مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «العالم»‏
  • العالم

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • العالم
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • اسئلة من القراء
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٨٧
  • متى تأتي نهاية العالم؟‏
    انت تسأل والكتاب المقدس يجيب
  • يسوع المسيح
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
    مواضيع الكتاب المقدس للمناقشة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «العالم»‏

العالم

هي الكلمة العربية التي تُستعمل عادة لترجمة الكلمة اليونانية كوسموس حين ترد في الاسفار اليونانية المسيحية،‏ باستثناء ١ بط ٣:‏٣ حيث تُترجم الى «زينة».‏ وتعني كلمة «عالم» (‏١)‏ البشر ككل بغضّ النظر عن مبادئهم الاخلاقية وطريقة حياتهم،‏ (‏٢)‏ المجتمع بظروفه وبنيته وتركيبته الذي يولد فيه الشخص ويعيش (‏وهذا المعنى شبيه جدا في بعض الحالات بمعنى الكلمة اليونانية إِيون المترجمة الى «نظام الاشياء»)‏،‏ او (‏٣)‏ كل البشر الذين لا يخدمون يهوه ولا يرضونه.‏

هناك كلمات عبرانية ويونانية اخرى يمكن ان تُترجَم الى «عالم»،‏ لكنها لا تكون دائما واضحة اذا نُقلت هكذا.‏ فالكلمة العبرانية إيريص والكلمة اليونانية غي تعنيان «الارض» (‏مثلا كلمة «جيولوجيا» يونانية الاصل وهي تتألَّف من مقطعَين [جيو (‏غي‏)‏] وتعني «الارض» و [لوجيا] وتعني «دراسة»)‏.‏ (‏تك ٦:‏٤؛‏ عد ١:‏١؛‏ مت ٢:‏٦؛‏ ٥:‏٥؛‏ ١٠:‏٢٩؛‏ ١٣:‏٥‏)‏ ويمكن ان تُستعملا بمعنى رمزي اشارة الى سكان الارض،‏ كما في المزمور ٦٦:‏٤ و الرؤيا ١٣:‏٣‏.‏ والكلمة العبرانية عولام والكلمة اليونانية إِيون ترتبطان عموما بفترة طولها غير محدَّد.‏ (‏تك ٦:‏٣؛‏ ١٧:‏١٣؛‏ لو ١:‏٧٠‏)‏ ويمكن ايضا ان تشير كلمة إِيون الى «نظام الاشياء»،‏ اي الحالة السائدة في فترة معيَّنة او عصر او حقبة.‏ (‏غل ١:‏٤‏)‏ كما ان الكلمة العبرانية حيليد لها معنى مشابه الى حد ما،‏ ويمكن ان تُنقل الى «مدة حياة» (‏اي ١١:‏١٧؛‏ مز ٣٩:‏٥؛‏ ٨٩:‏٤٧‏)‏،‏ وفي حالات اخرى الى «الدنيا».‏ (‏مز ١٧:‏١٣،‏ ١٤؛‏ ٤٩:‏١‏)‏ ايضا،‏ تعني الكلمة اليونانية إيكومِني «المسكونة» (‏لو ٢١:‏٢٦‏)‏،‏ وتُترجَم الكلمة العبرانية تيبيل الى «المعمورة».‏ (‏٢ صم ٢٢:‏١٦‏)‏ اما الكلمة العبرانية حيديل فترد فقط في اشعيا ٣٨:‏١١‏،‏ وبعض الترجمات تستعمل مقابلها كلمة «عالم» فتقول «سكان العالم».‏ يرجِّح قاموس المفسِّر للكتاب المقدس (‏تحرير ج.‏ باتريك،‏ ١٩٦٢،‏ المجلد ٤،‏ ص ٨٧٤)‏ ترجمة الكلمة الى «سكان (‏عالم)‏ الهمود»،‏ ويذكر ان اغلب العلماء يفضِّلون ما يرد في بعض المخطوطات العبرانية التي تضع الكلمة حيليد بدل حيديل.‏ اما ترجمة العالم الجديد (‏ك‌م١٢‏)‏ فتنقلها الى «سكان ارض الهمود».‏ —‏ انظر «‏الأرض‏»؛‏ «‏أنظمة الأشياء‏».‏

معاني كوسموس المختلفة:‏ ان المعنى الاساسي للكلمة اليونانية كوسموس هو «ترتيب» او «تنظيم».‏ وبما ان الجمال مرتبط بالترتيب والتناسق فهي تنقل ايضا هذه الفكرة،‏ لذلك غالبا ما استخدمها اليونانيون بمعنى «زينة» خصوصا عند الحديث عن النساء،‏ كما في ١ بط ٣:‏٣‏.‏ ومن هنا تأتي الكلمة الانكليزية cosmetics التي تعني «مستحضرات التجميل».‏ والفعل كوسمِيو يحمل معنى «هيَّأ» في متى ٢٥:‏٧‏،‏ ومعنى «زيَّن» في آيات اخرى.‏ (‏مت ١٢:‏٤٤؛‏ ٢٣:‏٢٩؛‏ لو ١١:‏٢٥؛‏ ٢١:‏٥؛‏ ١ تي ٢:‏٩؛‏ تي ٢:‏١٠؛‏ ١ بط ٣:‏٥؛‏ رؤ ٢١:‏٢،‏ ١٩‏)‏ والصفة كوسميوس التي ترد في ١ تيموثاوس ٢:‏٩ و ٣:‏٢ تُنقل الى «مرتَّب» و «منظَّم».‏

وبما ان الكون مرتَّب ومنظَّم،‏ فمن الواضح ان الفلاسفة اليونانيين استعملوا احيانا كلمة كوسموس ليشيروا الى كل الخليقة المنظورة.‏ لكنَّ البعض طبَّقوها على الاجرام السماوية فقط،‏ في حين استخدمها آخرون للدلالة على الكون بكامله.‏ وبعض الكتابات الابوكريفية التي كُتبت في الفترة حين بدأت الفلسفة اليونانية تؤثر على الفكر اليهودي استعملت كلمة كوسموس لتصف الخليقة المادية ككل.‏ (‏قارن الحكمة ٩:‏٩؛‏ ١١:‏١٧.‏)‏ ولكن على الارجح،‏ هذا المعنى ليس موجودا بتاتا في الكتابات الموحى بها للاسفار اليونانية المسيحية،‏ مع ان بعض الآيات توحي بذلك للوهلة الاولى.‏ مثلا،‏ خاطب الرسول بولس اهل اثينا في اريوس باغوس قائلا:‏ «الإله الذي صنع العالم [صيغة من كوسموس‏] وكل ما فيه،‏ إذ هو رب السماء والارض،‏ لا يسكن في هياكل من صنع الايدي».‏ (‏اع ١٧:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ وبما ان استعمال كلمة كوسموس بمعنى الكون كان شائعا بين اليونانيين،‏ فربما استعملها بولس بهذا المعنى.‏ ولكن حتى في هذه الرواية،‏ من المحتمل ان يكون قد استعملها بأحد المعاني التي نناقشها في هذه المقالة.‏

ارتباطها بالبشر:‏ يقول ريتشارد ت.‏ ترينش في كتابه مرادفات العهد الجديد (‏لندن،‏ ١٩٦١،‏ ص ٢٠١،‏ ٢٠٢)‏،‏ بعد التحدث عن الاستعمال الفلسفي لكلمة كوسموس بمعنى الكون:‏ «انطلاقا من معنى الكون المادي لكلمة κόσμος [‏كوسموس‏]،‏ .‏.‏.‏ صارت κόσμος تعني المجتمع الذي يعيش فيه الانسان ويتحرَّك،‏ والذي وُجد من اجل الانسان،‏ وصار الانسان هو مَن يضع مبادئه الاخلاقية (‏يو ١٦:‏٢١؛‏ ١ كو ١٤:‏١٠؛‏ ١ يو ٣:‏١٧‏)‏؛‏ .‏.‏.‏ ثم صارت تعني البشر انفسهم،‏ اي كل الناس الذين يعيشون في العالم (‏يو ١:‏٢٩؛‏ ٤:‏٤٢؛‏ ٢ كو ٥:‏١٩‏)‏؛‏ وأيضا،‏ ومن الناحية الاخلاقية،‏ كل الذين ليسوا جزءا من ἐκκλησία [‏إِكّلِسيا؛‏ الكنيسة او الجماعة]،‏ اي البعيدين عن حياة اللّٰه والذين تجعلهم اعمالهم الشريرة اعداء له (‏١ كو ١:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ ٢ كو ٧:‏١٠؛‏ يع ٤:‏٤‏)‏».‏

كذلك يقتبس ك.‏ س.‏ ويست في كتابه دراسات في مفردات العهد الجديد اليوناني (‏١٩٤٦،‏ ص ٥٧)‏ من كريمر،‏ العالِم باللغة اليونانية:‏ «بما ان كوسموس تُعتبر التنظيم الذي مركزه الانسان،‏ تتحوَّل الانظار بشكل رئيسي الى الانسان نفسه،‏ فتشير كوسموس الى البشر،‏ اي المجتمع البشري بتركيبته وأعماله،‏ الذين يعيشون ضمن هذا التنظيم (‏مت ١٨:‏٧‏)‏».‏

كل البشر:‏ لذلك فإن كوسموس،‏ او «العالم»،‏ ترتبط بشكل لصيق بـ‍ البشر.‏ ويصح ذلك في الادب اليوناني وبشكل خاص في الاسفار المقدسة.‏ مثلا،‏ قال يسوع انه اذا مشى احد في النهار «يرى نور هذا العالم [صيغة من كوسموس‏]».‏ (‏يو ١١:‏٩‏)‏ قد يبدو ان المقصود بكلمة «عالم» هو كوكب الارض الذي تضيئه الشمس نهارا.‏ لكنَّ يسوع يتحدث في كلماته التالية عن شخص يمشي في الليل ويتعثَّر «لأن النور ليس فيه».‏ (‏يو ١١:‏١٠‏)‏ لقد اعطى اللّٰه الشمس والاجرام السماوية الاخرى للبشر بشكل رئيسي.‏ (‏قارن تك ١:‏١٤؛‏ مز ٨:‏٣-‏٨؛‏ مت ٥:‏٤٥‏.‏)‏ كذلك،‏ بمعنى روحي،‏ قال يسوع لأتباعه انهم «نور العالم».‏ (‏مت ٥:‏١٤‏)‏ ولم يعنِ بذلك انهم سيضيئون كوكب الارض،‏ لأنه تابع قائلا انهم سيضيئون «قدَّام الناس».‏ (‏مت ٥:‏١٦‏؛‏ قارن يو ٣:‏١٩؛‏ ٨:‏١٢؛‏ ٩:‏٥؛‏ ١٢:‏٤٦؛‏ في ٢:‏١٥‏.‏)‏ ايضا،‏ التبشير بالاخبار الحلوة «في العالم كله» (‏مت ٢٦:‏١٣‏)‏ يعني اعلان هذه الاخبار لكل البشر.‏ —‏ قارن يو ٨:‏٢٦؛‏ ١٨:‏٢٠؛‏ رو ١:‏٨؛‏ كو ١:‏٥،‏ ٦‏.‏

اذًا،‏ احد المعاني الرئيسية لكلمة كوسموس يُشير الى كل البشر.‏ لهذا السبب تصف الاسفار المقدسة كوسموس،‏ او العالم،‏ بأنه خاطئ (‏يو ١:‏٢٩؛‏ رو ٣:‏١٩؛‏ ٥:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ ويحتاج الى مخلِّص يعطيه الحياة.‏ (‏يو ٤:‏٤٢؛‏ ٦:‏٣٣،‏ ٥١؛‏ ١٢:‏٤٧؛‏ ١ يو ٤:‏١٤‏)‏ وهذا ينطبق فقط على البشر،‏ لا على الخليقة الجامدة ولا على الحيوانات.‏ انه العالم الذي احبه اللّٰه كثيرا حتى انه «بذل الابن،‏ مولوده الوحيد،‏ لكيلا يهلك كل من يمارس الايمان به،‏ بل تكون له حياة ابدية».‏ (‏يو ٣:‏١٦،‏ ١٧‏؛‏ قارن ٢ كو ٥:‏١٩؛‏ ١ تي ١:‏١٥؛‏ ١ يو ٢:‏٢‏.‏)‏ كما ان هذا العالم،‏ اي البشر،‏ هو الحقل الذي زرع فيه يسوع المسيح البذور الجيدة،‏ ‹بني الملكوت›.‏ —‏ مت ١٣:‏٢٤،‏ ٣٧،‏ ٣٨‏.‏

قال بولس ان «صفات [اللّٰه] غير المنظورة،‏ .‏.‏.‏ تُرى بوضوح منذ خلق العالم،‏ لأنها تدرك بالمصنوعات».‏ ولا بد انه عنى بذلك ابتداء من خلْق البشر فصاعدا.‏ فعندما خُلق البشر،‏ صارت هناك عقول على الارض «تدرك» صفات اللّٰه غير المنظورة من خلال الخليقة المنظورة.‏ —‏ رو ١:‏٢٠‏.‏

ايضا،‏ تقول يوحنا ١:‏١٠ عن يسوع:‏ «وُجد العالم [‏كوسموس‏] به».‏ صحيح ان اللّٰه استخدم يسوع ليخلق كل الاشياء،‏ بما فيها السموات والارض وكل ما فيها،‏ لكنَّ كوسموس تنطبق هنا بشكل رئيسي على البشر الذين كانوا جزءا من هذه الخليقة.‏ (‏قارن يو ١:‏٣؛‏ كو ١:‏١٥-‏١٧؛‏ تك ١:‏٢٦‏.‏)‏ فباقي الآية يقول:‏ «لكنَّ العالم [اي البشر] لم يعرفه».‏

‏«تأسيس العالم»:‏ ان الرابط الواضح بين كلمة كوسموس والعالم المؤلف من البشر يساعدنا ايضا ان نفهم المقصود بعبارة «تأسيس العالم» التي ترد في عدة آيات.‏ تتحدث هذه الآيات عن امور حصلت «منذ تأسيس العالم»:‏ ‹سفك دم الانبياء› من ايام هابيل فصاعدا،‏ ‹تهيئة الملكوت›،‏ و ‹كتابة الاسماء في درج الحياة›.‏ (‏لو ١١:‏٥٠،‏ ٥١؛‏ مت ٢٥:‏٣٤؛‏ رؤ ١٣:‏٨؛‏ ١٧:‏٨‏؛‏ قارن مت ١٣:‏٣٥؛‏ عب ٩:‏٢٦‏.‏)‏ وبما ان هذه الامور ترتبط بحياة البشر وأعمالهم،‏ فلا بد ان «تأسيس العالم» يتعلق ببداية البشر،‏ لا الخليقة الجامدة ولا الحيوانية.‏ ايضا،‏ تُظهر العبرانيين ٤:‏٣ ان اعمال اللّٰه الخلقية لم تبدأ عند تأسيس العالم،‏ بل ‏«أُنهيت منذ تأسيس العالم».‏ وبما ان حواء كانت كما يتضح آخر اعمال اللّٰه الخلقية على الارض،‏ فلا يمكن ان يكون تأسيس العالم قد حصل قبلها.‏

كما يرد في مقالتَي «‏المعرفة المسبقة،‏ التعيين المسبق‏» (‏تعيين المسيا مسبقا)‏ و «‏هابِيل‏»،‏ فإن الكلمة اليونانية (‏كاتابولي‏)‏ التي تُترجَم الى «تأسيس» يمكن ان تشير الى حبَل المرأة بنسل.‏ فكلمة كاتابولي تعني حرفيا «بَذْرا» ويمكن ان تُترجَم في العبرانيين ١١:‏١١ الى «تحبل» (‏جد،‏ ك‌م١٢‏)‏.‏ ومن الواضح ان استعمالها في هذه الآية يشير الى «بَذْر» ابراهيم بذرة بشرية لإنجاب ابن،‏ وإلى تلقِّي سارة هذه البذرة لإخصابها.‏

لذلك لا تعني عبارة «تأسيس العالم» بداية خلق الكون المادي؛‏ ولا تشير عبارة «قبل تأسيس العالم» (‏يو ١٧:‏٥،‏ ٢٤؛‏ اف ١:‏٤؛‏ ١ بط ١:‏٢٠‏)‏ الى ما قبل خلق الكون المادي.‏ بل من الواضح ان هاتَين العبارتَين ترتبطان بوقت «تأسيس» العائلة البشرية،‏ عندما انجب الزوجان البشريان الاولان آدم وحواء خارج عدن نسلا يمكنه ان يستفيد من تدابير اللّٰه للخلاص من الخطية الموروثة.‏ —‏ تك ٣:‏٢٠-‏٢٤؛‏ ٤:‏١،‏ ٢‏.‏

‏‹مشهد للعالم،‏ للملائكة والناس›:‏ بما ان بعض الترجمات تنقل ١ كورنثوس ٤:‏٩ الى «صرنا مشهدا للعالم،‏ للملائكة والناس» (‏جد‏)‏،‏ فقد فهم البعض ان كلمة كوسموس هنا تشمل المخلوقات الروحانية غير المنظورة والمخلوقات البشرية المنظورة.‏ لكنَّ ترجمات اخرى تنقل النص اليوناني هنا الى:‏ «صرنا مشهدا للعالم والملائكة والبشر».‏ (‏يس؛‏ ك؛‏ حر؛‏ ك‌م١٢‏)‏ وقبل هذه الآية،‏ في ١ كورنثوس ١:‏٢٠،‏ ٢١،‏ ٢٧،‏ ٢٨؛‏ ٢:‏١٢؛‏ ٣:‏١٩،‏ ٢٢ يستخدم الكاتب كلمة كوسموس بمعنى البشر،‏ ومن المنطقي انه لم يبتعد عن هذا المعنى بعد ذلك مباشرة في ١ كورنثوس ٤:‏٩،‏ ١٣‏.‏ لذلك،‏ اذا كان نقل الآية الى «للعالم،‏ للملائكة والناس» صحيحا،‏ فالمقصود ليس توسيع معنى كلمة كوسموس،‏ بل ابراز ان المشاهدين ليسوا فقط العالم المؤلف من البشر،‏ بل يشملون «الملائكة» و «الناس».‏

المجتمع البشري وبنيته:‏ بناء على ما ورد آنفا،‏ لم تصر كوسموس مجرد مرادف لكلمة بشر،‏ وفقدت معناها الاساسي:‏ «ترتيبا» او «تنظيما».‏ فالبشر انفسهم منظَّمون لأنهم يشكِّلون عائلات وقبائل،‏ ويؤلِّفون شعوبا وفرقا لغوية (‏١ كو ١٤:‏١٠؛‏ رؤ ٧:‏٩؛‏ ١٤:‏٦‏)‏،‏ كما انهم مقسَّمون الى فئات ومجموعات،‏ مثل الفقراء والاغنياء.‏ (‏يع ٢:‏٥،‏ ٦‏)‏ ومع مرور الزمن وتكاثر الناس صار هناك على الارض كيان او بنية تؤثر فيهم.‏ فحين تحدَّث يسوع عن انسان «ربح العالم كله وخسر نفسه»،‏ لا بد انه عنى ان ذلك الانسان ربح كل ما يقدِّمه المجتمع.‏ (‏مت ١٦:‏٢٦؛‏ قارن ٦:‏٢٥-‏٣٢‏.‏)‏ ونجد المعنى نفسه في كلمات بولس عن الذين «يستعملون العالم» وعن المتزوج الذي «همُّه ما للعالم» (‏١ كو ٧:‏٣١-‏٣٤‏)‏،‏ وكذلك في اشارة يوحنا الى «معيشة هذا العالم».‏ —‏ ١ يو ٣:‏١٧‏؛‏ قارن ١ كو ٣:‏٢٢‏.‏

وعند الاشارة الى معنى كيان او ترتيب او مجتمع،‏ يصير معنى كوسموس مشابها لمعنى الكلمة اليونانية إِيون.‏ وفي بعض الحالات يمكن استعمال الواحدة بدل الاخرى.‏ مثلا،‏ يُقال ان ديماس تخلَّى عن الرسول بولس لأنه «احب نظام الاشياء [‏إِيونا‏] الحاضر»؛‏ والرسول يوحنا حذَّر من ‹محبة العالم [‏كوسمون‏]› وطريقة حياته التي تُرضي الجسد الخاطئ.‏ (‏٢ تي ٤:‏١٠؛‏ ١ يو ٢:‏١٥-‏١٧‏)‏ والذي تصفه يوحنا ١٢:‏٣١ بأنه «حاكم هذا العالم [‏كوسمو‏]» تقول عنه ٢ كورنثوس ٤:‏٤ انه «إله نظام الاشياء [‏إِيونوس‏] هذا».‏

في خاتمة انجيل يوحنا،‏ قال الرسول انه برأيه لو كُتبت كل الاشياء التي عملها يسوع بتفاصيلها،‏ ‹فالعالم [صيغة من كوسموس‏] نفسه لا يسع الادراج المكتوبة›.‏ (‏يو ٢١:‏٢٥‏)‏ لم يستعمل يوحنا الكلمة غي (‏الارض)‏ او إيكومِني (‏المسكونة)‏،‏ وبالتالي لم يقل ان كوكب الارض لا يسَع الكتب،‏ بل استعمل كوسموس.‏ ومن الواضح انه عنى ان المجتمع البشري (‏بكل مكتباته التي كانت موجودة في تلك الايام)‏ لم يكن ليسع السجلات الهائلة التي كانت لازمة (‏بالطريقة التي كُتبت فيها الكتب آنذاك)‏.‏ قارن ايضا آيات مثل يوحنا ٧:‏٤؛‏ ١٢:‏١٩ من اجل استعمالات مماثلة لكلمة كوسموس.‏

المجيء «الى العالم»:‏ عندما يولد انسان «في العالم» لا يعني ذلك فقط ان انسانا جديدا قد وُلد بين الناس،‏ بل يعني ايضا انه صار جزءا من المجتمع الذي وُلد فيه بظروفه وبنيته وتركيبته.‏ (‏يو ١٦:‏٢١؛‏ ١ تي ٦:‏٧‏)‏ لكنَّ المجيء «الى العالم» او الخروج «الى العالم» لا يعني دائما هكذا.‏ مثلا،‏ صلى يسوع الى اللّٰه:‏ «كما ارسلتني الى العالم،‏ انا ايضا ارسلتهم [تلاميذه] الى العالم».‏ (‏يو ١٧:‏١٨‏)‏ فهو ارسلهم الى العالم كرجال وليس كأطفال مولودين حديثا.‏ ويوحنا ايضا تحدَّث عن انبياء كذابين ومخادعين «خرجوا الى العالم».‏ —‏ ١ يو ٤:‏١؛‏ ٢ يو ٧‏.‏

من الواضح ان الاشارة في آيات عديدة الى ‹مجيء او ارسال يسوع الى العالم› لا تدل بشكل رئيسي على ولادته كإنسان،‏ حتى انها قد لا تدل ابدا على ذلك.‏ بل تنطبق منطقيا على وجوده بين الناس،‏ حين تمَّم علانية تعيين خدمته ابتداء من معموديته واختياره فصاعدا،‏ اي حين حمل النور الى العالم.‏ (‏قارن يو ١:‏٩؛‏ ٣:‏١٧،‏ ١٩؛‏ ٦:‏١٤؛‏ ٩:‏٣٩؛‏ ١٠:‏٣٦؛‏ ١١:‏٢٧؛‏ ١٢:‏٤٦؛‏ ١ يو ٤:‏٩‏.‏)‏ وولادته كإنسان كانت فقط الوسيلة لتحقيق ذلك.‏ (‏يو ١٨:‏٣٧‏)‏ وتأكيدا على هذا الامر،‏ يتحدَّث كاتب العبرانيين عن يسوع بأنه يقتبس كلمات المزمور ٤٠:‏٦-‏٨ «عندما يدخل الى العالم».‏ (‏عب ١٠:‏٥-‏١٠‏)‏ وطبعا،‏ لم يفعل يسوع ذلك عندما كان طفلا مولودا حديثا.‏

وعندما كانت خدمة يسوع بين البشر على وشك ان تنتهي،‏ عرف ان «ساعته قد اتت لينتقل من هذا العالم الى الآب».‏ فكان سيموت كإنسان ويقوم الى الحياة في الحيِّز الروحي الذي اتى منه.‏ —‏ يو ١٣:‏١؛‏ ١٦:‏٢٨؛‏ ١٧:‏١١‏؛‏ قارن يو ٨:‏٢٣‏.‏

‏«مبادئ العالم الاولية»:‏ في غلاطية ٤:‏١-‏٣‏،‏ بعد ان اظهر بولس ان الولد يشبه العبد،‏ اي يكون تحت اشراف اشخاص آخرين،‏ الى ان يصير بالغا،‏ قال:‏ «هكذا نحن ايضا،‏ لما كنا اطفالا،‏ ظلَّت مبادئ العالم الاولية [‹المبادئ الاولية›،‏ باليونانية ستيخييا‏] تستعبدنا».‏ بعد ذلك اظهر ان ابن اللّٰه اتى في الوقت المحدَّد وحرَّر الذين صاروا تلاميذه من الشريعة ليتبنَّاهم اللّٰه.‏ (‏غل ٤:‏٤-‏٧‏)‏ ايضا،‏ في كولوسي ٢:‏٨،‏ ٩،‏ ٢٠ حذَّر المسيحيين هناك من «الفلسفة والخداع الفارغ حسب تقليد الناس،‏ حسب مبادئ العالم الاولية [‹المبادئ الاولية›،‏ باليونانية ستيخييا‏] وليس حسب المسيح.‏ لأنه فيه يسكن ويجسَّم ملء الصفات الإلهية كله».‏ فهم ماتوا «مع المسيح من جهة مبادئ العالم الاولية».‏

يقول شرح (‏The Pulpit Commentary‏،‏ مجلد «غلاطية»،‏ ص ١٨١)‏ عن الكلمة اليونانية ستيخييا (‏صيغة الجمع من ستيخييون‏)‏ التي استعملها بولس:‏ «انطلاقا من معنى الكلمة [‏ستيخييا‏] الاساسي ‹عيدان مصفوفة›،‏ .‏.‏.‏ صارت هذه الكلمة تنطبق على حروف الابجدية الموضوعة بالترتيب،‏ ثم على المقوِّمات الاساسية للغة؛‏ وبعد ذلك على المقوَّمات الاساسية لكل شيء في الطبيعة،‏ مثل ‹العناصر› الاربعة (‏انظر ٢ بط ٣:‏١٠،‏ ١٢‏)‏؛‏ وعلى ‹العناصر› او ‹المبادئ› الاولية لأي فرع من فروع المعرفة.‏ وهذا المعنى الاخير هو المقصود في عب ٥:‏١٢‏».‏ (‏تحرير سبنس،‏ لندن،‏ ١٨٨٥)‏ والفعل ستيخِيو المرتبط بهذه الكلمة يعني ‹يسلك بترتيب›.‏ —‏ غل ٦:‏١٦‏.‏

وفي رسالتَي بولس الى المسيحيين في غلاطية وكولوسي،‏ من الواضح انه لم يكن يشير الى العناصر الرئيسية التي تتكون منها الخليقة المادية،‏ بل كما يعلِّق العالِم الالماني هاينرخ أ.‏ و.‏ ماير في كتاب مرجعي نقدي وتفسيري (‏١٨٨٤،‏ مجلد «غلاطية»،‏ ص ١٦٨)‏،‏ كان يشير الى «عناصر المجتمع غير المسيحي» اي مبادئه الاساسية او الاولية.‏ وتُظهر كتابات بولس ان هذه العناصر تشمل الفلسفات والتعاليم الخادعة المؤسسة فقط على مقاييس البشر ومفاهيمهم ومنطقهم وأساطيرهم،‏ كالتي عشقها اليونانيون وغيرهم من الشعوب الوثنية.‏ (‏كو ٢:‏٨‏)‏ ولكن،‏ من الواضح انه استعمل هذا التعبير ايضا بمعنى يشمل امورا تتعلق باليهود،‏ ليس فقط التعاليم اليهودية غير المؤسسة على الكتاب المقدس التي تدعو الى الزهد و ‹التديُّن للملائكة›،‏ بل ايضا التعليم ان المسيحيين يجب ان يحفظوا الشريعة الموسوية.‏ —‏ كو ٢:‏١٦-‏١٨؛‏ غل ٤:‏٤،‏ ٥،‏ ٢١‏.‏

صحيح ان الشريعة الموسوية هي من اللّٰه،‏ لكنها صارت عتيقة بعد ان تمَّت في المسيح يسوع،‏ الذي هو «الحقيقة» التي وجَّهت ظلال الشريعة الانتباه اليها.‏ (‏كو ٢:‏١٣-‏١٧‏)‏ ايضا،‏ كانت الخيمة المقدسة (‏ولاحقا الهيكل)‏ ‹عالمية› اي من صُنع البشر،‏ وبالتالي ‹ارضية› (‏باليونانية كوسميكون؛‏ عب ٩:‏١‏،‏ ع‌أ‏)‏،‏ اي بكلمات اخرى،‏ من الحيِّز البشري،‏ لا السماوي او الروحي.‏ والمطالب المتعلقة بها كانت «شرائع تتعلق بالجسد وقد فُرضت حتى الوقت المعيَّن لتقويم الامور».‏ لكنَّ المسيح يسوع كان قد دخل آنذاك الى «الخيمة الاعظم والاكمل غير المصنوعة بأيد،‏ التي ليست من هذه الخليقة»،‏ اي السماء عينها.‏ (‏عب ٩:‏٨-‏١٤،‏ ٢٣،‏ ٢٤‏)‏ وقد قال هو نفسه لامرأة سامرية انه سيأتي وقت لن يُستعمَل فيه هيكل اورشليم كجزء اساسي في العبادة الحقيقية.‏ فالعبَّاد الحقيقيون سوف «يعبدون الآب بالروح والحق».‏ (‏يو ٤:‏٢١-‏٢٤‏)‏ اذًا،‏ عندما مات المسيح يسوع وقام وصعد الى السماء،‏ لم تعد هناك حاجة الى استخدام هذه الامور التي كانت ‹صورا رمزية› (‏عب ٩:‏٢٣‏)‏ من الحيِّز البشري للامور السماوية الاعظم.‏

بناء على ذلك،‏ صار المسيحيون في غلاطية وكولوسي يقدرون ان يقدِّموا عبادتهم بطريقة اسمى اسَّسها المسيح يسوع.‏ فهو (‏وليس البشر ومبادئهم او تعاليمهم،‏ او حتى ‹الشرائع التي تتعلق بالجسد› الموجودة في عهد الشريعة)‏ مَن يجب الاعتراف به انه المقياس المعيَّن والوسيلة الكاملة لتحديد ما اذا كان اي تعليم او طريقة حياة تنسجم مع الحق.‏ (‏كو ٢:‏٩‏)‏ ولا يجب على المسيحيين ان يكونوا كالاولاد الذين يخضعون طوعا لإشراف الشريعة الموسوية التي تُشبَّه بالمعلِّم او المربِّي.‏ (‏غل ٣:‏٢٣-‏٢٦‏)‏ بل عليهم ان يبنوا علاقة مع اللّٰه تشبه علاقة ابن بالغ بأبيه.‏ فالشريعة كانت اولية،‏ «ألف باء الدين»،‏ مقارنة بالتعليم المسيحي.‏ (‏كتاب مرجعي نقدي وتفسيري،‏ تحرير ه.‏ ماير،‏ ١٨٨٥،‏ مجلد «كولوسي»،‏ ص ٢٩٢)‏ وبما ان المسيحيين المختارين وُلدوا لحياة سماوية،‏ فهم اذا جاز التعبير ماتوا وعُلِّقوا على خشبة من جهة كوسموس،‏ اي الحيِّز البشري،‏ حيث فُرضَت شرائع كالختان.‏ لقد صاروا «خليقة جديدة».‏ (‏٢ كو ٥:‏١٧؛‏ كو ٢:‏١١،‏ ١٢،‏ ٢٠-‏٢٣‏؛‏ قارن غل ٦:‏١٢-‏١٥؛‏ يو ٨:‏٢٣‏.‏)‏ وعرفوا ان مملكة يسوع ليست من مصدر بشري.‏ (‏يو ١٨:‏٣٦‏)‏ وطبعا،‏ لا يجب عليهم ان يرجعوا الى «المبادئ الاولية الضعيفة والحقيرة» للحيِّز البشري.‏ (‏غل ٤:‏٩‏)‏ وبالتالي،‏ لا يجب ان ينخدعوا ويتخلوا عن ‹غنى الفهم الكامل› و ‹المعرفة الدقيقة لسر اللّٰه المقدس،‏ اي المسيح المخزون فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة›.‏ —‏ كو ٢:‏١-‏٤‏.‏

العالم البعيد عن اللّٰه:‏ هناك استعمال لكلمة كوسموس يظهر فقط في الاسفار المقدسة،‏ ويشير الى البشر الذين لا يخدمون اللّٰه.‏ يكتب بطرس ان اللّٰه جلب طوفانا «على عالم من الكافرين» وحمى نوحا وعائلته.‏ وهكذا «هلك عالم ذلك الزمان حين غُمر بطوفان من الماء».‏ (‏٢ بط ٢:‏٥؛‏ ٣:‏٦‏)‏ تجدر الاشارة ايضا ان الحديث هنا ليس عن دمار كوكب الارض او الاجرام السماوية في الكون،‏ بل عن البشر فقط،‏ وتحديدا المجتمع البشري الشرير.‏ وهذا هو «العالم» الذي حكم عليه نوح بطريقة حياته الامينة.‏ —‏ عب ١١:‏٧‏.‏

لقد هلك العالم الشرير الذي كان موجودا قبل الطوفان،‏ إلا ان البشرية لم تهلك لأن نوحا وعائلته بقوا احياء.‏ ولكن بعد الطوفان ايضا صار معظم البشر غير طائعين للّٰه،‏ وشكَّلوا من جديد مجتمعا شريرا.‏ مع ذلك،‏ قرَّر البعض ان يعيشوا باستقامة وأن تكون حياتهم مختلفة عن المجتمع حولهم.‏ ومع الوقت،‏ اختار اللّٰه اسرائيل شعبا له وصنع معهم عهدا.‏ وبما ان الاسرائيليين كانوا مختلفين عن العالم عموما،‏ استطاع بولس ان يستعمل كلمة كوسموس (‏«العالم»)‏ ليشير الى غير الاسرائيليين،‏ اي «الذين من الامم» في روما ١١:‏١٢-‏١٥‏.‏ وقد اوضح في هذه الآيات ان ارتداد اسرائيل جعل اللّٰه يُبطل عهده معهم،‏ وأن ذلك فتح الطريق امام الذين من الامم ليتصالحوا مع اللّٰه ويدخلوا في علاقة معه ويتمتعوا بالغنى الناجم عن هذه العلاقة.‏ (‏قارن اف ٢:‏١١-‏١٣‏.‏)‏ اذًا،‏ في فترة ما بعد الطوفان وما قبل المسيحية،‏ تشير كلمة «العالم»،‏ او كوسموس،‏ الى كل البشر الذين ليسوا من خدام اللّٰه.‏ وفي الفترة حين كان يهوه في علاقة عهد مع الاسرائيليين،‏ تشير تحديدا الى الذين ليسوا من الاسرائيليين.‏ —‏ قارن عب ١١:‏٣٨‏.‏

بطريقة مماثلة،‏ كثيرا ما تُستعمل كلمة كوسموس للاشارة الى المجتمع غير المسيحي،‏ مهما كان العرق الذي ينتمي اليه.‏ هذا هو العالم الذي كره يسوع وأتباعه لأنهم شهدوا انه شرير وبقوا منفصلين عنه.‏ وهكذا اظهر هذا العالم انه يكره يهوه اللّٰه وأنه لا يعرفه.‏ (‏يو ٧:‏٧؛‏ ١٥:‏١٧-‏٢٥؛‏ ١٦:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ ١٧:‏١٤،‏ ٢٥؛‏ ١ يو ٣:‏١،‏ ١٣‏)‏ وهذا هو العالم،‏ المجتمع البشري الشرير وممالكه،‏ الذي يحكم عليه عدو اللّٰه،‏ الشيطان ابليس.‏ وفي الحقيقة،‏ لقد جعل الشيطان نفسه «إله» هذا العالم.‏ (‏مت ٤:‏٨،‏ ٩؛‏ يو ١٢:‏٣١؛‏ ١٤:‏٣٠؛‏ ١٦:‏١١‏؛‏ قارن ٢ كو ٤:‏٤‏.‏)‏ ليس اللّٰه هو مَن اوجد هذا العالم الشرير،‏ بل مقاومه الرئيسي الذي ‹يتسلط على العالم كله›.‏ (‏١ يو ٤:‏٤،‏ ٥؛‏ ٥:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ فالشيطان و «القوى الروحية الشريرة في الاماكن السماوية» هم «ولاة العالم [باليونانية كوسموكراتوراس‏]» غير المنظورين الذين يحكمون على العالم البعيد عن اللّٰه.‏ —‏ اف ٦:‏١١،‏ ١٢‏.‏

وهذه الآيات لا تشير الى البشرية ككل التي كان تلاميذ يسوع جزءا منها،‏ بل الى كامل المجتمع البشري المنظَّم خارج الجماعة المسيحية الحقيقية.‏ ولو لم يكن الامر كذلك لكان على المسيحيين ان يموتوا ولا تعود لديهم اجساد لحمية لكي لا يكونوا «جزءا من العالم».‏ (‏يو ١٧:‏٦؛‏ ١٥:‏١٩‏)‏ لكن لا يقدر المسيحيون ان يتجنَّبوا العيش في هذا العالم البعيد عن اللّٰه،‏ الذي يمارس الناس فيه امورا مثل العهارة وعبادة الاصنام والابتزاز.‏ (‏١ كو ٥:‏٩-‏١٣‏)‏ فعليهم ان يبقوا طاهرين ولا يتلوَّثوا بفساد العالم وممارساته النجسة،‏ ولا يجب ان يكونوا اصدقاء له،‏ وإلا فسيُحاسَبون معه.‏ (‏١ كو ١١:‏٣٢؛‏ يع ١:‏٢٧؛‏ ٤:‏٤؛‏ ٢ بط ١:‏٤؛‏ ٢:‏٢٠‏؛‏ قارن ١ بط ٤:‏٣-‏٦‏.‏)‏ ايضا،‏ لا يجب ان يسمحوا لحكمة العالم بأن توجِّههم،‏ فهذه الحكمة هي حماقة عند اللّٰه؛‏ ولا ان يتنشَّقوا «روح العالم»،‏ اي الروح الانانية والخاطئة التي تحرِّكه.‏ (‏١ كو ١:‏٢١؛‏ ٢:‏١٢؛‏ ٣:‏١٩؛‏ ٢ كو ١:‏١٢؛‏ تي ٢:‏١٢‏؛‏ قارن يو ١٤:‏١٦،‏ ١٧؛‏ اف ٢:‏١،‏ ٢؛‏ ١ يو ٢:‏١٥-‏١٧‏؛‏ انظر «‏الروح‏» [الميل العقلي الدافع].‏)‏ وهكذا ‹يغلبون العالم› الشرير بإيمانهم،‏ تماما مثلما فعل ابن اللّٰه.‏ (‏يو ١٦:‏٣٣؛‏ ١ يو ٤:‏٤؛‏ ٥:‏٤،‏ ٥‏)‏ وهذا المجتمع الشرير سيزول قريبا لأن اللّٰه سيدمِّره (‏١ يو ٢:‏١٧‏)‏ مثلما دمَّر العالم الشرير الذي كان موجودا قبل الطوفان.‏ —‏ ٢ بط ٣:‏٦‏.‏

العالم الذي لا يخاف اللّٰه ينتهي؛‏ البشرية تبقى:‏ اذًا،‏ لا بد ان كوسموس الذي مات عنه يسوع هو العائلة البشرية،‏ اي كل البشر.‏ (‏يو ٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ لكنَّ يسوع لم يصلِّ من اجل العالم البعيد عن اللّٰه والمعادي له،‏ بل فقط من اجل الذين خرجوا من ذلك العالم وآمنوا به.‏ (‏يو ١٧:‏٨،‏ ٩‏)‏ ومثلما نجا البشر من هلاك المجتمع الذي لا يخاف اللّٰه في الطوفان،‏ كذلك اظهر يسوع ان البشر سينجون من الضيق العظيم الذي شبَّهه بذلك الطوفان.‏ (‏مت ٢٤:‏٢١،‏ ٢٢،‏ ٣٦-‏٣٩‏؛‏ قارن رؤ ٧:‏٩-‏١٧‏.‏)‏ و «مملكة العالم» (‏التي تشير كما يتضح الى المملكة التي تملك على البشر)‏ ستصير حسب الوعد «لربنا ولمسيحه».‏ والذين سيحكمون مع المسيح في مملكته السماوية «سيملكون على الارض»،‏ اي على البشر،‏ انما من دون الاشخاص الذين لا يخافون اللّٰه والذين كان الشيطان يحكم عليهم.‏ فهؤلاء سيكونون آنذاك قد ماتوا.‏ —‏ رؤ ١١:‏١٥؛‏ ٥:‏٩،‏ ١٠‏.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة