-
اليهودية — البحث عن اللّٰه من خلال الاسفار المقدسة والتقليدبحث الجنس البشري عن اللّٰه
-
-
اللّٰه واحد
٢٩ (أ) بتعابير بسيطة، ما هي اليهودية العصرية؟ (ب) كيف يجري التعبير عن الهوية اليهودية؟ (ج) ما هي بعض الاعياد والعادات اليهودية؟
٢٩ بعبارة بسيطة، اليهودية هي دين شعب. ولذلك فان المهتدي يصير جزءا من الشعب اليهودي وكذلك من الدين اليهودي. انه دين توحيدي بالمعنى الاكثر تشددا ويَعتقد ان اللّٰه يتدخل في التاريخ البشري، وخصوصا في ما يتعلق باليهود. وتشمل العبادة اليهودية عدة اعياد سنوية وشتى العادات. (انظروا الاطار، الصفحتين ٢٣٠، ٢٣١.) ومع انه ليست هنالك عقائد او دساتير ايمان يقبلها كل اليهود فان الاعتراف بوحدانية اللّٰه كما يجري التعبير عنه في الشماع، صلاة مؤسسة على التثنية ٦:٤، يشكل جزءا مركزيا من عبادة المجمع: «اسمع يا اسرائيل. الرب الهنا رب واحد.»
٣٠ (أ) ما هو الفهم اليهودي للّٰه؟ (ب) كيف تتضارب النظرة اليهودية الى اللّٰه مع تلك التي للعالم المسيحي؟
٣٠ هذا المعتقد باله واحد انتقل الى المسيحية والاسلام. واستنادا الى الدكتور ج. ه. هرتز، وهو رابّي: «هذا القول الرفيع عن التوحيد المطلق كان اعلان حرب ضد كل ايمان بتعدد الآلهة . . . وبالطريقة نفسها يستثني الشماع ثالوث العقيدة المسيحية بصفته انتهاكا لوحدة اللّٰه.»e ولكن لنلتفت الآن الى المعتقد اليهودي عن موضوع الحياة بعد الموت.
الموت، النفس، والقيامة
٣١ (أ) كيف دخلت عقيدة النفس الخالدة الى التعليم اليهودي؟ (ب) ايّ مأزق سبَّبه تعليم خلود النفس؟
٣١ احد المعتقدات الاساسية لليهودية العصرية هو ان للانسان نفسا خالدة تبقى حية بعد موت جسده. ولكن هل يتأصل ذلك في الكتاب المقدس؟ تعترف بصراحة دائرة المعارف اليهودية: «ربما كان تحت التأثير اليوناني انّ عقيدة خلود النفس دخلت الى اليهودية.» ولكنّ ذلك خلق مأزقا عقائديا كما يذكر المصدر عينه: «من حيث الاساس ان المعتقدَين عن القيامة وخلود النفس متناقضان. فالواحد يشير الى قيامة جماعية في نهاية الايام، اي ان الاموات النيام في الارض سوف يقومون من المدفن، في حين يشير الآخر الى حالة النفس بعد موت الجسد.» وكيف جرى حل المأزق في اللاهوت اليهودي؟ «جرى الاعتقاد انه عندما يموت الفرد تبقى نفسه حية في حيِّز آخر (انشأ هذا كل المعتقدات المتعلقة بالسماء والهاوية) في حين يكون جسده منطرحا في المدفن لينتظر القيامة المادية لكل الاموات هنا على الارض.»
٣٢ ماذا يقول الكتاب المقدس عن الموتى؟
٣٢ يكتب المحاضِر الجامعي آرثر هرتزبرڠ: «ان ميدان حياة الانسان في الكتاب المقدس [العبراني] نفسه هو هذا العالم. ليست هنالك عقيدة سماء وهاوية، بل مفهوم متزايد عن قيامة اخيرة للاموات في نهاية الايام.» هذا شرح بسيط ودقيق لمفهوم الكتاب المقدس، اي ان «الموتى . . . لا يعلمون شيئا . . . لانه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية [شيول؛ المدفن العام للجنس البشري] التي انت ذاهب اليها.» — جامعة ٩:٥، ١٠؛ دانيال ١٢:١، ٢؛ اشعياء ٢٦:١٩.
٣٣ كيف كان اليهود ينظرون اصلا الى عقيدة القيامة؟
٣٣ استنادا الى دائرة المعارف اليهودية، «في الفترة الرَّبينية تُعتبر عقيدة قيامة الاموات احدى العقائد المركزية لليهودية،» و «يلزم تمييزها من الاعتقاد بـ . . . خلود النفس.»f أما اليوم ففي حين تقبل كل فئات اليهودية خلود النفس لا تقبل كلها قيامة الاموات.
٣٤ بالتباين مع وجهة نظر الكتاب المقدس، كيف يصوِّر التلمود النفس؟ وماذا يعلِّق كتَّاب لاحقون؟
٣٤ وبالتباين مع الكتاب المقدس فان التلمود، المتأثر بالهلِّينية، مفعم بالتفاسير والقصص وحتى الاوصاف للنفس الخالدة. والادب الصوفي اليهودي اللاحق، القابالا، يذهب ايضا بعيدا جدا الى حد تعليم التجسُّد ثانية (تقمص الانفس)، الذي هو من حيث الاساس تعليم هندوسي قديم. (انظروا الفصل ٥.) وفي اسرائيل اليوم، ذلك مقبول بشكل واسع كتعليم يهودي، وهو يقوم ايضا بدور مهم في المعتقد والادب الحاسيدي. مثلا، يدرج مارتن بوبر في كتابه روايات الحاسيديم — الاسياد اللاحقين رواية عن النفس من مدرسة أليملك، رابّي ليزهنسك: «في يوم الكفارة، عندما يتلو الرابّي ابرهيم يهوشوع العاڤوداه، الصلاة التي تكرِّر خدمة رئيس الكهنة في هيكل اورشليم، ويصل الى المقطع: ‹وهكذا تكلَّم،› فانه لا يقول هذه الكلمات ابدا، بل يقول: ‹وهكذا اتكلَّم.› لانه لم ينس الوقت حين كانت نفسه في جسد رئيس كهنة اورشليم.»
٣٥ (أ) ايّ موقف اتخذته اليهودية الاصلاحية من تعليم النفس الخالدة؟ (ب) ما هو تعليم الكتاب المقدس الواضح عن النفس؟
٣٥ لقد ذهبت اليهودية الاصلاحية بعيدا جدا الى حد رفض الاعتقاد بالقيامة. واذ حذفت الكلمة من كتب الصلاة الاصلاحية فهي تعترف فقط بالاعتقاد بالنفس الخالدة. وكم هي اوضح فكرة الكتاب المقدس كما يجري التعبير عنها في التكوين ٢:٧: «جبل الرب الاله آدم ترابا من الارض. ونفخ في انفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حية.» ان جمع الجسد والروح، او قوة الحياة، يؤلف «نفسا حية.»g (تكوين ٢:٧؛ ٧:٢٢؛ مزمور ١٤٦:٤) وعلى نحو معاكس، عندما يموت خاطئ بشري فعندئذ تموت النفس. (حزقيال ١٨:٤، ٢٠) وهكذا، عند الموت يكفّ الانسان عن حيازة ايّ وجود واعٍ. وتعود قوة حياته الى اللّٰه الذي اعطاها. (جامعة ٣:١٩، عج؛ جامعة ٩:٥، ١٠؛ ١٢:٧) ان رجاء الكتاب المقدس الحقيقي للموتى هو القيامة — بالعبرانية: تحيات هاميتيم، او «احياء الاموات.»
٣٦ و ٣٧ بماذا آمن العبرانيون الامناء لازمنة الكتاب المقدس عن الحياة المقبلة؟
٣٦ في حين قد يدهش هذا الاستنتاج حتى كثيرين من اليهود، كانت القيامة الرجاء الواقعي لعبّاد الاله الحقيقي طوال آلاف السنين. فقبل نحو ٥٠٠,٣ سنة تكلَّم ايوب الامين المتألم عن وقت مقبل يقيمه فيه اللّٰه من شيول، او المدفن. (ايوب ١٤:١٤، ١٥) وجرى التأكيد ايضا للنبي دانيال انه سيقام «في نهاية الايام.» — دانيال ١٢:٢، ١٣.
٣٧ ليس هنالك اساس في الاسفار المقدسة للقول ان اولئك العبرانيين الامناء آمنوا بأن لهم نفسا خالدة تبقى حية في عالم ما بعد الموت. وعلى نحو واضح كان لهم سبب كاف للايمان بأن الرب المتسلط الذي يحصي نجوم الكون ويضبطها سيتذكرهم ايضا في وقت القيامة. لقد كانوا امناء له ولاسمه. وهو سيكون امينا لهم. — مزمور ١٨:٢٥؛ ١٤٧:٤؛ اشعياء ٢٥:٧، ٨؛ ٤٠:٢٥، ٢٦.
اليهودية واسم اللّٰه
٣٨ (أ) ماذا حدث على مر القرون في ما يتعلق باستعمال اسم اللّٰه؟ (ب) ما هو الاساس لاسم اللّٰه؟
٣٨ تعلِّم اليهودية انه على الرغم من وجود اسم اللّٰه في الشكل الكتابي فانه اقدس من ان يُلفظ به.h وكانت النتيجة انه على مر الـ ٠٠٠,٢ سنة الماضية ضاع اللفظ الصحيح. ومع ذلك لم يكن هذا دائما هو الموقف اليهودي. فقبل نحو ٥٠٠,٣ سنة كلَّم اللّٰه موسى قائلا: «هكذا تقول لبني اسرائيل يهوه اله آبائكم اله ابرهيم واله اسحق واله يعقوب ارسلني اليكم. هذا اسمي الى الابد وهذا ذكري الى دور فدور.» (خروج ٣:١٥؛ مزمور ١٣٥:١٣، عج) وما هو ذلك الاسم والذكر؟ ان الحاشية في ترجمة تَناخ تقول: «الاسم ي ه و ه (يُقرأ تقليديا ادوناي «الرب») مقترن هنا بالجذر هياه ‹ان يكون.›» وهكذا لدينا هنا الاسم المقدس للّٰه، الحروف الاربعة للاسم الالهي، الحروف الساكنة العبرانية الاربعة ي ه و ه (يَهوِه) التي في شكلها اللاتيني صارت معروفة على مر القرون بالانكليزية بـ JEHOVAH.
٣٩ (أ) لماذا الاسم الالهي مهم؟ (ب) لماذا توقف اليهود عن التلفظ بالاسم الالهي؟
٣٩ في كل التاريخ وضع اليهود على الدوام اهمية عظيمة على الاسم الشخصي للّٰه، مع ان التشديد على الاستعمال تغيَّر جذريا منذ الازمنة القديمة. وكما يذكر الدكتور أ. كوهين في تلمود كل رجل: «أُلصق توقير خصوصي ‹بالاسم المميِّز› (هاشيم هاميفوراش) للاله الذي كشفه لشعب اسرائيل، اي الحروف الاربعة للاسم الالهي، ي ه و ه.» لقد جرى توقير الاسم الالهي لانه يمثل ويصف شخصية اللّٰه نفسها. واضافة الى ذلك، ان اللّٰه نفسه هو الذي اعلن اسمه وقال لعبّاده ان يستعملوه. ويجري التشديد على ذلك بظهور الاسم في الكتاب المقدس العبراني ٨٢٨,٦ مرة. ولكنّ اليهود المخلصين يشعرون بأن التلفُّظ باسم اللّٰه الشخصي هو احتقار.i
٤٠ ماذا ذكرت بعض المراجع اليهودية عن استعمال الاسم الالهي؟
٤٠ وفي ما يتعلق بالوصية الرَّبينية القديمة (ليست من الكتاب المقدس) ضد التلفظ بالاسم، كتب أ. مرمورشتاين، وهو رابّي، في كتابه العقيدة الرَّبينية القديمة عن اللّٰه: «كان هنالك وقت كان فيه هذا التحريم [لاستعمال الاسم الالهي] غير معروف كليا بين اليهود . . . لا في مصر، ولا في بابل، عرف اليهود او حفظوا شريعة تحرِّم استعمال اسم اللّٰه، الحروف الاربعة للاسم الالهي، في المحادثة او التحيات العادية. ومع ذلك، من القرن الثالث قم الى القرن الثالث بم وُجد مثل ذلك التحريم وجرى حفظه جزئيا.» ولم يُسمح فقط باستعمال الاسم في الازمنة الابكر بل، كما يقول الدكتور كوهين: «كان هنالك وقت جرى فيه حضّ حتى العلماني على الاستعمال الحر والعلني للاسم . . . وجرى الاقتراح ان التوصية كانت مؤسسة على الرغبة في تمييز الاسرائيلي من [غير اليهودي].»
٤١ استنادا الى احد الرَّبينيين، اية تأثيرات سببت تحريما لاستعمال اسم اللّٰه؟
٤١ اذًا، ماذا سبَّب تحريم استعمال الاسم الالهي؟ يجيب الدكتور مرمورشتاين: «المقاومة الهلِّينستية [المتأثرة باليونانية] لدين اليهود، ارتداد الكهنة والنبلاء، ادخلا وثبَّتا قاعدة عدم التلفظ بالحروف الاربعة للاسم الالهي في المقدس [الهيكل في اورشليم].» وفي غيرتهم المفرطة لتجنب اتخاذ الاسم الالهي باطلا منعوا تماما استعماله في الكلام وأفسدوا هوية الاله الحقيقي وخفَّفوا تألُّقها. فتحت الضغط المشترك للمقاومة الدينية والارتداد تُرك استعمال الاسم الالهي بين اليهود.
٤٢ ماذا يُظهر سجل الكتاب المقدس عن استعمال الاسم الالهي؟
٤٢ ولكن، كما يذكر الدكتور كوهين: «في ازمنة الكتاب المقدس يبدو انه لم يكن هنالك تورُّع عن استعمال [الاسم الالهي] في الحديث اليومي.» والاب الجليل ابرهيم «دعا باسم الرب.» (تكوين ١٢:٨) ومعظم كتبة الكتاب المقدس العبراني استعملوا الاسم بحرية ولكن باحترام حتى كتابة ملاخي في القرن الخامس قم. — راعوث ١:٨، ٩، ١٧.
٤٣ (أ) ماذا يتضح جيدا بخصوص الاستعمال اليهودي للاسم الالهي؟ (ب) ماذا كان احد الآثار غير المباشرة لتخلي اليهود عن استعمال الاسم الالهي؟
٤٣ يتضح جيدا ان العبرانيين القدماء استعملوا وتلفظوا فعلا بالاسم الالهي. ومرمورشتاين يعترف بخصوص التغيير الذي حدث لاحقا: «لانه في هذا الوقت، في النصف الاول من القرن الثالث [قم]، تلزم ملاحظة تغيير كبير في استعمال اسم اللّٰه، مما سبَّب تغييرات كثيرة في المعرفة التقليدية اليهودية، اللاهوتية والفلسفية، يجري الشعور بتأثيراتها الى هذا اليوم.» وأحد آثار خسارة الاسم هو ان مفهوم اله بلا اسم ساعد على خلق فراغ لاهوتي تطوَّرت فيه بأكثر سهولة عقيدة ثالوث العالم المسيحي.j — خروج ١٥:١-٣.
٤٤ ما هي بعض الآثار الاخرى التي سبَّبها رفض اسم اللّٰه؟
٤٤ ان رفض استعمال الاسم الالهي يحطّ من قيمة عبادة الاله الحقيقي. وكما قال احد المعلقين: «من المؤسف انه عند التحدث عن اللّٰه بصفته ‹الرب› فان التعبير، على الرغم من صحته، هو بارد وبدون حيوية . . . ويلزم المرء ان يتذكر انه اذ يترجم ي ه و ه او ادوناي الى ‹الرب› فانه يُدخل الى فقرات كثيرة من العهد القديم عنصرا من التجريد والشكلية والبُعد غريبا كليا عن النص الاصلي.» (معرفة اللّٰه في اسرائيل القديمة) فكم هي مؤسفة رؤية الاسم السنيّ والمهم يَهوِه، او يَهوَه، مفقودا من ترجمات كثيرة للكتاب المقدس فيما يظهر بوضوح آلاف المرات في النص العبراني الاصلي! — اشعياء ٤٣:١٠-١٢، عج.
هل ينتظر اليهود المسيَّا بعدُ؟
٤٥ ايّ اساس من الكتاب المقدس هنالك للايمان بمسيّا؟
٤٥ هنالك نبوات كثيرة في الاسفار العبرانية استمد منها اليهود قبل اكثر من ٠٠٠,٢ سنة رجاءهم المسيّاني. فصموئيل الثاني ٧:١١-١٦ دلَّت ان المسيَّا سيكون من سلالة داود. واشعياء ١١:١-١٠ تنبأت انه سيجلب البر والسلام لكل الجنس البشري. وأعطت دانيال ٩:٢٤-٢٧ جدولا تاريخيا لظهور المسيَّا وقطعه في الموت.
٤٦ و ٤٧ (أ) مسيَّا من ايّ نوع كان يتوقعه اليهود العائشون تحت السيادة الرومانية؟ (ب) ايّ تغيير حدث في المطامح اليهودية بخصوص المسيَّا؟
٤٦ وكما تشرح دائرة المعارف اليهودية، بحلول القرن الاول، كانت التوقعات المسيّانية عالية. وكان متوقعا ان يكون المسيَّا «متحدرا من داود، ممنوحا مواهب عجائبية، آمن يهود الفترة الرومانية ان اللّٰه سيقيمه ليكسر نير الوثنيين وليحكم على مملكة اسرائيل المستردة.» إلا ان المسيَّا المحارب الذي كان اليهود ينتظرونه لم يكن آتيا.
٤٧ ولكن، كما تذكر دائرة المعارف البريطانية الجديدة، كان الرجاء المسيّاني حيويا في تماسك الشعب اليهودي معا عبر محنهم الكثيرة: «اليهودية دون شك مدينة ببقائها حية، الى حد كبير، لايمانها الراسخ بالوعد والمستقبل المسيَّانيَّين.» ولكن بنشوء اليهودية العصرية بين القرنين الـ ١٨ والـ ١٩ انهى كثيرون من اليهود انتظارهم السلبي للمسيَّا. وأخيرا، بالمحرقة التي اوعز فيها النازيون، فقدَ كثيرون صبرهم ورجاءهم. وبدأوا ينظرون الى الرسالة المسيّانية كعبء وهكذا اعادوا تفسيرها كمجرد عصر جديد من الازدهار والسلام. ومنذ ذلك الوقت، مع ان هنالك استثناءات، لا يمكن القول ان اليهود ككل ينتظرون مسيَّا شخصيا.
٤٨ اية اسئلة يمكن ان تنشأ على نحو معقول عن اليهودية؟
٤٨ هذا التغيير الى دين غير مسيّاني يُنشئ اسئلة خطيرة. هل كانت اليهودية على خطإ طوال آلاف السنين في الاعتقاد ان المسيَّا سيكون شخصا؟ ايّ شكل من اليهودية يساعد المرء على البحث عن اللّٰه؟ هل هو اليهودية القديمة بزخارفها من الفلسفة اليونانية؟ ام هو احد الاشكال غير المسيّانية لليهودية التي تطوَّرت خلال الـ ٢٠٠ سنة الاخيرة؟ ام هل هنالك سبيل آخر بعدُ يحفظ بأمانة ودقة الرجاء المسيّاني؟
٤٩ اية دعوة تُوَجَّه الى اليهود المخلصين؟
٤٩ بهذه الاسئلة في الذهن، نقترح ان يعيد اليهود المخلصون فحص موضوع المسيَّا باستقصاء الادعاءات بخصوص يسوع الناصري، ليس كما مثَّله العالم المسيحي، بل كما يقدِّمه الكتبة اليهود للاسفار اليونانية المقدسة. فهنالك فرق كبير. وأديان العالم المسيحي ساهمت في الرفض اليهودي ليسوع بعقيدتها غير المؤسسة على الكتاب المقدس للثالوث، التي بشكل واضح لا يقبلها ايّ يهودي يعزّ التعليم النقي ان «الرب الهنا رب واحد.» (تثنية ٦:٤)
-
-
اليهودية — البحث عن اللّٰه من خلال الاسفار المقدسة والتقليدبحث الجنس البشري عن اللّٰه
-
-
[الاطار/الصورتان في الصفحتين ٢٢٠ و ٢٢١]
كتابات العبرانيين المقدسة
بدأت الكتابات العبرانية المقدسة بالـ «تَناخ.» والاسم «تَناخ» يأتي من الاقسام الثلاثة للكتاب المقدس اليهودي بالعبرانية: توراة (الشريعة)، نڤيئيم (الانبياء)، وكْتوڤيم (الكتابات)، باستعمال الحرف الاول من كل جزء لتشكيل الكلمة تَناخ. وقد كُتبت هذه الاسفار بالعبرانية والآرامية من القرن الـ ١٦ الى القرن الـ ٥ قم.
يعتقد اليهود انها كُتبت تحت درجات مختلفة ومتناقصة من الوحي. ولذلك يضعونها في ترتيب الاهمية هذا:
توراة — اسفار موسى الخمسة، او الپانتاتيك (من اليونانية التي تقابل «الادراج الخمسة»)، الشريعة، مؤلفة من التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، والتثنية. ولكنّ كلمة «توراة» يمكن ان تُستعمل ايضا للاشارة الى الكتاب المقدس اليهودي ككل اضافة الى الشريعة الشفهية والتلمود (انظروا الصفحة التالية).
نڤيئيم — الانبياء، تغطي من يشوع الى الانبياء الرئيسيين، اشعياء، ارميا، وحزقيال، وبعدئذ الى الانبياء «الصغار» الـ ١٢ من هوشع الى ملاخي.
كْتوڤيم — الكتابات، مؤلفة من الاعمال الشعرية، المزامير، الامثال، ايوب، نشيد الانشاد، ومراثي ارميا. واضافة الى ذلك تشمل راعوث، الجامعة، استير، دانيال، عزرا، نحميا، وأخبار الايام الاول والثاني.
التلمود
من وجهة النظر الاممية، الـ «تَناخ،» او الكتاب المقدس اليهودي، هو اهم الكتابات اليهودية. ولكنّ وجهة النظر اليهودية مختلفة. فكثيرون من اليهود يوافقون على تعليق أدين شتينزلتز، وهو رابّي: «اذا كان الكتاب المقدس حجر زاوية اليهودية، فحينئذ يكون التلمود العمود المركزي، مرتفعا من الاساسات وداعما كامل الصرح الروحي والفكري . . . ما من عمل آخر كان له تأثير مشابه في نظرية وممارسة الحياة اليهودية.» (التلمود الاساسي) اذًا، ما هو التلمود؟
لا يعتقد اليهود الارثوذكسيون ان اللّٰه اعطى الشريعة المكتوبة، او التوراة، لموسى عند جبل سيناء فحسب بل ان اللّٰه كشف له ايضا تفاسير محدَّدة عن كيفية تنفيذ هذه الشريعة، وأن تلك كانت ستنتقل بكلمة الفم. وهذه دُعيت الشريعة الشفهية. وهكذا فان التلمود هو الملخَّص المكتوب، مع تعليقات وتفاسير لاحقة، لهذه الشريعة الشفهية، الذي جمعه رَبينيون من القرن الثاني بم الى العصور الوسطى.
والتلمود مقسَّم عادة الى جزءين رئيسيين:
المِشناه: مجموعة تعليقات تكمِّل شريعة الاسفار المقدسة، مؤسسة على تفاسير الرَّبينيين المدعوين تَنَّيم (معلِّمين). وقد وُضعت في شكل مكتوب في اواخر القرن الثاني وأوائل الثالث بم.
الڠماره (دُعيت اصلا التلمود): مجموعة تعليقات على المِشناه بواسطة رَبينيين من فترة لاحقة (القرن الثالث الى السادس بم).
واضافة الى هذين القسمين الرئيسيين يمكن ان يشمل التلمود ايضا تعليقات على الڠماره قام بها رَبينيون في العصور الوسطى. وكان بارزا بين هؤلاء رابّي راشي (سليمان بن اسحق، ١٠٤٠-١١٠٥)، الذي جعل اللغة الصعبة للتلمود قابلة اكثر للفهم، ورابّي رامبام (موسى بن ميمون، المعروف ايضا بميمونيدس، ١١٣٥-١٢٠٤)، الذي اعاد تنظيم التلمود في نسخة مختصرة («مشنِه توراة»)، فجعله بالتالي في متناول جميع اليهود.
[الصور]
ادناه، توراة قديمة مما هو معروف بقبر استير، ايران؛ الى اليسار، ترتيلة حمد عبرانية وييدية مؤسسة على آيات من الاسفار المقدسة
[الاطار/الصورتان في الصفحتين ٢٢٦ و ٢٢٧]
اليهودية — دين بأصوات كثيرة
هنالك فروق رئيسية بين مختلف فئات اليهودية. وتقليديا تشدد اليهودية على الممارسة الدينية. والمناظرة حول مسائل كهذه، عوضا عن المعتقدات، سبَّبت توترا خطيرا بين اليهود وأدّت الى تشكيل ثلاثة اقسام رئيسية في اليهودية.
اليهودية الارثوذكسية — هذا الفرع لا يقبل فقط ان الـ «تَناخ» العبرانية هي اسفار مقدسة موحى بها بل يؤمن ايضا بأن موسى تلقى الشريعة الشفهية من اللّٰه في جبل سيناء في الوقت نفسه الذي تلقى فيه الشريعة المكتوبة. واليهود الارثوذكسيون يحفظون بتدقيق شديد وصايا كلتا الشريعتين. ويؤمنون بأن المسيَّا سيظهر بعدُ ويأتي باسرائيل الى عصر ذهبي. وبسبب الفروق في الرأي ضمن الفريق الارثوذكسي، انبثقت شتى الفئات. وأحد الامثلة هو الحاسيدية.
الحاسيديم (تعني «الاتقياء») — يُنظر الى هؤلاء كأرثوذكسيين جدا. اسسهم اسرائيل بن أليعزر، المعروف ببعل شيم طوڤ («سيد الاسم الطيِّب»)، في منتصف القرن الـ ١٨ في اوروپا الشرقية، وهم يتبعون تعليما يركِّز على الموسيقى والرقص، منتجا فرحا صوفيا. والكثير من معتقداتهم، بما فيها التجسُّد ثانية، مؤسس على الكتب الصوفية اليهودية المعروفة بالقابالا. واليوم يقودهم رِبينيون (ييدية مقابل «رَبينيون»)، او صدِّيقيم، يعتبرهم أتباعهم رجالا ابرارا على نحو فائق او قديسين.
والحاسيديم موجودون اليوم بشكل رئيسي في الولايات المتحدة وفي اسرائيل. وهم يرتدون طرازا خصوصيا من الزي الاوروپي الشرقي، اسود بشكل رئيسي، للقرنين الـ ١٨ والـ ١٩، يجعلهم بارزين جدا للعيان، وخصوصا في محيط مدينة عصرية. واليوم هم منقسمون الى طوائف تتبع رِبينيين شهيرين مختلفين. واحدى الفرق النشيطة جدا هي الـ لوباڤيتشيون، الذين يجمعون المهتدين بقوة بين اليهود. وتعتقد بعض الفرق ان المسيَّا وحده له الحق في ردّ اسرائيل كأمة لليهود ولذلك يعارضون الدولة العلمانية لاسرائيل.
اليهودية الاصلاحية (معروفة ايضا بـ «التحررية» و «التقدمية») — بدأت الحركة في اوروپا الغربية نحو بداية القرن الـ ١٩. وهي مؤسسة على افكار موسى مَنْدَلْسون، مفكر يهودي في القرن الـ ١٨ آمن بوجوب استيعاب اليهود الثقافة الغربية بدلا من فصل انفسهم عن الامم. وينكر اليهود الاصلاحيون ان تكون التوراة الحق المعلن الهيا. وهم ينظرون الى الشرائع اليهودية عن الحِمية، الطهارة، واللباس بصفتها عتيقة الطراز. ويؤمنون بما يسمونه «عصرا مسيّانيا من الاخوَّة العالمية.» وفي السنوات الاخيرة رجعوا الى يهودية تقليدية اكثر.
اليهودية المحافظة — بدأت هذه في المانيا في سنة ١٨٤٥ كشُعبة من اليهودية الاصلاحية، التي جرى الشعور بأنها رفضت الكثير جدا من الممارسات اليهودية التقليدية. واليهودية المحافظة لا تقبل ان موسى تلقى الشريعة الشفهية من اللّٰه بل تعتقد بأن الرَّبينيين، الذين سعوا الى تكييف اليهودية وفق عصر جديد، هم الذين اخترعوا التوراة الشفهية. ويذعن اليهود المحافظون لنصائح الكتاب المقدس والشريعة الرَّبينية اذا كانت هذه «تستجيب للمطالب العصرية للحياة اليهودية.» (كتاب المعرفة اليهودية) وهم يستعملون العبرانية والانكليزية في طقوس عبادتهم ويحافظون على شرائع غذائية صارمة (كشْروت). ويُسمح للرجال والنساء بالجلوس معا خلال العبادة، الامر الذي لا يسمح به الارثوذكسيون.
[الصور]
الى اليمين، يهود عند حائط المبكى في اورشليم، وأعلاه، يهودي يصلّي واورشليم في الخلف
[الاطار/الصور في الصفحتين ٢٣٠ و ٢٣١]
بعض الاعياد والعادات المهمة
غالبية الاعياد اليهودية مؤسسة على الكتاب المقدس، وهي عموما إما اعياد فصلية تتعلق بمواسم الحصاد المختلفة وإما مرتبطة بحوادث تاريخية.
▪ شبات — يُنظر الى اليوم السابع من الاسبوع اليهودي (من غروب شمس الجمعة الى غروب شمس السبت) بأنه يقدِّس الاسبوع، والحفظ الخصوصي لهذا اليوم هو جزء اساسي من العبادة. ويذهب اليهود الى المجمع من اجل قراءة التوراة والصلوات. — خروج ٢٠:٨-١١.
▪ يوم كيپور — يوم الكفارة، عيد مهيب يتصف بالصوم وفحص الذات. وهو يختتم عشرة ايام الندامة التي تبدأ بـ «روش هَشنة،» رأس السنة اليهودية، الذي يقع في ايلول وفق التقويم العلماني اليهودي. — لاويين ١٦:٢٩-٣١؛ ٢٣:٢٦-٣٢.
▪ سوكُّوت (الى اليمين) — عيد الاكواخ، او المظال، او الجمع. يحتفل بالحصاد وبنهاية جزء كبير من السنة الزراعية. يُقام في تشرين الاول. — لاويين ٢٣:٣٤-٤٣؛ عدد ٢٩:١٢-٣٨؛ تثنية ١٦:١٣-١٥.
▪ حانوكاه — عيد التدشين. عيد شعبي يقام في كانون الاول يحيي ذكرى ردّ المكابيين الاستقلال اليهودي عن السيطرة السورية-اليونانية واعادة تدشين الهيكل في اورشليم في كانون الاول ١٦٥ قم. يتميز عادة باشعال الشموع طوال ثمانية ايام.
▪ پوريم — عيد القُرَع. يُحتفل به في وقت متأخر من شباط او اوائل آذار، احياء لذكرى انقاذ اليهود في فارس خلال القرن الخامس قم من هامان ومكيدته لاستئصال جنسهم. — استير ٩:٢٠-٢٨.
▪ پيسَح — عيد الفصح. أُنشئ لاحياء ذكرى انقاذ اسرائيل من الاسر في مصر (١٥١٣ قم). هو اعظم الاعياد اليهودية وأقدمها. يُقام في ١٤ نيسان قمري (حسب التقويم اليهودي)، ويقع عادة في نهاية آذار او بداية نيسان. تجتمع كل عائلة يهودية للاشتراك في وليمة الفصح، او سيدر. وخلال الايام السبعة التالية لا يجب اكل ايّ خمير. تدعى هذه الفترة عيد الفطير (متسوت). — خروج ١٢:١٤-٢٠، ٢٤-٢٧.
بعض العادات اليهودية
▪ الختان — للصبيان اليهود، هو احتفال مهم يحدث عندما يكون عمر الطفل ثمانية ايام. وفي اغلب الاحيان يُدعى عهد ابرهيم، لان الختان كان علامة عهد اللّٰه معه. والذكور الذين يهتدون الى اليهودية يجب ايضا ان يُختنوا. — تكوين ١٧:٩-١٤.
▪ بار مِتسڤاه (الى اليسار) شعيرة يهودية اساسية اخرى، تعني حرفيا «ابن الوصية،» وهي «عبارة تدل على بلوغ النضج الديني والشرعي على السواء اضافة الى المناسبة التي يُمنح فيها هذا الوضع الشرعي رسميا للصبيان في سن الـ ١٣ ويوم واحد.» وصارت عادة يهودية فقط في القرن الـ ١٥ بم. — دائرة المعارف اليهودية.
▪ مِزوزه (الى اليمين) من السهل عادة تمييز البيت اليهودي بسبب المِزوزه، او علبة الدرج، في الجانب الايمن من قائمة الباب اذ يدخل المرء. والمِزوزه عمليا هي رق صغير تُكتب فيه الكلمات المقتبسة من التثنية ٦:٤-٩ و ١١:١٣-٢١. وهذا يُلفّ داخل علبة صغيرة. وبعدئذ تُثبَّت العلبة على كل باب لكل غرفة تُستعمل للسكن.
▪ يارموكاه (قلنسوة للذكور) — استنادا الى دائرة المعارف اليهودية: «اليهود الارثوذكسيون . . . يعتبرون غطاء الرأس، خارج المجمع وداخله على السواء، علامة ولاء للتقليد اليهودي.» وتغطية الرأس في اثناء العبادة غير مذكورة في ايّ مكان في الـ تَناخ، لذلك يذكرها التلمود كمسألة عادة اختيارية. والنساء اليهوديات الحاسيديات إما يضعن غطاء للرأس في كل الاوقات وإما يحلقن رؤوسهن ويضعن شعرا مستعارا.
-