقَطَ عَلَى هٰذَا ٱلْحَجَرِ يَتَهَشَّمُ.+ أَمَّا مَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ،+ فَإِنَّهُ يَسْحَقُهُ».+
١٩ فَطَلَبَ ٱلْكَتَبَةُ وَكِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُلْقُوا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا لِأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا أَنَّهُ قَالَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ خَافُوا مِنَ ٱلشَّعْبِ.+ ٢٠ وَبَعْدَ مُرَاقَبَتِهِ عَنْ كَثَبٍ، أَرْسَلُوا رِجَالًا مَأْجُورِينَ سِرًّا يَتَظَاهَرُونَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، لِيُمْسِكُوهُ+ بِٱلْكَلَامِ حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى ٱلْحُكُومَةِ وَإِلَى سُلْطَةِ ٱلْحَاكِمِ.+ ٢١ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْرِفُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ بِٱلصَّوَابِ وَلَا تُحَابِي، بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْحَقِّ:+ ٢٢ أَيَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ ٱلضَّرِيبَةَ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟».+ ٢٣ وَلٰكِنَّهُ عَلِمَ مَكْرَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ:+ ٢٤ «أَرُونِي دِينَارًا. لِمَنِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ عَلَيْهِ؟». قَالُوا: «لِقَيْصَرَ».+ ٢٥ فَقَالَ لَهُمْ: «أَوْفُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ،+ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ».+ ٢٦ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِهٰذَا ٱلْكَلَامِ أَمَامَ ٱلشَّعْبِ، وَبُهِتُوا مِنْ جَوَابِهِ، فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا.+
٢٧ وَلٰكِنَّ بَعْضَ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ، ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، جَاءُوا+ وَسَأَلُوهُ ٢٨ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى:+ ‹إِنْ كَانَ لِرَجُلٍ أَخٌ لَهُ زَوْجَةٌ، وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ، يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ أَخُوهُ+ ٱلزَّوْجَةَ وَيُقِيمَ مِنْهَا نَسْلًا لِأَخِيهِ›.+ ٢٩ فَقَدْ كَانَ هُنَاكَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. وَأَخَذَ ٱلْأَوَّلُ زَوْجَةً وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ.+ ٣٠ فَأَخَذَهَا ٱلثَّانِي، ٣١ ثُمَّ ٱلثَّالِثُ. وَهٰكَذَا ٱلسَّبْعَةُ: لَمْ يَتْرُكُوا أَوْلَادًا، بَلْ مَاتُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا.+ ٣٢ وَأَخِيرًا، مَاتَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضًا.+ ٣٣ فَفِي ٱلْقِيَامَةِ، لِأَيٍّ مِنْهُمْ تَصِيرُ زَوْجَةً؟ لِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ».+
٣٤ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا يَتَزَوَّجُونَ+ وَيُزَوَّجْنَ، ٣٥ أَمَّا ٱلَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلًا+ لِلْفَوْزِ بِنِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ذَاكَ+ وَٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ،+ فَلَا يَتَزَوَّجُونَ وَلَا يُزَوَّجْنَ. ٣٦ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَمُوتُوا+ بَعْدُ، لِأَنَّهُمْ مِثْلُ ٱلْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللّٰهِ لِكَوْنِهِمْ أَبْنَاءَ ٱلْقِيَامَةِ.+ ٣٧ وَأَمَّا أَنَّ ٱلْأَمْوَاتَ يَقُومُونَ، فَحَتَّى مُوسَى أَخْبَرَ بِذٰلِكَ، فِي ٱلرِّوَايَةِ عَنِ ٱلْعُلَّيْقَةِ،+ إِذْ يَدْعُو يَهْوَهَ ‹إِلٰهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهَ إِسْحَاقَ وَإِلٰهَ يَعْقُوبَ›.+ ٣٨ فَهُوَ لَيْسَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ، بَلْ أَحْيَاءٍ، لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَحْيَاءٌ فِي نَظَرِهِ».+ ٣٩ فَأَجَابَ بَعْضُ ٱلْكَتَبَةِ وَقَالُوا: «يَا مُعَلِّمُ، حَسَنًا قُلْتَ». ٤٠ وَلَمْ يَجْرُؤُوا مِنْ بَعْدُ أَنْ يَسْأَلُوهُ شَيْئًا.
٤١ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ هُوَ ٱبْنُ دَاوُدَ؟+ ٤٢ فَإِنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ ٱلْمَزَامِيرِ: ‹قَالَ يَهْوَهُ لِرَبِّي: «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي ٤٣ إِلَى أَنْ أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ»›.+ ٤٤ فَإِذًا دَاوُدُ يَدْعُوهُ ‹رَبًّا›، فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ ٱبْنَهُ؟».
٤٥ ثُمَّ قَالَ لِلتَّلَامِيذِ، وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَسْمَعُونَ:+ ٤٦ «اِحْذَرُوا مِنَ ٱلْكَتَبَةِ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي ٱلتَّجَوُّلِ بِٱلْحُلَلِ، وَيُحِبُّونَ ٱلتَّحِيَّاتِ فِي سَاحَاتِ ٱلْأَسْوَاقِ، وَٱلْمَقَاعِدَ ٱلْأَمَامِيَّةَ فِي ٱلْمَجَامِعِ، وَٱلْأَمَاكِنَ ٱلْأَبْرَزَ فِي مَآدِبِ ٱلْعَشَاءِ،+ ٤٧ وَٱلَّذِينَ يَلْتَهِمُونَ بُيُوتَ ٱلْأَرَامِلِ،+ وَيُطِيلُونَ ٱلصَّلَوَاتِ تَظَاهُرًا. فَهٰؤُلَاءِ سَيَنَالُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ».+
٢١ وَرَفَعَ نَظَرَهُ فَرَأَى ٱلْأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي صَنَادِيقِ ٱلْخِزَانَةِ.+ ٢ ثُمَّ رَأَى أَرْمَلَةً مُحْتَاجَةً تُلْقِي هُنَاكَ فَلْسَيْنِ،+ ٣ فَقَالَ: «حَقًّا أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةَ، رَغْمَ أَنَّهَا فَقِيرَةٌ، أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْكُلِّ.+ ٤ لِأَنَّ كُلَّ هٰؤُلَاءِ أَلْقَوْا قَرَابِينَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ، أَمَّا هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ فَمِنْ عَوَزِهَا أَلْقَتْ كُلَّ ٱلْمَعِيشَةِ ٱلَّتِي لَهَا».+
٥ وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ بِأَنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَهِبَاتِ نُذُورٍ،+ ٦ قَالَ: «هٰذِهِ ٱلَّتِي تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لَا يُتْرَكُ فِيهَا هُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ إِلَّا وَيُنْقَضُ».+ ٧ فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى يَكُونُ هٰذَا حَقًّا، وَمَاذَا تَكُونُ ٱلْعَلَامَةُ عِنْدَمَا يَحْدُثُ هٰذَا؟».+ ٨ فَقَالَ: «اِحْذَرُوا أَنْ تَضِلُّوا،+ لِأَنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِٱسْمِي قَائِلِينَ: ‹إِنِّي هُوَ›، وَأَيْضًا: ‹اَلْوَقْتُ قَدِ ٱقْتَرَبَ›.+ فَلَا تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ. ٩ وَعِنْدَمَا تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَٱضْطِرَابَاتٍ لَا تَرْتَعِبُوا.+ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هٰذَا أَوَّلًا، وَلٰكِنْ لَا تَكُونُ ٱلنِّهَايَةُ حَالًا».
١٠ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ،+ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ.+ ١١ وَتَكُونُ زَلَازِلُ عَظِيمَةٌ، وَفِي مَكَانٍ بَعْدَ آخَرَ أَوْبِئَةٌ وَمَجَاعَاتٌ.+ وَتَكُونُ مَنَاظِرُ مُخِيفَةٌ وَمِنَ ٱلسَّمَاءِ آيَاتٌ عَظِيمَةٌ.+
١٢ «وَلٰكِنْ قَبْلَ هٰذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَضْطَهِدُونَكُمْ،+ فَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ٱلْمَجَامِعِ وَٱلسُّجُونِ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَحُكَّامٍ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي.+ ١٣ فَيَؤُولُ بِكُمْ ذٰلِكَ إِلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ.+ ١٤ لِذٰلِكَ ضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَلَّا تَسْتَعِدُّوا مُسْبَقًا كَيْفَ تُدَافِعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ،+ ١٥ لِأَنِّي أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لَا يَقْدِرُ كُلُّ مُعَارِضِيكُمْ مَعًا أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا.+ ١٦ وَتُسَلَّمُونَ حَتَّى مِنَ ٱلْوَالِدِينَ+ وَٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَنْسِبَاءِ وَٱلْأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ بَعْضًا مِنْكُمْ.+ ١٧ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي.+ ١٨ غَيْرَ أَنَّ شَعْرَةً+ مِنْ رُؤُوسِكُمْ لَا تَهْلِكُ أَلْبَتَّةَ. ١٩ بِٱحْتِمَالِكُمْ تَقْتَنُونَ نُفُوسَكُمْ.+
٢٠ «وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً+ بِجُيُوشٍ مُعَسْكِرَةٍ، فَحِينَئِذٍ ٱعْرِفُوا أَنَّ خَرَابَهَا قَدِ ٱقْتَرَبَ.+ ٢١ حِينَئِذٍ لِيَبْدَإِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ بِٱلْهَرَبِ إِلَى ٱلْجِبَالِ، وَٱلَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيُغَادِرُوا، وَٱلَّذِينَ فِي ٱلْمَنَاطِقِ ٱلرِّيفِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُوهَا؛+ ٢٢ لِأَنَّ هٰذِهِ أَيَّامُ إِجْرَاءِ ٱلْعَدْلِ، لِكَيْ يَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ.+ ٢٣ اَلْوَيْلُ لِلْحَوَامِلِ وَٱلْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ!+ لِأَنَّهُ تَكُونُ شِدَّةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى تِلْكَ ٱلْأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هٰذَا ٱلشَّعْبِ. ٢٤ وَيَسْقُطُونَ بِحَدِّ ٱلسَّيْفِ وَيُسَاقُونَ أَسْرَى إِلَى جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ.+ وَتَدُوسُ ٱلْأُمَمُ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تَتِمَّ ٱلْأَزْمِنَةُ+ ٱلْمُعَيَّنَةُ لِلْأُمَمِ.
٢٥ «وَتَكُونُ آيَاتٌ فِي ٱلشَّمْسِ+ وَٱلْقَمَرِ وَٱلنُّجُومِ، وَعَلَى ٱلْأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ لَا تَدْرِي أَيْنَ ٱلْمَنْفَذُ بِسَبَبِ عَجِيجِ ٱلْبَحْرِ+ وَهَيَجَانِهِ،+ ٢٦ فِي حِينِ أَنَّ ٱلنَّاسَ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ ٱلْخَوْفِ+ وَتَرَقُّبِ مَا يَأْتِي عَلَى ٱلْمَسْكُونَةِ،+ لِأَنَّ قُوَّاتِ ٱلسَّمٰوَاتِ تَتَزَعْزَعُ.+ ٢٧ ثُمَّ يَرَوْنَ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ+ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمٍ.+ ٢٨ وَلٰكِنْ مَتَى ٱبْتَدَأَتْ هٰذِهِ تَكُونُ، فَٱنْتَصِبُوا وَٱرْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لِأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ».
٢٩ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُمْ مَثَلًا: «لَاحِظُوا شَجَرَةَ ٱلتِّينِ وَسَائِرَ ٱلْأَشْجَارِ:+ ٣٠ مَتَى أَخْرَجَتْ بَرَاعِمَهَا، تَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، إِذْ تَنْظُرُونَ ذٰلِكَ، أَنَّ ٱلصَّيْفَ قَرِيبٌ.+ ٣١ هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ صَائِرَةً، فَٱعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ قَرِيبٌ.+ ٣٢ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يَزُولَ هٰذَا ٱلْجِيلُ أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ ٱلْكُلُّ.+ ٣٣ اَلسَّمَاءُ وَٱلْأَرْضُ تَزُولَانِ،+ أَمَّا كَلَامِي فَلَا يَزُولُ أَبَدًا.+
٣٤ «وَلٰكِنِ ٱنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ لِئَلَّا تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ بِٱلْإِفْرَاطِ فِي ٱلْأَكْلِ وَٱلْإِسْرَافِ+ فِي ٱلشُّرْبِ وَهُمُومِ+ ٱلْحَيَاةِ، فَيَدْهَمَكُمْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ فَجْأَةً+ ٣٥ مِثْلَ شَرَكٍ.+ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ كُلِّهَا.+ ٣٦ فَٱبْقَوْا مُسْتَيْقِظِينَ،+ مُتَضَرِّعِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ،+ لِكَيْ تَتَمَكَّنُوا مِنَ ٱلْإِفْلَاتِ مِنْ كُلِّ هٰذَا ٱلْمَحْتُومِ أَنْ يَكُونَ، وَمِنَ ٱلْوُقُوفِ أَمَامَ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ».+
٣٧ وَكَانَ فِي ٱلنَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ،+ وَفِي ٱللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي يُدْعَى جَبَلَ ٱلزَّيْتُونِ.+ ٣٨ وَكَانَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ+ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي ٱلْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ.
٢٢ وَٱقْتَرَبَ عِيدُ ٱلْفَطِيرِ، ٱلْمَدْعُوُّ ٱلْفِصْحَ.+ ٢ وَكَانَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ وَسِيلَةً لِيَتَخَلَّصُوا مِنْهُ،+ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ ٱلشَّعْبَ.+ ٣ وَلٰكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ دَخَلَ فِي يَهُوذَا ٱلَّذِي يُدْعَى ٱلْإِسْخَرْيُوطِيَّ، ٱلَّذِي كَانَ فِي عِدَادِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.+ ٤ فَذَهَبَ وَتَكَلَّمَ مَعَ كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ حَرَسِ ٱلْهَيْكَلِ بِشَأْنِ ٱلْوَسِيلَةِ ٱلَّتِي بِهَا يُسَلِّمُهُ إِلَيْهِمْ.+ ٥ فَفَرِحُوا وَٱتَّفَقُوا أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً.+ ٦ فَوَافَقَ وَأَخَذَ يَطْلُبُ فُرْصَةً مُلَائِمَةً لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ بِمَعْزِلٍ عَنِ ٱلْجَمْعِ.+
٧ وَجَاءَ يَوْمُ ٱلْفَطِيرِ، ٱلَّذِي لَا بُدَّ أَنْ تُذْبَحَ فِيهِ ذَبِيحَةُ ٱلْفِصْحِ.+ ٨ فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلًا: «اِذْهَبَا وَأَعِدَّا لَنَا ٱلْفِصْحَ+ لِنَأْكُلَ». ٩ فَقَالَا لَهُ: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّهُ؟». ١٠ فَقَالَ لَهُمَا:+ «اُنْظُرَا! مَتَى دَخَلْتُمَا ٱلْمَدِينَةَ يُلَاقِيكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ. فَٱتْبَعَاهُ إِلَى ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي يَدْخُلُهُ.+ ١١ وَقُولَا لِصَاحِبِ ٱلْبَيْتِ: ‹يَقُولُ لَكَ ٱلْمُعَلِّمُ: «أَيْنَ غُرْفَةُ ٱلضُّيُوفِ حَيْثُ آكُلُ ٱلْفِصْحَ مَعَ تَلَامِيذِي؟»›.+ ١٢ فَذَاكَ يُرِيكُمَا عُلِّيَّةً كَبِيرَةً مَفْرُوشَةً. فَأَعِدَّاهُ هُنَاكَ».+ ١٣ فَذَهَبَا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، وَأَعَدَّا ٱلْفِصْحَ.+
١٤ وَلَمَّا أَتَتِ ٱلسَّاعَةُ، ٱتَّكَأَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ وَٱلرُّسُلُ مَعَهُ.+ ١٥ فَقَالَ لَهُمْ: «اِشْتَهَيْتُ شَهْوَةً أَنْ آكُلَ هٰذَا ٱلْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ. ١٦ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ آكُلَهُ بَعْدُ حَتَّى يَتِمَّ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».+ ١٧ وَأَخَذَ كَأْسًا+ وَشَكَرَ وَقَالَ: «خُذُوا هٰذِهِ وَمَرِّرُوهَا مِنَ ٱلْوَاحِدِ إِلَى ٱلْآخَرِ فِي مَا بَيْنَكُمْ. ١٨ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ أَشْرَبَ بَعْدَ ٱلْآنَ مِنْ نِتَاجِ ٱلْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ».+
١٩ وَأَخَذَ رَغِيفًا+ وَشَكَرَ، وَكَسَرَهُ وَأَعْطَاهُمْ، قَائِلًا: «هٰذَا يُمَثِّلُ جَسَدِي+ ٱلَّذِي يُبْذَلُ مِنْ أَجْلِكُمْ.+ دَاوِمُوا عَلَى صُنْعِ هٰذَا لِذِكْرِي».+ ٢٠ وَكَذٰلِكَ ٱلْكَأْسَ+ بَعْدَ أَنْ تَعَشَّوْا، قَائِلًا: «هٰذِهِ ٱلْكَأْسُ تُمَثِّلُ ٱلْعَهْدَ ٱلْجَدِيدَ+ بِدَمِي+ ٱلَّذِي يُسْكَبُ مِنْ أَجْلِكُمْ.+
٢١ «وَمَعَ ذٰلِكَ، فَهَا إِنَّ يَدَ ٱلَّذِي يُسَلِّمُنِي+ مَعِي عَلَى ٱلْمَائِدَةِ.+ ٢٢ لِأَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ ذَاهِبٌ كَمَا هُوَ مُحَدَّدٌ،+ إِنَّمَا ٱلْوَيْلُ لِذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ!».+ ٢٣ فَطَفِقُوا يَتَنَاقَشُونَ فِي مَا بَيْنَهُمْ مَنْ مِنْهُمْ هُوَ ٱلَّذِي يُوشِكُ أَنْ يَفْعَلَ هٰذَا.+
٢٤ إِلَّا أَنَّهُ حَدَثَ أَيْضًا بَيْنَهُمْ جِدَالٌ حَامٍ فِي أَيُّهُمْ يَبْدُو أَنَّهُ ٱلْأَعْظَمُ.+ ٢٥ فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ ٱلْأُمَمِ يَسُودُونَ عَلَيْهِمْ، وَٱلْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ.+ ٢٦ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَا تَكُونُوا هٰكَذَا.+ بَلْ لِيَكُنِ ٱلْأَعْظَمُ بَيْنَكُمْ كَٱلْأَصْغَرِ،+ وَٱلْمُتَرَئِّسُ كَٱلْخَادِمِ.+ ٢٧ لِأَنَّهُ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ: اَلَّذِي يَتَّكِئُ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ أَمِ ٱلَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ ٱلَّذِي يَتَّكِئُ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ؟ وَمَعَ ذٰلِكَ فَأَنَا فِي وَسْطِكُمُ ٱلَّذِي يَخْدُمُ.+
٢٨ «إِنَّمَا أَنْتُمْ مَنِ ٱلْتَصَقَ+ بِي فِي مِحَنِي،+ ٢٩ وَأَنَا أَصْنَعُ مَعَكُمْ عَهْدًا لِمَلَكُوتٍ،+ كَمَا صَنَعَ أَبِي عَهْدًا+ مَعِي، ٣٠ لِكَيْ تَأْكُلُوا+ وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي،+ وَتَجْلِسُوا عَلَى عُرُوشٍ+ لِتَدِينُوا أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.
٣١ «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ! هَا إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ+ قَدْ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ.+ ٣٢ غَيْرَ أَنَّنِي تَضَرَّعْتُ+ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْلَا يَتَلَاشَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى عُدْتَ، قَوِّ+ إِخْوَتَكَ». ٣٣ فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، أَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَذْهَبَ مَعَكَ إِلَى ٱلسِّجْنِ وَإِلَى ٱلْمَوْتِ».+ ٣٤ فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لَنْ يَصِيحَ ٱلدِّيكُ ٱلْيَوْمَ حَتَّى تَكُونَ قَدْ أَنْكَرْتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».+
٣٥ وَقَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ+ بِلَا مَحْفَظَةٍ وَلَا مِزْوَدٍ وَلَا نَعْلَيْنِ، أَلَعَلَّهُ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟». قَالُوا: «لَا!». ٣٦ فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَّا ٱلْآنَ، فَمَنْ لَهُ مَحْفَظَةٌ فَلْيَأْخُذْهَا، وَمِزْوَدٌ كَذٰلِكَ؛ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ سَيْفٌ فَلْيَبِعْ رِدَاءَهُ وَيَشْتَرِ. ٣٧ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ فِيَّ هٰذَا ٱلْمَكْتُوبُ، أَيْ: ‹وَأُحْصِيَ مَعَ ٱلْمُتَعَدِّينَ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ›.+ لِأَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِي آخِذٌ فِي ٱلتَّمَامِ».+ ٣٨ فَقَالُوا: «يَا رَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». قَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي».
٣٩ وَخَرَجَ وَذَهَبَ كَٱلْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا ٱلتَّلَامِيذُ.+ ٤٠ وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ٱلْمَكَانِ، قَالَ لَهُمْ: «وَاظِبُوا عَلَى ٱلصَّلَاةِ لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».+ ٤١ وَٱبْتَعَدَ هُوَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ٤٢ قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ، فَٱصْرِفْ عَنِّي هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلٰكِنْ لِتَكُنْ لَا مَشِيئَتِي،+ بَلْ مَشِيئَتُكَ».+ ٤٣ ثُمَّ تَرَاءَى لَهُ مَلَاكٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَقَوَّاهُ.+ ٤٤ وَإِذْ أَخَذَهُ ٱلْجَهْدُ، ٱسْتَمَرَّ يُصَلِّي بِأَشَدِّ حَرَارَةٍ،+ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ.+ ٤٥ ثُمَّ قَامَ مِنَ ٱلصَّلَاةِ وَجَاءَ إِلَى ٱلتَّلَامِيذِ، فَوَجَدَهُمْ غَافِينَ مِنَ ٱلْحُزْنِ.+ ٤٦ فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نَائِمُونَ؟ قُومُوا وَوَاظِبُوا عَلَى ٱلصَّلَاةِ لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».+
٤٧ وَإِذْ كَانَ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَٱلَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ.+ فَٱقْتَرَبَ مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ.+ ٤٨ لٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: «يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ؟».+ ٤٩ فَلَمَّا رَأَى ٱلَّذِينَ حَوْلَهُ مَا سَيَحْدُثُ، قَالُوا: «يَا رَبُّ، أَنَضْرِبُ بِٱلسَّيْفِ؟».+ ٥٠ وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ وَقَطَعَ أُذُنَهُ ٱلْيُمْنَى.+ ٥١ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَكْفِي إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ!». وَلَمَسَ أُذُنَهُ وَشَفَاهُ.+ ٥٢ ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِكِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ حَرَسِ ٱلْهَيْكَلِ وَٱلشُّيُوخِ ٱلَّذِينَ جَاءُوا عَلَيْهِ: «أَخَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَهَرَاوَى كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ؟+ ٥٣ حِينَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ يَوْمٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ+ لَمْ تَمُدُّوا أَيْدِيَكُمْ عَلَيَّ.+ إِنَّمَا هٰذِهِ هِيَ سَاعَتُكُمْ+ وَسُلْطَةُ+ ٱلظُّلْمَةِ».+
٥٤ فَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَسَاقُوهُ+ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ.+ وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ يَتْبَعُ مِنْ بَعِيدٍ.+ ٥٥ وَلَمَّا أَشْعَلُوا نَارًا فِي وَسَطِ ٱلْفِنَاءِ وَجَلَسُوا مَعًا، كَانَ بُطْرُسُ جَالِسًا بَيْنَهُمْ.+ ٥٦ فَرَأَتْهُ جَارِيَةٌ جَالِسًا قُرْبَ ٱلنَّارِ ٱلْمُتَوَهِّجَةِ، فَتَفَرَّسَتْ فِيهِ وَقَالَتْ: «هٰذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ».+ ٥٧ لٰكِنَّهُ أَنْكَرَ+ قَائِلًا: «لَا أَعْرِفُهُ، يَا ٱمْرَأَةُ».+ ٥٨ وَبَعْدَ قَلِيلٍ رَآهُ آخَرُ فَقَالَ: «أَنْتَ أَيْضًا وَاحِدٌ مِنْهُمْ». وَلٰكِنَّ بُطْرُسَ قَالَ: «يَا إِنْسَانُ، لَسْتُ مِنْهُمْ».+ ٥٩ وَبَعْدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ تَقْرِيبًا، أَخَذَ آخَرُ يُصِرُّ بِقُوَّةٍ قَائِلًا: «مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ هٰذَا أَيْضًا كَانَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ جَلِيلِيٌّ!».+ ٦٠ وَلٰكِنَّ بُطْرُسَ قَالَ: «يَا إِنْسَانُ، لَا أَعْرِفُ مَا تَقُولُ». وَفِي ٱلْحَالِ، إِذْ كَانَ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ، صَاحَ ٱلدِّيكُ.+ ٦١ فَٱلْتَفَتَ ٱلرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ قَوْلَ ٱلرَّبِّ إِذْ قَالَ لَهُ: «قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ ٱلدِّيكُ ٱلْيَوْمَ تُنْكِرُنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».+ ٦٢ فَخَرَجَ وَبَكَى بِمَرَارَةٍ.+
٦٣ وَكَانَ ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَقَلُوهُ يَهْزَأُونَ+ بِهِ، وَهُمْ يَضْرِبُونَهُ.+ ٦٤ وَبَعْدَ أَنْ غَطَّوْهُ، أَخَذُوا يَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ ٱلَّذِي ضَرَبَكَ؟».+ ٦٥ وَظَلُّوا يَقُولُونَ أَشْيَاءَ أُخْرَى كَثِيرَةً مُجَدِّفِينَ+ عَلَيْهِ.
٦٦ وَلَمَّا كَانَ ٱلنَّهَارُ، ٱجْتَمَعَ مَجْلِسُ شُيُوخِ ٱلشَّعْبِ، بِمَنْ فِيهِمْ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ،+ وَسَاقُوهُ إِلَى قَاعَةِ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ، قَائِلِينَ:+ ٦٧ «إِنْ كُنْتَ ٱلْمَسِيحَ،+ فَقُلْ لَنَا». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ، لَا تُصَدِّقُونَ أَبَدًا.+ ٦٨ وَإِنْ سَأَلْتُكُمْ، لَا تُجِيبُونَ أَبَدًا.+ ٦٩ وَلٰكِنْ، مُنْذُ ٱلْآنَ يَكُونُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ+ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ+ ٱللّٰهِ ٱلْقَدِيرَةِ».+ ٧٠ عِنْدَئِذٍ قَالُوا جَمِيعًا: «أَأَنْتَ إِذًا ٱبْنُ ٱللّٰهِ؟». قَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَقُولُونَ+ إِنِّي هُوَ». ٧١ فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟+ فَإِنَّنَا بِأَنْفُسِنَا قَدْ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ هُوَ».+
٢٣ فَقَامَ جُمْهُورُهُمْ كُلُّهُ وَسَاقُوهُ إِلَى بِيلَاطُسَ.+ ٢ ثُمَّ أَخَذُوا يَتَّهِمُونَهُ+ قَائِلِينَ: «وَجَدْنَا هٰذَا يُفْسِدُ+ أُمَّتَنَا، وَيَنْهَى عَنْ دَفْعِ ٱلضَّرَائِبِ+ لِقَيْصَرَ، وَيَقُولُ إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ مَلِكٌ».+ ٣ فَسَأَلَهُ بِيلَاطُسُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ ٱلْيَهُودِ؟». أَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ نَفْسُكَ تَقُولُ».+ ٤ فَقَالَ بِيلَاطُسُ لِكِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْجُمُوعِ: «لَا أَجِدُ جُرْمًا عَلَى هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ».+ ٥ وَلٰكِنَّهُمْ أَصَرُّوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ يُثِيرُ ٱلشَّعْبَ إِذْ يُعَلِّمُ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا، مُبْتَدِئًا مِنَ ٱلْجَلِيلِ إِلَى هُنَا». ٦ فَلَمَّا سَمِعَ بِيلَاطُسُ ذٰلِكَ، سَأَلَ هَلِ ٱلرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ، ٧ وَبَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِسُلْطَةِ هِيرُودُسَ،+ أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ، ٱلَّذِي كَانَ هُوَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ.
٨ وَلَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لِأَنَّهُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيلٍ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ+ لِسَمَاعِهِ+ عَنْهُ، وَيَرْجُو أَنْ يَرَى آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ. ٩ وَسَأَلَهُ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ، لٰكِنَّهُ لَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ.+ ١٠ أَمَّا كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ، فَوَقَفُوا يَتَّهِمُونَهُ بِٱحْتِدَادٍ.+ ١١ فَٱزْدَرَاهُ+ هِيرُودُسُ مَعَ جُنُودِهِ ٱلْحَرَسِ، وَهَزَأَ+ بِهِ إِذْ كَسَاهُ ثَوْبًا مُتَأَلِّقًا، وَأَرْجَعَهُ إِلَى بِيلَاطُسَ. ١٢ فَصَارَ هِيرُودُسُ وَبِيلَاطُسُ+ صَدِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ، فَقَدْ كَانَتِ ٱلْعَدَاوَةُ مِنْ قَبْلُ مُسْتَمِرَّةً بَيْنَهُمَا.
١٣ فَجَمَعَ بِيلَاطُسُ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلرُّؤَسَاءَ وَٱلشَّعْبَ، ١٤ وَقَالَ لَهُمْ: «أَحْضَرْتُمْ إِلَيَّ هٰذَا ٱلْإِنْسَانَ كَمَنْ يُحَرِّضُ ٱلشَّعْبَ عَلَى ٱلثَّوْرَةِ، وَهَا أَنَا قَدِ ٱسْتَجْوَبْتُهُ أَمَامَكُمْ، فَلَمْ أَجِدْ فِي هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ أَسَاسًا+ لِلشَّكَاوَى ٱلَّتِي تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ. ١٥ وَلَا هِيرُودُسُ وَجَدَ، لِأَنَّهُ أَرْجَعَهُ إِلَيْنَا. وَهَا إِنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئًا يَسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتَ.+ ١٦ فَسَأُؤَدِّبُهُ+ وَأُطْلِقُهُ». ١٧ ــــــــ ١٨ وَلٰكِنَّهُمْ صَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ، قَائِلِينَ: «اِقْضِ عَلَى هٰذَا،+ وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ!».+ ١٩ (ذَاكَ كَانَ قَدْ أُلْقِيَ فِي ٱلسِّجْنِ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَلِأَجْلِ جَرِيمَةِ قَتْلٍ). ٢٠ فَنَادَاهُمْ بِيلَاطُسُ ثَانِيَةً، لِأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ إِطْلَاقَ يَسُوعَ.+ ٢١ فَأَخَذُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «عَلِّقْهُ عَلَى خَشَبَةٍ! عَلِّقْهُ عَلَى خَشَبَةٍ!».+ ٢٢ فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: «وَأَيَّ أَمْرٍ رَدِيءٍ فَعَلَ هٰذَا؟ لَمْ أَجِدْ فِيهِ مَا يَسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتَ. فَسَأُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ».+ ٢٣ فَأَلَحُّوا بِأَصْوَاتٍ عَالِيَةٍ، طَالِبِينَ أَنْ يُعَلَّقَ عَلَى خَشَبَةٍ، وَٱزْدَادَتْ أَصْوَاتُهُمْ قُوَّةً.+ ٢٤ فَحَكَمَ بِيلَاطُسُ أَنْ يُلَبَّى طَلَبُهُمْ:+ ٢٥ أَطْلَقَ+ ٱلَّذِي كَانَ قَدْ أُلْقِيَ فِي ٱلسِّجْنِ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ وَجَرِيمَةِ قَتْلٍ، ذَاكَ ٱلَّذِي طَلَبُوهُ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ.+
٢٦ وَفِيمَا هُمْ يَمْضُونَ بِهِ أَمْسَكُوا سِمْعَانَ، رَجُلًا قَيْرَوَانِيَّ ٱلْأَصْلِ كَانَ آتِيًا مِنَ ٱلرِّيفِ، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ خَشَبَةَ ٱلْآلَامِ لِيَحْمِلَهَا وَرَاءَ يَسُوعَ.+ ٢٧ وَكَانَ يَتْبَعُهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلشَّعْبِ وَمِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي كُنَّ يَلْطِمْنَ صُدُورَهُنَّ حُزْنًا وَيَنْدُبْنَهُ. ٢٨ فَٱلْتَفَتَ يَسُوعُ إِلَيْهِنَّ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ، لَا تَبْكِينَ عَلَيَّ، بَلِ ٱبْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلَادِكُنَّ؛+ ٢٩ لِأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: ‹مَا أَسْعَدَ ٱلْعَوَاقِرَ، وَٱلْأَرْحَامَ ٱلَّتِي لَمْ تَلِدْ، وَٱلثُّدِيَّ ٱلَّتِي لَمْ تُرْضِعْ!›.+ ٣٠ حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: ‹اُسْقُطِي عَلَيْنَا!›، وَلِلْآكَامِ: ‹غَطِّينَا!›.+ ٣١ لِأَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا يَفْعَلُونَ هٰذَا بِٱلشَّجَرَةِ ٱلرَّطْبَةِ، فَمَاذَا يَكُونُ بِٱلْيَابِسَةِ؟».+
٣٢ وَسِيقَ أَيْضًا ٱثْنَانِ آخَرَانِ فَاعِلَا سُوءٍ لِيُعْدَمَا مَعَهُ.+ ٣٣ وَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي يُدْعَى جُمْجُمَةَ،+ عَلَّقُوهُ هُنَاكَ عَلَى خَشَبَةٍ مَعَ فَاعِلَيِ ٱلسُّوءِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَوَاحِدًا عَنْ يَسَارِهِ.+ ٣٤ [[أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، ٱغْفِرْ+ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»]]. وَلِكَيْ يَقْتَسِمُوا ثِيَابَهُ، أَلْقَوْا قُرْعَةً.+ ٣٥ وَوَقَفَ ٱلشَّعْبُ يَنْظُرُ.+ إِلَّا أَنَّ ٱلرُّؤَسَاءَ كَانُوا يَضْحَكُونَ بِٱسْتِهْزَاءٍ، قَائِلِينَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، فَلْيُخَلِّصْ+ نَفْسَهُ إِنْ كَانَ هُوَ مَسِيحَ ٱللّٰهِ ٱلْمُخْتَارَ».+ ٣٦ وَٱلْجُنُودُ أَيْضًا هَزَأُوا+ بِهِ، وَهُمْ يَدْنُونَ وَيُقَدِّمُونَ لَهُ خَمْرًا حَامِضَةً+ ٣٧ وَيَقُولُونَ: «إِنْ كُنْتَ مَلِكَ ٱلْيَهُودِ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ». ٣٨ وَكَانَتْ كِتَابَةٌ فَوْقَهُ: «هٰذَا هُوَ مَلِكُ ٱلْيَهُودِ».+
٣٩ وَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْ فَاعِلَيِ ٱلسُّوءِ ٱلْمُعَلَّقَيْنِ يُوَجِّهُ إِلَيْهِ كَلَامًا مُهِينًا+ فَيَقُولُ: «أَلَسْتَ أَنْتَ ٱلْمَسِيحَ؟ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَخَلِّصْنَا». ٤٠ فَأَجَابَ ٱلْآخَرُ وَٱنْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَلَا تَخَافُ ٱللّٰهَ أَبَدًا، وَأَنْتَ تَحْتَ ٱلْحُكْمِ نَفْسِهِ؟+ ٤١ أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْلٍ، لِأَنَّنَا نَنَالُ ٱسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا. وَأَمَّا هٰذَا فَلَمْ يَفْعَلْ سُوءًا».+ ٤٢ ثُمَّ قَالَ: «يَا يَسُوعُ، ٱذْكُرْنِي مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ».+ ٤٣ فَقَالَ لَهُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ: سَتَكُونُ مَعِي+ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ».+
٤٤ وَكَانَ نَحْوُ ٱلسَّاعَةِ ٱلسَّادِسَةِ، وَمَعَ هٰذَا حَلَّتْ ظُلْمَةٌ عَلَى ٱلْأَرْضِ كُلِّهَا حَتَّى ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ،+ ٤٥ لِأَنَّ ٱلشَّمْسَ ذَهَبَ نُورُهَا. ثُمَّ ٱنْشَقَّ حِجَابُ+ ٱلْمَقْدِسِ مِنَ ٱلْوَسَطِ.+ ٤٦ وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَالٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أُودِعُ رُوحِي».+ وَلَمَّا قَالَ هٰذَا، لَفَظَ نَفَسَهُ ٱلْأَخِيرَ.+ ٤٧ فَإِذْ رَأَى ٱلضَّابِطُ مَا حَدَثَ، مَجَّدَ ٱللّٰهَ قَائِلًا: «بِٱلْحَقِيقَةِ كَانَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ بَارًّا».+ ٤٨ وَكُلُّ ٱلْجُمُوعِ ٱلَّذِينَ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ هُنَاكَ لِهٰذَا ٱلْمَشْهَدِ، لَمَّا رَأَوْا مَا حَدَثَ، عَادُوا وَهُمْ يَقْرَعُونَ صُدُورَهُمْ. ٤٩ وَكَانَ كُلُّ مَعَارِفِهِ وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ.+ وَٱلنِّسَاءُ ٱللَّوَاتِي تَبِعْنَهُ مَعًا مِنَ ٱلْجَلِيلِ، كُنَّ أَيْضًا وَاقِفَاتٍ يَنْظُرْنَ ذٰلِكَ.+
٥٠ وَإِذَا رَجُلٌ ٱسْمُهُ يُوسُفُ، وَهُوَ عُضْوٌ فِي ٱلْمَجْلِسِ، رَجُلٌ صَالِحٌ وَبَارٌّ+ — ٥١ هٰذَا لَمْ يَكُنْ مُؤَيِّدًا لِمُخَطَّطِهِمْ وَفِعْلِهِمْ+ — كَانَ مِنَ ٱلرَّامَةِ، إِحْدَى مُدُنِ ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ، وَكَانَ يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ.+ ٥٢ تَقَدَّمَ هٰذَا إِلَى بِيلَاطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.+ ٥٣ ثُمَّ أَنْزَلَهُ+ وَلَفَّهُ فِي كَتَّانٍ جَيِّدٍ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ+ مَحْفُورٍ فِي ٱلصَّخْرِ، لَمْ يَكُنْ قَدْ وُضِعَ فِيهِ أَحَدٌ بَعْدُ.+ ٥٤ وَكَانَ يَوْمُ ٱلتَّهْيِئَةِ،+ وَشَفَقُ ٱلسَّبْتِ يَقْتَرِبُ.+ ٥٥ وَذَهَبَتْ أَيْضًا ٱلنِّسَاءُ ٱللَّوَاتِي أَتَيْنَ مَعَهُ مِنَ ٱلْجَلِيلِ، فَأَلْقَيْنَ نَظْرَةً عَلَى ٱلْقَبْرِ ٱلتَّذْكَارِيِّ+ وَكَيْفَ وُضِعَ جَسَدُهُ.+ ٥٦ ثُمَّ عُدْنَ لِيُهَيِّئْنَ أَطْيَابًا وَزُيُوتًا عَطِرَةً.+ غَيْرَ أَنَّهُنَّ ٱسْتَرَحْنَ فِي ٱلسَّبْتِ+ حَسَبَ ٱلْوَصِيَّةِ.
٢٤ وَلٰكِنْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنَ ٱلْأُسْبُوعِ أَتَيْنَ بَاكِرًا جِدًّا إِلَى ٱلْقَبْرِ، وَهُنَّ يَحْمِلْنَ ٱلْأَطْيَابَ ٱلَّتِي هَيَّأْنَهَا.+ ٢ فَوَجَدْنَ ٱلْحَجَرَ مُدَحْرَجًا عَنِ ٱلْقَبْرِ،+ ٣ وَلَمَّا دَخَلْنَ لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ.+ ٤ وَفِيمَا هُنَّ فِي حَيْرَةٍ مِنْ ذٰلِكَ، إِذَا رَجُلَانِ بِلِبَاسٍ بَرَّاقٍ قَدْ وَقَفَا بِجَانِبِهِنَّ.+ ٥ وَإِذِ ٱرْتَعْنَ وَنَكَّسْنَ وُجُوهَهُنَّ إِلَى ٱلْأَرْضِ، قَالَا لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ ٱلْحَيَّ بَيْنَ ٱلْأَمْوَاتِ؟ ٦ [[إِنَّهُ لَيْسَ هُنَا، لٰكِنَّهُ أُقِيمَ]].+ تَذَكَّرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي ٱلْجَلِيلِ،+ ٧ قَائِلًا إِنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ لَا بُدَّ أَنْ يُسَلَّمَ إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ وَيُعَلَّقَ عَلَى خَشَبَةٍ وَيَقُومَ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ».+ ٨ فَتَذَكَّرْنَ كَلَامَهُ،+ ٩ وَعُدْنَ مِنَ ٱلْقَبْرِ وَأَخْبَرْنَ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ ٱلْبَاقِينَ بِهٰذَا كُلِّهِ.+ ١٠ وَكُنَّ مَرْيَمَ ٱلْمَجْدَلِيَّةَ وَيُوَنَّا+ وَمَرْيَمَ أُمَّ يَعْقُوبَ. وَكَذٰلِكَ بَاقِي ٱلنِّسَاءِ+ ٱللَّوَاتِي مَعَهُنَّ أَخْبَرْنَ ٱلرُّسُلَ بِهٰذَا. ١١ فَتَرَاءَى لَهُمْ هٰذَا ٱلْكَلَامُ كَٱلْهَذَيَانِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُنَّ.+
١٢ [[إِلَّا أَنَّ بُطْرُسَ قَامَ وَرَكَضَ إِلَى ٱلْقَبْرِ، وَلَمَّا ٱنْحَنَى رَأَى ٱلْعَصَائِبَ وَحْدَهَا. فَمَضَى مُتَعَجِّبًا فِي نَفْسِهِ مِمَّا حَدَثَ]].
١٣ وَإِذَا ٱثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُسَافِرَيْنِ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ نَفْسِهِ إِلَى قَرْيَةٍ تَبْعُدُ نَحْوَ سِتِّينَ غَلْوَةً عَنْ أُورُشَلِيمَ، وَٱسْمُهَا عِمْوَاسُ، ١٤ وَكَانَا يَتَحَدَّثَانِ وَاحِدُهُمَا إِلَى ٱلْآخَرِ عَنْ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْأُمُورِ+ ٱلَّتِي جَرَتْ.
١٥ وَفِيمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ وَيَتَنَاقَشَانِ، ٱقْتَرَبَ+ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَرَاحَ يَمْشِي مَعَهُمَا. ١٦ إِلَّا أَنَّ أَعْيُنَهُمَا أُمْسِكَتْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ.+ ١٧ فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ ٱلَّتِي تَتَبَاحَثَانِ فِيهَا وَأَنْتُمَا تَمْشِيَانِ؟». فَوَقَفَا وَٱلْغَمُّ بَادٍ عَلَى وَجْهَيْهِمَا. ١٨ وَأَجَابَ ٱلَّذِي ٱسْمُهُ كِلْيُوبَاسُ، وَقَالَ لَهُ: «أَمُتَغَرِّبٌ أَنْتَ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ فَلَا تَعْرِفَ مَا حَدَثَ فِيهَا فِي هٰذِهِ ٱلْأَيَّامِ؟». ١٩ فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هُوَ؟». قَالَا لَهُ: «مَا يَتَعَلَّقُ بِيَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيِّ+ ٱلَّذِي كَانَ نَبِيًّا+ مُقْتَدِرًا فِي ٱلْعَمَلِ وَٱلْقَوْلِ أَمَامَ ٱللّٰهِ وَٱلشَّعْبِ كُلِّهِ، ٢٠ وَكَيْفَ سَلَّمَهُ كِبَارُ كَهَنَتِنَا وَرُؤَسَاؤُنَا لِحُكْمِ ٱلْمَوْتِ وَعَلَّقُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ.+ ٢١ وَلٰكِنَّنَا كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ ٱلَّذِي سَيُنْقِذُ إِسْرَائِيلَ+ حَتْمًا. وَمَعَ ذٰلِكَ كُلِّهِ، فَهٰذَا هُوَ ٱلْيَوْمُ ٱلثَّالِثُ مُنْذُ حَدَثَ ذٰلِكَ. ٢٢ إِلَّا أَنَّ نِسَاءً+ مِنَّا أَدْهَشْنَنَا أَيْضًا، لِأَنَّهُنَّ بَكَّرْنَ إِلَى ٱلْقَبْرِ ٱلتَّذْكَارِيِّ ٢٣ وَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ، فَأَتَيْنَ قَائِلَاتٍ إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ أَيْضًا مَنْظَرًا فَوْقَ ٱلطَّبِيعَةِ لِمَلَائِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. ٢٤ وَمَضَى بَعْضُ ٱلَّذِينَ مَعَنَا إِلَى ٱلْقَبْرِ،+ فَوَجَدُوهُ هٰكَذَا كَمَا قَالَتِ ٱلنِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ».
٢٥ فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا ٱلْغَبِيَّانِ وَٱلْبَطِيئَا ٱلْقُلُوبِ فِي ٱلْإِيمَانِ بِكُلِّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ٱلْأَنْبِيَاءُ!+ ٢٦ أَمَا كَانَ عَلَى ٱلْمَسِيحِ أَنْ يُعَانِيَ+ هٰذَا وَيَدْخُلَ إِلَى مَجْدِهِ؟».+ ٢٧ وَفَسَّرَ لَهُمَا، مُبْتَدِئًا مِنْ مُوسَى+ وَكُلِّ ٱلْأَنْبِيَاءِ،+ مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ كُلِّهَا.
٢٨ وَٱقْتَرَبُوا مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَا مُسَافِرَيْنِ إِلَيْهَا، فَتَظَاهَرَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ. ٢٩ فَأَلْزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: «اُمْكُثْ مَعَنَا، لِأَنَّهُ نَحْوُ ٱلْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ ٱلنَّهَارُ». فَدَخَلَ لِيَمْكُثَ مَعَهُمَا. ٣٠ وَفِيمَا هُوَ مُتَّكِئٌ مَعَهُمَا لِلطَّعَامِ، أَخَذَ ٱلْخُبْزَ وَبَارَكَ، وَكَسَرَ وَأَعْطَاهُمَا.+ ٣١ عِنْدَئِذٍ ٱنْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ. ثُمَّ ٱخْتَفَى عَنْهُمَا.+ ٣٢ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: «أَلَمْ تَكُنْ قُلُوبُنَا مُتَّقِدَةً إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا فِي ٱلطَّرِيقِ وَيَشْرَحُ لَنَا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ؟». ٣٣ فَقَامَا فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ عَيْنِهَا وَعَادَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا ٱلْأَحَدَ عَشَرَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُمْ مُجْتَمِعِينَ، ٣٤ وَهُمْ يَقُولُونَ: «بِٱلْحَقِيقَةِ أُقِيمَ ٱلرَّبُّ وَتَرَاءَى لِسِمْعَانَ!».+ ٣٥ فَرَوَيَا هُمَا مَا حَدَثَ فِي ٱلطَّرِيقِ وَكَيْفَ عَرَفَاهُ مِنْ كَسْرِ ٱلْخُبْزِ.+
٣٦ وَبَيْنَمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهٰذَا، وَقَفَ هُوَ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ [[وَقَالَ لَهُمْ: «سَلَامٌ لَكُمْ!»]]. ٣٧ وَلٰكِنَّهُمْ، إِذِ ٱرْتَعَبُوا وَٱرْتَاعُوا،+ ظَنُّوا أَنَّهُمْ رَأَوْا رُوحًا. ٣٨ فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَ أَنْتُمْ مُضْطَرِبُونَ، وَلِمَ تُسَاوِرُ ٱلشُّكُوكُ قُلُوبَكُمْ؟ ٣٩ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَقَدَمَيَّ، هٰذَا أَنَا بِنَفْسِي. جُسُّونِي+ وَٱنْظُرُوا، لِأَنَّ ٱلرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ+ كَمَا تَرَوْنَ لِي». ٤٠ [[وَلَمَّا قَالَ هٰذَا، أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ]]. ٤١ وَإِذْ كَانُوا بَعْدُ غَيْرَ مُصَدِّقِينَ+ مِنَ ٱلْفَرَحِ ٱلشَّدِيدِ وَمُتَعَجِّبِينَ، قَالَ لَهُمْ: «هَلْ عِنْدَكُمْ هُنَا مَا يُؤْكَلُ؟».+ ٤٢ فَأَعْطَوْهُ قِطْعَةً مِنَ ٱلسَّمَكِ ٱلْمَشْوِيِّ.+ ٤٣ فَأَخَذَ وَأَكَلَ+ أَمَامَ عُيُونِهِمْ.
٤٤ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰذَا هُوَ كَلَامِي ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ إِذْ كُنْتُ بَعْدُ مَعَكُمْ،+ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي شَرِيعَةِ مُوسَى وَفِي ٱلْأَنْبِيَاءِ+ وَٱلْمَزَامِيرِ».+ ٤٥ ثُمَّ فَتَّحَ أَذْهَانَهُمْ لِيَفْهَمُوا مَعْنَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،+ ٤٦ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰكَذَا مَكْتُوبٌ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنْ بَيْنِ ٱلْأَمْوَاتِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ،+ ٤٧ وَبِٱسْمِهِ يُكْرَزُ بِٱلتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا+ فِي جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ.+ اِبْتِدَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ،+ ٤٨ سَتَكُونُونَ شُهُودًا+ لِذٰلِكَ. ٤٩ وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَا وَعَدَ بِهِ أَبِي. وَلٰكِنِ ٱلْبَثُوا أَنْتُمْ بِٱلْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ تَلْبَسُوا قُدْرَةً مِنَ ٱلْعَلَاءِ».+
٥٠ وَخَرَجَ بِهِمْ حَتَّى بَيْتَ عَنْيَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ.+ ٥١ وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، ٱنْفَصَلَ عَنْهُمْ وَرُفِعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ.+ ٥٢ فَسَجَدُوا لَهُ وَعَادُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ.+ ٥٣ وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ يُبَارِكُونَ ٱللّٰهَ.+
انظر الملحق ٢.