اكتشاف شخصكم الحقيقي
عندما تنظرون الى مرآة، ماذا ترون؟ صورتكم الجسدية المنعكسة. ولكن هل يخبركم ذلك مَن انتم حقا؟ هل يخبركم كيف يمكن ان يفهمكم الآخرون كشخص؟ هل تعرفون حقا مَن انتم؟ هل تعرفون كيف تأسس تصرفكم الشخصي اولا؟ نعم، كيف تطورتم، كشخصية؟
عندما تتوقفون لتحلِّلوا كل العناصر التي شكَّلت شخصيتكم، قد تلاحظون ان تأثيرات كثيرة فرضها عليكم — إما اشخاص آخرون او عوامل اخرى. فخلال السنوات الباكرة لتكوين شخصيتنا، كان لدى معظمنا القليل نسبيا للقيام به في ما يتعلق بتأسيس عاداتنا وطرائقنا الخاصة. لذلك دعونا ننظر الى بعض هذه التأثيرات المشكِّلة للشخصية التي فُرضت عليكم — بعضها قبل زمن طويل من حصولكم على فرصة فعل اي شيء يتعلق بتصرفكم الخاص.
التركيب الوراثي يقوم بدور كبير
الى اي حد يؤثِّر التركيب الوراثي فيكم؟ يحمل مخطَّط الـ DNA، الموجود في الصبغيات التي تنقل الخصائص الوراثية، اوصافا وتعليمات مكوَّدة لنمو كل شخص. لذلك الى اي حد يتأثر تصرفكم الفردي وراثيا؟ يبدو انه لا تزال هنالك صعوبة في اثبات ايِّ ارتباط واضح بين المورِّثات والشخصية. ولكنْ، هنالك بعض الاقتراحات التي يبدو انها مفيدة. مثلا، لعدد من صفاتكم الموروثة علاقة مباشرة بتصرفكم. لذلك، يرث بعض الناس امزجة مكبوتة، فيما يكون الآخرون طبيعيا ودّيين اكثر.
والمرأة الحامل يمكن ان تفيد او تضر ولدها غير المولود بأفعالها، افكارها، ومشاعرها الخاصة. فإلى اي حد أُلقي عليكم سلام او غضب فيما كنتم في رحم امكم؟ الى اي حد تعلَّمتم من نبرة صوت والديكم، الموسيقى التي كانوا يسمعونها؟ الى اي حد اثَّر فيكم الطعام الذي كانت امكم تأكله؟ واذا كانت تشرب الكحول او تتعاطى المخدرات، الى اي حد تأثَّرتْ هي بها؟ فعندما وُلدتم، جرى تحديد الكثير من ميولكم وربما من الصعب تغييرها.
ماذا عن الغذاء، الارجيات، المحيط؟
اذ نموتم الى الطفولة، ربما كان لمواد معينة في طعامكم تأثير في تصرفكم. فالحلويات، الصِبَغ الاصطناعية، والمواد الحافظة — كلها يمكن ان تمارس تأثيرا غير مرئي في التصرف. وفرط النشاط، التوتر الزائد، الاهتياج، الالم العصبي، والافعال المتطرفة وغير المضبوطة هي مجرد بعض النتائج. والتلوث من دخان عادِم السيارات، الابتعاث الصناعي، وسموم اخرى في البيئة تحدِّد ايضا التصرف. او، على صعيد شخصي، يمكن ان تكون لديكم ارجية تؤثر فيكم على نحو خطير جدا ولكن يمكن ان لا يكون لها تأثير مضاد في الذين حولكم.
وفضلا عن هذه التأثيرات، فإن تصرف والديكم، ما يحبونه وما يكرهونه بالاضافة الى تحاملاتهم التي عشتم معها من الطفولية، كان لها تأثير فيكم وشكَّلت شخصيتكم الى حد ما. والنتيجة هي ان الكثير من طرائقكم ووجهة نظركم العامة الى الحياة هو مجرد انعكاس لتلك التي لهم. فتميلون الى الانزعاج بشأن امور تزعجهم. وتميلون الى التساهل في اشياء تساهلوا هم فيها. ونادرا ما تلاحظون انكم تقلِّدونهم في تصرفهم حتى يقول لكم احد انكم تفعلون تماما كأبيكم او أمكم. ومكانتهم المادية والاجتماعية اثَّرت فيكم ايضا، كما فعل ذلك جواركم ومحيط مدرستكم. واصدقاؤكم وعشراؤكم كان لهم تأثير كبير فيكم ايضا. وربما حادث سيئ (لكم او لصديق حميم)، كارثة محلية، او حتى حوادث العالم المزعجة اثَّرت فيكم. او قد يكون ان مأساة ما مثل طلاق، او مرض خطير، قد تركت اثرا في شخصيتكم.
فهل يمكنكم، بعد التفكير في الامر، ان تحدِّدوا هوية اي من مثل هذه التأثيرات؟
اي دور يقوم به الدين؟
نظريا، يجب ان يساعدكم الدين لتكونوا شخصا افضل، محسِّنا تصرفكم الادبي، اخلاقكم، وروتينكم اليومي. فكم من القيم والافعال التي لكم اثَّر فيها الدين؟ فيما يجب ان يعمل الدين كرادع عن التصرف غير المسؤول والاجرامي، فان اناسا كثيرين من خلال اتصالهم بالدين يتأثَّرون بطريقة مختلفة. فهم يميِّزون الكثير من الرياء والتشديد على المادية بدلا من القيم الروحية في الكنائس ويغتاظون نتيجة لذلك. حتى انهم قد يصيرون لادينيين، مجرَّدين من الروحيات والرجاء.
قد تتمكنون من التفكير في تأثيرات خارجية اخرى تحدِّد التصرف. اصرفوا لحظات قليلة في التفكير مليا في اي من الامور ربما يؤثِّر فيكم حتى الآن. هل يمكنكم ان تضعوا قائمة ببعض منها؟ ليس من السهل ان تكونوا موضوعيين وتفكروا بهذه الطريقة، ولكنّ ذلك يستأهل الجهد ويمكن ان يكون مساعدا لكم. فكيف يكون الامر كذلك؟
حسنا، اذا كان بامكانكم ان تحدِّدوا هوية تأثير او سبب معيَّن لميل سلبي في تصرفكم، اذا كان بامكانكم ان تفرزوه، فستكونون في وضع افضل للسيطرة عليه، وربما حتى لتعديله. واذا كان بامكانكم ان تسيطروا على تأثير غير مرغوب فيه، او حتى تتخلصوا منه، يمكن ان تصيروا شخصا مختلفا، اذ تتصرفون على نحو ايجابي اكثر نحو الآخرين.
طبعا، انه تحدٍّ. ولكن بما ان الكثير جدا من التأثيرات في تصرفكم فرضه عليكم اناس آخرون او ظروف لم تكن لديكم سيطرة عليها، فلمَ لا تأخذون المبادرة وتفعلون شيئا لانفسكم بشأن الحالة؟ واذا عنى ذلك تحسينا، فلمَ لا تغيِّرون ما انتم عليه؟
[النبذة في الصفحة ٤]
افعال ومشاعر المرأة الحامل يمكن ان تؤثِّر في ولدها غير المولود