مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٦ ٢٢/‏٢ ص ١٩-‏٢٤
  • صغير الضفدع

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • صغير الضفدع
  • استيقظ!‏ ١٩٩٦
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • عملي كفتاة ڠايشا
  • مَن هي امي؟‏
  • ابن في غمرة الحرب
  • الواجبات العائلية
  • اعالة ابنتي
  • الدين يصبح نقطة خلاف
  • تغييرات في حياتي
  • العيش وفق انتذاري
  • من قرائنا
    استيقظ!‏ ١٩٩٦
  • التبنّي —‏ كيف يجب ان انظر اليه؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٦
  • شاكرة على دعم يهوه الذي لا ينضب
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٣
  • قولي لهما انك تحبينهما
    تجارب عاشها شهود ليهوه
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٦
ع٩٦ ٢٢/‏٢ ص ١٩-‏٢٤

صغير الضفدع

‏«صغيرُ الضفدعِ ضفدعٌ.‏»‏

ان هذا المثل الياباني يعني ان الولد عندما يكبر يصير مثل والده.‏ وأمي كانت من فتيات الڠايشا.‏

كبرت في بيت لفتيات الڠايشا كانت تديره امي.‏ ولذلك كنت منذ صغري محاطة بسيدات فاتنات يلبسن افخر اثواب الكيمونو.‏ وكنت اعرف انه عندما اكبر سأنضم الى عالمهن.‏ بدأ تدريبي عام ١٩٢٨ في اليوم السادس من الشهر السادس وأنا في السادسة من عمري.‏ وقيل ان الرقم ٦٦٦ يضمن النجاح.‏

درست الفنون التقليدية اليابانية —‏ الرقص،‏ الغناء،‏ العزف على الآلات الموسيقية،‏ اداء مراسم الشاي،‏ وإلى ما هنالك.‏ وكل يوم بعد المدرسة كنت اسرع الى البيت،‏ اغيِّر ثيابي،‏ وأذهب من اجل دروسي.‏ وهناك كنت اجد نفسي من جديد مع رفيقاتي في المدرسة لأننا كنا كلنا بنات لفتيات الڠايشا.‏ كان ذلك وقتا حافلا بالنشاطات،‏ وكنت اتمتع به.‏

في تلك الايام،‏ قبل الحرب العالمية الثانية،‏ كان التعليم المدرسي الالزامي ينتهي في الـ‍ ١٢ من العمر،‏ ولذلك ابتدأت بالعمل في تلك السن.‏ وبصفتي ڠايشا مبتدئة،‏ كنت البس اثواب كيمونو رائعة،‏ تتدلّى اكمامها الى رجليّ تقريبا.‏ وشعرت وأنا في طريقي الى تعييني الاول بأنني في ذروة السعادة.‏

عملي كفتاة ڠايشا

شمل عملي بشكل رئيسي تسلية الناس والعمل كمضيفة.‏ فعندما كان الرجال الاغنياء يخططون لحفلات عشاء في مطاعم فاخرة،‏ غالبا ما كانوا يتصلون ببيت للڠايشا ويطلبون خدمات بعض فتيات الڠايشا.‏ وكان يُتوقَّع من الڠايشا ان يحيين الامسية ويحرصن ان يذهب كل ضيف الى بيته راضيا،‏ شاعرا بأنه قضى وقتا ممتعا.‏

ولذلك كان علينا ان نتوقَّع حاجات كل ضيف ونسدها —‏ حتى قبل ان يدرك الضيف انه بحاجة الى امر ما.‏ وأظن ان الجزء الاصعب كان ان نتكيَّف بسرعة.‏ فإذا اراد الضيوف فجأة ان يشاهدوا رقصا،‏ كنا نرقص.‏ وإذا رغبوا في سماع الموسيقى،‏ كنا نُخرج آلاتنا ونعزف الموسيقى المطلوبة او نغنّي اي نوع يُطلب من الاغاني.‏

هنالك فكرة خاطئة شائعة وهي ان كل فتيات الڠايشا هن بغايا غاليات الأجر من الدرجة الاولى.‏ وهذا ليس صحيحا.‏ فمع ان هنالك فتيات ڠايشا يكسبن عيشهن ببيع انفسهن،‏ إلّا انه لا حاجة الى ان تنحط الڠايشا الى درجة فعل ذلك.‏ وأنا اعرف هذا لأنني لم افعل ذلك قط.‏ فعمل الڠايشا هو تسلية الحضور،‏ وإذا كانت بارعة،‏ يمكن ان تُكسِبها مهاراتها العمل،‏ الهدايا الثمينة،‏ والاكراميات السخية من الزُّبن.‏

طبعا،‏ قليلات يبرعن ليكن الفضليات.‏ فمعظم فتيات الڠايشا يحترفن فنا واحدا فقط من الفنون اليابانية التقليدية.‏ أما انا فقد كنت احمل شهادات في سبعة من تلك الفنون،‏ الرقص الياباني،‏ تنسيق الزهور،‏ مراسم الشاي،‏ الطبل الياباني المعروف باسم تاييكو‏،‏ وثلاثة انواع من الموسيقى التي تعزف على السَّميسَن الثلاثي الاوتار.‏ ولولا هذه المؤهلات،‏ لشعرت ربما بالحاجة الى فعل كل ما يطلبه الزُّبن لكي اكسب عيشي.‏

لمَّا كانت اليابان غير مستقرة اقتصاديا،‏ كانت الفتيات يخترن احيانا ان يصرن من الڠايشا لكي يعِلن عائلاتهن.‏ فكن يستلفن المال ليدفعن لقاء تدريبهن ولقاء اثواب الكيمونو.‏ وأخريات باعتهن عائلاتهن لبيوت الڠايشا.‏ وبما ان مالكي تلك البيوت يدفعون مبالغ طائلة،‏ كانوا يطلبون من فتيات الڠايشا تسديد المال.‏ وكانت فتيات الڠايشا في تلك الظروف في حالة يُرثى لها،‏ إذ ان تدريبهن كان يبدأ متأخرا وكن يرزحن تحت دين ثقيل.‏ وكثيرات من فتيات الڠايشا هؤلاء لجأن الى الفساد الادبي او اجبرن على ذلك لتسديد ما عليهن من مال.‏

كثر الطلب على خدماتي من قِبل المشاهير في عالم الرياضة،‏ التسلية،‏ الاعمال،‏ والسياسة.‏ وكان الوزراء ورؤساء الوزراء بين زُبني.‏ وكان هؤلاء الرجال يعاملونني باحترام ويشكرونني على عملي.‏ ومع انني لم اكن اشترك في المحادثة العامة إلّا عندما يُطلب مني ذلك،‏ كنت أُسأل عن رأيي احيانا.‏ لذلك كنت اقرأ الصحف وأستمع الى الراديو يوميا لكي ابقى على علم بالاخبار.‏ وكثيرا ما كانت الحفلات حيث كنت اخدم تُعقد من اجل المفاوضات،‏ لذلك كان عليّ ان اكون كتومة وألّا اردِّد ما اسمعه.‏

مَن هي امي؟‏

ذات يوم عام ١٩٤١،‏ عندما كنت في الـ‍ ١٩ من العمر،‏ دُعيت الى مطعم ووجدت امرأتين في انتظاري.‏ وأعلنت احداهما انها امي بالولادة وأنها اتت لتأخذني الى البيت.‏ وكانت المرأة الاخرى توظِّف الڠايشا وعرضت عليّ عملا.‏ وحسب رأيها،‏ كان عليّ ان اعمل لأعيل امي بالولادة لا امي بالتبني.‏ لم يتبادر قط الى ذهني ان المرأة التي ربَّتني ليست امي الحقيقية.‏

وإذ اربكني الامر،‏ ركضت الى البيت وأخبرت امي بالتبني بما حدث.‏ ولطالما كانت امي بالتبني سيدة عواطفها،‏ لكنَّ الدموع ترقرقت آنذاك في عينيها.‏ وقالت انها ارادت ان تكون هي اول مَن يخبرني انني أُعطيت لبيت ڠايشا عندما كان عمري سنة واحدة.‏ وحين سمعتُ الحقيقة،‏ خسرت كل ثقتي بالناس وأصبحت منطوية على نفسي ومنزوية.‏

رفضتُ الاعتراف بأمي بالولادة.‏ وكان واضحا من لقائنا الوجيز انها كانت على علم بنجاحي وأنها ارادت ان اعمل لأعيلها.‏ وعرفتُ من مركز عمل صديقتها ان العمل هناك يشمل الفساد الادبي.‏ أما انا فأردت ان ابيع مواهبي الفنية وليس جسدي.‏ لذلك اعتقدت آنذاك،‏ ولا ازال اعتقد،‏ انني اتَّخذت القرار الصائب.‏

ومع انني كنت غضبانة على امي بالتبني،‏ كان عليّ ان اعترف بأنها درَّبتني لأتمكَّن من الاستمرار في كسب عيشي.‏ وكلَّما فكرت اكثر في الامر،‏ شعرت اكثر بأنني مدينة لها.‏ فقد اختارت دائما وباعتناء مكان عملي حاميةً ايّاي من الرجال الذين كانوا يطلبون خدمات الڠايشا فقط لغايات فاسدة ادبيا.‏ وأنا شاكرة لها الى هذا اليوم على ذلك.‏

وقد علَّمتني المبادئ.‏ وأحد المبادئ التي كانت تشدِّد عليها،‏ هو ان نَعَمي يجب ان تعني نعم ولايَ لا.‏ وعلَّمتني ايضا ان اقبل المسؤولية وأن اكون صارمة مع نفسي.‏ وباتِّباع المبادئ التي علَّمتني اياها،‏ نجحت في عملي.‏ وأشك في انني كنت سأحظى بمساعدة كهذه من امي بالولادة.‏ فربما انقذني التبني من حياة قاسية جدا،‏ وشعرت بأنني كنت سعيدة بأن تحدث الامور هكذا.‏

ابن في غمرة الحرب

انجبت ابنا سنة ١٩٤٣.‏ وانسجاما مع الحضارة اليابانية التقليدية،‏ التي لا تعترف بـ‍ «الخطية،‏» لم اعتقد انني فعلت ايّ شيء خاطئ او شائن.‏ وكنت مسرورة جدا بابني.‏ فقد كان اغلى ما عندي —‏ شخصا احيا وأعمل من اجله.‏

وعام ١٩٤٥ اشتد القصف المدفعي على طوكيو،‏ وكان عليَّ ان اهرب بابني من المدينة.‏ فكان هنالك القليل من الطعام وكان مريضا جدا.‏ كان الناس محتشدين في محطة السكة الحديدية وسط فوضى عارمة،‏ لكنّنا تمكنّا من ركوب قطار متَّجه شمالا الى فوكوشيما.‏ مكثنا هناك في نُزل تلك الليلة،‏ ولكن قبل ان اتمكَّن من اخذ صغيري الى المستشفى،‏ مات من سوء التغذية والتجفاف.‏ كان عمره سنتين فقط.‏ فسحقني الأسى.‏ وحرق عامل تسخين المياه في النُّزل جثة ابني في النار التي كان يستعملها لتسخين ماء الاستحمام.‏

بُعيد ذلك،‏ انتهت الحرب ورجعتُ الى طوكيو.‏ كانت القنابل قد دمَّرت المدينة الى الحضيض.‏ ودُمِّر بيتي وكل ما املك.‏ فذهبت الى بيت صديقة لي.‏ وأعارتني بعض اثواب الكيمونو،‏ وابتدأت بالعمل من جديد.‏ أما امي بالتبني،‏ التي كانت قد نزحت من طوكيو،‏ فطلبت ان ارسل المال وأَبني لها بيتا في طوكيو.‏ جعلتني مطالب كهذه اشعر بالوحدة اكثر من ايّ وقت مضى.‏ فكنت لا ازال متفجعة على ابني،‏ وأتوق الى التعزية،‏ لكنَّها لم تأتِ حتى على ذكر ابني.‏ وكل ما كان يهمها هو نفسها.‏

الواجبات العائلية

تعلِّم التقاليد ان كل ما نملكه ندين به لوالدينا وأسلافنا وأنه من واجب الاولاد ان يوفوا والديهم حقهم بإطاعتهم دون تردد وبالاهتمام بهم حتى مماتهم.‏ لذلك تمَّمت واجبي،‏ لكنَّ مطالب امي بالتبني كانت كثيرة جدا.‏ فقد توقَّعت مني ايضا ان اعيل ولدَي اخيها اللذين كانت قد تبنتهما.‏ وحتى الـ‍ ١٩ من العمر،‏ كنت اعتبرهما اخي وأختي.‏

كثيرات من فتيات الڠايشا لم يتزوجن قط وكنّ يتجنَّبن انجاب الاولاد.‏ وغالبا ما كنّ يتبنَّين فتيات مولودات حديثا لعائلات فقيرة ويدرِّبنهن ليصرن من الڠايشا،‏ وذلك فقط ليحظين بالدعم المالي ويتمتعن بعيش رغيد في شيخوختهن.‏ وللأسف،‏ بدأت افهم لماذا حظيت بكل هذه العناية والتدريب.‏ فذلك كان مجرد ضمان مادي للمستقبل.‏

قبلت كل ذلك مع انني كنت اتساءل لماذا كان عليّ ان اعيل،‏ بالاضافة الى امي بالتبني،‏ «اخي» و «اختي» اللذين كانا يتمتعان كلاهما بصحة جيدة وكانا قادرَين على العمل.‏ ومع ذلك دعمتُ الثلاثة،‏ منفِّذة كل رغباتهم.‏ وفي النهاية،‏ قبل يوم من موت امي عام ١٩٥٤،‏ ركعَت على سريرها،‏ انحنت وشكرتني رسميا.‏ وقالت انني فعلت ما فيه الكفاية.‏ وقد عوَّض هذا الاعتراف وتعبير الشكر عن سنوات عملي.‏ ولا يزال الاكتفاء من المعرفة انني تمَّمت كل مسؤولياتي يملأ عينيّ دموعا.‏

اعالة ابنتي

عام ١٩٤٧،‏ صرت امًّا لبنت صغيرة،‏ وقرَّرت ان اعمل بكد لأُكدِّس لها ثروة.‏ فكنت اذهب كل ليلة الى العمل.‏ وبدأت ايضا بالتمثيل على خشبة المسارح الرئيسية في اليابان،‏ مثل كابوكيزا في ڠنزا.‏ مما ادرّ عليّ ايضا دخلا جيدا.‏

وسواء كنت ارقص او اعزف على السَّميسَن،‏ كنت اقوم دائما بالادوار الرئيسية.‏ ولكن رغم النجاح الذي لم تكن لتحظى به فتيات الڠايشا سوى في احلامهن،‏ لم اكن سعيدة.‏ ربما ما كنت سأشعر بالوحدة الى هذا الحد لو تزوجت،‏ إلاّ ان حياة الڠايشا والزواج لا يتفقان.‏ وتعزيتي الوحيدة كانت اييكو،‏ ابنتي الصغيرة؛‏ فقد كانت محور حياتي.‏

تدرِّب عادة فتيات الڠايشا بناتهن،‏ سواء ولدنهن او تبنينهن،‏ على القيام بالعمل نفسه.‏ واتَّبعت انا هذا العُرف لكنني بدأت لاحقا افكر في نوع الحياة الذي كنت اعدّها له.‏ فلو استمر ذلك،‏ لعنى ان جيلا بعد جيل لن يعرف ابدا معنى حيازة عائلة حقيقية.‏ أما انا فأردت ان اقطع تلك السلسلة.‏ اردت ان تتمتع اييكو،‏ وأولادها من بعدها،‏ بزواج وحياة عائلية طبيعية.‏ لم ارد ان تصبح صغيرةُ الضفدع هذه ضفدعةً!‏

عندما صارت اييكو في سني مراهقتها،‏ صارت صعبة المراس.‏ وبعد موت امي بالتبني قبل سنوات قليلة،‏ كانت رفيقات اييكو الوحيدات في البيت هن الخادمات اللواتي كنت اوظفهن.‏ فقد كانت في امسّ الحاجة الى وقتي وانتباهي.‏ لذلك،‏ مع انني كنت في اواسط ثلاثيناتي،‏ وفي ذروة حياتي المهنية،‏ قرَّرت ان اترك مهنة الڠايشا وأن اكتفي بالعمل كراقصة وعازفة سَميسَن.‏ فتوقفت من اجل اييكو.‏ وابتدأنا بتناول طعام العشاء معا،‏ وفورا تقريبا صارت اكثر لطفا.‏ فمَنْحها وقتي كانت له نتائج رائعة.‏

ثم انتقلنا الى منطقة سكنية هادئة حيث افتتحت مقهى صغيرا.‏ كبرت اييكو،‏ وأراحني ان اراها تتزوج كيميهيرو،‏ رجل رقيق تفهَّم حياتي الماضية.‏

الدين يصبح نقطة خلاف

عام ١٩٦٨،‏ انجبت اييكو اول حفدائي.‏ وبُعيد ذلك،‏ ابتدأَت بدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ فاجأني ذلك لأنه كان لدينا ديننا.‏ فقد اقمت مذبحا بوذيا كبيرا في بيتنا بعد وفاة امي —‏ امي بالتبني —‏ وكنت اركع امامه قانونيا وأعبدها.‏ وكنت ايضا ازور قبر العائلة كل شهر لأُخبرها بكل ما كان يحصل.‏

كانت عبادة الاسلاف ترضيني.‏ فقد كنت اشعر بأنني اقوم بما يجب للاعتناء بأسلافي ولأظهر لهم عرفاني بالجميل،‏ وقد درَّبت اييكو على فعل الامر نفسه.‏ لذلك ارتعبت عندما قالت لي انها لن تشترك بعد الآن في عبادة الاسلاف،‏ وإنها لن تعبدني عندما اموت.‏ فتساءلت:‏ ‹كيف انجبت ابنة كهذه،‏ وكيف استطاعت ان تنضم الى دين يعلِّم الناس ان يكونوا جاحدين الى هذا الحد بحق اسلافهم؟‏› وطوال السنوات الثلاث التالية كنت حزينة للغاية.‏

حدثت نقطة تحول عندما اعتمدت اييكو كواحدة من شهود يهوه.‏ فإذ فوجئَت شاهدة من صديقات اييكو انني لم اكن حاضرة عند معمودية ابنتي،‏ اخبرت اييكو بأنها ستقوم بزيارتي.‏ فأغاظني ذلك،‏ ولكنني استقبلتها عندما اتت،‏ فقط لأن الآداب الجيدة كانت مغروسة فيّ بشكل راسخ.‏ وللسبب عينه،‏ لم اقدر ان ارفض عندما قالت انها ستعود في الاسبوع التالي.‏ استمرت هذه الزيارات لأسابيع،‏ فأغاظتني جدا بحيث اني لم اتعلَّم في بادئ الامر شيئا مما كانت تقوله.‏ ولكن تدريجيا جعلتني المناقشات افكر.‏

ابتدأت اتذكر امورا كانت امي تقولها لي.‏ فمع انها كانت تريد ان تُعبد بعد مماتها،‏ لم تكن مقتنعة بأن هنالك حياة بعد الموت.‏ وكانت تقول ان ما يريده الوالدون قبل كل شيء هو ان يكون الاولاد لطفاء معهم وأن يتكلَّموا معهم بحنان وهم احياء.‏ وعندما قرأت آيات مثل جامعة ٩:‏٥،‏ ١٠،‏ وأفسس ٦:‏١،‏ ٢‏،‏ ورأيت ان الكتاب المقدس يشجع على الامر نفسه،‏ شعرت وكأن قشورا قد وقعت من عينيّ.‏ وكانت امور اخرى علَّمتني اياها امي موجودة في الكتاب المقدس مثل انّ نَعَمي ينبغي ان تعني نعم ولايَ لا.‏ (‏متى ٥:‏٣٧‏)‏ وإذ تساءلت عمّا يعلمه ايضا الكتاب المقدس،‏ قبلت درسا قانونيا في الكتاب المقدس.‏

عندما تقدمت في معرفة الكتاب المقدس،‏ زال تدريجيا الحزن والإحباط اللذان شعرت بهما معظم حياتي.‏ وتأثرت بعمق عندما بدأت بحضور اجتماعات شهود يهوه.‏ لقد كان ذلك عالما مختلفا.‏ فالناس كانوا مخلصين،‏ لطفاء،‏ ووديين،‏ فمسّ ذلك قلبي.‏ وتأثرت خصوصا عندما تعلمت عن رحمة يهوه.‏ فهو يسامح بمحبة كل الخطاة التائبين.‏ نعم،‏ سيسامح بكل تقصيراتي الماضية وسيساعدني لأتمتع بحياة جديدة!‏

تغييرات في حياتي

مع انني اردت ان اخدم يهوه،‏ كنت على علاقة وثيقة بعالم التسلية.‏ كنت آنذاك في خمسيناتي،‏ ولكنني كنت لا ازال امثل على المسرح.‏ وكنت ايضا الممثلة الرئيسية واحدة من منظِّمَي موسيقى السَّميسَن عندما قدَّم دانجورو اشيكاوا مسرحية سوكيروكو على مسرح كابوكيزا.‏ وبما ان عددا قليلا جدا من عازفي السَّميسَن يمكنهم ان يقدِّموا اسلوب كاتوبوشي‏،‏ المصاحبة الموسيقية اللازمة لـ‍ سوكيروكو،‏ لم يكن هنالك احد ليحل محلي اذا تركت.‏ لذلك شعرت بأنني عالقة.‏

غير ان شاهدا مسنًّا،‏ كان هو ايضا يقوم بنوع تقليدي من انواع التسلية اليابانية،‏ سألني لماذا كنت اعتقد بأنه عليَّ ان اتوقف.‏ وأوضح:‏ «يجب ان يعمل الناس ليعيلوا انفسهم.‏» وساعدني ان ارى انني لم اكن اقوم بشيء لا ينسجم مع الاسفار المقدسة وأنه يمكنني ان اخدم يهوه فيما اتابع حفلاتي.‏

تابعت فترة من الوقت العمل في كابوكيزا،‏ المسرح الأبرز في اليابان.‏ ثم صارت العروض تتزامن مع امسيات الاجتماعات،‏ فطلبت ان يحل احد محلي في تلك الامسيات.‏ ولكن سرعان ما تغيَّرت اوقات اجتماعاتنا،‏ فصار بإمكاني ان اوفِّق بين العمل والاجتماعات على السواء.‏ إلّا انه للوصول الى الاجتماعات في الوقت المحدد،‏ كثيرا ما كان عليّ ان اركب بسرعة،‏ بعد انتهاء العرض،‏ سيارة اجرة منتظرة بدلا من ان ارتاح مع باقي الممثلين كما جرت العادة.‏ وأخيرا،‏ قرَّرت ان اتوقف.‏

في ذلك الوقت،‏ كنا في مرحلة متقدِّمة من التمارين على سلسلة من العروض كانت ستدوم ستة اشهر في مدن اليابان الرئيسية.‏ والتطرق الى موضوع تركي العمل كان سيسبِّب الكثير من المشاكل.‏ لذلك،‏ دون ان اذكر نواياي،‏ بدأت ادرِّب شخصا ليخلفني.‏ وعندما انتهت الجولة،‏ اوضحت لكل ذوي العلاقة انني اتممت واجباتي وأنني سأترك العمل.‏ فغضب البعض.‏ واتَّهمني آخرون بأنني مغرورة وبأنني اسبب لهم المشاكل عمدا.‏ لم يكن ذلك سهلا عليّ،‏ لكنني التصقت بقراري وتركت العمل بعد ٤٠ سنة من التمثيل.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ أُعلِّم السَّميسَن،‏ وذلك يوفِّر لي دخلا صغيرا.‏

العيش وفق انتذاري

قبل ذلك بسنوات قليلة،‏ كنت قد نذرت حياتي ليهوه اللّٰه.‏ واعتمدت في ١٦ آب ١٩٨٠.‏ والشعور الذي يغمرني الآن هو الشكر العميق ليهوه.‏ وأعتبر نفسي الى حد ما مثل المرأة السامرية المذكورة في الكتاب المقدس في يوحنا ٤:‏٧-‏٤٢‏.‏ فيسوع تكلَّم اليها بلطف وهي تابت.‏ وبشكل مماثل،‏ فإن يهوه،‏ الذي «ينظر الى القلب،‏» اراني الطريق بلطف،‏ وبفضل رحمته،‏ صار بإمكاني ان ابدأ حياة جديدة.‏ —‏ ١ صموئيل ١٦:‏٧‏.‏

في آذار ١٩٩٠،‏ عندما كان عمري نحو ٦٨ سنة،‏ صرت فاتحة،‏ كما يُدعى الخدام كامل الوقت من شهود يهوه.‏ واييكو ايضا فاتحة،‏ وكذلك ايضا اولادها الثلاثة.‏ فقد كبروا وصاروا مثل امهم انسجاما مع المثل الياباني:‏ «صغيرُ الضفدعِ ضفدعٌ.‏» وزوج اييكو شيخ مسيحي في الجماعة.‏ فكم انا مباركة بكوني محاطة بعائلتي،‏ وكلهم في الحق،‏ وبحيازتي اخوة وأخوات روحيين محبين في الجماعة!‏

انا شاكرة لاسلافي،‏ إلّا ان شكري الأعظم يعود الى يهوه،‏ الذي فعل لي اكثر مما يمكن ان يفعله ايّ انسان.‏ والشكر لرحمته وتعزيته الوافرتين هو ما يدفعني بشكل خاص الى الرغبة في تسبيحه طوال الابدية.‏ —‏ كما روته ساواكو تاكاهاشي.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

وأنا اتمرن عندما كنت في الثامنة

‏[الصورة في الصفحة ٢٠]‏

ابنتي كانت مفخرة حياتي

‏[الصورة في الصفحة ٢١]‏

مع امي بالتبني

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

عبدت امي امام هذا المذبح العائلي

‏[الصورة في الصفحة ٢٤]‏

مع ابنتي،‏ وزوجها،‏ وحفدائي

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة