الفصل ٨
دوركم كآباء
١-٣ (أ) أي اثر يمكن ان تتركه ولادة الطفل في الابوين؟ (ب) لماذا من المهم ان يفهم الاب والام كلاهما دورهما كأبوين؟
في الحياة تؤثر فينا حوادث كثيرة بمقدار زهيد جدا. وتترك الأخرى اثرا كبيرا ودائما. ومن الواضح ان ولادة الطفل هي من هذه الأخيرة. فبالنسبة الى الزوج والزوجة لن تكون الحياة في ما بعد هي ذاتها. والشخصية الجديدة في البيت، رغم كونها صغيرة جدا، تجعل الآخرين يشعرون بها بالصوت والوجود الذي لا يمكن تجاهله.
٢ والحياة للآباء يجب ان تكون أغنى وأسعد. ولكنها تقدم التحدي، ومن اجل افضل النتائج يجب ان يواجه هذا التحدي الابوان كلاهما. فقد تطلب كليكما انتاج الولد، وسيلعب كلاكما دورا حيويا في تطور طفلكما من الولادة فصاعدا. والحاجة الى التعاون المخلص الموحّد — والمتواضع — لم تكن قط اعظم منها الآن.
٣ وفهم دور كل من الابوين وكيف يمكن ان يكون هذان الدوران منسجمين يجب ان يساعد كثيرا على سدّ حاجات طفلكما، معطيا نتائج سعيدة. والاتزان لازم. ورغم ان العقل يحاول ان يكون منطقيا غالبا ما تبعد العواطف الأمور عن الاتزان. فقد نميل الى التطرف، مما هو اقل من اللازم الى ما هو اكثر من اللازم، وأيضا ثانية الى ما هو اقل من اللازم. ومن المرغوب فيه ان يمارس الاب رئاسته، ولكنه اذا افرط في ذلك يصير مستبدا. ويحسن بالام ان تشترك في تدريب وتأديب الأولاد، أما قيامها بهذا الواجب وحدها الى حد ابعاد الاب فيهدم البناء العائلي. والجيد هو جيد، ولكنّ الشيء الجيد يمكن ان يصير رديئا اذا جرى الافراط فيه. — فيلبي ٤:٥.
دور الام الحاسم
٤ ما هي بعض الأمور التي يحتاج اليها الطفل من امه؟
٤ والطفل المولود حديثا يعتمد كليا على امه من اجل حاجاته المباشرة. واذا زوّدت هذه الحاجات بمحبة يشعر الطفل بالاطمئنان. (مزمور ٢٢:٩، ١٠) فتلزم تغذيته جيدا والمحافظة على نظافته ودفئه. ولكنّ تزويد الحاجات الجسدية لا يكفي. فالحاجات العاطفية أيضا مهمة. وان لم ينل الطفل المحبة لا يشعر بالاطمئنان. ويمكن ان تتعلم الام سريعا ان تعرف كم كبيرة هي الحاجة حقا عندما يتطلب ولدها الانتباه. أما اذا جرى تجاهل بكائه باستمرار فقد يمرض. واذا جرى حرمانه عاطفيا لفترة من الوقت قد يعاق عاطفيا باقي حياته.
٥-٧ حسب الأبحاث الأخيرة كيف يتأثر الطفل بمحبة امه وانتباهها؟
٥ والاختبارات في أماكن مختلفة عديدة اثبتت هذه الحقيقة: يمرض الأطفال وحتى يموتون اذا حرموا المحبة، كما يجري التعبير عنها بالتكلم واللمس والملاطفة والمعانقة. (قارن اشعياء ٦٦:١٢، ١ تسالونيكي ٢:٧.) ورغم ان الآخرين قد يفعلون ذلك فان الام، التي في رحمها اتى الطفل الى الحياة وتغذى للاشهر الأولى من الحياة، انما هي الشخص الملائم اكثر منطقيا لفعل ذلك. وهنالك تفاعل طبيعي يحدث بين الام والولد. فرغبتها الغريزية في ضم الطفل المولود حديثا الى صدرها يطابقها البحث الغريزي للولد عن الثدي.
٦ وأظهرت الأبحاث ان دماغ الولد نشيط جدا وان التطور العقلي يجري ترويجه عند اثارة حواسه للمس والسمع والبصر والشم. فعندما يرضع الولد يدرك دفء ورائحة جلد الام. وينظر الى وجهها باستمرار تقريبا عندما تطعمه. ويسمع ليس فقط صوتها اذ تكلمه او تغني له بل أيضا نبض قلبها، الصوت الذي كان يسمعه عندما كان لا يزال في الرحم. وفي مطبوعة نروجية تقول آن-ماريت دوف، المختصة بعلم نفس الأولاد:
« بما ان نشاط التلاميذ يظهر بوضوح درجة نشاط الدماغ لدينا سبب للاعتقاد ان الدرجة العالية للاثارة الجلدية، الدرجة العالية للملامسة — وليس الملامسة الأقل المتعلقة بالارضاع — يمكن ان تثير النشاط العقلي، الامر الذي يمكن ان يؤدي بدوره الى قدرة عقلية اعظم في الرشد.»
٧ ولذلك عندما يشعر الطفل تكرارا بملامسة الام وهي تحمله او تعانقه او تغسله وتمسح الماء عن جسمه فان الاثارة التي ينالها تلعب دورا مهما في تطوره وما سيكون عليه في حياته المقبلة. وفيما لا يكون النهوض ليلا وصرف الوقت في تهدئة الولد الباكي التسلية الأكثر متعة فان معرفة الفوائد المقبلة يمكن ان تعوض كثيرا عن خسارة النوم.
تعلّم المحبة بنيل المحبة
٨-١٠ (ا) ماذا يتعلم الطفل من محبة امه؟ (ب) لماذا ذلك مهم؟
٨ ونيل الطفل المحبة مهم جدا لتطوره العاطفي. فهو يتعلم ان يحبّ بنيل المحبة. بالتعرض لمثال المحبة. وفي التحدث عن المحبة للّٰه تقول ١ يوحنا ٤:١٩، «نحن نحبه لانه هو احبنا أولا.» والدروس الأولية في المحبة تقع بصورة رئيسية على الام. فالام تنحني على الطفل في فراشه، وتضع يدها على صدره، وتهزه برفق فيما تقرّب وجهها الى وجه الطفل وتقول، «اراك! اراك!» وطبعا، لا يعرف الطفل العبارة (التي هي في الواقع غير منطقية خصوصا على كل حال). ولكنه يتلّوى ويردّد صوته بابتهاج، اذ يدرك ان اليد المداعبة ونغمة الصوت تقول له بوضوح، «احبك! احبك!» فيطمئن ويشعر بالامن.
٩ والأطفال والأولاد الصغار الذين ينالون المحبة يقدّرونها، وتمثلا بهذه المحبة يمارسونها، واضعين الاذرع الصغيرة حول عنق الام ومقبّلين بحماسة. ويسرّون بالتجاوب العاطفي الذي يبهج القلب الذي يحصدونه من امهم نتيجة ذلك. فيبتدئون بتعلّم الدرس المهم انه مغبوط هو إعطاء المحبة وكذلك أخذها، وانهم اذ يزرعون المحبة يحصدونها أيضا. (اعمال ٢٠:٣٥، لوقا ٦:٣٨) وتظهر الأدلة انه ان لم يكن هنالك تعلّق باكر بالام قد يصعب على الولد كثيرا في ما بعد ان يتعلق بعمق بالآخرين.
١٠ وبما ان الأولاد يبتدئون بالتعلم حالا بعد الولادة فان السنوات القلية الأولى هي الأكثر أهمية. وفي خلال هذه السنوات تكون محبة الام حاسمة. فاذا نجحت في اظهار وتعليم المحبة — لا الدلال — يمكن ان تصنع خيرا دائما. واذا فشلت يمكن ان تسبب ضررا باقيا. وكون المرأة أّمّا صالحة هو من اكثر الاعمال التي يمكن ان تقوم بها تحديا وفائدة. ورغم كل الجهد والمطالب التي ترافق ذلك، اية مهنة يقدمها العالم يمكن ان تماثله في الأهمية والاكتفاء الدائم؟
الدور الحيوي للاب
١١ (أ) كيف يمكن للاب ان يثبت دوره في ذهن الولد؟ (ب) لماذا ذلك حيوي؟
١١ من الطبيعي في السن المبكرة ان تلعب الام دورا ابرز في حياة الولد. ولكن من ولادة الطفل فصاعدا يجب على الاب ان يكون أيضا جزءا من عالم الطفل. وحتى عندما يكون الولد صغيرا بعد يمكن ويجب ان يشترك الاب، معتنيا بالطفل أحيانا ولاعبا معه ومعزيا اياه عندما يبكي. وبهذه الطريقة يثبت الاب في ذهن الولد. ودور الاب يجب ان يتخذ تدريجيا شهرة اعظم على مر الوقت. فاذا انتظر أطول من اللازم ليبتدئ يمكن ان يكون ذلك بداية مشكلة تظهر خصوصا عندما يصير الولد مراهقا ويصير التأديب اصعب. والابن المراهق خصوصا قد يحتاج الى مساعدة ابيه. ولكن ان لم يجر تأسيس علاقة جيدة مسبقا فان الفجوة الناتجة على مر السنين لا يمكن ابطالها في خلال أسابيع قليلة.
١٢ و ١٣ (أ) ما هو دور الاب في العائلة؟ (ب) كيف يمكن لاتمام الاب مسؤولياته بالطريقة الصحيحة ان يؤثر في نظرة أولاده الى السلطة؟
١٢ وسواء كان الولد ابنا او ابنة يمكن لاثر صفات الاب الرجولية ان يساهم بشكل حيوي في تطور شخصية متزنة كاملة. وتظهر كلمة اللّٰه ان الاب يجب ان يكون رأس العائلة. وهو مسؤول عن اعالتهم ماديا. (١ كورنثوس ١١:٣، ١ تيموثاوس ٥:٨) ولكن «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الانسان.» ففي ما يتعلق بالاولاد يجري أمر الاباء أيضا، «ربوهم بتأديب الرب وانذاره.» (تثنية ٨:٣، افسس ٦:٤) وفيما يجب ان يندفع الاب بالمحبة الطبيعية لذريته فان الشعور بالمسؤولية امام خالقه، قبل كل شيء، يجب ان يدفعه الى فعل ما في وسعه لاتمام مهمته.
١٣ والى جانب المودّة والحنان والرأفة التي تعبّر عنها الام يمكن للاب ان يساهم في اثر يحافظ على الاتزان، اثر للقوة والتوجيه الحكيم. وطريقة معالجته التعيين المعطى له من اللّٰه يمكن ان تترك اثرا واضحا في الموقف المقبل لاولاده من السلطة، البشرية والالهية كلتيهما، ما اذا كانوا يحترمونها ويستطيعون ان يعملوا جيدا تحت توجيه شخص آخر دون غضب او تمرد.
١٤ أي اثر يمكن ان يتركه مثال الاب الجيد في ابنه او ابنته؟
١٤ فاذا كان لدى الاب ابن يمكن لمثاله ومعالجته الأمور ان يفعل الشيء الكثير لتقرير ما اذا كان الصبي يكبر ليصير شخصا ضعيفا مترددا ام قويا ثابتا يظهر شجاعة الاقتناع والرغبة في تحمل المسؤولية. ويمكن ان يؤثر في نوع الزوج او الاب الذي سيصير عليه الابن أخيرا — سواء كان قاسيا غير عاقل خشنا ام متزنا مدركا لطيفا. واذا كانت هنالك ابنة في العائلة يمكن لنفوذ ابيها وعلاقته ان يؤثر في كامل نظرتها الى الجنس الذكر، فيروّج او يعيق نجاحها المقبل في الزواج. وأثر هذا النفوذ الابوي يبتدئ منذ الطفولية.
١٥ و ١٦ (أ) اية مسؤولية عن التعليم يضعها الكتاب المقدس على الاب؟ (ب) كيف يمكن تحمل ذلك؟
١٥ ومدى مسؤولية الاب عن التعليم واضح في إرشادات اللّٰه لشعبه في التثنية ٦:٦، ٧: «لتكن هذه الكلمات التي انا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصّها على اولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم.»
١٦ وليس مجرد الكلمات ذاتها الموجودة في كلمة اللّٰه بل الرسالة التي تنقلها أيضا يجب غرسها في عقل الولد يوميا. والفرص موجودة دائما. فالازهار في الحديقة، والحشرات في الهواء، والطير او السنجاب في الأشجار، والاصداف على الشاطئ، وثمر الصنوبر في الجبال، والنجوم المتلألئة في السماء ليلا — كل هذه العجائب تتحدث عن الخالق، ويجب ان تفسّروا لاولادكم معنى كلامها. يقول المرنم الملهم: «السموات تحدّث بمجد اللّٰه. والفلك يخبر بعمل يديه. يوم الى يوم يذيع كلاما وليل الى ليل يبدي علما.» (مزمور ١٩:١، ٢) فبالانتباه لاستعمال هذه الامور، وخاصة للاعتماد على شؤون الحياة اليومية في إيضاح المبادئ الصائبة والتشديد عليها وفي اظهار حكمة مشورة اللّٰه وفائدتها، يمكن للاب ان يبني في عقل وقلب ولده الأساس الضروري اكثر للمستقبل: الاقتناع لا بمجرد وجود اللّٰه، بل بانه يجازي الذين يطلبونه. — عبرانين ١١:٦.
١٧ و ١٨ (أ) كيف يجب على الاب ان يؤدب أولاده؟ (ب) ما هو الشيء الفعال اكثر من صنع قواعد كثيرة؟
١٧ والتأديب أيضا جزء من دور الاب. «فأيّ ابن لا يؤدبه ابوه،» هو السؤال المطروح في العبرانيين ١٢:٧. ولكن يلزم ان يفعل ذلك بطريقة لا تصل الى التطرف، مفرطا في التقويم الى حد الاثارة والمضايقة المستمرة. تقول كلمة اللّٰه للآباء، «لا تغيظوا اولادكم لئلا يفشلوا.» (كولوسي ٣:٢١) والقيود ضرورية، ولكن يمكن أحيانا ان نزيد ونوسّع القواعد حتى تصير مرهقة ومثبطة.
١٨ كان الفريسيون قديما محبين للقواعد. فقد جمعوا اكواما منها وأنتجوا غلَات من المرائين. وهو خطأ بشري الاعتقاد ان المشاكل يمكن حلّها بمجرد صنع قواعد إضافية. ولكنّ اختبارات الحياة توضح ان الوصول الى القلب هو الحلّ الحقيقي. فلا تصنعوا قواعد كثيرة، بل حاولوا غرس المبادئ، متمثلين باللّٰه نفسه: «أجعل نواميسي في اذهانهم وأكتبها على قلوبهم.» — عبرانيين ٨:١٠.
الاب والام شريكان
١٩ ماذا يمكن فعله لضمان الاتصال الجيد في البيت؟
١٩ والأب عادة يحصّل المعيشة، وعندما يأتي الى البيت من العمل قد يكون تعبا، وقد تكون لديه أيضا واجبات أخرى لانجازها. ولكن يجب ان يخصص الوقت لزوجته وأولاده. ويجب ان يتصل بعائلته، صارفا الوقت في المناقشات العائلية والمشاريع العائلية، اللهو او النزه العائلية. وبهذه الطريقة يجري بناء الاتحاد والتماسك العائلي. وقبل مجيء الأولاد ربما كانا، هو وزوجته، يصرفان الكثير من الوقت خارج البيت. أما ان يستمرا هكذا، ذاهبين الى هنا وهناك وربما باقيين حتى ساعات متأخرة، فلا يعني العيش بموجب المسؤولية الابوية. ولا يكون منصفا لذريتهما. فعاجلا ام آجلا سيدفع الابوان ثمن عدم انتظامهما وعدم مسؤوليتهما. وكالراشدين يكون الأولاد احسن حالا عندما تملك حياتهم الاستقرار والانتظام الأساسي. ويساهم ذلك في الصحة العقلية والجسدية والعاطفية. والطريقة اليومية للحياة العائلية سيكون لها ما يكملها تماما من تقلّبات الزمان دون ان يضيف اليها الابوان بلا لزوم. — قارن متى ٦:٣٤، كولوسي ٤:٥.
٢٠ في ما يتعلق بتأديب الأولاد ماذا يمكن للابوين ان يفعلا ليكونا على اتحاد في جهودهما؟
٢٠ يجب ان يتعاون الاب والام في التعامل مع الأولاد، وتعليمهم، ووضع الحدود لهم، وتأديبهم، وإظهار المحبة لهم. فالبيت المقسم على ذاته لا يقدر ان يثبت. (مرقس ٣:٢٥) ويحسن بالابوين ان يناقشا التأديب الواجب اتباعه. وحينئذ يمكن ان يتجنبا جعل اولادهما يشهدون ايّ انقسام في ما يتعلق بالتأديب. والعمل بخلاف ذلك يمكن ان يدعو الأولاد الى محاولة التفريق ليسودوا. صحيح ان الاب او الام أحيانا قد يتجاوب بسرعة او بغضب ويمنح التأديب المتطرف، او عند بحث كل الوقائع قد يكون ذلك حقا غير لازم على الاطلاق. ولكن ربما امكن للابوين ان يتحدثا عن ذلك على انفراد ثم قد يختار الاب او الام الذي تصرف بلا حكمة ان يصحّح الأمور شخصيا مع الولد. او حيثما لا يكون هذا الحديث على انفراد ممكنا فان الاب او الام الذي يشعر بأن تأييد الرفيق يعني تأييد الظلم قد يقول شيئا كهذا، «افهم لماذا تشعر بالغضب، ولو كنت مكانك لشعرت أيضا هكذا. ولكن هنالك شيء لم تعرفه، وهو ...،» موضحا بعد ذلك ما جرى تجاهله. وهذا الامر يمكن ان يترك اثرا مهدئا دون اظهار الانقسام او عدم الموافقة امام الولد الجاري تأديبه. وكما يقول المثل الملهم: «الخصام انما يصير بالكبرياء ومع المتشاورين حكمة.» — أمثال ١٣:١٠، انظر أيضا الجامعة ٧:٨.
٢١ هل يلزم ترك التأديب لاحد الابوين فقط، ولماذا؟
٢١ تظهر الاسفار العبرانية ان التأديب يجب ان يكون دورا مزدوجا: «اسمع يا ابني تأديب ابيك ولا ترفض شريعة امك.» وتفعل الاسفار اليونانية المسيحية الامر ذاته: «أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب لانّ هذا حق.» وأحيانا يعتبر الاب تأديب الأولاد عمل زوجته. او قد تتخذ الزوجة نظرة معاكسة فلا تفعل اكثر من تهديد الولد الذي يسيء التصرف، «انتظر حتى يأتي ابوك الى البيت!» ولكن اذا كانت ستوجد السعادة العائلية، وكان كل من الابوين سينال محبة الأولاد واحترامهم، يجب الاشتراك في الواجب. — أمثال ١:٨، افسس ٦:١.
٢٢ ماذا يجب تجنبه عند معالجة طلبات الولد، ولماذا؟
٢٢ ويجب ان يرى الأولاد التعاون الموحَّد لابويهم في ذلك ورغبة كل منهما في تحمل مسؤوليته. فاذا سمع الولد الملتمس دائما اباه يقول، «اذهب واسأل امك،» او اذا كانت الام باستمرار تعيد القرار الى الاب، فان الاب او الام الذي يجد ان الطلب يتطلب منه الإجابة «كلا» يُحكم عليه كدنيء. وطبعا، قد تكون هنالك ظروف يقول فيها الاب، «نعم، يمكن ان تخرج لفترة من الوقت — ولكن راجع امك أولا لترى متى يكون العشاء حاضرا.» او قد تشعر الام أحيانا بان زوجها، فيما لا تعترض هي على الطلب، يلزم ان بعبّر عن نفسه في القضية. ولكن يجب ان ينتبها كلاهما لئلا يشجعا الولد او يسمحا له بطريقة ما بتحريض احد الابوين على الآخر لنيل غايته. والزوجة الحكيمة تحترز أيضا من استعمال نصيبها من السلطة بطريقة المنافسة، محاولة بالتساهل ان تنال النصيب الأكبر من مودّة الولد على حساب زوجها.
٢٣ في العائلة هل يقتصر اتخاذ القرارات بالضرورة على الاب؟
٢٣ وفي الواقع، في القرارات العائلية يمكن ان يملك كل عضو مجالات يستحق فيها قراره الاعتبار الخصوصي. فالاب لديه مسؤولية اتخاذ القرارات في المسائل المتعلقة بالخير العام للعائلة، متخذا هذه القرارات غالبا بعد المناقشة مع الآخرين وأخذ رغباتهم وتفضيلاتهم بعين الاعتبار. ويمكن للام ان تتخذ القرارات في ما يتعلق بالمطبخ والأمور المنزلية الكثيرة الأخرى. (أمثال ٣١:١١، ٢٧) وإذ يكبر الأولاد يمكن السماح لهم باتخاذ بعض القرارات المتعلقة بمجالات لعبهم، او اختيار اللباس، او الأمور الشخصية الأخرى. ولكن يجب ان يكون هنالك اشراف ابوي كاف للتاكد من اتّباع المبادئ السليمة، وعدم تعرض امان الأولاد للخطر، وعدم التعدي على حقوق الآخرين. وهذا الامر يمكن ان يعطي الأولاد بداية تدريجية في اتخاذ القرارات.
هل اكرامكم أيها الآباء سهل؟
٢٤ وجوب اكرام الأولاد اباهم وأمهم يضع اية مسؤولية على الآباء؟
٢٤ يجري امر الأولاد، «أكرم اباك وأمك.» (افسس ٦:٢، خروج ٢٠:١٢) وإذ يفعلون ذلك يكرمون أيضا وصية اللّٰه. فهل تجعلون ذلك سهلا عليهم؟ فيا ايتها الزوجة، يجري أمرك بان تكرمي وتحترمي زوجك. ألا يكون ذلك صعبا عليك اذا بذل هو قليلا او لا شيء من الجهد ليحيا بموجب ما تتطلبه منه كلمة اللّٰه؟ ويا أيها الزوج، يجب ان تحبّ وتكرم زوجتك كمعين عزيز عليك. ألا يكون ذلك صعبا ان لم تقدم هي العون؟ اذن سهّلوا على اولادكم اطاعة وصية اللّٰه بان يكرموكم انتم آباءهم. اكسبوا احترامهم بتزويد بيت سلمي، ومجموعة جيدة من المقاييس، وأمثلة حسنة في سلوككم الخاص، وتعليم وتدريب سليم، وتأديب حبي عند اللزوم.
٢٥ اية مشاكل يمكن ان تنشأ عندما لا يكون الآباء متحدين في كيفية وجوب تدريب الأولاد؟
٢٥ «اثنان خير من واحد،» قال الملك سليمان، «لانّ لهما اجرة لتعبهما صالحة.» (جامعة ٤:٩) فعندما يسير اثنان معا ويقع احدهما يكون الآخر هناك ليقيمه. وكذلك أيضا في العائلة يمكن للزوج والزوجة ان يؤيد ويشجع احدهما الآخر في دوريهما. ففي كثير من مجالات الابوّة يتشابك هذان الدوران، وهذا صالح لوحدة العائلة. والأولاد يجب ان يجعلوا الآباء اقرب معا، موحدين إياهم في عمل التدريب المشترك. ولكن قد تنشأ أحيانا مسائل مقسّمة حول كيفية وجوب تدريب الولد وتأديبه. فالزوجة أحيانا تمنح الولد كثيرا من الانتباه بحيث يشعر زوجها بالاهمال وحتى بالاستياء. ويمكن ان يؤثر ذلك في موقفه من الولد. فقد يشعر بالبرودة نحوه، او قد يمنحه كثيرا من المودّة بحيث يقلل انتباهه لزوجته. فيجري دفع ثمن غال عندما يخسر الزوج او الزوجة الاتزان.
٢٦ ماذا يمكن فعله لئلا يشعر الولد الأكبر بالغيرة عندما تضطر الام الى تخصيص كثير من وقتها للطفل الجديد؟
٢٦ ومع ذلك قد تنشأ مشكلة أخرى عندما يأتي طفل جديد ويكون هنالك ولد اكبر. فيجب ان تصرف الام مقدارا كبيرا من الوقت مع الطفل الجديد. ولئلا يشعر الولد الأكبر بالاهمال او الغيرة يمكن ان يمنح الاب انتباها إضافيا للولد الأكبر.
٢٧ عندما يكون رفيق الزواج غير مؤمن كيف يمكن مساعدة الأولاد روحيا؟
٢٧ لا شك ان اثنين خير من واحد، ولكن واحدا خير من لا احد. فقد تكون الام الشخص الذي، لسب الظروف، يلزم ان يربي الأولاد دون مساعدة الاب. او قد يواجه الاب هذا التحدي عينه. فكثيرا ما تكون البيوت منقسمة دينيا اذ يملك احد الابوين، كخادم ليهوه اللّٰه، ايمانا تاما بمشورة الكتاب المقدس دون الآخر. فحيثما يكون الزوج مسيحيا منتذرا يملك، كرأس للعائلة، مزيدا من السيطرة على المسلك الواجب اتّباعه في تدريب الأولاد وتأديبهم. ولكن قد يحتاج الى اظهار كثير من الصبر وضبط النفس والاحتمال. فيجب ان يكون ثابتا حيثما توجد قضية خطيرة، ومع ذلك يجب ان يكون منطقيا ولطيفا حتى تحت الاثارة ويجب ان يتصف بالمرونة حيثما تسمح الظروف. واذا كانت الزوجة مؤمنة، وكانت بالتالي خاضعة للزوج، فان طريقة شروعها تتوقف كثيرا على موقفه. فهل هو مجرد شخص غير مهتم بالكتاب المقدس، ام انه يقاوم ممارسة زوجته لمعتقداتها ومحاولاتها تعليم ذلك للأولاد؟ فاذا كان يقاومها يجب ان تعتمد على المسلك الذي ذكره الرسول: باعتناء الزوجة المثالي بواجباتها وموقف احترامها قد تربح زوجها «بدون كلمة.» وكذلك ستنتهز الفرص المتوافرة لها لتدريب أولادها في مبادئ الكتاب المقدس. — ١ بطرس ٣:١-٤.
بيئة البيت
٢٨ و ٢٩ اية بيئة للبيت مرغوب فيها، ولماذا؟
٢٨ ودور الابوين كليهما هو تزويد جو المحبة للبيت. فاذا شعر الأولاد بذلك لن تتراكم فيهم شكوكهم او اخطاؤهم لسبب خوفهم من اخبار ابويهم. فهم يعرفون انهم يمكن ان يتصلوا ويجري فهمهم، وان الأمور ستجري معالجتها باهتمام حبي. (قارن ١ يوحنا ٤:١٧-١٩، عبرانيين ٤:١٥، ١٦.) ولن يكون البيت مسكنا فقط، بل ملجأ أيضا. والمودّة الابوية ستجعل معنويات الأولاد تنمو وتزدهر.
٢٩ لا يمكن ان تضعوا اسفنجة في الخل وتتوقعوا ان تمتلئ بالماء. فيمكن ان تتشرب فقط ما يحيط بها. والاسفنجة تتشرب الماء فقط اذا انغمرت فيه. وكذلك يتشرب الأولاد ما يحيط بهم. وهم يشعرون بالمواقف ويلاحظون الأمور التي تجري ممارستها حولهم فيتشربونها كالاسفنج. والأولاد يشعرون بمشاعركم، سواء كانت مشاعر التوتر العصبي او الهدوء المريح. وحتى الأطفال يتشربون صفات جو البيت، ولذلك فان صفات الايمان والمحبة والروحيات والاتكال على يهوه اللّٰه كثيرة الثمن.
٣٠ اية أسئلة يمكن ان يطرحها الآباء على انفسهم ليعرفوا ما اذا كانوا يزوّدون الارشاد الجيد لاولادهم؟
٣٠ اسألوا أنفسكم: اية مقاييس تتوقعون ان يبلغها ولدكم؟ وهل تبلغانها كلاكما أيها الابوان؟ الى جانب أي شيء تقف عائلتكم؟ واي مثال للولد انتم؟ هل تتذمرون، تنظرون الى العيوب، تنتقدون الآخرين، تتأملون في الأفكار السلبية؟ وهل هذا هو النوع الذي تريدونه من الأولاد؟ ام تملكون المقاييس السامية لعائلتكم، وتحيون بموجبها، وتتوقعون ان يفعل اولادكم الامر ذاته؟ هل يفهمون انه من اجل الانتماء الى هذه العائلة يجب بلوغ مطالب معيّنة ويجري قبول سلوك معيّن دون بعض التصرفات والمواقف؟ والأولاد يريدون ان يشعروا بأمن الانتماء، فدعوهم يشعرون برضاكم وقبولكم عندما يبلغون مقاييس العائلة. والناس لديهم طريقة للعيش حسبما يتوقع منهم. فاذا صنّفتم ولدكم كرديء قد يبرهن انكم على صواب. توقعوا منه الخير، وشجعوه ليحيا بموجب ذلك.
٣١ ماذا يجب ان يدعم التوجيه الابوي دائما؟
٣١ يدان الناس بحسب أعمالهم اكثر مما بحسب اقوالهم. والأولاد أيضا ربما لا ينتبهون للاقوال بقدرما ينتبهون للاعمال، وغالبا ما يكونون متيقظين لاكتشاف ايّ رياء. والاقوال اكثر من اللازم قد تربك الأولاد. فكونوا على يقين من دعم اقوالكم بتطبيقها عمليا. — ١ يوحنا ٣:١٨.
٣٢ مشورة من يجب اتبّاعها دائما؟
٣٢ وسواء كنتم أبا ام أما فان دوركم يقدم التحدي. ولكنّ التحدي يمكن مواجهته بنتائج سعيدة باتّباع مشورة معطي الحياة. فأنجزوا الدور المعيّن لكم بضمير حي، كما لو كنتم تفعلون ذلك له. (كولوسي ٣:١٧) تجنبوا التطرف، حافظوا على اتزانكم، و «ليكن حلمكم معروفا عند جميع الناس،» بمن فيهم اولادكم. — فيلبي ٤:٥.
[الصورة في الصفحة ١٠٠]
نظرة الام ولمسها ونغمة صوتها تقول لطفلها، «احبك»
[الصورة في الصفحة ١٠٤]
هل تخططون النشاطات مع اولادكم؟