مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • المناداة برجوع الرب (‏١٨٧٠-‏١٩١٤)‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٥

      المناداة برجوع الرب (‏١٨٧٠-‏١٩١٤)‏

      ‏«ان التاريخ التالي لا يُعطى لمجرد انني مندفع الى اعطاء نظرة عامة الى توجيهات اللّٰه في طريق النور،‏ وإنما لأنني أومن بشكل خصوصي بأنه من الضروري ان يقال الحق باحتشام،‏ أن يجري التغلب على اساءات الفهم والبيانات الكاذبة المؤذية،‏ وأن يرى قرَّاؤنا كيف قدَّم الرب المساعدة والتوجيه حتى اليوم.‏»‏a

      بعد هذه الكلمات شرع تشارلز تاز رصل يلخِّص التطورات التي ادَّت الى اصداره Millennial Dawn (‏الفجر الالفي،‏ التي دُعيت في ما بعد دروس في الاسفار المقدسة )‏ و Watch Tower and Herald of Christ’s Presence Zion’s (‏برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ المعروفة الآن بـ‍ The Watchtower Announcing Jehovah’s Kingdom برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه‏)‏.‏ وهذا التاريخ هو ذو اهمية خصوصية لشهود يهوه.‏ ولماذا؟‏ لأن فهمهم الحاضر لحقائق الكتاب المقدس ونشاطاتهم يمكن ان ترجع الى سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ والى عمل ت.‏ ت.‏ رصل وعشرائه،‏ ومن هناك الى الكتاب المقدس والمسيحية الباكرة.‏

      فمَن كان تشارلز تاز رصل؟‏ وهل يعطي تاريخ عمله الدليل على مساعدة وتوجيه الرب؟‏

      بحث عن الحق

      وُلد ت.‏ ت.‏ رصل في الولايات المتحدة،‏ في ألليڠيني (‏الآن جزء من پيتسبورڠ)‏،‏ پنسلڤانيا،‏ في ١٦ شباط ١٨٥٢.‏ وكان الابن الثاني لجوزيف ل.‏ و آن إليزا (‏بِرْني)‏ رصل،‏ اللذين كانا مشيَخيَّين من اصل اسكتلندي-‏ايرلندي.‏ ماتت ام تشارلز عندما كان بعمر تسع سنوات فقط،‏ ولكن من عمر باكر،‏ كان تشارلز متأثرا بكِلا والدَيه الميَّالَين الى الدين.‏ وكما عبَّر عن ذلك عشير لاحق لـ‍ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ «لقد وجَّها نمو الغصن الصغير؛‏ فنما في توجيه الرب.‏» وعلى الرغم من انه تربَّى كمشيخي،‏ انضم تشارلز اخيرا الى الكنيسة الجماعية لأنه فضَّل آراءها.‏

      وكما يتَّضح،‏ كان تشارلز الصغير رجل اعمال فعلا.‏ فبعمر ١١ سنة فقط،‏ صار شريكا لأبيه في محل تجاري مزدهر للملابس الرجالية.‏ ووسَّع تشارلز العمل،‏ مديرًا في النهاية شخصيا عددا من المحلات التجارية المختلفة.‏ وعلى الرغم من ان الامور سارت حسنا بالنسبة اليه في العمل،‏ إلا انه كان مضطربا جدا روحيا.‏ ولماذا كان الامر كذلك؟‏

      آمن والدا تشارلز باخلاص بعقائد كنائس العالم المسيحي وربَّياه ليقبلها ايضا.‏ وهكذا جرى تعليم تشارلز الصغير ان اللّٰه محبة،‏ وأنه مع ذلك كان قد خلق البشر خالدين بالطبيعة وزوَّد مكانا ناريا يعذِّب فيه الى الابد الجميع ما عدا اولئك الذين قُدِّر لهم مسبقا ان يَخلصوا.‏ وفكرة كهذه خيَّبت القلب المخلص لتشارلز المراهق.‏ وفكَّر:‏ «ان الها يستعمل قوته ليخلق كائنات بشرية عرف مقدَّما وقدَّر لهم مسبقا ان يتعذَّبوا الى الابد،‏ لا يمكن ان يكون حكيما،‏ عادلا ولا محبا.‏ ومقياسه يكون ادنى من مقياس كثيرين من البشر.‏»‏

      لكنَّ رصل الحدث لم يكن ملحدا؛‏ فهو لم يستطع ان يقبل تعاليم الكنائس المفهومة عموما.‏ اوضح قائلا:‏ «توصَّلتُ تدريجيا الى الفهم انه على الرغم من ان كلًّا من العقائد احتوى على بعض عناصر الحق،‏ إلا انها،‏ ككل،‏ كانت مضلِّلة ومناقضة لكلمة اللّٰه.‏» لقد كانت «عناصر الحق» في عقائد الكنائس مدفونة في الواقع في مستنقع التعاليم الوثنية التي كانت قد تسلَّلت الى المسيحية المفسَدة خلال الارتداد الذي دام قرونا.‏ واذ تحوَّل عن عقائد الكنيسة وبحث عن الحق،‏ فحص رصل بعض الاديان الشرقية الرئيسية،‏ ولكن ليجد انها لا تمنح الاكتفاء.‏

      مترسِّخ ثانية في الايمان

      ولكنَّ الغصن كان قد وُجِّه من قِبل والدَين يخافان اللّٰه؛‏ فكان ميَّالا الى «توجيه الرب.‏» وبينما كان لا يزال يبحث عن الحق،‏ ذات مساء في السنة ١٨٦٩،‏ حدث امر رسَّخ ثانية ايمان تشارلز المتقلقل.‏ فإذ كان يمشي قرب محل رصل التجاري في شارع فيديرال،‏ سمع ترتيلا دينيا آتيا من قاعة تحت الارض.‏ وبكلماته الخاصة،‏ هذا ما حدث:‏

      ‏«بالصدفة كما يبدو،‏ زرت ذات مساء قاعة قذرة يعلوها الغبار،‏ حيث كنت قد سمعت انه تُعقد اجتماعات دينية،‏ لأرى ما اذا كان لدى العدد الصغير من الناس المجتمعين هناك ايّ شيء ليقدِّموه معقول اكثر من عقائد الكنائس الكبرى.‏ وهناك،‏ للمرة الاولى،‏ سمعت شيئا من آراء ‹المؤمنين بالمجيء الثاني› [الكنيسة المسيحية المجيئية]،‏ وكان الكارز السيد جوناس وِندَل .‏ .‏ .‏ وهكذا،‏ أعترف بكوني مدينا للمجيئيين وكذلك لطوائف دينية اخرى.‏ وعلى الرغم من ان شرحه للاسفار المقدسة لم يكن واضحا تماما،‏ .‏ .‏ .‏ إلا انه كان كافيا،‏ تحت توجيه اللّٰه،‏ ليرسِّخ ثانية ايماني المتقلقل بالوحي الالهي للكتاب المقدس،‏ وليُظهر ان سجلات الرسل والانبياء مترابطة بشكل وثيق.‏ وما سمعته وجَّهني الى كتابي المقدس لأدرس بغيرة واعتناء اكثر من ايّ وقت مضى،‏ وأنا اشكر الرب دوما على ذلك التوجيه؛‏ لأنه على الرغم من ان مذهب المجيئية لم يقدِّم لي ولا حقيقة واحدة،‏ إلا انه ساعدني كثيرا في نبذ الاخطاء،‏ وبالتالي هيَّأني للحق.‏»‏

      لقد جدَّد ذلك الاجتماع تصميم رصل الحدث على البحث عن حق الاسفار المقدسة.‏ ووجَّهه الى كتابه المقدس بتوق اكثر من ايّ وقت مضى.‏ وسرعان ما اعتقد رصل ان الوقت قريب لكي يأتي اولئك الذين يخدمون الرب الى معرفة واضحة لقصده.‏ ولذلك،‏ في السنة ١٨٧٠،‏ اذ كانوا متَّقدين حماسة،‏ اجتمع هو وبعض معارفه في پيتسبورڠ وجوار ألليڠيني وشكَّلوا صفا لدرس الكتاب المقدس.‏ ووفقا لعشير لاحق لرصل،‏ كان صف الكتاب المقدس الصغير يُدار بهذه الطريقة:‏ «يثير احد سؤالا.‏ فيناقشونه.‏ ويبحثون عن كل الآيات المتعلقة بالموضوع ثم،‏ عندما يقتنعون بانسجام هذه الآيات،‏ يذكرون اخيرا استنتاجهم ويدوِّنونه.‏» وكما اعترف رصل لاحقا،‏ كانت الفترة «من ١٨٧٠ الى ١٨٧٥ وقت نمو مستمر في النعمة والمعرفة والمحبة للّٰه وكلمته.‏»‏

      واذ كانوا يبحثون في الاسفار المقدسة،‏ كان عدد من الامور يصير اوضح لطالبي الحق المخلصين هؤلاء.‏ لقد رأوا حقائق الاسفار المقدسة المتعلقة بكون النفس البشرية عرضة للفناء وأن الخلود هبة سيحصل عليها اولئك الذين يصيرون وارثين مع المسيح في ملكوته السماوي.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٢٠؛‏ رومية ٢:‏​٦،‏ ٧‏)‏ وابتدأوا يفهمون عقيدة الذبيحة الفدائية ليسوع المسيح والفرصة التي جعلها هذا التدبير ممكنة للجنس البشري.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ وأدركوا انه على الرغم من ان يسوع اتى اولا الى الارض كانسان في الجسد،‏ إلا انه سيكون حاضرا بشكل غير منظور كشخص روحاني عند رجوعه.‏ (‏يوحنا ١٤:‏١٩‏)‏ وتعلَّموا ايضا ان الهدف من رجوع يسوع هو،‏ لا ان يهلك كل شخص،‏ بل ان يبارك عائلات الارض الطائعة.‏ (‏غلاطية ٣:‏٨‏)‏ كتب رصل:‏ «شعرنا بالحزن العميق على خطإ ‹المؤمنين بالمجيء الثاني،‏› الذين كانوا ينتظرون المسيح في الجسد،‏ ويعلِّمون ان العالم وكل ما فيه ما عدا ‹المؤمنين بالمجيء الثاني› سيحترق.‏»‏

      وحقائق الاسفار المقدسة التي صارت واضحة لصف الكتاب المقدس الصغير هذا كانت من غير ريب هجرا للعقائد الوثنية التي تسلَّلت الى المسيحية في اثناء الارتداد الذي دام قرونا.‏ ولكن هل حصل رصل وعشراؤه ذوو الميل الروحي على هذه الحقائق من الكتاب المقدس دون مساعدة آخرين؟‏

      تأثير الآخرين

      اشار رصل علانية الى المساعدة التي كان قد نالها من الآخرين في درس الكتاب المقدس.‏ وهو لم يعترف بكونه مدينا للمؤمن بالمجيء الثاني جوناس وِندَل فحسب بل تكلم ايضا بمحبة عن شخصين آخرين كانا قد ساعداه في درس الكتاب المقدس.‏ قال رصل عن هذين الرجلين:‏ «ان درس كلمة اللّٰه مع هذين الاخوين قاد،‏ خطوة فخطوة،‏ الى مراعٍ اكثر اخضرارا.‏» احدهما،‏ جورج و.‏ سْتِتْسون،‏ كان تلميذا جدّيا للكتاب المقدس وقسّا للكنيسة المسيحية المجيئية في إدِنبورو،‏ پنسلڤانيا.‏

      والآخر،‏ جورج ستورز،‏ كان ناشر مجلة فاحص الكتاب المقدس،‏ في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وستورز،‏ الذي وُلد في ١٣ كانون الاول ١٧٩٦،‏ اندفع في البداية الى فحص ما يقوله الكتاب المقدس عن حالة الموتى نتيجة لقراءة شيء اصدره (‏على الرغم من انه كان في ذلك الوقت بدون اسم الكاتب)‏ تلميذ يقظ للكتاب المقدس،‏ هنري ڠرُو من فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا.‏ فصار ستورز مدافعا غيورا عما كان يُدعى الخلود المشروط —‏ التعليم بأن النفس فانية وأن الخلود هبة سيحصل عليها المسيحيون الامناء.‏ وحاجَّ ايضا بأنه ما دام الاشرار لا يملكون الخلود،‏ فلا يوجد عذاب ابدي.‏ وسافر ستورز الى مناطق كثيرة،‏ ملقيا محاضرات حول موضوع لا خلود للاشرار.‏ وكان بين منشوراته المواعظ الست،‏ التي بلغ توزيعها اخيرا ٠٠٠‏,٢٠٠ نسخة.‏ ولا شك ان آراء ستورز القوية المؤسسة على الكتاب المقدس حول كون النفس عرضة للفناء وكذلك حول الكفارة والردّ (‏اعادة ما جرت خسارته بسبب الخطية الآدمية؛‏ اعمال ٣:‏٢١‏)‏ كان لها تأثير ايجابي وقوي في تشارلز ت.‏ رصل الشاب.‏

      لكنَّ رجلا آخر ممن كان لهم تأثير عميق في حياة رصل جعل ايضا ولاءه لحق الاسفار المقدسة يوضع تحت الامتحان.‏

      النبوات المتعلقة بالازمنة وحضور الرب

      ذات صباح في كانون الثاني ١٨٧٦،‏ تسلَّم رصل البالغ من العمر ٢٣ سنة نسخة من مجلة دينية دورية تدعى بشير الصباح.‏ ومن الصورة على الغلاف،‏ استطاع ان يرى انها مقترنة بمذهب المجيئية.‏ والمؤلِّف،‏ نلسون ه‍.‏ باربور من روتشستر،‏ نيويورك،‏ اعتقد ان الهدف من رجوع المسيح لم يكن ان يهلك قبائل الارض بل ان يباركها وأن مجيئه سيكون لا في الجسد بل كروح.‏ وكان ذلك منسجما مع ما كان رصل وعشراؤه يعتقدونه في ألليڠيني لمدة من الوقت!‏b ولكن،‏ بشكل غريب،‏ اعتقد باربور من النبوات المتعلقة بالازمنة في الكتاب المقدس ان المسيح كان آنذاك حاضرا (‏بشكل غير منظور)‏ وأن عمل الحصاد لتجميع «الحنطة» (‏المسيحيين الحقيقيين الذين يؤلفون صف الملكوت)‏ كان آنذاك قد آن اوانه.‏ —‏ متى،‏ الاصحاح ١٣‏.‏

      كان رصل يتجنَّب نبوات الكتاب المقدس المتعلقة بالازمنة.‏ ولكنه تساءل الآن:‏ «أيمكن ان يكون المقصود حقا من النبوات المتعلقة بالازمنة التي طالما استخففت بها،‏ بسبب اساءة استعمالها من قبل المجيئيين،‏ ان تبيِّن متى يكون الرب حاضرا بشكل غير منظور لتأسيس ملكوته؟‏» وبتعطُّشه الى حق الاسفار المقدسة كان على رصل ان يتعلَّم المزيد.‏ ولذلك رتَّب ان يقابل باربور في فيلادلفيا.‏ وهذه المقابلة اكَّدت اتفاقهما في عدد من تعاليم الكتاب المقدس وزوَّدتهما الفرصة لتبادل الآراء.‏ «عندما التقينا لأول مرة،‏» ذكر رصل لاحقا،‏ «كان لديه الكثير ليتعلَّمه مني عن تمام الردّ المؤسس على كفاية الفدية المقدَّمة عن الجميع،‏ كما كان لديَّ الكثير لأتعلَّمه منه عن الازمنة.‏»‏ ونجح باربور في اقناع رصل بأن حضور المسيح غير المنظور كان قد ابتدأ في السنة ١٨٧٤.‏c

      ‏‹عزمتُ على القيام بحملة قوية من اجل الحق›‏

      كان ت.‏ ت.‏ رصل رجلا ذا اقتناعات ثابتة.‏ واذ اقتنع بأن حضور المسيح غير المنظور قد ابتدأ،‏ صمَّم على المناداة به للآخرين.‏ قال لاحقا:‏ «ان معرفة واقع كوننا الآن في فترة الحصاد اعطتني زخما لنشر الحق لم يكن لديَّ مثله من قبل قط.‏ ولذلك عزمتُ فورا على القيام بحملة قوية من اجل الحق.‏» وقرَّر رصل الآن ان يقلِّل من مصالحه التجارية لكي يقف نفسه للكرازة.‏

      ولكي يبطل الآراء الخاطئة في رجوع الرب،‏ كتب رصل كراس The Object and Manner of Our Lord’s Return (‏هدف وطريقة رجوع ربنا‏)‏.‏ وقد نُشر في السنة ١٨٧٧.‏ وفي تلك السنة عينها نشر باربور ورصل معا Three Worlds, and the Harvest of This World (‏العوالم الثلاثة،‏ وحصاد هذا العالم‏)‏‏.‏ وناقش هذا الكتاب المؤلَّف من ١٩٦ صفحة موضوعَي الردّ ونبوات الكتاب المقدس المتعلقة بالازمنة.‏ وعلى الرغم من ان كل موضوع كان قد عالجه آخرون من قبل،‏ إلا ان هذا الكتاب،‏ في رأي رصل،‏ كان «الاول الذي يجمع بين فكرة الردّ والنبوة المتعلقة بالازمنة.‏» وقد قدَّم الفكرة ان حضور يسوع المسيح غير المنظور يبتدئ تاريخه من خريف السنة ١٨٧٤.‏

      واذ سافر رصل وكرز،‏ اتَّضح له ان شيئا اكثر يلزم لابقاء بزور الحق التي يزرعها حية ومرويَّة.‏ والجواب؟‏ «مجلة شهرية،‏» قال رصل.‏ ولذلك قرَّر هو وباربور ان يعيدا احياء المطبوعة بشير،‏ التي كانت قد توقَّفت بسبب الاشتراكات الملغاة والمال النافد.‏ فتبرَّع رصل بماله الخاص لاعادة احياء المجلة،‏ صائرا واحدا من المشتركين في تحريرها.‏

      وسار كل شيء حسنا مدة من الوقت —‏ حتى السنة ١٨٧٨.‏

      رصل يقطع الصلة بباربور

      في عدد آب ١٨٧٨ من بشير الصباح،‏ ظهرت مقالة كتبها باربور انكرت القيمة التعويضية لموت المسيح.‏ واستطاع رصل،‏ الذي كان اصغر من باربور بنحو ٣٠ سنة،‏ ان يرى ان ذلك كان في الواقع انكارا للجزء الاساسي من عقيدة الفدية.‏ ولذلك في العدد التالي عينه (‏ايلول ١٨٧٨)‏،‏ في مقالة بعنوان «الكفارة،‏» ايَّد رصل الفدية وناقض اقوال باربور.‏ واستمر الجدال في صفحات المجلة للاشهر القليلة التالية.‏ وأخيرا،‏ قرَّر رصل ان ينسحب من الشركة مع السيد باربور وأوقف الدعم المالي الاضافي للـ‍ بشير.‏

      لكنَّ ت.‏ ت.‏ رصل شعر بأن الانسحاب من الـ‍ بشير لم يكن كافيا؛‏ فيجب الدفاع عن عقيدة الفدية ويجب المناداة بحضور المسيح.‏ ولذلك،‏ في تموز ١٨٧٩،‏ ابتدأ رصل ينشر برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏d وكان رصل المحرِّر والناشر،‏ مع خمسة آخرين كانت اسماؤهم مسجَّلة في الاصل كمساهمين في اعمدتها.‏ وطُبع من العدد الاول ٠٠٠‏,٦ نسخة.‏ وبحلول السنة ١٩١٤ كان يُطبع من كل عدد نحو ٠٠٠‏,٥٠ نسخة.‏

      ‏«ليس بصفتها جديدة،‏ ليس بصفتها لنا،‏ بل بصفتها للرب»‏

      استخدم ت.‏ ت.‏ رصل برج المراقبة ومطبوعات اخرى لدعم حقائق الكتاب المقدس ولدحض التعاليم الدينية الباطلة والفلسفات البشرية التي تناقض الكتاب المقدس.‏ ولكنه لم يدَّعِ اكتشاف حقائق جديدة.‏

      من الجزء الاخير للقرن الـ‍ ١٨،‏ كان كثيرون من القسوس وعلماء الكتاب المقدس يشهِّرون التعليمَين الباطلَين لخلود النفس والعقاب الابدي للاشرار.‏ وهذا التشهير كان قد ذُكر بشكل شامل في كتاب الكتاب المقدس ضد التقليد،‏ لواضعه هارون إليس،‏ الذي نشره جورج ستورز اولا في انكلترا ثم في الولايات المتحدة في السنة ١٨٥٣.‏ ولكن لا احد في ذلك الوقت فعل اكثر مما فعله ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه لجعل هذا الحق معروفا.‏

      وماذا عن عقائد الكتاب المقدس الاخرى التي نوقشت في برج المراقبة والمطبوعات الاخرى؟‏ هل اكتسب رصل كل الفضل في كشف جواهر الحق هذه؟‏ اوضح رصل:‏ «وجدنا انه طوال قرون كانت طوائف وفرق مختلفة قد قسَّمت عقائد الكتاب المقدس في ما بينها،‏ مازجة اياها بالتخمين والخطإ البشريين بنسب متفاوتة ‏.‏ .‏ .‏ ووجدنا ان العقيدة المهمة للتبرير بالايمان وليس بالاعمال قد اعلنها بوضوح لوثر وفي وقت احدث مسيحيون كثيرون؛‏ أن العدل والقدرة والحكمة الالهية حفظها المشيخيون باعتناء على الرغم من انهم لم يفهموها بوضوح؛‏ أن المنهجيين قدَّروا ومجَّدوا محبة وعطف اللّٰه؛‏ أن المجيئيين آمنوا بعقيدة رجوع الرب الثمينة؛‏ أن المعمدانيين آمنوا بين نقاط اخرى بعقيدة المعمودية على نحو صائب رمزيا،‏ على الرغم من انهم كانوا قد فشلوا في ادراك المعمودية الحقيقية؛‏ أن بعض الخلاصيين كانوا قد آمنوا لفترة طويلة وعلى نحو غير واضح ببعض الافكار المتعلقة ‹بالردّ.‏› وهكذا فان كل الطوائف الدينية تقريبا اعطت الدليل على ان مؤسِّسيها كانوا يبحثون عن الحق:‏ ولكن من الواضح تماما ان الخصم الكبير كان قد حاربهم وكان قد قسَّم على نحو خاطئ كلمة اللّٰه التي لم يستطع تدميرها كليا.‏»‏

      وفي ما يتعلق بجدول التواريخ الذي كثيرا ما قدَّمه،‏ ذكر رصل:‏ «عندما نقول جدول ‹تواريخنا› نعني فقط الذي نستعمله،‏ جدول تواريخ الكتاب المقدس،‏ الذي ينتمي الى جميع شعب اللّٰه الذين يوافقون عليه.‏ وفي الواقع كان مستعمَلا قبل وقت طويل من يومنا بالشكل الذي نقدِّمه فيه تقريبا،‏ تماما كما كانت النبوات المختلفة التي نستخدمها مستخدَمة من المجيئيين لقصد مختلف،‏ وتماما كما كانت العقائد المختلفة التي نعتنقها والتي تبدو جديدة ونقية ومختلفة جدا معتنَقة بشكل ما منذ وقت طويل:‏ مثلا —‏ الانتخاب،‏ النعمة المجانية،‏ الردّ،‏ التبرير،‏ التقديس،‏ التمجيد،‏ القيامة.‏»‏

      اذًا كيف فهم رصل الدور الذي لعبه هو وعشراؤه في نشر حق الاسفار المقدسة؟‏ اوضح:‏ «ان عملنا .‏ .‏ .‏ هو ان نجمع معا اجزاء الحق المبعثرة لفترة طويلة هذه ونقدِّمها لشعب الرب —‏ ليس بصفتها جديدة،‏ ليس بصفتها لنا،‏ بل بصفتها للرب.‏ .‏ .‏ .‏ فيجب ان ننكر ايّ فضل حتى في العثور على جواهر الحق وإعادة ترتيبها.‏» وذكر ايضا:‏ «ان العمل الذي سُرَّ الرب بأن يستخدم مواهبنا المتواضعة فيه ليس عمل انشاء بقدر ما هو اعادة بناء،‏ تعديل،‏ وتنسيق.‏»‏

      وهكذا،‏ كان رصل محتشما جدا بشأن انجازاته.‏ ومع ذلك فإن «اجزاء الحق المبعثرة» التي جمعها معا وقدَّمها لشعب الرب كانت خالية من عقيدتي الثالوث وخلود النفس الوثنيتين المحقِّرتين اللّٰه،‏ اللتين صارتا راسختين في كنائس العالم المسيحي نتيجة للارتداد العظيم.‏ وخلافا لأي شخص في ذلك الحين،‏ نادى رصل وعشراؤه عالميا بمعنى رجوع الرب والقصد الالهي وما يشمله ذلك.‏

      ‏‹بناء واحدنا الآخر في الايمان الاقدس›‏

      تجاوب بسرعة الاشخاص المستقيمو القلوب مع الحقائق المحرِّرة التي كان ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه ينادون بها من خلال الصفحة المطبوعة وفي المحاضرات على السواء.‏ وسرعان ما ادرك رصل،‏ مع ان عمره كان يقل عن ٣٠ سنة،‏ انه كانت هنالك حاجة ان يتعرَّف قرَّاء برج المراقبة بالرفقاء المؤمنين ويشجِّعوا واحدهم الآخر.‏ وتلاميذ الكتاب المقدس في پيتسبورڠ كانوا يفعلون ذلك بالاجتماع معا قانونيا،‏ ولكن ماذا كان يمكن فعله لمساعدة قرَّاء برج المراقبة في الاماكن الاخرى؟‏

      اتى الجواب في عددي برج المراقبة لأيار وحزيران ١٨٨٠ (‏بالانكليزية)‏.‏ فهنا اعلن رصل خططه لزيارة عدد من البلدات والمدن في پنسلڤانيا،‏ نيو جيرزي،‏ ماساتشوستس،‏ ونيويورك.‏ ولأي قصد؟‏ «ان قرَّاءنا،‏» اوضح الاعلان،‏ «مشتَّتون كثيرا،‏ في بعض الاماكن ٢ و ٣،‏ وأكثر حتى الى ٥٠.‏ وفي اماكن كثيرة لا يعرفون واحدهم الآخر كليا،‏ وهكذا يخسرون التعاطف والتعزية اللذين قصد ابونا ان يحصلوا عليهما بواسطة ‹الاجتماع معا كما لقوم عادة.‏› وقصده هو ان ‹نشدِّد واحدنا الآخر،‏› وأن نبني واحدنا الآخر في الايمان الاقدس.‏ والاجتماعات المقترَحة التي نرجوها يمكن ان تؤدي الى تعارف شخصي.‏» —‏ عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      عُقدت «الاجتماعات المقترَحة» خلال رحلة رصل،‏ وتَبرهن انها ناجحة جدا؛‏ فقرَّاء برج المراقبة اقتربوا اكثر واحدهم الى الآخر.‏ وهذه وغيرها من الرحلات لزيارة «الفرق الصغيرة من المنتظرين» سرعان ما ادَّت الى تشكيل عدد من الصفوف،‏ او الكنائس (‏التي دُعيت في ما بعد جماعات)‏،‏ التي كانت موجودة في المناطق المذكورة آنفا بالاضافة الى اوهايو وميشيڠان.‏ وجرى تشجيع هذه الصفوف على عقد الاجتماعات القانونية.‏ ولكن ايّ نوع من الاجتماعات؟‏

      كان صف پيتسبورڠ قد اسس عادة الاجتماع معا مرتين على الاقل كل اسبوع.‏ والاجتماع الاول لصف پيتسبورڠ غالبا ما كان يشمل محاضرة يلقيها خطيب كفء امام كامل الكنيسة،‏ ربما في قاعة مستأجَرة.‏ ولكن في الاجتماعات الاخرى،‏ التي كانت تُعقد عادة في بيوت خاصة،‏ كان يُطلب من الحاضرين ان يجلبوا الكتاب المقدس،‏ فهرس الكلمات،‏ الاوراق،‏ وقلم الرصاص —‏ وأن يساهموا.‏

      والرفقة الروحية الدافئة المختبرة في تلك الاجتماعات الاسبوعية القانونية كانت تغييرا منعشا عن الجو غير الشخصي البارد في الطقوس الدينية لكثير من كنائس العالم المسيحي.‏ لكنَّ رصل وعشراءه لم يبتدعوا فكرة الاجتماع معا قانونيا.‏ فعادة الاجتماع هذه،‏ حتى في البيوت الخاصة،‏ اسسها مسيحيو القرن الاول.‏ —‏ رومية ١٦:‏​٣،‏ ٥؛‏ كولوسي ٤:‏١٥‏.‏

      ‏«هل تكرزون؟‏»‏

      اعتقد ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه بقوة انهم كانوا في وقت حصاد وأن الناس يحتاجون الى سماع الحق المحرِّر.‏ لكنهم كانوا قليلي العدد.‏ وكانت برج المراقبة تسدّ حاجة حيوية،‏ ولكن هل كان يمكن فعل المزيد؟‏ اعتقد رصل والعاملون معه ان الامر هو كذلك.‏ وخلال السنة ١٨٨٠ ابتدأوا ينتجون Bible Students’ Tracts (‏نشرات تلاميذ الكتاب المقدس،‏ التي دُعيت ايضا لاحقا اللاهوت القديم الربع سنوي‏)‏،‏ وكانت هذه تُزوَّد لقرَّاء برج المراقبة من اجل توزيع مجاني على الناس.‏

      نعم،‏ جرى تشجيع قرَّاء برج المراقبة ان يشتركوا مع الآخرين في الحقائق الثمينة التي يتعلَّمونها.‏ وكان السؤال المطروح في برج المراقبة عددي تموز وآب ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏ «هل تكرزون؟‏» فالى ايّ حد كان مهما ان يكرزوا؟‏ مضت المقالة تقول:‏ «نؤمن بأنه لا احد سيكون من القطيع الصغير إلا الكارزين.‏ .‏ .‏ .‏ نعم،‏ لقد دُعينا لنتألم معه ولننادي بهذه البشارة الآن،‏ لكي نتمجَّد في الوقت المعيَّن وننجز الامور التي يُكرز بها الآن.‏ ونحن لم نُدعَ ولم نُمسح لننال الاكرام ونجمع ثروة،‏ بل لنُنفِق ونُنفَق،‏ ولنكرز بالبشارة.‏»‏

      من اللائق ان تلاميذ الكتاب المقدس الاولين هؤلاء شعروا بقوة بالحاجة الى الكرازة بالبشارة.‏ وفي الواقع،‏ أُلقيت مهمة الكرازة على كاهل مسيحيي القرن الاول؛‏ وهي مسؤولية تقع على كل المسيحيين الحقيقيين الى هذا اليوم.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ اعمال ١:‏٨‏)‏ ولكن ماذا كان هدف الكرازة التي قام بها رصل والقرَّاء الاولون لـ‍ برج المراقبة؟‏ هل كان مجرد توزيع مطبوعات الكتاب المقدس او تنبيه الذين يرتادون الكنائس الى حقائق الاسفار المقدسة؟‏

      ‏«يجب عليكم .‏ .‏ .‏ ان تتركوها»‏

      ‏«اخرجوا منها يا شعبي،‏» حذَّر الكتاب المقدس منذ زمن طويل.‏ من ايّ شيء؟‏ «بابل العظيمة ام الزواني ورجاسات الارض.‏» (‏رؤيا ١٧:‏٥؛‏ ١٨:‏٤‏)‏ ولماذا الخروج من بابل؟‏ «لأن خطاياها لحقت السماء وتذكَّر اللّٰه آثامها.‏» (‏رؤيا ١٨:‏٥‏)‏ فمَن هي هذه الزانية الام التي يجب ان ينفصل عنها الناس؟‏

      حدَّد مارتن لوثر وقادة الاصلاح الآخرون هوية الكنيسة الكاثوليكية وبابويتها بصفتها بابل العظيمة.‏ وماذا عن الكنائس الپروتستانتية التي نشأت نتيجة الاصلاح؟‏ الواقع هو انه،‏ بصرف النظر عن رفضها سلطة البابا العليا،‏ لم يكن بعضها مختلفا كثيرا عن الكاثوليكية في البنية الكنسية،‏ وقد احتفظت بعقائد غير مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ كالثالوث،‏ خلود النفس،‏ والعذاب الابدي.‏ ولهذا السبب حثَّ بعض الكارزين الناسَ على التحرُّر ليس فقط من الكنيسة الكاثوليكية بل ايضا من انظمة الكنيسة الپروتستانتية الرئيسية.‏

      ادرك ايضا ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه ان هذه الزانية السيئة السمعة لم تكن فقط الكنيسة الكاثوليكية.‏ وهكذا،‏ فيما حدَّدت برج المراقبة عدد تشرين الثاني ١٨٧٩ (‏بالانكليزية)‏ هوية بابل العظيمة بصفتها ‏«البابوية كنظام،‏» اضافت المقالة:‏ «يجب ان نذهب الى ابعد من ذلك ونُظهر انها تشير الى،‏ (‏لا الاعضاء الافراد،‏ بل الانظمة الكنسية)‏،‏ الكنائس الاخرى المتحدة بامبراطوريات الارض.‏ فكل كنيسة تدَّعي انها عذراء طاهرة مخطوبة للمسيح،‏ ولكنها في الواقع متحدة بالعالم (‏الوحش)‏ وتنال منه الدعم،‏ يجب ان ندينها بأنها بلغة الاسفار المقدسة كنيسة زانية.‏»‏

      ولذلك،‏ ماذا جرى تشجيع قرَّاء برج المراقبة ان يفعلوا؟‏ كتب رصل:‏ «اذا كانت الكنيسة التي بها انتم مرتبطون تعيش في اتحاد زنى مع العالم يجب عليكم،‏ اذا اردتم ان تُبقوا ثيابكم بيضاء،‏ ان تتركوها.‏» لم يفهم رصل وعشراؤه آنذاك المدى التام لتأثير بابل العظيمة.‏ ومع ذلك،‏ جرى حثّ قرَّاء برج المراقبة على الانفصال عن الانظمة الكنسية التي كانت فاسدة وعالمية.‏ —‏ يوحنا ١٨:‏٣٦‏.‏

      ‏«حقُّه اسر قلبي فورا»‏

      ان نشر حقائق الكتاب المقدس اتخذ خطوة مهمة الى الامام في السنة ١٨٨٦ بإصدار المجلد الاول من سلسلة الكتب الموعود بها المدعوة الفجر الالفي،‏ بقلم ت.‏ ت.‏ رصل.‏ ودُعي المجلد الاول The Divine Plan of the Ages (‏نظام الدهور الالهي‏)‏.‏ وقد احتوى دروسا حول ١٦ موضوعا،‏ مثل «اثبات وجود خالق ذكي اسمى،‏» «النظر الى الكتاب المقدس كاعلان الهي في ضوء العقل،‏» «رجوع ربنا —‏ هدفه،‏ ردّ كل شيء،‏» و «السماح بالشر وعلاقته بقصد اللّٰه.‏» وأخيرا،‏ كتب ت.‏ ت.‏ رصل خمسة كتب اخرى من سلسلة الفجر الالفي.‏e

      لم يعش رصل ليكتب المجلد السابع المنتظَر للسلسلة،‏ لكنَّ التوزيع الواسع الانتشار للمجلدات الستة التي اكملها لقي تجاوبا ايجابيا عند الاشخاص المستقيمي القلوب.‏ «ان كتابكم الفجر الالفي وصلني في الخريف الماضي،‏» كتبت امرأة في السنة ١٨٨٩،‏ «وكان ذلك اول مرة ارى فيها مؤلَّفا كهذا.‏ تسلَّمته يوم السبت مساء،‏ بدأت بقراءته فورا،‏ ولم اضعه جانبا إلا عندما كنت مجبَرة،‏ حتى انتهيت منه.‏ وحقُّه اسر قلبي فورا؛‏ فانسحبت حالا من الكنيسة المشيخية حيث كنت لفترة طويلة اتلمَّس طريقي في الظلام بحثا عن الحق،‏ ولم اجده.‏»‏

      كانت تلزم شجاعة حقيقية في تلك الايام لينسحب المرء من كنيسته.‏ وقد اظهرت ذلك امرأة في مانيتوبا،‏ كندا،‏ امتلكت الفجر الالفي في السنة ١٨٩٧.‏ في البداية حاولت ان تبقى مع كنيستها وتعلِّم في مدارس الاحد المحلية.‏ وأتى اليوم،‏ في السنة ١٩٠٣،‏ حين قررت ان تترك الكنيسة.‏ فوقفت وأخبرت جميع الحاضرين لماذا شعرت بأنه يجب ان تنفصل عن الكنيسة.‏ وحاولت الجارة الاقرب (‏الشخص العزيز على الناس في المجتمعات الصغيرة في تلك الايام)‏ ان تقنعها بأن ترجع الى الكنيسة.‏ لكنها وقفت ثابتة،‏ مع انه لم تكن هنالك اية جماعة لتلاميذ الكتاب المقدس في الجوار.‏ وكما وصف ابنها في ما بعد وضعها:‏ «لا خادم درْس [شيخ] للاتكال عليه.‏ لا اجتماعات.‏ قلب منسحق.‏ كتاب مقدس بالٍ.‏ ساعات طويلة من الصلاة.‏»‏

      فماذا كان هنالك في الفجر الالفي،‏ برج المراقبة‏،‏ والمطبوعات الاخرى للجمعية مما اسر قلوب الناس ودفعهم الى اتخاذ اجراء حاسم كهذا؟‏ اتخذ ت.‏ ت.‏ رصل اقترابا لشرح تعاليم الكتاب المقدس مختلفا عن كتبة كثيرين في ايامه.‏ فقد آمن بأن الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه المعصومة من الخطإ وأن تعاليمه يجب ان تكون منسجمة.‏ ولذلك شعر بأنه اذا كان ايّ جزء من الكتاب المقدس صعب الفهم،‏ يجب توضيحه وتفسيره بواسطة جزء آخر من الكلمة الموحى بها.‏ فلم يحاول ان يدعم التفسيرات التي كان يقدِّمها بشهادة اللاهوتيين في ايامه او بآ‌راء المدعوين آباء الكنيسة الباكرة.‏ وكما كتب في المجلد ١ من الفجر الالفي:‏ «نعتقد انه ضعف شائع في الوقت الحاضر وكل الاوقات ان يؤمن البشر بمعتقدات معيَّنة لأن آخرين،‏ ممن يثقون بهم،‏ آمنوا بها.‏ .‏ .‏ .‏ فيجب على طالبي الحق ان يفرغوا آنيتهم من مياه التقليد العَكِرة ويملأوها من ينبوع الحق —‏ كلمة اللّٰه.‏»‏

      واذ تجاوب عدد متزايد من طالبي الحق هؤلاء مع ما قرأوه في مطبوعات جمعية برج المراقبة،‏ صار بعض التغييرات غير المتوقعة ضروريا في ألليڠيني.‏

      المركز الرئيسي في بيت الكتاب المقدس

      ان تلاميذ الكتاب المقدس في ألليڠيني،‏ المقترنين بنشر برج المراقبة،‏ اعتُبروا الاكثر خبرة في القيام بعمل الرب ونُظر اليهم من قبل كل الكنائس،‏ او الجماعات،‏ بصفتهم الذين يأخذون القيادة.‏ وفي البداية كانت لديهم مكاتب للمركز الرئيسي في ١٠١ الجادَّة الخامسة،‏ پيتسبورڠ،‏ وفي ما بعد في ٤٤ شارع فيديرال،‏ ألليڠيني.‏ ولكن،‏ في اواخر ثمانينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ صار التوسُّع ضروريا.‏ ولذلك رتَّب رصل لبناء تسهيلات اوسع.‏ وفي السنة ١٨٨٩ أُكمل بناء قرميدي من اربع طبقات في ٥٦-‏٦٠ شارع آرْك،‏ ألليڠيني.‏ وقُدِّر ثمنه بـ‍ ٠٠٠‏,٣٤ دولار اميركي،‏ وكان معروفا ببيت الكتاب المقدس.‏ وخدم كمركز رئيسي للجمعية نحو ١٩ سنة.‏

      واعتبارا من السنة ١٨٩٠ صارت عائلة بيت الكتاب المقدس الصغيرة تخدم حاجات مئات عديدة من عشراء جمعية برج المراقبة النشاطى.‏ ولكن اذ تقدَّم عقد تسعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ اظهر عدد اكبر من الناس اهتماما بما يفعله هؤلاء.‏ وفي الواقع،‏ بحسب تقرير غير كامل نُشر في برج المراقبة،‏ في ٢٦ آذار ١٨٩٩،‏ جرى الاحتفال بذكرى موت المسيح في ٣٣٩ اجتماعا مختلفا مع ٥٠١‏,٢ مساهم.‏ ولكن،‏ ماذا كان سيساعد على ابقاء العدد المتزايد من تلاميذ الكتاب المقدس متحدين؟‏

      توحيد الرعية المتزايدة

      شجَّع ت.‏ ت.‏ رصل جميع قرَّاء برج المراقبة ان يجتمعوا حيثما استطاعوا ليشكِّلوا فِرقا،‏ صغيرة او كبيرة،‏ بهدف بنيان واحدهم الآخر روحيا.‏ وكانت مشورة الاسفار المقدسة تُزوَّد من خلال اعمدة برج المراقبة.‏ والممثِّلون الجائلون لجمعية برج المراقبة كانوا يُرسَلون ايضا من المركز الرئيسي للبقاء على اتصال بالفِرق المختلفة ولبنائهم روحيا.‏

      وبين حين وآخر،‏ كانت هنالك ايضا محافل خصوصية يحضرها تلاميذ الكتاب المقدس من اماكن كثيرة.‏ «هذه دعوة خصوصية لكل قارئ يستطيع ان يأتي،‏» حثَّ عدد آذار ١٨٨٦ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏ وماذا كانت المناسبة؟‏ الاحتفال السنوي بذكرى عشاء الرب الذي كان سيُعقد يوم الاحد في ١٨ نيسان ١٨٨٦ في ألليڠيني.‏ ولكن،‏ جرى التخطيط لاكثر من ذلك:‏ وُضع برنامج لسلسلة من الاجتماعات الخصوصية خلال امسيات الاسبوع التالي.‏ وتلاميذ الكتاب المقدس في ألليڠيني فتحوا بيوتهم —‏ وقلوبهم —‏ مجانا للمندوبين الزائرين.‏ وطوال السنوات القليلة التالية،‏ عُقدت محافل مماثلة في ألليڠيني في وقت ذكرى موت الرب.‏

      وفي اواخر تسعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ بدأ تنظيم المحافل في اماكن عديدة.‏ وتكرارا ألقى ت.‏ ت.‏ رصل خطابات في هذه المناسبات.‏ فكيف كانت الحال عند الاستماع اليه؟‏

      ذكر رالف لِفْلَر،‏ الذي سمع ت.‏ ت.‏ رصل يتكلم:‏ «عندما يكون على المنبر امام حضور،‏ كان دائما يلبس سترة سوداء طويلة وربطة عنق بيضاء.‏ وصوته لم يكن عاليا،‏ ولم يكن يستعمل ميكروفونا او مكبِّرا للصوت،‏ لأنهما لم يكونا قد اختُرعا؛‏ ومع ذلك،‏ كان صوته ينفذ دائما بطريقة ما الى ابعد جزء في قاعة الاستماع.‏ وكان يستطيع ان يستأسر انتباه حضور ضخم ليس لساعة واحدة فقط بل احيانا لساعتين او ثلاث.‏ وكان دائما يستهل محاضرته بانحناءة لطيفة للحضور.‏ وعندما يتكلم،‏ لم يكن يقف دون حراك كتمثال،‏ وإنما كان دائما يتحرك،‏ يومئ بذراعيه ويخطو من جانب الى جانب او من الامام الى الوراء.‏ ولم اره مرة يحمل اية ملاحظات او مخطوطة في يديه —‏ فقط الكتاب المقدس،‏ الذي كان يستعمله كثيرا جدا.‏ وكان يتكلم من القلب وبطريقة مقنعة جدا.‏ وعادة كان الشيء الوحيد على المنبر في تلك الايام طاولة صغيرة عليها كتاب مقدس وإبريق ماء وكوب كان الخطيب يتناول منه احيانا رشفة ماء.‏»‏

      كانت تلك المحافل الباكرة فترات من الرفقة الدافئة والانتعاش الروحي.‏ وقد عملت على تقوية وحدة كل تلاميذ الكتاب المقدس وعلى اعلان حقائق الكتاب المقدس.‏ وفي تلك الاثناء،‏ اذ كان عقد تسعينات الـ‍ ١٨٠٠ يقترب من نهايته،‏ اتضح لتلاميذ الكتاب المقدس ان هنالك الكثير جدا لانجازه في نشر حق الكتاب المقدس.‏ ولكنهم كانوا لا يزالون قليلي العدد نسبيا.‏ فهل كانت هنالك طريقة للوصول الى ملايين من الناس اكثر ممن يمكن الاتصال بهم بالطرائق المستعملة آنذاك؟‏ حقا كانت هنالك طريقة!‏

      فتح باب «التبشير بواسطة الصحف»‏

      بحلول نهاية القرن الـ‍ ١٩،‏ كانت شبكة خطوط التلڠراف تملأ العالم.‏ وكان الاتصال التلڠرافي رخيص الثمن وسريعا؛‏ وأحدث ثورة في الصحافة.‏ فكان يمكن نقل الاخبار بسرعة عبر مسافات طويلة وطبعها في الصحف.‏ وفي الجزء الباكر من القرن الـ‍ ٢٠،‏ رأى ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه ان الصحف طريقة فعَّالة للوصول الى اعداد كبيرة من الناس.‏ قال رصل لاحقا:‏ «صارت الصحيفة العامل الرئيسي في الحياة اليومية للعالم المتمدِّن.‏»‏

      اعلن عدد ١ كانون الاول ١٩٠٤ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة ان مواعظ ت.‏ ت.‏ رصل تظهر في ثلاث صحف.‏ والعدد التالي من برج المراقبة،‏ تحت العنوان «التبشير بواسطة الصحف،‏» ذكر:‏ «وهكذا كانت ملايين المواعظ تنتشر في كل مكان؛‏ وبعضها على الاقل عمل خيرا.‏ وان شاء الرب يسرُّنا ان نرى هذا ‹الباب› مفتوحا دائما،‏ او حتى مفتوحا بشكل اوسع ايضا.‏» لقد فُتح باب «التبشير بواسطة الصحف» بشكل اوسع ايضا.‏ وفي الواقع،‏ بحلول السنة ١٩١٣ قُدِّر انه بواسطة ٠٠٠‏,٢ صحيفة وصلت مواعظ رصل الى ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٥ قارئ!‏

      ولكن كيف تمكَّن رصل من طبع موعظة اسبوعية حتى عندما يكون مسافرا؟‏ كان يرسل كل اسبوع بواسطة التلڠراف موعظة (‏بطول عمودَي صحيفة تقريبا)‏ الى وكالة صحف.‏ والوكالة،‏ بدورها،‏ كانت تعيد ارسالها تلڠرافيا الى صحف في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وأوروپا.‏

      كان رصل مقتنعا بأن الرب كان قد فتح باب الكرازة بواسطة الصحف بشكل واسع.‏ وخلال العقد الاول من القرن الـ‍ ٢٠،‏ صارت رسالة الكتاب المقدس التي اعلنها رصل وعشراؤه معروفة بشكل واسع من خلال مواعظ الصحف هذه.‏ والمطبوعة التي تدعى ذا كونتيننت ذكرت مرة عن رصل:‏ «يُقال ان لكتاباته انتشارا في الصحف كل اسبوع اكثر من تلك التي لأي انسان حي آخر؛‏ اكثر على الارجح من الانتشار المشترك لكتابات كل الكهنة والكارزين في اميركا الشمالية.‏»‏

      الانتقال الى بروكلين

      اذ نالت الكرازة بواسطة الصحف زخما،‏ بحث تلاميذ الكتاب المقدس عن مكان آخر يُصدرون منه المواعظ.‏ ولماذا؟‏ لقد صار بيت الكتاب المقدس في ألليڠيني صغيرا جدا.‏ وجرى الاعتقاد ايضا انه اذا صدرت مواعظ رصل من مدينة اكبر ومعروفة اكثر،‏ فسيؤدي ذلك الى نشر المواعظ في صحف اكثر.‏ ولكن اية مدينة؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩٠٨ (‏بالانكليزية)‏:‏ «وصلنا معا،‏ بعد طلب التوجيه الالهي،‏ الى القرار ان بروكلين،‏ نيويورك،‏ التي عدد كبير من السكان فيها من الطبقة الوسطى،‏ والتي تُعرف بـ‍ ‹مدينة الكنائس،‏› يمكن ان تكون،‏ لهذه الاسباب،‏ مركزنا الاكثر ملاءمة لعمل الحصاد خلال السنوات القليلة الباقية.‏»‏

      لذلك،‏ في السنة ١٩٠٨،‏ أُرسل عدة ممثِّلين لجمعية برج المراقبة،‏ بمن فيهم مستشارها القانوني جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ الى مدينة نيويورك.‏ وهدفهم؟‏ الحصول على عقار كان ت.‏ ت.‏ رصل قد وجده في رحلة ابكر.‏ فاشتروا «بتل پلايموث» القديم،‏ الواقع في ١٣-‏١٧ شارع هيكس،‏ بروكلين.‏ وكان قد استُخدم كبناء ارسالي للكنيسة الجماعية المجاورة في پلايموث،‏ حيث خدم ذات مرة هنري وورد بيتشر كقس.‏ واشترى ممثِّلو الجمعية ايضا منزل بيتشر السابق،‏ بناء من الحجر الاسمر بأربع طبقات في ١٢٤ كولومبيا هايتس،‏ على بُعد بضعة مبانٍ ضخمة.‏

      وبناء شارع هيكس عُدِّلت بنيته وسُمِّي «مسكن بروكلين.‏» وقد اشتمل على مكاتب الجمعية وقاعة استماع.‏ وبعد اصلاحات كثيرة،‏ صار منزل بيتشر السابق في ١٢٤ كولومبيا هايتس البيت الجديد لهيئة مستخدَمي مركز الجمعية الرئيسي.‏ فماذا كان سيُدعى؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٠٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «سندعو البيت الجديد ‹بيت ايل› [ومعناه،‏ «بيت اللّٰه»].‏»‏f

      نال «التبشير بواسطة الصحف،‏» كما كان يُدعى،‏ زخما بعد الانتقال الى بروكلين.‏ لكنَّ ذلك لم يكن الطريقة الوحيدة للوصول الى جماهير الناس.‏

      توسيع المناداة بالبشارة

      في السنة ١٩١٢،‏ شرع رصل وعشراؤه في مغامرة تعليمية جريئة كانت سابقة جدا لأوانها.‏ وفي الواقع،‏ كانت للوصول الى ملايين الناس حول العالم.‏ لقد كانت «رواية الخلق المصوَّرة» —‏ مزيج من فيلم سينمائي وعرض للصور المنزلقة متزامنين مع تسجيلات موسيقية وخطابات على اسطوانات فونوڠرافية.‏ لقد كانت بطول ثماني ساعات تقريبا وكانت تُقدَّم في اربعة اجزاء.‏ والى جانب ‹الرواية المصوَّرة› المألوفة،‏ صارت «رواية يوريكا (‏Eureka‏)‏،‏» المؤلَّفة إما من المحاضرات المسجَّلة والتسجيلات الموسيقية او الاسطوانات مع الصور المنزلقة،‏ متوافرة ايضا.‏ ومع انه كانت تنقصها الافلام السينمائية،‏ إلا انها كانت تُقدَّم بنجاح في المناطق السكنية الاقل كثافة.‏

      تخيَّلوا المشهد التاريخي:‏ في كانون الثاني ١٩١٤،‏ خلال عصر السينما الصامتة،‏g اجتمع حضور من ٠٠٠‏,٥ في ذا تمْپِلْ،‏ بناء في الشارع الـ‍ ٦٣ الغربي،‏ في مدينة نيويورك.‏ وكثيرون آخرون لم يكن ادخالهم ممكنا لسبب ضيق المكان.‏ والمناسبة؟‏ العرض الاول في نيويورك لـ‍ «رواية الخلق المصوَّرة»!‏ وكانت هنالك امام الحضور شاشة افلام سينمائية كبيرة.‏ واذ كانوا يشاهدون —‏ ويسمعون —‏ حدث شيء مدهش حقا.‏ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ الذي كان آنذاك في اوائل ستيناته،‏ ظهر على الشاشة.‏ وابتدأت شفتاه تتحركان،‏ وسُمعت كلماته!‏ واذ استمر العرض،‏ اخذ اولئك الحاضرين —‏ بواسطة الكلمات،‏ الصور الملونة،‏ والموسيقى —‏ من خلق الارض الى نهاية حكم المسيح الالفي.‏ وخلال العرض رأوا ايضا (‏بواسطة التصوير السريع)‏ امورا اخرى اذهلتهم —‏ تفتُّح زهرة ونقْف فرخ لبيضة.‏ فتأثروا حقا!‏

      وبحلول نهاية السنة ١٩١٤،‏ كانت ‹الرواية المصوَّرة› قد عُرضت امام ملايين الناس في اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ نيوزيلندا،‏ وأوستراليا.‏ وبرهنت ‹الرواية المصوَّرة› فعلا انها وسيلة فعَّالة للوصول الى جماهير الناس في فترة قصيرة نسبيا من الوقت.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ ماذا عن تشرين الاول ١٩١٤؟‏ طوال عقود نادى رصل وعشراؤه بأن ازمنة الامم ستنتهي في السنة ١٩١٤.‏ وكانت التوقعات شديدة.‏ لقد كان ت.‏ ت.‏ رصل انتقاديا لاولئك الذين كانوا قد وضعوا تواريخ مختلفة لرجوع الرب،‏ مثل وليم ميلر وبعض فرق «المؤمنين بالمجيء الثاني.‏» ولكن،‏ من وقت اقترانه الباكر بنلسون باربور،‏ صار مقتنعا بأن هنالك جدول تواريخ دقيقا،‏ مؤسسا على الكتاب المقدس،‏ وأنه يشير الى السنة ١٩١٤ بصفتها نهاية ازمنة الامم.‏

      واذ اقتربت تلك السنة المهمة،‏ كانت هنالك توقعات عظيمة بين تلاميذ الكتاب المقدس،‏ ولكن ليس كل ما توقعوه كان مذكورا بشكل مباشر في الاسفار المقدسة.‏ فماذا كان سيحدث؟‏

  • وقت امتحان (‏١٩١٤-‏١٩١٨)‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٦

      وقت امتحان (‏١٩١٤-‏١٩١٨)‏

      ‏«دعونا نتذكر اننا في فترة امتحان.‏ .‏ .‏ .‏ واذا كان هنالك ايّ سبب يقود احدا الى ترك الرب وحقه والى التوقف عن التضحية من اجل قضية الرب،‏ فحينئذ لا يكون مجرد محبة اللّٰه في القلب ما حثَّ على الاهتمام بالرب،‏ بل شيء آخر؛‏ وربما الرجاء بأن الوقت قصير؛‏ فالتكريس كان لوقت محدَّد فقط.‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فالآن هو الوقت المناسب كي يترك.‏»‏

      ان هذه الكلمات،‏ التي ظهرت في برج المراقبة عدد ١ تشرين الثاني ١٩١٤ (‏بالانكليزية)‏،‏ لا يمكن ان تكون اكثر ملاءمة في ايّ وقت آخر.‏ فقد برهنت السنوات من ١٩١٤ الى ١٩١٨ انها فعلا «فترة امتحان» لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وبعض الامتحانات اتت من الداخل؛‏ والاخرى اتت من الخارج.‏ ولكنها كلها امتحنت تلاميذ الكتاب المقدس بطرائق كشفت ما اذا كانت لديهم حقا ‹محبة اللّٰه في قلوبهم.‏› فهل كانوا سيتمسكون ‹بالرب وحقه› ام سيتركون؟‏

      توقعات عظيمة

      في ٢٨ حزيران ١٩١٤،‏ اصابت رصاصة قاتل فرانز فيرديناند أرشيدوق النمسا-‏المجر فأردته قتيلا.‏ وهذا الاغتيال اطلق شرارة الحرب الكبرى،‏ كما دُعيت الحرب العالمية الاولى في الاصل.‏ وابتدأ القتال في آب ١٩١٤ عندما قامت المانيا باجتياح بلجيكا وفرنسا.‏ وبحلول خريف تلك السنة،‏ كان حمَّام الدم آخذا مجراه.‏

      ‏«انتهت ازمنة الامم؛‏ وملوكها كان لهم يومهم»!‏ هكذا اعلن الاخ رصل عندما دخل غرفة الطعام في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة في بروكلين صباح يوم الجمعة في ٢ تشرين الاول ١٩١٤.‏ كانت الاثارة شديدة.‏ فأغلب الحاضرين كانوا يتطلعون طوال سنوات الى السنة ١٩١٤.‏ ولكن ماذا كانت ستجلب نهاية ازمنة الامم؟‏

      كانت الحرب العالمية الاولى تحتدم،‏ وفي ذلك الوقت جرى الاعتقاد ان الحرب ستقود الى زمن فوضى عالمية يؤدي الى نهاية نظام الاشياء الموجود آنذاك.‏ وكانت هنالك ايضا توقعات اخرى تتعلق بالسنة ١٩١٤.‏ فألكسندر ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي اعتمد في ايلول ١٩٠٠،‏ تذكَّر لاحقا:‏ «اعتقد عدد قليل منا جديا اننا ذاهبون الى السماء خلال الاسبوع الاول من تشرين الاول هذا.‏»‏a وفي الواقع،‏ اذ تذكَّر الصباح الذي اعلن فيه رصل نهاية ازمنة الامم،‏ اعترف ماكميلان:‏ «جرت اثارتنا بشدة ولم اكن لأُفاجَأ لو اننا في تلك اللحظة ابتدأنا نصعد الى السماء،‏ اذ صار ذلك الاشارة للابتداء بالصعود نحو السماء —‏ ولكن طبعا لم يكن هنالك شيء كهذا.‏»‏

      ان التوقعات المخيَّبة المتعلقة برجوع الرب يسوع كانت في القرن الـ‍ ١٩ قد جعلت أتباعا كثيرين لوليم ميلر وفرق مجيئية مختلفة يخسرون الايمان.‏ ولكن ماذا عن تلاميذ الكتاب المقدس المقترنين برصل؟‏ هل جذبت البعض فكرة خلاصهم الباكر اكثر من المحبة للّٰه والرغبة القوية في فعل مشيئته؟‏

      ‏‹ايها الاخ رصل،‏ ألم يخب املك؟‏›‏

      كان الاخ رصل يشجِّع تلاميذ الكتاب المقدس ان يبقوا متيقظين وأن يكونوا مصممين على الاستمرار في عمل الرب حتى ولو لم تبلغ الامور الذروة بالسرعة التي يتوقعونها.‏

      مرَّ تشرين الاول ١٩١٤،‏ وكان ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه لا يزالون على الارض.‏ ثم مرَّ تشرين الاول ١٩١٥.‏ فهل خاب امل رصل؟‏ في برج المراقبة عدد ١ شباط ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ كتب:‏ «‹ولكن،‏ ايها الاخ رصل،‏ ما هو رأيك في وقت تغيُّرنا؟‏ ألم يخب املك لان ذلك لم يأتِ حين كنا نرجو ان يأتي؟‏› قد تسألون.‏ لا،‏ نجيب،‏ لم يخب املنا.‏ .‏ .‏ .‏ ايها الاخوة،‏ ان اولئك الذين منا يملكون الموقف الصائب تجاه اللّٰه لا يخيِّب املهم ايٌّ من ترتيباته.‏ ونحن لم نتمنَّ ان تكون مشيئتنا؛‏ ولذلك عندما اكتشفنا اننا كنا نتوقع الشيء الخاطئ في تشرين الاول ١٩١٤،‏ فرحنا آنذاك بأن الرب لم يغيِّر قصده ليناسبنا.‏ ولم نتمنَّ ان يفعل ذلك.‏ ونتمنى فقط ان نكون قادرين على فهم مقاصده وأهدافه.‏»‏

      لا،‏ لم ‹يؤخذ› تلاميذ الكتاب المقدس ‹الى موطنهم› في السماء في تشرين الاول ١٩١٤.‏ ومع ذلك،‏ انتهت ازمنة الامم في تلك السنة.‏ ومن الواضح انه كان يجب على تلاميذ الكتاب المقدس ان يتعلموا المزيد في ما يتعلق بمغزى السنة ١٩١٤.‏ وفي هذه الاثناء،‏ ماذا كان عليهم ان يفعلوا؟‏ ان يعملوا!‏ وكما عبَّرت عن ذلك برج المراقبة عدد ١ ايلول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏:‏ «اعتقدنا ان عمل الحصاد لتجميع الكنيسة [كنيسة الممسوحين] سيُنجز قبل نهاية ازمنة الامم؛‏ ولكن لا شيء في الكتاب المقدس قال ذلك.‏ .‏ .‏ .‏ فهل نحن آسفون لأن عمل الحصاد يستمر؟‏ قطعا لا .‏ .‏ .‏ وموقفنا الحاضر،‏ ايها الاخوة الاعزاء،‏ يجب ان يكون موقف اقرار بالفضل الكبير تجاه اللّٰه،‏ تقدير متزايد للحق الجميل الذي منحنا هو امتياز رؤيته والاقتران به،‏ وغيرة متزايدة في مساعدة الآخرين على معرفة هذا الحق.‏»‏

      ولكن هل كان هنالك شيء اكثر بكثير لفعله في عمل الحصاد؟‏ من الواضح ان الاخ رصل اعتقد ذلك.‏ وما دلَّ على ذلك محادثة اجراها مع الاخ ماكميلان في خريف السنة ١٩١٦.‏ فاذ دعا ماكميلان الى مكتبه في بتل بروكلين،‏ قال له رصل:‏ «ان العمل يزداد بسرعة،‏ وسيستمر في الازدياد،‏ لأن هنالك عملا عالمي النطاق للقيام به في الكرازة بـ‍ ‹انجيل الملكوت› في كل العالم.‏» وقضى رصل ثلاث ساعات ونصف الساعة يوجز لماكميلان ما فهم من الكتاب المقدس انه سيكون العمل العظيم الذي لا يزال امامهم.‏

      كان تلاميذ الكتاب المقدس قد مرُّوا بامتحان صعب.‏ ولكن بمساعدة برج المراقبة‏،‏ جرت تقويتهم ليتغلبوا على خيبة الامل.‏ إلا ان فترة الامتحان كانت نهايتها بعيدة.‏

      ‏«ماذا سيحدث الآن؟‏»‏

      في ١٦ تشرين الاول ١٩١٦،‏ انطلق الاخ رصل وأمين سره مِنْتا سْتاردْجَن في رحلة محاضرات مرتبة من قبل الى اجزاء غربية وجنوبي غربية من الولايات المتحدة.‏ لكنَّ رصل كان مريضا بشكل خطير في ذلك الوقت.‏ اخذتهما الرحلة اولا الى ديترويت،‏ ميشيڠان،‏ عن طريق كندا.‏ ثم،‏ بعد محطات في ايلينُوي،‏ كانساس،‏ وتكساس،‏ وصل الرجلان الى كاليفورنيا،‏ حيث قدَّم رصل خطابه الاخير يوم الاحد في ٢٩ تشرين الاول في لوس انجلوس.‏ وبعد يومين،‏ في وقت باكر من بعد ظهر يوم الثلاثاء في ٣١ تشرين الاول،‏ مات تشارلز تاز رصل البالغ من العمر ٦٤ سنة في قطار في پمپا،‏ تكساس.‏ وخبر موته ظهر في برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الثاني ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      وماذا كان التأثير في عائلة البتل عندما أُعلن خبر موت الاخ رصل؟‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي كان يخدم كمساعد لرصل في المكتب عندما يكون رصل غائبا،‏ تذكَّر لاحقا الصباح الذي قرأ فيه البرقية على عائلة البتل:‏ «صعد انين في كل ارجاء غرفة الطعام.‏ والبعض بكوا بشكل مسموع.‏ ولم يتناول احد الفطور في ذلك الصباح.‏ كان الجميع منزعجين جدا.‏ وعند نهاية فترة الطعام اجتمعوا في فرق صغيرة ليتحدثوا ويهمسوا،‏ ‹ماذا سيحدث الآن؟‏› القليل من العمل جرى القيام به في ذلك اليوم.‏ لم نعرف ماذا نفعل.‏ فذلك لم يكن متوقَّعا قط،‏ ولكنَّ رصل كان يحاول ان يعدَّنا لذلك.‏ فماذا كنا سنفعل؟‏ ان الصدمة الاولى لفقداننا ت.‏ ت.‏ رصل كانت الاسوأ.‏ وطوال تلك الايام القليلة الاولى كان مستقبلنا حائطا مسدودا.‏ ففي كل حياته كان رصل ‹الجمعية.‏› وكان العمل مركَّزا حول تصميمه الدينامي على رؤية مشيئة اللّٰه تُنجَز.‏»‏

      بعد خدمات المأتم في ذا تمْپِلْ في نيويورك وفي قاعة كارنيجي في پيتسبورڠ،‏ دُفن الاخ رصل في ألليڠيني،‏ في مدفن عائلة البتل،‏ بناء على طلبه.‏ ونُشرت سيرة مختصرة لرصل مع وصيته في برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ وفي طبعات لاحقة للمجلد الاول من دروس في الاسفار المقدسة.‏

      وماذا كان سيحدث الآن؟‏ كان صعبا على تلاميذ الكتاب المقدس ان يتخيَّلوا شخصا آخر مكان الاخ رصل.‏ فهل كان سيستمر فهمهم للاسفار المقدسة في التقدم،‏ ام سيتوقف حيث هو؟‏ وهل كانوا سيصيرون فرقة دينية تتركَّز حوله؟‏ كان رصل نفسه قد اوضح تماما انه يتوقع استمرار العمل.‏ ولذلك،‏ عقب موته،‏ سرعان ما نشأت بعض الاسئلة الواضحة:‏ مَن سيشرف على محتويات برج المراقبة والمطبوعات الاخرى؟‏ مَن يجب ان يخلف رصل رئيسا؟‏

      تغيير في الادارة

      في وصيته حدَّد الاخ رصل ترتيبا لاجل لجنة تحرير من خمسة اشخاص لتقرير محتويات برج المراقبة.‏b وبالاضافة الى ذلك،‏ صنع مجلس مديري جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس ترتيبات لاجل لجنة تنفيذ من ثلاثة اشخاص —‏ أ.‏ ا.‏ ريتشي،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ وج.‏ ف.‏ رذرفورد —‏ ليمارسوا الاشراف العام على كل عمل الجمعية،‏ خاضعين لتوجيه مجلس المديرين.‏c ولكن،‏ مَن كان سيصير الرئيس الجديد؟‏ كان هذا القرار سيُتخذ في الاجتماع السنوي التالي للجمعية،‏ بعد نحو شهرين،‏ في ٦ كانون الثاني ١٩١٧.‏

      في البداية،‏ بذلت لجنة التنفيذ قصارى جهدها لجعل الاوضاع مستقرة،‏ مشجعة تلاميذ الكتاب المقدس على البقاء نشاطى وعدم خسارة الشجاعة.‏ واستمرت برج المراقبة في الصدور،‏ محتوية على مقالات كان رصل قد كتبها قبل موته.‏ ولكن اذ اقترب الاجتماع السنوي،‏ بدأ التوتر يتعاظم.‏ حتى ان البعض كانوا يقومون بحملة انتخابية صغيرة ليجري انتخاب رجل من اختيارهم رئيسا.‏ وآخرون،‏ بسبب احترامهم العميق للاخ رصل،‏ بدوا اكثر اهتماما بمحاولة الاقتداء بصفاته وتطوير فرقة دينية تتمحور حوله.‏ لكنَّ معظم تلاميذ الكتاب المقدس كانوا مهتمين قبل كل شيء بمواصلة العمل الذي سكب فيه رصل نفسه.‏

      واذ اقترب وقت الانتخاب،‏ بقي السؤال،‏ مَن سيخلف رصل رئيسا؟‏ اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏ بنتيجة الاجتماع السنوي،‏ موضحة:‏ «ذكر الاخ پيرسَن،‏ بملاحظات ملائمة جدا وتعابير تقدير ومحبة للاخ رصل،‏ انه قد تسلَّم خبرا بصفته حامل التوكيل من اخوة في كل انحاء البلد بقصد اعطاء اصواتهم للاخ ج.‏ ف.‏ رذرفورد ليكون الرئيس،‏ وذكر ايضا انه كان موافقا على ذلك تماما.‏» وبعد ان جرى ترشيح رذرفورد والتثنية على ذلك،‏ لم تعد هنالك اية ترشيحات،‏ ولذلك «قدَّم امين السر بطاقات الانتخاب حسب التوجيه،‏ وأُعلن ان الاخ رذرفورد هو الاختيار الاجماعي للاجتماع السنوي للجمعية بصفته الرئيس.‏»‏

      وبتقرير الانتخاب،‏ كيف استُقبل الرئيس الجديد؟‏ اخبرت برج المراقبة المذكورة انفا:‏ «صلَّى الاخوة في كل مكان بحرارة من اجل ارشاد وتوجيه الرب في مسألة الانتخاب؛‏ وعندما انتهى الامر،‏ كان كل شخص مكتفيا وسعيدا،‏ اذ اعتقدوا ان الرب قد وجَّه مناقشاتهم واستجاب صلواتهم.‏ وساد انسجام تام بين كل الحضور.‏»‏

      لكنَّ ذلك ‹الانسجام التام› لم يدم طويلا جدا.‏ فقد استُقبل الرئيس الجديد بحرارة من قبل كثيرين ولكن ليس من قبل الجميع.‏

      الرئيس الجديد يتقدَّم

      كان الاخ رذرفورد ميَّالا،‏ لا الى تغيير اتجاه الهيئة،‏ بل الى متابعة النموذج التقدمي الذي اسسه رصل.‏ فالممثِّلون الجائلون للجمعية (‏المعروفون بالخطباء الجائلين)‏ ازدادوا من ٦٩ الى ٩٣.‏ وتوزيع نشرات الجمعية المجانية ازداد سرعة في ايام آحاد المناسبات الخصوصية امام الكنائس وقانونيا في الخدمة من بيت الى بيت.‏

      و «عمل الرعاية،‏» الذي كان قد بدأ قبل موت رصل،‏ تقدَّم الآن.‏ وكان هذا عمل ملاحقة،‏ شبيها بنشاط الزيارات المكررة الذي ينجزه الآن شهود يهوه.‏ ولمنح عمل الكرازة قوة جديدة اضافية،‏ وسَّع رئيس الجمعية الجديد عمل موزعي المطبوعات الجائلين.‏ فازداد موزعو المطبوعات الجائلون (‏السابقون للفاتحين اليوم)‏ من ٣٧٢ الى ٤٦١.‏

      ‏«بدأت السنة ١٩١٧ بارتقاب مثبِّط الى حد ما،‏» ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏.‏ نعم،‏ عقب موت ت.‏ ت.‏ رصل،‏ كانت هنالك بعض الظنون،‏ بعض الشكوك،‏ وبعض المخاوف.‏ ومع ذلك كان تقرير نهاية السنة مشجِّعا؛‏ فكان نشاط الحقل قد ازداد.‏ ومن الواضح ان العمل كان يتقدَّم.‏ فهل كان تلاميذ الكتاب المقدس قد اجتازوا امتحانا آخر —‏ موت ت.‏ ت.‏ رصل —‏ بنجاح؟‏

      جهود للسيطرة

      لم يكن كل شخص مؤيِّدا للرئيس الجديد.‏ فكان ت.‏ ت.‏ رصل و ج.‏ ف.‏ رذرفورد رجلين مختلفين جدا.‏ وكانت لهما شخصيتان مختلفتان وأتيا من خلفيتين مختلفتين.‏ فكان صعبا على البعض قبول هذه الاختلافات.‏ وفي رأيهم،‏ لم يكن ممكنا لأحد ‹ان يملأ مكان الاخ رصل.‏›‏

      وفي الواقع،‏ استاء قليلون،‏ وخصوصا في المركز الرئيسي،‏ من الاخ رذرفورد.‏ وواقع ان العمل كان يتقدَّم وأنه يبذل كل جهد ليتبع الترتيبات التي كان رصل قد وضعها بدا عديم التأثير فيهم.‏ وسرعان ما ازدادت المقاومة.‏ فأربعة اعضاء من مجلس مديري الجمعية تمادوا في سعيهم الى انتزاع السلطة الادارية من يدي رذرفورد.‏ ووصلت الحالة الى مرحلة صعبة في صيف السنة ١٩١٧ باصدار The Finished Mystery (‏السر المنتهي‏)‏‏،‏ المجلد السابع من دروس في الاسفار المقدسة.‏

      لم يكن الاخ رصل قادرا على انتاج هذا المجلد خلال مدة حياته،‏ على الرغم من انه قد تمنى ان يفعل ذلك.‏ فرتَّبت لجنة التنفيذ في الجمعية بعد موته ان يعدَّ اثنان من العشراء،‏ كلايتَن ج.‏ وودوَرث وجورج ه‍.‏ فيشر،‏ هذا الكتاب،‏ الذي كان تعليقا على سفر الرؤيا،‏ نشيد الانشاد،‏ وحزقيال.‏ وجزئيا كان مؤسسا على ما كان رصل قد كتبه عن اسفار الكتاب المقدس هذه،‏ وأُضيفت تعليقات وتوضيحات اخرى.‏ ووافق رسميو الجمعية على نشر المخطوطة المكمَّلة وصدر لعائلة البتل على مائدة الطعام يوم الثلاثاء في ١٧ تموز ١٩١٧.‏ وفي تلك المناسبة عينها،‏ صُنع اعلان مروِّع —‏ المديرون المقاومون الاربعة جرت تنحيتهم،‏ والاخ رذرفورد عيَّن اربعة آخرين ليشغلوا الوظائف الشاغرة.‏ فماذا كان ردّ الفعل؟‏

      كان الامر كما لو ان قنبلة قد انفجرت!‏ فالمديرون المطرودون الاربعة انتهزوا المناسبة وأثاروا جدالا لخمس ساعات امام عائلة البتل حول ادارة شؤون الجمعية.‏ فتعاطف عدد من عائلة البتل مع المقاومين.‏ واستمرت المقاومة عدة اسابيع،‏ وهدَّد المشوِّشون بأن «يقلبوا الاستبداد الموجود،‏» كما عبَّروا عن ذلك.‏ لكنَّ الاخ رذرفورد كان لديه اساس سليم للاجراء الذي اتخذه.‏ وكيف ذلك؟‏

      تبيَّن في النهاية انه على الرغم من ان الاخ رصل كان قد عيَّن المديرين المقاومين الاربعة،‏ فإن هذه التعيينات لم تكن قد ثُبِّتت بتصويت اعضاء المؤسسة في الاجتماع السنوي للجمعية.‏ ولذلك لم يكن هؤلاء الاربعة قط اعضاء شرعيين في مجلس المديرين!‏ ورذرفورد كان مدركا لذلك لكنه لم يذكره في البداية.‏ ولماذا؟‏ كان يريد تجنُّب اعطاء الانطباع بأنه يعارض رغبات الاخ رصل.‏ ولكن،‏ عندما صار واضحا انهم لن يوقفوا مقاومتهم،‏ تصرَّف رذرفورد ضمن حدود سلطته ومسؤوليته كرئيس لاستبدالهم بأربعة اخرين كان سيجري تثبيت تعييناتهم في الاجتماع السنوي التالي،‏ الذي كان سيُعقد في كانون الثاني ١٩١٨.‏

      وفي ٨ آب ترك المديرون السابقون الساخطون ومؤيِّدوهم عائلة البتل؛‏ فكان قد طُلب منهم الرحيل بسبب التشويش الذي يخلقونه.‏ وسرعان ما ابتدأوا ينشرون مقاومتهم بالتكلم علنا وبحملة كتابة رسائل في كل انحاء الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وأوروپا.‏ ونتيجة لذلك،‏ بعد صيف السنة ١٩١٧،‏ انقسم عدد من جماعات تلاميذ الكتاب المقدس الى فريقين —‏ اولئك الاولياء للجمعية وأولئك الذين كانوا ضحية سهلة لكلام المقاومين الملق.‏

      ولكن هل يحاول المديرون المطرودون،‏ في جهد للسيطرة على الهيئة،‏ التأثير في اولئك الذين يحضرون الاجتماع السنوي؟‏ اذ توقَّع ردّ فعل كهذا،‏ شعر رذرفورد بأنه من الصواب اجراء استفتاء لكل الجماعات.‏ والنتائج؟‏ بحسب التقرير الصادر في برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏،‏ اظهر المصوِّتون تأييدهم الساحق لِـ‍ ج.‏ ف.‏ رذرفورد والمديرين المتعاونين معه!‏ وجرى تثبيت ذلك في الاجتماع السنوي.‏d ففشلت جهود المقاومين في السيطرة!‏

      وماذا حلَّ بهؤلاء المقاومين ومؤيديهم؟‏ بعد الاجتماع السنوي في كانون الثاني ١٩١٨،‏ انشقَّ المقاومون،‏ حتى انهم اختاروا الاحتفال بالذكرى،‏ في ٢٦ آذار ١٩١٨،‏ وحدهم.‏ وأي اتحاد تمتعوا به كان قصير العمر،‏ وقبل مضي وقت طويل انقسموا الى فرق دينية مختلفة.‏ وفي معظم الحالات،‏ تضاءلت اعدادهم وتناقص نشاطهم او توقَّف كليا.‏

      من الواضح انه عقب موت الاخ رصل واجه تلاميذ الكتاب المقدس امتحانا حقيقيا للولاء.‏ كما عبَّرت عن ذلك تَريسَّا پ.‏ ڠوت،‏ التي اعتمدت في السنة ١٩١٥:‏ «كثيرون من اولئك الذين كانوا قد بدوا اقوياء جدا،‏ واقفين انفسهم للرب الى حد بعيد،‏ ابتدأوا يرحلون.‏ .‏ .‏ .‏ كل ذلك لم يبدُ صائبا،‏ ومع ذلك كان يحدث ويزعجنا.‏ لكنني قلت لنفسي:‏ ‹ألم تكن هذه الهيئة هي التي استخدمها يهوه لتحريرنا من قيود الدين الباطل؟‏ ألم نتذوق صلاحه؟‏ اذا كنا سنترك الان،‏ فالى اين نذهب؟‏ ألا ننتهي اذا تبعنا انسانا ما؟‏› لم نستطع ان نفهم لماذا يجب ان نذهب مع المرتدّين،‏ ولذلك بقينا.‏» —‏ يوحنا ٦:‏٦٦-‏٦٩؛‏ عبرانيين ٦:‏٤-‏٦‏.‏

      وبعض الذين انسحبوا من الهيئة تابوا في ما بعد واقترنوا بتلاميذ الكتاب المقدس في العبادة مرة اخرى.‏ والاكثرية الساحقة،‏ كالاخت ڠوت،‏ استمروا في التعاون مع جمعية برج المراقبة والاخ رذرفورد.‏ فالمحبة والوحدة اللتان ربطتاهم معا كانتا قد تعزَّزتا على مرّ سنوات من المعاشرة معا في الاجتماعات والمحافل.‏ ولم يكونوا ليسمحوا لشيء بأن يقطع رباط الوحدة هذا.‏ —‏ كولوسي ٣:‏١٤‏.‏

      وبحلول السنة ١٩١٨ كان تلاميذ الكتاب المقدس قد اجتازوا الامتحان من الداخل.‏ ولكن،‏ ماذا اذا نشأت المقاومة من الذين في الخارج؟‏

      اهداف للهجوم

      في اواخر السنة ١٩١٧ وفي السنة ١٩١٨،‏ وزَّع تلاميذ الكتاب المقدس بنشاط الكتاب الجديد،‏ السر المنتهي.‏ فبحلول نهاية السنة ١٩١٧،‏ كانت المطابع مشغولة بالـ‍ ٠٠٠‏,٨٥٠ نسخة.‏ اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان مبيع المجلد السابع لا يضاهيه مبيع ايّ كتاب آخر معروف،‏ في مدة الوقت عينها،‏ ما عدا الكتاب المقدس.‏»‏

      ولكن لم يُسرَّ كل شخص بنجاح السر المنتهي.‏ فقد احتوى الكتاب على بعض الاشارات اللاذعة جدا الى رجال دين العالم المسيحي.‏ فأغضب ذلك رجال الدين حتى انهم حثّوا الحكومة على منع مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ونتيجة لهذه المقاومة الملهمة من رجال الدين،‏ باكرا في السنة ١٩١٨،‏ حُظر السر المنتهي في كندا.‏ وسرعان ما ازدادت المقاومة ضد تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة.‏

      ولتشهير هذا الضغط الملهم من رجال الدين،‏ اصدرت جمعية برج المراقبة،‏ في ١٥ آذار ١٩١٨،‏ نشرة Kingdom News (‏اخبار الملكوت‏)‏ رقم ١.‏ ورسالتها؟‏ قال العنوان الرئيسي بعرض ستة اعمدة:‏ «التعصُّب الديني —‏ أتباع الراعي رصل يُضطهدون لأنهم يخبرون الناس الحق.‏» وتحت العنوان الفرعي «معاملة تلاميذ الكتاب المقدس تشبه تلك التي ‹للعصور المظلمة›» جرى ايضاح وقائع الاضطهاد والحظر اللذين كانا قد ابتدأا في كندا.‏ والمحرِّضون؟‏ لم تُخفِ النشرة الوقائع في الاشارة الى رجال الدين،‏ الذين وُصفوا بأنهم «صف من الرجال المتعصِّبين الذين سعوا بشكل منظَّم الى منع الناس من فهم الكتاب المقدس والى قمع كل تعليم للكتاب المقدس إلا اذا اتى من خلالهم.‏»‏e فيا لها من رسالة شديدة الوقع!‏

      وكيف تجاوب رجال الدين مع مثل هذا التشهير؟‏ لقد سبقوا وأثاروا المشاكل ضد جمعية برج المراقبة.‏ ولكنهم الآن صاروا قساة!‏ ففي ربيع السنة ١٩١٨،‏ ابتدأت موجة من الاضطهاد العنيف ضد تلاميذ الكتاب المقدس في اميركا الشمالية وأوروپا على السواء.‏ وبلغت المقاومة الملهمة من رجال الدين ذروتها في ٧ ايار ١٩١٨،‏ عندما صدرت مذكّرات فيديرالية اميركية لتوقيف ج.‏ ف.‏ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء.‏ وبحلول منتصف السنة ١٩١٨،‏ وجد رذرفورد وسبعة عشراء انفسهم في السجن الاصلاحي الفيديرالي في اتلانتا،‏ جورجيا.‏

      ولكن بوجود القاضي رذرفورد وعشرائه في السجن،‏ ماذا حدث للعمل في المركز الرئيسي؟‏

      المحافظة على سير العمل

      في وقت سابق في بروكلين جرى تعيين لجنة تنفيذ لتولي امر العناية بالعمل.‏ وكان الاهتمام الرئيسي للاخوة المعيَّنين ابقاء برج المراقبة صادرة.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس في كل مكان كانوا يحتاجون بالتأكيد الى كل التشجيع الروحي الذي يمكن اعطاؤهم اياه.‏ وفي الواقع،‏ خلال ‹فترة الامتحان› هذه بكاملها،‏ لم يفشل ايّ عدد من برج المراقبة في الصدور!‏f

      وماذا كانت الروح في المركز الرئيسي؟‏ تذكَّر توماس (‏بَدْ)‏ سوليڤان،‏ الذي خدم لاحقا كعضو في الهيئة الحاكمة:‏ «كان امتيازي ان ازور بتل بروكلين في وقت متأخر من صيف ١٩١٨ في اثناء سجن الاخوة.‏ والاخوة المسؤولون عن العمل في البتل لم يكونوا قط خائفين او مكتئبين.‏ وفي الواقع،‏ كان العكس صحيحا.‏ فقد كانوا متفائلين وواثقين بأن يهوه سيمنح شعبه النصر اخيرا.‏ وكان لي امتياز ان اكون على مائدة الفطور يوم الاثنين صباحا عندما قدَّم الاخوة الذين أُرسلوا في تعيينات في نهاية الاسبوع تقاريرهم.‏ وجرى الحصول على صورة حسنة عن الوضع.‏ وفي كل حالة كان الاخوة واثقين،‏ منتظرين ان يوجِّه يهوه نشاطاتهم الى حد ابعد.‏»‏

      ولكن جرت مواجهة مشاكل عديدة.‏ فالحرب العالمية الاولى كانت لا تزال محتدمة.‏ وكان هنالك نقص في مخزون الورق والفحم،‏ اللذين كانا ضروريين بشكل حيوي للعمل في المركز الرئيسي.‏ وببلوغ الوطنية ذروة الحدة،‏ كان هنالك حقد كبير على الجمعية؛‏ واعتُبر تلاميذ الكتاب المقدس خونة.‏ وفي ظل هذه الظروف القاسية،‏ بدت مواصلة الاعمال في بروكلين مستحيلة.‏ ولذلك فإن لجنة التنفيذ،‏ بعد التشاور مع الاخوة الآخرين،‏ باعت «مسكن بروكلين» وأقفلت «بيت ايل.‏» وفي ٢٦ آب ١٩١٨،‏ أُعيدت الاعمال الى پيتسبورڠ الى بناء للمكاتب في شارعي فيديرال ورِلَيانس.‏

      ومع ذلك،‏ سادت روح جيدة.‏ تذكَّرت مارثا مِرِديث:‏ «نحن الذين في پيتسبورڠ اجتمعنا معا وقررنا ان نحافظ ‹على سير العمل› حتى يخرج الاخوة من السجن.‏ وفي ذلك الحين نُقل مكتب بروكلين الى پيتسبورڠ،‏ فصار الاخوة مشغولين بكتابة مقالات لِـ‍ برج المراقبة وطبعها.‏ وعندما صارت مجلات برج المراقبة جاهزة للارسال خارجا،‏ لففناها نحن الاخوات وأرسلناها خارجا الى الناس.‏»‏

      لقد واجه تلاميذ الكتاب المقدس بعض المحن القاسية منذ انتهت ازمنة الامم في خريف السنة ١٩١٤.‏ فهل كان بامكانهم الاستمرار؟‏ هل كانوا يملكون فعلا ‹محبة اللّٰه في قلوبهم› ام لا؟‏ وهل كانوا سيتمسكون بثبات ‹بالرب وحقه،‏› كما كان رصل قد حذَّر،‏ ام كانوا سيتركون؟‏

      ‏[الحواشي]‏

      a الاقتباسات من أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان في هذا الفصل مأخوذة من كتابه الايمان في تقدُّم مستمر،‏ اصدرته في السنة ١٩٥٧ پرنْتِس-‏هول.‏

      b ان الاعضاء الخمسة للجنة التحرير كما ذُكرت اسماؤهم في وصية رصل كانوا وليم إ.‏ پايدْج،‏ وليم إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ هنري كلاي روكْوِل،‏ إ.‏ و.‏ بْرِناسَن،‏ وف.‏ ه‍.‏ رَبِسُن.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ لملء اية وظائف شاغرة،‏ ذُكرت اسماء آخرين —‏ أ.‏ إ.‏ برْجِس،‏ روبرت هِرْش،‏ أيزَك هاسكَنْز،‏ ج.‏ ه‍.‏ فيشر،‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ وجون إدڠَر.‏ لكنَّ پايدْج وبْرِناسَن استقالا فورا —‏ پايدْج لأنه كان لا يستطيع ان يقيم في بروكلين،‏ وبْرِناسَن (‏لاحقا تغيَّرت التهجية الى بْرِنيسِن)‏ لأنه كان عليه ان يتخذ عملا دنيويا لدعم عائلته.‏ فحلَّ محلَّهما رذرفورد وهِرْش،‏ اللذان أُدرج اسماهما في برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ كعضوين في لجنة التحرير.‏

      c وفقا لميثاق جمعية برج المراقبة،‏ كان سيتألف مجلس المديرين من سبعة اعضاء.‏ ورتَّب الميثاق ان يملأ الاعضاء الباقون احياء في مجلس المديرين الوظائف الشاغرة.‏ ولذلك،‏ بعد يومين من موت رصل،‏ اجتمع مجلس المديرين وانتخب أ.‏ ن.‏ پيرسَن ليكون عضوا.‏ والاعضاء السبعة للمجلس في تلك المرحلة كانوا أ.‏ ا.‏ ريتشي،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ ه‍.‏ ك.‏ روكْوِل،‏ ج.‏ د.‏ رايت،‏ أ.‏ ف.‏ هاسكَنْز،‏ أ.‏ ن.‏ پيرسَن،‏ و ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ ومجلس السبعة اعضاء آنذاك انتخب لجنة التنفيذ المؤلَّفة من ثلاثة اشخاص.‏

      d في الاجتماع السنوي الذي عُقد في ٥ كانون الثاني ١٩١٨،‏ كان السبعة اشخاص الذين نالوا اكبر عدد من الاصوات ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ سي.‏ ه‍.‏ اندرسون،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ و.‏ إ.‏ سْپِل،‏ ج.‏ أ.‏ بونِت،‏ وج.‏ ه‍.‏ فيشر.‏ ومن اعضاء المجلس السبعة هؤلاء،‏ اختير ثلاثة رسميين —‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد رئيسا،‏ سي.‏ ه‍.‏ اندرسون نائب رئيس،‏ و و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ امين السر والصندوق.‏

      e تبعت نشرتان اخريان شديدتا الوقع.‏ اخبار الملكوت رقم ٢،‏ المؤرخة في ١٥ نيسان ١٩١٨،‏ احتوت على رسالة اقوى ايضا تحت العنوان الرئيسي «‹السر المنتهي› وسبب منعه.‏» ثم،‏ اخبار الملكوت رقم ٣،‏ في ايار ١٩١٨،‏ حملت العنوان الرئيسي المهم «معركتان عظيمتان تحتدمان —‏ سقوط الاوتوقراطية اكيد.‏»‏

      f في مناسبات ابكر،‏ كان قد جرى ضمّ اعداد من برج المراقبة معا،‏ لكنَّ هذا لم يحدث خلال ١٩١٤-‏١٩١٨.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٩]‏

      رذرفورد طلب من المقاومين الرحيل عن البتل

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٢]‏

      ‏«كان البعض منا مستعجلا فوق الحد قليلا»‏

      اذ كان تشرين الاول ١٩١٤ يقترب،‏ توقَّع بعض تلاميذ الكتاب المقدس انه عند نهاية ازمنة الامم سينالون،‏ بصفتهم مسيحيين ممسوحين بالروح،‏ مكافأتهم السماوية.‏ وما يوضح ذلك هو حدث حصل في محفل لتلاميذ الكتاب المقدس في ساراتوڠا سْپْرِنڠز،‏ نيويورك،‏ ٢٧-‏٣٠ ايلول ١٩١٤.‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ الذي كان قد اعتمد قبل ١٤ سنة،‏ ألقى محاضرة يوم الاربعاء في ٣٠ ايلول.‏ وفيها ذكر:‏ «هذا هو على الارجح الخطاب العام الاخير الذي ألقيه على الاطلاق لأننا سنذهب الى موطننا [ الى السماء] قريبا.‏»‏

      ولكن،‏ بعد يومين (‏يوم الجمعة في ٢ تشرين الاول)‏،‏ تلقَّى ماكميلان اغاظة لطيفة هناك في بروكلين،‏ حيث كان المحتفِلون سيجتمعون ثانية.‏ فمن مقعده على رأس الطاولة،‏ اعلن ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «سنقوم ببعض التغييرات في البرنامج ليوم الاحد [٤ تشرين الاول].‏ في الساعة ٣٠:‏١٠ من صباح يوم الاحد سيلقي علينا الاخ ماكميلان خطابا.‏» والتجاوب؟‏ كتب ماكميلان لاحقا:‏ «كل شخص ضحك من قلبه،‏ متذكِّرا ما كنت قد قلته يوم الاربعاء في ساراتوڠا سْپْرِنڠز —‏ ‹خطابي العام الاخير›!‏»‏

      «حسنا،‏» تابع ماكميلان،‏ «كان عليَّ آنذاك ان انهمك في ايجاد شيء اقوله.‏ فوجدت المزمور ٧٤:‏٩‏،‏ ‹آياتنا لا نرى.‏ لا نبيّ بعدُ.‏ ولا بيننا مَن يعرف حتى متى.‏› لقد اختلف الامر الآن.‏ ففي هذا الخطاب حاولت ان اظهر للاصدقاء انه ربما كان البعض منا مستعجلا فوق الحد قليلا في التفكير اننا ذاهبون الى السماء فورا،‏ والامر الذي علينا القيام به هو ان نبقى مشغولين بخدمة الرب حتى يقرِّر متى يؤخذ ايّ من خدامه المقبولين الى موطنه الى السماء.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٧]‏

      خلفية ج.‏ ف.‏ رذرفورد

      وُلد جوزيف فرانكلن رذرفورد من والدَين معمدانيين في مزرعة في مقاطعة مورڠان،‏ ميسوري،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٨ تشرين الثاني ١٨٦٩.‏ وعندما كان جوزيف في الـ‍ ١٦ من العمر،‏ وافق ابوه على ان يلتحق بالكلية،‏ بشرط ان يغطي هو نفقاته وأن يدفع لعامل اجير ليحلَّ مكانه في المزرعة.‏ واذ كان حدثا عاقد العزم،‏ حصل جوزيف على قرض من صديق وتمكَّن من الذهاب الى الكلية فيما كان يدرس ايضا الحقوق.‏

      وبعد ان اكمل تعليمه الاكاديمي،‏ قضى رذرفورد سنتين تحت وصاية القاضي إ.‏ ل.‏ إدوردز.‏ وعندما بلغ الـ‍ ٢٠ من العمر،‏ صار مقرِّر المحكمة الرسمي لدى محاكم الدائرة القضائية الرابعة عشرة في ميسوري.‏ وفي ٥ ايار ١٨٩٢ مُنح اجازته الرسمية ليمارس المحاماة في ميسوري.‏ ولاحقا خدم رذرفورد مدة اربع سنوات بصفته المدَّعي العام لبونڤيل،‏ ميسوري.‏ وفي ما بعد ايضا كان يخدم احيانا كقاضٍ خصوصي في محكمة الدائرة القضائية الثامنة في ميسوري.‏ ولهذا السبب صار معروفا بـ‍ «القاضي» رذرفورد.‏

      وعلى نحو مثير للاهتمام،‏ لكي يتمكَّن من دفع نفقة المدرسة،‏ كان رذرفورد يبيع دوائر المعارف من بيت الى بيت.‏ ولم يكن ذلك عملا سهلا —‏ لقد كانت هنالك خيبات كثيرة.‏ وفي احدى المناسبات كاد يموت عندما وقع في نهر جليدي فيما كان يزور المزارع.‏ فوعد نفسه بأنه عندما يصير محاميا،‏ اذا اتى ايّ شخص الى مكتبه يبيع كتبا،‏ فسيشتريها.‏ ووفقا لكلامه،‏ قَبِل ثلاثة مجلدات من «الفجر الالفي» من موزعَين جائلين للمطبوعات اتيا الى مكتبه في وقت باكر من السنة ١٨٩٤.‏ وبعد عدة اسابيع قرأ الكتب وكتب فورا رسالة الى جمعية برج المراقبة قال فيها:‏ «قرأنا زوجتي العزيزة وأنا هذه الكتب باهتمام شديد،‏ ونحن نعتبرها مرسلة من اللّٰه وهي بركة عظيمة اننا حصلنا على فرصة التعرّف بها.‏» وفي السنة ١٩٠٦ اعتمد جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ وبعد سنة صار المستشار القانوني لجمعية برج المراقبة.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦٨]‏

      ‏‹ليس هنالك اناس على الارض اكثر حظوة›‏

      في ٢١ حزيران ١٩١٨،‏ حُكم على ج.‏ ف.‏ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء بالسجن ٢٠ سنة،‏ اذ اتُّهموا باطلا بالتآ‌مر.‏ ومشاعرهم؟‏ في رسالة موجزة مكتوبة باليد مؤرخة في ٢٢-‏٢٣ حزيران (‏الظاهرة ادناه)‏،‏ من سجن شارع رايمَنْد في بروكلين،‏ نيويورك،‏ كتب الاخ رذرفورد:‏ «ليس هنالك على الارجح اناس على الارض اليوم اكثر حظوة وأعظم سعادة من الاخوة السبعة الآن في السجن.‏ فهم مدركون براءتهم التامة من الخطإ المتعمَّد،‏ ويفرحون بأن يتألموا مع المسيح من اجل خدمته بولاء.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧٠]‏

      ضحايا الاضطهاد الملهم من رجال الدين

      بحلول منتصف السنة ١٩١٨،‏ كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد وسبعة من عشرائه في السجن —‏ ضحايا المقاومة الملهمة من رجال الدين.‏ لكنَّ هؤلاء الرجال الثمانية لم يكونوا الاهداف الوحيدة لبغض كهذا.‏ ففي سنوات ابكر كان ت.‏ ت.‏ رصل بصورة رئيسية هدف الهجوم من قبل رجال الدين والصحافة.‏ والآن كان تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم ضحايا.‏ نشرت « The Golden Age‏» (‏«العصر الذهبي،‏» الآن «استيقظ!‏»)‏ عدد ٢٩ ايلول ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ تقريرا شاملا تصويريا عن الاضطهاد الوحشي الذي احتملوه في الولايات المتحدة.‏ وقد قُرئ كأنه شيء من محكمة التفتيش.‏g واحتوى على الروايات التالية:‏

      «في ٢٢ نيسان ١٩١٨،‏ في وِنيوُود،‏ اوكلاهوما،‏ سُجن كلود واتسون اولا ثم أُسلم بتعمُّد الى مجموعة من الرعاع مؤلَّفة من واعظين،‏ رجال اعمال وقليلين آخرين ضربوه بعنف،‏ جعلوا زنجيا يجلده،‏ وعندما شُفي جزئيا،‏ جعلوه يجلده ثانية.‏ بعدئذ سكبوا قطرانا ووضعوا ريشا عليه كله،‏ ودلكوا بالقطران شعره وجلدة رأسه.‏»‏

      «في ٢٩ نيسان ١٩١٨،‏ في وُلنَتْ ريدج،‏ آركانساس،‏ سُجن و.‏ ب.‏ دونكان،‏ البالغ من العمر ٦١ سنة،‏ إدورد فرِنْش،‏ تشارلز فرانك،‏ سيد من آل ڠْرِفِن والسيدة د.‏ ڤان هوزِن.‏ فاقتحم السجن رعاع استخدموا اللغة الاكثر بذاءة وقذارة،‏ جلدوهم،‏ طلوهم بالقطران،‏ كسوهم بالريش وأخرجوهم من البلدة.‏ وأُجبر دونكان على المشي ستة وعشرين ميلا [٤٢ كلم] الى بيته ولم يُشفَ بسهولة.‏ وأُصيب ڠْرِفِن بالعمى فعليا ومات بسبب الاعتداء بعد بضعة شهور.‏»‏

      «في ٣٠ نيسان ١٩١٨،‏ .‏ .‏ .‏ في مِنيرڤا،‏ اوهايو،‏ سُجن س.‏ ه‍.‏ ڠْرِفِن اولا ثم أُسلم الى رعاع،‏ ثم وبَّخه القس رسميا مدة خمس عشرة دقيقة،‏ ثم ضُرب تكرارا،‏ شُتم،‏ رُفس،‏ ديس،‏ هُدِّد بالشنق والتغريق،‏ طُرد من البلدة،‏ بُصق عليه،‏ أُوقع تكرارا،‏ وُخز تكرارا بمظلة،‏ مُنع من الركوب،‏ طورد مسافة خمسة اميال الى مالڤِرْن،‏ اوهايو،‏ اعتُقل ثانية،‏ سُجن من اجل سلامته في كارولْتون وأُخذ اخيرا الى بيته بواسطة رسميين شجعان وأمناء،‏ قالوا،‏ بعد فحص مطبوعاته،‏ وبكل صراحة،‏ ‹لا نجد ايَّ عيب في هذا الرجل.‏›»‏

      ‏[الحاشية]‏

      g الصفحات ٧١٢-‏٧١٧.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٦٥]‏

      في ٣١ تشرين الاول ١٩١٦،‏ مات تشارلز تاز رصل البالغ من العمر ٦٤ سنة في قطار في پمپا،‏ تكساس؛‏ وأخبرت صحف كثيرة عن المأتم

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٦]‏

      ج.‏ ف.‏ رذرفورد كان ذا مظهر مهيب،‏ اذ يبلغ طوله ست اقدام وإنشين (‏١٨٨ سم)‏ ووزنه نحو ٢٢٥ پاوندا (‏١٠٢ كلغ)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٨]‏

      سجن شارع رايمَنْد،‏ في بروكلين،‏ نيويورك،‏ حيث سُجن الاخ رذرفورد وبعض عشرائه الاحماء مدة سبعة ايام مباشرة بعد الحكم عليهم

      ‏[الصورة في الصفحة ٧١]‏

      توماس (‏بَدْ)‏ سوليڤان زار المركز الرئيسي في السنة ١٩١٨ وخدم لاحقا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه

  • أَعلنوا الملك والملكوت!‏ (‏١٩١٩-‏١٩٤١)‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٧

      أَعلنوا الملك والملكوت!‏ (‏١٩١٩-‏١٩٤١)‏

      ‏«هل تؤمنون بأن ملك المجد قد بدأ حكمه؟‏ اذًا،‏ عودوا الى الحقل انتم يا ابناء العلي!‏ تقلَّدوا سلاحكم!‏ كونوا صاحين،‏ كونوا حذرين،‏ كونوا نشاطى،‏ كونوا شجعانا.‏ كونوا شهودا امناء وحقيقيين للرب.‏ امضوا قُدُما في القتال الى ان يخرب كل اثر لبابل.‏ أَعلنوا الرسالة في كل مكان.‏ فيجب ان يعرف العالم ان يهوه هو اللّٰه وأن يسوع المسيح هو ملك الملوك ورب والارباب.‏ هذا هو يوم الايام قاطبة.‏ هوذا الملك يحكم!‏ وأنتم وكلاء اعلانه.‏ لذلك أعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏»‏

      ان هذه الدعوة المثيرة الى العمل التي وجَّهها ج.‏ ف.‏ رذرفورد في المحفل الاممي في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ كان لها تأثير عميق في الحاضرين.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس غادروا ذلك المحفل برغبة متقدة في اعلان الملكوت.‏ ولكن قبل سنوات قليلة فقط،‏ بدا توقُّع الخدمة كوكلاء اعلان للملكوت ضعيفا فعلا.‏ فقد كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد وسبعة من عشرائه في السجن،‏ ودورهم المقبل داخل الهيئة بدا غامضا.‏ فكيف امكن التغلب على هذه المصاعب؟‏

      ‏«أعرف شيئا عن قانون الاولياء‏»‏

      جرى الترتيب لمحفل في پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا،‏ في ٢-‏٥ كانون الثاني ١٩١٩،‏ خلال الوقت الذي كان فيه الاخ رذرفورد وعشراؤه في السجن.‏ لكنَّ هذا لم يكن محفلا عاديا —‏ لقد كان ممتزجا بالاجتماع السنوي لجمعية برج المراقبة يوم السبت في ٤ كانون الثاني ١٩١٩.‏ وكان الاخ رذرفورد مدركا جيدا لمعنى هذا الاجتماع.‏ وبعد ظهر يوم السبت هذا بحث عن الاخ ماكميلان ووجده في ملعب تنس السجن.‏ وبحسب ماكميلان،‏ هذا ما حدث:‏

      ‏«قال رذرفورد،‏ ‹ماك،‏ اريد التحدث اليك.‏›‏

      ‏«‹عن ايّ شيء تريد التحدث اليَّ؟‏›‏

      ‏«‹اريد التحدث اليك عما يجري في پيتسبورڠ.‏›‏

      ‏«‹ارغب في ان ألعب هذه الدورة الى النهاية.‏›‏

      ‏«‹ألست مهتما بما يجري؟‏ ألا تعلم انه وقت انتخاب الرسميين اليوم؟‏ فقد يجري تجاهلك وإبعادك ونبقى هنا الى الابد.‏›‏

      ‏«‹ايها الاخ رذرفورد،‏› قلت،‏ ‹دعني اقول لك شيئا ربما لم تفكِّر فيه.‏ هذه هي المرة الاولى منذ تأسيس الجمعية التي يمكن ان يَظهر فيها بوضوح مَن يريد يهوه اللّٰه ان يكون الرئيس.‏›‏

      ‏«‹ماذا تعني بذلك؟‏›‏

      ‏«‹اعني ان الاخ رصل كان له صوت مسيطر وقد عيَّن مختلف الرسميين.‏ والآن بكوننا غير عاملين كما يظهر يختلف الوضع.‏ أما اذا خرجنا في الوقت المحدَّد للذهاب الى ذلك المحفل الى اجتماع العمل ذاك،‏ فسندخل الى هناك وسنُقبَل لنأخذ مكان الاخ رصل بالاكرام نفسه الذي ناله.‏ وعندئذ قد يبدو ذلك وكأنه عمل انسان،‏ لا اللّٰه.‏›‏

      ‏«بدا رذرفورد مستغرقا في التفكير وابتعد.‏»‏

      في ذلك اليوم جرى اجتماع متوتر في پيتسبورڠ.‏ «سيطر ارتباك،‏ خلاف،‏ ومناقشات لفترة من الوقت،‏» تذكَّرت سيرا سي.‏ كايلِن،‏ التي نشأت في منطقة پيتسبورڠ.‏ «البعض ارادوا تأجيل الاجتماع ستة اشهر؛‏ اخرون شكّوا في شرعية انتخاب رسميين كانوا في السجن؛‏ وآخرون اقترحوا رسميين جددا تماما.‏»‏

      وبعد مناقشة مطوَّلة،‏ قرأ و.‏ ف.‏ هَدْجِنڠْز،‏ مدير جمعية منبر الشعوب،‏a على الحضور رسالة من الاخ رذرفورد.‏ وفيها ارسل محبة وتحيات الى المجتمعين.‏ وحذَّر:‏ ‏«اسلحة الشيطان الرئيسية هي الكبرياء،‏ الطموح و الخوف.‏»‏ واذ اظهر رغبة في الاذعان لمشيئة يهوه،‏ اقترح ايضا بتواضع رجالا مناسبين اذا قرَّر المساهمون انتخاب رسميين جدد للجمعية.‏

      واستمرت المناقشة لفترة اطول،‏ ثم عبَّر إ.‏ د.‏ سكستون،‏ الذي كان قد تعيَّن عريفا للجنة الترشيح،‏ عن رأيه قائلا:‏

      ‏«وصلت منذ قليل.‏ لقد تأخر قطاري ثمانيا وأربعين ساعة،‏ اذ كان محجوزا بسبب الثلج.‏ لديَّ شيء اقوله ولراحتي الخاصة من الافضل ان اقوله الآن.‏ اخوتي الاعزاء،‏ اتيت الى هنا،‏ كما فعل الباقون منكم،‏ بأفكار معيَّنة في ذهني —‏ مؤيِّدة ومعارضة.‏ .‏ .‏ .‏ ليست هنالك اية عقبة شرعية في الطريق.‏ اذا كنا نرغب في اعادة انتخاب اخوتنا في الجنوب لأي مركز يمكن ان يشغلوه،‏ فلا يمكنني ان ارى،‏ او اجد من اية نصيحة [قانونية] نلتها،‏ كيف يتعارض هذا،‏ في ايّ حالة او شكل،‏ مع مَظهر قضيتهم امام المحكمة الفيديرالية او امام الناس.‏

      ‏«اعتقد ان اعظم اطراء يمكن ان نقدِّمه لأخينا العزيز رذرفورد هو ان نعيد انتخابه رئيسا لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ ولا اعتقد ان هنالك ايّ شك في ذهن الناس بالنسبة الى اين نقف من القضية.‏ واذا كان اخوتنا بأية طريقة خالفوا من الوجهة الفنية قانونا لم يفهموه،‏ نعرف ان دوافعهم جيدة.‏ وأمام [اللّٰه] القادر على كل شيء لم يخالفوا ايّ قانون للّٰه او للانسان.‏ ويمكننا ان نظهر اعظم ثقة اذا اعدنا انتخاب الاخ رذرفورد رئيسا للجمعية.‏

      ‏«انا لست محاميا،‏ ولكن عندما يتعلق الامر بشرعية الوضع،‏ أعرف شيئا عن قانون الاولياء.‏ الولاء هو ما يطلبه اللّٰه.‏ ولا يمكنني ان اتخيَّل اية ثقة يمكن ان نظهرها اعظم من ان نُجري انتخابا ونعيد انتخاب الاخ رذرفورد رئيسا.‏»‏

      حسنا،‏ عبَّر الاخ سكستون بوضوح عن مشاعر اغلبية الحاضرين.‏ كانت هنالك ترشيحات؛‏ جرى التصويت؛‏ فانتُخب ج.‏ ف.‏ رذرفورد رئيسا،‏ سي.‏ أ.‏ وايز نائب رئيس،‏ و و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ امين السر والصندوق.‏

      وفي اليوم التالي قرع الاخ رذرفورد حائط زنزانة ماكميلان وقال:‏ «أَخرج يدك.‏» ثم اعطى ماكميلان برقية تقول انه قد أُعيد انتخاب رذرفورد رئيسا.‏ «كان سعيدا جدا،‏» تذكَّر ماكميلان لاحقا،‏ «ان يرى هذا الاعراب عن التأكيد ان يهوه يدير الجمعية.‏»‏

      انتهى الانتخاب،‏ لكنَّ الاخ رذرفورد والسبعة الآخرين كانوا لا يزالون في السجن.‏

      ‏«اهتياج في كل انحاء البلاد» لاجل السجناء

      ‏«خلال الاسابيع القليلة الماضية بدأ اهتياج في كل انحاء البلاد لاجل هؤلاء الاخوة،‏» ذكرت برج المراقبة عدد ١ نيسان ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏.‏ وكانت بعض الصحف تدعو الى اطلاق سراح ج.‏ ف.‏ رذرفورد وعشرائه.‏ وتلاميذ الكتاب المقدس في كل انحاء الولايات المتحدة اظهروا دعمهم بكتابة رسائل الى محرري الصحف،‏ اعضاء الكونڠرس،‏ اعضاء مجلس الشيوخ،‏ والحكام،‏ يحثونهم على اتخاذ اجراء لاجل السجناء الثمانية.‏ ومن الواضح ان تلاميذ الكتاب المقدس ما كانوا ليرتاحوا حتى يتحرَّر اخوتهم الثمانية.‏

      وبحلول آذار ١٩١٩،‏ كان تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة يتداولون عريضة يطلبون فيها من الرئيس وودرو ولسون ان يستخدم نفوذه لينجز واحدا مما يلي لاجل الاخوة السجناء:‏

      ‏«اولا:‏ عفو تام،‏ اذا كان ذلك ممكنا الآن،‏ او

      ‏«ثانيا:‏ ان توجِّهوا وزارةَ العدل كي ترفض الدعوى ضدهم،‏ وأن يُطلَق سراحهم تماما،‏ او

      ‏«ثالثا:‏ ان يُطلَق سراحهم فورا بكفالة في انتظار القرار النهائي لقضيتهم من قبل المحاكم العليا.‏»‏

      وخلال اسبوعين حصل تلاميذ الكتاب المقدس على ٠٠٠‏,٧٠٠ توقيع.‏ لكنَّ العريضة لم تُقدَّم قط الى الرئيس او الحكومة.‏ ولِمَ لا؟‏ لأنه قبل ان يحدث ذلك،‏ أُطلق سراح الرجال الثمانية بكفالة.‏ اذًا،‏ ماذا انجز عمل العريضة؟‏ ذكرت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الدليل ساحق على ان الرب اراد ان يجري القيام بهذا العمل،‏ ليس ان يخرج الاخوة من السجن بقدر ما هو من اجل قصد الشهادة للحق.‏»‏

      ‏«اهلا بكم،‏ ايها الاخوة»‏

      يوم الثلاثاء في ٢٥ آذار،‏ ترك الاخوة الثمانية اتلانتا متَّجهين الى بروكلين.‏ وانتشر بسرعة خبر اطلاق سراحهم.‏ لقد كان حقا مشهدا مؤثرا —‏ تلاميذ الكتاب المقدس مجتمعون في محطات القطار على طول الطريق بأمل رؤيتهم والتعبير عن الفرح باطلاق سراحهم.‏ وآخرون اندفعوا الى «بيت ايل» في بروكلين،‏ الذي كان قد أُقفل،‏ لترتيب وليمة ترحيبية.‏ وعند رجوعهم الى بروكلين،‏ في ٢٦ آذار،‏ أُطلق سراح الاخوة بكفالة ٠٠٠‏,١٠ دولار اميركي لكل واحد.‏

      ‏«وفورا رافقهم عدد من الاصدقاء الى ‹بيت ايل،‏› حيث كان قد اجتمع ما بين خمس وست مئة صديق للترحيب بهم،‏» اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏.‏ وفي غرفة الطعام كانت هنالك لافتة كبيرة تقول،‏ «اهلا بكم،‏ ايها الاخوة.‏» وبعد نحو ٥٠ سنة،‏ تذكرت مايبل هاسلَت،‏ التي كانت موجودة في تلك الوليمة:‏ «اتذكر انني صنعت مئة كعكة دونات،‏ وبدا ان الاخوة تمتعوا بها بعد تسعة اشهر من طعام السجن.‏ ولا ازال استطيع ان ارى الاخ رذرفورد يمدّ يده ليتناولها.‏ لقد كانت مناسبة لا تُنسى اذ روى هو والآخرون اختباراتهم.‏ وأذكر ايضا الاخ دَتشيكا القصير القامة واقفا على كرسي لكي يتمكَّن الجميع من رؤيته وسماعه.‏»‏

      وصباح يوم الثلاثاء في ١ نيسان وصل الاخ رذرفورد الى پيتسبورڠ،‏ حيث كانت آنذاك تقع مكاتب المركز الرئيسي.‏ وهنا ايضا،‏ اذ علم الاخوة انه كان على وشك الوصول،‏ رتَّبوا وليمة جرت تلك الامسية في فندق تشاذام.‏ لكنَّ الاحوال في السجن كانت قد اخذت ضريبتها من الاخ رذرفورد.‏ فكان قد طوَّر رئة ضعيفة،‏ ونتيجة لذلك،‏ بعد اطلاق سراحه أُصيب بحالة شديدة لذات الرئة.‏ وهكذا،‏ بعد ذلك بوقت قصير،‏ ألزمته صحته الضعيفة بالذهاب الى كاليفورنيا،‏ حيث كان له بعض الاقرباء.‏

      الامتحان في لوس انجلوس

      والآن اذ تحرَّر الاخ رذرفورد والآخرون،‏ نشأ السؤال،‏ ماذا بشأن عمل المناداة بملكوت اللّٰه؟‏ فخلال الوقت الذي كان فيه هؤلاء الاخوة في السجن،‏ كان الاشراف التنظيمي على عمل الشهادة قد توقَّف الى حد بعيد.‏ وكان «مسكن بروكلين» قد بيع و «بيت ايل» قد أُقفل.‏ ومكاتب المركز الرئيسي في پيتسبورڠ كانت صغيرة،‏ والموارد المالية كانت محدودة.‏ والى جانب ذلك،‏ الى ايّ حد كان هنالك اهتمام حقا برسالة الملكوت؟‏ من كاليفورنيا،‏ قرَّر الاخ رذرفورد ان يرتِّب لامتحان.‏

      جرى ترتيب اجتماع في قاعة استماع كْلون في لوس انجلوس،‏ يوم الاحد في ٤ ايار ١٩١٩.‏ وكان عنوان المحاضرة التي دُعي الناس اليها «الرجاء للبشرية المتضايقة.‏» لكنَّ الخطاب كان يجب ان يقدِّمه ج.‏ ف.‏ رذرفورد —‏ رجل خرج من السجن منذ فترة قصيرة.‏ ومن خلال اعلانات الصحف الواسعة،‏ وعد رذرفورد بعرض صريح للوقائع،‏ بما فيها توضيح اسباب الادانات غير الشرعية لرسميي الجمعية.‏ فهل سيهتم احد بما فيه الكفاية ليحضر؟‏

      كان التجاوب عظيما.‏ وفي الواقع،‏ اتى ٥٠٠‏,٣ لسماع المحاضرة،‏ ونحو ٦٠٠ آخرين لم يُسمح لهم بالدخول لسبب ضيق المكان.‏ كان الاخ رذرفورد مسرورا!‏ ووافق ان يتكلم الى الجمع الفائض يوم الاثنين ليلا،‏ فحضر ٥٠٠‏,١.‏ لكنه كان مريضا بحيث لم يستطع انهاء تلك المحاضرة.‏ فبعد ساعة وجب ان يحلَّ محله احد العشراء.‏ ومع ذلك كان الامتحان في لوس انجلوس ناجحا.‏ فكان الاخ رذرفورد مقتنعا بأن هنالك اهتماما كبيرا برسالة الملكوت،‏ وكان مصمِّما على ان يراها مُعلَنة.‏

      هيَّا الى العمل!‏

      بحلول تموز ١٩١٩،‏ عاد الاخ رذرفورد الى العمل في المركز الرئيسي في پيتسبورڠ.‏ وجرت الامور بسرعة خلال الاشهر القليلة التالية.‏ فصُنعت ترتيبات لعقد محفل لتلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ١-‏٨ ايلول ١٩١٩.‏ وأُعيدت مكاتب الجمعية الى بروكلين وصارت تعمل هناك بحلول ١ تشرين الاول.‏

      فماذا كان عليهم ان يفعلوا الآن؟‏ جرى التشديد على مهمتهم بوضوح في محفل سيدر پوينت.‏ ففي يوم الثلاثاء ٢ ايلول اوضح الاخ رذرفورد:‏ «ان مهمة المسيحي على الارض .‏ .‏ .‏ هي المناداة برسالة ملكوت برّ الرب،‏ الذي سيجلب البركات لكل الخليقة التي تئن.‏» وبعد ثلاثة ايام،‏ يوم الجمعة في ٥ ايلول،‏ الذي دُعي يوم العاملين معا،‏ ذكر ايضا الاخ رذرفورد:‏ «في اللحظات الهادئة يسأل المسيحي نفسه بشكل طبيعي،‏ لماذا انا على الارض؟‏ والجواب يجب ان يكون بالضرورة،‏ الرب جعلني بلطف سفيره لأحمل رسالة المصالحة الالهية الى العالم،‏ وامتيازي ومهمتي هما اعلان هذه الرسالة.‏»‏

      نعم،‏ لقد حان الوقت للمُضي قُدُما في عمل المناداة بملكوت اللّٰه!‏ وللمساعدة في انجاز هذه المهمة،‏ اعلن الاخ رذرفورد:‏ «تحت عناية الرب رتَّبنا لنشر مجلة جديدة تحت اسم وعنوان العصر الذهبي.‏‏» ولم يعرف المحتفلون كم ستكون العصر الذهبي مجلة جريئة.‏

      ‏«ان ذلك المحفل الاول بعد الحرب العالمية الاولى كان تشجيعا عظيما لجميعنا،‏» تذكَّر هِرْمان ل.‏ فِلبْرِك،‏ الذي سافر الى المحفل من بيته في بوسطن،‏ ماساتشوستس.‏ حقا،‏ لقد حثَّ محفل سيدر پوينت هذا تلاميذ الكتاب المقدس على العمل.‏ فكانوا مستعدين للمُضي قُدُما في عمل المناداة بالبشارة.‏ وكان ذلك كما لو انهم عادوا الى الحياة من الاموات.‏ —‏ قارنوا حزقيال ٣٧:‏​١-‏١٤؛‏ رؤيا ١١:‏​١١،‏ ١٢‏.‏

      في تلك الاثناء،‏ كانت تحدث امور مهمة على المسرح العالمي.‏ فقد جرى توقيع معاهدة ڤرساي في ٢٨ حزيران ١٩١٩،‏ وصارت سارية المفعول في ١٠ كانون الثاني ١٩٢٠.‏ واذ انهت رسميا الاجراءات العسكرية ضد المانيا في الحرب العالمية الاولى،‏ مهّدت المعاهدة ايضا لتشكيل عصبة الامم —‏ جمعية دولية خُلقت للحفاظ على السلام في العالم.‏

      ‏‹أَعلنوا الملك والملكوت›‏

      في السنة ١٩٢٢ عاد تلاميذ الكتاب المقدس الى سيدر پوينت من اجل برنامج من تسعة ايام،‏ من ٥ الى ١٣ ايلول.‏ واشتدت الاثارة حين وصل المندوبون من اجل هذا المحفل الاممي.‏ وجرى بلوغ ذروة المحفل يوم الجمعة في ٨ ايلول عندما قدَّم الاخ رذرفورد الخطاب «الملكوت.‏»‏

      تذكَّر لاحقا توماس ج.‏ سوليڤان:‏ «ان اولئك الذين نالوا امتياز حضور ذلك الاجتماع يمكنهم حتى الآن ان يتخيَّلوا جدّية الاخ رذرفورد عندما امر بعض الاشخاص المنزعجين الذين كانوا يمشون في الجوار بسبب الحرّ الشديد ‏‹اجلسوا›‏ و ‏‹أَصغوا›‏ الى الخطاب مهما كلَّف الامر.‏» وأولئك الذين فعلوا لم يخب املهم،‏ لأن تلك كانت المحاضرة التاريخية التي فيها حثَّ الاخ رذرفورد مستمعيه ان ‹يعلنوا الملك والملكوت.‏›‏

      تجاوب الحضور بحماس كبير.‏ اخبرت برج المراقبة‏:‏ «كل شخص موجود تأثَّر تماما بواقع ان الالتزام موضوع على كلٍّ من المكرَّسين من هذا الوقت فصاعدا للعمل كوكيل اعلان للملك والملكوت.‏» وخرج تلاميذ الكتاب المقدس من ذلك المحفل بغيرة متقدة لعمل الكرازة.‏ قالت الاخت إثَل بِنِكَف،‏ موزعة للمطبوعات جائلة آنذاك في اواخر عشريناتها:‏ «كنا مثارين لكي ‹نعلن،‏ نعلن،‏ نعلن الملك وملكوته› —‏ نعم،‏ بغيرة ومحبة في قلوبنا اكثر من ايّ وقت مضى.‏»‏

      واذ صار نور الفهم الروحي اسطع فأسطع،‏ ابتدأ تلاميذ الكتاب المقدس يدركون بعض حقائق الكتاب المقدس المثيرة.‏ (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ وفهْم هذه الحقائق الثمينة اعطى عملهم للمناداة بملكوت اللّٰه زخما قويا.‏ وفي الوقت عينه،‏ كان عليهم ان يعدِّلوا تفكيرهم —‏ وبالنسبة الى البعض كان هذا امتحانا حقيقيا.‏

      ‏«الآمال غير المتحققة ليست قصرا على ايامنا»‏

      ‏«يمكن ان نتوقع بثقة،‏» ذكر كراس Millions Now Living Will Never Die (‏ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا‏)‏‏،‏ قديما في السنة ١٩٢٠،‏ «ان تسم السنة ١٩٢٥ عودة إبرهيم،‏ اسحق،‏ يعقوب والانبياء الامناء القدامى [من الاموات] .‏ .‏ .‏ الى حالة الكمال البشري.‏» ولم يجرِ توقع قيامة الرجال الامناء القدامى في السنة ١٩٢٥ فحسب بل رجا البعض ان ينال المسيحيون الممسوحون مكافأتهم السماوية في تلك السنة.‏b

      اتت السنة ١٩٢٥ وولَّت.‏ وهجر البعض رجاءهم.‏ لكنَّ الاغلبية الساحقة لتلاميذ الكتاب المقدس بقوا امناء.‏ «ان عائلتنا،‏» اوضح هيرالد توتجيان،‏ الذي صار جدّاه تلميذين للكتاب المقدس نحو بداية القرن،‏ «قدَّرتْ ان الآمال غير المتحققة ليست قصرا على ايامنا.‏ فالرسل انفسهم كانت لديهم توقعات مماثلة في غير محلها.‏ .‏ .‏ .‏ ويهوه يستحق الخدمة الولية والتسبيح مع او بدون المكافأة الاخيرة.‏» —‏ قارنوا اعمال ١:‏​٦،‏ ٧‏.‏

      اية هيئة —‏ هيئة يهوه ام الشيطان؟‏

      ‏«ولادة الامة» —‏ كان هذا عنوان مقالة مثيرة ظهرت في عدد ١ آذار ١٩٢٥ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة‏.‏ لقد قدَّمت فهما منوَّرا للرؤيا الاصحاح ١٢ الذي وجد البعض صعوبة في قبوله.‏

      والشخصيات الرمزية المذكورة في هذا الاصحاح من الرؤيا جرى تحديد هويتها كما يلي:‏ ‹المرأة› التي تلد (‏العددان ١،‏ ٢‏)‏ بصفتها «هيئة اللّٰه [السماوية]»؛‏ ‹التنين› (‏العدد ٣‏)‏ بصفته «هيئة ابليس»؛‏ و ‹الابن الذكر› (‏العدد ٥‏)‏ بصفته «الملكوت الجديد،‏ او الحكومة الجديدة.‏» وعلى اساس ذلك،‏ جرى توضيح شيء بشكل جليّ للمرة الاولى:‏ هنالك هيئتان متميِّزتان ومتضادتان —‏ هيئة يهوه وهيئة الشيطان.‏ وبعد ‹الحرب في السماء› (‏العدد ٧‏)‏،‏ طُرد الشيطان ومؤيدوه الابالسة من السماء وطُرحوا الى الارض.‏

      ‏«جلسنا ودرسناها طوال الليل الى ان تمكنتُ من فهمها بشكل جيد،‏» كتب إيرْل إ.‏ نيووِل،‏ الذي خدم لاحقا كممثل جائل لجمعية برج المراقبة.‏ «ذهبنا الى محفل في پورتْلَند،‏ اوريڠون،‏ وهناك وجدنا كل الاخوة قلقين وكان بعضهم مستعدين لنبذ برج المراقبة بسبب هذه المقالة.‏» فلماذا كان قبول هذا الشرح للرؤيا الاصحاح ١٢ صعبا على البعض الى هذا الحد؟‏

      اولا،‏ كان ذلك مختلفا بشكل لافت للنظر عما كان قد نُشر في السر المنتهي،‏ الذي كان الى حد كبير مجموعة لكتابات الاخ رصل المنشورة بعد موته.‏c اوضح وولتر ج.‏ ثورن،‏ الذي خدم كناظر جائل:‏ «ان المقالة حول ‹ولادة الامة› كانت .‏ .‏ .‏ صعبة القبول بسبب تفسير سابق للاخ العزيز رصل،‏ الذي اعتقدنا انه الكلمة الاخيرة حول الرؤيا.‏» فلا عجب ان يعثر البعض بسبب الشرح.‏ «لا شك ان هذا التفسير يمكن ان يبرهن انه وسيلة غربلة،‏» لاحظ ج.‏ أ.‏ بونِت،‏ ناظر جائل آخر،‏ «أما الاشخاص الجدّيون والمخلصون حقا للايمان فسيثبتون ويبتهجون.‏»‏

      فعلا،‏ ان الاشخاص الجدّيين والمخلصين حقا ابتهجوا بسبب الشرح الجديد.‏ لقد صار الامر الآن واضحا جدا لهم:‏ كل شخص ينتمي إما الى هيئة يهوه او الى هيئة الشيطان.‏ «تذكَّروا،‏» اوضحت المقالة «ولادة الامة،‏» «سيكون امتيازنا .‏ .‏ .‏ ان نحارب بشجاعة في سبيل قضية ملكنا بالمناداة برسالته،‏ التي اعطانا اياها لننادي بها.‏»‏

      واذ كانت عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ ثم ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ تتقدَّم،‏ تبع المزيد من ومضات فهم الكتاب المقدس.‏ فقد جرى التخلي عن الاحتفالات والاعياد العالمية،‏ كعيد الميلاد.‏ وجرى ايضا نبذ ممارسات ومعتقدات اخرى عندما فُهم ان لها جذورا تحقِّر اللّٰه.‏d ولكن اكثر من هجر الممارسات والمعتقدات الخاطئة،‏ استمر تلاميذ الكتاب المقدس في التطلع الى يهوه من اجل اعلانات تقدمية للحق.‏

      ‏«انتم شهودي»‏

      ‏«انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه.‏» (‏اشعياء ٤٣:‏١٢‏)‏ وابتداء من عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صار تلاميذ الكتاب المقدس مدركين بشكل متزايد للمغزى العميق لكلمات النبي اشعياء هذه.‏ فمن خلال صفحات برج المراقبة‏،‏ لُفت الانتباه تكرارا الى مسؤوليتنا ان نشهد لاسم يهوه وملكوته.‏ ولكن جرى بلوغ مَعْلم في محفل عُقد في كولومبس،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٣١.‏

      يوم الاحد في ٢٦ تموز،‏ عند الظهر،‏ قدَّم الاخ رذرفورد المحاضرة العامة «الملكوت،‏ رجاء العالم،‏» التي جرى بثها بواسطة شبكة اذاعية واسعة،‏ مع اكثر من ٣٠٠ محطة ارسال اضافية اعادت بث الرسالة لاحقا.‏ وفي نهاية المحاضرة،‏ حذَّر الاخ رذرفورد العالم المسيحي بقراءة قرار لاسع بعنوان «تحذير من يهوه،‏» كان موجَّها «الى الحكام والى الشعب.‏» واستجابة لدعوته ان يتبنوا القرار،‏ وقف كامل الحضور المنظور وصرخ،‏ «نعم!‏» والبرقيات التي جرى تسلُّمها لاحقا اظهرت ان كثيرين من المستمعين بواسطة الراديو رفعوا اصواتهم بشكل مماثل موافقين.‏

      ومن الساعة الواحدة،‏ عندما انتهت المحاضرة العامة،‏ حتى الساعة الرابعة،‏ عندما دخل الاخ رذرفورد ثانية الى قاعة الاستماع،‏ كان الجو مشحونا بالاثارة.‏ فالاخ رذرفورد كان قد طلب خصوصا من كل مَن كان مهتما حقا عند الظهر بتحذير العالم المسيحي ان يكون في مقعده عند الساعة الرابعة.‏

      وعند الساعة الرابعة تماما،‏ ابتدأ الاخ رذرفورد بالقول انه يعتبر ما هو على وشك ان يقوله ذا اهمية حيوية لكل مَن يستطيع سماع صوته.‏ فكان مستمعوه مهتمين بشدة.‏ وخلال محاضرته قدَّم قرارا آخر،‏ وكان هذا بعنوان «اسم جديد،‏» وقد بلغ ذروته بالاعلان:‏ «نرغب في ان نُعرَف ونُدعى بالاسم،‏ اي شهود يهوه.‏»‏ ومرة ثانية قفز المحتفلون المثارون على اقدامهم بالصرخة المدوّية «نعم!‏» ومن ذلك الحين فصاعدا صاروا يُعرَفون بشهود يهوه!‏

      ‏«روح يهوه جعلنا شجعانا»‏

      خلال السنة ١٩٢٧،‏ جرى تشجيع شعب يهوه على قضاء جزء من كل يوم احد في شهادة الفرق.‏ فنشأت مقاومة قانونية فورية.‏ وفي سنوات قليلة،‏ ابتدأت الاعتقالات تتزايد —‏ ٢٦٨ في الولايات المتحدة وحدها في السنة ١٩٣٣،‏ ٣٤٠ في السنة ١٩٣٤،‏ ٤٧٨ في السنة ١٩٣٥،‏ و ١٤٩‏,١ في السنة ١٩٣٦.‏ وبأية تهمة؟‏ في الواقع،‏ بتهم مختلفة،‏ بما فيها البيع من دون رخصة،‏ تعكير السلام،‏ ومخالفة قوانين الراحة يوم الاحد.‏ وفرق الشهود المحلية لم تكن خبيرة بكيفية التعامل مع رسميي الشرطة والمحاكم.‏ والحصول على المساعدة القانونية محليا كان إما مكلفا جدا او غير ممكن بسبب التحامل.‏ لذلك اسست جمعية برج المراقبة بحكمة قسما قانونيا في بروكلين لتقديم المشورة.‏

      لكنَّ الدفاع القانوني القوي لم يكن كافيا.‏ فشهود يهوه المخلصون هؤلاء كانوا مصمِّمين على العيش وفق الاسم الذي اعتنقوه.‏ ولذلك،‏ في وقت باكر من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ردُّوا الهجوم بالهجوم.‏ كيف؟‏ بواسطة مهمات كرازية خصوصية عُرفت بحملات الفِرق.‏ فجرى تنظيم آلاف المتطوعين في كل انحاء الولايات المتحدة في فِرق.‏ وعندما كان الشهود يُعتقلون في بلدة واحدة بسبب الكرازة من بيت الى بيت،‏ سرعان ما كانت تصل فرقة من المتطوعين من مناطق اخرى و «تحاصر» البلدة،‏ معطية شهادة شاملة.‏e

      وحملات الفِرق هذه فعلت الكثير لتقوية الشهود المحليين.‏ وفي كل فرقة كان هنالك اخوة مؤهلون تدرَّبوا على التعامل مع السلطات.‏ لقد كان تشجيعا كبيرا للاخوة الساكنين في منطقة مشاكل،‏ ربما في بلدة صغيرة،‏ ان يعرفوا انهم ليسوا وحدهم في المناداة بملكوت اللّٰه.‏

      لزم مقدار كبير من الشجاعة للاشتراك في حملات الفِرق في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي منتصف فترة الكساد الاعظم،‏ كانت الاعمال نادرة.‏ ومع ذلك يتذكَّر نيقولاس كوڤالاك الابن،‏ ناظر جائل لنحو ٤٠ سنة:‏ «عندما كانت الدعوة تأتي لتغطية بقعة مشاكل،‏ كان ‹مدير الخدمة› يطلب متطوعين.‏ وكان يُقال للافراد ان لا يتطوَّعوا اذا كانوا يخافون ان يخسروا اعمالهم.‏ .‏ .‏ .‏ لكننا كنا دائما سعداء بأن نرى تجاوبا ايجابيا ١٠٠٪!‏» وعلَّق جون دَلتشينوس،‏ ناظر من سْپْرينڠفيلد،‏ ماساتشوستس:‏ «حقا،‏ تلك كانت سنوات مثيرة وذكرياتها ثمينة.‏ روح يهوه جعلنا شجعانا.‏»‏

      وفي هذه الاثناء،‏ كانت تتطور ومضة لفهم الكتاب المقدس سيكون لها تأثير هائل في العمل.‏

      ماذا عن اليونادابيين؟‏

      في السنة ١٩٣٢ جرى الايضاح ان يهوناداب (‏يوناداب)‏،‏ عشير الملك ياهو،‏ رمز الى صف من الاشخاص الذين سيتمتعون بالحياة الابدية على الارض.‏f (‏٢ ملوك ١٠:‏​١٥-‏٢٨‏)‏ واليونادابيون،‏ كما صاروا معروفين،‏ اعتبروه امتيازا ان يقترنوا بخدام يهوه الممسوحين وأن يشتركوا معهم في اعلان الملكوت.‏ ولكن في ذلك الوقت لم يكن هنالك جهد خصوصي لتجميع وتنظيم هؤلاء الافراد برجاء ارضي.‏

      لكنَّ التشجيع الحقيقي أُعطي لليونادابيين في برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٣٤ (‏بالانكليزية)‏.‏ ذكرت المقالة «لطفه»:‏ «هل يجب على اليونادابي ان يكرِّس نفسه للرب ويعتمد؟‏ الجواب:‏ بكل تأكيد يليق باليونادابي ان يكرِّس نفسه لفعل مشيئة اللّٰه.‏ فلا احد يحصل على الحياة على الاطلاق من دون فعل ذلك.‏ والتغطيس في الماء هو مجرد رمز لصنع تكريس [او،‏ كما نقول الآن،‏ انتذار] لفعل مشيئة اللّٰه،‏ ولن يكون ذلك مخالفا للترتيب.‏» فكان اليونادابيون مسرورين!‏

      لكنَّ فرحا اعظم ايضا كان قريبا بالنسبة اليهم.‏ ففي الربيع التالي حملت عدة اعداد من برج المراقبة‏،‏ ابتداء من عدد ١ نيسان ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏،‏ هذا الاعلان:‏ «مرة ثانية تذكِّر برج المراقبة قرَّاءها بأن محفلا لشهود يهوه واليونادابيينg سيُعقد في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ ابتداء من ٣٠ ايار حتى ٣ حزيران ١٩٣٥.‏» فانتظر اليونادابيون المحفل بتوق.‏

      و ‹الجمع الكثير،‏› المنبأ به مسبقا في الرؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏،‏ كان موضوع خطاب قدَّمه الاخ رذرفورد في فترة بعد الظهر من اليوم الثاني من المحفل.‏ وفي تلك المحاضرة اوضح ان الجمع الكثير مؤلف من اليونادابيين العصريين وأن هؤلاء اليونادابيين يجب ان يظهروا المقدار عينه من الامانة ليهوه كالممسوحين.‏ كان الحضور مثارا!‏ وتجاوبا مع طلب الخطيب،‏ وقف اليونادابيون.‏ «كان هنالك في البداية سكون،‏» تذكَّرت مِلْدْرَد كَب،‏ التي اعتمدت في صيف ١٩٠٨،‏ «ثم صرخة ابتهاج،‏ وكان الهتاف عاليا وطويلا.‏»‏

      ان ومضة فهم الكتاب المقدس هذه كان لها تأثير عميق على نشاط شهود يهوه.‏ «بحماس متأجج،‏» لاحظت سادي كارپنتَر،‏ كارزة كامل الوقت لاكثر من ٦٠ سنة،‏ «رجعنا الى مقاطعاتنا للبحث عن هؤلاء الناس المشبهين بالخراف الذين كانوا سيُجمعون بعدُ.‏» ولاحقا ذكر Yearbook of Jehovah’s Witnesses (‏الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٣٦‏)‏:‏ «اثار هذا الاعلان الاخوة وحرَّضهم على تجديد نشاطاتهم،‏ وفي كل مكان حول الارض ترد التقارير مظهرة الفرح بواقع ان البقية الآن لديها امتياز حمل الرسالة الى الجمع الكثير،‏ وهؤلاء يعملون معا لاكرام اسم الرب.‏» ولمساعدتهم في هذا العمل،‏ احتوى كتاب Riches (‏الغنى‏)‏‏،‏ الصادر في السنة ١٩٣٦،‏ على مناقشة شاملة للآمال المقدَّمة في الاسفار المقدسة للجمع الكثير.‏

      وأخيرا،‏ صار الاعضاء المنتذرون المعتمدون من الجمع الكثير يجدون مكانهم اللائق الى جانب الممسوحين في اعلان ملكوت اللّٰه!‏

      ‏«جعل لون السيدة العجوز يصفرّ»‏

      في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ شملت الرسالة التي نادى بها هؤلاء الشهود الغيورون تشهيرا لاسعا للدين الباطل.‏ والاداة المساعِدة في هذا المجال جرى اصدارها في المحفل العام لشهود يهوه،‏ في ١٥-‏٢٠ ايلول ١٩٣٧،‏ في كولومبس،‏ اوهايو.‏

      فيوم السبت في ١٨ ايلول،‏ عقب محاضرته الصباحية،‏ اصدر الاخ رذرفورد كتاب Enemies (‏الاعداء‏)‏ ذا اللون الاسمر الضارب الى الصفرة.‏ وهذا الكتاب شهَّر الدين الباطل بصفته «عدوا كبيرا،‏ يسبِّب الاذى دائما للجنس البشري.‏» والدينيون الزائفون جرى تحديد هويتهم بصفتهم «عملاء ابليس،‏ سواء كانوا مدركين لهذا الواقع او لا.‏» وعند عرض الكتاب على الحضور،‏ قال الاخ رذرفورد:‏ «تلاحظون ان غلافه اسمر ضارب الى الصفرة،‏ وبه سنجعل لون السيدة العجوزh يصفرّ.‏» وعلى هذا الامر وافق الحضور بصوت عالٍ وحماس.‏

      ولعدة سنوات كان الفونوڠراف قد لعب دورا في «جعل لون السيدة العجوز يصفرّ.‏» ولكن في ما يتعلق بعمل الفونوڠراف،‏ كانت هنالك مفاجأة في محفل السنة ١٩٣٧.‏ «في هذا المحفل جرى تقديم عمل استخدام الفونوڠراف القابل للحمل على عتبة الباب،‏» يتذكَّر إلوود لَنسْتْرَم،‏ الذي كان آنذاك بعمر ١٢ سنة فقط.‏ «سابقا كنا نحمل الفونوڠراف معنا في الخدمة،‏ ولكن كنا ندوِّره فقط عندما نُدعى الى الداخل.‏ .‏ .‏ .‏ فجرى ايجاز تنظيم في محفل كولومبس ليأخذ ‹الفاتحون الخصوصيون› القيادة في استخدام مشروع الفونوڠراف على عتبة الباب وفي عمل ملاحقة الاشخاص المهتمين (‏اولا ثم دُعي ‹الزيارات المكررة›)‏ ودروس الكتاب المقدس بترتيب دُعي ‹الدرس النموذجي.‏›»‏

      غادر شعب يهوه ذلك المحفل مجهَّزين جيدا لعمل المناداة بملكوت اللّٰه.‏ لقد احتاجوا بالتأكيد الى كل التشجيع الذي امكنهم نيله.‏ فارتفاع مدّ القومية في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ جلب المقاومة،‏ وفي بعض الحالات عنف الرعاع،‏ من افراد كانوا مصمِّمين ان يوقفوا شهود يهوه عن الاجتماع معا وعن الكرازة.‏

      ‏«مجموعة من السارقين»‏

      اتت مقاومة شديدة من بعض فرق «العمل الكاثوليكي.‏» وفي ٢ تشرين الاول ١٩٣٨ كان الاخ رذرفورد صريحا في تقديم المحاضرة «الفاشية ام الحرية،‏» التي ظهرت لاحقا في شكل كراس (‏Fascism or Freedom‏)‏ ووُزعت بالملايين.‏ والاخ رذرفورد في هذا الخطاب فصَّل عددا من حوادث الاعمال المخالفة للقانون ليظهر التواطؤ بين بعض الرسميين الحكوميين وممثلي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏

      وبعد عرض الوقائع،‏ لاحظ رذرفورد:‏ «عندما يُخبَر الناس بالوقائع عن فريق يعمل تحت قناع ديني ليسرق حقوقهم،‏ يصرخ الاساقفة ويقولون:‏ ‹اكاذيب!‏ ضعوا شكيمة في افواه هؤلاء ولا تسمحوا لهم بالتكلم.‏›» ثم سأل:‏ «هل هو خطأ نشر الحق عن مجموعة من السارقين الذين يسلبون الناس؟‏ لا!‏ .‏ .‏ .‏ هل يجب وضع شكيمة في افواه الرجال المخلصين واجبارهم على البقاء صامتين في حين تدمِّر هذه المجموعة من السارقين حريات الناس؟‏ وفوق كل شيء،‏ هل يجب ان تُنكَر على الناس امتيازاتهم المعطاة من اللّٰه للاجتماع السلمي وحرية عبادة الاله الكلي القدرة،‏ وحرية الكلام عن ملكوته واولئك الذين يقاومونه؟‏»‏

      بعد هذا التوبيخ اللاسع،‏ استمرت المقاومة من فرق «العمل الكاثوليكي» في كل الولايات المتحدة.‏ وشنَّ شهود يهوه معارك قانونية من اجل حرية العبادة وحقوقهم في اعلان ملكوت اللّٰه.‏ لكنَّ الوضع ازداد سوءا اذ مضى العالم الى الحرب.‏ والقيود القانونية والسجن فُرضت ايضا على شهود يهوه في بلد بعد بلد في اوروپا،‏ افريقيا،‏ وآسيا.‏

      ‏«اراد كل شخص ان يذهب الى سانت لويس»‏

      ‏«في السنة ١٩٤١،‏» يتذكر نورمَن لارسن،‏ الذي كان قد دخل مؤخرا الخدمة كامل الوقت،‏ «شعرنا جميعا بأن اياما صعبة تكمن امامنا باحتدام الحرب الآن في اوروپا.‏ لذلك اراد كل شخص ان يذهب الى سانت لويس.‏» ولماذا؟‏ لاجل المحفل الثيوقراطي لشهود يهوه في سانت لويس،‏ ميسوري،‏ في ٦-‏١٠ آب ١٩٤١!‏ وأتى «كل شخص.‏» وتسهيلات المحفل امتلأت حتى فاضت.‏ وبحسب تقدير الشرطة،‏ فان ذروة من ٠٠٠‏,١١٥ شخص حضروا.‏

      ومن اليوم الاول،‏ زوَّد برنامج المحفل تشجيعا في حينه.‏ فمحاضرة الاخ رذرفورد الافتتاحية،‏ «الاستقامة،‏» اعلنت الفكرة الاساسية للمحفل.‏ «ادركنا بوضوح اكثر من ايّ وقت مضى لماذا كان يهوه يسمح بمثل هذا الاضطهاد الشديد لشعبه حول العالم،‏» تذكَّرت هايزل بَرْفورد،‏ التي خدمت كمرسلة لنحو ٤٠ سنة،‏ حتى موتها في السنة ١٩٨٣.‏ وفي تقريره عن المحفل،‏ اضاف الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٤٢:‏ «تمكَّن الجميع من ان يروا بوضوح ان عمل شهادة عظيما يكمن امامهم للقيام به،‏ وأنه بفعلهم ذلك يحافظون على استقامتهم،‏ على الرغم من بغض جميع الناس والهيئات العالمية لهم.‏»‏

      والمشهد المؤثِّر في المحفل كان يوم الاحد في ١٠ آب،‏ الذي كان «يوم الاولاد.‏» فعندما بدأت الفترة الصباحية،‏ كان ٠٠٠‏,١٥ ولد —‏ بين الـ‍ ٥ والـ‍ ١٨ من العمر —‏ مجتمعين في المدرَّج الرئيسي مباشرة امام المنصة وفي مكان مخصَّص على نحو مماثل في مدينة عربات مقطورة حيث كان جمع فائض يصغي.‏ واذ خطا الى المنصة الاخ رذرفورد،‏ الذي كان آنذاك في اوائل سبعيناته،‏ ابتهج الاولاد وصفَّقوا.‏ فلوَّح بمنديله،‏ ثم لوَّح له الاولاد.‏ وبعدئذ،‏ بصوت واضح ولطيف،‏ خاطب كامل الحضور حول المحور «اولاد الملك.‏» وبعد التكلم لأكثر من ساعة الى الحضور عموما،‏ وجَّه ملاحظاته الى الاولاد الجالسين في الاقسام المخصَّصة لهم.‏

      ‏«جميعكم .‏ .‏ .‏ ايها الاولاد،‏» قال،‏ مركِّزا انتباهه على الاوجه المبتسمة الصغيرة امامه،‏ «الذين وافقتم على فعل مشيئة اللّٰه واتخذتم موقفكم الى جانب حكومته الثيوقراطية برئاسة المسيح يسوع والذين وافقتم على اطاعة اللّٰه ومَلكه،‏ من فضلكم قفوا.‏» فوقف الاولاد كجسد واحد.‏ «انظروا،‏» هتف الخطيب المتحمِّس،‏ «اكثر من ٠٠٠‏,١٥ شاهد جديد للملكوت!‏» فكان هنالك انفجار من التصفيق.‏ «جميعكم انتم الذين تريدون ان تفعلوا ما في وسعكم لتخبروا الآخرين عن ملكوت اللّٰه وبركاته المرافقة،‏ من فضلكم قولوا نعم.‏» فعلت صرخة مدوّية،‏ «نعم!‏»‏

      ولبلوغ ذروة خطابه،‏ اعلن الاخ رذرفورد اصدار الكتاب الجديد Children (‏الاولاد‏)‏‏،‏ الذي لقي صرخات فرح وتصفيقا هائلا.‏ وبعد ذلك شارك الخطيب،‏ رجل طويل،‏ في توزيع نسخ مجانية من الكتاب اذ صعد الى المنصة صف طويل من الاولاد ومشوا عابرين امامه.‏ وكثيرون بكوا عند رؤية المشهد.‏

      وكان في الحضور صباح يوم الاحد هذا اولاد كثيرون عاشوا حياتهم وفقا لصرختهم «نعم!‏» لاڤون كْريبز،‏ مَرتون كامپبِل،‏ ويوجين وكاميلا روزام كانوا بين الاحداث الذين تسلَّموا كتاب الاولاد في تلك المناسبة.‏ وهم لا يزالون يخدمون في المركز الرئيسي للجمعية في السنة ١٩٩٢،‏ وقد قضوا ٥١،‏ ٤٩،‏ ٤٩،‏ و ٤٨ سنة على التوالي في الخدمة كامل الوقت.‏ وبعض الاولاد مضوا للخدمة في تعيينات ارسالية اجنبية،‏ بمن فيهم إلدَن دين (‏بوليڤيا)‏،‏ ريتشارد وپيڠي كِلْسي (‏المانيا)‏،‏ رايمون تمْپلتن (‏المانيا)‏،‏ وجيني كلوكاوسكي (‏البرازيل)‏.‏ حقا،‏ احدث برنامج صباح يوم الاحد هذا اثرا دائما في قلوب احداث كثيرين!‏

      وبعد ظهر يوم الاحد كانت لدى الاخ رذرفورد بعض الكلمات الوداعية للمحتفلين.‏ فشجعهم ان يمضوا قُدُما في عمل المناداة بملكوت اللّٰه.‏ «اشعر بيقين تام،‏» قال لهم،‏ «بأنه من الآن فصاعدا .‏ .‏ .‏ سينمو اولئك الذين يشكِّلون الجمع الكثير بسرعة فائقة.‏» وحثَّهم ان يعودوا الى أنحائهم الخاصة من الارض وأن ‹يزيدوا القوة الدافعة اكثر .‏ .‏ .‏ ويصرفوا كل ما يمكنهم من الوقت.‏› ثم جاءت كلماته الاخيرة الى الحضور:‏ «حسنا،‏ يا اخوتي الاعزاء،‏ فليبارككم الرب.‏ والآن لن اقول وداعا،‏ لأنني اتوقع ان اراكم في وقت ما ثانية.‏»‏

      ولكن بالنسبة الى كثيرين كانت هذه المرة الاخيرة التي يرون فيها الاخ رذرفورد.‏

      الايام الختامية لِـ‍ ج.‏ ف.‏ رذرفورد

      طوَّر الاخ رذرفورد سرطان القولون وكان في صحة رديئة في محفل سانت لويس.‏ ومع ذلك نجح في اعطاء خمس محاضرات قوية.‏ ولكن بعد المحفل صارت حالته اسوأ،‏ واضطر الى الخضوع لعملية فغر القولون.‏ يتذكَّر ارثر وورزلي اليوم الذي قال فيه الاخ رذرفورد وداعا لعائلة البتل.‏ «اعلمنا بأنه سيخضع لعملية خطيرة وأنه،‏ سواء بقي حيا بعدها او لا،‏ متأكد اننا سنستمر في المناداة باسم يهوه.‏ وقد .‏ .‏ .‏ اختتم بالقول،‏ ‹لذلك،‏ إن شاء اللّٰه،‏ سأراكم ثانية.‏ وإلا فاستمروا في الجهاد.‏› فبكى الجميع في العائلة.‏»‏

      بقي الاخ رذرفورد،‏ البالغ من العمر ٧٢ سنة،‏ حيا بعد العملية الجراحية.‏ وبعد ذلك بوقت قصير نُقل الى مسكن في كاليفورنيا كان قد سمَّاه بيث-‏ساريم.‏ وكان واضحا لاحبائه،‏ وللخبراء الطبيين،‏ انه لن يشفى.‏ وفي الواقع،‏ تطلَّب عملية جراحية اضافية.‏

      ونحو منتصف كانون الاول،‏ وصل ناثان ه‍.‏ نور،‏ فردريك و.‏ فرانز،‏ وهايدن ك.‏ كوڤنڠتَن من بروكلين.‏ وتذكَّرت لاحقا هايزل بَرْفورد،‏ التي اعتنت بالاخ رذرفورد خلال تلك الايام الحزينة والصعبة:‏ «قضوا عدة ايام معه يدرسون التقرير السنوي من اجل الكتاب السنوي ومسائل تنظيمية اخرى.‏ وبعد رحيلهم استمر الاخ رذرفورد يضعف،‏ وبعد نحو ثلاثة اسابيع،‏ يوم الخميس في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ انهى بأمانة مسلكه الارضي.‏»‏i

      وكيف جرى تلقِّي نبإ موت الاخ رذرفورد في البتل؟‏ «لن انسى ابدا اليوم الذي علمنا فيه برحيل الاخ رذرفورد،‏» تذكَّر وليم أ.‏ إلْرود،‏ الذي كان عضوا في عائلة البتل طوال تسع سنوات.‏ «كان ذلك وقت الظهر حين اجتمعت العائلة للغداء.‏ كان الاعلان وجيزا.‏ ولم تكن هنالك خطابات.‏ ولا احد عطَّل عن العمل حدادا عليه.‏ وانما عدنا الى المصنع وعملنا بجدّ اكثر من ايّ وقت مضى.‏»‏

      تلك كانت اوقاتا عصيبة للغاية بالنسبة الى شهود يهوه.‏ فالحرب كانت قد صارت صراعا عالميا.‏ وامتد القتال من اوروپا الى افريقيا،‏ ثم الى ما كان معروفا بالاتحاد السوڤياتي.‏ وفي ٧ كانون الاول ١٩٤١،‏ قبل شهر فقط من موت الاخ رذرفورد،‏ جرَّ هجوم اليابان على پيرل هاربر الولايات المتحدة الى الحرب.‏ وفي اماكن كثيرة كان الشهود اهدافا لعنف الرعاع وأشكال اخرى من الاضطهاد الشديد.‏

      فماذا كان سيحدث الآن؟‏

      ‏[الحواشي]‏

      a مؤسسة في نيويورك تشكَّلت في السنة ١٩٠٩ في ما يتعلق بنقل الجمعية مكاتبها الرئيسية الى بروكلين،‏ نيويورك.‏

      b انظروا الفصل ٢٨،‏ «امتحان وغربلة من الداخل.‏»‏

      c بحسب التفسير الوارد في السر المنتهي،‏ فإن المرأة في الرؤيا الاصحاح ١٢ كانت «الكنيسة الباكرة،‏» والتنين كان «الامبراطورية الرومانية الوثنية،‏» والابن الذكر كان «البابوية.‏»‏

      d انظروا الفصل ١٤،‏ «ليسوا جزءا من العالم.‏»‏

      e انظروا الفصل ٣٠،‏ «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.‏»‏

      f Vindication (‏التبرئة‏)‏‏،‏ المجلد الثالث،‏ الصفحة ٧٧.‏ انظروا ايضا الفصل ١٢،‏ «الجمع الكثير —‏ ليحيوا في السماء؟‏ ام على الارض؟‏»‏

      g في ذلك الوقت لم يكن اليونادابيون معتبَرين «شهودا ليهوه.‏» (‏انظروا برج المراقبة،‏ ١٥ آب ١٩٣٤،‏ الصفحة ٢٤٩،‏ بالانكليزية.‏)‏ ولكن بعد سنوات قليلة ذكرت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان هؤلاء ‹الخراف الاخر› [اليونادابيين] يصيرون شهودا له،‏ تماما كما ان الرجال الامناء قبل موت المسيح،‏ من يوحنا المعمدان رجوعا الى هابيل،‏ كانوا شهودا ليهوه لا يتوقفون ابدا.‏»‏

      h ان الاشارة الى «الزانية العظيمة» مذكورة في الرؤيا الاصحاح ١٧‏.‏ ذكر كتاب الاعداء:‏ «كل الهيئات على الارض التي تقاوم اللّٰه وملكوته .‏ .‏ .‏ تحمل اسم ‹بابل› و ‹الزانية›،‏ وينطبق هذان الاسمان بشكل خصوصي على الهيئة الدينية الرئيسية،‏ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏» (‏الصفحة ١٩٨)‏ وبعد سنوات فُهم ان الزانية تمثِّل في الواقع الامبراطورية العالمية لكل الدين الباطل.‏

      i ترك الاخ رذرفورد وراءه زوجته،‏ ماري،‏ وابنهما،‏ مالكولم.‏ ولأن صحة الاخت رذرفورد كانت رديئة ووجدت الشتاء في نيويورك (‏حيث يقع المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة)‏ صعب الاحتمال،‏ سكنت هي ومالكولم في كاليفورنيا الجنوبية،‏ حيث كان الطقس افضل لصحتها.‏ وماتت الاخت رذرفورد في ١٧ كانون الاول ١٩٦٢،‏ بعمر ٩٣ سنة.‏ وخبر موتها الظاهر في دايلي نيوز-‏پوست،‏ مونروڤيا،‏ كاليفورنيا،‏ ذكر:‏ «الى ان حبستها الصحة الرديئة في بيتها،‏ قامت بدور فعَّال في عمل الخدمة لشهود يهوه.‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٣]‏

      ‏«اسلحة الشيطان الرئيسية هي الكبرياء،‏ الطموح و الخوف»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٤]‏

      ‏«التأكيد ان يهوه يدير الجمعية»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٥]‏

      ‏‹خرجوا من السجن ليس من اجل انفسهم بقدر ما هو من اجل قصد الشهادة للحق›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٧]‏

      ‏‹ان مهمة المسيحي على الارض .‏ .‏ .‏ هي المناداة برسالة ملكوت الرب›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٨]‏

      ‏‹أَعلنوا الملكوت بغيرة ومحبة اكثر من ايّ وقت مضى›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٢]‏

      ‏‹نرغب في ان نُعرَف بصفتنا .‏ .‏ .‏ شهود يهوه.‏›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٣]‏

      نعم!‏ اليونادابيون يجب ان يعتمدوا

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٤]‏

      ‏‹البحث عن الناس المشبهين بالخراف الذين سيُجمعون بعدُ›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٥]‏

      رذرفورد كان صريحا في توبيخ المقاومين الدينيين

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٧]‏

      ٠٠٠‏,١٥ ولد يتخذون موقفهم الى جانب الملكوت

      ‏[النبذة في الصفحة ٨٨]‏

      ‏«إن شاء اللّٰه،‏ سأراكم ثانية.‏ وإلا فاستمروا في الجهاد»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧٦]‏

      ‏«بيت الامراء»‏

      كان الاخ رذرفورد يعاني حالة شديدة لذات الرئة بعد اطلاق سراحه من السجن غير العادل في السنة ١٩١٩.‏ وبعد ذلك،‏ كانت له رئة واحدة فقط سليمة.‏ وفي عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ تحت اشراف طبيب،‏ ذهب الى سان دياڠو،‏ كاليفورنيا،‏ وحثَّه الطبيب على قضاء ما امكن من الوقت هناك.‏ ومن السنة ١٩٢٩ فصاعدا،‏ كان الاخ رذرفورد يقضي فصول الشتاء وهو يعمل في مسكن في سان دياڠو كان قد سمَّاه بيث-‏ساريم.‏ وقد بُني بيث-‏ساريم بأموال كانت تبرعا مباشرا لهذا القصد.‏ والصك،‏ الذي نُشر كاملا في «العصر الذهبي» عدد ١٩ آذار ١٩٣٠ (‏بالانكليزية)‏،‏ نقل هذه الملكية الى ج.‏ ف.‏ رذرفورد وبعد ذلك الى جمعية برج المراقبة.‏

      وفي ما يتعلق ببيث-‏ساريم،‏ يوضح كتاب ”Salvation“ (‏«الخلاص»)‏،‏ الصادر في السنة ١٩٣٩:‏ «ان الكلمتين العبرانيتين ‹بيث ساريم› تعنيان ‹بيت الامراء›؛‏ وكان القصد من امتلاك هذا العقار وبناء البيت وجود برهان ملموس على ان هنالك على الارض اليوم افرادا يؤمنون كاملا باللّٰه والمسيح يسوع وملكوته،‏ ويؤمنون بأن الرجال القدماء الامناء سيقيمهم الرب قريبا،‏ يعيدهم الى الارض،‏ ويتولَّون مسؤولية الشؤون المنظورة للارض.‏»‏

      وبعد سنوات قليلة من موت الاخ رذرفورد،‏ قرَّرت هيئة مديري جمعية برج المراقبة بيع بيث-‏ساريم.‏ ولماذا؟‏ اوضحت «برج المراقبة» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٤٧ (‏بالانكليزية)‏:‏ «لقد خدم قصده كاملا ولا يخدم الآن إلا كتذكار غالٍ جدا للاحتفاظ به؛‏ وايماننا بعودة رجال الازمنة القديمة الذين سيجعلهم الملك المسيح يسوع امراء في كل الارض (‏وليس في كاليفورنيا فقط)‏ مؤسس،‏ ليس على بيت بيث-‏ساريم،‏ بل على كلمة وعد اللّٰه.‏»‏j

      ‏[الحاشية]‏

      j في ذلك الوقت،‏ اعتُقد ان رجال الازمنة القديمة الامناء،‏ مثل إبرهيم،‏ يوسف،‏ وداود سيُقامون قبل نهاية نظام الاشياء هذا وسيخدمون بصفتهم «امراء في كل الارض،‏» اتماما للمزمور ،‏ ع‌ج.‏ وجرى تعديل هذه الفكرة في السنة ١٩٥٠،‏ عندما بيَّن الدرس الاضافي للاسفار المقدسة ان اولئك الآباء الاولين الارضيين ليسوع المسيح سيُقامون بعد هرمجدون.‏ —‏ انظروا «برج المراقبة،‏» عدد ١ تشرين الثاني ١٩٥٠،‏ الصفحات ٤١٤-‏٤١٧،‏ بالانكليزية.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٨٠ و ٨١]‏

      بث رسالة الملكوت

      في خلال سنتين بعد ان بدأت الاذاعة التجارية بثها النظامي،‏ صار الراديو يُستعمل لنقل رسالة الملكوت.‏ وهكذا،‏ في ٢٦ شباط ١٩٢٢،‏ قدَّم الاخ رذرفورد برنامجه الاذاعي الاول للراديو،‏ في كاليفورنيا.‏ وبعد سنتين،‏ في ٢٤ شباط ١٩٢٤،‏ بدأت محطة جمعية برج المراقبة الاذاعية الخاصة WBBR،‏ في جزيرة ستاتن،‏ نيويورك،‏ بالبث.‏ وأخيرا،‏ نظَّمت الجمعية شبكة عالمية لتبث برامج ومحاضرات من الكتاب المقدس.‏ وبحلول السنة ١٩٣٣ كانت ذروة من ٤٠٨ محطات ارسال تنقل رسالة الملكوت الى ست قارات!‏

      ‏[الصور]‏

      ادارت جمعية برج المراقبة الـ‍ WBBR‏،‏ في نيويورك،‏ من السنة ١٩٢٤ الى السنة ١٩٥٧

      فرقة الـ‍ WBBR الموسيقية في السنة ١٩٢٦

      ج.‏ ف.‏ رذرفورد يقدِّم المحاضرة «واجهوا الوقائع،‏» في رويال ألبرت هول،‏ في لندن،‏ انكلترا،‏ في ١١ ايلول ١٩٣٨؛‏ اكثر من ٠٠٠‏,١٠ ازدحموا في قاعة الاستماع (‏الاسفل)‏،‏ في حين ان ملايين اكثر استمعوا اليها بواسطة الراديو

      برنامج افتتاح الـ‍ WBBR

      المستخدَمون في محطة 2HD‏،‏ نيوكاسل،‏ نيوسَوْث ويلز،‏ اوستراليا

      المحطة الاذاعية CHCY في ادمونتون،‏ ألبرتا،‏ كانت واحدة من محطات عديدة امتلكتها وأدارتها الجمعية في كندا

      البث الى فنلندا بواسطة محطة اذاعية في استونيا

      معدات البث في محطة WORD‏،‏ قرب شيكاڠو،‏ ايلينُوي؛‏ امتلكتها وأدارتها الجمعية

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٨٦]‏

      الكرازة بواسطة الفونوڠراف

      في السنة ١٩٣٣،‏ ابتدأ شهود يهوه يستخدمون طريقة جديدة اخرى للكرازة.‏ فجرى استخدام آلة اسطوانات قابلة للنقل مع مضخِّم ومكبِّر للصوت لبث اسطوانات محاضرات الاخ رذرفورد الاذاعية التي تدور بسرعة ٣/‏٣٣ ١ دورة في الدقيقة،‏ في القاعات،‏ المتنزهات،‏ والاماكن العامة الاخرى.‏ واستُعملت ايضا سيارات وقوارب مجهَّزة بمكبِّرات صوت لاعلان رسالة الملكوت.‏

      ان الاستعمال الفعَّال لآلات الاسطوانات ادَّى الى ابتكار آخر ايضا —‏ الكرازة من بيت الى بيت بواسطة فونوڠراف خفيف الوزن.‏ ففي السنة ١٩٣٤ ابتدأت الجمعية تنتج فونوڠرافات قابلة للحمل وسلسلة من الاسطوانات التي تدور بسرعة ٧٨ دورة في الدقيقة تحتوي على محاضرات من الكتاب المقدس مدتها ٢/‏٤ ١ دقائق.‏ وأخيرا،‏ صارت الاسطوانات تغطي ٩٢ موضوعا مختلفا قيد الاستعمال.‏ وفي المجموع،‏ انتجت الجمعية اكثر من ٠٠٠‏,٤٧ فونوڠراف لاعلان رسالة الملكوت.‏ ولكن،‏ في حينه،‏ صار التشديد اعظم على العروض الشفهية لرسالة الملكوت،‏ فتوقف تدريجيا عمل الفونوڠراف.‏

      ‏[الصور]‏

      بسيارة مجهَّزة بمكبِّر صوت على رأس تلة،‏ كان يمكن سماع رسالة الملكوت على بعد اميال (‏الاعلى)‏

      استعمال آلة الاسطوانات في المكسيك (‏اليمين)‏

      قارب مجهَّز بمكبِّر صوت يذيع في نهر التَّيمز،‏ في لندن،‏ انكلترا (‏الاعلى)‏

      استعمال الفونوڠراف في خدمة الحقل (‏اليسار)‏

      تمثيل كيفية استعمال فونوڠراف عمودي الطراز،‏ في السنة ١٩٤٠ (‏اليمين)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧٩]‏

      ج.‏ أ.‏ بونِت

      ‏[الصورة في الصفحة ٨٩]‏

      من السنة ١٩١٧،‏ عندما صار ج.‏ ف.‏ رذرفورد رئيسا،‏ الى السنة ١٩٤١،‏ انتجت جمعية برج المراقبة فيضا من المطبوعات،‏ بما فيها ٢٤ كتابا،‏ ٨٦ كراسا،‏ و«كتبا سنوية،‏» بالاضافة الى مقالات لـ‍ «برج المراقبة» و «العصر الذهبي» (‏التي دُعيت لاحقا «التعزية»)‏

  • اعلان البشارة بلا تراخٍ (‏١٩٤٢-‏١٩٧٥)‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٨

      اعلان البشارة بلا تراخٍ (‏١٩٤٢-‏١٩٧٥)‏

      ‏«الى جميع محبي الثيوقراطية:‏

      في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ انهى بأمانة اخونا الحبيب ج.‏ ف.‏ رذرفورد مسلكه الارضي .‏ .‏ .‏ وبالنسبة اليه كان فرحا وتعزية ان يرى ويعرف ان جميع شهود الرب لا يتبعون ايّ انسان بل الملك المسيح يسوع قائدا لهم،‏ وأنهم سيتقدمون في العمل بوحدة عمل تامة.‏» —‏ رسالة تعلن موت الاخ رذرفورد.‏a

      ان نبأ موت الاخ رذرفورد اتى كصدمة وقتية لشهود يهوه حول العالم.‏ لقد عرف كثيرون انه كان مريضا،‏ لكنهم لم يتوقعوا ان يموت بهذه السرعة.‏ فأحزنهم فقدان اخيهم العزيز لكنهم كانوا مصممين على ‹التقدم في العمل› —‏ عمل المناداة بملكوت اللّٰه.‏ وهم لم يعتبروا ج.‏ ف.‏ رذرفورد قائدا لهم.‏ علَّق تشارلز إ.‏ ڤاڠنر،‏ الذي عمل في مكتب الاخ رذرفورد:‏ «طوَّر الاخوة في كل مكان اقتناعا قويا بأن عمل يهوه لا يعتمد على ايّ انسان.‏» ومع ذلك كانت هنالك حاجة الى ان يتحمل شخص ما المسؤوليات التي كانت على عاتق الاخ رذرفورد كرئيس لجمعية برج المراقبة.‏

      ‏«مصممون على البقاء ملتصقين بالرب»‏

      كانت رغبة الاخ رذرفورد القلبية ان يعلن شهود يهوه البشارة بلا تراخٍ.‏ ولذلك في منتصف كانون الاول ١٩٤١،‏ قبل موته بعدة اسابيع،‏ جمع اربعة مديرين للمؤسستين الشرعيتين الرئيسيتين المستخدمتين من قبل شهود يهوه واقترح ان يُستدعى،‏ بعد موته بأسرع ما يمكن،‏ جميع اعضاء المجلسَيْن الى جلسة مشتركة وانتخاب رئيس ونائب رئيس.‏

      وبعد ظهر ١٣ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ بعد خمسة ايام فقط من موت رذرفورد،‏ اجتمع معا جميع اعضاء مجلسَي المؤسستين في بتل بروكلين.‏ وقبل عدة ايام كان نائب رئيس الجمعية،‏ ناثان ه‍.‏ نور البالغ من العمر ٣٦ سنة،‏ قد اقترح ان يلتمسوا جديا الحكمة الالهية بالصلاة والتأمل.‏ وأدرك اعضاء المجلسَيْن انه فيما سيدير الاخ المنتخب رئيسا الشؤون القانونية لجمعية برج المراقبة،‏ سيخدم ايضا كناظر رئيسي للهيئة.‏ فمَن كانت لديه المؤهلات الروحية اللازمة لهذه المسؤولية الجسيمة في الاعتناء بعمل يهوه؟‏ افتُتح الاجتماع المشترَك بصلاة،‏ وبعد التأمل الدقيق انتُخب الاخ نور بالاجماع رئيسا للمؤسستين وهايدن ك.‏ كوڤنڠتَن البالغ من العمر ٣٠ سنة،‏ محامي الجمعية،‏ نائب رئيس.‏b

      وفي وقت لاحق من ذلك اليوم،‏ اعلن و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ امين سر وصندوق الجمعية،‏ لعائلة البتل نتائج الانتخاب.‏ تذكَّر ر.‏ إ.‏ ابراهمسَن،‏ الذي كان حاضرا في تلك المناسبة،‏ ان ڤان آمبورڠ قال:‏ ‹يمكنني ان اتذكر الوقت الذي مات فيه ت.‏ ت.‏ رصل وحلّ محله ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ لقد استمر الرب يوجِّه ويُنجح عمله.‏ والآن،‏ اتوقع تماما ان يتقدم العمل مع ناثان ه‍.‏ نور كرئيس،‏ لأن هذا هو عمل الرب،‏ لا الانسان.‏›‏

      وكيف شعر اعضاء عائلة البتل في بروكلين حيال نتائج الانتخاب؟‏ تجيب رسالة مؤثِّرة منهم بتاريخ ١٤ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ اليوم الذي عقب الانتخاب:‏ «ان تغييره [رذرفورد] لن يجعلنا نتباطأ في انجاز المهمة التي عيَّنها لنا الرب.‏ فنحن مصممون على البقاء ملتصقين بالرب وواحدنا بالآخر،‏ مواصلين المعركة بثبات بلا تراخٍ،‏ محاربين كتفا الى كتف.‏ .‏ .‏ .‏ ومعاشرتنا الحميمة للاخ نور لنحو عشرين سنة .‏ .‏ .‏ تمكِّننا من تقدير توجيه الرب في اختيار الاخ نور رئيسا وبالتالي عناية الرب وسهره الحبيين على شعبه.‏» وسرعان ما انهالت رسائل وبرقيات الدعم على المركز الرئيسي من حول العالم.‏

      لم يكن هنالك ايّ شعور بالحيرة بشأن ما يجب فعله.‏ فقد أُعدَّت مقالة خصوصية لعدد ١ شباط ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة،‏ العدد نفسه الذي اعلن موت ج.‏ ف.‏ رذرفورد.‏ «ان التجميع النهائي من قبل الرب جارٍ،‏» اعلنت.‏ «فلا ندع شيئا يعيق لحظة واحدة تقدُّم شعب عهده في خدمته.‏ .‏ .‏ .‏ والآن فإن التمسك باستقامتنا امام اللّٰه القادر على كل شيء هو الامر الكلي الاهمية.‏‏» وجرى حث شهود يهوه على الاستمرار في اعلان البشارة بغيرة.‏

      ولكنَّ ‹التمسك باستقامتهم› كان تحديا حقيقيا في اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فالعالم كان لا يزال في حالة حرب.‏ وقيود زمن الحرب في انحاء كثيرة من الارض صعَّبت الكرازة على شهود يهوه.‏ والاعتقالات وعمل الرعاع ضد الشهود استمرت دون فتور.‏ وكان هايدن كوڤنڠتَن،‏ بصفته مستشار الجمعية القانوني،‏ يوجِّه المعركة القانونية،‏ احيانا من مكتبه في المركز الرئيسي في بروكلين وأحيانا من القطارات فيما كان يسافر للاهتمام بالدعاوى القانونية.‏ واذ عمل مع محامين محليين،‏ مثل ڤيكتور شْميت،‏ ڠروڤر پاوِل،‏ وڤيكتور بلاكوِل،‏ جاهد الاخ كوڤنڠتَن لتثبيت الحقوق الدستورية لشهود يهوه في الكرازة من بيت الى بيت وتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس دون تقييد من الرسميين المحليين.‏c

      اعطاء اشارة «الانطلاق»‏

      على الرغم من تقنين الطعام والبنزين في زمن الحرب،‏ جرى الاعلان في وقت مبكر من آذار ١٩٤٢ عن خطط للمحفل الثيوقراطي للعالم الجديد،‏ الذي كان سيُعقد في ١٨-‏٢٠ ايلول.‏ ولتسهيل السفر،‏ جرى اختيار ٥٢ مدينة محفل في انحاء الولايات المتحدة،‏ رُبِط العديد منها بواسطة الهاتف بكليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ المدينة الرئيسية.‏ وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ اجتمع شهود يهوه في ٣٣ مدينة اخرى حول الارض.‏ فماذا كان الهدف من هذا المحفل؟‏

      ‏‹لسنا مجتمعين هنا للتأمل في الماضي او في ما انجزه الافراد،‏› قال العريف،‏ الاخ كوڤنْڠتَن،‏ في مستهل كلامه للفترة الافتتاحية.‏ ثم قدَّم الخطاب الاساسي،‏ «النور الوحيد،‏» المؤسس على اشعياء الاصحاحين ٥٩ و ٦٠‏،‏ الذي ألقاه الاخ فرانز.‏ واذ اشار الى امر يهوه النبوي المسجل بواسطة اشعياء،‏ اعلن الخطيب بحماس:‏ «ها هي،‏ اذًا،‏ اشارة ‹الانطلاق› من السلطة الاسمى لمواصلة [عمله] للشهادة مهما حدث قبل مجيء هرمجدون.‏» (‏اشعياء ٦:‏​١-‏١٢‏)‏ فلم يكن الوقت للتواني والاسترخاء.‏

      ‏«هنالك عمل اضافي للقيام به؛‏ عمل كثير!‏» اعلن ن.‏ ه‍.‏ نور في الخطاب التالي في البرنامج.‏ ولمساعدة سامعيه في تجاوبهم مع اشارة «الانطلاق،‏» اعلن الاخ نور اصدار طبعة لترجمة الملك جيمس للكتاب المقدس،‏ طُبعت على مطابع الجمعية الخاصة وتحتوي على فهرس كلمات مصمَّم خصوصا ليستعمله شهود يهوه في خدمتهم للحقل.‏ وهذا الاصدار عكس اهتمام الاخ نور الشديد بطبع وتوزيع الكتاب المقدس.‏ وفي الواقع،‏ بعد ان صار رئيسا للجمعية في وقت ابكر من تلك السنة،‏ سارع الاخ نور الى تأمين حقوق الطبع لهذه الترجمة والى تنسيق إعداد فهرس الكلمات والاوجه الاخرى.‏ وفي غضون اشهر صارت هذه الطبعة الخصوصية لِـ‍ ترجمة الملك جيمس جاهزة للصدور في المحفل.‏

      وفي اليوم الاخير من المحفل،‏ ألقى الاخ نور المحاضرة «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» وبيَّن فيها دليلا قويا من الرؤيا ١٧:‏٨ على ان الحرب العالمية الثانية،‏ التي كانت محتدمة آنذاك،‏ لم تكن لتؤدّي الى هرمجدون،‏ كما اعتقد البعض،‏ بل ان الحرب كانت ستنتهي وفترة من السلام ستبدأ.‏ فكان لا يزال هنالك عمل للقيام به في المناداة بملكوت اللّٰه.‏ وقيل للمحتفلين انه بغية المساعدة في الاعتناء بالنمو المرتقَب في الهيئة،‏ سترسل الجمعية ابتداء من الشهر التالي «خداما الى الاخوة» للعمل مع الجماعات.‏ وستجري زيارة كل جماعة كل ستة اشهر.‏

      ‏«ان المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد هذا وحَّد هيئة يهوه بشكل متين من اجل العمل الموضوع امامهم،‏» تقول ماري ڠيبَرد،‏ التي حضرت في دالاس،‏ تكساس،‏ مع والدَيها.‏ وكان هنالك عمل كثير للقيام به.‏ وشهود يهوه كانوا يتطلعون الى فترة السلام القادمة.‏ وكانوا مصممين على التقدم بثبات عبر المقاومة والاضطهاد،‏ معلنين البشارة بلا تراخٍ!‏

      حقبة من التعليم المتزايد

      كانوا في كرازتهم من بيت الى بيت يستعملون بطاقة الشهادة والفونوڠراف،‏ ولكن هل كان باستطاعة كل شاهد ليهوه ان يحسِّن مقدرته على ايضاح اسباب رجائه من الاسفار المقدسة؟‏ اعتقد ذلك الرئيس الثالث للجمعية،‏ ن.‏ ه‍.‏ نور.‏ وكما عبَّر عن ذلك ك.‏ جيمس وودورث،‏ الذي كان والده لسنين رئيس تحرير العصر الذهبي والتعزية:‏ «فيما كان التشديد في ايام الاخ رذرفورد على ان ‹الدين هو شرك وخدعة،‏› كانت حقبة من التوسع العالمي تبزغ الآن،‏ والتعليم —‏ المتعلق بالكتاب المقدس والتنظيم —‏ بدأ بمقدار لم يعرفه شعب يهوه من قبل.‏»‏

      تطورت حقبة التعليم فورا تقريبا.‏ ففي ٩ شباط ١٩٤٢،‏ بعد نحو شهر من انتخاب ن.‏ ه‍.‏ نور رئيسا للجمعية،‏ صدر اعلان بعيد المدى في بتل بروكلين.‏ فقد أُعدَّت الترتيبات في البتل من اجل «منهج متقدم في الخدمة الثيوقراطية» —‏ مدرسة تبرز البحث في الكتاب المقدس والخطابة العامة.‏

      وبحلول السنة التالية وُضع الاساس لمدرسة مماثلة تُدار في الجماعات المحلية لشهود يهوه.‏ وفي محفل «دعوة الى العمل،‏» الذي عُقد في كل انحاء الولايات المتحدة في ١٧ و ١٨ نيسان ١٩٤٣،‏ صدر كراس Theocratic Ministry Course in (‏منهج في الخدمة الثيوقراطية‏)‏.‏ وجرى حث كل جماعة على الابتداء بالمدرسة الجديدة،‏ وعيَّنت الجمعية اساتذة ليعملوا كعرفاء وليقدِّموا مشورة بنَّاءة حول خطابات التلاميذ التي يلقيها الذكور المسجلة اسماؤهم.‏ وبأسرع ما يمكن تُرجم المنهج ووُضع قيد العمل في البلدان الاخرى.‏

      ونتيجة لذلك،‏ ابتدأ خطباء اكفاء مدرَّبون في مدرسة الخدمة هذه يشتركون في حملة خطابة عامة عالمية للمناداة برسالة الملكوت.‏ وكثيرون من هؤلاء تمكَّنوا في ما بعد من الاستفادة من تدريبهم كخطباء محافل وفي الاعتناء بمسؤوليات تنظيمية ثقيلة.‏

      وكان بينهم أنجِلو ت.‏ مَنيرا،‏ الابن،‏ ناظر جائل لنحو ٤٠ سنة.‏ لقد كان بين اوائل المسجلة اسماؤهم في المدرسة في جماعته،‏ وعلَّق قائلا:‏ «ان اولئك الذين منا حضروا الاجتماعات وخرجوا في خدمة الحقل لسنين عديدة بدون هذا التدبير باتوا ينظرون اليه كخطوة كبيرة في تقدُّمنا الشخصي والتنظيمي.‏»‏

      وفي ما يتعلق بتدريبه في المدرسة التي دُشِّنت في بتل بروكلين في السنة ١٩٤٢،‏ ذكر لاحقا جورج ڠانڠَس،‏ ترجمان يوناني آنذاك:‏ «اذكر الوقت الذي أَلقيت فيه خطابي الاول لست دقائق.‏ لم اكن واثقا بنفسي،‏ فدوَّنته.‏ ولكن عندما نهضت لألقيه استحوذ عليَّ خوف الحضور فتأتأت وهمهمت،‏ ناسيا ما اردت قوله.‏ ثم لجأت الى القراءة من المخطوطة.‏ إلا ان يديَّ كانتا ترتجفان كثيرا حتى ان السطور صارت تقفز صعودا ونزولا!‏» ومع ذلك لم يستسلم.‏ وفي حينه،‏ صار يلقي خطابات امام عدد كبير من الحضور في المحافل ويخدم ايضا كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏

      مدرسة مؤسسة على الايمان

      في ٢٤ ايلول ١٩٤٢ اتُّخذت خطوة كبيرة اخرى الى الامام في حقبة التعليم المتزايد.‏ ففي اجتماع مشترَك لمجلسَي المديرين للمؤسستين الشرعيتين،‏ اقترح الاخ نور ان تؤسس الجمعية مدرسة اخرى،‏ مستخدمة مبنى شُيِّد في مزرعة الملكوت،‏ في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ على بعد ٢٥٥ ميلا (‏٤١٠ كلم)‏ شمالي غربي مدينة نيويورك.‏ وكان القصد من هذه المدرسة تدريب مرسلين من اجل الخدمة في بلدان اجنبية حيث الحاجة ماسة الى منادين بالملكوت.‏ فجرت الموافقة على الاقتراح بالاجماع.‏

      عُيِّن ألبرت د.‏ شرودر،‏ الذي كان آنذاك بعمر ٣١ سنة،‏ امين سجل وخدم كعريف للجنة لتنظيم المدرسة الجديدة.‏ «كم قفزت قلوبنا فرحا عند هذا التعيين الجديد المذهل!‏» يقول.‏ انشغل الاساتذة على الفور؛‏ فكانت لديهم اربعة اشهر فقط لتطوير المناهج،‏ إعداد المحاضرات،‏ وجمع مكتبة.‏ «ان منهج التعليم المسيحي المتقدِّم غطَّى ٢٠ اسبوعا،‏ وكان الكتاب المقدس الكتاب الدراسي الرئيسي،‏» يوضح الاخ شرودر،‏ الذي يخدم الآن كعضو في الهيئة الحاكمة.‏

      ويوم الاثنين في ١ شباط ١٩٤٣،‏ يوم شتاء بارد في الجزء الشمالي من ولاية نيويورك،‏ بدأ الصف الاول وفيه ١٠٠ تلميذ.‏ لقد كانت مدرسة مؤسسة حقا على الايمان.‏ ففي منتصف الحرب العالمية الثانية لم تكن هنالك سوى مناطق قليلة من العالم يمكن ارسال المرسلين اليها.‏ ومع ذلك بثقة تامة بأنه ستكون هنالك فترة سلام يمكن استخدامهم خلالها،‏ جرى تدريب مرسلين للمستقبل.‏

      اعادة التنظيم بعد الحرب

      في ايار ١٩٤٥ انتهت عداوات الحرب العالمية الثانية في اوروپا.‏ وبعد اربعة اشهر،‏ في ايلول،‏ توقف القتال في الپاسيفيك.‏ فانتهت الحرب العالمية الثانية.‏ وفي ٢٤ تشرين الاول ١٩٤٥،‏ بعد ما يزيد قليلا على ثلاث سنوات من القاء رئيس الجمعية الخطاب «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» صار ميثاق الامم المتحدة نافذ المفعول.‏

      وابتدأت التقارير عن نشاط شهود يهوه الآن تأتي تدريجيا من اوروپا.‏ وكان عمل المناداة بالملكوت قد تقدَّم باطّراد في البلدان الاوروپية بالرغم من الحرب،‏ الى حد اذهل اخوتهم وأخواتهم حول العالم.‏ ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٤٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «في السنة ١٩٤٠ كان لدى فرنسا ٤٠٠ ناشر؛‏ أما الآن فهنالك ١٠٠‏,١ يتحدثون بالملكوت.‏ .‏ .‏ .‏ وفي السنة ١٩٤٠ كان لدى هولندا ٨٠٠ ناشر.‏ اربعمئة منهم أُقحِموا معسكرات الاعتقال في المانيا.‏ والباقون خارجا تحدثوا بالملكوت.‏ والنتيجة؟‏ في ذلك البلد هنالك الآن ٠٠٠‏,٢ ناشر للملكوت.‏» وباب الحرية المفتوح الآن قدَّم فرصا لاعلان البشارة الى حد ابعد،‏ ليس فقط في اوروپا بل في كل العالم.‏ ولكن،‏ اولا،‏ كان يلزم الكثير من اعادة البناء واعادة التنظيم.‏

      واذ كان مهتما بالاشراف على حاجات شهود يهوه في البلدان التي دمرتها الحرب،‏ بدأ رئيس الجمعية،‏ مع امين سرّه،‏ مِلتون ج.‏ هنشل،‏ بجولة في بريطانيا،‏ فرنسا،‏ سويسرا،‏ بلجيكا،‏ النَّذَرلند وإسكنديناڤيا في تشرين الثاني ١٩٤٥ لتشجيع الاخوة ولتفقّد مكاتب فروع الجمعية.‏d وكانت غايتهما اعادة التنظيم بعد الحرب.‏ فأُعدّت الترتيبات لشحن مؤن المطبوعات والطعام واللباس الى الاخوة المحتاجين.‏ وأُعيد تأسيس مكاتب الفروع.‏

      ادرك الاخ نور جيدا ان التنظيم الجيد للفروع كان لازما لمماشاة تقدُّم عمل الكرازة.‏ وقدراته الطبيعية في التنظيم استُخدمت كاملا في توسيع تسهيلات فروع الجمعية في كل العالم.‏ وفي السنة ١٩٤٢،‏ عندما صار رئيسا،‏ كان هنالك ٢٥ مكتب فرع.‏ وبحلول السنة ١٩٤٦،‏ على الرغم من الحظر وعراقيل الحرب العالمية الثانية،‏ كانت هنالك فروع في ٥٧ بلدا.‏ وخلال الـ‍ ٣٠ سنة التالية،‏ حتى السنة ١٩٧٦،‏ ارتفع عدد الفروع الى ٩٧.‏

      متأهبون ليكونوا معلّمين

      من رحلاته الاممية بُعَيد الحرب،‏ قرَّر رئيس الجمعية ان شهود يهوه يلزم ان يكونوا متأهبين على نحو افضل ليكونوا معلّمين لكلمة اللّٰه.‏ فكان التعليم الاضافي للكتاب المقدس ضروريا وكذلك الادوات المناسبة للاستعمال في خدمة الحقل.‏ وقد جرى سدّ هذه الحاجات في وقت مبكر من فترة ما بعد الحرب.‏

      وفي محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي،‏ الذي عُقد في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ في ٤-‏١١ آب ١٩٤٦،‏ ألقى الاخ نور الخطاب «متأهبا لكل عمل صالح.‏» وأُثير اهتمام كامل الحضور فيما كان يطرح اسئلة مثل:‏ «ألا يكون من المساعد كثيرا الحصول على معلومات عن كل سفر من الاسفار الستة والستين للكتاب المقدس؟‏ ألا يكون مساعدا على فهم الاسفار المقدسة اذا عرفنا مَن كتب كل سفر في الكتاب المقدس؟‏ متى كُتب كل سفر؟‏ اين كُتب؟‏» تعاظم الترقب اذ أَعلن بعدئذ:‏ «ايها الاخوة،‏ لديكم كل تلك المعلومات وأكثر بكثير في الكتاب الجديد بعنوان ‘Equipped for Every Good Work’ (‏‏‹متأهبا لكل عمل صالح›‏‏)‏!‏» وتبعت هذا الاعلان عاصفة من التصفيق.‏ وكانت المطبوعة الجديدة ستخدم ككتاب دراسي لمدرسة الخدمة التي كانت تُعقد في الجماعات.‏

      لم يكن شهود يهوه متأهبين بواسطة مطبوعة لتعميق معرفتهم للاسفار المقدسة فحسب بل مُنِحوا ايضا بعض المساعِدات الممتازة لاستعمالها في الحقل.‏ ومحفل السنة ١٩٤٦ سيُذكَر طويلا بسبب اصدار العدد الاول من ‏!Awake (‏استيقظ!‏‏)‏ وهذه المجلة الجديدة حلَّت محل التعزية (‏المعروفة سابقا باسم العصر الذهبي‏)‏.‏ وكذلك صدر كتاب “Let God Be True” (‏‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏‏)‏.‏e وهنري أ.‏ كانتوِل،‏ الذي خدم لاحقا كناظر جائل،‏ يوضح:‏ «لبعض الوقت كنا في مسيس الحاجة الى كتاب يمكن استعماله بفعَّالية في ادارة دروس الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين حديثا،‏ كتاب يغطّي عقائد وحقائق الكتاب المقدس الاساسية.‏ والآن بصدور ‏‹ليكن اللّٰه صادقا،‏›‏ حصلنا على ما هو لازم تماما.‏»‏

      واذ كانوا متأهبين بواسطة مساعِدات تعليمية قيِّمة كهذه،‏ توقع شهود يهوه توسعا سريعا اضافيا.‏ وفي مخاطبة المحفل حول موضوع «مشاكل اعادة البناء والتوسع،‏» اوضح الاخ نور انه خلال سنوات الحرب العالمية لم يحصل ركود في الجهود للشهادة.‏ فمن السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٦ ازداد عدد المنادين بالملكوت اكثر من ٠٠٠‏,١١٠.‏ ولتلبية الطلب العالمي المتزايد لمطبوعات الكتاب المقدس،‏ خططت الجمعية لتوسيع المصنع و «بيت ايل» في بروكلين.‏

      بدأت الفترة المرتقبة للسلام العالمي.‏ وكانت حقبة التوسع العالمي وتعليم الكتاب المقدس ماضية قُدُما.‏ وقد عاد شهود يهوه الى بيوتهم من محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي متأهبين بشكل افضل ليكونوا معلّمين للبشارة.‏

      المناداة بالملكوت تندفع الى الامام

      وبهدف التوسع العالمي،‏ في ٦ شباط ١٩٤٧،‏ باشر رئيس الجمعية وأمين سره،‏ مِلتون ج.‏ هنشل،‏ جولة خدمة عالمية من ٧٩٥‏,٤٧ ميلا (‏٩١٦‏,٧٦ كلم)‏.‏ وأخذتهما الرحلة الى جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ نيوزيلندا،‏ اوستراليا،‏ جنوب شرق آسيا،‏ الهند،‏ الشرق الاوسط،‏ منطقة البحر الابيض المتوسط،‏ اوروپا الوسطى والغربية،‏ إسكنديناڤيا،‏ انكلترا،‏ ونيوفاوندلند.‏ وكانت هذه المرةَ الاولى منذ السنة ١٩٣٣ التي يستطيع فيها ممثلون لمستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين ان يزوروا اخوتهم في المانيا.‏ وشهود يهوه حول العالم تابعوا المسافرَين اذ كانت التقارير عن الرحلة تُنشَر في اعداد برج المراقبة طوال السنة ١٩٤٧.‏f

      ‏«لقد كانت هذه الفرصةَ الاولى لنتعرف بالاخوة في آسيا والاماكن الاخرى ولنرى ما هي الحاجات،‏» يوضح الاخ هنشل،‏ الآن عضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ «كنا نفكّر في ارسال مرسلين،‏ ولذلك كان يجب ان نعرف ماذا سيواجهون والى ماذا سيحتاجون.‏» وعقب الجولة،‏ وصل سيل مطَّرد من المرسلين المدرَّبين في جلعاد الى التربة الاجنبية ليأخذوا القيادة في عمل المناداة بالملكوت.‏ وكانت النتائج مؤثِّرة.‏ فخلال السنين الخمس التالية (‏١٩٤٧-‏١٩٥٢)‏،‏ صار عدد الكارزين بالملكوت في كل العالم اكثر من الضعف،‏ من ٥٥٢‏,٢٠٧ الى ٢٦٥‏,٤٥٦.‏

      نمو الثيوقراطية

      في ٢٥ حزيران ١٩٥٠،‏ قامت القوى العسكرية من جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية باجتياح جمهورية كوريا في الجنوب.‏ وأخيرا أُرسلت جيوش من ١٦ بلدا آخر.‏ ولكن اذ اثارت الحرب امما كبيرة احداها ضد الاخرى،‏ استعد شهود يهوه للاجتماع من اجل محفل اممي كان سيُظهر ليس فقط وحدتهم العالمية بل ايضا ان يهوه كان يباركهم بالنمو.‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

      عُيِّن موعد محفل نمو الثيوقراطية في ٣٠ تموز حتى ٦ آب ١٩٥٠.‏ وهذا كان سيصير اكبر محفل يعقده شهود يهوه على الاطلاق حتى ذلك الوقت في موقع واحد.‏ فنحو ٠٠٠‏,١٠ مندوب اجنبي من اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ اميركا اللاتينية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي —‏ ما مجموعه ٦٧ بلدا مختلفا —‏ تجمعوا في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وذروة عدد الحضور التي تجاوزت الـ‍ ٠٠٠‏,١٢٣ في المحاضرة العامة —‏ بالمقارنة مع الذروة ٠٠٠‏,٨٠ الذين حضروا محفل الامم الفرحانة الثيوقراطي قبل اربع سنوات فقط —‏ كانت بحد ذاتها دليلا مؤثِّرا على النمو.‏

      وأحد العوامل المهمة في الزيادة التي اختبرها شهود يهوه كان طبع وتوزيع كلمة اللّٰه.‏ وجرى بلوغ مَعْلَم في هذا المجال في ٢ آب ١٩٥٠ عندما اعلن الاخ نور صدور New World Translation of the Christian Greek Scriptures (‏ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية‏)‏ باللغة الانكليزية العصرية.‏ وسُرَّ المحتفلون بأن يعلموا ان هذه الترجمة الجديدة قد ردَّت الاسم الالهي يهوه ٢٣٧ مرة في النص الرئيسي من متى الى الرؤيا!‏ وفي اختتام محاضرته ناشد الخطيب بشكل مثير:‏ «خذوا هذه الترجمة.‏ اقرأوها من البداية الى النهاية.‏ ادرسوها،‏ لأنها ستساعدكم على تحسين فهمكم لكلمة اللّٰه.‏ وزِّعوها على الآخرين.‏» والاجزاء الاخرى كانت ستتبع خلال العقد التالي،‏ لكي تكون في حوزة شهود يهوه اخيرا ترجمة دقيقة سهلة القراءة لكامل الكتاب المقدس يمكنهم ان يقدّموها الى الآخرين بحماس.‏

      وقبل مغادرة مدينة المحفل،‏ دُعي المندوبون الى القيام بجولة في المركز الرئيسي الجديد للبتل في ١٢٤ كولومبيا هايتس ومصنع الطباعة الموسَّع كثيرا في ١١٧ شارع آدمز.‏ واذ أُنشئت بدعم الشهود المالي من حول العالم،‏ أَكملت التسهيلات الجديدة برنامج التوسع الضخم المعلن والموافق عليه بحماس في محفل كليڤلَنْد في السنة ١٩٤٦.‏ وقلَّما ادرك شهود يهوه آنذاك مدى التوسع الذي كان سيحصل بعدُ،‏ ليس فقط في بروكلين،‏ وإنما في كل العالم.‏ فكانت ستلزم مطابع اكثر وأكبر للاعتناء بصفوف ناشري الملكوت المتزايدة باستمرار.‏

      التدريب المكثَّف في الخدمة من بيت الى بيت

      في محفل مجتمع العالم الجديد،‏ الذي عُقد في مدينة نيويورك،‏ في ١٩-‏٢٦ تموز ١٩٥٣،‏ جرى تزويد مطبوعات جديدة لشهود يهوه انفسهم وللاستعمال خصوصا في المناداة بالملكوت من بيت الى بيت.‏ على سبيل المثال،‏ احدث اصدار “Make Sure of All Things” (‏‏«امتحنوا كل شيء»‏‏)‏ تصفيقا مدوّيا من الـ‍ ٠٤٠‏,١٢٥ الحاضرين يوم الاثنين في ٢٠ تموز.‏ وبصفته اداة لخدمة الحقل سهلة الاستعمال،‏ جمع هذا الكتاب بحجم الجيب المؤلَّف من ٤١٦ صفحة اكثر من ٥٠٠‏,٤ آية تحت ٧٠ محورا رئيسيا.‏ فصار الآن في متناول شهود يهوه اجوبة من الاسفار المقدسة عن اسئلة تُطرح في كرازتهم من بيت الى بيت.‏

      ويوم الاربعاء صباحا في اثناء الخطاب «العمل الرئيسي لجميع الخدام،‏» اعلن الاخ نور عن خطوة اضافية في التعليم المتواصل لشهود يهوه —‏ برنامج تدريب شامل من بيت الى بيت للعمل به في كل الجماعات.‏ فطُلِب من الناشرين الاكثر خبرة ان يساعدوا الاقل خبرة ليصيروا منادين بالملكوت من بيت الى بيت قانونيين وفعَّالين.‏ وهذا البرنامج البعيد المدى بدأ في ١ ايلول ١٩٥٣.‏ علَّق جِسّي ل.‏ كانتوِل،‏ ناظر جائل اشترك في عمل التدريب:‏ «ساعد فعلا هذا البرنامج الناشرين ليصيروا فعَّالين اكثر.‏»‏

      وفي الاشهر التي تلت تموز ١٩٥٣ عُقدت محافل فرعية في القارات الخمس جميعها،‏ بأشكال مكيَّفة محليا للبرنامج نفسه.‏ وهكذا بدأ التدريب المكثَّف في الخدمة من بيت الى بيت في جماعات شهود يهوه حول العالم.‏ وفي تلك السنة عينها بلغ عدد المنادين بالملكوت ذروة من ٩٨٢‏,٥١٩.‏

      سدُّ حاجات التوسع العالمي

      في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صُنعت ترتيبات اضافية للاعتناء بالنمو السريع في الهيئة.‏ ولاكثر من عقد،‏ كان ن.‏ ه‍.‏ نور قد سافر حول العالم ليتفقد عمل الفروع.‏ وقد انجزت هذه الرحلات الكثير لضمان الاشراف اللائق على العمل في كل بلد ولتقوية الوحدة العالمية لشهود يهوه.‏ وكانت لدى الاخ نور محبة عميقة للمرسلين وللذين يخدمون في الفروع حول العالم.‏ فحيثما ذهب كان يصرف الوقت في التحدث معهم عن مشاكلهم وحاجاتهم وفي تشجيعهم في خدمتهم.‏ ولكن في السنة ١٩٥٥ كان هنالك ٧٧ مكتب فرع لجمعية برج المراقبة و ٨١٤‏,١ مرسلا مدرَّبا في جلعاد يخدمون في ١٠٠ بلد مختلف.‏ واذ ادرك ان ذلك اكثر من ان يستطيع معالجته وحده،‏ اتخذ الاخ نور خطوات ليشمل آخرين في هذا العمل المهم لزيارة الفروع وبيوت المرسلين.‏

      صُنعت الترتيبات لتقسيم الارض الى عشرة اقاليم،‏ وكل اقليم يتضمَّن عددا من فروع الجمعية.‏ فجرى تعيين اخوة اكفاء من المكتب في بروكلين ونظار فروع ذوي خبرة ليكونوا خدام اقاليم (‏يُدعون الآن نظار اقاليم)‏ وجرى تدريبهم على هذا العمل من قبل الاخ نور.‏ وفي ١ كانون الثاني ١٩٥٦ افتتح اول خدام الاقاليم هؤلاء هذه الخدمة الجديدة لزيارة الفروع.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان اكثر من ٣٠ اخا،‏ بمن فيهم اعضاء في الهيئة الحاكمة،‏ يخدمون كنظار اقاليم.‏

      تعليم المشيئة الالهية

      في صيف السنة ١٩٥٨ لاح خطر الحرب في الشرق الاوسط.‏ وعلى الرغم من التوتر في العلاقات الدولية،‏ استعد شهود يهوه للاجتماع من اجل محفل اممي كان سيعلمهم اكثر المشيئة الالهية.‏ وكان سيصير ايضا اكبر محفل لهم في مدينة واحدة.‏

      ملأت ذروة من ٩٢٢‏,٢٥٣ مندوبا من ١٢٣ بلدا يانكي ستاديوم وپولو ڠراوندز في مدينة نيويورك من اجل محفل المشيئة الالهية الاممي،‏ من ٢٧ تموز الى ٣ آب.‏ «شهود يهوه يتدفقون فيملأون ملعبين،‏» قالت الدايلي نيوز النيويوركية في عدد ٢٦ تموز ١٩٥٨.‏ «ثمانية قطارات خصوصية،‏ ٥٠٠ باص مستأجر و ٠٠٠‏,١٨ سيارة خاصة تنقل الاعضاء،‏ اضافة الى سفينتين مستأجرتين و ٦٥ طائرة مستأجرة.‏»‏

      كان المرسلون المدرَّبون في جلعاد قد اعلموا المركز الرئيسي للجمعية بالتحدي الذي يواجهونه في تعليم حق الكتاب المقدس للذين لا يعرفون معتقدات وتعاليم كنائس العالم المسيحي.‏ ليتهم يستطيعون الحصول على مطبوعة تبيِّن فقط تعاليم الكتاب المقدس الحقة،‏ ومع ذلك تكون سهلة القراءة والفهم!‏ ولبهجة المندوبين الـ‍ ٤٨٨‏,١٤٥ الحاضرين بعد ظهر يوم الخميس في ٣١ تموز،‏ اعلن الاخ نور اصدار الكتاب الجديد From Paradise Lost to Paradise Regained (‏من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود‏)‏.‏

      حثَّ الاخ نور الجميع على استعمال الكتاب الجديد في خدمتهم للحقل.‏ واقترح ايضا ان الآباء سيجدونه مساعدا في تعليم اولادهم حق الكتاب المقدس.‏ وقد اصغى والدون كثيرون الى الاقتراح.‏ ذكرت ڠريس أ.‏ إيسْتِپ،‏ معلِّمة مدرسة نشأت في بلدة صغيرة قرب پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا:‏ «جيل بكامله من الاولاد كبروا وهم يدلّون بأصابعهم على كتاب الفردوس،‏ حاملين اياه الى الاجتماعات معهم،‏ مشتركين فيه مع رفقاء لعبهم الصغار،‏ قادرين،‏ قبل وقت طويل من صيرورتهم كبارا كفاية ليقرأوه،‏ ان يسردوا سلسلة كاملة من قصص الكتاب المقدس من مجرد الصور.‏»‏

      وزُوِّدت ايضا مواد قوية لتلاميذ كلمة اللّٰه المتقدِّمين.‏ ففي ختام محاضرته المحرِّضة «فلتتمَّ مشيئتك،‏» اثار الاخ نور الحضور عندما اعلن اصدار كتاب جديد بعنوان “Your Will Be Done on Earth” (‏‏«لتكن مشيئتك على الارض»‏‏)‏.‏ وهذه المطبوعة الجديدة،‏ المحتوية على دراسة شاملة لسفر دانيال،‏ ثقَّفت قرَّاءها في كيفية اتمام المشيئة الالهية في الماضي والحاضر.‏ «ستتمتعون كثيرا جدا بهذا الكتاب!‏» اعلن الخطيب.‏ وبالتصفيق المدوِّي عبَّر الحضور الكبير البالغ عدده ٤٤١‏,١٧٥ عن سرورهم بتسلّم هذه الاداة الجديدة لتعميق تقديرهم للمشيئة الالهية!‏

      وفي ملاحظاته الختامية،‏ اعلن الاخ نور برامج تعليمية خصوصية اضافية كانت ستفيد الهيئة في كل العالم.‏ «ان العمل التعليمي ليس في انحطاط،‏» صرَّح نور،‏ «ولكنه بالاحرى في تقدُّم.‏» وأوجز الخطط لتزويد منهج تدريبي لمدة عشرة اشهر في بروكلين للنظار من فروع الجمعية في كل انحاء العالم.‏ وكذلك،‏ في بلدان عديدة حول العالم،‏ ستكون هنالك مناهج تدريبية لشهر واحد للنظار الجائلين والذين لديهم مسؤولية الاشراف في الجماعات.‏ ولماذا كل هذا التعليم؟‏ «نريد ان نتقدَّم الى مستويات اعلى للفهم،‏» اوضح،‏ «لنتمكن من التعمق اكثر في افكار يهوه كما عبَّر عنها في كلمته.‏»‏

      وبدأ العمل فورا في مناهج الدرس من اجل هذه البرامج التدريبية.‏ وبعد سبعة اشهر،‏ في ٩ آذار ١٩٥٩،‏ بدأ الصف الاول لمدرسة جديدة،‏ مدرسة خدمة الملكوت،‏ في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ المقر الرئيسي لمدرسة جلعاد.‏ وما ابتدأ هناك سرعان ما بلغ العالم كله اذ استُخدمت المدرسة الجديدة لتدريب اولئك الذين لديهم مسؤولية الاشراف في الجماعات.‏

      محصَّنون ‹للثبات في الايمان›‏

      خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ غمرت المجتمع البشري موجة عارمة من التغييرات الدينية والاجتماعية.‏ فقد صنَّف رجال الدين اجزاء من الكتاب المقدس كخرافية او قديمة العهد.‏ وإيديولوجية «اللّٰه ميت» صارت شائعة على نحو متزايد.‏ والمجتمع البشري غرق عميقا اكثر فأكثر في مستنقع الفساد الادبي الجنسي.‏ وبواسطة برج المراقبة والمطبوعات الاخرى اضافة الى برامج المحافل صار شعب يهوه محصَّنين ‹للثبات في الايمان› خلال ذلك العقد المضطرب.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٦:‏١٣‏.‏

      وفي سلسلة محافل عُقدت حول العالم في السنة ١٩٦٣،‏ دافع الخطاب «كتاب ‹البشارة الابدية› نافع» عن الكتاب المقدس ضد هجوم النقَّاد.‏ «لا يلزم نقَّاد الكتاب المقدس ان يلفتوا الانتباه الى ان مجرد اناس كتبوا هذا الكتاب،‏» اوضح الخطيب.‏ «فالكتاب المقدس نفسه يخبرنا باستقامة بهذا الواقع.‏ ولكنَّ ما يجعل هذا الكتاب مختلفا عن ايّ كتاب آخر كتبه اناس هو ان الكتاب المقدس ‹موحى به من اللّٰه.‏›» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وهذا الخطاب المثير ادَّى الى اصدار كتاب “All Scripture Is Inspired of God and Beneficial” (‏‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع»‏‏)‏.‏ والمطبوعة الجديدة احتوت على مناقشة لكل سفر من اسفار الكتاب المقدس،‏ معطية خلفية السفر،‏ مثل مَن كتبه،‏ متى وأين كُتب،‏ والدليل على صحته.‏ ثم اتت خلاصة لسفر الكتاب المقدس،‏ يليها جزء يدعى «لماذا نافع،‏» يظهر كيف ان سفر الكتاب المقدس المعيَّن هذا ذو قيمة كبيرة للقارئ.‏ واذ هي اداة قيِّمة في تعليم الكتاب المقدس المستمر لشهود يهوه،‏ لا تزال هذه المطبوعة بارزة ككتاب دراسي في مدرسة الخدمة الثيوقراطية لنحو ٣٠ سنة بعد اصدارها!‏g

      لم يكن شهود يهوه غير متأثرين بالثورة الجنسية لستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي الواقع،‏ ان عدة آلاف —‏ نسبة مئوية صغيرة من مجموع عددهم —‏ كان يجب فصلهم كل سنة،‏ والاغلبية بسبب الفساد الادبي الجنسي.‏ فلسبب وجيه اذًا أُعطي شعب يهوه مشورة مباشرة في سلسلة من المحافل الكورية التي عُقدت في السنة ١٩٦٤.‏ يتذكَّر لايل روش،‏ ناظر جائل هو في الاصل من ساسكاتشيوان،‏ كندا،‏ الخطاب «حفظ هيئة الخدام العموميين نقية وطاهرة.‏» قال روش:‏ «ان اللغة المباشرة الصريحة حول الآداب شرحت الامور بوضوح في خطاب جليّ.‏»‏

      ونُشرت محتويات الخطاب في برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٦٥ (‏١٥ تشرين الثاني ١٩٦٤،‏ بالانكليزية)‏ وبين امور اخرى ذكرت:‏ «ايتها الفتيات،‏ لا تجعلن انفسكن منشفة وسخة للاستعمال العام،‏ متوافرة لليدين الوسختين لأيّ داعر،‏ ايّ ‹كلب› رمزي.‏» —‏ قارنوا رؤيا ٢٢:‏١٥‏.‏

      ومثل هذه المشورة الصريحة صُمِّمت لمساعدة شهود يهوه كشعب على البقاء في حالة ادبية نظيفة،‏ صالحين للاستمرار في المناداة برسالة الملكوت.‏ —‏ قارنوا رومية ٢:‏​٢١-‏٢٣‏.‏

      ‏«قل لي،‏ ماذا تعني السنة ١٩٧٥ هذه؟‏»‏

      اعتقد الشهود لمدة طويلة ان حكم المسيح الالفي سيتبع ٠٠٠‏,٦ سنة من التاريخ البشري.‏ ولكن متى كانت ستنتهي ٠٠٠‏,٦ سنة من الوجود البشري؟‏ ان كتاب Life Everlasting—‏In Freedom of the Sons of God (‏الحياة الابدية —‏ في حرية ابناء اللّٰه‏)‏،‏ الصادر في سلسلة من المحافل الكورية التي عُقدت في السنة ١٩٦٦،‏ اشار الى السنة ١٩٧٥.‏ وفي المحفل،‏ اذ تفحَّص الاخوة المحتويات،‏ اثار الكتاب الجديد كثيرا من النقاش حول السنة ١٩٧٥.‏

      وفي المحفل الذي عُقد في بلتيمور،‏ ماريلند،‏ ألقى ف.‏ و.‏ فرانز الخطاب الختامي.‏ فاستهلّ بالقول:‏ «قبل ارتقائي المنبر مباشرة جاءني شاب وقال،‏ ‹قل لي،‏ ماذا تعني السنة ١٩٧٥ هذه؟‏›» ثم اشار الاخ فرانز الى الاسئلة الكثيرة التي نشأت حول ما اذا كانت المواد في الكتاب الجديد تعني انه بحلول السنة ١٩٧٥ ستكون هرمجدون قد انتهت،‏ والشيطان قد قُيِّد.‏ وقال،‏ في الجوهر:‏ ‹يمكن ذلك.‏ ولكننا لا نقول ذلك.‏ فكل شيء مستطاع عند اللّٰه.‏ ولكننا لا نقول ذلك.‏ فلا يكن ايٌّ منكم محدِّدا في قول ايّ شيء سيحدث بين الآن والسنة ١٩٧٥.‏ ولكنَّ النقطة المهمة في هذا كله هي هذه،‏ ايها الرفقاء الاعزاء:‏ الوقت قصير.‏ الوقت ينفد،‏ وما من شك في ذلك.‏›‏

      وفي السنوات التي تلت السنة ١٩٦٦،‏ عمل كثيرون من شهود يهوه وفق روح تلك المشورة.‏ ولكن نُشرت عبارات اخرى حول هذا الموضوع،‏ وكان بعضها على الارجح محدَّدا اكثر مما هو مستحسَن.‏ وهذا ما جرى الاعتراف به في برج المراقبة عدد ١ تشرين الاول ١٩٨٠،‏ «اختيار الطريق الافضل للحياة،‏» الفقرتين ٥ و ٦ (‏عدد ١٥ آذار ١٩٨٠،‏ بالانكليزية)‏.‏ لكنَّ شهود يهوه جرى تنبيههم ايضا الى التركيز بشكل رئيسي على فعل مشيئة يهوه وعدم الاهتمام اكثر مما ينبغي بتواريخ وتوقعات خلاص مبكر.‏h

      اداة للاسراع بالعمل

      في اواخر ستينات الـ‍ ١٩٠٠ كان شهود يهوه يعلنون البشارة بشعور من الترقب والالحاح.‏ وخلال السنة ١٩٦٨ ازداد عدد ناشري الملكوت الى ٥٠٤‏,٢٢١‏,١ في ٢٠٣ بلدان.‏ ومع ذلك،‏ لم يكن غير مألوف ان يدرس بعض الاشخاص الكتاب المقدس سنة بعد سنة دون العمل بموجب المعرفة التي ينالونها.‏ فهل كانت هنالك طريقة للإسراع بعمل التلمذة؟‏

      جاء الجواب في السنة ١٩٦٨ باصدار مساعِد جديد على درس الكتاب المقدس،‏ The Truth That Leads to Eternal Life (‏الحق الذي يقود الى الحياة الابدية‏)‏‏.‏ وهذا الكتاب بحجم الجيب المؤلَّف من ١٩٢ صفحة أُعدَّ والاشخاص المهتمون حديثا في الذهن.‏ وقد احتوى على ٢٢ فصلا ممتعا تعالج مواضيع مثل «لماذا من الحكمة ان تمتحن دينك،‏» «لماذا نكبر ونموت،‏» «اين هم الموتى؟‏» «لماذا سمح اللّٰه بالشر حتى اليوم؟‏» «كيف تعرف هوية الدين الحق،‏» و «بناء حياة عائلية سعيدة.‏» وقد صُمِّم كتاب الحق لتشجيع تلميذ الكتاب المقدس على التفكير في المواد الجاري التأمل فيها منطقيا وتطبيقها في حياته الخاصة.‏

      وهذه المطبوعة الجديدة كانت ستُستعمل في ما يتعلق ببرنامج درس الكتاب المقدس لستة اشهر.‏ وعدد ايلول ١٩٦٨ (‏بالانكليزية)‏ من Kingdom Ministry (‏خدمة الملكوت‏)‏ اوضح كيف سيعمل البرنامج الجديد:‏ «سيكون جيدا ان تحاولوا ان تدرسوا فصلا كاملا من كتاب الحق كل اسبوع،‏ بالرغم من ان ذلك ربما لا يكون ممكنا مع جميع اصحاب البيوت او مع جميع الفصول في الكتاب.‏ .‏ .‏ .‏ وعند نهاية ستة اشهر من الدرس المكثَّف والجهود المخلصة لاخذهم الى الاجتماعات،‏ اذا كانوا لا يعاشرون الجماعة بعدُ،‏ فحينئذ قد يكون من الافضل ان تستعملوا وقتكم للدرس مع شخص آخر يريد حقا ان يتعلم الحق ويحرز التقدم.‏ اجعلوه هدفكم ان تعرضوا البشارة في دروس الكتاب المقدس بطريقة تجعل الاشخاص المهتمين يعملون في غضون ستة اشهر!‏»‏

      وقد عملوا!‏ ففي فترة قصيرة من الوقت،‏ احرز برنامج درس الكتاب المقدس لستة اشهر نجاحا مذهلا.‏ وطوال سنوات الخدمة الثلاث التي ابتدأت في ١ ايلول ١٩٦٨ وانتهت في ٣١ آب ١٩٧١ اعتمد ما مجموعه ٩٠٦‏,٤٣٤ اشخاص —‏ اكثر من ضعف عدد المعتمدين خلال سنوات الخدمة الثلاث السابقة!‏ واذ جاء في وقت كان هنالك فيه شعور من الترقب والالحاح بين شهود يهوه،‏ فإن كتاب الحق وحملة درس الكتاب المقدس لستة اشهر ساعدا كثيرا في الإسراع بعمل التلمذة.‏ —‏ متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ‏«يجب ان ينجح ذلك؛‏ فهو من يهوه»‏

      لسنين كثيرة كانت جماعات شهود يهوه منظَّمة بحيث كانت الجمعية تعيِّن رجلا واحدا كفؤا روحيا ليكون خادم او «ناظر» جماعة،‏ وكان يساعده «خدام» معيَّنون آخرون.‏i (‏١ تيموثاوس ٣:‏​١-‏١٠،‏ ١٢،‏ ١٣‏)‏ وكان على هؤلاء الرجال ان يخدموا الرعية،‏ لا ان يسودوا عليها.‏ (‏١ بطرس ٥:‏​١-‏٤‏)‏ ولكن هل كان بامكان الجماعات ان تطابق بشكل ألصق بنية الجماعات المسيحية للقرن الاول؟‏

      في السنة ١٩٧١،‏ في سلسلة محافل عُقدت في كل انحاء الارض،‏ قُدِّم الخطاب «هيئة ثيوقراطية وسط الديموقراطيات والشيوعية.‏» ففي ٢ تموز،‏ ألقى ف.‏ و.‏ فرانز الخطاب في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وفيه اشار الى انه حيثما توافر رجال اكفاء كفاية،‏ كان لدى جماعات القرن الاول اكثر من ناظر واحد.‏ (‏فيلبي ١:‏١‏)‏ «ان الفريق الجماعي للنظار،‏» ذكر،‏ «كانوا يؤلفون ‹هيئة شيوخ› .‏ .‏ .‏ وأعضاء ‹هيئة [او محفل] شيوخ› كهؤلاء كانوا جميعا متساوين،‏ اذ كان لهم المركز الرسمي نفسه،‏ ولم يكن ايّ منهم العضو الاهم،‏ الابرز،‏ الاقوى في الجماعة.‏» (‏١ تيموثاوس ٤:‏١٤‏)‏ وهذا الخطاب حرَّك حقا كامل المحفل.‏ فأيّ تأثير يكون لهذه المعلومات في جماعات شهود يهوه حول العالم؟‏

      جاء الجواب بعد يومين،‏ في الخطاب الختامي الذي ألقاه ن.‏ ه‍.‏ نور.‏ فابتداء من ١ تشرين الاول ١٩٧٢ كانت التعديلات في الاشراف على الجماعات حول العالم ستصير نافذة المفعول.‏ فلن يكون هنالك في ما بعد خادم او ناظر جماعة واحد فقط.‏ ولكن خلال الاشهر المؤدية الى ١ تشرين الاول ١٩٧٢ كان رجال مسؤولون ناضجون في كل جماعة سيوصون الجمعية من اجل التعيين بأسماء اولئك الذين سيخدمون بصفتهم هيئة شيوخ (‏وأسماء اولئك الذين سيخدمون كخدام مساعدين)‏.‏ وكان شيخ واحد سيُعيَّن عريفا،‏j إلا ان جميع الشيوخ ستكون لديهم سلطة متساوية وسيشتركون في مسؤولية اتخاذ القرارات.‏ «ان هذه التعديلات التنظيمية،‏» اوضح الاخ نور،‏ «ستساعد على جعل عمل الجماعات على انسجام اوثق مع كلمة اللّٰه،‏ وسيؤدي ذلك بالتأكيد الى بركات اعظم من يهوه.‏»‏

      وكيف تلقَّى المندوبون المجتمعون هذه المعلومات عن التعديلات التنظيمية؟‏ اندفع ناظر جائل الى القول:‏ «يجب ان ينجح ذلك؛‏ فهو من يهوه.‏» وأضاف شاهد آخر ذو خبرة طويلة:‏ «سيكون تشجيعا لجميع الرجال الناضجين ان يتولَّوا المسؤولية.‏» وفي الواقع،‏ صار الآن بإمكان جميع الرجال الاكفاء ان ‹يبتغوا› ويتعيَّنوا في «مركز ناظر.‏» (‏١ تيموثاوس ٣:‏١‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا صار بإمكان عدد اكبر من الاخوة ان يكتسبوا خبرة قيِّمة في تحمُّل المسؤولية الجماعية.‏ وعلى الرغم من انهم لم يدركوا ذلك في البداية،‏ كانت هنالك حاجة الى جميع هؤلاء لرعاية السيل العظيم من الاشخاص الجدد في السنين القادمة.‏

      والمواد المقدَّمة في المحفل قادت ايضا الى بعض التوضيحات والتعديلات التي شملت الهيئة الحاكمة.‏ ففي ٦ ايلول ١٩٧١ اتُّخذ القرار ان مركز عريف الهيئة الحاكمة يجب تناوبه بين اعضائها،‏ فاعلين ذلك بالترتيب الابجدي.‏ وبعد عدة اسابيع،‏ في ١ تشرين الاول ١٩٧١،‏ صار ف.‏ و.‏ فرانز عريف الهيئة الحاكمة لسنة واحدة.‏

      وفي السنة التالية،‏ في ايلول ١٩٧٢،‏ بدأ اول تبديل للمسؤوليات في الجماعات،‏ وبحلول ١ تشرين الاول،‏ كان التناوب في معظم الجماعات قد تمّ.‏ وخلال السنوات الثلاث التالية اختبر شهود يهوه نموًّا عظيما —‏ اكثر من ثلاثة ارباع مليون شخص اعتمدوا.‏ أما الآن فكانوا يواجهون خريف السنة ١٩٧٥.‏ واذا لم تتحقق جميع التوقعات بخصوص السنة ١٩٧٥،‏ فكيف كان ذلك سيؤثر في غيرتهم للنشاط الكرازي العالمي النطاق فضلا عن وحدتهم العالمية؟‏

      وأيضا لعقود كان ناثان ه‍.‏ نور،‏ رجل ذو شخصية دينامية ومقدرة بارزة كمنظِّم،‏ قد قام بدور رئيسي في تقدُّم التعليم داخل الهيئة وايصال الكتاب المقدس الى ايدي الناس ومساعدتهم على فهمه.‏ فكيف كان التغيير الى اشراف ادقّ من قبل الهيئة الحاكمة سيؤثر في هذه الاهداف؟‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج المراقبة،‏ ١ شباط ١٩٤٢،‏ ص ٤٥؛‏ Consolation ‏‹التعزية›،‏ ٤ شباط ١٩٤٢،‏ ص ١٧،‏ بالانكليزية.‏

      b في ايلول ١٩٤٥ اعتذر الاخ كوڤنڠتَن بلطف عن ان يخدم بعدُ كنائب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس (‏في پنسلڤانيا)‏،‏ موضحا انه يرغب في الاذعان لما كان مفهوما آنذاك انه مشيئة يهوه لجميع اعضاء مجلس الادارة والرسميين —‏ ان يكونوا مسيحيين ممسوحين بالروح،‏ في حين صرّح بأنه من ‹الخراف الاخر.‏› وفي ١ تشرين الاول انتُخب لايْمَن أ.‏ سْوينڠل عضوا في مجلس المديرين،‏ وفي ٥ تشرين الاول اختير فردريك و.‏ فرانز نائب رئيس.‏ (‏انظروا الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٤٦،‏ ص ٢٢١-‏٢٢٤؛‏ برج المراقبة،‏ ١ تشرين الثاني ١٩٤٥،‏ ص ٣٣٥ و ٣٣٦،‏ بالانكليزية.‏)‏

      c انظروا الفصل ٣٠،‏ «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.‏»‏

      d التقارير المفصَّلة للجولة نُشرت في برج المراقبة خلال السنة ١٩٤٦.‏ —‏ انظروا الصفحات ١٤-‏١٦،‏ ٢٨-‏٣١،‏ ٤٥-‏٤٨،‏ ٦٠-‏٦٤،‏ ٩٢-‏٩٥،‏ ١١٠-‏١١٢،‏ ١٤١-‏١٤٤،‏ بالانكليزية.‏

      e في غضون سنين قليلة،‏ صار هذا المساعِد على درس الكتاب المقدس معروفا حول العالم.‏ واذ نُقِّح في ١ نيسان ١٩٥٢،‏ جرى طبع اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٩ نسخة بـ‍ ٥٤ لغة.‏

      f انظروا الصفحات ١٤٠-‏١٤٤،‏ ١٧١-‏١٧٦،‏ ١٨٩-‏١٩٢،‏ ٢٠٥-‏٢٠٨،‏ ٢١٩-‏٢٢٣،‏ ٢٣٦-‏٢٤٠،‏ ٢٥١-‏٢٥٦،‏ ٢٦٧-‏٢٧٢،‏ ٣٠٢-‏٣٠٤،‏ ٣١٥-‏٣٢٠،‏ ٣٣٣-‏٣٣٦،‏ ٣٦٣-‏٣٦٨،‏ بالانكليزية.‏

      g نُقِّح كتاب «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع» في السنة ١٩٩٠.‏

      h مثلا،‏ نُشرت المقالات التالية في برج المراقبة:‏ «مستعملين الوقت الباقي بحكمة» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٦٨ (‏١ ايار ١٩٦٨،‏ بالانكليزية)‏؛‏ «اخدموا بهدف الابدية» عدد ١٥ شباط ١٩٧٥ (‏١٥ حزيران ١٩٧٤،‏ بالانكليزية)‏؛‏ «لماذا لم نخبر ‹ذلك اليوم وتلك الساعة›» و «كيف يؤثر فيكم عدم معرفة ‹اليوم ولا الساعة›؟‏» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٧٥ (‏١ ايار ١٩٧٥،‏ بالانكليزية)‏.‏ وفي وقت ابكر،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ ذكر كتاب ‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع»:‏ «لا ينفع استعمال تواريخ الكتاب المقدس المرتَّبة زمنيا لتخمين التواريخ التي لا تزال مستقبلية في مجرى الزمن.‏ —‏ متى ٢٤:‏٣٦‏.‏»‏

      i انظروا الفصل ١٥،‏ «تطوُّر بنية الهيئة.‏»‏

      j اوضح الخطيب ايضا انه ابتداء من ١ تشرين الاول ١٩٧٢ سيكون هنالك تناوب سنوي لمركز العريف ضمن هيئة شيوخ كل جماعة.‏ وهذا الترتيب عُدِّل في السنة ١٩٨٣،‏ عندما طُلب من كل هيئة شيوخ ان توصي بناظر مشرف كان سيخدم،‏ بعد ان تعيِّنه الجمعية،‏ لفترة من الوقت غير محدَّدة كعريف لهيئة الشيوخ.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٩٢]‏

      الكرازة على الرغم من الاعتقالات وعمل الرعاع

      ‏[النبذة في الصفحة ٩٤]‏

      ‏‹توسع عالمي وتعليم بمقدار لم يُعرَف من قبل›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠٣]‏

      الدفاع عن الكتاب المقدس ضد هجوم النقَّاد

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠٤]‏

      ‏«النقطة المهمة في هذا كله هي هذه،‏ ايها الرفقاء الاعزاء:‏ الوقت قصير»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٠٧]‏

      ‏‹تشجيع لجميع الرجال الناضجين ان يتولَّوا المسؤولية›‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩١]‏

      خلفية ن.‏ ه‍.‏ نور

      وُلِد ناثان هومر نور في بيت لحم،‏ پنسلڤانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٢٣ نيسان ١٩٠٥.‏ وعندما بلغ الـ‍ ١٦ من العمر عاشر جماعة آلينتاون لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٢٢ حضر المحفل في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ حيث قرَّر الانسحاب من الكنيسة المُصلَحة.‏ وفي السنة التالية،‏ في ٤ تموز ١٩٢٣،‏ بعدما ألقى فردريك و.‏ فرانز،‏ من بتل بروكلين،‏ خطاب معمودية،‏ كان ناثان البالغ من العمر ١٨ سنة بين اولئك الذين اعتمدوا في نهر ليهاي الصغير،‏ في پنسلڤانيا الشرقية.‏ وفي ٦ ايلول ١٩٢٣ صار الاخ نور عضوا في عائلة البتل في بروكلين.‏

      انكبّ الاخ نور على العمل باجتهاد في قسم الشحن،‏ وقبل مضي وقت طويل جرى تمييز قدراته الطبيعية في التنظيم.‏ وعندما مات مدير مصنع الجمعية،‏ روبرت ج.‏ مارتن،‏ في ٢٣ ايلول ١٩٣٢،‏ جرى تعيين الاخ نور ليحلَّ محلَّه.‏ وفي ١١ كانون الثاني ١٩٣٤ انتُخب الاخ نور ليكون مديرا لجمعية منبر الشعوب (‏الآن جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك)‏،‏ وفي السنة التالية جُعل نائب رئيس الجمعية.‏ وفي ١٠ حزيران ١٩٤٠ صار نائب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس (‏مؤسسة پنسلڤانيا)‏.‏ وانتخابه لرئاسة كلتا الجمعيتين وللمؤسسة البريطانية،‏ جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ جرى في كانون الثاني ١٩٤٢.‏

      وفي السنين التي تلت،‏ كان احد العشراء الاحماء والمستشارين المؤتمَنين للاخ نور فردريك و.‏ فرانز،‏ رجل اكبر منه سنا وشخص كانت لمعرفته اللغات وخلفيته كعالِم للكتاب المقدس قيمة عظيمة للهيئة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٩٣]‏

      نظرة مشجِّعة الى الامام

      سُرَّ المندوبون في محفل العالم الجديد الثيوقراطي في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ في ايلول ١٩٤٢،‏ عندما خاطب المحفلَ امينُ سرّ وصندوق الجمعية المسنّ،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ.‏ وتذكَّر الاخ ڤان آمبورڠ ان المحفل الاول الذي حضره كان في شيكاڠو في السنة ١٩٠٠،‏ وكان محفلا «كبيرا» —‏ حضره نحو ٢٥٠.‏ وبعد تعداد محافل «كبيرة» اخرى على مرّ السنين،‏ اختتم بهذه النظرة المشجِّعة الى الامام:‏ «ان هذا المحفلk يبدو لنا كبيرا الآن،‏ ولكن كما يكون هذا المحفل كبيرا بالمقارنة مع المحافل التي حضرتها في الماضي،‏ كذلك اتوقع ان يكون هذا المحفل صغيرا جدا بالمقارنة مع تلك التي ستُعقد في المستقبل عندما يبدأ الرب بجمع شعبه من جميع زوايا الكرة الارضية.‏»‏

      ‏[الحاشية]‏

      k حضرت ذروة من ٠٠٠‏,٢٦ في كليڤلَنْد،‏ بمجموع حضور من ٦٩٩‏,١٢٩ لمدن المحافل الـ‍ ٥٢ المنتشرة عبر الولايات المتحدة.‏

      ‏[الاطار/‏الخرائط في الصفحة ٩٦]‏

      جولات ن.‏ ه‍.‏ نور للخدمة،‏ ١٩٤٥-‏١٩٥٦

      ١٩٤٥-‏١٩٤٦:‏ اميركا الوسطى،‏ اميركا الجنوبية،‏ اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ جزر البحر الكاريبي

      ١٩٤٧-‏١٩٤٨:‏ اميركا الشمالية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ الشرق الاوسط،‏ اوروپا،‏ افريقيا

      ١٩٤٩-‏١٩٥٠:‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا الوسطى،‏ اميركا الجنوبية،‏ جزر البحر الكاريبي

      ١٩٥١-‏١٩٥٢:‏ اميركا الشمالية،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ اوروپا،‏ الشرق الاوسط،‏ افريقيا

      ١٩٥٣-‏١٩٥٤:‏ اميركا الجنوبية،‏ جزر البحر الكاريبي،‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا الوسطى

      ١٩٥٥-‏١٩٥٦:‏ اوروپا،‏ جزر المحيط الپاسيفيكي،‏ المشرق،‏ اميركا الشمالية،‏ الشرق الاوسط،‏ افريقيا الشمالية

      ‏[الخرائط]‏

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٠٥]‏

      ‏«اليوم بدأت بالتفكير من جديد»‏

      اذ صدر في السنة ١٩٦٨،‏ استخدم شهود يهوه كتاب «الحق الذي يقود الى الحياة الابدية» بشكل واسع في درس الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين.‏ وهذا التدبير في حينه ساعد مئات الآلاف من الاشخاص المفكِّرين على نيل معرفة دقيقة للاسفار المقدسة.‏ قالت رسالة تقدير جرى تسلُّمها في السنة ١٩٧٣ من قارئ في الولايات المتحدة:‏ «جاءت سيدة لطيفة جدا الى بابي اليوم وأعطتني كتابا يُدعى ‹الحق الذي يقود الى الحياة الابدية.‏› وقد انتهيت منه قبل قليل.‏ وللمرة الاولى اكون قد قرأت ١٩٠ صفحة من ايّ شيء في يوم واحد من حياتي.‏ ففي ٢٩ حزيران ١٩٦٧،‏ توقفت عن الايمان باللّٰه.‏ واليوم بدأت بالتفكير من جديد.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

      مدرسة جلعاد في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك

      ‏[الصورة في الصفحة ٩٧]‏

      الاخ نور،‏ الظاهر هنا وهو يزور كوبا،‏ سافر حول العالم مرات عديدة

      ‏[الصورتان في الصفحة ٩٨]‏

      شعر الاخ نور بأن كل شاهد يجب ان يكون قادرا على الكرازة من بيت الى بيت

      انكلترا

      لبنان

      ‏[الصورة في الصفحة ٩٩]‏

      كرئيس للجمعية،‏ عمل الاخ نور بشكل لصيق مع الاخ فرانز لاكثر من ٣٥ سنة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٠]‏

      مجلس المديرين لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا،‏ في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ (‏من اليسار الى اليمين)‏ لايْمَن أ.‏ سْوينڠل،‏ توماس ج.‏ سوليڤان،‏ ڠرانت سوتر،‏ هوڠو ه‍.‏ رِيمِر،‏ ناثان ه‍.‏ نور،‏ فردريك و.‏ فرانز،‏ مِلتون ج.‏ هنشل

      ‏[الصور في الصفحة ١٠٢]‏

      في السنة ١٩٥٨،‏ تجمَّع مندوبون من ١٢٣ بلدا في يانكي ستاديوم من اجل محفل المشيئة الالهية الاممي

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

      مطبوعات لتدريب شهود يهوه على الخدمة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

      بعض المطبوعات للاستعمال في خدمة الحقل

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

      كتب زوَّدت الطعام القوي لتقوية شعب يهوه روحيا

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٦]‏

      مساعِدات على البحث والدرس

  • كلمة يهوه تواصل التقدُّم بسرعة (‏١٩٧٦-‏١٩٩٢)‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٩

      كلمة يهوه تواصل التقدُّم بسرعة (‏١٩٧٦-‏١٩٩٢)‏

      ‏«اخيرا ايها الاخوة صلّوا لاجلنا لكي تجري كلمة الرب [تواصل كلمة يهوه التقدُّم بسرعة،‏ ع‌ج] وتتمجد كما عندكم ايضا.‏» —‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١‏.‏

      بهذه الكلمات طلب الرسول بولس من رفقائه المؤمنين في تسالونيكي ان يصلّوا لكي ينجح هو ورفاقه في المناداة بكلمة يهوه دون عائق.‏ واستجاب يهوه تلك الصلاة.‏ لكنَّ هذا لا يعني ان الرسول لم يضطر الى معالجة المشاكل.‏ فقد واجه مقاومة شديدة من العالم وكان عليه ان يجابه اخوة كذبة يتعاملون بخداع.‏ (‏٢ كورنثوس ١١:‏​٢٣-‏٢٧؛‏ غلاطية ٢:‏​٤،‏ ٥‏)‏ ولكن على الرغم من ذلك،‏ بعد نحو عشر سنين،‏ استطاع بولس ان يكتب انه نتيجة لبركة اللّٰه كانت البشارة «تثمر وتزداد في كل العالم.‏» —‏ كولوسي ١:‏٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      وبطريقة مماثلة في يومنا —‏ انما بمقياس لم يُختَبَر من قبل قط —‏ تثمر البشارة.‏ فيجري الوصول بالبشارة الى عدد اكبر من الناس وهم يقبلونها اكثر من ايّ وقت مضى.‏ وانجاز ما انبأت به كلمة اللّٰه يتقدَّم بسرعة،‏ كعدّاء في سباق.‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

      تعديلات تنظيمية من جديد

      بحلول السنة ١٩٧٦ كان الاخ نور قد عمل بجدّ كرئيس لجمعية برج المراقبة لاكثر من ثلاثة عقود.‏ وكان قد سافر حول العالم مرات عديدة،‏ زائرا ومشجعا المرسلين،‏ معلِّما ومرشدا مستخدَمي مكاتب الفروع.‏ وحصل على امتياز رؤية عدد الشهود النشاطى يزداد من ٢٠٩‏,١١٧ في السنة ١٩٤٢ الى ٣٩٠‏,٢٤٨‏,٢ في السنة ١٩٧٦.‏

      ولكن بحلول صيف السنة ١٩٧٦ كان ن.‏ ه‍.‏ نور البالغ من العمر ٧١ سنة قد لاحظ انه عرضة للارتطام بالاشياء.‏ وبيَّنت الفحوص اللاحقة انه يعاني من ورم دماغي يتعذر اجراء الجراحة عليه.‏ فصارع للاستمرار في حمل عبء العمل عدة اشهر،‏ لكنَّ انذار مرضه كان سيئا.‏ فهل كانت صحته المتدهورة ستعوق تقدُّم العمل؟‏

      كان توسيع الهيئة الحاكمة قد بدأ في السنة ١٩٧١.‏ وخلال السنة ١٩٧٥ كان هنالك ١٧ عضوا.‏ وطوال جزء كبير من تلك السنة كانت الهيئة الحاكمة قد فكَّرت جديا وبروح الصلاة في الطريقة التي بها يمكنها ان تعتني بشكل افضل بكل ما يتعلق بالعمل الكرازي والتعليمي العالمي النطاق المذكور في كلمة اللّٰه ليومنا.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ وفي ٤ كانون الاول ١٩٧٥ وافقت الهيئة الحاكمة بالاجماع على احد التعديلات التنظيمية الاهم في التاريخ العصري لشهود يهوه.‏

      فابتداء من ١ كانون الثاني ١٩٧٦ وُضعت جميع نشاطات جمعية برج المراقبة وجماعات شهود يهوه حول الارض تحت اشراف ست لجان ادارية للهيئة الحاكمة.‏ وانسجاما مع هذا الترتيب،‏ في ١ شباط ١٩٧٦،‏ أُجريت تغييرات في جميع مكاتب فروع الجمعية حول الارض.‏ فلم يعد يشرف على كل فرع ناظر فرع واحد بل ثلاثة رجال ناضجين او اكثر يخدمون كلجنة فرع،‏ بعضو واحد يخدم كمنسِّق دائم.‏a وبعد ان بدأت اللجان بالعمل لعدة اشهر علَّقت الهيئة الحاكمة:‏ «ثبت انه من المفيد حيازة عدد من الاخوة للتشاور معا والتأمل في مصالح عمل الملكوت.‏ —‏ امثال ١١:‏١٤؛‏ ١٥:‏٢٢؛‏ ٢٤:‏٦‏.‏»‏

      وفي خريف السنة ١٩٧٦،‏ على الرغم من واقع ان انذار مرضه بقي سيئا،‏ اشترك الاخ نور في تقديم الارشاد في الاجتماعات المعقودة في المركز الرئيسي مع اعضاء لجان الفروع ومستخدَمي الفروع الآخرين من حول العالم.‏ وبالاضافة الى الاشتراك في الاجتماعات خلال النهار،‏ دعا الاخ نور هؤلاء الاخوة،‏ في فِرق صغيرة،‏ الى غرفته في الامسيات.‏ وبهذه الطريقة اشترك هو وزوجته،‏ اودْري،‏ في رفقة حميمة مع الرجال الذين عرفوه وأحبّوه والذين كانت له معهم تعاملات لصيقة على مرّ السنين.‏ وعقب تلك الاجتماعات،‏ تدهورت صحة الاخ نور باستمرار حتى موته في ٨ حزيران ١٩٧٧.‏

      وفي ٢٢ حزيران ١٩٧٧،‏ بعد اسبوعين من موت الاخ نور،‏ انتُخب فردريك و.‏ فرانز البالغ من العمر ٨٣ سنة رئيسا لجمعية برج المراقبة.‏ وفي ما يتعلق بالاخ فرانز ذكرت برج المراقبة عدد ١ آب ١٩٧٧ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان صيته الرائع كعالِم بارز للكتاب المقدس وعمله المتواصل لاجل مصالح الملكوت قد نالا الثقة والتأييد المتسم بالولاء لشهود يهوه في كل مكان.‏»‏

      وبحلول وقت هذا الانتقال كانت الترتيبات التنظيمية الجديدة معمولا بها مما ضمن تقدُّم العمل.‏

      سدّ الحاجات الروحية بمطبوعات الكتاب المقدس

      كانت تجري تغذية شهود يهوه جيدا روحيا قبل السنة ١٩٧٦.‏ لكنَّ فحصا لما حدث منذ ذلك الحين تحت توجيه الهيئة الحاكمة ولجنة الكتابة التي لها يُظهر ان مياه الحق تدفقت بكميات اعظم بكثير من ايّ وقت مضى وفي اشكال اكثر تنوُّعا.‏

      والعديد من المطبوعات المنتَجة سدّ حاجات معيَّنة للشهود انفسهم.‏ فقد أُظهِر اهتمام خصوصي بالاحداث.‏ ولمساعدتهم على تطبيق مبادئ الكتاب المقدس في الحالات التي يواجهونها في الحياة،‏ صدر Your Youth—Getting the Best Out Of It (‏حداثتكم —‏ نائلين افضل ما فيها‏)‏ في السنة ١٩٧٦ و Questions Young People Ask—Answers That Work (‏اسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح‏)‏ في السنة ١٩٨٩.‏ والمطبوعة المصوَّرة My Book of Bible Stories (‏كتابي لقصص الكتاب المقدس‏)‏،‏ التي أُعدَّت والاولاد في الذهن،‏ صدرت في السنة ١٩٧٨.‏ وفي تلك السنة عينها جرى تقديم المشورة والارشاد العمليين لتقوية العائلات في Making Your Family Life Happy (‏جعل حياتكم العائلية سعيدة‏)‏.‏

      وأحيانا كان يُمنح الانتباه لحاجات معيَّنة لشعب يهوه بواسطة المشورة في حينها في صفحات برج المراقبة.‏ مثلا،‏ عكس التقرير العالمي لنشاط شهود يهوه ١٩٧٧ ⁄‏ ١٩٧٨ نقصا في عدد المشتركين في العمل الكرازي.‏ فهل كان النقص جزئيا على الاقل بسبب التوقعات الخائبة بخصوص السنة ١٩٧٥؟‏ ربما.‏ ولكن كانت هنالك عوامل مؤثرة اخرى.‏ فماذا كان يمكن فعله؟‏

      اتخذت الهيئة الحاكمة خطوات لتقوية الاقتناع بين شهود يهوه بأنه توجد حاجة الى الاستمرار بغيرة في المناداة بالملكوت من بيت الى بيت.‏ وبرج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٨٠ (‏١٥ تموز ١٩٧٩،‏ بالانكليزية)‏ احتوت على المقالتين «الغيرة لبيت يهوه» و «كارزين في عالم اثيم،‏» والمقالتين (‏بالانكليزية)‏ «كرزوا من بيت الى بيت» و «ما قاله الآخرون عن الشهادة من بيت الى بيت.‏» وهذه المقالات وغيرها اكدت من جديد ان الكرازة من بيت الى بيت لها اساس راسخ في الاسفار المقدسة وحثَّت على الاشتراك الغيور من كل النفس في هذا النشاط المهم.‏b —‏ اعمال ٢٠:‏٢٠؛‏ كولوسي ٣:‏٢٣‏.‏

      وكانت هنالك حالة اخرى تحتاج ايضا الى الانتباه.‏ فبحلول السنة ١٩٨٠ كان عدد من الاشخاص الذين اشتركوا في نشاطات شهود يهوه لسنوات،‏ بمن فيهم بعض الذين خدموا بشكل بارز في الهيئة،‏ يحاولون بشتى الطرائق ان يسبِّبوا الانقسام ويقاوموا العمل الذي يقوم به شهود يهوه.‏ ولتحصين شعب يهوه من مثل هذا التأثير للمرتدّين،‏ نشرت برج المراقبة مقالات مثل «ابقوا ‹راسخين في الايمان›» عدد ١٥ آذار ١٩٨١ (‏١ آب ١٩٨٠،‏ بالانكليزية)‏،‏ «داسين بدعا مهلكة» عدد ١ آب ١٩٨٤ (‏١٥ ايلول ١٩٨٣،‏ بالانكليزية)‏،‏ و «ارفضوا الارتداد وتشبثوا بالحق!‏» عدد ١٥ تشرين الثاني ١٩٨٣ (‏١ نيسان ١٩٨٣،‏ بالانكليزية)‏،‏ فيما شدَّد كتاب “Let Your Kingdom Come” (‏‏«ليأت ملكوتك»‏‏)‏ (‏١٩٨١)‏ على الحقيقة ان الملكوت قريب،‏ اذ تأسس في السموات في السنة ١٩١٤.‏ والهيئة الحاكمة لم تدع جهود المقاومين تحوِّل انتباهها عن هدف شهود يهوه الرئيسي —‏ المناداة بملكوت اللّٰه!‏

      ولكن،‏ ماذا عن حاجة شهود يهوه الى الاستمرار في توسيع معرفتهم لحق الكتاب المقدس؟‏ من اجل درس جدّي للكتاب المقدس صدرت في السنة ١٩٨٤ طبعة مرجعية منقحة من ترجمة العالم الجديد،‏ تحتوي على مراجع هامشية شاملة،‏ حواشٍ،‏ ومواد ملحقة.‏ وبعد اربع سنين،‏ في السنة ١٩٨٨،‏ سرّ شعب يهوه بأن يتسلَّموا تعليقا حديثا على كل عدد في سفر الرؤيا في كتاب Revelation—Its Grand Climax At Hand! (‏الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏‏)‏،‏ وأيضا موسوعة الكتاب المقدس المؤلَّفة من مجلدين Insight on the Scriptures (‏بصيرة في الاسفار المقدسة‏)‏.‏ ثم في السنة ١٩٩١،‏ صدر الكتاب المصوَّر على نحو جميل The Greatest Man Who Ever Lived (‏اعظم انسان عاش على الاطلاق‏)‏،‏ درس شامل لحياة وتعاليم يسوع المسيح.‏

      ولكن ماذا عن حاجات الاشخاص الذين ليسوا شهودا ليهوه؟‏ كأداة لتعليم المهتمين حديثا صدرت في السنة ١٩٨٢ مطبوعة You Can Live Forever in Paradise on Earth (‏يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض‏)‏.‏ وكانت مصمَّمة لمساعدة تلاميذ الكتاب المقدس على بلوغ مطالب يهوه للحياة في ارض فردوسية.‏ ولمساعدة الناس الذين ربما لديهم اسئلة عن اصل الحياة على الارض والقصد منها،‏ جرى تزويد كتاب Life—How Did It Get Here? By Evolution or by Creation? (‏الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطور ام بالخلق؟‏‏)‏ في السنة ١٩٨٥.‏ وتبعه،‏ في السنة ١٩٨٩،‏ الكتاب المقوِّي للايمان The Bible—God’s Word or Man’s? (‏الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه أم الانسان؟‏‏)‏

      ومُنح الانتباه ايضا للاشخاص المتواضعين الذين قد يحتاجون الى مساعدة خصوصية بسبب خلفيتهم الثقافية او الدينية.‏ فلتعليم الحق عن ملكوت يهوه للامّيين وللذين قراءتهم ضعيفة،‏ صدرت في السنة ١٩٨٢ كراسة Enjoy Life on Earth Forever! (‏تمتعوا بالحياة على الارض الى الابد!‏‏)‏ المؤلفة من ٣٢ صفحة.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كان قد طُبع اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٧٦ نسخة،‏ وكانت توزَّع بـ‍ ٢٠٠ لغة حول العالم،‏ مما جعلها الاوسع ترجمة من اية مطبوعة لجمعية برج المراقبة.‏

      وفي السنة ١٩٨٣،‏ جرى انتاج ثلاثة كراريس للغرض الخصوصي الرامي الى مساعدة المسلمين،‏ البوذيين،‏ والهندوس.‏ ولبلوغ اناس بهذه الخلفيات الدينية وغيرها،‏ من المساعد فهم شيء عن دينهم —‏ تعاليمه وتاريخه.‏ ولسدّ هذه الحاجة،‏ صدر في السنة ١٩٩٠ كتاب بحث الجنس البشري عن اللّٰه.‏

      كانت الهيئة الحاكمة مهتمة بشدة ببلوغ اكبر عدد ممكن من الناس برسالة الملكوت —‏ اناس «من كل الامم والقبائل .‏ .‏ .‏ والألسنة.‏» (‏رؤيا ٧:‏٩‏)‏ ولهذه الغاية أُعدَّت الترتيبات لترجمة المطبوعات بلغات اكثر بكثير.‏ مثلا،‏ من السنة ١٩٧٦ الى السنة ١٩٩٢،‏ كانت هنالك زيادة ٤٢ في المئة تقريبا في عدد اللغات التي أُنتجت بها برج المراقبة.‏ وفي تشرين الاول ١٩٩٢ صار العدد ١١١.‏ ولجعل الترجمة السريعة ممكنة،‏ صار في تلك السنة نفسها اكثر من ٨٠٠ مترجم حول العالم يشتركون في العمل.‏

      إغناء وتنويع برامج التعليم

      تحت توجيه الهيئة الحاكمة ولجنة التعليم التي لها جرى إغناء برامج الارشاد لمستخدَمي المركز الرئيسي وعائلات بيوت ايل في الفروع حول العالم ومنحها تنوُّعا اكثر.‏ فبالاضافة الى قراءة الكتاب المقدس والكتاب السنوي كجزء من العبادة الصباحية،‏ جرى تقديم تحليل عميق للجزء الذي يُقرَأ من الكتاب المقدس خلال الاسبوع السابق،‏ مع تطبيق للمواد على الخادمين في البتل.‏ وجرى ايضا تقديم تقارير قانونية من مختلف اقسام بيوت ايل وكذلك تقارير متكررة اكثر من نظار الاقاليم.‏

      ولسدّ حاجات ذوي المسؤوليات الاضافية داخل الهيئة،‏ جرى التخطيط لبرامج تعليمية اضافية والعمل بها.‏ فخلال السنة ١٩٧٧ صُنعت الترتيبات ليحضر جميع الشيوخ منهجا من ١٥ ساعة لمدرسة خدمة الملكوت.‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٨‏)‏ ومنذ ذلك الحين،‏ جرى الترتيب لدورات تعليمية مماثلة بأطوال مختلفة كل بضع سنين؛‏ وابتداء من السنة ١٩٨٤ نال الخدام المساعدون ايضا تدريبا في مدرسة خدمة الملكوت.‏ وفي بروكلين،‏ ابتداء من كانون الاول ١٩٧٧،‏ بدأت مدرسة خصوصية من خمسة اسابيع لاعضاء لجان الفروع.‏

      وأُظهر ايضا اهتمام خصوصي بأولئك الذين يبذلون انفسهم في الخدمة كامل الوقت كفاتحين.‏ ففي كانون الاول ١٩٧٧ جرى تدشين مدرسة خدمة الفتح،‏ منهج تدريبي لمدة اسبوعين للخدام الفاتحين،‏ في الولايات المتحدة وامتدت اخيرا الى كل انحاء الارض.‏ وخلال السنين الـ‍ ١٤ التالية،‏ ازداد عدد الفاتحين اكثر من خمسة اضعاف —‏ من ٣٨٩‏,١١٥ الى ٦١٠‏,٦٠٥!‏

      وفي خريف السنة ١٩٨٧،‏ افتُتحت مدرسة جديدة اخرى —‏ مدرسة تدريب الخدام.‏ وقد أُسست هذه المدرسة لتدريب الاخوة العزّاب الاكفاء الذين لديهم بعض الخبرة كشيوخ او خدام مساعدين والذين هم على استعداد للخدمة حيث تدعو الحاجة في الحقل العالمي النطاق.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت قد عُقدت صفوف في اسپانيا،‏ المانيا،‏ اوستراليا،‏ ايطاليا،‏ بريطانيا،‏ السلڤادور،‏ السويد،‏ فرنسا،‏ المكسيك،‏ النمسا،‏ نَيجيريا،‏ والولايات المتحدة.‏ ولم تكن النتيجة صفا من الافراد المعتبَرين اسمى من الآخرين في الجماعة،‏ بل بالاحرى زيادة في عدد الرجال المؤهلين جيدا لخدمة اخوتهم.‏

      ولترويج العمل العالمي النطاق لتعليم الكتاب المقدس،‏ صُنع برنامج لمحافل اممية في مدن استراتيجية الموقع —‏ بعضها في بلدان حيث شهود يهوه تحت الحظر.‏ وهذه المحافل عملت على تقوية الاخوة في تلك المناطق وعلى اعطاء الزخم القوي للكرازة بالبشارة في تلك البلدان.‏c

      تسهيلات للاعتناء بالنمو

      واذ استمرت كلمة يهوه في التقدُّم بسرعة،‏ صارت بعض التطورات المثيرة ضرورية في البناء والطبع —‏ حقلان تحت اشراف الهيئة الحاكمة ولجنة النشر التي لها.‏

      فتبرَّع شهود ذوو خبرة في البناء بخدماتهم،‏ ونُسِّقت جهودهم للمساعدة في بناء تسهيلات فروع جديدة وأكبر حول العالم.‏ ومن السنة ١٩٧٦ الى السنة ١٩٩٢ بوشر بناء تسهيلات فروع جديدة كاملا في نحو ٦٠ بلدا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اخذت المشاريع لتوسيع التسهيلات الموجودة مجراها في ٣٠ بلدا.‏ وطريقة القيام بالعمل (‏مع مجيء متطوعين من جماعات كثيرة —‏ وأحيانا من بلدان اخرى)‏ عملت على تقوية روابط المحبة والوحدة بين شعب يهوه.‏d

      ولسدّ حاجات الجمعية المتسعة الى الطباعة المتعددة اللغات،‏ طوَّر شهود ذوو خبرة في حقل الكمپيوتر نظاما يسبق الطبع يضبطه الكمپيوتر يدعى MEPS (‏نظام التنضيد التصويري الالكتروني المتعدد اللغات)‏.‏ وأُكمل المشروع في السنة ١٩٨٦.‏ ونتيجة لذلك،‏ بحلول السنة ١٩٩٢،‏ كانت برج المراقبة تُطبع بـ‍ ٦٦ لغة في آن واحد.‏ وهكذا صارت الغالبية العظمى من شهود يهوه قادرة على نيل الطعام الروحي نفسه في الوقت نفسه.‏e

      واذ استمرت تسهيلات جمعية برج المراقبة في التوسع،‏ لزم المزيد من المتطوعين في المركز الرئيسي في بروكلين وكذلك في مكاتب الفروع حول العالم.‏ ومن السنة ١٩٧٦ الى السنة ١٩٩٢ صارت عائلة البتل الاممية ثلاثة اضعاف في الحجم،‏ من نحو ٠٠٠‏,٤ الى اكثر من ٩٠٠‏,١٢ عضو يخدمون في كل انحاء الارض.‏ وقد اعتنت الهيئة الحاكمة ولجنة المستخدَمين التي لها بالحاجات الشخصية والروحية لهذا الجيش الكبير من المتطوعين كامل الوقت.‏

      الاعتناء بالجماعات وعمل التبشير

      واذ تقدَّمت كلمة يهوه بسرعة،‏ وجَّهت الهيئة الحاكمة ولجنة الخدمة التي لها طاقاتهما نحو بناء الجماعات حول العالم وتوسيع عمل التبشير العالمي النطاق.‏

      وهل كان ممكنا فعل المزيد لمساعدة الجدد الكثيرين الذين يعتمدون كل سنة؟‏ في وقت مبكر من السنة ١٩٧٧ أُعدَّت الترتيبات لتقوية الشهود الجدد روحيا.‏ اوضحت خدمتنا للملكوت:‏ «نعتقد انه يجب درس كتابين على الاقل مع جميع الاشخاص الذين يأتون الى الحق.‏ .‏ .‏ .‏ ولذلك يجب ان يستمر الدرس بعد المعمودية حتى تكميل الكتاب الثاني.‏» وبهذه الطريقة مُنح الشهود المعتمدون حديثا فرصة اكمل لنيل المعرفة والفهم ولحيازة التقدير المتزايد لما يعنيه الاعتماد.‏ والترتيب الجديد شجع ايضا على المعاشرة اللصيقة الاضافية بين الجدد والشهود الذين ساعدوهم في درسهم البيتي للكتاب المقدس.‏

      وبغية الاعتناء بالمتدفقين الى هيئة يهوه تشكَّلت اكثر من ٠٠٠‏,٢٩ جماعة جديدة في كل العالم بين السنة ١٩٧٦ والسنة ١٩٩٢.‏ (‏ميخا ٤:‏١‏)‏ وعيَّنت الهيئة الحاكمة نظار دوائر وكور اكثر وأرسلتهم للمساعدة.‏ فارتفع عدد النظار الجائلين هؤلاء من نحو ٦٠٠‏,٢ في السنة ١٩٧٦ الى ما يقارب الـ‍ ٩٠٠‏,٣ في السنة ١٩٩٢.‏

      واذ ازداد عدد الجماعات كانت هنالك ايضا حاجة متزايدة الى قاعات اجتماع اكثر.‏ فهل كانت هنالك طريقة اسرع لبناء قاعات الملكوت؟‏ في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ نظَّم شهود يهوه في الولايات المتحدة برنامج بناء دُعي اليه بناؤون مهرة من الانحاء المجاورة في البلد لمساعدة الشهود المحليين في بناء قاعة للملكوت.‏ وبمساعدة المئات كان يمكن اتمام القاعة بسرعة —‏ وغالبا في مجرد يومين او ثلاثة.‏ وبحلول ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ كانت قاعات الملكوت السريعة البناء تعلو في انحاء اخرى من الارض.‏

      والتغييرات السياسية في اوروپا الشرقية اثَّرت ايضا في شهود يهوه.‏ وكم كان مثيرا لاخوتنا في بلدان مثل ما كان يُدعى آنذاك الاتحاد السوڤياتي،‏ المانيا الشرقية (‏كما كانت معروفة وقتئذ)‏،‏ پولندا،‏ رومانيا،‏ وهنغاريا،‏ ان يعرفوا انهم مُنحوا الاعتراف الشرعي،‏ وفي بعض الحالات بعد ٤٠ سنة من الحظر!‏ والحرية المتزايدة في تلك البلدان الآن سهَّلت عليهم بلوغ نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٨٠ شخص بالبشارة!‏ وشهود يهوه لم يضيِّعوا وقتا في الافادة من حريتهم الموجودة حديثا للاشتراك في نشاطهم الكرازي العلني.‏

      والنتائج؟‏ تقدَّمت كلمة يهوه بسرعة!‏ مثلا،‏ في نيسان ١٩٩٢ كان عدد المنادين بالملكوت الذين يقدِّمون تقريرهم في پولندا ٩١٥‏,١٠٦.‏ والآمال بالنمو المقبل كانت بارزة:‏ في ذلك الشهر نفسه كان عدد الحضور في ذكرى موت المسيح ٢١٨‏,٢١٤.‏ وبشكل مماثل،‏ في البلدان التي كانت تشكّل سابقا الاتحاد السوڤياتي،‏ حضر الذكرى ما مجموعه ٤٧٣‏,١٧٣ في السنة ١٩٩٢،‏ زيادة ٦٠ في المئة على السنة السابقة.‏

      وفي بعض البلدان،‏ من ناحية اخرى،‏ يشكّل الاضطهاد المستمر والكوارث الطبيعية عقبات.‏ ففي السنة ١٩٩٢،‏ كانت نشاطات شهود يهوه لا تزال تحت القيود الحكومية في ٢٤ بلدا.‏ ولجنة العريف في الهيئة الحاكمة تفعل ما هو مستطاع لتزويد العون وإعلام الاخوَّة الاممية بالطرائق التي يمكنهم بها مساعدة الرفقاء الشهود الذين يخدمون تحت الشدة.‏ (‏قارنوا ١ كورنثوس ١٢:‏​١٢-‏٢٦‏.‏)‏ فلا حملات الاضطهاد ولا الكوارث الطبيعية كانت قادرة على ايقاف الكرازة بكلمة يهوه!‏

      ‏‹شعب خاص›‏

      وهكذا في السنين من ١٩٧٦ الى ١٩٩٢ كانت كلمة يهوه تتقدَّم بسرعة حقا.‏ والهيئة تضاعفت تقريبا في الحجم،‏ الى اكثر من ٠٠٠‏,٤٧٠‏,٤ ناشر للملكوت!‏

      ويستمر شعب يهوه في المناداة بغيرة بملكوت اللّٰه،‏ والآن بلغات اكثر من ايّ وقت مضى.‏ واذ يستعملون المطبوعات المزوَّدة يعمِّقون معرفتهم للكتاب المقدس ويساعدون المهتمين على تعلُّم حقائق الكتاب المقدس.‏ وهم يستفيدون من البرامج التعليمية التي جرى تأسيسها من اجل ذوي المسؤوليات الاضافية داخل الهيئة.‏ ولا شك ان يهوه بارك مناداتهم بملكوته.‏

      من سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ حتى الوقت الحاضر قام بعض الرجال بمساهمات بارزة في تقدُّم عمل الملكوت،‏ رجال مثل تشارلز ت.‏ رصل،‏ جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ ناثان ه‍.‏ نور،‏ وفردريك و.‏ فرانز،‏ فضلا عن آخرين ممن خدموا كأعضاء في الهيئة الحاكمة.‏ ولكن لم يَصرْ شهود يهوه مطلقا بدعة مبنية حول شخصيات ايٍّ من هؤلاء الرجال.‏ وعوضا عن ذلك،‏ لديهم قائد واحد فقط،‏ «المسيح.‏» (‏متى ٢٣:‏١٠‏)‏ فهو رأس شهود يهوه المنظَّمين هؤلاء،‏ الشخص الذي ‹دُفع اليه كل سلطان› لتوجيه هذا العمل «كل الايام الى اختتام نظام الاشياء.‏» (‏متى ٢٨:‏​١٨-‏٢٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهم مصمِّمون على الاذعان لرئاسة المسيح،‏ الالتصاق بكلمة اللّٰه،‏ والتعاون مع قيادة الروح القدس،‏ ليتمكنوا من الاستمرار في التقدُّم في عبادة الاله الحقيقي الوحيد وفي البرهان على كونهم «شعبا خاصا غيورا في اعمال حسنة.‏» —‏ تيطس ٢:‏١٤‏.‏

      ولكن ما هي بعض التعاليم الاساسية ومقاييس السلوك التي تميِّز شهود يهوه من جميع الاديان الاخرى؟‏ كيف صاروا معروفين بشهود يهوه؟‏ كيف تُموَّل نشاطاتهم؟‏ لماذا يحافظون على انفصال تام عن الكنائس الاخرى وعن العالم بصورة عامة؟‏ لماذا كانوا اهدافا للاضطهاد الشديد في انحاء كثيرة من الارض؟‏ ستجري الاجابة عن هذه الاسئلة والكثير غيرها في الفصول التالية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a انظروا الفصل ١٥،‏ «تطوُّر بنية الهيئة.‏»‏

      b من السنة ١٩٨٠ الى السنة ١٩٨٥ كانت هنالك زيادة ٧‏,٣٣ في المئة في عدد المشتركين في عمل الكرازة،‏ ومن ١٩٨٥ الى ١٩٩٢ كانت هنالك زيادة اضافية ٩‏,٤٧ في المئة.‏

      c انظروا الفصل ١٧،‏ «المحافل —‏ برهان على اخوَّتنا.‏»‏

      d انظروا الفصل ٢٠،‏ «البناء معا على نطاق عالمي.‏»‏

      e انظروا الفصل ٢٦،‏ «انتاج مطبوعات الكتاب المقدس للاستعمال في الخدمة.‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١١٧]‏

      ليست بدعة مبنية حول شخصيات ايٍّ من الرجال

      ‏[الاطار/‏الرسم البياني في الصفحة ١١٠]‏

      من السنة ١٩٧٦ الى السنة ١٩٩٢،‏ كانت هنالك زيادة ٤٢ في المئة في عدد اللغات التي أُنتجت بها «برج المراقبة»‏

      ‏[الرسم البياني]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ١١١

      ٧٨

      ١٩٧٦ ١٩٩٢

      ‏[الاطار في الصفحة ١١١]‏

      خلفية ف.‏ و.‏ فرانز

      وُلد فردريك وليم فرانز في كوڤينڠتون،‏ كنتاكي،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ١٢ ايلول ١٨٩٣.‏ وفي السنة ١٨٩٩ انتقلت العائلة الى سِنسِناتي،‏ حيث تخرَّج فردريك من المدرسة الثانوية في السنة ١٩١١.‏ ثم دخل جامعة سِنسِناتي،‏ آخذا مقرَّرا في الفنون الحرَّة.‏ وكان قد قرَّر ان يصير كارزا مشيخيا،‏ ولذلك انكبّ بنشاط على درس اللغة اليونانية للكتاب المقدس.‏ وفي الجامعة اختير فردريك لنيل منحة رودس،‏ مما اهَّله لدخول جامعة اوكسفورد في انكلترا.‏ ولكن قبل صنع الاعلان فقد فردريك كل اهتمام بالمنحة وطلب ان يُحذَف اسمه من لائحة المتنافسين.‏

      وفي وقت سابق،‏ كان اخوه ألبرت قد ارسل اليه كراسا حصل عليه من تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ وفي ما بعد اعطاه ألبرت المجلدات الثلاثة الاولى من «دروس في الاسفار المقدسة.‏» سُرَّ فردريك بما كان يتعلَّمه وقرَّر ان يقطع صلته بالكنيسة المشيخية ويعاشر جماعة تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وفي ٣٠ تشرين الثاني ١٩١٣ اعتمد.‏ وفي ايار ١٩١٤ ترك الجامعة،‏ وصنع الترتيبات حالا ليصير موزِّعا جائلا للمطبوعات (‏فاتحا)‏.‏

      وفي حزيران ١٩٢٠ صار عضوا في عائلة البتل في بروكلين.‏ وعقب موت ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ في حزيران ١٩٧٧،‏ انتُخب الاخ فرانز لمركز رئيس الجمعية.‏ وقد خدم بأمانة كعضو في الهيئة الحاكمة حتى موته،‏ في ٢٢ كانون الاول ١٩٩٢،‏ بعمر ٩٩ سنة.‏

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ١١٣]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      صفوف الفاتحين المتَّسعة

      ١٩٩٢

      ٠٠٠‏,٦٠٠

      ٠٠٠‏,٤٠٠

      ١٩٨٦

      ٠٠٠‏,٢٠٠

      ١٩٨١

      ١٩٧٦

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ١١٢]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      عائلة البتل العالمية النامية

      ١٩٩٢

      ٠٠٠‏,١٢

      ٠٠٠‏,٩

      ١٩٨٦

      ٠٠٠‏,٦

      ١٩٨١

      ١٩٧٦

      ٠٠٠‏,٣

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ١١٥]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      الجماعات المتزايدة

      ٠٠٠‏,٨٠

      ١٩٩٢

      ٠٠٠‏,٦٠

      ١٩٨٦

      ١٩٨١

      ١٩٧٦

      ٠٠٠‏,٤٠

      ٠٠٠‏,٢٠

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ١١٤]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ازدياد المنادين بالملكوت

      ١٩٩٢

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤

      ١٩٨٦

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣

      ١٩٨١

      ١٩٧٦

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠٩]‏

      كل مكتب فرع للجمعية تشرف عليه لجنة من الاخوة،‏ كهذه التي تشرف على العمل في نَيجيريا

      ‏[الصور في الصفحة ١١٦]‏

      الهيئة الحاكمة لشهود يهوه كانون الثاني ١٩٩٢

      كاري و.‏ باربر

      جون إ.‏ بار

      و.‏ لويد باري

      جون ت.‏ بوث

      فردريك و.‏ فرانز

      جورج د.‏ ڠانڠَس

      مِلتون ج.‏ هنشل

      ثيودور جاراكز

      كارل ف.‏ كلين

      ألبرت د.‏ شرودر

      لايْمَن أ.‏ سْوينڠل

      دانيال سيدليك

  • النمو في المعرفة الدقيقة للحق
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٠

      النمو في المعرفة الدقيقة للحق

      لم يشرع شهود يهوه في ادخال عقائد جديدة،‏ طريقة جديدة للعبادة،‏ دين جديد.‏ وعوضا عن ذلك،‏ يعكس تاريخهم العصري جهدا مخلصا لتعليم ما هو موجود في الكتاب المقدس،‏ كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ وهم يشيرون اليه بصفته الاساس لكل معتقداتهم وطريقة حياتهم.‏ وعوضا عن تطوير معتقدات تعكس الميول المتساهلة للعالم العصري،‏ سعوا الى العمل بدقة اكثر من ايّ وقت مضى بموجب تعاليم الكتاب المقدس وممارسات مسيحية القرن الاول.‏

      في وقت باكر من سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ شرع تشارلز تاز رصل وعشراؤه في درس جدي للكتاب المقدس.‏ وصار واضحا لهم ان العالم المسيحي قد انحرف عن تعاليم وممارسات المسيحية الباكرة.‏ ولم يدَّع الاخ رصل انه اول من ادرك ذلك،‏ واعترف جهارا بأنه مدين للآخرين بالعون الذي قدَّموه في سنواته الباكرة لدرس الاسفار المقدسة.‏ وأشاد بالعمل الجيد الذي قامت به مختلف الحركات في الاصلاح بغية جعل نور الحق يضيء بشكل اسطع.‏ وذكر بالاسم رجالا اكبر سنا مثل جونَس وِنْدِل،‏ جورج سْتِتْسون،‏ جورج ستورز،‏ ونلسون باربور،‏ الذين ساهموا شخصيا في فهمه لكلمة اللّٰه بطرائق متنوعة.‏a

      وذكر ايضا:‏ «ان العقائد المتنوعة التي نؤمن بها والتي تبدو جديدة ومنعشة ومختلفة جدا جرى الايمان بها في شكل ما منذ زمن طويل:‏ مثلا —‏ الانتخاب،‏ النعمة المجانية،‏ الردّ،‏ التبرير،‏ التقديس،‏ التمجيد،‏ القيامة.‏» ولكن غالبا ما كانت الحالة ان فريقا دينيا تميَّز بفهم اوضح لحقيقة واحدة للكتاب المقدس؛‏ وفريقا آخر بحقيقة اخرى.‏ وتقدُّمهم الاضافي كثيرا ما كان يعاق لأنهم كانوا مقيَّدين بعقائد وتعاليم تضمَّنت افكارا كانت قد ازدهرت في بابل ومصر القديمتين او كانت مستعارة من الفلاسفة اليونان.‏

      ولكن ايّ فريق،‏ بمساعدة روح اللّٰه،‏ كان سيتمسك من جديد تدريجيا بكامل «صورة الكلام الصحيح» التي كان قد عزَّزها مسيحيو القرن الاول؟‏ (‏٢ تيموثاوس ١:‏١٣‏)‏ ومَن كان سيصحّ فيهم ان سبيلهم «كنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل»؟‏ (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ ومَن كانوا سيقومون حقا بالعمل الذي اوصى به يسوع عندما قال:‏ «تكونون لي شهودا .‏ .‏ .‏ الى اقصى الارض»؟‏ ومَن هم الذين لم يكونوا ليتلمذوا الناس فقط ولكنهم كانوا ايضا ‹سيعلِّمونهم ان يحفظوا جميع ما› اوصاهم به يسوع؟‏ (‏اعمال ١:‏٨؛‏ متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ حقا،‏ هل كان قد حان للرب ان يميِّز بوضوح بين المسيحيين الحقيقيين الذين شبَّههم بالحنطة والزائفين الذين اشار اليهم بالزوان (‏وفي الواقع،‏ زوان من النوع الذي يشبه كثيرا الحنطة الى ان يبلغ النضج)‏؟‏b (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏)‏ ومَن كان سيتبرهن انهم «العبد الامين الحكيم» الذي يأتمنه السيد،‏ يسوع المسيح،‏ عند حضوره في سلطة الملكوت،‏ على مسؤولية اضافية في ما يتعلق بالعمل المنبإ به لاختتام نظام الاشياء هذا؟‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣،‏ ٤٥-‏٤٧‏.‏

      جعل النور يضيء

      امر يسوع تلاميذه ان يشتركوا مع الآخرين في نور الحق الالهي الذي نالوه منه.‏ «انتم نور العالم،‏» قال.‏ «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس.‏» (‏متى ٥:‏​١٤-‏١٦؛‏ اعمال ١٣:‏٤٧‏)‏ وقد ادرك تشارلز تاز رصل وعشراؤه ان لديهم التزام القيام بذلك.‏

      فهل اعتقدوا انهم يملكون كل الاجوبة،‏ كامل نور الحق؟‏ اجاب الاخ رصل عن هذا السؤال بصورة صريحة:‏ «كلا بالتأكيد؛‏ ولن نملكها حتى ‹النهار الكامل.‏›» (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ وكثيرا ما كانوا يشيرون الى معتقداتهم المؤسسة على الاسفار المقدسة بصفتها «الحق الحاضر» —‏ لا بفكرة ان الحق نفسه يتغير بل بالحري بفكرة ان فهمهم له تقدُّمي.‏

      وتلاميذ الكتاب المقدس المجتهدون هؤلاء لم يتجنبوا فكرة وجود شيء يُسمَّى الحق في مسائل الدين.‏ فقد اعترفوا بيهوه بصفته «اله الحق» وبالكتاب المقدس بصفته كلمة حقه.‏ (‏مزمور ٣١:‏٥؛‏ يشوع ٢١:‏٤٥؛‏ يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ وأدركوا انه لا يزال هنالك الكثير مما لا يعرفونه،‏ لكنهم لم يحجموا عن التصريح باقتناع بما تعلَّموه من الكتاب المقدس.‏ وعندما ناقضت العقائد والممارسات الدينية التقليدية ما وجدوه مبيَّنا بوضوح في كلمة اللّٰه الموحى بها،‏ عندئذ شهَّروا الكذب،‏ تمثُّلا بيسوع المسيح،‏ على الرغم من ان ذلك جلب عليهم الاستهزاء والبغض من رجال الدين.‏ —‏ متى ١٥:‏​٣-‏٩‏.‏

      ولبلوغ وإطعام الآخرين روحيا بدأ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ في تموز ١٨٧٩،‏ بنشر مجلة برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏

      الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه حقا

      لم تكن ثقة تشارلز تاز رصل بالكتاب المقدس مجرد مسألة قبول وجهة نظر تقليدية كانت شائعة في ذلك الوقت.‏ على العكس،‏ فما كان شائعا بين كثيرين في ذلك الوقت كان نقدا اعلى.‏ والذين ايَّدوه تحدَّوا امكان الاعتماد على سجل الكتاب المقدس.‏

      وكحدث كان رصل قد انضم الى الكنيسة الجماعية وكان نشيطا في عملها،‏ لكنَّ عدم عقلانية العقائد التقليدية ادَّى الى صيرورته متشكِّكا.‏ ووجد ان ما تعلَّمه لا يمكن المدافعة عنه من الكتاب المقدس بطريقة تمنح الاكتفاء.‏ فنبذ عقائد التعليم الكنسي،‏ ومعها الكتاب المقدس.‏ ثم فحص الاديان الشرقية الرئيسية،‏ لكنها هي ايضا لم تكن مانحة للاكتفاء.‏ وبعدئذ ابتدأ يتساءل عما اذا كانت عقائد العالم المسيحي تسيء تمثيل الكتاب المقدس.‏ واذ تشجع بما سمعه ذات مساء في اجتماع للمجيئيين،‏ باشر درسا شاملا للاسفار المقدسة.‏ وما رآه ينكشف امامه كان حقا كلمة اللّٰه الموحى بها.‏

      فتأثر عميقا بانسجام الكتاب المقدس مع ذاته ومع شخصية ذاك الذي تُحدَّد هويته بصفته مؤلِّفه الالهي.‏ ولمساعدة الآخرين على الافادة من ذلك،‏ كتب في وقت لاحق كتاب نظام الدهور الالهي،‏ الذي اصدره في السنة ١٨٨٦.‏ وضمَّنه بحثا رئيسيا في «الكتاب المقدس وحي الهي كما نرى بنور العقل.‏» ونحو نهاية هذا الفصل،‏ قال بصورة جلية:‏ «ان عمق وقوة وحكمة ومدى شهادة الكتاب المقدس تقنعنا بأنه لا الانسان،‏ بل اللّٰه القادر على كل شيء،‏ هو مؤلِّف مقاصده وإعلاناته.‏»‏

      ان الثقة بكامل الكتاب المقدس بصفته كلمة اللّٰه تستمر في ان تكون اساسا لمعتقدات شهود يهوه العصريين.‏ وفي كل العالم لديهم ادوات مساعِدة على الدرس تمكِّنهم شخصيا من فحص الدليل على كونه موحى به.‏ وأوجه هذا الموضوع تُبحث تكرارا في مجلاتهم.‏ وفي السنة ١٩٦٩ اصدروا كتاب Is the Bible Really the Word of God? (‏هل الكتاب المقدس حقا كلمة اللّٰه؟‏‏)‏ وبعد عشرين سنة اتَّخذ كتاب الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه أم الانسان؟‏ نظرة جديدة الى موضوع صحة الكتاب المقدس،‏ لفت الانتباه الى ادلة اضافية،‏ وتوصَّل الى الاستنتاج نفسه:‏ الكتاب المقدس هو فعلا كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ والكتاب الآخر من كتبهم،‏ وقد طبع اولا في السنة ١٩٦٣،‏ وجُعل عصريا في السنة ١٩٩٠،‏ هو ‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع.‏»‏ والتفصيل الاضافي موجود في موسوعتهم للكتاب المقدس،‏ بصيرة في الاسفار المقدسة،‏ المطبوعة في السنة ١٩٨٨.‏

      ومن درسهم الشخصي والجماعي لمثل هذه المواد هم مقتنعون بأنه،‏ على الرغم من ان نحو ٤٠ شخصا خلال فترة ١٦ قرنا استُخدموا لتسجيل ما هو موجود في الـ‍ ٦٦ سفرا للكتاب المقدس،‏ وجَّه اللّٰه نفسه الكتابة بروحه بصورة فعَّالة.‏ كتب الرسول بولس:‏ «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦؛‏ ٢ بطرس ١:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ وهذا الاقتناع هو عامل فعَّال في حياة شهود يهوه.‏ وتعليقا على ذلك،‏ قالت صحيفة بريطانية:‏ «وراء كل ما يفعله الشاهد يكمن سبب من الاسفار المقدسة.‏ حقا،‏ ان عقيدتهم الاساسية الواحدة هي الاعتراف بالكتاب المقدس بصفته .‏ .‏ .‏ الحق.‏»‏

      التعرُّف بالاله الحقيقي

      واذ درس الاخ رصل وعشراؤه الاسفار المقدسة،‏ لم يلزمهم وقت طويل ليروا ان اللّٰه الموصوف في الكتاب المقدس ليس اله العالم المسيحي.‏ وكانت هذه مسألة مهمة لأن آمال الناس بالحياة الابدية،‏ كما قال يسوع،‏ تتوقف على معرفتهم الاله الحقيقي الوحيد وذاك الذي ارسله،‏ وكيله الرئيسي للخلاص.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣؛‏ عبرانيين ٢:‏١٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وأدرك ت.‏ ت.‏ رصل والفريق الذي اشترك معه في درس الكتاب المقدس ان عدل اللّٰه هو في توازن كامل مع الحكمة،‏ المحبة،‏ والقدرة الالهية،‏ وأن هذه الصفات يجري الاعراب عنها في جميع اعماله.‏ وعلى اساس المعرفة التي كانت لديهم آنذاك عن قصد اللّٰه،‏ اعدُّوا بحثا عن سبب السماح بالشر وضمَّنوا ذلك احدى مطبوعاتهم الابكر والاوسع توزيعا،‏ الكتاب المؤلَّف من ١٦٢ صفحة Food for Thinking Christians (‏طعام للمسيحيين المفكرين‏)‏،‏ الذي صدر اولا كطبعة خصوصية من برج مراقبة زيون في ايلول ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ودرسهم لكلمة اللّٰه ساعدهم على الادراك ان للخالق اسما شخصيا وأنه يمكِّن البشر من معرفته والتمتع بعلاقة وثيقة به.‏ (‏١ أخبار الايام ٢٨:‏٩؛‏ اشعياء ٥٥:‏٦؛‏ يعقوب ٤:‏٨‏)‏ اوضحت برج المراقبة عدد تشرين الاول-‏تشرين الثاني ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏:‏ «‏يهوه هو الاسم الذي لا ينطبق على احد غير الكائن الاسمى —‏ ابينا،‏ والذي دعاه يسوع أبًا والها.‏» —‏ مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ يوحنا ٢٠:‏١٧‏.‏

      وفي السنة التالية،‏ اجابة عن السؤال،‏ «هل تدَّعون ان الكتاب المقدس لا يعلِّم ان هنالك ثلاثة اقانيم في اله واحد؟‏» أُعطي الجواب:‏ «نعم:‏ على الضد من ذلك،‏ يخبرنا ان هنالك الها وأبًا واحدا لربنا يسوع المسيح منه جميع الاشياء (‏او خلق جميع الاشياء)‏.‏ اذًا نحن نؤمن باله وأب واحد،‏ وأيضا بربّ واحد يسوع المسيح .‏ .‏ .‏ ولكنَّ هذين هما اثنان لا كائن واحد.‏ وهما واحد فقط بمعنى انهما على اتفاق.‏ ونحن نؤمن ايضا بـ‍ روح اللّٰه .‏ .‏ .‏ ولكنه ليس شخصا تماما كما هي الحال مع روح الابالسة وروح العالم وروح ضد المسيح.‏»‏ —‏ برج مراقبة زيون،‏ حزيران ١٨٨٢ (‏بالانكليزية)‏؛‏ يوحنا ١٧:‏​٢٠-‏٢٢‏.‏

      التقدير المتزايد لاسم اللّٰه

      وتدريجيا صار تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء مدركين بشكل متزايد الاهمية التي تمنحها الاسفار المقدسة الموحى بها للاسم الشخصي للّٰه.‏ وهذا الاسم كانت قد اخفته بالانكليزية ترجمة دواي الكاثوليكية الرومانية وترجمة الملك جيمس الپروتستانتية للكتاب المقدس،‏ كما فعلت في ما بعد معظم الترجمات بلغات عديدة في القرن الـ‍ ٢٠.‏ ولكنَّ مجموعة متنوِّعة من الترجمات فضلا عن اعمال مرجعية للكتاب المقدس شهدت على ان الاسم يهوه يرد في نص اللغة الاصلية آلاف المرات —‏ وفي الواقع،‏ اكثر بكثير من ايّ اسم آخر،‏ وأكثر من مجموع عدد المرات التي تظهر فيها ألقاب مثل اللّٰه والرب.‏ وبصفتهم «شعبا على اسمه،‏» نما تقديرهم للاسم الالهي.‏ (‏اعمال ١٥:‏١٤‏)‏ وفي برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ عرضوا ما ادركوا انه قضية ينبغي لكل فرد ان يواجهها،‏ اي «مَن سيكرمون يهوه؟‏»‏

      والتشديد الذي وضعوه على اسم اللّٰه لم يكن مجرد مسألة معرفة دينية.‏ وكما جرى الايضاح في كتاب Prophecy (‏النبوة،‏ الصادر بالانكليزية في السنة ١٩٢٩)‏،‏ فان القضية العظمى التي تواجه كل الخليقة الذكية تشمل اسم يهوه اللّٰه وكلمته.‏ ويشدِّد شهود يهوه على ان الكتاب المقدس يُظهر ان كل فرد يجب ان يعرف اسم اللّٰه ويعتبره شيئا مقدسا.‏ (‏متى ٦:‏٩؛‏ حزقيال ٣٩:‏٧‏)‏ ويجب ان يكون هذا الاسم محرَّرا من كل التعيير الذي كوَّمه عليه ليس فقط اولئك الذين تحدَّوا علنا يهوه بل ايضا اولئك الذين اساءوا تمثيله بعقائدهم وأعمالهم.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏٢٣؛‏ رومية ٢:‏٢٤‏)‏ وعلى اساس الاسفار المقدسة يدرك الشهود ان خير كل الكون وساكنيه يتوقف على تقديس اسم يهوه.‏

      ويدركون انه،‏ قبل ان يتخذ يهوه الاجراء لاهلاك الاشرار،‏ من واجب وامتياز شهوده ان يخبروا الآخرين بالحق عنه.‏ وشهود يهوه يقومون بذلك في كل الارض.‏ وهم غيورون جدا في اتمام هذه المسؤولية حتى ان ايّ شخص،‏ امميًّا،‏ يستعمل اسم يهوه جهارا سرعان ما تُعيَّن هويته بأنه واحد من شهود يهوه.‏

      تشهير الثالوث

      كشهود ليهوه شعر ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه بالمسؤولية الكبيرة لتشهير التعاليم التي اساءت تمثيل اللّٰه،‏ لمساعدة محبي الحق ان يدركوا انها ليست مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ ولم يكونوا اول مَن ادركوا ان الثالوث غير مؤسس على الاسفار المقدسة،‏c لكنهم عرفوا تماما انه اذا كانوا سيصيرون خداما امناء للّٰه،‏ فلديهم مسؤولية اعلان الحق عنه.‏ وبشجاعة،‏ لفائدة جميع محبي الحق،‏ كشفوا عن الجذور الوثنية لهذه العقيدة الرئيسية للعالم المسيحي.‏

      قالت برج المراقبة الصادرة في حزيران ١٨٨٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان فلاسفة وثنيين عديدين،‏ اذ وجدوا انه من الحكمة ان ينضموا الى صفوف الدين الناشئ [شكل مرتدّ للمسيحية وافق عليه الاباطرة الرومان في القرن الرابع ب‌م]،‏ ابتدأوا يمهِّدون له سبيلا سهلا بمحاولة اكتشاف امور متطابقة بين المسيحية والوثنية،‏ وبالتالي مزْج الاثنتين معا.‏ وقد نجحوا فعلا الى حد بعيد.‏ .‏ .‏ .‏ واذ كان لدى اللاهوت القديم عدد من الآلهة الرئيسية،‏ مع العديد من انصاف الآلهة من كلا الجنسين،‏ صمَّم المسيحيون الوثنيون ان ينظِّموا من جديد قائمة باللاهوت الجديد.‏ فاختُلقت في هذا الوقت عقيدة الثلاثة آلهة —‏ اللّٰه الآب،‏ اللّٰه الابن،‏ واللّٰه الروح القدس.‏»‏

      سعى بعض رجال الدين الى اضفاء صبغة من الكتاب المقدس على تعليمهم باقتباس آيات مثل ١ يوحنا ٥:‏٧‏،‏ لكنَّ الاخ رصل قدَّم دليلا يُظهر ان العلماء يعرفون جيدا ان جزءا من هذه الآية هو اضافة،‏ إقحام زائف اجراه احد الكتبة لدعم تعليم غير موجود في الاسفار المقدسة.‏ ولجأ مدافعون آخرون عن الثالوث الى يوحنا ١:‏١‏،‏ لكنَّ برج المراقبة حلَّلت هذه الآية على اساس المحتوى والقرينة كليهما لتبيِّن ان هذه لا تدعم مطلقا الايمان بالثالوث.‏ وانسجاما مع ذلك،‏ في عددها الصادر في تموز ١٨٨٣ (‏بالانكليزية)‏،‏ قالت برج المراقبة:‏ «المزيد من درس الكتاب المقدس عوضا عن درس كتابات الكنيسة كان سيجعل الموضوع اوضح للجميع.‏ ان عقيدة الثالوث معارضة كليا للاسفار المقدسة.‏»‏

      شهَّر الاخ رصل بصراحة حماقة ادِّعاء الايمان بالكتاب المقدس وفي الوقت نفسه تعليم عقيدة كالثالوث،‏ التي تناقض ما يقوله الكتاب المقدس.‏ وهكذا كتب:‏ «يا لكومة التناقضات والتشويش التي يجد فيها انفسهم اولئك الذين يقولون ان يسوع والآب هما اله واحد!‏ فهذا يتضمن الفكرة ان ربنا يسوع تصرَّف كالمرائي عندما كان على الارض وادَّعى فقط مخاطبة اللّٰه في الصلاة،‏ في حين كان هو نفسه اللّٰه عينه.‏ .‏ .‏ .‏ وأيضا،‏ ان الآب على الدوام خالد،‏ ولذلك لا يمكن ان يموت.‏ فكيف كان ممكنا ان يموت يسوع؟‏ ولو لم يمت،‏ لكان الرسل جميعا شهود زور في اعلان موت يسوع وقيامته.‏ لكنَّ الاسفار المقدسة تعلن انه مات فعلا.‏»‏d

      وهكذا في مرحلة باكرة من تاريخهم العصري رفض شهود يهوه بثبات عقيدة ثالوث العالم المسيحي لمصلحة تعليم الكتاب المقدس نفسه المعقول والمبهج للقلب.‏e والعمل الذي قاموا به لنشر هذه الحقائق ولاعطاء الناس في كل مكان الفرصة لسماعها اتخذ ابعادا لم يبلغها قط ايّ فرد او فريق آخر،‏ في الماضي او الحاضر.‏

      ما هي حالة الموتى؟‏

      ان ما يخبئه المستقبل للناس الذين لم يقبلوا تدبير اللّٰه للخلاص كان موضع اهتمام عميق بالنسبة الى ت.‏ ت.‏ رصل منذ صباه.‏ فعندما كان مجرد ولد،‏ آمن بما قاله رجال الدين عن نار الهاوية؛‏ واعتقد انهم يكرزون بكلمة اللّٰه.‏ وكان يخرج ليلا ليكتب بالطباشير آيات من الكتاب المقدس في اماكن بارزة بحيث يمكن تحذير العمال الذين يمرّون من هناك وانقاذهم من المصير المروِّع للعذاب الابدي.‏

      وفي وقت لاحق،‏ بعد ان رأى لنفسه ما يعلِّمه الكتاب المقدس حقا،‏ اقتبس منه احد عشرائه قوله:‏ «اذا كان الكتاب المقدس يعلِّم فعلا ان العذاب الابدي هو مصير الجميع ما عدا القديسين،‏ يجب ان يُكرَز بذلك —‏ نعم،‏ ان ينادَى به على السطوح كل اسبوع،‏ كل يوم،‏ كل ساعة؛‏ واذا كان لا يعلِّم ذلك فان هذا الواقع يجب اعلانه،‏ واللطخة الكريهة المهينة لاسم اللّٰه القدوس يجب ازالتها.‏»‏

      وفي مرحلة باكرة من درسه للكتاب المقدس،‏ رأى ت.‏ ت.‏ رصل بوضوح ان الهاوية ليست مكانا لعذاب الانفس بعد الموت.‏ وقد ساعده في ذلك على الارجح جورج ستورز،‏ محرِّر فاحص الكتاب المقدس،‏ الذي ذكره الاخ رصل بتقدير حار في كتاباته والذي كان هو نفسه قد كتب الكثير عما فهمه من الكتاب المقدس عن حالة الموتى.‏

      ولكن ماذا عن النفس؟‏ هل ايَّد تلاميذ الكتاب المقدس الاعتقاد انها جزء روحاني من الانسان،‏ شيء يبقى حيا بعد موت الجسد؟‏ على الضد من ذلك،‏ ففي السنة ١٩٠٣ ذكرت برج المراقبة:‏ «يجب ان نلاحظ بدقة ان الدرس هو ليس ان الانسان له نفس،‏ بل ان الانسان هو نفس،‏ او كائن.‏ لنأخذ مثالا من الطبيعة —‏ الهواء الذي نتنشقه:‏ انه مؤلَّف من الأكسجين والنتروجين،‏ وليس ايّ منهما هو الجو،‏ او الهواء؛‏ ولكن عندما يتَّحد الاثنان،‏ في نسب كيميائية صحيحة،‏ يكون الجو هو الشيء الناتج.‏ وكذلك هي الحال مع النفس.‏ واللّٰه يكلِّمنا من وجهة النظر هذه،‏ كون كل منا نفسا.‏ وهو لا يخاطب اجسادنا ولا نسمة حياتنا،‏ لكنه يخاطبنا نحن ككائنات ذكية،‏ او انفس.‏ وفي التلفظ بالعقاب على مخالفة شريعته لم يخاطب جسد آدم بالتخصيص،‏ بل الانسان،‏ النفس،‏ الكائن الذكي:‏ ‹يوم تأكل منها موتا تموت‏.‏› ‹‏النفس التي تخطئ هي تموت‏.‏› —‏ تكوين ٢:‏١٧؛‏ حزقيال ١٨:‏٢٠‏.‏» وكان ذلك على انسجام مع ما قالته برج المراقبة في وقت باكر في نيسان ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏.‏f

      اذًا كيف تطور الايمان بالخلود الملازم للانفس البشرية؟‏ ومَن كان منشئه؟‏ بعد الفحص الدقيق للكتاب المقدس والتاريخ الديني كليهما،‏ كتب الاخ رصل في برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٨٩٤ (‏بالانكليزية)‏:‏ «من الواضح انه لم يأتِ من الكتاب المقدس .‏ .‏ .‏ فالكتاب المقدس يعلن بشكل جلي ان الانسان مائت،‏ أن الموت ممكن له.‏ .‏ .‏ .‏ واذ نفحص صفحات التاريخ بدقة،‏ نجد انه على الرغم من ان عقيدة خلود النفس البشرية لا يعلِّمها شهود اللّٰه الملهَمون فهي الجوهر عينه لجميع الاديان الوثنية.‏ .‏ .‏ .‏ ولذلك ليس صحيحا ان سقراط وأفلاطون هما اول مَن علَّم العقيدة:‏ فلها معلِّم اقدم من ايٍّ منهما،‏ وأقدر ايضا.‏ .‏ .‏ .‏ والسجل الاول لهذا التعليم الباطل موجود في اقدم تاريخ معروف عند الانسان —‏ الكتاب المقدس.‏ والمعلِّم الكذاب كان الشيطان.‏»‏g

      ادارة «خرطوم المياه» على الهاوية

      انسجاما مع رغبة الاخ رصل القوية في ان يزيل عن اسم اللّٰه اللطخة الكريهة الناتجة من التعليم عن نار هاوية للعذاب الابدي،‏ كتب نشرة تبرز الموضوع،‏ «هل تعلِّم الاسفار المقدسة ان العذاب الابدي هو اجرة الخطية؟‏» (‏The Old Theology‏)‏ (‏اللاهوت القديم،‏ ١٨٨٩)‏ قال فيها:‏

      ‏«كان لنظرية العذاب الابدي اصل وثني،‏ على الرغم من انها كما اعتنقها الوثنيون لم تكن عقيدة عديمة الرحمة كما صارت لاحقا،‏ عندما ابتدأت تقترن تدريجيا بالمسيحية الاسمية خلال اختلاطها بالفلسفات الوثنية في القرن الثاني.‏ وبقي للارتداد العظيم ان يضيف الى الفلسفة الوثنية التفاصيل المروِّعة المعتقد بها عموما الآن الى حد بعيد،‏ ان يصوِّرها على جدران الكنائس،‏ كما جرى في اوروپا،‏ ان يكتبها في تعاليمها وتراتيلها،‏ وأن يحرِّف كلمة اللّٰه بغية اعطاء دعم الهي ظاهري للتجديف المهين للّٰه.‏ ولذلك فإن الميل السريع الى التصديق في الوقت الحاضر يتقبَّلها كتراث،‏ لا من الرب،‏ او الرسل،‏ او الانبياء،‏ بل من روح المسايرة التي ضحَّت بالحق والمنطق،‏ وحرَّفت بصورة مخزية عقائد المسيحية،‏ في طموح غير مقدس ونزاع من اجل السلطة والثروة والارقام.‏ والعذاب الابدي بصفته جزاء الخطية لم يكن معروفا عند الآباء الاجلَّاء في العصور الماضية؛‏ لم يكن معروفا عند انبياء العصر اليهودي؛‏ ولم يكن معروفا عند الرب والرسل؛‏ لكنه كان العقيدة الرئيسية للمسيحية الاسمية منذ الارتداد العظيم —‏ السوط الذي به اقتيد السذَّج،‏ الجهال والمؤمنون بالخرافات في العالم الى الخضوع المذِلّ للطغيان.‏ فالعذاب الابدي جرى الحكم به على جميع الذين كانوا يقاومون او يرفضون بازدراء سلطة روما،‏ وابتدأت المعاقبة به في الحياة الحاضرة بقدر ما نالت من سلطة.‏»‏

      كان الاخ رصل يعرف جيدا ان غالبية الناس العقلاء لا يؤمنون حقا بعقيدة نار الهاوية.‏ ولكن،‏ كما بيَّن،‏ في السنة ١٨٩٦،‏ في كراس What Say the Scriptures About Hell? (‏ماذا تقول الاسفار المقدسة عن الهاوية؟‏‏)‏،‏ «بما انهم يظنون ان الكتاب المقدس يعلِّمها،‏ فكل خطوة يتقدَّمونها في ذكاء حقيقي ولطف اخوي .‏ .‏ .‏ انما هي في معظم الحالات خطوة ابتعاد عن كلمة اللّٰه،‏ التي يتهمونها باطلا بهذا التعليم.‏»‏

      ولردّ مثل هؤلاء الناس المفكرين الى كلمة اللّٰه،‏ عرض في هذا الكراس كل آية في ترجمة الملك جيمس وُجِدت فيها الكلمة هاوية،‏ حتى يتسنى للقرَّاء ان يروا لانفسهم ما تقوله هذه،‏ ثم ذكر:‏ «شكرا للّٰه،‏ لا نجد مكانا للعذاب الابدي كما تعلِّم خطأً القوانين الكنسية وكتب التراتيل،‏ والكثير من منابر الوعظ.‏ ولكننا وجدنا ‹هاوية،‏› شيول،‏ آذس،‏ حُكم بها على جنسنا بسبب خطية آدم،‏ ومنها يُفتدى الجميع بموت ربنا؛‏ وهذه ‹الهاوية› هي القبر —‏ حالة الموت.‏ ونجد ‹هاوية› اخرى (‏جهنّا —‏ الموت الثاني —‏ الهلاك التام)‏ يُلفَت انتباهنا اليها بصفتها الجزاء النهائي الآتي على جميع الذين،‏ بعد افتدائهم والمجيء بهم الى المعرفة الكاملة للحق،‏ والمقدرة التامة على اطاعته،‏ يختارون مع ذلك الموت باختيار مسلك المقاومة للّٰه والبر.‏ وقلوبنا تقول،‏ آمين.‏ عادلة وحق هي طرقك يا ملك الامم.‏ مَن لا يخافك يا رب ويمجِّد اسمك لأنك وحدك قدوس لأن جميع الامم سيأتون ويسجدون امامك لأن احكامك قد أُظهرت.‏» —‏ رؤيا ١٥:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      وما كان يعلِّمه صار مصدر اغاظة وارتباك لرجال دين العالم المسيحي.‏ وفي السنة ١٩٠٣ دُعي الى مناظرة عامة.‏ وحالة الموتى كانت احدى المسائل في سلسلة المناظرات الحاصلة بين ت.‏ ت.‏ رصل والدكتور إ.‏ ل.‏ إيتن،‏ الذي خدم كناطق بلسان اتحاد غير رسمي للقسوس الپروتستانت في الجزء الغربي من پنسلڤانيا.‏

      وفي اثناء تلك المناظرات ايَّد الاخ رصل بثبات القضية ان «الموت هو موت،‏ وأن اعزَّاءنا،‏ عندما يغيبون عنا،‏ يكونون امواتا حقا،‏ وأنهم ليسوا احياء مع الملائكة ولا مع الابالسة في مكان يأس.‏» ودعما لذلك،‏ اشار الى آيات مثل جامعة ٩:‏​٥،‏ ١٠؛‏ رومية ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣؛‏ وتكوين ٢:‏١٧‏.‏ وقال ايضا:‏ «الاسفار المقدسة هي على انسجام تام مع ما نعترف به انت وأنا وكل شخص عاقل ومنطقي في العالم انه شخصية الهنا المنطقية والحقيقية.‏ وماذا يجري اعلانه عن ابينا السماوي؟‏ انه عادل،‏ انه حكيم،‏ انه محب،‏ انه قدير.‏ وجميع الاشخاص المسيحيين يعترفون بهذه الصفات للشخصية الالهية.‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فهل يمكننا ان نجد ايّ معنى للكلمة يمكننا به ان نتصور اللّٰه عادلا ومع ذلك يعاقب مخلوقا من عمل يديه طوال الابدية،‏ مهما كانت الخطية؟‏ انا لا ادافع عن الخطية؛‏ لا احيا شخصيا في الخطية،‏ ولا اكرز ابدا بالخطية.‏ .‏ .‏ .‏ ولكنني اقول لكم ان جميع اولئك الناس حولنا الذين يقول اخونا [الدكتور إيتن] انهم يتكلمون دون توقير بتجاديفهم على اللّٰه والاسم المقدس ليسوع المسيح هم جميعا اناس تعلَّموا هذه العقيدة للعذاب الابدي.‏ وجميع القتلة،‏ اللصوص وفاعلي الاثم في الاصلاحيات،‏ تعلَّموا جميعا هذه العقيدة.‏ .‏ .‏ .‏ هذه هي عقائد رديئة؛‏ وكانت تؤذي العالم كل هذا الزمان الطويل؛‏ وهي ليست جزءا من تعليم الرب على الاطلاق،‏ وأخونا العزيز لم ينزع دخان العصور المظلمة عن عينيه بعدُ.‏»‏

      ويُخبَر انه بعد المناظرة اقترب من رصل رجل دين كان بين الحضور وقال:‏ «اني مسرور برؤيتك تدير خرطوم المياه على الهاوية وتطفئ النار.‏»‏

      ولاعلان الحق عن حالة الموتى بشكل اوسع ايضا،‏ عقد الاخ رصل سلسلة واسعة من المحافل ليوم واحد،‏ من السنة ١٩٠٥ الى السنة ١٩٠٧،‏ حيث ابرز المحاضرة العامة «الى الهاوية ومنها!‏ مَن هم هناك؟‏ الرجاء بعودة كثيرين.‏» كان العنوان مثيرا للاهتمام،‏ ولفت الكثير من الانتباه.‏ فاحتشدت الجماهير في قاعات المحافل في المدن الكبيرة والصغيرة على السواء في الولايات المتحدة وكندا لسماع الخطاب.‏

      وكان بين اولئك الذين تأثروا بعمق بما يقوله الكتاب المقدس عن حالة الموتى تلميذ جامعي في سِنسِناتي،‏ اوهايو،‏ كان يستعدّ ليصير قسا مشيخيا.‏ ففي السنة ١٩١٣ تسلَّم من اخيه في الجسد كراس اين هم الموتى؟‏،‏ بقلم جون ادغار،‏ تلميذ للكتاب المقدس كان ايضا طبيبا في أسكتلندا.‏ والتلميذ الذي تسلَّم الكراس كان فردريك فرانز.‏ وبعد قراءته باعتناء،‏ اعلن بثبات:‏ «هذا هو الحق.‏» ودون تردد غيَّر اهدافه في الحياة وانخرط في الخدمة كامل الوقت كمبشر جائل لتوزيع المطبوعات.‏ وفي السنة ١٩٢٠ صار احد المستخدَمين في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة.‏ وبعد سنين عديدة صار عضوا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه،‏ وفي وقت لاحق،‏ رئيس جمعية برج المراقبة.‏

      ذبيحة يسوع المسيح الفدائية

      في السنة ١٨٧٢،‏ في ما يتعلق بفحصه الاسفار المقدسة،‏ اتخذ الاخ رصل وعشراؤه نظرة جديدة الى موضوع الردّ،‏ من وجهة نظر الفدية التي قدَّمها يسوع المسيح.‏ (‏اعمال ٣:‏٢١‏)‏ وقد أُثير عندما رأى في العبرانيين ٢:‏٩ ان ‹يسوع ذاق بنعمة اللّٰه الموت لاجل كل واحد.‏› ولم يَقدْه ذلك الى الايمان بالخلاص العام،‏ لانه عرف ان الاسفار المقدسة تقول ايضا ان المرء يجب ان يمارس الايمان بيسوع المسيح لكي يخلص.‏ (‏اعمال ٤:‏١٢؛‏ ١٦:‏٣١‏)‏ ولكنه ابتدأ يفهم —‏ مع انه ليس دفعة واحدة —‏ اية فرصة بديعة جعلتها ذبيحة يسوع المسيح الفدائية ممكنة للجنس البشري.‏ فقد فتحت لهم الطريق ليحصلوا على ما خسره آدم،‏ رجاء الحياة الابدية في كمال بشري.‏ ولم يكن الاخ رصل سلبيا حيال المسألة؛‏ فقد ادرك الاهمية البالغة للفدية وأيَّدها بقوة،‏ حتى عندما سمح عشراء احماء لتفكيرهم بأن تفسده الآراء الفلسفية.‏

      وبحلول منتصف السنة ١٨٧٨،‏ كان الاخ رصل لنحو سنة ونصف محرِّرا مساعدا لمجلة بشير الصباح،‏ التي كان فيها ن.‏ ه‍.‏ باربور رئيس التحرير.‏ ولكن عندما استخفّ باربور،‏ في عدد آب ١٨٧٨ من مجلتهما،‏ بتعليم الاسفار المقدسة عن الفدية،‏ تجاوب رصل بدفاع قوي عن تلك الحقيقة الحيوية للكتاب المقدس.‏

      فتَحْت عنوان «الكفارة،‏» اوضح باربور كيف شعر حيال التعليم،‏ قائلا:‏ «اقول لولدي،‏ او لأحد خدمي،‏ عندما يعضّ جيمس اخته،‏ أَمسِك ذبابة،‏ واغرز دبوسا في جسمها وعلِّقها على الحائط،‏ فأصفح عن جيمس.‏ هذا يوضح عقيدة الاستبدال.‏» وعلى الرغم من انه ادَّعى الايمان بالفدية،‏ فقد اشار باربور الى ان الفكرة القائلة ان المسيح دفع بموته جزاء الخطية عن ذرية آدم هي «غير مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ وتتعارض مع كل افكارنا عن العدل.‏»‏h

      وفي العدد التالي نفسه من بشير الصباح (‏ايلول ١٨٧٨)‏،‏ اعترض الاخ رصل بشدة على ما كتبه باربور.‏ فحلَّل رصل ما تقوله حقا الاسفار المقدسة وانسجامها مع «كمال عدل [اللّٰه]،‏ وأخيرا رحمته ومحبته العظيمتين» كما جرى التعبير عن ذلك بتدبير الفدية.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣؛‏ ٢ كورنثوس ٥:‏​١٨،‏ ١٩؛‏ ١ بطرس ٢:‏٢٤؛‏ ٣:‏١٨؛‏ ١ يوحنا ٢:‏٢‏)‏ وبحلول الربيع التالي،‏ بعد محاولات متكررة لمساعدة باربور على رؤية الامور بحسب الاسفار المقدسة،‏ سحب رصل دعمه للـ‍ بشير؛‏ وابتداء من عدد حزيران ١٨٧٩،‏ لم يعد اسمه يظهر كمحرِّر مساعد لتلك المطبوعة.‏ وموقفه الجريء غير المساير في ما يتعلق بهذا التعليم المركزي للكتاب المقدس كانت له نتائج بعيدة المدى.‏

      وطوال تاريخهم العصري دافع شهود يهوه بثبات عن تعليم الاسفار المقدسة المتعلق بالفدية.‏ والعدد الاول نفسه من برج مراقبة زيون (‏تموز ١٨٧٩)‏ شدَّد على ان «الاستحقاق امام اللّٰه يكمن .‏ .‏ .‏ في ذبيحة المسيح الكاملة.‏»‏ وفي السنة ١٩١٩ في محفل رعته جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ عرض البرنامج المطبوع بشكل بارز الكلمات «اهلا بكم!‏ يا جميع المؤمنين بالذبيحة الفدائية العظمى.‏» والغلاف الامامي الداخلي لـ‍ برج المراقبة يستمر في لفت الانتباه الى الفدية،‏ قائلا عن قصد المجلة:‏ «تشجع على الايمان بملك اللّٰه الحاكم الآن،‏ يسوع المسيح،‏ الذي دمه المسفوك يفسح المجال لنيل الجنس البشري الحياة الابدية.‏»‏

      تقدُّميون،‏ غير مقيَّدين بعقيدة

      ان الفهم الواضح لكلمة اللّٰه لم يأتِ كله دفعة واحدة.‏ وفي حالات كثيرة فهم تلاميذ الكتاب المقدس تفصيلا واحدا لنموذج الحق لكنهم لم يكونوا قد رأوا بعدُ كامل الصورة.‏ غير انهم كانوا على استعداد للتعلُّم.‏ ولم يكونوا مقيَّدين بعقيدة؛‏ فكانوا تقدُّميين.‏ وما تعلَّموه اخبروا به الآخرين.‏ ولم يكتسبوا الفضل في الامور التي علَّموها؛‏ فقد طلبوا ان يكونوا «متعلِّمين من (‏يهوه)‏.‏» (‏يوحنا ٦:‏٤٥‏)‏ وصاروا يقدِّرون ان يهوه يجعل فهم تفاصيل قصده ممكنا في وقته الخاص وبطريقته الخاصة.‏ —‏ دانيال ١٢:‏٩‏؛‏ قارنوا يوحنا ١٦:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

      وتعلُّم امور جديدة يتطلب تعديلات في وجهة النظر.‏ واذا كانت الاخطاء سيُعتَرف بها والتغييرات المفيدة ستُصنَع،‏ يكون التواضع لازما.‏ وهذه الصفة وثمارها مرضيَّة عند يهوه،‏ ومثل هذا المسلك يروق بشدة محبي الحق.‏ (‏صفنيا ٣:‏١٢‏)‏ ولكن يهزأ به اولئك الذين يفتخرون بالعقائد التي بقيت دون تغيير لقرون عديدة،‏ بالرغم من ان رجالا ناقصين صاغوها.‏

      طريقة رجوع الرب

      في منتصف سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ ادرك الاخ رصل وأولئك الذين كانوا يفحصون باجتهاد الاسفار المقدسة معه انه عندما يرجع الرب سيكون غير منظور للاعين البشرية.‏ —‏ يوحنا ١٤:‏​٣،‏ ١٩‏.‏

      قال الاخ رصل في ما بعد:‏ «شعرنا بالحزن الشديد حيال خطإ المؤمنين بالمجيء الثاني،‏ الذين كانوا يتوقعون المسيح في الجسد،‏ ويعلِّمون ان العالم وكل ما فيه ما عدا المؤمنين بالمجيء الثاني سيحترقون في السنة ١٨٧٣ او السنة ١٨٧٤،‏ الذين جلبت تحديداتهم المسبقة للوقت وخيباتهم وأفكارهم غير المصقولة عموما في ما يتعلق بهدف وطريقة مجيئه شيئا من التعيير علينا وعلى جميع الذين يتوقون الى ملكوته المقبل وينادون به.‏ ووجهات النظر الخاطئة هذه المقبولة عموما في ما يتعلق بهدف وطريقة رجوع الرب كليهما قادتني الى كتابة كراس —‏ ‏‹هدف وطريقة رجوع ربنا.‏›»‏ وهذا الكراس صدر في السنة ١٨٧٧.‏ وكان الاخ رصل قد طبع منه نحو ٠٠٠‏,٥٠ نسخة ووزَّعها.‏

      وفي هذا الكراس كتب:‏ «نؤمن بأن الاسفار المقدسة تعلِّم انه عند مجيئه ولفترة بعد مجيئه،‏ سيبقى غير منظور؛‏ وبعد ذلك يُظهِر او يبيِّن نفسه في الاحكام ومختلف الاشكال،‏ بحيث ‹تنظره كل عين.‏›» وتأييدا لذلك ناقش آيات مثل اعمال ١:‏١١ (‏«سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا» —‏ اي غير منظور من العالم)‏ ويوحنا ١٤:‏١٩ (‏«بعد قليل لا يراني العالم ايضا»)‏.‏ وأشار الاخ رصل ايضا الى واقع ان مؤكد اللسانين،‏ الذي صدر اولا بالشكل الكامل في السنة ١٨٦٤ مع ترجمة انكليزية حرفية ما بين السطور،‏ اعطى الدليل على ان التعبير اليوناني پاروسيا يعني «حضورا.‏» وفي تحليل استعمال الكتاب المقدس لهذا الاصطلاح،‏ اوضح رصل في هذا الكراس:‏ «ان الكلمة اليونانية المستعملة عموما في الاشارة الى المجيء الثاني —‏ پاروسيا،‏ المترجمة تكرارا الى إتيان —‏ تدل بشكل ثابت على الحضور الشخصي،‏ أنه قد اتى،‏ وصل،‏ ولا تدل ابدا على انه في الطريق،‏ كما نستعمل الكلمة إتيان.‏»‏

      وعند مناقشة قصد حضور المسيح،‏ اوضح رصل ان ذلك ليس شيئا يُنجَز في لحظة واحدة تهز العالم.‏ «ان المجيء الثاني،‏ كالاول،‏» كتب،‏ «يغطي فترة من الوقت،‏ وهو ليس حدثا للحظة.‏» وخلال ذلك الوقت،‏ كتب،‏ يُمنح «القطيع الصغير» مكافأتهم مع الرب كوارثين معه في ملكوته؛‏ والآخرون،‏ ربما البلايين،‏ يُمنحون فرصة للحياة الكاملة على ارض يجري ردّها الى جمال عدني.‏ —‏ لوقا ١٢:‏٣٢‏.‏

      وفي مجرد سنين قليلة،‏ على اساس درس اضافي للاسفار المقدسة،‏ ادرك رصل ان المسيح لا يرجع بصورة غير منظورة فحسب بل يبقى ايضا غير منظور،‏ حتى عندما يعرب عن حضوره بالحكم على الاشرار.‏

      وفي السنة ١٨٧٦،‏ عندما قرأ رصل للمرة الاولى نسخة من بشير الصباح،‏ علم ان هنالك فريقا آخر كان يؤمن آنذاك بأن رجوع المسيح سيكون غير منظور ويقرن هذا الرجوع ببركات لجميع قبائل الارض.‏ ومن السيد باربور،‏ محرِّر تلك المطبوعة،‏ صار رصل ايضا مقتنعا بأن حضور المسيح غير المنظور قد بدأ في السنة ١٨٧٤.‏i ولُفِت الانتباه في ما بعد الى ذلك بالعنوان الفرعي «بشير حضور المسيح،‏» الذي ظهر على غلاف برج مراقبة زيون.‏

      والادراك ان حضور المسيح هو غير منظور صار اساسا مهما كان سيُبنى عليه فهم الكثير من نبوات الكتاب المقدس.‏ فقد ادرك تلاميذ الكتاب المقدس الاولون هؤلاء ان حضور الرب يجب ان يكون موضع اهتمام رئيسي لجميع المسيحيين الحقيقيين.‏ (‏مرقس ١٣:‏​٣٣-‏٣٧‏)‏ وكانوا مهتمين بشدة برجوع السيد ومنتبهين لواقع حيازتهم مسؤولية اعلانه،‏ إلا انهم لم يكونوا قد فهموا بعدُ بوضوح جميع التفاصيل.‏ ولكنَّ ما مكَّنهم روح اللّٰه من فهمه في وقت باكر جدا كان حقا لافتا للنظر.‏ واحدى هذه الحقائق شملت تاريخا بالغ الاهمية وسمته نبوة الكتاب المقدس.‏

      نهاية ازمنة الامم

      ان مسألة جدول تواريخ الكتاب المقدس كانت لمدة طويلة موضع اهتمام كبير لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ فقد عرض المعلِّقون وجهات نظر متنوعة من نبوة يسوع عن «ازمنة الامم» وسجلّ النبي دانيال لحلم نبوخذنصر في ما يتعلق بساق اصل الشجرة الذي جرى تقييده لمدة «سبعة ازمنة.‏» —‏ لوقا ٢١:‏٢٤؛‏ دانيال ٤:‏​١٠-‏١٧‏.‏

      وقديما في السنة ١٨٢٣ حسب جون أ.‏ براون،‏ الذي نُشر عمله في لندن،‏ انكلترا،‏ ان طول ‹السبعة ازمنة›‏ لدانيال الاصحاح ٤ يساوي ٥٢٠‏,‏٢ سنة.‏ لكنه لم يفهم بوضوح التاريخ الذي ابتدأت فيه الفترة النبوية او متى كانت ستنتهي.‏ إلا انه ربط ‹السبعة ازمنة› هذه بأزمنة الامم في لوقا ٢١:‏٢٤‏.‏ وفي السنة ١٨٤٤،‏ لفت إ.‏ ب.‏ إليوت،‏ رجل دين بريطاني،‏ الانتباه الى السنة ١٩١٤ كتاريخ محتمل لنهاية ‹السبعة ازمنة› لدانيال،‏ لكنه عرض ايضا وجهة نظر بديلة اشارت الى زمن الثورة الفرنسية.‏ وعالج روبرت سيلي،‏ من لندن،‏ في السنة ١٨٤٩،‏ المسألة بطريقة مماثلة.‏ وعلى الاقل بحلول السنة ١٨٧٠،‏ بيَّنت مطبوعة حرَّرها جوزيف سايس وعشراؤه وطُبِعت في فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا،‏ حسابات تشير الى السنة ١٩١٤ كتاريخ مهم،‏ بالرغم من ان الحجة التي تضمنتها كانت مؤسسة على جدول تواريخ رفضه ت.‏ ت.‏ رصل في ما بعد.‏

      ثم،‏ في أعداد آب،‏ ايلول،‏ وتشرين الاول ١٨٧٥ من بشير الصباح ساعد ن.‏ ه‍.‏ باربور على التوفيق بين التفاصيل التي اشار اليها الآخرون.‏ واذ استخدم جدول تواريخ جمعه كريستوفر بووين،‏ رجل دين في انكلترا،‏ ونشره إ.‏ ب.‏ إليوت،‏ قرَن باربور بداية ازمنة الامم بخلع الملك صدقيا من الملك كما أُنبئ مسبقا في حزقيال ٢١:‏​٢٥،‏ ٢٦‏،‏ وأشار الى السنة ١٩١٤ بصفتها تسم نهاية ازمنة الامم.‏

      وفي وقت مبكر من السنة ١٨٧٦ تسلَّم ت.‏ ت.‏ رصل نسخة من بشير الصباح.‏ فكتب حالا الى باربور ثم صرف وقتا معه في فيلادلفيا خلال الصيف،‏ مناقشا،‏ بين امور اخرى،‏ الفترات النبوية.‏ وبُعَيد ذلك،‏ في مقالة بعنوان «ازمنة الامم:‏ متى تنتهي؟‏»،‏ حلَّل رصل ايضا المسألة من الاسفار المقدسة وصرَّح بأن الدليل يظهر ان «السبعة ازمنة ستنتهي في السنة ١٩١٤ ب‌م.‏» وهذه المقالة طُبعت في عدد تشرين الاول ١٨٧٦ من فاحص الكتاب المقدس.‏j وكتاب العوالم الثلاثة،‏ وحصاد هذا العالم،‏ الذي انتجه في السنة ١٨٧٧ ن.‏ ه‍.‏ باربور بالتعاون مع ت.‏ ت.‏ رصل،‏ اشار الى الاستنتاج نفسه.‏ وبعد ذلك،‏ لفتت أعداد باكرة من برج المراقبة‏،‏ كالتي يرجع تاريخها الى كانون الاول ١٨٧٩ وتموز ١٨٨٠ (‏بالانكليزية)‏،‏ الانتباه الى السنة ١٩١٤ ب‌م بصفتها سنة بالغة الاهمية من وجهة نظر نبوة الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٨٨٩ خُصِّص كامل الفصل الرابع من المجلد الثاني من الفجر الالفي (‏الذي دُعي في ما بعد دروس في الاسفار المقدسة‏)‏ لمناقشة «ازمنة الامم.‏» ولكن ماذا كانت ستعني نهاية ازمنة الامم؟‏

      لم يكن تلاميذ الكتاب المقدس على يقين تام مما سيحدث.‏ وكانوا مقتنعين بأنها لن تؤدي الى احتراق الارض ومحو الحياة البشرية.‏ وبالاحرى،‏ عرفوا انها كانت ستسم نقطة مهمة في ما يختص بالحكم الالهي.‏ وفي بادئ الامر اعتقدوا انه بحلول ذلك التاريخ سيكون ملكوت اللّٰه قد حاز السيطرة الكونية الكاملة.‏ وعندما لم يحدث ذلك،‏ لم تتضعضع ثقتهم بنبوات الكتاب المقدس التي وسمت ذلك التاريخ.‏ لكنهم استنتجوا ان هذا التاريخ وسم مجرد نقطة بداية في ما يتعلق بحكم الملكوت.‏

      وبشكل مماثل،‏ اعتقدوا ايضا في بادئ الامر ان اضطرابات عالمية النطاق تبلغ ذروتها في فوضى (‏فهموا انها ستقترن بقتال «ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء»)‏ كانت ستسبق ذلك التاريخ.‏ (‏رؤيا ١٦:‏١٤‏)‏ ولكن بعدئذ،‏ قبل السنة ١٩١٤ بعشر سنين،‏ اقترحت برج المراقبة ان الاضطراب العالمي النطاق الذي سيفضي الى تدمير المؤسسات البشرية كان سيأتي مباشرة بعد نهاية ازمنة الامم.‏ وتوقعوا ان تسم السنة ١٩١٤ نقطة تحوُّل مهمة بالنسبة الى اورشليم،‏ لان النبوة قالت ان ‹اورشليم ستكون مدوسة› حتى تكمَّل ازمنة الامم.‏ وعندما رأوا السنة ١٩١٤ تقترب ولم يموتوا بعدُ كبشر و ‹يُخطفوا في السحب› لملاقاة الرب —‏ وفقا لتوقعات ابكر —‏ رجوا جدِّيا ان يحدث تغيُّرهم عند نهاية ازمنة الامم.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٤:‏١٧‏.‏

      واذ مرَّت السنون وفحصوا وأعادوا فحص الاسفار المقدسة،‏ بقي ايمانهم بالنبوات قويا،‏ ولم يمتنعوا عن التصريح بما توقعوا حدوثه.‏ وبدرجات متفاوتة من النجاح،‏ سعوا الى تجنُّب الجزم في التفاصيل غير المذكورة مباشرة في الاسفار المقدسة.‏

      هل دقَّ «المنبِّه» قبل الاوان بكثير؟‏

      اندلع اضطراب عظيم بالتأكيد على العالم في السنة ١٩١٤ عند نشوب الحرب العالمية الاولى،‏ التي دُعيت لسنين عديدة الحرب الكبرى،‏ لكنَّ ذلك لم يؤدِّ حالا الى قلب جميع السلطات البشرية الموجودة.‏ واذ تطورت الاحداث المتعلقة بفلسطين عقب السنة ١٩١٤،‏ اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس انهم رأوا الدليل على تغييرات مهمة لاسرائيل.‏ ولكن مرت اشهر ثم سنون،‏ ولم ينل تلاميذ الكتاب المقدس مكافأتهم السماوية كما كانوا يتوقعون.‏ فكيف كان ردّ فعلهم حيال ذلك؟‏

      ان برج المراقبة عدد ١ شباط ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏ لفتت الانتباه خصوصا الى «١ تشرين الاول ١٩١٤،‏» ثم قالت:‏ «كانت هذه نقطة الزمن الاخيرة التي بيَّنها لنا جدول تواريخ الكتاب المقدس في ما يتعلق باختبارات الكنيسة.‏ فهل اخبرنا الرب بأننا سنُؤخذ الى هناك [السماء]؟‏ كلا.‏ ماذا قال؟‏ بدا ان كلمته واتمامات النبوة تشير بشكل لا يخطئ الى ان هذا التاريخ وسم نهاية ازمنة الامم.‏ وقد استنتجنا من هذا ان ‹تغيُّر› الكنيسة سيجري في ذلك التاريخ او قبله.‏ لكنَّ اللّٰه لم يخبرنا بأنه سيكون كذلك.‏ وقد سمح لنا بالتوصل الى هذا الاستنتاج؛‏ ونعتقد انه كان امتحانا ضروريا على قديسي اللّٰه الاعزاء في كل مكان.‏» ولكن هل برهنت هذه التطورات ان رجاءهم المجيد كان عبثا؟‏ كلا.‏ لقد عنت انه لم يكن كل شيء يحدث بالسرعة التي توقعوها.‏

      قبل السنة ١٩١٤ بعدة سنين كتب رصل:‏ «من الواضح انه لم يُقصد بجدول التواريخ (‏نبوات الوقت بصورة عامة)‏ اعطاء شعب اللّٰه معلومات دقيقة بحسب الترتيب الزمني على مر القرون.‏ فمن الواضح انه يُقصد به اكثر ان يخدم كمنبِّه يوقظ وينشّط شعب الرب في الوقت المناسب.‏ .‏ .‏ .‏ ولكن لنفرض،‏ مثلا،‏ ان تشرين الاول ١٩١٤ مرَّ ولم يحدث ايّ سقوط خطير لسلطة الامم.‏ فماذا يبرهن او يدحض ذلك؟‏ انه لا يدحض ايّ وجه من نظام الدهور الالهي.‏ فقيمة الفدية المنجَزة في الجلجثة لا تزال بمثابة ضمانة للاتمام الاخير للبرنامج الالهي العظيم من اجل الردّ البشري.‏ و ‹الدعوة العليا› للكنيسة ان تتألم مع الفادي وأن تتمجد معه بصفتها اعضاءه او بصفتها عروسه لا تزال هي نفسها.‏ .‏ .‏ .‏ والشيء الوحيد الذي يؤثر فيه جدول التواريخ انما هو الوقت لتحقيق هذه الآمال المجيدة للكنيسة وللعالم.‏ .‏ .‏ .‏ واذا انقضى ذلك التاريخ فلا يبرهن ذلك إلا ان جدول تواريخنا،‏ ‹منبِّهنا،‏› دقَّ قبل الوقت بقليل.‏ فهل نعتبره كارثة كبيرة اذا ايقظنا منبِّهنا قبل لحظات قليلة في صباح يوم عظيم حافل بالفرح والسرور؟‏ طبعا لا!‏»‏

      لكنَّ هذا «المنبِّه» لم يدقَّ قبل الاوان بكثير.‏ وفي الواقع،‏ ان الاختبارات التي ايقظتهم «الساعة» اليها هي التي لم تكن تماما ما كانوا قد توقعوه.‏

      وبعد سنوات قليلة،‏ عندما ازداد النور اشراقا،‏ اعترفوا:‏ «اعتقد كثيرون من القديسين الاعزاء ان كل العمل قد أُنجز.‏ .‏ .‏ .‏ لقد ابتهجوا بسبب البرهان الواضح على ان العالم قد انتهى،‏ ان ملكوت السماء قريب،‏ وأن يوم انقاذهم قد دنا.‏ لكنهم غفلوا عن شيء آخر يجب فعله.‏ فالبشارة التي تسلَّموها يجب اخبار الآخرين بها؛‏ لأن يسوع اوصى:‏ ‹يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏ ثم يأتي المنتهى.‏› (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏» —‏ برج المراقبة،‏ ١ ايار ١٩٢٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      واذ بدأت الاحداث عقب السنة ١٩١٤ تنكشف،‏ وقارنها تلاميذ الكتاب المقدس بما سبق وأنبأ به السيد،‏ صاروا يقدِّرون تدريجيا انهم يعيشون الآن في الايام الاخيرة للنظام القديم وأنهم كانوا كذلك منذ السنة ١٩١٤.‏ وصاروا يفهمون ايضا انه في السنة ١٩١٤ بدأ حضور المسيح غير المنظور وأن ذلك كان،‏ ليس برجوعه الشخصي (‏حتى بشكل غير منظور)‏ الى جوار الارض،‏ بل بتوجيه انتباهه نحو الارض كملك حاكم.‏ ورأوا وقبلوا المسؤولية الحيوية التي عُهد اليهم فيها وهي ان ينادوا «ببشارة الملكوت هذه» شهادة لجميع الامم خلال هذا الوقت الحرج من التاريخ البشري.‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣-‏١٤ .‏

      وماذا كانت تماما الرسالة عن الملكوت التي وجب ان يكرزوا بها؟‏ وهل اختلفت بشيء عن رسالة مسيحيي القرن الاول؟‏

      ملكوت اللّٰه،‏ الرجاء الوحيد للجنس البشري

      نتيجة الدرس الدقيق لكلمة اللّٰه،‏ فهم تلاميذ الكتاب المقدس المقترنون بالاخ رصل ان ملكوت اللّٰه هو الحكومة التي كان يهوه قد وعد باقامتها بواسطة ابنه لمباركة الجنس البشري.‏ ويسوع المسيح،‏ في السماء،‏ سيكون قد اشرك معه كحكام ‹قطيعا صغيرا› اختارهم اللّٰه من بين الجنس البشري.‏ وفهموا ان هذه الحكومة سيمثِّلها رجال امناء قدماء يخدمون كأمراء في كل الارض.‏ وقد اشير الى هؤلاء بأنهم «الجديرون القدامى.‏» —‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ دانيال ٧:‏٢٧؛‏ رؤيا ٢٠:‏٦؛‏ مزمور ٤٥:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      علَّم العالم المسيحي لمدة طويلة ‹الحق الالهي للملوك› كوسيلة لابقاء الشعب في خضوع.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء رأوا من الاسفار المقدسة ان مستقبل الحكومات البشرية لا تؤمِّنه ضمانة الهية.‏ وانسجاما مع ما كانوا يتعلَّمونه،‏ ذكرت برج المراقبة عدد كانون الاول ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان اقامة هذا الملكوت ستشمل طبعا قلب جميع ممالك الارض،‏ اذ انها جميعها —‏ وحتى افضلها —‏ مؤسسة على الجور والحقوق غير المتساوية وظلم الكثيرين والتحيُّز للقليلين —‏ كما نقرأ:‏ ‹تسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد.‏›» —‏ دانيال ٢:‏٤٤‏.‏

      أما عن الطريقة التي بها سيتم سحق تلك الممالك الظالمة،‏ فكان لا يزال لدى تلاميذ الكتاب المقدس الكثير ليتعلَّموه.‏ فلم يكونوا قد فهموا بعدُ بوضوح كيف ستمتد فوائد ملكوت اللّٰه الى كل الجنس البشري.‏ لكنهم لم يخلطوا ملكوت اللّٰه بشعور غامض داخل قلب المرء او بحكم سلطة دينية تستعمل الدولة الدنيوية كذراع لها.‏

      وبحلول السنة ١٩١٤ لم يكن خدام اللّٰه الامناء لما قبل المسيحية قد اقيموا على الارض كأمراء يمثِّلون الملك المسيَّاني،‏ كما جرى توقعه،‏ ولم يكن الباقون من «القطيع الصغير» قد انضموا الى المسيح في الملكوت المسيَّاني في تلك السنة.‏ إلا ان برج المراقبة عدد ١٥ شباط ١٩١٥ (‏بالانكليزية)‏ ذكرت بثقة ان السنة ١٩١٤ كانت الوقت المعيَّن ‹لربنا ليأخذ قدرته العظيمة ويملك،‏› منهيا بالتالي آلاف السنين من السيطرة الاممية غير المنقطعة.‏ وفي عددها ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ اكَّدت برج المراقبة من جديد هذا الموقف وقرنته بالبشارة التي سبق وأنبأ يسوع بأنه سينادَى بها في كل انحاء الارض قبل النهاية.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وفي محفل تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ جرى التصريح بهذا الفهم من جديد في قرار عام،‏ والاخ رذرفورد حثّ المحتفلين:‏ «أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏»‏

      ولكن في ذلك الوقت شعر تلاميذ الكتاب المقدس بأن اقامة الملكوت،‏ تأسيسه الكامل في السماء،‏ لا يجري حتى يتمجد آخر اعضاء عروس المسيح.‏ ولذلك جرى الوصول الى مَعْلَم حقيقي في السنة ١٩٢٥ عندما قدَّمت برج المراقبة عدد ١ آذار (‏بالانكليزية)‏ المقالة «ولادة الامة.‏» فعرضت درسا لل‍رؤيا الاصحاح ١٢ مثيرا للدهشة.‏ وأعطت المقالة بالتفصيل الدليل على ان الملكوت المسيَّاني وُلد —‏ تأسس —‏ في السنة ١٩١٤،‏ ان المسيح ابتدأ آنذاك يحكم من عرشه السماوي،‏ وأن الشيطان بعد ذلك طُرح من السماء الى جوار الارض.‏ وهذه كانت البشارة التي يجب المناداة بها،‏ الخبر بأن ملكوت اللّٰه يعمل الآن.‏ فكم حفز هذا الفهم المستنير اولئك المنادين بالملكوت الى الكرازة الى اقاصي الارض!‏

      بكل وسيلة ملائمة قدَّم شعب يهوه الشهادة بأن ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يجلب الراحة الدائمة ويحلّ المشاكل العميقة الجذور التي تصيب الجنس البشري.‏ ففي السنة ١٩٣١ أُذيعت هذه الرسالة بالراديو بواسطة ج.‏ ف.‏ رذرفورد عبر اوسع شبكة اذاعية اممية على الاطلاق.‏ ونصُّ هذا البرنامج الاذاعي نُشر ايضا بلغات عديدة في كراس The Kingdom, the Hope of the World (‏الملكوت،‏ رجاء العالم‏)‏ —‏ الذي وُزِّعت منه ملايين النسخ في غضون اشهر قليلة.‏ وبالاضافة الى التوزيع الواسع النطاق على الناس،‏ بُذِل جهد خصوصي لايصال النسخ الى ايدي السياسيين،‏ رجال الاعمال البارزين،‏ ورجال الدين.‏

      وبين امور اخرى قال هذا الكراس:‏ «لا يمكن لحكومات العالم الاثيمة الحاضرة ان تقدِّم للناس ايّ رجاء مهما يكن.‏ فدينونة اللّٰه عليها تعلن انها يجب ان تُهلَك.‏ ولذلك فإن رجاء العالم،‏ والرجاء الوحيد،‏ هو ملكوت اللّٰه او حكومته البارة برئاسة المسيح يسوع كحاكم غير منظور لها.‏» لقد ادركوا ان هذا الملكوت سيجلب السلام والامن الحقيقيين للجنس البشري.‏ وفي ظل حكمه ستصير الارض فردوسا حقيقيا،‏ ولن يكون هنالك مرض ولا موت في ما بعد.‏ —‏ رؤيا ٢١:‏​٤،‏ ٥‏.‏

      تستمر بشارة ملكوت اللّٰه في ان تكون محور معتقدات شهود يهوه.‏ ومنذ عدد ١ آذار ١٩٣٩ (‏بالانكليزية)‏،‏ تحمل مجلتهم الرئيسية،‏ الصادرة الآن بأكثر من ١١٠ لغات،‏ العنوان برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه.‏

      ولكن قبل ان يحوِّل حكم الملكوت الارض الى فردوس،‏ يجب ان يولّي النظام الشرير الحاضر.‏ فكيف سيُنجَز ذلك؟‏

      قتال ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء

      هزَّت الحرب العالمية التي بدأت في السنة ١٩١٤ نظام الاشياء الموجود حتى اساساته.‏ ولمدة من الوقت بدا ان الاحداث ستتطور كما توقعها تلاميذ الكتاب المقدس.‏

      قديما في آب ١٨٨٠ كتب الاخ رصل:‏ «نفهم انه قبل ردّ العائلة البشرية او حتى الابتداء بمباركتها ستنقلب جميع ممالك الارض الحاضرة التي تقيِّد وتظلم الجنس البشري الآن وأن ملكوت اللّٰه سيتولى زمام السيطرة وأن البركة والردّ يأتيان بواسطة الملكوت الجديد.‏» وكيف كان سيجري هذا ‹القلب للممالك›؟‏ على اساس الاحوال التي استطاع ان يراها تتطور في العالم آنذاك،‏ اعتقد رصل انه خلال حرب هرمجدون سيستخدم اللّٰه الاحزاب المتنافسة للجنس البشري لقلب المؤسسات القائمة.‏ قال:‏ «ان عمل تدمير الامبراطورية البشرية يبدأ.‏ والقوة التي ستقلبها منهمكة الآن في العمل.‏ والناس ينظِّمون قواهم الآن تحت اسم الشيوعيين،‏ الاشتراكيين،‏ النِّهلِسْتيين،‏ وهلم جرا.‏»‏

      وكتاب يوم الانتقام (‏المسمَّى لاحقا معركة هرمجدون‏)‏،‏ الصادر في السنة ١٨٩٧،‏ توسَّع اكثر في الطريقة التي فهم بها تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك المسألة،‏ قائلا:‏ «ان الرب،‏ بعنايته الالهية المهيمنة،‏ سيتولَّى عموما امر هذا الجيش العظيم من الساخطين —‏ الوطنيين،‏ المصلِحين،‏ الاشتراكيين،‏ الاخلاقيين،‏ الفوضويين،‏ الجهال واليائسين —‏ ويستخدم آمالهم،‏ مخاوفهم،‏ حماقاتهم وأنانيتهم،‏ بحسب حكمته الالهية،‏ لتحقيق مقاصده العظيمة في قلب المؤسسات الحاضرة،‏ وإعداد الانسان لملكوت البر.‏» وهكذا فهموا ان حرب هرمجدون ستقترن بثورة اجتماعية عنيفة.‏

      ولكن هل كانت هرمجدون ستصير مجرد صراع بين احزاب متنافسة للجنس البشري،‏ ثورة اجتماعية يستخدمها اللّٰه لقلب المؤسسات الموجودة؟‏ اذ مُنِح انتباه اضافي للآيات المتعلقة بهذه المسألة،‏ لفتت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٢٥ (‏بالانكليزية)‏ الانتباه الى زكريا ١٤:‏​١-‏٣ وقالت:‏ «بهذا نفهم ان جميع امم الارض،‏ تحت توجيه الشيطان،‏ ستُجمَع لمحاربة صف اورشليم،‏ اي اولئك الذين يتخذون موقفهم الى جانب الرب .‏ .‏ .‏ رؤيا ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏.‏»‏

      وفي السنة التالية،‏ في كتاب Deliverance (‏الانقاذ‏)‏،‏ جرى تركيز الانتباه على القصد الحقيقي لهذه الحرب بالقول:‏ «والآن فإن يهوه،‏ بحسب كلمته،‏ سيظهر قدرته بوضوح وبشكل لا لَبْس فيه بحيث يقتنع الناس بأن مسلكهم اثيم ويفهمون ان يهوه هو اللّٰه.‏ لهذا السبب جلب اللّٰه الطوفان العظيم،‏ هدم برج بابل،‏ اهلك جيش الملك الاشوري سنحاريب،‏ وأغرق المصريين؛‏ ولهذا السبب ايضا سيجلب الآن اضطرابا عظيما آخر على العالم.‏ والكوارث السابقة كانت مجرد ظلال للتي توشك ان تحدث الآن.‏ والتجميع هو لليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء.‏ انه ‹يوم الرب العظيم والمخوف› (‏يوئيل ٢:‏٣١‏)‏ حين يصنع اللّٰه لنفسه اسما.‏ وفي غمرة هذا الصراع العظيم والنهائي ستعلم الشعوب من كل امة وعشيرة ولسان ان يهوه هو الاله الكلي القدرة،‏ الكلي الحكمة والعادل.‏» ولكن جرى تحذير خدام يهوه على الارض:‏ «في هذه المعركة العظيمة لن يشترك ايّ مسيحي في القتال.‏ وسبب عدم فعلهم ذلك هو ان يهوه قال:‏ ‹الحرب ليست لكم بل للّٰه.‏›» والحرب التي يجري البحث فيها هنا ليست بالتأكيد الحرب التي خاضتها الامم،‏ ابتداء من السنة ١٩١٤.‏ انها ستأتي بعدُ.‏

      كانت هنالك مسائل اخرى ايضا يلزم حلّها على اساس الاسفار المقدسة.‏ وشملت احداها هوية اورشليم التي تكون مدوسة حتى نهاية ازمنة الامم،‏ كما ذُكر في لوقا ٢١:‏٢٤‏؛‏ وما ارتبط بذلك هو تحديد هوية اسرائيل المشار اليها في نبوات الردّ العديدة.‏

      هل كان اللّٰه سيردّ اليهود الى فلسطين؟‏

      كان تلاميذ الكتاب المقدس مطلعين جيدا على نبوات الردّ العديدة التي سُلِّمت الى اسرائيل القديمة بواسطة انبياء اللّٰه.‏ (‏ارميا ٣٠:‏١٨؛‏ ٣١:‏​٨-‏١٠؛‏ عاموس ٩:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ رومية ١١:‏​٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وحتى السنة ١٩٣٢ كانوا يفهمون ان هذه تنطبق على وجه التخصيص على اليهود الطبيعيين.‏ وهكذا اعتقدوا ان اللّٰه سيرضى ثانية على اسرائيل،‏ رادًّا اليهود تدريجيا الى فلسطين،‏ فاتحا عيونهم على الحق في ما يتعلق بيسوع بصفته الفادي والملك المسيَّاني،‏ ومستخدما اياهم كوكالة لتقديم البركات الى جميع الامم.‏ وبهذا الفهم خاطب الاخ رصل جماهير كبيرة من المستمعين اليهود في نيويورك وكذلك في اوروپا حول موضوع «الصهيونية في النبوة،‏» وفي السنة ١٩٢٥ كتب الاخ رذرفورد كتاب Comfort for the Jews (‏تعزية لليهود‏)‏.‏

      ولكن اتَّضح تدريجيا ان ما كان يجري في فلسطين في ما يتعلق باليهود لم يكن الاتمام لنبوات يهوه العظيمة للردّ.‏ فقد حلّ الخراب بأورشليم القرن الاول لأن اليهود رفضوا ابن اللّٰه،‏ المسيَّا،‏ المرسل باسم يهوه.‏ (‏دانيال ٩:‏​٢٥-‏٢٧؛‏ متى ٢٣:‏​٣٨،‏ ٣٩‏)‏ واتضح اكثر فأكثر انهم كشعب لم يغيّروا موقفهم.‏ ولم تكن هنالك توبة عن العمل الجائر الذي اقترفه آباؤهم.‏ ورجوع البعض الى فلسطين لم يكن مدفوعا بأية محبة للّٰه او رغبة في ان يتمجد اسمه باتمام كلمته.‏ وجرى شرح ذلك بوضوح في المجلد الثاني من التبرئة،‏ الذي اصدرته جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في السنة ١٩٣٢.‏k وصحة هذا الموقف جرى تأكيدها في السنة ١٩٤٩،‏ عندما صارت دولة اسرائيل،‏ المشكَّلة حديثا آنذاك كأمة وكموطن لليهود،‏ عضوا في الامم المتحدة،‏ مظهرة بالتالي ان اتكالها لم يكن على يهوه بل على امم العالم السياسية.‏

      وما كان يجري اتماما لنبوات الردّ هذه اشار الى اتجاه آخر.‏ وابتدأ خدام يهوه يدركون ان اسرائيل الروحي،‏ «اسرائيل اللّٰه،‏» المؤلَّف من المسيحيين الممسوحين بالروح،‏ هم الذين،‏ اتماما لقصد اللّٰه،‏ يتمتعون بالسلام مع اللّٰه بواسطة يسوع المسيح.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦‏)‏ والآن انفتحت عيونهم ليروا في تعاملات اللّٰه مع هؤلاء المسيحيين الحقيقيين اتماما روحيا بديعا لوعود الردّ هذه.‏ وعلى مر الوقت ابتدأوا يدركون ايضا ان اورشليم التي رُفِّعت عند نهاية ازمنة الامم لم تكن مجرد مدينة ارضية،‏ او حتى شعب على الارض ممثَّل بتلك المدينة،‏ بل بالاحرى «اورشليم السماوية،‏» حيث قلَّد يهوه ابنه،‏ يسوع المسيح،‏ سلطة الحكم في السنة ١٩١٤.‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏٢٢‏.‏

      واذ اتضحت هذه المسائل،‏ صار شهود يهوه في وضع افضل ليتمِّموا،‏ دون تحيُّز الى ايّ فريق،‏ تعيين الكرازة ببشارة الملكوت «في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏» —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      فلمَن كان سيُعطى الفضل في جميع تفاسير الكتاب المقدس هذه التي ظهرت في مطبوعات برج المراقبة؟‏

      الوسيلة التي يتعلَّم بها خدام يهوه

      سبق وأنبأ يسوع المسيح انه بعد رجوعه الى السماء سيرسل الى تلاميذه الروح القدس.‏ وهذا سيكون بمثابة معين،‏ يرشدهم «الى جميع الحق.‏» (‏يوحنا ١٤:‏٢٦؛‏ ١٦:‏​٧،‏ ١٣‏)‏ وقال يسوع ايضا انه بصفته رب او سيِّد المسيحيين الحقيقيين،‏ سيكون لديه ‹عبد امين حكيم،‏› ‹وكيل امين،‏› يعطي الطعام الروحي «في حينه» للخدم،‏ الفعلة في بيت الايمان.‏ (‏متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧؛‏ لوقا ١٢:‏٤٢‏)‏ فمَن هو العبد الامين الحكيم هذا؟‏

      ان العدد الاول نفسه من برج المراقبة اشار الى متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧ عندما ذكر ان هدف ناشري هذه المجلة هو التنبُّه للاحداث في ما يتعلق بحضور المسيح وإعطاء «الطعام [الروحي] في حينه» لأهل بيت الايمان.‏ لكنَّ محرِّر المجلة لم يكن هو نفسه يدَّعي انه العبد الامين الحكيم،‏ او «الخادم الامين والحكيم» (‏بحسب نقل ترجمة الملك جيمس‏)‏.‏

      وهكذا،‏ في عدد تشرين الاول-‏تشرين الثاني ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏ من المجلة،‏ ذكر ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «نعتقد ان كل عضو من جسد المسيح هذا منهمك في العمل المبارَك،‏ إما بشكل مباشر او غير مباشر،‏ لاعطاء الطعام في حينه لأهل بيت الايمان.‏ ‹فمَن هو الخادم الامين والحكيم الذي اقامه سيده على اهل بيته،‏› ليعطيهم الطعام في حينه؟‏ أليس هو ذلك ‹القطيع الصغير› من الخدام المكرَّسين الذين يتمِّمون بأمانة نذور تكريسهم —‏ جسد المسيح —‏ وأيضا أليس هو كامل الجسد افراديا وجماعيا،‏ الذي يعطي الطعام في حينه لأهل بيت الايمان —‏ الجماعة الكبيرة من المؤمنين؟‏ مبارَك هو ذلك الخادم (‏كامل جسد المسيح)‏ الذي اذا جاء (‏باليونانية،‏ إلثون‏)‏ سيده يجده يفعل هكذا.‏ ‹الحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله.‏›»‏

      ولكن،‏ بعد اكثر من عقد،‏ عبَّرت زوجة الاخ رصل علانية عن الفكرة ان رصل نفسه كان الخادم الامين والحكيم.‏l والنظرة التي جاهرت بها في ما يختص بهوية ‹الخادم الامين› صارت مقبولة عموما من قبل تلاميذ الكتاب المقدس لنحو ٣٠ سنة.‏ والاخ رصل لم يرفض نظرتهم،‏ لكنه تجنَّب شخصيا صنع مثل هذا التطبيق للآية،‏ مشدِّدا على مقاومته لفكرة صف رجال دين مفوَّض اليهم ان يعلِّموا كلمة اللّٰه بالتباين مع صف غير اكليريكي لم يفوَّض اليه ذلك.‏ والفهم الذي عبَّر عنه الاخ رصل في السنة ١٨٨١ ان الخادم الامين والحكيم كان في الحقيقة خادما جماعيا،‏ مؤلَّفا من جميع اعضاء جسد المسيح الممسوحين بالروح على الارض،‏ جرى تأكيده من جديد في برج المراقبة ١٥ شباط ١٩٢٧ (‏بالانكليزية)‏.‏ —‏ قارنوا اشعياء ٤٣:‏١٠‏.‏

      وكيف نظر الاخ رصل الى دوره الخاص؟‏ هل ادَّعى اعلانا خصوصيا من اللّٰه؟‏ في برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٠٦ (‏الصفحة ٢٢٩،‏ بالانكليزية)‏،‏ اجاب رصل بتواضع:‏ «كلا،‏ ايها الرفقاء الاعزاء،‏ انا لا ادَّعي شيئا من التفوق،‏ ولا القوة فوق الطبيعة البشرية،‏ المنزلة او السلطة؛‏ ولا اطمح الى ترفيع نفسي في رأي اخوتي من اهل بيت الايمان،‏ إلا بالمعنى الذي حث عليه السيد،‏ قائلا،‏ ‹مَن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا.‏› (‏متى ٢٠:‏٢٧‏)‏ .‏ .‏ .‏ والحقائق التي اعرضها،‏ كناطق بلسان اللّٰه،‏ لم تُعلَن في رؤى او احلام،‏ ولا بصوت اللّٰه المسموع،‏ ولا كلها دفعة واحدة،‏ بل تدريجيا .‏ .‏ .‏ ولا هذا الكشف الواضح للحق بسبب اية براعة بشرية او حدَّة ادراك،‏ بل بسبب الواقع البسيط ان وقت اللّٰه المعيَّن قد حان؛‏ وإن لم اتكلم،‏ ولم يكن ممكنا ان يوجد وكيل آخر،‏ فالحجارة تصرخ.‏»‏

      جرى تشجيع قرَّاء برج المراقبة على التطلع الى يهوه بصفته معلِّمهم العظيم،‏ تماما كما يجري تشجيع جميع شهود يهوه اليوم.‏ (‏اشعياء ٣٠:‏٢٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهذا الامر شُدِّد عليه بقوة في برج المراقبة ١ تشرين الثاني ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏ في المقالة «متعلِّمون من اللّٰه،‏» التي ذكرت:‏ «تعترف برج المراقبة بأن الحق هو ليهوه،‏ وليس لأيّ مخلوق.‏ وبرج المراقبة ليست اداة ايّ انسان او فريق من الناس،‏ وهي لا تصدر وفق اهواء الناس.‏ .‏ .‏ .‏ يهوه اللّٰه هو المعلِّم العظيم لاولاده.‏ ولا ريب في ان نشر هذه الحقائق يقدِّمه رجال ناقصون،‏ ولهذا السبب ليست كاملة تماما في الشكل؛‏ إلا انها مقدَّمة بشكل يعكس حق اللّٰه الذي يعلِّمه لاولاده.‏»‏

      في القرن الاول،‏ عندما كانت تنشأ اسئلة تتعلق بالعقيدة او الاجراء،‏ كانت تُحال هذه الى هيئة حاكمة مركزية مؤلَّفة من شيوخ بالمعنى الروحي.‏ وكانت القرارات تُتَّخذ بعد التأمل في ما تقوله الاسفار المقدسة الموحى بها فضلا عن دليل النشاط المنسجم مع هذه الاسفار والمزدهر نتيجة عمل الروح القدس.‏ وكانت القرارات تُنقَل كتابيا الى الجماعات.‏ (‏اعمال ١٥:‏​١–‏١٦:‏٥‏)‏ وهذا الاجراء نفسه يُعمَل به بين شهود يهوه اليوم.‏

      ويزوَّد الارشاد الروحي بواسطة مقالات المجلات،‏ الكتب،‏ برامج المحافل،‏ وموجز خطابات الجماعات —‏ وكلها تُعَدّ تحت توجيه الهيئة الحاكمة للعبد الامين الحكيم.‏ ويُظهر مضمونها بوضوح ان ما سبق وأنبأ به يسوع يصحّ اليوم —‏ أن لديه حقا صف عبد امين حكيم يعلِّم بولاء ‹جميع ما اوصى به›؛‏ أن هذه الوكالة ‹ساهرة،‏› متنبِّهة للاحداث اتماما لنبوة الكتاب المقدس وخصوصا المتعلقة بحضور المسيح؛‏ أنها تساعد الناس الخائفين اللّٰه على فهم ما يشمله ‹حفظ› الامور التي اوصى بها يسوع مما يبرهن أنهم حقا تلاميذه.‏ —‏ متى ٢٤:‏٤٢؛‏ ٢٨:‏٢٠؛‏ يوحنا ٨:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

      وتدريجيا،‏ على مر السنين،‏ أُزيلت الممارسات التي ربما كان لها تأثير في لفت انتباه غير مناسب الى بعض البشر في ما يتعلق بإعداد الطعام الروحي.‏ وحتى موت ت.‏ ت.‏ رصل،‏ كان اسمه يُدرَج كمحرر في كل عدد تقريبا من برج المراقبة.‏ وأسماء الآخرين الذين يقدِّمون مواد للنشر او الاحرف الاولى من اسمائهم غالبا ما كانت تظهر في نهاية المقالات التي اعدّوها.‏ ثم،‏ ابتداء من عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ عوضا عن اظهار اسم رجل واحد كمحرر،‏ ادرجت برج المراقبة اسماء لجنة التحرير.‏ وفي عدد ١٥ تشرين الاول ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏،‏ أُزيلت هذه اللائحة ايضا وحلَّت مكانها اشعياء ٥٤:‏١٣‏.‏ وكما اقتُبِست من الترجمة الاميركية القانونية،‏ تقول:‏ «وكل اولادك يتعلَّمون من يهوه؛‏ وسلام اولادك يكون كثيرا.‏» ومنذ السنة ١٩٤٢ صارت القاعدة العامة ان لا تلفت المطبوعات التي تصدرها جمعية برج المراقبة الانتباه الى ايّ فرد بصفته الكاتب.‏a وتحت اشراف الهيئة الحاكمة كان مسيحيون منتذرون في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر البحر،‏ يشتركون في تحضير مثل هذه المواد لتستخدمها جماعات شهود يهوه في كل العالم.‏ ولكنَّ كل الفضل يُعطَى ليهوه اللّٰه.‏

      النور يشرق اكثر فأكثر

      كما ينعكس في تاريخهم العصري،‏ كان اختبار شهود يهوه كذاك الموصوف في الامثال ٤:‏١٨‏:‏ «أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل.‏» واشراق النور كان متدرِّجا،‏ تماما كما ان نور الفجر الباكر يتبعه شروق الشمس والنور الكامل ليوم جديد.‏ واذ نظروا الى الامور في ضوء ما كان متوافرا،‏ كانت لديهم احيانا مفاهيم ناقصة،‏ وحتى غير دقيقة.‏ وبالرغم من محاولاتهم الجدية،‏ لم يتمكنوا من فهم نبوات معيَّنة حتى ابتدأت هذه تختبر الاتمام.‏ واذ ألقى يهوه مزيدا من النور على كلمته بواسطة روحه،‏ كان خدامه مستعدين بتواضع لصنع التعديلات اللازمة.‏

      ومثل هذا الفهم المتدرِّج لم يقتصر على الفترة الباكرة من تاريخهم العصري.‏ فهو يستمر حتى الوقت الحاضر.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٦٢ كان هنالك تعديل للفهم بخصوص «السلاطين الفائقة» لرومية ١٣:‏​١-‏٧ ‏.‏

      فلسنوات عديدة علَّم تلاميذ الكتاب المقدس ان «السلطات العليا» (‏م‌ج‏)‏ هي يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏ ولماذا؟‏ في عددي برج المراقبة ١ حزيران و ١٥ حزيران ١٩٢٩ (‏بالانكليزية)‏ أُشير الى مجموعة منوَّعة من الشرائع الدنيوية،‏ وأُظهِر ان ما يُسمَح به في البلد الواحد يُمنع في الآخر.‏ ولُفِت الانتباه ايضا الى الشرائع الدنيوية التي تتطلَّب من الناس ان يفعلوا ما يحظره اللّٰه او تمنع ما يوصي اللّٰه خدامه بفعله.‏ وبسبب رغبتهم الجدية في اظهار الاحترام لسلطة اللّٰه العليا،‏ بدا لتلاميذ الكتاب المقدس ان «السلطات العليا» لا بد ان تكون يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏ ومع ذلك اطاعوا الشرائع الدنيوية،‏ لكنَّ التشديد كان على اطاعة اللّٰه اولا.‏ وكان ذلك درسا مهما،‏ درسا حصَّنهم خلال سنوات الاضطراب العالمي التي تلت.‏ إلا انهم لم يفهموا بوضوح ما تقوله رومية ١٣:‏​١-‏٧‏.‏

      وبعد سنوات جرى القيام بتحليل دقيق للآية من جديد،‏ مع قرينتها ومعناها على ضوء باقي الكتاب المقدس كله.‏ ونتيجة لذلك،‏ في السنة ١٩٦٢ جرى الاعتراف بأن «السلاطين الفائقة» هي الحكام الدنيويون،‏ ولكن بمساعدة ترجمة العالم الجديد فُهِم بوضوح مبدأ الخضوع النسبي.‏b ولم يستلزم ذلك ايّ تغيير رئيسي في موقف شهود يهوه من حكومات العالم،‏ ولكن صحَّح فهمهم لجزء مهم من الاسفار المقدسة.‏ وفي مجرى ذلك كانت هنالك فرصة ليتأمل الشهود باعتناء افراديا في ما اذا كانوا يحيون حقا وفقا لمسؤولياتهم تجاه اللّٰه والسلطات الدنيوية على حد سواء.‏ وهذا الفهم الواضح ‹للسلاطين الفائقة› كان بمثابة حماية لشهود يهوه،‏ وخصوصا في البلدان التي ادَّى فيها جيشان القومية والمطالبة الصاخبة بحرية اعظم الى اندلاع العنف وتشكيل حكومات جديدة.‏

      وفي السنة التالية،‏ ١٩٦٣،‏ جرى تقديم تطبيق موسَّع ‹لبابل العظيمة.‏›‏c (‏رؤيا ١٧:‏٥‏)‏ فمراجعة التاريخ الدنيوي والديني اوصلت الى الاستنتاج ان تأثير بابل القديمة تخلل لا العالم المسيحي فحسب بل كل ناحية من الارض.‏ وهكذا فُهِم ان بابل العظيمة هي كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل.‏ ومعرفة ذلك مكَّنت شهود يهوه من مساعدة اناس اكثر،‏ من مختلف الخلفيات،‏ على التجاوب مع امر الكتاب المقدس:‏ «اخرجوا منها يا شعبي.‏» —‏ رؤيا ١٨:‏٤‏.‏

      حقا،‏ ان كشف الاحداث المنبإ بها في كامل سفر الرؤيا زوَّد وفرة من الانارة الروحية.‏ ففي السنة ١٩١٧ نُشِر درس لسفر الرؤيا في كتاب السر المنتهي.‏ لكنَّ «يوم الرب،‏» المشار اليه في الرؤيا ١:‏١٠‏،‏ كان في مجرد البداية آنذاك؛‏ والكثير مما أُنبئ به لم يكن قد حدث بعدُ ولم يكن مفهوما بوضوح.‏ لكنَّ التطورات خلال السنوات التي تلت ألقت نورا اسطع على معنى ذلك الجزء من الكتاب المقدس،‏ وكان لهذه الاحداث تأثير عميق في الدرس المنير جدا للرؤيا الذي نُشِر في السنة ١٩٣٠ في مجلدين بعنوان Light (‏النور‏)‏.‏ وخلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠ ظهرت مواد احدث في كتابَي Babylon the Great Has Fallen!” God’s Kingdom Rules! (‏‏«سقطت بابل العظيمة!‏» ملكوت اللّٰه يسود!‏‏)‏ و “Then Is Finished the Mystery of God” (‏‏«حينئذ يتم سر اللّٰه»‏‏)‏.‏ وبعد عقدين جرى درس عميق آخر لذلك الجزء من الكتاب المقدس.‏ واللغة المجازية لسفر الرؤيا حُلِّلت باعتناء على ضوء تعابير مماثلة في اجزاء اخرى من الكتاب المقدس.‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏​١٠-‏١٣‏)‏ وأحداث القرن العشرين اتماما للنبوات جرت مراجعتها.‏ ونُشِرت النتائج في السنة ١٩٨٨ في الكتاب المثير الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏

      خلال السنوات الباكرة لتاريخهم العصري وُضِعت الاساسات وزُوِّد الكثير من الطعام الروحي القيِّم.‏ وفي السنوات الاخيرة زُوِّد تنوُّع اعظم من مواد درس الكتاب المقدس لسدّ حاجات المسيحيين الناضجين والتلاميذ الجدد من خلفيات كثيرة على السواء.‏ والدرس المستمر للاسفار المقدسة،‏ اضافة الى اتمام النبوة الالهية،‏ مكَّن في حالات كثيرة من التعبير عن تعاليم الكتاب المقدس بأكثر وضوح.‏ ولأن درسهم لكلمة اللّٰه تقدُّمي،‏ لدى شهود يهوه وفرة من الطعام الروحي،‏ تماما كما سبقت وأنبأت الاسفار المقدسة انه سيصح في خدام اللّٰه.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ والتعديلات في وجهة النظر لا تُصنع ابدا بهدف الصيرورة مقبولين اكثر عند العالم بتبنّي قيمه الادبية المنحطة.‏ وعلى العكس،‏ يظهر تاريخ شهود يهوه ان التغييرات تُصنع بهدف الالتصاق على نحو اوثق ايضا بالكتاب المقدس،‏ متمثلين اكثر بمسيحيي القرن الاول الامناء،‏ وبالتالي مقبولين اكثر عند اللّٰه.‏

      وهكذا فإن اختبارهم ينسجم مع صلاة الرسول بولس،‏ الذي كتب الى الرفقاء المسيحيين:‏ «نحن .‏ .‏ .‏ لم نزل مصلِّين وطالبين لاجلكم ان تمتلئوا من معرفة مشيئته (‏الدقيقة)‏ في كل حكمة وفهم روحي لتسلكوا كما يحق (‏ليهوه)‏ في كل رضى مثمرين في كل عمل صالح ونامين في معرفة اللّٰه (‏الدقيقة)‏.‏» —‏ كولوسي ١:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      وهذا النمو في معرفة اللّٰه الدقيقة كانت له علاقة ايضا باسمهم —‏ شهود يهوه.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ ١٥ تموز ١٩٠٦،‏ الصفحات ٢٢٩-‏٢٣١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b انظروا بصيرة في الاسفار المقدسة،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك،‏ المجلد ٢،‏ الصفحة ١١٧٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      c مثلا:‏ (‏١)‏ بحلول القرن الـ‍ ١٦ كانت الحركات المعارضة للثالوث قوية في اوروپا.‏ مثلا،‏ فِرَنْتْس داڤيد (‏١٥١٠-‏١٥٧٩)‏،‏ هنڠاري،‏ عرف وعلَّم ان عقيدة الثالوث ليست مؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ وبسبب معتقداته مات في السجن.‏ (‏٢)‏ الكنيسة المصلَحة الصغرى،‏ التي ازدهرت في پولندا لنحو مئة سنة خلال القرنين الـ‍ ١٦ و ١٧،‏ رفضت ايضا الثالوث،‏ والموالون لتلك الكنيسة وزَّعوا المطبوعات في كل انحاء اوروپا،‏ الى ان نجح اليسوعيون في نفيهم من پولندا.‏ (‏٣)‏ السّر اسحق نيوتن (‏١٦٤٢-‏١٧٢٧)‏،‏ في انكلترا،‏ رفض عقيدة الثالوث وكتب اسبابا مفصَّلة تاريخية ومؤسسة على الاسفار المقدسة لفعل ذلك،‏ ولكنه لم ينشرها في اثناء حياته،‏ وكما يتضح بسبب الخوف من العواقب.‏ (‏٤)‏ بين آخرين في اميركا،‏ شهَّر هنري ڠرُو الثالوث بصفته غير مؤسس على الاسفار المقدسة.‏ وفي السنة ١٨٢٤ عالج هذه المسألة باسهاب في فحص للشهادة الالهية عن شخصية ابن اللّٰه.‏

      d انظروا ايضا دروس في الاسفار المقدسة،‏ السلسلة ٥،‏ الصفحات ٤١-‏٨٢.‏

      e المناقشات الشاملة للدليل التاريخي والمؤسس على الاسفار المقدسة حول هذا الموضوع نشرتها جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في اوقات مختلفة.‏ انظروا “The Word” — Who Is He? According to John” (‏‏«الكلمة» —‏ من هو؟‏ بحسب شهادة يوحنا‏)‏ (‏١٩٦٢)‏،‏ “Things in Which It Is Impossible for God to Lie” (‏‏«أمور لا يمكن ان اللّٰه يكذب فيها»‏‏)‏ (‏١٩٦٥)‏،‏ Reasoning From the Scriptures (‏المباحثة من الاسفار المقدسة‏)‏ (‏١٩٨٥)‏،‏ و Should You Believe in the Trinity? (‏هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏‏)‏ (‏١٩٨٩)‏.‏

      f ان ما تقوله الاسفار المقدسة عن النفس معروف لدى العلماء اليهود وكذلك علماء العالم المسيحي،‏ ولكن نادرا ما يجري تعليمه في اماكن عبادتهم.‏ انظروا دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (‏١٩٦٧)‏،‏ المجلد ١٣،‏ الصفحتين ٤٤٩،‏ ٤٥٠؛‏ قاموس إيردمنز للكتاب المقدس (‏١٩٨٧)‏،‏ الصفحتين ٩٦٤،‏ ٩٦٥؛‏ قاموس المفسِّر للكتاب المقدس بقلم جي.‏ باتريك (‏١٩٦٢)‏،‏ المجلد ١،‏ الصفحة ٨٠٢؛‏ دائرة المعارف اليهودية (‏١٩١٠)‏،‏ المجلد ٦،‏ الصفحة ٥٦٤.‏

      g في مناقشة اكثر تفصيلا للموضوع،‏ في السنة ١٩٥٥،‏ بيَّن كراس What Do the Scriptures Say About “Survival After Death”? (‏ماذا تقول الاسفار المقدسة عن «الحياة بعد الموت»؟‏‏)‏ ان سجل الكتاب المقدس يظهر ان الشيطان شجع في الواقع حواء على الاعتقاد انها لن تموت في الجسد نتيجة تجاهل تحريم اللّٰه الاكل من ثمر «شجرة معرفة الخير والشر.‏» (‏تكوين ٢:‏​١٦،‏ ١٧؛‏ ٣:‏٤‏)‏ وبعد مدة تبرهن بوضوح بطلان ذلك،‏ ولكن كانت هنالك تطورات اضافية لها جذورها في تلك الكذبة الاولى.‏ فالناس تبنَّوا الفكرة ان جزءا غير منظور من الانسان يبقى حيا.‏ وعقب الطوفان ايام نوح عزَّزت هذه الفكرة الممارسات الارواحية الابليسية المنبثقة من بابل.‏ —‏ اشعياء ٤٧:‏​١،‏ ١٢؛‏ تثنية ١٨:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

      h ادَّعى باربور الايمان بالفدية،‏ أن المسيح مات لاجلنا.‏ وما رفضه كان فكرة «الاستبدال» —‏ أن المسيح مات عوضا عنا،‏ أنه بموته دفع المسيح جزاء الخطية عن ذرية آدم.‏

      i ان ما اثَّر في ذلك هو الاعتقاد ان الالف السابع للتاريخ البشري بدأ في السنة ١٨٧٣ وأن فترة من عدم الرضى الالهي (‏بطول مساوٍ لفترة سابقة اعتُبرت فترة رضى)‏ على اسرائيل الطبيعي كانت ستنتهي في السنة ١٨٧٨.‏ والتقويم كان خاطئا بسبب الاعتماد على نقل غير دقيق للاعمال ١٣:‏٢٠ في ترجمة الملك جيمس،‏ الاعتقاد ان هنالك خطأ نسخيا في ١ ملوك ٦:‏١‏،‏ والفشل في اعتبار جداول الحوادث المتزامنة للكتاب المقدس في تأريخ فترات حكم ملوك يهوذا واسرائيل.‏ وقد نُشِر فهم اوضح لجدول تواريخ الكتاب المقدس في السنة ١٩٤٣،‏ في كتاب “The Truth Shall Make You Free” (‏‏«الحق يحرركم»‏‏)‏،‏ ثم نُقِّح في السنة التالية في كتاب “The Kingdom Is at Hand” (‏‏«الملكوت قريب»‏‏)‏،‏ وكذلك في مطبوعات لاحقة.‏

      j مجلة من اصدار جورج ستورز،‏ بروكلين،‏ نيويورك.‏

      k في السنة ١٩٧٨،‏ عندما طُلب منها تصريح للصحافة عن موقف شهود يهوه من الصهيونية،‏ قالت الهيئة الحاكمة:‏ «يستمر شهود يهوه في اتخاذ الموقف المؤسس على الكتاب المقدس للكينونة حياديين ازاء الحركات السياسية والحكومات جميعها.‏ وهم مقتنعون بأنه لن تحقق اية حركة بشرية ما يمكن لملكوت اللّٰه السماوي وحده ان ينجزه.‏»‏

      l من المحزن انه بعد ذلك بوقت قصير فقط انفصلت عنه بسبب رغبتها الخاصة في البروز الشخصي.‏

      a أما في البلدان حيث يتطلب القانون ذلك فيمكن تسمية ممثِّل محلي بصفته مسؤولا عما يُنشَر.‏

      b برج المراقبة،‏ ١ حزيران،‏ ١٥ حزيران،‏ و ١ تموز ١٩٦٣ (‏١ تشرين الثاني،‏ ١٥ تشرين الثاني،‏ و ١ كانون الاول ١٩٦٢،‏ بالانكليزية)‏.‏

      c برج المراقبة،‏ ١ تموز و ١٥ ايار ١٩٦٤ (‏١٥ تشرين الثاني و ١ كانون الاول ١٩٦٣،‏ بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٠]‏

      ت.‏ ت.‏ رصل اعترف جهارا بالمساعدة التي اتت من الآخرين في سنواته الباكرة لدرس الكتاب المقدس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٢]‏

      فحصوا شخصيا الدليل على ان الكتاب المقدس هو حقا كلمة اللّٰه

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٣]‏

      ادرك تلاميذ الكتاب المقدس ان عدل اللّٰه هو في توازن كامل مع حكمته،‏ محبته،‏ وقدرته

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٧]‏

      رأى رصل بوضوح ان الهاوية ليست مكانا للعذاب بعد الموت

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٨]‏

      معظم الناس العقلاء لا يؤمنون بعقيدة نار الهاوية

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٢]‏

      موقف رصل الثابت من الفدية كانت له نتائج بعيدة المدى.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٥]‏

      استطاعوا ان يروا ان نبوة الكتاب المقدس وسمت بوضوح السنة ١٩١٤

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٦]‏

      لم يحدث كل شيء بالسرعة التي توقعوها

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٩]‏

      البشارة التي يجب المناداة بها:‏ ملكوت اللّٰه يعمل الآن!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٠]‏

      هل ستكون هرمجدون مجرد ثورة اجتماعية؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤١]‏

      اخيرا،‏ في السنة ١٩٣٢،‏ حُدِّدت هوية «اسرائيل اللّٰه» الحقيقي

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٣]‏

      ‏«العبد الامين الحكيم» —‏ شخص ام صف؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٦]‏

      تدريجيا،‏ أُزيلت الممارسات التي ربما لفتت انتباها غير مناسب الى بعض البشر

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٨]‏

      التغييرات المصنوعة هي بهدف الالتصاق على نحو اوثق ايضا بكلمة اللّٰه

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢٤]‏

      اعلان اسم اللّٰه

      ◆ منذ السنة ١٩٣١ يُستعمل الاسم شهود يهوه لتعيين هوية اولئك الذين يعبدون ويخدمون يهوه بصفته الاله الحقيقي الوحيد.‏

      ◆ منذ ١٥ تشرين الاول ١٩٣١ يظهر اسم اللّٰه الشخصي،‏ يهوه،‏ على الغلاف الامامي لكل عدد من مجلة «برج المراقبة.‏»‏

      ◆ في الوقت الذي فيه كان اسم اللّٰه الشخصي يُحذَف من معظم ترجمات الكتاب المقدس الحديثة،‏ ابتدأ شهود يهوه ينشرون،‏ في السنة ١٩٥٠،‏ «ترجمة العالم الجديد،‏» التي ردَّت الاسم الالهي الى مكانه الصحيح.‏

      ◆ بالاضافة الى الكتاب المقدس نفسه،‏ اصدرت جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس الكثير من المطبوعات الاخرى لتركيز اهتمام خصوصي على الاسم الالهي —‏ مثلا،‏ الكتب ”Jehovah“ (‏«يهوه»)‏ (‏١٩٣٤)‏،‏ “Let Your Name Be Sanctified” (‏«ليتقدس اسمك»)‏ (‏١٩٦١)‏،‏ و “‘The Nations Shall Know That I Am Jehovah’ — How?” (‏«‹تعلم الامم اني انا يهوه› —‏ كيف؟‏»)‏ (‏١٩٧١)‏،‏ فضلا عن الكراسة “The Divine Name That Will Endure Forever” (‏«الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد»)‏ (‏١٩٨٤)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢٦]‏

      ‏‹أنناقض المسيح نفسه؟‏›‏

      بعد تشهير عقيدة الثالوث غير المؤسسة على الكتاب المقدس وغير المعقولة،‏ عبَّر ت.‏ ت.‏ رصل عن سخط بار عندما سأل:‏ «أنناقض اذًا الرسل والانبياء ويسوع نفسه،‏ ونتجاهل العقل والحس العام،‏ لكي نتمسك بعقيدة سلَّمتها الينا من الماضي المظلم الذي سادته الخرافات،‏ كنيسة مرتدة فاسدة؟‏ كلا!‏ ‹الى الشريعة وإلى الشهادة.‏ إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر.‏›» —‏ «برج المراقبة،‏» ١٥ آب ١٩١٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٣٣]‏

      الحق التقدُّمي

      في السنة ١٨٨٢،‏ كتب ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «الكتاب المقدس هو مقياسنا الوحيد،‏ وتعاليمه هي قانوننا الوحيد،‏ واذ ندرك الميزة التقدُّمية لكشف حقائق الاسفار المقدسة،‏ نكون جاهزين ومستعدين للاضافة الى او تعديل قانوننا (‏ايماننا —‏ معتقدنا)‏ فيما نحصل على مزيد من النور من مقياسنا.‏» —‏ «برج المراقبة،‏» نيسان ١٨٨٢،‏ ص ٧ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحتين ١٤٤ و ١٤٥]‏

      معتقدات شهود يهوه

      ◆ الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏

      ما يحتويه ليس مجرد تاريخ او رأي بشري بل كلمة اللّٰه،‏ المسجلة لفائدتنا.‏ (‏٢ بطرس ١:‏٢١؛‏ رومية ١٥:‏٤؛‏ ١ كورنثوس ١٠:‏١١‏)‏

      ◆ يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد.‏ (‏مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ تثنية ٤:‏٣٩‏)‏

      يهوه هو خالق كل الاشياء،‏ وبهذه الصفة يستحق وحده ان يُعبَد.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١؛‏ لوقا ٤:‏٨‏)‏

      يهوه هو المتسلط الكوني،‏ الذي ندين له بالطاعة التامة.‏ (‏اعمال ٤:‏٢٤؛‏ دانيال ٤:‏١٧؛‏ اعمال ٥:‏٢٩‏)‏

      ◆ يسوع المسيح هو ابن اللّٰه الوحيد،‏ الشخص الوحيد المخلوق مباشرة من اللّٰه نفسه.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٩؛‏ كولوسي ١:‏​١٣-‏١٦‏)‏

      يسوع كان بكر خلائق اللّٰه؛‏ وهكذا،‏ قبل ان حُبل به ووُلد كانسان،‏ عاش يسوع في السماء.‏ (‏رؤيا ٣:‏١٤؛‏ يوحنا ٨:‏​٢٣،‏ ٥٨‏)‏.‏

      يعبد يسوع اباه بصفته الاله الحقيقي الوحيد؛‏ ولم يدَّعِ يسوع قط المساواة باللّٰه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣؛‏ ٢٠:‏١٧؛‏ ١٤:‏٢٨‏)‏

      بذل يسوع حياته البشرية الكاملة فدية عن الجنس البشري.‏ وذبيحته تجعل الحياة الابدية ممكنة لجميع الذين يمارسون الايمان به حقا.‏ (‏مرقس ١٠:‏٤٥؛‏ يوحنا ٣:‏​١٦،‏ ٣٦‏)‏

      أُقيم يسوع من الاموات كشخص روحاني خالد.‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٨؛‏ رومية ٦:‏٩‏)‏

      رجع يسوع (‏اذ وجَّه انتباهه كملك نحو الارض)‏ وهو الآن حاضر كروح مجيد.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣،‏ ٢٣-‏٢٧؛‏ ٢٥:‏​٣١-‏٣٣؛‏ يوحنا ١٤:‏١٩‏)‏

      ◆ الشيطان هو «رئيس هذا العالم» غير المنظور.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٣١ ؛‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏

      في الاصل كان ابنا كاملا للّٰه،‏ لكنه سمح لمشاعر الاهمية الذاتية بأن تتطور في قلبه،‏ اشتهى العبادة التي هي ليهوه فقط،‏ وأغرى آدم وحواء بإطاعته عوضا عن الاصغاء الى اللّٰه.‏ وهكذا جعل نفسه شيطانا،‏ الذي يعني «مقاوما.‏» (‏يوحنا ٨:‏٤٤؛‏ تكوين ٣:‏​١-‏٥‏؛‏ قارنوا تثنية ٣٢:‏​٤،‏ ٥؛‏ يعقوب ١:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ لوقا ٤:‏​٥-‏٧‏.‏)‏

      الشيطان «يضلّ العالم كله»؛‏ هو وأبالسته مسؤولون عن الشدة المتزايدة على الارض في وقت النهاية هذا.‏ (‏رؤيا ١٢:‏​٧-‏٩،‏ ١٢‏)‏

      في وقت اللّٰه المعيَّن سيُهلَك الشيطان وأبالسته الى الابد.‏ (‏رؤيا ٢٠:‏١٠؛‏ ٢١:‏٨‏)‏

      ◆ ملكوت اللّٰه برئاسة المسيح سيحلّ محل جميع الحكومات البشرية ويصير الحكومة الوحيدة على كل الجنس البشري.‏ (‏دانيال ٧:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏

      نظام الاشياء الشرير الحاضر سيدمَّر كاملا.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤؛‏ رؤيا ١٦:‏​١٤،‏ ١٦؛‏ اشعياء ٣٤:‏٢‏)‏

      ملكوت اللّٰه سيحكم بالبر ويجلب السلام الحقيقي لرعاياه.‏ (‏اشعياء ٩:‏​٦،‏ ٧؛‏ ١١:‏​١-‏٥؛‏ ٣٢:‏١٧؛‏ مزمور ٨٥:‏​١٠-‏١٢‏)‏

      الاشرار سيُقطعون الى الابد،‏ وعبَّاد يهوه سيتمتعون بالامن الدائم.‏ (‏امثال ٢:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ مزمور ٣٧:‏​٩-‏١١؛‏ متى ٢٥:‏​٤١-‏٤٦؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏​٦-‏٩؛‏ ميخا ٤:‏​٣-‏٥‏)‏

      ◆ نعيش الآن،‏ منذ السنة ١٩١٤،‏d في «وقت النهاية» الذي لهذا العالم الشرير.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣-‏١٤؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١-‏٥؛‏ دانيال ١٢:‏٤‏)‏

      خلال فترة الوقت هذه،‏ تُعطى شهادة لجميع الامم؛‏ بعد ذلك ستأتي النهاية،‏ لا نهاية الكرة الارضية،‏ بل النظام الشرير والناس الفجار.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣،‏ ١٤؛‏ ٢ بطرس ٣:‏٧؛‏ جامعة ١:‏٤‏)‏

      ◆ يوجد طريق واحد فقط الى الحياة؛‏ ليست جميع الاديان او الممارسات الدينية مقبولة عند اللّٰه.‏ (‏متى ٧:‏​١٣،‏ ١٤؛‏ يوحنا ٤:‏​٢٣،‏ ٢٤؛‏ افسس ٤:‏​٤،‏ ٥‏)‏

      تشدِّد العبادة الحقة لا على المظهر الطقسي والخارجي بل على المحبة الحقيقية للّٰه،‏ التي تظهر بالطاعة لوصاياه ومحبة المرء لرفيقه الانسان.‏ (‏متى ١٥:‏​٨،‏ ٩؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣؛‏ ٣:‏​١٠-‏١٨؛‏ ٤:‏٢١؛‏ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏)‏

      يمكن للناس من جميع الامم،‏ العروق،‏ والالسنة ان يخدموا يهوه وينالوا رضاه.‏ (‏اعمال ١٠:‏​٣٤،‏ ٣٥؛‏ رؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏)‏

      الصلاة يجب ان توجَّه الى يهوه فقط بواسطة يسوع؛‏ الصور لا يجب ان تُستعمل كمعبودات ولا كمساعدات في العبادة.‏ (‏متى ٦:‏٩؛‏ يوحنا ١٤:‏​٦،‏ ١٣،‏ ١٤؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١؛‏ ٢ كورنثوس ٥:‏٧؛‏ ٦:‏١٦؛‏ اشعياء ٤٢:‏٨‏)‏

      الممارسات الارواحية يجب تجنبها.‏ (‏غلاطية ٥:‏​١٩-‏٢١؛‏ تثنية ١٨:‏​١٠-‏١٢؛‏ رؤيا ٢١:‏٨‏)‏

      لا يوجد تمييز بين رجال دين وعامة الشعب عند المسيحيين الحقيقيين.‏ (‏متى ٢٠:‏​٢٥-‏٢٧؛‏ ٢٣:‏​٨-‏١٢‏)‏

      المسيحية الحقة لا تشتمل على حفظ سبت اسبوعي او التقيُّد بمتطلبات اخرى للناموس الموسوي لنيل الخلاص؛‏ وفعل ذلك انما هو رفض للمسيح،‏ الذي تمَّم الناموس.‏ (‏غلاطية ٥:‏٤؛‏ رومية ١٠:‏٤؛‏ كولوسي ٢:‏​١٣-‏١٧‏)‏

      اولئك الذين يمارسون العبادة الحقة لا ينهمكون في الايمان الخليط.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٧؛‏ رؤيا ١٨:‏٤‏)‏

      جميع الذين هم حقا تلاميذ ليسوع يعتمدون بالتغطيس الكامل.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ مرقس ١:‏​٩،‏ ١٠؛‏ اعمال ٨:‏​٣٦-‏٣٨‏)‏

      جميع الذين يتبعون مثال يسوع ويطيعون وصاياه يشهدون للآخرين عن ملكوت اللّٰه.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣؛‏ ٨:‏١؛‏ متى ١٠:‏٧؛‏ ٢٤:‏١٤‏)‏

      ◆ الموت هو نتيجة وراثة الخطية عن آدم.‏ (‏رومية ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣‏)‏

      عند الموت،‏ النفس هي التي تموت.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٤‏)‏

      الموتى لا يشعرون بشيء.‏ (‏مزمور ١٤٦:‏٤؛‏ جامعة ٩:‏​٥،‏ ١٠‏)‏

      الهاوية (‏شيول،‏ آذس)‏ هي المدفن العام للجنس البشري.‏ (‏ايوب ١٤:‏١٣؛‏ رؤيا ٢٠:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏

      ‏‹بحيرة النار› التي يسلَّم اليها الاشرار الذين لا سبيل الى تقويمهم تعني،‏ كما يقول الكتاب المقدس نفسه،‏ «الموت الثاني،‏» الموت الى الابد.‏ (‏رؤيا ٢١:‏٨‏)‏

      القيامة هي رجاء الاموات وأولئك الذين فقدوا احباء في الموت.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏​٢٠-‏٢٢؛‏ يوحنا ٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏؛‏ قارنوا يوحنا ١١:‏​٢٥،‏ ٢٦،‏ ٣٨-‏٤٤؛‏ مرقس ٥:‏​٣٥-‏٤٢‏.‏)‏

      الموت الناجم عن خطية آدم لن يكون في ما بعد.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٦؛‏ اشعياء ٢٥:‏٨؛‏ رؤيا ٢١:‏٤‏)‏

      ◆ ‹قطيع صغير،‏› ٠٠٠‏,١٤٤ فقط،‏ يذهبون الى السماء.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢ ؛‏ رؤيا ١٤:‏​١،‏ ٣‏)‏

      هؤلاء هم ‹المولودون ثانية› كاولاد روحيين للّٰه.‏ (‏يوحنا ٣:‏٣؛‏ ١ بطرس ١:‏​٣،‏ ٤‏)‏

      اللّٰه يختار هؤلاء من جميع الشعوب والامم ليملكوا مع المسيح في الملكوت.‏ (‏رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ٢٠:‏٦‏)‏

      ◆ الآخرون الذين ينالون رضى اللّٰه سيحيون الى الابد على الارض.‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ متى ٥:‏٥؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏

      الارض لن تدمَّر ابدا او تُحرم من سكانها.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏٥؛‏ اشعياء ٤٥:‏١٨‏)‏

      انسجاما مع قصد اللّٰه الاصلي،‏ ستصير الارض كلها فردوسا.‏ (‏تكوين ١:‏​٢٧،‏ ٢٨؛‏ ٢:‏​٨،‏ ٩؛‏ لوقا ٢٣:‏​٤٢،‏ ٤٣‏)‏

      ستكون هنالك بيوت ملائمة ووفرة من الطعام لمتعة كل واحد.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏​٢١-‏٢٣؛‏ مزمور ٧٢:‏١٦‏)‏

      المرض،‏ كل انواع العجز،‏ والموت نفسه ستصير من امور الماضي.‏ (‏رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤؛‏ اشعياء ٣٥:‏​٥،‏ ٦‏)‏

      ◆ السلطات الدنيوية يجب معاملتها باحترام لائق.‏ (‏رومية ١٣:‏​١-‏٧ ؛‏ تيطس ٣:‏​١،‏ ٢‏)‏

      المسيحيون الحقيقيون لا يشتركون في التمرد على السلطة الحكومية.‏ (‏امثال ٢٤:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ رومية ١٣:‏١‏)‏

      يطيعون جميع القوانين التي لا تتعارض مع شريعة اللّٰه،‏ لكنَّ الطاعة للّٰه تأتي اولا.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏

      يتمثلون بيسوع في البقاء محايدين ازاء شؤون العالم السياسية.‏ (‏متى ٢٢:‏​١٥-‏٢١؛‏ يوحنا ٦:‏١٥‏)‏

      ◆ يجب على المسيحيين ان يتقيَّدوا بمقاييس الكتاب المقدس في ما يتعلق بالدم اضافة الى الفساد الادبي الجنسي.‏ (‏اعمال ١٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏

      ادخال الدم الى الجسد عن طريق الفم او الاوردة يخالف شريعة اللّٰه.‏ (‏تكوين ٩:‏​٣-‏٦؛‏ اعمال ١٥:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏

      يجب على المسيحيين ان يكونوا طاهرين ادبيا؛‏ العهارة،‏ الزنا،‏ ومضاجعة النظير يجب الا يكون لها مكان في حياتهم،‏ ولا السكر او اساءة استعمال المخدرات.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏​٩-‏١١؛‏ ٢ كورنثوس ٧:‏١‏)‏

      ◆ الاستقامة والامانة الشخصيتان في الاعتناء بالمسؤوليات الزوجية والعائلية هما مهمتان للمسيحيين.‏ (‏١ تيموثاوس ٥:‏٨؛‏ كولوسي ٣:‏​١٨-‏٢١؛‏ عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏

      عدم الاستقامة في الكلام او في العمل،‏ وكذلك التصرف برياء لا ينسجمان مع كون المرء مسيحيا.‏ (‏امثال ٦:‏​١٦-‏١٩؛‏ افسس ٤:‏٢٥؛‏ متى ٦:‏٥؛‏ مزمور ٢٦:‏٤‏)‏

      ◆ عبادة يهوه المقبولة تتطلب ان نحبه قبل ايّ شيء آخر.‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٧؛‏ تثنية ٥:‏٩‏)‏

      فعل مشيئة يهوه،‏ وبالتالي جلب الاكرام لاسمه،‏ هو الشيء الاهم في حياة المسيحي الحقيقي.‏ (‏يوحنا ٤:‏٣٤؛‏ كولوسي ٣:‏٢٣؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٢‏)‏

      اذ يعملون الخير للجميع حسبما يستطيعون،‏ يعترف المسيحيون بالتزام خصوصي نحو خدام اللّٰه الرفقاء؛‏ لذلك فإن مساعدتهم في اوقات المرض والنكبة توجَّه خصوصا نحو هؤلاء.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٠؛‏ ١ يوحنا ٣:‏​١٦-‏١٨‏)‏

      المحبة للّٰه تتطلب من المسيحيين الحقيقيين ليس فقط ان يطيعوا وصيته بأن يحبوا قريبهم بل ايضا ان لا يحبوا طريقة حياة العالم المادية والفاسدة ادبيا.‏ والمسيحيون الحقيقيون ليسوا جزءا من العالم ولذلك يمتنعون عن الاشتراك في النشاطات التي تثبت هويتهم كمشتركين في روحه.‏ (‏رومية ١٣:‏​٨،‏ ٩؛‏ ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧؛‏ يوحنا ١٥:‏١٩؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏)‏

      ‏[الحاشية]‏

      d من اجل التفاصيل،‏ انظروا كتاب «ليأت ملكوتك.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٢١]‏

      ت.‏ ت.‏ رصل بدأ باصدار «برج مراقبة زيون» في السنة ١٨٧٩،‏ عندما كان في الـ‍ ٢٧ من العمر

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٢٥]‏

      السّر اسحق نيوتن وهنري ڠرُو كانا بين اولئك الذين رفضوا في وقت ابكر الثالوث بصفته غير مؤسس على الاسفار المقدسة

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٢٩]‏

      في مناظرة عامة،‏ حاجَّ رصل بأن الاموات هم اموات حقا،‏ وليسوا احياء مع الملائكة ولا مع الابالسة في مكان يأس

      قاعة كارنيجي،‏ ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا —‏ حيث عُقدت المناظرة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣١]‏

      سافر رصل الى المدن الكبيرة والصغيرة على السواء ليخبر بالحق عن الهاوية

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣٠]‏

      عندما تعلَّم فردريك فرانز،‏ تلميذ جامعي،‏ الحق عن حالة الموتى،‏ غيَّر كاملا اهدافه في الحياة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣٤]‏

      اعلن تلاميذ الكتاب المقدس على نحو واسع السنة ١٩١٤ بصفتها نهاية ازمنة الامم،‏ كما في هذه النشرة لجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم الموزَّعة خلال السنة ١٩١٤

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٣٧]‏

      في السنة ١٩٣١،‏ اذ استخدم اوسع شبكة اذاعية على الاطلاق،‏ اظهر ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يجلب الراحة الدائمة للجنس البشري

      أُذيعت المحاضرة «الملكوت،‏ رجاء العالم،‏» عبر ١٦٣ محطة في آن واحد وكُرِّرت لاحقا عبر ٣٤٠ محطة اخرى

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٤٢]‏

      أُرسل أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان بحرا الى فلسطين في السنة ١٩٢٥ بسبب اهتمام خصوصي بدور اليهود في ما يتعلق بنبوة الكتاب المقدس

  • كيف صرنا معروفين بشهود يهوه
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١١

      كيف صرنا معروفين بشهود يهوه

      خلال العقود الباكرة من تاريخهم العصري،‏ كثيرا ما أُشير اليهم بتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وعندما كان الآخرون يسألون عن اسم الهيئة،‏ كان اخوتنا يجيبون في الغالب،‏ «نحن مسيحيون.‏» وردّ الاخ رصل على مثل هذا السؤال قائلا في برج المراقبة:‏ «نحن لا نفصل انفسنا عن المسيحيين الآخرين باتخاذ اسم مميِّز او خصوصي.‏ نحن مكتفون بالاسم،‏ مسيحي،‏ الذي عُرف به القديسون الاولون.‏» —‏ عدد ايلول ١٨٨٨ (‏بالانكليزية)‏.‏

      اذًا،‏ كيف حدث ان صرنا معروفين اليوم بشهود يهوه؟‏

      الاسم مسيحي

      ان الأتباع الحقيقيين ليسوع المسيح،‏ في القرن الاول وفي الازمنة العصرية على حد سواء،‏ اشاروا الى انفسهم والى الرفقاء المؤمنين بصفتهم «الاخوة،‏» «الرفقاء،‏» و «جماعة اللّٰه.‏» (‏اعمال ١١:‏٢٩؛‏ ٣ يوحنا ١٤‏،‏ ع‌ج؛‏ ١ كورنثوس ١:‏٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتكلموا ايضا عن المسيح بصفته «السيد» وعن انفسهم بصفتهم ‹عبيد يسوع المسيح› و «عبيد اللّٰه.‏» (‏كولوسي ٣:‏​٢٤‏،‏ ع‌ج‏؛‏ فيلبي ١:‏١؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٦‏)‏ ومثل هذه التسميات استُعملت بوفرة داخل الجماعة،‏ وكانت مفهومة جيدا هناك.‏

      وفي القرن الاول أُشير الى طريقة الحياة التي تتركَّز حول الايمان بيسوع المسيح (‏وبالتوسيع،‏ الجماعة نفسها)‏ بصفتها «الطريق.‏» (‏اعمال ٩:‏٢؛‏ ١٩:‏٩‏)‏ ويدل عدد من الترجمات للاعمال ١٨:‏٢٥ انها دُعيت ايضا «طريق يهوه.‏»‏a ومن ناحية اخرى،‏ اشار اليها باستهزاء بعض الذين هم خارج الجماعة بأنها «شيعة الناصريين.‏» —‏ اعمال ٢٤:‏٥‏.‏

      بحلول السنة ٤٤ ب‌م،‏ او بعد ذلك بوقت غير طويل،‏ كان أتباع يسوع المسيح الامناء معروفين بصفتهم مسيحيين.‏ ويدَّعي البعض ان الذين من خارج هم مَن دعوهم مسيحيين،‏ فاعلين ذلك بازدراء.‏ إلا ان عددا من واضعي قواميس الكتاب المقدس والمعلِّقين عليه يصرِّحون بأن الفعل المستعمل في الاعمال ١١:‏٢٦ يدلّ ضمنا على التوجيه او الاعلان الالهي.‏ وهكذا،‏ في ترجمة العالم الجديد،‏ تقول هذه الآية:‏ «كان في انطاكية اولا ان التلاميذ بعناية الهية دُعُوا مسيحيين.‏» (‏يوجد نقل مماثل في ترجمة حرفية للكتاب المقدس لروبرت يونڠ،‏ طبعة منقحة،‏ للسنة ١٨٩٨؛‏ الكتاب المقدس بالانكليزية البسيطة،‏ للسنة ١٩٨١؛‏ و العهد الجديد لهوڠو مَكورد،‏ للسنة ١٩٨٨.‏)‏ وبحلول السنة ٥٨ ب‌م تقريبا كان الاسم مسيحي معروفا جيدا حتى عند الرسميين الرومان.‏ —‏ اعمال ٢٦:‏٢٨‏.‏

      وفيما كان رسل المسيح لا يزالون احياء،‏ كان الاسم مسيحي مميِّزا ومحدَّدا.‏ (‏١ بطرس ٤:‏١٦‏)‏ وجميع الذين كانوا يدَّعون انهم مسيحيون ولكنَّ معتقداتهم او سلوكهم كان يناقض ادعاءهم طُردوا من الجماعة المسيحية.‏ ولكن،‏ كما سبق وأنبأ يسوع،‏ بعد موت الرسل زرع الشيطان بزورا انتجت مسيحيين زائفين.‏ وهؤلاء الزائفون ادَّعوا ايضا بالاسم مسيحي.‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤،‏ ٢٥،‏ ٣٧-‏٣٩‏)‏ وعندما لجأت المسيحية المرتدة الى الهداية القسرية،‏ ادَّعى البعض انهم مسيحيون لمجرد تجنب الاضطهاد.‏ وعلى مر الوقت،‏ غالبا ما كان ايّ اوروپي لا يدَّعي انه يهودي،‏ مسلم،‏ او ملحد يُعتبر مسيحيا،‏ بصرف النظر عن معتقداته او سلوكه.‏

      ألقاب استهزاء

      من القرن الـ‍ ١٦ فصاعدا انشأ هذا الوضع مشكلة للمصلِحين.‏ فبما ان الاسم مسيحي استُعمل بشكل غير دقيق،‏ كيف كان بإمكانهم ان يميِّزوا انفسهم من الآخرين الذين يدَّعون انهم مسيحيون؟‏

      غالبا ما كانوا يوافقون على استعمال لقب استهزاء يطلقه عليهم اعداؤهم.‏ وهكذا كان الخصوم اللاهوتيون لمارتن لوثر،‏ في المانيا،‏ اول من اطلقوا اسمه على أتباعه،‏ داعين اياهم باللوثريين.‏ والذين تبعوا جون ويزلي،‏ في انكلترا،‏ لُقِّبوا بالمنهجيين لأنهم كانوا بشكل غير عادي دقيقين ومنهجيين في حفظ الواجبات الدينية.‏ والمعمدانيون في بادئ الامر قاوموا اللقب «مجدِّدو المعمودية» (‏الذي يعني «المعمِّد ثانية»)‏ لكنهم تدريجيا تبنوا الاسم معمداني كنوع من المسايرة.‏

      وماذا عن تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ دعاهم رجال الدين بالرصليين والرذرفورديين.‏ لكنَّ تبني مثل هذا الاسم كان سيعزِّز روح الطائفية.‏ وكان سيتعارض مع التوبيخ المعطى للمسيحيين الاولين من قبل الرسول بولس،‏ الذي كتب:‏ «متى قال واحد انا لبولس وآخر انا لأبلوس أفَلَستم جسديين [اي،‏ جسديين في وجهة النظر عوض روحيين].‏» (‏١ كورنثوس ٣:‏٤‏)‏ ولقَّبهم بعض الناس بـ‍ «المؤمنون بالفجر الالفي»؛‏ لكنَّ ملْك المسيح الالفي كان مجرد واحد من تعاليمهم.‏ ودعاهم آخرون «شعب برج المراقبة»؛‏ لكنَّ ذلك ايضا لم يكن ملائما،‏ لأن برج المراقبة كانت مجرد واحدة من المطبوعات التي استخدموها لنشر حق الكتاب المقدس.‏

      الحاجة الى اسم مميِّز

      على مر الوقت اتَّضح اكثر فأكثر انه بالاضافة الى التسمية مسيحي،‏ كانت جماعة خدام يهوه تحتاج حقا الى اسم مميِّز.‏ فمعنى الاسم مسيحي صار مشوَّها في ذهن العامة لأن الناس الذين ادَّعوا انهم مسيحيون غالبا ما كانت لديهم فكرة ضئيلة او لم تكن لديهم اية فكرة عمَّن كان يسوع المسيح،‏ ما علَّمه،‏ وما يجب ان يفعلوه اذا كانوا حقا أتباعه.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اذ تقدَّم اخوتنا في فهمهم كلمة اللّٰه،‏ رأوا بوضوح الحاجة ان يكونوا منفصلين ومتميِّزين من تلك الانظمة الدينية التي تدَّعي على نحو خادع انها مسيحية.‏

      صحيح ان اخوتنا غالبا ما كانوا يشيرون الى انفسهم بتلاميذ الكتاب المقدس،‏ وابتداء من السنة ١٩١٠ استعملوا الاسم جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في ما يتعلق باجتماعاتهم.‏ وفي السنة ١٩١٤،‏ بغية تجنب الخلط بمؤسستهم الشرعية المشكَّلة حديثا المدعوة جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ تبنوا الاسم معشر تلاميذ الكتاب المقدس لفرقهم المحلية.‏ لكنَّ عبادتهم شملت اكثر من درس الكتاب المقدس.‏ وفضلا عن ذلك،‏ كان هنالك آخرون يدرسون ايضا الكتاب المقدس —‏ البعض باخلاص؛‏ آخرون كنقَّاد؛‏ وكثيرون كاشخاص يعتبرونه مجرد قطعة ادبية بديعة.‏ ثم،‏ بعد موت الاخ رصل،‏ رفض بعض العشراء السابقين ان يتعاونوا مع جمعية برج المراقبة وجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ حتى انهم قاوموا عمل هاتين الجمعيتين.‏ ومثل هذه الفرق المجزَّأة استعملت مجموعة منوَّعة من الاسماء،‏ وبعضها التصق بالتسمية معشر تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فتسبَّب ذلك بتشويش اضافي.‏

      ولكننا بعد ذلك،‏ في السنة ١٩٣١،‏ اعتنقنا الاسم المميِّز حقا شهود يهوه.‏ والمؤلِّف تشانلر و.‏ سترلينڠ يشير الى ذلك بصفته «اعظم مسحة للعبقرية» من جهة ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك.‏ وكما نظر ذلك الكاتب الى المسألة،‏ كانت هذه خطوة حاذقة لم تزوِّد فقط اسما رسميا للفريق بل سهَّلت عليهم ايضا تفسير جميع اشارات الكتاب المقدس الى «شاهد» و «شهادة» بصفتها تنطبق خصوصا على شهود يهوه.‏ وبالتباين،‏ قال أ.‏ ه.‏ ماكميلان،‏ رفيق اداري لثلاثة رؤساء لجمعية برج المراقبة،‏ عن ذلك الاعلان من قبل الاخ رذرفورد:‏ «لا يوجد شك في ذهني —‏ لا آنذاك ولا الآن —‏ في ان الرب وجَّهه في ذلك،‏ وهذا هو الاسم الذي يريد يهوه ان نحمله،‏ ونحن سعداء جدا ومسرورون جدا بحيازته.‏» فأية وجهة نظر تؤيدها الوقائع؟‏ هل كان الاسم ‹مسحة عبقرية› من جهة الاخ رذرفورد،‏ ام انه كان نتيجة العناية الالهية؟‏

      تطورات تشير الى الاسم

      كان في القرن الثامن ق‌م ان يهوه جعل اشعياء يكتب:‏ «انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا اني انا هو.‏ قبلي لم يصوَّر اله وبعدي لا يكون.‏ .‏ .‏ .‏ وأنتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه.‏» (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠،‏ ١٢‏)‏ وكما يظهر في الاسفار اليونانية المسيحية،‏ هنالك نبوات عديدة سجَّلها اشعياء لها اتمام في ما يتعلق بالجماعة المسيحية.‏ (‏قارنوا اشعياء ٨:‏١٨ بالعبرانيين ٢:‏​١٠-‏١٣‏؛‏ اشعياء ٦٦:‏٢٢ بالرؤيا ٢١:‏​١،‏ ٢ ‏.‏)‏ غير ان اشعياء ٤٣:‏​١٠،‏ ١٢ لم تُناقَش قط بأيّ تفصيل في برج المراقبة خلال سنوات نشرها الـ‍ ٤٠ الاولى.‏

      إلا ان درس خدام يهوه الاسفار المقدسة وجَّه بعد ذلك انتباههم الى تطورات جديدة مهمة.‏ فملكوت اللّٰه برئاسة يسوع بصفته الملك المسيَّاني وُلِد في السموات في السنة ١٩١٤.‏ وفي السنة ١٩٢٥،‏ السنة التي فيها وُضِّح ذلك في برج المراقبة،‏ لُفِت الانتباه الى الوصية النبوية،‏ في اشعياء الاصحاح ٤٣‏،‏ بأن يكونوا شهودا ليهوه في ١١ عددا مختلفا من المجلة.‏

      وفي برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ ابرزت المقالة الرئيسية سؤال التحدي:‏ «مَن سيكرمون يهوه؟‏» وخلال السنوات الخمس التالية ناقشت برج المراقبة جزءا من اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢ في ٤٦ عددا منفصلا وفي كل مرة طبقته على المسيحيين الحقيقيين.‏b وفي السنة ١٩٢٩ أُشير الى ان القضية البارزة التي تواجه الخليقة العاقلة كلها تشمل اكرام اسم يهوه.‏ وفي ما يتعلق بالمسؤولية الملقاة على عاتق خدام يهوه بشأن هذه القضية،‏ جرى التأمل تكرارا في اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏.‏

      وهكذا تظهر الوقائع انه،‏ نتيجة لدرس الكتاب المقدس،‏ لُفِت الانتباه تكرارا الى التزامهم ان يكونوا شهودا ليهوه.‏ فلم يكن اسم الفريق موضع البحث بل العمل الذي يجب ان يقوموا به.‏

      ولكن بأيّ اسم يجب ان يُعرَف اولئك الشهود؟‏ وماذا سيكون ملائما نظرا الى العمل الذي يقومون به؟‏ والى ايّ استنتاج اشارت كلمة اللّٰه نفسها؟‏ نوقشت هذه المسألة في محفل في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٢٤-‏٣٠ تموز ١٩٣١.‏

      اسم جديد

      ظهر الحرفان الكبيران ش ي بشكل بارز على الغلاف الامامي من برنامج المحفل.‏ فماذا عنيا؟‏ لم يُفسَّر مغزاهما حتى يوم الاحد في ٢٦ تموز.‏ ففي ذلك اليوم ألقى الاخ رذرفورد المحاضرة العامة «الملكوت،‏ رجاء العالم.‏» وفي هذه المحاضرة،‏ عند اثبات هوية اولئك المنادين بملكوت اللّٰه،‏ اشار الخطيب بشكل خصوصي الى الاسم شهود يهوه.‏

      وفي وقت لاحق من ذلك النهار ألحق الاخ رذرفورد ذلك بخطاب آخر ناقش فيه اسباب الحاجة الى اسم مميِّز.‏c فالى ايّ اسم كانت الاسفار المقدسة نفسها تشير؟‏ اقتبس الخطيب من الاعمال ١٥:‏١٤‏،‏ التي توجِّه الانتباه الى قصد اللّٰه ان يأخذ من الامم «شعبا على اسمه.‏» وفي محاضرته ابرز الواقع ان يسوع المسيح،‏ كما ذُكر في الرؤيا ٣:‏١٤‏،‏ هو «الشاهد الامين الصادق.‏» وأشار الى يوحنا ١٨:‏٣٧ حيث اعلن يسوع:‏ «لهذا قد اتيت الى العالم لأشهد للحق.‏» ووجَّه الانتباه الى ١ بطرس ٢:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ التي تقول ان خدام اللّٰه يجب ان ‹يخبروا بفضائل الذي دعاهم من الظلمة الى نوره العجيب.‏› وبحث في عدد من الآيات من اشعياء،‏ التي لم تكن كلها مفهومة بوضوح في ذلك الحين،‏ ولكنه بعدئذ بلغ ذروة عرضه باشعياء ٤٣:‏​٨-‏١٢‏،‏ التي تشمل المهمة الالهية:‏ «انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه.‏» اذًا،‏ الى ايّ استنتاج كانت كلمة يهوه نفسها توجِّههم؟‏ وأيّ اسم كان سينسجم مع الطريقة التي بها كان يهوه في الواقع يستخدمهم؟‏

      كان الجواب الواضح متضمَّنا في قرار جرى تبنيه بحماسة في تلك المناسبة.‏d قال هذا القرار جزئيا:‏

      ‏«لكي يكون موقفنا الحقيقي معروفا،‏ واذ نعتقد ان ذلك ينسجم مع مشيئة اللّٰه،‏ كما يجري التعبير عنها في كلمته،‏ نقرِّر ما يلي،‏ اي:‏

      ‏«أننا نملك محبة عظيمة للاخ تشارلز ت.‏ رصل،‏ من اجل عمله،‏ وأننا نعترف بسرور ان الرب استخدمه وبارك عمله كثيرا،‏ ومع ذلك لا يمكننا انسجاما مع كلمة اللّٰه ان نوافق على ان نُدعى بالاسم ‹رصليون›؛‏ أن جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس وجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم وجمعية منبر الشعوب هي مجرد اسماء للمؤسسات التي نملكها،‏ نوجِّهها ونستخدمها كجماعة من الناس المسيحيين لانجاز عملنا اطاعة لوصايا اللّٰه،‏ ومع ذلك لا يرتبط ايّ من هذه الاسماء بلياقة بنا او ينطبق علينا كهيئة من المسيحيين الذين يتبعون خطوات ربنا وسيدنا،‏ المسيح يسوع؛‏ أننا تلاميذ للكتاب المقدس،‏ ولكننا،‏ كهيئة من المسيحيين يشكِّلون معشرا،‏ نرفض ان نتخذ او نُدعى بالاسم ‹تلاميذ الكتاب المقدس› او بأسماء مماثلة كوسيلة لتحديد موقفنا اللائق امام الرب؛‏ نأبى ان نحمل او ان نُدعى باسم ايّ انسان؛‏

      ‏«أننا،‏ اذ اشتُرينا بالدم الثمين ليسوع المسيح ربنا وفادينا،‏ تبرَّرنا ووُلِدنا من يهوه اللّٰه ودُعينا الى ملكوته،‏ نعلن دون تردد كامل ولائنا وتعبدنا ليهوه اللّٰه وملكوته؛‏ أننا خدام ليهوه اللّٰه مفوَّض الينا ان نقوم بعمل باسمه،‏ واطاعة لوصيته،‏ ان نوصل الشهادة عن يسوع المسيح،‏ وأن نعلن للناس ان يهوه هو الاله الحقيقي والقادر على كل شيء؛‏ ولذلك بفرح نعتنق ونتخذ الاسم الذي سمَّاه فم الرب الاله،‏ ونرغب في ان نُعرف ونُدعى بالاسم،‏ اي شهود يهوه‏.‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏.‏»‏e

      بعد عرض كامل القرار دلّ التصفيق المدوّي الطويل على موافقة الحضور التامة على ما ذُكر.‏

      قبول المسؤولية

      يا له من شرف ان نحمل اسم الاله الحقيقي الوحيد،‏ سيد الكون!‏ ولكنَّ هذا الاسم ترافقه المسؤولية.‏ انها مسؤولية لا تريدها الفرق الدينية الاخرى.‏ وكما قال الاخ رذرفورد في محاضرته:‏ «سعداء هم الذين يمكنهم ان يتخذوا اسما لا يريده احد تحت الشمس سوى اولئك المتعبدين ليهوه كليا ودون تحفظ.‏» ولكن،‏ كم هو ملائم ان يحمل خدام يهوه اسم اللّٰه الشخصي،‏ ان يعلنوه،‏ وأن يقترن بشكل بارز بالمناداة بقصده!‏

      والفريق او الافراد الذين يتكلمون باسم يهوه يضعون انفسهم تحت التزام نقل كلمته بصدق.‏ (‏ارميا ٢٣:‏​٢٦-‏٢٨‏)‏ ويجب ان يعلنوا ليس فقط تدابير يهوه لمباركة محبي البر بل ايضا احكامه على ممارسي الاثم.‏ وكما اوصى يهوه انبياءه في الازمنة الماضية،‏ كذلك اليوم ينبغي لشهوده الا ينقِّصوا شيئا من كلمة اللّٰه بالفشل في اعلانه.‏ (‏ارميا ١:‏١٧؛‏ ٢٦:‏٢؛‏ حزقيال ٣:‏​١-‏١١‏)‏ ويجب ان ينادوا «بسنة مقبولة (‏ليهوه)‏ وبيوم انتقام لالهنا» على السواء.‏ (‏اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢‏)‏ وأولئك الذين تبنوا القرار اعلاه ادركوا هذه المسؤولية،‏ وفي الجزء الاخير من القرار اعلنوا:‏

      ‏«كشهود ليهوه،‏ قصدنا الفريد والوحيد هو أن نكون طائعين كاملا لوصاياه؛‏ أن نعلن انه الاله الحقيقي الوحيد والقادر على كل شيء؛‏ أن كلمته صادقة وأن اسمه يستحق كل اكرام ومجد؛‏ أن المسيح هو مَلك اللّٰه،‏ الذي جعله على عرش سلطته؛‏ أن ملكوته جاء الآن،‏ واطاعة لوصايا الرب يجب ان نعلن الآن هذه البشارة شهادة للامم ونخبر الحكام والشعب عن هيئة الشيطان الوحشية والظالمة،‏ وخصوصا في ما يتعلق بـ‍ ‹العالم المسيحي› الذي هو الجزء الاكثر شرا في تلك الهيئة المنظورة،‏ وعن قصد اللّٰه ان يهلك قريبا هيئة الشيطان،‏ الاجراء العظيم الذي سيليه سريعا جلب المسيح الملِك لشعوب الارض الطائعين السلام والازدهار،‏ الحرية والصحة،‏ السعادة والحياة الابدية؛‏ أن ملكوت اللّٰه هو رجاء العالم،‏ ولا يوجد رجاء آخر،‏ وأن هذه الرسالة يجب ان يسلِّمها اولئك الذين تحدَّد هويتهم كشهود ليهوه.‏

      ‏«ندعو بتواضع جميع الاشخاص الاولياء كليا ليهوه وملكوته ان يشتركوا في المناداة بهذه البشارة للآخرين،‏ لكي يرتفع المقياس البار للرب،‏ لكي تعرف شعوب العالم اين يجدون الحق والرجاء بالراحة؛‏ وقبل كل شيء،‏ لكي يُبرَّأ ويُرفَّع الاسم العظيم والقدوس ليهوه اللّٰه.‏»‏

      ليس فقط في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ في اميركا،‏ بل بعيدا في اوستراليا انفجر الحاضرون بالتصفيق عندما سمعوا الاعلان عن هذا الاسم الجديد.‏ وفي اليابان،‏ بعد ساعات من المحاولة،‏ جرى التقاط جزء قصير فقط من البرنامج على جهاز راديو للموجات القصيرة في منتصف الليل.‏ فتُرجم على الفور.‏ وهكذا سمع الفريق الصغير هناك القرار والتصفيق المدوّي.‏ وكانت ماتسو ايشي هناك معهم،‏ وكما كتبت في ما بعد،‏ ‹رفعوا هتاف الفرح انسجاما مع اخوتهم في اميركا.‏› وعقب المحفل في كولومبوس،‏ عبَّرت محافل وجماعات شهود يهوه في جميع البلدان حيث كانوا يواصلون خدمتهم انها على وفاق تام مع ذلك القرار.‏ ومن النروج،‏ على سبيل المثال،‏ اتى التقرير:‏ «في محفلنا السنوي .‏ .‏ .‏ في اوسلو وقفنا على ارجلنا جميعا وبحماس عظيم هتفنا ‹نعم›،‏ عند تبنِّي اسمنا الجديد ‹شهود يهوه›.‏»‏

      اكثر من لقب

      هل كان العالم عموما سيدرك ان اخوتنا تبنَّوا هذا الاسم الجديد؟‏ نعم،‏ حقا!‏ فالخطاب الذي أُعلن فيه الاسم اولا أُلقي عبر اوسع شبكة اذاعية استُعملت على الاطلاق حتى ذلك الحين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ شُمل القرار الذي يعلن الاسم الجديد بكراس الملكوت،‏ رجاء العالم.‏ وبعد المحفل وزَّع شهود يهوه ملايين النسخ من هذا الكراس بلغات عديدة في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر البحر.‏ وفضلا عن تقديم النسخ من بيت الى بيت،‏ بذلوا جهدا خصوصيا لوضع نسخة في يدي كل رسمي حكومي،‏ رجل اعمال بارز،‏ ورجل دين.‏ وبعض الذين لا يزالون احياء في السنة ١٩٩٢ تذكَّروا جيدا اشتراكهم في تلك الحملة المهمة.‏

      لم يتسلَّم الجميع الكراس برضى.‏ تتذكَّر ايڤا ابوت انه فيما كانت تغادر بيت رجل دين في الولايات المتحدة،‏ رُمي بالكراس بقوة في محاذاتها فوقع على الارض.‏ لم ترد ان تتركه هناك،‏ فبادرت الى التقاطه؛‏ لكنَّ كلبا كبيرا هَرَّ،‏ انتزعه من يدها،‏ وأخذه الى سيده،‏ الواعظ.‏ قالت،‏ «ما لم استطع تسليمه،‏ سلَّمه الكلب!‏»‏

      مارتن پويتسنڠر،‏ الذي خدم في وقت لاحق كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه،‏ تذكَّر:‏ «وجوه مندهشة ظهرت عند كل باب عندما كنا نعرِّف بأنفسنا بالكلمات:‏ ‹جئت اليكم اليوم كواحد من شهود يهوه.‏› وكان الناس يهزّون رؤوسهم او يسألون:‏ ‹ولكن ألا تزالون تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ ام هل انضممتم الى بدعة جديدة؟‏›» وتدريجيا تغيَّر هذا الوضع.‏ وبعد عدة عقود من شروعهم في استعمال اسمهم المميِّز،‏ كتب الاخ پويتسنڠر:‏ «يا له من تغيير!‏ فقبل ان اتفوَّه بكلمة يقول الناس:‏ ‹لا بد انك واحد من شهود يهوه.‏›» اجل،‏ انهم يعرفون الاسم الآن.‏

      وهذا الاسم ليس مجرد لقب.‏ فسواء كانوا شبانا او شيوخا،‏ ذكورا او اناثا،‏ يشترك جميع شهود يهوه في عمل الشهادة ليهوه وقصده العظيم.‏ ونتيجة لذلك،‏ كتب ت.‏ س.‏ برادن،‏ پروفسور في التاريخ الديني:‏ «غطَّى شهود يهوه الارض حرفيا بشهادتهم.‏» —‏ هؤلاء ايضا يؤمنون.‏

      وعلى الرغم من ان الشهادة التي قام بها اخوتنا قبل تبنِّيهم الاسم شهود يهوه كانت تحيط بالكرة الارضية،‏ إلا انه في التأمل من جديد في ما مضى يَظهر ان يهوه كان يعدّهم لعمل اعظم ايضا —‏ تجميع جمع كثير سيُحفظون احياء عبر هرمجدون،‏ بفرصة الحياة الى الابد على ارض فردوسية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة؛‏ ترجمة حرفية للعهد الجديد .‏ .‏ .‏ من نص مخطوطة الڤاتيكان،‏ بقلم هِرمان هاينفِتَر؛‏ وست ترجمات بالعبرانية.‏ انظروا ايضا الحاشية في اعمال ١٩:‏٢٣ في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.‏

      b بين مقالات برج المراقبة الرئيسية المنشورة خلال هذه الفترة كانت «يهوه وأعماله،‏» «أَكرموا اسمه،‏» «شعب على اسمه،‏» «ترفيع اسمه،‏» «الشاهد الامين الصادق،‏» «سبِّحوا يهوه!‏» «تلذَّذوا بيهوه،‏» «يهوه الاسمى،‏» «تبرئة اسمه،‏» «اسمه،‏» و «رنِّموا ليهوه.‏»‏

      c انظروا المقالة «اسم جديد،‏» في برج المراقبة عدد ١ تشرين الاول ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      d برج المراقبة،‏ ١٥ ايلول ١٩٣١،‏ الصفحتان ٢٧٨،‏ ٢٧٩ (‏بالانكليزية)‏.‏

      e على الرغم من ان الدليل يشير بشكل مقنع الى توجيه يهوه في اختيار الاسم شهود يهوه،‏ اشارت في وقت لاحق برج المراقبة (‏١ شباط ١٩٤٤،‏ ص ٤٢،‏ ٤٣،‏ بالانكليزية؛‏ ١ تشرين الاول ١٩٥٧،‏ ص ٦٠٧،‏ بالانكليزية)‏ وكتاب ”New Heavens and a New Earth” (‏«سموات جديدة وارض جديدة،‏» الصفحات ٢٣١-‏٢٣٧)‏ الى ان هذا الاسم ليس ‹الاسم الجديد› المشار اليه في اشعياء ٦٢:‏٢؛‏ ٦٥:‏١٥؛‏ ورؤيا ٢:‏١٧‏،‏ مع ان الاسم ينسجم مع العلاقة الجديدة المشار اليها في الآيتين في اشعياء.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٩]‏

      ‏«التلاميذ بعناية الهية دُعُوا مسيحيين»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥١]‏

      الاسم مسيحي صار مشوَّها في ذهن العامة

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٠]‏

      كانوا اكثر من تلاميذ للكتاب المقدس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٦]‏

      ‏«انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٠]‏

      الاسم شهود يهوه في الاميركتين

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٣]‏

      الآخرون فهموا ذلك

      لم تكن «برج المراقبة» الوحيدة التي ابرزت من الكتاب المقدس انه سيكون ليهوه شهود على الارض.‏ مثلا،‏ اشار ه.‏ ا.‏ آيرونْسايْد،‏ في كتاب «محاضرات حول دانيال النبي» (‏الصادر اولا في السنة ١٩١١)‏،‏ الى اولئك الذين تتم فيهم الوعود الثمينة لاشعياء الاصحاح ٤٣ وقال:‏ «هؤلاء لا بد ان يكونوا شهود يهوه،‏ الذين يشهدون لقدرة ومجد الاله الحقيقي الواحد،‏ حين يكون العالم المسيحي المرتد قد سُلِّم لعمل الضلال ليصدّق كذب ضد المسيح.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٢]‏

      الاسم شهود يهوه في المشرق وجزر الپاسيفيك

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٥]‏

      الاسم شهود يهوه في افريقيا

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٥]‏

      الاسم شهود يهوه في اوروپا والشرق الاوسط

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٥٤]‏

      كان الحرفان الاولان ش ي (‏دون ايّ تفسير)‏ بارزَين في محفل السنة ١٩٣١.‏ وكُشف عن معناهما في خطاب مثير عن الاسم الجديد

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٥٧]‏

      كانوا فخورين بجعل الآخرين يعرفون انهم شهود يهوه

  • الجمع الكثير ليحيوا في السماء؟‏ ام علی الارض؟‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٢

      الجمع الكثير ليحيوا في السماء؟‏ ام على الارض؟‏

      بالتباين مع اعضاء اديان العالم المسيحي،‏ تتطلع غالبية شهود يهوه بشوق الى حياة ابدية،‏ لا في السماء،‏ بل على الارض.‏ ولماذا ذلك؟‏

      لم تكن الحال دائما هكذا.‏ فمسيحيو القرن الاول كان لديهم التوقع انهم في حينه سيحكمون مع يسوع المسيح كملوك سماويين.‏ (‏متى ١١:‏١٢؛‏ لوقا ٢٢:‏​٢٨-‏٣٠‏)‏ لكنَّ يسوع اخبرهم ان ورثة الملكوت سيكونون مجرد ‹قطيع صغير.‏› (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ فمن سيكونون مشمولين؟‏ وكم شخصا سيكون هنالك؟‏ لم يعلموا التفاصيل إلا لاحقا.‏

      في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ مُسِح تلاميذ يسوع اليهود الاولون بالروح القدس ليكونوا وارثين مع المسيح.‏ وفي السنة ٣٦ ب‌م بيَّن عمل روح اللّٰه ان الامميين غير المختونين سيشتركون ايضا في هذا الميراث.‏ (‏اعمال ١٥:‏​٧-‏٩؛‏ افسس ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ ومرَّت ٦٠ سنة اخرى قبل الاعلان للرسول يوحنا ان ٠٠٠‏,١٤٤ فقط سيؤخذون من الارض للاشتراك في الملكوت السماوي مع المسيح.‏ —‏ رؤيا ٧:‏​٤-‏٨؛‏ ١٤:‏​١-‏٣‏.‏

      اشترك تشارلز تاز رصل وعشراؤه في هذا الرجاء،‏ كما فعل معظم شهود يهوه حتى منتصف ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وعرفوا ايضا،‏ من درسهم الاسفار المقدسة،‏ ان المسح بالروح القدس يدلّ ليس فقط ان الاشخاص هم في طريقهم الى الخدمة المستقبلية كملوك وكهنة مع المسيح في السماء بل ايضا ان لديهم عملا خصوصيا للقيام به فيما لا يزالون في الجسد.‏ (‏١ بطرس ١:‏​٣،‏ ٤؛‏ ٢:‏٩؛‏ رؤيا ٢٠:‏٦‏)‏ ايّ عمل؟‏ لقد عرفوا جيدا واقتبسوا مرارا من اشعياء ٦١:‏١‏،‏ التي تقول:‏ «روح السيد (‏يهوه)‏ عليَّ لأن (‏يهوه)‏ مسحني لأبشّر المساكين.‏»‏

      الكرازة بأيّ هدف؟‏

      على الرغم من انهم كانوا قليلي العدد،‏ سعوا الى نقل الحق عن اللّٰه وقصده الى كل شخص يمكن الوصول اليه.‏ فطبعوا ووزَّعوا كميات هائلة من المطبوعات مخبرين بالبشارة عن تدبيره للخلاص بواسطة المسيح.‏ لكنَّ هدفهم لم يكن بأية حال هداية جميع الذين يكرزون لهم.‏ اذًا،‏ لماذا كرزوا لهم؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد تموز ١٨٨٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «نحن ممثِّلون له [ليهوه] في الارض؛‏ وسمعة اسمه يجب ان تُبرَّأ في حضور اعدائه وأمام كثيرين من اولاده المخدوعين؛‏ وقصده المجيد يجب ان يُنشر في كل الاتجاهات في مقاومة لكل الخطط المتسمة بالحكمة العالمية التي حاول ويحاول البشر اختراعها.‏»‏

      ومُنِح انتباه خصوصي لاولئك الذين يدَّعون انهم شعب الرب،‏ وكثيرون منهم كانوا اعضاء في كنائس العالم المسيحي.‏ فماذا كان الهدف من الكرازة لهؤلاء؟‏ كما كان الاخ رصل يوضح غالبا،‏ لم تكن رغبة تلاميذ الكتاب المقدس الاولين سحب اعضاء الكنائس الى هيئة اخرى بل مساعدتهم على الاقتراب اكثر الى الرب كاعضاء في الكنيسة الحقيقية الواحدة.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس عرفوا انه،‏ اطاعة لل‍رؤيا ١٨:‏٤‏،‏ ينبغي لمثل هؤلاء الاشخاص ان يخرجوا من «بابل،‏» التي فهموا انها تتجلَّى في الكنيسة الاسمية،‏ كنائس العالم المسيحي بكل تعاليمها غير المؤسسة على الاسفار المقدسة وانقساماتها الطائفية.‏ وفي العدد الاول نفسه من برج المراقبة (‏تموز ١٨٧٩،‏ بالانكليزية)‏ ذكر الاخ رصل:‏ «نفهم ان هدف الشهادة الحالية هو ‹اخذ شعب على اسمه› —‏ الكنيسة —‏ الذين عند مجيء المسيح يتحدون به وينالون اسمه.‏ رؤيا ٣:‏١٢‏.‏»‏

      في ذلك الوقت ادركوا ان «دعوة» واحدة فقط كانت مقدَّمة لجميع المسيحيين الحقيقيين.‏ وهذه كانت دعوة ليكونوا اعضاء عروس المسيح،‏ الذين سيكون عددهم في النهاية ٠٠٠‏,١٤٤ فقط.‏ (‏افسس ٤:‏٤؛‏ رؤيا ١٤:‏​١-‏٥‏)‏ وسعوا الى حثّ جميع الذين يدَّعون الايمان بذبيحة المسيح الفدائية،‏ سواء كان هؤلاء اعضاء في الكنائس او لا،‏ على تقدير «المواعيد العظمى والثمينة» للّٰه.‏ (‏٢ بطرس ١:‏٤؛‏ افسس ١:‏١٨‏)‏ وسعوا الى اثارة غيرتهم في العمل وفق المتطلبات من اجل القطيع الصغير لورثة الملكوت.‏ وبغية التقوية الروحية لجميع هؤلاء،‏ الذين اعتبروا انهم يشكِّلون «اهل بيت الايمان» (‏لأنهم ادَّعوا الايمان بالفدية)‏،‏ سعى الاخ رصل وعشراؤه باجتهاد الى جعل ‹الطعام الروحي في حينه› متوافرا عبر اعمدة برج المراقبة وغيرها من المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ —‏ غلاطية ٦:‏١٠؛‏ متى ٢٤:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      إلا انهم استطاعوا ان يروا انه ليس جميع الذين ادَّعوا صنع «تكريس» (‏او،‏ ‹تقديم انفسهم كاملا للرب،‏› كما فهموا معنى ذلك)‏ استمروا بعد ذلك في اتِّباع حياة من التضحية الطوعية بالذات،‏ جاعلين خدمة الرب اهتمامهم الاول في الحياة.‏ ومع ذلك،‏ كما اوضحوا،‏ كان المسيحيون المكرَّسون قد وافقوا على التخلي عن الطبيعة البشرية طوعا،‏ بهدف الميراث السماوي؛‏ فلم يكن هنالك ايّ رجوع الى الوراء؛‏ وإن لم ينالوا الحياة في الحيز الروحي فسيكون الموت الثاني بانتظارهم.‏ (‏عبرانيين ٦:‏​٤-‏٦؛‏ ١٠:‏​٢٦-‏٢٩‏)‏ غير ان كثيرين من المسيحيين المكرَّسين في الظاهر كانوا يتخذون الطريق السهل،‏ فاشلين في الاعراب عن الغيرة الحقيقية لقضية الرب ومحجمين عن التضحية بالذات.‏ ومع ذلك،‏ لم ينكروا الفدية كما يبدو،‏ وكانوا يحيون حياة نظيفة الى حد معقول.‏ فماذا كان سيحلّ بمثل هؤلاء الاشخاص؟‏

      لسنوات عديدة اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس ان هذا هو الفريق الموصوف في الرؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٤‏،‏ التي تشير الى «جمع كثير» يأتون من الضيقة العظيمة ويقفون «امام عرش» اللّٰه وأمام الخروف،‏ يسوع المسيح.‏ وفكَّروا انه على الرغم من ان هؤلاء احجموا عن حياة التضحية بالذات،‏ إلا انهم سيواجهون تجارب الايمان المنتهية الى الموت خلال وقت من الضيق بعد تمجيد آخر اعضاء عروس المسيح.‏ واعتقدوا انه اذا كان اولئك الذين يزعمون انهم من الجمع الكثير امناء في ذلك الوقت،‏ فسيقامون الى حياة سماوية —‏ لا ليحكموا كملوك بل ليأخذوا مركزا امام العرش.‏ واستُنتج انهم سيُعطَون مثل هذه المراكز الثانوية لأن محبتهم للرب لم تكن حارة كفاية،‏ لأنهم لم يظهروا غيرة كافية.‏ واعتُقد ان هؤلاء كانوا اناسا مولودين من روح اللّٰه لكنهم كانوا يهملون اطاعة اللّٰه،‏ مستمرين ربما في الالتصاق بكنائس العالم المسيحي.‏

      واعتقدوا ايضا انه ربما —‏ ربما —‏ يُمنح «الجديرون القدامى» الذين سيخدمون كأمراء على الارض خلال العصر الالفي،‏ بطريقة ما،‏ في نهاية ذلك الوقت،‏ حياة سماوية.‏ (‏مزمور ٤٥:‏١٦‏)‏ واستنتجوا ان توقعا مماثلا يمكن ان ينتظر ايّا من الذين «يكرِّسون» انفسهم بعد ان يكون الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ من ورثة الملكوت قد اختيروا جميعهم نهائيا ولكن قبل ان يبدأ زمن الردّ على الارض.‏ وبطريقة محدودة كان ذلك احتفاظا بنظرة العالم المسيحي ان جميع الصالحين كفاية يذهبون الى السماء.‏ ولكن كان هنالك اعتقاد عزَّزه تلاميذ الكتاب المقدس من الاسفار المقدسة فرزهم من العالم المسيحي كله.‏ فماذا كان ذلك؟‏

      الحياة الى الابد في كمال على الارض

      لقد ادركوا انه فيما يُمنح عدد محدود مأخوذ من بين الجنس البشري حياة سماوية سيكون هنالك عدد اكبر يحظون بحياة ابدية على الارض،‏ في ظل احوال مماثلة لتلك التي كانت موجودة في فردوس عدن.‏ فقد علَّم يسوع أتباعه ان يصلّوا:‏ «لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.‏»‏ وقال ايضا:‏ «طوبى للودعاء لأنهم يرثون الارض‏.‏» —‏ متى ٥:‏٥؛‏ ٦:‏١٠‏.‏

      وانسجاما مع ذلك،‏ اشار رسم بيانيa منشور كملحق لعدد تموز-‏آب ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة الى انه سيكون هنالك كثيرون من بين الجنس البشري ينالون رضى اللّٰه في اثناء ملك المسيح الالفي ويؤلِّفون «عالم الجنس البشري المرفوع الى الكمال البشري والحياة.‏» وقد استُخدم هذا الرسم البياني لسنين عديدة كأساس للمحاضرات للفرق الكبيرة والصغيرة على السواء.‏

      وفي ظل اية احوال سيحيا الناس على الارض في اثناء ذلك العصر الالفي؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩١٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «قبل دخول الخطية الى العالم كان التدبير الالهي لابوينا الاولين جنة عدن.‏ واذ نفكر في ذلك،‏ لندَعْ اذهاننا تلتفت الى المستقبل،‏ موجَّهة من كلمة اللّٰه؛‏ ففي تصوُّر ذهني نرى الفردوس المسترد —‏ لا مجرد جنة،‏ بل كامل الارض قد صارت جميلة،‏ مثمرة،‏ خالية من الخطية،‏ سعيدة.‏ ثم نتذكَّر الوعد الموحى به المألوف لنا جدا —‏ ‹وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد،‏› لأن الامور الاولى للخطية والموت ستكون قد مضت،‏ وكل شيء قد صار جديدا!‏ —‏ رؤيا ٢١:‏​٤،‏ ٥‏.‏»‏

      مَن سيحيون الى الابد على الارض؟‏

      لم يعتقد الاخ رصل ان اللّٰه يقدِّم للجنس البشري اختيارا —‏ حياة سماوية للذين يريدونها وحياة في فردوس ارضي للذين يعتقدون انهم يفضِّلونها.‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١٥ ايلول ١٩٠٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان مشاعرنا او مطامحنا ليست الدعوة.‏ وإلا فان ذلك يدلّ ضمنا اننا نصنع دعوتنا الخاصة.‏ واذ يتكلم عن كهنوتنا يعلن الرسول،‏ ‹لا يأخذ احد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من اللّٰه،‏› (‏عبرانيين ٥:‏٤‏)‏،‏ والمكان للتحقق من دعوة اللّٰه ليس في مشاعرنا بل في كلمة اعلان اللّٰه.‏»‏

      أما بالنسبة الى فرصة العيش في فردوس ارضي مسترد فقد اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس ان هذه ستُمنح للناس فقط بعد ان يكون كل القطيع الصغير قد نالوا مكافأتهم ويكون العصر الالفي قد دخل كاملا.‏ وفهموا ان ذلك سيكون زمن «ردّ كل شيء،‏» كما هو مشار اليه في الاعمال ٣:‏٢١‏.‏ وحتى الموتى سيقامون آنذاك ليتمكن الجميع من الاشتراك في هذا التدبير الحبي.‏ وتصوَّر الاخوة كل الجنس البشري (‏ما عدا اولئك الذين دُعُوا الى الحياة السماوية)‏ يُمنحون فرصتهم آنذاك ليختاروا الحياة.‏ وكما فهموا،‏ سيكون ذلك الوقتَ الذي يفرز فيه المسيح،‏ في عرشه السماوي،‏ الناس بعضهم من بعض كما يفرز الراعي الخراف من الجداء.‏ (‏متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏)‏ والطائعون،‏ سواء كانوا مولودين كيهود او كأمميين،‏ سيكونون ‹الخراف الاخر› للرب.‏ —‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏b

      وبعد انتهاء ازمنة الامم اعتقدوا ان زمن الردّ قريب جدا؛‏ ولذلك من السنة ١٩١٨ حتى السنة ١٩٢٥ نادوا:‏ «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا.‏» اجل،‏ فهموا ان الناس الاحياء آنذاك —‏ الجنس البشري عموما —‏ لديهم الفرصة ليبقوا احياء الى زمن الردّ وأنهم سيتعلمون آنذاك متطلبات يهوه للحياة.‏ فاذا كانوا طائعين يبلغون تدريجيا الكمال البشري.‏ واذا كانوا متمردين يهلكون في حينه الى الابد.‏

      وخلال تلك السنوات الباكرة لم تكن لدى الاخوة اية فكرة ان رسالة الملكوت سينادَى بها بهذا الاتساع ولسنين كثيرة كهذه.‏ لكنهم استمروا في فحص الاسفار المقدسة وسعوا الى التجاوب مع ما تشير اليه في ما يتعلق بالعمل الذي كان اللّٰه سيجعلهم يقومون به.‏

      ‏«الخراف» عن يمين المسيح

      والخطوة المهمة حقا في فهم قصد يهوه تركَّزت حول مثل يسوع عن الخراف والجداء في متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏.‏ وفي هذا المثل قال يسوع:‏ «ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده.‏ ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميِّز بعضهم من بعض كما يميِّز الراعي الخراف من الجداء.‏ فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار.‏» وكما يمضي المثل مظهرا،‏ «الخراف» هم اولئك الذين يساعدون «اخوة» المسيح،‏ محاولين ايضا ان يجلبوا لهم الراحة عندما يُضطهدون ويكونون في السجن.‏

      لمدة طويلة جرى الاعتقاد ان هذا المثل ينطبق خلال العصر الالفي،‏ في زمن الردّ،‏ وأن الدينونة الاخيرة المشار اليها في المثل هي التي ستجري عند نهاية الالف سنة.‏ ولكن في السنة ١٩٢٣ بيَّن ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة،‏ اسبابا لنظرة اخرى الى الامور في محاضرة منوِّرة في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا.‏ وقد نُشرت هذه في وقت لاحق من تلك السنة في عدد ١٥ تشرين الاول (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏

      وعند مناقشة الوقت الذي سيتم فيه هذا المثل النبوي اظهرت المقالة ان يسوع شمله كجزء من اجابته عن سؤال يتعلق بـ‍ ‹علامة حضوره واختتام نظام الاشياء.‏› (‏متى ٢٤:‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وأوضحت المقالة لماذا لا يمكن ان يكون ‹الاخوة› المشار اليهم في المثل اليهود في عصر الانجيل ولا البشر الذين يظهرون الايمان خلال فترة الامتحان والدينونة للعصر الالفي بل يجب ان يكونوا اولئك الوارثين مع المسيح للملكوت السماوي؛‏ وبالتالي لماذا يجب ان يكون اتمام المثل في وقت يكون فيه بعض الوارثين مع المسيح بعدُ في الجسد.‏ —‏ قارنوا عبرانيين ٢:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

      واختبارات اخوة المسيح الممسوحين هؤلاء عندما حاولوا ان يشهدوا لرجال الدين ولعامة الشعب المقترنين بكنائس العالم المسيحي دلَّت ايضا ان النبوة المتضمَّنة في مثل يسوع كانت تتم آنذاك.‏ وكيف ذلك؟‏ ان رد فعل كثيرين من رجال الدين وأعضاء كنائسهم البارزين كان عدائيا —‏ فلا كأس ماء منعشة،‏ لا حرفيا ولا مجازيا؛‏ وعوضا عن ذلك،‏ حرَّض بعضهم الرعاع على نزع الثياب عن الاخوة وضربهم،‏ او طلبوا الى الرسميين ان يسجنوهم.‏ (‏متى ٢٥:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ وبالتباين،‏ رحَّب بسرور اعضاء كنسيون متواضعون كثيرون برسالة الملكوت،‏ قدَّموا الشراب المنعش للذين حملوها،‏ وفعلوا ما استطاعوا لمساعدتهم حتى عندما سُجِن الممسوحون من اجل البشارة.‏ —‏ متى ٢٥:‏​٣٤-‏٣٦‏.‏

      وبقدر ما استطاع تلاميذ الكتاب المقدس ان يروا،‏ كان اولئك الذين تكلم عنهم يسوع بصفتهم الخراف لا يزالون في كنائس العالم المسيحي.‏ وهؤلاء،‏ كما فكروا،‏ كانوا اناسا لم يدَّعوا انهم مكرَّسون للرب ولكن كان لديهم احترام كبير ليسوع المسيح ولشعبه.‏ ومع ذلك،‏ هل كان بامكانهم ان يبقوا في الكنائس؟‏

      اتخاذ موقف ثابت الى جانب العبادة النقية

      ألقى درس لسفر حزقيال النبوي للكتاب المقدس الضوء على ذلك.‏ والمجلد الاول من تعليق مؤلف من ثلاثة مجلدات بعنوان التبرئة صدر في السنة ١٩٣١.‏ وأوضح مغزى ما كتبه حزقيال عن سخط يهوه على يهوذا واورشليم المرتدتين القديمتين.‏ فعلى الرغم من ان شعب يهوذا ادَّعوا خدمة الاله الحي والحقيقي،‏ تبنَّوا الطقوس الدينية للامم المجاورة،‏ قدَّموا البخور للاصنام العديمة الحياة،‏ وزنوا بوضع ثقتهم في التحالفات السياسية بدلا من الاعراب عن الايمان بيهوه.‏ (‏حزقيال ٨:‏​٥-‏١٨؛‏ ١٦:‏​٢٦،‏ ٢٨،‏ ٢٩؛‏ ٢٠:‏٣٢‏)‏ وفي كل ذلك كانوا تماما كالعالم المسيحي؛‏ ولذلك،‏ بشكل ثابت،‏ سينفّذ يهوه الدينونة في العالم المسيحي تماما كما نفّذها في يهوذا واورشليم الخائنتين.‏ لكنَّ الاصحاح ٩ من حزقيال يظهر انه قبل تنفيذ الدينونة الالهية،‏ سيوسَم البعض للحفظ.‏ فمَن هم هؤلاء؟‏

      تقول النبوة ان الموسومين «يئنون ويتنهدون على كل الرجاسات المصنوعة» في وسط العالم المسيحي،‏ او اورشليم المجازية.‏ (‏حزقيال ٩:‏٤‏)‏ اذًا،‏ بالتأكيد،‏ لا يمكن ان يشتركوا عمدا في هذه الرجاسات.‏ ولذلك فإن المجلد الاول من التبرئة اثبت هوية اولئك الذين لديهم السمة بأنهم اناس يرفضون ان يكونوا جزءا من الهيئات الكنسية للعالم المسيحي وبطريقة ما يتخذون موقفهم الى جانب الرب.‏

      وهذه المواد تبعتها في السنة ١٩٣٢ مناقشة لسجل الكتاب المقدس عن ياهو ويوناداب ومعانيه الضمنية النبوية.‏ فقد كلَّف يهوه ياهو ان يكون ملكا على مملكة اسرائيل ذات العشرة اسباط وأن ينفّذ دينونة يهوه في بيت اخآ‌ب وايزابل الشرير.‏ وعندما كان ياهو في طريقه الى السامرة لاستئصال عبادة البعل،‏ خرج يهوناداب (‏يوناداب)‏،‏ ابن ركاب،‏ للقائه.‏ فسأل ياهو يهوناداب:‏ «هل قلبك مستقيم (‏معي؟‏)‏» فأجاب يهوناداب:‏ «نعم ونعم.‏» «هاتِ يدك،‏» دعا ياهو،‏ وأصعد يهوناداب الى مركبته.‏ ثم حث ياهو:‏ «هلمّ معي وانظر غيرتي (‏ليهوه)‏.‏» (‏٢ ملوك ١٠:‏​١٥-‏٢٨‏)‏ ويهوناداب،‏ رغم انه لم يكن اسرائيليا،‏ وافق على ما كان ياهو يقوم به؛‏ فقد عرف ان يهوه،‏ الاله الحقيقي،‏ يجب ان يُمنح التعبد المطلق.‏ (‏خروج ٢٠:‏​٤،‏ ٥‏)‏ وبعد قرون،‏ كان المتحدرون من يهوناداب لا يزالون يعربون عن روح يرضى عنها يهوه،‏ ولذلك وعد:‏ «لا ينقطع ليوناداب بن ركاب انسان يقف امامي كل الايام.‏» (‏ارميا ٣٥:‏١٩‏)‏ وهكذا نشأ السؤال،‏ هل هنالك على الارض اليوم اناس ليسوا اسرائيليين روحيين بميراث سماوي ولكنهم مثل يهوناداب؟‏

      اوضحت برج المراقبة عدد ١ آب ١٩٣٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «مثَّل او رمز يهوناداب الى ذلك الصف من الناس على الارض الآن .‏ .‏ .‏ [الذين] لا ينسجمون مع هيئة الشيطان،‏ الذين يتخذون موقفهم الى جانب البر،‏ وهم الذين سيحفظهم الرب خلال هرمجدون،‏ يُجيزهم ذلك الاضطراب،‏ ويمنحهم حياة ابدية على الارض.‏ هؤلاء يؤلِّفون صف ‹الخراف› الذين يساندون شعب اللّٰه الممسوح لأنهم يعرفون ان ممسوحي الرب يعملون عمل الرب.‏» وأولئك الذين يعربون عن روح كهذه جرت دعوتهم الى الاشتراك في اخذ رسالة الملكوت الى الآخرين تماما كما كان الممسوحون يفعلون.‏ —‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏

      وكان هنالك اناس (‏مع انهم قليلون نسبيا في ذلك الوقت)‏ يعاشرون شهود يهوه ادركوا ان روح اللّٰه لم يولِّد فيهم الرجاء بحياة سماوية.‏ وصاروا يُعرَفون باليونادابيين لانهم،‏ كيوناداب (‏يهوناداب)‏ قديما،‏ حسبوه امتيازا ان يقترنوا بخدام يهوه الممسوحين،‏ وسَرَّهم ان يشتركوا في الامتيازات التي وجَّهتهم اليها كلمة اللّٰه.‏ فهل كان مثل هؤلاء الاشخاص الذين لديهم الرجاء بأن لا يموتوا ابدا سيصيرون كثيري العدد قبل هرمجدون؟‏ وهل كان ممكنا،‏ كما قيل،‏ ان يبلغ عددهم الملايين؟‏

      ‏‹الجمع الكثير› —‏ مَن هم؟‏

      عندما أُعلنت الترتيبات لعقد شهود يهوه محفلا في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ من ٣٠ ايار الى ٣ حزيران ١٩٣٥،‏ قالت برج المراقبة:‏ «حتى الآن لم يحصل يونادابيون كثيرون على امتياز حضور محفل،‏ والمحفل في واشنطن يمكن ان يكون تعزية وفائدة حقيقيتين لهم.‏» وتبرهن ان ذلك صحيح بالتأكيد.‏

      ففي ذلك المحفل مُنِح انتباه خصوصي لل‍رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ التي تقول:‏ «بعد هذا نظرت واذا جمع كثير لم يستطع احد ان يعدّه من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة واقفون امام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض وفي ايديهم سعف النخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش وللخروف.‏» فمَن يؤلِّفون هذا الجمع الكثير؟‏

      لسنين،‏ وحتى الى السنة ١٩٣٥،‏ لم يُفهَم انهم الخراف انفسهم في مثل يسوع عن الخراف والجداء.‏ وكما ذُكِر آنفا،‏ جرى الاعتقاد انهم صف سماوي ثانوي —‏ ثانوي لأنهم كانوا مهمِلين في ما يتعلق باطاعة اللّٰه.‏

      لكنَّ وجهة النظر هذه انشأت اسئلة ملحَّة.‏ وبعضها جرت مناقشته باكرا في السنة ١٩٣٥ وقت وجبة الطعام ظهرا في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة.‏ والبعض بين الذين عبَّروا عن انفسهم آنذاك اقترحوا ان الجمع الكثير هو صف ارضي.‏ تذكَّر ڠرانت سوتر،‏ الذي صار في ما بعد عضوا في الهيئة الحاكمة:‏ «في احد دروس البتل،‏ الذي كان الاخ ت.‏ ج.‏ سوليڤان يديره،‏ سألتُ:‏ ‹بما ان الجمع الكثير ينالون الحياة الابدية،‏ هل يحافظ اولئك الذين يؤلِّفون هذا الفريق على الاستقامة؟‏› كانت هنالك تعليقات عديدة ولكن دون جواب محدَّد.‏» ويوم الجمعة في ٣١ ايار ١٩٣٥،‏ في محفل واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ أُعطي جواب مرضٍ.‏ وكان الاخ سوتر جالسا في الشرفة ينظر الى الجمع،‏ وكم كان مسرورا اذ كشف الخطاب الامر!‏

      بعد المحفل بوقت قصير،‏ نشرت برج المراقبة في عدديها ١ و ١٥ آب ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏ ما ورد في ذلك الخطاب.‏ وبيَّنت ان العامل المهم في فهم الامور بلياقة هو تقدير الواقع ان قصد يهوه الرئيسي ليس خلاص الناس بل تبرئة اسمه (‏او،‏ كما نقول الآن،‏ تبرئة سلطانه)‏.‏ وهكذا يكون رضى يهوه على اولئك الذين يحافظون على الاستقامة امامه؛‏ فهو لا يكافئ اولئك الذين يوافقون على فعل مشيئته لكنهم بعد ذلك يجلبون التعيير على اسمه بمسايرة هيئة ابليس.‏ فمطلب الامانة هذا ينطبق على جميع الذين سيحظون برضى اللّٰه.‏

      وانسجاما مع ذلك،‏ قالت برج المراقبة:‏ «ان الرؤيا ٧:‏١٥ هي في الحقيقة المفتاح لاثبات هوية الجمع الكثير.‏ .‏ .‏ .‏ وهذا الوصف في الرؤيا للجمع الكثير هو انهم ‹امام عرش اللّٰه ويخدمونه علنا› .‏ .‏ .‏ فهم يرون ويفهمون ويطيعون كلمات يسوع،‏ حمل اللّٰه،‏ القائل لهم:‏ ‹للرب الهك تسجد وإياه وحده تعبد›؛‏ الكلمات التي تنطبق على جميع الخلائق الذين يرضى يهوه عنهم.‏» (‏متى ٤:‏١٠‏)‏ ولذلك فإن ما يقوله الكتاب المقدس عن الجمع الكثير لا يمكن تفسيره بلياقة بأنه يزوِّد شبكة امان للناس الذين يدَّعون المحبة للّٰه لكنهم غير مبالين في ما يتعلق بفعل مشيئته.‏

      اذًا،‏ هل الجمع الكثير صف سماوي؟‏ اظهرت برج المراقبة ان لغة الآية لم تشر الى مثل هذا الاستنتاج.‏ أما بالنسبة الى موقعهم «امام العرش،‏» فقد اظهرت ان متى ٢٥:‏​٣١،‏ ٣٢ تخبر عن تجميع كل الامم امام عرش المسيح،‏ بالرغم من ان هذه الامم هي على الارض.‏ لكنَّ الجمع الكثير «واقفون» امام العرش لأنهم يحظون برضى الجالس على العرش.‏ —‏ قارنوا ارميا ٣٥:‏١٩‏.‏

      ولكن اين كان يمكن ان يوجد مثل هذا الفريق —‏ اناس «من كل الامم،‏» اناس ليسوا جزءا من اسرائيل الروحي (‏الموصوف قبلا،‏ في الرؤيا ٧:‏​٤-‏٨‏)‏،‏ اناس يمارسون الايمان بالفدية (‏غسَّلوا مجازيا ثيابهم في دم الخروف)‏،‏ اناس يرحبون بالمسيح ملكا (‏وسعف النخل في ايديهم،‏ كالجمع الذي حيّا يسوع كملك عندما دخل اورشليم)‏،‏ اناس يقدِّمون انفسهم حقا امام عرش يهوه ليخدموه؟‏ فهل كان هنالك مثل هذا الفريق من الناس على الارض؟‏

      باتمام كلمته النبوية زوَّد يهوه نفسه الجواب.‏ تذكَّر وبستر رو،‏ الذي كان حاضرا في محفل واشنطن،‏ انه عند النقطة الذروية في محاضرته،‏ قال الاخ رذرفورد:‏ «نطلب الى جميع الذين لديهم الرجاء بالحياة الى الابد على الارض ان يتفضَّلوا بالوقوف.‏» وكما قال الاخ رو،‏ «وقف اكثر من نصف عدد الحضور.‏» ووفقا لذلك قالت برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «نرى الآن فريقا يطابق تماما الوصف المعطى في الرؤيا الاصحاح السابع عن الجمع الكثير.‏ فخلال السنوات القليلة الماضية،‏ وفي اثناء الوقت الذي فيه ‹يُكرز ببشارة الملكوت شهادة›،‏ اتت اعداد كبيرة (‏ولا تزال تأتي)‏ ممَّن يعترفون بالرب يسوع بصفته مخلِّصهم وبيهوه بصفته الههم،‏ الذي يعبدونه بالروح والحق ويخدمونه بفرح.‏ هؤلاء يُدعَون بطريقة اخرى ‹اليونادابيين›.‏ وهؤلاء يعتمدون رمزا،‏ مثبتين بالتالي انهم .‏ .‏ .‏ اتخذوا موقفهم الى جانب يهوه ويخدمونه هو وملكه.‏»‏

      فُهِم في ذلك الوقت ان الجمع الكثير في الرؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠ مشمولون بين ‹الخراف الاخر› الذين اشار اليهم يسوع (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏؛‏ أنهم الاشخاص الذين يأتون لمساعدة «اخوة» المسيح (‏متى ٢٥:‏​٣٣-‏٤٠‏)‏؛‏ أنهم الناس الموسومون للنجاة لأنهم يتقزَّزون من الرجاسات المصنوعة في العالم المسيحي ويبتعدون عنها (‏حزقيال ٩:‏٤‏)‏؛‏ أنهم مثل يهوناداب،‏ الذي اقترن علانية بخادم يهوه الممسوح في انجاز المهمة المعطاة من اللّٰه لذلك الشخص (‏٢ ملوك ١٠:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏.‏ ويفهم شهود يهوه ان هؤلاء هم خدام اللّٰه الاولياء الذين سينجون من هرمجدون برجاء الحياة الى الابد على ارض مسترَدة الى حالة فردوس.‏

      عمل ملحّ يجب القيام به

      ان فهمهم تلك الآيات كانت له تأثيرات بعيدة المدى في نشاط خدام يهوه.‏ فقد ادركوا انهم ليسوا مَن يختار ويجمع اعضاء الجمع الكثير؛‏ وليس لهم ان يخبروا الناس ما اذا كان رجاؤهم سماويا او ارضيا.‏ فالرب يوجّه الامور انسجاما مع مشيئته.‏ ولكن كشهود ليهوه كانت لديهم مسؤولية خطيرة.‏ فكان عليهم ان يخدموا كمنادين بكلمة اللّٰه،‏ معطين الحقائق التي مكَّنهم من فهمها،‏ لكي يتمكن الناس من معرفة تدابير يهوه وتتسنى لهم فرصة التجاوب بتقدير معها.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ ادركوا ان هنالك الحاحا عظيما في عملهم.‏ وفي سلسلة من المقالات بعنوان «تجميع الجمع،‏» التي صدرت في السنة ١٩٣٦،‏ اوضحت برج المراقبة:‏ «تدعم الاسفار المقدسة بقوة الاستنتاج انه في هرمجدون سيهلك يهوه شعوب الارض،‏ منقذا فقط اولئك الذين يطيعون وصاياه بالوقوف الى جانب هيئته.‏ وفي الازمنة الماضية ذهب ملايين وملايين الاشخاص الى المدفن دون ان يسمعوا البتة عن اللّٰه والمسيح،‏ وهؤلاء في الوقت المعيَّن يجب ايقاظهم من الموت ومنحهم معرفة الحق،‏ لكي يتمكَّنوا من صنع اختيارهم.‏ ولكنَّ الوضع مختلف في ما يتعلق بالناس على الارض الآن.‏ .‏ .‏ .‏ فأفراد الجمع الكثير يجب ان يتسلَّموا رسالة الانجيل هذه قبل قتال ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء،‏ الذي هو هرمجدون.‏ واذا لم يُعطَ الجمع الكثير الآن رسالة الحق،‏ فسيكون قد فات الاوان عندما يبدأ عمل الذبح.‏» —‏ انظروا ٢ ملوك ١٠:‏٢٥؛‏ حزقيال ٩:‏​٥-‏١٠؛‏ صفنيا ٢:‏​١-‏٣؛‏ متى ٢٤:‏٢١؛‏ ٢٥:‏٤٦‏.‏

      ونتيجة لهذا الفهم للآيات،‏ غُرست في شهود يهوه غيرة متجددة لعمل الشهادة.‏ قال ليو كاليو،‏ الذي خدم في وقت لاحق كناظر جائل في فنلندا:‏ «لا يمكنني ان اتذكَّر انني اختبرت من قبل فرحا وغيرة مماثلين،‏ ولا يمكنني ان اتذكَّر انني قدت دراجتي من قبل بسرعة كما فعلت في تلك الايام،‏ عندما اسرعت في اخبار الاشخاص المهتمين انه بلطف يهوه غير المستحق تُقدَّم لهم الحياة الابدية على الارض.‏»‏

      وخلال السنوات الخمس التالية،‏ فيما كان عدد شهود يهوه ينمو،‏ انخفض تدريجيا عدد الذين يتناولون من الرمزين في الذكرى السنوية لموت المسيح.‏ ومع ذلك،‏ لم يكن تدفُّق الجمع الكثير بالسرعة التي توقعها الاخ رذرفورد.‏ حتى انه في احدى المراحل قال للاخ فرد فرانز،‏ الذي صار الرئيس الرابع للجمعية:‏ «يبدو كما لو ان ‹الجمع الكثير› لن يكون كثيرا جدا على اية حال.‏» ولكن منذ ذلك الحين نما عدد شهود يهوه بسرعة الى الملايين،‏ فيما استمر عموما عدد الذين يتوقعون ميراثا سماويا في الانخفاض.‏

      رعية واحدة تحت راع واحد

      لا يوجد تنافس بين صف الممسوحين والجمع الكثير.‏ ولا يزدري ذوو الرجاء السماوي بأولئك الذين يترقبون بشوق نيل الحياة الابدية في فردوس ارضي.‏ وكلٌّ يقبل شاكرا الامتيازات المقدَّمة له من اللّٰه،‏ غير مفتكر ان مركزه يجعله الى حد ما شخصا افضل او بطريقة ما ادنى من شخص آخر.‏ (‏متى ١١:‏١١؛‏ ١ كورنثوس ٤:‏٧‏)‏ وكما سبق وأنبأ يسوع،‏ صار الفريقان حقا «رعية واحدة،‏» يخدمون تحت سلطته بصفته ‹راعيهم الواحد.‏› —‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏

      والشعور الذي يملكه اخوة المسيح الممسوحون نحو رفقائهم من الجمع الكثير يجري التعبير عنه جيدا في كتاب Worldwide Security Under the “Prince of Peace” (‏الامن العالمي تحت سلطة «رئيس السلام»‏‏)‏:‏ «منذ الحرب العالمية الثانية يكون اتمام نبوة يسوع لِـ‍ ‹اختتام نظام الاشياء› ناجما الى حدّ كبير عن الدور الذي ينجزه ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر.‏› والإضاءَة من مصابيح البقية المضاءَة اشرقت عيون اذهانهم،‏ فجرت مساعدتهم ليعكسوا النور الى الآخرين الباقين بعدُ في ظلمة هذا العالم.‏ .‏ .‏ .‏ لقد صاروا رفقاء ملازمين لبقية صف العروس.‏ .‏ .‏ .‏ شكرا جزيلا،‏ اذًا،‏ ‹للجمع الكثير› الأُممي المتعدِّد الالسنة على الدور الغامر الذي قاموا به في اتمام نبوة العريس في متى ٢٤:‏١٤‏!‏»‏

      ولكن،‏ اذ اشترك شهود يهوه،‏ بمن فيهم الجمع الكثير،‏ باتحاد في المناداة بالأخبار المجيدة لملكوت اللّٰه،‏ صارت العامة تعرفهم بسبب شيء آخر بالاضافة الى شهادتهم الغيورة.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a هذا «الرسم البياني للدهور» أُعيد انتاجه في ما بعد في كتاب نظام الدهور الالهي.‏

      b برج مراقبة زيون،‏ ١٥ آذار ١٩٠٥،‏ الصفحات ٨٨-‏٩١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٩]‏

      معظم شهود يهوه يتطلعون بشوق الى حياة ابدية على الارض

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦١]‏

      اعتقاد يفرزهم من العالم المسيحي كله

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٤]‏

      وقت اتمام مثل الخراف والجداء

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٥]‏

      صاروا يُعرَفون باليونادابيين

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٦]‏

      في ٣١ ايار ١٩٣٥،‏ أُثبتت بوضوح هوية ‹الجمع الكثير›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧١]‏

      رجاء سماوي ام ارضي —‏ مَن يقرِّر ذلك؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٦٠]‏

      وقت للفهم

      منذ اكثر من ٢٥٠ سنة،‏ كتب السّر اسحق نيوتن نبذة ممتعة عن فهم النبوة،‏ بما فيها تلك التي عن ‹الجمع الكثير› لل‍رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠ ‏.‏ ففي مؤلَّفه «ملاحظات عن نبوات دانيال،‏ ورؤيا القديس يوحنا،‏» الصادر في السنة ١٧٣٣،‏ ذكر:‏ «ان نبوات دانيال ويوحنا هذه لن تُفهَم حتى وقت النهاية:‏ ولكن وقتئذ يتنبأ البعض استنادا اليها في حالة مؤلمة ومحزنة لزمن طويل،‏ وذلك على نحو مظلم فقط،‏ بغية هداية قليلين فقط.‏ .‏ .‏ .‏ ووقتئذ،‏ يقول دانيال،‏ كثيرون سيتصفحونها،‏ والمعرفة تزداد.‏ لأنه ينبغي ان يُكرز بالانجيل في كل الامم قبل الضيقة العظيمة،‏ ونهاية العالم.‏ والجمع الحامل سعف النخل،‏ الذين يأتون من الضيقة العظيمة هذه،‏ لا يمكن ان يكون غير قابل للعدّ من كل الامم ما لم يَصرْ كذلك بالكرازة بالانجيل قبل مجيئها.‏»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦٨]‏

      الارض،‏ بيت الانسان الابدي

      ماذا كان قصد اللّٰه الاصلي للجنس البشري؟‏

      «باركهم اللّٰه وقال لهم أَثمروا وٱكثروا وٱملأوا الارض وأَخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدبّ على الارض.‏» —‏ تكوين ١:‏٢٨‏.‏

      هل تغيَّر قصد اللّٰه في ما يتعلق بالارض؟‏

      «كلمتي .‏ .‏ .‏ لا ترجع اليَّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما ارسلتها له.‏» —‏ اشعياء ٥٥:‏١١‏.‏

      «هكذا قال (‏يهوه)‏ خالق السموات هو اللّٰه.‏ مصوِّر الارض وصانعها.‏ هو قرّرها.‏ لم يخلقها باطلا.‏ للسكن صوَّرها.‏ انا (‏يهوه)‏ وليس آخر.‏» —‏ اشعياء ٤٥:‏١٨‏.‏

      «فصلّوا انتم هكذا.‏ ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏ ليأتِ ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.‏» —‏ متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      «لأن عاملي الشر يُقطعون والذين ينتظرون (‏يهوه)‏ هم يرثون الارض.‏ الصدّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.‏» —‏ مزمور ٣٧:‏​٩،‏ ٢٩‏.‏

      اية احوال ستوجد على الارض في ظل ملكوت اللّٰه؟‏

      «بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      «لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏ بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يرعب لأن فم (‏يهوه)‏ الجنود تكلم.‏» —‏ ميخا ٤:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها.‏ لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل.‏ لأنه كأيام شجرة ايام شعبي ويستعمل مختاريَّ عمل ايديهم.‏» —‏ اشعياء ٦٥:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏

      «لا يقول ساكن انا مرضت.‏» —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤‏.‏

      «اللّٰه نفسه يكون معهم الها لهم.‏ وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.‏» —‏ رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤‏؛‏ انظروا ايضا يوحنا ٣:‏١٦‏.‏

      «مَن لا يخافك يا (‏يهوه)‏ ويمجد اسمك لأنك وحدك قدوس لأن جميع الامم سيأتون ويسجدون امامك لأن احكامك قد أُظهِرت.‏» —‏ رؤيا ١٥:‏٤‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦٩]‏

      اولئك الذين يذهبون الى السماء

      كم شخصا سيذهبون الى السماء؟‏

      «لا تخف ايها القطيع الصغير لأن اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت.‏» —‏ لوقا ١٢:‏٣٢‏.‏

      «ثم نظرت واذا خروف [يسوع المسيح] واقف على جبل صهيون [السماوي] ومعه مئة وأربعة وأربعون الفا لهم اسم ابيه مكتوبا على جباههم.‏ وهم يترنمون كترنيمة جديدة امام العرش وأمام الاربعة الحيوانات والشيوخ ولم يستطع احد ان يتعلَّم الترنيمة الا المئة والاربعة والاربعون ألفا الذين اشتُروا من الارض.‏» —‏ رؤيا ١٤:‏​١،‏ ٣‏.‏

      هل الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ جميعهم يهود؟‏

      «ليس يهودي ولا يوناني.‏ ليس عبد ولا حرّ.‏ ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع.‏ فإن كنتم للمسيح فأنتم اذًا نسل ابرهيم وحسب الموعد ورثة.‏» —‏ غلاطية ٣:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      «اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا.‏ بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي.‏ وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان.‏» —‏ رومية ٢:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      لماذا يأخذ اللّٰه البعض الى السماء؟‏

      «سيكونون كهنة للّٰه والمسيح وسيملكون معه ألف سنة.‏» —‏ رؤيا ٢٠:‏٦‏.‏

      ‏[الاطار/‏الرسم البياني في الصفحة ١٧٠]‏

      تقرير العشاء التذكاري

      في غضون ٢٥ سنة صار عدد حضور الذكرى اكثر من عدد المتناولين بما يزيد على ١٠٠ مرة

      ‏[الرسم البياني]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      المتناولون

      الحضور

      ٠٠٠‏,٥٠٠‏,١

      ٠٠٠‏,٢٥٠‏,١

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١

      ٠٠٠‏,٧٥٠

      ٠٠٠‏,٥٠٠

      ٠٠٠‏,٢٥٠

      ١٩٣٥ ١٩٤٠ ١٩٤٥ ١٩٥٠ ١٩٥٥ ١٩٦٠

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٦٧]‏

      في محفل واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ اعتمد ٨٤٠

  • معروفون بسلوكنا
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٣

      معروفون بسلوكنا

      نعيش في عصر ينبذ فيه جزء كبير من الجنس البشري المقاييس الادبية التي طالما احتُرمت.‏ ومعظم اديان العالم المسيحي يفعل الامر نفسه،‏ إما باسم التسامح او بحجة ان الازمنة مختلفة وأن المحرَّمات للاجيال السابقة لم تعد تنطبق.‏ أما بالنسبة الى النتيجة فقد قال سامويل ميلر،‏ عميد كلية اللاهوت في جامعة هارْڤَرْد:‏ «ليس للكنيسة دور قيادي.‏ لقد تبنَّت حضارة زمننا وامتصتها.‏» والتأثير في حياة اولئك الذين تطلعوا الى مثل هذه الكنائس من اجل الارشاد كان مدمِّرا.‏

      وعلى سبيل التباين،‏ عند البحث في موضوع شهود يهوه،‏ قالت ليڠليز دو مونريال،‏ النشرة الاسبوعية لابرشية الكاثوليك في مونْتْرِيال،‏ كندا:‏ «لديهم قيم ادبية رائعة.‏» وأعداد كبيرة من المعلِّمين،‏ المستخدِمين،‏ والرسميين الحكوميين يوافقون على ذلك.‏ فماذا يفسّر هذا الصيت؟‏

      ان كون المرء واحدا من شهود يهوه يشمل اكثر بكثير من التمسك ببنية معيَّنة من التعاليم العقائدية والشهادة للآخرين عن هذه التعاليم.‏ فالمسيحية الاولى كانت معروفة بـ‍ «الطريق،‏» ويدرك شهود يهوه ان الدين الحقيقي اليوم يجب ان يكون طريقة حياة.‏ (‏اعمال ٩:‏٢‏)‏ ولكن،‏ كما صح في امور اخرى،‏ لم يصل شهود يهوه العصريون حالا الى تقدير متزن لما يشمله ذلك.‏

      ‏«الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏»‏

      على الرغم من انهم بدأوا بالمشورة السليمة من الاسفار المقدسة حول الحاجة الى ان يتمثلوا بالمسيح،‏ إلا ان التشديد الذي وضعه بعض تلاميذ الكتاب المقدس الاولين على «تطوير الشخصية،‏» كما كانوا يدعونه،‏ مال الى التقليل من شأن اوجه معيَّنة للمسيحية الحقيقية.‏ فبدا ان بعضهم يعتقدون ان كينونتهم مهذَّبين —‏ يَظهرون دائما لطفاء وصالحين،‏ يتكلمون بهدوء،‏ يتجنَّبون ايّ اعراب عن الغضب،‏ يقرأون الاسفار المقدسة يوميا —‏ تضمن دخولهم الى السماء.‏ ولكن غاب عن ذهن هؤلاء واقع ان المسيح قد اعطى أتباعه عملا ليقوموا به.‏

      جرى تناول هذه المسألة بثبات في المقالة «الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏» في عدد ١ ايار ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏a فقد اظهرت ان الجهود لتطوير ‏«شخصية كاملة» وهم في الجسد جعلت البعض يستسلمون متثبطين،‏ ولكن في الوقت نفسه انتجت في الآخرين موقف «اقدس منك» ومالت الى جعلهم ينسون استحقاق ذبيحة المسيح.‏ وبعد التشديد على الايمان بدم المسيح المسفوك،‏ ابرزت المقالة اهمية ‏‹فعل الامور›‏ في خدمة اللّٰه الفعَّالة لاعطاء الدليل على اتِّباع المرء مسلكا يرضي اللّٰه.‏ (‏٢ بطرس ١:‏​٥-‏١٠‏)‏ وفي ذلك الوقت،‏ اذ كان جزء كبير من العالم المسيحي لا يزال يدَّعي التمسك بمقاييس الكتاب المقدس الادبية،‏ قوَّى هذا التشديد على النشاط التباين بين شهود يهوه والعالم المسيحي.‏ وصار التباين واضحا اكثر ايضا عندما كان على جميع المدَّعين المسيحية ان يعالجوا قضايا ادبية كانت تصير شائعة.‏

      ‏‹امتنعوا عن الزنا›‏

      ان المقياس المسيحي المتعلق بالآداب الجنسية رُسِم منذ عهد بعيد بلغة واضحة في الكتاب المقدس.‏ «هذه هي ارادة اللّٰه قداستكم.‏ ان تمتنعوا عن الزنا .‏ .‏ .‏ لأن اللّٰه لم يدْعُنا للنجاسة بل في القداسة.‏ اذًا من يُرذِل لا يُرذِل انسانا بل اللّٰه.‏» (‏١ تسالونيكي ٤:‏​٣-‏٨‏)‏ «ليكن الزواج مكرَّما عند كل واحد والمضجع غير نجس.‏ وأما العاهرون والزناة فسيدينهم اللّٰه.‏» (‏عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏ «ألستم تعلمون ان الاثمة لن يرثوا ملكوت اللّٰه؟‏ لا تضلّوا.‏ لا عاهرون،‏ .‏ .‏ .‏ ولا زناة،‏ ولا رجال محفوظون لمقاصد غير طبيعية،‏ ولا مضاجعو ذكور .‏ .‏ .‏ سيرثون ملكوت اللّٰه.‏» —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ ع‌ج.‏

      في برج المراقبة،‏ لُفِت الانتباه الى هذا المقياس للمسيحيين الحقيقيين قديما في تشرين الثاني ١٨٧٩.‏ ولكنه لم يناقَش تكرارا او مطوَّلا كما لو ان ذلك مشكلة رئيسية بين تلاميذ الكتاب المقدس الاولين.‏ ولكن،‏ اذ صار موقف العالم اكثر تساهلا،‏ وُجِّه انتباه متزايد الى هذا المطلب،‏ وخصوصا في السنوات المحيطة بالحرب العالمية الثانية.‏ وهذا كان لازما لأن البعض بين شهود يهوه كانوا يتبنَّون الفكرة انه طالما هم مشغولون بالشهادة يكون القليل من التراخي في الآداب الجنسية مجرد مسألة شخصية.‏ صحيح ان برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏ ذكرت بوضوح ان الاشتراك في خدمة الحقل لا يجيز السلوك الفاسد ادبيا.‏ ولكن لم يطبِّق ذلك كل شخص جديا.‏ ولذلك،‏ في عددها الصادر في ١٥ ايار ١٩٤١ (‏بالانكليزية)‏،‏ ناقشت برج المراقبة المسألة ثانية،‏ وبشكل مطوَّل،‏ في مقالة بعنوان «ايام نوح.‏» فبيَّنت ان الخلاعة الجنسية في زمن نوح كانت احد الاسباب لتدمير اللّٰه العالم في ذلك الوقت،‏ وأظهرت ان ما فعله اللّٰه آنذاك رسم نموذجا لما سيفعله في ايامنا.‏ وبلغة واضحة حذَّرت ان خادم اللّٰه المحافظ على الاستقامة لا يمكنه ان يخصِّص جزءا من يومه لفعل مشيئة الرب ثم،‏ بعد ساعات،‏ ينهمك في «اعمال الجسد.‏» (‏غلاطية ٥:‏​١٧-‏٢١‏)‏ وأُلحقت بذلك،‏ في برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏،‏ مقالة اخرى دانت سلوك الاشخاص العزّاب والمتزوجين الذي لا ينسجم مع مقاييس الكتاب المقدس الادبية.‏ فلا احد كان يجب ان يستنتج ان الاشتراك في الكرازة العلنية برسالة الملكوت كواحد من شهود يهوه يجيز العيش الخليع.‏ (‏١ كورنثوس ٩:‏٢٧‏)‏ وبعد مدة من الوقت كانت ستُتخذ اجراءات اكثر حزما ايضا لصيانة النظافة الادبية للهيئة.‏

      وبعض الذين عبَّروا آنذاك عن الرغبة في ان يكونوا شهودا ليهوه كانوا قد تربَّوا في مناطق حيث كان الزواج التجريبي مقبولا،‏ حيث كانت العلاقات الجنسية بين الاشخاص المخطوبين مسموحا بها،‏ او حيث كانت العلاقات برضا الطرفين بين الاشخاص غير المتزوجين شرعيا تُعتبر طبيعية.‏ وكان بعض رفقاء الزواج يحاولون ممارسة العزوبة.‏ والافراد الآخرون،‏ رغم عدم كونهم مطلَّقين،‏ انفصلوا بشكل غير حكيم عن رفقاء زواجهم.‏ فبغية تزويد التوجيه اللازم،‏ عالجت برج المراقبة،‏ خلال خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ جميع هذه الحالات،‏ ناقشت المسؤوليات الزوجية،‏ شدَّدت على نهي الكتاب المقدس عن العهارة،‏ وأوضحت ما هي العهارة،‏ كي لا يكون هنالك سوء فهم.‏b —‏ اعمال ١٥:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ ١ كورنثوس ٦:‏١٨‏.‏

      وفي الاماكن حيث كان الناس الذين ابتدأوا يعاشرون هيئة يهوه لا يتخذون جديا مقاييس الكتاب المقدس الادبية،‏ مُنِح ذلك انتباها خصوصيا.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٤٥،‏ عندما كان ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ الرئيس الثالث لجمعية برج المراقبة،‏ في كوستاريكا،‏ قدَّم محاضرة عن الآداب المسيحية قال فيها:‏ «جميعكم انتم الموجودين هنا الليلة،‏ الذين تعيشون مع امرأة ولكن لم تصنعوا الترتيبات لجعل زواجكم شرعيا،‏ اعطيكم نصيحة.‏ اذهبوا الى الكنيسة الكاثوليكية وسجلوا اسمكم كعضو،‏ لأنه هناك يمكنكم ان تمارسوا هذه الامور.‏ ولكن هذه هي هيئة اللّٰه،‏ ولا يمكنكم ان تمارسوا هذه الامور هنا.‏»‏

      ابتداء من ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما صار مضاجعو النظير اكثر صراحة بشأن ممارساتهم،‏ بحثت كنائس عديدة المسألة،‏ ثم قبلتهم كأعضاء.‏ حتى ان بعض الكنائس الآن ترسم مضاجعي النظير رجال دين.‏ وبغية مساعدة الاشخاص المخلصين الذين كانت لديهم اسئلة عن هذه المسائل،‏ ناقشت مطبوعات شهود يهوه ايضا هذه القضايا.‏ ولكن بين الشهود لم يكن هنالك قط ايّ شك في كيفية النظر الى مضاجعة النظير.‏ ولماذا؟‏ لأنهم لا يتعاملون مع مطالب الكتاب المقدس كما لو انها مجرد آراء بشر من عصر آخر.‏ (‏١ تسالونيكي ٢:‏١٣‏)‏ وهم يديرون بسرور دروسا في الكتاب المقدس مع مضاجعي النظير حتى يتمكن هؤلاء من تعلُّم مطالب يهوه،‏ ويمكن لمثل هؤلاء الاشخاص ان يحضروا اجتماعات الشهود للاستماع،‏ ولكن لا يمكن لمَن يستمر في ممارسة مضاجعة النظير ان يكون واحدا من شهود يهوه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩-‏١١؛‏ يهوذا ٧‏.‏

      وفي السنوات الاخيرة صار الانغماس الجنسي من قبل الاحداث غير المتزوجين شيئا مألوفا في العالم.‏ والاحداث في عائلات شهود يهوه شعروا بالضغط،‏ وابتدأ البعض يتبنَّون طرائق العالم حولهم.‏ فكيف عالجت الهيئة هذه الحالة؟‏ نُشرت مقالات مخصَّصة لمساعدة الوالدين والاحداث على رؤية الامور وفقا للاسفار المقدسة في برج المراقبة و استيقظ!‏ ومسرحيات الحياة الواقعية عُرضت في المحافل لمساعدة كل شخص على ادراك ثمر رفض مقاييس الكتاب المقدس الادبية وفوائد اطاعة وصايا اللّٰه.‏ واحدى اولى المسرحيات،‏ التي عُرضت في السنة ١٩٦٩،‏ كانت بعنوان «اشواك وأشراك في طريق الشخص المستقل.‏» وأُعدَّت كتب خصوصية لمساعدة الاحداث على تقدير حكمة مشورة الكتاب المقدس.‏ وشملت هذه حداثتكم —‏ نائلين افضل ما فيها (‏الصادر في السنة ١٩٧٦)‏ و اسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح (‏الصادر في السنة ١٩٨٩)‏.‏ والشيوخ المحليون قدَّموا المساعدة الروحية الشخصية للافراد وللعائلات.‏ وجماعات شهود يهوه جرت حمايتها ايضا بطرد الخطاة غير التائبين.‏

      وانهيار العالم في الآداب لم يؤدِّ الى وجهة نظر اكثر تساهلا بين شهود يهوه.‏ وعلى العكس،‏ وضعت الهيئة الحاكمة لشهود يهوه مزيدا من التشديد على ضرورة تجنُّب ليس فقط الاعمال الجنسية المحرمة بل ايضا التأثيرات والحالات التي تفتِّت القيم الادبية.‏ وخلال العقود الثلاثة الماضية،‏ زوَّدت الارشاد لتحصين الافراد ضد «الخطايا السرية» كالعادة السرية ولتنبيههم الى خطر الفن الاباحي،‏ المسلسلات التلفزيونية،‏ والموسيقى ذات التأثير المفسِد.‏ وهكذا فيما كان اتجاه العالم الادبي نحو الاسفل كان ذاك الذي لشهود يهوه نحو الاعلى.‏

      الحياة العائلية تضبطها المقاييس الالهية

      ان التمسك بثبات بمقياس الكتاب المقدس للآداب الجنسية افاد كثيرا الحياة العائلية لشهود يهوه.‏ لكنَّ كون المرء واحدا من شهود يهوه لا يضمن ان لا تكون لديه مشاكل عائلية.‏ ومع ذلك فان الشهود مقتنعون بأن كلمة اللّٰه تعطي المشورة الفضلى في كيفية معالجة مشاكل كهذه.‏ وتتوافر لديهم تدابير كثيرة اعدَّتها الهيئة لمساعدتهم على تطبيق هذه المشورة؛‏ وعندما يتَّبعونها تكون النتائج مفيدة حقا.‏

      وقديما في السنة ١٩٠٤،‏ زوَّد المجلد السادس من دروس في الاسفار المقدسة بحثا شاملا للمسؤوليات الزوجية والالتزامات الابوية.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ نُشرت مئات المقالات وأُلقيت محاضرات كثيرة في كل جماعة لشهود يهوه بغية مساعدة كل عضو في العائلة على تقدير دوره المعطى من اللّٰه.‏ وهذا التثقيف في الحياة العائلية السليمة ليس هو فقط للمتزوجين حديثا ولكنه برنامج متواصل يشمل كامل الجماعة.‏ —‏ افسس ٥:‏​٢٢–‏٦:‏٤؛‏ كولوسي ٣:‏​١٨-‏٢١‏.‏

      هل يُقبَل تعدُّد الزوجات؟‏

      على الرغم من ان العادات التي تؤثر في الزواج والحياة العائلية تختلف من بلد الى آخر،‏ يدرك شهود يهوه ان المقاييس المرسومة في الكتاب المقدس تنطبق في كل مكان.‏ واذ شرع عملهم يتقدم في افريقيا في القرن الـ‍ ٢٠ هذا،‏ علَّم الشهود هناك،‏ كما يفعلون في كل مكان،‏ ان الزواج المسيحي يسمح برفيق زواج واحد فقط.‏ (‏متى ١٩:‏​٤،‏ ٥؛‏ ١ كورنثوس ٧:‏٢؛‏ ١ تيموثاوس ٣:‏٢‏)‏ غير انه كان هنالك مئات من الذين قبلوا تشهير الكتاب المقدس للصنمية واعتنقوا بسرور ما علَّمه شهود يهوه عن ملكوت اللّٰه لكنهم اعتمدوا دون التخلي عن تعدُّد الزوجات.‏ ولتصحيح هذا الوضع،‏ شدَّدت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩٤٧ (‏بالانكليزية)‏ على ان المسيحية لا تسمح بتعدُّد الزوجات،‏ بصرف النظر عن العادة المحلية.‏ وأشعرت رسالة أُرسلت الى الجماعات جميع الذين يدَّعون انهم شهود ليهوه لكنهم متعدِّدو الزوجات انه يُسمح لهم بستة اشهر لجعل شؤونهم الزوجية على انسجام مع مقياس الكتاب المقدس.‏ وجرى دعم ذلك بمحاضرة ألقاها الاخ نور خلال زيارة الى افريقيا في تلك السنة عينها.‏

      وفي نَيجيريا كان هنالك عدد غير قليل من الناس العالميين الذين تكهَّنوا بأن الجهود لالغاء تعدُّد الزوجات من صفوف شهود يهوه ستعني هجر الهيئة.‏ صحيح انه ليس جميع ممارسي تعدُّد الزوجات الذين اعتمدوا في وقت سابق كشهود صنعوا التغييرات المطلوبة حتى في السنة ١٩٤٧.‏ مثلا،‏ يخبر أسوكْوو أَكپابِيو،‏ ناظر جائل،‏ ان الشاهد الذي كان يقيم عنده في إيفيايونڠ ايقظه عند منتصف الليل وطلب منه تغيير ما كان قد أُعلن عن مطلب الزواج الاحادي.‏ ولأنه رفض ان يفعل ذلك طرده مضيفه الى الخارج تحت المطر الغزير في تلك الليلة.‏

      لكنَّ المحبة ليهوه اعطت الآخرين القوة اللازمة لاطاعة وصاياه.‏ وهنا مجرد القليل منهم.‏ في زائير صرف رجل كان كاثوليكيا ومتعدِّد الزوجات على السواء اثنتين من زوجاته ليصير واحدا من شهود يهوه،‏ مع ان اطلاق التي يحبها اكثر لأنها ليست ‹امرأة شبابه› كان امتحانا قاسيا لايمانه.‏ (‏امثال ٥:‏١٨‏)‏ وفي داهومي (‏بينين الآن)‏ تغلَّب منهجي سابق لديه مع ذلك خمس زوجات على عقبات قانونية صعبة جدا لكي يحصل على الطلاق اللازم ليتأهل للمعمودية.‏ لكنه استمر في اعالة زوجاته السابقات وأولادهن،‏ كما فعل الآخرون الذين صرفوا زوجات ثانويات.‏ وكانت واريڠباني هْوِيتينڠتُن،‏ نَيجيرية،‏ ثانية زوجتي رجلها.‏ وعندما قرَّرت ان ارضاء يهوه،‏ الاله الحقيقي،‏ هو الشيء الاهم بالنسبة اليها،‏ واجهت حنق زوجها ثم عائلتها.‏ فأطلقها زوجها،‏ مع ولديها،‏ ولكن دون مساعدة مالية —‏ حتى ولا من اجل المواصلات.‏ ومع ذلك قالت:‏ ‹لا شيء من الفوائد المادية التي تركتها ورائي يمكن ان يضاهي ارضاء يهوه.‏›‏

      ماذا عن الطلاق؟‏

      ان تعدُّد الزوجات في البلدان الغربية لا تجري ممارسته على نحو واسع،‏ لكنَّ مواقف اخرى تتعارض مع الاسفار المقدسة تلقى رواجا.‏ وأحدها هو الفكرة ان الحصول على طلاق افضل من معاناة زواج تعيس.‏ وفي السنوات الاخيرة ابتدأ بعض شهود يهوه يقلِّدون هذه الروح،‏ ملتمسين الطلاق على اسس مثل «عدم التوافق.‏» فكيف عالج الشهود ذلك؟‏ تقود الهيئة قانونيا حملة تعليم فعَّالة تتعلق بنظرة يهوه الى الطلاق لافادة الشهود القدامى وكذلك مئات الآلاف من الذين يضافون الى صفوفهم كل سنة.‏

      والى اية خطوط ارشادية من الكتاب المقدس وجَّهت برج المراقبة الانتباه؟‏ بين امور اخرى ما يلي:‏ في سجل الكتاب المقدس للزواج البشري الاول،‏ يجري التشديد على وحدة الزوج والزوجة؛‏ فهو يقول:‏ ‹يلتصق الرجل بامرأته ويكونان جسدا واحدا.‏› (‏تكوين ٢:‏٢٤‏)‏ وفي وقت لاحق،‏ في اسرائيل،‏ نهى الناموس عن الزنا وقضى بالموت على ايّ امرئ ينهمك فيه.‏ (‏تثنية ٢٢:‏​٢٢-‏٢٤‏)‏ والطلاق على اسس غير الزنا كان مسموحا به،‏ ولكن فقط ‹من اجل قساوة قلوبهم،‏› كما اوضح يسوع.‏ (‏متى ١٩:‏​٧،‏ ٨‏)‏ فكيف نظر يهوه الى ممارسة نبذ الشخص رفيق زواجه بغية التزوج بآ‌خر؟‏ تذكر ملاخي ٢:‏١٦‏:‏ «يكره الطلاق.‏» لكنه سمح لاولئك الذين يحصلون على طلاق بالبقاء في جماعة اسرائيل.‏ وهناك،‏ اذا قبلوا تأديب يهوه لشعبه،‏ كان ممكنا على مر الوقت استبدال قلبهم الحجري بقلب ارقّ،‏ قلب يمكن ان يعبِّر عن المحبة الاصيلة لطرقه.‏ —‏ قارنوا حزقيال ١١:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      وذكرت برج المراقبة تكرارا انه عندما كان يسوع يناقش الطلاق كما جرت ممارسته في اسرائيل القديمة،‏ اظهر ان مقياسا اسمى كان سيتأسس بين أتباعه.‏ فقال انه اذا طلَّق احد زوجته إلا لعلة العهارة (‏پورنيا،‏ «الاتصال الجنسي المحرَّم»)‏ وتزوج بأخرى،‏ يقترف الزنا؛‏ وحتى إن لم يتزوج ثانية،‏ يجعل زوجته عرضة للزنا.‏ (‏متى ٥:‏٣٢؛‏ ١٩:‏٩‏)‏ وهكذا،‏ بالنسبة الى المسيحيين،‏ بيَّنت برج المراقبة ان ايّ طلاق هو مسألة خطيرة اكثر بكثير مما كان في اسرائيل.‏ وفيما لا تقضي الاسفار المقدسة بأن كل من يحصل على طلاق يُطرد من الجماعة،‏ فإن اولئك الذين يقترفون الزنا ايضا ويكونون غير تائبين تفصلهم جماعات شهود يهوه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      حدثت تغييرات ثورية في السنوات الاخيرة في مواقف العالم في ما يتعلق بالزواج والحياة العائلية.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ استمر شهود يهوه في الالتصاق بالمقاييس التي زوَّدها اللّٰه،‏ منشئ الزواج،‏ كما هي مرسومة في الكتاب المقدس.‏ وباستخدام الخطوط الارشادية هذه سعوا الى مساعدة الاشخاص المستقيمي القلوب ان يتغلَّبوا على الظروف الصعبة التي يجد كثيرون جدا انفسهم فيها.‏

      ونتيجة لذلك،‏ صُنعت تغييرات مثيرة في حياة كثيرين من الذين قبلوا ارشاد الكتاب المقدس من شهود يهوه.‏ فالرجال الذين كانوا سابقا يضربون زوجاتهم،‏ الرجال الذين كانوا لا يتحملون مسؤولياتهم،‏ الرجال الذين كانوا يعولون عائلاتهم ماديا ولكن ليس عاطفيا ولا روحيا —‏ آلاف عديدة من مثل هؤلاء صاروا ازواجا وآباء محبين يعتنون جيدا بأُسَرهم.‏ والنساء اللواتي كنَّ مستقلات بعجرفة،‏ النساء اللواتي كنَّ يهملن اولادهنَّ ولا يعتنين بأنفسهنَّ او بيتهنَّ —‏ كثيرات من هؤلاء صرن زوجات يحترمن الرئاسة ويتَّبعن مسلكا يجعلهنَّ محبوبات كثيرا من ازواجهنَّ وأولادهنَّ.‏ والاحداث الذين كانوا عصاة على والديهم بوقاحة ومتمردين على المجتمع عموما،‏ الاحداث الذين كانوا يدمِّرون حياتهم بالامور التي يفعلونها ويجلبون بالتالي الاسى لوالديهم —‏ عدد ليس بقليل من هؤلاء صار لديهم قصد الهي في الحياة،‏ وهذا ساعدهم على تغيير شخصيتهم.‏

      طبعا،‏ ان العامل المهم في النجاح ضمن العائلة هو الاستقامة الواحد مع الآخر.‏ والاستقامة حيوية ايضا في العلاقات الاخرى.‏

      الى ايّ حد يصل مطلب الاستقامة؟‏

      يدرك شهود يهوه ان الاستقامة مطلوبة في كل ما يفعلونه.‏ وكأساس لنظرتهم،‏ يشيرون الى آيات كالتالية:‏ يهوه هو «اله الحق.‏» (‏مزمور ٣١:‏٥‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ كما قال يسوع،‏ ابليس هو «ابو الكذب.‏» (‏يوحنا ٨:‏٤٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ اذًا،‏ من المفهوم انه بين الامور التي يبغضها يهوه «لسان كاذب.‏» (‏امثال ٦:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وتخبرنا كلمته:‏ «لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق.‏» (‏افسس ٤:‏٢٥‏)‏ وينبغي للمسيحيين ليس فقط ان يتكلموا بالصدق بل،‏ كالرسول بولس،‏ يلزمهم ان ‏‹يتصرفوا باستقامة في كل شيء.‏› (‏عبرانيين ١٣:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ فلا توجد مجالات في الحياة يمكن فيها لشهود يهوه ان يطبقوا بشكل صحيح مجموعة اخرى من القيم.‏

      عندما زار يسوع بيت زكَّا العشار اعترف الرجل بأن ممارساته التجارية كانت غير لائقة،‏ واتخذ الخطوات للتعويض عن اعمال الابتزاز السابقة.‏ (‏لوقا ١٩:‏٨‏)‏ وفي السنوات الاخيرة،‏ بغية امتلاك ضمير طاهر امام اللّٰه،‏ اتخذ بعض الاشخاص الذين ابتدأوا يعاشرون شهود يهوه اجراء مماثلا.‏ مثلا،‏ في اسپانيا ابتدأ لص مدمن على السرقة يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وسرعان ما ابتدأ ضميره يزعجه؛‏ ولذلك ردّ السلع المسروقة الى مستخدِمه السابق والى جيرانه،‏ ثم اخذ اشياء اخرى الى الشرطة.‏ ففُرض عليه ان يدفع غرامة ويقضي مدة قصيرة في السجن،‏ لكنه الآن يملك ضميرا طاهرا.‏ وفي انكلترا،‏ بعد شهرين فقط من درس الكتاب المقدس مع واحد من شهود يهوه،‏ سلَّم لص ألماس سابق نفسه الى الشرطة،‏ الذين اندهشوا؛‏ فقد كانوا يبحثون عنه طوال ستة اشهر.‏ وخلال السنتين والنصف التي قضاها بعدئذ في السجن،‏ درس الكتاب المقدس باجتهاد وتعلَّم ان يشترك في حقائق الكتاب المقدس مع الآخرين.‏ وبعد اطلاقه تقدَّم للمعمودية كواحد من شهود يهوه.‏ —‏ افسس ٤:‏٢٨‏.‏

      ان صيت استقامة شهود يهوه معروف جيدا.‏ فقد تعلَّم المستخدِمون ليس فقط ان الشهود لن يسرقوا منهم بل انهم لن يكذبوا او يزوِّروا السجلات بايعاز من مستخدِميهم —‏ لا،‏ حتى ولا اذا جرى تهديدهم بخسارة عملهم.‏ فبالنسبة الى شهود يهوه،‏ ان العلاقة الجيدة باللّٰه اهم بكثير من استحسان ايّ انسان.‏ ويدركون ايضا انه حيثما كانوا او مهما كانوا يفعلون فإن «كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا.‏» —‏ عبرانيين ٤:‏١٣؛‏ امثال ١٥:‏٣‏.‏

      وفي ايطاليا قالت جريدة لا ستامپا عن شهود يهوه:‏ «انهم يمارسون ما يكرزون به .‏ .‏ .‏ فالمثل الادبية العليا لمحبة القريب،‏ رفض المناصب الحكومية الرسمية،‏ اللاعنف والاستقامة الشخصية (‏التي هي بالنسبة الى معظم المسيحيين ‹قواعد يوم الاحد› التي لا تصلح إلا للوعظ من على المنبر)‏ تدخل في طريقة حياتهم ‹اليومية.‏›» وفي الولايات المتحدة،‏ كتب لويس كاسِلْز،‏ المحرِّر الديني للصحافة المتحدة الاممية،‏ واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏:‏ «يلتصق الشهود بمعتقداتهم بأمانة كبيرة حتى عندما يكون فعل ذلك كثير الكلفة.‏»‏

      لماذا لم تكن المقامرة قضية بينهم

      في الازمنة الماضية كانت الاستقامة مقترنة عموما بالاستعداد للقيام بالعمل الشاق.‏ والمقامرة،‏ اي المجازفة بمبلغ من المال في مراهنة على حصيلة لعبة او حدث آخر،‏ كان المجتمع يزدري بها عموما.‏ ولكن فيما ابتدأت روح الانانية والغنى السريع تسري في القرن العشرين،‏ صارت المقامرة —‏ الشرعية وغير الشرعية —‏ واسعة الانتشار.‏ ويرعاها ليس فقط عالم الجريمة المنظَّمة بل غالبا ايضا الكنائس والحكومات الدنيوية من اجل جمع المال.‏ فكيف عالج شهود يهوه تغيُّر الموقف هذا في المجتمع؟‏ على اساس مبادئ الكتاب المقدس.‏

      كما أُشير اليه في مطبوعاتهم،‏ لا توجد وصية محدَّدة في الكتاب المقدس تقول،‏ لا تقامروا.‏ لكنَّ ثمر المقامرة انما هو رديء بشكل ثابت،‏ وهذا الثمر الفاسد شهَّرته برج المراقبة واستيقظ!‏ طوال نصف قرن.‏ وعلاوة على ذلك،‏ اظهرت هاتان المجلتان ان المقامرة في ايّ شكل تنطوي على مواقف يحذِّر منها الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ محبة المال:‏ «محبة المال اصل لكل الشرور.‏» (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٠‏)‏ والانانية:‏ «لا تشتهِ .‏ .‏ .‏ كل ما لقريبك.‏» (‏تثنية ٥:‏٢١‏؛‏ قارنوا ١ كورنثوس ١٠:‏٢٤‏.‏)‏ وأيضا الطمع:‏ «إن كان احد مدعو اخا .‏ .‏ .‏ طمَّاعا .‏ .‏ .‏ لا تخالطوا .‏ .‏ .‏ مثل هذا.‏» (‏١ كورنثوس ٥:‏١١‏)‏ واضافة الى ذلك،‏ يحذِّر الكتاب المقدس من اللجوء الى «الحظ السعيد»‏ كما لو انه نوع من القوة الخارقة للطبيعة التي يمكن ان تمنح الخدمات.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولأنهم يصغون الى تحذيرات الاسفار المقدسة هذه يتجنَّب شهود يهوه المقامرة بثبات.‏ ومنذ السنة ١٩٧٦ بذلوا جهدا خصوصيا للحيلولة دون ان يوجد في صفوفهم ايّ من الذين يحدِّد استخدامهم الدنيوي هويتهم بوضوح كجزء من مؤسسة للمقامرة.‏

      لم تكن المقامرة قط قضية حقيقية بين شهود يهوه.‏ فهم يعرفون انه عوضا عن تعزيز روح الكسب على حساب الآخرين،‏ يشجعهم الكتاب المقدس ان يعملوا بأيديهم،‏ ان يكونوا امناء في الاعتناء بما اؤتمنوا عليه،‏ ان يكونوا كرماء،‏ ان يعطوا المحتاجين.‏ (‏افسس ٤:‏٢٨؛‏ لوقا ١٦:‏١٠؛‏ رومية ١٢:‏١٣؛‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٨‏)‏ وهل يدرك الآخرون الذين يتعاملون معهم ذلك بسهولة؟‏ نعم،‏ وخصوصا اولئك الذين لديهم علاقات عمل معهم.‏ وليس غير عادي ان يطلب المستخدِمون الدنيويون شهود يهوه كمستخدَمين لأنهم عارفون بضميرهم الحي وامكانية الاعتماد عليهم.‏ وهم يدركون ان دين الشهود هو ما يجعلهم نوع الناس الذي هم عليه.‏

      ماذا عن التبغ واساءة استعمال المخدِّرات؟‏

      لا يذكر الكتاب المقدس التبغ ولا يسمِّي الكثير من المخدِّرات الاخرى التي يُساء استعمالها في ايامنا.‏ ولكنه يزوِّد خطوطا ارشادية ساعدت شهود يهوه على تقرير ايّ مسلك يرضي اللّٰه.‏ وهكذا،‏ قديما في السنة ١٨٩٥ عندما علَّقت برج المراقبة على استعمال التبغ،‏ لفتت الانتباه الى ٢ كورنثوس ٧:‏١‏،‏ التي تقول:‏ «فإذ لنا هذه المواعيد ايها الاحباء لنطهِّر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكمِّلين القداسة في خوف اللّٰه.‏»‏

      لسنوات عديدة بدت هذه المشورة كافية.‏ ولكن،‏ اذ استخدمت شركات التبغ الاعلان لجعل التدخين ساحرا،‏ وصارت اساءة استعمال المخدِّرات «غير الشرعية» بعدئذ واسعة الانتشار،‏ كان يلزم المزيد للقيام به.‏ فجرى ابراز مبادئ اخرى للكتاب المقدس:‏ الاحترام ليهوه،‏ مانح الحياة (‏اعمال ١٧:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏؛‏ المحبة للقريب (‏يعقوب ٢:‏٨‏)‏،‏ وواقع ان الشخص الذي لا يحب رفيقه الانسان لا يحب اللّٰه حقا (‏١ يوحنا ٤:‏٢٠‏)‏؛‏ وأيضا الطاعة للحكام الدنيويين (‏تيطس ٣:‏١‏)‏.‏ وجرت الاشارة الى ان الكلمة اليونانية فارماكيا،‏ التي تعني من حيث الاساس «مستودع المخدِّرات،‏» استعملها كتبة الكتاب المقدس للاشارة الى ‹ممارسة الارواحية› بسبب استعمال المخدِّرات في الممارسات الارواحية.‏ —‏ غلاطية ٥:‏٢٠‏.‏

      وقديما في السنة ١٩٤٦،‏ شهَّرت مجلة التعزية الطبيعة المغشوشة غالبا للشهادات المأجورة التي تُستخدم في اعلانات السجائر.‏ واذ صار الدليل العلمي متوافرا،‏ اعلنت ايضا استيقظ!‏،‏ خليفة التعزية،‏ البرهان على ان استعمال التبغ يسبِّب السرطان،‏ مرض القلب،‏ الاذى لجنين الحبلى،‏ والضرر لغير المدخنين المجبَرين على تنشُّق الهواء الملآن دخانا،‏ وكذلك الدليل على ان النيكوتين يسبِّب الادمان.‏ ولُفِت الانتباه الى التأثير السام للمرهوانة والدليل على ان استعمالها يمكن ان يؤدي الى تأذي الدماغ.‏ وعلى نحو مماثل،‏ نوقشت المخاطر الجسيمة للمخدِّرات الاخرى المسبِّبة للادمان تكرارا لفائدة قرَّاء مطبوعات برج المراقبة.‏

      قبل وقت طويل من موافقة الوكالات الحكومية على الحدّ الذي اليه يجب ان ينبِّهوا الناس الى الضرر الناجم عن استعمال التبغ،‏ اوضحت برج المراقبة،‏ في عددها الصادر في ١ آذار ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏،‏ انه لا يمكن لأيّ شخص يستعمل التبغ ان يكون عضوا في هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس او ان يكون احد ممثِّليها المعيَّنين.‏ وبعد ان عيَّنت الجمعية جميع الخدام في جماعات شهود يهوه (‏الترتيب الذي بدأ في السنة ١٩٣٨)‏،‏ قالت برج المراقبة ١ تموز ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏ ان النهي عن استعمال التبغ ينطبق ايضا على جميع الخدام المعيَّنين هؤلاء.‏ وفي بعض المناطق،‏ مضى عدد من السنين قبل تحقيق ذلك كاملا.‏ ولكنَّ غالبية شهود يهوه تجاوبوا على نحو مؤاتٍ مع مشورة الاسفار المقدسة والمثال الجيد للذين يأخذون القيادة بينهم.‏

      وكخطوة اضافية الى الامام في التطبيق الثابت لمشورة الكتاب المقدس هذه،‏ لا احد من الذين لا يزالون يدخنون كان يُقبل للمعمودية من السنة ١٩٧٣ فصاعدا.‏ وخلال الاشهر التالية،‏ جرت مساعدة الذين كانوا ينهمكون بفعَّالية في انتاج التبغ او ترويج بيع التبغ على الادراك انه لا يمكنهم ان يستمروا في فعل ذلك ويكونوا مقبولين كشهود ليهوه.‏ فمشورة كلمة اللّٰه يجب تطبيقها على نحو ثابت في كل وجه للحياة.‏ ومثل هذا التطبيق لمبادئ الكتاب المقدس على استعمال التبغ،‏ المرهوانة،‏ وما يُعرَف بالمخدِّرات القوية كان بمثابة حماية للشهود.‏ وباستعمال الاسفار المقدسة،‏ تمكَّنوا ايضا من مساعدة آلاف عديدة من الاشخاص الذين دُمِّرت حياتهم باساءة استعمال المخدِّرات.‏

      هل المشروبات الكحولية مختلفة؟‏

      لم تعتنق مطبوعات برج المراقبة النظرة ان استعمال المشروبات الكحولية مماثل لاساءة استعمال المخدِّرات.‏ ولماذا؟‏ توضح:‏ يعرف الخالق كيف نحن مصنوعون،‏ وتسمح كلمته بالاستعمال المعتدل للمشروبات الكحولية.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏١٥؛‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٢٣‏)‏ لكنَّ الكتاب المقدس يحذِّر ايضا من ‹الافراط في شرب الخمر،‏› ويدين بشدة السكر.‏ —‏ امثال ٢٣:‏​٢٠،‏ ٢١،‏ ٢٩،‏ ٣٠؛‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠؛‏ افسس ٥:‏١٨‏.‏

      ولأن الاستهلاك غير المعتدل للمشروبات المسكرة كان يدمر حياة كثيرين من الناس فضَّل تشارلز تاز رصل نفسه الامتناع الكلي.‏ ومع ذلك اعترف بأن يسوع استعمل الخمر.‏ وخلال القرن الـ‍ ١٩ والجزء الباكر من القرن الـ‍ ٢٠ كان هنالك اضطراب شعبي كبير في سبيل الحظر الشرعي للمشروب الكحولي في الولايات المتحدة.‏ وعبَّرت برج المراقبة بحرية عن التعاطف مع الذين كانوا يحاولون مكافحة الاذى الناجم عن المشروب الكحولي،‏ لكنها لم تنضم الى حملتهم لاصدار قوانين الحظر.‏ إلا ان المجلة اشارت بحزم الى الضرر الناتج من الافراط وذكرت مرارا انه من الافضل تجنُّب الخمر والمسكر تماما.‏ وأولئك الذين شعروا انه بامكانهم استعمال المشروب الكحولي باعتدال جرى تشجيعهم على التأمل في رومية ١٤:‏٢١‏،‏ التي تقول:‏ «حسن ان لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ولا شيئا يصطدم به اخوك.‏»‏

      ولكن،‏ في السنة ١٩٣٠،‏ عندما مضى مدير جمعية مقاومة الحانات في الولايات المتحدة الى حدِّ الادِّعاء علنا ان هيئته «مولودة من اللّٰه،‏» اغتنم المناسبة ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ لتقديم محاضرات اذاعية تُظهر ان مثل هذا الادِّعاء يعادل الافتراء على اللّٰه.‏ ولماذا؟‏ لأن كلمة اللّٰه لا تحرِّم كل استعمال للخمر؛‏ لأن قوانين الحظر لم تعمل على انهاء السكر،‏ الذي يدينه اللّٰه؛‏ ولأن قوانين الحظر،‏ عوضا عن ذلك،‏ تسبَّبت برد فعل عكسي لانتاج وتوزيع المسكر غير الشرعي والفساد الحكومي.‏

      ان استعمال المشروبات الكحولية او الامتناع عنها يُعتبر قضية شخصية بين شهود يهوه.‏ لكنهم يلتصقون بمطلب الاسفار المقدسة ان يكون النظار ‹معتدلين في العادات.‏› وهذا التعبير مترجم عن نِفاليون اليونانية،‏ التي تعني،‏ حرفيا،‏ ‹صاحيا،‏ معتدلا؛‏ ممتنعا عن الخمر،‏ إما كليا او على الاقل عن استعمالها غير المعتدل.‏› والخدام المساعدون ايضا يجب ان يكونوا رجالا «غير مولعين بالخمر.‏» (‏١ تيموثاوس ٣:‏٢‏،‏ ع‌ج،‏ ٣،‏ ٨‏)‏ ولذلك فان المفرطين في شرب الخمر لا يكونون اهلا لامتيازات الخدمة الخصوصية.‏ وواقع ان اولئك الذين يأخذون القيادة بين شهود يهوه يرسمون مثالا جيدا انما يعطيهم حرية الكلام في مساعدة الآخرين الذين ربما يميلون الى الاعتماد على المشروبات الكحولية لمواجهة الضغط،‏ او الذين ربما يلزمهم في الواقع ان يمتنعوا كليا ليبقوا صاحين.‏ فما هي النتائج؟‏

      على سبيل المثال،‏ يذكر تقرير اخباري من افريقيا الجنوبية-‏الوسطى:‏ «في جميع الروايات،‏ ان المناطق التي يكون فيها شهود يهوه هم الاقوى بين الافريقيين هي الآن مناطق خالية من الاضطراب اكثر من المعدل.‏ لقد كانوا بالتأكيد فعَّالين ضد المشاغبين،‏ ممارسة السحر،‏ السكر والعنف من ايّ نوع.‏» —‏ الاخبار الشمالية (‏زامبيا)‏.‏

      والطريقة المهمة الاخرى التي بها يختلف سلوك شهود يهوه عن ذاك الذي للعالم هي في ما يتعلق بـ‍ —‏ 

      الاحترام للحياة

      يتأصَّل مثل هذا الاحترام في الاعتراف بواقع ان الحياة هي هبة من اللّٰه.‏ (‏مزمور ٣٦:‏٩؛‏ اعمال ١٧:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ ويشتمل ذلك على الادراك انه حتى حياة الجنين ثمينة في عيني اللّٰه.‏ (‏خروج ٢١:‏​٢٢-‏٢٥؛‏ مزمور ١٣٩:‏​١،‏ ١٦‏)‏ ويأخذ في الحسبان ان «كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا للّٰه.‏» —‏ رومية ١٤:‏١٢‏.‏

      وانسجاما مع مبادئ الكتاب المقدس هذه تجنَّب شهود يهوه بشكل ثابت ممارسة الاجهاض.‏ وبغية تزويد التوجيه السليم لقرَّائها،‏ ساعدتهم مجلة استيقظ!‏ على التقدير ان الطهارة مطلب الهي؛‏ وناقشت مطوَّلا عجائب عملية الانجاب فضلا عن العوامل النفسية والفيزيولوجية المشمولة بالولادة.‏ وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية،‏ اذ صار الاجهاض اكثر شيوعا،‏ اظهرت برج المراقبة بوضوح ان هذه الممارسة مخالفة لكلمة اللّٰه.‏ وبشكل صريح قال عدد ١٥ كانون الاول ١٩٦٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الاجهاض لمجرد التخلص من طفل غير مرغوب فيه مماثل لقتل حياة بشرية عمدا.‏»‏

      لماذا نقل الدم مرفوض

      ان الاحترام للحياة الذي يظهره شهود يهوه اثَّر ايضا في موقفهم من نقل الدم.‏ وعندما صار نقل الدم قضية تواجههم،‏ اوضحت برج المراقبة،‏ في عددها الصادر في ١ تموز ١٩٤٥ (‏بالانكليزية)‏،‏ مطوَّلا النظرة المسيحية في ما يتعلق بقداسة الدم.‏c وأظهرت ان دم الحيوان وذاك الذي للبشر على السواء كانا مشمولين بالنهي الالهي الذي صار ملزِما لنوح وجميع المتحدرين منه.‏ (‏تكوين ٩:‏​٣-‏٦‏)‏ وبيَّنت ان هذا المطلب جرى التشديد عليه مرة اخرى في القرن الاول في الوصية بأن ‹يمتنع› المسيحيون ‹عن الدم.‏› (‏اعمال ١٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وأوضحت هذه المقالة نفسها من الاسفار المقدسة ان الاستعمال الكفاري فقط للدم كان مقبولا لدى اللّٰه،‏ وأنه نظرا الى ان الذبائح الحيوانية المقدَّمة تحت الناموس الموسوي رمزت الى ذبيحة المسيح،‏ فإن تجاهل المطلب ان ‹يمتنع› المسيحيون ‹عن الدم› يكون دليلا على الاحتقار الجسيم لذبيحة يسوع المسيح الفدائية.‏ (‏لاويين ١٧:‏​١١،‏ ١٢؛‏ عبرانيين ٩:‏​١١-‏١٤،‏ ٢٢‏)‏ وانسجاما مع هذا الفهم للامور،‏ ابتداء من السنة ١٩٦١،‏ فُصل من جماعات شهود يهوه كل مَن تجاهل المطلب الالهي،‏ قبِل نقل الدم،‏ وأظهر موقفا غير تائب.‏

      في بادئ الامر،‏ لم تناقَش الآثار الجانبية الجسدية لنقل الدم في مطبوعات برج المراقبة.‏ وفي ما بعد،‏ عندما صارت مثل هذه المعلومات متوافرة،‏ نُشِرت هي ايضا —‏ لا بصفتها السبب لرفض شهود يهوه نقل الدم بل لتقوية تقديرهم للنهي الذي وضعه اللّٰه نفسه في ما يتعلق باستعمال الدم.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏١٧‏)‏ ولهذه الغاية،‏ في السنة ١٩٦١ صدر الكراس المدعوم جيدا بالوثائق Blood, Medicine and the Law of God (‏الدم،‏ الطب وشريعة اللّٰه‏)‏.‏ وفي السنة ١٩٧٧ طُبع كراس آخر.‏ وهذا الكراس،‏ الذي هو بعنوان Jehovah’s Witnesses and the Question of Blood (‏شهود يهوه ومسألة الدم‏)‏،‏ شدَّد ايضا على واقع ان الموقف الذي اتخذه شهود يهوه انما هو ديني،‏ مؤسس على ما يقوله الكتاب المقدس،‏ ولا يعتمد على عوامل تقترن بمخاطر طبية.‏ وقُدِّمت معلومات احدث حول الموضوع في السنة ١٩٩٠ في كراسة How Can Blood Save Your Life? (‏كيف يمكن للدم ان ينقذ حياتكم؟‏‏)‏.‏ وفي استخدام هذه المطبوعات بذل شهود يهوه الكثير من الجهد لكسب تعاون الاطباء ومساعدتهم على فهم موقف الشهود.‏ ولكنَّ المهنة الطبية طوال سنين كثيرة كانت تنظر الى استعمال نقل الدم باعتبار رفيع.‏

      وعلى الرغم من ان شهود يهوه اخبروا الاطباء انه ليس لديهم اعتراض ديني على المعالجة البديلة،‏ لم يكن رفض نقل الدم سهلا.‏ وكثيرا ما استُعمل ضغط كبير على الشهود وعائلاتهم للاذعان لما كان آنذاك ممارسة طبية معتادة.‏ ففي پورتو ريكو،‏ في تشرين الثاني ١٩٧٦،‏ وافقت آنا پاز دي روساريو البالغة من العمر ٤٥ سنة على الجراحة والعلاج اللازم لكنها طلبت بسبب معتقداتها الدينية ألَّا يُستعمل الدم.‏ ومع ذلك،‏ ذهب خمسة من رجال الشرطة وثلاث ممرضات،‏ متسلِّحين بأمر من المحكمة،‏ الى غرفتها في المستشفى بعد منتصف الليل،‏ شدّوها الى الفراش،‏ وأخضعوها عنوة لنقل الدم،‏ خلافا لرغباتها وتلك التي لزوجها وأولادها.‏ فأُصيبت بصدمة وماتت.‏ ولم تكن هذه على الاطلاق حالة منفردة،‏ ولم تحدث مثل هذه الاعتداءات في پورتو ريكو وحدها.‏

      ففي الدنمارك لاحقت الشرطة والدَين من الشهود في السنة ١٩٧٥ لأنهما رفضا السماح بأن يُخضَع ابنهما الصغير لنقل الدم لكنهما عوضا عن ذلك التمسا معالجة بديلة.‏ وفي ايطاليا،‏ في السنة ١٩٨٢،‏ حُكم بالسجن لمدة ١٤ سنة على زوجين كانا قد طلبا على نحو حبي المساعدة الطبية في اربعة بلدان لابنتهما المصابة بداء عضال بتهمة القتل بعد موت الفتاة في اثناء نقل الدم بأمر من المحكمة.‏

      وتكرارا،‏ في ما يتعلق بالمحاولات لاخضاع اولاد شهود يهوه عنوة لنقل الدم،‏ اثارت الصحافة عداء علنيا شديدا.‏ وفي بعض الحالات،‏ حتى بدون جلسة قانونية يمكن فيها للوالدين ان يتكلموا،‏ امر القضاة بنقل الدم الى اولادهم.‏ ولكن في اكثر من ٤٠ حالة في كندا أُعيد الاولاد الذين نُقل اليهم الدم امواتا الى والديهم.‏

      لا يوافق جميع الاطباء والقضاة على هذه الطرائق الجائرة.‏ فابتدأ البعض يحثون على موقف مساعد اكثر.‏ واستعمل بعض الاطباء مهاراتهم لتزويد معالجة بدون دم.‏ وخلال قيامهم بذلك نالوا الكثير من الخبرة في كل انواع الجراحة الخالية من استعمال الدم.‏ وتَبرهن تدريجيا ان كل انواع الجراحة يمكن اجراؤها بنجاح،‏ على الراشدين والاطفال على السواء،‏ من غير نقل دم.‏d

      ولتجنُّب المواجهات التي لا لزوم لها في الحالات الطارئة،‏ ابتدأ شهود يهوه في وقت باكر من ستينات الـ‍ ١٩٠٠ يقومون بزيارات خصوصية لاطبائهم لمناقشة موقفهم وتزويدهم بالمطبوعات الملائمة.‏ وطلبوا في وقت لاحق ان يوضع بيان خطي في ملفاتهم الطبية الفردية يذكر وجوب عدم نقل الدم اليهم.‏ وبحلول سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ جعلوها ممارسة عامة ان يحملوا معهم بطاقة تنبِّه الهيئة الطبية الى واقع انه لا يجب اعطاؤهم دما مهما تكن الظروف.‏ وبعد استشارة الاطباء والمحامين،‏ عُدِّلت طبيعة البطاقة لجعلها وثيقة قانونية.‏

      ولدعم شهود يهوه في هذا التصميم للحيلولة دون اعطائهم دما،‏ لتبديد سوء الفهم من جهة الاطباء والمستشفيات،‏ ولتوطيد روح اكثر تعاونا بين المؤسسات الطبية والمرضى الشهود،‏ تأسست لجان الاتصال بالمستشفيات تحت توجيه الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ ومن قليل من مثل هذه اللجان في السنة ١٩٧٩،‏ نما عددها الى اكثر من ٨٠٠ في اكثر من ٧٠ بلدا.‏ وقد تدرب شيوخ مختارون وهم يزوِّدون خدمة كهذه في اميركا الشمالية،‏ الشرق الاقصى،‏ البلدان الرئيسية في جنوب المحيط الپاسيفيكي،‏ اوروپا،‏ وأميركا اللاتينية.‏ وبالاضافة الى ايضاح موقف شهود يهوه ينبِّه هؤلاء الشيوخ مستخدَمي المستشفيات الى واقع ان هنالك بدائل مقبولة لنقل الدم.‏ وفي الحالات الطارئة يساعدون في مباشرة الاستشارات بين اطباء العناية الاولية والجراحين الذين عالجوا حالات مماثلة للشهود بدون دم.‏ وحيث لزم الامر،‏ زارت هذه اللجان ليس فقط مستخدَمي المستشفيات بل ايضا القضاة الذين كانت لهم علاقة بقضايا طلبت فيها المستشفيات اوامر من المحكمة بنقل الدم.‏

      وحين لم يكن ممكنا بوسائل اخرى ضمان الاحترام لمعتقدهم الديني في ما يتعلق بقداسة الدم كان شهود يهوه احيانا يحيلون الى المحكمة اطباء ومستشفيات.‏ وكانوا عادةً يسعون الى الحصول على امر تقييدي او زجري.‏ ولكن في السنوات الاخيرة رفعوا ايضا دعاوي عطل وضرر ضد اطباء ومستشفيات تصرَّفوا بطريقة جائرة.‏ وفي السنة ١٩٩٠ ايَّدت محكمة اونتاريو للاستئناف،‏ في كندا،‏ دعوى قضائية كهذه لأن الطبيب تجاهل بطاقة في محفظة المريض تذكر بوضوح ان الشاهد لا يقبل نقل الدم مهما تكن الظروف.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ منذ السنة ١٩٨٥،‏ رُفعت عشر دعاوي عطل وضرر على الاقل في انحاء مختلفة من البلد وتكرارا كان المدَّعى عليهم يقررون ان يحلّوا الامر خارج المحكمة بدفع مبلغ مشروط بدلا من مواجهة الاحتمال ان تحكم هيئة المحلَّفين بتعويضات اكبر ايضا.‏ وشهود يهوه مصمِّمون كاملا على اطاعة النهي الالهي عن استعمال الدم.‏ وهم لا يريدون ان يحيلوا الاطباء الى المحكمة،‏ ولكنهم سيفعلون ذلك عند الضرورة لايقافهم عن ان يفرضوا على الشهود معالجة كريهة ادبيا بالنسبة اليهم.‏

      يصير الناس مدركين اكثر فأكثر المخاطر الملازمة لنقل الدم.‏ وذلك،‏ جزئيا،‏ بسبب الخوف من الأيدز.‏ لكنَّ الشهود تدفعهم رغبة متقدة في ارضاء اللّٰه.‏ وفي السنة ١٩٨٧ ذكرت الصحيفة الطبية الفرنسية Le Quotidien du Médecin‏:‏ «لعلَّ شهود يهوه على حق في رفض استعمال منتجات الدم،‏ اذ هو صحيح ان عددا كبيرا من العوامل المسبِّبة للامراض يمكن ان تنتقل بواسطة الدم المنقول.‏»‏

      والموقف الذي يتخذه شهود يهوه ليس مؤسسا على معرفة طبية متفوقة نشأت معهم.‏ فهم يثقون بأن طريق يهوه صائبة وأنه «لا يمنع خيرا» عن خدامه الاولياء.‏ (‏مزمور ١٩:‏​٧،‏ ١١؛‏ ٨٤:‏١١‏)‏ وحتى اذا مات شاهد نتيجة خسارة الدم —‏ وهذا ما حدث في بعض الاحيان —‏ فلدى شهود يهوه ملء الثقة بأن اللّٰه لا ينسى امناءه بل سيردّهم الى الحياة بواسطة القيامة.‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      عندما يختار الافراد تجاهل مقاييس الكتاب المقدس

      يدرس ملايين الاشخاص الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ ولكن لا يصيرون جميعهم شهودا.‏ وعندما يتعلَّم بعض الاشخاص المقاييس الرفيعة التي تُطبَّق عمليا،‏ يقرِّرون ان هذا ليس نوع الحياة الذي يريدونه.‏ وجميع الذين يعتمدون يُعطَون اولا ارشادا شاملا في تعاليم الكتاب المقدس الاساسية،‏ وبعد ذلك (‏وخصوصا منذ السنة ١٩٦٧)‏ يراجع الشيوخ في الجماعة مثل هذه التعاليم مع كل مرشح للمعمودية.‏ ويُبذل كل جهد للتيقن ان الذين يعتمدون يفهمون بوضوح ليس فقط العقيدة بل ايضا ما يشمله السلوك المسيحي.‏ ولكن،‏ ماذا اذا سمح بعض هؤلاء في ما بعد لمحبة العالم بأن تغريهم بخطإ خطير؟‏

      قديما في السنة ١٩٠٤،‏ في كتاب الخليقة الجديدة،‏ مُنح الانتباه للحاجة الى اتخاذ الاجراء الملائم بغية عدم السماح بافساد آداب الجماعة.‏ والفهم الذي كان لدى تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك لطريقة التعامل مع الخطاة كما هو مرسوم في متى ١٨:‏​١٥-‏١٧ جرت مناقشته.‏ وانسجاما مع ذلك،‏ كانت هنالك،‏ في مناسبات نادرة،‏ ‹محاكمات كنسية› حيث يُقدَّم الدليل على الخطإ في القضايا الخطيرة لكامل الجماعة.‏ وبعد سنين،‏ اعادت برج المراقبة في عددها الصادر في ١٥ ايار ١٩٤٤ (‏بالانكليزية)‏ النظر في المسألة على ضوء الكتاب المقدس بكامله وأظهرت ان مثل هذه المسائل التي تؤثر في الجماعة يجب ان يعالجها اخوة مسؤولون عُهد اليهم في الاشراف على الجماعة.‏ (‏١ كورنثوس ٥:‏​١-‏١٣‏؛‏ قارنوا التثنية ٢١:‏​١٨-‏٢١‏.‏)‏ وأُلحِقت بذلك،‏ في برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٥٢ (‏بالانكليزية)‏،‏ مقالات شدَّدت ليس فقط على الاجراء اللائق بل على الحاجة الى اتخاذ الاجراء لحفظ الهيئة نظيفة.‏ وتكرارا منذ ذلك الحين جرى بحث هذا الموضوع.‏ لكنَّ الاهداف بقيت على حالها دائما:‏ (‏١)‏ حفظ الهيئة نظيفة و (‏٢)‏ التشديد للخاطئ على الحاجة الى التوبة المخلصة،‏ بهدف ردّه.‏

      في القرن الاول كان هنالك بعض الذين هجروا الايمان من اجل العيش الخليع.‏ وانحرف آخرون بسبب عقائد المرتدّين.‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٩‏)‏ ويستمر الامر نفسه في الحدوث بين شهود يهوه في القرن العشرين هذا.‏ ومن المحزن انه في الآونة الاخيرة صار من الضروري فصل عشرات الآلاف من الخطاة غير التائبين كل سنة.‏ وكان بينهم شيوخ بارزون.‏ فمطالب الاسفار المقدسة نفسها تنطبق على الجميع.‏ (‏يعقوب ٣:‏١٧‏)‏ ويدرك شهود يهوه ان المحافظة على هيئة نظيفة ادبيا هو امر حيوي للاستمرار في نيل رضى يهوه.‏

      لبس الشخصية الجديدة

      حث يسوع الناس ان يكونوا نظفاء ليس فقط من الخارج بل ايضا من الداخل.‏ (‏لوقا ١١:‏​٣٨-‏٤١‏)‏ وأظهر ان الامور التي نقولها ونفعلها انما هي انعكاس لما هو في قلبنا.‏ (‏متى ١٥:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ وكما اوضح الرسول بولس،‏ اذا تعلَّمنا حقا من المسيح،‏ ‹فسنتجدد بروح ذهننا› و ‹سنلبس (‏الشخصية الجديدة)‏ المخلوقة بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق.‏› (‏افسس ٤:‏​١٧-‏٢٤‏)‏ وأولئك المتعلِّمون من المسيح يسعون الى اكتساب ‹الموقف العقلي نفسه الذي كان للمسيح يسوع› ليفكروا ويعملوا كما فعل.‏ (‏رومية ١٥:‏٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ وسلوك شهود يهوه كأفراد انما هو انعكاس لمدى فعلهم ذلك حقا.‏

      لا يدَّعي شهود يهوه ان سلوكهم لا عيب فيه.‏ لكنهم مخلصون في مساعيهم ليكونوا متمثلين بالمسيح اذ يعملون وفق مقياس الكتاب المقدس السامي للسلوك.‏ وهم لا ينكرون ان هنالك افرادا آخرين يطبِّقون المقاييس الادبية السامية في حياتهم.‏ ولكن،‏ في حالة شهود يهوه،‏ ليس فقط كأفراد بل ايضا كهيئة اممية يُعرفون بسهولة بسبب السلوك الذي ينسجم مع مقاييس الكتاب المقدس.‏ وهم يندفعون بالمشورة الموحى بها المسجلة في ١ بطرس ٢:‏١٢‏:‏ «أن تكون سيرتكم بين الامم حسنة لكي يكونوا .‏ .‏ .‏ يمجّدون اللّٰه .‏ .‏ .‏ من اجل اعمالكم الحسنة التي يلاحظونها.‏»‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الاول ١٩٤١ (‏بالانكليزية)‏ جرت مناقشة الموضوع ثانية،‏ بشكل مختصر نوعا ما،‏ تحت العنوان «الشخصية ام الاستقامة —‏ ايتهما؟‏»‏

      b عرَّفت برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩٥١ (‏بالانكليزية)‏ العهارة بأنها «الاتصال الجنسي الارادي بين شخص غير متزوج وشخص من الجنس الآخر.‏» وأضاف عدد ١ كانون الثاني ١٩٥٢ (‏بالانكليزية)‏ ان الاصطلاح بحسب الاسفار المقدسة يمكن تطبيقه ايضا على الفساد الادبي الجنسي من جهة شخص متزوج.‏

      c ظهرت مناقشات ابكر لقداسة الدم في مجلتي برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩٢٧ (‏بالانكليزية)‏،‏ وكذلك برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩٤٤ (‏بالانكليزية)‏،‏ اللتين ذكرتا بالتخصيص نقل الدم.‏

      d الجراحة المعاصرة،‏ آذار ١٩٩٠،‏ ص ٤٥-‏٤٩؛‏ الجرّاح الاميركي،‏ حزيران ١٩٨٧،‏ ص ٣٥٠-‏٣٥٦؛‏ طب ميامي،‏ كانون الثاني ١٩٨١،‏ ص ٢٥؛‏ مجلة الطب لولاية نيويورك،‏ ١٥ تشرين الاول ١٩٧٢،‏ ص ٢٥٢٤-‏٢٥٢٧؛‏ مجلة الجمعية الطبية الاميركية،‏ ٢٧ تشرين الثاني ١٩٨١،‏ ص ٢٤٧١،‏ ٢٤٧٢؛‏ الاخبار القلبية الوعائية،‏ شباط ١٩٨٤،‏ ص ٥؛‏ الدورة الدموية،‏ ايلول ١٩٨٤.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٢]‏

      ‏«لديهم قيم ادبية رائعة»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٤]‏

      هل كان هنالك ايّ شك في كيفية النظر الى مضاجعة النظير؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٥]‏

      انهيار العالم الادبي لم يجعل الشهود يصيرون اكثر تساهلا

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٦]‏

      حاول البعض ان يكونوا شهودا دون التخلي عن تعدُّد الزوجات

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٧]‏

      برنامج فعَّال لتعليم نظرة يهوه الى الطلاق

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٨]‏

      تغييرات مثيرة في حياة الناس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨١]‏

      التبغ —‏ لا!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٢]‏

      المشروبات الكحولية —‏ باعتدال،‏ هذا اذا شُربت

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٣]‏

      مصمِّمون بثبات على عدم قبول الدم

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٧]‏

      الفصل —‏ للمحافظة على هيئة نظيفة ادبيا

      ‏[الاطار في الصفحة ١٧٣]‏

      ‏‹تطوير الشخصية› —‏ الثمر لم يكن دائما جيدا

      تقرير من الدنمارك:‏ ‹ان كثيرين،‏ وخصوصا بين الرفقاء الاقدمين،‏ في جهودهم المخلصة للبس الشخصية المسيحية،‏ سعوا الى تجنب كل ما له ادنى لطخة من الامور العالمية وبهذه الطريقة يجعلون انفسهم اكثر جدارة بالملكوت السماوي.‏ وغالبا ما كان يُعتبر غير لائق الابتسام خلال الاجتماعات،‏ وكثيرون من الاخوة الاقدمين كانوا يرتدون فقط بدلات سوداء،‏ احذية سوداء،‏ ربطات عنق سوداء.‏ وغالبا ما كانوا يكتفون بالعيش حياة هادئة ومسالمة في الرب.‏ وكانوا يعتقدون انه يكفي ان يعقدوا الاجتماعات ويَدَعوا الموزِّعين الجائلين يقومون بالكرازة.‏›‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٧٩]‏

      ما يراه الآخرون في الشهود

      ◆ ذكرت «مونْخنِر مِرْكور،‏» صحيفة المانية،‏ في ما يتعلق بشهود يهوه:‏ «انهم دافعو الضرائب الاكثر استقامة والاكثر دقة في المواعيد في الجمهورية الاتحادية.‏ واطاعتهم للقوانين يمكن رؤيتها في الطريقة التي بها يسوقون السيارة وكذلك في احصاءات الجرائم.‏ .‏ .‏ .‏ انهم يطيعون ذوي السلطة (‏الآباء،‏ المعلِّمين،‏ الحكومة)‏.‏ .‏ .‏ .‏ والكتاب المقدس،‏ اساس كل اعمالهم،‏ هو دعامتهم.‏»‏

      ◆ رئيس البلدية في لنز،‏ فرنسا،‏ قال للشهود بعد استعمالهم ملعبا مدرَّجا محليا لاحد محافلهم:‏ «ما احبه هو انكم تفون بوعودكم واتفاقاتكم،‏ وعلاوة على ذلك،‏ انتم نظفاء،‏ مهذَّبون،‏ ومنظَّمون.‏ احب مجتمعكم.‏ فأنا ضد الفوضى،‏ ولا احب الناس الذين يجولون موسِّخين ومكسِّرين الاشياء.‏»‏

      ◆ وكتاب «اصوات من المحرقة» يحتوي على مذكِّرات من ناجية پولندية من معسكري الاعتقال أَوشڤيتس ورَڤنْسْبروك كتبت تقول:‏ «رأيت اناسا صاروا صالحين جدا جدا وأناسا صاروا اردياء تماما.‏ والفريق الالطف كان شهود يهوه.‏ وأنا ارفع قبعتي لهؤلاء الناس.‏ .‏ .‏ .‏ لقد فعلوا اشياء بديعة للناس الآخرين.‏ ساعدوا المرضى،‏ اعطوا من خبزهم،‏ وقدَّموا لكل مَن كان قربهم التعزية الروحية.‏ الالمان ابغضوهم واحترموهم في الوقت نفسه.‏ وأعطوهم العمل الاردأ لكنهم قبلوه ورؤوسهم مرفوعة.‏»‏

  • ‏«ليسوا جزءا من العالم»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٤

      ‏«ليسوا جزءا من العالم»‏

      الدين العصري هو،‏ في الغالب،‏ جزء من العالم الى حد بعيد،‏ ولذلك يشترك في احتفالات العالم ويعكس روحه القومية.‏ ورجال دينه غالبا ما يعترفون بهذا الواقع،‏ وكثيرون منهم يعجبهم ان يكون الامر كذلك.‏ وفي تباين حادّ،‏ قال يسوع عن أتباعه الحقيقيين:‏ «ليسوا جزءا من العالم كما اني انا لست جزءا من العالم.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      فماذا يظهر السجل في ما يتعلق بشهود يهوه من هذا القبيل؟‏ وهل اعطوا الدليل المقنع على انهم ليسوا جزءا من العالم؟‏

      الموقف تجاه رفقائهم البشر

      كان تلاميذ الكتاب المقدس الاولون يدركون جيدا ان المسيحيين الحقيقيين ليسوا جزءا من العالم.‏ وأوضحت برج المراقبة انه اذ جرى تقديس أتباع المسيح الممسوحين وولادتهم من الروح القدس لكي يشتركوا في الملكوت السماوي،‏ صاروا بعمل اللّٰه هذا مفروزين من العالم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ بيَّنت انهم كانوا تحت التزام تجنُّب روح العالم —‏ اهدافه،‏ طموحاته،‏ وآماله،‏ فضلا عن طرقه الانانية.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧‏.‏

      فهل اثَّر ذلك في موقف تلاميذ الكتاب المقدس من الناس الذين لم يشتركوا في معتقداتهم؟‏ لا شك ان ذلك لم يجعلهم نُسَّاكا.‏ لكنَّ اولئك الذين طبَّقوا حقا ما كانوا يتعلَّمونه من الاسفار المقدسة لم يطلبوا رفقة الناس العالميين بحيث يشتركون في نمط حياتهم.‏ ووجَّهت برج المراقبة خدام اللّٰه الى مشورة الكتاب المقدس ان ‹يعملوا الخير للجميع.‏› ونصحت ايضا انه عندما يُضطهدون يجب ان يبذلوا الجهد لتجنُّب مشاعر الانتقام،‏ وعوضا عن ذلك،‏ كما قال يسوع،‏ يجب ان ‹يحبوا اعداءهم.‏› (‏غلاطية ٦:‏١٠؛‏ متى ٥:‏​٤٤-‏٤٨‏)‏ وحثتهم خصوصا على السعي الى الاشتراك مع الآخرين في الحقائق الثمينة المتعلقة بتدبير اللّٰه للخلاص.‏

      من المفهوم ان فعلهم هذه الامور كان سيجعلهم مختلفين في نظر العالم.‏ لكنَّ عدم الكينونة جزءا من العالم يشمل اكثر من ذلك —‏ اكثر بكثير.‏

      منفصلون ومختلفون عن بابل العظيمة

      لكي لا يكونوا جزءا من العالم وجب ألا يكونوا جزءا من الانظمة الدينية التي كانت متورطة عميقا في شؤون العالم والتي كانت قد امتصت عقائد وعادات من بابل القديمة،‏ العدوة القديمة العهد للعبادة الحقة.‏ (‏ارميا ٥٠:‏٢٩‏)‏ وعندما اندلعت الحرب العالمية الاولى،‏ كان تلاميذ الكتاب المقدس لعقود يشهِّرون الجذور الوثنية لعقائد العالم المسيحي كالثالوث،‏ خلود النفس البشرية،‏ ونار الهاوية.‏ وكشفوا ايضا عن سجل محاولة الكنائس التأثير في الحكومات لغاياتها الانانية.‏ وبسبب عقائد وممارسات العالم المسيحي،‏ قرنه تلاميذ الكتاب المقدس بـ‍ «بابل العظيمة.‏» (‏رؤيا ١٨:‏٢‏)‏ وبيَّنوا انه مزج الحق بالخطإ،‏ المسيحية الفاترة بالامور العالمية الصريحة،‏ وأن لقب الكتاب المقدس «بابل» (‏ومعناه «بلبلة»)‏ يصف جيدا هذه الحالة.‏ وحثّوا محبي اللّٰه على الخروج من «بابل.‏» (‏رؤيا ١٨:‏٤‏)‏ ولهذا الغرض،‏ في اواخر كانون الاول ١٩١٧ وأوائل ١٩١٨،‏ وزَّعوا ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من The Bible Students Monthly (‏شهرية تلاميذ الكتاب المقدس‏)‏ التي ابرزت الموضوع «سقوط بابل،‏» الذي كان تشهيرا شديد الوقع للعالم المسيحي.‏ وهذا بدوره ادَّى الى عداء مرّ من رجال الدين،‏ الذين استغلّوا هستيريا زمن الحرب في محاولة لسحق عمل شهود يهوه.‏

      وبشكل لا يمكن تجنُّبه،‏ كان الخروج من بابل العظيمة يشمل الانسحاب من العضوية في الهيئات التي تدافع عن عقائدها الباطلة.‏ وتلاميذ الكتاب المقدس فعلوا ذلك،‏ على الرغم من انهم لسنين عديدة اعتبروا الافراد في الكنائس الذين ادَّعوا التكريس التام والايمان بالفدية اخوة مسيحيين.‏ إلا ان تلاميذ الكتاب المقدس لم يكتبوا فقط رسائل انسحاب من كنائس العالم المسيحي،‏ ولكنَّ البعض،‏ عندما كان ذلك ممكنا،‏ قرأوا رسائلهم عاليا في اجتماعات الكنيسة حيث كان ملائما ان يعبِّر الاعضاء عن رأيهم بحرية.‏ وعندما لم يكن ذلك ممكنا،‏ كان بامكانهم ان يرسلوا نسخة من رسالة انسحابهم —‏ رسالة لطيفة تحتوي على شهادة ملائمة —‏ الى كل عضو في الجماعة الكنسية.‏

      وهل كانوا يتيقنون ايضا انهم لا يأخذون معهم ايا من العادات والممارسات الاثيمة لتلك الهيئات؟‏ ماذا كانت الحالة في الفترة المؤدية الى الحرب العالمية الاولى؟‏

      هل يجب ان يختلط الدين بالسياسة؟‏

      في الميدان السياسي،‏ لفترة طويلة كان حكام العديد من الامم الرائدة،‏ بسبب صِلاتهم بالكنيسة الكاثوليكية او الپروتستانتية،‏ قد ادَّعوا انهم يحكمون ‹بحق الهي،‏› كممثلين لملكوت اللّٰه وبرضا اللّٰه الخصوصي.‏ والكنيسة اعطت بركتها للحكومة؛‏ وبدورها،‏ اعطت الحكومة دعمها للكنيسة.‏ فهل انغمس تلاميذ الكتاب المقدس ايضا في ذلك؟‏

      عوضا عن التمثُّل بكنائس العالم المسيحي،‏ سعوا الى التعلُّم من تعاليم ومثال يسوع المسيح ورسله.‏ فماذا اظهر لهم درسهم للكتاب المقدس؟‏ تكشف مطبوعات برج المراقبة الباكرة انهم كانوا مدركين انه عندما استجوب الحاكم الروماني بيلاطس البنطي يسوع،‏ ذكر:‏ «مملكتي ليست (‏جزءا)‏ من هذا العالم.‏» وردًّا على سؤال حول دور يسوع،‏ قال للحاكم:‏ «لهذا قد وُلدت انا ولهذا قد اتيت الى العالم لأشهد للحق.‏» (‏يوحنا ١٨:‏​٣٦،‏ ٣٧‏)‏ وعرف تلاميذ الكتاب المقدس ان يسوع التصق دون تردد بهذا التعيين.‏ وعندما عرض عليه ابليس جميع ممالك العالم ومجدها،‏ رفض.‏ وعندما اراد الناس ان يجعلوه ملكا،‏ انسحب.‏ (‏متى ٤:‏​٨-‏١٠؛‏ يوحنا ٦:‏١٥‏)‏ وتلاميذ الكتاب المقدس لم يتجنَّبوا واقع ان يسوع اشار الى ابليس بصفته «رئيس هذا العالم» وقال ان ابليس ‹ليس له فيه شيء.‏› (‏يوحنا ١٤:‏٣٠‏)‏ واستطاعوا ان يروا ان يسوع لم يطلب لنفسه او لأتباعه الانهماك في نظام روما السياسي لكنه كان مشغولا تماما باعلان ‹بشارة ملكوت اللّٰه.‏› —‏ لوقا ٤:‏٤٣‏.‏

      هل شجَّع اعتقادهم بهذه الامور المسجلة في كلمة اللّٰه على عدم الاحترام للسلطة الحكومية؟‏ كلا على الاطلاق.‏ وانما ساعدهم ان يفهموا لماذا المشاكل التي تواجه الحكام ساحقة الى هذا الحد،‏ لماذا هنالك الكثير جدا من الاثم،‏ ولماذا تخيب في الغالب البرامج الحكومية لتحسين نصيب الناس.‏ ان معتقدهم جعلهم يصبرون في وجه المشقة،‏ اذ لديهم الثقة بأن اللّٰه في وقته المعيَّن سيجلب الراحة الدائمة بواسطة ملكوته.‏ وقد فهموا في ذلك الوقت ان «السلطات العليا،‏» المشار اليها في رومية ١٣:‏​١-‏٧ (‏م‌ج‏)‏،‏ هي الحكام الدنيويون.‏ ووفقا لذلك حثّوا على احترام الرسميين الحكوميين.‏ وعند مناقشة رومية ١٣:‏٧‏،‏ ذكر ت.‏ ت.‏ رصل في كتاب الخليقة الجديدة (‏الصادر في السنة ١٩٠٤)‏ ان المسيحيين الحقيقيين «سيكونون بصورة طبيعية الاكثر اخلاصا في اعترافهم بعظماء هذا العالم،‏ والاكثر اطاعة للقوانين ومتطلبات القانون،‏ إلا حيث توجد هذه في تعارض مع المطالب والوصايا السماوية.‏ وقليلون من الحكام الارضيين في ايامنا،‏ هذا اذا وُجدوا،‏ سينتقدون الاعتراف بخالق اسمى وولاء اسمى لوصاياه.‏ اذًا،‏ لا بد ان يوجد [المسيحيون الحقيقيون] بين مَن هم اكثر اطاعة للقانون في الوقت الحاضر —‏ لا المشاغبين،‏ لا المشاكسين،‏ لا المنتقدين.‏»‏

      وكمسيحيين،‏ عرف تلاميذ الكتاب المقدس ان العمل الذي يجب ان يقفوا انفسهم له هو الكرازة بملكوت اللّٰه.‏ وكما ذُكر في المجلد الاول من دروس في الاسفار المقدسة،‏ «اذا جرى القيام بذلك بأمانة،‏ فلن يكون هنالك وقت او ميل الى الخوض في سياسة الحكومات الحاضرة.‏»‏

      ومن هذا القبيل كانوا الى حد كبير كأولئك المسيحيين الاولين الذين وصفهم اوغسطوس نياندر في كتاب تاريخ الدين المسيحي والكنيسة،‏ خلال القرون الثلاثة الاولى:‏ «وقف المسيحيون بعيدين ومنفصلين عن الدولة،‏ .‏ .‏ .‏ وبدا ان المسيحية قادرة على التأثير في الحياة المدنية فقط بتلك الطريقة التي لا بد من الاعتراف بأنها الاطهر،‏ من خلال السعي فعلا الى بث الشعور المقدس اكثر فأكثر في مواطني الدولة.‏»‏

      عندما ذهب العالم الى الحرب

      ان احداث الحرب العالمية الاولى حول الكرة الارضية امتحنت بشدة ادعاءات اولئك الذين زعموا انهم مسيحيون.‏ لقد كانت افظع حرب شُنَّت حتى ذلك الوقت؛‏ فسكان العالم كله تقريبا تورطوا بطريقة او بأخرى.‏

      سعى البابا بنيديكت الخامس عشر،‏ على الرغم من تعاطف الڤاتيكان مع دول الوسط،‏ الى المحافظة على مظهر من الحياد.‏ ولكن داخل كل امة لم يحافظ رجال الدين،‏ الكاثوليك والپروتستانت،‏ على مثل هذا الموقف المحايد.‏ وفي ما يتعلق بالوضع في الولايات المتحدة،‏ كتب الدكتور راي ابرامز،‏ في كتابه كارزون يقدِّمون اسلحة:‏ «ادَّعت الكنائس وحدة قصد غير معروفة حتى الآن في الحوليات الدينية.‏ .‏ .‏ .‏ ولم يضيِّع القادة ايّ وقت في تنظيم انفسهم كاملا على اساس زمن الحرب.‏ وفي غضون اربع وعشرين ساعة بعد اعلان الحرب وضع المجمع الفيديرالي لكنائس المسيح في اميركا خططا للتعاون الاكمل.‏ .‏ .‏ .‏ والكنيسة الكاثوليكية الرومانية،‏ التي تنظَّمت لخدمة مماثلة تحت اشراف مجمع الحرب الكاثوليكي القومي،‏ الذي قاده اربعة عشر رئيسا للاساقفة مع الكردينال ڠيبونز كرئيس،‏ اعربت عن تفانٍ مماثل للقضية.‏ .‏ .‏ .‏ ومضت كنائس عديدة الى حد ابعد بكثير مما طُلب منها.‏ فقد صارت مراكز تجنيد لتطوع الجنود.‏» فماذا فعل تلاميذ الكتاب المقدس؟‏

      على الرغم من انهم سعوا الى فعل ما شعروا بأنه مرضيّ عند اللّٰه،‏ لم يكن موقفهم دائما موقف الحياد التام.‏ وما فعلوه اثَّر فيه الاعتقاد،‏ الذي اشترك فيه آخرون من المدَّعين المسيحية،‏ بأن «السلطات العليا» كانت «معيَّنة من اللّٰه» بحسب نص ترجمة الملك جيمس.‏ (‏رومية ١٣:‏١‏)‏ وهكذا،‏ بناء على تصريح لرئيس الولايات المتحدة،‏ حثَّت برج المراقبة تلاميذ الكتاب المقدس على الاشتراك في حفظ ٣٠ ايار ١٩١٨ بصفته يوم صلاة وتضرع في ما يتعلق بنتيجة الحرب العالمية.‏a

      وخلال سنوات الحرب تنوَّعت الظروف التي أُقحم فيها تلاميذ الكتاب المقدس الافراد.‏ والطريقة التي عالجوا بها هذه الاوضاع تنوَّعت ايضا.‏ واذ شعروا بالتزام اطاعة «السلطات الكائنة،‏» التي تشير الى الحكام الدنيويين،‏ ذهب البعض الى الخنادق في الجبهة ومعهم البنادق والحراب.‏ ولكن اذ فكَّروا في الآية،‏ «لا تقتل،‏» كانوا يطلقون النار من اسلحتهم في الهواء او يحاولون مجرد ايقاع السلاح من يدي الخصم.‏ (‏خروج ٢٠:‏١٣‏)‏ وقليلون،‏ مثل رِميجيو كومينِتي،‏ في ايطاليا،‏ رفضوا ارتداء بِزَّة عسكرية.‏ والحكومة الايطالية في ذلك الوقت لم تستثنِ ايّ شخص لا يشهر السلاح لاسباب تتعلق بالضمير.‏ فخضع للمحاكمة خمس مرات وحُجِز في السجون وفي مؤسسة للامراض العقلية،‏ لكنَّ ايمانه وتصميمه بقيا غير متزعزعين.‏ وفي انكلترا عُيِّن بعض الذين قدَّموا طلب اعفاء في عمل من طبيعة قومية او في فيلق غير محارب.‏ وآخرون،‏ مثل پرايس هيوز،‏ تبنَّوا موقف الحياد التام،‏ بصرف النظر عن العواقب اللاحقة بهم شخصيا.‏

      عند تلك المرحلة على الاقل،‏ لم يكن السجل الاجمالي لتلاميذ الكتاب المقدس تماما كذاك الذي للمسيحيين الاولين الموصوفين في نشوء المسيحية،‏ بقلم إ.‏ و.‏ بارنز،‏ الذي ذكر:‏ «تظهر المراجعة الدقيقة لكل المعلومات المتوافرة انه،‏ حتى زمن ماركوس أورليوس [امبراطور روماني من ١٦١ الى ١٨٠ ب‌م]،‏ ما من مسيحي صار جنديا؛‏ وما من جندي،‏ بعد صيرورته مسيحيا،‏ بقي في الخدمة العسكرية.‏»‏

      ولكن بعدئذ،‏ عند نهاية الحرب العالمية الاولى،‏ نشأ وضع آخر جعل الفِرق الدينية تُظهر اين هو ولاؤها.‏

      تعبير سياسي لملكوت اللّٰه؟‏

      وُقِّعت معاهدة سلام،‏ بما فيها ميثاق عصبة الامم،‏ في ڤرساي،‏ فرنسا،‏ في ٢٨ حزيران ١٩١٩.‏ وحتى قبل توقيع معاهدة السلام هذه صرَّح علنا المجمع الفيديرالي لكنائس المسيح في اميركا بأن العصبة ستكون «التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض.‏» وتلقَّى مجلس الشيوخ للولايات المتحدة سيلا من الرسائل من فِرق دينية تحثه على الاقرار بميثاق عصبة الامم.‏

      لم يشترك شهود يهوه في تأييد عصبة الامم.‏ وحتى قبل التصديق على معاهدة السلام (‏في تشرين الاول)‏،‏ ألقى ج.‏ ف.‏ رذرفورد محاضرة في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ٧ ايلول ١٩١٩،‏ اظهر فيها انه ليس عصبة الامم بل الملكوت الذي اقامه اللّٰه نفسه هو الرجاء الوحيد للبشرية المتضايقة.‏ وعلى الرغم من اعترافهم بأن التحالف البشري لتحسين الاحوال يمكن ان ينجز الكثير من الخير،‏ فان تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء لم يديروا ظهورهم لملكوت اللّٰه من اجل وسيلة سياسية اقامها السياسيون وباركها رجال الدين.‏ وعوضا عن ذلك،‏ تولَّوا عمل اعطاء شهادة عالمية النطاق عن الملكوت الذي وضعه اللّٰه بين يدي يسوع المسيح.‏ (‏رؤيا ١١:‏١٥؛‏ ١٢:‏١٠‏)‏ وفي برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ أُوضِح ان ذلك هو العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع في متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ومرة اخرى،‏ عقب الحرب العالمية الثانية،‏ واجه المسيحيون قضية مماثلة.‏ وهذه المرة كانت تتعلق بالامم المتحدة،‏ خليفة العصبة.‏ وفيما كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال جارية،‏ في السنة ١٩٤٢،‏ كان شهود يهوه قد فهموا من الكتاب المقدس،‏ في الرؤيا ١٧:‏٨‏،‏ ان منظمة السلام العالمية ستقوم ثانية،‏ وأنها ايضا ستفشل في جلب السلام الدائم.‏ وهذا ما اوضحه ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة في ذلك الحين،‏ في محاضرة المحفل «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» وبجرأة اعلن شهود يهوه هذا الرأي في الوضع العالمي المتطور.‏ ومن ناحية اخرى،‏ شارك فعليا القادة الكاثوليك،‏ الپروتستانت،‏ واليهود في المشاورات في سان فرانسيسكو في السنة ١٩٤٥ التي أُعدّ خلالها ميثاق الامم المتحدة.‏ ولمراقبي هذه التطورات بدا واضحا مَن اراد ان يكون «صديقا للعالم» ومَن كان يسعى ألا يكون «جزءا من العالم،‏» كما قال يسوع انه سيصح في تلاميذه.‏ —‏ يعقوب ٤:‏٤‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يوحنا ١٧:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏.‏

      سجل للحياد المسيحي

      على الرغم من ان شهود يهوه فهموا سريعا بعض القضايا التي تشمل علاقة المسيحي بالعالم،‏ تطلبت مسائل اخرى مزيدا من الوقت.‏ ولكن،‏ اذ ازدادت الحرب العالمية الثانية زخما في اوروپا،‏ ساعدتهم مقالة مهمة في برج المراقبة عدد ١ تشرين الثاني ١٩٣٩ (‏بالانكليزية)‏ على تقدير معنى الحياد المسيحي.‏ فذكرت المقالة ان أتباع يسوع المسيح ملزمون امام اللّٰه بأن يكونوا مخلصين كليا له ولملكوته،‏ الثيوقراطية.‏ وصلواتهم يجب ان تكون لاجل ملكوت اللّٰه،‏ لا العالم.‏ (‏متى ٦:‏​١٠،‏ ٣٣‏)‏ وعلى ضوء ما كشفه يسوع المسيح عن هوية حاكم العالم غير المنظور (‏يوحنا ١٢:‏٣١؛‏ ١٤:‏٣٠‏)‏ سألت المقالة،‏ كيف يمكن لشخص مخلص لملكوت اللّٰه ان يتحيز لجهة او لاخرى في نزاع بين احزاب العالم؟‏ ألم يقل يسوع عن أتباعه:‏ «ليسوا جزءا من العالم،‏ كما اني انا لست جزءا من العالم»؟‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ ان موقف الحياد المسيحي هذا لم يكن موقفا يفهمه العالم عموما.‏ ولكن هل كان شهود يهوه سيحيون حقا وفقا لذلك؟‏

      لقد وُضع حيادهم تحت امتحان قاسٍ خلال الحرب العالمية الثانية،‏ وبشكل بارز في المانيا.‏ ذكر المؤرخ بريان دَن:‏ ‹لم يكن شهود يهوه على انسجام مع النازية.‏ والشيء الاهم الذي لم يكن النازيون يوافقونهم عليه هو حيادهم السياسي.‏ وعنى ذلك انه ما من مؤمن سيحمل السلاح،‏ يشغل منصبا سياسيا،‏ يشترك في المهرجانات الشعبية،‏ او يرسم اشارة الولاء.‏› (‏تجاوب الكنائس مع المحرقة،‏ ١٩٨٦)‏ وفي تاريخ للمسيحية،‏ اضاف پول جونسون:‏ «كثيرون حُكم عليهم بالموت بسبب رفض الخدمة العسكرية .‏ .‏ .‏ او انتهوا الى داخاو او مستشفيات المجانين.‏» وكم شاهدا سُجن في المانيا؟‏ اخبر شهود يهوه في المانيا في وقت لاحق ان ٢٦٢‏,٦ منهم ألقي القبض عليهم و ٠٧٤‏,٢ من هذا العدد وُضعوا في معسكرات الاعتقال.‏ ويختار الكتّاب الدنيويون عادةً ارقاما اعلى.‏

      وفي بريطانيا،‏ حيث جرى تجنيد الرجال والنساء على السواء،‏ تضمَّن القانون ترتيبا للاعفاء؛‏ لكنَّ محاكم عديدة حرمت شهود يهوه ذلك،‏ وفرض عليهم القضاة احكاما بالسجن لمدة تتجاوز الـ‍ ٦٠٠ سنة في مجموعها.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ أُعفي مئات من شهود يهوه من الخدمة العسكرية كخدام مسيحيين.‏ واكثر من ٠٠٠‏,٤ آخرين،‏ اذ حُرِموا من الاعفاء الذي يمنحه قانون الخدمة العسكرية الالزامية،‏ أُلقي القبض عليهم وسُجنوا لمدة تصل الى خمس سنوات.‏ وفي كل بلد على الارض تمسَّك شهود يهوه بموقف الحياد المسيحي نفسه.‏

      لكنَّ امتحان اصالة حيادهم لم يتوقف عند نهاية الحرب.‏ فعلى الرغم من انقضاء ازمة ١٩٣٩-‏١٩٤٥،‏ حدثت صراعات اخرى؛‏ وحتى خلال اوقات السلام النسبي اختارت امم عديدة ابقاء الخدمة العسكرية الاجبارية.‏ وشهود يهوه،‏ كخدام مسيحيين،‏ استمروا يواجهون السجن عند عدم منحهم الاعفاء.‏ وفي السنة ١٩٤٩ عندما رفض جون تسوكاريس وجورج اورفانيديس ان يشهرا السلاح ضد رفقائهما البشر،‏ اصدرت الحكومة اليونانية امرا باعدامهما.‏ والعقوبة (‏المختلفة الاشكال)‏ التي كانت تُفرض على شهود يهوه في اليونان كانت قاسية بشكل متكرر حتى انه في حينه سعى مجلس اوروپا (‏لجنة حقوق الانسان)‏ الى استعمال نفوذه لمصلحتهم،‏ ولكن نتيجة للضغط من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ كانت مطالباتهم حتى السنة ١٩٩٢ تُحبَط بالمكر والحيلة.‏ ومع ذلك،‏ وجدته بعض الحكومات امرا بغيضا ان تستمر في معاقبة شهود يهوه على معتقداتهم الدينية لاسباب تتعلق بالضمير.‏ وفي تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ في بلدان قليلة كالسويد،‏ فنلندا،‏ پولندا،‏ النَّذَرلند،‏ والارجنتين،‏ لم تكن الحكومة تضغط على الشهود النشاطى لينخرطوا في الخدمة العسكرية او في الخدمة القومية الاجبارية البديلة،‏ بالرغم من فحص كل حالة بدقة.‏

      وفي مكان بعد آخر كان على شهود يهوه ان يواجهوا حالات تتحدَّى حيادهم المسيحي.‏ فالحكومات الحاكمة في اميركا اللاتينية،‏ افريقيا،‏ الشرق الاوسط،‏ ايرلندا الشمالية،‏ وأمكنة اخرى لاقت مقاومة عنيفة من القوى الثورية.‏ ونتيجة لذلك ضغطت الحكومات والقوى المعارضة على السواء على شهود يهوه من اجل الدعم الفعَّال.‏ لكنَّ شهود يهوه حافظوا على الحياد التام.‏ فضُرِب البعض بوحشية،‏ وحتى أُعدموا،‏ بسبب الموقف الذي اتخذوه.‏ ومع ذلك،‏ غالبا ما كان الحياد المسيحي الاصيل لشهود يهوه يفوز باحترام الرسميين في كلا الجانبين،‏ ويُسمَح للشهود بالاستمرار دون مضايقة في عملهم لاخبار الآخرين البشارة عن ملكوت يهوه.‏

      وفي ستينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠ خضع حياد الشهود لامتحانات قاسية في ما يتعلق بطلب ملاوي من جميع مواطنيها ان يشتروا بطاقة تدل على العضوية في الحزب السياسي الحاكم.‏ فاعتبر شهود يهوه اشتراكهم في ذلك مخالفا لمعتقداتهم المسيحية.‏ ونتيجة لذلك،‏ أُخضعوا لاضطهاد لم يسبق له مثيل في وحشيته المفرطة.‏ فاضطر عشرات الآلاف الى هجر البلد،‏ وكثيرون على مر الوقت أُعيدوا قسرا الى موطنهم ليواجهوا المزيد من الوحشية.‏

      وعلى الرغم من اضطهاد شهود يهوه بعنف،‏ لم يتجاوبوا بروح التمرد.‏ فمعتقداتهم لا تعرِّض للخطر اية حكومة يحيون في ظلها.‏ وعلى سبيل التباين،‏ ساعد المجمع العالمي للكنائس في تمويل الثورات،‏ ودعَم الكهنةُ الكاثوليك قوى العصابات.‏ أما اذا انهمك احد شهود يهوه في نشاط مخرِّب،‏ فذلك يكون معادلا لانكار ايمانه.‏

      صحيح ان شهود يهوه يعتقدون ان كل الحكومات البشرية سيزيلها ملكوت اللّٰه.‏ هذا ما يذكره الكتاب المقدس في دانيال ٢:‏٤٤‏.‏ ولكن،‏ كما يبيِّن الشهود،‏ عوضا عن القول ان البشر سيقيمون هذا الملكوت،‏ تعلن الآية ان ‹‏اله السموات يقيم مملكة.‏› وكذلك يوضحون ان الآية لا تقول ان البشر مفوَّض اليهم من اللّٰه ان يمهدوا السبيل لهذا الملكوت بازالة السيادات البشرية.‏ ويدرك شهود يهوه ان عمل المسيحيين الحقيقيين انما هو الكرازة والتعليم.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ وانسجاما مع احترامهم لكلمة اللّٰه،‏ يُظهر السجل انه لا احد منهم حاول في وقت ما ان يقلب حكومة من ايّ نوع في ايّ مكان من العالم،‏ او تآ‌مر في وقت ما لالحاق الاذى بأيّ رسمي حكومي.‏ قالت الصحيفة الايطالية لا ستامپا في ما يتعلق بشهود يهوه:‏ «انهم المواطنون الاكثر ولاء الذين يمكن لاحد ان يرغب فيهم:‏ فهم لا يتملصون من دفع الضرائب ولا يسعون الى الافلات من قوانين غير ملائمة من اجل ربحهم الخاص.‏» ومع ذلك،‏ بسبب ادراك خطورة المسألة في عيني اللّٰه،‏ يصمِّم كلٌّ منهم بثبات على الاستمرار في عدم كونه «جزءا من العالم.‏» —‏ يوحنا ١٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏.‏

      عندما صارت الرموز القومية اهدافا للعبادة

      عند تولّي ادولف هتلر السلطة في المانيا،‏ اجتاحت العالم موجة من الهستيريا الوطنية.‏ وبغية اخضاع الناس لتنظيم صارم جُعِل الاشتراك في الشعائر الوطنية إلزاميا.‏ وفي المانيا كان مطلوبا من كل واحد ان يؤدّي تحية مفروضة ويهتف،‏ ‏«هايل هتلر!‏»‏ وكانت هذه تمجيدا لهتلر كمخلِّص؛‏ وكان القصد منها نقل الفكرة ان كل آمال الناس تتركز حول قيادته.‏ لكنَّ شهود يهوه لم يكن باستطاعتهم الاشتراك في مثل هذه المشاعر.‏ فقد عرفوا ان عبادتهم يجب ان تقدَّم فقط ليهوه وأنه اقام يسوع المسيح مخلِّصا للجنس البشري.‏ —‏ لوقا ٤:‏٨؛‏ ١ يوحنا ٤:‏١٤‏.‏

      وحتى قبل ان يصير هتلر دكتاتورا في المانيا،‏ راجع شهود يهوه في كراس الملكوت،‏ رجاء العالم (‏الصادر في السنة ١٩٣١)‏ مثال الاسفار المقدسة للرفقاء العبرانيين الشجعان الثلاثة للنبي دانيال في بابل.‏ فعندما امرهم الملك بأن يسجدوا امام تمثال عند عزف موسيقى معيَّنة،‏ رفض اولئك العبرانيون الامناء ان يسايروا،‏ وأعرب يهوه عن رضاه بانقاذهم.‏ (‏دانيال ٣:‏​١-‏٢٦‏)‏ وبيَّن الكراس ان الشعائر الوطنية واجهت شهود يهوه في الازمنة العصرية بتحدٍّ مماثل لامانتهم.‏

      وتدريجيا،‏ انتشرت المطالبة بالشعائر الوطنية الالزامية خارج المانيا.‏ وفي ٣ حزيران ١٩٣٥،‏ في محفل في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ عندما طُلب من ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان يعلّق على تحية العلم في المدارس،‏ شدَّد على مسألة الامانة للّٰه.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ عندما رفض كارلتون ب.‏ نيكولز،‏ الابن،‏ من لين،‏ ماساتشوستس،‏ البالغ من العمر ثماني سنوات،‏ ان يحيي العلم الاميركي ويشترك في انشاد نشيد وطني،‏ ذُكر ذلك في الصحف عبر البلاد.‏

      ولتوضيح المسألة،‏ قدَّم الاخ رذرفورد محاضرة اذاعية في ٦ تشرين الاول عن موضوع «تحية العلم» قال فيها:‏ «بالنسبة الى اشخاص كثيرين تكون تحية العلم مجرد شكليات ولها القليل او لا شيء من الاهمية.‏ أما بالنسبة الى اولئك الذين يتأملون فيها باخلاص من وجهة نظر الاسفار المقدسة فهي تعني الكثير.‏

      ‏«يمثّل العلم بشكل نموذجي القوى الحاكمة المنظورة.‏ ومحاولة اجبار مواطن او ولدِ مواطن بالقانون على تحية ايّ شيء،‏ او على انشاد ما يسمى ‹اناشيد وطنية›،‏ انما هي غير منصفة وخاطئة كليا.‏ فالقوانين تُسَنّ وتُفرض للحيلولة دون ارتكاب اعمال ظاهرة تتسبّب بأذية الآخرين،‏ ولا تُسَنّ بقصد اجبار الشخص على مخالفة ضميره،‏ وخصوصا عندما يكون هذا الضمير موجَّها وفق كلمة يهوه اللّٰه.‏

      ‏«ان رفض تحية العلم،‏ والوقوف بصمت،‏ كما فعل هذا الصبي،‏ لا يمكن ان يؤذي احدا.‏ واذا اعتقد احد باخلاص ان وصية اللّٰه هي ضد تحية الاعلام،‏ فإن اجبار هذا الشخص على تحية العلم خلافا لكلمة اللّٰه،‏ وخلافا لضميره،‏ يلحق اذى كبيرا بهذا الشخص.‏ ولا يحق للدولة بالقانون او بطريقة اخرى ان تلحق الاذى بالناس.‏»‏

      والتوضيح الاضافي لاسباب الموقف الذي اتخذه شهود يهوه جرى تزويده في كراس Loyalty (‏الولاء‏)‏،‏ الذي صدر ايضا في السنة ١٩٣٥.‏ وقد وُجِّه الانتباه الى آيات كالتالية:‏ خروج ٢٠:‏​٣-‏٧‏،‏ التي اوصت بأن تقدَّم العبادة ليهوه فقط وأن خدام اللّٰه لا يجب ان يصنعوا او يسجدوا لأيّ تمثال او شبه ايّ شيء في السماء او على الارض؛‏ لوقا ٢٠:‏٢٥‏،‏ حيث امر يسوع المسيح ليس فقط بوجوب اعطاء ما لقيصر لقيصر بل ايضا بوجوب اعطاء ما للّٰه للّٰه؛‏ واعمال ٥:‏٢٩‏،‏ حيث قال الرسل بثبات،‏ «ينبغي ان يُطاع اللّٰه (‏كحاكم)‏ اكثر من الناس.‏»‏

      وفي الولايات المتحدة،‏ أُحيلت مسألة ما اذا كان صائبا اجبار ايّ شخص على تحية العلم الى المحاكم.‏ وفي ١٤ حزيران ١٩٤٣ نقضت المحكمة العليا للولايات المتحدة قرارها السابق،‏ وفي قضية هيئة التعليم في ولاية ڤرجينيا الغربية ضد بارْنِت حكمت بأن تحية العلم الاجبارية تتعارض مع ضمان الحرية المذكور في دستور الامة.‏b

      والقضية المتعلقة بالشعائر الوطنية لم تكن مقتصرة بأية حال على المانيا والولايات المتحدة.‏ ففي اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ وآسيا،‏ اضطُهِد شهود يهوه بوحشية بسبب عدم اشتراكهم،‏ بالرغم من انهم يقفون باحترام خلال شعائر تحية العلم او ما شابهها.‏ فضُرِب الاولاد؛‏ وكثيرون طُردوا من المدرسة.‏ وجرى خوض دعاوٍ كثيرة.‏

      ومن ناحية ثانية،‏ شعر المراقبون بأنهم مرغَمون على الاعتراف بأنه في هذه المسألة،‏ كما في المسائل الاخرى،‏ برهن شهود يهوه انهم كالمسيحيين الاولين.‏ ولكن،‏ كما ورد في كتاب الشخصية الاميركية:‏ «بالنسبة الى الغالبية الساحقة .‏ .‏ .‏ كانت اعتراضات الشهود غامضة،‏ تماما كما كانت اعتراضات المسيحيين [في الامبراطورية الرومانية] على تقديم ذبيحة شكلية للامبراطور الالهي غامضة بالنسبة الى تراجان وپلينيوس.‏» وهذا ما كان يجب توقعه،‏ لأن شهود يهوه،‏ كالمسيحيين الاولين،‏ نظروا الى الامور ليس كما ينظر اليها العالم بل بحسب مبادئ الكتاب المقدس.‏

      اعلان موقفهم بوضوح

      بعد ان احتمل شهود يهوه امتحانات حيادهم المسيحي القاسية طوال سنين كثيرة،‏ اكَّدت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٨٠ (‏١ تشرين الثاني ١٩٧٩،‏ بالانكليزية)‏ موقفهم من جديد.‏ وأوضحت ايضا سبب المسلك الذي اتخذه الشهود الافراد عندما قالت:‏ «نتيجة الدرس الجدّي لكلمة اللّٰه تمكن هؤلاء المسيحيون الشبان من اتخاذ القرار.‏ ولم يتخذ عنهم هذا القرار شخص آخر.‏ فقد تمكنوا من ذلك افراديا على اساس الضمير المدرَّب على الكتاب المقدس.‏ وكان قرارهم الامتناع عن اعمال البغض والعنف ضد رفقائهم البشر من الامم الاخرى.‏ اجل،‏ كانوا يؤمنون ويريدون ان يشتركوا في اتمام نبوة اشعياء المعروفة جيدا:‏ ‹يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.‏ لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏› (‏اشعياء ٢:‏٤‏)‏ وهؤلاء الشبان من جميع الامم فعلوا ذلك.‏»‏

      وخلال السنين التي أُخضِع فيها التصاقهم بالحياد المسيحي للامتحان،‏ ادَّت اعادة فحص ما يقوله الكتاب المقدس،‏ في رومية ١٣:‏​١-‏٧‏،‏ عن «السلاطين الفائقة» الى شرح اوضح لعلاقة الشهود بالحكومات الدنيوية.‏ ونُشر ذلك في اعداد برج المراقبة الصادرة في ١ و ١٥ حزيران و ١ تموز ١٩٦٣ (‏١ تشرين الثاني،‏ ١٥ تشرين الثاني،‏ و ١ كانون الاول ١٩٦٢،‏ بالانكليزية)‏،‏ وأُعيد تأكيده في عدد ١ تشرين الثاني ١٩٩٠.‏ وقد شدَّدت هذه المقالات على مركز يهوه اللّٰه بصفته «العلي،‏» مبيِّنة في الوقت نفسه ايضا ان الحكام الدنيويين هم ‹سلاطين فائقة› فقط بالنسبة الى البشر الآخرين وفي مجال النشاط حيث يسمح لهم اللّٰه بالعمل في نظام الاشياء الحاضر.‏ وأظهرت المقالات حاجة المسيحيين الحقيقيين الى اكرام مثل هؤلاء الحكام الدنيويين بضمير حي وتقديم الطاعة لهم في جميع المسائل التي لا تتعارض مع شريعة اللّٰه وضميرهم المدرَّب على الكتاب المقدس.‏ —‏ دانيال ٧:‏١٨؛‏ متى ٢٢:‏٢١؛‏ اعمال ٥:‏٢٩؛‏ رومية ١٣:‏٥‏.‏

      والتصاق شهود يهوه الثابت بمقاييس الكتاب المقدس هذه اكسبهم صيتا في ما يتعلق بالانفصال عن العالم يذكِّر الناس بالمسيحيين الاولين.‏

      عندما مارس العالم اعياده

      عندما ألقى شهود يهوه جانبا التعاليم الدينية التي لها جذور وثنية،‏ توقفوا ايضا عن الاشتراك في عادات كثيرة كانت ملوَّثة على نحو مماثل.‏ ولكن لفترة من الوقت لم تُمنح اعياد معيَّنة الفحص الدقيق الذي اقتضته.‏ وكان احدها عيد الميلاد.‏

      جرى الاحتفال بهذا العيد سنويا حتى من قبل اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة في «بيت ايل» في بروكلين،‏ نيويورك.‏ ولسنين عديدة كانوا يعرفون ان ٢٥ كانون الاول لم يكن التاريخ الصحيح،‏ لكنهم حاجّوا ان التاريخ كان مقترنا على نحو شائع منذ عهد بعيد بولادة المخلّص وأن فعل الخير للآخرين ملائم في ايّ يوم.‏ ولكن،‏ بعد البحث الاضافي في الموضوع،‏ قرَّر اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية،‏ فضلا عن المستخدَمين في مكتبَي فرع الجمعية في انكلترا وفي سويسرا،‏ ان يتوقفوا عن الاشتراك في احتفالات عيد الميلاد،‏ ولذلك لم يجرِ ايّ احتفال بعيد الميلاد هناك بعد السنة ١٩٢٦.‏

      اذاع ر.‏ ه‍.‏ باربر،‏ احد اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي الذي قام ببحث شامل في مصدر عادات عيد الميلاد والثمر الذي تعطيه،‏ النتائج بالراديو.‏ وهذه المعلومات نُشرت ايضا في العصر الذهبي عدد ١٢ كانون الاول ١٩٢٨ (‏بالانكليزية)‏.‏ وكان ذلك تشهيرا شاملا لجذور عيد الميلاد المهينة للّٰه.‏ ومنذ ذلك الحين صارت الجذور الوثنية لعادات عيد الميلاد معرفة علنية عامة،‏ لكنَّ اشخاصا قليلين صنعوا التغييرات في طريقة حياتهم نتيجة لذلك.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان شهود يهوه على استعداد لصنع التغييرات اللازمة ليكونوا مقبولين اكثر كخدام ليهوه.‏

      عندما ظهر ان الاحتفال بولادة يسوع صار فعلا ذا اهمية اعظم للناس من الفدية التي زوَّدها موته؛‏ أن قصف العيد والروح التي تُقدَّم بها هدايا كثيرة لا يجلبان الاكرام للّٰه؛‏ أن المجوس الذين جرى التمثل بهم في تقديم الهدايا كانوا في الواقع منجّمين ملهمين من شياطين؛‏ أن الآباء رسموا لاولادهم مثالا في الكذب بما اخبروهم اياه عن سانتا كلوز؛‏ أن «القديس نيقولاس» (‏سانتا كلوز)‏ كان بشكل لا يُنكر اسما آخر لابليس نفسه؛‏ وأن مثل هذه الاعياد كانت،‏ باعتراف الكردينال نيومان في مؤلَّفه مقالة عن تطور العقيدة المسيحية،‏ «ادوات وملحقات عبادة الشيطان» التي تبنَّتها الكنيسة —‏ عندما ادرك شهود يهوه هذه الامور توقفوا فورا وبشكل دائم عن ايّ اشتراك في احتفالات عيد الميلاد.‏

      يتمتع شهود يهوه بأوقات طيبة مع عائلاتهم وأصدقائهم.‏ لكنهم لا يشتركون في الاعياد والاحتفالات التي لها صلة بالآلهة الوثنية (‏كما يصح في اعياد مثل عيد الفصح،‏ عيد رأس السنة،‏ عيد اول ايار،‏ وعيد الام)‏.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٧‏)‏ وكالمسيحيين الاولين،‏c لا يحتفلون حتى بأيام الميلاد.‏ ويمتنعون باحترام ايضا عن الاشتراك في الاعياد القومية التي تحيي ذكرى احداث سياسية او عسكرية ويمتنعون عن تقديم الاكرام المتسم بالعبادة لابطال قوميين.‏ ولماذا؟‏ لأن شهود يهوه ليسوا جزءا من العالم.‏

      مساعدة رفيقهم الانسان

      كان التوقير للآلهة في صميم الحياة الاجتماعية والثقافية للامبراطورية الرومانية.‏ وبما ان المسيحيين امتنعوا عن الاشتراك في ايّ شيء ملطَّخ بالآلهة الوثنية،‏ اعتبر الناس المسيحية اهانة لطريقة حياتهم؛‏ وبحسب المؤرخ تاسيتوس،‏ زُعم ان المسيحيين مبغِضون للجنس البشري.‏ واذ ينقل مينوكيوس فِليكس شعورا مماثلا في كتاباته،‏ يقتبس من روماني قوله لأحد معارفه المسيحيين:‏ «انتم لا تحضرون الاستعراضات؛‏ انتم لا تشتركون في المواكب .‏ .‏ .‏ تمقتون الالعاب المقدسة.‏» فلم يكن لدى عامة الشعب في العالم الروماني القديم فهمٌ للمسيحيين.‏

      وبشكل مماثل اليوم،‏ كثيرون في العالم لا يفهمون شهود يهوه.‏ فقد يُعجَب الناس بالمقاييس الادبية الرفيعة للشهود ولكنهم يشعرون بأن الشهود يجب ان يشتركوا مع العالم حولهم في نشاطاته وينهمكوا في المساعدة على جعل العالم مكانا افضل.‏ إلا ان اولئك الذين يتعرفون بشهود يهوه شخصيا يعلمون ان هنالك سببا من الكتاب المقدس لكل ما يفعلونه.‏

      وبدلا من عزل انفسهم عن باقي الجنس البشري يقف شهود يهوه حياتهم لمساعدة رفقائهم البشر بالطريقة التي رسم بها يسوع المسيح المثال.‏ وهم يساعدون الناس ليتعلموا كيفية التغلب بنجاح على مشاكل الحياة الآن بتعريفهم بالخالق والخطوط الارشادية للحياة المبيَّنة في كلمته الموحى بها.‏ ويشتركون بسخاء مع جيرانهم في حقائق الكتاب المقدس التي يمكن ان تغيِّر كامل نظرة المرء الى الحياة.‏ وفي جوهر ايمانهم الادراك ان «العالم يمضي،‏» أن اللّٰه سيتدخل عما قريب لينهي النظام الشرير الحاضر،‏ وأن مستقبلا مشرقا ينتظر اولئك الذين يستمرون في عدم كونهم جزءا من العالم ويضعون ايمانهم الكامل في ملكوت اللّٰه.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج المراقبة،‏ ١ حزيران ١٩١٨،‏ ص ١٧٤ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b من اجل تفاصيل اضافية،‏ انظروا الفصل ٣٠،‏ «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.‏»‏

      c تاريخ الدين المسيحي والكنيسة،‏ خلال القرون الثلاثة الاولى،‏ بقلم اوغسطوس نياندر،‏ ص ١٩٠.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٨]‏

      ليسوا نُسَّاكا،‏ ومع ذلك لا يشتركون في نمط حياة العالم

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٩]‏

      انسحبوا من كنائس العالم المسيحي

      ‏[التعليق على الصفحة ١٩١]‏

      ‏«وقف المسيحيون بعيدين ومنفصلين عن الدولة»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٤]‏

      الحياد المسيحي وُضع تحت الامتحان

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٨]‏

      ‏‹لم يتخذ عنهم القرار شخص آخر›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٩]‏

      لماذا يمتنعون عن الاحتفال بعيد الميلاد

      ‏[الاطار في الصفحة ١٩٥]‏

      ليسوا تهديدا لأية حكومة

      ◆ عند الكتابة عن معاملة شهود يهوه في احد بلدان اميركا اللاتينية،‏ قالت افتتاحية «وورلد-‏هيرالد» في اوماها،‏ نبراسكا،‏ الولايات المتحدة الاميركية:‏ «يلزم خيال شديد التحامل والارتياب للاعتقاد ان شهود يهوه يشكِّلون ايّ نوع من التهديد لايّ نظام سياسي؛‏ فهم غير هدَّامين ومحبون للسلام كما يمكن لهيئة دينية ان تكون،‏ ويطلبون فقط ان يُتركوا وشأنهم لاتِّباع ايمانهم بطريقتهم الخاصة.‏»‏

      ◆ ذكرت «إيل كورييري دي ترييَسْتا،‏» صحيفة ايطالية:‏ «لا بد ان يكون شهود يهوه موضع اعجاب بسبب ثباتهم وتماسكهم.‏ وخلافا للاديان الاخرى فان وحدانيتهم كشعب تمنعهم من الصلاة الى الاله نفسه،‏ باسم المسيح نفسه،‏ لمباركة طرفي نزاع متعارضين،‏ او من مزج السياسة بالدين لخدمة مصالح رؤساء الدولة او الاحزاب السياسية.‏ وأخيرا وليس آخرا،‏ هم على استعداد لمواجهة الموت عوضا عن مخالفة .‏ .‏ .‏ الوصية لا تقتل!‏»‏

      ◆ بعد ان احتمل شهود يهوه حظرا لمدة ٤٠ سنة في تشيكوسلوڤاكيا،‏ قالت صحيفة «نوڤا سْڤوبودا» في السنة ١٩٩٠:‏ «ينهى ايمان شهود يهوه عن استعمال الاسلحة ضد البشر،‏ وأولئك الذين رفضوا الخدمة العسكرية الاساسية ولم يعملوا في مناجم الفحم ذهبوا الى السجن،‏ حتى لمدة اربع سنوات.‏ ومن هذا فقط يتضح ان لديهم قوة ادبية هائلة.‏ ويمكننا استخدام مثل هؤلاء الناس غير الانانيين حتى في الوظائف السياسية العليا —‏ لكننا لن نتمكن ابدا من جعلهم يخدمون هناك.‏ .‏ .‏ .‏ طبعا،‏ انهم يعترفون بالسلطات الحكومية لكنهم يؤمنون بأن ملكوت اللّٰه فقط قادر على حل كل مشاكل البشر.‏ ولكن انتبهوا —‏ هم غير متعصبين.‏ وهم اشخاص مستغرقون في الانسانية.‏»‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٠٠ و ٢٠١]‏

      الممارسات التي جرى التخلّي عنها

      هذا الاحتفال بعيد الميلاد في بتل بروكلين سنة ١٩٢٦ كان احتفالهم الاخير.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس صاروا تدريجيا يقدِّرون انه لا اصل هذا العيد ولا الممارسات المقترنة به تكرم اللّٰه

      لسنين،‏ تقلَّد تلاميذ الكتاب المقدس شارة صليب وتاج لاثبات الهوية،‏ وهذا الرمز كان على الغلاف الامامي لمجلة «برج المراقبة» من السنة ١٨٩١ الى السنة ١٩٣١.‏ ولكن في السنة ١٩٢٨ جرى التشديد ان ما يُظهر كون المرء مسيحيا هو نشاطه كشاهد وليس الرمز الزيني.‏ وفي السنة ١٩٣٦ جرت الاشارة الى ان الدليل يبيّن ان المسيح مات على خشبة،‏ وليس على صليب من عارضتين

      في كتابهم “Daily Manna” (‏«المنّ اليومي»)‏،‏ حفظ تلاميذ الكتاب المقدس قائمة بأيام الميلاد.‏ ولكن بعد ان توقفوا عن الاحتفال بعيد الميلاد وعندما ادركوا ان الاحتفالات بأيام الميلاد تعطي الاكرام غير اللائق للمخلوقات (‏احد الاسباب الذي لاجله لم يحتفل المسيحيون الاولون اطلاقا بأيام الميلاد)‏،‏ اقلع تلاميذ الكتاب المقدس عن هذه الممارسة ايضا

      لنحو ٣٥ سنة،‏ اعتقد الراعي رصل ان هرم الجيزة العظيم كان حجر شهادة للّٰه،‏ مثبِّتا فترات زمنية للكتاب المقدس.‏ (‏اشعياء ١٩:‏١٩‏)‏ لكنَّ شهود يهوه تخلَّوا عن الفكرة ان تكون لهرم مصري اية صلة بالعبادة الحقة.‏ (‏انظروا «برج المراقبة» عددي ١٥ تشرين الثاني و ١ كانون الاول ١٩٢٨،‏ بالانكليزية)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٨٩]‏

      وُزِّعت عشرة ملايين نسخة

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٩٠]‏

      ذهب البعض الى الخنادق ومعهم البنادق،‏ لكنَّ آخرين،‏ بمن فيهم أ.‏ پ.‏ هيوز من انكلترا و ر.‏ كومينِتي من ايطاليا،‏ رفضوا مثل هذا التورط

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٩٢]‏

      رفض شهود يهوه الموافقة ان عصبة الامم او الامم المتحدة هي من اللّٰه لكنهم ايَّدوا ملكوت اللّٰه فقط بواسطة المسيح

      ‏[الصورة في الصفحة ١٩٧]‏

      كارلتون وفلورا نيكولز.‏ عندما امتنع ابنهما عن تحية العلم،‏ صار ذلك خبرا قوميا

  • تطوُّر بنية الهيئة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٥

      تطوُّر بنية الهيئة

      خضع سير عمل هيئة شهود يهوه لتغييرات مهمة منذ بدأ تشارلز تاز رصل وعشراؤه اولا بدرس الكتاب المقدس معا في السنة ١٨٧٠.‏ وعندما كان تلاميذ الكتاب المقدس الاولون قليلي العدد،‏ كان لديهم القليل جدا مما يعتبره الذين هم من خارج يميِّز الهيئة.‏ ولكن اليوم،‏ اذ يلاحظ الناس جماعات شهود يهوه،‏ محافلهم،‏ وكرازتهم بالبشارة في اكثر من ٢٠٠ بلد،‏ يتعجبون من كيفية سير عمل الهيئة بنعومة.‏ فكيف تطوَّرت؟‏

      كان تلاميذ الكتاب المقدس مهتمين بشدة بأن يفهموا ليس فقط عقيدة الكتاب المقدس بل ايضا الطريقة التي بها يجب ان تُنجَز خدمة اللّٰه،‏ كما تدل على ذلك الاسفار المقدسة.‏ وأدركوا ان الكتاب المقدس لا يزوِّد اساسا لفكرة رجال دين ذوي ألقاب،‏ وعامة شعب يكرزون هم لهم.‏ وكان الاخ رصل مصمِّما ألَّا يكون بينهم صف رجال دين.‏a وعبر اعمدة برج المراقبة،‏ جرى تذكير القرَّاء تكرارا بأن يسوع اخبر أتباعه:‏ «معلِّمكم واحد المسيح،‏» ولكن «انتم جميعا اخوة.‏» —‏ متى ٢٣:‏​٨،‏ ١٠‏.‏

      المعشر الباكر لتلاميذ الكتاب المقدس

      سرعان ما رأى قرَّاء برج المراقبة والمطبوعات المتعلقة بها انه بغية ارضاء اللّٰه كان عليهم ان يقطعوا الروابط بأية كنيسة تكون غير امينة للّٰه بوضع تعاليم الناس وتقاليدهم قبل كلمته المكتوبة.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٨‏)‏ ولكن بعد الانسحاب من كنائس العالم المسيحي،‏ الى اين ذهبوا؟‏

      في مقالة بعنوان «الكنيسة،‏»‏b بيَّن الاخ رصل ان الكنيسة الحقيقية،‏ الجماعة المسيحية،‏ ليست هيئة من اعضاء يؤيدون تعليما من صنع الناس ويجعلون اسماءهم تُكتب في سجل كنيسة.‏ وعوضا عن ذلك،‏ اوضح انها تتألف من اشخاص «يكرِّسون» (‏او،‏ ينذرون)‏ وقتهم،‏ مواهبهم،‏ وحياتهم للّٰه،‏ ولديهم امامهم رجاء الاشتراك في الملكوت السماوي مع المسيح.‏ هؤلاء،‏ كما قال،‏ هم مسيحيون يتحدون في رُبُط المحبة المسيحية والاهتمام المشترك،‏ يتجاوبون مع توجيه روح اللّٰه،‏ ويذعنون لرئاسة المسيح.‏ والاخ رصل لم يكن مهتما بتأسيس ترتيب آخر،‏ وكان يقاوم بشدة المساهمة بأية طريقة في الطائفية الموجودة بين المدَّعين المسيحية.‏

      وفي الوقت نفسه،‏ قدَّر كاملا حاجة خدام الرب الى الاجتماع معا،‏ انسجاما مع المشورة في العبرانيين ١٠:‏​٢٣-‏٢٥‏.‏ وسافر شخصيا ليزور ويبني قرَّاء برج المراقبة وليجمعهم مع آخرين في منطقتهم ممَّن لهم التفكير نفسه.‏ وفي وقت باكر من السنة ١٨٨١ طلب من اولئك الذين يعقدون اجتماعات قانونية ان يُشعِروا مكتب برج المراقبة بمكان انعقادها.‏ ورأى قيمة ابقائهم على اتصال احدهم بالآخر.‏

      لكنَّ الاخ رصل شدَّد انهم لا يحاولون تأسيس «هيئة ارضية.‏» وعوضا عن ذلك،‏ كما قال،‏ «نحن نلتصق فقط بتلك الهيئة السماوية —‏ ‹مكتوبين في السموات.‏› (‏عبرانيين ١٢:‏٢٣؛‏ لوقا ١٠:‏٢٠‏.‏)‏» وبسبب تاريخ العالم المسيحي الدنيء،‏ كانت الاشارة الى «هيئة كنسية» عادةً تذكِّر المرء بالطائفية،‏ هيمنة رجال الدين،‏ والعضوية على اساس الالتصاق بتعليم وضعه مجمع ديني.‏ ولذلك،‏ عند الاشارة الى انفسهم،‏ شعر الاخ رصل بأن الاصطلاح «معشر» هو افضل.‏

      وكان يدرك جيدا ان رسل المسيح قد شكَّلوا الجماعات وعيَّنوا الشيوخ في كل منها.‏ لكنه اعتقد ان المسيح كان حاضرا ثانية،‏ ولو كان بشكل غير منظور،‏ وأنه يوجِّه شخصيا الحصاد الاخير لاولئك الذين سيكونون وارثين معه.‏ ونظرا الى الظروف،‏ شعر الاخ رصل في بادئ الامر بأنه خلال وقت الحصاد ليست هنالك حاجة الى ترتيب الشيوخ الذي كان موجودا في الجماعات المسيحية للقرن الاول.‏

      إلا ان الاخ رصل،‏ اذ نما عدد تلاميذ الكتاب المقدس،‏ ادرك ان الرب يدير الامور بطريقة تختلف عما كان يتوقعه هو نفسه.‏ فكان يلزم تعديل في وجهة النظر.‏ ولكن على ايّ اساس؟‏

      سدّ الحاجات الباكرة للمعشر النامي

      خُصِّصت برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الثاني ١٨٩٥ (‏بالانكليزية)‏ بكاملها تقريبا لموضوع «بلياقة وبحسب ترتيب.‏» وباخلاص،‏ اعترف الاخ رصل هناك:‏ «كان لدى الرسل الكثير ليقولوه للكنيسة الباكرة في ما يتعلق بالترتيب في محافل القديسين؛‏ وكما يظهر كنا الى حد ما مهملين لهذه المشورة الحكيمة،‏ شاعرين بأنها ذات اهمية ثانوية نوعا ما،‏ لان الكنيسة قريبة جدا من نهاية مسلكها والحصاد هو وقت فرز.‏» فماذا دفعهم الى اتخاذ نظرة جديدة الى هذه المشورة؟‏

      ادرجت تلك المقالة اربعة ظروف:‏ (‏١)‏ اتَّضح ان التطوُّر الروحي للافراد يختلف من واحد الى آخر.‏ فكانت هنالك تجارب،‏ محن،‏ مصاعب،‏ ومخاطر لم يكن الجميع مستعدين بالتساوي لمواجهتها.‏ وهكذا،‏ كانت هنالك حاجة الى نظار حكماء وفُطُن،‏ رجال خبرة ومقدرة،‏ يهتمون عميقا بالاعتناء بالخير الروحي للجميع ولديهم الكفاءة لارشادهم في الحق.‏ (‏٢)‏ تبيَّن ان الرعية بحاجة الى الحماية من ‹الذئاب بثياب الحملان.‏› (‏متى ٧:‏١٥‏)‏ وكان يلزم تحصينهم بمساعدتهم على احراز معرفة شاملة للحق.‏ (‏٣)‏ اظهر الاختبار انه اذا لم يكن هنالك ايّ ترتيب لتعيين شيوخ يصونون الرعية فسيستولي البعض على هذا المركز ويعتبرون الرعية خاصتهم.‏ (‏٤)‏ بدون ترتيب منظَّم قد يجد الافراد الاولياء للحق خدماتهم غير مرغوب فيها بسبب نفوذ اشخاص قليلين يخالفونهم في الرأي.‏

      على ضوء ذلك قالت برج المراقبة:‏ «لا نتردد في ان نوصي الكنائسc في كل مكان،‏ سواء كانت اعدادها كبيرة او صغيرة،‏ بالمشورة الرسولية ان يختاروا في كل فرقة شيوخا من بينهم لكي ‹يُطعموا› الرعية و ‹يُشرفوا› عليها.‏» (‏اعمال ١٤:‏​٢١-‏٢٣؛‏ ٢٠:‏​١٧،‏ ٢٨‏)‏ واتَّبعت الجماعات المحلية هذه المشورة السليمة من الاسفار المقدسة.‏ فصارت هذه خطوة مهمة في تأسيس بنية الجماعة انسجاما مع ما كان موجودا في ايام الرسل.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ انسجاما مع الطريقة التي فهموا بها الامور آنذاك،‏ كان اختيار الشيوخ،‏ والشمامسة لمساعدتهم،‏ يجري عن طريق تصويت الجماعة.‏ وكل سنة،‏ او اكثر اذا لزم الامر،‏ كان يجري التأمل في مؤهلات اولئك الذين يمكن ان يخدموا،‏ ويجري التصويت.‏ وكان ذلك من حيث الاساس اجراء ديموقراطيا،‏ انما تضبطه قيود مصمَّمة لتعمل كوقاية.‏ فجرى حث الجميع في الجماعة ان يراجعوا بعناية المؤهلات من الاسفار المقدسة ويعبِّروا بالتصويت،‏ لا عن رأيهم الخاص،‏ بل عما اعتقدوا انه مشيئة الرب.‏ وبما ان اولئك «المكرَّسين كاملا» وحدهم كان لهم الحق في التصويت،‏ اعتُبِر تصويتهم الجماعي،‏ عندما يكون موجَّها من كلمة الرب وروحه،‏ تعبيرا عن مشيئة الرب في المسألة.‏ وعلى الرغم من ان الاخ رصل ربما لم يكن مدركا ذلك كاملا،‏ قد تكون توصيته بهذا الترتيب متأثرة الى حد ما ليس فقط بتصميمه على تجنُّب ايّ تشابه مع صف رجال دين مرفَّع بل ايضا بخلفيته كمراهق في الكنيسة الجماعية.‏

      وعندما ناقش مجلد الفجر الالفي بعنوان الخليقة الجديدة (‏الصادر في السنة ١٩٠٤)‏ ثانية بالتفصيل دور الشيوخ والطريقة التي بها يجب اختيارهم،‏ وُجِّه انتباه خصوصي الى الاعمال ١٤:‏٢٣‏.‏ والفهرسان اللذان جمعهما جيمس سترونڠ وروبرت يونڠ أُشير اليهما كمرجعين للفكرة ان العبارة «عيَّنا لهم شيوخا» (‏م‌ج‏)‏ يجب ترجمتها «انتخبا لهم شيوخا برفع الايدي.‏»‏d حتى ان بعض ترجمات الكتاب المقدس تقول ان الشيوخ ‹عُيِّنوا بالتصويت.‏› (‏الترجمة الحرفية للكتاب المقدس لواضعه يونڠ؛‏ الكتاب المقدس المؤكد لواضعه رذرهام)‏ ولكن مَن كان يجب ان يقوم بذلك التصويت؟‏

      وتبنّي الفكرة ان التصويت يجب ان تقوم به الجماعة ككل لم يعطِ دائما النتائج المرجوَّة.‏ فالمصوِّتون وجب ان يكونوا اشخاصا «مكرَّسين كاملا،‏» وبعض الذين انتُخِبوا بلغوا حقا مؤهلات الاسفار المقدسة وخدموا بتواضع اخوتهم.‏ لكنَّ التصويت غالبا ما كان يعكس التفضيل الشخصي عوضا عن كلمة اللّٰه وروحه.‏ وهكذا،‏ في هالي،‏ المانيا،‏ عندما لم يحصل بعض الاشخاص الذين اعتقدوا انهم يجب ان يكونوا شيوخا على المراكز التي ارادوها،‏ سبَّبوا خلافا خطيرا.‏ وفي بارمن،‏ المانيا،‏ كان بين المرشحين في السنة ١٩٢٧ رجال قاوموا عمل الجمعية،‏ وكان هنالك صياح ليس بقليل خلال رفع الايدي وقت الانتخاب.‏ لذلك كان من الضروري التعديل الى اقتراع سري.‏

      وقديما في السنة ١٩١٦،‏ قبل سنين من هذه الاحداث،‏ كتب الاخ رصل باهتمام عميق:‏ «تسود حالة مروِّعة في بعض الصفوف عندما يجري الانتخاب.‏ فخدام الكنيسة يحاولون ان يكونوا حكاما،‏ دكتاتوريين —‏ حتى انهم احيانا يتولَّون مركز عريف الاجتماع بالهدف الظاهر للتأكد انهم وأصدقاءهم الاحماء سيُنتخبون كشيوخ وشمامسة.‏ .‏ .‏ .‏ ويحاول البعض بهدوء استغلال الصف باجراء الانتخاب في وقت مؤاتٍ على نحو خصوصي لهم ولأصدقائهم.‏ ويسعى آخرون الى ملء الاجتماع بأصدقائهم،‏ مدخلين غرباء معروفين اقل،‏ لا يفكِّرون في الحضور قانونيا في الصف،‏ لكنهم يأتون فقط بمقتضى الصداقة للتصويت لاحد اصدقائهم.‏»‏

      فهل كان يلزمهم ان يتعلَّموا كيفية معالجة الانتخابات وفق الاساليب الديموقراطية بنعومة اكثر،‏ ام انه كان هنالك شيء من كلمة اللّٰه لم يفهموه بعد؟‏

      التنظيم للكرازة بالبشارة

      في مرحلة باكرة جدا ادرك الاخ رصل ان احدى المسؤوليات الاهم الملقاة على عاتق كل فرد من افراد الجماعة المسيحية هي عمل التبشير.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٩‏)‏ وأوضحت برج المراقبة انه ليس فقط على يسوع وحده بل على جميع أتباعه الممسوحين بالروح انطبقت الكلمات النبوية لاشعياء ٦١:‏١‏،‏ وهي:‏ «(‏يهوه)‏ مسحني لأبشِّر،‏» او كما تنقل ترجمة الملك جيمس اقتباس يسوع لهذا المقطع،‏ «مسحني لأكرز بالانجيل.‏» —‏ لوقا ٤:‏١٨‏.‏

      قديما في السنة ١٨٨١،‏ نشرت برج المراقبة المقالة «مطلوب ٠٠٠‏,١ كارز.‏» وكان ذلك مناشدة لكل عضو في الجماعة ان يستعمل ما استطاع من الوقت (‏نصف ساعة،‏ ساعة،‏ او اثنتين،‏ او ثلاثا)‏ للاشتراك في نشر حق الكتاب المقدس.‏ والرجال والنساء الذين لم تكن لديهم عائلات تعتمد عليهم والذين كان بامكانهم اعطاء النصف او اكثر من وقتهم لعمل الرب على وجه الحصر جرى تشجيعهم ان يشرعوا في العمل كمبشرين موزعين جائلين للمطبوعات.‏ وكان العدد يختلف كثيرا من سنة الى سنة،‏ ولكن بحلول السنة ١٨٨٥ كان هنالك نحو ٣٠٠ يشتركون في هذا العمل كموزعين جائلين للمطبوعات.‏ واشترك آخرون ايضا انما على نطاق محدود اكثر.‏ وأُعطيت الاقتراحات للموزعين الجائلين للمطبوعات حول كيفية الشروع في عملهم.‏ لكنَّ الحقل كان واسعا،‏ وفي البداية على الاقل،‏ كانوا يختارون مقاطعتهم الخاصة وينتقلون من منطقة الى اخرى وفي اغلب الاحيان كما كان يبدو انه الافضل لهم.‏ ثم عندما يلتقون في المحافل كانوا يصنعون التعديلات اللازمة لتنسيق جهودهم.‏

      وفي السنة نفسها التي بدأت فيها خدمة الموزعين الجائلين للمطبوعات،‏ طبع الاخ رصل عددا من الكراريس للتوزيع المجاني.‏ وكان البارز بينها طعام للمسيحيين المفكرين،‏ الذي وُزِّع منه ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ في الاشهر الاربعة الاولى.‏ والعمل المشمول بترتيب الطبع والتوزيع هذا كان السبب لتشكيل جمعية برج مراقبة زيون للكراريس للاعتناء بالتفاصيل اللازمة.‏ وللحيلولة دون تعطيل العمل في حال موته،‏ ولتسهيل معالجة الهبات التي كانت ستُستخدم في العمل،‏ سجَّل الاخ رصل الجمعية شرعيا،‏ وصارت مسجَّلة رسميا في ١٥ كانون الاول ١٨٨٤.‏ فأوجد ذلك الوكالة الشرعية اللازمة.‏

      واذ نشأت الحاجة،‏ أُسِّست مكاتب فروع لجمعية برج المراقبة في بلدان اخرى.‏ فكان الاول في لندن،‏ انكلترا،‏ في ٢٣ نيسان ١٩٠٠.‏ والآخر في أَلْبِرفِلت،‏ المانيا،‏ في السنة ١٩٠٢.‏ وبعد سنتين،‏ في الجانب الآخر من الارض،‏ نُظِّم فرع في مَلبورن،‏ اوستراليا.‏ وفي وقت هذه الكتابة،‏ كان هنالك ٩٩ فرعا حول العالم.‏

      وعلى الرغم من ان الترتيبات التنظيمية اللازمة لتزويد كميات من مطبوعات الكتاب المقدس كانت قيد التطوُّر،‏ ففي البداية تُرِك للجماعات ان تعدّ اية ترتيبات محلية للتوزيع العام لتلك المواد.‏ وفي رسالة بتاريخ ١٦ آذار ١٩٠٠ ذكر الاخ رصل كيف كان ينظر الى المسألة.‏ وتلك الرسالة،‏ الموجهة الى «ألكساندر م.‏ ڠراهام،‏ والكنيسة في بوسطن،‏ ماساتشوستس،‏» قالت:‏ «كما تعلمون جميعا،‏ ان نيتي الواضحة هي ان اترك لكل فرقة من شعب الرب ادارة شؤونهم الخاصة،‏ بحسب تمييزهم الخاص،‏ مقدِّما الاقتراحات،‏ ليس بقصد التدخل،‏ بل على سبيل النصح فقط.‏» وشمل ذلك ليس فقط اجتماعاتهم بل ايضا الطريقة التي بها يواصلون خدمتهم للحقل.‏ وهكذا،‏ بعد تقديم المشورة العملية للاخوة،‏ اختتم بالتعليق:‏ «هذا مجرد اقتراح.‏»‏

      تطلَّبت بعض النشاطات توجيها اكثر تحديدا من قبل الجمعية.‏ ففي ما يتعلق بعرض «رواية الخلق المصوَّرة،‏» تُرِك لكل جماعة ان تقرِّر ما اذا كانت مستعدة وقادرة ان تستأجر مسرحا او تسهيلا آخر للعرض المحلي.‏ ولكن كان من الضروري ان تُنقل التجهيزات من مدينة الى مدينة،‏ وكان يجب اعداد البرامج؛‏ ولذلك زوَّدت الجمعية من هذه النواحي توجيها مركزيا.‏ وجرى تشجيع كل جماعة على حيازة لجنة للرواية للاعتناء بالترتيبات المحلية.‏ لكنَّ المشرف الذي ترسله الجمعية كان يمنح الانتباه الدقيق للتفاصيل بغية التيقن ان كل شيء يسير بنعومة.‏

      واذ انقضت السنتان ١٩١٤ ثم ١٩١٥،‏ كان اولئك المسيحيون الممسوحون بالروح ينتظرون بشوق شديد اتمام رجائهم السماوي.‏ وفي الوقت نفسه جرى تشجيعهم على البقاء مشغولين بخدمة الرب.‏ ورغم انهم اعتبروا وقتهم الباقي في الجسد قصيرا جدا،‏ صار واضحا انه لمواصلة الكرازة بالبشارة بترتيب كان يلزم توجيه اكثر مما عندما كانوا يُعَدّون بمئات قليلة.‏ وبعد ان صار ج.‏ ف.‏ رذرفورد الرئيسَ الثاني لجمعية برج المراقبة بوقت قصير،‏ اتخذ هذا التوجيه اوجها جديدة.‏ وعدد ١ آذار ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة اعلن انه،‏ من ذلك الحين فصاعدا،‏ سيعيِّن مكتب الجمعية كل المقاطعة التي سيخدمها الموزعون الجائلون للمطبوعات والعمال الرعويونe في الجماعات.‏ وحيثما اشترك عمال محليون وموزعون جائلون للمطبوعات على السواء في خدمة حقل كهذه في مدينة او منطقة،‏ كانت المقاطعة تقسَّم في ما بينهم بواسطة لجنة اقليمية معيَّنة محليا.‏ وقد ساهم هذا الترتيب في توزيع بارز حقا لـ‍ السر المنتهي في غضون اشهر قليلة في ١٩١٧-‏١٩١٨.‏ وكان ذلك قيِّما ايضا في تحقيق توزيع سريع لـ‍ ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من تشهير قوي للعالم المسيحي في نشرة ابرزت الموضوع «سقوط بابل.‏»‏

      وبعد ذلك بوقت قصير جرى اعتقال اعضاء هيئة مديري الجمعية،‏ وفي ٢١ حزيران ١٩١٨ حُكم عليهم بالسجن ٢٠ سنة.‏ فبلغت الكرازة بالبشارة مرحلة جمود فعلي.‏ فهل كان ذلك الوقتَ الذي سيتحدون فيه اخيرا مع الرب في المجد السماوي؟‏

      بعد اشهر قليلة انتهت الحرب.‏ وفي السنة التالية أُطلق سراح رسميي الجمعية.‏ وكانوا لا يزالون في الجسد.‏ ولم يحصل ما توقعوه،‏ لكنهم استنتجوا انه لا بد ان يكون للّٰه عمل بعدُ ليقوموا به هنا على الارض.‏

      لقد اجتازوا قبل وقت قليل امتحانات قاسية لايمانهم.‏ ولكن في السنة ١٩١٩ شدَّدتهم برج المراقبة بدروس مثيرة من الاسفار المقدسة حول المحور «مباركون هم الشجعان.‏» وهذه تبعتها المقالة «فرص للخدمة.‏» لكنَّ الاخوة لم يتصوروا التطوُّرات التنظيمية الواسعة التي كانت ستحدث خلال العقود التالية.‏

      المثال اللائق للرعية

      قدَّر الاخ رذرفورد ان المثال اللائق للرعية امر حيوي بغية استمرار العمل في التقدم بترتيب وبطريقة موحَّدة مهما كان الوقت قصيرا.‏ فقد وصف يسوع أتباعه كخراف،‏ والخراف تتبع راعيها.‏ طبعا،‏ يسوع نفسه هو الراعي الصالح،‏ لكنه يستخدم ايضا شيوخا كرعاة معاونين لشعبه.‏ (‏١ بطرس ٥:‏​١-‏٣‏)‏ وهؤلاء الشيوخ يجب ان يكونوا رجالا يشتركون هم انفسهم في العمل الذي عيَّنه يسوع ويشجعون الآخرين على ذلك.‏ ويجب ان يملكوا بشكل اصيل روح التبشير.‏ ولكن،‏ عند توزيع السر المنتهي،‏ تقاعس بعض الشيوخ؛‏ حتى ان البعض كانوا صرحاء تماما في تثبيط الآخرين عن الاشتراك.‏

      اتُّخذت خطوة بالغة الاهمية نحو تصحيح هذا الوضع في السنة ١٩١٩ عندما بدأت مجلة العصر الذهبي بالصدور.‏ وهذه كانت ستصير اداة فعَّالة لاعلان ملكوت اللّٰه بصفته الحل الدائم الوحيد لمشاكل الجنس البشري.‏ فكل جماعة ترغب في الاشتراك في هذا النشاط دُعيت ان تطلب من الجمعية ان تسجِّلها بصفتها «هيئة خدمة.‏» ثم عيَّنت الجمعية مديرا،‏ او مدير خدمة كما صار معروفا،‏ غير خاضع للانتخاب السنوي.‏f وبصفته الممثل المحلي للجمعية،‏ كان سينظِّم العمل،‏ يعيِّن المقاطعة،‏ ويشجع الجماعة على الاشتراك في خدمة الحقل.‏ وهكذا،‏ الى جانب الشيوخ والشمامسة المنتخَبين ديموقراطيا،‏ ابتدأ يعمل نوع آخر من الترتيب التنظيمي،‏ نوع يعترف بسلطة التعيين من خارج الجماعة المحلية ويشدِّد اكثر على الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏g

      خلال السنوات التي تلت،‏ أُعطي عمل المناداة بالملكوت زخما هائلا،‏ كما لو انه بقوة لا تقاوَم.‏ فالحوادث في السنة ١٩١٤ وما بعدها اوضحت ان النبوة العظمى التي يصف فيها الرب يسوع المسيح اختتام النظام القديم كانت تختبر الاتمام.‏ وعلى ضوء ذلك،‏ في السنة ١٩٢٠،‏ بيَّنت برج المراقبة ان هذا،‏ كما أُنبئ في متى ٢٤:‏١٤‏،‏ هو الوقت للمناداة بالبشارة عن «نهاية نظام الاشياء القديم وتأسيس ملكوت المسيَّا.‏»‏h (‏متى ٢٤:‏​٣-‏١٤‏)‏ وبعد حضور محفل تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ غادر المندوبون والشعار يرنّ في آذانهم:‏ «أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏» ودور المسيحيين الحقيقيين صار اوضح ونال تشديدا اكثر ايضا في السنة ١٩٣١،‏ عند تبنّي الاسم شهود يهوه.‏

      صار واضحا ان يهوه عيَّن لخدامه عملا يمكنهم جميعا ان يشتركوا فيه.‏ وكان هنالك تجاوب حماسي.‏ فكثيرون صنعوا تعديلات رئيسية في حياتهم لتخصيص وقتهم الكامل لهذا العمل.‏ وحتى بين اولئك الذين خصَّصوا مجرد جزء من الوقت،‏ صرف عدد كبير اياما كاملة في خدمة الحقل في نهايات الاسابيع.‏ واذ تجاوبوا مع التشجيع الوارد في برج المراقبة و Informant (‏المخبر‏)‏ في السنتين ١٩٣٨ و ١٩٣٩،‏ سعى كثيرون من شهود يهوه آنذاك بضمير حي الى تخصيص ٦٠ ساعة شهريا لخدمة الحقل.‏

      وبين اولئك الشهود الغيارى كان هنالك كثيرون من خدام يهوه المتواضعين المخلصين الذين كانوا شيوخا في الجماعات.‏ ولكن في بعض الاماكن،‏ خلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ وأوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت هنالك ايضا مقاومة كبيرة لفكرة اشتراك كل فرد في خدمة الحقل.‏ وكثيرا ما كان الشيوخ المنتخَبون ديموقراطيا صرحاء تماما في معارضة ما تقوله برج المراقبة عن مسؤولية الكرازة للناس خارج الجماعة.‏ ورفْض الاصغاء الى ما يقوله روح اللّٰه،‏ بواسطة الاسفار المقدسة،‏ للجماعة في هذه المسألة اعاق تدفق روح اللّٰه في تلك الفرق.‏ —‏ رؤيا ٢:‏​٥،‏ ٧‏.‏

      اتُّخذت الاجراءات في السنة ١٩٣٢ لتصحيح هذا الوضع.‏ ولم تكن نقطة الاهتمام الرئيسي ما اذا كان بعض الشيوخ البارزين يمكن ان يستاءوا او ما اذا كان بعض المقترنين بالجماعات يمكن ان ينسحبوا.‏ لكنَّ رغبة الاخوة كانت ارضاء يهوه وفعل مشيئته.‏ ولهذه الغاية،‏ ابرز العددان ١٥ آب و ١ ايلول (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة في تلك السنة الموضوع «هيئة يهوه.‏»‏

      اظهرت هذه المقالات بالتحديد ان جميع الذين هم حقا جزء من هيئة يهوه سيقومون بالعمل الذي تقول كلمته انه يجب القيام به خلال فترة الوقت هذه.‏ وأيَّدت المقالات النظرة ان الكينونة شيخا مسيحيا ليست منصبا يمكن ان يُنتخَب المرء له ولكنها حالة يجري بلوغها بالنمو الروحي.‏ وشُدِّد خصوصا على صلاة يسوع ان يكون «جميع» أتباعه «واحدا» —‏ في اتحاد مع اللّٰه والمسيح،‏ وبالتالي متحدين واحدهم بالآخر في فعل مشيئة اللّٰه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٢١‏)‏ وبأية نتيجة؟‏ اجابت المقالة الثانية ان «كل فرد من البقية يجب ان يكون شاهدا لاسم يهوه اللّٰه وملكوته.‏» ولم يكن الاشراف ليُعهَد فيه الى ايٍّ من الذين يفشلون او يرفضون ان يفعلوا ما يمكنهم فعله بشكل معقول للاشتراك في الشهادة العلنية.‏

      وعند اختتام درس هذه المقالات،‏ دُعيت الجماعات الى اصدار قرار يشير الى موافقتها.‏ وهكذا أُلغي الانتخاب الجماعي السنوي للرجال ليكونوا شيوخا وشمامسة.‏ وفي بلفاست،‏ ايرلندا الشمالية،‏ كما في اماكن اخرى،‏ ترك بعض «الشيوخ المنتخَبين» السابقين معاشرة الجماعة؛‏ والافراد الآخرون الذين شاركوهم في نظرتهم مضوا معهم.‏ فنتج عن ذلك نقص في عدد المقترنين بالجماعة ولكن تقوية لكامل الهيئة.‏ وأولئك الذين بقوا كانوا اناسا على استعداد لتحمل مسؤولية الشهادة المسيحية.‏ وعوضا عن انتخاب الشيوخ،‏ اختارت الجماعات —‏ اذ كانت لا تزال تستخدم الاساليب الديموقراطية —‏ لجنة خدمةi مؤلَّفة من رجال ناضجين روحيا يشتركون بنشاط في الشهادة العلنية.‏ وأعضاء الجماعة انتخبوا ايضا عريفا للاشراف على اجتماعاتهم اضافة الى كاتب وأمين صندوق.‏ وكان جميع هؤلاء رجالا من الشهود النشاطى ليهوه.‏

      واذ عُهِد الآن في الاشراف على الجماعة الى رجال يهتمون لا بالمركز الشخصي بل بالقيام بعمل اللّٰه —‏ الشهادة لاسمه وملكوته —‏ ويرسمون مثالا جيدا باشتراكهم فيه،‏ تَقدَّم العمل بنعومة اكثر.‏ ومع انهم لم يعرفوا ذلك آنذاك،‏ كان هنالك الكثير لفعله،‏ شهادة اوسع مما جرى تقديمه سابقا،‏ تجميع لم يتوقعوه.‏ (‏اشعياء ٥٥:‏٥‏)‏ ومن الواضح ان يهوه كان يعدّهم لذلك.‏

      ابتدأ قليلون من ذوي الرجاء بالحياة الابدية على الارض يعاشرونهم.‏j لكنَّ الكتاب المقدس سبق وأنبأ بتجميع جمع كثير بقصد حفظهم عبر الضيقة العظيمة القادمة.‏ (‏رؤيا ٧:‏​٩-‏١٤‏)‏ وفي السنة ١٩٣٥ جرى ايضاح هوية هذا الجمع الكثير.‏ والتغييرات في اختيار النظار خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ جهَّزت الهيئة على نحو افضل للاعتناء بعمل تجميعهم،‏ تعليمهم،‏ وتدريبهم.‏

      بالنسبة الى معظم شهود يهوه،‏ كان العمل الموسَّع هذا تطوُّرا مثيرا.‏ واتخذت خدمتهم للحقل معنى جديدا.‏ لكنَّ البعض لم يكونوا تواقين الى الكرازة.‏ فامتنعوا عن الاشتراك فيها،‏ وحاولوا تبرير خمولهم بالمحاجّة انه لن يجري تجميع جمع كثير إلا بعد هرمجدون.‏ لكنَّ الغالبية رأوا فرصة جديدة للاعراب عن ولائهم ليهوه ومحبتهم لرفيقهم الانسان.‏

      وكيف تلاءم الذين هم من الجمع الكثير مع بنية الهيئة؟‏ لقد أُظهر لهم الدور الذي عيَّنته كلمة اللّٰه لـ‍ «القطيع الصغير» من الممسوحين بالروح،‏ فعملوا بسرور وفق هذا الترتيب.‏ (‏لوقا ١٢:‏​٣٢-‏٤٤‏)‏ وتعلَّموا ايضا انه،‏ كالمسيحيين الممسوحين بالروح،‏ لديهم مسؤولية الاشتراك في البشارة مع الآخرين.‏ (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ وبما انهم ارادوا ان يكونوا رعايا ارضيين لملكوت اللّٰه،‏ يجب ان يأتي هذا الملكوت اولا في حياتهم،‏ ويجب ان يكونوا غيورين في اخبار الآخرين عنه.‏ ولكي ينطبق عليهم وصف الكتاب المقدس لأولئك الذين سيُحفظون عبر الضيقة العظيمة الى نظام اللّٰه الجديد،‏ يجب ان يكونوا اشخاصا «يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش وللخروف.‏» (‏رؤيا ٧:‏​١٠،‏ ١٤‏)‏ وفي السنة ١٩٣٧،‏ اذ ابتدأت اعدادهم تنمو وصارت غيرتهم للرب ظاهرة،‏ دُعوا ايضا الى المساعدة على حمل ثقل المسؤولية في الاشراف على الجماعة.‏

      ولكن،‏ جرى تذكيرهم بأن الهيئة هي ليهوه،‏ لا لأيّ انسان.‏ ولم يكن ليوجد انقسام بين بقية الممسوحين بالروح والذين هم من الجمع الكثير من الخراف الاخر.‏ فكان يجب ان يعملوا معا كاخوة وأخوات في خدمة يهوه.‏ وكما قال يسوع،‏ «لي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان آتي بتلك ايضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد.‏» (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ وواقع هذا الامر صار يتضح.‏

      حدثت تطوُّرات مذهلة في الهيئة في فترة من الوقت قصيرة نسبيا.‏ ولكن هل كان هنالك شيء اكثر يلزم القيام به لكي تُدار شؤون الجماعات بانسجام تام مع طرائق يهوه كما هي مبيَّنة في كلمته الموحى بها؟‏

      هيئة ثيوقراطية

      ‏«الثيوقراطية» تعني «حكم اللّٰه.‏» فهل كان ذلك نوع الحكم الذي ساد الجماعات؟‏ أليس انهم لم يعبدوا يهوه فقط بل تطلعوا ايضا اليه من اجل توجيه شؤونهم الجماعية؟‏ وهل عملوا كاملا وفق ما قاله عن هذه الامور في كلمته الموحى بها؟‏ ان مقالة «الهيئة» المؤلَّفة من جزءين التي ظهرت في برج المراقبة ١ و ١٥ حزيران ١٩٣٨ (‏بالانكليزية)‏،‏ ذكرت بالتحديد:‏ «ان هيئة يهوه ليست ديموقراطية على الاطلاق.‏ فيهوه هو الاسمى،‏ وحكومته او هيئته هي ثيوقراطية كاملا.‏» غير انه في الجماعات المحلية لشهود يهوه في ذلك الوقت كانت الاجراءات الديموقراطية لا تزال تُستخدم في اختيار معظم الافراد الموكول اليهم الاشراف على الاجتماعات وخدمة الحقل.‏ فالتغييرات الاضافية كانت ملائمة.‏

      ولكن ألم تُشِر الاعمال ١٤:‏٢٣ الى ان الشيوخ في الجماعات يجب تعيينهم في المنصب ‹بمدّ اليد› كما في التصويت؟‏ ان اولى مقالتي برج المراقبة هاتين بعنوان «الهيئة» اعترفت بأن هذه الآية أُسيء فهمها في الماضي.‏ فلم تكن التعيينات تجري بين مسيحيي القرن الاول ‹بمدّ اليد› من جهة جميع اعضاء الجماعة.‏ ولكن أُظهر ان الرسل والممنوحين السلطة منهم هم الذين ‹مدّوا ايديهم.‏› وكان ذلك يجري ليس بالاشتراك في تصويت الجماعة بل بوضع ايديهم على الافراد الاكفاء.‏ وكان ذلك رمزا الى التثبيت،‏ الموافقة،‏ او التعيين.‏k والجماعات المسيحية الاولى كانت احيانا توصي برجال اكفاء،‏ لكنَّ الاختيار الاخير او الموافقة كان يجري بواسطة الذين كُلِّفوا مباشرة من قِبَل المسيح،‏ او بواسطة الممنوحين السلطة من قِبَل الرسل.‏ (‏اعمال ٦:‏​١-‏٦‏)‏ ولفتت برج المراقبة الانتباه الى واقع انه فقط في رسالتين الى ناظرَين مسؤولَين (‏تيموثاوس وتيطس)‏ اعطى الرسول بولس،‏ تحت توجيه الروح القدس،‏ ارشادات لتعيين النظار.‏ (‏١ تيموثاوس ٣:‏​١-‏١٣؛‏ ٥:‏٢٢؛‏ تيطس ١:‏٥‏)‏ ولم تتضمن اية من الرسائل الموحى بها الموجَّهة الى الجماعات مثل هذه الارشادات.‏

      اذًا كيف كانت ستُجرَى التعيينات آنذاك للخدمة في الجماعات؟‏ ان تحليل برج المراقبة للتنظيم الثيوقراطي اظهر من الاسفار المقدسة ان يهوه عيَّن يسوع المسيح ‹رأسا .‏ .‏ .‏ للجماعة›؛‏ أنه عندما رجع المسيح بصفته السيد،‏ عهد الى ‹عبده الامين الحكيم› في مسؤولية الاشراف «على جميع امواله»؛‏ أن العبد الامين الحكيم هذا مؤلَّف من كل الافراد الموجودين على الارض الذين مُسِحوا بالروح القدس ليكونوا وارثين مع المسيح والذين يخدمون باتحاد تحت توجيهه؛‏ وأن المسيح يستخدم صف العبد هذا بصفته وكالته في تزويد الاشراف اللازم على الجماعات.‏ (‏كولوسي ١:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏؛‏ متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧؛‏ ٢٨:‏١٨‏)‏ فمن واجب صف العبد ان يطبق بروح الصلاة الارشادات المذكورة بوضوح في كلمة اللّٰه الموحى بها،‏ مستخدما اياها ليقرِّر مَن هم اكفاء لمراكز الخدمة.‏

      وبما ان الوكالة المنظورة التي كان المسيح سيستخدمها هي العبد الامين الحكيم (‏ووقائع التاريخ العصري التي جرى التأمل فيها سابقا تُظهر ان هذا «العبد» يستخدم جمعية برج المراقبة كأداة شرعية)‏،‏ اوضحت برج المراقبة ان الاجراء الثيوقراطي يقتضي ان تُجرى تعيينات الخدمة بواسطة هذه الوكالة.‏ وكما اعترفت الجماعات في القرن الاول بالهيئة الحاكمة في اورشليم،‏ كذلك اليوم لن تزدهر الجماعات روحيا دون اشراف مركزي.‏ —‏ اعمال ١٥:‏​٢-‏٣٠؛‏ ١٦:‏​٤،‏ ٥‏.‏

      ولكن للنظر الى الامور في علاقتها الصحيحة،‏ لُفِتَ الانتباه الى انه عندما تشير برج المراقبة الى «الجمعية،‏» يعني ذلك،‏ لا مجرد الاداة الشرعية،‏ بل هيئة المسيحيين الممسوحين التي شكَّلت واستخدمت هذا الكيان الشرعي.‏ وهكذا عنى التعبير العبدَ الامين الحكيم مع هيئته الحاكمة.‏

      وحتى قبل نشر مقالتَي برج المراقبة بعنوان «الهيئة» في السنة ١٩٣٨،‏ عندما نمت الجماعات في لندن،‏ نيويورك،‏ شيكاڠو،‏ ولوس انجلوس الى حد انه صار مستحسنا تقسيمها الى فرق اصغر،‏ طلبت الى الجمعية ان تعيِّن جميع خدامها.‏ وعدد ١٥ حزيران ١٩٣٨ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة دعا الآن كل الجماعات الاخرى ان تتخذ اجراء مماثلا.‏ ولهذه الغاية جرى اقتراح القرار التالي:‏

      ‏«نحن،‏ فرقة شعب اللّٰه المأخوذ على اسمه،‏ والموجودين الآن في .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏،‏ نعترف بأن حكومة اللّٰه هي ثيوقراطية محض وأن المسيح يسوع هو في الهيكل وهو مسؤول ويضبط كاملا هيئة يهوه المنظورة،‏ وكذلك غير المنظورة،‏ وأن ‏‹الجمعية›‏ هي الممثل المنظور للرب على الارض،‏ ولذلك نطلب الى ‹الجمعية› ان تنظِّم هذه الفرقة للخدمة وتعيِّن مختلف الخدام فيها،‏ لكي نعمل جميعا معا في سلام،‏ برّ،‏ انسجام ووحدة تامة.‏ ونرفق بهذه الوثيقة قائمة بأسماء الاشخاص في هذه الفرقة الذين يبدون لنا اكثر نضجا والذين يبدون بالتالي الأنسب لملء المراكز الخصوصية المعيَّنة للخدمة.‏»‏l

      وافقت تقريبا كل جماعات شهود يهوه بسرعة على ذلك.‏ وأولئك القليلون الذين امتنعوا سرعان ما توقفوا كليا عن الاشتراك في المناداة بالملكوت وبالتالي لم يعودوا شهودا ليهوه.‏

      فوائد التوجيه الثيوقراطي

      من الواضح انه لو كان ممكنا ان تقرَّر التعاليم،‏ مقاييس السلوك،‏ واجراءات التنظيم او الشهادة محليا،‏ لفقدت الهيئة سريعا هويتها ووحدتها.‏ وكان يمكن ان ينقسم الاخوة بسهولة نتيجة الاختلافات الاجتماعية،‏ الثقافية،‏ والقومية.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان التوجيه الثيوقراطي سيضمن وصول الفوائد الناجمة عن التقدم الروحي الى كل الجماعات حول العالم دون عائق.‏ وهكذا كانت ستوجد الوحدة الحقيقية التي صلَّى يسوع ان تسود بين أتباعه الحقيقيين،‏ وسيُنجز كاملا عمل التبشير الذي اوصى به.‏ —‏ يوحنا ١٧:‏​٢٠-‏٢٢‏.‏

      ولكنَّ البعض ادَّعوا انه بتأييد هذا التغيير التنظيمي كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد يسعى الى كسب سيطرة اعظم على الشهود وأنه استخدم هذه الوسيلة لتوطيد سلطته.‏ فهل كانت الحال كذلك؟‏ لا شك في ان الاخ رذرفورد كان رجلا ذا قناعات قوية.‏ وقد تكلَّم جهارا بقوة ودون مسايرة دفاعا عما آمن بأنه الحق.‏ وكان يمكن ان يكون فظًّا تماما في معالجة الحالات عندما يرى ان الناس مهتمون بنفسهم اكثر مما بعمل الرب.‏ لكنَّ الاخ رذرفورد كان متواضعا بشكل اصيل امام اللّٰه.‏ وكما كتب لاحقا كارل كلاين،‏ الذي صار عضوا في الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٧٤:‏ «ان صلوات الاخ رذرفورد في العبادة الصباحية .‏ .‏ .‏ حبَّبته اليَّ.‏ ورغم انه كان يتمتع بصوت قوي،‏ كان يبدو عند مخاطبته اللّٰه كصبي صغير يتحدث الى ابيه.‏ فيا للعلاقة البديعة بيهوه التي كشَفها ذلك!‏» كان الاخ رذرفورد مقتنعا تماما في ما يتعلق بهوية هيئة يهوه المنظورة،‏ وسعى الى التيقن انه ما من انسان او فريق من الناس يمكن ان يعيق الاخوة محليا عن نيل الفائدة الكاملة من الطعام الروحي والتوجيه الذي كان يهوه يزوِّده لخدامه.‏

      ومع ان الاخ رذرفورد خدم طوال ٢٥ سنة كرئيس لجمعية برج المراقبة وخصَّص كل طاقته لترويج عمل الهيئة،‏ إلا انه لم يكن قائدا لشهود يهوه،‏ ولم يُرِدْ ان يكون كذلك.‏ وفي محفل في سانت لويس،‏ ميسوري،‏ في السنة ١٩٤١،‏ قبيل موته،‏ تكلم عن مسألة القيادة،‏ قائلا:‏ «اريد ان يعرف ايّ من الغرباء هنا ما هو رأيكم في ان يكون رجل قائدا لكم،‏ حتى لا ينسوا.‏ فكلما نشأ شيء وابتدأ ينمو يقولون ان هنالك رجلا قائدا له أتباع كثيرون.‏ فاذا كان هنالك ايّ شخص من هذا الحضور يعتقد انني انا،‏ هذا الرجل الواقف هنا،‏ هو قائد شهود يهوه،‏ فليقل نعم.‏» كان التجاوب صمتا مؤثِّرا خرقته فقط «لا» تأكيدية من افراد عديدين من الحضور.‏ وتابع الخطيب:‏ «واذا كنتم انتم الموجودين هنا تعتقدون انني مجرد واحد من خدام الرب،‏ وأننا نعمل معا كتفا الى كتف في وحدة،‏ خادمين اللّٰه وخادمين المسيح،‏ فقولوا نعم.‏» وبصوت مدوٍّ واحد اجاب الحضور بـ‍ «نعم!‏» حاسمة.‏ وفي الشهر التالي تجاوب الحضور في انكلترا بالطريقة نفسها تماما.‏

      في بعض المناطق جرى الشعور سريعا بفوائد التنظيم الثيوقراطي.‏ وفي اماكن اخرى استغرق الامر مدة اطول؛‏ والذين لم يبرهنوا انهم خدام ناضجون متواضعون عُزلوا في حينه،‏ وآخرون عُيِّنوا.‏

      ومع ذلك،‏ اذ ترسَّخت الاجراءات الثيوقراطية بشكل اكمل،‏ ابتهج شهود يهوه باختبار ما أُنبئ به مسبقا في اشعياء ٦٠:‏١٧‏.‏ يقول يهوه هنا،‏ مستخدما تعابير مجازية لتصوير الاحوال المتحسنة التي كانت ستوجد بين خدام اللّٰه:‏ «عوضا عن النحاس آتي بالذهب وعوضا عن الحديد آتي بالفضة وعوضا عن الخشب بالنحاس وعوضا عن الحجارة بالحديد وأجعل وكلاءك سلاما وولاتك برا.‏» لا يصف ذلك ما كان البشر سيفعلونه بل بالاحرى ما كان اللّٰه نفسه سيفعله والفوائد التي كان خدامه سينالونها اذ يذعنون لها.‏ فيجب ان يسود السلام في وسطهم.‏ ويجب ان تكون محبة البر القوة التي تدفعهم الى الخدمة.‏

      من البرازيل كتبت مود يولي،‏ زوجة ناظر الفرع،‏ الى الاخ رذرفورد:‏ «ان المقالة ‹الهيئة› في عددي ١ و ١٥ حزيران [١٩٣٨،‏ بالانكليزية] من برج المراقبة تدفعني الى التعبير بكلمات قليلة لك،‏ انت الذي يستخدم يهوه خدمته الامينة،‏ عن شكري ليهوه على الترتيب البديع الذي اعدَّه لهيئته المنظورة،‏ كما ورد في هذين العددين من برج المراقبة.‏ .‏ .‏ .‏ يا لها من راحة ان نرى نهاية ‹الحكم الذاتي›،‏ بما في ذلك ‹حقوق المرأة› والاجراءات الاخرى غير المؤسسة على الاسفار المقدسة التي اخضعت بعض الاشخاص للآراء المحلية والحكم الفردي،‏ بدلا من [يهوه اللّٰه ويسوع المسيح]،‏ الامر الذي جلب التعيير على اسم يهوه.‏ صحيح انه فقط ‹منذ عهد قريب اشارت الجمعية الى الجميع في الهيئة بصفتهم «خداما»›،‏ لكنني الاحظ انه قبل ذلك الوقت بسنين عديدة اعترفتَ في مراسلاتك لاخوتك بأنك ‹اخوكم وخادمكم،‏ بنعمته›.‏»‏

      وفي ما يتعلق بهذا التعديل التنظيمي ذكر تقرير الفرع في الجزر البريطانية:‏ «كان التأثير الجيد لذلك مدهشا تماما.‏ فالوصف الشعري والنبوي لذلك في اشعياء الاصحاح الستين مفعم بالجمال ولكن دون مبالغة.‏ وكل مَن هو في الحق كان يتكلم عنه.‏ وكان الموضوع الرئيسي للمحادثة.‏ فسادَ شعور عام بالانتعاش —‏ استعداد للمضيّ قُدُما في معركة هادفة.‏ واذ ازداد التوتر العالمي،‏ كثر الفرح بالحكم الثيوقراطي.‏»‏

      النظار الجائلون يقوّون الجماعات

      تقوَّت الروابط التنظيمية الى حد ابعد نتيجة لخدمة النظار الجائلين.‏ ففي القرن الاول انهمك الرسول بولس بشكل بارز في مثل هذا النشاط.‏ وأحيانا كان رجال مثل برنابا،‏ تيموثاوس،‏ وتيطس يشتركون ايضا.‏ (‏اعمال ١٥:‏٣٦؛‏ فيلبي ٢:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ تيطس ١:‏​٤،‏ ٥‏)‏ وكانوا جميعا مبشِّرين غيورين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانوا يشجعون الجماعات بمحاضراتهم.‏ وعندما كانت تنشأ القضايا التي يمكن ان تؤثر في وحدة الجماعات،‏ كانت تُحال الى الهيئة الحاكمة المركزية.‏ ثم ان الذين أُوكلت اليهم المسؤولية «اذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلِّمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في اورشليم ليحفظوها.‏» والنتيجة؟‏ «كانت (‏الجماعات)‏ تتشدد في الايمان وتزداد في العدد كل يوم.‏» —‏ اعمال ١٥:‏​١–‏١٦:‏٥؛‏ ٢ كورنثوس ١١:‏٢٨‏.‏

      في سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ زار الاخ رصل فرق تلاميذ الكتاب المقدس —‏ المؤلَّفة من شخصين وثلاثة اشخاص وكذلك الفرق الاكبر —‏ لبنائها روحيا.‏ واشترك في ذلك اخوة آخرون قليلون في ثمانينات الـ‍ ١٨٠٠.‏ ثم في السنة ١٨٩٤ صُنعت الترتيبات لكي ترسل الجمعية خطباء حسني الكفاءة يسافرون قانونيا اكثر لمساعدة تلاميذ الكتاب المقدس على النمو في المعرفة والتقدير للحق ولضمِّهم معا على نحو اوثق.‏

      واذا كان ممكنا،‏ يقضي الخطيب يوما او ربما عدة ايام مع الفريق،‏ مقدِّما محاضرة عامة او اثنتين،‏ ثم يزور الفرق الاصغر والافراد لمناقشة بعض الامور الاعمق في كلمة اللّٰه.‏ وبُذل جهد لزيارة كل فريق في الولايات المتحدة وكندا مرتين في السنة،‏ رغم ان ذلك لم يكن عادةً من قبل الاخ نفسه.‏ وفي اختيار الخطباء الجائلين هؤلاء جرى التشديد على الوداعة،‏ التواضع،‏ والفهم الواضح للحق وكذلك الالتصاق الولي به والقدرة على تعليمه بوضوح.‏ وخدمتهم لم تكن على الاطلاق مأجورة.‏ والاخوة المحليون كانوا يزوِّدونهم بالطعام والمأوى فقط،‏ والى الحد الضروري،‏ كانت الجمعية تساعدهم بنفقات السفر.‏ وصاروا يُعرَفون بالخطباء الجائلين.‏

      وكثيرون من هؤلاء الممثلين الجائلين للجمعية كانوا محبوبين الى اولئك الذين خدموهم.‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ كندي،‏ يجري تذكّره كأخ كانت كلمة اللّٰه بالنسبة اليه «كنار محرقة.‏» (‏ارميا ٢٠:‏٩‏)‏ فما كان عليه إلا ان يتحدث عنها،‏ وقد فعل ذلك،‏ مخاطبا الحضور ليس فقط في كندا بل ايضا في انحاء عديدة من الولايات المتحدة وفي بلدان اخرى.‏ وويليام هرسي،‏ خطيب جائل آخر،‏ يجري تذكّره باعزاز بسبب الانتباه الخصوصي الذي منحه للاحداث.‏ وصلواته ايضا تركت انطباعا دائما لأنها عكست عمقا من الروحيات مسّ قلوب الصغار والكبار على السواء.‏

      والسفر لم يكن سهلا على الخطباء الجائلين في الايام الباكرة.‏ فلكي يخدم الفريقَ قرب شلالات كلاماث،‏ اوريغون،‏ مثلا،‏ سافر ادوارد برِنسِن اولا بالقطار،‏ ثم الليل كله بعربة خيل مقفلة،‏ وأخيرا بعربة خيل مكشوفة غير مريحة في الجبال الى المزرعة حيث كانوا يجتمعون.‏ وباكرا في الصباح،‏ في اليوم الذي تلا اجتماعهم،‏ زوَّده احد الاخوة بحصان ليجتاز به نحو ٦٠ ميلا (‏١٠٠ كلم)‏ الى اقرب محطة للسكك الحديدية ليتمكن من السفر الى تعيينه التالي.‏ لقد كانت حياة شاقة،‏ لكنَّ نتائج جيدة أُحرزت من جهود الخطباء الجائلين.‏ فتقوَّى شعب يهوه،‏ اتحدوا في فهمهم لكلمة اللّٰه،‏ وتقاربوا على نحو اوثق رغم انهم مشتَّتون بشكل واسع جغرافيا.‏

      في السنة ١٩٢٦ ابتدأ الاخ رذرفورد ينجز ترتيبات غيَّرت عمل الخطباء الجائلين من مجرد عمل خطباء جائلين الى ذاك الذي لمشرفين جائلين ومروِّجين لخدمة الحقل بواسطة الجماعات.‏ وللتشديد على مسؤولياتهم الجديدة،‏ دُعُوا في السنة ١٩٢٨ مديري خدمة المناطق.‏ وقد عملوا مباشرة مع الاخوة المحليين،‏ مانحين اياهم الارشاد الشخصي في خدمة الحقل.‏ وفي ذلك الوقت كان ممكنا لهم الوصول الى كل جماعة في الولايات المتحدة وفي بعض البلدان الاخرى مرة كل سنة تقريبا،‏ فيما بقوا ايضا على اتصال بالافراد والفرق الصغيرة التي لم تكن قد نُظِّمت بعدُ للخدمة.‏

      وخلال السنوات التي تلت خضع عمل النظار الجائلين لتعديلات مختلفة.‏a وصار مكثَّفا الى حد كبير في السنة ١٩٣٨ عندما عُيِّن جميع الخدام في الجماعات ثيوقراطيا.‏ والزيارات للجماعات في فترات منتظمة خلال السنوات القليلة التالية قدَّمت الفرصة لتزويد التدريب الشخصي لكل من الخدام المعيَّنين وزادت المساعدة لكل فرد في خدمة الحقل.‏ وفي السنة ١٩٤٢،‏ قبل ارسال النظار الجائلين ثانية الى الجماعات،‏ مُنِحوا شيئا من التدريس المكثَّف؛‏ ونتيجة لذلك جرى انجاز عملهم بانتظام اكبر.‏ وكانت زياراتهم مختصرة (‏من يوم الى ثلاثة ايام،‏ وفقا لحجم الجماعة)‏.‏ وخلال هذا الوقت كانوا يفحصون سجلات الجماعة،‏ يجتمعون مع جميع الخدام لتقديم اية مشورة لازمة،‏ يلقون خطابا او اكثر على الجماعة،‏ ويأخذون القيادة في خدمة الحقل.‏ وفي السنة ١٩٤٦ جرى تطويل الزيارات الى اسبوع واحد لكل جماعة.‏

      وترتيب الزيارات للجماعات هذا أُلحقت به في السنة ١٩٣٨ خدمة خادم المنطقة في دور جديد.‏ فكان يغطِّي منطقة اوسع،‏ صارفا دوريا اسبوعا مع كلٍّ من الاخوة الذين يجولون في اقليم (‏دائرة)‏ لزيارة الجماعات.‏ وخلال زيارته كان يخدم في برنامج المحفل الذي تحضره الجماعات كلها في ذلك الاقليم.‏b وهذا الترتيب كان حافزا عظيما للاخوة وزوَّد فرصة قانونية لمعمودية التلاميذ الجدد.‏

      ‏«شخص يحبّ الخدمة»‏

      بين اولئك الذين اشتركوا في هذه الخدمة ابتداء من السنة ١٩٣٦ كان جون بوث،‏ الذي صار في السنة ١٩٧٤ عضوا في الهيئة الحاكمة.‏ وعند مقابلته كمشرف جائل محتمَل،‏ قيل له:‏ «ليس الخطباء الفصحاء ما يلزم،‏ بل شخص يحبّ الخدمة وسيأخذ القيادة فيها ويتحدث عن الخدمة في الاجتماعات.‏» لقد امتلك الاخ بوث هذه المحبة لخدمة يهوه،‏ كما تدل عليه خدمته الغيورة كفاتح منذ السنة ١٩٢٨،‏ وحرَّك في الآخرين الغيرة للتبشير بالمثال وكلمات التشجيع على حد سواء.‏

      كانت الجماعة الاولى التي زارها،‏ في آذار ١٩٣٦،‏ في ايستون،‏ پنسلڤانيا.‏ كتب لاحقا:‏ «كنت اصِل عادةً الى المكان في الوقت المحدَّد من اجل خدمة الحقل في الصباح،‏ اعقد اجتماعا مع خدام الفرقة في المساء الباكر واجتماعا آخر بعد ذلك مع كامل الفرقة.‏ وكنت اقضي عادةً مجرد يومين مع الفرقة ويوما واحدا فقط مع الفريق الاصغر،‏ وأحيانا كنت ازور ستا من امثال هذه الفرق الاصغر اسبوعيا.‏ فكنت على الدوام في حالة تنقّل.‏»‏

      وبعد سنتين،‏ في السنة ١٩٣٨،‏ جرى تعيينه،‏ كخادم منطقة،‏ للاعتناء بمحفل اقليمي (‏يُعرَف الآن بمحفل دائري)‏ كل اسبوع.‏ وهذه ساعدت على تقوية الاخوة في وقت اشتد فيه الاضطهاد في بعض المناطق.‏ واذ تذكَّر تلك الايام ومسؤولياته المتنوعة،‏ قال الاخ بوث:‏ «في الاسبوع نفسه [الذي كنت فيه شاهدا في دعوى قضائية تشمل نحو ٦٠ شاهدا في إنديانا پولِس،‏ إنديانا] كنت المدَّعى عليه في قضية اخرى في جولييت،‏ ايلينُوي،‏ ومحاميا عن اخ في قضية اخرى ايضا في ماديسون،‏ إنديانا،‏ واضافة الى ذلك،‏ كنت مسؤولا عن محفل اقليمي كل نهاية اسبوع.‏»‏

      بعد سنتين من احياء هذه المحافل الاقليمية في السنة ١٩٤٦ (‏الآن محافل دائرية)‏،‏ صار كاري باربر بين اولئك الذين عُيِّنوا كخدام كور.‏ وكان قد خدم كعضو في عائلة البتل في بروكلين،‏ نيويورك،‏ لمدة ٢٥ سنة.‏ وقد غطَّت كورته الاولى الجزء الغربي بكامله من الولايات المتحدة.‏ وفي البداية كان السفر بين المحافل نحو ٠٠٠‏,١ ميل ‏(‏٦٠٠‏,١ كلم)‏ كل اسبوع.‏ واذ ازداد عدد الجماعات وحجمها،‏ تقلَّصت تلك المسافات،‏ وصارت تُعقد غالبا محافل دائرية عديدة في منطقة مدينة واحدة وضواحيها.‏ وبعد ٢٩ سنة من الخبرة كناظر جائل،‏ دُعي الاخ باربر الى العودة الى المركز الرئيسي العالمي في السنة ١٩٧٧ كعضو في الهيئة الحاكمة.‏

      خلال اوقات الحرب والاضطهاد الشديد كثيرا ما كان النظار الجائلون يجازفون بحريتهم وحياتهم للاعتناء بخير اخوتهم الروحي.‏ وخلال زمن الاحتلال النازي لبلجيكا استمر اندريه وُزْنيك في زيارة الجماعات وساعد على تزويدها بالمطبوعات.‏ وكثيرا ما لاحقه الڠستاپو انما دون ان يفلحوا البتة في القبض عليه.‏

      وفي روديسيا (‏المعروفة الآن بزمبابوي)‏ في اواخر سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ عاش الناس في خوف،‏ وخفَّت حركة السفر خلال فترة من الحرب الداخلية.‏ لكنَّ النظار الجائلين لشهود يهوه،‏ بصفتهم رعاة ونظارا محبين،‏ اثبتوا انهم «كمخبإٍ من الريح» لاخوتهم.‏ (‏اشعياء ٣٢:‏٢‏)‏ وكان البعض يسيرون اياما عبر الادغال،‏ سالكين الجبال صعودا ونزولا،‏ مجتازين انهارا محفوفة بالمخاطر،‏ نائمين ليلا في العراء —‏ كل ذلك بغية الوصول الى الجماعات والناشرين المنعزلين لتشجيعهم على البقاء ثابتين في الايمان.‏ وكان بين هؤلاء اشعيا ماكوراي،‏ الذي نجا بصعوبة عندما ازَّت الرصاصات فوق رأسه خلال معركة بين جنود حكوميين و «مقاتلي الحرية.‏»‏

      خدم نظار جائلون آخرون سنوات عديدة الهيئة على اساس اممي.‏ فرؤساء جمعية برج المراقبة سافروا مرارا الى بلدان اخرى لمنح الانتباه للحاجات التنظيمية وإلقاء الخطابات في المحافل.‏ ومثل هذه الزيارات فعلت الشيء الكثير لابقاء شهود يهوه في كل مكان مدركين جيدا اخوَّتهم الاممية.‏ وقد انهمك الاخ نور بشكل خصوصي في هذا النشاط على اساس قانوني،‏ زائرا كل فرع وبيت ارسالي.‏ واذ نمت الهيئة،‏ قُسِم العالم الى عشرة اقاليم اممية،‏ وابتداء من ١ كانون الثاني ١٩٥٦،‏ شرع اخوة اكفاء،‏ تحت توجيه الرئيس،‏ في المساعدة في هذه الخدمة بحيث يمكن منحها انتباها قانونيا.‏ وهذه الزيارات الاقليمية،‏ التي تتواصل الآن تحت توجيه لجنة الخدمة في الهيئة الحاكمة،‏ تستمر في المساهمة في الوحدة العالمية النطاق وتقدُّم كامل الهيئة.‏

      وثمة تطوُّرات مهمة اخرى ايضا ساهمت في بنية الهيئة الحالية.‏

      تراصف ثيوقراطي اضافي

      في منتصف الحرب العالمية الثانية مات جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢،‏ وصار ناثان ه‍.‏ نور الرئيس الثالث لجمعية برج المراقبة.‏ وكانت الهيئة تحت ضغط شديد بسبب الحظر الذي فُرض على نشاطها في بلدان عديدة،‏ عنف الرعاع تحت ستار الوطنية،‏ واعتقال الشهود في اثناء توزيعهم مطبوعات الكتاب المقدس في خدمتهم العلنية.‏ فهل كان تغيُّر الادارة سيؤدي الى تباطؤ العمل في مثل هذا الوقت الحرج؟‏ تطلَّع الاخوة المعتنون بالمسائل الادارية الى يهوه طلبا لتوجيهه وبركته.‏ وانسجاما مع رغبتهم في الارشاد الالهي اعادوا فحص بنية الهيئة نفسها ليروا ما اذا كانت هنالك مجالات يمكن فيها التكيُّف بشكل ادقّ وفق طرائق يهوه.‏

      ثم،‏ في السنة ١٩٤٤،‏ عُقد محفل خدمة في پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا،‏ في ما يختص بالاجتماع السنوي لجمعية برج المراقبة.‏ وفي ٣٠ ايلول،‏ قبل ذلك الاجتماع السنوي،‏ أُلقيت سلسلة خطابات بالغة الاهمية حول ما تقوله الاسفار المقدسة عن هيئة خدام يهوه.‏c فجرى تركيز الانتباه على الهيئة الحاكمة.‏ وفي تلك المناسبة جرى التشديد على ان المبدأ الثيوقراطي يجب ان ينطبق على جميع الوكالات التي يستخدمها صف العبد الامين الحكيم.‏ وأُوضح ان المؤسسة الشرعية لم تكن تشمل جميع شعب اللّٰه «المكرَّس» كأعضاء.‏ وانما كانت تمثِّلهم فقط،‏ عاملةً كوكالة شرعية لاجلهم.‏ ولكن،‏ نظرا الى ان الجمعية هي وكيل النشر المستخدَم لتزويد شهود يهوه بالمطبوعات التي تحتوي على الانارة الروحية،‏ صارت الهيئة الحاكمة منطقيا وبحكم الضرورة مقترنة على نحو وثيق بالرسميين والمديرين في هذه الجمعية الشرعية.‏ فهل جرى تطبيق المبادئ الثيوقراطية كاملا في شؤونها؟‏

      عرض ميثاق الجمعية ترتيبا للمساهمين حيث كان كل مجموع تبرع من ١٠ دولارات اميركية يخوِّل المتبرع صوتا في ما يتعلق باختيار اعضاء مجلس المديرين والرسميين في الجمعية.‏ وربما بدا ان مثل هذه التبرعات تعطي الدليل على الاهتمام الاصيل بعمل الهيئة.‏ لكنَّ هذا الترتيب قدَّم المشاكل.‏ اوضح الاخ نور،‏ رئيس الجمعية:‏ «من تدابير ميثاق الجمعية يبدو ان الكينونة جزءا من الهيئة الحاكمة كانت تتوقف على التبرعات للجمعية الشرعية.‏ غير انه بحسب مشيئة اللّٰه لا يمكن ان يكون هذا الامر كذلك بين شعبه المختار الحقيقي.‏»‏

      صحيح ان تشارلز تاز رصل،‏ الشخص الرئيسي في الهيئة الحاكمة للسنين الـ‍ ٣٢ الاولى للجمعية،‏ كان المتبرع الاكبر للجمعية ماليا،‏ جسديا،‏ وعقليا.‏ لكنَّ التبرع المالي لم يكن ما قرَّر كيف يستخدمه الرب.‏ ان انتذاره الكامل،‏ غيرته التي لم تعرف الكلل،‏ موقفه غير المساير الى جانب ملكوت اللّٰه،‏ وولاءه وأمانته غير المنثلمة هي ما كانت تميِّزه في نظر اللّٰه بصفته ملائما للخدمة.‏ وفي ما يتعلق بالهيئة الثيوقراطية تنطبق القاعدة:‏ «وضع اللّٰه الاعضاء كل واحد منها في الجسد كما اراد.‏» (‏١ كورنثوس ١٢:‏١٨‏)‏ «ولكن،‏» اوضح الاخ نور،‏ «بما ان ميثاق الجمعية زوَّد ان توزَّع اسهم الاقتراع على المتبرعين بالاموال لعمل الجمعية،‏ ادَّى ذلك الى حجب او انتهاك هذا المبدإ الثيوقراطي في ما يتعلق بالهيئة الحاكمة؛‏ وأدَّى ايضا الى تعريضها للخطر او خلق العراقيل امامها.‏»‏

      وهكذا،‏ في اجتماع العمل لجميع المساهمين المقترعين في الجمعية في ٢ تشرين الاول ١٩٤٤،‏ جرى التصويت بالاجماع ان يُعدَّل ميثاق الجمعية ويكيَّف ليصير منسجما اكثر مع المبادئ الثيوقراطية.‏ فالعضوية لن تكون الآن غير محدودة العدد بل ستكون بين ٣٠٠ و ٥٠٠،‏ وسيكونون جميعهم رجالا يختارهم مجلس المديرين،‏ لا على اساس التبرعات المالية،‏ بل لأنهم شهود ناضجون،‏ نشاطى،‏ امناء ليهوه يخدمون كامل الوقت في عمل الهيئة او لأنهم خدام نشاطى في جماعات شهود يهوه.‏ وهؤلاء الاعضاء كانوا سينتخبون مجلس المديرين،‏ ومجلس المديرين كان سيختار بعد ذلك رسمييه.‏ وهذه الترتيبات الجديدة صارت نافذة المفعول في السنة التالية،‏ في ١ تشرين الاول ١٩٤٥.‏ وكم تبرهن ان ذلك حماية في عصر تلاعبت فيه تكرارا العناصر المعادية بالشؤون التجارية للسيطرة على المؤسسات ثم اعادة بنائها لتلائم غاياتهم الخاصة!‏

      ان بركة يهوه على هذه الخطى التقدُّمية الواسعة في التكيُّف وفق المبادئ الثيوقراطية كانت ظاهرة.‏ وعلى الرغم من الضغط الشديد الذي اتى على الهيئة خلال الحرب العالمية الثانية،‏ استمر عدد المنادين بالملكوت في النمو.‏ وبلا تراخٍ،‏ استمروا بنشاط في الشهادة عن ملكوت اللّٰه.‏ ومن السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٦،‏ كانت هنالك زيادة مذهلة من ١٥٧ في المئة في صفوف شهود يهوه،‏ وقد وصلوا بالبشارة الى ستة بلدان اضافية.‏ وخلال السنين الـ‍ ٢٥ التالية ازداد عدد الشهود النشاطى نحو ٨٠٠ في المئة اخرى،‏ وكانوا يقدِّمون تقريرا قانونيا عن النشاط في ٨٦ بلدا اضافيا.‏

      تدريب متخصص للنظار

      اعتبر بعض المراقبين من الخارج انه عندما تكبر الهيئة،‏ لا بد ان تصير مقاييسها اقل صرامة.‏ ولكن،‏ على الضد من ذلك،‏ سبق وأنبأ الكتاب المقدس بأن البر والسلام سيسودان بين خدام يهوه.‏ (‏اشعياء ٦٠:‏١٧‏)‏ وكان ذلك سيتطلب تعليما دقيقا ومستمرا في كلمة اللّٰه للنظار المسؤولين،‏ فهما واضحا لمقاييسه القضائية،‏ وتطبيقا ثابتا لهذه المقاييس.‏ ومثل هذا التعليم جرى تزويده.‏ فالدرس الشامل لمطالب اللّٰه البارة زُوِّد بشكل تدريجي في برج المراقبة،‏ وهذه المواد درستها بشكل نظامي كل جماعة لشهود يهوه حول العالم.‏ ولكن،‏ بالاضافة الى ذلك،‏ مُنِح نظار الرعية الكثير من الارشاد الاضافي.‏

      والنظار الرئيسيون لفروع الجمعية جُمعوا معا من اجل تدريب خصوصي في وقت المحافل الاممية.‏ ومن السنة ١٩٦١ حتى السنة ١٩٦٥،‏ أُديرت من اجلهم في نيويورك مقرَّرات دراسية مصمَّمة بشكل خصوصي،‏ طولها ثمانية الى عشرة اشهر.‏ ومن السنة ١٩٧٧ الى السنة ١٩٨٠ كانت هنالك من اجلهم سلسلة اخرى من المقرَّرات الخصوصية لخمسة اسابيع.‏ وشمل تدريبهم درسا لجميع اسفار الكتاب المقدس عددًا فعددًا اضافة الى التأمل في التفاصيل التنظيمية والطرائق لتعزيز الكرازة بالبشارة.‏ ولا توجد هنالك انقسامات قومية بين شهود يهوه.‏ وبصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه،‏ يلتصقون بمقاييس الكتاب المقدس السامية نفسها ويؤمنون ويعلِّمون بالامور نفسها.‏

      ونظار الدوائر والكور مُنحوا ايضا انتباها خصوصيا.‏ وكثيرون منهم حضروا مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس او احدى مدارسها الفرعية.‏ ودوريا،‏ يجتمعون ايضا في مكاتب فروع الجمعية،‏ او يجتمعون في اماكن ملائمة اخرى،‏ من اجل حلقات دراسية لبضعة ايام او اسبوع.‏

      وفي السنة ١٩٥٩ جرى العمل بتدبير بارز آخر.‏ وكان هذا مدرسة خدمة الملكوت التي يحضرها نظار الدوائر والكور وكذلك نظار الجماعات.‏ وقد بدأت كمقرَّر دراسي لشهر كامل.‏ وبعد استخدامها لسنة في الولايات المتحدة،‏ تُرجِمت مواد المقرَّر بلغات اخرى واستُخدمت تدريجيا حول الكرة الارضية.‏ وبما انه لم يكن ممكنا لجميع النظار ان يرتِّبوا ليكونوا بعيدين عن عملهم الدنيوي لشهر كامل،‏ جرى استخدام مقرَّر معدَّل لمدة اسبوعين ابتداء من السنة ١٩٦٦.‏

      لم تكن هذه المدرسة معهدا لاهوتيا يدرَّب فيه الرجال استعدادا لرسمهم.‏ فالذين حضروا كانوا خداما معيَّنين من قبل.‏ وكثيرون منهم كانوا نظارا ورعاة للرعية طوال عقود.‏ وكان مقرَّرهم الدراسي فرصة ليناقشوا بالتفصيل الارشادات من كلمة اللّٰه في ما يتعلق بعملهم.‏ وقد جرى التشديد الى حد كبير على اهمية خدمة الحقل وكيفية القيام بها بفعَّالية.‏ وبسبب المقاييس الادبية المتغيِّرة في العالم،‏ خُصِّص ايضا وقت ليس بقليل لمناقشة تأييد المقاييس الادبية في الكتاب المقدس.‏ وهذا المقرَّر تبعته مؤخرا حلقات دراسية كل سنتين او ثلاث سنوات،‏ وكذلك اجتماعات مساعدة يديرها النظار الجائلون مع الشيوخ المحليين عدة مرات كل سنة.‏ وهذه تتيح الفرصة لمنح انتباه خصوصي للحاجات الحالية.‏ وهي اجراء وقائي من ايّ انحراف عن مقاييس الكتاب المقدس،‏ وتساهم في معالجة متناسقة للحالات في كل الجماعات.‏

      يصغي شهود يهوه الى النصح الوارد في ١ كورنثوس ١:‏١٠‏:‏ «اطلب اليكم ايها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تقولوا جميعكم قولا واحدا ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد.‏» وهذا ليس انسجاما قسريا؛‏ فهو ينجم عن التعليم في طرق اللّٰه كما هو مسجل في الكتاب المقدس.‏ وشهود يهوه يبتهجون بطرق اللّٰه وقصده.‏ واذا لم يعد ايٌّ منهم يجد المسرة في العيش بموجب مقاييس الكتاب المقدس،‏ فهو حرّ ان يترك الهيئة.‏ أما اذا ابتدأ احد يكرز بمعتقدات اخرى او يتجاهل آداب الكتاب المقدس فان النظار يتخذون الاجراء لحماية الرعية.‏ والهيئة تطبق مشورة الكتاب المقدس:‏ «لاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلمتموه وأَعرضوا عنهم.‏» —‏ رومية ١٦:‏١٧؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏​٩-‏١٣‏.‏

      سبق وأنبأ الكتاب المقدس بأن اللّٰه سيعمل على ايجاد مثل هذا الجو بين خدامه،‏ جو يسود فيه البر ويُنتج ثمرا سلميا.‏ (‏اشعياء ٣٢:‏​١،‏ ٢،‏ ١٧،‏ ١٨‏)‏ وهذه الاحوال تروق بشدة الناس الذين يحبون ما هو صواب.‏

      وكم شخصا من محبي البر هؤلاء سيُجمعون قبل نهاية النظام القديم؟‏ شهود يهوه لا يعرفون.‏ لكنَّ يهوه يعرف ما يتطلَّبه عمله،‏ وفي وقته الخاص وبطريقته الخاصة يتأكد ان تكون هيئته مجهَّزة للاعتناء به.‏

      الإعداد للنمو السريع

      عند القيام بالبحث تحت اشراف الهيئة الحاكمة في اعداد العمل المرجعي Aid to Bible Understanding (‏مساعد على فهم الكتاب المقدس‏)‏،‏ وُجِّه الانتباه مرة اخرى الى الطريقة التي نُظِّمت بها الجماعة المسيحية للقرن الاول.‏ فجرى القيام بدرس دقيق لتعابير الكتاب المقدس مثل «شيخ،‏» «ناظر،‏» و «خادم.‏» فهل يمكن للهيئة العصرية لشهود يهوه ان تتكيَّف بشكل اكمل وفق النموذج المحفوظ في الاسفار المقدسة كدليل؟‏

      كان خدام يهوه مصمِّمين على الاستمرار في الاذعان للتوجيه الالهي.‏ وفي سلسلة من المحافل التي عُقدت في السنة ١٩٧١ لُفت الانتباه الى الترتيبات التي سادت الجماعة المسيحية الاولى.‏ وجرت الاشارة الى ان التعبير پرسبيتيروس (‏شيخ)‏ كما هو مستعمل في الكتاب المقدس لم يكن مقتصرا على الاشخاص الاكبر سنا،‏ ولا طُبِّق على جميع الناضجين روحيا في الجماعات.‏ لقد استُعمِل خصوصا بمعنى رسمي في ما يتعلق بنظار الجماعات.‏ (‏اعمال ١١:‏٣٠؛‏ ١ تيموثاوس ٥:‏١٧؛‏ ١ بطرس ٥:‏​١-‏٣‏)‏ وقد نال هؤلاء مراكزهم بالتعيين،‏ انسجاما مع المطالب التي صارت جزءا من الاسفار الموحى بها.‏ (‏اعمال ١٤:‏٢٣؛‏ ١ تيموثاوس ٣:‏​١-‏٧؛‏ تيطس ١:‏​٥-‏٩‏)‏ وحيثما توافر عدد كافٍ من الرجال الاكفاء،‏ كان هنالك اكثر من شيخ واحد في الجماعة.‏ (‏اعمال ٢٠:‏١٧؛‏ فيلبي ١:‏١‏)‏ وهؤلاء ألَّفوا «هيئة الشيوخ،‏» الذين كانت لجميعهم المرتبة الرسمية نفسها،‏ ولا احد منهم كان العضو الابرز او الاقوى في الجماعة.‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ وجرى الايضاح انه،‏ لمساعدة الشيوخ،‏ كان هنالك ايضا ‹خدام مساعدون› معيَّنون،‏ وفقا للمطالب التي عرضها الرسول بولس.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٣:‏​٨-‏١٠،‏ ١٢،‏ ١٣‏،‏ ع‌ج‏.‏

      وسرعان ما وُضعت الترتيبات موضع العمل لجعل الهيئة على انسجام اوثق مع نموذج الكتاب المقدس هذا.‏ وجرت هذه ابتداء من الهيئة الحاكمة نفسها.‏ فوُسِّعت عضويتها الى ما فوق السبعة الذين،‏ بصفتهم اعضاء مجلس المديرين لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا،‏ كانوا يخدمون كهيئة حاكمة لشهود يهوه.‏ ولم يحدَّد عدد ثابت لاعضاء الهيئة الحاكمة.‏ ففي السنة ١٩٧١ كان هنالك ١١؛‏ ولعدة سنين كان هنالك ١٨؛‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ١٢.‏ وجميعهم رجال ممسوحون من اللّٰه كوارثين مع يسوع المسيح.‏ والـ‍ ١٢ الذين يخدمون كأعضاء في الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٩٢ كان لديهم في ما بينهم آنذاك سجل يزيد على ٧٢٨ سنة من الخدمة كامل الوقت كخدام ليهوه اللّٰه.‏

      وتَقَرَّر في ٦ ايلول ١٩٧١ ان مركز العريف في اجتماعات الهيئة الحاكمة يجب تناوبه سنويا بحسب الترتيب الابجدي لاسم عائلة اعضائها.‏ وصار ذلك فعلا ساري المفعول في ١ تشرين الاول.‏ وأعضاء الهيئة الحاكمة ايضا،‏ على اساس اسبوعي،‏ تناوبوا الاشراف على العبادة الصباحية ودرس برج المراقبة لاعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي.‏d وهذا الترتيب صار ساري المفعول في ١٣ ايلول ١٩٧١ عندما قاد فردريك و.‏ فرانز برنامج العبادة الصباحية في المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين،‏ نيويورك.‏

      وخلال السنة التالية،‏ جرى الاعداد للتعديلات في الاشراف على الجماعات.‏ فلن يكون هنالك في ما بعد مجرد خادم جماعة واحد يعاونه عدد معيَّن من الخدام الآخرين.‏ فالرجال الاكفاء بحسب الاسفار المقدسة كانوا سيعيَّنون ليخدموا كشيوخ.‏ والآخرون،‏ الذين يبلغون مطالب الكتاب المقدس،‏ كانوا سيعيَّنون ليكونوا خداما مساعدين.‏ وهذا فتح الطريق لعدد اكبر كي يشتركوا في مسؤوليات الجماعة ويحرزوا بالتالي خبرة قيِّمة.‏ ولا احد من شهود يهوه كانت لديه اية فكرة آنذاك بأن عدد الجماعات سيزيد ١٥٦ في المئة خلال الـ‍ ٢١ سنة التالية،‏ بالغا ما مجموعه ٥٥٨‏,٦٩ في السنة ١٩٩٢.‏ لكنَّ رأس الجماعة،‏ الرب يسوع المسيح،‏ كان بشكل واضح يعدّ لما سيأتي.‏

      وفي اوائل سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ مُنح تفكير دقيق لاعادة تنظيم الهيئة الحاكمة الى حد ابعد.‏ فمنذ تأسيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٨٨٤،‏ كان يُعنَى بنشر المطبوعات،‏ الاشراف على عمل التبشير العالمي النطاق،‏ والترتيبات للمدارس والمحافل تحت توجيه مكتب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ ولكن بعد التحليل الدقيق ومناقشة التفاصيل خلال فترة من عدة اشهر،‏ جرى تبنّي ترتيب جديد بالاجماع في ٤ كانون الاول ١٩٧٥.‏ فتشكَّلت ست لجان في الهيئة الحاكمة.‏

      لجنة العريف (‏المؤلَّفة من العريف الحالي للهيئة الحاكمة،‏ العريف السابق،‏ والعريف التالي)‏ تتسلَّم التقارير عن الحالات الطارئة الرئيسية،‏ الكوارث،‏ وحملات الاضطهاد،‏ وتتأكد من معالجتها بسرعة مع الهيئة الحاكمة.‏ لجنة الكتابة تشرف على وضع الطعام الروحي بشكل مكتوب،‏ مسموع،‏ ومرئي لشهود يهوه وللتوزيع على العموم،‏ وتشرف على عمل الترجمة بمئات اللغات.‏ ومسؤولية لجنة التعليم هي الاشراف على المدارس والمحافل الدائرية،‏ وكذلك المحافل الكورية والاممية،‏ لشعب يهوه،‏ فضلا عن ارشاد عائلة البتل وتحضير موجز المواد التي ستُستعمل لمثل هذه المقاصد.‏ وتشرف لجنة الخدمة على كل مجالات عمل التبشير،‏ بما في ذلك نشاط الجماعات والنظار الجائلين.‏ أما الطبع،‏ النشر،‏ وشحن المطبوعات اضافة الى سير عمل المصانع ومعالجة الشؤون القانونية وشؤون العمل فتشرف عليها كلها لجنة النشر.‏ و لجنة المستخدَمين تشرف على ترتيبات المساعدة الشخصية والروحية لاعضاء عائلات البتل وهي مسؤولة عن دعوة الاعضاء الجدد الى الخدمة في عائلات البتل حول العالم.‏

      وتُعيَّن لجان مساعِدة اضافية للاشراف على المصانع،‏ بيوت ايل،‏ والمزارع المقترنة بالمركز الرئيسي العالمي.‏ وفي هذه اللجان تقوم الهيئة الحاكمة باستخدام وافر لقدرات اعضاء من ‹الجمع الكثير.‏› —‏ رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٥‏.‏

      أُجريت ايضا تعديلات في الاشراف على فروع الجمعية.‏ فمنذ ١ شباط ١٩٧٦ تشرف على كل فرع لجنة من ثلاثة اعضاء او اكثر،‏ اذ يتوقف ذلك على حاجات وحجم الفرع.‏ وهؤلاء يعملون تحت توجيه الهيئة الحاكمة في الاعتناء بعمل الملكوت في منطقتهم.‏

      وفي السنة ١٩٩٢ زُوِّدت مساعدة اضافية للهيئة الحاكمة عندما عُيِّن عدد من المعاونين،‏ من بين الجمع الكثير بصورة رئيسية،‏ للاشتراك في اجتماعات وعمل لجان الكتابة،‏ التعليم،‏ الخدمة،‏ النشر،‏ والمستخدَمين.‏e

      لقد اثبت توزيع المسؤولية هذا انه نافع جدا.‏ ومع التعديلات التي أُجريت سابقا في الجماعات،‏ ساعد ذلك على ازالة اية عقبة من الطريق قد تُحوِّل الافراد عن التقدير ان المسيح هو رأس الجماعة.‏ وثبت انه من المفيد الى ابعد حد ان يتشاور عدد من الاخوة في مسائل تؤثر في عمل الملكوت.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ مكَّنت اعادة التنظيم هذه من تزويد الاشراف اللازم في المجالات العديدة حيث توجد حاجة ملحة في عصر يشهد نمو الهيئة بنسب سريعة حقا.‏ ومنذ زمن بعيد سبق وأنبأ يهوه بواسطة النبي اشعياء:‏ «الصغير يصير ألفا والحقير امة قوية.‏ انا (‏يهوه)‏ في وقته اسرع به.‏» (‏اشعياء ٦٠:‏٢٢‏)‏ وهو لم يسرع به فحسب بل زوَّد ايضا التوجيه اللازم لتتمكن هيئته المنظورة من الاعتناء بذلك.‏

      ان الاهتمام المباشر لشهود يهوه هو بالعمل الذي اعطاهم اياه يهوه للقيام به خلال هذه الايام الاخيرة للعالم القديم،‏ وهم منظَّمون جيدا لانجازه.‏ ويرى شهود يهوه الدليل الجلي على ان هذه الهيئة ليست لبشر بل للّٰه وأن ابن اللّٰه نفسه،‏ يسوع المسيح،‏ يوجِّهها.‏ وكملك حاكم،‏ سيحمي يسوع رعاياه الامناء عبر الضيق العظيم القادم ويتأكد انهم منظَّمون بشكل فعَّال لانجاز مشيئة اللّٰه خلال العصر الالفي المقبل.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في السنة ١٨٩٤ رتَّب الاخ رصل ان ترسل جمعية برج مراقبة زيون للكراريس اخوة اكفاء كخطباء.‏ وقد أُعطيت لهم شهادات موقَّعة لاستخدامها في تعريف الفرق المحلية بأنفسهم.‏ وهذه الشهادات لم تمنح السلطة للكرازة او تدلّ ان ما يقوله حاملها يجب قبوله دون فحص لائق على ضوء كلمة اللّٰه.‏ ولكن بما ان بعض الاشخاص اساءوا تفسير القصد منها،‏ استردّ الاخ رصل الشهادات في غضون سنة.‏ وسعى بحذر الى تجنُّب ايّ شيء يمكن ان يفسّره الملاحظون بأنه حتى مظهر صف رجال دين.‏

      b برج مراقبة زيون،‏ تشرين الاول-‏تشرين الثاني ١٨٨١،‏ ص ٨،‏ ٩ (‏بالانكليزية)‏.‏

      c احيانا كانت تجري الاشارة الى الفرق المحلية بصفتها «كنائس،‏» انسجاما مع اللغة المستعملة في ترجمة الملك جيمس.‏ وكانت تُدعى ايضا اكليزياس،‏ بحسب الاصطلاح المستعمل في النص اليوناني للكتاب المقدس.‏ والتعبير «صفوف» استُخدم كذلك لانها كانت في الواقع هيئات من التلاميذ يجتمعون قانونيا للدرس.‏ وفي ما بعد عندما دُعوا فِرقا،‏ كان ذلك انعكاسا لادراكهم انهم في حرب روحية.‏ (‏انظروا المزمور ٦٨:‏١١‏،‏ م‌ج،‏ الحاشية.‏)‏ وبعد نشر ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية في السنة ١٩٥٠،‏ ابتدأ استعمال تعبير الكتاب المقدس العصري «جماعة» قانونيا في معظم البلدان.‏

      d ان المعنى الحرفي للكلمة المستعملة في نص الكتاب المقدس اليوناني (‏خِيروتونِيو‏)‏ هو «ان يمدّ،‏ يبسط،‏ او يرفع اليد،‏» وبشكل موسَّع يمكن ان تعني ايضا «ان ينتخب او يختار لمنصب برفع الايدي.‏» —‏ المعجم اليوناني والانكليزي للعهد الجديد،‏ لواضعه جون پاركهرست،‏ ١٨٤٥،‏ ص ٦٧٣.‏

      e من اجل التفاصيل،‏ انظروا الفصل ٢٥،‏ «الكرازة جهرا ومن بيت الى بيت.‏»‏

      f بواسطة مدير الخدمة،‏ كانت تقارير خدمة الحقل لاولئك المقترنين بالجماعة،‏ او الصف،‏ سترسَل الى الجمعية اسبوعيا،‏ ابتداء من السنة ١٩١٩.‏

      g كما هو مذكور في ملف طريقة التنظيم،‏ كان على كل جماعة ان تنتخب مديرا مساعدا وحافظا للمخزون.‏ وهذان،‏ الى جانب المدير المعيَّن من الجمعية،‏ كانوا يشكلون لجنة الخدمة المحلية.‏

      h برج المراقبة،‏ ١ تموز ١٩٢٠،‏ ص ١٩٥-‏٢٠٠ (‏بالانكليزية)‏.‏

      i شملت لجنة الخدمة في ذلك الوقت ليس اكثر من عشرة اعضاء.‏ وكان احدهم مدير الخدمة،‏ الذي لم يكن يُنتَخب محليا بل كانت تعيِّنه الجمعية.‏ وكان الآخرون يعملون معه لترتيب ومواصلة عمل الشهادة.‏

      j لعدد من السنين،‏ من السنة ١٩٣٢ فصاعدا،‏ جرت الاشارة الى هؤلاء باليونادابيين.‏

      k عندما يُعرَّف الفعل اليوناني خِيروتونِيو بأنه يعني فقط ‹ينتخب بمدّ اليد،‏› لا يأخذ ذلك في الاعتبار المعنى اللاحق للكلمة.‏ وهكذا فان المعجم اليوناني‏-‏الانكليزي،‏ بواسطة ليدِل و سكوت،‏ الذي اعدَّه للنشر جونز وماكينزي وأُعيد طبعه في السنة ١٩٦٨،‏ يعرِّف الكلمة بأنها تعني «‏يمدّ اليد،‏ بقصد اعطاء المرء صوته في الاجتماع .‏ .‏ .‏ ٢-‏ مع مفعول به،‏ ينتخب،‏ على نحو دقيق برفع الايدي .‏ .‏ .‏ ب-‏ لاحقا،‏ بشكل عام،‏ يعيِّن،‏ .‏ .‏ .‏ يعيِّن في منصب في الكنيسة،‏ [‏پرسبيتيروس‏] اعمال الرسل ١٤:‏٢٣.‏» وهذا الاستعمال الاخير كان شائعا في ايام الرسل؛‏ واستُعمل الاصطلاح بهذا المعنى من قبل يوسيفوس المؤرخ اليهودي للقرن الاول في العاديات اليهودية،‏ المجلد ٦،‏ الفصل ٤،‏ الفقرة ٢،‏ والفصل ١٣،‏ الفقرة ٩.‏ والتركيب النحوي نفسه للاعمال ١٤:‏٢٣ في اليونانية الاصلية يُظهر ان بولس وبرنابا هما الشخصان اللذان فعلا ما هو موصوف هنا.‏

      l في وقت لاحق من السنة نفسها،‏ ١٩٣٨،‏ اعطت ارشادات الهيئة،‏ التي صدرت كنشرة من اربع صفحات،‏ تفاصيل اضافية.‏ فأوضحت ان الجماعة المحلية يجب ان تعيِّن لجنة لتعمل بالنيابة عنها.‏ ويجب على هذه اللجنة ان تفكِّر في الاخوة على ضوء المؤهلات المبيَّنة في الاسفار المقدسة وتقدِّم التوصيات للجمعية.‏ وعندما يزور الجماعات ممثِّلون جائلون للجمعية،‏ كانوا يراجعون مؤهلات الاخوة المحليين وأمانتهم في الاعتناء بتعييناتهم.‏ وكانت الجمعية تأخذ ايضا توصياتهم بعين الاعتبار عند اجرائها التعيينات.‏

      a من السنة ١٨٩٤ الى السنة ١٩٢٧ كان الخطباء الجائلون الذين ترسلهم الجمعية معروفين اولا بممثِّلي جمعية البرج للكراريس،‏ ثم بالخطباء الجائلين.‏ ومن السنة ١٩٢٨ الى السنة ١٩٣٦،‏ بتشديد متزايد على خدمة الحقل،‏ دُعُوا مديري خدمة المناطق.‏ وابتداء من تموز ١٩٣٦،‏ للتشديد على علاقتهم اللائقة بالاخوة المحليين،‏ صاروا معروفين بـ‍ خدام المناطق.‏ ومن السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤١ جرى تعيين خدام اقاليم للعمل مع عدد محدود من الجماعات على اساس دوري،‏ عائدين بالتالي الى الفرق نفسها في فترات منتظمة.‏ وبعد انقطاع لنحو سنة،‏ جرى احياء هذه الخدمة في السنة ١٩٤٢ بخدام للاخوة.‏ وفي السنة ١٩٤٨ جرى تبنِّي الاصطلاح خادم دائرة؛‏ والآن ناظر دائرة.‏

      ومن السنة ١٩٣٨ حتى السنة ١٩٤١ قام خدام المناطق،‏ في دور جديد،‏ بخدمة المحافل المحلية قانونيا،‏ حيث كان الشهود من منطقة (‏اقليم)‏ محدودة يجتمعون من اجل برنامج خصوصي.‏ وعندما جرى احياء هذا العمل في السنة ١٩٤٦،‏ صار هؤلاء النظار الجائلون معروفين بخدام كور؛‏ والآن،‏ نظار كور.‏

      b صار هذا الترتيب نافذ المفعول في ١ تشرين الاول ١٩٣٨.‏ وكانت هنالك صعوبة متزايدة في الترتيب للمحافل خلال سنوات الحرب،‏ ولذلك عُلِّقت المحافل الاقليمية في اواخر السنة ١٩٤١.‏ ولكن مرة اخرى،‏ في السنة ١٩٤٦،‏ جرى تجديد الترتيب،‏ والمناسبات التي كان يجتمع فيها عدد من الجماعات معا من اجل الارشاد الخصوصي دُعيت محافل دائرية.‏

      c توجد مواد هذه الخطابات في عددي ١٥ تشرين الاول و ١ تشرين الثاني ١٩٤٤ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏

      d في وقت لاحق،‏ اختاروا اعضاء آخرين من عائلة البتل للاشتراك في الاعتناء بهذه التعيينات.‏

      e برج المراقبة،‏ ١٥ نيسان ١٩٩٢،‏ ص ٧-‏١٧،‏ ٣١‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٠٤]‏

      لا مكان لصف رجال دين بينهم

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٠٥]‏

      لم يحاولوا تأسيس «هيئة ارضية»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٠٦]‏

      كيف كان يجري اختيار الشيوخ؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢١٢]‏

      مدير تعيِّنه الجمعية

      ‏[النبذة في الصفحة ٢١٣]‏

      بعض الشيوخ لم يريدوا ان يكرزوا خارج الجماعة

      ‏[النبذة في الصفحة ٢١٤]‏

      نقص في عدد المقترنين بالجماعة ولكن تقوية للهيئة

      ‏[النبذة في الصفحة ٢١٨]‏

      كيف كانت ستُجرَى التعيينات؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٢٠]‏

      هل كان رذرفورد يحاول ان يكسب سيطرة اعظم؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٢٢]‏

      البقاء على اتصال بالفرق المؤلَّفة من شخصين وثلاثة اشخاص وكذلك الفرق الاكبر

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٢٣]‏

      مسؤوليات جديدة للنظار الجائلين

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٣٤]‏

      هيئة حاكمة موسَّعة مع تناوب مركز العريف

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٣٥]‏

      الاشراف اللازم خلال عصر النمو السريع

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٠٧]‏

      لماذا التغيير؟‏

      عندما سُئل عن تغيير رأيه في اختيار الشيوخ في مختلف فرق شعب الرب اجاب ت.‏ ت.‏ رصل:‏

      «اولا ابادر الى التأكيد لكم انني لم ادَّعِ قط العصمة من الخطإ.‏ .‏ .‏ .‏ ونحن لا ننكر النمو في المعرفة،‏ وأننا نرى الآن في ضوء مختلف قليلا مشيئة الرب في ما يختص بالشيوخ او القادة في مختلف فرق شعبه الصغيرة.‏ وغلطتنا في الرأي كانت في توقع الكثير جدا من الاخوة الاعزاء الذين،‏ اذ اتوا باكرا الى الحق،‏ صاروا القادة الطبيعيين لهذه الفرق الصغيرة.‏ وكانت النظرة المثالية اليهم التي اتخذناها باعزاز هي ان معرفة الحق ستؤثر فيهم تأثيرا يتسم بالتواضع الشديد،‏ جاعلة اياهم يقدِّرون عدم اهميتهم،‏ وأن كل ما يعرفونه ويتمكنون من عرضه للآخرين كان بوصفهم ناطقين بلسان اللّٰه ولأنه يستخدمهم.‏ وكانت آمالنا المثالية ان يصير هؤلاء امثلة للرعية بكل معنى الكلمة؛‏ وأنه في حال جلبت عناية الرب الى الفرقة الصغيرة واحدا او اكثر من الاخوة ذوي الكفاءة المساوية،‏ او الاكثر كفاءة،‏ لعرض الحق،‏ ان تقودهم روح المحبة الى اعتبار احدهم الآخر،‏ وبالتالي مساعدة وحثّ احدهم الآخر على الاشتراك في خدمة الكنيسة،‏ جسد المسيح.‏

      «واذ كنا نفكِّر هكذا،‏ استنتجنا ان النصيب الاكبر من النعمة والحق الذي حان وقته الآن والذي يقدِّره شعب الرب المكرَّس كان سيجعله غير ضروري ان يتَّبعوا المسلك الذي رسمه الرسل في الكنيسة الباكرة.‏ وغلطنا كان في الفشل في الادراك ان الترتيبات التي ذكرها الرسل تحت الاشراف الالهي هي اسمى من ايّ شيء يمكن ان يستنبطه الآخرون،‏ وأن الكنيسة ككل ستحتاج الى حيازة القوانين التي اسسها الرسل،‏ الى الوقت الذي فيه،‏ بتغيُّرنا في القيامة،‏ سنتمَّم ونكمَّل ونكون مباشرة مع السيد.‏

      «وغلطنا اتضح لنا تدريجيا،‏ اذ رأينا بين اخوتنا الاعزاء روح التنافس الى حد ما،‏ ومن جهة الكثيرين رغبة في تولِّي قيادة الاجتماعات كمنصب عوضا عن خدمة،‏ وفي استثناء واعاقة الاخوة الآخرين عن النمو كقادة،‏ الاخوة ذوي المقدرة المساوية طبيعيا والمعرفة المساوية للحق والكفاءة في استخدام سيف الروح بمهارة.‏» —‏ «برج مراقبة زيون،‏» ١٥ آذار ١٩٠٦،‏ ص ٩٠ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٠٨ و ٢٠٩]‏

      التسهيلات التي استخدمتها الجمعية قبل قرن في منطقة پيتسبورڠ

      بيت الكتاب المقدس،‏ الظاهر هنا،‏ خدم بصفته المركز الرئيسي طوال ١٩ سنة،‏ من السنة ١٨٩٠ الى السنة ١٩٠٩ f

      الاخ رصل كان يقوم بدرسه هنا

      اعضاء عائلة بيت الكتاب المقدس الذين خدموا هنا في السنة ١٩٠٢

      شمل المبنى هذا القسم لتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني (‏اعلى اليمين)‏،‏ قسم الشحن (‏اسفل اليمين)‏،‏ مخزن المطبوعات،‏ مساكن للمستخدَمين،‏ ومكانا للعبادة (‏قاعة اجتماع)‏ يتسع لنحو ٣٠٠

      ‏[الحاشية]‏

      f في السنة ١٨٧٩ كان المركز الرئيسي في ١٠١ الجادة الخامسة،‏ پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا.‏ ونُقلت المكاتب الى ٤٤ شارع فيديرال،‏ ألليڠيني (‏الجهة الشمالية من پيتسبورڠ)‏،‏ في السنة ١٨٨٤؛‏ ولاحقا في السنة نفسها،‏ الى ٤٠ شارع فيديرال.‏ (‏في السنة ١٨٨٧،‏ سُمِّي هذا ١٥١ شارع روبنسون.‏)‏ وعندما لزمت فسحة اضافية،‏ في السنة ١٨٨٩،‏ بنى الاخ رصل بيت الكتاب المقدس،‏ الظاهر الى اليسار،‏ في ٥٦-‏٦٠ شارع آرْك،‏ ألليڠيني.‏ (‏أُعيد ترقيم هذا لاحقا ٦١٠-‏٦١٤ شارع آرْك.‏)‏ ولفترة قصيرة في السنة ١٩١٨-‏١٩١٩،‏ كان مكتبهم الرئيسي مرة اخرى في پيتسبورڠ،‏ في الطابق الثالث في ١١٩ شارع فيديرال.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢١١]‏

      عمل مَن هو؟‏

      نحو نهاية خدمته الارضية،‏ كتب تشارلز تاز رصل:‏ «كثيرا ما ينسى شعب اللّٰه ان الرب نفسه هو على رأس عمله.‏ وكثيرا ما تكون الفكرة،‏ سنقوم بعمل ونجعل اللّٰه يعمل معنا في عملنا.‏ دعونا نرى وجهة النظر الصائبة من المسألة،‏ ونفهم ان اللّٰه قصد عملا عظيما وهو ينجزه؛‏ وأن العمل سينجح،‏ بصرف النظر كليا عنا وعن جهودنا؛‏ وأنه امتياز عظيم ممنوح لشعب اللّٰه ان يعملوا مع صانعهم في انجاز مقاصده،‏ تصاميمه،‏ ترتيباته،‏ بطريقته.‏ واذ ننظر الى الامور من وجهة النظر هذه،‏ يجب ان تكون صلاتنا ومراقبتنا بهدف معرفة وفعل مشيئة الرب،‏ مكتفين بأيّ دور يُعطَى لنا لاتمامه،‏ لأن الهنا هو الذي يقودنا.‏ وهذا هو البرنامج الذي سعت الى اتِّباعه جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏» —‏ «برج المراقبة،‏» ١ ايار ١٩١٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢١٥]‏

      اسئلة V.‎D.‎M.‎

      ان الاحرف .‏V.D.M تمثِّل الكلمات اللاتينية “،‏ Verbi Dei Minister” او خادم الكلمة الالهية.‏

      في السنة ١٩١٦ اعدَّت الجمعية قائمة بأسئلة حول مسائل من الاسفار المقدسة.‏ وطُلب من اولئك الذين كانوا سيمثِّلون الجمعية كخطباء ان يجيبوا عن كلٍّ من الاسئلة كتابيا.‏ وهذا مكَّن الجمعية من معرفة افكار،‏ آراء،‏ وفهم هؤلاء الاخوة في ما يختص بحقائق الكتاب المقدس الاساسية.‏ وكانت هيئة فاحصة في مكاتب الجمعية تفحص بدقة الاجوبة المكتوبة.‏ والذين يُعتَرف بهم كخطباء اكفاء كان يجب ان ينالوا علامة ٨٥ في المئة او اكثر.‏

      وفي ما بعد سأل كثيرون من الشيوخ،‏ الشمامسة،‏ وتلاميذ الكتاب المقدس الآخرين عما اذا كان بامكانهم الحصول على قائمة الاسئلة.‏ وفي حينه،‏ ذُكر انه من المفيد ان تختار الصفوف كممثِّلين لها الاشخاص الذين تأهلوا فقط بصفتهم V.‎D.‎M.‏

      وعندما كانت الجمعية تمنح درجة خادم الكلمة الالهية،‏ لم يكن ذلك يعني ان الفرد قد عُيِّن.‏ فكان ذلك يدلّ ان الهيئة الفاحصة في مكاتب الجمعية قد راجعت التطوُّر العقائدي للشخص،‏ والى حد معقول سمعته،‏ واستنتجت انه اهل لأن يُدعى خادم الكلمة الالهية.‏

      اسئلة الـ‍ V.‎D.‎M هي كما يلي:‏

      (‏١)‏ ماذا كان عمل اللّٰه الخلقي الاول؟‏

      (‏٢)‏ ما هو معنى الكلمة «لوغوس،‏» كما تقترن بابن اللّٰه؟‏ وإلى ماذا تشير الكلمتان الآب والابن؟‏

      (‏٣)‏ متى وكيف دخلت الخطية الى العالم؟‏

      (‏٤)‏ ما هو العقاب الالهي للخطاة على الخطية؟‏ ومَن هم الخطاة؟‏

      (‏٥)‏ لماذا كان ضروريا ان يصير «لوغوس» جسدا؟‏ وهل «تجسَّد»؟‏

      (‏٦)‏ من اية طبيعة كان الانسان المسيح يسوع من الطفولية الى الموت؟‏

      (‏٧)‏ من اية طبيعة هو يسوع منذ القيامة؛‏ وما هي علاقته الرسمية بيهوه؟‏

      (‏٨)‏ ما هو عمل يسوع خلال عصر الانجيل هذا —‏ خلال الفترة الممتدة من يوم الخمسين حتى الوقت الحاضر؟‏

      (‏٩)‏ ماذا فعل يهوه اللّٰه حتى الآن لعالم الجنس البشري؟‏ وماذا فعل يسوع؟‏

      (‏١٠)‏ ما هو القصد الالهي في ما يتعلق بالكنيسة عند اتمامه؟‏

      (‏١١)‏ ما هو القصد الالهي في ما يتعلق بعالم الجنس البشري؟‏

      (‏١٢)‏ ماذا سيكون مصير الذين لا سبيل الى تقويمهم اخيرا؟‏

      (‏١٣)‏ ماذا ستكون المكافأة او البركات التي ستأتي الى عالم الجنس البشري بسبب الطاعة لملكوت المسيَّا؟‏

      (‏١٤)‏ بأية خطوات يمكن للخاطئ ان يأتي الى علاقة حيوية بالمسيح وبالآب السماوي؟‏

      (‏١٥)‏ بعد ان يولَد المسيحي من الروح القدس،‏ ما هو مسلكه،‏ حسب الارشاد في كلمة اللّٰه؟‏

      (‏١٦)‏ هل تحوَّلتَ عن الخطية لتخدم الاله الحي؟‏

      (‏١٧)‏ هل كرَّستَ كاملا حياتك وكل قواك ومواهبك للرب ولخدمته؟‏

      (‏١٨)‏ هل رمزتَ الى هذا التكريس بالتغطيس في الماء؟‏

      (‏١٩)‏ هل تبنَّيتَ نذر جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في ما يختص بقداسة الحياة؟‏

      (‏٢٠)‏ هل قرأتَ بشكل شامل ودقيق المجلدات الستة من دروس في الاسفار المقدسة؟‏

      (‏٢١)‏ هل استمددتَ الكثير من الاستنارة والفائدة منها؟‏

      (‏٢٢)‏ هل تعتقد انك تملك معرفة جوهرية ودائمة من الكتاب المقدس ستجعلك اكثر فعَّالية كخادم للرب طيلة ما تبقَّى من حياتك؟‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢١٦ و ٢١٧]‏

      المباني التي استُخدمت خلال الايام الباكرة في بروكلين

      ‏«بيت ايل»‏

      ١٢٢-‏١٢٤ كولومبيا هايتس

      حجرة الطعام في «بيت ايل»‏

      المسكن

      المكاتب،‏ مخزن المطبوعات،‏ قسم البريد،‏ معدات تنضيد الحروف،‏ وقاعة اجتماع ذات ٨٠٠ مقعد كانت تقع هنا،‏ في ١٧ شارع هيكس (‏استُخدم من السنة ١٩٠٩ الى السنة ١٩١٨)‏

      قاعة الاجتماع

      المصانع الباكرة

      اعضاء عائلة البتل الذين كانوا يعملون في مصنع جادة ميرتل في السنة ١٩٢٠ (‏الى اليمين)‏

      ٣٥ جادة ميرتل (‏١٩٢٠-‏١٩٢٢)‏

      ١٨ شارع كونكورد (‏١٩٢٢-‏١٩٢٧)‏

      ١١٧ شارع آدمز (‏١٩٢٧-‏ )‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٢٤ و ٢٢٥]‏

      النظار الجائلون البعض من آلاف الذين خدموا

      كندا،‏ ١٩٠٥-‏١٩٣٣

      انكلترا،‏ ١٩٢٠-‏١٩٣٢

      فنلندا،‏ ١٩٢١-‏١٩٢٦،‏ ١٩٤٧-‏١٩٧٠

      الولايات المتحدة،‏ ١٩٠٧-‏١٩١٥

      السفر ما بين الجماعات —‏

      ڠرينلندا

      ڤنزويلا

      ليسوتو

      المكسيك

      پيرو

      سيراليون

      اماكن نوم متنقلة في ناميبيا

      الاشتراك مع الشهود المحليين في خدمة الحقل في اليابان

      الاجتماع مع الشيوخ المحليين في المانيا

      تزويد المشورة العملية للفاتحين في هاوايي

      ارشاد جماعة في فرنسا

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٢٨]‏

      المؤسسات الشرعية الباكرة

      جمعية برج مراقبة زيون للكراريس.‏ تشكَّلت اولا في السنة ١٨٨١ ثم تأسَّست شرعيا في ولاية پنسلڤانيا في ١٥ كانون الاول ١٨٨٤.‏ وفي السنة ١٨٩٦ تغيَّر اسمها الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ ومنذ السنة ١٩٥٥ صارت معروفة باسم جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا.‏

      جمعية منبر الشعوب.‏ تشكَّلت في السنة ١٩٠٩ مع نقل الجمعية لمكاتبها الرئيسية الى بروكلين،‏ نيويورك.‏ وفي السنة ١٩٣٩ تغيَّر الاسم الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ ومنذ السنة ١٩٥٦ صارت معروفة باسم جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ تأسَّست في لندن،‏ انكلترا،‏ في ٣٠ حزيران ١٩١٤.‏

      لكي يبلغوا المطالب الشرعية شكَّل شهود يهوه مؤسسات اخرى في مجتمعات وبلدان عديدة.‏ لكنَّ شهود يهوه ليسوا منقسمين الى هيئات قومية او محلية.‏ انهم اخوَّة متحدة عالمية النطاق.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٢٣٤]‏

      ‏‹كالمجتمع المسيحي الباكر›‏

      قالت المطبوعة الدينية «التفسير» في تموز ١٩٥٦:‏ «في هيئتهم وعمل شهادتهم،‏ يقاربون [شهود يهوه] كفريق المجتمع المسيحي الباكر.‏ .‏ .‏ .‏ والقليل من الفرق الاخرى يستخدمون بشكل واسع الاسفار المقدسة في رسائلهم،‏ الشفهية والخطية على السواء،‏ كما يفعلون هم.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

      لتزويد اشراف أدقّ،‏ أُسِّست مكاتب فروع.‏ كان الاول في لندن،‏ انكلترا،‏ في هذا المبنى

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٢١]‏

      ج.‏ ف.‏ رذرفورد في السنة ١٩٤١.‏ عرف الشهود انه لم يكن قائدهم

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٢٦]‏

      جون بوث،‏ ناظر جائل في الولايات المتحدة الاميركية من السنة ١٩٣٦ الى السنة ١٩٤١

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٢٧]‏

      كاري باربر الذي شملت كورته جزءا كبيرا من الولايات المتحدة

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٢٩]‏

      كان الاخ نور يزور قانونيا كل فرع وبيت ارسالي

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٣٠]‏

      النظار الرئيسيون لفروع الجمعية جُمعوا معا من اجل تدريب خصوصي (‏نيويورك،‏ ١٩٥٨)‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٣١]‏

      زوَّدت مدرسة خدمة الملكوت الارشاد القيِّم للنظار حول الكرة الارضية

      مدرسة خدمة الملكوت في مخيم للاجئين في تايلند،‏ السنة ١٩٧٨؛‏ في الفيليپين،‏ السنة ١٩٦٦ (‏اعلى اليسار)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢٣٣]‏

      ارشادات الهيئة كانت تصدر تدريجيا (‏اولا بالانكليزية،‏ ثم بلغات اخرى)‏ لتنسيق نشاط الشهود وإعلام الجميع بالتدابير المصنوعة لمساعدتهم في خدمتهم

  • الاجتماعات للعبادة،‏ الارشاد،‏ والتشجيع
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٦

      الاجتماعات للعبادة،‏ الارشاد،‏ والتشجيع

      ان اجتماعات الجماعة هي جزء مهم من نشاط شهود يهوه.‏ وحتى عندما تجعله الظروف صعبا جدا،‏ فإنهم يجتهدون لحضور اجتماعاتهم قانونيا،‏ انسجاما مع نصح الكتاب المقدس:‏ «لنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا وبالاكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب.‏» (‏عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وحيثما امكن تعقد كل جماعة الاجتماعات ثلاث مرات في الاسبوع،‏ لما مجموعه ٤ ساعات و ٤٥ دقيقة.‏ لكنَّ طبيعة الاجتماعات،‏ وكذلك تكرُّرها،‏ كانت تختلف بحسب الحاجة في حينه.‏

      في القرن الاول،‏ كانت اظهارات مواهب الروح العجائبية وجها بارزا للاجتماعات المسيحية.‏ ولماذا؟‏ لأنه بواسطة هذه المواهب شهد اللّٰه لواقع انه لم يعد يستخدم النظام الديني اليهودي بل ان روحه الآن صار على الجماعة المسيحية المشكَّلة حديثا.‏ (‏اعمال ٢:‏​١-‏٢١؛‏ عبرانيين ٢:‏​٢-‏٤‏)‏ وفي اجتماعات المسيحيين الاولين كانت تقدَّم الصلوات،‏ ترنَّم التسابيح للّٰه،‏ ويشدَّد على التنبؤ (‏اي نقل اعلانات المشيئة والقصد الالهيين)‏ ومنح الارشاد الذي يبني اولئك الذين يسمعونه.‏ وقد عاش اولئك المسيحيون في وقت حدثت فيه تطوُّرات بديعة في ما يتعلق بقصد اللّٰه.‏ فكان يلزمهم ان يفهموها ويعرفوا كيفية العمل وفقها.‏ لكنَّ الطريقة التي بها عالج بعضهم المسائل في اجتماعاتهم لم تكن متزنة،‏ وكما يُظهر الكتاب المقدس،‏ كانت تلزم المشورة لكي تُنجَز الامور بالطريقة الانفع.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٤:‏​١-‏٤٠‏.‏

      فهل كانت الاوجه التي ميَّزت اجتماعات اولئك المسيحيين الاولين جليَّة ايضا عندما كان تلاميذ الكتاب المقدس يجتمعون معا في سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ وما بعدها؟‏

      سدّ الحاجات الروحية لتلاميذ الكتاب المقدس الاولين

      شكَّل تشارلز تاز رصل وفريق صغير من العشراء في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ وحولَها صفا لدرس الكتاب المقدس في السنة ١٨٧٠.‏ ونتيجة لاجتماعاتهم نموا تدريجيا في المحبة للّٰه ولكلمته وعرفوا بصورة تقدُّمية ما يعلِّمه الكتاب المقدس نفسه.‏ فلم يكن هنالك تكلُّم عجائبي بألسنة في هذه الاجتماعات.‏ ولماذا؟‏ ان مواهب عجائبية كهذه قد انجزت القصد منها في القرن الاول،‏ وكما سبق وأنبأ الكتاب المقدس،‏ توقفت.‏ «والخطوة التالية للتقدُّم،‏» اوضح الاخ رصل،‏ «كانت الاعراب عن ثمر الروح،‏ كما يبيِّن القديس بولس بمنتهى الوضوح.‏» (‏١ كورنثوس ١٣:‏​٤-‏١٠‏)‏ وفضلا عن ذلك،‏ كما في القرن الاول ايضا،‏ كان هنالك عمل تبشيري ملحّ للقيام به،‏ ولهذا السبب كانوا في حاجة الى التشجيع.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وقبل مرور وقت طويل،‏ كانوا يعقدون اجتماعين قانونيين كل اسبوع.‏

      ادرك الاخ رصل انه من المهم ان يكون خدام يهوه شعبا موحَّدا،‏ مهما كانوا مشتَّتين حول الكرة الارضية.‏ وهكذا في السنة ١٨٧٩،‏ بُعَيد الابتداء بنشر برج المراقبة،‏ دُعي قرَّاؤها الى تقديم طلب كي يزورهم الاخ رصل او احد عشرائه.‏ وكان التعهد المذكور بوضوح «لا رسم يُفرَض ولا مال يؤخَذ.‏» وبعد تسلُّم عدد من الطلبات،‏ شرع الاخ رصل في رحلة لمدة شهر اخذته بعيدا حتى لِن،‏ ماساتشوستس،‏ مع اجتماعات من اربع الى ست ساعات يوميا عند كل توقف.‏ وكان الموضوع البارز «الامور المتعلقة بملكوت اللّٰه.‏»‏

      وباكرا في السنة ١٨٨١،‏ حثَّ الاخ رصل قرَّاء برج المراقبة الذين لم تكن لديهم بعدُ اجتماعات قانونية في منطقتهم:‏ «اسِّسوا واحدا في بيتكم الخاص مع عائلتكم الخاصة،‏ او حتى مع القليلين الذين قد يكونون مهتمين.‏ اقرأوا،‏ ادرسوا،‏ سبِّحوا واعبدوا معا،‏ وحيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمه،‏ يكون الرب في وسطكم —‏ معلِّمكم.‏ هكذا كانت طبيعة بعض اجتماعات الكنيسة في ايام الرسل.‏ (‏انظروا فليمون ٢‏)‏.‏»‏

      تطوَّر برنامج الاجتماعات تدريجيا.‏ فقُدِّمت الاقتراحات،‏ ولكن تُرِك لكل فريق محلي ان يقرّر ما هو افضل لظروفه.‏ فكان يمكن من وقت الى آخر ان يلقي خطيب محاضرة،‏ لكنَّ التشديد الاعظم وُضع على الاجتماعات التي فيها كان يمكن لكل فرد ان يشترك بحرية.‏ وبعض صفوف تلاميذ الكتاب المقدس لم تكن في بادئ الامر تستخدم كثيرا مطبوعات الجمعية في اجتماعاتها،‏ لكنَّ الخدام الجائلين،‏ الخطباء الجائلين،‏ ساعدوهم على رؤية قيمة فعل ذلك.‏

      بعد نشر بعض مجلدات الفجر الألفي،‏ شُرِع في استعمالها كأساس للدرس.‏ وفي السنة ١٨٩٥ صارت فرق الدرس تُعرَف بحلقات الفجر لدرس الكتاب المقدس.‏a والبعض في النَّروج اشاروا اليها في وقت لاحق بأنها «اجتماعات قراءة ومحادثة،‏» مضيفين:‏ «مقتطفات من كتب الاخ رصل كانت تُقرأ بصوت عالٍ،‏ وعندما تكون لدى الاشخاص تعليقات او اسئلة،‏ كانوا يرفعون ايديهم.‏» وقد اوصى الاخ رصل بأن يستعمل المشتركون في مثل هذه الدروس مجموعة متنوعة من ترجمات الاسفار المقدسة،‏ الشواهد الهامشية في الكتاب المقدس،‏ وفهارس الكتاب المقدس.‏ وكانت الدروس في احيان كثيرة تُعقد بفرق ذات حجم متوسط،‏ في بيت خاص،‏ في امسية ملائمة للفريق.‏ وهذه الاجتماعات صارت سابقة لدرس الكتاب الجماعي للوقت الحاضر.‏

      ادرك الاخ رصل انه يلزم اكثر من مجرد درس للمسائل العقائدية.‏ فيجب ان تكون هنالك ايضا تعابير التعبُّد لكي تندفع قلوب الناس بالتقدير لمحبة اللّٰه وبالرغبة في اكرامه وخدمته.‏ فجرى حث الصفوف على ترتيب اجتماع خصوصي لهذا القصد مرة في الاسبوع.‏ وهذه الاجتماعات كان يُشار اليها احيانا بِـ‍ «اجتماعات الاكواخ» لانعقادها في بيوت خاصة.‏ وشمل البرنامج صلوات،‏ ترانيم تسبيح،‏ واختبارات شخصية كان يرويها الحضور.‏b وهذه كانت احيانا اختبارات تشجيعية؛‏ وكانت تشمل ايضا المحن،‏ المصاعب،‏ والمشاكل التي جرت مواجهتها مؤخرا.‏ وفي بعض الاماكن قصَّرت هذه الاجتماعات كثيرا عن هدفها بسبب التشديد المفرط على الذات.‏ وبلطف جرى ذكر اقتراحات للتحسين في برج المراقبة.‏

      واذ تذكَّرت تلك الاجتماعات،‏ قالت اديث بْرِنيسِن،‏ زوجة احد الخطباء الجائلين الاولين في الولايات المتحدة:‏ «كانت امسية للتأمل في عناية يهوه الحبية وللمعاشرة الحميمة لاخوتنا وأخواتنا.‏ اذ كنا نصغي الى بعض اختباراتهم صرنا نعرفهم بشكل افضل.‏ ومراقبة امانتهم،‏ رؤية كيفية تغلبهم على مصاعبهم،‏ كثيرا ما ساعدتنا على حل بعض مشاكلنا.‏» ولكن،‏ في حينه،‏ صار ظاهرا ان الاجتماعات المصمَّمة لإعداد كل شخص للاشتراك في عمل التبشير هي اكثر نفعا.‏

      والطريقة التي بها عولج اجتماع الاحد في بعض الاماكن كانت موضع اهتمام الاخوة.‏ فقد حاول بعض الصفوف مناقشة الكتاب المقدس عددا فعددا.‏ ولكن احيانا لم تكن الاختلافات في الرأي في ما يتعلق بالمعنى بنَّاءة على الاطلاق.‏ ولتحسين الوضع،‏ طوَّر بعض الاشخاص في الجماعة في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا،‏ مجملا لدرس الكتاب المقدس بحسب المواضيع،‏ مع اسئلة ومراجع ليفحصها كل الصف قبل المجيء الى الاجتماع.‏ وفي السنة ١٩٠٢ جعلت الجمعية في المتناول كتابا مقدسا يحتوي على «مساعِدات على الدرس البيريّ للكتاب المقدس،‏» بما فيها فهرس مواضيع.‏c ولتبسيط الامور اكثر،‏ ابتداء من عدد ١ آذار ١٩٠٥ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة،‏ نُشِر مجمل لمناقشة الجماعة،‏ مع اسئلة واشارات الى الكتاب المقدس ومطبوعات الجمعية من اجل البحث.‏ واستمرت هذه حتى السنة ١٩١٤،‏ الوقت الذي فيه نُشرت اسئلة دراسية حول مجلدات دروس في الاسفار المقدسة للاستعمال كأساس للدروس البيريَّة.‏

      كانت المواد نفسها متوافرة لجميع الصفوف،‏ ولكنَّ عدد الاجتماعات الاسبوعية تراوح بين واحد وأربعة او اكثر،‏ حسبما يُرتَّب محليا.‏ وفي كولومبو،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ ابتداء من السنة ١٩١٤،‏ كانت الاجتماعات تُعقَد فعليا سبعة ايام في الاسبوع.‏

      جرى تشجيع تلاميذ الكتاب المقدس على تعلّم القيام بالبحث،‏ على ‹امتحان كل شيء،‏› على التعبير عن الافكار بكلماتهم الخاصة.‏ (‏١ تسالونيكي ٥:‏٢١‏)‏ وقد شجَّع الاخ رصل على مناقشة كاملة وحرَّة لمواد الدرس.‏ وكذلك حذَّر:‏ «لا تنسوا ابدا ان الكتاب المقدس هو مقياسنا وأنه مهما كانت المساعِدات المعطاة لنا من اللّٰه فهي ‹مساعِدات› وليست بدائل للكتاب المقدس.‏»‏

      الاحتفال بذكرى موت الرب

      ابتداء من نحو السنة ١٨٧٦ كان تلاميذ الكتاب المقدس يعدّون الترتيبات كل سنة للاحتفال بذكرى موت الرب.‏d في بادئ الامر كان يجتمع الفريق الذي في پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا،‏ والجوار في بيت احد الرفقاء.‏ وبحلول السنة ١٨٨٣ كان عدد الحضور قد ازداد الى نحو مئة هناك،‏ وكانت تُستعمل قاعة مستأجَرة.‏ ولاستيعاب الحضور الكبير المتوقَّع في پيتسبورغ في السنة ١٩٠٥،‏ قرَّر الاخوة الحصول على حق استخدام قاعة كارنيجي الرحبة.‏

      ادرك تلاميذ الكتاب المقدس ان ذلك يجب ان يكون احتفالا سنويا،‏ لا شيئا يجري كل اسبوع.‏ والتاريخ الذي كانوا يقومون فيه بالاحتفال كان يطابق ١٤ نيسان قمري في الروزنامة اليهودية،‏ وقت موت يسوع.‏ وعلى مر السنين حدثت بعض التحسينات في طريقة حساب التاريخ.‏e لكنَّ الامر المهم الرئيسي كان مغزى الحدث نفسه.‏

      وعلى الرغم من ان تلاميذ الكتاب المقدس كانوا يجتمعون من اجل الاحتفال بالذكرى هذا في فرق من حجوم متنوعة في اماكن عديدة،‏ فقد جرى الترحيب بكل مَن يمكنه الانضمام الى الاخوة في پيتسبورڠ.‏ ومن السنة ١٨٨٦ الى السنة ١٨٩٣،‏ دُعي قرَّاء برج المراقبة خصوصا الى المجيء الى پيتسبورڠ،‏ ان امكن،‏ فجاءوا من مختلف انحاء الولايات المتحدة ومن كندا.‏ وهذا لم يمكّنهم فقط من الاحتفال بالذكرى معا بل ساعدهم ايضا على تعزيز ربط الوحدة الروحية.‏ ولكن،‏ اذ نما عدد الصفوف،‏ في الولايات المتحدة وأنحاء اخرى من العالم على السواء،‏ لم يعد عمليا ان يحاولوا الاجتماع في موقع واحد،‏ وأدركوا ان الكثير من الخير يجري انجازه باجتماع المرء مع الرفقاء المؤمنين في منطقة بيته.‏

      وكما بيَّنت برج المراقبة،‏ كان هنالك كثيرون ممَّن ادَّعوا انهم مؤمنون بالفدية،‏ ولا احد من هؤلاء جرى ردّه عن الاحتفال السنوي بالذكرى.‏ لكنَّ المناسبة كانت لها اهمية خصوصية بالنسبة الى الذين ينتمون حقا الى «القطيع الصغير» للمسيح.‏ هؤلاء هم الذين سيشتركون في الملكوت السماوي.‏ وفي الليلة التي سبقت موت يسوع،‏ عندما اسَّس الذكرى،‏ قال المسيح للافراد الذين قُدِّم لهم مثل هذا الرجاء:‏ «اصنعوا هذا لذكري.‏» —‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ ٢٢:‏​١٩،‏ ٢٠،‏ ٢٨-‏٣٠‏.‏

      وابتداء من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ خصوصا،‏ ابتدأ الاعضاء المحتمَلون ‹للجمع الكثير› من الخراف الاخر يظهرون.‏ (‏رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ وآنذاك كان يشار الى هؤلاء باليونادابيين.‏ وللمرة الاولى،‏ في عددها الصادر في ١٥ شباط ١٩٣٨ (‏بالانكليزية)‏،‏ دعتهم برج المراقبة بصورة خصوصية الى حضور الذكرى،‏ قائلة:‏ «بعد الساعة السادسة مساء،‏ في ١٥ نيسان،‏ لتجتمع كل فرقة من الممسوحين وتحتفل بالذكرى،‏ وليكن رفقاؤهم اليونادابيون حاضرين ايضا.‏» فحضروا فعلا،‏ لا كمتناولين،‏ بل كمشاهدين.‏ وابتدأ حضورهم يفوق عدد الموجودين وقت ذكرى موت المسيح.‏ وفي السنة ١٩٣٨ كان مجموع عدد الحضور ٤٢٠‏,٧٣،‏ فيما بلغ عدد الذين تناولوا من الخبز والخمر الرمزيين ٢٢٥‏,٣٩.‏ وفي السنوات التي تلت،‏ ابتدأ اولئك الحاضرون كمشاهدين يشملون ايضا اعدادا كبيرة من الاشخاص المهتمين حديثا والآخرين الذين لم يصيروا بعدُ شهودا نشاطى ليهوه.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ عندما بلغت ذروة عدد الذين اشتركوا في خدمة الحقل ٧٨٧‏,٤٧٢‏,٤،‏ كان الحضور في الذكرى ١٧١‏,٤٣١‏,١١،‏ وكان عدد المتناولين من الرمزين مجرد ٦٨٣‏,٨.‏ وفي بعض البلدان بلغ عدد الحضور خمسة او ستة اضعاف عدد الشهود النشاطى.‏

      بسبب احترامهم العميق لمغزى موت المسيح،‏ يحتفل شهود يهوه بالذكرى حتى عندما تواجههم ظروف صعبة جدا.‏ فخلال سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما صار الخروج في المساء غير ممكن بسبب حظر التجول في اثناء الحرب في روديسيا (‏المعروفة الآن بزمبابوي)‏،‏ كان الاخوة في بعض المناطق يجتمعون جميعهم في بيت احد شهود يهوه خلال النهار ثم يحتفلون بالذكرى في المساء.‏ وطبعا،‏ لم يكن بامكانهم العودة الى بيوتهم بعد الاجتماع،‏ ولذلك كانوا يبيتون هناك.‏ وكانت ساعات المساء المتبقية تُستعمل لانشاد ترانيم الملكوت وسرد الاختبارات،‏ الامر الذي كان مصدرا للانتعاش الاضافي.‏

      وفي معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية جرى الاحتفال بالذكرى،‏ مع ان ذلك كان يمكن ان يؤدي الى عقاب شديد اذا اكتشفه الحرّاس.‏ وعندما عُزل في السجن في الصين الشيوعية من السنة ١٩٥٨ الى السنة ١٩٦٣ بسبب ايمانه المسيحي،‏ احتفل هارولد كينڠ بالذكرى بأفضل طريقة ممكنة لديه في الظروف الراهنة.‏ قال في ما بعد:‏ «من نافذة سجني كنت اراقب القمر يصير بدرا قرب بداية الربيع.‏ وكنت احسب بدقة قدر استطاعتي تاريخ الاحتفال.‏» وكان يهيئ بسرعة الرمزين اللازمين،‏ صانعا قليلا من الخمر من الزبيب الاسود ومستعملا الأرزّ غير المختمر مكان الخبز.‏ وقال ايضا:‏ «كنت ارنّم وأصلّي وأقدّم خطابا محضَّرا يتعلق بالمناسبة،‏ تماما كما يجري في اية جماعة لشعب يهوه.‏ ولذلك كنت اشعر كل سنة بأنني متحد باخوتي حول العالم كله في هذه المناسبة الاهم.‏»‏

      حيث يوجد مكان للاحداث

      في السنوات الباكرة لم تكن مطبوعات واجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس معدَّة خصوصا للاحداث.‏ كان يمكنهم ان يحضروا الاجتماعات،‏ وبعضهم قام بذلك فعلا وأصغى بحماس.‏ ولكن لم يكن هنالك جهد خصوصي لشملهم بما يجري.‏ ولِمَ لا؟‏

      فهم الاخوة آنذاك ان وقتا قصيرا جدا فقط بقي قبل ان يتحد جميع اعضاء عروس المسيح به في المجد السماوي.‏ اوضحت برج المراقبة في السنة ١٨٨٣:‏ «نحن الذين نتدرَّب لاجل الدعوة العليا لا يمكننا ان نحيد عن العمل الخصوصي لهذا العصر —‏ عمل تهيئة ‹العروس،‏ امرأة الخروف.‏› والعروس يجب ان تهيئ نفسها؛‏ وفي اللحظة الحاضرة،‏ حين توضع اللمسات الاخيرة للزينة استعدادا للعرس،‏ تُطلَب خدمة كل عضو في هذا العمل الحالي الكلي الاهمية.‏»‏

      والآباء جرى حثهم بقوة على تحمّل مسؤوليتهم المعطاة من اللّٰه للاعتناء بالارشاد الروحي لاولادهم.‏ ومدارس الاحد المنفصلة للاحداث لم يُشجَّع عليها.‏ وكان واضحا ان استخدام العالم المسيحي لمدارس الاحد قد احدث الكثير من الاذى.‏ فالآباء الذين ارسلوا اولادهم الى مثل هذه المدارس غالبا ما كانوا يعتبرون ان هذا الترتيب يحرّرهم من مسؤولية منح الارشاد الديني لاولادهم.‏ والاولاد،‏ بدورهم،‏ اذ لم يتطلعوا الى والديهم كمصدر رئيسي للارشاد عن اللّٰه،‏ لم يندفعوا الى اكرام آبائهم واطاعتهم كما يجب ان يفعلوا.‏

      ومن ناحية ثانية،‏ من السنة ١٨٩٢ الى السنة ١٩٢٧،‏ خصَّصت برج المراقبة فسحة للتعليق على الآية الظاهرة في «دروس مدرسة الاحد الاممية،‏» التي كانت رائجة آنذاك في كنائس پروتستانتية كثيرة.‏ ولسنين عديدة كان يختار هذه الآيات ف.‏ ن.‏ پالوبي،‏ رجل دين من الكنيسة المستقلة،‏ ومعاونوه.‏ وقد ناقشت برج المراقبة هذه الآيات انطلاقا من فهم تلاميذ الكتاب المقدس المتقدِّم للاسفار المقدسة،‏ دون التقيد بتعاليم العالم المسيحي.‏ وكان يُرجى بهذه الطريقة ان تجد برج المراقبة طريقها الى بعض الكنائس،‏ وبالتالي ان يُعرَض الحق،‏ وأن يقبله بعض اعضاء الكنائس.‏ وطبعا،‏ كان الفَرق واضحا،‏ وقد اغضب ذلك رجال الدين الپروتستانت.‏

      اتت السنة ١٩١٨،‏ والبقية،‏ او الباقون من الممسوحين،‏ كانوا لا يزالون على المسرح الارضي.‏ وعدد الاولاد في اجتماعاتهم كان قد ازداد كثيرا ايضا.‏ وكثيرا ما كان يُسمح للصغار بأن يلعبوا فيما كان آباؤهم يدرسون.‏ لكنَّ الاحداث ايضا كان يلزمهم ان يتعلَّموا ‹طلب البر وطلب التواضع› اذا كانوا ‹سيُسترون في يوم سخط الرب.‏› (‏صفنيا ٢:‏٣‏)‏ ولذلك في السنة ١٩١٨ شجعت الجمعية الجماعات ان ترتب لصف احداث من عمر ٨ الى ١٥ سنة.‏ وفي بعض الاماكن كانت هنالك ايضا صفوف ابتدائية للذين هم اصغر من ان يحضروا صف الاحداث.‏ وفي الوقت نفسه جرى التشديد مرة اخرى على المسؤولية الابوية تجاه الاولاد.‏

      وهذا ادَّى الى تطوُّرات اخرى.‏ فقد نشرت العصر الذهبي،‏ في السنة ١٩٢٠،‏ مقالة خاصة بعنوان «درس الكتاب المقدس للاحداث،‏» مع اسئلة مرفقة باشارات الى آيات من الاسفار المقدسة يمكن ان توجد فيها الاجوبة.‏ وفي تلك السنة نفسها نُشِر The Golden Age ABC (‏مبادئ العصر الذهبي‏)‏؛‏ وهو كراس مصوَّر ليستعمله الآباء في تعليم حقائق الكتاب المقدس الاساسية والصفات المسيحية لصغارهم.‏ والكتاب بعنوان The Way to Paradise (‏الطريق الى الفردوس‏)‏،‏ بقلم و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ تبع في السنة ١٩٢٤.‏ وقد كُيِّف ليلائم «تلاميذ الكتاب المقدس في المرحلة المتوسطة.‏» واستُعمل لمدة من الوقت في الاجتماعات المخصَّصة للاصغر سنا.‏ واضافة الى ذلك،‏ في اميركا،‏ كانت لدى «الشهود الاحداث» ترتيباتهم الخاصة لخدمة الحقل.‏ وفي سويسرا شكَّل فريق من الاحداث جمعية دُعيت «احداث يهوه» لاولئك الذين بين الـ‍ ١٣ والـ‍ ٢٥ من العمر.‏ وكان لهم مكتب امين سر خاص بهم في برْن،‏ ومجلة خصوصية،‏ احداث يهوه،‏ كانت تُحرَّر وتُطبع على مطابع الجمعية هناك.‏ وكانت لهؤلاء الاحداث اجتماعاتهم الخاصة حتى انهم قدَّموا مسرحيات من الكتاب المقدس،‏ كما فعلوا في الفولكسْهاوس في زوريخ امام حضور من ٥٠٠‏,١.‏

      وما كان يجري،‏ من ناحية ثانية،‏ كان هيئة تتطوَّر ضمن هيئة خدام يهوه.‏ وهذا لم يكن ليساهم في الوحدة،‏ فأُوقِف في السنة ١٩٣٦.‏ وفي نيسان ١٩٣٨،‏ خلال زيارة لأوستراليا،‏ وجد ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس الجمعية،‏ ان صفا للاولاد كان يُعقد منفصلا عن المحفل للراشدين.‏ فرتَّب حالا ان يؤتَى بجميع الاولاد الى المحفل الرئيسي،‏ الامر الذي كان لفائدتهم الى حد كبير.‏

      وفي تلك السنة نفسها راجعت برج المراقبة كامل مسألة الصفوف المنفصلة للاحداث في الجماعة.‏ وشدَّد هذا الدرس مرة اخرى على واقع ان الآباء مسؤولون عن ارشاد اولادهم.‏ (‏افسس ٦:‏٤‏؛‏ قارنوا تثنية ٤:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ارميا ٣٥:‏​٦-‏١٠‏.‏)‏ وأظهر ايضا ان الكتاب المقدس لا يزوِّد سابقة لعزل الاحداث بواسطة صفوف الاحداث.‏ وانما يجب ان يكونوا حاضرين مع آبائهم لسماع كلمة اللّٰه.‏ (‏تثنية ٣١:‏​١٢،‏ ١٣؛‏ يشوع ٨:‏​٣٤،‏ ٣٥‏)‏ وعندما يلزم ايضاح اضافي لمواد الدرس،‏ كان يمكن للآباء تقديمه في البيت.‏ وفضلا عن ذلك،‏ بيَّنت المقالات ان الترتيبات لمثل هذه الصفوف المنفصلة كانت في الواقع تقلِّل من الكرازة بالبشارة من بيت الى بيت.‏ كيف؟‏ لأن المعلِّمين كانوا لا يشتركون في خدمة الحقل من اجل التحضير لهذه الصفوف وادارتها.‏ ولذلك جرى ايقاف جميع صفوف الاحداث المنفصلة.‏

      وحتى الوقت الحاضر،‏ تبقى العادة بين شهود يهوه ان تحضر العائلة بكاملها اجتماعات الجماعة معا.‏ والاولاد تجري مساعدتهم من قبل آبائهم على الاستعداد ليتمكنوا من الاشتراك بطرائق ملائمة.‏ واضافة الى ذلك،‏ زُوِّدت مجموعة بديعة من المطبوعات ليستعملها الآباء في منح الصغار الارشاد في البيت.‏ وبين هذه كتاب الاولاد،‏ في السنة ١٩٤١؛‏ Listening to the Great Teacher (‏الاستماع الى المعلم الكبير‏)‏،‏ في السنة ١٩٧١؛‏ حداثتكم —‏ نائلين افضل ما فيها،‏ في السنة ١٩٧٦؛‏ كتابي لقصص الكتاب المقدس،‏ في السنة ١٩٧٨؛‏ واسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح،‏ في السنة ١٩٨٩.‏

      تجهيز الجميع ليكونوا مبشرين نشاطى

      منذ صدرت الاعداد الاولى من برج المراقبة جرى تذكير قرَّائها قانونيا بامتياز ومسؤولية جميع المسيحيين الحقيقيين ان ينادوا بالبشارة عن قصد اللّٰه.‏ وقد ساعدتهم اجتماعات الجماعة على تهيئة قلوبهم وعقولهم لهذا النشاط ببناء محبتهم ليهوه ومعرفتهم لقصده.‏ ولكن،‏ خصوصا،‏ عقب المحفل في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ وُضِع مزيد من التشديد الى حد كبير على ما يجري انجازه في خدمة الحقل وكيفية الاشتراك فيه بفعَّالية.‏

      ان Bulletin (‏النشرة‏)‏،‏f رسالة دورية تحتوي على معلومات تتعلق مباشرة بخدمة الحقل،‏ احتوت على شهادة مختصرة كانت تُدعى آنذاك موعظة يجب ان تُستظهر وتُستعمل عند الشهادة للناس.‏ وخلال الجزء الاكبر من السنة ١٩٢٣،‏ في الاول من كل شهر،‏ وكحافز الى الجهود الموحَّدة لاعلان الملكوت،‏ خُصِّص نصف اجتماع الصلاة،‏ التسبيح والشهادة ليوم الاربعاء ليلا لاختبارات تتعلق بخدمة الحقل.‏

      وعلى الاقل بحلول السنة ١٩٢٦،‏ كانت الاجتماعات الشهرية،‏ حيث تجري مناقشة خدمة الحقل،‏ تُدعى اجتماعات الفعلة.‏ وأولئك الذين يشتركون فعلا في مثل هذه الخدمة كانوا عادةً الاشخاص الذين يحضرون.‏ وفي هذه الاجتماعات،‏ كانت تناقَش الطرائق المستعملة للشهادة للآخرين،‏ وتوضَع الخطط للنشاط المقبل.‏ وبحلول السنة ١٩٢٨ كانت الجمعية تحثّ الجماعات على عقد مثل هذه الاجتماعات اسبوعيا.‏ وفي خلال اربع سنوات اخرى كانت الجماعات تشرع في استبدال اجتماع الشهادة بما صار يُدعى اجتماع الخدمة،‏ وقد شجعت الجمعية كل فرد على الحضور.‏ ولأكثر من ٦٠ سنة تعقد الجماعات هذا الاجتماع الاسبوعي.‏ وبواسطة المحاضرات،‏ المناقشات التي تشمل اشتراك الحضور،‏ التمثيليات،‏ والمقابلات،‏ تُزوَّد مساعدة خصوصية في ما يتعلق بكل اوجه الخدمة المسيحية.‏

      ونوع الاجتماع هذا لم ينشأ بالتأكيد في القرن الـ‍ ٢٠.‏ فقد اعطى يسوع نفسه ارشادات مفصَّلة لتلاميذه قبل ارسالهم ليكرزوا.‏ (‏متى ١٠:‏​٥–‏١١:‏١؛‏ لوقا ١٠:‏​١-‏١٦‏)‏ وفي ما بعد،‏ بنوا احدهم الآخر بالاجتماع لسرد الاختبارات التي حصلوا عليها في اثناء الانهماك في الخدمة.‏ —‏ اعمال ٤:‏​٢١-‏٣١؛‏ ١٥:‏٣‏.‏

      أما بالنسبة الى التدريب على الخطابة العامة،‏ ففي السنوات الباكرة لم يجرِ القيام بذلك في اجتماعات الجماعة القانونية.‏ ولكن على الاقل بحلول السنة ١٩١٦ اقتُرِح ان اولئك الذين يشعرون بأن لديهم بعض الامكانية كخطباء عامين يمكنهم ان يعقدوا هم انفسهم صفوفا،‏ وربما بحضور شيخ كحَكَم ليستمع اليهم ويقدِّم المشورة للتحسين في محتوى خطاباتهم وإلقائها.‏ وهذه الاجتماعات،‏ التي كان يحضرها الذكور فقط في الجماعة،‏ صارت تُعرف في ما بعد بمدارس الانبياء.‏ ولدى مراجعة حوادث تلك الايام،‏ تذكَّر ڠرانت سوتر:‏ «النقد البنَّاء الذي نلته في المدرسة لم يكن شيئا بالمقارنة مع ذاك الذي تلقيته من ابي شخصيا بعدما حضر احدى الجلسات ليسمعني احاول إلقاء خطاب.‏» ولمساعدة اولئك الذين يحاولون احراز التقدُّم،‏ جمع الاخوة وطبعوا على انفراد كتابا دراسيا من الارشادات المتعلقة بالخطابة،‏ مع مجمل لمحاضرات متنوعة.‏ ولكن،‏ في حينه،‏ جرى ايقاف مدارس الانبياء هذه.‏ ولسدّ الحاجة الخصوصية التي كانت موجودة آنذاك،‏ تركَّز الانتباه الكامل على تجهيز كل عضو في الجماعة للاشتراك كاملا في التبشير من بيت الى بيت.‏

      وهل كان ممكنا تجهيز كل عضو في هذه الهيئة الاممية النامية ليس فقط لاعطاء شهادة مختصرة وتقديم مطبوعات الكتاب المقدس بل ايضا للتكلم بفعَّالية والصيرورة معلِّما لكلمة اللّٰه؟‏ كان ذلك الهدف من مدرسة خصوصية تأسَّست في كل جماعة لشهود يهوه،‏ ابتداء من السنة ١٩٤٣.‏ وقبل ذلك كانت تعمل في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه منذ شباط ١٩٤٢.‏ وكل اسبوع كان الارشاد يُقدَّم،‏ والتلاميذ يلقون الخطابات ويُنصَحون بشأنها.‏ وفي بادئ الامر،‏ كان الذكور فقط يقدِّمون الخطابات في المدرسة،‏ بالرغم من ان الجماعة بكاملها كانت تشجَّع على الحضور،‏ تحضير الدروس،‏ والاشتراك في المراجعات.‏ وفي السنة ١٩٥٩ مُنِحت الاخوات ايضا امتياز الانخراط،‏ للتدرُّب على مناقشة مواضيع الكتاب المقدس في تمثيلية لشخصين يتحدثان معا.‏

      وفي ما يتعلق بتأثير هذه المدرسة اخبر فرع جمعية برج المراقبة في جنوب افريقيا:‏ «نجح هذا الترتيب البديع جدا في خلال فترة قصيرة في مساعدة اخوة كثيرين،‏ كانوا قد تصوَّروا انهم لن يكونوا ابدا خطباء عامين،‏ على الصيرورة مقتدرين كثيرا على المنبر وفعَّالين اكثر في الحقل.‏ وفي كل انحاء جنوب افريقيا رحَّب الاخوة بتدبير يهوه الجديد هذا ووضعوه موضع العمل بحماسة.‏ وجرى القيام بذلك على الرغم من العوائق الكبيرة للغة والنقص في الثقافة من قبل البعض.‏»‏

      وتستمر مدرسة الخدمة الثيوقراطية في ان تكون اجتماعا مهما في جماعات شهود يهوه.‏ وجميع القادرين على ذلك تقريبا ينخرطون.‏ والشهود الجدد والذين لديهم الكثير من الخبرة،‏ صغارا وكبارا،‏ يشتركون.‏ انه برنامج تعليمي مستمر.‏

      العموم مدعوون ليروا ويسمعوا

      ان شهود يهوه ليسوا جمعية سرية بأي معنى من المعاني.‏ فمعتقداتهم المؤسسة على الكتاب المقدس موضَّحة كاملا في مطبوعاتهم المتوافرة لكل امرئ.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يبذلون جهدا خصوصيا لدعوة العموم الى حضور الاجتماعات ليروا ويسمعوا لانفسهم ما يجري.‏

      اعطى يسوع المسيح الارشاد الشخصي لتلاميذه،‏ لكنه تكلم ايضا علانية —‏ على موازاة شاطئ البحر،‏ في منحدر،‏ في المجامع،‏ في منطقة الهيكل في اورشليم —‏ حيث تستطيع الجموع ان تسمع.‏ (‏متى ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ ١٣:‏​١-‏٩؛‏ يوحنا ١٨:‏٢٠‏)‏ وتمثلا بذلك،‏ شرع تلاميذ الكتاب المقدس قديما في سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ في ترتيب اجتماعات يمكن فيها للاصدقاء والجيران والآخرين الذين قد يكونون مهتمين ان يسمعوا محاضرة عن قصد اللّٰه للجنس البشري.‏

      وبُذِل جهد خصوصي لالقاء هذه المحاضرات في اماكن تكون مناسبة للعموم.‏ وعُرِف ذلك كامتداد لعمل الصف.‏ ففي السنة ١٩١١ جرى تشجيع الجماعات التي لديها عدد كافٍ من الخطباء الموهوبين ان ترتب لذهاب بعض هؤلاء الى البلدات والقرى المجاورة للاعداد لاجتماعات في القاعات العامة.‏ وحيثما امكن،‏ رتبوا لسلسلة من ست محاضرات.‏ وعقب المحاضرة الاخيرة كان الخطيب يسأل عن عدد الذين يشعرون بين الحضور بالاهتمام الكافي بدرس الكتاب المقدس ليجتمعوا معا قانونيا.‏ وقد رُتِّب في السنة الاولى لأكثر من ٠٠٠‏,٣ محاضرة كهذه.‏

      ابتداء من السنة ١٩١٤ عُرضت «رواية الخلق المصوَّرة» ايضا على العموم.‏ ولم يطلب الاخوة ثمنا للدخول.‏ ومنذ ذلك الحين استخدموا افلاما سينمائية اخرى وعروضا للصور المنزلقة.‏ وابتداء من عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ مكَّن الاستعمال الواسع للراديو من قبل جمعية برج المراقبة الناس من سماع محاضرات الكتاب المقدس في بيوتهم الخاصة.‏ ثم في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ سُجِّلت المحاضرات التي ألقاها ج.‏ ف.‏ رذرفورد وجرى الاستماع اليها في آلاف التجمعات العامة.‏

      وبحلول السنة ١٩٤٥ كان هنالك عدد كبير من الخطباء العامين الذين تدربوا في مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ وفي كانون الثاني من تلك السنة انطلقت حملة حسنة التنسيق للاجتماعات العامة.‏ وزوَّدت الجمعية مواد مجملة لسلسلة من ثماني محاضرات في حينها.‏ واستُخدمت اوراق الدعوة،‏ وأحيانا اللافتات،‏ للاعلان.‏ وبالاضافة الى استعمال اماكن الاجتماعات القانونية للجماعات،‏ بذل الاخوة جهودا خصوصية للترتيب لهذه الاجتماعات العامة في المقاطعات التي لا توجد فيها اية جماعة.‏ وكان يمكن للجميع في الجماعات ان يشتركوا —‏ بالاعلان عن الاجتماعات،‏ بحضورها شخصيا،‏ وكذلك بالترحيب بالقادمين الجدد والاجابة عن اسئلتهم.‏ وخلال السنة الاولى من هذا النشاط الخصوصي،‏ جرى اعداد ٦٤٦‏,١٨ اجتماعا عاما في الولايات المتحدة،‏ بحضور مجموعه ٣٥٢‏,٩١٧.‏ وفي السنة التالية ارتفع عدد الاجتماعات العامة الى ٧٠٣‏,٢٨ في الحقل الاميركي.‏ وفي كندا،‏ حيث جرى الترتيب لِـ‍ ٥٥٢‏,٢ اجتماعا مماثلا في السنة ١٩٤٥،‏ كان هنالك ٦٤٥‏,٤ في السنة التالية.‏

      والاجتماعات العامة،‏ في اغلبية جماعات شهود يهوه،‏ هي الآن جزء من البرنامج القانوني للاجتماعات الاسبوعية.‏ وهي في شكل محاضرة يُشجَّع فيها كل فرد على فتح الآيات الرئيسية للاسفار المقدسة فيما تُقرأ وتناقَش.‏ وهذه الاجتماعات هي مصدر غني للارشاد الروحي للجماعة وللقادمين الجدد على السواء.‏

      والناس الذين يحضرون اجتماعات شهود يهوه للمرة الاولى غالبا ما يندهشون ويُسَرّون.‏ فقد ذهب سياسي بارز في زمبابوي الى قاعة ملكوت ليرى ما يجري هناك.‏ وكان رجلا بمزاج عنيف،‏ وذهب عمدا دون ان يحلق ذقنه وبشعر غير مسرَّح.‏ فتوقع ان يطرده الشهود.‏ وعوضا عن ذلك،‏ اظهروا اهتماما اصيلا به وشجعوه ان يحصل على درس بيتي في الكتاب المقدس.‏ وهو الآن شاهد مسيحي متواضع ومسالم.‏

      هنالك ملايين الاشخاص الذين،‏ اذ حضروا اجتماعات شهود يهوه،‏ اندفعوا الى القول:‏ «ان اللّٰه بالحقيقة فيكم.‏» —‏ ١ كورنثوس ١٤:‏٢٥‏.‏

      اماكن مناسبة للاجتماع فيها

      في ايام رسل يسوع المسيح كثيرا ما عقد المسيحيون اجتماعاتهم في البيوت الخاصة.‏ وفي بعض الاماكن تمكَّنوا من التكلم في المجامع اليهودية.‏ وفي افسس ألقى الرسول بولس محاضرات طوال سنتين في قاعة استماع مدرسة.‏ (‏اعمال ١٩:‏​٨-‏١٠؛‏ ١ كورنثوس ١٦:‏١٩؛‏ فليمون ١،‏ ٢‏)‏ وبشكل مماثل،‏ في الجزء الاخير من القرن الـ‍ ١٩،‏ اجتمع تلاميذ الكتاب المقدس في البيوت الخاصة،‏ تكلموا احيانا في مُصَلَّيات كنسية،‏ واستخدموا قاعات اخرى امكن استئجارها.‏ وفي حالات قليلة اشتروا لاحقا ابنية كانت تستخدمها سابقا فرق دينية اخرى واستعملوها على اساس قانوني.‏ وهذه كانت الحالة مع مسكن بروكلين ومسكن لندن.‏

      لكنهم لم يحتاجوا ولم يريدوا ابنية مزخرفة لاجتماعاتهم.‏ فكانت جماعات قليلة تشتري ابنية مناسبة وتجدّدها؛‏ وكانت اخرى تشيِّد قاعات جديدة.‏ وبعد السنة ١٩٣٥ صار الاسم قاعة الملكوت يُستعمل تدريجيا للاشارة الى هذه الاماكن للاجتماعات الجماعية.‏ وهذه تكون عادةً جذابة في منظرها ولكن دون مظاهر الفخفخة.‏ وقد تختلف هندسة البناء من مكان الى آخر،‏ لكنَّ القصد من المبنى انما هو عملي.‏

      برنامج موحَّد للارشاد

      خلال الجزء الاخير من القرن الـ‍ ١٩ والجزء الباكر من القرن الـ‍ ٢٠،‏ اختلف النمو والنشاط الروحيان الى حد كبير من جماعة الى اخرى.‏ فقد اشتركوا في بعض المعتقدات الاساسية التي فرزتهم من العالم المسيحي.‏ ولكن،‏ فيما قدَّر بعض الاخوة عميقا الوسيلة التي بها كان يهوه يُطعم شعبه،‏ تأثَّر آخرون بسهولة بآ‌راء الافراد الذين كانت لديهم آراء شخصية قوية في الامور.‏

      قبل موته صلَّى يسوع ان يكون أتباعه ‹جميعهم واحدا› —‏ في وحدة مع اللّٰه والمسيح وواحدهم مع الآخر.‏ (‏يوحنا ١٧:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ ولم يكن ذلك ليصير اتحادا قسريا.‏ فكان سينجم عن برنامج تعليمي موحَّد يجد تجاوبا في قلوب متقبلة.‏ وكما أُنبئ منذ عهد بعيد:‏ «كل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك [يكون] كثيرا.‏» (‏اشعياء ٥٤:‏١٣‏)‏ وبغية التمتع بهذا السلام كاملا،‏ كان الجميع يحتاجون الى الفرصة للاستفادة من الارشاد المتدرج الذي يزوِّده يهوه عبر قناته المنظورة للاتصال.‏

      لسنين عديدة استعمل تلاميذ الكتاب المقدس مختلف مجلدات دروس في الاسفار المقدسة،‏ بالاضافة الى الكتاب المقدس،‏ كأساس للبحث.‏ وما احتوت عليه كان فعلا ‹الطعام الروحي في حينه.‏› (‏متى ٢٤:‏٤٥‏)‏ لكنَّ الفحص المستمر للاسفار المقدسة تحت توجيه روح اللّٰه بيَّن انه كان هنالك المزيد لتعلُّمه وأن الكثير من التطهير الروحي كان لا يزال لازما لخدام يهوه.‏ (‏ملاخي ٣:‏​١-‏٣؛‏ اشعياء ٦:‏​١-‏٨‏)‏ وفضلا عن ذلك،‏ بعد تأسيس الملكوت في السنة ١٩١٤،‏ كانت نبوات عديدة تتم في تعاقب سريع،‏ وأشارت هذه الى العمل الملحّ الذي يجب ان ينهمك فيه جميع المسيحيين الحقيقيين.‏ وهذه المعلومات في حينها من الاسفار المقدسة كانت تزوَّد قانونيا عبر اعمدة برج المراقبة.‏

      واذ ادركوا انه لم يكن كل فرد في الجماعات يستفيد من هذه المقالات،‏ اوصى بعض ممثلي الجمعية الجائلين مكتب المركز الرئيسي بأن تدرس كل الجماعات برج المراقبة في اجتماعات اسبوعية قانونية.‏ فنُقِلت هذه التوصية الى الجماعات وصارت «الاسئلة البيريَّة» المستخدَمة في درس مقالات برج المراقبة الرئيسية وجها قانونيا للمجلة،‏ ابتداء من عدد ١٥ ايار ١٩٢٢ (‏بالانكليزية)‏.‏ وكان لمعظم الجماعات مثل هذا الدرس مرة او اكثر كل اسبوع،‏ لكنَّ مقدار ما يدرسونه فعلا في المجلة كان متفاوتا.‏ ففي بعض الاماكن،‏ اذ كان لدى المدير الكثير ليقوله،‏ كان هذا الدرس يدوم ساعتين او اكثر.‏

      ولكن،‏ خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ حلَّ التنظيم الثيوقراطي محل الاجراءات الديموقراطية.‏ وهذا اثَّر كثيرا في كيفية النظر الى درس برج المراقبة.‏g فجرى توجيه اهتمام اعظم الى فهم ما يوجد في مواد الدرس الذي تزوِّده الجمعية.‏ وأولئك الذين استعملوا الاجتماعات كفرص لعرض الآراء الشخصية والذين قاوموا مسؤولية الاشتراك في خدمة الحقل انسحبوا تدريجيا.‏ وبالعون الصبور تعلَّم الاخوة كيف يحصرون الدرس في ساعة واحدة.‏ ونتيجة لذلك،‏ كان هنالك اشتراك اكبر؛‏ وصارت الاجتماعات حيوية اكثر.‏ وسادت الجماعات ايضا روح من الوحدة الاصيلة،‏ مؤسَّسة على برنامج طعام روحي موحَّد كانت فيه كلمة اللّٰه المقياس للحق.‏

      وفي السنة ١٩٣٨ كانت برج المراقبة تصدر بِـ‍ ٢٠ لغة تقريبا.‏ وكان كل شيء يَظهر اولا بالانكليزية.‏ وعادةً لم تكن تتوافر بلغات اخرى لعدة اشهر،‏ او ربما لسنة ايضا،‏ بسبب الوقت اللازم لترجمتها وطبعها.‏ ولكن،‏ مع تغيُّر اساليب الطباعة،‏ أُنجز خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ اصدار متزامن لـ‍ برج المراقبة بلغات عديدة.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت الجماعات التي تفهم اية من اللغات الـ‍ ٦٦ قادرة على درس المواد نفسها في الوقت نفسه.‏ وهكذا صارت الغالبية العظمى من شهود يهوه حول العالم تتناول الطعام الروحي نفسه اسبوعا فأسبوعا.‏ ففي كل اميركا الشمالية والجنوبية،‏ في معظم اوروپا،‏ في عدد من البلدان في المشرق،‏ في اماكن عديدة في افريقيا،‏ وفي عدد كبير من الجزر حول الكرة الارضية،‏ يتمتع شعب يهوه بترتيب متزامن للطعام الروحي.‏ ومعا يكونون ‹متحدين في فكر واحد ورأي واحد.‏› —‏ ١ كورنثوس ١:‏١٠‏.‏

      وأرقام الحضور في اجتماعاتهم الجماعية تشير الى ان شهود يهوه يتخذون اجتماعاتهم بجدية.‏ ففي ايطاليا،‏ حيث كان هنالك نحو ٠٠٠‏,١٧٢ شاهد نشيط في السنة ١٩٨٩،‏ كان عدد الحضور الاسبوعي في اجتماعات قاعات الملكوت ٤٥٨‏,٢٢٠.‏ وعلى سبيل التباين،‏ تقول وكالة صحافة كاثوليكية ان ٨٠ في المئة من الايطاليين يقولون انهم كاثوليك لكنَّ نحو ٣٠ في المئة فقط يحضرون الخدمات الكنسية بدرجات متفاوتة من القانونية.‏ ولدى النظر بشكل نسبي،‏ تكون الصورة مماثلة في البرازيل.‏ وفي الدنمارك،‏ في السنة ١٩٨٩،‏ ادَّعت الكنيسة القومية ان ٧‏,٨٩ في المئة من عدد السكان هم اعضاء،‏ لكنَّ ٢ في المئة فقط كانوا يحضرون الكنيسة مرة في الاسبوع!‏ أما بين شهود يهوه في الدنمارك فقد بلغ عدد الحضور الاسبوعي آنذاك ٧‏,٩٤ في المئة.‏ وفي المانيا اشار استفتاء من قبل معهد ألِنسباخ لأبحاث الرأي عام ١٩٨٩ ان ٥ في المئة من اللوثريين و ٢٥ في المئة من الكاثوليك في الجمهورية الاتحادية يحضرون الكنيسة قانونيا.‏ أما في قاعات شهود يهوه فتجاوز عدد الحضور الاسبوعي عدد الشهود.‏

      وكثيرا ما يبذل الحاضرون جهدا كبيرا للحضور.‏ ففي ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت امرأة في كينيا عمرها ٧٠ سنة تسير قانونيا ستة اميال (‏١٠ كلم)‏ وتعبر نهرا لتصل الى الاجتماعات كل اسبوع.‏ ولحضور الاجتماعات بلغتها الخاصة كانت شاهدة كورية في الولايات المتحدة تسافر قانونيا ثلاث ساعات كل اتجاه،‏ اذ تركب الباص،‏ القطار،‏ المركب،‏ ثم تمشي.‏ وفي سورينام،‏ كانت عائلة بدخل ضئيل تصرف اجرة يوم كامل كل اسبوع لقاء السفر في الباص للوصول الى الاجتماعات.‏ وفي الارجنتين،‏ كانت عائلة تسافر قانونيا ٣٠ ميلا (‏٥٠ كلم)‏ وتنفق ربع مدخول العائلة لحضور اجتماعات لدرس الكتاب المقدس.‏ وحيث يمنع المرض كاملا البعض من حضور اجتماعات الجماعة كثيرا ما تُصنع الترتيبات لوصلهم بالهاتف او ليسمعوا شريطا مسجَّلا للبرنامج.‏

      يتخذ شهود يهوه بجدية مشورة الكتاب المقدس ان لا يتركوا اجتماعهم معا من اجل البناء الروحي.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وهم يحضرون ليس فقط الاجتماعات في جماعاتهم المحلية.‏ فالحضور في المحافل هو ايضا وجه بارز من برنامج مناسباتهم السنوية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في وقت لاحق دُعيت هذه الاجتماعات الحلقات البيريَّة لدرس الكتاب المقدس،‏ تمثُّلا بأهل بيريَّة للقرن الاول الذين مُدحوا على ‹فحص الكتب.‏› —‏ اعمال ١٧:‏١١‏.‏

      b بسبب مضمونها دُعيت هذه الاجتماعات ايضا اجتماعات صلاة،‏ تسبيح،‏ واختبارات.‏ ونظرا الى اهمية الصلاة،‏ جرت التوصية بعد مدة ان يكون الاجتماع مرة كل ثلاثة اشهر مجرد صلاة عامة،‏ بما في ذلك الترانيم وانما بدون اختبارات.‏

      c في السنة ١٩٠٧ نُقِّحت المساعِدات على الدرس البيريّ،‏ وُسِّعت كثيرا،‏ وجُعلت احدث.‏ وزيدت نحو ٣٠٠ صفحة اضافية من المواد المساعِدة في طبعة السنة ١٩٠٨.‏

      d كان يشار الى ذلك احيانا بصفته الفصح المرموز اليه،‏ اي الاحتفال بذكرى موت يسوع المسيح،‏ الذي رمز اليه حمل الفصح ودُعي بالتالي ‹المسيح فصحنا،‏› في ١ كورنثوس ٥:‏٧‏.‏ وانسجاما مع ١ كورنثوس ١١:‏٢٠‏،‏ دُعي ايضا عشاء الرب.‏ وكان يسمَّى احيانا «العشاء السنوي،‏» مما يلفت الانتباه الى واقع انه احتفال سنوي بالذكرى.‏

      e قارنوا اعداد برج المراقبة آذار ١٨٩١،‏ الصفحتين ٣٣ و ٣٤؛‏ ١٥ آذار ١٩٠٧،‏ الصفحة ٨٨؛‏ ١ شباط ١٩٣٥،‏ الصفحة ٤٦؛‏ و ١ شباط ١٩٤٨،‏ الصفحات ٤١-‏٤٣،‏ بالانكليزية.‏

      f وحتى قبل السنة ١٩٠٠ أُرسلت كراسة بعنوان Suggestive Hints to Colporteurs (‏نصائح مذكِّرة لموزعي المطبوعات الجائلين‏)‏ الى اولئك المنخرطين في هذه الخدمة الخصوصية.‏ وابتداء من السنة ١٩١٩ صدرت النشرة لتزويد الحافز الى خدمة الحقل،‏ اولا في توزيع العصر الذهبي ولاحقا في ما يتعلق بكل الاشكال المختلفة للنشاط التبشيري.‏

      g تغيَّر الاسم Zion’s Watch Tower and Herald of Christ’s Presence (‏برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح‏)‏ في ١ كانون الثاني ١٩٠٩ الى The Watch Tower and Herald of Christ’s Presence (‏برج المراقبة وبشير حضور المسيح‏)‏‏.‏ وفي ١٥ تشرين الاول ١٩٣١ صار الاسم يُكتَب The Watchtower and Herald of Christ’s Presence‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٣٧]‏

      الاجتماعات التي تطلَّبت الاشتراك الشخصي

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٣٩]‏

      لا مجرد فلسفة عقلية بل تعابير تدفع القلب

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٤٧]‏

      يجري تشجيع الجميع في العائلة على حضور الاجتماعات معا

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٥٢]‏

      توحيد برنامج التغذية الروحية

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٥٣]‏

      يتخذ الشهود اجتماعاتهم بجدية

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢٣٨]‏

      الجماعات الاولى

      بحلول السنة ١٩١٦ كان هنالك نحو ٢٠٠‏,١ فريق من تلاميذ الكتاب المقدس حول العالم

      دوربان،‏ جنوب افريقيا،‏ ١٩١٥ (‏اعلى اليمين)‏؛‏ ڠِييانا البريطانية (‏ڠَيانا)‏،‏ ١٩١٥ (‏وسط اليمين)‏؛‏ تْرونْهَيْم،‏ النَّروج،‏ ١٩١٥ (‏ادنى اليمين)‏؛‏ هاملتون،‏ اونتاريو،‏ كندا،‏ ١٩١٢ (‏في الاسفل)‏؛‏ سيلان (‏سْري لانكا)‏،‏ ١٩١٥ (‏ادنى اليسار)‏؛‏ الهند،‏ ١٩١٥ (‏اعلى اليسار)‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٤٠ و ٢٤١]‏

      تسبيح يهوه في الترنيم

      ؤكما استعمل الاسرائيليون القدماء ويسوع نفسه الترانيم في العبادة،‏ كذلك يفعل شهود يهوه في الازمنة العصرية.‏ (‏نحميا ١٢:‏٤٦؛‏ مرقس ١٤:‏٢٦‏)‏ وكما يعبِّر مثل هذا الترنيم عن التسبيح ليهوه والتقدير لأعماله،‏ يساعد على غرس حقائق الكتاب المقدس في العقل والقلب كليهما.‏

      واستعمل شهود يهوه مجموعات عديدة من الترانيم على مر السنين.‏ وقد عُدِّلت الكلمات وفقا للفهم التقدُّمي لكلمة اللّٰه.‏

      ١٨٧٩:‏ «ترانيم العروس»‏

      ‏(‏١٤٤ ترنيمة تعبِّر عن رغبات وآمال عروس المسيح)‏

      ١٨٩٠:‏ «قصائد وترانيم الفجر الالفي»‏

      ‏(‏١٥١ قصيدة و ٣٣٣ ترنيمة،‏ نُشرت بدون موسيقى.‏ وكان معظمها من اعمال كتَّاب مشهورين)‏

      ١٨٩٦:‏ خُصِّص عدد ١ شباط من «برج المراقبة» لـ‍ «ترانيم الصباح السارَّة لصهيون»‏

      ‏(‏كلمات لـ‍ ١١ ترنيمة،‏ مع موسيقى؛‏ أشعار كتبها تلاميذ للكتاب المقدس)‏

      ١٩٠٠:‏ «ترانيم صهيون السارَّة»‏

      ‏(‏٨٢ ترنيمة،‏ كتب العديد منها احد تلاميذ الكتاب المقدس؛‏ لتكميل المجموعة الابكر)‏

      ١٩٠٥:‏ «ترانيم الفجر الالفي»‏

      ‏(‏الترانيم الـ‍ ٣٣٣ التي نُشرت في السنة ١٨٩٠،‏ ولكن مع موسيقى)‏

      ١٩٢٥:‏ «ترانيم الملكوت»‏

      ‏(‏٨٠ ترنيمة،‏ مع موسيقى،‏ وخصوصا للاولاد)‏

      ١٩٢٨:‏ «ترانيم تسبيح ليهوه»‏

      ‏(‏٣٣٧ ترنيمة،‏ مزيج من ترانيم جديدة كتبها تلاميذ الكتاب المقدس وترانيم أقدم.‏ وفي الأشعار،‏ بُذل جهد خصوصي للتحرُّر من مشاعر الدين الباطل ومن عبادة المخلوق)‏

      ١٩٤٤:‏ «كتاب ترانيم خدمة الملكوت»‏

      ‏(‏٦٢ ترنيمة.‏ مكيَّفة وفقا لحاجات خدمة الملكوت في ذلك الحين.‏ لم تُذكَر اسماء المؤلِّفين او الملحِّنين)‏

      ١٩٥٠:‏ «ترانيم لتسبيح يهوه»‏

      ‏(‏٩١ ترنيمة.‏ كتاب الترانيم هذا كانت له محاور أحدث وكان خاليا من اللغة القديمة.‏ وقد تُرجم بـ‍ ١٨ لغة)‏

      ١٩٦٦:‏ «مرنِّمين بمصاحبة الموسيقى في قلوبكم»‏

      ‏(‏١١٩ ترنيمة تغطي كل وجه من الحياة والعبادة المسيحيتين.‏ والموسيقى التي عُرف انها نشأت من مصادر دنيوية او دينية باطلة حُذفت.‏ وصُنعت تسجيلات اوركسترية لكامل الكتاب وصارت تُستعمل بشكل واسع للمصاحبة في الاجتماعات الجماعية.‏ وسُجِّلت ايضا بعض المختارات المرنَّمة.‏ وابتداء من السنة ١٩٨٠،‏ أُنتجت تسجيلات لتعديلات اوركسترية لِـ‍ «ألحان الملكوت» لكي يتمكن الافراد في البيت من التمتع بالموسيقى البنَّاءة)‏

      ١٩٨٤:‏ «رنِّموا تسابيحَ ليهوه»‏

      ‏(‏٢٢٥ ترنيمة ملكوت،‏ بكلمات وألحان ألَّفها كاملا خدام منتذرون ليهوه من كل انحاء الارض.‏ وأُنتجت اسطوانات فونوڠرافية وكسيتات سمعية لمصاحبة الترنيم)‏

      في اجتماعات اكواخهم الباكرة،‏ شمل تلاميذ الكتاب المقدس ترانيم تسبيح.‏ وسرعان ما صار الترنيم ايضا وجها بارزا لمحافلهم.‏ ورنَّم البعض واحدة من الترانيم قبل الفطور،‏ في ما يتعلق بعبادتهم الصباحية،‏ كما جرى لسنين عديدة في بيت الكتاب المقدس.‏ ورغم الاستغناء عن الترنيم في الجماعات المحلية الى حد بعيد نحو السنة ١٩٣٨،‏ جرى احياء ذلك ثانية في السنة ١٩٤٤ ويستمر في ان يكون وجها مهما للاجتماعات الجماعية وبرامج محافل شهود يهوه.‏

      ‏[الصورة]‏

      كارل كلاين يقود اوركسترا محفل في السنة ١٩٤٧

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٢٤٣]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ذكرى موت المسيح

      الشهود النشاطى

      الحضور

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١١

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٩

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٨

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٧

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٦

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١

      ١٩٣٥ ١٩٤٥ ١٩٥٥ ١٩٦٥ ١٩٧٥ ١٩٨٥ ١٩٩٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٤٢]‏

      رغم عزله في سجن صيني،‏ استمر هارولد كينڠ في الاحتفال بالذكرى

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٤٥]‏

      صف الكتاب المقدس للاحداث في المانيا،‏ في اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصور في الصفحة ٢٤٥]‏

      في سويسرا،‏ في اواسط ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ نشر الاحداث الشهود هذه المجلة (‏في الاسفل)‏ وقدَّموا مسرحيات من الكتاب المقدس (‏كما هو ظاهر في الاسفل في الوسط)‏ امام اعداد كبيرة من الحضور

      ‏[الصور في الصفحة ٢٤٦]‏

      ‏«النشرة» (‏١٩١٩-‏١٩٣٥)‏،‏ «المرشد» (‏١٩٣٥-‏١٩٣٦)‏،‏ «المخبر» (‏١٩٣٦-‏١٩٥٦)‏،‏ والآن «خدمتنا للملكوت» بِـ‍ ١٠٠ لغة —‏ كلها زوَّدت الارشادات القانونية لخدمة الحقل الموحَّدة التي يقوم بها شهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٤٨]‏

      التمثيليات في اجتماعات الخدمة تساعد الشهود على تحسين خدمتهم الشخصية للحقل (‏السويد)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٤٩]‏

      شاهد حدث في كينيا يكتسب خبرة بتقديم خطاب لأبيه في مدرسة الخدمة الثيوقراطية

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٥٠]‏

      في السنة ١٩٩٢ كانت مواد درس الكتاب المقدس لجماعات شهود يهوه تصدر في آن واحد بـ‍ ٦٦ لغة،‏ والمزيد لا يزال يُضاف

  • المحافل برهان علی اخوَّتنا
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٧

      المحافل برهان على اخوَّتنا

      صارت المحافل وجها قانونيا لهيئة شهود يهوه العصرية.‏ لكنَّ التجمعات القومية والاممية لعبَّاد يهوه كانت تحدث قبل القرن الـ‍ ٢٠ بزمن طويل.‏

      تطلَّب يهوه من جميع الذكور في اسرائيل القديمة ان يجتمعوا في اورشليم من اجل ثلاثة اعياد موسمية كل سنة.‏ وبعض الرجال كانوا يجلبون معهم عائلتهم بكاملها.‏ وفي الواقع،‏ تطلَّب الناموس الموسوي ان يكون كل عضو في العائلة —‏ الرجال،‏ النساء،‏ والصغار —‏ حاضرا في مناسبات معيَّنة.‏ (‏خروج ٢٣:‏​١٤-‏١٧؛‏ تثنية ٣١:‏​١٠-‏١٣؛‏ لوقا ٢:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ في بادئ الامر،‏ كان الحاضرون اشخاصا يعيشون داخل حدود اسرائيل.‏ وفي وقت لاحق،‏ عندما صار اليهود مشتَّتين بشكل واسع،‏ كان الذين يحضرون يأتون من امم عديدة.‏ (‏اعمال ٢:‏​١،‏ ٥-‏١١‏)‏ وكانوا يندفعون الى المجيء ليس فقط لأن اسرائيل وابرهيم كانا جدَّيهم بل لأنهم كانوا يعترفون بأن يهوه هو ابوهم السماوي العظيم.‏ (‏اشعياء ٦٣:‏١٦‏)‏ وكانت هذه الاعياد مناسبات سعيدة.‏ وساعدت ايضا جميع الحاضرين ان يحفظوا عقولهم مركَّزة على كلمة اللّٰه وأن لا ينهمكوا في شؤون الحياة اليومية بحيث ينسون الامور الروحية الاكثر اهمية.‏

      وعلى نحو مماثل،‏ تركِّز محافل شهود يهوه في الازمنة العصرية على المصالح الروحية.‏ وتعطي هذه المحافل المراقبين المخلصين الدليلَ الذي لا يُنكر على ان الشهود متحدون بربط قوية للاخوَّة المسيحية.‏

      المحافل الباكرة لتلاميذ الكتاب المقدس

      تطوَّرت تدريجيا الترتيبات لتجمعات تلاميذ الكتاب المقدس من مختلف المدن والبلدان.‏ وبخلاف الفرق الكنسية التقليدية،‏ سرعان ما تعرَّف تلاميذ الكتاب المقدس،‏ بواسطة محافلهم،‏ بالرفقاء المؤمنين في اماكن اخرى.‏ وفي بادئ الامر،‏ كانت هذه المحافل تُعقد في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ بمناسبة الاحتفال السنوي بذكرى موت الرب.‏ وفي السنة ١٨٩١ جرى الاشعار خصوصا بأنه سيكون هنالك «محفل لدرس الكتاب المقدس وللاحتفال بعشاء الرب التذكاري.‏» وفي السنة التالية،‏ حملت برج المراقبة عنوانا بارزا يعلن ‏«محفل المؤمنين،‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ .‏ .‏ .‏ من ٧ الى ١٤ نيسان،‏ ضمنا،‏ ١٨٩٢.‏»‏

      لم يكن الناس عموما يُدعون الى تلك المحافل الباكرة.‏ ولكن في السنة ١٨٩٢ حضر نحو ٤٠٠ شخص كانوا قد قدَّموا الدليل على الايمان بالفدية والاهتمام المخلص بعمل الرب.‏ وشمل البرنامج خمسة ايام من الدرس المكثَّف للكتاب المقدس ويومين آخرين من المشورة المساعِدة لموزعي المطبوعات الجائلين.‏

      قال شخص حضر للمرة الاولى احد هذه التجمعات:‏ «لقد حضرت محافل عديدة،‏ لكنني لم احضر من قبل قط محفلا كهذا،‏ حيث مشيئة اللّٰه وقصده هما الموضوع الوحيد والمتواصل من وقت النهوض حتى الهجوع؛‏ في البيت،‏ في الشارع،‏ في الاجتماع،‏ على الغداء وفي كل مكان.‏» وفي ما يتعلق بالروح التي اظهرها المندوبون،‏ كتب شخص من ويسكونْسِن،‏ الولايات المتحدة الاميركية:‏ «تأثَّرتُ كثيرا بروح المحبة واللطف الاخوي الظاهرة في كل المناسبات.‏»‏

      حدث تغيير في الترتيبات للمحفل السنوي في السنة ١٨٩٣.‏ فللاستفادة من الاجرة الملائمة للسفر بالقطار بمناسبة المعرض الكولومبي في ذلك الصيف،‏ تجمَّع تلاميذ الكتاب المقدس في شيكاڠو،‏ ايلينُوي،‏ من ٢٠ الى ٢٤ آب.‏ وكان ذلك اول محفل لهم خارج منطقة پيتسبورڠ.‏ ولكن،‏ بهدف افضل استعمال ممكن للوقت والمال في عمل الرب،‏ لم تُعقد محافل عمومية اضافية لبضع سنين.‏

      ثم،‏ ابتداء من السنة ١٨٩٨،‏ ابتدأ تلاميذ الكتاب المقدس في مختلف الاماكن يأخذون المبادرة محليا للترتيب لمحافل يحضرها الناس في منطقة محدودة.‏ ففي السنة ١٩٠٠ كانت هنالك ٣ محافل عمومية نظَّمتها الجمعية؛‏ ولكن كان هنالك ايضا ١٣ محفلا محليا في الولايات المتحدة وكندا،‏ وكان معظمها ليوم واحد فقط وكانت تُعقد في الغالب بمناسبة زيارة احد الخطباء الجائلين.‏ واستمر العدد في الازدياد.‏ وبحلول السنة ١٩٠٩،‏ كان هنالك على الاقل ٤٥ محفلا محليا في اميركا الشمالية،‏ اضافة الى المحافل التي خدمها الاخ رصل في جولات خصوصية اخذته الى مختلف انحاء القارة.‏ وصُمِّم جزء رئيسي من البرنامج في محافل اليوم الواحد بصورة خصوصية لاثارة اهتمام الناس.‏ وتراوح عدد الحضور بين مئة على الارجح وعدة آلاف.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ شدَّدت المحافل العمومية،‏ التي حضرها بشكل رئيسي تلاميذ الكتاب المقدس،‏ على الارشاد لاولئك الراسخين جيدا في طريق الحق.‏ ومن اجل هذه المحافل كانت قطارات خصوصية ملآنة من المندوبين تأتي من مدن رئيسية.‏ وكان عدد الحضور يبلغ احيانا ٠٠٠‏,٤،‏ شاملا ايضا مندوبين قليلين من اوروپا.‏ لقد كانت هذه اوقاتا للانتعاش الروحي الاصيل ادَّت الى غيرة ومحبة متزايدتين من جهة شعب يهوه.‏ قال احد الاخوة في نهاية احد هذه المحافل في السنة ١٩٠٣:‏ «لا آخذ الف دولار بدلا من الخير الذي نلته من هذا المحفل؛‏ —‏ مع انني مجرد رجل فقير.‏»‏

      والاخوة الخطباء الجائلون الذين يمكن ان يكونوا في المنطقة كانوا يلقون الخطابات في المحافل.‏ وكان الاخ رصل ايضا يحاول ان يحضر ويخدم في البرنامج في المحافل المحلية وكذلك في المحافل الاكبر في الولايات المتحدة وغالبا في كندا.‏ واشتمل ذلك على الكثير من السفر.‏ ومعظمه جرى في رحلات نهايات الاسابيع.‏ ولكن،‏ في السنة ١٩٠٩،‏ استأجر اخ في شيكاڠو عدة عربات في القطار لنقل المندوبين الذين يسافرون مع الاخ رصل من محفل الى آخر في جولة.‏ وفي السنتين ١٩١١ و ١٩١٣ استأجر الاخ نفسه قطارات بكاملها لاخذ مئات المندوبين في جولات محافل دامت شهرا او اكثر وغطَّت غربي الولايات المتحدة وكندا.‏

      والسفر في قطار محفل كهذا كان اختبارا لا يُنسى.‏ ففي السنة ١٩١٣،‏ ركبت مَليندا كيفِر قطارا في شيكاڠو،‏ ايلينُوي.‏ وبعد سنين قالت:‏ «لم يلزم وقت طويل لندرك اننا عائلة كبيرة واحدة .‏ .‏ .‏ وكان القطار بيتنا طوال شهر.‏» وفيما كان القطار ينطلق من المحطة،‏ انشد الذين اتوا ليودِّعوهم «ليكن اللّٰه معكم حتى نلتقي ثانية،‏» وهم يلوِّحون بقبعاتهم ومناديلهم كل الوقت حتى غاب القطار عن انظارهم.‏ وتضيف الاخت كيفِر:‏ «وعند كل توقف في الرحلة كانت هنالك محافل تُعقد —‏ ومعظمها لثلاثة ايام،‏ وبقينا يوما واحدا مع كل محفل.‏ وخلال هذه التوقفات ألقى الاخ رصل خطابين،‏ احدهما للرفقاء بعد الظهر،‏ والآخر للعامة في المساء حول الموضوع ‹ما وراء المدفن.‏›»‏

      وفي بلدان اخرى ايضا كان عدد المحافل يزداد.‏ وكانت في الغالب صغيرة تماما.‏ فكان نحو ١٥ حاضرين في المحفل الاول في النَّروج،‏ في السنة ١٩٠٥؛‏ لكنها كانت البداية.‏ فبعد ست سنين،‏ عندما زار الاخ رصل النَّروج،‏ بُذل جهد خصوصي لدعوة العامة،‏ وقُدِّر عدد الحضور في تلك المناسبة بِـ‍ ٢٠٠‏,١.‏ وخلال السنة ١٩٠٩،‏ عندما حضر المحافل في أسكتلندا،‏ خاطب نحو ٠٠٠‏,٢ في ڠلاسكو اضافة الى ٥٠٠‏,٢ في أدنبره حول الموضوع المثير للاهتمام «اللص في الفردوس،‏ الانسان الغني في الهاوية،‏ ولعازر في حضن ابرهيم.‏»‏

      وعند اختتام المحافل الباكرة كان الاخوة يقيمون ما دعوه وليمة محبيَّة،‏ عاكسين شعورهم بالاخوَّة المسيحية.‏ وماذا شملت «الوليمة المحبيَّة» هذه؟‏ على سبيل المثال،‏ كان الخطباء يصطفون ومعهم صحون من الخبز المقطَّع الى مكعبات،‏ ثم كان الحضور يسيرون في صفوف،‏ يتناولون من الخبز،‏ يصافحون،‏ ويرنِّمون «ليتبارك الرباط الذي يوحِّد قلوبنا في المحبة المسيحية.‏» وكثيرا ما كانت دموع الفرح تسيل على خدودهم وهم يرنِّمون.‏ وفي وقت لاحق،‏ اذ ازدادت اعدادهم،‏ توقفوا عن المصافحة وتناول الخبز لكنهم كانوا يختتمون بترنيمة وصلاة،‏ وفي الغالب،‏ بتصفيق مطوَّل للتعبير عن تقديرهم.‏

      الابتداء بحملة عالمية النطاق للمناداة بالملكوت

      جرى المحفل الرئيسي الاول بعد الحرب العالمية الاولى في سيدر پوينت،‏ اوهايو (‏على بحيرة إري،‏ ٦٠ ميلا [٩٦ كلم] غربي كليڤلَنْد)‏،‏ من ١ الى ٨ ايلول ١٩١٩.‏ وعقب موت الاخ رصل ارتدّ بعض الذين كانوا مقترنين بالهيئة بشكل بارز.‏ وخضع الاخوة لامتحان قاسٍ.‏ وفي وقت باكر من السنة ١٩١٩،‏ أُطلق سراح رئيس الجمعية وعشرائه من سجنهم الجائر.‏ فكان هنالك ترقُّب شديد.‏ وعلى الرغم من ان عدد الحضور في اليوم الاول كان منخفضا نوعا ما،‏ وصل المزيد من المندوبين في قطارات خصوصية لاحقا في ذلك اليوم.‏ وحينئذ فاضت الفنادق التي كانت قد عرضت ايواء المندوبين.‏ وتطوع للمساعدة ر.‏ ج.‏ مارتن و أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان (‏وكلاهما كانا في الفريق الذي أُطلق مؤخرا من السجن)‏.‏ فعملا في تعيين الغرف الى ما بعد منتصف الليل،‏ وقضى الاخ رذرفورد وكثيرون غيره وقتا طيبا وهم يخدمون كعمال فنادق،‏ حاملين الحقائب ومرافقين الاصدقاء الى غرفهم.‏ فكانت هنالك روح حماس معدية بينهم جميعا.‏

      كان من المنتظر حضور نحو ٥٠٠‏,٢.‏ ولكن،‏ من كل ناحية،‏ فاق المحفل ما كان متوقَّعا.‏ فبحلول اليوم الثاني،‏ كانت قاعة الاستماع مكتظة فاستُعملت قاعات اضافية.‏ وعندما لم يكن ذلك كافيا،‏ كانت الجلسات تنتقل الى الهواء الطلق الى مكان سارّ كثير الشجر.‏ ونحو ٠٠٠‏,٦ من تلاميذ الكتاب المقدس من الولايات المتحدة وكندا كانوا حاضرين.‏

      ومن اجل الخطاب الرئيسي يوم الاحد اتى ايضا ٠٠٠‏,١ على الاقل من العامة،‏ مما رفع عدد الحضور الى ٠٠٠‏,٧ على اقل تقدير،‏ الذين خاطبهم الخطيب في الهواء الطلق دون الاستعانة بأيّ ميكروفون او جهاز لتكبير الصوت.‏ وفي تلك المحاضرة،‏ «الرجاء للبشرية المتضايقة،‏» اوضح ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان ملكوت اللّٰه المسيَّاني هو الحل لمشاكل الجنس البشري،‏ وأظهر ايضا ان عصبة الامم (‏التي كانت قد وُلدت آنذاك وكان قد أيَّدها رجال الدين)‏ لم تكن على الاطلاق تعبيرا سياسيا لملكوت اللّٰه.‏ وصحيفة رِدْجيستر (‏صحيفة محلية)‏ لسَنْدَسكي نشرت تقريرا شاملا عن تلك المحاضرة العامة،‏ وملخَّصا لنشاط تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فأُرسلت نسخ من تلك الصحيفة الى الصحف في كل انحاء الولايات المتحدة وكندا.‏ ولكن كان هنالك معنى اكثر بكثير للدعاية التي انبثقت من هذا المحفل.‏

      كانت الذروة الحقيقية لكامل المحفل «خطاب للعمال المساعدين» للاخ رذرفورد،‏ الذي نُشر لاحقا تحت العنوان «اعلان الملكوت.‏» وكان هذا موجَّها الى تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم.‏ وخلال هذا الخطاب اتضح معنى الحرفين GA اللذين ظهرا في برنامج المحفل وفي مختلف الاماكن في موقع المحفل.‏ فقد أُعلن عن اصدار مقبل لمجلة جديدة،‏ العصر الذهبي،‏ للاستعمال في توجيه انتباه الناس الى الملكوت المسيَّاني.‏ وبعد تلخيص العمل الذي يجب القيام به قال الاخ رذرفورد للحضور:‏ «ان باب الفرصة ينفتح امامكم.‏ فادخلوا منه بسرعة.‏ تذكَّروا وأنتم تنطلقون في هذا العمل انكم لا تعملون كوكيل لمجلة فحسب،‏ بل انتم سفير لملك الملوك ورب الارباب،‏ تعلنون للناس بهذا الاسلوب المبجَّل قدوم العصر الذهبي،‏ الملكوت المجيد لربنا وسيدنا،‏ الذي رجاه وصلَّى من اجله المسيحيون الحقيقيون قرونا عديدة.‏» (‏انظروا الرؤيا ٣:‏٨‏.‏)‏ وعندما سأل الخطيب كم شخصا يرغبون في الاشتراك في العمل،‏ كانت رؤية التجاوب الحماسي مثيرة.‏ فكرجل واحد،‏ وقف الحضور البالغ عددهم ٠٠٠‏,٦.‏ وبحلول السنة التالية،‏ كان اكثر من ٠٠٠‏,١٠ يشتركون في خدمة الحقل.‏ فكان للمحفل بكامله تأثير موحِّد ومنشِّط في الحاضرين.‏

      وبعد ثلاث سنوات،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ عُقد محفل آخر جدير بالذكر في سيدر پوينت.‏ كان برنامجا لتسعة ايام،‏ من ٥ الى ١٣ ايلول.‏ واضافة الى المندوبين من الولايات المتحدة وكندا،‏ اتى البعض من اوروپا.‏ وعُقدت الاجتماعات بعشر لغات.‏ وكان المعدل اليومي للحضور نحو ٠٠٠‏,١٠؛‏ وبالنسبة الى الخطاب «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا،‏» فإن كثيرين من العامة كانوا بين الحاضرين حتى ان عدد الحضور تضاعف تقريبا.‏

      لم يجتمع تلاميذ الكتاب المقدس في هذا المحفل بفكرة انهم يخططون لعمل هنا على الارض يمتدّ الى عقود في المستقبل.‏ وفي الواقع،‏ قالوا ان ذلك يمكن ان يكون محفلهم العمومي الاخير قبل «انقاذ الكنيسة .‏ .‏ .‏ الى الجانب السماوي من ملكوت اللّٰه،‏ وفي الحقيقة الى الحضور الفعلي والذاتي لربنا والهنا.‏» ولكن مهما كان الوقت قصيرا،‏ كان فعل مشيئة اللّٰه اهتمامهم الرئيسي.‏ واذ كان يفكِّر في ذلك ألقى الاخ رذرفورد،‏ يوم الجمعة في ٨ ايلول،‏ المحاضرة التي لا تُنسى «الملكوت.‏»‏

      وقبل ذلك عُلِّقت لافتات كبيرة في مختلف انحاء المكان تحتوي على الاحرف ADV‏.‏ وخلال المحاضرة اتضح معنى هذه الاحرف عندما حثَّ الخطيب:‏ «كونوا شهودا امناء وحقيقيين للرب.‏ امضوا قُدُما في القتال الى ان يخرب كل اثر لبابل.‏ أَعلنوا الرسالة في كل مكان.‏ فيجب ان يعرف العالم ان يهوه هو اللّٰه وأن يسوع المسيح هو ملك الملوك ورب الارباب.‏ هذا هو يوم الايام قاطبة.‏ هوذا الملك يحكم!‏ وأنتم وكلاء اعلانه.‏ لذلك أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏» وفي تلك اللحظة انبسطت لافتة كبيرة طولها ٣٦ قدما (‏١١ م)‏ امام الحضور.‏ وعليها كان الشعار المثير «أَعلنوا الملك والملكوت.‏» (‏«أَعلنوا،‏» بالانكليزية،‏ تمثلها ADV‏)‏ لقد كانت لحظة مؤثرة.‏ فصفَّق الحضور بحماس.‏ والاخ المسنّ پْفَانِبِكر في فرقة المحفل الموسيقية،‏ لوَّح بكمانه فوق رأسه وقال بصوت عالٍ بلكنته الالمانية الثقيلة:‏ «نعم!‏ وسنقوم بالعمل.‏» وقد قاموا به.‏

      بعد اربعة ايام،‏ فيما كان المحفل لا يزال منعقدا،‏ اشترك الاخ رذرفورد شخصيا مع المجتمعين الآخرين وهم ينهمكون في عمل المناداة بالملكوت من بيت الى بيت في منطقة ضمن مدى ٤٥ ميلا (‏٧٢ كلم)‏ من موقع المحفل.‏ ولم ينتهِ الامر بذلك.‏ فقد مُنح عمل المناداة بالملكوت زخما هائلا كان سيبلغ مختلف ارجاء الكرة الارضية.‏ وفي تلك السنة اشترك اكثر من ٠٠٠‏,١٧ عامل غيور في ٥٨ بلدا في اعطاء الشهادة.‏ وبعد عقود قال جورج ڠانڠَس،‏ الذي كان في ذلك المحفل وصار لاحقا عضوا في الهيئة الحاكمة،‏ في ما يتعلق بذلك البرنامج في سيدر پوينت:‏ «كان شيئا مكتوبا في عقلي وقلبي بشكل لا يُمحى،‏ شيئا لن يُنسى ابدا ما دمت حيا.‏»‏

      معالم في النمو الروحي

      جميع المحافل كانت اوقاتا للانتعاش والارشاد في كلمة اللّٰه.‏ لكنَّ بعضها جرى تذكُّره لعقود كمعالم روحية.‏

      سبعة منها جرت،‏ سنة بعد اخرى،‏ من السنة ١٩٢٢ حتى السنة ١٩٢٨،‏ في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وبريطانيا.‏ وأحد الاسباب لاهمية هذه المحافل كان القرارات القوية التي جرى تبنّيها،‏ وهذه السبعة كلها مدرجة في الاطار في الصفحة السابقة.‏ وعلى الرغم من ان الشهود كانوا قليلين نسبيا في العدد،‏ وزَّعوا ما مقداره ٤٥ مليون نسخة من احد القرارات،‏ و ٥٠ مليونا من عدة قرارات اخرى،‏ بلغات عديدة حول العالم.‏ وقد أُذيع بعضها عبر شبكات اذاعية دولية.‏ وهكذا أُعطيت شهادة فوق العادة.‏

      وأيضا عُقد محفل تاريخي آخر في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٣١.‏ ويوم الاحد في ٢٦ تموز،‏ بعد سماع المناقشة من الاسفار المقدسة،‏ تبنَّى تلاميذ الكتاب المقدس اسما جديدا —‏ شهود يهوه.‏ وكم كان ذلك ملائما!‏ فها هو اسم يوجِّه الانتباه الرئيسي الى الخالق نفسه ويحدِّد بوضوح مسؤولية اولئك الذين يعبدونه.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتبنِّي هذا الاسم بثَّ في الاخوة غيرة اعظم من ايّ وقت مضى كمنادين باسم اللّٰه وملكوته.‏ وكما عبَّرت عن ذلك رسالة كتبها في تلك السنة شاهد دنماركي:‏ «يا له من اسم رائع،‏ شهود يهوه،‏ نعم،‏ لنكن جميعنا هكذا فعلا.‏»‏

      وفي السنة ١٩٣٥ عُقد محفل آخر جدير بالذكر،‏ في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏ وفي اليوم الثاني من ذلك المحفل،‏ الجمعة في ٣١ ايار،‏ ناقش الاخ رذرفورد الجمع الكثير،‏ المشار اليه في الرؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏.‏ ولاكثر من نصف قرن كان تلاميذ الكتاب المقدس قد حاولوا عبثا تحديد هوية هذا الفريق بشكل صحيح.‏ والآن،‏ في وقت يهوه المعيَّن،‏ على ضوء الاحداث الجارية وقتئذ،‏ جرت الاشارة الى ان هؤلاء هم اشخاص لديهم رجاء الحياة الى الابد هنا على الارض.‏ وهذا الفهم اعطى عمل التبشير معنى جديدا وأوضح من الاسفار المقدسة تغييرا رئيسيا كان آنذاك يبتدئ بالحدوث في بنية الهيئة العصرية لشهود يهوه.‏

      والمحفل في سانت لويس،‏ ميسوري،‏ في السنة ١٩٤١،‏ يذكره كثيرون ممَّن حضروا الخطاب الافتتاحي بعنوان «الاستقامة،‏» الذي ركَّز فيه الاخ رذرفورد الانتباه على القضية العظمى التي تواجه كل الخليقة الذكية.‏ ومنذ إلقاء الخطاب «حاكم للناس،‏» في السنة ١٩٢٨،‏ مُنحت القضايا التي اثارها تمرد الشيطان انتباها متكررا.‏ أما الآن فقد جرت الاشارة الى ان «القضية الرئيسية التي اثارها تحدي الشيطان العدائي كانت ولا تزال السيادة الكونية.‏»‏ والتقدير لهذه القضية ولاهمية المحافظة على الاستقامة امام يهوه بصفته المتسلط الكوني كان عاملا محرِّكا قويا في حياة خدام يهوه.‏

      وفي غمرة الحرب العالمية الثانية،‏ في السنة ١٩٤٢،‏ عندما كان البعض يتساءلون عما اذا كان العمل الكرازي ربما على وشك الانتهاء،‏ كان الخطاب العام للمحفل،‏ الذي ألقاه ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة المعيَّن حديثا،‏ بعنوان «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» والتفسير في تلك المحاضرة ‹للوحش القرمزي› الرمزي لسفر الرؤيا الاصحاح ١٧ كشف لعيون شهود يهوه عن فترة تعقب الحرب العالمية الثانية تكون هنالك فيها فرصة لتوجيه عدد اكبر من الناس ايضا الى ملكوت اللّٰه.‏ فمنح ذلك زخما لحملة عالمية النطاق بلغت على مر السنين اكثر من ٢٣٥ بلدا ولم تنتهِ بعد.‏

      وجرى بلوغ مَعْلَم آخر خلال محفل في يانكي ستاديوم في نيويورك بتاريخ ٢ آب ١٩٥٠.‏ ففي تلك المناسبة كان الحضور المندهش والمسرور جدا اول مَن تسلَّموا ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وباقي ترجمة العالم الجديد صدر على دفعات خلال السنوات العشر التالية.‏ وهذه الترجمة باللغة العصرية للاسفار المقدسة ردَّت اسم اللّٰه الشخصي الى مكانه الصحيح في كلمته.‏ وأمانتها لما هو موجود في لغات الكتاب المقدس الاصلية جعلتها رصيدا كبيرا لشهود يهوه في درسهم الشخصي للاسفار المقدسة وكذلك في عملهم التبشيري.‏

      وفي اليوم قبل الاخير من ذلك المحفل،‏ خاطب ف.‏ و.‏ فرانز،‏ نائب رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ الحضور حول «الانظمة الجديدة للاشياء.‏» ولسنوات عديدة كان شهود يهوه قد اعتقدوا انه حتى قبل هرمجدون سيقوم بعض خدام يهوه لما قبل المسيحية من الاموات ليكونوا امراء العالم الجديد،‏ اتماما للمزمور ٤٥:‏١٦‏،‏ ع‌ج.‏ اذًا،‏ يمكنكم ان تتصوروا التأثير في الحضور الكبير عندما سأل الخطيب:‏ «هل يُسعِد هذا المحفل الاممي ان يعرف انه هنا،‏ في هذه الليلة،‏ في وسطنا،‏ يوجد عدد من امراء الارض الجديدة المرتقبين؟‏» فكان هنالك تصفيق هائل وطويل ترافقه صيحات الفرح.‏ ثم اظهر الخطيب ان استعمال الكتاب المقدس للتعبير المترجم «امير» اضافةً الى سجل امانة كثيرين من ‹الخراف الاخر› في الازمنة العصرية يفسح المجال للاعتقاد ان بعض الاحياء الآن يمكن ان يختارهم يسوع المسيح للخدمة الاميرية.‏ لكنه اوضح ايضا انه لن يكون هنالك منح ألقاب لاولئك الذين توكل اليهم مثل هذه الخدمة.‏ واذ اختتم محاضرته،‏ حثَّ قائلا:‏ «فلنتقدم،‏ اذًا،‏ بثبات،‏ جميعنا معا،‏ كمجتمع عالم جديد!‏»‏

      أُلقيت محاضرات عديدة اخرى بالغة الاهمية في محافل شهود يهوه:‏ ففي السنة ١٩٥٣ كان الخطاب «مجتمع العالم الجديد يهاجَم من اقصى الشمال» ايضاحا مثيرا لمغزى هجوم جوج الماجوجي كما هو موصوف في حزقيال الاصحاحين ٣٨ و ٣٩‏.‏ وفي تلك السنة عينها اثارت المحاضرة «ملء البيت مجدا» اولئك الذين سمعوها اذ رأوا امام اعينهم الدليل الملموس على اتمام وعد يهوه،‏ في حجي ٢:‏٧‏،‏ ان يجلب الاشياء الثمينة،‏ المشتهى،‏ من كل الامم الى بيت يهوه.‏

      أما المحفل الابرز للازمنة العصرية فقد عُقد في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ حين ملأ اكثر من ربع مليون شخص اكبر تسهيلين متوافرين ليسمعوا المحاضرة «ملكوت اللّٰه يسود —‏ هل منتهى العالم قريب؟‏» وقد حضر مندوبون من ١٢٣ بلدا،‏ وتقاريرهم التي قُدِّمت للموجودين في المحفل ساعدت على تقوية ربط الاخوَّة الاممية.‏ وللمساهمة في النمو الروحي للحاضرين ولاستعمالها في تعليم الآخرين،‏ صدرت مطبوعات بـ‍ ٥٤ لغة خلال ذلك المحفل فوق العادة.‏

      وفي السنة ١٩٦٢،‏ صحَّحت سلسلة الخطابات حول المحور «الخضوع للسلاطين الفائقة» الفهم الذي كان للشهود في ما يتعلق ب‍رومية ١٣:‏​١-‏٧ .‏ وفي السنة ١٩٦٤،‏ زاد «الانتقال من الموت الى الحياة» و «من القبور الى قيامة» تقديرهم لرحمة يهوه العظيمة كما ظهرت في تدبير القيامة.‏ والكثير الكثير ايضا من النقاط البارزة لمثل هذه المحافل يمكن الاشارة اليه.‏

      كل سنة هنالك عشرات الآلاف،‏ نعم،‏ مئات الآلاف،‏ من الجدد بين الحضور في المحافل.‏ وعلى الرغم من ان المعلومات المقدَّمة ليست دائما جديدة بالنسبة الى الهيئة ككل،‏ إلا انها غالبا ما تتيح للحاضرين الجدد فهم المشيئة الالهية الذي يثيرهم حقا.‏ فيمكن ان يروا ويندفعوا الى انتهاز فرص الخدمة التي تغيِّر كامل مسلك حياتهم.‏

      وفي محافل عديدة جرى تركيز الانتباه على معنى اسفار معيَّنة للكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٥٨ ومرة ثانية في السنة ١٩٧٧،‏ صدرت كتب مجلَّدة خُصِّصت لمناقشة النبوات التي سجَّلها النبي دانيال في ما يتعلق بقصد اللّٰه ان تكون هنالك حكومة عالمية واحدة برئاسة المسيح كملك.‏ وفي السنة ١٩٧١ مُنح سفر حزقيال الانتباه،‏ بتشديده على الاعلان الالهي،‏ «فتعلم الامم اني انا (‏يهوه)‏.‏» (‏حزقيال ٣٦:‏٢٣‏)‏ وفي السنة ١٩٧٢ مُنحت النبوات التي سجَّلها زكريا وحجي الدرس المفصَّل.‏ وفي السنوات ١٩٦٣،‏ ١٩٦٩،‏ و ١٩٨٨،‏ كانت هنالك مناقشات شاملة لنبوات سفر الرؤيا المثيرة،‏ التي تنبئ بشكل حيوي بسقوط بابل العظيمة ومجيء سموات جديدة وأرض جديدة مجيدة للّٰه.‏

      والمحافل ابرزت محاور متنوعة —‏ نمو الثيوقراطية،‏ العبادة الطاهرة،‏ العبَّاد المتحدون،‏ الخدام الشجعان،‏ ثمر الروح،‏ التلمذة،‏ بشارة لجميع الامم،‏ الاسم الالهي،‏ السلطان الالهي،‏ الخدمة المقدسة،‏ الايمان الظافر،‏ ولاء الملكوت،‏ المحافظون على الاستقامة،‏ الثقة بيهوه،‏ التعبد التقوي،‏ حَمَلة النور،‏ وأكثر بكثير.‏ وقد ساهم كل منها في النمو الروحي للهيئة وأولئك المقترنين بها.‏

      حافز الى عمل التبشير

      ان المحافل الكورية الكبيرة،‏ وكذلك المحافل الدائرية الاصغر،‏ هي مصدر تشجيع عظيم في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة.‏ فالمحاضرات والتمثيليات تزوِّد الارشاد العملي.‏ والاختبارات التي يجري التمتع بها في خدمة الحقل وكذلك تلك التي يسردها الاشخاص الذين جرت مساعدتهم مؤخرا على تعلُّم حق الكتاب المقدس هي دائما في البرنامج.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانت خدمة الحقل الفعلية المدرجة في البرنامج في اثناء المحافل لسنين عديدة نافعة جدا.‏ فقد اعطت شهادة رائعة في مدينة المحفل وكانت مصدر تشجيع عظيم للشهود انفسهم.‏

      وخدمة الحقل صارت جزءا من نشاط المحفل المبرمَج في وينِّيپيڠ،‏ مانيتوبا،‏ كندا،‏ في كانون الثاني ١٩٢٢.‏ وكانت ايضا وجها بارزا خلال المحفل العام الذي عُقد في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في وقت لاحق من تلك السنة.‏ وبعد ذلك صارت ممارسة قانونية ان يخصَّص يوم،‏ او جزء من يوم او اجزاء من عدة ايام،‏ ليشترك المندوبون معا في النشاط الكرازي في مدينة المحفل وحولها.‏ وفي المناطق الواسعة للمدن وضواحيها اعطى ذلك الناس الذين نادرا ما يمكن للشهود الاتصال بهم فرصة لسماع البشارة عن قصد اللّٰه ان يمنح الحياة الابدية لمحبي البر.‏

      وفي الدنمارك رُتِّب اول يوم من ايام الخدمة هذه في محفل في السنة ١٩٢٥،‏ حين اجتمع ٤٠٠ الى ٥٠٠ في نوريڤول.‏ وبالنسبة الى كثيرين من الـ‍ ٢٧٥ الذين اشتركوا في خدمة الحقل في ذلك المحفل كان ذلك المرة الاولى.‏ وكان البعض خائفين.‏ ولكن بعد ان ذاقوها صاروا مبشرين حماسيين في مقاطعاتهم المحلية ايضا.‏ وعقب ذلك المحفل وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية عُقد العديد من محافل الخدمة ليوم واحد في الدنمارك،‏ ودُعي الاخوة من البلدات المجاورة.‏ وكانت الغيرة المتزايدة ظاهرة اذ اشتركوا باتحاد في الخدمة ثم اجتمعوا لسماع الخطابات.‏ وعُقدت محافل خدمة مماثلة —‏ انما لمدة يومين —‏ في بريطانيا والولايات المتحدة.‏

      وفي المحافل الاكبر غالبا ما تعاظم نشاط المندوبين في الحقل.‏ وابتداء من السنة ١٩٣٦ كان الخطاب العام للمحفل يُعلَن بمسيرات منَظَّمة لشهود يلبسون لافتات ويوزعون اوراق الدعوة.‏ (‏أُشير الى هذه اللافتات في بادئ الامر بـ‍ «لافتات الشطائر» لأنها تُلبَس على الصدر والظهر.‏)‏ وأحيانا كان ألف شاهد او اكثر يساهمون في مسيرات كهذه في محفل معيَّن.‏ وكان آخرون يشتركون في الذهاب القانوني من بيت الى بيت،‏ داعين الجميع الى المجيء وسماع البرنامج.‏ وكان من المشجع جدا للشهود الافراد ان يعملوا مع الآخرين ويروا مئات،‏ وحتى آلافا،‏ من الشهود الآخرين يشتركون معهم في الخدمة.‏ وفي الوقت نفسه صارت العامة ضمن منطقة كبيرة تعرف ان شهود يهوه هم في البلدة؛‏ فتسنَّت للناس الفرصة ليسمعوا شخصيا ما يعلِّمه الشهود ويلاحظوا سلوكهم بشكل مباشر.‏

      والخطابات المقدَّمة في المحافل كثيرا ما كان يستمع اليها عدد اكبر بكثير من الحضور المنظورين.‏ فعندما ألقى الاخ رذرفورد في محفل في تورونتو،‏ كندا،‏ في السنة ١٩٢٧،‏ المحاضرة «حرية للشعوب،‏» بُثَّت عبر سلسلة يسجِّلها التاريخ من ٥٣ محطة اذاعية لعدد كبير من المستمعين للراديو على نطاق دولي.‏ وفي السنة التالية،‏ من ديترويت،‏ ميشيڠان (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏،‏ أُذيع الخطاب «حاكم لاجل الشعب» عبر ضعف عدد المحطات،‏ وبثَّته اذاعة الموجة القصيرة للمستمعين بعيدا في اوستراليا،‏ نيوزيلندا،‏ وجنوب افريقيا.‏

      وفي السنة ١٩٣١ رفضت شبكات اذاعية كبرى ان تتعاون مع الخطط لاذاعة محاضرة محفل من الاخ رذرفورد؛‏ ولذلك اسَّست جمعية برج المراقبة،‏ بالعمل مع الشركة الاميركية للهاتف والتلڠراف،‏ شبكتها الخاصة من ١٦٣ محطة،‏ بما فيها اوسع شبكة سلكية على الاطلاق على الهواء لاذاعة الرسالة «الملكوت،‏ رجاء العالم.‏» وبالاضافة الى ذلك،‏ اذاع البرنامجَ اكثر من ٣٠٠ محطة اخرى في انحاء عديدة من العالم باستخدام اسطوانات فونوڠرافية.‏

      وخلال المحفل في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ تكلم الاخ رذرفورد حول الموضوع «الحكومة،‏» لافتا الانتباه بقوة الى واقع ان ملكوت يهوه برئاسة المسيح سيحل عما قريب محل جميع الحكومات البشرية.‏ وقد استمع الى الخطاب اكثر من ٠٠٠‏,٢٠ في قاعة الاستماع في واشنطن.‏ وأُذيع الخطاب ايضا عبر الراديو وخطوط الهاتف حول الكرة الارضية،‏ بالغا اميركا الوسطى والجنوبية،‏ اوروپا،‏ جنوب افريقيا،‏ جزر الپاسيفيك،‏ وبلدان المشرق.‏ وأولئك الذين سمعوا الخطاب بهذه الطريقة ربما بلغ عددهم الملايين.‏ وقد نقضت صحيفتان رئيسيتان في واشنطن اتفاقيتيهما لنشر المحاضرة.‏ إلا ان الاخوة وزَّعوا سيارات مزوَّدة بمكبِّرات الصوت على ٣ نقاط في المدينة و ٤٠ مكانا آخر حول واشنطن،‏ ومن هذه أُعيدت اذاعة الخطاب الى مستمعين اضافيين قُدِّر عددهم بـ‍ ٠٠٠‏,١٢٠.‏

      ثم في السنة ١٩٣٨،‏ من قاعة ألبرت الملكية،‏ في لندن،‏ انكلترا،‏ جرى بثّ المحاضرة الصريحة «واجهوا الوقائع» لنحو ٥٠ مدينة محفل حول الكرة الارضية،‏ بحضور بلغ مجموعه نحو ٠٠٠‏,٢٠٠.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سمع هذا الخطاب عدد كبير من المستمعين للراديو.‏

      وهكذا،‏ على الرغم من ان شهود يهوه كانوا قليلين نسبيا في العدد،‏ لعبت محافلهم دورا مهما في المناداة العلنية برسالة الملكوت.‏

      محافل ما بعد الحرب في اوروپا

      بالنسبة الى الذين حضروا،‏ تبرز محافل معيَّنة اكثر من كل المحافل الاخرى.‏ وقد صحَّ ذلك في المحافل في اوروپا مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية.‏

      وأحد هذه المحافل كان في امستردام،‏ النَّذَرلند،‏ في ٥ آب ١٩٤٥ بعد اطلاق الشهود من معسكرات الاعتقال الالمانية بأقل من اربعة اشهر.‏ وكان متوقَّعا مجيء نحو ٥٠٠‏,٢ مندوب؛‏ ٠٠٠‏,٢ من هؤلاء في حاجة الى تسهيلات للمنامة.‏ ولسدّ الحاجة الى اماكن للنوم فرش شهود محليون قشّا على ارض بيوتهم.‏ ومن كل الجهات اتى المندوبون بكل وسيلة ممكنة —‏ بالمركب،‏ في الشاحنات،‏ على الدراجات،‏ والبعض بالركوب المجاني.‏

      في ذلك المحفل ضحكوا وبكوا،‏ رنَّموا،‏ وشكروا يهوه على صلاحه.‏ وكما قال احد الذين حضروا:‏ «كان فرحهم الفرح الذي لا يوصَف لهيئة ثيوقراطية تحرَّرت الآن من اغلالها!‏» فقبل الحرب كان هنالك اقل من ٥٠٠ شاهد في النَّذَرلند.‏ واعتُقل وسُجن ما مجموعه ٤٢٦؛‏ ومن هؤلاء مات ١١٧ كنتيجة مباشرة للاضطهاد.‏ ويا للفرح الذي كان عندما وجد البعض في المحفل احباءهم الذين ظنّوا انهم ماتوا!‏ وذرف الآخرون الدموع اذ كانوا يفتشون عبثا.‏ وفي تلك الامسية اصغى ٠٠٠‏,٤ بانتباه تام الى الخطاب العام الذي اوضح لماذا كان شهود يهوه اهدافا لمثل هذا الاضطهاد الشديد.‏ وعلى الرغم مما عانوه،‏ جرى تنظيمهم للمضي قُدُما بعملهم المعطى من اللّٰه.‏

      وفي السنة التالية،‏ ١٩٤٦،‏ رتَّب الاخوة في المانيا لمحفل في نورَمبورڠ.‏ فمُنحوا حق استخدام تْزِپْلينْڤيس،‏ ساحة العرض السابقة لهتلر.‏ وفي اليوم الثاني من المحفل ألقى أريك فروست،‏ الذي اختبر شخصيا وحشية الڠستاپو وقضى سنوات في احد معسكرات الاعتقال النازية،‏ الخطاب العام «المسيحيون في المحنة.‏» وقد انضمَّ الى الشهود الـ‍ ٠٠٠‏,٦ الحاضرين ٠٠٠‏,٣ من العامة من نورَمبورڠ من اجل المناسبة.‏

      واليوم الاخير من هذا المحفل كان يوما ستصدر فيه الاحكام في محاكمات جرائم الحرب هناك في نورَمبورڠ.‏ فأعلنت السلطات العسكرية حظر التجول في ذلك اليوم،‏ ولكن بعد مفاوضات مطوَّلة وافقوا انه نظرا الى الموقف الذي اتخذه شهود يهوه في وجه المقاومة النازية ليس من الملائم اعاقتهم عن انهاء محفلهم بسلام.‏ وهكذا،‏ في ذلك اليوم الاخير،‏ اجتمع الاخوة لسماع الخطاب المثير «شجعان رغم تآ‌مر العالم.‏»‏

      لقد رأوا يد يهوه في ما كان يحدث.‏ ففي الوقت نفسه الذي فيه كانت تجري معاقبة رجال يمثِّلون نظاما حاول ابادتهم،‏ كان شهود يهوه يجتمعون ليعبدوا يهوه في المكان الذي ادَّى فيه هتلر بعض عروضه الاكثر تباهيا للقوة النازية.‏ قال عريف المحفل:‏ «ان مجرد التمكن من اختبار هذا اليوم،‏ الذي هو مجرد عرض مسبق لانتصار شعب اللّٰه على اعدائهم في معركة هرمجدون،‏ يستأهل تسع سنين في معسكر الاعتقال.‏»‏

      محافل اخرى جديرة بالذكر

      اذ توسَّع نشاط شهود يهوه عُقدت محافل حول الارض.‏ وكانت لجميعها ميزات بارزة بالنسبة الى الذين حضروا.‏

      ففي كيتواي،‏ روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏،‏ في قلب منطقة النحاس،‏ خُطِّط لعقد محفل خلال زيارة رئيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٥٢.‏ كان الموقع منطقة واسعة في اطراف احد مخيمات التعدين،‏ في مكان يُعرف الآن باسم تشامبولي.‏ فمُهِّد رأس كَثيب نمل مهجور،‏ وبُنيت عليه سقيفة من قش لتخدم كمنبر.‏ وسقائف اخرى من قش للنوم،‏ بطبقتين،‏ امتدت ٢٠٠ ياردة (‏١٨٠ م)‏ من منطقة المقاعد الرئيسية بشكل اشعة.‏ فنام الرجال والفتيان في بعضها؛‏ والنساء والفتيات في الاخرى.‏ وكان بعض المندوبين قد سافروا مدة اسبوعين بالدراجة ليحضروا.‏ وسار آخرون طوال ايام ثم انهوا الرحلة ركوبا في باص بدائي.‏

      خلال فترات الاجتماع كان اولئك الحاضرون في غاية الانتباه،‏ بالرغم من ان الجلوس كان على مقاعد خيزرانية قاسية في العراء.‏ فقد اتوا للاستماع،‏ ولم يريدوا ان تفوتهم كلمة.‏ وترنيم ذلك الحضور البالغ ٠٠٠‏,٢٠ ادمع العيون —‏ لقد كان في منتهى الجمال.‏ لم تكن هنالك مصاحبة بالآلات الموسيقية،‏ ولكنَّ انسجام الاصوات كان رائعا.‏ وكانت الوحدة ظاهرة بين هؤلاء الشهود،‏ ليس في ترنيمهم فحسب،‏ بل في كل طريقة،‏ بالرغم من انهم كانوا من خلفيات وقبائل عديدة.‏

      ويمكنكم ان تتصوَّروا مشاعر شهود يهوه في الپرتغال عندما حصلوا،‏ بعد صراع استمر نحو ٥٠ سنة من اجل حرية العبادة،‏ على الاعتراف الشرعي في ١٨ كانون الاول ١٩٧٤.‏ وفي ذلك الوقت كان عددهم فقط نحو ٠٠٠‏,١٤.‏ وفي غضون ايام قليلة،‏ ملأ ٥٨٦‏,٧ منهم جناحا في مبنى للالعاب الرياضية في پورتو.‏ وفي اليوم التالي احتشد ٢٨٤‏,٣٩ آخرون في ملعب لكرة القدم في لِشبونة.‏ وكان الأخَوان نور وفرانز معهم من اجل تلك المناسبة السعيدة،‏ المناسبة التي لن ينساها كثيرون ابدا.‏

      تنظيم التجمعات الاممية

      لاكثر من نصف قرن،‏ عقد شهود يهوه محافل كبيرة متعددة المدن في آن واحد في بلدان عديدة.‏ وشعورهم بالاخوَّة الاممية عمُقَ في هذه المناسبات اذ تمكنوا جميعا من سماع المحاضرات الاساسية من مدينة رئيسية.‏

      ولكن ليس قبل السنة ١٩٤٦ كان ان ضمَّ محفل اممي كبير في مدينة واحدة مندوبين من انحاء عديدة من الارض.‏ كان ذلك في كليڤلَنْد،‏ اوهايو.‏ ومع ان السفر في عصر ما بعد الحرب كان لا يزال صعبا،‏ بلغ عدد الحضور ٠٠٠‏,٨٠،‏ بمن فيهم ٣٠٢ من المندوبين من ٣٢ بلدا خارج الولايات المتحدة.‏ وقد عُقدت فترات الاجتماع بـ‍ ٢٠ لغة.‏ وأُعطي كثير من الارشاد العملي بهدف توسيع عمل التبشير.‏ وأحد الاجزاء الرئيسية للمحفل كان خطاب الاخ نور عن مسائل اعادة البناء والتوسع.‏ صفَّق الحضور بحماسة لدى سماعهم عن الخطط لتوسيع تسهيلات الطبع والمكاتب لمركز الجمعية الرئيسي،‏ وكذلك تسهيلاتها الاذاعية،‏ لتأسيس مكاتب فروع في بلدان العالم الرئيسية،‏ ولتوسُّع العمل الارسالي.‏ وبعد المحفل مباشرة وُضعت التفاصيل لكي يقوم الأخَوان نور وهنشل برحلة حول العالم لتحقيق ما جرت مناقشته.‏

      وفي السنوات التي تلت عُقِدت محافل مهمة حقا في يانكي ستاديوم في مدينة نيويورك.‏ وفي المحفل الاول منها،‏ من ٣٠ تموز الى ٦ آب ١٩٥٠،‏ حضر مندوبون من ٦٧ بلدا.‏ وشمل البرنامج تقارير مختصرة من خدام الفروع،‏ المرسلين،‏ والمندوبين الآخرين.‏ وقدَّم هؤلاء للمحفل لمحات مثيرة عن العمل التبشيري الكثيف الجاري في جميع البلدان التي اتوا منها.‏ وفي اليوم الاخير ارتفع عدد الحضور الى ٧٠٧‏,١٢٣ في المحاضرة «هل يمكنكم ان تحيوا الى الابد بسعادة على الارض؟‏» وكان محور المحفل «نمو الثيوقراطية.‏» فوُجِّه الانتباه الى الزيادة الكبيرة في الأعداد.‏ ولكن،‏ كما بيَّن العريف ڠرانت سوتر مؤكِّدا،‏ لا يجري ذلك لتمجيد اية عقول متقدة الذكاء داخل الهيئة المنظورة.‏ وبالاحرى،‏ اعلن:‏ «القوة الجديدة للأعداد موقوفة لاكرام يهوه.‏ هكذا يجب ان تكون،‏ ولن نرضى بغير ذلك.‏»‏

      وفي السنة ١٩٥٣ عُقد محفل آخر في يانكي ستاديوم في نيويورك.‏ وهذه المرة بلغت ذروة عدد الحضور ٨٢٩‏,١٦٥.‏ وكما صحَّ في المحفل الاول هناك،‏ كان البرنامج حافلا بمناقشات لنبوات الكتاب المقدس المثيرة،‏ بالمشورة العملية في كيفية انجاز الكرازة بالبشارة،‏ وبتقارير من بلدان عديدة.‏ وعلى الرغم من ان فترات الاجتماع بدأت نحو الساعة ٣٠:‏٩ صباحا،‏ إلا انها لم تكن تُختتم عادةً حتى الساعة ٠٠:‏٩ او ٣٠:‏٩ مساء.‏ وقد زوَّد المحفل ثمانية ايام كاملة من الولائم الروحية المفرحة.‏

      وبالنسبة الى اكبر محافلهم،‏ في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ كان من الضروري استعمال ليس فقط يانكي ستاديوم بل ايضا پولو غراوندز المجاور وكذلك الاماكن الاخرى خارج الملعبين لاستيعاب حشود المحفل.‏ وفي اليوم الاخير،‏ عندما شُغِل كل مقعد،‏ مُنح اذن خصوصي في استعمال حتى ساحة اللعب في يانكي ستاديوم،‏ وكم كان مشهدا مثيرا اذ تدفق الآلاف الى الساحة،‏ خلعوا احذيتهم،‏ وجلسوا على العشب!‏ وأظهر العدّ ان ٩٢٢‏,٢٥٣ حضروا لسماع الخطاب العام.‏ وجرت رؤية دليل اضافي على بركة يهوه على خدمة خدامه عندما رمز ١٣٦‏,٧ في هذا المحفل الى انتذارهم بمعمودية الماء —‏ اكثر من ضعف عدد الذين اعتمدوا في المناسبة التاريخية ليوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ كما ورد في الكتاب المقدس!‏ —‏ اعمال ٢:‏٤١‏.‏

      وكامل عمل هذه المحافل اعطى الدليل على ما هو اكثر بكثير من هيئة فعَّالة.‏ فكان اظهارا لروح اللّٰه وهو يعمل بين شعبه.‏ والمحبة الاخوية التي اساسها هو المحبة للّٰه كانت ظاهرة في كل مكان.‏ فلم يكن هنالك منظِّمون بمرتَّبات مرتفعة.‏ وكل دائرة جُهِّزت بمتطوعين غير مأجورين.‏ والاخوة والاخوات المسيحيون،‏ والفرق العائلية في الغالب،‏ اعتنوا بطاولات المرطبات.‏ وأعدّوا ايضا وجبات ساخنة،‏ وفي خيام ضخمة خارج الستاديوم خدموا المندوبين بمعدل سرعة وصل الى ألف في الدقيقة.‏ عشرات الآلاف —‏ وجميعهم مسرورون بالاشتراك في العمل —‏ خدموا كحجاب واهتموا بكل البناء الضروري،‏ الطبخ وتقديم الوجبات،‏ التنظيف،‏ وأكثر بكثير.‏

      والمزيد من المتطوعين خصَّصوا مئات الآلاف من الساعات لسدّ الحاجات السكنية للمندوبين.‏ وفي بعض السنين،‏ للاعتناء على الاقل ببعض المجتمعين،‏ جرى تنظيم مدن من المقطورات والخيام.‏ وفي السنة ١٩٥٣،‏ حصد الشهود ٤٠ اكرا (‏١٦ هكتارا)‏ من الحبوب،‏ مجانا،‏ لمُزارع في نيو جيرزي اجرهم ارضه من اجل مدينة مقطوراتهم.‏ والتسهيلات الصحية،‏ الاضاءة،‏ رشاشات الاستحمام،‏ غرف غسل الملابس،‏ الكافيتيريا،‏ ومخازن البقالة رُكِّبت جميعها للاعتناء بالسكان الذين تجاوز عددهم ٠٠٠‏,٤٥.‏ واذ انتقلوا اليها،‏ برزت مدينة الى الوجود بين عشية وضحاها.‏ وعشرات الآلاف الآخرون جرى انزالهم في فنادق وبيوت خاصة في نيويورك وحولها.‏ لقد كان مشروعا ضخما.‏ وببركة يهوه أُنجز بنجاح.‏

      المحافل في تقدُّم

      ان اعضاء الاخوَّة الاممية هذه مهتمون بشدة بالرفقاء الشهود في البلدان الاخرى.‏ ونتيجة لذلك ينتهزون الفرص لحضور المحافل خارج بلدانهم الخاصة.‏

      عندما انعقد المحفل الاول من سلسلة محافل العبادة الطاهرة في ومبلي ستاديوم في لندن،‏ انكلترا،‏ في السنة ١٩٥١،‏ حضر الشهود من ٤٠ بلدا.‏ وشدَّد البرنامج على الناحية العملية للعبادة الحقة وجعل المرء الخدمة مهنة حياته.‏ ومن انكلترا سافر شهود كثيرون الى القارة الاوروپية حيث كانت ستُعقد تسعة محافل اضافية خلال الشهرين التاليين.‏ وكان اكبرها في فرانكفورت آم مَيْن،‏ المانيا،‏ حيث حضر ٤٣٢‏,٤٧ من ٢٤ بلدا.‏ وجرى الاعراب عن المحبة الحارة للاخوة في ختام البرنامج عندما ابتدأت الفرقة الموسيقية تعزف وهتف الاخوة الالمان في ترنيمة وداعية عفوية مستودعين رفقاءهم الشهود اللّٰه،‏ الرفقاء الذين اتوا من الخارج للانضمام اليهم.‏ فجرى التلويح بالمناديل،‏ واحتشد المئات في ساحة اللعب تعبيرا عن التقدير الشخصي لهذا العيد الثيوقراطي العظيم.‏

      وفي السنة ١٩٥٥ رتَّب مزيد من الشهود لزيارة اخوتهم المسيحيين في الخارج وقت المحفل.‏ وبواسطة سفينتين مستأجرتين (‏تحمل كل منهما ٧٠٠ مسافر)‏ و ٤٢ طائرة مستأجرة ذهب مندوبون من الولايات المتحدة وكندا الى اوروپا.‏ والطبعة الاوروپية من صحيفة النجوم والاشرطة،‏ الصادرة في المانيا،‏ وصفت تدفق الشهود بأنه «على الارجح التحرك الجماعي الاضخم للاميركيين عبر اوروپا منذ غزو الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية.‏» وأتى مندوبون آخرون من اميركا الوسطى والجنوبية،‏ آسيا،‏ افريقيا،‏ وأوستراليا.‏ وعلى الرغم من جهود رجال دين العالم المسيحي لمنع الشهود من عقد محفليهم في روما ونورَمبورڠ،‏ جرى عقد هذين المحفلين وستة اخرى في اوروپا خلال الصيف.‏ وتراوح عدد الحضور بين ٣٥١‏,٤ في روما و ٤٢٣‏,١٠٧ في نورَمبورڠ.‏ واجتمع فريق آخر من ٧٢٩‏,١٧ في ڤالتبوني في ما كان يُدعى آنذاك برلين الغربية،‏ التي كان يمكن ان يصل اليها بمجازفة اقل نوعا ما الاخوة من القطاع الشرقي في تلك الحقبة.‏ وكثيرون من هؤلاء كانوا في السجن بسبب ايمانهم او كان اعضاء من عائلاتهم في السجن آنذاك،‏ لكنهم كانوا مع ذلك ثابتين في الايمان.‏ فما كان أنسب محور المحفل —‏ «الملكوت الظافر»!‏

      وعلى الرغم من انه كان هنالك من قبلُ العديد من المحافل الاممية،‏ فان ما جرى في السنة ١٩٦٣ كان الاول من نوعه.‏ فقد كان محفلا حول العالم.‏ واذ ابتدأ في مِلْوُوكي،‏ ويسكونسن،‏ في الولايات المتحدة،‏ انتقل الى نيويورك؛‏ ثم الى اربع مدن رئيسية في اوروپا؛‏ عبر الشرق الاوسط؛‏ وصولا الى الهند،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ تايلند،‏ هونڠ كونڠ،‏ سنغافورة،‏ الفيليپين،‏ إندونيسيا،‏ اوستراليا،‏ تايوان،‏ اليابان،‏ نيوزيلندا،‏ فيجي،‏ جمهورية كوريا،‏ وهاوايي؛‏ وبعد ذلك رجوعا الى البر الرئيسي لاميركا الشمالية.‏ وفي المجموع،‏ حضر مندوبون من ١٦١ بلدا.‏ وتجاوز مجموع عدد الحضور ٠٠٠‏,٥٨٠.‏ وكان هنالك ٥٨٣ شخصا،‏ من نحو ٢٠ بلدا،‏ انتقلوا مع المحفل،‏ حاضرين في بلد بعد آخر،‏ كل الطريق حول الكرة الارضية.‏ وقد مكنتهم جولات خصوصية من رؤية اماكن ذات اهمية دينية،‏ واشتركوا ايضا مع اخوتهم وأخواتهم المحليين في الخدمة من بيت الى بيت.‏ وهؤلاء المسافرون اهتموا بنفقاتهم الخاصة.‏

      ومندوبو اميركا اللاتينية جرى تمثيلهم جيدا في معظم المحافل الاممية.‏ ولكن في ١٩٦٦-‏١٩٦٧،‏ اتى دورهم لاضافة المحافل.‏ وأولئك الذين حضروا لن ينسوا ابدا المسرحية التي احيت رواية الكتاب المقدس عن ارميا والتي ساعدت كل فرد على تقدير معناها ليومنا.‏a وتقوَّت ربط المحبة المسيحية اذ رأى الزائرون مباشرة الخلفية المتعلقة بالحملة الواسعة لتعليم الكتاب المقدس التي تجري في اميركا اللاتينية.‏ وتأثروا عميقا بالايمان القوي للرفقاء المؤمنين،‏ الذين كان كثيرون منهم قد تغلَّبوا على عقبات تبدو مستعصية —‏ المقاومة العائلية،‏ الفيضانات،‏ خسارة الممتلكات —‏ ليكونوا حاضرين.‏ وتشجعوا كثيرا باختبارات كذاك الذي لاخت فاتحة خصوصية ضعيفة الجسم من اورڠواي أُجريت معها مقابلة وكان معها على المنبر كثيرون من الـ‍ ٨٠ شخصا الذين كانت قد ساعدتهم على التقدُّم الى حد المعمودية المسيحية!‏ (‏في السنة ١٩٩٢ كانت قد ساعدت ١٠٥ اشخاص الى حد المعمودية.‏ وكانت لا تزال ضعيفة الجسم ولا تزال فاتحة خصوصية!‏)‏ وكم هو مبهج للقلب ايضا الالتقاء بمرسلين من صفوف جلعاد الاولى لا يزالون يعملون في تعييناتهم!‏ فكانت تلك المحافل حافزا ممتازا الى العمل الجاري في ذلك الجزء من العالم.‏ وفي العديد من تلك البلدان،‏ هنالك الآن من مسبحي يهوه ١٠،‏ ١٥،‏ او حتى ٢٠ ضعفا اكثر مما كان هنالك آنذاك.‏

      بعد بضع سنين،‏ في ١٩٧٠-‏١٩٧١،‏ صار ممكنا للشهود من الخارج ان يعاشروا اخوتهم في المحافل الاممية المنعقدة في افريقيا.‏ وأكبر تلك المحافل كان في لاغوس،‏ نَيجيريا،‏ حيث كان يجب بناء جميع التسهيلات من البداية.‏ ولحماية المندوبين من الشمس الحارة،‏ بُنيت مدينة من الخيزران —‏ اماكن الجلوس،‏ اماكن النوم،‏ كافيتيريا،‏ وأقسام اخرى.‏ وتطلَّب ذلك ٠٠٠‏,١٠٠ عمود من الخيزران و ٠٠٠‏,٣٦ من حُصُر القصب المحبوكة الكبيرة —‏ وقد اعدَّها جميعها الاخوة والاخوات.‏ وقُدِّم البرنامج بـ‍ ١٧ لغة في آن واحد.‏ وبلغ عدد الحضور ١٢٨‏,١٢١ واعتمد ٧٧٥‏,٣ شاهدا جديدا.‏ وجرى تمثيل فرق قَبَلية متعددة،‏ وكثيرون من اولئك الحاضرين كانوا اشخاصا يحاربون بعضهم بعضا.‏ أما الآن،‏ فما ابهج رؤيتهم متحدين بربط الاخوَّة المسيحية الاصيلة!‏

      وبعد المحفل سافر بعض المندوبين الاجانب بالباص الى ايڠبولَند لرؤية المنطقة الاكثر تضرُّرا بالحرب الاهلية الاخيرة.‏ وقد أُثيرت ضجة كبيرة في بلدة بعد اخرى اذ كان الشهود المحليون يسلِّمون على الزائرين ويعانقونهم.‏ فاندفع الناس الى الشوارع ليراقبوا.‏ ومثل هذا الاعراب عن المحبة والوحدة بين السود والبيض كان شيئا لم يروه من قبل قط.‏

      في بعض البلدان يجعل عدد شهود يهوه غير ممكن لهم ان يجتمعوا كلهم في مكان واحد.‏ ولكن،‏ في بعض الاحيان،‏ كانت عدة محافل كبيرة تُعقد في الوقت نفسه،‏ يتبعها المزيد،‏ اسبوعا بعد اسبوع.‏ وفي السنة ١٩٦٩ عزَّز الوحدة،‏ التي لُمست في المحافل المرتَّبة بهذه الطريقة،‏ واقع ان بعض الخطباء الرئيسيين تنقلوا ذهابا وإيابا بالطائرة بين المحافل،‏ خادمينها بالتالي جميعا.‏ وفي السنتين ١٩٨٣ و ١٩٨٨ لُمست وحدة مماثلة عندما وُصِل معا عدد من المحافل الكبيرة التي تستخدم اللغة نفسها،‏ وحتى امميا،‏ عن طريق الارسال الهاتفي للخطابات الرئيسية التي ألقاها اعضاء في الهيئة الحاكمة.‏ لكنَّ الاساس الحقيقي للوحدة بين شهود يهوه هو واقع انهم يعبدون جميعا يهوه بصفته الاله الحقيقي الوحيد،‏ يتخذون جميعا الكتاب المقدس دليلا لهم،‏ يستفيدون جميعا من برنامج الطعام الروحي نفسه،‏ يتطلعون جميعا الى يسوع المسيح كقائد لهم،‏ يسعون جميعا الى الاعراب عن ثمر روح اللّٰه في حياتهم،‏ يضعون جميعا ثقتهم في ملكوت اللّٰه،‏ ويشتركون جميعا في حمل بشارة هذا الملكوت الى الآخرين.‏

      منظمون من اجل تسبيح اممي ليهوه

      لقد ازداد شهود يهوه عددا حتى انهم تجاوزوا عدد سكان عشرات الامم الفردية.‏ ولكي تنجز محافلهم الخير الاعظم،‏ يلزم كثير من التخطيط الدقيق.‏ إلا ان كل ما يلزم عادةً هو طلبات موزَّعة تتعلق بالمكان الذي سيحضره الشهود من مختلف المناطق من اجل التأكد انه سيكون هنالك مجال كافٍ لكل شخص.‏ وعندما يخطَّط للمحافل الاممية،‏ غالبا ما يصير ضروريا ان تأخذ الهيئة الحاكمة بعين الاعتبار ليس فقط عدد الشهود من البلدان الاخرى الذين يودّون الذهاب ويكونون قادرين على ذلك بل ايضا حجم تسهيلات المحفل المتوافرة،‏ عدد الشهود المحليين الذين سيحضرون،‏ ومجموع المساكن المتوافرة للمندوبين؛‏ وبعدئذ يمكن تخصيص عدد اقصى لكل بلد.‏ وقد صحَّ ذلك في ما يتعلق بمحافل «التعبد التقوي» الثلاثة التي عُقدت في پولندا في السنة ١٩٨٩.‏

      وبالنسبة الى هذه المحافل جرى توقع نحو ٠٠٠‏,٩٠ شاهد ليهوه من پولندا،‏ بالاضافة الى آلاف الاشخاص المهتمين حديثا.‏ ودُعي كثيرون ايضا الى الحضور من بريطانيا،‏ كندا،‏ والولايات المتحدة الاميركية.‏ ورُحِّب بوفود كبيرة من ايطاليا،‏ فرنسا،‏ واليابان.‏ وأتى آخرون من إسكنديناڤيا واليونان.‏ وجرى تمثيل ٣٧ بلدا على الاقل.‏ وفي ما يتعلق بأجزاء معيَّنة من البرنامج كان من الضروري ترجمة الخطابات الپولندية او الانكليزية بـ‍ ١٦ لغة اخرى.‏ وكان مجموع عدد الحضور ٥١٨‏,١٦٦.‏

      كانت فرق كبيرة من الشهود في هذه المحافل قد اتت مما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي ومن تشيكوسلوڤاكيا؛‏ وحضرت ايضا فرق ضخمة نوعا ما من بلدان اوروپا الشرقية الاخرى.‏ ولم يكن ممكنا للفنادق ومهاجع المدارس ان تؤوي الجميع.‏ ففتح الشهود الپولنديون قلوبهم وبيوتهم بحسن ضيافة،‏ مشتركين معهم بسرور في ما يمتلكونه.‏ واحدى الجماعات المؤلَّفة من ١٤٦ زوَّدت المنامة لاكثر من ٢٠٠‏,١ مندوب.‏ وبالنسبة الى بعض الذين حضروا هذه المحافل،‏ كانت المرة الاولى التي يحضرون فيها تجمعا كبيرا يتجاوز الـ‍ ١٥ او الـ‍ ٢٠ من شعب يهوه.‏ ففاضت قلوبهم بالتقدير اذ نظروا الى عشرات الآلاف في المدرّجات،‏ اشتركوا معهم في الصلاة،‏ وضمّوا اصواتهم في ترانيم التسبيح ليهوه.‏ وعندما اختلطوا معا بين الفترات،‏ كانت هنالك معانقات دافئة،‏ بالرغم من ان اختلاف اللغة كثيرا ما حال دون تعبيرهم بالكلام عما كان في قلوبهم.‏

      واذ انتهى المحفل،‏ امتلأت قلوبهم بالشكر ليهوه،‏ الذي جعل كل ذلك ممكنا.‏ وفي وارسو،‏ بعد التعليقات الوداعية من العريف،‏ اندفع الحضور الى تصفيق لم يخفّ طوال عشر دقائق على الاقل.‏ وبعد الترنيمة والصلاة الختاميتين بدأ التصفيق من جديد،‏ وبقي الحضور في اماكنهم لوقت طويل.‏ فقد انتظروا سنين كثيرة هذه المناسبة،‏ ولم يريدوا ان تنتهي.‏

      وفي السنة التالية،‏ ١٩٩٠،‏ بعد مرور اقل من خمسة اشهر على رفع الحظر الذي دام ٤٠ سنة على شهود يهوه في ما كان آنذاك المانيا الشرقية،‏ انعقد محفل اممي مثير آخر،‏ وهذه المرة في برلين.‏ وبين الـ‍ ٥٣٢‏,٤٤ الحاضرين كان هنالك مندوبون من ٦٥ بلدا مختلفا.‏ من بعض البلدان اتى عدد قليل فقط؛‏ ومن پولندا،‏ نحو ٥٠٠‏,٤.‏ لم تستطع الكلمات ان تعبِّر عن المشاعر العميقة لاولئك الذين لم تكن لديهم من قبلُ قط الحرية لحضور محفل كهذا،‏ وعندما اشترك كامل الحضور في ترانيم التسبيح ليهوه،‏ لم يتمكنوا من حبس دموع فرحهم.‏

      وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ عندما عُقد محفل مماثل في سان پاولو،‏ البرازيل،‏ لزم مدرّجان كبيران لاستيعاب الحضور الاممي البالغ ٤٠٦‏,١٣٤.‏ وتبع ذلك محفل في الارجنتين،‏ حيث استُخدم ثانية مدرّجان في آن واحد لاستيعاب الحضور الاممي.‏ واذ بدأت السنة ١٩٩١ كانت تجري محافل اممية اضافية في الفيليپين،‏ تايوان،‏ وتايلند.‏ وكان حضور كبير من امم كثيرة موجودين ايضا في تلك السنة من اجل المحافل في اوروپا الشرقية —‏ في هنڠاريا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ وما هو الآن كرواتيا.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ اعتبره المندوبون من ٢٨ بلدا امتيازا خصوصيا ان يكونوا بين الـ‍ ٢١٤‏,٤٦ في سانت پيترسبرڠ في اول محفل اممي حقيقي لشهود يهوه في روسيا.‏

      فرص للانتعاش الروحي القانوني

      ليست كل المحافل التي يعقدها شهود يهوه تجمعات اممية.‏ لكنَّ الهيئة الحاكمة ترتِّب لمحافل رئيسية مرة كل سنة،‏ ويجري التمتع بالبرنامج نفسه حول العالم بلغات عديدة.‏ وهذه المحافل قد تكون كبيرة تماما،‏ مزوِّدة الفرصة لمعاشرة شهود آخرين من اماكن عديدة،‏ او قد تكون اصغر حجما وتُعقد في مدن عديدة،‏ مسهِّلة على الجدد ان يحضروا وممكِّنة العامة في مئات المدن الاصغر من نيل نظرة جيدة عن كثب الى عيِّنة كبيرة من شهود يهوه.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ مرة في السنة تجتمع كل دائرة (‏مؤلَّفة ربما من ٢٠ جماعة)‏ من اجل برنامج للمشورة والتشجيع الروحيين لمدة يومين.‏b وكذلك،‏ منذ ايلول ١٩٨٧،‏ يجري الترتيب ليوم محفل خصوصي،‏ برنامج بنّاء ليوم واحد،‏ لكل دائرة مرة في السنة.‏ وحيثما امكن،‏ يجري ارسال عضو من مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية او شخص من مكتب الفرع المحلي للاشتراك في البرنامج.‏ وهذه البرامج يقدِّرها شهود يهوه كثيرا.‏ وفي مناطق عديدة لا تكون مواقع المحافل بعيدة او صعبة البلوغ.‏ لكنَّ ذلك ليس دائما الحالة.‏ يتذكَّر ناظر جائل زوجين مسنّين سارا ٤٧ ميلا (‏٧٦ كلم)‏ مع حقائب ودُثُر لحضور محفل دائري في زمبابوي.‏

      وخدمة الحقل خلال المحفل لم تعد وجها في كل هذه المحافل،‏ لكنَّ ذلك ليس لأن الشهود يعتبرونها اقل اهمية على الاطلاق.‏ ففي معظم الحالات،‏ يزور الشهود المحليون الآن الناس الذين يسكنون قرب مواقع المحافل قانونيا —‏ وفي بعض الحالات،‏ كل عدة اسابيع.‏ ومندوبو المحافل يبقون متيقظين لفرص الشهادة غير الرسمية،‏ وسلوكهم المسيحي يعطي شهادة قوية بطريقة اخرى.‏

      الدليل على الاخوَّة الحقيقية

      والاخوَّة التي يجري الاعراب عنها بين الشهود في محافلهم سرعان ما تتَّضح للمراقبين.‏ فيمكنهم ان يروا انه لا توجد اية محاباة بينهم وأن المودة الاصيلة ظاهرة حتى بين اولئك الذين قد يلتقون للمرة الاولى.‏ ففي وقت انعقاد محفل المشيئة الالهية الاممي في نيويورك في السنة ١٩٥٨،‏ ذكرت انباء امستردام النيويوركية:‏ «في كل مكان كان الزنوج،‏ البيض والشرقيون،‏ من كل المستويات في الحياة وكل انحاء العالم،‏ يمتزجون بفرح وحرية.‏ .‏ .‏ .‏ والشهود العابدون من ١٢٠ بلدا عاشوا وعبدوا معا بسلام،‏ مظهرين للاميركيين كيف يمكن فعل ذلك بسهولة.‏ .‏ .‏ .‏ والمحفل مثال ساطع يظهر كيف يمكن للناس ان يعملوا ويحيوا معا.‏»‏

      ومنذ عهد اقرب،‏ عندما عقد شهود يهوه محافل متزامنة في دوربان وفي جوهانسبورڠ،‏ جنوب افريقيا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ شمل المندوبون جميع الفرق العرقية واللغوية الرئيسية في جنوب افريقيا،‏ فضلا عن ممثلين من ٢٣ بلدا آخر.‏ وسرعان ما اتَّضحت الرفقة الدافئة بين الـ‍ ٨٣٠‏,٧٧ الحاضرين.‏ «هذا جميل،‏» قالت شابة هندية.‏ «ان رؤية الملوَّنين،‏ الهنود،‏ البيض،‏ والسود يختلطون جميعهم معا غيَّرت كامل نظرتي الى الحياة.‏»‏

      وهذا الشعور بالاخوَّة يتجاوز الابتسامات،‏ المصافحات،‏ ودعوة احدهم الآخر «اخا» و «اختا.‏» مثلا،‏ عندما صُنعت الترتيبات لمحفل «البشارة الابدية» حول العالم في السنة ١٩٦٣،‏ أُعلم شهود يهوه بأنهم اذا ارادوا ان يساعدوا الآخرين ماليا على حضور احد المحافل،‏ يسعد الجمعية ان تتأكد ان الاموال تفيد الاخوة في كل انحاء الارض.‏ لم يكن هنالك استجداء،‏ ولم يؤخَذ شيء للنفقات الادارية.‏ والاموال ذهبت كلها للقصد المذكور.‏ وبهذه الطريقة جرت مساعدة ١٧٩‏,٨ على حضور المحفل.‏ ومُنحت المساعدة لمندوبين من كل بلد في اميركا الوسطى والجنوبية،‏ كما مُنحت لآلاف من افريقيا وكثيرين في الشرق الاوسط والشرق الاقصى.‏ ونسبة كبيرة من الذين جرت مساعدتهم كانوا اخوة وأخوات خصَّصوا سنين عديدة للخدمة كامل الوقت.‏

      ونحو نهاية السنة ١٩٧٨ خُطِّط لعقد محفل في أوكلَنْد،‏ نيوزيلندا.‏ فعلم الشهود في جزر كوك بذلك وكانوا تواقين الى الحضور.‏ لكنَّ الحالة الاقتصادية في الجزر كانت رديئة بحيث ان القيام بالرحلة سيكلِّف كل فرد ثروة صغيرة.‏ غير ان اخوة وأخوات روحيين محبين في نيوزيلندا تبرعوا بأجرة السفر ذهابا وإيابا لنحو ٦٠ من سكان الجزر هؤلاء.‏ وكم كانوا سعداء بأن يحضروا ليشتركوا في الوليمة الروحية مع اخوتهم من موريشيوس،‏ سامْوا،‏ نييووي،‏ والقوقاز!‏

      ونموذج الروح الموجودة بين شهود يهوه هو ما جرى عند اختتام محفل «العدل الالهي» الكوري في مونتريال،‏ كندا،‏ في السنة ١٩٨٨.‏ فطوال اربعة ايام تمتع المندوبون الاسپان،‏ الانكليز،‏ الايطاليون،‏ الپرتغاليون،‏ العرب،‏ الفرنسيون،‏ اليونان بالبرنامج نفسه وانما بلغاتهم.‏ ولكن،‏ عند نهاية الفترة الاخيرة انضم جميع الـ‍ ٠٠٠‏,٤٥ معا في الملعب الاولمپي في عرض مثير للاخوَّة ووحدة القصد.‏ فرنَّموا معا،‏ كل فريق بلغته الخاصة،‏ «قوموا نرنِّم:‏ ‹ساد يهوه ربّ العلاء؛‏ غنِّي يا ارض يا سماء.‏›»‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a سبعون ايضا من مثل هذه المسرحيات قُدِّمت في المحافل خلال السنوات الـ‍ ٢٥ التالية.‏

      b من السنة ١٩٤٧ الى السنة ١٩٨٧ كانت هذه تُعقد مرتين كل سنة.‏ وحتى السنة ١٩٧٢ كانت هذه محافل لثلاثة ايام؛‏ ثم جرى تأسيس برنامج لمدة يومين.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٥٥]‏

      ‏«تأثَّرتُ كثيرا بروح المحبة واللطف الاخوي»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٥٦]‏

      قطارات المحافل —‏ في كل مكان!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٧٤]‏

      منظِّمو محافل بلا مرتَّبات مرتفعة،‏ وانما متطوعون غير مأجورين

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٧٩]‏

      الوحدة بين السود والبيض

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٦٠]‏

      سبعة قرارات مهمة للمحافل

      في السنة ١٩٢٢،‏ طلب القرار بعنوان ‏«تحدٍّ لقادة العالم»‏ منهم ان يبرهنوا ان البشر لديهم الحكمة ليحكموا هذه الارض وإلا فليعترفوا بأن السلام،‏ الحياة،‏ الحرية،‏ والسعادة الابدية يمكن ان تأتي فقط من يهوه بواسطة يسوع المسيح.‏

      في السنة ١٩٢٣،‏ كان هنالك ‏«تحذير لكل المسيحيين»‏ بشأن الضرورة الملحة للهرب من الهيئات التي تدَّعي بخداع تمثيل اللّٰه والمسيح.‏

      في السنة ١٩٢٤،‏ ‏«الاكليريكيون متَّهَمون»‏ شهَّر العقائد والممارسات غير المؤسسة على الاسفار المقدسة لرجال دين العالم المسيحي.‏

      في السنة ١٩٢٥،‏ ‏«رسالة رجاء»‏ اظهر لماذا فشل اولئك الذين يدَّعون انهم انوار العالم المرشدة في سدّ حاجات الانسان العظمى وكيف ان ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يفعل ذلك.‏

      في السنة ١٩٢٦،‏ ‏«شهادة لحكام العالم»‏ اعلمهم بأن يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد وأن يسوع المسيح يحكم الآن بصفته ملك الارض الشرعي.‏ وحثَّ الحكام على استعمال نفوذهم لتحويل اذهان الناس الى الاله الحقيقي كي لا تحل بهم الكارثة.‏

      في السنة ١٩٢٧،‏ ‏«قرار لشعوب العالم المسيحي»‏ شهَّر الاتحاد المالي-‏السياسي-‏الديني الذي يظلم الجنس البشري.‏ وحثَّ الناس على هجر العالم المسيحي ووضع ثقتهم في يهوه وملكوته بين يدي المسيح.‏

      في السنة ١٩٢٨،‏ ‏«اعلان ضد الشيطان ومع يهوه»‏ اوضح ان ملك يهوه الممسوح،‏ يسوع المسيح،‏ سيقيِّد عما قريب الشيطان ويدمِّر هيئته الشريرة،‏ وحثَّ جميع الذين يحبّون البر على اتخاذ موقفهم الى جانب يهوه.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٧٢ و ٢٧٣]‏

      اوجه بارزة لبعض المحافل الكبيرة

      وصل مئات المندوبين المتحمسين بالسفينة،‏ الآلاف بالطائرة،‏ عشرات الآلاف بالسيارة والباص

      لزم تنظيم جيد وأعداد وافرة من العمال الطوعيين لايجاد وتعيين تسهيلات سكن كافية

      خلال هذه المحافل لثمانية ايام،‏ قُدِّمت وجبات ساخنة —‏ عشرات الآلاف منها —‏ قانونيا للمندوبين

      في السنة ١٩٥٣ استوعبت مدينة المقطورات والخيام اكثر من ٠٠٠‏,٤٥ مندوب

      في نيويورك،‏ في السنة ١٩٥٨،‏ اعتمد ١٣٦‏,٧ —‏ اكثر من اية مناسبة واحدة منذ يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م

      عُرضت لافتات الترحيب من بلدان عديدة،‏ وعُقدت الفترات بـ‍ ٢١ لغة،‏ في نيويورك في السنة ١٩٥٣

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٥٦]‏

      مندوبون الى محفل جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في وينِّيپيڠ،‏ مانيتوبا،‏ كندا،‏ في السنة ١٩١٧

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٥٨]‏

      ج.‏ ف.‏ رذرفورد يلقي خطابا في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩١٩.‏ وقد حثَّ الجميع على الاشتراك بغيرة في اعلان ملكوت اللّٰه،‏ باستعمال «العصر الذهبي»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٥٩]‏

      المحفل في سيدر پوينت في السنة ١٩٢٢.‏ لقد انطلق النداء:‏ «أَعلنوا الملك والملكوت»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٦١]‏

      جورج ڠانڠَس كان في سيدر پوينت في السنة ١٩٢٢.‏ ولنحو ٧٠ سنة منذ ذلك الحين ينادي بغيرة بملكوت اللّٰه

      ‏[الصورة في الصفحتين ٢٦٢ و ٢٦٣]‏

      المندوبون الى محفل السنة ١٩٣١ في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ الذين اعتنقوا بحماسة الاسم شهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٦٥]‏

      ‏«ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية» يعلن عن اصدارها ن.‏ ه‍.‏ نور في السنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٦٥]‏

      المحاضرات التي ألقاها ف.‏ و.‏ فرانز عن اتمام نبوة الكتاب المقدس كانت من الامور البارزة في المحفل (‏نيويورك،‏ ١٩٥٨)‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٤]‏

      لسنين عديدة كانت خدمة الحقل جزءا بارزا من كل محفل.‏

      لوس انجلوس،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ ١٩٣٩ (‏في الاسفل)‏؛‏ ستوكهولم،‏ السويد،‏ ١٩٦٣ (‏الصورة الصغيرة)‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٦]‏

      عندما ألقى ج.‏ ف.‏ رذرفورد خطابا من واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ بُثَّت الرسالة عبر الراديو وخطوط الهاتف لست قارات

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٦٨]‏

      في نورَمبورڠ،‏ المانيا،‏ في السنة ١٩٤٦،‏ ألقى أريك فروست المحاضرة الحماسية «المسيحيون في المحنة»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٦٩]‏

      محفل في الهواء الطلق في كيتواي،‏ روديسيا الشمالية،‏ خلال زيارة ن.‏ ه‍.‏ نور في السنة ١٩٥٢

      ‏[الصورتان في الصفحتين ٢٧٠ و ٢٧١]‏

      في السنة ١٩٥٨ سمع الحضور البالغ ٩٢٢‏,٢٥٣،‏ الذي ضاق عن استيعابه ملعبان كبيران في نيويورك،‏ الرسالة «ملكوت اللّٰه يسود —‏ هل منتهى العالم قريب؟‏»‏

      پولو ڠراوندز

      يانكي ستاديوم

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٧٥]‏

      ڠرانت سوتر،‏ عريف المحفل في يانكي ستاديوم في السنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٧٥]‏

      جون ڠرُو (‏جالس)‏ يناقش تنظيم المحفل مع جورج كاوتش في السنة ١٩٥٨

      ‏[الصور في الصفحة ٢٧٧]‏

      في السنة ١٩٦٣ عُقد محفل حول العالم،‏ بمندوبين من نحو ٢٠ بلدا يسافرون معه حول الكرة الارضية

      كيوتو،‏ اليابان (‏ادنى اليسار)‏،‏ كانت احدى مدن المحفل الـ‍ ٢٧.‏ مندوبون في جمهورية كوريا يتعارفون (‏الوسط)‏.‏ تحية ماوورية في نيوزيلندا (‏ادنى اليمين)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢٧٨]‏

      محفل عُقد بـ‍ ١٧ لغة في آن واحد،‏ في مدينة من الخيزران بُنيت للمناسبة (‏لاغوس،‏ نَيجيريا،‏ ١٩٧٠)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢٨١]‏

      ثلاثة محافل كبيرة عُقدت في پولندا في السنة ١٩٨٩،‏ بحضور مندوبين من ٣٧ بلدا

      ث.‏ جاراكز (‏الى اليمين)‏ خاطب المندوبين في پوزنان

      الآلاف اعتمدوا في كوجُوف

      الحضور صفقوا طويلا جدا في وارسو

      مندوبون مما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي (‏الاسفل)‏

      اجزاء من المحفل في كوجُوف تُرجمت بـ‍ ١٥ لغة

  • ‏‹طلب الملكوت اولا›‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٨

      ‏‹طلب الملكوت اولا›‏

      ان المحور الرئيسي للكتاب المقدس هو تقديس اسم يهوه بواسطة الملكوت.‏ وقد علَّم يسوع المسيح أتباعه ان يطلبوا الملكوت اولا،‏ واضعينه قبل الاهتمامات الاخرى في الحياة.‏ ولماذا؟‏

      اوضحت برج المراقبة تكرارا ان يهوه،‏ بسبب واقع كونه الخالق،‏ هو المتسلط الكوني.‏ وهو يستحق ان ينال الاعتبار الارفع من قبل خلائقه.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١‏)‏ ولكن،‏ في وقت باكر جدا من التاريخ البشري،‏ جعل ابن روحي للّٰه نفسَه الشيطان ابليس اذ تحدى سلطان يهوه بتمرد.‏ (‏تكوين ٣:‏​١-‏٥‏)‏ وفضلا عن ذلك،‏ نسب الشيطان دوافع انانية الى جميع الذين يخدمون يهوه.‏ (‏ايوب ١:‏​٩-‏١١؛‏ ٢:‏​٤،‏ ٥؛‏ رؤيا ١٢:‏١٠‏)‏ وهكذا عَكِر سلام الكون.‏

      اوضحت مطبوعات برج المراقبة طوال عقود ان يهوه صنع تدبيرا لبتّ هذه القضايا بطريقة تمجد ليس فقط قدرته الكلية بل ايضا عظمة حكمته،‏ عدله،‏ ومحبته.‏ والجزء الرئيسي من هذا التدبير هو ملكوت اللّٰه المسيَّاني.‏ فبواسطة هذا الملكوت يُمنَح الجنس البشري فرصة كافية لتعلُّم سبل البر.‏ وبواسطته سيُهلَك الاشرار،‏ يبرَّأ سلطان يهوه،‏ ويُنجَز قصده ان يجعل الارض فردوسا يسكنه اناس يحبون اللّٰه حقا وبعضهم بعضا ويبارَكون بكمال الحياة.‏

      وبسبب اهميته نصح يسوع أتباعه:‏ ‹داوموا اذًا على طلب الملكوت اولا.‏› (‏متى ٦:‏​١٠،‏ ٣٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشهود يهوه في الازمنة العصرية اعطوا الدليل الوافر على اجتهادهم في الاصغاء الى هذه المشورة.‏

      التخلي عن كل شيء لاجل الملكوت

      في تاريخ باكر،‏ تأمل تلاميذ الكتاب المقدس في ما يعنيه طلب الملكوت اولا.‏ فناقشوا مثل يسوع الذي شبَّه فيه الملكوت بلؤلؤة كثيرة الثمن حتى ان انسانا «باع كل ما كان له واشتراها.‏» (‏متى ١٣:‏​٤٥،‏ ٤٦‏)‏ وتأملوا في مغزى مشورة يسوع لرئيس شاب غني ان يبيع كل شيء،‏ يعطي الفقراء،‏ ويتبعه.‏ (‏مرقس ١٠:‏​١٧-‏٣٠‏)‏a وأدركوا انهم اذا ارادوا ان يبرهنوا عن اهليتهم للاشتراك في ملكوت اللّٰه يجب ان يجعلوا الملكوت اهتمامهم الاول،‏ مستخدمين بسرور حياتهم،‏ قدراتهم،‏ مواردهم،‏ في خدمته.‏ وكل شيء آخر في الحياة يجب ان ينال المرتبة الثانية.‏

      عمل تشارلز تاز رصل شخصيا بموجب هذه المشورة.‏ فباع مؤسسته التجارية المزدهرة للألبسة الرجالية،‏ قلَّل تدريجيا من المصالح التجارية الاخرى،‏ ثم استخدم كل ممتلكاته الارضية لمساعدة الناس بطريقة روحية.‏ (‏قارنوا متى ٦:‏​١٩-‏٢١‏.‏)‏ ولم يكن ذلك شيئا فعله لمجرد سنين قليلة.‏ فحتى موته استخدم كل موارده —‏ مقدرته العقلية،‏ صحته الجسدية،‏ ممتلكاته المادية —‏ لتعليم الآخرين الرسالة العظيمة لملكوت المسيَّا.‏ وفي جنازة رصل قال احد العشراء،‏ جوزيف ف.‏ رذرفورد:‏ «كان تشارلز تاز رصل وليا للّٰه،‏ وليا للمسيح يسوع،‏ وليا لقضية ملكوت المسيَّا.‏»‏

      في نيسان ١٨٨١ (‏حين كان عدة مئات من الاشخاص فقط يحضرون اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس)‏،‏ نشرت برج المراقبة مقالة بعنوان «مطلوب ٠٠٠‏,١ كارز.‏» وشمل ذلك دعوة للرجال والنساء الذين لم تكن لديهم عائلات تعتمد عليهم الى الشروع في العمل كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات.‏ واذ استعملت لغة مثَل يسوع في متى ٢٠:‏​١-‏١٦‏،‏ سألت برج المراقبة:‏ «مَن يملك رغبة متقدة في الذهاب والعمل في الكرم،‏ ويصلّي ليفتح الرب الطريق»؟‏ وأولئك الذين كان بامكانهم ان يعطوا على الاقل نصف وقتهم كليا لعمل الرب جرى تشجيعهم على تقديم طلب.‏ ولمساعدتهم في نفقات السفر،‏ الطعام،‏ اللباس،‏ والمأوى،‏ زوَّدت جمعية برج مراقبة زيون للكراريس موزعي المطبوعات الجائلين الاولين بمطبوعات الكتاب المقدس للتوزيع،‏ ذكرت التبرع الزهيد الذي يمكن طلبه لقاء المطبوعات،‏ ودعت موزعي المطبوعات الجائلين الى الاحتفاظ بجزء من المال المتسلَّم بهذه الطريقة.‏ فمَن تجاوبوا مع هذه الترتيبات وشرعوا في الخدمة كموزعين جائلين للمطبوعات؟‏

      بحلول السنة ١٨٨٥ كان هنالك نحو ٣٠٠ موزع جائل للمطبوعات مقترن بالجمعية.‏ وفي السنة ١٩١٤ تجاوز العدد اخيرا الـ‍ ٠٠٠‏,١.‏ لم يكن ذلك عملا سهلا.‏ فبعد ان زار البيوت في اربع بلدات صغيرة ووجد ثلاثة او اربعة اشخاص فقط مهتمين الى حد ما،‏ كتب احد موزعي المطبوعات الجائلين:‏ «لا بد لي ان اقول انني شعرت بالوحدة نوعا ما وأنا اسافر مسافة بعيدة جدا،‏ اقابل اشخاصا كثيرين جدا،‏ وأجد اهتماما قليلا جدا معبَّرا عنه بقصد اللّٰه والكنيسة.‏ فساعدوني بصلواتكم حتى اتمكن من تقديم الحق بلياقة وبدون خوف ولا اكلّ في عمل الخير.‏»‏

      قدَّموا انفسهم طوعا

      كان موزعو المطبوعات الجائلون روَّادا حقيقيين.‏ فقد اخترقوا زوايا الارض المتعذر بلوغها الى حد بعيد في وقت كانت فيه وسائل النقل بدائية جدا والطرقات،‏ على العموم،‏ مجرد مسالك عربات.‏ وكانت الاخت ارلي،‏ في نيوزيلندا،‏ واحدة من الذين فعلوا ذلك.‏ واذ باشرت العمل قبل الحرب العالمية الاولى بكثير،‏ خصَّصت ٣٤ سنة لمثل هذه الخدمة كامل الوقت قبل موتها في السنة ١٩٤٣.‏ وقد غطَّت جزءا كبيرا من البلد على دراجة.‏ وحتى عندما اصبحت معاقة بسبب التهاب المفاصل ولا تستطيع الركوب،‏ كانت تستعمل الدراجة للاستناد اليها وحمل كتبها في كل انحاء المقاطعة التجارية لكنيسة المسيح.‏ وكان باستطاعتها ارتقاء السلالم،‏ ولكن كان يجب ان تنزلها بطريقة عكسية بسبب اعاقتها.‏ إلا انها،‏ طالما امتلكت شيئا من القوة،‏ كانت تستعمله في خدمة يهوه.‏

      وهؤلاء الناس لم يتبنَّوا هذا العمل بسبب شعورهم بالثقة بأنفسهم.‏ فكان البعض خجولين جدا بطبيعتهم،‏ لكنهم كانوا يحبون يهوه.‏ وقبل الشهادة في المقاطعة التجارية كانت اخت من هذا النوع تطلب من كلٍّ من تلاميذ الكتاب المقدس في منطقتها ان يصلّي لاجلها.‏ وعلى مر الوقت،‏ اذ اكتسبت خبرة،‏ صارت حماسية جدا في العمل.‏

      عندما تحدثت ماليندا كيفر الى الاخ رصل في السنة ١٩٠٧ عن رغبتها في الانخراط في الخدمة كامل الوقت،‏ قالت انها تشعر بالحاجة الى نيل مزيد من المعرفة اولا.‏ وفي الواقع،‏ كان في السنة السابقة انها اطَّلعت للمرة الاولى على مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فكان جواب الاخ رصل:‏ «اذا اردتِ الانتظار حتى تعرفي كل شيء فلن تبتدئي ابدا،‏ لكنك ستتعلَّمين وأنت تقومين بذلك.‏» وبدون تردد،‏ سرعان ما ابتدأت في اوهايو،‏ في الولايات المتحدة.‏ وكثيرا ما كانت تتذكَّر المزمور ١١٠:‏٣‏،‏ الذي يقول:‏ «شعبك (‏يقدِّمون انفسهم طوعا)‏.‏» وطوال الـ‍ ٧٦ سنة التالية،‏ داومت على ذلك.‏b وقد بدأت الخدمة كامل الوقت عازبة.‏ ولمدة ١٥ سنة تمتعت بالخدمة وهي متزوجة.‏ ولكن بعد ان مات زوجها استمرت في المضي قُدُما بمساعدة يهوه.‏ واذ تطلعت الى الوراء عبر السنين قالت:‏ «كم انا شاكرة على انني قدَّمت نفسي طوعا كفاتحة عندما كنت شابة ووضعت دائما مصالح الملكوت اولا!‏»‏

      عندما كانت المحافل العامة تُعقَد في الايام الباكرة،‏ غالبا ما كانت تُصنَع الترتيبات لجلسات خصوصية مع موزعي المطبوعات الجائلين.‏ فأُجيبَ عن الاسئلة،‏ زُوِّد التدريب للجدد،‏ ومُنِح التشجيع.‏

      ومن السنة ١٩١٩ فصاعدا كان هنالك عدد اكبر من خدام يهوه يقدِّرون ملكوت اللّٰه على نحو رفيع حتى انهم هم ايضا بنوا حياتهم حقا حوله.‏ واستطاع بعضهم ان يضعوا جانبا المساعي الدنيوية ويقفوا انفسهم كاملا للخدمة.‏

      الاعتناء بالحاجات المادية

      وكيف كانوا يعتنون بحاجاتهم المادية؟‏ تذكَّرت آنا پيترسن (‏لاحقا رومر)‏،‏ مبشرة كامل الوقت في الدنمارك:‏ «نلنا المساعدة للنفقات اليومية من توزيع المطبوعات،‏ وحاجاتنا لم تكن كثيرة.‏ واذا كانت هنالك نفقات اكبر،‏ كانت هذه تغطَّى دائما بطريقة او بأخرى.‏ فكانت الاخوات يهبننا بعض الملابس،‏ الفساتين او الاردية،‏ وكان بامكاننا استعمالها وارتداؤها حالا،‏ ولذلك كنا حسنات اللباس.‏ وفي بعض الاشتية كنت اتخذ عملا مكتبيا لشهر او اثنين.‏ .‏ .‏ .‏ وبالشراء في موسم التنزيلات كان بامكاني ان اشتري ما يلزمني من الملابس لسنة كاملة.‏ سارت الامور حسنا.‏ ولم نكن قط في حاجة.‏» لم تكن الامور المادية اهتمامهم الرئيسي.‏ ومحبتهم ليهوه وطرقه كانت فيهم كنار محرقة،‏ وكان لا بد لهم ان يعبِّروا عنها.‏

      وبالنسبة الى المأوى كان بامكانهم ان يستأجروا غرفة متواضعة فيما كانوا يزورون الناس في المنطقة.‏ وكان بعضهم يستعملون مقطورة —‏ كل شيء فيها بسيط،‏ مجرد مكان للنوم والاكل.‏ وكان آخرون ينامون في خيام وهم ينتقلون من مكان الى آخر.‏ وفي بعض الاماكن رتب الاخوة لـ‍ «مخيمات فاتحين.‏» والشهود في المنطقة كان يمكن ان يزوِّدوا بيتا،‏ ويعيَّن شخص للاشراف عليه.‏ والفاتحون الذين يخدمون في تلك المنطقة كان بامكانهم استعمال التسهيلات،‏ وكانوا يشتركون في النفقات المشمولة.‏

      لم يسمح الفعلة كامل الوقت هؤلاء للنقص في المال بأن يمنع الناس المشبهين بالخراف من الحصول على مطبوعات الكتاب المقدس.‏ فغالبا ما كان الفاتحون يقايضون بنتاج كالبطاطا،‏ الزبدة،‏ البيض،‏ الفاكهة الطازجة والمعلَّبة،‏ الدجاج،‏ الصابون،‏ وأيّ شيء آخر تقريبا.‏ وهم لم يكونوا ليستغنوا؛‏ وانما كان ذلك وسيلة لمساعدة الناس المخلصين على نيل رسالة الملكوت،‏ حاصلين في الوقت نفسه على ضرورات الحياة المادية مما يمكِّن الفاتحين من مواصلة خدمتهم.‏ وكانوا يثقون بوعد يسوع انهم اذا ‹داوموا على طلب الملكوت وبر اللّٰه اولا،‏› فحينئذ يزوَّد الطعام والكساء الضروريان.‏ —‏ متى ٦:‏٣٣‏،‏ ع‌ج.‏

      الطوعية للخدمة حيثما كانت هنالك حاجة

      ان الرغبة المتقدة في القيام بالعمل الذي عيَّنه يسوع لتلاميذه قادت الفعلة كامل الوقت الى مقاطعات جديدة،‏ وحتى الى بلدان جديدة.‏ فعندما دُعي فرانك رايس الى مغادرة اوستراليا لافتتاح الكرازة بالبشارة في جاوا (‏الآن جزء من إندونيسيا)‏ في السنة ١٩٣١،‏ كانت له وراءه عشر سنين من الخبرة في الخدمة كامل الوقت.‏ أما الآن فكانت هنالك عادات جديدة وكذلك لغات جديدة لتعلُّمها.‏ كان بامكانه استعمال الانكليزية للشهادة للبعض في المتاجر والمكاتب،‏ ولكنه اراد ان يشهد للآخرين ايضا.‏ فدرس باجتهاد،‏ وفي غضون ثلاثة اشهر كان يعرف ما يكفي من الهولندية للابتداء بالذهاب من بيت الى بيت.‏ ثم درس المالَيالَمية.‏

      كان عمر فرانك ٢٦ سنة فقط عندما ذهب الى جاوا،‏ ومعظم السنوات الست التي قضاها هناك وفي سومطرة كان يعمل وحده.‏ (‏نحو نهاية السنة ١٩٣١،‏ اتى كْلِم دَيْشان وبيل هانتر من اوستراليا لمساعدته في العمل.‏ وكفريق،‏ قاما بجولة كرازية داخل البلد فيما عمل فرانك في عاصمة جاوا وحولها.‏ وفي ما بعد تسلَّم كْلِم وبيل ايضا تعيينات اخذتهما الى مناطق منفصلة.‏)‏ ولم تكن هنالك اية اجتماعات جماعية يمكن لفرانك ان يحضرها.‏ فكان يشعر احيانا بالوحدة،‏ واكثر من مرة قاوم افكار الاستسلام والعودة الى اوستراليا.‏ لكنه استمر في المضي قُدُما.‏ كيف؟‏ ان الطعام الروحي الذي تحتويه برج المراقبة ساعد على تقويته.‏ وفي السنة ١٩٣٧ انتقل الى تعيين في الهند الصينية،‏ حيث نجا بحياته بصعوبة خلال الاضطرابات العنيفة التي عقبت الحرب العالمية الثانية.‏ وهذه الروح الطوعية للخدمة كانت لا تزال حية في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ عندما كتب ليعبِّر عن فرحه بواقع ان عائلته بكاملها تخدم يهوه وليقول انه وزوجته يستعدان من جديد للانتقال الى مكان في اوستراليا حيث توجد حاجة اعظم.‏

      ‏‹التوكل على يهوه بكل قلبهم›‏

      قرَّر كلود ڠودمان ان ‹يتوكل على يهوه بكل قلبه ولا يعتمد على فهمه،‏› ولذلك اختار الخدمة كمبشر مسيحي جائل لتوزيع المطبوعات،‏ عوضا عن فرصة عمل دنيوي.‏ (‏امثال ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ وبرفقة رونالد تيپين،‏ الذي ساعده على تعلُّم الحق،‏ خدم كموزع جائل للمطبوعات في انكلترا لاكثر من سنة.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٢٩،‏ جعل الاثنان انفسهما متوافرين للذهاب الى الهند.‏c فيا للتحدي الذي قدَّمه ذلك!‏

      وفي السنين التي تلت،‏ سافرا ليس فقط سيرا على الاقدام وبواسطة قطار المسافرين والباص بل ايضا بواسطة قطار الشحن،‏ العربة التي يجرّها ثوران،‏ الجمل،‏ الزورق الصيني،‏ العربة بدولابين التي يجرّها رجل،‏ وحتى بالطائرة والقطار الخاص.‏ وأحيانا كانا يبسطان فراشيهما الملفوفين في غرف الانتظار التابعة للسكة الحديدية،‏ في حظيرة للماشية،‏ على عشب الغاب،‏ او على ارضية من روث البقر في كوخ،‏ ولكن كانت هنالك ايضا اوقات ناما فيها في فنادق فخمة وفي قصر راجا.‏ وكالرسول بولس تعلَّما سر القناعة سواء كانا في عوز او في بحبوحة.‏ (‏فيلبي ٤:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ وعادةً كان لديهما القليل جدا مما له قيمة مادية،‏ لكنهما لم يكونا قط محرومَين مما يحتاجان اليه حقا.‏ واختبرا شخصيا اتمام وعد يسوع انهما اذا طلبا الملكوت وبر اللّٰه اولا،‏ فان ضرورات الحياة المادية سيجري تزويدها.‏

      كانت هنالك نوبات خطيرة من حمَّى الضَّنْك،‏ الملاريا،‏ والتيفوئيد،‏ لكنَّ الرفقاء الشهود زوَّدوا العناية الحبية.‏ فكان يجب انجاز الخدمة وسط قذارة مدن مثل كَلْكُتّا،‏ وكان يجب القيام بالشهادة في مزارع الشاي في جبال سيلان (‏المعروفة الآن بـ‍ سْري لانكا)‏.‏ ولسدّ حاجات الناس الروحية،‏ قُدِّمت المطبوعات،‏ أُديرت التسجيلات باللغات المحلية،‏ وأُلقيت الخطابات.‏ واذ نما العمل،‏ تعلَّم كلود ايضا كيف يشغِّل مطبعة ويعتني بالعمل في مكاتب فروع الجمعية.‏

      وفي عامه الـ‍ ٨٧،‏ استطاع ان يعود بذاكرته الى حياة غنية بالاختبارات في خدمة يهوه في انكلترا،‏ الهند،‏ پاكستان،‏ سيلان،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ ملايو،‏ تايلند،‏ وأوستراليا.‏ وكرجل عازب وأيضا كزوج وأب،‏ أبقى الملكوت اولا في حياته.‏ وكان بعد اقل من سنتين من معموديته انه انخرط في الخدمة كامل الوقت،‏ واعتبر ذلك مهنته باقي حياته.‏

      قوة اللّٰه في الضعف تُكمَل

      كان بن بريكل مثالا آخر لاولئك الشهود الغيورين —‏ وكالناس الآخرين كانت له حاجاته وضعفاته.‏ لقد كان بارزا في الايمان.‏ ففي السنة ١٩٣٠ انخرط في العمل كموزع جائل للمطبوعات في نيوزيلندا،‏ حيث كان يشهد في مقاطعات لم تغطَّ ثانية طوال عقود.‏ وبعد سنتين،‏ في اوستراليا،‏ شرع في رحلة كرازية لخمسة اشهر عبر الريف الصحراوي الذي لم تقدَّم فيه الشهادة من قبل.‏ وكانت دراجته مثقلة بالدُّثُر،‏ الثياب،‏ الطعام،‏ والكتب المجلَّدة للتوزيع.‏ وعلى الرغم من ان رجالا آخرين هلكوا عند محاولتهم السفر عبر هذه المنطقة،‏ فقد شقّ طريقه،‏ واثقا بيهوه.‏ ثم خدم في ماليزيا،‏ حيث تطورت مشاكل خطيرة تتعلق بالقلب.‏ إلا انه لم يتخلَّ عن العمل.‏ فبعد فترة نقاهة استأنف نشاط الكرازة كامل الوقت في اوستراليا.‏ وبعد عشر سنين تقريبا،‏ اضطره مرض خطير الى دخول المستشفى،‏ وعند السماح له بالخروج اخبره الطبيب انه «غير مؤهل للعمل بنسبة ٨٥ في المئة.‏» وكان لا يستطيع حتى السير في الشارع للتسوق دون ان يستريح بين وقت وآخر.‏

      لكنَّ بن بريكل كان مصمِّما على الانطلاق من جديد،‏ وهكذا فعل،‏ متوقفا للاستراحة حسب الضرورة.‏ وسرعان ما كان يشهد ثانية في المناطق النائية الاوسترالية الوعرة.‏ وقد فعل ما في وسعه للاعتناء بصحته،‏ لكنَّ خدمته ليهوه كانت الشيء الرئيسي في حياته حتى موته بعد ٣٠ سنة في اواسط ستيناته.‏d وأدرك ان النقص الموجود نتيجة لضعفه يمكن التعويض عنه بقوة يهوه.‏ وفي محفل في مَلْبورن في السنة ١٩٦٩،‏ خدم في مكتب للفاتحين وعلى ثنية صدر سترته شارة تقول:‏ «اذا اردت ان تعرف عن الفتح فاسألني.‏» —‏ قارنوا ٢ كورنثوس ١٢:‏​٧-‏١٠‏.‏

      بلوغ قرى الادغال ومخيمات التعدين الجبلية

      دفعت الغيرة لخدمة يهوه ليس فقط الرجال بل ايضا النساء الى قبول العمل في الحقول غير المخدومة من قبل.‏ فْريدا جونسون كانت واحدة من الممسوحين،‏ صغيرة الجسم الى حدّ ما،‏ وفي خمسيناتها عندما عملت وحدها في اجزاء من اميركا الوسطى،‏ مغطية مناطق مثل الساحل الشمالي في الهُندوراس على صهوة جواد.‏ وقد تطلَّب الايمان ان تعمل وحدها في هذه المنطقة،‏ زائرة مزارع الموز المتفرقة،‏ البلدات لا سيبا،‏ تيلا،‏ وتروجيلو،‏ وحتى القرى الكاريبية المنعزلة الابعد.‏ وقد شهدت هناك في السنتين ١٩٣٠ و ١٩٣١،‏ ومرة اخرى في السنة ١٩٣٤،‏ وفي السنتين ١٩٤٠ و ١٩٤١،‏ موزِّعة آلاف المطبوعات المحتوية على حق الكتاب المقدس.‏

      خلال تلك السنين بدأت عاملة غيورة اخرى مهنتها في الخدمة كامل الوقت.‏ كانت هذه كاتي پالم،‏ المولودة في المانيا.‏ وما دفعها الى العمل هو حضور المحفل في كولومبس،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٣١،‏ الذي اعتنق فيه تلاميذ الكتاب المقدس الاسم شهود يهوه.‏ وكان آنذاك انها قرَّرت ان تطلب الملكوت اولا،‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٨٩ سنة،‏ كانت لا تزال تفعل ذلك.‏

      بدأت خدمتها كفاتحة في مدينة نيويورك.‏ وفي ما بعد،‏ في داكوتا الجنوبية،‏ عملت معها رفيقة لأشهر قليلة لكنها بعد ذلك تابعت وحدها،‏ مسافرة على صهوة جواد.‏ وعند دعوتها الى الخدمة في كولومبيا،‏ اميركا الجنوبية،‏ قبلت في الحال،‏ واصلة الى هناك في اواخر السنة ١٩٣٤.‏ ومرة اخرى عملت معها رفيقة لفترة من الوقت لكنها بعدئذ كانت وحدها.‏ فلم يجعلها ذلك تشعر بوجوب الكفّ عن العمل.‏

      ثم دعاها زوجان الى الانضمام اليهما في تشيلي.‏ وهنا مقاطعة واسعة اخرى،‏ مقاطعة تمتد ٦٥٠‏,٢ ميلا (‏٢٦٥‏,٤ كلم)‏ في موازاة الساحل الغربي لقارة اميركا الجنوبية.‏ وبعد الكرازة في ابنية المكاتب في العاصمة،‏ ذهبت الى الشمال البعيد.‏ وفي كل مخيم تعدين،‏ كل مدينة شركة،‏ كبيرة او صغيرة،‏ كانت تشهد من باب الى باب.‏ والعمال عاليا في جبال الأنديز ادهشهم ان تزورهم امرأة متوحدة،‏ لكنها كانت مصمِّمة ألا تغفل عن احد في المنطقة المعيَّنة لها.‏ وفي وقت لاحق انتقلت الى الجنوب،‏ حيث كانت بعض الـ‍ استَنْسْياس (‏مزارع الخراف)‏ تغطي ما مقداره ربع مليون أكر (‏٠٠٠‏,١٠٠ هكتار)‏.‏ وكان الناس هناك ودّيين ومضيافين وكانوا يدعونها الى مائدتهم وقت الطعام.‏ وبهذه وغيرها من الطرائق اعتنى يهوه بها بحيث حصلت على ضرورات الحياة المادية.‏

      كانت الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه تملأ حياتها.‏e واذ التفتت الى سني خدمتها قالت:‏ «اشعر بأنني عشت حياة غنية جدا.‏ وكل سنة عندما احضر محفلا لشعب يهوه،‏ ينتابني شعور دافئ يمنح الاكتفاء اذ ارى اشخاصا كثيرين كنت اعقد معهم دروسا في الكتاب المقدس ينشرون البشارة ويساعدون الآخرين على المجيء الى ماء الحياة.‏» وقد نالت فرح رؤية عدد مسبِّحي يهوه في تشيلي ينمو من نحو ٥٠ الى اكثر من ٠٠٠‏,٤٤.‏

      ‏«هأنذا ارسلني»‏

      بعد سماع محاضرة مؤسسة على دعوة يهوه الى الخدمة كما هو مسجل في اشعياء ٦:‏٨ وتجاوب النبي الايجابي،‏ «هأنذا ارسلني،‏» اعتمد مارتن پويتسنڠر،‏ في المانيا.‏ وبعد سنتين،‏ في السنة ١٩٣٠،‏ دخل الخدمة كامل الوقت في باڤاريا.‏f وقبل مضي وقت طويل،‏ حظر الرسميون هناك الكرازة على الشهود،‏ أُغلِقت اماكن الاجتماعات،‏ وصودرت المطبوعات.‏ وكان الڠستاپو يهدِّد.‏ لكنَّ تلك التطورات في السنة ١٩٣٣ لم توقف خدمة الاخ پويتسنڠر.‏

      دُعي الى الخدمة في بلغاريا.‏ واستُخدمت بطاقات شهادة بالبلغارية لتقديم مطبوعات الكتاب المقدس.‏ لكنَّ كثيرين من الناس كانوا اميين.‏ فتلقَّى الاخ پويتسنڠر دروسا ليتعلَّم لغتهم،‏ التي تستعمل الابجدية السيريلية.‏ وعندما كانت المطبوعات تُترك لدى العائلة غالبا ما كان يلزم الصغار ان يقرأوها على والديهم.‏

      في معظم السنة الاولى كان الاخ پويتسنڠر وحده،‏ وكتب:‏ «وقت الذكرى ألقيت الخطاب وحدي،‏ صلَّيت وحدي،‏ واختتمت الاجتماع وحدي.‏» وخلال السنة ١٩٣٤،‏ رُحِّل الاجانب،‏ فذهب الى هنڠاريا.‏ وهنا كان يجب ان يتعلَّم لغة جديدة اخرى ليتمكن من الاخبار بالبشارة.‏ ومن هنڠاريا ذهب الى البلدين اللذين كانا آنذاك معروفين بـ‍ تشيكوسلوڤاكيا ويوڠوسلاڤيا.‏

      كثيرة هي الاختبارات السعيدة التي حصل عليها —‏ ايجاد محبي الحق في اثناء سيره في الريف والقرى،‏ والمطبوعات محمولة على ظهره؛‏ اختبار عناية يهوه اذ كان الناس المضيافون يقدِّمون الطعام وحتى مكانا للنوم ليلا؛‏ التحدث حتى ساعة متأخرة من الليل الى اولئك الذين كانوا يأتون الى مسكنه لسماع المزيد عن رسالة الملكوت المعزية.‏

      وكانت هنالك ايضا امتحانات قاسية للايمان.‏ فعند الخدمة خارج موطنه،‏ وبدون موارد مالية،‏ عانى مرضا خطيرا.‏ ولم يكن ايّ طبيب على استعداد لمعاينته.‏ لكنَّ يهوه هيَّأ الامر.‏ كيف؟‏ جرى الاتصال اخيرا بالمستشار الاعلى لمستشفى محلي.‏ وهذا الرجل،‏ صاحب ايمان راسخ بالكتاب المقدس،‏ اعتنى بالاخ پويتسنڠر كما لو كان ابنا،‏ فاعلا ذلك مجانا.‏ لقد تأثر الطبيب بروح التضحية بالذات لهذا الشاب،‏ التي كانت ظاهرة في العمل الذي يقوم به،‏ وقبل مجموعة من كتب الجمعية كهدية.‏

      وأتى امتحان قاسٍ آخر بعد اربعة اشهر من الزواج.‏ فقد قُبض على الاخ پويتسنڠر في كانون الاول ١٩٣٦ وسُجن اولا في معسكر للاعتقال ثم في آخر،‏ فيما احتُجزت زوجته في معسكر آخر ايضا.‏ ولم يرَ احدهما الآخر طوال تسع سنين.‏ لم يمنع يهوه مثل هذا الاضطهاد القاسي،‏ لكنه شدَّد مارتن،‏ زوجته ڠيرتْرُوت،‏ وآلافا آخرين ليحتملوا.‏

      بعد اطلاق سراحه وزوجته،‏ تمتع الاخ پويتسنڠر بسنين عديدة من الخدمة كناظر جائل في المانيا.‏ وحضر محافل مثيرة عُقدت في فترة ما بعد الحرب في ساحات العرض السابقة لهتلر في نورَمبورڠ.‏ أما الآن فكانت هذه الساحات ملآنة من جمع غفير من المؤيدين الاولياء لملكوت اللّٰه.‏ وحضر محافل لا تُنسى في يانكي ستاديوم في نيويورك.‏ وتمتع كاملا بتدريبه في مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٧٧ صار عضوا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ ونظرته،‏ الى ان انهى مسلكه الارضي في السنة ١٩٨٨،‏ يمكن التعبير عنها افضل ما يكون بالكلمات:‏ ‹هذا الشيء الواحد أفعله —‏ طلب الملكوت اولا.‏›‏

      تعلُّم ما يعنيه ذلك حقا

      من الواضح ان روح التضحية بالذات ليست شيئا جديدا بين شهود يهوه.‏ فعندما صدر المجلد الاول من الفجر الالفي قديما في السنة ١٨٨٦،‏ نوقشت بصراحة مسألة التكريس (‏او،‏ كما نقول اليوم،‏ الانتذار)‏.‏ فتبيَّن على اساس الاسفار المقدسة ان المسيحيين الحقيقيين «يكرسون» كل شيء للّٰه؛‏ ويشمل ذلك قدراتهم،‏ ممتلكاتهم المادية،‏ حياتهم عينها.‏ وهكذا يصير المسيحيون وكلاء على ما «كُرِّس» للّٰه،‏ وكوكلاء،‏ يجب ان يقدِّموا حسابا —‏ لا للناس بل للّٰه.‏

      بذل عدد متزايد من تلاميذ الكتاب المقدس انفسهم حقا في خدمة اللّٰه.‏ فاستخدموا الى الحد الاقصى قدراتهم،‏ ممتلكاتهم،‏ طاقتهم الحيوية،‏ في فعل مشيئته.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان هنالك اولئك الذين شعروا بأن الشيء الاهم هو تنمية ما سمَّوه الشخصية المسيحية ليتأهلوا للاشتراك في الملكوت مع المسيح.‏

      وعلى الرغم من ان مسؤولية الشهادة للآخرين عن ملكوت اللّٰه،‏ الملقاة على عاتق كل مسيحي حقيقي،‏ كثيرا ما بيَّنها الاخ رصل،‏ فقد نالت هذه تشديدا اعظم ايضا بعد الحرب العالمية الاولى.‏ والمقالة «الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏» في برج المراقبة عدد ١ ايار ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ انما هي مثال بارز.‏ فقد عالجت بصراحة النتائج المؤذية لما سُمِّي تطور الشخصية ثم شدَّدت على اهمية اتمام المرء التزاماته تجاه اللّٰه من خلال الاعمال.‏

      وفي وقت ابكر كانت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ قد فحصت نبوة يسوع العظمى عن ‹علامة حضوره ونهاية العالم.‏› (‏متى ٢٤:‏٣‏،‏ الملك جيمس‏)‏ وركَّزت الانتباه على العمل الكرازي الذي يجب القيام به اتماما لمتى ٢٤:‏١٤ وحدَّدت الرسالة التي يجب المناداة بها،‏ قائلة:‏ «البشارة هنا تتعلق بنهاية نظام الاشياء القديم وتأسيس ملكوت المسيَّا.‏» وأوضحت برج المراقبة انه على اساس المكان الذي فيه ذكر يسوع ذلك بالنسبة الى الاوجه الاخرى للعلامة يجب ان يُنجَز هذا العمل «بين زمن الحرب العالمية الكبرى [الحرب العالمية الاولى] وزمن ‹الضيق العظيم› الذي ذكره السيد في متى ٢٤:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏» وهذا العمل كان ملحًّا.‏ فمَن كان سيقوم به؟‏

      من الواضح ان هذه المسؤولية أُلقيت على اعضاء «الكنيسة،‏» الجماعة المسيحية الحقيقية.‏ ولكن في السنة ١٩٣٢،‏ ومن خلال عدد ١ آب (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة،‏ نُصح هؤلاء ان يشجعوا «صف يهوناداب» على الاشتراك معهم في العمل انسجاما مع روح الرؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏ فتجاوب صف يهوناداب —‏ الذين رجاؤهم هو الحياة الابدية في الارض الفردوسية —‏ وكثيرون منهم فعلوا ذلك بغيرة.‏

      شُدِّد بقوة على الاهمية الحيوية لهذا العمل.‏ قالت برج المراقبة في السنة ١٩٢١:‏ «من الضروري الاشتراك في خدمة الرب تماما كما هو ضروري حضور اجتماع.‏» وبيَّنت في السنة ١٩٢٢:‏ «ينبغي لكل فرد ان يكون كارزا بالانجيل.‏» وذكرت في السنة ١٩٤٩:‏ «جعل يهوه الكرازة اهم عمل يمكن لأيٍّ منا ان يقوم به في هذا العالم.‏» واقتُبس اعلان الرسول بولس في ١ كورنثوس ٩:‏١٦ تكرارا:‏ «الضرورة موضوعة عليَّ.‏ فويل لي إن كنت لا ابشر.‏» وطُبِّقت هذه الآية على كل فرد من شهود يهوه.‏

      كم شخصا يقومون بالكرازة؟‏ الى ايّ حد؟‏ ولماذا؟‏

      هل كان ايّ شخص مجبرا على الانهماك في هذا العمل خلافا لارادته؟‏ «كلا،‏» اجابت برج المراقبة في عددها الصادر في ١ آب ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏،‏ «لا احد مجبر على فعل ايّ شيء.‏ انها بكاملها خدمة طوعية محض،‏ تُنجَز بدافع المحبة للرب ولقضية بره.‏ ويهوه لا يُلزِم ابدا ايّ شخص.‏» وفي ما يتعلق بالدافع وراء خدمة كهذه اضافت برج المراقبة عدد ١ ايلول ١٩٢٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الشخص الذي يمتلئ قلبه من الشكر حقا ويقدِّر ما فعله اللّٰه لاجله يريد ان يفعل شيئا بالمقابل؛‏ وكلما ازداد تقديره للطف اللّٰه نحوه،‏ صارت محبته اعظم؛‏ وكلما عظمت محبته،‏ صارت الرغبة في خدمته اعظم.‏» لكنَّ المحبة للّٰه،‏ كما أُوضح،‏ تَظهر بحفظ وصاياه،‏ واحدى هذه الوصايا هي الكرازة بأخبار ملكوت اللّٰه السارة.‏ —‏ اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣‏.‏

      وأولئك الذين اخذوا على عاتقهم هذا النشاط لم تُغوِهم اية فكرة للطموح العالمي.‏ فقد قيل لهم بصراحة انهم عندما يذهبون من بيت الى بيت او يقدِّمون المطبوعات في زاوية شارع سيُعتبرون «جهالا،‏ ضعفاء،‏ ادنياء،‏» سيكونون «محتقَرين،‏ مضطهَدين،‏» وسيصنَّفون «ليس كذوي شأن من وجهة نظر عالمية.‏» لكنهم يعرفون ان يسوع وتلاميذه الاولين عوملوا بالطريقة نفسها.‏ —‏ يوحنا ١٥:‏​١٨-‏٢٠؛‏ ١ كورنثوس ١:‏​١٨-‏٣١‏.‏

      وهل يعتقد شهود يهوه انهم بطريقة ما يكسبون خلاصهم بنشاط كرازتهم؟‏ كلا على الاطلاق!‏ فكتاب United in Worship of the Only True God (‏متحدين في عبادة الاله الحقيقي الوحيد‏)‏،‏ الذي يُستعمل منذ السنة ١٩٨٣ لمساعدة التلاميذ على التقدُّم الى النضج المسيحي،‏ يناقش هذه المسألة.‏ يذكر قائلا:‏ «ذبيحة يسوع فتحت لنا ايضا فرصة الحياة الابدية .‏ .‏ .‏ وليس ذلك مكافأة نكسبها.‏ فمهما فعلنا في خدمة يهوه لا يمكننا ابدا ان نبني استحقاقا كهذا بحيث يكون اللّٰه مدينا لنا بالحياة.‏ فالحياة الابدية انما هي ‹هبة اللّٰه .‏ .‏ .‏ بالمسيح يسوع ربنا.‏› (‏رومية ٦:‏٢٣؛‏ افسس ٢:‏​٨-‏١٠‏)‏ ومع ذلك اذا كنا نملك الايمان بهذه الهبة والتقدير للطريقة التي بها صارت ممكنة نجعل ذلك ظاهرا.‏ واذ ندرك كيف استخدم يهوه يسوع بشكل بديع في انجاز مشيئته،‏ وكم هو ضروري ان نتبع جميعا خطوات يسوع بدقة،‏ نجعل الخدمة المسيحية احد الامور الاهم في حياتنا.‏»‏

      هل يمكن القول ان جميع شهود يهوه هم منادون بملكوت اللّٰه؟‏ نعم!‏ فهذا ما يعنيه كون المرء واحدا من شهود يهوه.‏ وقبل اكثر من نصف قرن،‏ شعر البعض بأنه من غير الضروري ان يشتركوا في خدمة الحقل،‏ خارجين علانية من بيت الى بيت.‏ أما اليوم فلا احد من شهود يهوه يدَّعي انه معفى من خدمة كهذه بسبب المركز في الجماعة المحلية او في الهيئة العالمية النطاق.‏ فالرجال والنساء وكذلك الصغار والكبار يشتركون.‏ وهم يعتبرون ذلك امتيازا ثمينا،‏ خدمة مقدسة.‏ وعدد ليس بقليل يفعلون ذلك بالرغم من الاسقام الخطيرة.‏ أما العاجزون جسديا عن الذهاب من بيت الى بيت فانهم يجدون طرائق اخرى لبلوغ الناس واعطائهم شهادة شخصية.‏

      في الماضي كان هنالك احيانا ميل الى السماح للجدد بالاشتراك في خدمة الحقل بأسرع مما ينبغي.‏ أما في العقود الاخيرة فشُدِّد اكثر على مؤهلاتهم قبل دعوتهم.‏ وماذا يعني ذلك؟‏ لا يعني انه يجب ان يكونوا قادرين على توضيح كل شيء في الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ كما يوضح كتاب Organized to Accomplish Our Ministry (‏منظمين لاتمام خدمتنا‏)‏،‏ يجب ان يعرفوا ويؤمنوا بتعاليم الكتاب المقدس الاساسية.‏ ويجب ايضا ان يحيوا حياة طاهرة،‏ وفقا لمقاييس الكتاب المقدس.‏ ويجب ان يرغب كل فرد حقا في ان يكون شاهدا ليهوه.‏

      من غير المتوقع ان يقوم جميع شهود يهوه بنفس المقدار من الكرازة.‏ فظروف الافراد تختلف.‏ والسن،‏ الصحة،‏ المسؤوليات العائلية،‏ وعمق التقدير جميعها عوامل مساهمة.‏ هذا ما جرى ادراكه على الدوام.‏ وهذا ما شدَّدت عليه برج المراقبة في عددها الصادر في ١ كانون الاول ١٩٥٠ (‏بالانكليزية)‏ عند مناقشة «الارض الصالحة» في مثل يسوع عن الزارع،‏ في لوقا ٨:‏​٤-‏١٥‏.‏ و The Kingdom Ministry School Course (‏منهج مدرسة خدمة الملكوت‏)‏،‏ المعدّ للشيوخ في السنة ١٩٧٢،‏ حلَّل مطلب ‹محبة يهوه من كل النفس› وأوضح ان «المهم ليس مقدار ما يفعله المرء بالنسبة الى ما يفعله شخص آخر،‏ بل ان يفعل المرء ما يستطيعه.‏» (‏مرقس ١٤:‏​٦-‏٨‏)‏ ولكنه،‏ اذ شجَّع على تحليل الذات الرزين،‏ اظهر ايضا ان محبة كهذه تعني «ان كل وجه من وجود المرء مشمول بخدمة اللّٰه بمحبة؛‏ فما من عمل،‏ طاقة او رغبة في الحياة مستثناة.‏» فجميع قدراتنا،‏ نفسنا بكاملها،‏ يجب حشدها لفعل مشيئة اللّٰه.‏ وهذا الكتاب الدراسي شدَّد على ان «اللّٰه يتطلب،‏ لا مجرد الاشتراك،‏ بل الخدمة من كل النفس.‏» —‏ مرقس ١٢:‏٣٠‏.‏

      من المؤسف ان يميل البشر الناقصون الى اتخاذ اجراء متطرف،‏ مشدِّدين على شيء واحد ومهملين الآخر.‏ ولذلك،‏ قديما في السنة ١٩٠٦،‏ وجد الاخ رصل من الضروري ان ينبِّه الى ان التضحية بالذات لا تعني التضحية بالآخرين.‏ فهي لا تعني ان يقصِّر المرء عن صنع تدبير معقول لزوجته،‏ اولاده المعتمدين عليه،‏ او والدَيه المسنَّين لكي يتمكن من التفرغ للكرازة للآخرين.‏ ومن وقت الى آخر منذ ذلك الحين ظهرت مذكِّرات مماثلة في مطبوعات برج المراقبة.‏

      وتدريجيا،‏ بمساعدة كلمة اللّٰه،‏ سعت الهيئة بكاملها الى تحقيق الاتزان المسيحي —‏ الاعراب عن الغيرة في خدمة اللّٰه،‏ وفي الوقت نفسه منح الانتباه اللائق لجميع اوجه كون المرء مسيحيا حقيقيا.‏ وعلى الرغم من ان «تطوير الشخصية» بُني على فهم خاطئ،‏ فقد اظهرت برج المراقبة انه لا يجب التقليل من شأن ثمار الروح والسلوك المسيحي.‏ وفي السنة ١٩٤٢،‏ قالت برج المراقبة بالتحديد:‏ «استنتج البعض بعدم حكمة انهم اذا انهمكوا في عمل الشهادة من بيت الى بيت يمكنهم ان يتبعوا دون عقاب ايّ مسلك قد تتطلبه شهواتهم.‏ فيجب ان يتذكَّر المرء ان مجرد الانهماك في عمل الشهادة ليس كل ما يلزم.‏» —‏ ١ كورنثوس ٩:‏٢٧‏.‏

      وضع الاولويات في المقام الاول

      صار شهود يهوه يقدِّرون ان ‹طلب الملكوت وبر اللّٰه اولا› انما هو مسألة وضع الاولويات في المقام الاول.‏ ويشمل ذلك اعطاء المرء في حياته المكان اللائق للدرس الشخصي لكلمة اللّٰه والحضور القانوني لاجتماعات الجماعة وعدم السماح للمساعي الاخرى بأخذ الاولوية.‏ ويتضمن اتخاذ القرارات التي تعكس رغبة اصيلة في العمل وفق مطالب ملكوت اللّٰه،‏ كما هو مبيَّن في الكتاب المقدس.‏ وهذا يشمل استعمال مبادئ الكتاب المقدس كأساس للقرارات المتعلقة بالحياة العائلية،‏ التسلية،‏ الثقافة الدنيوية،‏ الاستخدام،‏ الممارسات التجارية،‏ والعلاقات بالرفقاء البشر.‏

      وطلب الملكوت اولا هو اكثر من مجرد الاشتراك بعض الشيء كل شهر في التحدث الى الآخرين عن قصد اللّٰه.‏ فهو يعني اعطاء المرء مصالح الملكوت المكان الاول في كامل حياته،‏ فيما يعتني بلياقة بسائر التزامات الاسفار المقدسة.‏

      وهنالك طرائق عديدة يروِّج بها شهود يهوه المخلصون مصالح الملكوت.‏

      امتياز خدمة البتل

      يخدم البعض كأعضاء في عائلة البتل العالمية النطاق.‏ وهذه هي هيئة من الخدام كامل الوقت تطوَّعوا لفعل ايّ شيء يُعيَّن لهم في إعداد ونشر مطبوعات الكتاب المقدس،‏ في الاعتناء بالاعمال المكتبية الضرورية،‏ وفي تزويد خدمات الدعم لمثل هذه الاعمال.‏ وليس ذلك عملا يكسبون فيه شهرة شخصية او ممتلكات مادية.‏ فرغبتهم هي اكرام يهوه،‏ وهم مكتفون بالتدابير المصنوعة لهم من ناحية الطعام،‏ المأوى،‏ والبَدَل المتواضع للنفقات الشخصية.‏ وبسبب طريقة حياة عائلة البتل،‏ فان السلطات الدنيوية في الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ تعتبرهم اعضاء في أَخويَّة دينية اخذوا على انفسهم نذر الفقر.‏ وأولئك الذين هم في البتل يجدون الفرح في التمكن من استعمال حياتهم كاملا في خدمة يهوه وفي القيام بعمل يفيد أعدادا كبيرة من اخوتهم المسيحيين والاشخاص المهتمين حديثا،‏ وأحيانا على نطاق اممي.‏ وكغيرهم من شهود يهوه،‏ يشتركون ايضا قانونيا في خدمة الحقل.‏

      كان موقع عائلة البتل الاولى (‏او،‏ عائلة بيت الكتاب المقدس،‏ كما كانت معروفة آنذاك)‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا.‏ وفي السنة ١٨٩٦ كان عدد هيئة المستخدمين ١٢.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٩٠٠‏,١٢ عضو في عائلة البتل،‏ يخدمون في ٩٩ بلدا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ عندما لا يتوافر سكن كافٍ في مباني الجمعية،‏ يقوم مئات المتطوعين الآخرين برحلات يومية الى بيوت ايل والمصانع للاشتراك في العمل.‏ وهم يحسبونه امتيازا ان يشتركوا في العمل الجاري.‏ وحسب الحاجة،‏ يعرض آلاف الشهود الآخرين ان يتخلَّوا عن العمل الدنيوي والنشاطات الاخرى لفترات متفاوتة من الوقت ليساعدوا في بناء التسهيلات التي تحتاج الجمعية الى استعمالها في ما يتعلق بالكرازة العالمية ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

      وكثيرون من اعضاء عائلة البتل العالمية النطاق جعلوا ذلك عمل حياتهم.‏ وفردريك و.‏ فرانز،‏ الذي صار في السنة ١٩٧٧ الرئيس الرابع لجمعية برج المراقبة،‏ كان قد مضى عليه كعضو في عائلة البتل في نيويورك بحلول ذلك الوقت ٥٧ سنة،‏ واستمر في خدمة البتل ١٥ سنة اخرى حتى موته في السنة ١٩٩٢.‏ وهاينريتش دْڤينڠر بدأ خدمته في البتل في المانيا في السنة ١٩١١،‏ وخدم بتواضع من ذلك الحين فصاعدا حيثما عُيِّن؛‏ وفي السنة ١٩٨٣،‏ سنة موته،‏ كان لا يزال يتمتع بخدمته كعضو في عائلة البتل في تون،‏ سويسرا.‏ وجورج فيليپس،‏ من أسكتلندا،‏ قبل تعيينا في مكتب الفرع في جنوب افريقيا في السنة ١٩٢٤ (‏حين كان المكتب يشرف على نشاط الكرازة من كَيْپ تاون الى كينيا)‏ واستمر في الخدمة في جنوب افريقيا حتى موته سنة ١٩٨٢ (‏في الوقت الذي كانت فيه سبعة مكاتب فروع للجمعية ونحو ٠٠٠‏,١٦٠ شاهد يخدمون بنشاط في تلك المنطقة)‏.‏ والاخوات المسيحيات،‏ مثل كاثرين بوڠارد،‏ ڠريس ديسيكا،‏ إرْما فْرِنْد،‏ أليس برنر،‏ وماري هانِن،‏ وقفن حياتهن الفتية ايضا لخدمة البتل،‏ فاعلات ذلك حتى موتهن.‏ وكثيرون آخرون من اعضاء عائلة البتل خدموا كذلك طوال ١٠،‏ ٣٠،‏ ٥٠،‏ ٧٠ سنة واكثر.‏g

      النظار الجائلون المضحّون بالذات

      حول العالم،‏ هنالك نحو ٩٠٠‏,٣ ناظر دائرة وكورة يعتنون ايضا،‏ مع زوجاتهم،‏ بالتعيينات حيثما توجد حاجة اليهم،‏ وعادةً في موطنهم.‏ وكثيرون من هؤلاء تركوا وراءهم بيوتا وهم الآن ينتقلون كل اسبوع او كل عدة اسابيع لخدمة الجماعات المعيَّنة.‏ وهم لا ينالون ايّ راتب لكنهم شاكرون على الطعام والمأوى حيث يخدمون،‏ اضافة الى التدبير المتواضع للنفقات الشخصية.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ حيث كان ٤٩٩ ناظر دائرة وكورة يخدمون في السنة ١٩٩٢،‏ يبلغ معدَّل عمر هؤلاء الشيوخ الجائلين ٥٤ سنة،‏ وبعضهم يخدمون بهذه الصفة طوال ٣٠،‏ ٤٠ سنة،‏ او اكثر.‏ وفي عدد من البلدان يسافر هؤلاء النظار بالسيارة.‏ والمقاطعة في منطقة الپاسيفيك غالبا ما تتطلب استعمال طائرات وسفن تجارية.‏ وفي اماكن عديدة يصل نظار الدوائر الى الجماعات المنعزلة على صهوة جواد او سيرا على الاقدام.‏

      الفاتحون يسدّون حاجة مهمة

      لمباشرة الكرازة بالبشارة في الاماكن التي لا يوجد فيها شهود،‏ او لتزويد المساعدة التي قد تكون لازمة خصوصا في احدى المناطق،‏ قد ترتب الهيئة الحاكمة ان ترسل فاتحين خصوصيين.‏ وهؤلاء هم مبشرون كامل الوقت يخصصون على الاقل ١٤٠ ساعة شهريا لخدمة الحقل.‏ وهم يجعلون انفسهم متوافرين ليخدموا حيثما توجد حاجة اليهم في بلدهم او،‏ في بعض الحالات،‏ في بلدان مجاورة.‏ وبما ان متطلبات خدمتهم تترك لهم القليل او لا شيء من الوقت للعمل الدنيوي بغية تزويد الحاجات المادية،‏ فانهم يُمنحون بدل نفقات متواضعا للمسكن والضرورات الاخرى.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٥٠٠‏,١٤ فاتح خصوصي في مختلف انحاء الارض.‏

      وعندما أُرسل الفاتحون الخصوصيون الاولون في السنة ١٩٣٧،‏ قادوا عمل تشغيل تسجيلات خطابات الكتاب المقدس لاصحاب البيوت على عتبات ابوابهم واستعمال التسجيلات كأساس لمناقشات الكتاب المقدس في الزيارات المكررة.‏ وجرى القيام بذلك في المدن الكبيرة حيث توجد جماعات من قبل.‏ وبعد سنين قليلة بدأ توجيه الفاتحين الخصوصيين بصورة خاصة الى المناطق حيث لا توجد جماعات او حيث تكون الجماعات في حاجة ماسة الى المساعدة.‏ ونتيجة لعملهم الفعَّال،‏ تشكَّلت مئات الجماعات الجديدة.‏

      وعوضا عن تغطية مقاطعة والانتقال الى اخرى،‏ كانوا يخدمون تكرارا في منطقة معيَّنة،‏ ملاحقين كل اهتمام وعاقدين دروسا في الكتاب المقدس.‏ وكانت الاجتماعات تُرتَّب من اجل الاشخاص المهتمين.‏ وهكذا في ليسوتو،‏ افريقيا الجنوبية،‏ دعا فاتح خصوصي،‏ في اسبوعه الاول في تعيين جديد،‏ كل مَن التقاه ان يأتي ويرى كيف يدير شهود يهوه مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ وقام هو وعائلته بكامل البرنامج.‏ ثم دعا الجميع الى درس برج المراقبة.‏ وبعد اشباع حب الاستطلاع الاولي،‏ استمر ٣٠ في حضور درس برج المراقبة،‏ وبلغ معدَّل عدد الحضور في المدرسة ٢٠.‏ وفي البلدان التي قام فيها المرسلون المدرَّبون في جلعاد بالكثير لتقدُّم الكرازة بالبشارة،‏ كان يحدث نموّ اسرع احيانا عندما يتأهل شهود من ابناء البلد لخدمة الفتح الخصوصي،‏ لأن هؤلاء غالبا ما يعملون بفعَّالية اكثر بين الناس المحليين.‏

      واضافة الى هؤلاء الفعلة الغيورين،‏ هنالك مئات الآلاف غيرهم من شهود يهوه الذين يروِّجون ايضا بنشاط مصالح الملكوت.‏ وهؤلاء يشملون الصغار والكبار،‏ الذكور والاناث،‏ المتزوجين والعزاب.‏ ويخصص الفاتحون القانونيون ٩٠ ساعة كحدّ ادنى شهريا لخدمة الحقل؛‏ والفاتحون الاضافيون ٦٠ ساعة على الاقل.‏ وهم يقرِّرون اين يريدون ان يكرزوا.‏ ويعمل معظمهم مع جماعات مؤسسة؛‏ وينتقل البعض الى مناطق منعزلة.‏ وهم يعتنون بحاجاتهم الجسدية بالقيام بعمل دنيوي،‏ او قد يساعد اعضاء عائلتهم في اعالتهم.‏ وخلال السنة ١٩٩٢،‏ اشترك اكثر من ٥٠٠‏,٩١٤ في خدمة كهذه كفاتحين قانونيين او اضافيين خلال جزء من السنة على الاقل.‏

      مدارس بأهداف خصوصية

      لتهيئة المتطوعين لانواع معيَّنة من الخدمة،‏ يُزوَّد تعليم مدرسي خصوصي.‏ ومنذ السنة ١٩٤٣،‏ مثلا،‏ درَّبت مدرسة جلعاد آلاف الخدام ذوي الخبرة على العمل الارسالي،‏ وأُرسل المتخرجون الى كل انحاء الارض.‏ وفي السنة ١٩٨٧ باشرت مدرسة تدريب الخدام عملها للمساعدة على سدّ الحاجات الخصوصية،‏ بما فيها الاعتناء بالجماعات والمسؤوليات الاخرى.‏ والترتيب لعقد هذه المدرسة في اماكن مختلفة يقلِّل من سفر التلاميذ الى موقع مركزي ومن الحاجة الى تعلُّم لغة اخرى للاستفادة من التعليم المدرسي.‏ وجميع الذين يُدعَون الى حضور هذه المدرسة هم شيوخ او خدام مساعدون برهنوا انهم حقا يطلبون الملكوت اولا.‏ وكثيرون جعلوا انفسهم متوافرين للخدمة في بلدان اخرى.‏ فروحهم هي كتلك التي للنبي اشعياء،‏ الذي قال:‏ «هأنذا ارسلني.‏» —‏ اشعياء ٦:‏٨‏.‏

      ولتحسين فعَّالية اولئك الذين يخدمون كفاتحين قانونيين وخصوصيين باشرت مدرسة خدمة الفتح عملها ابتداء من السنة ١٩٧٧.‏ وحيثما امكن،‏ رُتِّبت المدرسة في كل دائرة حول العالم.‏ ودُعي جميع الفاتحين للاستفادة من هذا المنهج لمدة اسبوعين.‏ وتدريجيا،‏ منذ ذلك الحين،‏ يحصل الفاتحون الذين اتمّوا سنتهم الاولى في الخدمة على التدريب نفسه.‏ وحتى السنة ١٩٩٢،‏ تدرَّب اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ فاتح في هذه المدرسة في الولايات المتحدة وحدها؛‏ واكثر من ٠٠٠‏,١٠ يتدرَّبون كل سنة.‏ وتدرَّب ٠٠٠‏,٥٥ آخرون في اليابان،‏ ٠٠٠‏,٣٨ في المكسيك،‏ ٠٠٠‏,٢٥ في البرازيل،‏ و ٠٠٠‏,٢٥ في ايطاليا.‏ وبالاضافة الى هذا المنهج،‏ يتمتع الفاتحون قانونيا باجتماع خصوصي مع ناظر الدائرة خلال زياراته نصف السنوية لكل جماعة وبجلسة تدريب خصوصية مع ناظر الدائرة وناظر الكورة وقت المحفل الدائري السنوي.‏ وهكذا فان اولئك الذين يؤلفون الجيش الكبير من المنادين بالملكوت الذين يخدمون كفاتحين ليسوا فعلة طوعيين فقط ولكنهم ايضا خدام مدرَّبون جيدا.‏

      الخدمة حيث الحاجة اعظم

      ان آلافا عديدة من شهود يهوه —‏ البعض منهم فاتحون،‏ والآخرون ليسوا كذلك —‏ جعلوا انفسهم متوافرين للخدمة ليس فقط في مجتمعهم الخاص بل ايضا في مناطق اخرى حيث توجد حاجة ماسة الى منادين بالبشارة.‏ وكل سنة يصرف الآلاف فترة اسابيع او اشهر،‏ حسبما يستطيعون شخصيا ان يرتبوا،‏ في مناطق غالبا ما تكون بعيدة تماما عن بيوتهم ليشهدوا للناس الذين لا يزورهم شهود يهوه قانونيا.‏ وآلاف آخرون تركوا مكان سكنهم وانتقلوا الى مكان آخر لتزويد مثل هذه المساعدة لفترة مطوَّلة.‏ وكثيرون من هؤلاء هم اشخاص متزوجون او عائلات لها اولاد.‏ وانتقالاتهم شملت في الغالب الذهاب مسافة قصيرة نسبيا،‏ لكنَّ البعض قاموا بمثل هذه الانتقالات تكرارا على مر السنين.‏ حتى ان كثيرين من هؤلاء الشهود الغيورين تبنَّوا الخدمة في بلدان اجنبية —‏ البعض لسنين قليلة،‏ وآخرون على اساس دائم.‏ وهم يقومون بأيّ عمل دنيوي مطلوب بغية الاعتناء بحاجاتهم،‏ ويقومون بالانتقالات على نفقتهم الخاصة.‏ فرغبتهم الوحيدة هي الاشتراك كاملا الى الحد الذي تسمح به ظروفهم في نشر رسالة الملكوت.‏

      وعندما لا يكون رأس العائلة شاهدا،‏ قد ينقل عائلته بسبب العمل.‏ لكنَّ اعضاء العائلة الشهود قد يعتبرون ذلك فرصة لنشر رسالة الملكوت.‏ وصح ذلك في شاهدين من الولايات المتحدة وجدا انفسهما في مخيم لعمّال البناء في الغابة في سورينام في اواخر سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فكانا مرتين في الاسبوع ينهضان باكرا في الساعة ٠٠:‏٤ صباحا،‏ يستقلان باصا لشركة من اجل القيام برحلة غير مريحة لمدة ساعة الى قرية،‏ ويقضيان اليوم في الكرازة.‏ وقبل مضي وقت طويل كانا يديران ٣٠ درسا في الكتاب المقدس كل اسبوع مع اشخاص جياع للحق.‏ واليوم توجد جماعة في ذلك الجزء من الغابة المطيرة الذي لم يجرِ بلوغه من قبل.‏

      انتهاز كل فرصة ملائمة للشهادة

      طبعا،‏ لا ينتقل جميع شهود يهوه الى بلدان اخرى،‏ او حتى الى بلدات اخرى،‏ لمواصلة خدمتهم.‏ فربما لا تسمح لهم ظروفهم بالخدمة كفاتحين.‏ ومع ذلك،‏ يدركون جيدا نصح الكتاب المقدس بأن يبذلوا «كل اجتهاد» ويكونوا «مكثرين في عمل الرب.‏» (‏٢ بطرس ١:‏​٥-‏٨؛‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٥٨‏)‏ وهم يُظهرون انهم يطلبون الملكوت اولا عندما يضعون مصالحه قبل العمل الدنيوي والتسلية.‏ وأولئك الذين تمتلئ قلوبهم تقديرا للملكوت يشتركون قانونيا في خدمة الحقل الى الحد الذي تسمح به ظروفهم،‏ وكثيرون منهم يغيِّرون ظروفهم ليتمكنوا من الاشتراك بشكل اكمل.‏ وينتبهون ايضا باستمرار لانتهاز الفرص الملائمة ليشهدوا للآخرين عن الملكوت.‏

      وعلى سبيل المثال،‏ كان جون فورڠالا،‏ الذي يملك محلا للخردوات في ڠواياكيل،‏ إكوادور،‏ يرتِّب عرضا جذابا لمطبوعات الكتاب المقدس في مخزنه.‏ وفيما يجمع مساعده سلع الطلبات،‏ كان جون يشهد للزبون.‏

      وفي نَيجيريا،‏ كان شاهد غيور يعيل عائلته بالعمل كمتعهد كهرباء مصمِّما ايضا على الاستفادة جيدا من تعاملاته لتقديم شهادة.‏ وبما انه رب العمل،‏ قرَّر برنامج العمل.‏ فكل صباح،‏ قبل الابتداء بعمل اليوم،‏ كان يجمع زوجته،‏ اولاده،‏ مستخدَميه،‏ ومتعلِّمي الصنعة لديه لمناقشة الآية اليومية من الكتاب المقدس،‏ مع اختبارات من الكتاب السنوي لشهود يهوه.‏ وعند بداية كل سنة كان يعطي زبائنه ايضا نسخة من روزنامة جمعية برج المراقبة مع مجلتين.‏ ونتيجة لذلك صار بعض مستخدَميه وبعض زبائنه يشتركون معه في عبادة يهوه.‏

      وهنالك كثيرون من شهود يهوه الذين يشتركون في هذه الروح نفسها.‏ وبصرف النظر عما يفعلونه،‏ فانهم يبحثون باستمرار عن الفرص ليخبروا الآخرين بالبشارة.‏

      جيش كبير من المبشرين كامل الوقت السعداء

      على مر السنين،‏ لم تخمد غيرة شهود يهوه للكرازة بالبشارة.‏ وعلى الرغم من ان كثيرين من اصحاب البيوت يقولون لهم بحزم انهم غير مهتمين،‏ هنالك اعداد كبيرة شاكرون على مساعدة الشهود لهم على فهم الكتاب المقدس.‏ وتصميم شهود يهوه هو الاستمرار في الكرازة حتى يعطي يهوه نفسه الدليل الواضح على ان هذا العمل قد كمل.‏

      وعوضا عن التراخي،‏ كثَّف المعشر العالمي النطاق لشهود يهوه في الواقع نشاط كرازته.‏ ففي السنة ١٩٨٢ اظهر التقرير العالمي السنوي ان ٦٦٢‏,٨٥٦‏,٣٨٤ ساعة خُصِّصت لخدمة الحقل.‏ وبعد عشر سنين (‏في السنة ١٩٩٢)‏ خُصِّصت ٤٣٤‏,٩١٠‏,٠٢٤‏,١ ساعة لهذا العمل.‏ فماذا يفسِّر هذه الزيادة الكبيرة في النشاط؟‏

      صحيح ان عدد شهود يهوه قد نما.‏ ولكن ليس بنسبة الزيادة في عدد الساعات.‏ وخلال تلك الفترة،‏ فيما ازداد عدد الشهود ٨٠ في المئة،‏ ارتفع عدد الفاتحين ٢٥٠ في المئة.‏ وكمعدَّل شهري كان ١ من كل ٧ شهود ليهوه حول العالم يخدم في فرع ما من عمل الكرازة كامل الوقت.‏

      ومَن كان الذين يشتركون في خدمة الفتح هذه؟‏ على سبيل المثال،‏ في جمهورية كوريا،‏ ان الكثير من الشهود هن ربات بيوت.‏ والمسؤوليات العائلية ربما لا تسمح لهن جميعا بالخدمة كفاتحات على اساس قانوني،‏ لكنَّ عددا كبيرا منهن يستخدمن عطل الشتاء المدرسية الطويلة كفرص لخدمة الفتح الاضافي.‏ ونتيجة لذلك،‏ خدم ٥٣ في المئة من مجموع الشهود في جمهورية كوريا في فرع ما من الخدمة كامل الوقت في كانون الثاني ١٩٩٠.‏

      في السنوات الباكرة كانت روح الفتح الغيورة من جهة الشهود الفيليپينيين هي ما مكَّنهم من بلوغ مئات الجزر الآهلة بالسكان في الفيليپين برسالة الملكوت.‏ ومنذ ذلك الحين تَظهر هذه الغيرة اكثر ايضا.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كمعدَّل شهري،‏ كان ٢٠٥‏,٢٢ ناشرين يشتركون في خدمة الحقل كفاتحين في الفيليپين.‏ وكان بينهم احداث كثيرون اختاروا ان ‹يذكروا خالقهم› ويستخدموا قوة شبابهم في خدمته.‏ (‏جامعة ١٢:‏١‏)‏ وبعد عقد من الخدمة كفاتح قال احد هؤلاء الاحداث:‏ «تعلَّمت ان اكون صبورا،‏ ان احيا حياة بسيطة،‏ ان اتكل على يهوه،‏ وأن اكون متواضعا.‏ صحيح انني اختبرت ايضا المشقات والتثبط،‏ لكنَّ هذه كلها لا شيء بالمقارنة مع البركات التي يجلبها الفتح.‏»‏

      خلال نيسان وايار ١٩٨٩،‏ ابرزت برج المراقبة تشهيرا لبابل العظيمة،‏ التي هي الدين الباطل في اشكاله العديدة في كل العالم.‏ وقد نُشرت المقالات في آن واحد بـ‍ ٣٩ لغة ومُنحت توزيعا كثيفا.‏ وفي اليابان حيث عدد الشهود الذين يخدمون كفاتحين كثيرا ما تجاوز الـ‍ ٤٠ في المئة،‏ انخرطت ذروة جديدة من ٠٥٥‏,٤١ فاتحا اضافيا للمساعدة في العمل خلال نيسان من تلك السنة.‏ وفي مقاطعة أوساكا،‏ مدينة تاكاتْسوكي،‏ جماعة أُوتسوكا،‏ خدم ٧٣ من الـ‍ ٧٧ ناشرا معتمدا في شكل ما من خدمة الفتح في ذلك الشهر.‏ وفي ٨ نيسان،‏ عندما جرى حث جميع الناشرين في اليابان على الاشتراك في توزيع هذه الرسالة الحيوية،‏ رتَّبت مئات الجماعات،‏ كجماعة أُشِيُودا،‏ في مدينة يوكوهاما،‏ للخدمة في الشوارع ومن بيت الى بيت طوال النهار،‏ من الساعة ٠٠:‏٧ صباحا حتى ٠٠:‏٨ مساء،‏ لبلوغ كل شخص ممكن في المنطقة.‏

      وكما يصح في كل مكان،‏ يعمل شهود يهوه في المكسيك للاعتناء بحاجاتهم المادية.‏ ومع ذلك،‏ كل شهر خلال السنة ١٩٩٢،‏ كمعدل،‏ فسح ٠٩٥‏,٥٠ من شهود يهوه هناك المجال ايضا في حياتهم لخدمة الفتح لمساعدة الناس الجياع للحق على التعلُّم عن ملكوت اللّٰه.‏ وفي بعض العائلات تعاون الجميع في البيت ليمكِّنوا كامل العائلة،‏ او على الاقل بعضهم،‏ من ان يخدموا كفاتحين.‏ وهم يتمتعون بخدمة مثمرة.‏ وخلال السنة ١٩٩٢،‏ ادار شهود يهوه في المكسيك قانونيا ٠١٧‏,٥٠٢ درسا بيتيا في الكتاب المقدس مع الافراد والعائلات.‏

      تقع على عاتق الشيوخ الذين يخدمون حاجات جماعات شهود يهوه مسؤوليات ثقيلة.‏ ومعظم الشيوخ في نَيجيريا هم رجال لديهم عائلات،‏ ويصح ذلك في الشيوخ في اماكن كثيرة اخرى ايضا.‏ ومع ذلك،‏ بالاضافة الى الاستعداد لادارة اجتماعات الجماعة او الاشتراك فيها،‏ وكذلك الرعاية اللازمة لرعية اللّٰه،‏ يخدم بعض هؤلاء الرجال ايضا كفاتحين.‏ وكيف يكون ذلك ممكنا؟‏ ان وضع برنامج دقيق للوقت والتعاون العائلي الجيد هما في الغالب عاملان مهمان.‏

      من الواضح ان شهود يهوه في كل العالم اصغوا الى نصح يسوع ان ‹يداوموا على طلب الملكوت اولا.‏› (‏متى ٦:‏٣٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وما يفعلونه هو تعبير قلبي عن محبتهم ليهوه وتقديرهم لسلطانه.‏ وكالمرنم الملهم داود،‏ يقولون:‏ «ارفعك يا الهي الملك وأبارك اسمك الى الدهر والابد.‏» —‏ مزمور ١٤٥:‏١‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج المراقبة،‏ ١٥ آب ١٩٠٦،‏ ص ٢٦٧-‏٢٧١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b انظروا برج المراقبة،‏ ١ شباط ١٩٦٧،‏ الصفحات ٩٢-‏٩٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      c انظروا برج المراقبة،‏ ١٥ كانون الاول ١٩٧٣،‏ الصفحات ٧٦٠-‏٧٦٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      d انظروا برج المراقبة،‏ ١ ايلول ١٩٧٢،‏ الصفحات ٥٣٣-‏٥٣٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      e برج المراقبة،‏ ١٥ كانون الاول ١٩٦٣،‏ ص ٧٦٤-‏٧٦٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      f انظروا برج المراقبة،‏ ١ كانون الاول ١٩٦٩،‏ الصفحات ٧٢٩-‏٧٣٢ (‏بالانكليزية)‏؛‏ ١٥ ايلول ١٩٨٨،‏ الصفحة ٣١.‏

      g انظروا برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩٨٨،‏ «ناظرا الى الوراء الى ٩٣ سنة من العيش،‏» (‏١ ايار ١٩٨٧،‏ بالانكليزية)‏؛‏ وبالانكليزية:‏ ١ نيسان ١٩٦٤،‏ الصفحات ٢١٢-‏٢١٥؛‏ ١ كانون الاول ١٩٥٦،‏ الصفحات ٧١٢-‏٧١٩؛‏ ١٥ آب ١٩٧٠،‏ الصفحات ٥٠٧-‏٥١٠؛‏ ١ تشرين الاول ١٩٦٠،‏ الصفحات ٦٠١-‏٦٠٥؛‏ ١٥ حزيران ١٩٦٨،‏ الصفحات ٣٧٨-‏٣٨١؛‏ ١ نيسان ١٩٦٨،‏ الصفحات ٢١٧-‏٢٢١؛‏ ١ نيسان ١٩٥٩،‏ الصفحات ٢٢٠-‏٢٢٣.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٩٢]‏

      زيادة التشديد على مسؤولية الشهادة

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٩٣]‏

      يعتبرون الشهادة من بيت الى بيت امتيازا ثمينا

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٩٤]‏

      فهم ماهية الخدمة من كل النفس

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٩٥]‏

      ما يعنيه حقا ‹طلب الملكوت اولا›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٠١]‏

      الشهود الغيورون يضعون مصالح الملكوت قبل العمل الدنيوي والتسلية

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢٨٩]‏

      ‏«اين التسعة؟‏»‏

      في ذكرى موت المسيح،‏ في السنة ١٩٢٨،‏ أُعطيت نشرة لكل الحضور بعنوان “Where Are the Nine?” (‏«اين التسعة؟‏»)‏ ومناقشتها للوقا ١٧:‏​١١-‏١٩‏،‏ ع‌ج،‏ اثَّرت عميقا في كلود ڠودمان ودفعته الى الانخراط في العمل كموزع جائل للمطبوعات،‏ او فاتح،‏ والى المثابرة على هذه الخدمة.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٩٦ و ٢٩٧]‏

      خدمة البتل

      في السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٩٧٤‏,١٢ يشتركون في خدمة البتل في ٩٩ بلدا

      ‏[الصور]‏

      الدرس الشخصي ضروري لاعضاء عائلة البتل

      اسپانيا

      في كل بيوت ايل،‏ يبدأ اليوم بمناقشة لآية من الكتاب المقدس

      فنلندا

      كما يصح في شهود يهوه في كل مكان،‏ يشترك اعضاء عائلة البتل في خدمة الحقل

      سويسرا

      كل اثنين مساءً تدرس عائلة البتل «برج المراقبة» معا

      ايطاليا

      العمل متنوع،‏ ولكنه يُنجَز كله دعما للمناداة بملكوت اللّٰه

      فرنسا

      پاپوا غينيا الجديدة

      الولايات المتحدة

      المانيا

      الفيليپين

      المكسيك

      بريطانيا

      نَيجيريا

      النَّذَرلند

      البرازيل

      اليابان

      جنوب افريقيا

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٢٩٩]‏

      بعض الذين لديهم سجلات طويلة في خدمة البتل

      ف.‏ و.‏ فرانز —‏ الولايات المتحدة (‏١٩٢٠-‏١٩٩٢)‏

      هاينريتش دْڤينڠر —‏ المانيا (‏نحو ١٥ سنة من ١٩١١-‏١٩٣٣)‏،‏ هنڠاريا (‏١٩٣٣-‏١٩٣٥)‏،‏ تشيكوسلوڤاكيا (‏١٩٣٦-‏١٩٣٩)‏،‏ ثم سويسرا (‏١٩٣٩-‏١٩٨٣)‏

      جورج فيليپس —‏ جنوب افريقيا (‏١٩٢٤-‏١٩٦٦،‏ ١٩٧٦-‏١٩٨٢)‏

      الاختان في الجسد (‏كاثرين بوڠارد وڠريس ديسيكا)‏ اللتان خصَّصتا ما مجموعه ١٣٦ سنة لخدمة البتل —‏ الولايات المتحدة

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٣٠٢]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      الفاتحون في ازدياد!‏

      الفاتحون

      الناشرون

      الزيادة في المئة منذ السنة ١٩٨٢

      ٢٥٠٪‏

      ٢٠٠٪‏

      ١٥٠٪‏

      ١٠٠٪‏

      ٥٠٪‏

      ١٩٨٢ ١٩٨٤ ١٩٨٦ ١٩٨٨ ١٩٩٠ ١٩٩٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٨٤]‏

      سافرت الاخت ارلي عبر جزء كبير من نيوزيلندا على دراجة لتخبر برسالة الملكوت

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٨٥]‏

      طوال ٧٦ سنة —‏ كعازبة،‏ متزوجة،‏ ثم ارملة —‏ وقفت ماليندا كيفر نفسها للخدمة كامل الوقت

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٨٧]‏

      سيارات سكن بسيطة كانت تزوِّد المأوى لبعض الفاتحين الاولين وهم ينتقلون من مكان الى آخر

      كندا

      الهند

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٨٦]‏

      فرانك رايس (‏واقف الى اليمين)‏،‏ كْلِم دَيْشان (‏جالس امام فرانك،‏ وزوجة كْلِم،‏ جين،‏ بالقرب منهما)‏،‏ وفريق في جاوا يشمل شهودا رفقاء وأشخاصا مهتمين حديثا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢٨٩]‏

      حياة كلود ڠودمان في الخدمة كامل الوقت قادته الى الخدمة في الهند وسبعة بلدان اخرى

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٨٨]‏

      عندما كانت صحة بن بريكل جيدة،‏ تمتع باستعمالها في خدمة يهوه؛‏ والمشاكل الصحية الخطيرة في السنوات اللاحقة لم تجعله يتخلَّى عن العمل

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٩٠]‏

      كاتي پالم شهدت في كل انواع المقاطعات،‏ من ابنية المكاتب في مدينة كبيرة الى ابعد مخيم تعدين ومزرعة خراف في تشيلي

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٩١]‏

      تصميم مارتن وڠيرتْرُوت پويتسنڠر كليهما معبَّر عنه في الكلمات:‏ ‹هذا الشيء الواحد أفعله —‏ طلب الملكوت اولا›‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٠٠]‏

      مدرسة خدمة الفتح (‏كما تَظهر هنا في اليابان)‏ زوَّدت تدريبا خصوصيا لعشرات الآلاف من الفعلة الغيورين

  • النمو معا في المحبة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٩

      النمو معا في المحبة

      عند الكتابة الى الرفقاء المسيحيين بيَّن رسل يسوع المسيح حاجة الافراد الى النمو ليس فقط في المعرفة الدقيقة بل ايضا في المحبة.‏ والاساس لذلك هو المحبة التي اظهرها اللّٰه نفسه ومحبة التضحية بالذات للمسيح،‏ الذي على خطاه حاولوا ان يسيروا.‏ (‏يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥؛‏ افسس ٤:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ فيلبي ١:‏٩؛‏ ١ يوحنا ٤:‏​٧-‏١٠‏)‏ فكانوا اخوَّة،‏ وعندما كانوا يساعدون احدهم الآخر،‏ كانت ربط المحبة تصير اقوى ايضا.‏

      عندما سبَّبت المجاعة مشقة اقتصادية للاخوة في اليهودية،‏ اعطى المسيحيون في سورية واليونان من ممتلكاتهم لاعانتهم.‏ (‏اعمال ١١:‏​٢٧-‏٣٠؛‏ رومية ١٥:‏٢٦‏)‏ وعندما اضطُهد البعض،‏ فان الالم الذي اختبروه شعر به بشدة المسيحيون الآخرون،‏ وهؤلاء سعوا الى تقديم المساعدة.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٢:‏٢٦؛‏ عبرانيين ١٣:‏٣‏.‏

      طبعا،‏ جميع البشر لديهم القدرة على المحبة،‏ وهنالك آخرون الى جانب المسيحيين ينهمكون في اعمال اللطف الانساني.‏ لكنَّ الناس في العالم الروماني اقرّوا بأن المحبة التي اظهرها المسيحيون كانت مختلفة.‏ وترتليان،‏ الذي كان ضليعا في القانون،‏ اقتبس تعليقات اشخاص من العالم الروماني،‏ قائلا:‏ «‹انظروا،‏› يقولون،‏ ‹كيف يحبون بعضهم بعضا .‏ .‏ .‏ وكيف انهم على استعداد ليموتوا احدهم عن الآخر.‏›» (‏الدفاع،‏ ٣٩،‏ ٧)‏ وجون هيرست،‏ في مؤلَّفه تاريخ الكنيسة المسيحية (‏المجلد ١،‏ الصفحة ١٤٦)‏،‏ يخبر ان الناس في قرطاجة والاسكندرية القديمتين،‏ خلال فترات الوبإ،‏ كانوا يُبعِدون عن مكان وجودهم المصابين وينزعون عن جثث الاموات ايّ شيء ربما كان ذا قيمة.‏ وعلى سبيل التباين،‏ كما يخبر،‏ كان المسيحيون في تلك الاماكن يعطون من ممتلكاتهم،‏ يعتنون بالمرضى،‏ ويدفنون الموتى.‏

      فهل ينهمك شهود يهوه في الازمنة العصرية في اعمال تُظهر مثل هذا الاهتمام بخير الآخرين؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فهل ينجزها مجرد افراد قليلين متفرقين،‏ ام ان الهيئة ككل تشجِّع وتدعم مثل هذه الجهود؟‏

      المساعدة الحبية في الجماعات المحلية

      بين شهود يهوه يُعتبر الاعتناء باليتامى والارامل في الجماعة،‏ وكذلك بأيٍّ من الاشخاص الامناء الذين يختبرون محنة شديدة،‏ جزءا من عبادتهم.‏ (‏يعقوب ١:‏٢٧؛‏ ٢:‏​١٥-‏١٧؛‏ ١ يوحنا ٣:‏​١٧،‏ ١٨‏)‏ والحكومات الدنيوية عموما تصنع التدابير للمستشفيات،‏ ايواء المسنين،‏ وترتيبات الانعاش للعاطلين عن العمل في المجتمع بصورة عامة،‏ وشهود يهوه يدعمون مثل هذه الترتيبات بدفع ضرائبهم بضمير حي.‏ ولكن،‏ اذ يدركون ان ملكوت اللّٰه فقط يمكن ان يحل مشاكل الجنس البشري بشكل دائم،‏ يقف شهود يهوه انفسهم ومواردهم بشكل رئيسي لتعليم الآخرين عن ذلك.‏ وهذه خدمة حيوية لا تزوِّدها اية حكومة بشرية.‏

      وفي اكثر من ٠٠٠‏,٦٩ جماعة لشهود يهوه حول العالم،‏ يُعتنى عادةً بالحاجات الخصوصية التي تنشأ بسبب التقدُّم في السن وعجز الافراد على اساس شخصي.‏ وكما هو ظاهر في ١ تيموثاوس ٥:‏​٤،‏ ٨‏،‏ تقع المسؤولية بشكل رئيسي على كل مسيحي للاعتناء بأهل بيته.‏ فالاولاد،‏ الحفدة،‏ او الاقرباء اللصيقون الآخرون يعربون عن المحبة المسيحية بتزويد المساعدة للمسنين والعجزة وفقا لحاجاتهم.‏ وجماعات شهود يهوه لا تضعف هذا الشعور بالمسؤولية بتولّي امر الالتزامات العائلية.‏ ولكن اذا لم يكن هنالك اقرباء لصيقون،‏ او اذا كان اولئك الذين تقع على عاتقهم المسؤولية لا يستطيعون حمل العبء وحدهم،‏ يساعد الآخرون في الجماعة بمحبة.‏ وحيث يكون ضروريا،‏ يمكن ان تصنع الجماعة ككل تدبيرا لمساعدة اخ او اخت محتاج له سجل طويل من الخدمة الامينة.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٥:‏​٣-‏١٠‏.‏

      والانتباه الى هذه الحاجات لا يُترك للصدفة.‏ ففي جلسات مدرسة خدمة الملكوت،‏ التي يحضرها الشيوخ تكرارا منذ السنة ١٩٥٩،‏ مُنح التزامهم امام اللّٰه من هذه الناحية كرعاة للرعية اعتبارا خصوصيا بصورة متكررة.‏ (‏عبرانيين ١٣:‏​١،‏ ١٦‏)‏ ليس انهم اغفلوا عن هذه الحاجة قبل ذلك الوقت.‏ ففي السنة ١٩١١،‏ مثلا،‏ زوَّدت جماعة اولدهام في لانكاشير،‏ انكلترا،‏ معونة مادية لاولئك الذين كانوا يواجهون بينهم مشاكل اقتصادية قاسية.‏ إلا انه منذ ذلك الحين،‏ نمت الهيئة العالمية النطاق،‏ ازداد عدد الذين يعانون مشاكل قاسية،‏ وصار شهود يهوه اكثر ادراكا لما يبيِّن الكتاب المقدس وجوب فعله في مثل هذه الحالات.‏ وخصوصا في السنين الاخيرة ناقشت كل الجماعات في اجتماعاتها مسؤوليات كل مسيحي تجاه ذوي الحاجات الخصوصية بينهم —‏ المسنين،‏ العجزة،‏ العائلات ذات الوالد المتوحد والذين هم في ضيقة اقتصادية.‏a

      والاهتمام الذي يُظهره الشهود الافراد نحو الآخرين يتجاوز الى حد بعيد القول،‏ «استدفئا واشبعا.‏» فهم يعربون عن اهتمام شخصي حبي.‏ (‏يعقوب ٢:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏ تأملوا في امثلة قليلة.‏

      عندما اصيبت شابة سويدية،‏ وهي واحدة من شهود يهوه،‏ بالتهاب السحايا في اثناء زيارتها اليونان في السنة ١٩٨٦،‏ اختبرت هي ايضا ما تعنيه حيازة اخوة وأخوات مسيحيين في بلدان عديدة.‏ فقد أُعلم والدها في السويد.‏ وحالا اتصل بشيخ في الجماعة المحلية لشهود يهوه في السويد ومن خلاله بشاهد في اليونان.‏ والى ان تمكنت من العودة الى السويد بعد ثلاثة اسابيع،‏ لم يتأخر الرفقاء الجدد للشاهدة الشابة في اليونان قط عن خدمة حاجاتها.‏

      وعلى نحو مماثل،‏ عندما احتاج شاهد مسن،‏ ارمل في والاسْبرڠ،‏ اونتاريو،‏ كندا،‏ الى مساعدة،‏ اظهرت عائلة كان قد ساعدها روحيا تقديرها بجعله جزءا من العائلة.‏ وبعد سنين قليلة عندما انتقلوا الى خليج باري،‏ ذهب معهم.‏ وعاش معهم وهم اعتنوا به بمحبة طوال ١٩ سنة،‏ الى ان مات في السنة ١٩٩٠.‏

      وفي مدينة نيويورك اعتنى زوجان من الشهود برجل مسن كان يحضر الاجتماعات في قاعة ملكوتهم،‏ فاعلَين ذلك طوال نحو ١٥ سنة،‏ حتى موته في السنة ١٩٨٦.‏ وعندما اصيب بالسكتة الدماغية قاما عنه بالتسوق،‏ التنظيف،‏ الطبخ،‏ وغسل الثياب.‏ وعاملاه كما لو انه ابوهما.‏

      وثمة حاجات من نوع آخر ايضا تُعطى انتباها حبيا.‏ فقد باع زوجان من الشهود في الولايات المتحدة بيتهما وانتقلا الى مونتانا لمساعدة الجماعة هناك.‏ ولكن،‏ على مر الوقت،‏ تطورت مشاكل صحية خطيرة،‏ وصار الاخ عاطلا عن العمل،‏ واستُنفدت مواردهما المالية.‏ فكيف كانا سيتدبران الامر؟‏ صلَّى الاخ الى يهوه طلبا للمساعدة.‏ وما ان انتهى من الصلاة حتى قرع احد الرفقاء الشهود الباب.‏ فخرجا معا لتناول فنجان من القهوة.‏ وعندما عاد الاخ وجد اطعمة مكدَّسة على طاولة المطبخ.‏ ومع الاطعمة كان هنالك ظرف يحتوي على مال وملاحظة تقول:‏ «من اخوتكما وأخواتكما،‏ الذين يحبونكما كثيرا.‏» فقد ادركت الجماعة حاجتهما،‏ واشتركوا جميعا في سدّها.‏ واذ تأثرا هو وزوجته عميقا بمحبتهم لم يتمكنا من منع الدموع وشكرا يهوه،‏ الذي مثاله للمحبة يحفز خدامه.‏

      ان الاهتمام السخي الذي يظهره شهود يهوه لأولئك المعوزين بينهم صار معروفا على نحو واسع.‏ وأحيانا كان المحتالون يستغلون ذلك.‏ ولذلك كان على الشهود ان يتعلَّموا ان يكونوا حذرين،‏ فيما لا يخمدون رغبتهم في مساعدة المستحقين.‏

      عندما تترك الحرب الناس معدِمين

      في انحاء عديدة من الارض،‏ تُرك الناس معدِمين نتيجة الحرب.‏ وتسعى هيئات الغوث الى تزويد المساعدة،‏ لكنَّ هذه الانظمة غالبا ما تعمل ببطء.‏ وشهود يهوه لا يتبنَّون النظرة ان العمل الذي تقوم به مثل هذه الوكالات يعفيهم من المسؤولية تجاه اخوتهم المسيحيين في هذه المناطق.‏ فعندما يعرفون ان اخوتهم محتاجون،‏ لا ‹يغلقون احشاءهم› عن مثل هؤلاء بل يعملون ما في وسعهم بسرعة لجلب الراحة لهم.‏ —‏ ١ يوحنا ٣:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏

      وخلال الحرب العالمية الثانية،‏ حتى في البلدان التي اثقلها النقص في الاغذية،‏ كان الشهود في الريف الذين لا تزال لديهم مؤن غذائية يشتركون فيها مع الاخوة المتضايقين اكثر في المدن.‏ وفي النَّذَرلند جرى ذلك بمجازفة كبيرة بسبب القيود القاسية التي فرضها النازيون.‏ وفي مهمة اغاثة كهذه في احدى المناسبات كان ڠَريت بومِرْمان يقود فريقا من الاخوة على دراجات نقل محمَّلة طعاما مغطى بالقماش المشمع.‏ وفجأة صادفوا نقطة تفتيش في مدينة ألكْمار.‏ «لم يكن هنالك خيار سوى التوكل على يهوه كاملا،‏» قال ڠَريت.‏ ودون الابطاء كثيرا،‏ نادى الضابطَ بصوت عالٍ قائلا:‏ “Wo ist Amsterdam?” (‏اية طريق تؤدي الى امستردام؟‏)‏ فتنحَّى الضابط عن الطريق وأشار الى الامام وهو يصرخ “Geradeaus!” (‏الى الامام مستقيما!‏)‏ “Danke schön!” (‏شكرا لك!‏)‏ كان ردّ ڠَريت فيما اجتازت قافلة دراجات النقل بكاملها بأقصى سرعة وكان جمع مندهش يراقب.‏ وفي مناسبة اخرى نجح الشهود في جلب حمولة مركب كاملة من البطاطا الى اخوتهم في امستردام.‏

      وداخل معسكرات الاعتقال في اوروپا اظهر شهود يهوه هذه الروح.‏ ففيما كان مسجونا في معسكر قرب امرسفورت،‏ في النَّذَرلند،‏ نحل جسم فتى في الـ‍ ١٧ من العمر حتى صار هيكلا عظميا يمشي.‏ ولكنه في السنوات اللاحقة لم ينسَ قط انه بعد ارغامهم على التمرن تحت المطر المنهمر حتى منتصف الليل ثم حرمانهم الطعام تمكَّن شاهد من جزء آخر في المعسكر من الوصول اليه ووضع قطعة من الخبز في يده.‏ وفي معسكر اعتقال ماوتهاوزن في النمسا،‏ كثيرا ما كان شاهد،‏ يتطلب تعيينه ان يذهب من قسم الى آخر في المعسكر،‏ يجازف بحياته بأخذ الطعام الذي وفَّره الشهود من حصصهم الضئيلة الى الشهود الآخرين الذين كانوا محرومين اكثر.‏

      عقب الحرب لم يكن لدى شهود يهوه الذين خرجوا من السجون ومعسكرات الاعتقال الالمانية ايّ شيء سوى ثياب السجن التي كانوا يلبسونها.‏ وممتلكات كثيرين ممَّن لم يكونوا في السجن كانت قد دُمِّرت.‏ وكان هنالك نقص في الطعام،‏ اللباس،‏ والوقود في معظم انحاء اوروپا.‏ وشهود يهوه في هذه البلدان سرعان ما نظَّموا الاجتماعات الجماعية وشرعوا يساعدون الآخرين روحيا بإخبارهم بشارة ملكوت اللّٰه.‏ لكنهم انفسهم كانوا في حاجة الى المساعدة بطرائق اخرى.‏ فكثيرون منهم كانوا ضعفاء جدا من جرّاء الجوع حتى انه كثيرا ما اغمي عليهم خلال الاجتماعات.‏

      هنا كانت حالة لم يواجهها الشهود من قبل على نطاق واسع كهذا.‏ ولكن في الشهر نفسه الذي انتهت فيه الحرب رسميا في منطقة الپاسيفيك،‏ عقد شهود يهوه محفلا خصوصيا في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ ناقشوا فيه ما يلزم فعله لاغاثة اخوتهم المسيحيين في البلدان التي مزَّقتها الحرب وكيفية الشروع في ذلك.‏ والمحاضرة المبهجة «عطيته التي لا يعبَّر عنها،‏» التي ألقاها ف.‏ و.‏ فرانز،‏ قدَّمت مشورة من الاسفار المقدسة سدّت كاملا حاجات الحالة.‏b

      وفي غضون اسابيع قليلة،‏ حالما جرى السماح بأيّ سفر في المنطقة،‏ كان ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة،‏ و م.‏ ج.‏ هنشل في طريقهما الى اوروپا لرؤية الاحوال بشكل مباشر.‏ وحتى قبل ان يغادرا في تلك الرحلة كانت ترتيبات الاغاثة قيد العمل.‏

      والشحنات الباكرة انطلقت من سويسرا والسويد.‏ وتبعها المزيد من كندا،‏ الولايات المتحدة،‏ وبلدان اخرى.‏ وعلى الرغم من ان عدد الشهود في البلدان التي كانت قادرة على تزويد مثل هذه المساعدة بلغ آنذاك نحو ٠٠٠‏,٨٥ فقط،‏ شرعوا في ارسال الملابس والطعام الى الرفقاء الشهود في المانيا،‏ انكلترا،‏ ايطاليا،‏ بلجيكا،‏ بلغاريا،‏ پولندا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ الدنمارك،‏ رومانيا،‏ الصين،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ الفيليپين،‏ النَّذَرلند،‏ النَّروج،‏ النمسا،‏ هنڠاريا،‏ واليونان.‏ ولم يكن ذلك مسعى لمرة واحدة.‏ فقد استمرت شحنات الاعانة لسنتين ونصف السنة.‏ وبين كانون الثاني ١٩٤٦ وآب ١٩٤٨ شحنوا ٢٤٧‏,٠٥٦‏,١ پاوندا (‏١١٤‏,٤٧٩ كلڠ)‏ من الملابس،‏ ١١٠‏,١٢٤ ازواج من الاحذية،‏ و ٨٧٣‏,٧١٨ پاوندا (‏٠٨١‏,٣٢٦ كلڠ)‏ من الطعام كهبات للرفقاء الشهود.‏ ولم يُسحب شيء من الاموال من اجل النفقات الادارية.‏ فقد اجرى الفرز والرزم متطوعون غير مأجورين.‏ والاموال المتبرَّع بها استُخدمت كلها لمساعدة الذين أُعدَّت لهم.‏

      طبعا،‏ ان الحاجة الى اعانة اللاجئين والآخرين ممَّن تُركوا معوزين بسبب الحرب لم تنتهِ آنذاك في اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فقد حدثت مئات الحروب منذ السنة ١٩٤٥.‏ واستمر شهود يهوه في اظهار الاهتمام الحبي نفسه.‏ وجرى ذلك خلال وبعد حرب بيافرا في نَيجيريا،‏ من السنة ١٩٦٧ الى السنة ١٩٧٠.‏ وزُوِّدت معونة مماثلة في موزَمبيق خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

      وفي لَيبيريا ايضا كانت هنالك مجاعة نتيجة الحرب التي ابتدأت في السنة ١٩٨٩.‏ واذ كان الناس يهربون احتشد مئات اللاجئين في مجمَّع برج المراقبة في مونروڤيا.‏ فجرى الاشتراك في ما توفَّر من الطعام هناك،‏ وكذلك الماء من البئر،‏ مع الشهود والجيران غير الشهود على السواء.‏ وبعدئذ،‏ حالما سمحت الظروف،‏ وصل مزيد من مؤن الاغاثة من الشهود في سيراليون وساحل العاج في افريقيا الغربية،‏ النَّذَرلند وايطاليا في اوروپا،‏ والولايات المتحدة.‏

      ومرة اخرى،‏ في السنة ١٩٩٠،‏ بعد ان تركت الحرب في لبنان اجزاء من بيروت تبدو كما لو ان زلزالا ضربها،‏ نظَّم الشيوخ بين شهود يهوه لجنة اغاثة للحالات الطارئة لمنح المساعدة اللازمة للاخوة.‏ ولم يضطروا الى طلب متطوعين؛‏ فكل يوم كان كثيرون يعرضون مساعدتهم.‏

      وخلال فترة من الاضطراب السياسي والاقتصادي الكبير في اوروپا،‏ ارسل شهود يهوه في تشيكوسلوڤاكيا،‏ النمسا،‏ هنڠاريا،‏ ويوڠوسلاڤيا اكثر من ٧٠ طنا من المواد اللازمة الى اخوتهم المسيحيين في رومانيا في السنة ١٩٩٠.‏

      تبع ذلك مزيد من بعثات الاغاثة الى اوروپا الشرقية.‏ فقد طلبت الهيئة الحاكمة من مكتب فرع جمعية برج المراقبة في الدنمارك ان ينظِّموا اعانة للشهود المحتاجين في أوكرانيا.‏ فأُشعرت الجماعات وكانت توّاقة الى العطاء.‏ وفي ١٨ كانون الاول ١٩٩١،‏ وصلت الى لْڤيڤ خمس شاحنات وعربتان مقفلتان يقودها شهود متطوعون محمَّلة ٢٢ طنا من المؤن —‏ تعبير عن الاهتمام الحبي باخوتهم المسيحيين.‏ واذ استمرت الى السنة ١٩٩٢،‏ وصلت شحنات ايضا من الشهود في النمسا —‏ اكثر من ١٠٠ طن من الطعام واللباس.‏ والمزيد من المؤن أُرسل من الشهود في النَّذَرلند —‏ اولا ٢٦ طنا من الطعام،‏ وبعد ذلك قافلة من ١١ شاحنة تحتوي على الملابس،‏ ثم مزيد من الطعام لتلبية الحاجة المستمرة.‏ وكان المتسلِّمون شاكرين للّٰه وتطلعوا اليه طلبا للحكمة في استعمال ما جرى تزويده.‏ واتحدوا في الصلاة قبل تفريغ الشاحنات ومرة اخرى عند انجاز المهمة.‏ وشحنات اعانة كبيرة اخرى ارسلها الشهود في ايطاليا،‏ فنلندا،‏ السويد،‏ وسويسرا.‏ وفي اثناء سير ذلك كله،‏ ادَّت الاحوال المضطربة بين الجمهوريات التي كانت تؤلِّف سابقا يوڠوسلاڤيا الى نشوء الحاجة هناك.‏ فشُحنت ايضا مؤن الطعام،‏ اللباس،‏ والادوية الى تلك المنطقة.‏ وفي غضون ذلك،‏ فتح الشهود في المدن هناك بيوتهم للاعتناء بأولئك الذين دُمِّرت منازلهم.‏

      احيانا يكون اولئك الذين هم في مسيس الحاجة الى المساعدة موجودين في اماكن نائية،‏ وتكون حالتهم غير معروفة بشكل واسع.‏ وقد صح ذلك في ٣٥ عائلة من شهود يهوه في ڠواتيمالا.‏ فقد غزت قراهم عصابات متحاربة.‏ وعندما تمكنوا اخيرا من العودة في السنة ١٩٨٩،‏ احتاجوا الى المساعدة لاعادة البناء.‏ ولتكميل المساعدة التي وفَّرتها الحكومة لاعادة اللاجئين،‏ شكَّل مكتب فرع جمعية برج المراقبة لجنة طوارئ لتقديم العون لعائلات الشهود هؤلاء،‏ وتطوع نحو ٥٠٠ شاهد آخر من ٥٠ جماعة للمساعدة في اعادة البناء.‏

      وهنالك حالات اخرى تؤدي بالناس ايضا الى حاجة ماسة جدا دون خطإ من جهتهم.‏ فالزلازل،‏ الاعاصير،‏ والفيضانات انما هي حوادث متكررة.‏ وكمعدل،‏ يقال ان العالم يصاب بأكثر من ٢٥ كارثة رئيسية كل سنة.‏

      عندما تضرب القوى الطبيعية بعنف

      عندما تنشأ حالات طارئة رئيسية تؤثر في شهود يهوه بسبب الكوارث،‏ تُتَّخذ اجراءات فورية لتزويد المساعدة اللازمة.‏ والشيوخ المحليون تعلَّموا انه عند مواجهة حالات كهذه يجب ان يبذلوا جهدا حثيثا للاتصال بكل فرد في الجماعة.‏ ومكتب فرع جمعية برج المراقبة الذي يشرف على عمل الملكوت في تلك المنطقة يتحقق فورا من الوضع ثم يرسل تقريرا الى المركز الرئيسي العالمي.‏ وحيث تلزم مساعدة اكثر مما يمكن تزويده محليا،‏ تُصنع ترتيبات منسَّقة بدقة،‏ حتى على نطاق اممي احيانا.‏ والهدف ليس محاولة رفع مستوى معيشة اولئك المتضررين بل مساعدتهم على حيازة ضرورات الحياة التي اعتادوها.‏

      ان مجرد تقرير عن الكارثة على التلفزيون يكفي لدفع شهود كثيرين الى الاتصال هاتفيا بالشيوخ المسؤولين في المنطقة لعرض خدماتهم او لتزويد المال او المواد.‏ وقد يرسل آخرون اموالا الى مكتب الفرع او المركز الرئيسي العالمي بغية استعمالها لاغراض الاغاثة.‏ فهم يعرفون ان المساعدة لازمة،‏ ويريدون ان يساهموا.‏ وحيث توجد حاجة اعظم،‏ قد تُعلِم جمعية برج المراقبة الاخوة في منطقة محدودة ليتمكنوا من المساعدة قدر المستطاع.‏ وتُشكَّل لجنة اغاثة لتنسيق معالجة الامور في منطقة الكارثة.‏

      وهكذا عندما دمَّر زلزال قوي معظم ماناڠْوا،‏ نيكاراڠْوا،‏ في كانون الاول ١٩٧٢،‏ اجتمع نظار جماعات شهود يهوه في تلك المنطقة في غضون ساعات لتنسيق مساعيهم.‏ وجرى تفحص فوري لحالة كل شاهد في المدينة.‏ وفي ذلك اليوم نفسه ابتدأت مؤن الاغاثة تصل من الجماعات المجاورة؛‏ ثم اتت بسرعة من كوستاريكا،‏ هُندوراس،‏ والسلڤادور.‏ وأُقيمت اربع عشرة نقطة لتوزيع الاعانة في ضواحي ماناڠْوا.‏ والمال والمؤن من الشهود في انحاء عديدة من العالم نُقلت الى نيكاراڠْوا عن طريق المركز الرئيسي الاممي لجمعية برج المراقبة.‏ ووُزع الطعام والامدادات الاخرى (‏بما فيها الشموع،‏ الثقاب،‏ والصابون)‏ بحسب حجم كل اسرة،‏ اذ كانت كل عائلة تُعطى مؤونة سبعة ايام.‏ وفي ذروة العمليات أُطعم نحو ٠٠٠‏,٥ شخص —‏ الشهود،‏ عائلاتهم،‏ والاقرباء الذين يمكثون هم عندهم.‏ واستمرت عمليات الاغاثة عشرة اشهر.‏ ولدى رؤية ما كان يجري،‏ وفَّرت وكالات الحكومة والصليب الاحمر الطعام،‏ الخيام،‏ والامدادات الاخرى ايضا.‏

      وفي السنة ١٩٨٦ اجبرت الانفجارات البركانية ٠٠٠‏,١٠ شخص على اخلاء جزيرة إيزو-‏اوشيما،‏ قرب ساحل اليابان،‏ والسفن التي كانت تنقل اللاجئين التقاها شهود يهوه الذين كانوا يفتشون باجتهاد ليجدوا اخوتهم الروحيين.‏ قال احد اللاجئين:‏ «عندما غادرنا اوشيما،‏ لم نكن نحن انفسنا نعرف الى اين نتجه.‏» فقد حدث كل شيء بسرعة كبيرة.‏ «ولكن فيما كنا ننزل من السفينة رأينا لافتة تقول،‏ ‏‹شهود يهوه.‏› .‏ .‏ .‏ فاغرورقت عينا زوجتي اذ غمرها شعور بالارتياح لوجود اخوتنا هناك لملاقاتنا على الرصيف.‏» وبعد ملاحظة كيفية الاعتناء بالشهود اللاجئين،‏ ليس فقط عند وصولهم بل بعد ذلك ايضا،‏ قال حتى الناس الذين نبذونهم سابقا:‏ «قد احسنتم اذ التصقتم بهذا الدين.‏»‏

      يبذل الشهود كل جهد لادخال المساعدة الى المناطق المنكوبة بالسرعة الممكنة.‏ ففي السنة ١٩٧٠،‏ عندما ضرب الپيرو احد اكثر الزلازل تدميرا في تاريخ البلد،‏ أُرسلت على الفور اموال الاغاثة للحالات الطارئة من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك،‏ تبعها ١٥ طنا من الملابس.‏ ولكن حتى قبل وصول تلك الشحنة ساق الشهود قافلة من العربات تحمل مؤن الاغاثة الى المنطقة التي دُمِّرت فيها المدن والقرى،‏ فاعلين ذلك في غضون ساعات بعد فتح الطرقات.‏ وعلى التوالي في الايام والاسابيع التي تلت زوَّدوا المساعدة اللازمة،‏ ماديا وروحيا على السواء،‏ لمختلف الفرق في جبال الأنديز.‏ وفي السنة ١٩٨٠،‏ عندما هزَّ اجزاء من ايطاليا زلزال عنيف مساء ٢٣ تشرين الثاني،‏ وصلت اول حمولة شاحنة من المؤن المرسلة من الشهود الى المنطقة المنكوبة في اليوم التالي عينه.‏ فأنشأوا فورا مطبخهم،‏ الذي منه كان يجري يوميا توزيع الطعام الذي تطهوه الاخوات.‏ وعلَّق احد مراقبي جهود الاغاثة في احدى الجزر الكاريبية:‏ «لقد عمل الشهود بسرعة اكثر من الحكومة.‏» ربما يصح ذلك احيانا،‏ ولكنَّ شهود يهوه يقدِّرون بالتأكيد مساعدة الرسميين الذين يسهِّلون مساعيهم لبلوغ مثل هذه المناطق المنكوبة بسرعة.‏

      خلال فترة من المجاعة في آنڠولا في السنة ١٩٩٠،‏ عُلِم ان الشهود هناك كانوا في حاجة ماسة الى الطعام واللباس.‏ لكنَّ الوصول اليهم كان يمكن ان يشكِّل مشكلة بسبب الحظر على شهود يهوه في ذلك البلد لسنين عديدة.‏ ومع ذلك فان اخوتهم المسيحيين في جنوب افريقيا حمَّلوا شاحنة ٢٥ طنا من مؤن الاغاثة.‏ وفي الطريق زاروا قنصلية آنڠولا فمُنحوا اذنا في عبور الحدود.‏ وبغية الوصول الى الاخوة كان يجب ان يجتازوا ٣٠ حاجزا عسكريا،‏ وحيث نُسف جسر،‏ كان يجب ان يعبروا نهرا في طور الفيضان على جسر وقتي اقيم مكانه.‏ وعلى الرغم من ذلك كله،‏ سُلِّمت كامل الشحنة بأمان.‏

      في اوقات الكارثة يُنجَز اكثر من مجرد شحن مؤن الاغاثة الى المنطقة.‏ فعندما دمَّرت الانفجارات والنيران منطقة في احدى ضواحي مدينة مكسيكو في السنة ١٩٨٤،‏ وصل الشهود بسرعة لتزويد المساعدة.‏ لكنَّ شهودا كثيرين في المنطقة لم تكن معرفة مكانهم ممكنة،‏ ولذلك رتَّب الشيوخ بحثا منظَّما لتحديد مكان كل فرد.‏ فالبعض تشتتوا في اماكن اخرى.‏ ومع ذلك،‏ واصل الشهود بحثهم حتى وجدوا اماكنهم جميعا.‏ فمُنحت المساعدة حسبما كان لازما.‏ وفي حالة اخت فقدت زوجها وابنا لها،‏ شمل ذلك الاهتمام بترتيبات الدفن ثم تزويد الدعم الكامل،‏ ماديا وروحيا،‏ للاخت وأولادها الباقين.‏

      غالبا ما يلزم اكثر بكثير من الامدادات الطبية،‏ وجبات قليلة من الطعام،‏ وبعض الملابس.‏ ففي السنة ١٩٨٩ دمَّرت عاصفة بيوت ١١٧ شاهدا في ڠوادلوپ وألحقت اضرارا جسيمة ببيوت ٣٠٠ آخرين.‏ وسرعان ما اتى شهود يهوه في المارتينيك لمساعدتهم؛‏ ثم شحن الشهود في فرنسا اكثر من ١٠٠ طن من مواد البناء كتقدمة لمساعدتهم.‏ وفي جزيرة سانت كروا،‏ عندما قالت شاهدة كانت قد خسرت بيتها لزملاء العمل ان الرفقاء الشهود آتون من پورتو ريكو للمساعدة،‏ قالوا:‏ «لن يفعلوا لك شيئا.‏ فأنت زنجية،‏ ولست اسپانية مثلهم.‏» وكم فوجئ زملاء العمل هؤلاء عندما صار لديها سريعا بيت جديد تماما!‏ وعقب زلزال في كوستاريكا في السنة ١٩٩١،‏ عمل الشهود المحليون والمتطوعون الامميون معا لمساعدة الرفقاء الشهود في منطقة الكارثة.‏ ودون ان يتوقعوا شيئا بالمقابل،‏ اعادوا بناء ٣١ بيتا و ٥ قاعات ملكوت ورمَّموا اخرى.‏ قال مراقبون:‏ ‹الفرق الاخرى تتكلم عن المحبة؛‏ أما انتم فتظهرونها.‏›‏

      والفعَّالية التي بها بذل شهود يهوه جهود الاغاثة كثيرا ما اذهلت المشاهدين.‏ ففي كاليفورنيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٨٦ انهار سدّ على نهر يوبا وأجبرت السيول عشرات الآلاف من الناس على مغادرة منازلهم.‏ فاتصل الشيوخ المسيحيون في المنطقة بالمركز الرئيسي في نيويورك،‏ وتشكَّلت لجنة اغاثة.‏ وحالما بدأت المياه بالانخفاض،‏ كان مئات المتطوعين على استعداد للعمل.‏ وقبل ان تتمكن وكالات الاغاثة الدنيوية من مباشرة العمل،‏ كانت بيوت الشهود ترمَّم.‏ فلماذا تمكنوا من التحرك بمثل هذه السرعة؟‏

      كان احد العوامل الرئيسية استعداد الشهود للتطوع حالا دون اجر فضلا عن تبرُّعهم بالمواد اللازمة.‏ وكان العامل الآخر خبرتهم في التنظيم والعمل معا،‏ اذ يفعلون ذلك قانونيا لادارة محافلهم وبناء قاعات ملكوت جديدة.‏ ولكن هنالك عامل حيوي آخر وهو انهم يولون الكثير من التفكير لما يعنيه الكتاب المقدس عندما يقول،‏ «لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة.‏» —‏ ١ بطرس ٤:‏٨‏.‏

      والتبرعات التي تُقدَّم لسدّ مثل هذه الحاجات كثيرا ما تأتي من افراد لديهم هم انفسهم القليل جدا.‏ وكما تقول رسائلهم المرفقة في كثير من الاحيان:‏ ‹الهبة صغيرة،‏ لكنَّ قلبنا بكامله متسع لاخواتنا واخوتنا.‏› ‹ليتني كنت استطيع ان ارسل اكثر،‏ لكنَّ ما سمح لي يهوه بحيازته اودّ الاشتراك فيه.‏› وكمسيحيي القرن الاول في مكدونية،‏ يلتمسون بحرارة امتياز الاشتراك في تزويد ضرورات الحياة للمعوزين.‏ (‏٢ كورنثوس ٨:‏​١-‏٤‏)‏ وعندما تُرك اكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ كوري دون مسكن نتيجة الفيضان في السنة ١٩٨٤،‏ تجاوب شهود يهوه في جمهورية كوريا بسخاء حتى ان مكتب الفرع اضطر ان يعلن انه لم تعد هنالك حاجة الى مزيد من المساعدة.‏

      يمكن للمراقبين ان يروا بسهولة ان ما يدفع الشهود هو اكثر من مجرد الشعور بالمسؤولية او الميل العام الى حب الخير.‏ فهم يحبون حقا اخوتهم وأخواتهم المسيحيين.‏

      وبالاضافة الى الاعتناء بالحاجات الجسدية يمنح شهود يهوه انتباها خصوصيا لحاجات اخوتهم الروحية في المناطق المنكوبة.‏ فالترتيبات تُصنع بأسرع ما يمكن لاستئناف اجتماعات الجماعة.‏ وفي اليونان،‏ في السنة ١٩٨٦،‏ تطلَّب ذلك نصب خيمة كبيرة خارج مدينة كالاماتا لاستعمالها كقاعة ملكوت،‏ وخيام اصغر في مواقع مختلفة لدروس الكتاب الجماعية وسط الاسبوع.‏ وبشكل مماثل،‏ بعد الاعتناء بالحاجات الجسدية للناجين من التدفق الوحلي المخرِّب في آرميرو،‏ كولومبيا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ استُخدمت الاموال الباقية لبناء قاعات ملكوت جديدة لثلاث جماعات في المنطقة.‏

      وحتى فيما يكون مثل هذا العمل لاعادة البناء جاريا،‏ يستمر شهود يهوه في تعزية الآخرين بالاجوبة المانحة الاكتفاء التي تعطيها كلمة اللّٰه عن اسئلتهم حول القصد من الحياة،‏ سبب الكوارث والموت،‏ والرجاء للمستقبل.‏

      وجهود الشهود للاغاثة لا يُقصَد بها الاعتناء بالحاجات الجسدية لكل فرد في المنطقة المنكوبة.‏ فبحسب غلاطية ٦:‏١٠ تُبذَل هذه بشكل رئيسي من اجل «اهل الايمان.‏» وفي الوقت نفسه،‏ يساعدون الآخرين بسرور حسب طاقتهم.‏ وقد فعلوا ذلك،‏ مثلا،‏ عند تزويد الطعام لضحايا الزلزال في ايطاليا.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ عند مساعدة ضحايا الفيضانات والعواصف،‏ نظَّفوا ورمَّموا ايضا بيوت الجيران المضطربين للشهود.‏ وعندما يُسألون عن سبب انجاز اعمال اللطف هذه للغرباء،‏ يجيبون ببساطة انهم يحبون جيرانهم.‏ (‏متى ٢٢:‏٣٩‏)‏ وعقب اعصار مخرِّب في جنوبي فلوريدا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ صار برنامج الشهود للاغاثة المنظَّم جيدا مشهورا حتى ان بعض المؤسسات التجارية والافراد غير الشهود الذين ارادوا ان يساهموا بشكل ذي معنى في مؤن الاغاثة سلَّموا هذه للشهود.‏ فقد عرفوا ان هبتهم لن تبقى في مخزون احتياطي،‏ ولن تُستخدم للربح،‏ ولكنها ستفيد حقا ضحايا الاعصار،‏ الشهود وغير الشهود على السواء.‏ واستعدادهم لمساعدة غير الشهود وقت الكارثة قُدِّر كثيرا في داڤاو دِل نورتي،‏ في الفيليپين،‏ حتى ان رسميي البلدة اصدروا بيانا يعبِّرون فيه عن ذلك.‏

      ولكن،‏ لا يحب كل فرد المسيحيين الحقيقيين.‏ وكثيرا ما يكونون هدفا للاضطهاد الشديد.‏ وهذا الوضع ايضا يجلب تدفقا سخيا من الدعم الحبي للرفقاء المسيحيين.‏

      في وجه الاضطهاد الوحشي

      شبَّه الرسول بولس الجماعة المسيحية بالجسد البشري وقال:‏ «تهتم الاعضاء اهتماما واحدا بعضها لبعض.‏ فان كان عضو واحد يتألم فجميع الاعضاء تتألم معه.‏» (‏١ كورنثوس ١٢:‏​٢٥،‏ ٢٦‏)‏ هكذا يكون رد فعل شهود يهوه عندما يسمعون اخبارا عن اضطهاد اخوتهم المسيحيين.‏

      ففي المانيا خلال الحقبة النازية،‏ اتخذت الحكومة اجراءات قمع قاسية ضد شهود يهوه.‏ وكان هنالك نحو ٠٠٠‏,٢٠ شاهد فقط في المانيا آنذاك،‏ فريق صغير نسبيا يحتقره هتلر.‏ فلزم عمل موحَّد.‏ وفي ٧ تشرين الاول ١٩٣٤،‏ اجتمعت كل جماعة لشهود يهوه سرا في كل انحاء المانيا،‏ صلَّوا معا،‏ وأرسلوا رسالة الى الحكومة تذكر تصميمهم على الاستمرار في خدمة يهوه.‏ ثم خرج كثيرون من الحاضرين ليشهدوا بجرأة لجيرانهم عن اسم يهوه وملكوته.‏ وفي اليوم نفسه اجتمع ايضا شهود يهوه في باقي الارض في جماعاتهم،‏ وبعد صلاة متحدة،‏ ارسلوا برقيات الى حكومة هتلر دعما لاخوتهم المسيحيين.‏

      وفي السنة ١٩٤٨،‏ بعد ان كُشف عن الاضطهاد الذي يثيره رجال الدين على شهود يهوه في اليونان،‏ تلقى رئيس جمهورية اليونان ومختلف وزراء الحكومة آلاف الرسائل من شهود يهوه لاجل اخوتهم المسيحيين.‏ وهذه وردت من الفيليپين،‏ اوستراليا،‏ اميركا الشمالية والجنوبية،‏ ومناطق اخرى.‏

      وعندما شهَّرت مجلة استيقظ!‏ الاساليب التعسفية المستخدمة ضد الشهود في اسپانيا في السنة ١٩٦١،‏ غمرت رسائل الاحتجاج السلطات هناك.‏ فصَدم الرسميين ان يجدوا ان الناس حول العالم عرفوا تماما ما كانوا يفعلونه،‏ ونتيجة لذلك،‏ على الرغم من استمرار الاضطهاد،‏ ابتدأ بعض رجال الشرطة يتعاملون مع الشهود بمزيد من التحفظ.‏ وفي مختلف البلدان الافريقية ايضا تسلَّم الرسميون رسائل من الشهود في انحاء كثيرة اخرى من العالم عندما علِموا بالمعاملة الوحشية التي يختبرها اخوتهم وأخواتهم المسيحيون هناك.‏

      واذا لم يكن التجاوب المؤاتي من الحكومة وشيكا فان الشهود المضطهَدين لا يُنسَون.‏ وبسبب الاستمرار في الاضطهاد الديني سنين عديدة،‏ غُمِرت بعض الحكومات تكرارا برسائل الالتماس والاحتجاج.‏ وقد صح ذلك في الارجنتين.‏ ففي احدى المناسبات في السنة ١٩٥٩ اخذ وزير الشؤون الخارجية والاديان احد اخوتنا الى غرفة توجد فيها عدة خزائن كتب ملآنة رسائل انهالت من كل انحاء العالم.‏ وقد اذهله ان يكتب شخص من مكان بعيد جدا كفيجي ملتمسا حرية العبادة في الارجنتين.‏

      وفي بعض الحالات مُنح مزيد من الحرية عندما ادرك الحكام ان الناس حول العالم يعرفون ما يفعلونه وأن هنالك كثيرين يهتمون حقا بما يجري.‏ وصح ذلك في لَيبيريا سنة ١٩٦٣.‏ فقد تلقى مندوبو المحفل في بانْڠا من عسكر الحكومة معاملة وحشية.‏ فانهالت على رئيس جمهورية لَيبيريا رسائل احتجاج من مختلف انحاء العالم،‏ وتدخلت وزارة الخارجية الاميركية لان مواطنا اميركيا كان مشمولا.‏ وأخيرا ابرق رئيس الجمهورية تَبْمان الى المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة معبِّرا عن استعداده لاستقبال وفد من شهود يهوه لمناقشة الامور.‏ واثنان من المندوبين —‏ ميلتون هنشل وجون شاروك —‏ كانا في بانْڠا.‏ فاعترف السيد تَبْمان ان ما حدث كان «اعتداء» وقال:‏ «انا آسف على حدوث ذلك.‏»‏

      وعقب تلك المقابلة،‏ صدر امر تنفيذي يُبلِغ «جميع الناس في كل البلد ان شهود يهوه سيكون لهم حق وامتياز الوصول بحرية الى اية ناحية من البلد لانجاز عملهم الارسالي وعبادتهم الدينية دون ان يتعرَّض لهم احد.‏ وسيتمتعون بحماية القانون لشخصهم وممتلكاتهم على السواء وبالحق في عبادة اللّٰه بحرية حسبما تمليه عليهم ضمائرهم،‏ متقيدين في الوقت نفسه بقوانين الجمهورية باظهار الاحترام للعلَم القومي عند رفعه او خفضه في الاحتفالات بالوقوف ساكنين.‏» ولكن لم يُطلَب ان يلقوا التحية،‏ خلافا لضميرهم المسيحي.‏

      أما في ملاوي،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ فلم يكن مثل هذا البيان الرسمي وشيكا بعدُ،‏ مع ان العنف ضد الشهود هناك انخفض الى حد كبير.‏ وشهود يهوه هناك كانوا ضحايا الاضطهاد الديني الاكثر وحشية في التاريخ الافريقي.‏ فقد اجتاحت البلد موجة اضطهاد كهذا في السنة ١٩٦٧؛‏ وبدأت اخرى باكرا في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فكُتبت عشرات الآلاف من الرسائل لاجلهم من كل انحاء العالم.‏ وجرت اتصالات هاتفية.‏ وأُرسلت برقيات كبلية.‏ ولاسباب انسانية اندفع اشخاص بارزون كثيرون في العالم الى التعبير عن رأيهم جهارا.‏

      وكانت الوحشية متطرفة جدا حتى ان نحو ٠٠٠‏,١٩ من شهود يهوه وأولادهم فرّوا عبر الحدود الى زامبيا في السنة ١٩٧٢.‏ وجماعات الشهود المجاورة في زامبيا جمعوا بسرعة الطعام والدُّثُر لاخوتهم.‏ والمال والمؤن التي وهبها شهود يهوه في كل انحاء العالم تدفقت الى مكاتب فروع برج المراقبة وجرى نقلها الى اللاجئين بواسطة مكتب المركز الرئيسي في نيويورك.‏ فجرى تلقّي اكثر مما يلزم للاعتناء بكل حاجات اللاجئين في المخيم في سيندا ميسال.‏ واذ انتشرت الاخبار في المخيم عن وصول شاحنات محمَّلة طعاما،‏ لباسا،‏ وقماشا مشمَّعا لتزويد الاغطية،‏ لم يستطع الاخوة الملاويون حبس دموع الفرح بسبب هذا الدليل على محبة اخوتهم المسيحيين.‏

      وعندما يُسجَن افراد منهم لا يتخلى عنهم الرفقاء الشهود،‏ حتى ولا عندما يشمل الامر مخاطرة شخصية.‏ فخلال الحظر في الارجنتين،‏ عندما احتُجز فريق من الشهود ٤٥ ساعة،‏ احضر لهم اربعة شهود آخرين الطعام واللباس،‏ ولكن ليُسجَنوا هم انفسهم.‏ وفي السنة ١٩٨٩ حاولت زوجة ناظر دائرة في بوروندي،‏ عندما علمت بحالة اخوتها المسيحيين،‏ ان تأخذ لهم الطعام الى السجن.‏ ولكن أُلقي القبض عليها واحتُجزت رهينة مدة اسبوعين،‏ لان رجال الشرطة كانوا يحاولون العثور على زوجها.‏

      وفضلا عما يمكنهم فعله بكل هذه الطرائق فان المحبة لاخوتهم المسيحيين تدفع شهود يهوه الى رفع اصواتهم في الصلاة الى اللّٰه لاجلهم.‏ وهم لا يصلّون ان يضع اللّٰه حدّا فوريا للحروب والنقص في الاغذية،‏ لان يسوع المسيح سبق وأنبأ بمثل هذه الامور لزمننا.‏ (‏متى ٢٤:‏٧‏)‏ ولا يصلّون الى اللّٰه ليمنع كل اضطهاد،‏ لان الكتاب المقدس يبيِّن بوضوح ان المسيحيين الحقيقيين سيُضطهدون.‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏)‏ لكنهم يلتمسون بحرارة ان يتقوى اخوتهم وأخواتهم المسيحيون ليثبتوا في الايمان في وجه اية مشقة تأتي عليهم.‏ (‏قارنوا كولوسي ٤:‏١٢‏.‏)‏ واذ يشهد السجل على قوتهم الروحية يعطي الدليل الوافر على ان مثل هذه الصلوات قد استُجيبت.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظروا برج المراقبة،‏ ١ تموز ١٩٨١ «هل يمكن ان تساعدوا الارامل والاولاد العديمي الاب ‹في ضيقتهم›؟‏» (‏١٥ ايلول ١٩٨٠،‏ بالانكليزية)‏؛‏ ١ حزيران ١٩٨٧،‏ الصفحات ١٠-‏٢١ (‏١٥ تشرين الاول ١٩٨٦،‏ بالانكليزية)‏؛‏ ١٥ تشرين الثاني ١٩٨٧ «ناظرين الى مصالح المتقدمين في السن،‏» ١ كانون الاول ١٩٨٧ «ممارسين التعبد التقوي في ما يتعلق بالوالدين المتقدمين في السن» (‏١ حزيران ١٩٨٧،‏ الصفحات ٤-‏١٨،‏ بالانكليزية)‏؛‏ ١٥ تموز ١٩٨٨،‏ الصفحات ٢١-‏٢٣؛‏ ١ آذار ١٩٩٠،‏ الصفحات ٢٠-‏٢٢.‏

      b انظروا برج المراقبة،‏ ١ كانون الاول ١٩٤٥،‏ الصفحات ٣٥٥-‏٣٦٣ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٠٥]‏

      الانتباه الى حالات الحاجة الخصوصية لا يُترك للصدفة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٠٧]‏

      المساعدة التي تنجم عن الاهتمام الشخصي الحبي

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٠٨]‏

      معالجة الحاجات الماسة الى الاغاثة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣١٢]‏

      بحث منظَّم لتحديد مكان كل شاهد في منطقة الكارثة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣١٥]‏

      فعل الخير لغير الشهود ايضا

      ‏[النبذة في الصفحة ٣١٧]‏

      دموع الفرح بسبب المحبة التي اظهرها اخوتهم المسيحيون

      ‏[الاطار في الصفحة ٣٠٩]‏

      ‏«انتم تحبون حقا بعضكم بعضا»‏

      بعد مراقبة المتطوعين الشهود في لبنان الذي مزقته الحرب وهم يرمِّمون كاملا بيتا متضررا كثيرا لاحدى اخواتهم المسيحيات،‏ اندفع جيرانها الى السؤال:‏ «من اين تأتي هذه المحبة؟‏ ايّ نوع من الناس انتم؟‏» وقالت امرأة مسلمة وهي تراقب تنظيف واصلاح بيت الشاهدة:‏ «انتم تحبون حقا بعضكم بعضا.‏ دينكم هو الدين الصحيح.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٣١٦]‏

      اخوة وأخوات حقيقيون

      في ما يتعلق باللاجئين الشهود الكوبيين في فورت تْشافي،‏ آركانساس،‏ قالت «آركانساس ڠازِت»:‏ «كانوا اول مَن أُعيد اسكانهم في بيوت جديدة لأن ‹اخوتهم وأخواتهم› الاميركيين —‏ شهود يهوه الرفقاء —‏ بذلوا جهدا خصوصيا لانقاذهم.‏ .‏ .‏ .‏ وعندما يدعو الشهود نظراءهم الروحيين في ايّ بلد ‹اخوة وأخوات،‏› فانهم يعنون ذلك حقا.‏» —‏ عدد ١٩ نيسان ١٩٨١.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٠٦]‏

      بعد الحرب العالمية الثانية شحنوا الطعام واللباس الى الرفقاء الشهود المعوزين في ١٨ بلدا

      الولايات المتحدة

      سويسرا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣١١]‏

      في السنة ١٩٩٠،‏ وحَّد الشهود في البلدان المجاورة جهودهم لمساعدة الرفقاء المؤمنين في رومانيا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣١٠]‏

      الشهود الذين نجوا من الزلزال في الپيرو بنوا مدينة ملجإهم وساعدوا بعضهم بعضا

      امدادات الاغاثة التي اتى بها شهود آخرون (‏ادناه)‏ كانت بين الامدادات الاولى التي تصل الى المنطقة

      ‏[الصور في الصفحة ٣١٣]‏

      جهود الاغاثة كثيرا ما تشمل تزويد المواد والمتطوعين لمساعدة الرفقاء الشهود في اعادة بناء بيوتهم

      ڠواتيمالا

      پاناما

      المكسيك

      ‏[الصورة في الصفحة ٣١٤]‏

      جهود الشهود للاغاثة تشمل البناء الروحي.‏ في كالاماتا،‏ اليونان،‏ وخارج المدينة على السواء،‏ نُصبت سريعا الخيام للاجتماعات

  • البناء معا علی نطاق عالمي
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٠

      البناء معا على نطاق عالمي

      ان الشعور بالاخوَّة الاصيلة بين شهود يهوه يجري الاعراب عنه بطرائق عديدة.‏ وأولئك الذين يحضرون اجتماعاتهم يرون الدليل على ذلك.‏ وفي محافلهم يجري الاعراب عنه على نطاق موسَّع.‏ ويَظهر ايضا بوضوح فيما يعملون معا لتزويد اماكن اجتماع مناسبة لجماعاتهم.‏

      ومع بداية عقد تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٦٠ جماعة لشهود يهوه حول العالم.‏ وخلال العقد السابق كانت تضاف ٧٥٩‏,١ جماعة جديدة،‏ كمعدل،‏ كل سنة.‏ وفي وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت هذه النسبة قد ارتفعت الى اكثر من ٠٠٠‏,٣ سنويا.‏ وتزويد امكنة مناسبة لاجتماعاتهم جميعا كان مهمة ضخمة.‏

      قاعات الملكوت

      وكما صح في مسيحيي القرن الاول استخدمت جماعات عديدة لشهود يهوه في اول الامر بيوتا خاصة لمعظم اجتماعاتهم.‏ وفي ستكهولم،‏ السويد،‏ استخدم القليلون الذين عقدوا اولا اجتماعات قانونية هناك دكان نجارة كانوا قد استأجروه للاستعمال بعد الانتهاء من عمل النهار في الدكان.‏ وبسبب الاضطهاد عقد فريق صغير في مقاطعة لا كورونا،‏ اسپانيا،‏ اجتماعاتهم الاولى في مستودع،‏ او مخزن،‏ صغير.‏

      وعند الحاجة الى مكان اوسع،‏ في البلدان التي توجد فيها حرية لفعل ذلك،‏ كانت جماعات شهود يهوه المحلية تستأجر مكانا للاجتماع.‏ أما اذا كانت هذه قاعة تستخدمها ايضا هيئات اخرى،‏ فكان يجب نقل المعدّات او تركيبها لكل اجتماع،‏ وكثيرا ما كانت تبقى رائحة دخان التبغ عالقة.‏ وحيثما امكن،‏ كان الاخوة يستأجرون متجرا غير مستخدم او عُلِّية تستخدمها الجماعة فقط.‏ ولكن،‏ على مر الوقت،‏ في اماكن عديدة جعلت الايجارات المرتفعة وعدم توافر اماكن مناسبة ضروريا صنع ترتيبات اخرى.‏ وفي بعض الحالات اشتُريت مبانٍ وجُدِّدت.‏

      قبل الحرب العالمية الثانية بنت جماعات قليلة اماكن للاجتماع مصمَّمة خصوصا لاستخدامها.‏ وحتى قديما في السنة ١٨٩٠،‏ بنى فريق من تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة في ماونت لوكْأَوْت،‏ ڤرجينيا الغربية،‏ مكانهم الخاص للاجتماع.‏a لكنَّ عمل البناء الواسع الانتشار لقاعات الملكوت لم يبدأ حتى خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

      والاسم قاعة الملكوت اقترحه سنة ١٩٣٥ ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ الذي كان آنذاك رئيس جمعية برج المراقبة.‏ ففي ما يتعلق بتسهيلات فرع الجمعية في هونولولو،‏ هاوايي،‏ رتَّب ان يبني الاخوة قاعة يمكن ان تُعقد فيها الاجتماعات.‏ وعندما سأل جيمس هارُب ماذا كان الاخ رذرفورد سيدعو المبنى،‏ اجاب:‏ «ألا تظن اننا يجب ان ندعوه ‹قاعة الملكوت،‏› لان هذا ما نقوم به،‏ الكرازة ببشارة الملكوت؟‏» وبعد ذلك،‏ حيثما امكن،‏ ابتدأت القاعات التي يستخدمها الشهود قانونيا تتميَّز تدريجيا بلافتات تقول «قاعة الملكوت.‏» وهكذا عندما جُدِّد مسكن لندن في السنة ١٩٣٧-‏١٩٣٨ سمي من جديد قاعة الملكوت.‏ وفي حينه صار مكان اجتماع الجماعات المحلي الرئيسي في كل العالم معروفا بقاعة الملكوت لشهود يهوه.‏

      اكثر من طريقة واحدة للقيام بذلك

      ان القرارات بشأن ما اذا كانت قاعات الملكوت ستُستأجر او ستُبنى تتخذها الجماعات الافرادية محليا.‏ وهي تتحمل ايضا اية نفقات بناء وصيانة.‏ وبغية توفير الاموال تسعى الغالبية العظمى من الجماعات ان تقوم بقدر ما يمكن من عمل البناء دون اللجوء الى متعهدين تجاريين.‏

      والقاعات نفسها يمكن ان تُبنى من الطوب،‏ الحجارة،‏ الخشب،‏ او المواد الاخرى،‏ وفقا للكلفة ولما هو متوافر في المنطقة.‏ ففي كاتيما موليلو،‏ ناميبيا،‏ استُخدم العشب الطويل لصنع سقف مقشَّش،‏ وجرى صبّ الوحل من قرى النمل (‏الذي يصير قاسيا جدا عندما يجفّ)‏ من اجل الجدران والارضية.‏ والشهود في سيڠوڤيا،‏ كولومبيا،‏ صنعوا كتلهم الاسمنتية للبناء.‏ والحمم غير المنحوتة من جبل لاسِّن استُخدمت في كولفاكس،‏ كاليفورنيا.‏

      واذ كان عدد الحضور في الاجتماعات كثيرا ما يتخطى الـ‍ ٢٠٠ في السنة ١٩٧٢،‏ ادركت الجماعة في ماسيرو،‏ ليسوتو،‏ انه يلزمهم بناء قاعة ملكوت مناسبة.‏ فساعد كل فرد في المشروع.‏ وسار الاخوة المسنّون حتى ٢٠ ميلا (‏٣٢ كلم)‏ للمشاركة.‏ ودحرج الاولاد براميل الماء الى الموقع.‏ وزوَّدت الاخوات وجبات الطعام.‏ واستخدموا ايضا اقدامهم لضرب الارض تكرارا،‏ راصّينها تحضيرا لصبّ الارضية الاسمنتية،‏ مرنِّمين كل الوقت ترانيم الملكوت وخابطين بأقدامهم حسب ايقاع الموسيقى.‏ والحجر الرملي،‏ المتوافر في الجبال المجاورة بكلفة عناء جلبه،‏ استُخدم للجدران.‏ وكانت النتيجة قاعة ملكوت تتسع لنحو ٢٥٠.‏

      وأحيانا كان الشهود من الجماعات المجاورة يساعدون في عمل البناء.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ عندما بنى شهود يهوه في إمبالي،‏ منطقة للسود في جنوب افريقيا،‏ قاعة تتسع بصورة مريحة لـ‍ ٤٠٠،‏ اتى الرفقاء الشهود من پيترماريتسبرڠ ودوربان المجاورتين للمساعدة.‏ فهل يمكنكم ان تتخيلوا كم تعجَّب الجيران عندما رأوا،‏ خلال تلك الايام للاضطراب العنصري في جنوب افريقيا،‏ عشرات الشهود البيض،‏ الملوَّنين،‏ والهنود يتدفقون الى المنطقة ويعملون كتفا الى كتف مع اخوتهم الافريقيين السود؟‏ وكما اعلن رئيس البلدية المحلي:‏ «لا يمكن القيام بذلك إلا بالمحبة.‏»‏

      ومهما كانت الروح طوعية،‏ فقد وجدت الجماعات ان الظروف المحلية تحدّ مما يستطيع الاخوة القيام به.‏ فالرجال في الجماعات كانت لهم عائلات لاعالتها وكانوا عادةً لا يستطيعون ان يعملوا في مشروع كهذا إلا في نهايات الاسابيع وربما قليلا في الامسيات.‏ وكان لدى جماعات عديدة قليلون،‏ هذا اذا وجد احد،‏ ممن هم مهرة في حِرَف البناء.‏ ومع ذلك،‏ فان بناء بسيطا نسبيا ومكشوفا نوعا ما يلائم المناطق المدارية كان يمكن تشييده في ايام قليلة او ربما اسابيع قليلة.‏ وبمساعدة الشهود في الجماعات المجاورة كان يمكن اكمال ابنية اكثر متانة في خمسة او ستة اشهر.‏ وفي حالات اخرى ربما تطلَّب ذلك سنة او اثنتين.‏

      ولكن،‏ اذ دخلوا سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان شهود يهوه حول العالم يزدادون بمعدل جماعتين الى ثلاث جماعات جديدة يوميا.‏ وبحلول اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ بلغ معدل الزيادة حتى تسع جماعات يوميا.‏ فهل كان يمكن سدّ حاجتهم الملزِمة الى قاعات ملكوت جديدة؟‏

      تطوير تقنيات البناء السريع

      باكرا في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ في الولايات المتحدة،‏ اندفع اكثر من ٥٠ شاهدا من جماعات مجاورة الى المساعدة في بناء قاعة ملكوت جديدة في كارترڤيل،‏ ميسوري،‏ للفريق الذي كان يجتمع في مدينة وب.‏ وفي احدى نهايات الاسابيع بنوا الهيكل الرئيسي وأنجزوا قسما كبيرا من العمل في تركيب السقف.‏ وبقي الكثير للقيام به،‏ وتطلَّب اكمال العمل اشهرا؛‏ لكنَّ جزءا مهما منه أُكمل في فترة قصيرة جدا.‏

      وخلال العقد التالي،‏ اذ كان الاخوة يعملون معا في بناء نحو ٦٠ قاعة،‏ جرى التغلب على العقبات وطُوِّرت اساليب اكثر فعَّالية.‏ وفي حينه ادركوا انه بعد الانتهاء من العمل في الاساس يمكنهم تقريبا اكمال قاعة الملكوت بكاملها في نهاية اسبوع واحدة.‏

      ابتدأ عدة نظار جماعات —‏ وجميعهم من الغرب الاوسط في الولايات المتحدة —‏ يعملون نحو هذا الهدف.‏ وعندما كانت الجماعات تطلب المساعدة في بناء قاعة ملكوتهم،‏ كان واحد او اكثر من هؤلاء الاخوة يناقش المشروع معهم ويزوِّد التفاصيل المتعلقة بالتحضير الذي يلزم الاهتمام به محليا قبل التمكن من القيام بالعمل.‏ وبين امور اخرى كان يجب الحصول على رخص البناء،‏ صبّ الاساس والارضية الاسمنتية،‏ ان تكون الامدادات الكهربائية جاهزة،‏ ان تكون الاشغال الصحية تحت الارض في مكانها،‏ وأن تُصنَع ترتيبات مضمونة لتسليم مواد البناء.‏ ثم كان يمكن تحديد تاريخ لبناء قاعة الملكوت نفسها.‏ ولم يكن المبنى ليركَّب من اجزاء مصنوعة مقدَّما؛‏ فكان سيُبنى كله في الموقع مباشرة.‏

      ومَن كانوا سيقومون بعمل البناء الفعلي؟‏ الى الحد الممكن قام به عمَّال طوعيون غير مأجورين.‏ وكثيرا ما اشتركت عائلات بكاملها.‏ وكان منظِّمو المشروع يتصلون بالشهود الحِرَفيين الذين عبَّروا عن الرغبة في المساهمة في هذه المشاريع.‏ وكثيرون منهم تطلعوا بشوق الى كل مشروع بناء جديد.‏ والشهود الآخرون الذين علموا بالمشاريع ارادوا الاشتراك؛‏ فالمئات من المنطقة المجاورة —‏ ومن اماكن ابعد —‏ تدفقوا الى مواقع البناء،‏ توّاقين الى تقديم خدماتهم بالطريقة الممكنة.‏ ولم يكن معظمهم بنَّائين محترفين،‏ لكنهم بالتأكيد اعطوا الدليل على انه ينطبق عليهم وصف مؤيدي مَلك يهوه المسيَّاني كما هو مبيَّن في المزمور ١١٠:‏٣‏،‏ الذي يقول:‏ «شعبك منتدَب.‏»‏

      يوم الخميس مساءً قبل مباشرة المجهود الكبير،‏ كان المشرفون على المشروع يجتمعون لتخطيط التفاصيل الاخيرة.‏ وفي المساء التالي كانت تُعرَض امام العمَّال صور منزلقة عن الطريقة المتَّبعة لكي يفهموا كيفية القيام بالعمل.‏ وكان يُشدَّد على اهمية الصفات الالهية.‏ وجرى تشجيع الاخوة ان يعملوا معا بمحبة،‏ ان يكونوا لطفاء،‏ ان يعربوا عن الصبر والاعتبار.‏ وجرى تشجيع كل فرد ان يعمل بسرعة ثابتة ولكن دون عجلة ودون تردُّد في اخذ دقائق قليلة للاشتراك في اختبار بنَّاء مع شخص آخر.‏ وباكرا في الصباح التالي كان عمل البناء يبتدئ.‏

      وفي وقت معيَّن من يوم السبت صباحا باكرا كان الجميع يتوقفون عما يقومون به للاصغاء الى مناقشة آية اليوم من الاسفار المقدسة.‏ وكانت الصلاة تقدَّم،‏ اذ جرى التقدير جيدا ان نجاح المشروع بكامله يعتمد على بركة يهوه.‏ —‏ مزمور ١٢٧:‏١‏.‏

      وعندما يبتدئ العمل،‏ كان يتقدَّم بسرعة.‏ وفي غضون ساعة كانت دعائم الجدران ترتفع.‏ وكانت جَمَلونات السقف تتبعها.‏ وألواح الجدران كانت تُسمَّر في مكانها.‏ والكهربائيون يبدأون بمدّ الاسلاك.‏ ومجاري تكييف الهواء والتدفئة كانت تركَّب.‏ والخزائن تُصنَع وتوضَع في مكانها.‏ وأحيانا كانت تمطر طوال نهاية الاسبوع او كان الطقس يتحول الى برد قارس او حرّ شديد،‏ لكنَّ العمل كان يستمر.‏ ولم تكن هنالك اية منافسة او مزاحمة بين الحِرَفيين.‏

      وفي احيان كثيرة،‏ قبل غروب الشمس في اليوم الثاني،‏ تكون قاعة الملكوت قد أُكملت —‏ مزيَّنة بشكل حسن في الداخل،‏ وربما حتى مجمَّلة ببعض الاشجار في الخارج.‏ وعندما يكون عمليا اكثر كانت الاعمال تُبرمَج لتمتد ثلاثة ايام،‏ او ربما نهايتي اسبوعين.‏ وعند نهاية المشروع كان كثيرون من العمال يبقون،‏ متعبين ولكن سعداء جدا،‏ للتمتع بأول اجتماع قانوني للجماعة،‏ درس برج المراقبة.‏

      وبسبب الشك في امكانية القيام بعمل ذي نوعية جيدة بمثل هذه السرعة،‏ استدعى اشخاص عديدون في ڠَيمون،‏ اوكلاهوما،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ مفتش المباني في المدينة.‏ «قلت لهم انه اذا ارادوا ان يروا شيئا منجَزا بطريقة صحيحة،‏ فما عليهم إلا ان يزوروا القاعة!‏» قال المفتش عندما اخبر الشهود في وقت لاحق بما حدث.‏ «انتم تفعلون الامور بالطريقة الصحيحة حتى ما يكون مخفيا وغير منظور!‏»‏

      واذ ازدادت الحاجة الى قاعات الملكوت قام الاخوة الذين طوَّروا العديد من اساليب البناء السريع بتدريب الآخرين.‏ والتقارير عما كان ينجَز انتشرت في البلدان الاخرى.‏ فهل كان ممكنا ان تُستخدم اساليب بناء كهذه هناك ايضا؟‏

      البناء السريع يصبح اممي النطاق

      كان بناء قاعات الملكوت في كندا يقصِّر كثيرا عن حاجات الجماعات.‏ فدعا الشهود في كندا اولئك الذين كانوا ينظِّمون مشاريع البناء السريع في الولايات المتحدة ليوضحوا كيفية معالجتهم ذلك.‏ في بادئ الامر كان الكنديون يشكّون في امكانية القيام بذلك في كندا،‏ لكنهم قرَّروا المحاولة.‏ فارتفعت اول قاعة ملكوت مبنية بهذا الاسلوب في كندا في ألمايرا،‏ اونتاريو،‏ سنة ١٩٨٢.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت هنالك ٣٠٦ قاعات ملكوت في كندا مشيَّدة بهذه الطريقة.‏

      والشهود في نورثامپتون،‏ انكلترا،‏ اعتقدوا انه يمكنهم القيام بذلك ايضا.‏ ومشروعهم،‏ في السنة ١٩٨٣،‏ كان الاول في اوروپا.‏ والاخوة ذوو الخبرة بهذا النوع من البناء سافروا من الولايات المتحدة وكندا للاشراف على المشروع ومساعدة الشهود المحليين على تعلُّم كيفية القيام بذلك.‏ وحضر متطوعون آخرون من امكنة بعيدة كاليابان،‏ الهند،‏ فرنسا،‏ والمانيا.‏ وكانوا هناك كمتطوعين،‏ لا كمأجورين.‏ فكيف كان ذلك كله ممكنا؟‏ كما قال ناظر فريق للشهود الايرلنديين عمل في مشروع كهذا،‏ ‹انه ناجح لأن جميع الاخوة والاخوات يتعاونون تحت تأثير روح يهوه.‏›‏

      وحتى عندما يبدو ان قوانين البناء المحلية تجعل مشاريع كهذه مستحيلة،‏ وجد الشهود انه في كثير من الاحيان عندما تُلخَّص التفاصيل لرسميي المدينة،‏ يسرّهم ان يتعاونوا.‏

      بعد مشروع للبناء السريع في النَّروج،‏ شمالي الدائرة القطبية الشمالية،‏ ذكرت صحيفة فينْماركِن:‏ «شيء لا يصدَّق.‏ هذا هو التعبير الوحيد الذي يمكن ان نجده الذي يصف ما فعله شهود يهوه في نهاية الاسبوع الماضي.‏» وبشكل مماثل،‏ عندما بنى الشهود في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا قاعة ملكوت جذابة في غضون يومين ونصف اليوم،‏ اعلن العنوان الرئيسي في الصفحة الاولى من الصحيفة المحلية:‏ «مشروع يقارب المعجزة،‏» وأضافت المقالة:‏ «ربما كان الوجه الاكثر اثارة للدهشة في المشروع التنظيم والهدوء التام للعملية.‏»‏

      ان انعزال الموقع حيث تلزم قاعة للملكوت ليس عائقا مستعصيا.‏ ففي بيليز أُنجز مشروع للبناء السريع،‏ رغم انه عنى نقل كل قطعة من المواد الى جزيرة تبعد ٣٦ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ عن مدينة بيليز.‏ وعندما بُنيت قاعة ملكوت مجهَّزة بمكيف للهواء في پورت هيدلَنْد،‏ اوستراليا الغربية،‏ في نهاية اسبوع واحدة،‏ كان ذلك بمواد وقوة عاملة اتت كلها تقريبا من امكنة تبعد ٠٠٠‏,١ ميل (‏٦٠٠‏,١ كلم)‏ او اكثر.‏ وتحمَّل العمَّال نفقات سفرهم.‏ ومعظم الذين اشتركوا في المشروع لم يعرفوا الشهود شخصيا في جماعة پورت هيدلَنْد،‏ وقليلون جدا منهم كانوا سيحضرون في وقت ما الاجتماعات هناك.‏ لكنَّ ذلك لم يؤخِّرهم عن التعبير عن محبتهم بهذه الطريقة.‏

      وحتى حيث عدد الشهود قليل،‏ لم يمنعهم ذلك من استعمال اساليب كهذه لبناء القاعات.‏ فقد تطوَّع نحو ٨٠٠ شاهد من ترينيداد للسفر الى توباڠو لمساعدة اخوتهم وأخواتهم المسيحيين الـ‍ ٨٤ هناك على بناء قاعة في سكاربورو سنة ١٩٨٥.‏ والشهود الـ‍ ١٧ (‏ومعظمهم من النساء والاولاد)‏ في ڠُوز باي،‏ لابرادور،‏ يحتاجون حتما الى المساعدة اذا ارادوا يوما ما ان تكون لهم قاعة ملكوت خاصة بهم.‏ وفي السنة ١٩٨٥ استأجر شهود من انحاء اخرى من كندا ثلاث طائرات لنقل ٤٥٠ منهم الى ڠُوز باي للقيام بالمهمة.‏ وبعد يومين من العمل الشاق تمتعوا ببرنامج تدشين في القاعة المكمَّلة يوم الاحد مساءً.‏

      وهذا لا يعني ان جميع قاعات الملكوت تُبنى الآن بأساليب البناء السريع،‏ لكنَّ أعدادا متزايدة منها تُبنى على هذا النحو.‏

      لجان البناء الاقليمية

      بحلول منتصف السنة ١٩٨٦ ازدادت كثيرا النسبة التي بها كانت هنالك حاجة الى قاعات ملكوت جديدة.‏ وخلال السنة التي سبقتها تشكلت ٤٦١‏,٢ جماعة جديدة حول العالم؛‏ ٢٠٧ منها في الولايات المتحدة.‏ وبعض قاعات الملكوت كانت تستخدمها ثلاث،‏ اربع،‏ او حتى خمس جماعات.‏ وكما انبأت الاسفار المقدسة،‏ كان يهوه يسرع حقا بعمل التجميع.‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

      ولضمان افضل استعمال ممكن لمجموع العمَّال وتمكين جميع الذين يبنون قاعات الملكوت من الاستفادة من الخبرة التي اكتُسبت،‏ ابتدأت الجمعية تنسِّق نشاطهم.‏ وكبداية،‏ في السنة ١٩٨٧،‏ قُسِّمت الولايات المتحدة بين ٦٠ لجنة بناء اقليمية.‏ وكان هنالك الكثير لتقوم به جميعها؛‏ فسرعان ما صارت لدى بعضها مشاريع مخطَّط لها لسنة او اكثر.‏ والمعيَّنون للخدمة في هذه اللجان كانوا رجالا،‏ قبل كل شيء،‏ مؤهلين روحيا،‏ شيوخا في الجماعات،‏ قدوة في ممارستهم ثمر روح اللّٰه.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وكثيرون منهم كانت لديهم ايضا خبرة في العقارات،‏ الهندسة،‏ البناء،‏ ادارة الاعمال،‏ السلامة،‏ والحقول ذات العلاقة.‏

      شُجِّعت الجماعات ان تستشير لجنة البناء الاقليمية قبل اختيار موقع لقاعة ملكوت جديدة.‏ وحيث توجد اكثر من جماعة واحدة في المدينة،‏ جرى حثهم ايضا ان يستشيروا ناظر الدائرة (‏او نظار الدوائر)‏،‏ ناظر المدينة،‏ والشيوخ في الجماعات المجاورة.‏ والجماعات التي تخطِّط لتجديد شامل او بناء قاعة ملكوت جديدة نُصحت بأن تستفيد من خبرة الاخوة في لجنة البناء الاقليمية لمنطقتهم ومن الخطوط الارشادية التي زوَّدتهم بها الجمعية.‏ وبواسطة هذه اللجنة كانت الترتيبات ستنسَّق لتجميع العمَّال المهرة الذين توجد حاجة اليهم من بين الاخوة والاخوات في نحو ٦٥ حرفة الذين تطوَّعوا من قبل للمساعدة في مشاريع كهذه.‏

      ومع تحسين الاجراءات كان ممكنا تخفيض عدد العمَّال المشمولين بأيّ مشروع.‏ فعوضا عن وجود الآلاف في موقع البناء إما كمتفرجين او لتقديم خدماتهم،‏ نادرا ما كان هنالك اكثر من ٢٠٠ في الموقع في الوقت نفسه.‏ وعوضا عن صرف نهاية اسبوع بكاملها هناك،‏ كان العمَّال يحضرون فقط وقت الحاجة الى مهاراتهم الخصوصية.‏ وهكذا كان لديهم مزيد من الوقت لصرفه مع عائلاتهم وللنشاط مع جماعاتهم المحلية.‏ وعندما صار بامكان الاخوة المحليين القيام بأنواع معيَّنة من العمل في وقت معقول،‏ كثيرا ما وُجِد عمليا اكثر استدعاء فريق البناء السريع فقط من اجل اوجه العمل اللازمة بالحاح اكثر.‏

      ومع ان العملية بكاملها كانت تسير بسرعة مذهلة،‏ إلا ان ذلك لم يكن الاهتمام الرئيسي.‏ فالاهم كان تزويد بناء ذي نوعية جيدة لقاعات ملكوت متواضعة مصمَّمة لسدّ الحاجات المحلية.‏ وكان التخطيط الدقيق يجري لانجاز ذلك فيما تبقى النفقات في الحد الادنى.‏ وكانت الاجراءات تُتَّخذ للتحقق من منح السلامة الاولوية الرئيسية —‏ سلامة العمَّال،‏ الجيران،‏ المارَّة،‏ والمجتمعين المقبلين في قاعة الملكوت.‏

      واذ كانت التقارير عن هذا الترتيب لبناء قاعات الملكوت تصل الى البلدان الاخرى،‏ كانت مكاتب فروع الجمعية التي تعتقد ان ذلك مفيد في مناطقها تزوَّد بالتفاصيل اللازمة.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت لجان البناء الاقليمية التي عيَّنتها الجمعية تساعد في بناء قاعات ملكوت في بلدان مثل الارجنتين،‏ اسپانيا،‏ المانيا،‏ اوستراليا،‏ بريطانيا،‏ جنوب افريقيا،‏ فرنسا،‏ كندا،‏ المكسيك،‏ واليابان.‏ وقد كُيِّفت اساليب البناء وفق الظروف المحلية.‏ وعندما كان يلزم العون من فرع آخر لبناء قاعة ملكوت،‏ كان يُرتَّب لذلك بواسطة مكتب المركز الرئيسي للجمعية.‏ وفي بعض انحاء العالم كانت قاعات جديدة تُشيَّد خلال ايام؛‏ وفي اماكن اخرى،‏ خلال اسابيع او ربما خلال عدة اشهر.‏ وبالتخطيط الدقيق والجهد المنسَّق كان الوقت اللازم لتزويد قاعة ملكوت جديدة يُخفَّض بالتأكيد.‏

      لم تقتصر نشاطات البناء لشهود يهوه على قاعات الملكوت.‏ فالتسهيلات الاوسع تلزم عندما يجتمع عدد من الجماعات من اجل المحافل الدائرية وأيام المحافل الخصوصية السنوية.‏

      سدّ الحاجة الى قاعات محافل

      على مر السنين استُخدِمت تسهيلات متنوعة للمحافل الدائرية.‏ فقد استأجر شهود يهوه اماكن مثل قاعات استماع مدنية،‏ مدارس،‏ مسارح،‏ مستودعات اسلحة،‏ ملاعب رياضية،‏ وساحات معارض.‏ وفي اماكن قليلة توافرت تسهيلات بديعة جدا بسعر معقول.‏ وفي اكثر الاحيان كان يلزم الكثير من الوقت والجهد لتنظيف المكان،‏ تركيب تجهيزات الصوت،‏ بناء المنبر،‏ ونقل الكراسي.‏ وأحيانا كانت هنالك إلغاءات في اللحظة الاخيرة.‏ واذ نما عدد الجماعات صار اصعب فأصعب ايجاد اماكن مناسبة كافية.‏ فماذا كان يمكن فعله؟‏

      مرة اخرى كان الحل ان يمتلك شهود يهوه اماكن خاصة بهم.‏ وكان ذلك سيشمل تجديد ابنية مناسبة وتشييد ابنية جديدة.‏ وأولى قاعات المحافل هذه في الولايات المتحدة كانت مسرحا في مدينة لونڠ آيلند،‏ نيويورك،‏ جدَّده ووضعه قيد الاستعمال شهود يهوه في اواخر السنة ١٩٦٥.‏

      وفي الوقت نفسه تقريبا كان الشهود في جزيرة ڠوادلوپ الكاريبية يضعون التصميم لقاعة محافل تفي بحاجاتهم.‏ فقد شعروا بأنه سيكون مفيدا اذا تمكنوا من عقد محافلهم الدائرية في مواقع عديدة مختلفة.‏ لكنَّ معظم البلدات لم تكن لديها تسهيلات واسعة كفاية.‏ ولذلك أنشأ الشهود بناء قابلا للنقل،‏ مصنوعا من انابيب فولاذية وسقف من الألمنيوم،‏ يتسع لـ‍ ٧٠٠ شخص ويمكن اقامته حيث تتوافر قطعة ارض مسطحة نسبيا.‏ وكان عليهم ان يوسِّعوا القاعة مرة بعد اخرى،‏ حتى صارت تستوعب ٠٠٠‏,٥.‏ تخيلوا نقل،‏ تركيب،‏ وفك ٣٠ طنا من المواد لكل محفل!‏ وقاعة المحافل هذه كانت تُركَّب وتُفَك عدة مرات سنويا طوال ١٣ سنة،‏ حتى صار من الصعب ايجاد ارض للقاعة القابلة للنقل وكان من الضروري شراء ارض واقامة قاعة محافل دائمة،‏ وهي تُستخدم الآن للمحافل الدائرية والكورية.‏

      وفي عدد غير قليل من الاماكن استفادت مشاريع قاعات المحافل من الابنية الموجودة.‏ ففي انكلترا،‏ في هايز بريدج،‏ ساري،‏ جرى شراء وتجديد مجمَّع مدرسي عمره ٥٠ سنة.‏ وهو يستقر في ٢٨ اكرا (‏١١ هكتارا)‏ من الريف الجميل.‏ وجرى تجديد واستعمال مسارح سينمائية سابقة ومستودع صناعي في اسپانيا؛‏ مصنع شاغر للنسيج في اوستراليا؛‏ قاعة للرقص في كْويبك،‏ كندا؛‏ صالة للبولِنڠ في اليابان؛‏ مستودع في جمهورية كوريا.‏ هذه كلها حُوِّلت الى قاعات محافل جذابة يمكن ان تخدم جيدا كمراكز كبيرة لتعليم الكتاب المقدس.‏

      وقاعات المحافل الاخرى كانت جديدة تماما،‏ اذ بنيت بكاملها.‏ والتصميم الثُّماني الاضلاع الفريد من نوعه للقاعة في هيلابي،‏ جنوبي يوركْشَير،‏ انكلترا،‏ فضلا عن ان الكثير من العمل قام به عمَّال متطوعون،‏ ادَّى الى نشر مقالة في مجلة مؤسسة مهندسي الانشاءات.‏ وقاعة المحافل في ساسكاتون،‏ ساسكاتشيوان،‏ في كندا،‏ صُمِّمت لتستوعب ٢٠٠‏,١؛‏ أما عندما تُسحَب الجدران الداخلية الى اماكنها فيمكن استخدام البناء كأربع قاعات للملكوت الواحدة الى جانب الاخرى.‏ وقاعة محافل هايتي (‏المركَّبة من اجزاء مصنوعة مقدَّما والمشحونة من الولايات المتحدة)‏ كانت مفتوحة من الجانبين كي ينعم الجالسون في الداخل بالبرودة باستمرار نتيجة الرياح السائدة —‏ راحة مرحَّب بها من شمس هايتي الحارة.‏ والقاعة في پورت مورْزْبي،‏ پاپوا غينيا الجديدة،‏ صُمِّمت بحيث يمكن فتح اجزاء من الجدران كأبواب لايواء حشود اكثر مما تسع في الداخل.‏

      والقرار لبناء قاعة محافل لا يتخذه فريق صغير من النظار الذين يتوقعون بعدئذ من كل شخص آخر ان يدعمه.‏ فقبل ان تُبنى اية قاعة محافل جديدة تتأكد الجمعية من اجراء تحليل دقيق يتعلق بالحاجة اليها ومدى استعمالها.‏ وتؤخذ بعين الاعتبار ليس فقط الحماسة المحلية للمشروع بل ايضا حاجات الحقل ككل.‏ ويُناقَش ذلك مع كل الجماعات ذات العلاقة للتحقق من رغبة الاخوة وقدرتهم على دعمه.‏

      وهكذا عندما يبدأ العمل يؤيده شهود يهوه في المنطقة من كل القلب.‏ وكل مشروع يموِّله الشهود انفسهم.‏ فالحاجات المالية يجري ايضاحها لكنَّ التبرعات تكون طوعية ومجهولة المصدر.‏ والتخطيط الدقيق يجري مقدَّما،‏ والمشروع يستفيد من الخبرة المكتسبة سابقا في بناء قاعات الملكوت،‏ وفي احيان كثيرة،‏ من مشاريع قاعات المحافل في اماكن اخرى.‏ وحيث يكون ضروريا،‏ يُعيَّن بعض اوجه العمل لمتعهدين تجاريين،‏ لكنَّ معظمه يقوم به عادةً شهود غيورون.‏ وهذا يمكن ان يخفض الكلفة الى النصف.‏

      وبقوة عاملة مؤلَّفة من محترفين مهرة وآخرين ممَّن يتبرعون بوقتهم ومواهبهم،‏ يتقدَّم عادةً كامل المشروع بسرعة.‏ وبعض المشاريع قد تتطلب اكثر من سنة.‏ ولكن في جزيرة ڤانكوڤر في كندا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ اكمل نحو ٥٠٠‏,٤ متطوع قاعة محافل مساحتها ٠٠٠‏,٢٥ قدم مربعة (‏٣٠٠‏,٢ م ٢‏)‏ في مجرد تسعة ايام.‏ ويشمل البناء ايضا قاعة ملكوت تتسع لـ‍ ٢٠٠ مقعد تستعملها الجماعات المحلية.‏ وفي كاليدونيا الجديدة،‏ فرضت الحكومة حظرا للتجول في السنة ١٩٨٤ بسبب الاضطراب السياسي،‏ ومع ذلك عمل حتى ٤٠٠ متطوع في قاعة المحافل كل مرة،‏ فأُكملت في مجرد اربعة اشهر.‏ وقرب ستكهولم،‏ السويد،‏ بُنيت قاعة محافل عملية جميلة،‏ بـ‍ ٩٠٠ كرسي وثير من خشب السنديان،‏ في غضون سبعة اشهر.‏

      وأحيانا كانت الجهود الدؤوبة في المحاكم ضرورية للحصول على رخص لبناء قاعات المحافل هذه.‏ وقد صح ذلك في كندا في ساري،‏ كولومبيا البريطانية.‏ فعند شراء الارض اجازت الشروط القانونية في المنطقة بناء مكان كهذا للعبادة.‏ ولكن بعد تقديم خرائط البناء،‏ في السنة ١٩٧٤،‏ اصدر مجلس مقاطعة ساري قانونا محليا يجيز بناء الكنائس وقاعات المحافل فقط في منطقة پ-‏٣ —‏ منطقة لم تكن موجودة!‏ إلا ان ٧٩ كنيسة كانت قد بُنيت سابقا في المدينة دون اية مشكلة.‏ فأُحيلت المسألة الى المحكمة.‏ فأُصدرت احكام متكررة لمصلحة شهود يهوه.‏ وعندما ازيل اخيرا عائق الرسميين المتحاملين،‏ تابع العمَّال المتطوعون المشروع بحماسة حتى انهم اكملوه في نحو سبعة اشهر.‏ وكما صح في جهود نحميا لاعادة بناء اسوار اورشليم القديمة،‏ شعروا بأن ‹يد اللّٰه كانت عليهم› لانجاز العمل.‏ —‏ نحميا ٢:‏١٨‏.‏

      وعندما اشترى شهود يهوه في الولايات المتحدة مسرح ستانلي في جيرزي سيتي،‏ نيو جيرزي،‏ كان البناء في لائحة الاماكن التاريخية للولاية.‏ وعلى الرغم من ان المسرح كان في حالة خربة يُرثى لها،‏ إلا ان الامكانية كانت ممتازة لاستعماله كقاعة محافل.‏ ولكن عندما اراد الشهود القيام بعمل الاصلاح اللازم رفض رسميو المدينة اعطاء الرخص.‏ فالمحافظ لم يكن يرغب في وجود شهود يهوه في تلك المنطقة؛‏ وكانت لديه خطط اخرى للعقار.‏ فلزمت دعوى قضائية لردع الرسميين عن الاستعمال غير الشرعي لسلطتهم.‏ وحكمت المحكمة لمصلحة الشهود.‏ وبعد ذلك بوقت قصير صوَّت السكان المحليون لعزل المحافظ من منصبه.‏ وتقدَّم العمل في القاعة بسرعة.‏ وكانت النتيجة قاعة محافل جميلة تتسع لاكثر من ٠٠٠‏,٤.‏ انها مكان يفتخر به رجال الاعمال وسكان المدينة على حد سواء.‏

      وخلال الـ‍ ٢٧ سنة الماضية،‏ في انحاء عديدة من الكرة الارضية،‏ بنى شهود يهوه قاعات محافل جذابة وعملية لتخدم كمراكز لتعليم الكتاب المقدس.‏ ومثل هذه القاعات توجد الآن بأعداد متزايدة باستمرار في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ والمشرق،‏ وكذلك في جزر عديدة.‏ وفي بعض البلدان —‏ مثلا،‏ نَيجيريا،‏ ايطاليا،‏ والدنمارك —‏ بنى شهود يهوه ايضا تسهيلات في العراء،‏ دائمة،‏ وأوسع يمكن استخدامها لمحافلهم الكورية.‏

      إلا ان قاعات المحافل وقاعات الملكوت ليست مشاريع البناء الوحيدة التي ينهمك فيها شهود يهوه لتعزيز المناداة بملكوت اللّٰه.‏

      المكاتب،‏ المصانع،‏ وبيوت ايل حول العالم

      كان هنالك في السنة ١٩٩٢ حول الكرة الارضية ٩٩ مكتب فرع لجمعية برج المراقبة،‏ وكل منها يخدم لتنسيق نشاطات شهود يهوه في ناحيته من الحقل العالمي.‏ وكان اكثر من نصف هذه الفروع يقوم بالطباعة من مختلف الانواع بغية تعزيز عمل تعليم الكتاب المقدس.‏ والعاملون في الفروع يسكنون،‏ في اغلب الاحوال،‏ كعائلة كبيرة في بيوت تدعى بيت ايل،‏ الذي يعني «بيت اللّٰه.‏» وبسبب التوسع في عدد شهود يهوه ونشاطهم الكرازي،‏ صار ضروريا ان توسَّع هذه التسهيلات وأن تُبنى تسهيلات جديدة.‏

      كان نمو الهيئة سريعا جدا حتى انه كان هنالك تكرارا من ٢٠ الى ٤٠ برنامجا كهذا لتوسيع الفروع يُنفَّذ في الوقت نفسه.‏ وتطلَّب ذلك برنامج بناء امميا واسعا.‏

      وبسبب المقدار الهائل من عمل البناء الجاري حول العالم،‏ لدى جمعية برج المراقبة دائرة الهندسة والرسم الخاصة بها في مركزها الرئيسي في نيويورك.‏ وقد تخلَّى مهندسون لهم سنون عديدة من الخبرة عن عملهم الدنيوي وتطوعوا للمساعدة كامل الوقت في مشاريع البناء المتعلقة مباشرة بعمل الملكوت.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ درَّب ذوو الخبرة رجالا ونساء آخرين في عمل الهندسة،‏ التصميم،‏ والرسم الهندسي.‏ وبتنسيق العمل من خلال هذه الدائرة يمكن للخبرة المكتسبة في بناء الفروع في ايّ جزء من العالم ان تفيد العاملين في المشاريع في بلدان اخرى.‏

      وفي حينه،‏ جعل المقدار الكبير من العمل الجاري من المفيد فتح مكتب هندسة اقليمي في اليابان للمساعدة في التصاميم المعمارية المتعلقة بالمشاريع في المشرق.‏ وتعمل مكاتب هندسة اقليمية اخرى في اوروپا وأوستراليا بمجموعة مستخدَمين مأخوذين من بلدان مختلفة.‏ وتعمل هذه بتعاون لصيق مع مكتب المركز الرئيسي،‏ وخدماتها،‏ الى جانب استخدام تقنية الكمپيوتر،‏ تخفض عدد مستخدَمي الرسم الهندسي اللازم في ايّ موقع بناء معيَّن.‏

      وبعض المشاريع صغيرة الحجم نسبيا.‏ وصح ذلك في مكتب الفرع المبني في تاهيتي في السنة ١٩٨٣.‏ فقد شمل فسحة مكتب،‏ مستودعات،‏ ومسكنا لثمانية عمَّال متطوعين.‏ وصح ذلك ايضا في مبنى الفرع المؤلَّف من اربع طبقات المشيَّد في جزيرة مارتينيك الكاريبية خلال السنوات ١٩٨٢ الى ١٩٨٤.‏ وهذه الابنية ربما لا تبدو غير عادية لسكان المدن الكبرى في بلدان اخرى،‏ لكنها لفتت انتباه العامة.‏ والصحيفة فرانس-‏أنتيل صرَّحت ان بناية الفرع في مارتينيك هي «تحفة في فن العمارة» تعكس «محبة عظيمة لعمل منجَز ببراعة.‏»‏

      وعلى سبيل التباين من ناحية الحجم،‏ شملت المباني التي أُكملت في كندا سنة ١٩٨١ مطبعة،‏ او مصنعا،‏ بفسحة ارضية تزيد مساحتها على ٠٠٠‏,١٠٠ قدم مربعة (‏٣٠٠‏,٩ م ٢‏)‏ ومبنى سكنيا لـ‍ ٢٥٠ متطوعا.‏ وفي سيزاريو لانجي،‏ في البرازيل،‏ شمل مجمَّع برج المراقبة الذي أُكمل في تلك السنة نفسها ثمانية مبانٍ،‏ بفسحة ارضية من ٠٠٠‏,٥٠٠ قدم مربعة (‏٠٠٠‏,٤٦ م ٢‏)‏ تقريبا.‏ وتطلَّب ذلك ٠٠٠‏,١٠ حمولة شاحنة من الاسمنت،‏ الحجارة،‏ والرمل،‏ وكذلك ما يكفي من الاوتاد الخرسانية لبلوغ ضعفي ارتفاع جبل اڤرست!‏ وفي السنة ١٩٩١،‏ عندما أُنهيت مطبعة جديدة كبيرة في الفيليپين،‏ كان ضروريا تزويد بناء سكني من ١١ طابقا.‏

      ولسدّ حاجات العدد المتزايد من المنادين بالملكوت في نَيجيريا،‏ بدأ مشروع بناء واسع في إيڠيدوما في السنة ١٩٨٤.‏ وكان هذا سيشمل مصنعا،‏ مبنى واسعا للمكاتب،‏ اربعة مبانٍ سكنية متصلة،‏ وتسهيلات ضرورية اخرى.‏ ووُضعت الخطط ليكون المصنع مركَّبا كاملا من اجزاء مصنوعة مقدَّما وليُشحَن من الولايات المتحدة.‏ إلا ان الاخوة آنذاك كانوا يواجهون مواعيد استيراد محدَّدة لانهاء العمل تبدو مستحيلة.‏ وعندما جرى ادراك هذه المواعيد ووصَل كل شيء بأمان الى موقع البناء،‏ لم ينسب الشهود الفضل الى انفسهم بل قدَّموا الشكر ليهوه على بركته.‏

      التوسع السريع في كل الارض

      لكنَّ نمو عمل المناداة بالملكوت كان سريعا حتى انه بعد التوسع الرئيسي لتسهيلات الفرع في بلد ما كثيرا ما كان ضروريا الابتداء بالبناء ثانية في غضون فترة قصيرة نسبيا.‏ تأملوا في امثلة قليلة.‏

      في الپيرو أُكمل فرع جديد رائع —‏ بفسحة للمكاتب،‏ ٢٢ غرفة نوم مع تسهيلات اساسية اخرى لاعضاء عائلة البتل،‏ وقاعة ملكوت —‏ في نهاية السنة ١٩٨٤.‏ لكنَّ التجاوب مع رسالة الملكوت في بلد اميركا الجنوبية هذا كان اعظم بكثير من المتوقع.‏ فبعد اربع سنين لزم بناء مجمَّع مشابه للموجود،‏ وهذه المرة باستخدام تصميم مقاوم للزلازل.‏

      أُكمل مجمَّع رحب لفرع جديد في كولومبيا في السنة ١٩٧٩.‏ وبدا انه سيزوِّد مكانا فسيحا لسنين عديدة قادمة.‏ ولكن في سبع سنين تضاعف تقريبا عدد الشهود في كولومبيا وصار الفرع الآن يطبع المجلتين برج المراقبة و استيقظ!‏ ليس فقط لكولومبيا بل ايضا لأربعة بلدان مجاورة.‏ فكان عليهم ان يبدأوا بالبناء ثانية في السنة ١٩٨٧ —‏ وهذه المرة حيث يوجد مزيد من الارض للتوسع.‏

      وخلال السنة ١٩٨٠ خصص شهود يهوه في البرازيل نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٤ ساعة للكرازة العلنية برسالة الملكوت.‏ وارتفع الرقم الى نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥٠ في السنة ١٩٨٩.‏ فكان المزيد من الناس يظهرون رغبة في اشباع جوعهم الروحي.‏ وتسهيلات الفرع الواسعة المدشَّنة في السنة ١٩٨١ لم تعد كافية.‏ وبحلول السنة ١٩٨٨ كان الحفر من اجل مصنع جديد جاريا.‏ وكان هذا سيزوِّد ٨٠ في المئة من الفسحة الارضية اكثر مما يزوِّده المصنع الموجود،‏ وطبعا،‏ كانت ستلزم ايضا تسهيلات سكن لايواء عائلة البتل النامية.‏

      وفي زلترس/‏تاونوس،‏ المانيا،‏ دُشِّن في السنة ١٩٨٤ ثاني اكبر مجمَّع طباعة لجمعية برج المراقبة.‏ وبعد خمس سنين،‏ بسبب الزيادات في المانيا وكذلك فرص توسيع عمل الشهادة في البلدان التي يقوم الفرع هناك بطبع مطبوعات لها،‏ كانت الخطط توضع لتوسيع المصنع بنسبة تزيد على ٨٥ في المئة ولاضافة تسهيلات سكن اخرى.‏

      وفرع اليابان انتقل من طوكيو الى تسهيلات جديدة واسعة في نومازو في السنة ١٩٧٢.‏ وكان هنالك توسع رئيسي اضافي في السنة ١٩٧٥.‏ وبحلول السنة ١٩٧٨ كان قد جرى الحصول على قطعة ارض اخرى،‏ في ايبينا؛‏ وسرعان ما ابتدأ بناء مصنع اكبر من ذاك الذي في نومازو بأكثر من ثلاثة اضعاف.‏ وأُكمل هذا في السنة ١٩٨٢.‏ ومع ذلك لم يكن كافيا؛‏ فأُضيف مزيد من الابنية بحلول السنة ١٩٨٩.‏ أفما كان ممكنا صنع بناء كبير كفاية مرة واحدة؟‏ كلا.‏ فقد تضاعف عدد المنادين بالملكوت في اليابان مرة بعد اخرى بطريقة لم يكن ممكنا لأيّ انسان ان يتوقعها.‏ فمن ١٩٩‏,١٤ في السنة ١٩٧٢،‏ ارتفعت صفوفهم الى ٩٤١‏,١٣٧ في السنة ١٩٨٩،‏ وكان جزء كبير منهم يخصص كامل الوقت للخدمة.‏

      ويُرى نموذج مماثل في انحاء اخرى من الكرة الارضية.‏ ففي غضون عقد —‏ وأحيانا في غضون بضع سنين —‏ بعد بناء فروع كبيرة مجهَّزة للطبع،‏ كان ضروريا اجراء توسيع رئيسي.‏ وقد صح ذلك في المكسيك،‏ كندا،‏ جنوب افريقيا،‏ وجمهورية كوريا،‏ بين بلدان اخرى.‏

      فمَن يقوم بعمل البناء الفعلي؟‏ وكيف ينجَز ذلك كله؟‏

      آلاف عديدة تواقون الى المساعدة

      في السويد،‏ تطوع من الـ‍ ٠٠٠‏,١٧ شاهد في البلد وقت بناء فرعهم في اربوڠا نحو ٠٠٠‏,٥ للمساعدة في العمل.‏ وكان معظمهم معاونين طوعيين،‏ ولكن كان هنالك ايضا عدد كافٍ من الحِرَفيين المهرة جدا ليتأكدوا من القيام بالعمل بشكل صحيح.‏ ودافعهم؟‏ المحبة ليهوه.‏

      عندما سمع رسمي في مكتب مسَّاح للاراضي في الدنمارك ان عمل بناء فرع جديد في هَلْبيك سينجزه كله شهود يهوه،‏ عبَّر عن شكوكه.‏ إلا انه بين الشهود الذين تطوعوا للمساعدة كانت كل المهارات اللازمة موجودة.‏ ولكن،‏ هل كانت الحال ستبدو افضل لو ان متعهدين تجاريين كُلِّفوا بالمهمة؟‏ بعد اكمال المشروع قام خبراء من دائرة البناء في البلدة بجولة في المبنى والاراضي التابعة له وعلَّقوا على جودة العمل —‏ شيء نادرا ما يرونه في الاعمال التجارية في الوقت الحاضر.‏ أما الرسمي الذي عبَّر سابقا عن شكوكه فابتسم وقال:‏ «في ذلك الوقت لم اكن اعرف نوع الهيئة التي لديكم.‏»‏

      ان المدن الآهلة بالسكان في اوستراليا متفرقة بصورة واسعة؛‏ ولذلك فان معظم الـ‍ ٠٠٠‏,٣ الذين تطوعوا للعمل في بناء تسهيلات الفرع في إنڠِلبرْن بين السنة ١٩٧٨ والسنة ١٩٨٣ كان يجب ان يسافروا ٠٠٠‏,١ ميل (‏٦٠٠‏,١ كلم)‏ على الاقل.‏ إلا ان السفر بالباص لفرق المتطوعين جرى تنسيقه،‏ وفي طريقهم كانت الجماعات تعرض بروح الضيافة ان تزوِّد وجبات الطعام والمعاشرة للاخوة عند محطات الاستراحة.‏ وبعض الاخوة باعوا بيوتهم،‏ اغلقوا مؤسساتهم التجارية،‏ اخذوا عُطَلهم،‏ وقاموا بتضحيات اخرى بغية الاشتراك في المشروع.‏ وفرق الحِرَفيين ذوي الخبرة اتوا —‏ وبعضهم اكثر من مرة —‏ لصبّ الخرسانة،‏ تركيب السقوف،‏ اقامة السياجات.‏ وآخرون وهبوا المواد.‏

      وغالبية المتطوعين في هذه المشاريع كانت تنقصهم المهارة،‏ ولكن بقليل من التدريب تولَّى بعضهم مسؤوليات كبيرة وأنجزوا عملا ممتازا.‏ فقد تعلَّموا كيف يصنعون الشبابيك،‏ يشغِّلون الجرَّارات،‏ يخلطون الخرسانة،‏ ويَصُفُّون الطوب.‏ وتفوقوا بشكل واضح على غير الشهود الذين ينجزون العمل نفسه تجاريا.‏ بأية طريقة؟‏ كان ذوو الخبرة على استعداد للاشتراك في معرفتهم.‏ فلا احد كان يخشى ان يأخذ شخص آخر عمله؛‏ وكان هنالك عمل كثير لكل فرد.‏ وكان الحافز قويا الى القيام بعمل رفيع النوعية،‏ لأنه كان يُنجَز تعبيرا عن المحبة للّٰه.‏

      وفي جميع مواقع البناء يشكِّل بعض الشهود نواة «عائلة» البناء.‏ فخلال العمل في زلترس/‏تاونوس،‏ المانيا،‏ من السنة ١٩٧٩ الى السنة ١٩٨٤،‏ كان عدة مئات عموما يؤلفون نواة العمَّال هذه.‏ وانضم اليهم آلاف الاشخاص الآخرين لفترات مختلفة من الوقت،‏ وكثيرون في نهايات الاسابيع.‏ وكان هنالك تخطيط دقيق حتى انه عند وصول المتطوعين كان هنالك الكثير ليقوموا به.‏

      ما دام الناس ناقصين ستكون هنالك مشاكل،‏ لكنَّ الذين يعملون في هذه المشاريع يحاولون حلّها على اساس مبادئ الكتاب المقدس.‏ وهم يعرفون ان فعل الامور بطريقة مسيحية اهم من سرعة الانجاز.‏ وكمذكِّر،‏ كانت هنالك في موقع البناء في ايبينا،‏ اليابان،‏ لافتات كبيرة عليها صور عمَّال بقبعات صلبة،‏ وعلى كلٍّ من القبعات الصلبة كُتبت بأحرف يابانية احدى ثمار روح اللّٰه:‏ محبة،‏ فرح،‏ سلام،‏ طول اناة،‏ لطف،‏ صلاح،‏ ايمان،‏ وداعة،‏ ضبط نفس.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ والذين يزورون مواقع العمل يمكنهم ان يروا ويسمعوا الفَرق.‏ واذ عبَّر عن ملاحظاته الخاصة،‏ قال مراسل صحفي جال في موقع بناء الفرع في البرازيل:‏ «لا توجد فوضى او نقص في التعاون .‏ .‏ .‏ هذا الجو المسيحي يجعل الامر مختلفا هنا عما يُرى عادةً في مجال البناء التجاري البرازيلي.‏»‏

      النمو المستمر في المركز الرئيسي العالمي

      فيما كانت فروع جمعية برج المراقبة تنمو،‏ صار ضروريا ايضا توسيع تسهيلات المركز الرئيسي العالمي.‏ فأُلحِقت اقسام اضافية رئيسية بمصنعه ومكاتبه في بروكلين وفي مواقع اخرى في ولاية نيويورك اكثر من عشر مرات منذ الحرب العالمية الثانية.‏ ولايواء المستخدَمين كان ضروريا بناء او شراء وتجديد ابنية عديدة،‏ كبيرة وصغيرة.‏ وأُعلن عن توسيع رئيسي اضافي في بروكلين في آب ١٩٩٠ وفي كانون الثاني ١٩٩١ —‏ مع ان عمل البناء شمالي مدينة نيويورك الذي ابتدأ سنة ١٩٨٩ كان مستمرا في المركز الثقافي لبرج المراقبة الواسع،‏ المصمَّم لسكن ٢٠٠‏,١ شخص،‏ بمن فيهم هيئة المستخدَمين والتلاميذ المقيمين.‏

      منذ السنة ١٩٧٢ لم يكن هنالك ايّ تراخٍ في عمل البناء في المركز الرئيسي في بروكلين والتسهيلات المقترنة به بشكل وثيق في انحاء اخرى من نيويورك وفي نيو جيرزي.‏ وفي حينه صار واضحا انه على الرغم من ان عددهم بلغ المئات،‏ لم يكن عمَّال البناء القانونيون قادرين على مماشاة العمل.‏ ولذلك في السنة ١٩٨٤ تأسس برنامج متقدِّم للعمَّال الوقتيين.‏ فأُرسلت رسائل الى الـ‍ ٠٠٠‏,٨ جماعة الموجودة آنذاك في الولايات المتحدة لدعوة اخوة اكفاء الى المجيء لاسبوع او اكثر للمساعدة.‏ (‏كان قد نجح تماما برنامج مماثل في بعض الفروع،‏ بما فيها اوستراليا،‏ حيث دُعي الى التطوع اولئك القادرون على البقاء اسبوعين.‏)‏ وكان العمَّال سيزوَّدون بالمسكن ووجبات الطعام لكنهم كانوا سيدفعون نفقات سفرهم دون ان ينالوا اية اجرة.‏ فمَن كان سيتجاوب؟‏

      بحلول السنة ١٩٩٢ كان قد عولج اكثر من ٠٠٠‏,٢٤ طلب!‏ وكان ٩٠٠‏,٣ منها على الاقل لاشخاص يعودون للمرة الثانية او الثالثة،‏ وحتى العاشرة او العشرين.‏ وكان معظمهم شيوخا،‏ خداما مساعدين،‏ او فاتحين —‏ اشخاصا بمؤهلات روحية رائعة.‏ وجميعهم كانوا يتطوعون للقيام بكل ما يلزم،‏ سواء تطلَّب ذلك منهم استعمال مهنتهم او لا.‏ وغالبا ما كان العمل شاقا ومضنيا.‏ لكنهم حسبوه امتيازا ان يساهموا بهذه الطريقة في تقدُّم مصالح الملكوت.‏ وشعر البعض بأن ذلك ساعدهم ان يقدِّروا بشكل افضل روح التضحية بالذات التي تميِّز العمل الجاري في المركز الرئيسي العالمي.‏ وشعر الجميع بأنهم كوفئوا بسخاء نتيجة حضورهم برنامج العبادة الصباحية لعائلة البتل ودرس برج المراقبة العائلي الاسبوعي.‏

      متطوعون امميون

      واذ ازدادت الحاجة الى توسع سريع،‏ ابتدأ الترتيب لمتطوعين امميين في السنة ١٩٨٥.‏ ولم يكن ذلك على الاطلاق بداية تعاون اممي في البناء،‏ ولكنَّ الترتيب صار الآن ينسَّق بدقة من المركز الرئيسي.‏ وجميع المشتركين هم شهود يتطوعون للمساعدة في عمل البناء خارج بلدهم.‏ وهم عمَّال مهرة،‏ وكذلك زوجات يذهبن مع ازواجهن للمساعدة بأية طريقة ممكنة.‏ ومعظمهم يدفعون نفقات سفرهم؛‏ ولا احد ينال اجرا مقابل ما يفعله.‏ وبعضهم يذهبون على اساس فترة قصيرة،‏ ماكثين عادةً من اسبوعين الى ثلاثة اشهر.‏ وآخرون يتطوعون لفترة طويلة،‏ باقين سنة او اكثر،‏ وربما حتى اكمال المشروع.‏ وقد اشترك في ذلك ما يزيد على ٠٠٠‏,٣ شاهد ليهوه من ٣٠ بلدا مختلفا خلال السنوات الخمس الاولى،‏ وكان عدد اكبر تواقين الى الاشتراك عند الحاجة الى مهاراتهم.‏ وهم يحسبونه امتيازا ان يعطوا من انفسهم ومواردهم لتقدُّم مصالح ملكوت اللّٰه بهذه الطريقة.‏

      والمتطوعون الامميون يزوَّدون بمكان للمكوث وبوجبات الطعام.‏ ووسائل الراحة غالبا ما تكون في الحدّ الادنى.‏ والشهود المحليون يقدِّرون كثيرا ما يفعله اخوتهم الزائرون،‏ وحيثما امكن،‏ يرحِّبون بهم ليشاركوهم في بيوتهم،‏ مهما كانت هذه متواضعة.‏ وفي اغلب الاحيان يجري تناول وجبات الطعام في موقع العمل.‏

      والاخوة من خارج البلاد ليسوا هناك ليقوموا بالعمل كله.‏ فهدفهم هو العمل مع فريق البناء المحلي.‏ والمئات وحتى الآلاف الآخرون في البلد يمكن ايضا ان يأتوا للمساعدة في نهايات الاسابيع او لاسبوع او اكثر كل مرة.‏ ففي الارجنتين عمل ٢٥٩ متطوعا من بلدان اخرى مع عدة آلاف من الاخوة المحليين،‏ بعضهم كانوا في العمل كل يوم،‏ وآخرون عدة اسابيع،‏ وعدد اكبر بكثير في نهايات الاسابيع.‏ وفي كولومبيا ساعد اكثر من ٨٣٠ متطوعا امميا لفترات متفاوتة من الوقت.‏ وكان هنالك ايضا اكثر من ٢٠٠ متطوع محلي اشتركوا في المشروع كامل الوقت و ٢٥٠ آخرون او اكثر ساعدوا في نهاية كل اسبوع.‏ فاشترك ما مجموعه اكثر من ٦٠٠‏,٣ فرد مختلف.‏

      واختلاف اللغة يمكن ان ينشئ المشاكل،‏ لكنه لا يمنع الفرق الاممية من العمل معا.‏ فلغة الاشارات،‏ تعابير الوجه،‏ روح الفكاهة السليمة،‏ والرغبة في انجاز عمل يكرم يهوه تساعد على انجاز العمل.‏

      والنمو البارز في الهيئة —‏ وبالتالي الحاجة الى تسهيلات اوسع للفروع —‏ يجري اختباره احيانا في البلدان حيث عدد الاشخاص المهرة في حِرَف البناء محدود.‏ لكنَّ ذلك ليس عائقا بين شهود يهوه،‏ الذين يساعدون بسرور بعضهم بعضا.‏ فهم يعملون معا كجزء من عائلة عالمية النطاق لا تفرِّقها القومية،‏ لون البشرة،‏ او اللغة.‏

      وفي پاپوا غينيا الجديدة،‏ درَّب كلٌّ من المتطوعين الآتين من اوستراليا ونيوزيلندا واحدا من ابناء پاپوا غينيا الجديدة في حرفته الخاصة،‏ انسجاما مع طلب دائرة العمل الحكومية.‏ وبهذه الطريقة،‏ فيما كانوا يعطون من انفسهم،‏ تعلَّم الشهود المحليون حِرَفا يمكن ان تساعدهم على الاعتناء بحاجاتهم وحاجات عائلاتهم.‏

      وعندما لزم فرع جديد في السلڤادور،‏ انضمَّ الى الاخوة المحليين ٣٢٦ متطوعا من خارج البلاد.‏ ومن اجل المشروع في الإكوادور عمل ٢٧٠ شاهدا من ١٤ بلدا جنبا الى جنب مع اخوتهم وأخواتهم الإكوادوريين.‏ وبعض المتطوعين الامميين ساعدوا في عدة مشاريع كانت قيد التنفيذ في الوقت نفسه.‏ فتعاقبوا في مواقع البناء في اوروپا وافريقيا،‏ بحسب الحاجة الى مهاراتهم الحِرَفية.‏

      وبحلول السنة ١٩٩٢ كان قد أُرسِل متطوعون امميون الى ٤٩ موقع فرع لمساعدة فرق البناء المحلية.‏ وفي بعض الحالات تمكَّن اولئك الذين نالوا المساعدة من هذا البرنامج بدورهم من تزويد العون للآخرين.‏ وهكذا،‏ اذ استفادوا من جهود نحو ٦٠ خادما امميا متطوعا لفترة طويلة ممَّن ساعدوا في مشروع بناء الفرع في الفيليپين،‏ وكذلك اكثر من ٢٣٠ متطوعا من خارج البلاد ممَّن ساعدوا لفترات اقصر،‏ جعل بعض الفيليپينيين انفسهم متوافرين للمساعدة في بناء تسهيلات في انحاء اخرى من جنوب شرق آسيا.‏

      يقوم شهود يهوه بعمل البناء بسبب الحاجات التي تنشأ الآن في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة.‏ وبمساعدة روح يهوه يريدون ان يعطوا اعظم شهادة ممكنة خلال الوقت الباقي قبل هرمجدون.‏ وهم مقتنعون بأن عالم اللّٰه الجديد قريب جدا،‏ ويؤمنون بأنهم سينجون كشعب منظَّم الى ذلك العالم الجديد،‏ تحت حكم ملكوت اللّٰه المسيَّاني.‏ ورجاؤهم ايضا هو انه ربما يبقى الكثير من التسهيلات البديعة التي بنوها ووقفوها لخدمة يهوه لتُستخدم بعد هرمجدون كمراكز يمكن ان تنتشر منها معرفة الاله الحقيقي الوحيد حتى تملأ الارض فعلا.‏ —‏ اشعياء ١١:‏٩‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a كان معروفا بكنيسة «النور الجديد،‏» لأن الذين كانوا يجتمعون هناك شعروا بأنه نتيجة لقراءة مطبوعات برج المراقبة صار لديهم نور جديد في ما يتعلق بالكتاب المقدس.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٢٢]‏

      كان الشهود من الجماعات المجاورة يساعدون في العمل

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٢٣]‏

      قام بعمل البناء عمَّال طوعيون غير مأجورين

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٢٤]‏

      كان يُشدَّد على الصفات الروحية

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٢٦]‏

      بناء ذو نوعية جيدة،‏ السلامة،‏ حد ادنى من الكلفة،‏ السرعة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٢٨]‏

      قاعة محافل قابلة للنقل!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣١]‏

      اللجوء الى المحاكم

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣٢]‏

      توسُّع اممي على نطاق كبير

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣٣]‏

      العمَّال نسبوا الفضل الى يهوه،‏ لا الى انفسهم

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣٤]‏

      النمو بنسبة لم يكن ممكنا لأيّ انسان ان ينبئ بها

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣٦]‏

      حسبوه امتيازا ان يساعدوا في البناء في المركز الرئيسي

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٣٩]‏

      يعملون كعائلة عالمية النطاق لا تفرِّقها القومية،‏ لون البشرة،‏ او اللغة

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٣٢٠ و ٣٢١]‏

      العمل معا لبناء قاعات ملكوت بسرعة

      تتشكَّل آلاف الجماعات الجديدة كل سنة.‏ وفي معظم الحالات يبني الشهود انفسهم قاعات الملكوت الجديدة.‏ وهذه الصور أُخذت في اثناء بناء قاعة ملكوت في كونكتيكُت،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٩١

      الجمعة ٤٠:‏٧ صباحا

      الجمعة ١٢ ظهرا

      السبت ٤١:‏٧ مساء

      العمل الرئيسي أُكمل،‏ الاحد ١٠:‏٦ مساء

      يتطلعون الى يهوه من اجل بركته،‏ ويغتنمون الفرصة لمناقشة المشورة من كلمته

      الجميع متطوعون غير مأجورين،‏ سعداء بالعمل جنبا الى جنب

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٢٧]‏

      قاعات الملكوت في بلدان مختلفة

      اماكن الاجتماعات التي يستخدمها شهود يهوه متواضعة عادةً.‏ وهي نظيفة،‏ مريحة،‏ جذابة في محيطها

      پيرو

      الفيليپين

      فرنسا

      جمهورية كوريا

      اليابان

      پاپوا غينيا الجديدة

      ايرلندا

      كولومبيا

      النَّروج

      ليسوتو

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٣٠]‏

      قاعات المحافل لشهود يهوه

      من اجل عقد محافلهم الدورية،‏ وجد شهود يهوه في بعض المناطق انه من العملي بناء قاعات محافل خاصة بهم.‏ والكثير من عمل البناء يقوم به الشهود المحليون.‏ هنا مجرد القليل من هذه القاعات قيد الاستعمال في اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠

      بريطانيا

      ڤنزويلا

      ايطاليا

      المانيا

      كندا

      اليابان

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٣٨]‏

      برنامج البناء الاممي يسدّ الحاجات الملحَّة

      نمو الهيئة السريع تطلَّب توسيعا مستمرا للمكاتب،‏ المصانع،‏ وبيوت ايل حول الارض

      متطوعون امميون يقدِّمون العون للشهود المحليين

      اسپانيا

      اساليب البناء المستخدَمة تجعل من الممكن لمتطوعين عديدين بخبرة محدودة ان يقوموا بعمل قيِّم

      پورتوريكو

      عمَّال مهرة يجعلون خدماتهم متوافرة بسرور

      نيوزيلندا

      اليونان

      البرازيل

      استعمال مواد متينة يُبقي تكاليف الصيانة الطويلة الامد منخفضة

      بريطانيا

      عمل رفيع النوعية يَنتج من الاهتمام الشخصي من جهة الذين يقومون به؛‏ وهذا هو تعبير عن محبتهم ليهوه

      كندا

      هذه المشاريع هي مناسبات مبهجة؛‏ تُصنَع صداقات دائمة عديدة

      كولومبيا

      لافتة في اليابان ذكَّرت العمَّال باجراءات السلامة،‏ وأيضا بالحاجة الى اظهار ثمار روح اللّٰه

      ‏[الصورة في الصفحة ٣١٨]‏

      المبنى الاول الذي دُعي قاعة الملكوت،‏ في هاوايي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣١٩]‏

      العديد من قاعات الملكوت الباكرة كان ابنية مستأجرة او مجرد غرف فوق مخازن؛‏ والقليل بناه الشهود

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٢٩]‏

      اثنتان من قاعات المحافل الاولى

      مدينة نيويورك

      ڠوادلوپ

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٣٧]‏

      عمَّال بناء وقتيون وصلوا حديثا في المركز الرئيسي العالمي في نيويورك

      يُذكَّر كل فريق بأن كون المرء شخصا روحيا وانجاز عمل جيد النوعية يفوقان اهمية انجاز العمل بسرعة

  • كيف يُموَّل كل ذلك؟‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢١

      كيف يُموَّل كل ذلك؟‏

      من الواضح ان العمل الذي ينجزه شهود يهوه يتطلَّب المال.‏ فبناء قاعات الملكوت،‏ قاعات المحافل،‏ مكاتب الفروع،‏ المصانع،‏ وبيوت ايل يستلزم المال،‏ ويلزم المزيد لصيانتها.‏ ونشر وتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس يتطلَّبان ايضا النفقات.‏ فكيف يُموَّل كل ذلك؟‏

      ان الظنون التي لا اساس لها في ما يتعلق بذلك روَّجها اشخاص يقاومون عمل شهود يهوه.‏ لكنَّ استعراضا للدليل يؤيد الجواب الذي يعطيه الشهود انفسهم.‏ وما هو؟‏ ان معظم العمل يقوم به متطوعون،‏ وهم لا يتوقعون ولا يرغبون في ربح مالي مقابل خدماتهم،‏ والنفقات التنظيمية تغطيها الهبات الطوعية.‏

      ‏«المقاعد مجانية.‏ لا توجد لمَّات»‏

      قديما في العدد الثاني من برج المراقبة،‏ في آب ١٨٧٩ (‏بالانكليزية)‏،‏ ذكر الاخ رصل:‏ «‹برج مراقبة زيون،‏› كما نعتقد،‏ لديها يهوه كداعم لها،‏ واذ تكون هذه هي الحال لن تستجدي ابدا او تلتمس التأييد من البشر.‏ وعندما يفشل ذاك الذي يقول:‏ ‹كل ذهب وفضة الجبال هي لي› في تزويد الاموال اللازمة،‏ سنفهم انه الوقت لايقاف النشر.‏» ووفقا لذلك ليس هنالك استجداء طلبا للمال في مطبوعات شهود يهوه.‏

      وما يصح في مطبوعاتهم يصح ايضا في اجتماعاتهم.‏ فليست هنالك مناشدات عاطفية طلبا للاموال في جماعاتهم او في محافلهم.‏ ولا تُمرَّر صواني لمَّة؛‏ ولا تُوزَّع ظروف ليوضع فيها المال؛‏ ولا تُرسَل رسائل استعطاء الى اعضاء الجماعة.‏ ولا تلجأ الجماعات ابدا الى البينڠو او البيع باليانصيب لتحصيل الاموال.‏ وقديما في السنة ١٨٩٤،‏ عندما ارسلت جمعية برج المراقبة خطباء جائلين،‏ نشرت هذا الاعلان لفائدة كل فرد:‏ «ليكن مفهوما من البداية ان اللمَّات او الاستعطاءات الاخرى طلبا للمال لا تجيزها ولا توافق عليها هذه الجمعية.‏»‏

      وهكذا،‏ منذ وقت باكر جدا من تاريخهم العصري،‏ كانت اوراق الدعوة والمواد المطبوعة الاخرى التي تدعو الناس الى حضور اجتماعات شهود يهوه تحمل الشعار «المقاعد مجانية.‏ لا توجد لمَّات.‏»‏

      وابتداء من وقت باكر من السنة ١٩١٤،‏ استأجر تلاميذ الكتاب المقدس مسارح وكذلك قاعات استماع اخرى ودعوا الناس اليها لمشاهدة «رواية الخلق المصوَّرة.‏» وهذه كانت عرضا من اربعة اجزاء،‏ لثماني ساعات في مجموعها،‏ مؤلَّفا من صور منزلقة وصور متحركة متزامنة مع الصوت.‏ وخلال السنة الاولى وحدها،‏ شاهدها ملايين الاشخاص في اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ اوستراليا،‏ ونيوزيلندا.‏ وعلى الرغم من ان بعض مالكي المسارح فرضوا رسما على المقاعد المحجوزة،‏ لم يطلب تلاميذ الكتاب المقدس قط رسم دخول.‏ ولم تؤخذ اية لمَّات.‏

      وفي ما بعد،‏ لاكثر من ٣٠ سنة،‏ استخدمت جمعية برج المراقبة المحطة الاذاعية WBBR في مدينة نيويورك.‏ واستفاد شهود يهوه ايضا من خدمات مئات المحطات الاخرى لاذاعة برامج تعليم الكتاب المقدس.‏ لكنهم لم يستخدموا قط مثل هذه الاذاعات للاستجداء طلبا للمال.‏

      اذًا،‏ كيف يجري الحصول على الهبات التي تموِّل نشاطهم؟‏

      تدعمه الهبات الطوعية

      يضع الكتاب المقدس النموذج.‏ فتحت الناموس الموسوي كانت بعض التبرعات طوعية.‏ والاخرى كانت مطلوبة من الشعب.‏ واعطاء العشر كان احد المتطلبات.‏ (‏خروج ٢٥:‏٢؛‏ ٣٠:‏​١١-‏١٦؛‏ عدد ١٥:‏​١٧-‏٢١؛‏ ١٨:‏​٢٥-‏٣٢‏)‏ لكنَّ الكتاب المقدس يُظهِر ايضا ان المسيح اكمل الناموس،‏ وأن اللّٰه قد انهاه؛‏ ولذلك لا يتقيَّد المسيحيون بفرائضه.‏ فهم لا يقدِّمون العشر،‏ وليسوا تحت التزام اعطاء ايّ تبرع آخر بكمية محدَّدة او في وقت معيَّن.‏ —‏ متى ٥:‏١٧؛‏ رومية ٧:‏٦؛‏ كولوسي ٢:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

      وعوضا عن ذلك،‏ يجري تشجيعهم على تنمية روح الكرم والسخاء اقتداء بالمثال البديع الذي رسمه يهوه نفسه وابنه،‏ يسوع المسيح.‏ (‏٢ كورنثوس ٨:‏​٧،‏ ٩؛‏ ٩:‏​٨-‏١٥؛‏ ١ يوحنا ٣:‏​١٦-‏١٨‏)‏ وهكذا،‏ بالاشارة الى العطاء،‏ كتب الرسول بولس الى الجماعة المسيحية في كورنثوس:‏ «كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار.‏ لأن المعطي المسرور يحبه اللّٰه.‏» وعند اعلامهم بحاجة ما،‏ كان ذلك يشكِّل ‹اختبارا لاخلاص محبتهم،‏› كما اوضح بولس.‏ وقال ايضا:‏ «إن كان النشاط موجودا فهو مقبول على حسب ما للانسان لا على حسب ما ليس له.‏» —‏ ٢ كورنثوس ٨:‏​٨،‏ ١٢؛‏ ٩:‏٧‏.‏

      وعلى ضوء ذلك،‏ ممتع هو تعليق ترتليان في ما يختص بالاجتماعات التي يعقدها اناس كانوا يسعون الى ممارسة المسيحية في زمنه (‏نحو ١٥٥–‏ بعد ٢٢٠ ب‌م)‏.‏ كتب:‏ «وحتى اذا كان هنالك صندوق من نوع ما،‏ فهو لا يؤلِّف المال المدفوع كرسوم دخول،‏ كما لو كان الدِّين قضية عقد.‏ فكل انسان مرة كل شهر يجلب قطعة نقدية متواضعة ‏—‏ او كلما شاء،‏ وفقط اذا شاء،‏ واذا استطاع؛‏ لأنه ليس احد مجبرا؛‏ وهي تقدمة طوعية.‏» (‏الدفاع،‏ ٣٩،‏ ٥)‏ ولكن،‏ خلال القرون منذ ذلك الحين،‏ انهمكت كنائس العالم المسيحي في كل مشروع يمكن تصوُّره لتحصيل المال بغية تمويل نشاطاتها.‏

      رفض تشارلز تاز رصل التمثُّل بالكنائس.‏ كتب:‏ «رأْيُنا ان المال الجاري تحصيله بمختلف وسائل الاستجداء باسم ربنا انما هو كريه،‏ غير مقبول عنده،‏ ولا يجلب بركته على الواهبين ولا على العمل المنجَز.‏»‏

      وعوضا عن محاولة تملُّق ذوي الاموال كسبا لرضاهم،‏ ذكر الاخ رصل بوضوح،‏ انسجاما مع الاسفار المقدسة،‏ ان غالبية شعب الرب سيكونون فقراء في ممتلكات هذا العالم وانما اغنياء في الايمان.‏ (‏متى ١٩:‏​٢٣،‏ ٢٤؛‏ ١ كورنثوس ١:‏​٢٦-‏٢٩؛‏ يعقوب ٢:‏٥‏)‏ وبدلا من التشديد على الحاجة الى المال لنشر حق الكتاب المقدس،‏ ركَّز الانتباه على اهمية تنمية روح المحبة،‏ الرغبة في العطاء،‏ والرغبة في مساعدة الآخرين،‏ وخصوصا اخبارهم بالحق.‏ ولاولئك الذين لديهم المقدرة على تحصيل المال والذين يقترحون انه بوقف انفسهم بشكل رئيسي لشؤون العمل سيكون لديهم المزيد للتبرع به ماليا،‏ قال انه من الافضل ان يحدُّوا مثل هذا النشاط وأن يعطوا من انفسهم ومن وقتهم لنشر الحق.‏ وهذه لا تزال وجهة النظر التي تتخذها الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏a

      في التطبيق العملي،‏ ما هو مقدار ما يعطيه الناس؟‏ ان ما يفعلونه هو قرار شخصي.‏ ولكن في مسألة العطاء من الجدير بالذكر ان شهود يهوه لا يفكرون بمجرد لغة الممتلكات المادية.‏ ففي محافلهم الكورية في السنة ١٩٨٥-‏١٩٨٦،‏ ناقشوا الموضوع «مكرمين يهوه من اشيائنا الثمينة.‏» (‏امثال ٣:‏٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ وجرى التشديد ان هذه الاشياء الثمينة تشمل ليس فقط الممتلكات المادية بل ايضا الموارد الجسدية،‏ العقلية،‏ والروحية.‏

      وقديما في السنة ١٩٠٤،‏ بيَّن الاخ رصل ان الشخص الذي صنع تكريسا (‏او انتذارا،‏ كما نقول اليوم)‏ كاملا للّٰه «قد اعطى كل ما لديه للرب.‏» وهكذا،‏ يجب عليه الآن «ان يعتبر نفسه معيَّنا من قبل الرب وكيلا على وقته،‏ مقدرته على التأثير في الآخرين،‏ ماله،‏ الخ،‏ ويجب على كل فرد ان يسعى الى استخدام هذه المواهب بأفضل ما يمكنه،‏ لمجد السيد.‏» وأضاف انه،‏ اذ توجِّهه الحكمة التي من فوق،‏ «على قدر ما تنمو محبته وغيرته للرب يوما فيوما من خلال معرفة الحق ونيل روحه،‏ سيجد نفسه يعطي اكثر فأكثر من الوقت،‏ اكثر فأكثر من مقدرته على التأثير في الآخرين،‏ وأكثر فأكثر من الموارد التي يملكها،‏ لخدمة الحق.‏» —‏ دروس في الاسفار المقدسة،‏ «الخليقة الجديدة،‏» الصفحتان ٣٤٤،‏ ٣٤٥.‏

      وخلال تلك السنوات الباكرة،‏ كان لدى جمعية برج المراقبة ما سمَّته صندوق نشرات البرج.‏ وماذا كان ذلك؟‏ ان التفاصيل الممتعة التالية كانت مذكورة على قفا القرطاسية التي كان الاخ رصل يستعملها احيانا:‏ «يتألف هذا الصندوق من التقدمات الطوعية لاولئك الذين يتغذَّون ويتقوَّون ‹بالطعام في حينه› الذي تقدِّمه الآن المطبوعات اعلاه [التي توفِّرها جمعية برج المراقبة]،‏ بصفتها ادوات اللّٰه،‏ للقديسين المكرَّسين،‏ في كل العالم.‏

      ‏«وهذا الصندوق يُستخدم باستمرار في ارسال آلاف النسخ المجانية من برج مراقبة زيون،‏ ونشرات اللاهوت القديم المناسبة جدا للقرَّاء الجدد.‏ ويساعد ايضا في نشر الطبعات الورقية الغلاف لسلسلة الفجر باعانة اولئك المستعدين لتوزيعها —‏ موزعي المطبوعات الجائلين وغيرهم.‏ ويزوِّد ايضا ‹مالا زهيدا،‏› يمكن به لأيٍّ من اولاد الرب الذين بسبب السن،‏ او المرض،‏ او بسبب آخر،‏ لا يتمكنون من الاشتراك في برج المراقبة ان يحصل عليه مجانا،‏ شرط ان يرسل رسالة او بطاقة عند بداية كل سنة،‏ ذاكرا رغبته وعجزه.‏

      ‏«لا يُطلَب مطلقا من ايّ شخص ان يتبرع لهذا الصندوق:‏ فكل الهبات يلزم ان تكون طوعية.‏ ونحن نذكِّر قرَّاءنا بكلمات الرسول (‏١ كورنثوس ١٦:‏​١،‏ ٢‏)‏ ونؤيدها بالقول ان اولئك الذين يمكنهم ان يعطوا وهم يعطون لنشر الحق سيكافَأون حتما بامتيازات روحية.‏»‏

      ان النشاط العالمي لشهود يهوه في المناداة ببشارة ملكوت اللّٰه تستمر في دعمه الهبات الطوعية.‏ وفضلا عن الشهود انفسهم،‏ يعتبره كثيرون من الاشخاص المهتمين ذوي التقدير امتيازا ان يدعموا هذا العمل المسيحي بتبرعاتهم الطوعية.‏

      تمويل اماكن الاجتماع المحلية

      لدى كل جماعة لشهود يهوه صناديق تبرعات مناسبة حيث يمكن للناس ان يضعوا اية هبات يريدون —‏ عندما يودّون ذلك واذا استطاعوا.‏ ويعالَج ذلك على انفراد بحيث لا يعرف الآخرون عادةً ما يمكن ان يفعله الشخص.‏ انه امر بينه وبين اللّٰه.‏

      لا تُدفَع اية رواتب،‏ لكنَّ صيانة مكان الاجتماع تكلِّف مالا.‏ ولسدّ هذه الحاجة لا بد من اعلام اعضاء الجماعة.‏ ولكن،‏ منذ اكثر من ٧٠ سنة،‏ اوضحت برج المراقبة انه في ما يتعلق بالتبرعات لا يجب ان يكون هنالك توسل او إلحاح —‏ مجرد بيان واضح وصريح بالوقائع.‏ وانسجاما مع وجهة النظر هذه لا تشمل اجتماعات الجماعة مناقشات متكررة للمسائل المالية.‏

      ولكن توجد احيانا حاجات خصوصية.‏ فقد تُصنع الخطط لتجديد او توسيع قاعة ملكوت او ربما لبناء قاعة جديدة.‏ وللتحقق من مقدار الاموال التي ستتوافر،‏ قد يطلب الشيوخ من اولئك الذين في الجماعة ان يكتبوا على قصاصات ورق ما يتوقعون افراديا ان يتمكنوا من منحه للمشروع او ربما توفيره لعدد من السنين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ قد يطلب الشيوخ ان يكتب الافراد او العائلات على قصاصات ورق ما يشعرون بأنهم قادرون على التبرع به على اساس اسبوعي او شهري،‏ ببركة يهوه.‏ ولا تظهر اسماء مع تواقيع.‏ فهذه ليست كمبيالات،‏ لكنها تزوِّد اساسا لتخطيط ذكي.‏ —‏ لوقا ١٤:‏​٢٨-‏٣٠‏.‏

      وفي تارما،‏ لَيبيريا،‏ حصلت الجماعة على الاموال اللازمة بطريقة مختلفة نوعا ما.‏ فالبعض في الجماعة زرعوا لشاهد الارزَّ في حقله فيما خصص هو سنة كاملة لقطع الاشجار ونشر ألواح الخشب بمنشار يدوي،‏ ثم بيعها للحصول على المال لمشروع بنائهم.‏ وفي پاراماريبو،‏ سورينام،‏ على الرغم من وجوب شراء المواد،‏ لم تكن الجماعة في حاجة الى المال لشراء قطعة الارض،‏ لأن شاهدة وهبت ارضها لقاعة الملكوت ولم تطلب سوى نقل بيتها الى مؤخر قطعة الارض.‏ وأسعار العقارات المرتفعة جدا في طوكيو،‏ اليابان،‏ جعلت من الصعب على الجماعات هناك الحصول على ارض تُبنى عليها قاعات الملكوت.‏ وبغية المساعدة على حل هذه المشكلة عرضت عائلات عديدة استخدام الارض التي بُنيت عليها بيوتهم.‏ ولم يطلبوا،‏ بعد استبدال بيتهم بقاعة ملكوت جديدة،‏ سوى تزويدهم شقة فوقها.‏

      واذ نمت الجماعات وانقسمت،‏ كثيرا ما حاولت تلك الموجودة ضمن منطقة معيَّنة ان تساعد احداها الاخرى بغية تزويد قاعات ملكوت مناسبة.‏ وبالرغم من هذه الروح السخية،‏ كان يلزم شيء آخر.‏ فقيمة الاراضي وتكاليف البناء ارتفعت فجأة،‏ وكثيرا ما وجدت الجماعات افراديا ان معالجة هذا الوضع غير ممكنة.‏ فماذا امكن فعله؟‏

      في محافل «وحدة الملكوت» الكورية سنة ١٩٨٣،‏ اوجزت الهيئة الحاكمة ترتيبا اقتضى تطبيق المبدإ الوارد في ٢ كورنثوس ٨:‏​١٤،‏ ١٥‏،‏ الذي يشجع على جعل فضالة الذين لديهم ذلك تسدّ إعواز الآخرين حتى «تحصل المساواة.‏» وهكذا فان الذين لديهم القليل لن يكون لديهم قليل بحيث تعاق جهودهم في خدمة يهوه.‏

      طُلب من كل جماعة ان ترتِّب لصندوق مكتوب عليه «تبرعات لصندوق قاعات ملكوت الجمعية.‏» وكل ما يوضع في هذا الصندوق كان سيُستعمل لهذا القصد فقط.‏ وهكذا كان المال المتبرَّع به في كل البلد سيصير متوافرا لسدّ إعواز الجماعات التي تحتاج حاجة ماسة الى قاعة ملكوت ولكنها لا تستطيع ان ترتِّب لذلك بموجب الشروط التي تتطلبها المصارف المحلية.‏ وبعد فحص دقيق للتحقق اين توجد فعلا حاجة اكثر الحاحا،‏ بدأت الجمعية بجعل هذا المال متوافرا للجماعات التي تحتاج الى بناء او حيازة قاعات ملكوت جديدة.‏ واذ جرى تسلُّم المزيد من التبرعات و (‏في البلدان حيث ذلك ممكن)‏ جرى ايفاء القروض،‏ كان يمكن مساعدة المزيد من الجماعات ايضا.‏

      سرى مفعول هذا الترتيب اولا في الولايات المتحدة وكندا،‏ ومنذ ذلك الحين امتدَّ الى اكثر من ٣٠ بلدا في اوروپا،‏ افريقيا،‏ اميركا اللاتينية،‏ والشرق الاقصى.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ في مجرد ثمانية من هذه البلدان،‏ كان المال قد توافر للمساعدة في تزويد ٧٣٧‏,٢ قاعة ملكوت،‏ تجتمع فيها ٨٤٠‏,٣ جماعة.‏

      وحتى في البلدان حيث لم يكن هذا الترتيب ساري المفعول،‏ ولكن كانت هنالك حاجة ماسة الى قاعات ملكوت لم يكن بالامكان تمويلها محليا،‏ سعت الهيئة الحاكمة الى صنع ترتيبات اخرى للتأكد من تزويد المساعدة.‏ وهكذا حصلت المساواة،‏ بحيث ان الذين لديهم القليل لم يكن لديهم اقل من اللازم.‏

      الاعتناء بتوسيع المركز الرئيسي العالمي

      ان سير العمل في المركز الرئيسي العالمي تطلَّب ايضا الاموال.‏ فعقب الحرب العالمية الاولى،‏ عندما وجدت جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس انه من المفيد طبع وتجليد كتبها الخاصة،‏ أُعِدَّ ترتيب جرى بواسطته شراء الآلات اللازمة باسم فرق خاصة —‏ رفقاء خدام ليهوه.‏ وبدلا من إرباح شركة تجارية لقاء صنع الكتب كانت الجمعية تستعمل هذا المبلغ كل شهر لتخفيض الدَّين المتعلق بالمعدات.‏ واذ تحقَّقت فوائد ذلك،‏ خُفِّضت كلفة الكثير من المطبوعات للعموم الى النصف تقريبا.‏ فما جرى كان لترويج الكرازة بالبشارة،‏ لا لاغناء جمعية برج المراقبة.‏

      وفي غضون سنوات قليلة اتضح انه تلزم تسهيلات اوسع في المركز الرئيسي العالمي للاعتناء بالعمل العالمي للكرازة بالملكوت.‏ ومرة بعد اخرى،‏ اذ نمت الهيئة وكثُف نشاط الكرازة،‏ صارت زيادة هذه التسهيلات ضرورية.‏ وعوضا عن الذهاب الى المصارف من اجل الاموال اللازمة لتوسيع وتجهيز مكاتب ومصانع المركز الرئيسي وكذلك التسهيلات الداعمة في نيويورك وحولها،‏ اوضحت الجمعية للاخوة الحاجة.‏ وجرى ذلك،‏ ليس تكرارا،‏ بل ١٢ مرة فقط خلال فترة ٦٥ سنة.‏

      لم يكن هنالك قط ايّ استعطاء.‏ والاشخاص الذين ارادوا ان يقدِّموا الهبات دُعوا الى ذلك.‏ وأولئك الذين اختاروا ان يقرضوا الاموال جرى التأكيد لهم انه في حال نشأت حاجة غير متوقعة وملحَّة،‏ سيُسدَّد قرضهم عند تسلُّم اشعار بطلبهم ذلك.‏ وهكذا في معالجتها للامور،‏ سعت الجمعية الى تجنب التسبُّب بأية مشقة للافراد والجماعات الذين بلطف جعلوا الاموال متوافرة.‏ والدعم الذي يقدِّمه شهود يهوه بواسطة تبرعاتهم مكَّن الجمعية دائما من تسديد جميع القروض.‏ ومثل هذه التبرعات المرسلة الى الجمعية لا تُعتبر امرا مسلَّما به.‏ والى الحد الممكن يجري الاشعار بتسلُّمها بواسطة الرسائل وعبارات التقدير الاخرى.‏

      وعمل الهيئة لا تدعمه هبات فريق من المتبرعين الاغنياء.‏ فمعظم التبرعات هي من افراد لديهم مجرد موارد متوسطة —‏ وكثيرون منهم لديهم القليل جدا من ممتلكات هذا العالم.‏ وبينهم اولاد صغار يريدون ان يشتركوا بهذه الطريقة في دعم عمل الملكوت.‏ وقلوب جميع هؤلاء المتبرعين يدفعها التقدير العميق لصلاح يهوه والرغبة في مساعدة الآخرين على تعلُّم تدابيره الرحيمة.‏ —‏ قارنوا مرقس ١٢:‏​٤٢-‏٤٤‏.‏

      تمويل توسع تسهيلات الفروع

      واذ اتخذ عمل الكرازة بالملكوت أبعادا اعظم في مختلف انحاء العالم،‏ صار ضروريا توسيع تسهيلات فروع الهيئة.‏ ويجري ذلك تحت توجيه الهيئة الحاكمة.‏

      وهكذا،‏ بعد مراجعة التوصيات من الفرع في المانيا،‏ أُعطيت التوجيهات في السنة ١٩٧٨ للبحث عن قطعة ارض مناسبة ثم بناء مجمَّع جديد كليا.‏ فهل كان بامكان الشهود الالمان ان يتحملوا النفقات المشمولة؟‏ لقد مُنحوا الفرصة.‏ وعند اكمال هذا المشروع في السنة ١٩٨٤،‏ في زلترس،‏ على الطرف الغربي من جبال تاونوس،‏ اخبر مكتب الفرع:‏ «عشرات الآلاف من شهود يهوه —‏ الاغنياء والفقراء،‏ الصغار والكبار —‏ تبرعوا بملايين الدولارات للمساعدة في دفع تكاليف التسهيلات الجديدة.‏ وبفضل سخائهم امكن اكمال المشروع كله دون الحاجة الى اقتراض المال من وكالات عالمية او الاضطرار الى الوقوع تحت دين.‏» وبالاضافة الى ذلك،‏ اشترك ١ من كل ٧ شهود تقريبا في جمهورية المانيا الاتحادية في عمل البناء الفعلي في زلترس/‏تاونوس.‏

      وفي بلدان اخرى جعل الاقتصاد المحلي او الحالة المالية لشهود يهوه من الصعب جدا،‏ وحتى من المستحيل،‏ ان يبنوا مكاتب الفروع اللازمة للاشراف على العمل او المصانع التي ستُطبع فيها مطبوعات الكتاب المقدس باللغات المحلية.‏ والشهود داخل البلد مُنحوا الفرصة ليفعلوا ما يستطيعون.‏ (‏٢ كورنثوس ٨:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ لكنَّ النقص في الاموال في بلد ما لا يُسمح له بأن يعوق نشر رسالة الملكوت هناك اذا كانت الموارد المالية متوافرة في مكان آخر.‏

      وهكذا،‏ فيما يفعل الشهود المحليون ما يستطيعون،‏ تزوَّد حصة كبيرة من المال اللازم لبناء الفروع في قسم كبير من العالم بواسطة الهبات التي يقدِّمها شهود يهوه في بلدان اخرى.‏ وقد صح ذلك في ما يتعلق ببناء المجمَّعات الكبيرة التي أُكملت في جنوب افريقيا في السنة ١٩٨٧،‏ نَيجيريا في السنة ١٩٩٠،‏ والفيليپين في السنة ١٩٩١.‏ وصح ذلك ايضا في زامبيا،‏ حيث تسهيلات الطباعة الممكنة كانت لا تزال قيد البناء في السنة ١٩٩٢.‏ وصح ذلك بشكل مماثل في مشاريع عديدة بحجوم اصغر،‏ كالتي أُكملت في الهند في السنة ١٩٨٥؛‏ تشيلي في السنة ١٩٨٦؛‏ كوستاريكا،‏ إكوادور،‏ ڠَيانا،‏ هايتي،‏ وپاپوا غينيا الجديدة في السنة ١٩٨٧؛‏ غانا في السنة ١٩٨٨؛‏ وهُندوراس في السنة ١٩٨٩.‏

      إلا انه في بعض البلدان دُهش الاخوة مما امكنهم انجازه محليا ببركة يهوه على جهودهم الموحَّدة.‏ ففي اوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ مثلا،‏ كان الفرع في اسپانيا يتخذ خطوات نحو توسيع رئيسي لتسهيلاته.‏ فطلب الفرع من الهيئة الحاكمة تزويد الاموال اللازمة.‏ ولكن بسبب المصاريف الكبيرة في اتجاهات اخرى في ذلك الحين،‏ لم تكن مثل هذه المساعدة متوافرة آنذاك.‏ فاذا مُنحوا الفرصة،‏ فهل يمكن للشهود الاسپان،‏ بأجورهم المنخفضة نسبيا،‏ ان يزوِّدوا الاموال الكافية لمثل هذا المشروع؟‏

      شُرح لهم الوضع.‏ وبسرور قدَّموا حليّهم،‏ خواتمهم،‏ وأساورهم ليكون ممكنا استبدالها بالنقد.‏ وعندما سئلت شاهدة مسنَّة عما اذا كانت متأكدة انها تريد حقا التبرع بسوارها الذهبي الثقيل الذي سلَّمته،‏ اجابت:‏ «يا اخي،‏ ان اعطاءه من اجل بتل جديد سيفيد اكثر بكثير من ابقائه في معصمي!‏» وأخرجت اخت مسنَّة كداسة من الاوراق النقدية البالية التي كانت قد خبأتها تحت ارضية بيتها على مر السنين.‏ وتبرع اشخاص متزوجون بالمال الذي كانوا قد ادَّخروه للرحلات.‏ وأرسل اولاد ما وفَّروه من المال.‏ وأحد الاحداث الذي كان يخطط لشراء ڠيتار تبرع بالمال بدلا من ذلك لمشروع الفرع.‏ وكالاسرائيليين وقت بناء المسكن في البرية،‏ برهن الشهود الاسپان انهم متبرعون اسخياء وطوعيون بكل ما يلزم بطريقة مادية.‏ (‏خروج ٣٥:‏​٤-‏٩،‏ ٢١،‏ ٢٢‏)‏ ثم قدَّموا انفسهم —‏ كامل الوقت،‏ خلال العطل،‏ في نهايات الاسابيع —‏ للقيام بالعمل نفسه.‏ ومن كل انحاء اسپانيا اتوا —‏ آلاف منهم.‏ وانضم اليهم شهود آخرون من المانيا،‏ السويد،‏ بريطانيا العظمى،‏ اليونان،‏ والولايات المتحدة،‏ هذا اذا ذكرنا القليل،‏ لاكمال ما بدا في بادئ الامر مهمة مستحيلة.‏

      هل هنالك ربح من المطبوعات؟‏

      في السنة ١٩٩٢،‏ كانت مطبوعات الكتاب المقدس تُطبع في المركز الرئيسي العالمي وفي ٣٢ فرعا حول العالم.‏ وكانت كميات ضخمة منها تُزوَّد للتوزيع من قبل شهود يهوه.‏ ولكن لم يجرِ ايّ من ذلك لربح تجاري.‏ والقرارات المتعلقة باللغات التي ستُطبع بها المطبوعات والبلدان التي ستُشحَن اليها كانت تُتَّخذ لا لأية منفعة تجارية بل فقط بهدف انجاز العمل الذي عيَّنه يسوع المسيح لأتباعه.‏

      وقديما في تموز ١٨٧٩،‏ عندما صدر العدد الاول من برج المراقبة،‏ وردت فيه ملاحظة تقول ان الذين هم افقر من ان يدفعوا لقاء الاشتراك (‏آنذاك ٥٠ سنتا اميركيا فقط في السنة)‏ يمكنهم الحصول عليه مجانا اذا قدَّموا طلبا خطيا بذلك.‏ فكان الهدف الرئيسي مساعدة الناس على التعلُّم عن قصد يهوه العظيم.‏

      ولهذه الغاية،‏ منذ السنة ١٨٧٩،‏ وُزِّعت على الناس كميات هائلة من مطبوعات الكتاب المقدس مجانا.‏ وفي السنة ١٨٨١ وبعدها،‏ وُزِّعت نحو ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ نسخة من طعام للمسيحيين المفكرين مجانا.‏ وكان الكثير منها في شكل كتاب من ١٦٢ صفحة؛‏ وأخرى في شكل صحيفة.‏ ونُشِر مقدار لا حصر له من النشرات بحجوم متنوعة خلال السنين التي تلت.‏ ووُزِّعت الاغلبية العظمى منها (‏حرفيا مئات الملايين من النسخ)‏ دون مقابل.‏ واستمر عدد النشرات والمطبوعات الاخرى الموزَّعة في الازدياد.‏ وفي السنة ١٩١٥ وحدها،‏ اظهر التقرير ان ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥٠ نسخة من النشرات بنحو ٣٠ لغة زُوِّدت للتوزيع العالمي النطاق دون مقابل.‏ فمن اين كان يأتي المال لكل ذلك؟‏ الى حد كبير من الهبات الطوعية لصندوق نشرات الجمعية.‏

      وكانت هنالك ايضا مطبوعات قُدِّمت لقاء تبرع خلال العقود الباكرة من تاريخ الجمعية،‏ لكنَّ التبرع المقترح أُبقي منخفضا قدر الامكان.‏ وهذه المطبوعات شملت كتبا مجلَّدة من ٣٥٠ الى ٧٤٤ صفحة.‏ وعندما كان موزعو المطبوعات الجائلون للجمعية (‏كما كان يُعرَف الكارزون كامل الوقت آنذاك)‏ يقدِّمونها للناس،‏ كانوا يذكرون المبلغ المقترح كتبرع.‏ لكنَّ هدفهم لم يكن كسب المال بل جعل حقائق الكتاب المقدس الحيوية في متناول الناس.‏ فقد ارادوا ان يقرأ الناس المطبوعات ويستفيدوا منها.‏

      وكانوا على استعداد كبير لتقديم مطبوعة للشخص (‏متبرعين بها هم انفسهم)‏ اذا كان صاحب البيت معوزا.‏ ولكن لوحظ ان اشخاصا عديدين كانوا اكثر ميلا الى قراءة المطبوعة اذا قدَّموا شيئا لقاءها،‏ وما يتبرعون به،‏ طبعا،‏ كان يمكن استعماله لطبع المزيد من المطبوعات.‏ ومع ذلك،‏ اذ شدَّدت على واقع ان تلاميذ الكتاب المقدس لا يطلبون الربح المالي،‏ قالت الرسالة الدورية للجمعية التي تحتوي على ارشادات تتعلق بالخدمة،‏ النشرة،‏ عدد ١ تشرين الاول ١٩٢٠:‏ «بعد عشرة ايام من تسليم الكراس [المؤلَّف من ١٢٨ صفحة]،‏ زوروا ثانية الاشخاص وتحققوا ما اذا كانوا قد قرأوه.‏ وان لم يفعلوا ذلك فاطلبوا ان يردّوا الكتاب وأعيدوا مالهم.‏ وأخبروهم انكم لستم وكيل كتب،‏ ولكنكم مهتمون باعطاء رسالة التعزية والفرح هذه لكل شخص،‏ وأنهم ان لم يكونوا مهتمين كفاية بحقيقة تتعلق بهم بشكل وثيق .‏ .‏ .‏،‏ فأنتم تودّون ان تضعوا الكتاب في يدي شخص يهتم.‏» لم يتابع شهود يهوه استخدام هذا الاسلوب،‏ لأنهم وجدوا ان اعضاء العائلة الآخرين يأخذون المطبوعة احيانا ويستفيدون منها؛‏ ولكنَّ ما جرى فعله آنذاك يلقي ضوءا على الهدف الحقيقي للشهود.‏

      لسنين عديدة اشاروا الى توزيعهم المطبوعات بصفته «بيعا.‏» لكنَّ هذا الاصطلاح سبَّب شيئا من التشويش،‏ ولذلك،‏ ابتداء من السنة ١٩٢٩،‏ أُلغي تدريجيا.‏ فالاصطلاح لم ينطبق حقا على نشاطهم،‏ لأن عملهم ليس تجاريا.‏ فلم يكن هدفهم كسب المال.‏ لقد كان دافعهم الكلي الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ ولهذا السبب،‏ في السنة ١٩٤٣،‏ قضت المحكمة العليا للولايات المتحدة بأنه لا يمكن ان يُطلَب من شهود يهوه الحصول على رخصة تجارية للبيع بالتجول قبل توزيع مطبوعاتهم.‏ والسلطة القضائية الكندية بعد ذلك اقتبست بموافقةٍ الحجج التي اوردتها المحكمة العليا للولايات المتحدة في هذا القرار.‏b

      وفي بلدان عديدة كان شهود يهوه يقدِّمون بانتظام مطبوعاتهم على اساس التبرع.‏ والتبرع المقترح كان منخفضا،‏ بالمقارنة مع الكتب والمجلات الاخرى،‏ حتى ان اشخاصا عديدين كانوا يعرضون ان يتبرعوا اكثر.‏ لكنَّ الهيئة بذلت جهدا كبيرا لابقاء التبرع المقترح منخفضا لكي يكون ضمن الامكانية المالية لملايين عديدة من الناس الذين لديهم القليل جدا من ممتلكات هذا العالم ولكن الشاكرين على تسلُّم كتاب مقدس او مطبوعة للكتاب المقدس.‏ ولكن لم يكن الهدف من اقتراح التبرع اغناء هيئة شهود يهوه.‏

      وفي البلدان التي يفسِّر فيها القانون ايّ توزيع لمطبوعات الكتاب المقدس بأنه تجاري اذا اقترح الموزع تبرعا للمطبوعة،‏ يسرّ شهود يهوه بأن يتركوها لدى ايّ شخص يُظهر اهتماما مخلصا ويعد بقراءتها.‏ وأولئك الذين يريدون ان يتبرعوا بشيء لترويج عمل تعليم الكتاب المقدس يمكنهم ان يقدِّموا ما يريدونه.‏ وهذا ما يجري،‏ مثلا،‏ في اليابان.‏ وفي سويسرا،‏ حتى وقت قريب،‏ كانت تُقبَل التبرعات للمطبوعات،‏ ولكن حتى مبلغ معيَّن فقط؛‏ ولذلك اذا اراد اصحاب البيوت ان يعطوا المزيد،‏ يعيده الشهود او يعطون صاحب البيت مطبوعات اضافية.‏ فرغبتهم لم تكن في جمع المال،‏ بل في الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

      وفي السنة ١٩٩٠،‏ بسبب الفضائح المالية المعروفة جيدا في بعض اديان العالم المسيحي،‏ مع ميل الحكومات المتزايد الى تصنيف النشاط الديني كعمل تجاري،‏ صنع شهود يهوه بعض التعديلات في نشاطهم بغية تجنب ايّ سوء فهم.‏ فأعطت الهيئة الحاكمة التوجيهات ان تُقدَّم في الولايات المتحدة جميع المطبوعات التي يوزعها الشهود —‏ الكتب المقدسة،‏ وكذلك النشرات،‏ الكراريس،‏ المجلات،‏ والكتب المجلَّدة التي تشرح الكتاب المقدس —‏ للناس بشرط وحيد وهو ان يقرأوها،‏ دون اقتراح ايّ تبرع.‏ فنشاط شهود يهوه ليس تجاريا على الاطلاق،‏ وهذا الترتيب عمل على تمييزهم اكثر عن الفرق الدينية التي تتاجر بالدين.‏ وطبعا،‏ يدرك معظم الناس ان طبع مثل هذه المطبوعات يكلِّف مالا،‏ وأولئك الذين يقدِّرون الخدمة التي ينجزها الشهود قد يرغبون في التبرع بشيء للمساعدة في العمل.‏ فيوضَّح لمثل هؤلاء الاشخاص ان العمل العالمي النطاق لتعليم الكتاب المقدس الذي يقوم به شهود يهوه تدعمه الهبات الطوعية.‏ والهبات تُقبل بسرور،‏ ولكن دون استعطاء.‏

      وأولئك الذين يشتركون في خدمة الحقل لا يفعلون ذلك لربح مالي.‏ فهم يتبرعون بوقتهم،‏ ويدفعون اجرة تنقلاتهم.‏ واذا اظهر شخص ما الاهتمام،‏ يرتبون للعودة كل اسبوع،‏ دون مقابل مطلقا لاعطاء الارشاد الشخصي في الكتاب المقدس.‏ وفقط المحبة للّٰه ولرفيقهم الانسان يمكن ان تدفعهم الى الاستمرار في الانهماك في مثل هذا النشاط،‏ وغالبا في وجه اللامبالاة والمقاومة المباشرة.‏

      والاموال المتسلَّمة في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه او في مكاتب فروعه تُستخدم،‏ لا لاغناء الهيئة او ايّ فرد،‏ بل لترويج الكرازة بالبشارة.‏ وقديما في السنة ١٩٢٢،‏ ذكرت برج المراقبة انه بسبب الوضع الاقتصادي في اوروپا فان الكتب المطبوعة هناك للجمعية يدفع ثمنها بشكل رئيسي المكتب الاميركي وغالبا ما تُترك لدى الناس بأقل من الكلفة.‏ وعلى الرغم من ان شهود يهوه يديرون الآن مؤسسات طباعية في بلدان عديدة،‏ فان بعض البلدان التي تُشحن اليها المطبوعات ليس بمقدورها ارسال اية اموال من البلد لتغطية الكلفة.‏ والهبات الطوعية السخية لشهود يهوه في البلدان حيث لديهم موارد كافية تساعد على سدّ النقص في البلدان حيث لديهم القليل.‏

      سعت جمعية برج المراقبة على الدوام الى استعمال جميع الموارد الموجودة تحت تصرفها لترويج الكرازة بالبشارة.‏ وفي السنة ١٩١٥،‏ كرئيس للجمعية،‏ قال تشارلز تاز رصل:‏ «لا تسعى جمعيتنا الى ادِّخار ثروات ارضية،‏ ولكنها بالاحرى مؤسسة تستخدم مالها لانجاز الامور.‏ وما ارسلته الينا العناية الالهية دون استعطاء نسعى الى انفاقه بحكمة قدر المستطاع انسجاما مع كلمة الرب وروحه.‏ ومنذ وقت طويل اعلنَّا انه عندما تنقطع الموارد المالية تنقطع كذلك نشاطات الجمعية؛‏ وأنه كلما ازدادت الموارد المالية اتَّسعت نشاطات الجمعية.‏» واستمرت الجمعية في فعل ذلك تماما.‏

      والى الوقت الحاضر تستخدم الهيئة الاموال المتوافرة في ارسال النظار الجائلين لتقوية الجماعات ولتشجيعها في خدمتها العلنية.‏ وهي تستمر في ارسال المرسلين والمتخرجين من مدرسة تدريب الخدام الى حيث توجد حاجة خصوصية.‏ وتستخدم ايضا ما يتوافر من المال لارسال فاتحين خصوصيين الى المناطق حيث أُنجز القليل او لا شيء بعدُ من الكرازة برسالة الملكوت.‏ وكما ورد في الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٣،‏ خلال سنة الخدمة السابقة،‏ أُنفق ٥٦،‏٢٥٧‏,٢١٨‏,٤٥ دولارا اميركيا بهذه الطرائق.‏

      غير خادمين لربح شخصي

      لا يجري نيل ربح مالي من قبل ايّ عضو في الهيئة الحاكمة،‏ رسميٍّ في وكالاتها الشرعية،‏ او شخص بارز آخر مقترن بالهيئة نتيجة لعمل شهود يهوه.‏

      وعن ت.‏ ت.‏ رصل،‏ الذي خدم كرئيس لجمعية برج المراقبة طوال اكثر من ٣٠ سنة،‏ كتب احد عشرائه:‏ «كوسيلة لتقرير ما اذا كان مسلكه منسجما مع الاسفار المقدسة،‏ وأيضا كوسيلة للاعراب عن اخلاصه،‏ قرَّر ان يمتحن رضى الرب كما يلي:‏ (‏١)‏ ان يقف حياته للقضية؛‏ (‏٢)‏ ان يستخدم ثروته في نشر العمل؛‏ (‏٣)‏ ان يمنع اللمَّات في جميع الاجتماعات؛‏ (‏٤)‏ ان يعتمد على التبرعات (‏الطوعية كاملا)‏ دون استعطاء لمواصلة العمل بعد نفاد ثروته.‏»‏

      وعوضا عن استخدام النشاط الديني لكسب الغنى المادي لنفسه،‏ انفق تشارلز تاز رصل جميع موارده في عمل الرب.‏ وبعد موته ذُكر في برج المراقبة:‏ «وقف ثروته الخاصة كاملا للقضية التي اعطى حياته لها.‏ تسلَّم المبلغ الضئيل ٠٠،‏١١ دولارا في الشهر لنفقاته الشخصية.‏ مات،‏ غير تارك اية ممتلكات على الاطلاق.‏»‏

      وفي ما يتعلق بأولئك الذين كانوا سيواصلون عمل الجمعية،‏ اشترط الاخ رصل في وصيته:‏ «أما بالنسبة الى الاجر،‏ فأعتقد انه من الحكمة المحافظة على مسلك الجمعية الماضي في ما يتعلق بالرواتب —‏ ان لا يُدفَع اجر لأحد؛‏ ان تخصَّص مجرد نفقات معقولة للذين يخدمون الجمعية او يقومون بعملها بأية طريقة.‏» وأولئك الذين يخدمون في بيوت ايل الجمعية،‏ مكاتبها،‏ ومصانعها،‏ بالاضافة الى ممثليها الجائلين،‏ كانوا سيزوَّدون بمجرد الطعام،‏ المأوى،‏ ومبلغ متواضع للنفقات —‏ ما يكفي للحاجات المباشرة ولكن «دون تدبير .‏ .‏ .‏ لادِّخار المال.‏» وهذا المقياس نفسه ينطبق اليوم.‏

      وأولئك المقبولون للخدمة الخصوصية كامل الوقت في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه جميعهم ينذرون نذر الفقر،‏ كما هي الحال مع جميع اعضاء الهيئة الحاكمة وجميع الاعضاء الآخرين في عائلة البتل هناك.‏ ولا يعني ذلك انهم يحيون حياة كئيبة،‏ دون وسائل للراحة.‏ ولكنه يعني انهم يشتركون،‏ دون محاباة،‏ في التدابير المتواضعة للطعام،‏ المأوى،‏ وبدل النفقات التي تُهيَّأ لجميع الذين في مثل هذه الخدمة.‏

      وهكذا تواصل الهيئة عملها باعتماد كامل على العون الذي يمنحه اللّٰه.‏ ودون إكراه،‏ ولكن كأخوَّة روحية حقيقية تمتد الى كل انحاء الارض،‏ يستخدم شهود يهوه بسرور مواردهم لانجاز العمل الذي اعطاهم اياه يهوه،‏ ابوهم السماوي العظيم،‏ ليقوموا به.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظروا برج المراقبة،‏ ١ ايلول ١٩٤٤،‏ الصفحة ٢٦٩ (‏بالانكليزية)‏؛‏ ١٥ كانون الاول ١٩٨٧،‏ «مكرمين اله الرجاء،‏» الفقرات ١٧-‏٢١.‏

      b ميردوك ضد ولاية پنسلڤانيا،‏ ٣١٩ الولايات المتحدة ١٠٥ (‏١٩٤٣)‏؛‏ أوديل ضد تْرِپانْييه،‏ ٩٥ القضايا الجنائية الكندية ٢٤١ (‏١٩٤٩)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٠]‏

      ‏‹الاستعطاءات طلبا للمال لا تجيزها ولا توافق عليها هذه الجمعية›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٢]‏

      التشديد الرئيسي هو على قيمة إخبار الآخرين بالحق

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٣]‏

      بيان واضح وصريح بالوقائع

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٤]‏

      الجماعات تساعد احداها الاخرى على حيازة قاعات الملكوت اللازمة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٥]‏

      معظم التبرعات هي من افراد لديهم مجرد موارد متوسطة

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٨]‏

      مطبوعات كثيرة وُزِّعت دون مقابل —‏ فمَن يدفع ثمنها؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٤٩]‏

      يسرّون بأن يتركوا المطبوعة لدى ايّ شخص يُظهر اهتماما مخلصا ويعد بقراءتها

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٥٠]‏

      ماذا يجري فعله بالمال المتبرَّع به؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣٥١]‏

      ‏«وقف ثروته الخاصة كاملا للقضية التي اعطى حياته لها»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٣٤١]‏

      اللّٰه لا يستجدي

      «ان الذي قال،‏ ‹إن جعتُ فلا اقول لك لأن لي المسكونة وملأها.‏ .‏ .‏ .‏ لا آخذ من بيتك ثورا ولا من حظائرك اعتدة.‏ لأن لي حيوان الوعر والبهائم على الجبال الالوف› (‏مزمور ٥٠:‏​١٢،‏ ٩،‏ ١٠‏)‏،‏ قادر على مواصلة عمله العظيم دون استجداء طلبا للاموال سواء من العالم او من اولاده.‏ وهو لن يجبر اولاده على التضحية بشيء في خدمته،‏ ولن يقبل منهم شيئا غير التقدمة الطوعية المبهجة.‏» —‏ «برج مراقبة زيون،‏» ايلول ١٨٨٦،‏ ص ٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٣٤٧]‏

      الهبات لم تكن دائما في شكل مال

      هيَّأ وأرسل الشهود في الشمال الاقصى من كوينْزلَند الى موقع البناء التابع لبرج المراقبة في سيدني،‏ اوستراليا،‏ اربع مقطورات تجرّها شاحنات محمَّلة خشبا ممتازا كان يقدَّر ثمنه آنذاك بـ‍ ٠٠٠‏,٦٠ و ٠٠٠‏,٧٠ دولار اوسترالي.‏

      عندما كان يجري توسيع مصنع برج المراقبة في إلَنْسْفونْتايْن،‏ جنوب افريقيا،‏ تلفن اخ هندي وطلب ان يتفضّلوا ويأخذوا هبة من ٥٠٠ كيس (‏١١٠ پاوندات [٥٠ كلڠ] كل واحد)‏ من الاسمنت —‏ في وقت ندر فيه الاسمنت في البلد.‏ وقدَّم آخرون شاحناتهم لتستخدمها الجمعية.‏ ودفعت اخت افريقية الثمن لاحدى الشركات كي تسلّم ٢٠ ياردا مكعبا (‏١٥ م٣)‏ من رمل البناء.‏

      في النَّذَرلند،‏ عندما كانت تُبنى تسهيلات الفرع الجديدة في أمِّن،‏ وُهبت كميات هائلة من المعدات وملابس العمل.‏ وحاكت احدى الاخوات،‏ بالرغم من شدة مرضها،‏ زوجا من الجوارب الصوفية لكلٍّ من العمَّال خلال فترة الشتاء.‏

      لبناء مكتب فرع جديد ومبنى مجهَّز ليصير مطبعة في لوساكا،‏ زامبيا،‏ جرى شراء مواد البناء بأموال زوَّدها الشهود في بلدان اخرى.‏ والمواد والتجهيزات التي لم تكن متوافرة محليا شُحنت الى زامبيا كهبات للعمل هناك.‏

      في الإكوادور،‏ سنة ١٩٧٧،‏ وهب شاهد قطعة ارض مساحتها ٨٤ اكرا (‏٣٤ هكتارا)‏.‏ وهنا بُنيت قاعة محافل ومجمَّع جديد للفرع.‏

      فتح الشهود المحليون في پاناما بيوتهم لايواء العمَّال المتطوعين؛‏ وبعض الذين يملكون باصات زوَّدوا المواصلات؛‏ وآخرون اشتركوا في تزويد ٠٠٠‏,٣٠ وجبة طعام قُدِّمت في موقع البناء.‏

      للعمَّال في المشروع في اربوڠا،‏ السويد،‏ خبزت وأرسلت احدى الجماعات ٥٠٠‏,٤ كعكة محلَّاة.‏ وأرسل آخرون العسل،‏ الفاكهة،‏ والمربَّى.‏ ومع انه ليس شاهدا،‏ زوَّد مزارع قرب موقع البناء طنَّين من الجزر.‏

  • المركز الرئيسي العالمي والمكاتب الرئيسية لشهود يهوه —‏ في صوَر
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • المركز الرئيسي العالمي والمكاتب الرئيسية لشهود يهوه —‏ في صوَر

      المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحتين ٣٥٢ و ٣٥٣]‏

      يُوجَّه نشاط شهود يهوه العالمي من بروكلين،‏ نيويورك،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ منذ السنة ١٩٠٩.‏ وهذه الابنية تحتوي على مكاتب المركز الرئيسي منذ السنة ١٩٨٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٥٣]‏

      المركز الثقافي لبرج المراقبة،‏ في پاترسن،‏ نيويورك (‏قيد الانشاء في السنة ١٩٩٢)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٣٥٢]‏

      بعض الابنية السكنية لآلاف الخادمين في المركز الرئيسي العالمي

      ‏[الصور في الصفحة ٣٥٥]‏

      فنادق سابقة في بروكلين جُدِّدت لتزويد مكان لـ‍ ٤٧٦‏,١ عاملا متطوعا اضافيا

      ‏[الصور في الصفحة ٣٥٥]‏

      مساكن لعائلة البتل في وولكيل،‏ نيويورك

      ‏[الصورتان في الصفحتين ٣٥٤ و ٣٥٥]‏

      في ابنية المصانع هذه (‏في بروكلين،‏ نيويورك)‏،‏ تُنتَج الكتب المقدسة،‏ الكتب،‏ والكراسات بـ‍ ١٨٠ لغة من اجل التوزيع العالمي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٦]‏

      ملايين كسيتات مواد الكتاب المقدس السمعية تُنتَج في هذا المصنع في بروكلين كل سنة.‏ ومن هنا يُنسَّق ايضا الشحن.‏ اكثر من ٠٠٠‏,١٥ طن من مطبوعات الكتاب المقدس والمواد الاخرى تُشحَن سنويا الى كل انحاء العالم

      ‏[الصور في الصفحة ٣٥٦]‏

      في هذا المصنع في مزارع برج المراقبة،‏ قرب وولكيل،‏ نيويورك،‏ تُطبع سنويا ملايين النسخ من «برج المراقبة» و«استيقظ!‏» بـ‍ ١٤ لغة

      شهود يهوه والمؤسسات الشرعية التي يستعملونها لديهم مكاتب ومطابع في انحاء كثيرة من العالم.‏ والصور في الصفحات التالية تُظهر الكثير،‏ ولكن ليس الكل،‏ من هذه التسهيلات.‏ وحيث كانت الابنية الجديدة قيد الانشاء في السنة ١٩٩٢،‏ تَظهر نماذج معمارية.‏ والاحصاءات المعطاة تنطبق في السنة ١٩٩٢.‏

      اميركا الشمالية وجزر الهند الغربية

      ألاسكا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٥٧]‏

      زوار لمكتب فرع الجمعية يتلقَّون ترحيبا حارا.‏ وهنا في ألاسكا،‏ كما في ايّ مكان آخر،‏ يكرز شهود يهوه من بيت الى بيت،‏ على الرغم من انخفاض درجات الحرارة احيانا الى -‏٦٠°ف (‏-‏٥٠°م)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٥٧]‏

      طائرة مستعملة لنقل المنادين بالملكوت الى الانحاء البعيدة في المقاطعة

      جزر بَهاما

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٥٧]‏

      وصلت مطبوعات برج المراقبة الى جزر بَهاما بحلول السنة ١٩٠١.‏ وجرت أول شهادة قانونية هنا في السنة ١٩٢٦.‏ ومنذ ذلك الحين وُزِّع اكثر من ٠٠٠‏,٦٠٠‏,٤ مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس في الجزر التي يشرف عليها الآن هذا المكتب.‏

      باربادوس

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٨]‏

      اكثر من ١٤٠ فريقا دينيا في باربادوس يدَّعون المسيحية.‏ ومنذ السنة ١٩٠٥،‏ يساعد شهود يهوه الناس ان يروا لأنفسهم ما يقوله الكتاب المقدس.‏

      بيليز

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٨]‏

      نصف سكان بيليز تقريبا يعيشون في مناطق ريفية.‏ ولبلوغ بعض القرى الداخلية،‏ يقوم شهود يهوه برحلات سنوية سيرا على الاقدام بحقائب تُحمل على الظهر وباليد.‏

      كوستاريكا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٥٨]‏

      اسست الجمعية اولا مكتب فرع في كوستاريكا سنة ١٩٤٤.‏ ومنذ خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بلغ عدد الكوستاريكيين المشاركين في العبادة الحقة الآلاف.‏

      جمهورية الدومينيكان

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٩]‏

      وُزِّعت مطبوعات برج المراقبة هنا قديما في السنة ١٩٣٢.‏ لكنَّ ارشاد الناس المهتمين على صعيد شخصي بدأ في السنة ١٩٤٥ عندما وصل المرسلان الظاهران الى اليسار.‏ وفي السنين الاخيرة،‏ عندما صار عشرات الآلاف من الناس تواقين الى درس الكتاب المقدس مع الشهود،‏ اصبحت تسهيلات الفرع هذه ضرورية.‏

      السلڤادور

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٩]‏

      جرى القيام بشيء من الشهادة هنا في السنة ١٩١٦.‏ ولكن حدث اولا في السنة ١٩٤٥ ان شخصا واحدا على الاقل في السلڤادور كان مستعدا ان يختبر التغطيس المسيحي في الماء (‏الظاهر هنا)‏.‏ ومنذ ذلك الحين اصبح آلاف اضافيون خداما ليهوه.‏

      ڠوادلوپ

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٥٩]‏

      نسبة الناشرين الى السكان في المقاطعة التي يخدمها مكتب الفرع هذا هي من افضل النسب في العالم.‏ وكثيرون من الناس في ڠوادلوپ يقبلون البشارة بتقدير.‏

      كندا

      ‏[الصور في الصفحتين ٣٦٠ و ٣٦١]‏

      مكتب الجمعية في كندا يشرف على الكرازة بالبشارة في ثاني اكبر بلد في العالم.‏ اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ منادٍ بالملكوت مشغولون في هذا البلد.‏

      مبنى الادارة (‏يغطي جزئيا صورة مجمَّع الفرع الحالي)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦١]‏

      المقاطعات الشمالية الغربية

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦١]‏

      مخيَّمات للخشَّابين في كولومبيا البريطانية

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦١]‏

      مَزارع للماشية في ألبرتا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٠]‏

      كْوِيبك الفرنسية

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٠]‏

      المقاطعات البحرية

      ڠواتيمالا

      ‏[الصور في الصفحة ٣٦١]‏

      مع ان الاسپانية هي لغة ڠواتيمالا الرسمية،‏ إلا ان تنوعا من اللغات الهندية الاميركية يُنطَق بها هنا.‏ ويسعى مكتب الجمعية الى التأكد من نيل كل فرد فرصة السماع عن ملكوت اللّٰه.‏

      هايتي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٠]‏

      خدمة يهوه تجلب فرحا عظيما لشهود يهوه في هايتي،‏ بالرغم من الاحوال الصعبة غالبا التي تحيط بهم.‏

      هُندوراس

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٢]‏

      منذ السنة ١٩١٦،‏ خُصِّص اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٣ ساعة لتعليم سكان هذا البلد الكتاب المقدس.‏ وأحيانا كان على شهود يهوه ايضا ان يعلِّموا الناس القراءة والكتابة (‏كما ترون هنا)‏ ليمكّنوهم من درس كلمة اللّٰه بأنفسهم.‏

      جامايكا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٢]‏

      المئات في جامايكا صاروا خداما مخلصين ليهوه خلال الوقت الذي فيه كان يُجمَع الورثة المقبلون للملكوت السماوي.‏ ومنذ السنة ١٩٣٥،‏ يشترك آلاف اضافيون في الكرازة برسالة الملكوت.‏ ومكتب الفرع هذا يُبنى للمساعدة على الاعتناء بحاجاتهم الروحية.‏

      جزر لِيوَرْد (‏آنتيڠوا)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٢]‏

      قديما في السنة ١٩١٤،‏ كانت الكرازة بالبشارة جارية في الجزر التي يعتني بها الآن هذا المكتب.‏ ومرة بعد مرة منذ ذلك الحين يُدعى الناس في هذه الناحية من الارض الى «اخذ ماء حياة مجانا.‏» —‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏

      المكسيك

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٣]‏

      مركز جديد لتعليم الكتاب المقدس يشيّده شهود يهوه في المكسيك

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٣]‏

      تسهيلات المكاتب المستعملة في السنة ١٩٩٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٣]‏

      مطبوعات الكتاب المقدس التي تُنشر هنا تسدّ حاجة اكثر من ٠٠٠‏,٤١٠ شاهد غيور في المكسيك وبلدان ناطقة بالاسپانية مجاورة اخرى

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٣]‏

      من السنة ١٩٨٦ الى السنة ١٩٩٢،‏ اكثر من ١٠ في المئة من الدروس البيتية في الكتاب المقدس التي يديرها الشهود في العالم كانت في المكسيك،‏ والكثير منها مع عائلات.‏

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٣٦٣]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      دروس الكتاب المقدس في المكسيك

      ٠٠٠‏,٥٠٠

      ٠٠٠‏,٢٥٠

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      مارتينيك

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٤]‏

      زُرعت بزور الحق هنا قديما في السنة ١٩٤٦.‏ ولكن عندما اتى ڠْزاڤْيِه وسارة نول (‏الظاهران هنا)‏ من فرنسا في السنة ١٩٥٤،‏ تمكنا من البقاء وتنمية الاهتمام الموجود.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان اكثر من ٢٠٠‏,٣ شخص يشتركون معهما في المناداة برسالة الملكوت.‏

      جزر الأنتيل الهولندية (‏كوراساو)‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٤]‏

      ثلاثة وعشرون مرسلا خدموا في مقاطعة مكتب الفرع هذا.‏ اثنان من الفريق الاول (‏الظاهران هنا)‏ الذي وصل في السنة ١٩٤٦ كانا لا يزالان يعملان في السنة ١٩٩٢.‏

      نيكاراڠْوَا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٤]‏

      ابتداء من السنة ١٩٤٥،‏ عندما وصل المرسلون،‏ اخذ شهود يهوه في نيكاراڠْوَا يزدادون.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ بلغ عددهم اكثر من ٧٠٠‏,٩.‏ والناس الذين يريدون ان يعلّمهم الشهود الكتاب المقدس يبلغ عددهم الآن اكثر من عدد الشهود المحليين بكثير.‏

      پاناما

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٥]‏

      منذ نهاية القرن الـ‍ ١٩،‏ ينال الناس في پاناما المساعدة على تعلُّم مطالب اللّٰه للحياة الابدية.‏

      پورتو ريكو

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٦٥]‏

      منذ السنة ١٩٣٠،‏ اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٨٣ مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس وُزِّعت في پورتو ريكو،‏ و ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٥ زيارة مكررة عُقدت لتزويد مساعدة اضافية للاشخاص المهتمين.‏ وعمل الترجمة المنجَز هنا يساعد على توفير مطبوعات الكتاب المقدس لنحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٥٠ ناطق بالاسپانية حول العالم.‏

      ترينيداد

      ‏[الصور في الصفحة ٣٦٥]‏

      كان يُنادى بالبشارة بكثافة في ترينيداد قديما في السنة ١٩١٢.‏ وشهود كثيرون،‏ بمن فيهم هؤلاء الثلاث المدرَّبات في مدرسة جلعاد،‏ يقفون وقتهم لهذا العمل.‏

      اميركا الجنوبية

      الارجنتين

      ‏[الصور في الصفحة ٣٦٦]‏

      أُرسل اولا منادٍ للملكوت الى هذا البلد في السنة ١٩٢٤.‏ ولاحقا قدَّم الكثير من العون مرسلون مدرَّبون في جلعاد،‏ بمن فيهم تشارلز آيزنهاور (‏الظاهر هنا)‏،‏ الذي وصل مع زوجته في السنة ١٩٤٨.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ صارت هذه التسهيلات تزوِّد الاشراف العام،‏ وكذلك مطبوعات الكتاب المقدس،‏ لما يزيد على ٠٠٠‏,٩٦ شاهد ليهوه في الارجنتين.‏ ومن هنا كانت تُرسَل المطبوعات ايضا لسدّ حاجة اكثر من ٠٠٠‏,٤٤ شاهد في تشيلي.‏

      بوليڤيا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٧]‏

      يسمع البوليڤيون رسالة الملكوت منذ السنة ١٩٢٤.‏ ويقبل الآلاف مطبوعات الكتاب المقدس بتقدير ويستفيدون من الدروس البيتية القانونية في الكتاب المقدس.‏

      تشيلي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٧]‏

      بحلول السنة ١٩١٩ كانت مطبوعات برج المراقبة قد وصلت الى تشيلي.‏ والكرازة التي يشرف عليها هذا المكتب تمتد الآن من مَزارع الخراف التي تعصف فيها الريح في الجنوب الى مخيَّمات التعدين البعيدة في الشمال،‏ ومن جبال الأنديز الى المحيط.‏

      إكوادور

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٧]‏

      المساهمة الاكبر في الكرازة بالبشارة في الإكوادور قام بها اكثر من ٨٧٠ شاهدا (‏كالاثنين الظاهرين هنا)‏ تركوا مواطنهم ليخدموا حيث الحاجة اعظم.‏ وهذا الفرع يزوّد الآن المساعدة لاكثر من ٠٠٠‏,٢٢ مسبِّح غيور ليهوه.‏

      البرازيل

      ‏[الصور في الصفحتين ٣٦٨ و ٣٦٩]‏

      في السنة ١٩٩٢،‏ عندما كان يجري توسيع مكتب فرع الجمعية،‏ مطبعتها،‏ وبتلها الى هذا الحجم،‏ بلغ عدد شهود يهوه في البرازيل اكثر من ٠٠٠‏,٣٣٥ وكانوا يعمّدون كل سنة ما يزيد على ٠٠٠‏,٢٧ تلميذ.‏ والمطبعة هنا تزوّد ايضا المطبوعات للتوزيع في اورڠواي،‏ پاراڠواي،‏ وبوليڤيا.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٨]‏

      ملعبان كبيران استُخدما لمحفل اممي لشهود يهوه في سان پاولو سنة ١٩٩٠؛‏ بُرمج لاكثر من ١٠٠ محفل اضافي ايضا

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٣٦٨]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      المنادون بالملكوت في البرازيل

      ٠٠٠‏,٣٠٠

      ٠٠٠‏,٢٠٠

      ٠٠٠‏,١٠٠

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      ڠَيانا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٦٩]‏

      للجمعية مكتب فرع في ڠَيانا منذ السنة ١٩١٤.‏ والشهود بلغوا عمق المناطق الداخلية وسعوا الى منح كل واحد فرصة سماع البشارة.‏ ومع ان سكان البلد الآن اقل من مليون،‏ وقف الشهود اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ ساعة للكرازة والتعليم في هذا البلد.‏

      پاراڠواي

      ‏[الصور في الصفحة ٣٦٨]‏

      كانت الكرازة بالبشارة في الپاراڠواي جارية بحلول منتصف عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ ومنذ السنة ١٩٤٦،‏ ساعد ١١٢ مرسلا مدرَّبا في جلعاد على تقديم الشهادة.‏ ولبلوغ الفرق اللغوية غير الاسپانية والڠْوارانية المحلية،‏ تطوع شهود آخرون ايضا من بلدان مختلفة للانتقال الى هذا البلد.‏

      من المانيا

      من كوريا

      من اليابان

      كولومبيا

      ‏[الخريطة/‏الصور في الصفحتين ٣٧٠ و ٣٧١]‏

      قديما في السنة ١٩١٥،‏ أُرسلت بالبريد مطبوعة لبرج المراقبة الى رجل مهتم في كولومبيا.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كانت تُشحن مطبوعات الكتاب المقدس المطبوعة في هذه التسهيلات لسدّ حاجات اكثر من ٠٠٠‏,١٨٤ مبشر في إكوادور،‏ پاناما،‏ پيرو،‏ ڤنزويلا،‏ وكولومبيا.‏

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      كولومبيا

      پيرو

      إكوادور

      پاناما

      ڤنزويلا

      پيرو

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧١]‏

      وزَّع احد تلاميذ الكتاب المقدس الزائرين في پيرو مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس قديما في السنة ١٩٢٤.‏ وشُكِّلت اول جماعة هنا بعد ٢١ سنة.‏ والآن هنالك في الپيرو اكثر من ٠٠٠‏,٤٣ منادٍ نشيط بملكوت اللّٰه.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧١]‏

      فاتحون يكرزون عاليا في جبال الأنديز

      سورينام

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٧٠]‏

      نحو السنة ١٩٠٣ شُكِّل هنا اول فريق للدرس.‏ واليوم تلزم تسهيلات الفرع هذه للاشراف على الجماعات في كل انحاء البلد —‏ في المناطق البدائية،‏ المقاطعات،‏ والمدينة.‏

      اورڠواي

      ‏[الصور في الصفحة ٣٧٢]‏

      منذ السنة ١٩٤٥،‏ ساهم اكثر من ٨٠ مرسلا في المناداة بالملكوت في اورڠواي.‏ والاثنتان الظاهرتان هنا تخدمان في اورڠواي منذ خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان اكثر من ٦٠٠‏,٨ شاهد محلي يخدمون معهما.‏

      ڤنزويلا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٢]‏

      وُزِّعت بعض مطبوعات برج المراقبة في ڤنزويلا في منتصف عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وبعد عقد بدأ فريق من امّ وابنة فاتحتين من الولايات المتحدة فترة من الكرازة الغيورة هنا،‏ اذ غطتا العاصمة تكرارا وقامتا برحلات قصيرة الى البلدات في مختلف انحاء البلد.‏ والآن هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٦٠ شاهد نشيط في ڤنزويلا.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٢]‏

      ساحة لمصارعة الثيران في بَلَنْسِية يجتمع فيها ٦٠٠‏,٧٤ من اجل محفل خصوصي في السنة ١٩٨٨

      اوروپا والبحر الابيض المتوسط

      النمسا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٣]‏

      قديما في تسعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ مُنح بعض الاشخاص في النمسا فرصة الاستفادة من البشارة.‏ ومنذ عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ هنالك نمو معتدل ولكن ثابت في عدد مسبِّحي يهوه في هذا البلد.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٣]‏

      اكثر من ٢٧٠ جماعة تجتمع في قاعات الملكوت في كل انحاء النمسا

      بلجيكا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٧٣]‏

      صارت بلجيكا مفترق الطرق في العالم.‏ وللاعتناء بالسكان المتنوعين الموجودين هناك،‏ يوزع هذا الفرع مطبوعات الكتاب المقدس في اكثر من ١٠٠ لغة.‏

      بريطانيا

      ‏[الصور في الصفحة ٣٧٤]‏

      يجري الاشراف على نشاط اكثر من ٠٠٠‏,١٢٥ شاهد ليهوه في بريطانيا من مكتب الفرع هذا.‏ وتولّى ايضا شهود من بريطانيا تعيينات لنشر رسالة الملكوت في بلدان اوروپية اخرى وكذلك في افريقيا،‏ اميركا الجنوبية،‏ اوستراليا،‏ المشرق،‏ وجزر البحر.‏

      بيت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم

      بيت برج المراقبة

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٤]‏

      مطبوعات الكتاب المقدس تُطبع هنا بالانكليزية،‏ المالطية،‏ الڠودجَراتية،‏ والسواحلية

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٤]‏

      دائرة الخدمة تعتني بأكثر من ٣٠٠‏,١ جماعة في بريطانيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٤]‏

      مؤن المطبوعات تُرسَل الى كل انحاء انكلترا،‏ أسكتلندا،‏ ويلز،‏ ايرلندا،‏ ومالطة،‏ وكذلك الى اماكن في افريقيا والبحر الكاريبي

      فرنسا

      ‏[الصور في الصفحة ٣٧٥]‏

      الترجمة والاخراج الفني بواسطة الكمپيوتر لكل مطبوعات برج المراقبة المطبوعة في كل العالم للناس الناطقين بالفرنسية يُنجَزان في الفرع في فرنسا.‏ (‏اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٢٠ شخص ينطقون بالفرنسية.‏)‏ والمطبوعات تُطبع هنا بانتظام بلغات مختلفة وتُشحَن الى بلدان في اوروپا،‏ افريقيا،‏ الشرق الاوسط،‏ المحيط الهندي،‏ والمحيط الپاسيفيكي.‏

      المطبعة/‏المكتب في لوڤييه

      الترجمة

      الاخراج الفني بواسطة الكمپيوتر

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٥]‏

      المكتب/‏المسكن في بولونْي-‏بييانكور

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٥]‏

      المسكن في إنكارڤيل لإيواء عائلة البتل

      المانيا

      ‏[الصور في الصفحتين ٣٧٦ و ٣٧٧]‏

      رغم الجهود القاسية لابادتهم في المانيا خلال العصر النازي،‏ لم يهجر شهود يهوه ايمانهم.‏ ومنذ السنة ١٩٤٦،‏ وقفوا اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٦٤٦ ساعة لنشر حق الكتاب المقدس في كل انحاء البلد.‏

      تسهيلات موسَّعة في زلترس/‏تاونوس

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٧]‏

      بالاضافة الى ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس بالالمانية،‏ يتولّى هذا الفرع في زلترس/‏تاونوس الطباعة بأكثر من ٤٠ لغة

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٦]‏

      كميات كبيرة من المطبوعات المنتَجة هنا تُشحَن بانتظام الى اكثر من ٢٠ بلدا؛‏ والمجلات تُطبَع بلغات عديدة وترسَل الى اكثر من ٣٠ بلدا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٦]‏

      تُستعمل شاحنات الجمعية لشحن المطبوعات الى كل انحاء المانيا

      قبرص

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٧]‏

      بُعيد موت يسوع المسيح،‏ كُرز بالبشارة لشعب قبرص.‏ (‏اعمال ٤:‏​٣٢-‏٣٧؛‏ ١١:‏١٩؛‏ ١٣:‏​١-‏١٢‏)‏ وفي الازمنة الحديثة،‏ تجدَّدت هذه الكرازة،‏ ويستمر تقديم شهادة تامة تحت توجيه مكتب الفرع هذا.‏

      الدنمارك

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٧٦]‏

      منذ تسعينات الـ‍ ١٨٠٠ هنالك شهادة مكثَّفة في الدنمارك.‏ ويجري طبع مطبوعات الكتاب المقدس هنا ليس بالدنماركية فقط بل ايضا بالفارية،‏ الڠرينلندية،‏ الايسلندية.‏

      مشهد جوِّي للفرع (‏المدخل ظاهر في الصورة المدرجة)‏

      ايطاليا

      ‏[الصور في الصفحتين ٣٧٨ و ٣٧٩]‏

      مطبوعات الكتاب المقدس الايطالية تترجَم وتُطبع هنا.‏ وهذا الفرع يطبع ويجلّد الكتب للاستعمال خصوصا في ايطاليا والبلدان المجاورة الاخرى.‏

      مشاهد متنوعة لتسهيلات الفرع قرب روما

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٨]‏

      عشرات الآلاف،‏ اذ فهموا ما يقوله الكتاب المقدس حقا،‏ ابتدأوا يجتمعون مع شهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٨]‏

      في وجه العداء المستمر من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية،‏ وقف شهود يهوه في ايطاليا ما يزيد على ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥٥٠ ساعة منذ السنة ١٩٤٦ للقيام بزيارات شخصية لجيرانهم كي يناقشوا معهم الكتاب المقدس.‏ ونتيجة لذلك فإن ٠٠٠‏,١٩٤ شخص في ايطاليا هم الآن عبّاد نشاطى ليهوه

      فنلندا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٩]‏

      وصل حق الكتاب المقدس الى فنلندا من السويد في السنة ١٩٠٦.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ يُنقل الى كل زاوية في البلد،‏ حتى بعيدا الى الدائرة القطبية الشمالية.‏ العشرات من هنا حضروا مدرسة جلعاد ليتدرَّبوا على الخدمة حيث توجد حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏ وآخرون انتقلوا باختيارهم ليخدموا في البلدان التي توجد فيها حاجة اعظم.‏

      ايسلندا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٨]‏

      في ايسلندا،‏ التي يبلغ عدد سكانها نحو ٠٠٠‏,٢٦٠ فقط،‏ وُزِّع اكثر من ٠٠٠‏,٦٢٠‏,١ مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس لمساعدة الناس على اختيار الحياة.‏ والآن يوجد اكثر من ٢٦٠ شخصا هنا يخدمون يهوه،‏ الاله الحقيقي.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٧٨]‏

      جورج ليندَل،‏ الذي خدم كفاتح هنا من السنة ١٩٢٩ الى السنة ١٩٥٣؛‏ وكان خلال معظم هذه الفترة الشاهد الوحيد في البلد

      اليونان

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٠]‏

      الرسول بولس كان واحدا من اوائل الذين اعلنوا البشارة في اليونان.‏ (‏اعمال ١٦:‏​٩-‏١٤؛‏ ١٧:‏١٥؛‏ ١٨:‏١؛‏ ٢٠:‏٢‏)‏ على الرغم من اضطهاد الكنيسة الارثوذكسية اليونانية الشديد لشهود يهوه طوال سنوات كثيرة،‏ هنالك الآن اكثر من ٠٠٠‏,٢٤ خادم امين ليهوه في هذا البلد.‏ والفرع الظاهر هنا هو على بعد نحو ٤٠ ميلا (‏٦٤ كلم)‏ شمالي اثينا.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٠]‏

      الشهادة في اثينا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٠]‏

      صورة أُخذت في السنة ١٩٩٠ في اثناء تظاهرة يقودها رجال الدين ضد الشهود

      ايرلندا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٠]‏

      كان التجاوب مع رسالة الكتاب المقدس في ايرلندا بطيئا لسنوات عديدة.‏ وجرت مواجهة الكثير من المقاومة من رجال الدين.‏ ولكن بعد ١٠٠ سنة من الشهادة المثابرة،‏ هنالك الآن حصاد روحي وافر.‏

      مكتب الفرع في دبلن

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٠]‏

      فاتحتان لوقت طويل في خدمة الحقل

      پولندا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨١]‏

      هذه التسهيلات تُستعمل لتزويد العون لاكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ شاهد في پولندا.‏ ومن السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٥،‏ كانت عبادتهم محظورة،‏ إلا ان عددهم ازداد من ٠٣٩‏,١ في السنة ١٩٣٩ الى ٩٩٤‏,٦ في السنة ١٩٤٦.‏ وعندما حُظر عملهم ثانية في السنة ١٩٥٠،‏ كان عددهم ١١٦‏,١٨؛‏ ولكن بُعيد رفع الحظر في السنة ١٩٨٩،‏ اظهرت التقارير ان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٩١.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٨١]‏

      طوال سنوات عقدوا محافل صغيرة في الغابات؛‏ اما الآن فإن محافلهم تملأ اكبر الملاعب في البلد —‏ وأكثر من ملعب واحد كل مرة

      پوزنان (‏١٩٨٥)‏

      لوكسمبورڠ

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٢]‏

      لوكسمبورڠ هي واحدة من الامم الصغيرة جدا في اوروپا.‏ ولكن هنا ايضا يُكرز برسالة الملكوت لنحو ٧٠ سنة.‏ والشهود الذين اتوا من فرنسا،‏ المانيا،‏ وسويسرا منحوا المساعدة،‏ وخصوصا قبل الحرب العالمية الثانية.‏

      النَّذَرلند

      ‏[الصور في الصفحة ٣٨٢]‏

      من هذا الفرع في أمِّن،‏ يجري الاشراف على نشاط اكثر من ٠٠٠‏,٣٢ شاهد غيور في النَّذَرلند.‏ ترجمة كل المطبوعات بالهولندية تجري في هذه التسهيلات.‏ والكثير من اعادة انتاج كسيتات الڤيديو المؤسسة على الكتاب المقدس باللغات الاوروپية يجري ايضا من هنا.‏

      النَّروج

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٨٣]‏

      نَروجي كان قد انتقل الى اميركا منذ مئة سنة وتعلَّم حقائق الكتاب المقدس هناك جلب هذه البشارة الى بلدته الام.‏ ومنذ ذلك الحين يزور شهود يهوه كل ناحية من النَّروج مرة بعد مرة للتحدث الى الناس عن ملكوت اللّٰه.‏

      الپرتغال

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٣]‏

      بعد توقيع الحكومة اتفاقية مع الڤاتيكان بعقود،‏ اعتقلت الشرطة الشهود ورحّلت مرسليهم.‏ لكنَّ الشهود الباقين استمروا يجتمعون من اجل العبادة،‏ يكرزون للآخرين،‏ ويتضاعفون في العدد.‏ وأخيرا،‏ في السنة ١٩٧٤ مُنحوا الاعتراف الشرعي.‏

      هذا المكتب يشرف على نشاط اكثر من ٠٠٠‏,٤٠ شاهد في الپرتغال.‏ ويقدِّم ايضا مساعدة كبيرة للبلدان الافريقية التي تربطها بالپرتغال روابط وثيقة

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٣]‏

      محفل اممي عُقد في لِشبونة سنة ١٩٧٨

      السويد

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٣]‏

      طوال اكثر من ١٠٠ سنة،‏ يكرز شهود يهوه في السويد.‏ وفي غضون السنين العشر الماضية،‏ وقفوا اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٨ ساعة لهذا النشاط.‏ والكثير من الجماعات في السويد الآن ينطقون بواحدة من اثنتي عشرة لغة غير السويدية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٣]‏

      لمساعدة الناس من كل الانواع في السويد تُخزَن المطبوعات هنا بـ‍ ٧٠ لغة

      اسپانيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٤]‏

      يعتني هذا الفرع بأكثر من ٠٠٠‏,٩٢ شاهد في اسپانيا.‏ ويطبع «برج المراقبة» و«استيقظ!‏» لاسپانيا والپرتغال على السواء.‏ وبالرغم من جهود رجال الدين الكاثوليك التي لا تكلّ لاستعمال الدولة لايقاف شهود يهوه،‏ يخبر الشهود الشعب الاسپاني بحقائق الكتاب المقدس منذ السنة ١٩١٦.‏ وأخيرا،‏ في السنة ١٩٧٠،‏ عندما كان عدد شهود يهوه في اسپانيا اكثر من ٠٠٠‏,١١،‏ مُنحوا الاعتراف الشرعي.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ ازدادت اعدادهم ثمانية اضعاف تقريبا.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٤]‏

      اكثر من ١٠٠‏,١ جماعة تجتمع الآن بحرية في قاعات الملكوت الموجودة في كل انحاء البلد

      سويسرا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٤]‏

      لجمعية برج المراقبة مكتب في سويسرا منذ السنة ١٩٠٣.‏ ومكان احدى اقدم مطابع الجمعية في اوروپا كان في هذا البلد.‏ والفرع هنا في تون طبع المجلات لسنوات كثيرة للاستعمال في عشرات البلدان الاخرى.‏

      افريقيا

      بينين

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٥]‏

      تتألف بينين من نحو ٦٠ فريقا عرقيا ينطقون بـ‍ ٥٠ لهجة.‏ وعندما تحرر آلاف من هؤلاء الناس من دياناتهم السابقة،‏ اغتاظ كهنة الفَتَشية ورجال دين العالم المسيحي على السواء.‏ إلا ان موجات الاضطهاد المتكررة لم توقف نمو العبادة الحقة في هذا البلد.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٥]‏

      محفل عُقد في السنة ١٩٩٠

      جمهورية افريقيا الوسطى

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٥]‏

      قديما في السنة ١٩٤٧،‏ ابتدأت رسالة الملكوت تصل الى الناس هنا.‏ فقد ابتدأ رجل كان قد حضر بعض اجتماعات الشهود في مكان آخر يخبر الآخرين بما تعلَّمه.‏ وسرعان ما تشكل فريق للدرس،‏ والذين كانوا يحضرون ابتدأوا بسرعة يشهدون،‏ فازدادت اعداد عبَّاد يهوه.‏

      ساحل العاج

      ‏[الصور في الصفحة ٣٨٧]‏

      المرسلون المدرَّبون في جلعاد ساعدوا في ادخال العبادة الحقة الى هذا البلد لإفريقيا الغربية سنة ١٩٤٩.‏ اكثر من مئة من مرسلين كهؤلاء خدموا هنا.‏ ويُخصَّص الآن سنويا اكثر من مليون ساعة للبحث عن الناس الجياع للحق في المنطقة التي يعتني بها مكتب الفرع هذا.‏

      غانا

      ‏[الصورة في الصفحتين ٣٨٦ و ٣٨٧]‏

      ابتدأت الكرازة بالبشارة في غانا تأخذ مجراها سنة ١٩٢٤.‏ والآن يشرف هذا المكتب في أكرا على اكثر من ٦٤٠ جماعة في غانا.‏ ويتولَّى ايضا ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس بالايوية،‏ التوية،‏ والڠايية وطبعها بهذه اللغات.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٦]‏

      الاجتماع في قاعة الملكوت المجاورة لمكتب الفرع

      كينيا

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٣٨٦]‏

      في السنة ١٩٣١،‏ سافر شاهدان ليهوه من جنوب افريقيا للكرازة في كينيا.‏ ومنذ السنة ١٩٦٣ يشرف مكتب الجمعية في كينيا،‏ في اوقات مختلفة،‏ على عمل التبشير في بلدان كثيرة اخرى في افريقيا الشرقية (‏كما يَظهر ادناه)‏.‏ المحافل الاممية في كينيا في السنوات ١٩٧٣،‏ ١٩٧٨،‏ و ١٩٨٥ ساهمت في الشهادة المعطاة.‏

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      كينيا

      اوغندا

      السودان

      إثيوپيا

      جيبوتي

      الصومال

      اليمن

      سايشِل

      تَنزانيا

      بوروندي

      رُوَندا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٨٦]‏

      محفل نَيروبي (‏١٩٧٨)‏

      نَيجيريا

      ‏[الصور في الصفحتين ٣٨٨ و ٣٨٩]‏

      يُكرز بالبشارة في هذا البلد منذ وقت باكر من عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وأُرسل مبشرون ايضا من نَيجيريا الى انحاء اخرى من افريقيا الغربية،‏ ومطبوعات الكتاب المقدس المطبوعة هنا تستمر في سدّ حاجات البلدان المجاورة.‏ وفي نَيجيريا نفسها وضع شهود يهوه بين ايدي الناس اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٨ مطبوعة لمساعدتهم على فهم كلمة اللّٰه.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٩]‏

      من دائرة الخدمة يجري الاشراف على اكثر من ٠٠٠‏,١٦٠ منادٍ بالملكوت في نَيجيريا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٨]‏

      محفل في كالابار،‏ نَيجيريا (‏١٩٩٠)‏

      لَيبيريا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٨٩]‏

      الذين صاروا شهودا ليهوه هنا واجهوا امتحانات عديدة لايمانهم —‏ عندما تحرروا من الخرافات المحلية،‏ عندما هجروا تعدّد الزوجات،‏ عندما اضطهدهم الرسميون الذين أُسيء تمثيل الشهود امامهم،‏ وعندما احاطت بهم الفرق السياسية والعرقية في الحرب.‏ ومع ذلك تستمر العبادة الحقة في توحيد جميع الناس من كل الانواع في هذا البلد.‏

      موريشيوس

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٨٨]‏

      قديما في السنة ١٩٣٣،‏ قام شهود غيورون من جنوب افريقيا بزيارة هذه الجزيرة في المحيط الهندي.‏ والآن هنالك اكثر من الف شاهد في موريشيوس يحثون جيرانهم على طلب يهوه لكي ينظر اليهم برضى عندما يدمر النظام الشرير الحاضر.‏ —‏ صفنيا ٢:‏٣‏.‏

      جنوب افريقيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩١]‏

      لجمعية برج المراقبة مكتب فرع في جنوب افريقيا لاكثر من ٨٠ سنة.‏ والمبشرون الغيورون من هنا فعلوا الكثير لنشر رسالة الملكوت في البلدان الاخرى في افريقيا الجنوبية والشرقية.‏ وفي المقاطعة التي كانت سابقا تحت اشراف هذا الفرع (‏حيث كان هنالك ٦٧٤‏,١٤ مناديا بالملكوت في السنة ١٩٤٥)‏،‏ يوجد الآن اكثر من ٠٠٠‏,٣٠٠ شاهد نشيط ليهوه.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٠]‏

      اكثر من ١١٠ مترجمين يعملون تحت توجيه هذا الفرع لإعداد مطبوعات الكتاب المقدس بـ‍ ١٦ لغة افريقية

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٠]‏

      يجري الطبع هنا بأكثر من ٤٠ لغة

      السنڠال

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩١]‏

      مع ان عدد الشهود هنا قليل،‏ يسعى مكتب الفرع الى التأكد من حصول كل مدينة،‏ كل فريق عرقي،‏ والناس من كل الاديان،‏ ليس فقط في السنڠال بل في البلدان المجاورة ايضا،‏ على فرصة سماع رسالة الكتاب المقدس المبهجة.‏

      سيراليون

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٠]‏

      ابتدأت الكرازة بالبشارة في سيراليون سنة ١٩١٥.‏ وكان النمو احيانا بطيئا.‏ ولكن عندما أُبعد الذين لم يتمسكوا بمقاييس يهوه السامية وانسحب الذين لم يخدموا بدوافع صائبة،‏ ازدهر الاولياء ليهوه روحيا.‏

      زامبيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٢]‏

      يشرف مكتب الفرع هذا على نشاط اكثر من ٠٠٠‏,١١٠ شاهد في افريقيا الجنوبية-‏الوسطى.‏ تأسس اول مكتب للجمعية هنا في السنة ١٩٣٦.‏ ومنذ ذلك الحين قام شهود يهوه في زامبيا بأكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٨٦ زيارة مكررة لمنح المهتمين مساعدة اضافية.‏ وعلَّموا كثيرين ايضا القراءة لكي يتمكنوا من درس الكتاب المقدس شخصيا ويشتركوا فيه مع الآخرين.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٢]‏

      سلسلة من المحافل في زامبيا في السنة ١٩٩٢ حضرها ٦٤٣‏,٢٨٩

      زمبابوي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٩٢]‏

      شهود يهوه نشاطى في زمبابوي منذ عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ خلال السنوات التالية،‏ واجههم حظر على مطبوعاتهم،‏ منع لاجتماعاتهم،‏ وحرمان المرسلين الاذن في الكرازة للسكان الافريقيين.‏ ولكنَّ العقبات ذُلِّلت تدريجيا،‏ وهذا المكتب الآن يعتني بأكثر من ٠٠٠‏,٢٠ شاهد.‏

      المشرق

      هونڠ كونڠ

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٩٣]‏

      تترجَم مطبوعات برج المراقبة هنا بالصينية،‏ التي ينطق بها،‏ بلهجاتها الكثيرة،‏ اكثر من بليون شخص.‏ وفي هونڠ كونڠ نفسها بدأت الكرازة بالبشارة عندما قدَّم ت.‏ ت.‏ رصل محاضرة في قاعة بلدية المدينة في السنة ١٩١٢.‏

      الهند

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٣]‏

      يشرف هذا الفرع على عمل المناداة برسالة الملكوت لاكثر من سدس سكان الارض.‏ وفي الوقت الحاضر،‏ يوجِّه هذا المكتب الترجمة بـ‍ ١٨ لغة والطبع بـ‍ ١٩ لغة.‏ من بينها الهندية (‏التي ينطق بها ٣٦٧ مليون شخص)‏ وأيضا الآسامية،‏ البنغالية،‏ الڠودجَراتية،‏ الكنادا،‏ المالَيالَمية،‏ المَراتية،‏ النيپالية،‏ الأُورية،‏ البَنجابية،‏ التاميلية،‏ التِّلوڠوِية،‏ والاوردو (‏التي ينطق بكل منها عشرات الملايين)‏.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩٣]‏

      شهود يكرزون بالمالَيالَمية

      ‏.‏ .‏ .‏ بالنيپالية

      ‏.‏ .‏ .‏ بالڠودجَراتية

      اليابان

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩٤]‏

      شهود يهوه في اليابان،‏ كما في اي مكان آخر،‏ منادون غيورون بملكوت اللّٰه.‏ وفي السنة ١٩٩٢ وحدها،‏ وقفوا اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٨٥ ساعة للكرازة بالبشارة.‏ وكمعدل،‏ يشترك ٤٥ في المئة من الشهود اليابانيين في خدمة الفتح كل شهر.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٤]‏

      تُنشر هنا مطبوعات الكتاب المقدس بلغات عديدة،‏ بما فيها اليابانية،‏ الصينية،‏ ولغات الفيليپين

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٤]‏

      مكتب هندسة اقليمي يساعد في عمل بناء تسهيلات الفروع في بلدان مختلفة

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٣٩٤]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      الفاتحون في اليابان

      ٠٠٠‏,٧٥

      ٠٠٠‏,٥٠

      ٠٠٠‏,٢٥

      ١٩٧٥ ١٩٨٠ ١٩٨٥ ١٩٩٢

      جمهورية كوريا

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩٥]‏

      نحو ١٦ مليون مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس،‏ بالاضافة الى النشرات،‏ تُنتَج هنا سنويا لدعم اكثر من ٠٠٠‏,٧٠ شاهد في جمهورية كوريا.‏ وما يقارب الـ‍ ٤٠ في المئة من الشهود الكوريين هم في خدمة الفتح.‏

      ميانمار

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩٥]‏

      عندما اسست جمعية برج المراقبة مكتب فرع هنا في السنة ١٩٤٧،‏ كان هنالك ٢٤ شاهدا ليهوه فقط في البلد.‏ اما الآن فيسعى اكثر من ٠٠٠‏,٢ شاهد نشيط في ميانمار الى بلوغ ليس فقط سكان المدن بل ايضا سكان المناطق الريفية الاكثر عددا.‏

      الفيليپين

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٦]‏

      في السنة ١٩١٢،‏ خطب ت.‏ ت.‏ رصل في دار الاوپرا في مانيلا حول الموضوع «اين هم الموتى؟‏» ومنذ ذلك الحين خصَّص شهود يهوه اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤٨٣ ساعة للشهادة للناس الموجودين في الجزر المسكونة الـ‍ ٩٠٠ تقريبا في الفيليپين.‏ ويجري الاشراف العام من هذا الفرع على اكثر من ٠٠٠‏,١١٠ شاهد في ٢٠٠‏,٣ جماعة.‏ وتجري الطباعة هنا بثماني لغات لسدّ الحاجات المحلية.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٣٩٦]‏

      شهود من بعض الفرق اللغوية الرئيسية في الفيليپين

      سْري لانكا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣٩٧]‏

      قبل الحرب العالمية الاولى،‏ كُرز بالبشارة في سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ جنوبي الهند.‏ فتنظَّم سريعا فريق للدرس.‏ وللجمعية مكتب فرع في العاصمة منذ السنة ١٩٥٣ لمنح السِّنهَاليزيين،‏ التاميل،‏ والفرق العرقية الاخرى في هذا البلد فرصة سماع رسالة الملكوت.‏

      تايوان

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٧]‏

      جرى القيام بشيء من الشهادة هنا في عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ لكنَّ العمل اخذ مجراه على اساس ثابت اكثر في خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ والآن تُبنى تسهيلات الفرع الجديدة هذه كي تصير مركزا لنشاط متزايد في هذه الناحية من الارض.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٧]‏

      جماعة في تايپيه

      تايلند

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٧]‏

      خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اتى شهود فاتحون من بريطانيا،‏ المانيا،‏ اوستراليا،‏ ونيوزيلندا ليخبروا الناس في تايلند (‏المعروفة آنذاك بسَيام)‏ بحق الكتاب المقدس.‏ وحضر مندوبون من بلدان عديدة المحافل الاممية هنا في السنوات ١٩٦٣،‏ ١٩٧٨،‏ ١٩٨٥،‏ و ١٩٩١ لتشجيع الشهود المحليين وللحثّ على نشر رسالة الملكوت.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٧]‏

      محفل ١٩٦٣

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٧]‏

      مندوبون من الخارج في السنة ١٩٩١

      جزر الپاسيفيك

      فيجي

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٨]‏

      تأسس المكتب في فيجي سنة ١٩٥٨.‏ وكان يشرف لفترة من الوقت على عمل المناداة بالملكوت في ١٢ بلدا وب‍ ١٣ لغة.‏ والآن يركّز فرع فيجي انتباهه على الجزر المسكونة المئة تقريبا لمجموعة جزر فيجي.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٨]‏

      المحافل الاممية هنا في السنوات ١٩٦٣،‏ ١٩٦٩،‏ ١٩٧٣،‏ و ١٩٧٨ ساعدت على جعل الشهود المحليين اقرب الى الذين هم في البلدان الاخرى

      ڠوام

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٨]‏

      يوجِّه المكتب في ڠوام الكرازة بالبشارة في جزر تنتشر في مساحة ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣ ميل مربع (‏٠٠٠‏,٧٧٠‏,٧ كلم٢)‏ تقريبا من المحيط الپاسيفيكي.‏ وعمل ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس بتسع لغات يأتي تحت اشرافه.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٨]‏

      غالبا ما يسافر ناظر الدائرة بالطائرة بين الجزر

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٨]‏

      شهود محليون (‏كما يَظهرون هنا في ميكرونيزيا)‏ يستعملون القوارب لبلوغ مقاطعتهم

      هاوايي

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٩]‏

      لجمعية برج المراقبة مكتب فرع في هونولولو منذ السنة ١٩٣٤.‏ والبعض من هاوايي شاركوا في العمل التبشيري ليس فقط في جزر هاوايي بل ايضا في اليابان،‏ تايوان،‏ ڠوام،‏ وجزر ميكرونيزيا.‏

      كاليدونيا الجديدة

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٩]‏

      بالرغم من عرقلة المقاومين الدينيين،‏ جلب شهود يهوه رسالة ملكوت اللّٰه الى كاليدونيا الجديدة.‏ وكثير من الناس اصغوا بتقدير.‏ وفي السنة ١٩٥٦ تشكلت اول جماعة.‏ والآن يوجد هنا اكثر من ٣٠٠‏,١ مسبِّح ليهوه.‏

      نيوزيلندا

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٩]‏

      في السنة ١٩٤٧ اسست جمعية برج المراقبة مكتب فرع في نيوزيلندا للاشراف عن كثب على عمل الكرازة بالبشارة هنا.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٩]‏

      الترجمة التي تجري في هذا الفرع تمكّن سكان سامْوا،‏ راروتونڠا،‏ ونييووي من نيل البناء الروحي القانوني.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣٩٩]‏

      المترجمون والمصحِّحون يتعاونون معا لتزويد مطبوعات ذات نوعية رفيعة

      اوستراليا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٠٠]‏

      لجمعية برج المراقبة مكتب فرع في اوستراليا منذ السنة ١٩٠٤.‏ وكان هذا الفرع في الماضي يشرف على عمل المناداة بالملكوت في ما يقارب ربع سطح الارض،‏ بما في ذلك الصين،‏ جنوب شرق آسيا،‏ وجزر جنوب الپاسيفيك.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٠٠]‏

      مكتب هندسة اقليمي يساعد في عمل بناء الفروع في جنوب الپاسيفيك وجنوب شرق آسيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٠٠]‏

      في الوقت الحاضر،‏ يطبع هذا الفرع مطبوعات الكتاب المقدس بأكثر من ٢٥ لغة.‏ والمطبعة هنا تساعد على تزويد المطبوعات التي يحتاج اليها نحو ٠٠٠‏,٧٨ شاهد موجود في المناطق التي تشرف عليها ثمانية فروع في جنوب الپاسيفيك.‏

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٠٠]‏

      البلدان التي تُزوَّد بالمطبوعات من فرع اوستراليا

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      اوستراليا

      پاپوا غينيا الجديدة

      كاليدونيا الجديدة

      جزر سليمان

      فيجي

      سامْوا الغربية

      تاهيتي

      نيوزيلندا

      پاپوا غينيا الجديدة

      ‏[الصور في الصفحة ٤٠٠]‏

      يواجه شهود يهوه تحديا خصوصيا في هذا البلد —‏ فالناس يتكلمون نحو ٧٠٠ لغة مختلفة.‏ وانتقل شهود من عشرة بلدان اخرى على الاقل الى هنا للمساهمة في العمل.‏ فعملوا بجدّ لتعلُّم اللغات المحلية.‏ المهتمون يترجمون لمن يتكلمون لسانا آخر.‏ الصور تُستعمل ايضا بفعَّالية كمساعِدات في التعليم.‏

      جزر سليمان

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٠١]‏

      درس في الكتاب المقدس كان يُعقد من خارج البلد بالبريد جلب رسالة الملكوت لجزر سليمان في وقت باكر من خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وعلى الرغم من العقبات الشديدة انتشر الحق.‏ ومكتب الفرع وقاعة المحافل الواسعة هذان هما نتيجة ابداع محلي،‏ تعاون اممي،‏ ووفرة روح يهوه.‏

      تاهيتي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٠١]‏

      في وقت باكر من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بلغ شهود يهوه تاهيتي برسالة الملكوت.‏ هنا،‏ في وسط المحيط الپاسيفيكي،‏ تُعطى شهادة تامة.‏ وخلال السنوات الاربع الماضية فقط،‏ تعادل الشهادة الجارية اكثر من خمس ساعات من التكلُّم،‏ كمعدل،‏ الى كل رجل،‏ امرأة،‏ وولد في الجزيرة.‏

      سامْوا الغربية

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٠١]‏

      سامْوا الغربية هي من اصغر الامم في العالم،‏ لكنَّ شهود يهوه لديهم مكتب فرع هنا ايضا.‏ كان هذا التسهيل قيد البناء في السنة ١٩٩٢ للاعتناء بالعمل في هذه وغيرها من الجزر المجاورة،‏ بما فيها سامْوا الاميركية.‏

  • الجزء ١ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      الجزء ١ —‏ شهود الى اقصى الارض

      هذا هو الجزء الاول من خمسة اجزاء في فصل واحد يخبر كيف بلغ نشاط شهود يهوه كل مكان في الارض.‏ والجزء ١،‏ الذي يغطي الحقبة من سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ حتى السنة ١٩١٤،‏ هو في الصفحات ٤٠٤ الى ٤٢٢.‏ والمجتمع البشري لم يشفَ قط من الاضطرابات التي سبَّبتها الحرب العالمية الاولى،‏ التي بدأت سنة ١٩١٤.‏ تلك كانت السنة التي طالما اثبت تلاميذ الكتاب المقدس انها تسم نهاية ازمنة الامم.‏

      قبل صعوده الى السماء،‏ فوَّض يسوع المسيح المهمة الى رسله،‏ قائلا:‏ «تكونون لي شهودا .‏ .‏ .‏ الى اقصى الارض.‏» (‏اعمال ١:‏٨‏)‏ وسبق فأنبأ ايضا بأنه «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏» (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وهذا العمل لم يُكمَل في القرن الاول.‏ والجزء الاعظم منه يجري في الازمنة العصرية.‏ وسجل انجازه من سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ الى الوقت الحاضر مثير حقا.‏

      مع ان تشارلز تاز رصل صار معروفا بشكل واسع بسبب محاضراته المعلَن عنها جيدا حول الكتاب المقدس،‏ لم يكن اهتمامه بمجرد الحضور الكبير وانما بالناس.‏ وهكذا،‏ بُعيد ابتدائه بنشر برج المراقبة في السنة ١٨٧٩،‏ شرع في رحلة واسعة النطاق لزيارة فرق صغيرة من قرَّاء المجلة كي يناقش معهم الاسفار المقدسة.‏

      حثَّ ت.‏ ت.‏ رصل اولئك الذين آمنوا بوعود كلمة اللّٰه الثمينة ان يكون لهم دور في مشاركة الناس الآخرين في هذه الوعود.‏ والذين تأثرت قلوبهم بعمق بما كانوا يتعلَّمونه اظهروا غيرة حقيقية في فعل ذلك.‏ وللمساعدة في العمل،‏ زُوِّدت مواد مطبوعة.‏ فظهر عدد من النشرات في وقت باكر من السنة ١٨٨١.‏ والمواد فيها جُمعت بعد ذلك مع معلومات اضافية لتشكّل المطبوعة الاكثر شمولا طعام للمسيحيين المفكرين،‏ وأُعدّ ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ نسخة منها للتوزيع.‏ فكيف كان ممكنا لفرقة تلاميذ الكتاب المقدس الصغيرة (‏ربما ١٠٠ في ذلك الوقت)‏ ان توزع كل هذه؟‏

      بلوغ روَّاد الكنائس

      أُعطي بعضها للاقرباء والاصدقاء.‏ ووافق عدد من الصحف على ارسال نسخة الى كلٍّ من مشتركيها.‏ (‏وشُدِّد خصوصا على الصحف الاسبوعية والشهرية لكي تبلغ المطبوعة طعام للمسيحيين المفكرين اناسا كثيرين يسكنون في مناطق ريفية.‏)‏ ولكنَّ مقدارا كبيرا من التوزيع أُنجز في ايام آحاد متعاقبة عديدة امام الكنائس في الولايات المتحدة وبريطانيا.‏ ولم يكن هنالك ما يكفي من تلاميذ الكتاب المقدس لفعل كل ذلك شخصيا،‏ فاستأجروا آخرين للمساعدة.‏

      ارسل الاخ رصل اثنين من عشرائه،‏ ج.‏ سي.‏ سانْدِرْلِن و ج.‏ ج.‏ بِندر،‏ الى بريطانيا للإشراف على توزيع ٠٠٠‏,٣٠٠ نسخة هناك.‏ فذهب الاخ سانْدِرْلِن الى لندن،‏ فيما سافر الاخ بِندر شمالا الى أسكتلندا ثم تابع طريقه جنوبا.‏ ومُنحت المدن الاكبر انتباها رئيسيا.‏ وبواسطة اعلانات الصحف،‏ حُدِّدت اماكن رجال مقتدرين،‏ وصُنعت معهم عقود للترتيب من اجل ما يكفي من المساعدين كي يوزعوا حصتهم من النسخ.‏ فجُنِّد نحو ٥٠٠ موزع في لندن وحدها.‏ فجرى العمل بسرعة،‏ في يومَي احد متعاقبين.‏

      في تلك السنة عينها،‏ صُنعت ترتيبات من اجل تلاميذ الكتاب المقدس الذين يستطيعون ان يصرفوا بشكل مطلق نصف وقتهم او اكثر في عمل الرب لكي يصيروا موزعين جائلين للمطبوعات المساعدة على درس الكتاب المقدس.‏ وهؤلاء السابقون للمعروفين اليوم بالفاتحين حقَّقوا انتشارا رائعا حقا للبشارة.‏

      خلال العقد التالي،‏ اعدَّ الاخ رصل تنوُّعا من النشرات التي يمكن استعمالها بسهولة لنشر بعض حقائق الكتاب المقدس البارزة التي جرى تعلُّمها.‏ وكتب ايضا عدة مجلدات من الفجر الالفي (‏المعروفة لاحقا بـ‍ دروس في الاسفار المقدسة‏)‏.‏ ثم ابتدأ يقوم برحلات تبشيرية شخصية الى بلدان اخرى.‏

      رصل يسافر الى الخارج

      في السنة ١٨٩١ زار كندا،‏ حيث كان قد تولَّد منذ السنة ١٨٨٠ ما يكفي من الاهتمام ليُعقد الآن محفل في تورونتو حضره ٧٠٠.‏ وسافر ايضا الى اوروپا في السنة ١٨٩١ ليرى ما يمكن فعله لتعزيز انتشار الحق هناك.‏ وهذه الرحلة اخذته الى ايرلندا،‏ أسكتلندا،‏ انكلترا،‏ كثير من البلدان في القارة الاوروپية،‏ روسيا (‏المنطقة المعروفة الآن بمولدوڤا)‏،‏ والشرق الاوسط.‏

      فماذا استنتج من احتكاكه بالناس في هذه الرحلة؟‏ «لم نرَ ايّ انفتاح او ميل الى الحق في روسيا .‏ .‏ .‏ ولم نرَ ما يشجعنا على الرجاء بأيّ حصاد في ايطاليا او تركيا او النمسا او المانيا،‏» ذكر،‏ «لكنَّ النَّروج،‏ السويد،‏ الدنمارك،‏ سويسرا،‏ وخصوصا انكلترا،‏ ايرلندا،‏ وأسكتلندا،‏ هي حقول جاهزة وتنتظر الحصاد.‏ وهذه الحقول يبدو انها تصرخ،‏ تعالوا وساعدونا!‏» كان ذلك عصرا لا تزال فيه الكنيسة الكاثوليكية تحرّم قراءة الكتاب المقدس،‏ فيما كان كثيرون من الپروتستانت يهجرون كنائسهم،‏ وكان عدد ليس بقليل،‏ اذ خيَّبتهم الكنائس،‏ يرفضون الكتاب المقدس كليا.‏

      ولمساعدة اولئك الناس الذين كانوا جياعا روحيا،‏ بُذلت جهود مكثَّفة بعد رحلة الاخ رصل في السنة ١٨٩١ لترجمة المطبوعات بلغات اوروپا.‏ وصُنعت الترتيبات ايضا لطبع وخزن مؤن المطبوعات في لندن لكي تصير متوافرة للاستعمال بسهولة اكثر في بريطانيا.‏ وتبيَّن حقا ان الحقل البريطاني مستعد للحصاد.‏ فبحلول السنة ١٩٠٠،‏ كانت هنالك تسع جماعات ومجموع من ١٣٨ تلميذا للكتاب المقدس —‏ بينهم بعض موزعي المطبوعات الجائلين الغيورين.‏ وعندما زار الاخ رصل بريطانيا ثانية في السنة ١٩٠٣،‏ اجتمع ألف في ڠلاسكو ليستمعوا اليه يتكلم عن «الآمال والتوقعات الالفية،‏» حضر ٨٠٠ في لندن،‏ وحضر ٥٠٠ الى ٦٠٠ في البلدات الاخرى.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ تأكيدا لملاحظات الاخ رصل،‏ مرَّت ١٧ سنة بعد زيارته قبل ان تتشكل اول جماعة لتلاميذ الكتاب المقدس في ايطاليا،‏ في پينيرولو.‏ وماذا عن تركيا؟‏ في وقت متأخر من ثمانينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ كرز بازِل سْتِفانوڤ في مقدونيا،‏ في ما كان يُدعى آنذاك تركيا الاوروپية.‏ ومع ان البعض بدوا مهتمين،‏ قدَّم بعض الاشخاص الذين ادَّعوا انهم اخوة تقارير كاذبة،‏ مما ادَّى الى سجنه.‏ وليس حتى السنة ١٩٠٩ حدث ان وصلت رسالة من يوناني في سميرنا (‏الآن إزمير)‏،‏ تركيا،‏ تذكر ان فريقا هناك يدرس بتقدير مطبوعات برج المراقبة.‏ أما بالنسبة الى النمسا،‏ فقد رجع الاخ رصل نفسه في السنة ١٩١١ ليلقي خطابا في ڤيينا،‏ ولكن لتقاطِع الاجتماع مجموعة من الرعاع.‏ وفي المانيا ايضا،‏ كان التجاوب المتسم بالتقدير بطيء البروز.‏ ولكنَّ الإسكنديناڤيين اظهروا شعورا اقوى بحاجتهم الروحية.‏

      الإسكنديناڤيون يشاركون احدهم الآخر

      كان سويديون كثيرون يعيشون في اميركا.‏ وفي السنة ١٨٨٣ توافرت نسخة نموذجية من برج المراقبة مترجمة بالسويدية للتوزيع بينهم.‏ وسرعان ما وجدت هذه طريقها بالبريد الى الاصدقاء والاقرباء في السويد.‏ ولم تكن قد أُنتجت بعدُ اية مطبوعات نَروجية.‏ إلا انه،‏ في السنة ١٨٩٢،‏ السنة التي تلت رحلة الاخ رصل الى اوروپا،‏ رجع كْنوت پايدَرْسن هامر،‏ نَروجي تعلَّم الحق في اميركا،‏ شخصيا الى النَّروج ليشهد لاقربائه.‏

      ثم،‏ في السنة ١٨٩٤،‏ عندما ابتدأ نشر المطبوعات بالدنماركية والنَّروجية،‏ أُرسل سوفوس ڤينتر،‏ شاب دنماركي-‏اميركي في الـ‍ ٢٥ من العمر،‏ الى الدنمارك مع مخزون للتوزيع.‏ وبحلول الربيع التالي،‏ كان قد وزع ٥٠٠ مجلَّد من الفجر الالفي.‏ وفي غضون وقت قصير،‏ صار قليلون آخرون ممَّن قرأوا هذه المطبوعات يشتركون معه في العمل.‏ ومن المؤسف انه لاحقا لم يعد يدرك قيمة الامتياز الثمين الذي كان لديه؛‏ لكنَّ آخرين استمروا في جعل النور يضيء.‏

      ولكنَّ ڤينتر،‏ قبل ان يترك الخدمة،‏ قام بشيء من عمل موزعي المطبوعات الجائلين في السويد.‏ وبُعيد ذلك،‏ في بيت احد الاصدقاء في جزيرة ستوركو،‏ رأى اوڠُست لُوندْبورڠ،‏ نقيب شاب في جيش الخلاص،‏ مجلَّدين من الفجر الالفي.‏ فاستعارهما،‏ قرأهما بتوق،‏ استقال من الكنيسة،‏ وابتدأ يخبر الآخرين بما تعلَّمه.‏ وثمة شاب آخر،‏ پ.‏ ج.‏ يوهانسن،‏ تفتَّحت عيناه نتيجة لقراءة نشرة التقطها من على مقعد في منتزه.‏

      واذ ابتدأ الفريق السويدي ينمو،‏ ذهب البعض الى النَّروج لتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وحتى قبل ذلك،‏ وصلت المطبوعات الى النَّروج بالبريد من اقرباء في اميركا.‏ وبهذه الطريقة حدث ان راسموس بلينتهايم بدأ بخدمة يهوه.‏ وبين آخرين في النَّروج،‏ تلقَّى تيودور سايمونسن،‏ واعظ من «الارسالية الحرَّة،‏» الحق خلال تلك السنوات الباكرة.‏ وشرع يدحض تعليم نار الهاوية في خطاباته في «الارسالية الحرَّة.‏» فقفز الحضور على اقدامهم من الاثارة بسبب هذه الانباء الرائعة؛‏ ولكن عندما عُلم انه يقرأ «الفجر الالفي،‏» صُرف من الكنيسة.‏ إلا انه داوم على التكلم عن الامور الصالحة التي تعلَّمها.‏ والشاب الآخر الذي تسلَّم بعض المطبوعات كان اندرياس آسِت.‏ وحالما اقتنع بأنه وجد الحق،‏ ترك مزرعة العائلة وباشر عمل موزعي المطبوعات الجائلين.‏ ونظاميا،‏ شقَّ طريقه شمالا،‏ ثم جنوبا بمحاذاة الألسنة البحرية،‏ دون ان يتجاهل ايّ مجتمع سكاني.‏ وفي الشتاء كان يحمل مؤنه —‏ الطعام،‏ اللباس،‏ والمطبوعات —‏ على مزلج يُدفع بالقدم،‏ وكان الناس المضيافون يزوِّدونه بأماكن للنوم.‏ وفي رحلة دامت ثماني سنوات،‏ غطى تقريبا كامل البلد بالبشارة.‏

      وزوجة اوڠُست لُوندْبورڠ،‏ إِبّا،‏ ذهبت من السويد الى فنلندا لتقوم بعمل موزعي المطبوعات الجائلين في السنة ١٩٠٦.‏ وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ جلب رجال عائدون من الولايات المتحدة بعض مطبوعات برج المراقبة معهم وشرعوا يخبرون بما كانوا يتعلَّمونه.‏ وهكذا في غضون سنوات قليلة،‏ حصل اميل اوسترمَن،‏ الذي كان يتطلع الى شيء افضل مما تقدِّمه الكنائس،‏ على نظام الدهور الالهي.‏ واشترك فيه مع صديقه كارلو هارتِڤا،‏ الذي كان يبحث ايضا.‏ واذ ادرك هارتِڤا قيمة ما لديهما،‏ ترجمه بالفنلندية،‏ وبمساعدة اوسترمَن في التمويل،‏ رتَّب ان يُنشر.‏ ومعا شرعا يوزعانه.‏ واذ اعربا عن روح التبشير الاصيلة،‏ تحدثا الى الناس في الاماكن العامة،‏ قاما بالزيارات من بيت الى بيت،‏ وألقيا المحاضرات في قاعات استماع كبيرة كانت تمتلئ تماما من الحضور.‏ وفي هلسنكي،‏ بعد تشهير عقائد العالم المسيحي الباطلة،‏ دعا الاخ هارتِڤا الحضور الى استخدام الكتاب المقدس للدفاع عن معتقد خلود النفس،‏ اذا استطاعوا.‏ فتحولت كل الانظار الى رجال الدين الحاضرين.‏ فلم يتكلم احد؛‏ ولم يقدر احد ان يردَّ على العبارة الواضحة الموجودة في حزقيال ١٨:‏٤‏.‏ وقال بعض الحاضرين انهم لن يتمكَّنوا من النوم في تلك الليلة بعد ان سمعوا ذلك.‏

      بستاني متواضع يصير مبشرا في اوروپا

      في هذه الاثناء،‏ وبتشجيع من صديق مسنّ من مجدِّدي المعمودية،‏ غادر ادولف وايبر سويسرا الى الولايات المتحدة بحثا عن فهم اكمل للاسفار المقدسة.‏ وهناك،‏ تجاوبا مع احد الاعلانات،‏ صار بستانيا للاخ رصل.‏ وبمساعدة نظام الدهور الالهي (‏المتوافر آنذاك بالالمانية)‏ والاجتماعات التي كان يديرها الاخ رصل،‏ نال ادولف معرفة الكتاب المقدس التي كان يبحث عنها،‏ واعتمد في السنة ١٨٩٠.‏ لقد ‹استنارت عينا قلبه› حتى انه قدَّر فعلا الفرصة الكبيرة التي انفتحت امامه.‏ (‏افسس ١:‏١٨‏)‏ وبعد الشهادة بغيرة مدة من الوقت في الولايات المتحدة،‏ رجع الى مسقط رأسه ليباشر العمل «في كرم الرب» هناك.‏ وهكذا،‏ بحلول منتصف تسعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ عاد الى سويسرا ليشترك في حق الكتاب المقدس مع اولئك الذين قلوبهم متقبلة.‏

      كان ادولف يحصِّل معيشته كبستاني ومراقب احراج،‏ ولكنَّ اهتمامه الاول كان التبشير.‏ فكان يشهد للذين يعمل معهم،‏ وكذلك للناس في البلدات والقرى السويسرية المجاورة.‏ وكان يعرف عدة لغات،‏ فاستعمل هذه المعرفة ليترجم مطبوعات الجمعية بالفرنسية.‏ وعندما يأتي الشتاء كان يملأ حقيبته التي تُحمل على الظهر بمطبوعات الكتاب المقدس ويمشي الى فرنسا،‏ وأحيانا كان يسافر نحو الشمال الغربي الى بلجيكا وجنوبا الى ايطاليا.‏

      ولبلوغ الناس الذين قد لا يتصل بهم شخصيا،‏ نشر اعلانات في الصحف والمجلات،‏ لافتا الانتباه الى المطبوعات المتوافرة لدرس الكتاب المقدس.‏ فتجاوب ايلي تايرون،‏ في فرنسا الوسطى،‏ مع احد الاعلانات،‏ ميَّز رنة الحق في ما قرأه،‏ وسرعان ما بدأ هو نفسه بنشر الرسالة.‏ وجان باتيست تيلمان،‏ الاب،‏ في بلجيكا،‏ رأى ايضا احد الاعلانات في السنة ١٩٠١ وحصل على مجلَّدين من الفجر الالفي.‏ ويا لبهجة رؤيته حق الكتاب المقدس معروضا بوضوح الى هذا الحد!‏ فكيف يمكن ان يحجم عن إخبار اصدقائه!‏ وبحلول السنة التالية،‏ كان فريق درس يجتمع قانونيا في بيته.‏ وبعد ذلك بوقت قصير صار نشاط هذا الفريق الصغير ينتج ثمرا حتى في شمالي فرنسا.‏ أما الاخ وايبر فبقي على اتصال بهم،‏ قائما دوريا بزيارة الفرق المختلفة التي تطوَّرت،‏ بانيا اياهم روحيا ومانحا اياهم الارشادات حول كيفية الاشتراك في البشارة مع الآخرين.‏

      عندما بلغت البشارة المانيا

      بعد وقت قصير من ابتداء ظهور بعض المطبوعات بالالمانية،‏ في منتصف ثمانينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ ابتدأ الالمان-‏الاميركيون الذين قدَّروها يرسلون نسخا الى الاقرباء في مسقط رأسهم.‏ ووزَّعت ممرضة تعمل في مستشفى في هامبورڠ على آخرين في المستشفى نسخا من الفجر الالفي‏.‏ وفي السنة ١٨٩٦ كان ادولف وايبر،‏ في سويسرا،‏ ينشر اعلانات في الصحف التي تصدر باللغة الالمانية ويرسل النشرات بالبريد الى المانيا.‏ وفي السنة التالية افتُتح في المانيا مستودع مطبوعات لتسهيل توزيع الطبعة الالمانية من برج المراقبة،‏ لكنَّ النتائج كانت بطيئة.‏ إلا انه في السنة ١٩٠٢ انتقلت مرڠريت دايموت،‏ التي تعلَّمت الحق في سويسرا،‏ الى تايلفينڠن،‏ شرقي الغابة السوداء.‏ فساعدت شهادتها الشخصية الغيورة على وضع الاساس لاحدى فرق تلاميذ الكتاب المقدس الباكرة في المانيا.‏ وانتقل سامْويل لوپر،‏ من سويسرا،‏ الى برڠيشز لاند،‏ شمال شرق كولون،‏ لينشر البشارة في تلك المنطقة.‏ وبحلول السنة ١٩٠٤،‏ كانت الاجتماعات تُعقد هناك في ڤيرملسْكيرخِن.‏ وكان بين الحاضرين رجل يبلغ الـ‍ ٨٠ من العمر،‏ ڠوتليپ پَس،‏ الذي كان يبحث عن الحق.‏ وعلى فراش موته،‏ ليس طويلا بعد ابتداء تلك الاجتماعات،‏ امسك پَس بمجلة برج المراقبة وقال:‏ «هذا هو الحق؛‏ تمسكوا به.‏»‏

      ازداد تدريجيا عدد المهتمين بحقائق الكتاب المقدس هذه.‏ وعلى الرغم من الكلفة الكبيرة،‏ صُنعت الترتيبات لادراج نسخ نموذجية مجانية من برج المراقبة في الصحف في المانيا.‏ ونُشر تقرير في السنة ١٩٠٥ يقول ان اكثر من ٠٠٠‏,٥٠٠‏,١ نسخة من نماذج برج المراقبة هذه قد وُزِّع.‏ فكان ذلك انجازا عظيما بالنسبة الى فريق صغير جدا.‏

      لم يشعر جميع تلاميذ الكتاب المقدس انه ببلوغ الناس القريبين من بيوتهم ينجزون كل ما هو ضروري.‏ فقديما في السنة ١٩٠٧ قام الاخ ايرلر،‏ من المانيا،‏ برحلات الى بوهيميا في ما كان آنذاك النمسا-‏المجر (‏لاحقا صارت جزءا من تشيكوسلوڤاكيا)‏.‏ فوزَّع مطبوعات تحذِّر من هرمجدون وتخبر بالبركات التي سينالها الجنس البشري بعد ذلك.‏ وبحلول السنة ١٩١٢ وزَّع شخص آخر من تلاميذ الكتاب المقدس مطبوعات الكتاب المقدس في منطقة مَيْمل،‏ في ما هو الآن ليثوانيا.‏ فتجاوب كثيرون بحماسة مع الرسالة،‏ وتشكَّلت هناك بسرعة عدة فرق كبيرة الى حد ما من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ عندما علموا ان المسيحيين الحقيقيين يجب ان يكونوا ايضا شهودا،‏ ابتدأت اعدادهم تتضاءل.‏ إلا ان قليلين برهنوا انهم متمثلون حقيقيون بالمسيح،‏ «الشاهد الامين الصادق.‏» —‏ رؤيا ٣:‏١٤‏.‏

      ونيكولاوس فون تورنُو،‏ بارون الماني ذو املاك كثيرة في روسيا،‏ عندما كان في سويسرا نحو السنة ١٩٠٧،‏ تسلَّم احدى نشرات جمعية برج المراقبة.‏ وبعد سنتين ظهر في جماعة برلين،‏ في المانيا،‏ مرتديا افضل لباس لديه ويرافقه خادمه الشخصي.‏ ولزمه بعض الوقت ليقدِّر سبب استئمان اللّٰه شعبا متواضعا كهذا على حقائق لا تقدَّر بثمن،‏ لكنَّ ما قرأه في ١ كورنثوس ١:‏​٢٦-‏٢٩ كان مساعدا:‏ «انظروا دعوتكم ايها الاخوة أن ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون اقوياء ليس كثيرون شرفاء .‏ .‏ .‏ لكي لا يفتخر كل ذي جسد امامه [اللّٰه].‏» واذ اقتنع بأنه وجد الحق،‏ باع فون تورنُو املاكه في روسيا ووقف نفسه وموارده لتعزيز مصالح العبادة النقية.‏

      وفي السنة ١٩١١،‏ عندما تزوج الفتى والفتاة الالمانيان،‏ آل هِرْكِنْدِل،‏ طلبت العروس من ابيها مالا،‏ كهدية،‏ لشهر عسل غير اعتيادي.‏ فكانت هي وزوجها يفكِّران في القيام برحلة مضنية تستغرق اشهرا عديدة.‏ وكان شهر عسلهما رحلة كرازية الى روسيا لبلوغ الناس الناطقين بالالمانية هناك.‏ وهكذا بطرائق عديدة اشترك اناس من كل الانواع مع الآخرين في ما تعلَّموه عن قصد اللّٰه الحبي.‏

      النمو في الحقل البريطاني

      بعد توزيع كثيف للمطبوعات في بريطانيا في السنة ١٨٨١،‏ رأى بعض روَّاد الكنائس الحاجة الى العمل وفق ما تعلَّموه.‏ وكان توم هارت من إزْلينڠتُن،‏ لندن،‏ احد الذين تأثروا بمشورة برج المراقبة المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ «اخرجوا منها يا شعبي» —‏ اي اخرجوا من كنائس العالم المسيحي البابلية واتَّبعوا تعليم الكتاب المقدس.‏ (‏رؤيا ١٨:‏٤‏)‏ فاستقال من الكنيسة في السنة ١٨٨٤،‏ وتبعه عدد من الآخرين.‏

      وكثيرون ممَّن عاشروا فرق الدرس صاروا مبشرين فعَّالين.‏ فكان البعض يقدِّمون مطبوعات الكتاب المقدس في منتزهات لندن والاماكن الاخرى حيث يطلب الناس الراحة.‏ وكان آخرون يركِّزون على الاماكن التجارية.‏ ولكنَّ الطريقة المعتادة اكثر كانت الزيارات من بيت الى بيت.‏

      كتبت سارة فيرّي،‏ مشتركة في برج المراقبة،‏ الى الاخ رصل تقول انها هي وعدة اصدقاء في ڠلاسكو يرغبون في التطوع للاشتراك في توزيع النشرات.‏ ويا لها من مفاجأة عندما توقفت شاحنة عند بابها تحمل ٠٠٠‏,٣٠ كراس،‏ لتوزَّع جميعها مجانا!‏ فبدأوا بالعمل.‏ وميني ڠرينليز،‏ مع ابنائها الاحداث الثلاثة،‏ بواسطة عربة خفيفة يجرها حصان للتنقل،‏ جاهدت من اجل توزيع مطبوعات الكتاب المقدس في الريف الأسكتلندي.‏ ولاحقا،‏ اذ سافر ألفرِد ڠرينليز وألكسندر ماڠيلِڤْراي على دراجتين،‏ وزَّعا النشرات في معظم انحاء أسكتلندا.‏ وبدلا من دفع المال الى الآخرين لتوزيع المطبوعات،‏ كان هنالك الآن متطوعون منتذرون ينجزون العمل شخصيا.‏

      قلوبهم دفعتهم

      في احد امثاله،‏ قال يسوع ان الناس الذين ‹يسمعون كلمة اللّٰه بقلب جيد صالح› يُثمرون.‏ فالتقدير المخلص لتدابير اللّٰه الحبية يدفعهم الى الاشتراك مع الآخرين في البشارة عن ملكوت اللّٰه.‏ (‏لوقا ٨:‏​٨،‏ ١١،‏ ١٥‏)‏ وبصرف النظر عن ظروفهم،‏ يجدون وسيلة لفعل ذلك.‏

      وهكذا من بحَّار ايطالي كان ان مسافرا ارجنتينيا حصل على كمية من الكراس طعام للمسيحيين المفكرين.‏ وفيما هو في المرفإ في الپيرو،‏ كتب المسافر من اجل المزيد،‏ وباهتمام متزايد كتب ثانية،‏ من الارجنتين في السنة ١٨٨٥،‏ الى رئيس تحرير برج المراقبة ليطلب مطبوعات.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ اخذ عضو في البحرية البريطانية،‏ كان قد أُرسل مع سريته المدفعية الى سنڠافورة،‏ برج المراقبة معه.‏ فكان مسرورا بما تعلَّمه من المجلة واستخدمها بحرية هناك لاعلان نظرة الكتاب المقدس في ما يتعلق بالمواضيع التي كانت مسألة نقاش عام.‏ وفي السنة ١٩١٠ رست سفينة في المرفإ في كولومبو،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ وعلى متنها امرأتان مسيحيتان كانتا مسافرتين.‏ فاغتنمتا الفرصة لتشهدا للسيد ڤان تْوِست،‏ مدير الشحن في المرفإ.‏ وتحدثتا اليه بحماس عن الامور الجيدة التي تعلَّمتاها من كتاب نظام الدهور الالهي.‏ ونتيجة لذلك،‏ صار السيد ڤان تْوِست تلميذا للكتاب المقدس،‏ وأخذت الكرازة بالبشارة تتقدَّم في سْري لانكا.‏

      وحتى اولئك الذين كانوا غير قادرين على السفر بحثوا عن طرائق لاخبار الناس في البلدان الاخرى بحقائق الكتاب المقدس المبهجة.‏ وكما كُشف برسالة تقدير نُشرت في السنة ١٩٠٥،‏ كان شخص ما في الولايات المتحدة قد ارسل نظام الدهور الالهي الى رجل في سانت توماس،‏ في ما كان آنذاك جزر الهند الغربية الدنماركية.‏ وبعد ان قرأه جثا المتسلِّم وعبَّر عن رغبته المخلصة ان يستخدمه اللّٰه في فعل مشيئته.‏ وفي السنة ١٩١١،‏ اشارت بِلونا فِرْڠَسُن في البرازيل الى حالتها بأنها «برهان ايجابي حي على انه ما من احد ابعد من الوصول اليه» بمياه الحق.‏ فكما يتضح كانت تتسلَّم مطبوعات الجمعية بالبريد منذ السنة ١٨٩٩.‏ وفي وقت ما قبل الحرب العالمية الاولى،‏ وجد مهاجر الماني في پاراڠواي احدى نشرات الجمعية في صندوقه البريدي.‏ فطلب المزيد من المطبوعات وسرعان ما قطع صلاته بكنائس العالم المسيحي.‏ واذ لم يكن هنالك شخص آخر في البلد ليقوم بذلك،‏ قرَّر هو وأخو زوجته ان يعمِّدا احدهما الآخر.‏ حقا،‏ أُعطيت الشهادة في اقصى الارض،‏ وكانت مثمرة.‏

      لكنَّ آخرين من تلاميذ الكتاب المقدس شعروا بالاندفاع الى السفر الى المكان الذي وُلدوا فيه هم او والدوهم كي يخبروا الاصدقاء والاقرباء عن قصد يهوه الرائع وكيفية الاشتراك فيه.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٨٩٥،‏ رجع الاخ اولِشْزاينْسكي الى پولندا ومعه البشارة عن «الفدية،‏ الردّ والدعوة العليا»؛‏ لكنه،‏ للاسف،‏ لم يحتمل في تلك الخدمة.‏ وفي السنة ١٨٩٨ غادر كندا پروفسور سابق،‏ هنڠاري،‏ لينشر رسالة الكتاب المقدس الملحة في موطنه.‏ وفي السنة ١٩٠٥ رجع الى اليونان رجل كان قد صار تلميذا للكتاب المقدس في اميركا لكي يشهد.‏ وفي السنة ١٩١٣ حمل شاب بزور حق الكتاب المقدس من نيويورك عائدا الى موطن عائلته،‏ رام اللّٰه،‏ ليس بعيدا عن اورشليم.‏

      افتتاح منطقة البحر الكاريبي

      فيما كان عدد المبشرين ينمو في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وأوروپا،‏ ابتدأ حق الكتاب المقدس ايضا يترسخ في پاناما،‏ كوستاريكا،‏ ڠِييانا الهولندية (‏الآن سورينام)‏،‏ وڠِييانا البريطانية (‏الآن ڠَيانا)‏.‏ جوزيف بْراثْوايت،‏ الذي كان في ڠِييانا البريطانية عندما جرت مساعدته على فهم قصد اللّٰه،‏ غادر الى باربادوس في السنة ١٩٠٥ ليخصِّص وقته الكامل لتعليمه الناس هناك.‏ لويس فايسي و ه‍.‏ پ.‏ كلارك،‏ اللذان سمعا البشارة عندما كانا يعملان في كوستاريكا،‏ عادا الى جامايكا في السنة ١٨٩٧ ليخبرا بايمانهما المكتشف حديثا بين شعبهما.‏ وأولئك الذين اعتنقوا الحق هناك كانوا عاملين غيورين.‏ وفي السنة ١٩٠٦ وحدها،‏ وزَّع الفريق في جامايكا نحو ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ نشرة ومطبوعة اخرى.‏ وعاد عامل مهاجر آخر،‏ كان قد تعلَّم الحق في پاناما،‏ الى ڠرانادا حاملا رسالة رجاء الكتاب المقدس.‏

      والثورة في المكسيك في ١٩١٠-‏١٩١١ كانت عاملا آخر في جلب رسالة ملكوت اللّٰه الى الاشخاص الجياع الى الحق.‏ فكثيرون من الناس هربوا شمالا الى الولايات المتحدة.‏ وهناك اتصل بعضهم بتلاميذ الكتاب المقدس،‏ تعلَّموا عن قصد يهوه ان يجلب سلاما دائما للجنس البشري،‏ وأرسلوا مطبوعات الى المكسيك.‏ ولكن،‏ لم تكن هذه المرة الاولى التي تبلغ فيها هذه الرسالة المكسيك.‏ فقديما في السنة ١٨٩٣،‏ نشرت برج المراقبة رسالة من ف.‏ دي پ.‏ ستيڤنسُن،‏ من المكسيك،‏ الذي كان قد قرأ بعض مطبوعات جمعية برج المراقبة وأراد ان يحصل على المزيد لكي يخبر اصدقاءه في المكسيك وأوروپا على السواء.‏

      ولافتتاح المزيد من بلدان البحر الكاريبي امام الكرازة بحق الكتاب المقدس ولتنظيم اجتماعات قانونية للدرس،‏ ارسل الاخ رصل إ.‏ ج.‏ كاوارد الى پاناما في السنة ١٩١١ ثم الى الجزر.‏ كان الاخ كاوارد خطيبا مشدِّدا في كلامه ومؤثرا،‏ وكان الحضور يتدفقون بالمئات تكرارا لكي يسمعوا محاضراته التي تدحض عقيدتي نار الهاوية وخلود النفس البشرية،‏ والتي تخبر ايضا بمستقبل مجيد للارض.‏ وتنقَّل من بلدة الى بلدة،‏ ومن جزيرة الى اخرى —‏ سانت لوسيا،‏ دومينيكا،‏ سانت كيتس،‏ باربادوس،‏ ڠرانادا،‏ وترينيداد —‏ بالغا اكبر عدد ممكن من الناس.‏ وخطب ايضا في ڠِييانا البريطانية.‏ وفيما كان في پاناما التقى و.‏ ر.‏ براون،‏ اخ شاب غيور من جامايكا،‏ الذي خدم لاحقا مع الاخ كاوارد في عدد من جزر البحر الكاريبي.‏ وفي ما بعد،‏ ساعد الاخُ براون على افتتاح حقول اخرى ايضا.‏

      في السنة ١٩١٣،‏ خطب الاخ رصل نفسه في پاناما،‏ كوبا،‏ وجامايكا.‏ وامتلأت قاعتا استماع من اجل محاضرة عامة ألقاها في كينڠزتون،‏ جامايكا،‏ ووجب ايضا منع نحو ٠٠٠‏,٢ شخص من الدخول لسبب ضيق المكان.‏ وعندما لم يقل الخطيب شيئا عن المال وعندما لم تؤخذ اية لمَّة،‏ لاحظت الصحافة ذلك.‏

      نور الحق يبلغ افريقيا

      وافريقيا ايضا اخترقها نور الحق خلال هذه الفترة.‏ فقد كشفت رسالة مرسلة من لَيبيريا في السنة ١٨٨٤ ان قارئا للكتاب المقدس هناك حصل على نسخة من طعام للمسيحيين المفكرين وأراد المزيد لتوزيعه على الآخرين.‏ وبعد ذلك بسنوات قليلة،‏ أُخبر ان رجل دين في لَيبيريا ترك منبره لكي يكون حرا لتعليم حقائق الكتاب المقدس التي كان يتعلَّمها بمساعدة برج المراقبة وأن اجتماعات قانونية يعقدها هناك فريق من تلاميذ الكتاب المقدس.‏

      وأخذ قَس من هولندا في الكنيسة المُصلَحة الهولندية بعض مطبوعات ت.‏ ت.‏ رصل معه عندما أُرسل الى جنوب افريقيا في السنة ١٩٠٢.‏ ومع انه لم يستفد منها بشكل دائم،‏ إلا ان فرانس آيْبِرْسُن و سْتوفِل فُوري،‏ اللذين رأيا المطبوعات في مكتبته،‏ استفادا منها.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ تعزَّزت الصفوف في ذلك الجزء من الحقل عندما هاجر اثنان من تلاميذ الكتاب المقدس الغيورين من أسكتلندا الى دوربان،‏ جنوب افريقيا.‏

      من المؤسف انه بين اولئك الذين حصلوا على المطبوعات التي كتبها الاخ رصل ثم علَّموا آخرين شيئا منها،‏ كان هنالك قليلون،‏ مثل جوزيف بوث وإيليوت كَمْوانا،‏ ممَّن ادخلوا افكارهم الخاصة،‏ التي كانت مصمَّمة للتحريض على التغيير الاجتماعي.‏ وبالنسبة الى بعض المراقبين في جنوب افريقيا ونياسالَنْد (‏لاحقا ملاوي)‏،‏ مال ذلك الى تشويش هوية تلاميذ الكتاب المقدس الحقيقيين.‏ ومع ذلك كان كثيرون يسمعون ويُظهرون التقدير للرسالة التي لفتت الانتباه الى ملكوت اللّٰه بصفته الحل لمشاكل الجنس البشري.‏

      أما في ما يتعلق بالانتشار الواسع للكرازة في افريقيا،‏ فكان ذلك لا يزال في المستقبل.‏

      الى المشرق وجزر الپاسيفيك

      بُعيد توزيع مطبوعات الكتاب المقدس التي اعدَّها ت.‏ ت.‏ رصل في بريطانيا اولا،‏ وصلت ايضا الى المشرق.‏ ففي السنة ١٨٨٣،‏ تسلَّمت الآنسة سي.‏ ب.‏ داونينڠ،‏ مرسلة مشيخية في جِفو (‏يَنْتاي)‏،‏ الصين،‏ نسخة من برج المراقبة.‏ فقدَّرت ما تعلَّمته عن الردّ وأعطت المطبوعة لمرسلين آخرين،‏ بمن فيهم هورِس راندِل،‏ المقترن بمجلس الارسالية المعمدانية.‏ ولاحقا اثار اهتمامَه اكثر اعلانٌ عن الفجر الالفي ظهر في تايمز اللندنية،‏ وتبعت ذلك نسختان من الكتاب نفسه —‏ واحدة من الآنسة داونينڠ وأخرى ارسلتها امه في انكلترا.‏ في البداية،‏ صدمه ما قرأه.‏ ولكن حالما اقتنع بأن الثالوث ليس تعليما للكتاب المقدس،‏ استقال من الكنيسة المعمدانية وشرع يخبر المرسلين الآخرين بما تعلَّمه.‏ وفي السنة ١٩٠٠ أَخبر انه ارسل ٣٢٤‏,٢ رسالة ونحو ٠٠٠‏,٥ نشرة الى المرسلين في سَيام (‏تايلند)‏،‏ الصين،‏ كوريا،‏ واليابان.‏ وفي ذلك الحين كان ان الشهادة أُعطيت بشكل رئيسي لمرسلي العالم المسيحي في المشرق.‏

      خلال فترة الوقت عينها هذه،‏ زُرعت بزور الحق ايضا في اوستراليا ونيوزيلندا.‏ وأول هذه «البزور» التي وصلت الى اوستراليا ربما اخذها الى هناك في السنة ١٨٨٤ او بُعيد ذلك رجل اقترب اليه اولا احد تلاميذ الكتاب المقدس في منتزه في انكلترا.‏ وأتت «بزور» اخرى بالبريد من اصدقاء وأقرباء وراء البحار.‏

      وفي غضون سنوات قليلة بعد تشكُّل الكومُنْولث الاوسترالي في السنة ١٩٠١،‏ صار مئات الاشخاص هناك مشتركين في برج المراقبة.‏ ونتيجة لنشاط اولئك الذين ادركوا امتياز اخبار الآخرين الحق،‏ أُرسلت آلاف النشرات الى الناس الذين كانت اسماؤهم في اللوائح الانتخابية.‏ ووُزِّع المزيد في الشوارع،‏ وقُذفت حُزَم منها عبر نوافذ القطارات الى العمال وساكني الاكواخ المنعزلين في المناطق النائية على طول خطوط السكة الحديدية.‏ وجرى اشعار الناس بالنهاية الوشيكة لازمنة الامم في السنة ١٩١٤.‏ وآرثر وليمز،‏ الاب،‏ تحدث عن ذلك الى جميع الزبائن في متجره في اوستراليا الغربية ودعا المهتمين الى بيته من اجل مناقشات اضافية.‏

      أما مَن وصل الى نيوزيلندا اولا ومعه حق الكتاب المقدس فليس معروفا الآن.‏ ولكن بحلول السنة ١٨٩٨،‏ كان أندرو أندرسون،‏ احد سكان نيوزيلندا،‏ قد قرأ ما يكفي من مطبوعات برج المراقبة ليندفع الى نشر الحق هناك كموزع جائل للمطبوعات.‏ وعزَّز جهوده في السنة ١٩٠٤ موزعون جائلون للمطبوعات آخرون اتوا من اميركا ومن مكتب فرع الجمعية الذي كان قد تأسس في تلك السنة نفسها في اوستراليا.‏ وقبلت السيدة توماس باري،‏ في كنيسة المسيح،‏ ستة مجلَّدات من دروس في الاسفار المقدسة من احد موزعي المطبوعات الجائلين.‏ فقرأها ابنها بيل في السنة ١٩٠٩ في خلال رحلة بالمركب لستة اسابيع الى انكلترا وأدرك صدق ما تحتويه.‏ وبعد سنوات صار ابنه لويد عضوا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏

      وكان بين العاملين الغيورين في تلك الايام الباكرة أد نلسون،‏ الذي،‏ مع انه لم يكن لبقا جدا،‏ خصَّص وقته الكامل طوال ٥٠ سنة لنشر رسالة الملكوت من الطرف الشمالي في نيوزيلندا الى الجنوب.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ انضم اليه فرانك ڠروڤ،‏ الذي نمَّى ذاكرته للتعويض عن البصر الضعيف والذي خدم ايضا كفاتح طوال اكثر من ٥٠ سنة حتى موته.‏

      جولة عالمية لتعزيز الكرازة بالبشارة

      بُذل جهد كبير اضافي في ١٩١١-‏١٩١٢ لمساعدة الناس في المشرق.‏ فقد ارسلت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم لجنة من سبعة رجال،‏ برئاسة ت.‏ ت.‏ رصل،‏ لتفحُّص الاحوال هناك مباشرة.‏ وحيثما ذهبوا كانوا يتكلمون عن قصد اللّٰه ان يجلب البركات للجنس البشري بواسطة الملكوت المسيَّاني.‏ وأحيانا كان مستمعوهم قليلي العدد،‏ ولكن في الفيليپين وفي الهند كان هنالك الآلاف.‏ وهم لم يوافقوا على الحملة الشائعة آنذاك في العالم المسيحي لجمع الاموال من اجل هداية العالم.‏ وكان تعليقهم ان معظم جهود مرسلي العالم المسيحي تُبذل لترويج الثقافة الدنيوية.‏ لكنَّ الاخ رصل كان مقتنعا بأن ما يلزم الناس هو «انجيل تدبير اللّٰه الحبي لملكوت المسيَّا القادم.‏» وبدلا من توقع هداية العالم،‏ فهم تلاميذ الكتاب المقدس من الاسفار المقدسة ان ما كان يجب فعله آنذاك هو تقديم شهادة وأن ذلك كان سيعمل على تجميع «نخبة قليلة من جميع الامم،‏ الشعوب،‏ القبائل والالسنة من اجل العضوية في صف عروس [المسيح] —‏ ليجلسوا معه في عرشه خلال الالف السنة،‏ متعاونين في عمل تحسين حالة الجنس البشري ككل.‏»‏a —‏ رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ١٤:‏​١-‏٥‏.‏

      بعد قضاء وقت في اليابان،‏ الصين،‏ الفيليپين،‏ وأمكنة اخرى،‏ اجتاز اعضاء اللجنة ٠٠٠‏,٤ ميل (‏٤٠٠‏,٦ كلم)‏ اضافي من السفر في الهند.‏ وقديما في السنة ١٨٨٧ قرأ بعض الافراد الساكنين في الهند مطبوعات الجمعية وكتبوا رسائل تعبيرا عن تقديرهم لها.‏ وجرى القيام بشهادة فعَّالة ايضا بين الناس الناطقين بالتاميلية منذ السنة ١٩٠٥ بواسطة شاب كان،‏ كتلميذ في اميركا،‏ قد التقى الاخ رصل وتعلَّم الحق.‏ وهذا الشاب ساعد على تأسيس نحو ٤٠ فريقا لدرس الكتاب المقدس في جنوب الهند.‏ ولكن،‏ بعد ان كرز للآخرين،‏ صار هو نفسه مرفوضا اذ هجر المقاييس المسيحية.‏ —‏ قارنوا ١ كورنثوس ٩:‏​٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      ومن جهة اخرى،‏ وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ أُرسل الى أ.‏ ج.‏ جوزيف،‏ من تراڤنكور (‏كيرالا)‏،‏ ردا على سؤال بعثه بالبريد الى مجيئي بارز،‏ مجلَّد من دروس في الاسفار المقدسة.‏ هنا وجد اجوبة من الاسفار المقدسة مانحة الاكتفاء عن اسئلته المتعلقة بالثالوث.‏ وسرعان ما خرج هو وآخرون من اعضاء العائلة الى حقول الارزّ ومزارع جوز الهند في جنوب الهند يخبرون بمعتقداتهم المكتشفة حديثا.‏ وبعد زيارة الاخ رصل في السنة ١٩١٢،‏ شرع الاخ جوزيف في الخدمة كامل الوقت.‏ وسافر بالقطار،‏ على عربة يجرها ثور،‏ بالمركب،‏ وسيرا على القدمين لتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وعندما كان يلقي المحاضرات العامة،‏ غالبا ما كان يقاطعها رجال الدين وأتباعهم.‏ وفي كُندَرا،‏ عندما كان رجل دين «مسيحي» يستخدم أتباعه لمقاطعة اجتماع كهذا ولقذف الاخ جوزيف بالروث،‏ جاء سيد هندوسي ذو نفوذ ليرى ما سبب هذه الضجة.‏ فسأل رجلَ الدين:‏ ‹هل هذا هو المثال الذي رسمه المسيح للمسيحيين ليتبعوه،‏ ام ان ما تفعله هو مثل سلوك الفريسيين في زمن يسوع؟‏› فانسحب رجل الدين.‏

      وقبل انتهاء الجولة العالمية التي قامت بها لجنة جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم طوال اربعة اشهر،‏ رتَّب الاخ رصل ان يكون ر.‏ ر.‏ هوليستر ممثل الجمعية في المشرق وأن يتابع نشر رسالة تدبير اللّٰه الحبي للملكوت المسيَّاني بين الشعوب هناك.‏ فأُعدَّت نشرات خصوصية بعشر لغات،‏ وقام موزعون محليون بتوزيع ملايين منها في كل انحاء الهند،‏ الصين،‏ اليابان،‏ وكوريا.‏ ثم تُرجمت الكتب بأربع من هذه اللغات لتزويد مزيد من الطعام الروحي لاولئك الذين يظهرون الاهتمام.‏ هنا حقل واسع،‏ وبقي الكثير لانجازه.‏ ومع ذلك،‏ فان ما أُنجز حتى ذلك الحين كان مذهلا حقا.‏

      تقديم شهادة مؤثرة

      قبل الخراب الذي سبَّبته الحرب العالمية الاولى،‏ قُدِّمت شهادة واسعة حول العالم.‏ فقد قام الاخ رصل برحلات خطابية الى مئات المدن في الولايات المتحدة وكندا،‏ وشرع في رحلات متكررة الى اوروپا،‏ وقدَّم خطابات في پاناما،‏ جامايكا،‏ وكوبا،‏ وكذلك في مدن المشرق الرئيسية.‏ وعشرات الآلاف من الاشخاص استمعوا شخصيا الى محاضراته المثيرة المؤسسة على الكتاب المقدس وكانوا يراقبون فيما كان يجيب علنا من الاسفار المقدسة عن الاسئلة التي يطرحها الاصدقاء والاعداء على السواء.‏ وهكذا أُثير اهتمام كبير،‏ ونشرت آلاف الصحف في اميركا،‏ اوروپا،‏ جنوب افريقيا،‏ وأوستراليا قانونيا مواعظ الاخ رصل.‏ ووزَّع تلاميذ الكتاب المقدس ملايين الكتب،‏ وكذلك مئات الملايين من النشرات والمطبوعات الاخرى بـ‍ ٣٥ لغة.‏

      ومع ان دوره كان بارزا،‏ لم يكن الاخ رصل الشخص الوحيد الذي قام بالكرازة.‏ فآ‌خرون ايضا،‏ اذ كانوا متشتتين حول الكرة الارضية،‏ كانوا يوحِّدون اصواتهم كشهود ليهوه ولابنه،‏ يسوع المسيح.‏ وأولئك الذين شاركوا لم يكونوا جميعا خطباء عامين.‏ فقد اتوا من كل مسالك الحياة،‏ واستخدموا كل وسيلة ملائمة تحت تصرفهم لنشر البشارة.‏

      وفي كانون الثاني ١٩١٤،‏ قبل نهاية ازمنة الامم بأقل من سنة،‏ شُنَّت حملة شهادة مكثَّفة اخرى ايضا.‏ وهذه هي «رواية الخلق المصوَّرة،‏» التي شدَّدت بطريقة جديدة على قصد اللّٰه للارض.‏ وقد فعلت ذلك بواسطة صور منزلقة ملوَّنة مرسومة باليد بشكل جميل وصور متحركة متزامنة مع الصوت.‏ والصحافة العامة في الولايات المتحدة اخبرت ان حضورا يبلغ مجموعه مئات الآلاف كانوا يشاهدونها اسبوعيا عبر البلد.‏ وبحلول نهاية السنة الاولى،‏ بلغ مجموع الحضور في الولايات المتحدة وكندا ما يقارب الثمانية ملايين.‏ وفي لندن،‏ انكلترا،‏ تدفقت الجموع الى دار الاوپرا وقاعة ألبرت الملكية لمشاهدة هذا العرض المؤلَّف من اربعة اجزاء كل جزء لمدة ساعتين.‏ وفي غضون نصف سنة،‏ كان اكثر من ٠٠٠‏,٢٢٦‏,١ في ٩٨ مدينة في الجزر البريطانية قد حضروا.‏ والجموع في المانيا وسويسرا ملأوا القاعات المتوافرة.‏ وشاهدها ايضا حضور كبير في إسكنديناڤيا وجنوب الپاسيفيك.‏

      يا للشهادة العالمية المكثَّفة الرائعة التي قُدِّمت خلال تلك العقود الباكرة من التاريخ الحديث لشهود يهوه!‏ ولكنَّ العمل كان حقا في مجرد البداية.‏

      بضع مئات فقط اشتركوا بنشاط في نشر حق الكتاب المقدس في اوائل ثمانينات الـ‍ ١٨٠٠.‏ وبحلول السنة ١٩١٤،‏ استنادا الى التقارير المتوافرة،‏ كان هنالك نحو ١٠٠‏,٥ يساهمون في العمل.‏ والآخرون ربما وزَّعوا بين حين وآخر بعض النشرات.‏ وكان العاملون قليلين نسبيا.‏

      وبحلول الجزء الاخير من السنة ١٩١٤،‏ كان فريق المبشرين الصغير هذا قد نشروا،‏ بطرائق متنوعة،‏ مناداتهم بملكوت اللّٰه في ٦٨ بلدا.‏ وعملهم ككارزين ومعلِّمين بكلمة اللّٰه كان مؤسسا بشكل ثابت تماما في ٣٠ بلدا منها.‏

      ملايين الكتب ومئات الملايين من النشرات وُزِّعت قبل انتهاء ازمنة الامم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ بحلول السنة ١٩١٣،‏ كانت هنالك ٠٠٠‏,٢ صحيفة تنشر قانونيا المواعظ التي يُعدُّها ت.‏ ت.‏ رصل،‏ وفي السنة ١٩١٤،‏ شاهد حضور يبلغ مجموعه اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٩ شخص في ثلاث قارات «رواية الخلق المصوَّرة.‏»‏

      حقا،‏ قُدِّمت شهادة مذهلة!‏ ولكن كان هنالك اكثر بكثير سيأتي بعد.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a يَظهر تقرير كامل عن هذه الجولة العالمية في برج المراقبة ١٥ نيسان ١٩١٢ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٠٥]‏

      ألقى ت.‏ ت.‏ رصل شخصيا محاضرات من الكتاب المقدس في اكثر من ٣٠٠ مدينة (‏في المناطق المشار اليها بنُقَط)‏ في اميركا الشمالية والبحر الكاريبي —‏ ١٠ او ١٥ مرة في كثير منها.‏

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      ‏[الخريطة في الصفحة ٤٠٧]‏

      ‏(‏انظر المطبوعة)‏

      جولات رصل الكرازية في اوروپا،‏ عادةً عن طريق انكلترا

      ١٨٩١

      ١٩٠٣

      ١٩٠٨

      ١٩٠٩

      ‏(‏مرتين)‏ ١٩١٠

      ‏(‏مرتين)‏ ١٩١١

      ‏(‏مرتين)‏ ١٩١٢

      ١٩١٣

      ١٩١٤

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٠٩]‏

      عندما اقتنع بأنه وجد الحق،‏ وزَّع اندرياس آسِت بغيرة مطبوعات الكتاب المقدس في كل ناحية من النَّروج تقريبا

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      النَّروج

      الدائرة القطبية الشمالية

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٠٨]‏

      ادولف وايبر،‏ بستاني متواضع،‏ نشر البشارة من سويسرا الى بلدان اخرى في اوروپا

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      بلجيكا

      المانيا

      سويسرا

      ايطاليا

      فرنسا

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤١٢]‏

      بِلونا فِرْڠَسُن،‏ في البرازيل —‏ «ما من احد ابعد من الوصول اليه»‏

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      البرازيل

      ‏[الخريطة في الصفحة ٤١٥]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ألاسكا

      كندا

      ڠرينلندا

      سان پيير و ميكِلون

      الولايات المتحدة الاميركية

      برمودا

      جزر بَهاما

      جزر تيرك وكايكس

      كوبا

      المكسيك

      بيليز

      جامايكا

      هايتي

      جمهورية الدومينيكان

      پورتو ريكو

      جزر كَيْمان

      ڠواتيمالا

      السلڤادور

      هُندوراس

      نيكاراڠْوا

      كوستاريكا

      پاناما

      ڤنزويلا

      ڠَيانا

      سورينام

      ڠِييانا الفرنسية

      كولومبيا

      إكوادور

      پيرو

      البرازيل

      بوليڤيا

      پاراڠواي

      تشيلي

      الارجنتين

      اورڠواي

      جزر فوكلند

      الجزر العذراء الاميركية

      الجزر العذراء البريطانية

      آنڠويلا

      سانت مارتن

      سابا

      سانت يوستاشِس

      سانت كيتس

      نيڤِس

      آنتيڠوا

      مونتْسيرّات

      ڠوادلوپ

      دومينيكا

      مارتينيك

      سانت لوسيا

      سانت ڤينسَنْت

      باربادوس

      ڠرانادا

      ترينيداد

      اروبا

      بونير

      كوراساو

      المحيط الاطلسي

      البحر الكاريبي

      المحيط الپاسيفيكي

      ‏[الخريطة في الصفحتين ٤١٦ و ٤١٧]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ڠرينلندا

      السويد

      ايسلندا

      نَروج

      جزر فارو

      فنلندا

      روسيا

      استونيا

      لاتڤيا

      ليثوانيا

      بيلوروسيا

      اوكرانيا

      مولدوڤا

      جورجيا

      ارمينيا

      أذَربَيْجان

      تُركُمانستان

      اوزبكْسْتان

      قازاخستان

      تاجيكستان

      كيرجيستان

      پولندا

      المانيا

      النَّذَرلند

      الدنمارك

      بريطانيا

      ايرلندا

      بلجيكا

      لوكسمبورڠ

      ليختَنْشْتاين

      سويسرا

      تشيكوسلوڤاكيا

      النمسا

      هنڠاريا

      رومانيا

      يوڠوسلاڤيا

      سلوڤينيا

      كرواتيا

      البوسنة والهَرْسِك

      بلغاريا

      ألبانيا

      ايطاليا

      جبل طارق

      اسپانيا

      الپرتغال

      ماديرا

      المملكة المغربية

      الصحراء الغربية

      السنڠال

      الجزائر

      ليبيا

      مصر

      لبنان

      اسرائيل

      قبرص

      سوريا

      تركيا

      العراق

      ايران

      البحرين

      الكويت

      الاردن

      المملكة العربية السعودية

      قطر

      اتحاد الامارات العربية

      عُمان

      اليمن

      جيبوتي

      الصومال

      إثيوپيا

      السودان

      تشاد

      نَيجر

      مالي

      موريتانيا

      ڠامبيا

      غينيا-‏بيساو

      سيراليون

      لَيبيريا

      ساحل العاج

      غانا

      توڠو

      بينين

      غينيا الاستوائية

      سانت هيلانة

      غينيا

      بركينا فازو

      نَيجيريا

      جمهورية افريقيا الوسطى

      الكَمَرون

      سان توميه

      كونڠو

      ڠابون

      زائير

      آنڠولا

      زامبيا

      ناميبيا

      بوتْسْوانا

      جنوب افريقيا

      ليسوتو

      سْوازيلند

      موزَمبيق

      مدغشقر

      ريونيون

      موريشيوس

      رودريڠس

      زمبابوي

      مايوت

      جزر كومورو

      سايشِل

      ملاوي

      تَنزانيا

      بوروندي

      رُوَندا

      أوغندا

      فرنسا

      پاكستان

      افغانستان

      نيپال

      بوتان

      ميانمار

      بنڠلادِش

      الهند

      سْري لانكا

      اليونان

      مالطة

      تونس

      كينيا

      المحيط الاطلسي

      المحيط الهندي

      ألاسكا

      مُنڠوليا

      جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية

      اليابان

      جمهورية كوريا

      الصين

      ماكاو

      تايوان

      هونڠ كونڠ

      لاوُس

      تايلند

      ڤيَتْنام

      كَمبوديا

      الفيليپين

      بْروناي

      ماليزيا

      سنڠافورة

      إندونيسيا

      سايپان

      روتا

      ڠوام

      ياپ

      بيلاو

      تشووك

      پونپاي

      كوسراي

      جزر مارشال

      ناوُورو

      پاپوا غينيا الجديدة

      اوستراليا

      نيوزيلندا

      جزيرة نورفوك

      كاليدونيا الجديدة

      جزر والِس وفوتونا

      ڤانواتو

      توڤالو

      فيجي

      كيرَباس

      توكيلاو

      هاوايي

      سامْوا الغربية

      سامْوا الاميركية

      نييووي

      تونڠا

      جزر كوك

      تاهيتي

      جزر سليمان

      المحيط الپاسيفيكي

      المحيط الهندي

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٢٠]‏

      أ.‏ ج.‏ جوزيف،‏ من الهند،‏ مع ابنته ڠريسي،‏ الذي خدم كمرسل مدرَّب في جلعاد

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      الهند

      ‏[الصورة في الصفحة ٤١١]‏

      هِرْمان هِرْكِنْدِل،‏ مع عروسه،‏ قاما برحلة شهر العسل لاشهر عديدة ليكرزا للناس الناطقين بالالمانية في روسيا

      ‏[الصور في الصفحة ٤١٣]‏

      موزعو المطبوعات الجائلون في انكلترا وأسكتلندا سعوا الى اعطاء كل شخص فرصة نيل الشهادة؛‏ وحتى اولادهم ساعدوا في توزيع النشرات

      ‏[الصورة في الصفحة ٤١٤]‏

      إ.‏ ج.‏ كاوارد نشر بغيرة حق الكتاب المقدس في منطقة البحر الكاريبي

      ‏[الصورة في الصفحة ٤١٨]‏

      فرانك ڠروڤ (‏اليسار)‏ وأد نلسون (‏يُشاهَدان هنا مع زوجتيهما)‏ خصَّص كلٌّ منهما اكثر من ٥٠ سنة لنشر رسالة الملكوت كامل الوقت في كل انحاء نيوزيلندا

      ‏[الصور في الصفحة ٤٢١]‏

      ت.‏ ت.‏ رصل وستة عشراء قاموا برحلة حول العالم في ١٩١١-‏١٩١٢ لتعزيز الكرازة بالبشارة

  • الجزء ٢ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      الجزء ٢ —‏ شهود الى اقصى الارض

      يُغطَّى عمل المناداة بالملكوت من السنة ١٩١٤ حتى السنة ١٩٣٥ في الصفحات ٤٢٣ الى ٤٤٣.‏ وشهود يهوه يشيرون الى السنة ١٩١٤ بصفتها الوقت الذي تُوِّج فيه يسوع المسيح ملكا سماويا بسلطان على الامم.‏ وعندما كان على الارض،‏ سبق يسوع وأنبأ بأن الكرازة العالمية برسالة الملكوت في وجه الاضطهاد الشديد ستكون جزءا من علامة حضوره بسلطة الملكوت.‏ فماذا حدث فعلا خلال السنوات التي تلت ١٩١٤؟‏

      غمرت الحرب العالمية الاولى اوروپا سريعا في السنة ١٩١٤.‏ ثم امتدت لتشمل بلدانا تشكِّل ما يُقدَّر بـ‍ ٩٠ في المئة من سكان العالم.‏ فكيف اثَّرت الحوادث المقترنة بتلك الحرب في النشاط الكرازي لخدام يهوه؟‏

      السنوات المظلمة للحرب العالمية الاولى

      خلال سنوات الحرب الباكرة،‏ لم يكن هنالك عائق إلا في المانيا وفرنسا.‏ فالنشرات كانت تُوزَّع بحرية في اماكن كثيرة،‏ وكان هنالك استعمال مستمر لـ‍ ‹الرواية المصوَّرة،‏› وإن كان ذلك على نطاق محدود اكثر بكثير بعد السنة ١٩١٤.‏ واذ اشتدت حمَّى الحرب،‏ اشاع رجال الدين في جزر الهند الغربية البريطانية ان إ.‏ ج.‏ كاوارد،‏ الذي كان يمثِّل جمعية برج المراقبة،‏ هو جاسوس الماني،‏ ولذلك أُمر بالرحيل.‏ وعندما كان توزيع كتاب السر المنتهي جاريا في السنة ١٩١٧،‏ صارت المقاومة واسعة الانتشار.‏

      كان الناس تواقين الى الحصول على هذا الكتاب.‏ فلزم الجمعية ان تزيد طلبها الاولي في المطابع اكثر من عشرة اضعاف في مجرد اشهر قليلة.‏ ولكنَّ رجال دين العالم المسيحي كانوا ساخطين بسبب تشهير عقائدهم الباطلة.‏ فاستغلوا هستيريا زمن الحرب ليشكوا تلاميذ الكتاب المقدس الى الرسميين الحكوميين.‏ وفي طول الولايات المتحدة وعرضها،‏ تعرَّض لهجوم الرعاع الرجال والنساء المقترنون بتوزيع مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس،‏ وأيضا جرى طليهم بالقار وتغطيتهم بالريش.‏ وفي كندا،‏ فُتِّشت البيوت،‏ والاشخاص الذين توجد لديهم بعض مطبوعات جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم كانوا عرضة لغرامة باهظة او للسجن.‏ ولكن اخبر توماس ج.‏ ساليڤان،‏ الذي كان آنذاك في پورت آرثر،‏ اونتاريو،‏ انه في احدى المناسبات عندما كان مسجونا لليلة واحدة،‏ اخذ رجال الشرطة في تلك المدينة الى بيوتهم نسخا من المطبوعات المحظورة لأنفسهم ولأصدقائهم،‏ موزعين بالتالي المخزون المتوافر بكامله —‏ نحو ٥٠٠ او ٦٠٠ نسخة.‏

      والمركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة نفسه تعرَّض للهجوم،‏ وحُكم على اعضاء الهيئة الادارية بمدد سجن طويلة.‏ فظهر لاعدائهم ان تلاميذ الكتاب المقدس تلقَّوا ضربة قاضية.‏ وشهادتهم بالطريقة التي جذبت انتباها عاما واسعا توقفت فعليا.‏

      إلا انه حتى تلاميذ الكتاب المقدس المحتجزون في السجن وجدوا فرصا للتحدث الى الرفقاء السجناء عن قصد اللّٰه.‏ وعندما وصل رسميو الجمعية وعشراؤهم الاحمَّاء الى السجن في اتلانتا،‏ جورجيا،‏ مُنعوا في بادئ الامر من الكرازة.‏ ولكنهم كانوا يناقشون الكتاب المقدس في ما بينهم،‏ وكان الآخرون ينجذبون اليهم بسبب سلوكهم،‏ طريقة حياتهم.‏ وبعد اشهر قليلة عيَّنهم نائب آمر السجن لتقديم الارشاد الديني للسجناء الآخرين.‏ وازداد العدد حتى كان نحو ٩٠ يحضرون الصفوف.‏

      والمسيحيون الاولياء الآخرون وجدوا ايضا طرائق للشهادة خلال سنوات الحرب تلك.‏ وكان ذلك يؤدي احيانا الى نشر رسالة الملكوت في بلدان لم تكن البشارة قد كُرز بها بعدُ.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩١٥ ارسل بالبريد احد تلاميذ الكتاب المقدس في نيويورك،‏ وهو كولومبي،‏ الطبعة الاسپانية لـ‍ نظام الدهور الالهي الى رجل في بوڠوتا،‏ كولومبيا.‏ وبعد نحو ستة اشهر،‏ وصل الرد من رامون سَلْڠَر.‏ لقد درس الكتاب بعناية،‏ كان مسرورا به،‏ وأراد ٢٠٠ نسخة لتوزيعها على الآخرين.‏ والاخ ج.‏ ل.‏ ماير،‏ من بروكلين،‏ نيويورك،‏ ارسل بالبريد ايضا نسخا عديدة من شهرية تلاميذ الكتاب المقدس باللغة الاسپانية.‏ وذهب عدد كبير منها الى اسپانيا.‏ وعندما التزم ألفرِد جوزيف،‏ الذي كان آنذاك في باربادوس،‏ عقد عمل في سيراليون،‏ افريقيا الغربية،‏ انتهز الفرص ليشهد هناك عن حقائق الكتاب المقدس التي تعلَّمها مؤخرا.‏

      أما بالنسبة الى موزعي المطبوعات الجائلين،‏ الذين كانت خدمتهم تشمل زيارة البيوت وأماكن العمل،‏ فغالبا ما كانت الحال اصعب.‏ ولكنَّ بعض الذين ذهبوا الى السلڤادور،‏ هُندوراس،‏ وڠواتيمالا كانوا مشغولين هناك في السنة ١٩١٦ بإخبار الناس الحقائق المانحة الحياة.‏ وخلال هذه الفترة قامت فاني ماكينزي،‏ موزعة مطبوعات جائلة بريطانية الجنسية،‏ برحلتين الى المشرق بالمركب،‏ متوقفة في الصين،‏ كوريا،‏ واليابان لتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس،‏ وبعد ذلك لاحقت الاهتمام بكتابة الرسائل.‏

      ولكنَّ عدد تلاميذ الكتاب المقدس،‏ استنادا الى السجلات المتوافرة،‏ الذين قدَّموا تقريرا عن اشتراكهم الى حد ما في الكرازة بالبشارة للآخرين خلال السنة ١٩١٨ نقص ٢٠ في المئة حول العالم بالمقارنة مع تقرير السنة ١٩١٤.‏ فبعد المعاملة القاسية التي عانوها خلال سنوات الحرب،‏ هل كانوا سيثابرون على خدمتهم؟‏

      مشحونون حياة متجددة

      في ٢٦ آذار ١٩١٩،‏ أُطلق سراح رئيس جمعية برج المراقبة وعشرائه من سجنهم غير العادل.‏ وسرعان ما وُضعت الخطط لدفع المناداة العالمية ببشارة ملكوت اللّٰه الى الامام.‏

      وفي محفل عام في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ايلول من تلك السنة،‏ ألقى ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس الجمعية آنذاك،‏ محاضرة تبرز اعلان القدوم المجيد لملكوت اللّٰه المسيَّاني بصفته العمل المهم حقا لخدام يهوه.‏

      ولكنَّ العدد الفعلي للذين شاركوا آنذاك في هذا العمل كان صغيرا.‏ وبعض الذين توقفوا بخوف خلال السنة ١٩١٨ صاروا نشاطى ثانية،‏ وقليلون آخرون انضموا الى صفوفهم.‏ لكنَّ السجلات المتوافرة تظهر انه في السنة ١٩١٩ كان هنالك نحو ٧٠٠‏,٥ فقط يشهدون بنشاط في ٤٣ بلدا.‏ ومع ذلك تنبأ يسوع:‏ «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏»‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ فكيف كان يمكن انجاز هذا الامر؟‏ لم يعرفوا ذلك،‏ ولم يعرفوا ايضا كم من الوقت ستستمر الشهادة.‏ إلا ان الذين كانوا خداما اولياء للّٰه كانوا مستعدين وتواقين الى المضي قُدُما في العمل.‏ وكانوا واثقين بأن يهوه سيوجّه الامور بانسجام مع مشيئته.‏

      واذ كانوا مشحونين غيرة لما رأوه مذكورا في كلمة اللّٰه،‏ مضوا الى العمل.‏ وفي غضون ثلاث سنوات تضاعف ثلاث مرات تقريبا عدد المشتركين في المناداة علنا بملكوت اللّٰه،‏ وفقا للتقارير المتوافرة،‏ وخلال السنة ١٩٢٢ كانوا مشغولين بالكرازة في ١٥ بلدا اكثر مما في السنة ١٩١٩.‏

      موضوع مثير للاهتمام

      يا للرسالة المثيرة التي نادوا بها —‏ «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا!‏» لقد ألقى الاخ رذرفورد محاضرة حول هذا الموضوع في السنة ١٩١٨.‏ وكانت ايضا عنوانا لكراس مؤلَّف من ١٢٨ صفحة صدر في السنة ١٩٢٠.‏ ومن السنة ١٩٢٠ حتى السنة ١٩٢٥،‏ أُبرز هذا الموضوع نفسه مرة بعد اخرى حول العالم في الاجتماعات العامة في كل المناطق التي كان الخطباء متوافرين فيها وبأكثر من ٣٠ لغة.‏ وبدلا من القول،‏ كما يفعل العالم المسيحي،‏ ان كل الناس الصالحين يذهبون الى السماء،‏ ركَّزت هذه المحاضرة الانتباه على الرجاء المؤسس على الكتاب المقدس بالحياة الابدية على ارض فردوسية للبشر الطائعين.‏ (‏اشعياء ٤٥:‏١٨؛‏ رؤيا ٢١:‏​١-‏٥‏)‏ وعبَّرت عن الاقتناع بأن الوقت لتحقيق هذا الرجاء قريب جدا.‏

      جرى استخدام اعلانات الصحف واللوحات الاعلانية لاعلان المحاضرات.‏ فالموضوع كان مثيرا للاهتمام.‏ وفي ٢٦ شباط ١٩٢٢،‏ حضر اكثر من ٠٠٠‏,٧٠ في ١٢١ موقعا في المانيا وحدها.‏ ولم يكن غير عادي ان يبلغ عدد الحضور في موقع واحد الآلاف.‏ وفي كَيْپ تاون،‏ جنوب افريقيا،‏ مثلا،‏ كان ٠٠٠‏,٢ حاضرين عندما أُلقيت المحاضرة في دار الاوپرا.‏ وفي قاعة الجامعة في عاصمة النَّروج،‏ لم تمتلئ جميع المقاعد فحسب ولكنَّ كثيرين مُنعوا من الدخول لسبب ضيق المكان حتى وجب تكرار البرنامج بعد ساعة ونصف —‏ وثانية في قاعة مكتظة بالناس.‏

      وفي كلاڠنفورت،‏ النمسا،‏ قال ريخارت هايد لأبيه:‏ «سأذهب لسماع هذا الخطاب مهما قال الناس.‏ اريد ان اعرف ما اذا كان ذلك مجرد خداع ام كان هنالك حق فيه!‏» لقد تأثر عميقا بما سمعه،‏ وسرعان ما كان هو وأخته،‏ وكذلك والداهما،‏ يخبرون الآخرين عنه.‏

      ولكنَّ رسالة الكتاب المقدس لم تكن فقط للناس الذين يحضرون محاضرة عامة.‏ فالآخرون ايضا كان يلزم ان يصيروا عارفين بها.‏ وليس عامة الشعب فقط بل كان يلزم القادة السياسيين والدينيين ان يسمعوها ايضا.‏ فكيف كان ذلك سيُنجَز؟‏

      توزيع الاعلانات القوية

      استُعملت الصفحة المطبوعة لبلوغ ملايين الناس الذين سبق ان عرفوا عن طريق الشائعات فقط تلاميذ الكتاب المقدس والرسالة التي ينادون بها.‏ ومن السنة ١٩٢٢ حتى السنة ١٩٢٨،‏ أُعطيت شهادة فعَّالة بواسطة سبعة اعلانات قوية،‏ قرارات جرى تبنّيها في محافل تلاميذ الكتاب المقدس السنوية.‏ وعدد النسخ المطبوعة من معظم القرارات الافرادية التي وُزِّعت عقب تلك المحافل بلغ ٤٥ الى ٥٠ مليونا —‏ انجاز مذهل حقا لفرقة المنادين بالملكوت الصغيرة التي كانت تخدم آنذاك!‏

      وقرار السنة ١٩٢٢ كان بعنوان «تحدٍّ لقادة العالم» —‏ نعم،‏ تحدٍّ ان يبرِّروا ادّعاءهم القدرة على تحقيق السلام،‏ الازدهار،‏ والسعادة للجنس البشري او،‏ اذا فشلوا في ذلك،‏ ان يعترفوا بأن ملكوت اللّٰه وحده برئاسة مسيحه يمكن ان ينجز هذه الامور.‏ وفي المانيا،‏ أُرسل هذا القرار بالبريد المسجَّل الى القيصر الالماني المنفي،‏ الى الرئيس،‏ والى جميع اعضاء الپرلمان الالماني؛‏ وذهب نحو اربعة ملايين ونصف مليون نسخة الى عامة الشعب.‏ وفي جنوب افريقيا،‏ قام أدوين سكوت،‏ حاملا المطبوعات في حقيبة على ظهره وبعصا في يده ليردّ عنه الكلاب الشرسة،‏ بتغطية ٦٤ بلدة،‏ موزِّعا شخصيا ٠٠٠‏,٥٠ نسخة.‏ وبعد ذلك،‏ عندما قام رجال الدين الهولنديون في جنوب افريقيا بزيارة بيوت روَّاد الابرشيات لجمع التبرعات،‏ كان كثيرون من روَّاد الابرشيات يهزّون القرار في وجه رجل دينهم ويقولون:‏ «يجب ان تقرأ هذا ولا تأتي ثانية لتجمع منا المال.‏»‏

      وفي السنة ١٩٢٤ كشف القرار بعنوان «الاكليريكيون متَّهَمون» تعاليم وممارسات رجال الدين غير المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ شهَّر دورهم خلال الحرب العالمية،‏ وحثَّ الناس على درس الكتاب المقدس ليتعلَّموا شخصيا عن التدابير الرائعة التي صنعها اللّٰه لمباركة الجنس البشري.‏ وفي ايطاليا في ذلك الوقت،‏ كان يُطلَب ممَّن يطبعون ان يضعوا اسمهم على كل ما يطبعونه،‏ وكانوا يُعتبرون مسؤولين عن المحتويات.‏ فأرسل تلميذ الكتاب المقدس الذي يشرف على العمل في ايطاليا نسخة من القرار الى السلطات الحكومية،‏ التي تحققت منه وأذنت على الفور في طباعته وتوزيعه.‏ ووافق ايضا اولئك الذين يطبعون على نشره.‏ فوزَّع الاخوة في ايطاليا ٠٠٠‏,١٠٠ نسخة.‏ وتأكدوا خصوصا ان يتسلَّم البابا وكلٌّ من الرسميين ذوي المراتب العالية الآخرين في الڤاتيكان نسخة.‏

      وفي فرنسا،‏ احدث توزيع هذا القرار رد فعل شديدا وغالبا عنيفا من رجال الدين.‏ وبدافع اليأس رفع رجل دين في پومرانيا،‏ المانيا،‏ دعوى على الجمعية ومديرها،‏ لكنَّ رجل الدين خسر القضية عندما سمعت المحكمة محتويات القرار بكامله.‏ ولكي يتجنبوا اعاقة عملهم من جهة اولئك الذين لا يريدون ان يعرف الناس الحق،‏ وضع تلاميذ الكتاب المقدس في مقاطعة كْويبك،‏ في كندا،‏ القرارات في البيوت خلال ساعات الصباح الاولى،‏ ابتداء من الساعة ٠٠:‏٣ صباحا.‏ تلك كانت اوقاتا مثيرة!‏

      اظهار الشكر على الاجوبة التي تمنح الاكتفاء

      خلال الحرب العالمية الاولى،‏ طُرد كثيرون من الارمن بلا رحمة من بيوتهم ومن مسقط رأسهم.‏ وقبل ذلك بعقدين فقط،‏ قُتل مئات الآلاف من الارمن،‏ وهرب آخرون طلبا للنجاة من الموت.‏ وقليلون من هذا الشعب قرأوا مطبوعات جمعية برج المراقبة في موطنهم.‏ ولكنَّ كثيرين منهم قُدِّمت لهم الشهادة في البلدان التي سافروا اليها كلاجئين.‏

      وبعد الاختبارات القاسية التي احتملوها،‏ نشأت لدى كثيرين اسئلة جدية تتعلق بسبب سماح اللّٰه بالشر.‏ فكم من الوقت سيستمر ذلك؟‏ ومتى سينتهي؟‏ كان بعضهم شاكرين على معرفة الاجوبة التي تمنح الاكتفاء الموجودة في الكتاب المقدس.‏ فنمت بسرعة فرق من تلاميذ الكتاب المقدس الارمن في مدن مختلفة في الشرق الاوسط.‏ وغيرتهم لحق الكتاب المقدس اثَّرت في حياة آخرين.‏ وفي إثيوپيا،‏ الارجنتين،‏ والولايات المتحدة،‏ اعتنق الرفقاء الارمن البشارة وقبلوا بفرح مسؤولية اخبار الآخرين بها.‏ وأحد هؤلاء كان كريكور هاتْساكورتْسْيان،‏ الذي نشر كفاتح منعزل رسالة الملكوت في إثيوپيا في اواسط ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي احدى المناسبات،‏ عندما اتهمه زورا المقاومون،‏ سنحت له الفرصة ايضا ليشهد للامبراطور،‏ هيلا سيلاسي.‏

      اخْذ الحقائق الثمينة الى مواطنهم

      ان الرغبة المتَّقدة في الإخبار بحقائق الكتاب المقدس الحيوية دفعت اناسا كثيرين الى العودة الى مسقط رأسهم لينهمكوا في التبشير.‏ وتجاوبهم كان مماثلا لتجاوب الناس من بلدان عديدة الذين كانوا في اورشليم في السنة ٣٣ ب‌م والذين صاروا مؤمنين عندما دفع الروح القدس الرسل وعشراءهم الى التكلم بألسنة عديدة «بعظائم اللّٰه.‏» (‏اعمال ٢:‏​١-‏١١‏)‏ وكما حمل اولئك المؤمنون في القرن الاول الحق معهم الى مواطنهم،‏ كذلك فعل هؤلاء التلاميذ العصريون.‏

      والرجال والنساء على السواء الذين تعلَّموا الحق في الخارج عادوا الى ايطاليا.‏ فقد اتوا من اميركا،‏ بلجيكا،‏ وفرنسا ونادوا بغيرة برسالة الملكوت حيثما استقروا.‏ وموزعو المطبوعات الجائلون من كانتون تيتشينو السويسري الناطق بالايطالية انتقلوا ايضا الى ايطاليا ليواصلوا عملهم.‏ ومع ان أعدادهم كانت قليلة،‏ سرعان ما بلغوا تقريبا جميع المدن الرئيسية والكثير من قرى ايطاليا نتيجة لنشاطهم المتحد.‏ وكانوا لا يحصون الساعات التي يصرفونها في هذا العمل.‏ واذ كانوا مقتنعين بأنهم يكرزون بالحقائق التي يريد اللّٰه ان يعرفها الناس،‏ غالبا ما كانوا يعملون من الصباح حتى الليل كي يبلغوا اكبر عدد ممكن من الناس.‏

      واليونان الذين صاروا تلاميذ للكتاب المقدس في ألبانيا المجاورة وبعيدا في اميركا منحوا الانتباه ايضا لموطنهم.‏ فقد ابتهجوا عندما تعلَّموا أن عبادة الايقونات غير مؤسسة على الاسفار المقدسة (‏خروج ٢٠:‏​٤،‏ ٥؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١‏)‏،‏ أن الخطاة لا يُشوَوْن في نار الهاوية (‏جامعة ٩:‏​٥،‏ ١٠؛‏ حزقيال ١٨:‏٤؛‏ رؤيا ٢١:‏٨‏)‏،‏ وأن ملكوت اللّٰه هو رجاء الجنس البشري الحقيقي والوحيد (‏دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏.‏ وكانوا توَّاقين الى اخبار اهل بلدهم بهذه الحقائق —‏ شخصيا او بالبريد.‏ ونتيجة لذلك،‏ ابتدأت فرق من شهود يهوه تنمو في اليونان وفي الجزر اليونانية.‏

      وبعد الحرب العالمية الاولى،‏ انتقل آلاف الاشخاص من پولندا الى فرنسا للعمل في مناجم الفحم.‏ والجماعات الفرنسية لم تتجاهلهم لأنهم يتكلمون لغة مختلفة.‏ فوجدوا طرائق للاشتراك في حقائق الكتاب المقدس مع عمال المناجم هؤلاء وعائلاتهم،‏ وسرعان ما فاق عدد المتجاوبين بشكل مؤاتٍ عدد الشهود الفرنسيين.‏ وعندما وجب،‏ نتيجة لامر حكومي بالرحيل،‏ ان يرجع ٢٨٠ الى پولندا في السنة ١٩٣٥،‏ لم يعمل ذلك إلا على تعزيز نشر رسالة الملكوت هناك.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ كان هنالك ٠٩٠‏,١ مناديا بالملكوت يشتركون في تقديم الشهادة في پولندا.‏

      وتجاوب آخرون مع الدعوات الى مغادرة موطنهم لمباشرة الخدمة في حقول اجنبية.‏

      مبشرون اوروپيون غيورون يساعدون في حقول اجنبية

      بتعاون اممي،‏ سمعت دول البلطيق (‏استونيا،‏ لاتڤيا،‏ وليثوانيا)‏ الحقائق المبهجة عن ملكوت اللّٰه.‏ وخلال عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قام اخوة وأخوات غيورون من المانيا،‏ انكلترا،‏ الدنمارك،‏ وفنلندا،‏ بشهادة واسعة في هذه المنطقة.‏ فوُضعت مطبوعات كثيرة،‏ وسمع الآلاف محاضرات الكتاب المقدس التي أُلقيت.‏ ومن استونيا وصل البث الاذاعي القانوني لبرامج الكتاب المقدس بلغات عدة حتى الى ما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي.‏

      ومن المانيا باشر عاملون طوعيون خلال عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ التعيينات في اماكن مثل اسپانيا،‏ بلجيكا،‏ بلغاريا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ فرنسا،‏ لوكسمبورڠ،‏ النَّذَرلند،‏ النمسا،‏ ويوڠوسلاڤيا.‏ وكان ڤيلي أُنڠْلوب بينهم.‏ وبعد الخدمة مدة من الوقت في بتل ماڠْدَبورڠ،‏ في المانيا،‏ واصل الاعتناء بالتعيينات كمبشر كامل الوقت في فرنسا،‏ الجزائر،‏ اسپانيا،‏ سنڠافورة،‏ ماليزيا،‏ وتايلند.‏

      وعندما خرجت الدعوة من فرنسا طلبا للمساعدة خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اعطى موزعو المطبوعات الجائلون من بريطانيا الدليل على انهم يدركون ان التفويض المسيحي للكرازة كان يتطلب التبشير ليس فقط في بلدهم بل ايضا في انحاء اخرى من الارض.‏ (‏مرقس ١٣:‏١٠‏)‏ وجون كوك كان واحدا من العاملين الغيورين الذين استجابوا للدعوة المكدونية.‏ (‏قارنوا اعمال ١٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏)‏ وخلال العقود الستة التي تلت،‏ اعتنى بتعيينات الخدمة في فرنسا،‏ اسپانيا،‏ ايرلندا،‏ الپرتغال،‏ آنڠولا،‏ موزَمبيق،‏ وجنوب افريقيا.‏ وترك اخوه ايريك عمله في بنك باركلي وانضم الى جون في الخدمة كامل الوقت في فرنسا؛‏ وبعد ذلك خدم هو ايضا في اسپانيا وايرلندا واشترك في العمل الارسالي في روديسيا الجنوبية (‏الآن زمبابوي)‏ وجنوب افريقيا.‏

      وفي ايار ١٩٢٦،‏ قبِل جورج رايت وأدوين سكينر،‏ في انكلترا،‏ دعوة الى المساعدة في توسيع عمل الملكوت في الهند.‏ وكان تعيينهما كبيرا!‏ فقد شمل كلًّا من افغانستان،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ فارس (‏الآن ايران)‏،‏ والهند.‏ وعند الوصول الى بومباي،‏ استقبلتهما الامطار الموسمية.‏ ومع ذلك،‏ اذ كانا غير قلقَين بافراط ازاء الراحة الشخصية او وسائل الراحة،‏ سرعان ما سافرا الى انحاء بعيدة من البلد ليجدا تلاميذ للكتاب المقدس معروفين كي يشجعاهم.‏ ووزَّعا ايضا كميات كبيرة من المطبوعات لاثارة الاهتمام بين الآخرين.‏ فأُنجز العمل بقوة.‏ وهكذا،‏ خلال السنة ١٩٢٨،‏ رتَّب الـ‍ ٥٤ مناديا بالملكوت في تراڤنكور (‏كيرالا)‏،‏ في جنوبي الهند،‏ ٥٥٠ اجتماعا عاما حضرها نحو ٠٠٠‏,٤٠ شخص.‏ وفي السنة ١٩٢٩ انتقل الى الهند اربعة فاتحين آخرين من الحقل البريطاني للمساعدة في العمل.‏ وفي السنة ١٩٣١ وصل ثلاثة آخرون من انكلترا الى بومباي.‏ ومرة بعد اخرى وصلوا الى مختلف انحاء هذا البلد الواسع،‏ موزعين المطبوعات ليس فقط بالانكليزية بل ايضا باللغات الهندية.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ ماذا كان يحدث في اوروپا الشرقية؟‏

      حصاد روحي

      قبل الحرب العالمية الاولى،‏ نُثرت بزور حق الكتاب المقدس في اوروپا الشرقية،‏ فترسَّخ بعضها.‏ ففي السنة ١٩٠٨،‏ رجعت أَندرَشاني بِنِدِك،‏ امرأة هنڠارية متواضعة،‏ الى النمسا-‏المجر لتخبر الآخرين بالامور الجيدة التي تعلَّمتها.‏ وبعد سنتين،‏ رجع كارولي سابو ويوجِف كِس ايضا الى ذلك البلد وأخذا ينشران حق الكتاب المقدس وخصوصا في المناطق التي صارت معروفة لاحقا برومانيا وتشيكوسلوڤاكيا.‏ وعلى الرغم من المقاومة العنيفة من رجال الدين الغِضاب،‏ تشكلت فرق للدرس،‏ وجرت شهادة واسعة.‏ وانضم اليهم آخرون في اعلان ايمانهم جهرا،‏ وبحلول السنة ١٩٣٥ نمت صفوف المنادين بالملكوت في هنڠاريا الى ٣٤٨.‏

      تضاعف تقريبا حجم رومانيا عندما اعاد المنتصرون تحديد معالم خريطة اوروپا بعد الحرب العالمية الاولى.‏ وأُخبر انه في هذا البلد الموسَّع،‏ سنة ١٩٢٠،‏ كان هنالك نحو ١٥٠ فريقا لتلاميذ الكتاب المقدس،‏ يقترن بها ٧٠٠‏,١ شخص.‏ وفي السنة التالية،‏ عند الاحتفال بعشاء الرب،‏ تناول ما يقارب الـ‍ ٠٠٠‏,٢ من رمزَي الذكرى،‏ دالّين على اعترافهم بأنهم اخوة ممسوحون بالروح للمسيح.‏ وهذا العدد ازداد بشكل مثير خلال السنوات الاربع التالية.‏ وفي السنة ١٩٢٥،‏ حضر الذكرى ١٨٥‏,٤،‏ وكما كانت العادة آنذاك،‏ تناول معظمهم دون شك من الرمزين.‏ ولكنَّ ايمان هؤلاء جميعا كان سيوضع تحت الامتحان.‏ فهل يكونون «حنطة» اصيلة ام مجرد زائفة؟‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏)‏ وهل يقومون حقا بعمل الشهادة الذي عيَّنه يسوع لأتباعه؟‏ هل يثابرون عليه في وجه المقاومة الشديدة؟‏ وهل يكونون امناء حتى عندما يعرب آخرون عن روح كتلك التي ليهوذا الاسخريوطي؟‏

      يدل تقرير السنة ١٩٣٥ انه لم يكن للجميع نوع الايمان الذي يمكِّنهم من الاحتمال.‏ ففي تلك السنة،‏ كان هنالك ١٨٨‏,١ فقط ممَّن اشتركوا بعض الشيء في تقديم الشهادة في رومانيا،‏ مع ان اكثر من ضعف هذا العدد كانوا في ذلك الحين يتناولون من رمزَي الذكرى.‏ إلا ان الامناء بقوا مشغولين بخدمة السيد.‏ واشتركوا مع الناس المتواضعين الآخرين في حقائق الكتاب المقدس التي جلبت لقلوبهم فرحا عظيما.‏ واحدى الطرائق البارزة التي فعلوا بها ذلك كانت توزيع المطبوعات.‏ وبين السنتين ١٩٢٤ و ١٩٣٥،‏ وضعوا لدى الاشخاص المهتمين اكثر من ٠٠٠‏,٨٠٠ كتاب وكراس،‏ بالاضافة الى النشرات.‏

      وماذا عن تشيكوسلوڤاكيا،‏ التي صارت دولة في السنة ١٩١٨ بعد انهيار امبراطورية النمسا-‏المجر؟‏ هنا كانت شهادة اقوى ايضا تساهم في الحصاد الروحي.‏ وجرت كرازة ابكر بالهنڠارية،‏ الروسية،‏ الرومانية،‏ والالمانية.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ عاد عدد من تلاميذ الكتاب المقدس من اميركا لتوجيه الانتباه الى السكان الناطقين بالسلوڤاكية،‏ وفي السنة التالية ابتدأ زوجان من المانيا يركِّزان على المقاطعة التشيكية.‏ والمحافل القانونية،‏ مع كونها صغيرة،‏ ساعدت على تشجيع وتوحيد الاخوة.‏ وبعد ان صارت الجماعات منظَّمة بشكل افضل للتبشير من بيت الى بيت سنة ١٩٢٧،‏ صار النمو اكثر وضوحا.‏ وفي السنة ١٩٣٢ أُعطي العمل زخما قويا بواسطة محفل اممي في پراڠ،‏ حضره نحو ٥٠٠‏,١ من تشيكوسلوڤاكيا والبلدان المجاورة.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ شاهدت جموع كبيرة نسخة مدتها اربع ساعات من «رواية الخلق المصوَّرة» عُرضت من طرف البلد الى الطرف الآخر.‏ وفي فترة عقد فقط،‏ وُزِّع اكثر من ٠٠٠‏,٧٠٠‏,٢ نسخة من مطبوعات الكتاب المقدس على مختلف الفرق اللغوية في هذا البلد.‏ كل هذا الغرس،‏ الانماء،‏ والسقي الروحي ساهم في حصاد اشترك فيه ١٩٨‏,١ مناديا بالملكوت سنة ١٩٣٥.‏

      ويوڠوسلاڤيا (‏المعروفة اولا بمملكة الصرب،‏ الكرواتيين،‏ والسلوڤينيين)‏ اتت الى الوجود نتيجة لاعادة تحديد معالم خريطة اوروپا بعد الحرب العالمية الاولى.‏ وقديما في السنة ١٩٢٣،‏ أُخبر ان فريقا من تلاميذ الكتاب المقدس كانوا يشهدون في بلڠراد.‏ ولاحقا عُرضت «رواية الخلق المصوَّرة» على جموع كبيرة في كل انحاء البلد.‏ وعندما تعرَّض شهود يهوه للاضطهاد العنيف في المانيا،‏ تعزَّزت الصفوف في يوڠوسلاڤيا بالفاتحين الالمان.‏ ودون اهتمام بالراحة الشخصية،‏ وصلوا الى اقصى انحاء هذا البلد الجبلي ليكرزوا.‏ وآخرون من هؤلاء الفاتحين ذهبوا الى بلغاريا.‏ وبُذلت الجهود ايضا للكرازة بالبشارة في ألبانيا.‏ في كل هذه الاماكن،‏ زُرعت بزور حق الملكوت.‏ وبعض البزور اثمر.‏ ولكن لم يكن ليجري حصاد اكبر في هذه الاماكن إلا بعد سنوات.‏

      والى ابعد جنوبا،‏ في قارة افريقيا،‏ كانت البشارة تنتشر ايضا بواسطة اولئك الذين قدَّروا بعمق امتياز كونهم شهودا للعلي.‏

      نور روحي يضيء في افريقيا الغربية

      بعد سبع سنوات تقريبا من ذهاب احد تلاميذ الكتاب المقدس من باربادوس اولا الى افريقيا الغربية بمقتضى عقد عمل،‏ كتب الى مكتب جمعية برج المراقبة في نيويورك ليعلِمهم ان عددا ليس بقليل من الناس كانوا يُظهرون الاهتمام بالكتاب المقدس.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ في ١٤ نيسان ١٩٢٣،‏ وتلبية لدعوة الاخ رذرفورد،‏ وصل و.‏ ر.‏ براون،‏ الذي كان يخدم في ترينيداد،‏ الى فريتاون،‏ سيراليون،‏ مع عائلته.‏

      وعلى الفور،‏ صُنعت الترتيبات ليلقي الاخ براون محاضرة في قاعة ويلبِرْفورْس التذكارية.‏ وفي ١٩ نيسان حضر نحو ٥٠٠،‏ بمن فيهم معظم رجال الدين في فريتاون.‏ ويوم الاحد التالي خطب ثانية.‏ وكان موضوعه ذاك الذي غالبا ما استعمله ت.‏ ت.‏ رصل —‏ «الى الهاوية ومنها.‏ مَن هم هناك؟‏» ومحاضرات الاخ براون كانت مزوَّدة قانونيا باقتباسات من الاسفار المقدسة تكون ظاهرة للحضور بصور منزلقة تُعرض بواسطة فانوس العرض.‏ وفيما كان يتكلم،‏ كان يقول تكرارا:‏ «ليس براون مَن يقول،‏ وانما الكتاب المقدس يقول.‏» وبسبب ذلك،‏ صار معروفا بـ‍ «بايبل براون.‏» ونتيجة لعرضه المنطقي المؤسس على الاسفار المقدسة،‏ استقال بعض الاعضاء الكنسيين البارزين وتبنَّوا خدمة يهوه.‏

      وكان يسافر بشكل واسع ليفتتح عمل الملكوت في مناطق اضافية.‏ ولهذه الغاية ألقى محاضرات عديدة من الكتاب المقدس ووزَّع كميات كبيرة من المطبوعات،‏ وشجع الآخرين على فعل الامر نفسه.‏ وتبشيره اخذه الى ساحل الذهب (‏الآن غانا)‏،‏ لَيبيريا،‏ ڠامبيا،‏ ونَيجيريا.‏ ومن نَيجيريا حمل آخرون رسالة الملكوت الى بينين (‏المعروفة آنذاك بـ‍ داهومي)‏ والكَمَرون.‏ وكان الاخ براون يعرف ان العامة لا تكنّ الاحترام لما تدعوه «دين الرجل الابيض،‏» ولذلك تكلم في قاعة ڠلوڤر التذكارية في لاڠوس عن فشل دين العالم المسيحي.‏ وبعد الاجتماع حصل الحضور المتحمس على ٩٠٠‏,٣ كتاب لقراءتها وتوزيعها على الآخرين.‏

      عندما ذهب الاخ براون اولا الى افريقيا الغربية،‏ كان عدد قليل فقط من الاشخاص هناك قد سمعوا رسالة الملكوت.‏ وعندما غادر بعد ٢٧ سنة،‏ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١١ شاهد ليهوه نشيط في تلك المنطقة.‏ فالاباطيل الدينية كانت تُفضح؛‏ والعبادة الحقة كانت تترسَّخ وتنتشر بسرعة.‏

      باتجاه ساحل افريقيا الشرقي

      في وقت باكر من القرن الـ‍ ٢٠،‏ كانت بعض مطبوعات ت.‏ ت.‏ رصل قد وُزِّعت في الجزء الجنوبي الشرقي من افريقيا بواسطة افراد تبنَّوا بعض الافكار الواردة في تلك الكتب ولكنهم بعد ذلك مزجوها بفلسفتهم الخاصة.‏ وكانت النتيجة عددا من المدعوَّة حركات برج المراقبة التي لم تكن لها اية علاقة على الاطلاق بشهود يهوه.‏ وبعضها كان ذا توجُّه سياسي،‏ مثيرا الاضطراب بين المواطنين الافريقيين.‏ والسمعة السيئة التي سبَّبتها هذه الفرق لسنوات عديدة شكلت عقبات امام عمل شهود يهوه.‏

      إلا ان عددا من الافريقيين ميَّزوا الفرق بين الحق والباطل.‏ وحمل عاملون متجولون بشارة ملكوت اللّٰه الى البلدان المجاورة واشتركوا فيها مع الناس الذين يتكلمون اللغات الافريقية.‏ والسكان الناطقون بالانكليزية في جنوب شرق افريقيا تلقَّوا الرسالة،‏ على الاغلب،‏ من خلال الاحتكاك بجنوب افريقيا.‏ ولكن في بعض البلدان كانت المقاومة الرسمية القوية،‏ التي يهيِّجها رجال دين العالم المسيحي،‏ تعيق الكرازة من جهة الشهود الاوروپيين بين الفرق اللغوية الافريقية.‏ ومع ذلك انتشر الحق،‏ رغم ان كثيرين من الناس الذين اظهروا الاهتمام برسالة الكتاب المقدس كانوا يحتاجون الى مزيد من العون كي يصنعوا التطبيق العملي السليم لما يتعلَّمونه.‏

      وبعض الرسميين الحكوميين النزهاء لم يقبلوا دون تحقيق التهم الباطلة التي يوجِّهها رجال دين العالم المسيحي ضد الشهود.‏ وصح ذلك في مفوَّض شرطة في نياسالَنْد (‏الآن ملاوي)‏ تنكَّر وذهب الى اجتماعات الشهود المحليين ليكتشف شخصيا ايّ نوع من الناس هم.‏ فتأثر بشكل مؤاتٍ.‏ وعندما وافقت الحكومة على ان يكون لهم ممثل اوروپي يقيم في البلد،‏ أُرسل الى هناك بيرت مَكْلَكِي ولاحقا اخوه بيل في منتصف ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فبقيا على اتصال بالشرطة ومفوَّضي المنطقة لكي يكون لهؤلاء الرسميين فهم واضح لنشاطهما ولئلا يخلطوا بين شهود يهوه وأية حركات تُدعى باطلا برج المراقبة.‏ وفي الوقت نفسه عملا بصبر،‏ الى جانب جْرِشام كْوازيزيرا،‏ شاهد محلي ناضج،‏ لمساعدة المئات الذين ارادوا ان يعاشروا الجماعات على التقدير ان الفساد الادبي الجنسي،‏ اساءة استعمال المشروبات الكحولية،‏ والخرافات لا مكان لها في حياة شهود يهوه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏​٩-‏١٣؛‏ ٢ كورنثوس ٧:‏١؛‏ رؤيا ٢٢:‏١٥‏.‏

      في السنة ١٩٣٠،‏ كان هنالك فقط نحو مئة شاهد ليهوه في افريقيا الجنوبية بكاملها.‏ ولكن كان لديهم تعيين يشمل تقريبا كل افريقيا جنوب خط الاستواء وبعض المقاطعات التي تمتد الى شماله.‏ وتغطية مثل هذا المجال الواسع للمقاطعة برسالة الملكوت تطلَّب فاتحين حقيقيين.‏ وكان فرانك وڠراي سميث هذا النوع من الاشخاص.‏

      لقد ابحرا ٠٠٠‏,٣ ميل (‏٨٠٠‏,٤ كلم)‏ شرقا وشمالا من كَيْپ تاون ثم تابعا بالسيارة طوال اربعة ايام في طرقات وعرة ليصلا الى نَيروبي،‏ كينيا (‏في افريقيا الشرقية البريطانية)‏.‏ وفي اقل من شهر،‏ وزَّعا ٤٠ صندوقا كرتونيا من مطبوعات الكتاب المقدس.‏ ولكن من المحزن انه،‏ في رحلة العودة،‏ مات فرانك من الملاريا.‏ ورغم ذلك،‏ بعد وقت قصير،‏ ابتدأ روبرت نيزبِت ودايڤيد نورمَن —‏ وهذه المرة بـ‍ ٢٠٠ صندوق كرتوني من المطبوعات —‏ يكرزان في كينيا وأوغندا،‏ وأيضا تنڠانيقا وزَنجبار (‏كلاهما الآن تَنزانيا)‏،‏ بالغَين اكبر عدد ممكن من الناس.‏ ونشرت بعثات مماثلة اخرى رسالة الملكوت في جزيرتَي موريشيوس ومدغشقر في المحيط الهندي وفي سانت هيلانة في المحيط الاطلسي.‏ لقد زُرعت بزور الحق،‏ ولكنها لم تنبت وتنمُ حالا في كل مكان.‏

      ومن جنوب افريقيا انتشرت الكرازة بالبشارة ايضا،‏ قديما في السنة ١٩٢٥،‏ في باسوتولَنْد (‏الآن ليسوتو)‏،‏ بتشْوانالَنْد (‏الآن بوتْسْوانا)‏،‏ وسْوازيلند.‏ وبعد نحو ثماني سنوات،‏ عندما كان الفاتحون يكرزون ثانية في سْوازيلند،‏ رحَّب بهم الملك سوبوزا الثاني ترحيبا ملكيا.‏ وجمع حرسَه الشخصي المؤلَّف من مئة محارب،‏ اصغى الى شهادة كاملة،‏ ثم حصل على كل مطبوعات الجمعية التي كانت لدى الاخوة.‏

      نما عدد شهود يهوه تدريجيا في هذا الجزء من الحقل العالمي.‏ فانضم آخرون الى القليلين الذين افتتحوا العمل في افريقيا في وقت باكر من هذا القرن الـ‍ ٢٠،‏ وبحلول السنة ١٩٣٥ كان هنالك ٤٠٧‏,١ في قارة افريقيا اخبروا انهم اشتركوا في عمل الشهادة عن ملكوت اللّٰه.‏ وكانت أعداد كبيرة من هؤلاء في جنوب افريقيا ونَيجيريا.‏ والفِرَق الكبيرة الاخرى التي حدَّدت هويتها بصفتها من شهود يهوه كانت موجودة في نياسالَنْد (‏الآن ملاوي)‏،‏ روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏،‏ وروديسيا الجنوبية (‏الآن زمبابوي)‏.‏

      وخلال هذه الفترة نفسها وُجِّه الانتباه ايضا الى البلدان الناطقة بالاسپانية والپرتغالية.‏

      تنمية الحقلين الاسپاني والپرتغالي

      بينما كانت الحرب العالمية الاولى لا تزال جارية،‏ صدرت برج المراقبة اولا بالاسپانية.‏ وكانت تحمل عنوان مكتب في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا،‏ كان قد أُنشئ لمنح انتباه خصوصي للحقل الناطق بالاسپانية.‏ والاخوة من هذا المكتب قدَّموا الكثير من العون الشخصي للمهتمين في الولايات المتحدة وفي البلدان الى الجنوب على السواء.‏

      خوان مونييز،‏ الذي صار واحدا من خدام يهوه في السنة ١٩١٧،‏ شجعه الاخ رذرفورد سنة ١٩٢٠ ان يترك الولايات المتحدة ويعود الى اسپانيا،‏ بلده الاصلي،‏ لينظِّم عمل الكرازة بالملكوت هناك.‏ ولكنَّ النتائج كانت محدودة،‏ لا لسبب ايّ نقص في الغيرة من جهته،‏ بل لسبب ملاحقة الشرطة له باستمرار؛‏ ولذلك بعد سنوات قليلة نُقل الى الارجنتين.‏

      وفي البرازيل كان عبَّاد ليهوه قليلون يكرزون من قبل.‏ فكان ثمانية بحَّارة متواضعون قد تعلَّموا الحق عندما كانوا غائبين عن سفينتهم في اجازة في نيويورك.‏ واذ عادوا الى البرازيل في وقت باكر من السنة ١٩٢٠،‏ كانوا مشغولين بإخبار الآخرين رسالة الكتاب المقدس.‏

      جورج يونڠ،‏ كندي،‏ أُرسل الى البرازيل سنة ١٩٢٣.‏ ولا شك انه ساعد على ترويج العمل.‏ واذ ألقى محاضرات عامة عديدة بواسطة مترجمين،‏ اظهر ما يقوله الكتاب المقدس عن حالة الموتى،‏ شهَّر الارواحية بصفتها ابليسية،‏ وأوضح قصد اللّٰه ان يبارك جميع قبائل الارض.‏ ومحاضراته كانت الاكثر اقناعا لأنه كان يعرض احيانا على شاشة آيات الكتاب المقدس التي تجري مناقشتها لكي يتمكن الحضور من رؤيتها بلغتهم الخاصة.‏ وبينما كان في البرازيل،‏ تمكَّنت بِلونا فِرْڠَسُن،‏ من سان پاولو،‏ اخيرا من الاعتماد مع اربعة من اولادها.‏ فقد انتظرت هذه الفرصة ٢٥ سنة.‏ وكان بين الذين اعتنقوا الحق بعض الذين جعلوا انفسهم آنذاك متوافرين للمساعدة في ترجمة المطبوعات بالپرتغالية.‏ وسرعان ما كان هنالك مخزون جيد من المطبوعات بتلك اللغة.‏

      ومن البرازيل ذهب الاخ يونڠ الى الارجنتين سنة ١٩٢٤ ورتَّب لتوزيع مجاني لـ‍ ٠٠٠‏,٣٠٠ مطبوعة بالاسپانية في ٢٥ بلدة ومدينة رئيسية.‏ وفي تلك السنة نفسها سافر ايضا شخصيا الى تشيلي،‏ پيرو،‏ وبوليڤيا لتوزيع النشرات.‏

      وسرعان ما كان جورج يونڠ في طريقه للاعتناء بتعيين جديد.‏ وهذه المرة كان اسپانيا والپرتغال.‏ وبعد ان عرَّفه السفير البريطاني بالرسميين الحكوميين المحليين،‏ تمكَّن ان يرتِّب ان يخطب الاخ رذرفورد في الحضور في برشلونة ومدريد،‏ وكذلك في عاصمة الپرتغال.‏ وبعد هذه المحاضرات،‏ اعطى مجموع من اكثر من ٣٥٠‏,٢ شخصا اسماءهم وعناوينهم مع طلبات من اجل معلومات اضافية.‏ وبعد ذلك نُشر الخطاب في احدى الصحف الاسپانية الكبيرة،‏ وفي شكل نشرة أُرسل بالبريد الى الناس في كل انحاء البلد.‏ وظهر ايضا في الصحافة الپرتغالية.‏

      وبهذه الوسائل تجاوزت الرسالة حدود اسپانيا والپرتغال كثيرا.‏ فبحلول نهاية السنة ١٩٢٥،‏ كانت البشارة قد اخترقت جزر الرأس الاخضر (‏الآن جمهورية الرأس الاخضر)‏،‏ ماديرا،‏ افريقيا الشرقية الپرتغالية (‏الآن موزَمبيق)‏،‏ افريقيا الغربية الپرتغالية (‏الآن آنڠولا)‏،‏ والجزر في المحيط الهندي.‏

      وفي السنة التالية صُنعت الترتيبات لطبع القرار القوي «شهادة لحكام العالم» في الصحيفة الاسپانية لا ليبِرتاد.‏ وساعد البث الاذاعي وتوزيع الكتب،‏ والكراريس،‏ والنشرات،‏ وكذلك عروض «رواية الخلق المصوَّرة» على تكثيف الشهادة.‏ وفي السنة ١٩٣٢ تجاوب فاتحون انكليز عديدون مع الدعوة الى المساعدة في هذا الحقل،‏ فغطَّوا نظاميا اجزاء كبيرة من البلد بمطبوعات الكتاب المقدس الى ان ألزمتهم الحرب الاهلية الاسپانية بالمغادرة.‏

      في هذه الاثناء،‏ عند وصوله الى الارجنتين،‏ سرعان ما بدأ الاخ مونييز بالكرازة فيما كان يعيل نفسه باصلاح الساعات.‏ وبالاضافة الى عمله في الارجنتين،‏ منح الانتباه لاورڠواي،‏ پاراڠواي،‏ وتشيلي.‏ وتلبية لطلبه اتى بعض الاخوة من اوروپا ليشهدوا للسكان الناطقين بالالمانية.‏ وبعد سنوات عديدة اخبر كارلوس أُت انهم كانوا يبدأون خدمة يومهم عند الساعة ٠٠:‏٤ صباحا بوضع النشرات تحت كل باب في المقاطعة.‏ وفي وقت لاحق من اليوم كانوا يعودون ليقدِّموا شهادة اضافية وليعرضوا مزيدا من مطبوعات الكتاب المقدس على اصحاب البيوت المهتمين.‏ ومن بونس إيريس انتشر الذين اشتركوا في الخدمة كامل الوقت في كل انحاء البلد،‏ متَّبعين اولا خطوط السكة الحديدية التي تتشعب مئات الاميال من العاصمة كالاصابع المفتوحة في يدكم،‏ مستعملين بعد ذلك كل وسيلة نقل اخرى امكنهم ايجادها.‏ لقد كان لديهم القليل جدا ماديا واحتملوا الكثير من المشقة،‏ ولكنهم كانوا اغنياء روحيا.‏

      وأحد اولئك العاملين الغيورين في الارجنتين كان نيكولاس أرخيروس،‏ يوناني.‏ وباكرا في السنة ١٩٣٠،‏ عندما حصل على بعض المطبوعات التي اصدرتها جمعية برج المراقبة،‏ اثَّر فيه خصوصا كراس بعنوان Hell (‏الهاوية‏)‏‏،‏ بعناوين فرعية تسأل «ما هي؟‏ مَن هم هناك؟‏ هل يمكنهم ان يخرجوا؟‏» لقد اذهله ان يجد ان هذا الكراس لا يصوِّر الخطاة يُشوَوْن على مشواة.‏ وكم ادهشه ان يعرف ان نار الهاوية هي كذبة دينية مبتكَرة لاخافة الناس،‏ كما اخافته هو!‏ فابتدأ فورا يخبر بالحق —‏ اولا اليونان؛‏ ثم،‏ اذ تحسنت اسپانيته،‏ الآخرين.‏ وكان كل شهر يخصِّص بين ٢٠٠ و ٣٠٠ ساعة لاخبار الآخرين بالبشارة.‏ واذ استخدم قدميه وكل وسيلة نقل متوافرة اخرى،‏ نشر حقائق الكتاب المقدس في ١٤ من الـ‍ ٢٢ مقاطعة في الارجنتين.‏ واذ انتقل من مكان الى مكان،‏ نام في اسرَّة عندما كان يقدِّمها له اناس مضيافون،‏ في العراء غالبا،‏ وحتى في حظائر الماشية مع حمار كمنبِّه!‏

      والآخر الذي كانت له روح الفاتح الحقيقي هو ريخارد تروپ،‏ الذي تعلَّم الحق في بونس إيريس.‏ لقد كان تواقا الى اخبار الناس بالبشارة عبر الأنديز،‏ في تشيلي.‏ وفي السنة ١٩٣٠،‏ بعد خمس سنوات من معموديته،‏ وصل الى تشيلي —‏ الشاهد الوحيد في بلد من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤ شخص.‏ في البداية كان لديه الكتاب المقدس فقط ليعمل به،‏ ولكنه ابتدأ يقوم بالزيارات من بيت الى بيت.‏ لم تكن هنالك اجتماعات جماعية ليحضرها،‏ ولذلك ايام الآحاد،‏ في الوقت المعتاد للاجتماع،‏ كان يسير الى جبل سان كريستوبال،‏ يجلس في ظل شجرة،‏ وينهمك في الدرس الشخصي والصلاة.‏ وبعد ان استأجر شقة،‏ ابتدأ يدعو الناس الى الاجتماعات هناك.‏ والشخص الآخر الوحيد الذي اتى الى الاجتماع الاول كان خوان فلورِس،‏ الذي سأل:‏ «والآخرون،‏ متى سيأتون؟‏» فردّ الاخ تروپ:‏ «سيأتون.‏» وقد اتوا.‏ ففي اقل من سنة،‏ صار ١٣ شخصا خداما معتمدين ليهوه.‏

      وبعد اربع سنوات،‏ وحَّدت شاهدتان لم تلتقيا من قبل قط جهودهما للكرازة بالبشارة في كولومبيا.‏ وبعد سنة مثمرة هناك،‏ كان على هِلما شوبِر ان تعود الى الولايات المتحدة.‏ أما كاتي پالم فركبت سفينة متوجِّهة الى تشيلي،‏ مستخدمة الـ‍ ١٧ يوما في البحر لتشهد للطاقم والركاب على السواء.‏ وخلال العقد التالي عملت من ابعد مرفإ بحري لتشيلي في الشمال،‏ أريكا،‏ الى ابعد ممتلكاتها في الجنوب،‏ تييرا دَل فووَيڠو.‏ لقد زارت المؤسسات التجارية وشهدت للرسميين الحكوميين.‏ واذ وضعت خُرْجا على كتفيها لحمل المطبوعات،‏ وأخذت اشياء ضرورية مثل حِرام لتنام فيه وصلت الى مخيَّمات التعدين ومزارع الخراف الابعد.‏ لقد كانت حياة فاتح حقيقي.‏ وكان هنالك آخرون اشتركوا في الروح نفسها —‏ البعض من العزّاب،‏ البعض من المتزوجين،‏ الصغار والكبار.‏

      خلال السنة ١٩٣٢،‏ بُذل جهد خصوصي لنشر رسالة الملكوت في بلدان اميركا اللاتينية حيث القليل من الكرازة كان قد جرى حتى ذلك الحين.‏ وفي تلك السنة مُنح كراس الملكوت،‏ رجاء العالم توزيعا غير عادي.‏ وهذا الكراس احتوى على محاضرة كانت قد سُمعت عبر بث اذاعي اممي.‏ والآن وُزِّعت نحو ٠٠٠‏,٤٠ نسخة من الخطاب في شكل مطبوع في تشيلي،‏ ٠٠٠‏,٢٥ نسخة في بوليڤيا،‏ ٠٠٠‏,٢٥ في پيرو،‏ ٠٠٠‏,١٥ في إكوادور،‏ ٠٠٠‏,٢٠ في كولومبيا،‏ ٠٠٠‏,١٠ في سانتو دومينڠو (‏الآن جمهورية الدومينيكان)‏،‏ و ٠٠٠‏,١٠ اخرى في پورتو ريكو.‏ حقا،‏ كان يُنادَى برسالة الملكوت،‏ وبقوة كبيرة.‏

      وبحلول السنة ١٩٣٥،‏ كان هنالك في اميركا الجنوبية نفسها ٢٤٧ فقط ممَّن ضمُّوا اصواتهم للمناداة بأن ملكوت اللّٰه وحده سيجلب السعادة الحقيقية للجنس البشري.‏ ولكن يا للشهادة التي قدَّموها!‏

      بلوغ الناس في المناطق الابعد ايضا

      لم يتَّخذ شهود يهوه على الاطلاق النظرة ان مسؤوليتهم امام اللّٰه تتم بمجرد التحدث الى القليلين الذين يحدث ان يكونوا جيرانهم.‏ فقد سعوا الى بلوغ كل فرد بالبشارة.‏

      ان الناس الذين يعيشون في اماكن لم يتمكن الشهود آنذاك من السفر اليها شخصيا كان يمكن بلوغهم بطرائق اخرى.‏ وهكذا في اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ارسل الشهود في كَيْپ تاون،‏ جنوب افريقيا،‏ بالبريد ٠٠٠‏,٥٠ كراس الى كل المزارعين،‏ حافظي المنائر،‏ حراس الغابات،‏ والآخرين الذين يسكنون في المناطق المنعزلة.‏ وجرى الحصول ايضا على دليل بريدي حديث لكل جنوب غرب افريقيا (‏المعروفة الآن بـ‍ ناميبيا)‏،‏ وأُرسلت بالبريد نسخة من كراس The Peoples Friend (‏صديق الشعوب‏)‏ الى كل فرد ظهر اسمه في ذلك الدليل.‏

      وفي السنة ١٩٢٩،‏ جُعل ف.‏ ج.‏ فرانسكي مسؤولا عن المركب الشراعي لجمعية برج المراقبة مورتِن وعُيِّن مع جيمي جيمس لبلوغ الناس في لابرادور وجميع قرى الصيد في نيوفاوندلند.‏ وفي الشتاء سافر الاخ فرانسكي الى الساحل مستخدما فريقا من الكلاب لجرّ المزلج.‏ ولتغطية كلفة مطبوعات الكتاب المقدس التي كان يتركها لديهم،‏ كان سكان الاسكيمو ونيوفاوندلند يعطونه اشياء مثل سِلع جلدية وسمك.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ وصل الى عمَّال المناجم،‏ الخشَّابين،‏ صيادي الحيوانات،‏ اصحاب المزارع،‏ والهنود في منطقة كاريبو الوعرة في كولومبيا البريطانية.‏ وفي اثناء سفره كان يصطاد لكي يحصل على اللحم،‏ يلتقط التوت البري،‏ ويخبز خبزه في مقلاة على نار مخيَّم في العراء.‏ ثم،‏ في وقت آخر،‏ استخدم هو ورفيق له قاربا لصيد السَّلمون للتنقل اذ كانا يحملان رسالة الملكوت الى كل جزيرة،‏ خليج،‏ مخيَّم للخشَّابين،‏ منارة،‏ وقرية صغيرة على طول ساحل كندا الغربي.‏ لقد كان واحدا فقط من كثيرين بذلوا جهودا خصوصية لبلوغ الناس الساكنين في مناطق الارض البعيدة.‏

      وابتداء من اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ شق فرانك داي طريقه شمالا عبر قرى ألاسكا،‏ كارزا،‏ موزِّعا المطبوعات،‏ وبائعا النظارات لكي يعتني بحاجاته الجسدية.‏ ومع انه يعرج برجل اصطناعية،‏ غطَّى منطقة تمتد من كِتْشيكَن الى نُوم،‏ مسافة ٢٠٠‏,١ ميل (‏٩٠٠‏,١ كلم)‏ تقريبا.‏ وقديما في السنة ١٨٩٧،‏ حصل عامل منجم ذهب على نسخ من الفجر الالفي وبرج المراقبة عندما كان في كاليفورنيا وكان يصنع الخطط لاخذها معه الى ألاسكا.‏ وفي السنة ١٩١٠ كان القبطان بيمز،‏ ربّان سفينة صيد للحيتان،‏ قد وزَّع مطبوعات في المرافئ التي يتوقف فيها في ألاسكا.‏ لكنَّ النشاط الكرازي ابتدأ يتوسع عندما قام الاخ داي برحلاته الصيفية الى ألاسكا مرة بعد اخرى طوال اكثر من ١٢ سنة.‏

      واذ استخدم شاهدان آخران زورقا مزوَّدا بمحرِّك طوله ٤٠ قدما (‏١٢ م)‏ يُدعى استير،‏ شقَّا طريقهما نحو الساحل النَّروجي بعيدا في القطب الشمالي.‏ فشهدا في الجزر،‏ عند المنائر،‏ في القرى الساحلية،‏ وبعيدا في الاماكن المنعزلة في الجبال.‏ فرحَّب بهما كثيرون من الناس،‏ وفي غضون سنة تمكَّنا من توزيع ٠٠٠‏,١٠ الى ٠٠٠‏,١٥ كتاب وكراس توضح قصد اللّٰه للجنس البشري.‏

      الجزر تسمع تسابيح يهوه

      لم تكن تلك الجزر القريبة من شواطئ البر الرئيسي الوحيدة التي أُعطيت الشهادة.‏ ففي وسط المحيط الپاسيفيكي،‏ في وقت باكر من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قضى سيدني شِپرْد سنتين مسافرا بالقارب ليكرز في جزر كوك وتاهيتي.‏ والى ابعد غربا،‏ كان جورج وِنْتون يزور نيو هَبْريديز (‏الآن ڤانواتو)‏ حاملا البشارة.‏

      وفي الوقت نفسه تقريبا،‏ كان جوزيف دوس سانتوس،‏ پرتغالي-‏اميركي،‏ يهدف ايضا الى بلوغ المقاطعة غير المخدومة.‏ فشهد اولا في جزر هاوايي الخارجية؛‏ ثم شرع في جولة كرازية حول الارض.‏ ولكنه عندما وصل الى الفيليپين تلقى رسالة من الاخ رذرفورد يطلب منه ان يبقى هناك ليبني وينظِّم نشاط الكرازة بالملكوت.‏ ففعل ذلك طوال ١٥ سنة.‏

      في هذا الوقت كان فرع الجمعية في اوستراليا يوجِّه الانتباه الى العمل في المحيط الپاسيفيكي الجنوبي وحوله.‏ فقدَّم فاتحان مرسَلان من هناك شهادة واسعة في فيجي في ١٩٣٠-‏١٩٣١.‏ وتلقَّت سامْوا شهادة في السنة ١٩٣١.‏ وجرى بلوغ كاليدونيا الجديدة سنة ١٩٣٢.‏ وباشر ايضا زوجان فاتحان من اوستراليا الخدمة في الصين سنة ١٩٣٣ وشهدا في ١٣ من مدنها الرئيسية خلال السنوات القليلة التالية.‏

      ادرك الاخوة في اوستراليا انه يمكن انجاز المزيد اذا كان لديهم قارب تحت تصرفهم.‏ وفي الوقت المعيَّن حصلوا على مركب شراعي طوله ٥٢ قدما (‏١٦ م)‏ سمَّوه حامل النور وابتداء من وقت باكر من السنة ١٩٣٥ استخدموه طوال سنوات عديدة كقاعدة لعمليات فريق من الاخوة الغيورين فيما كانوا يشهدون في جزر الهند الشرقية الهولندية (‏الآن إندونيسيا)‏،‏ سنڠافورة،‏ وملايو.‏ ووصول القارب كان دائما يلفت انتباها كثيرا،‏ وهذا غالبا ما كان يمهِّد الطريق للاخوة ليكرزوا ويوزِّعوا مطبوعات كثيرة.‏

      في هذه الاثناء،‏ في الجانب الآخر من الارض،‏ قرَّرت اختان فاتحتان من الدنمارك ان تقوما برحلة عطلة الى جزر فارو في المحيط الاطلسي الشمالي سنة ١٩٣٥.‏ ولكنهما كانتا تفكِّران في اكثر من رحلة سياحية.‏ فقد ذهبتا مجهَّزتين بآ‌لاف المطبوعات،‏ وقد استعملتاها جيدا.‏ واذ تحدَّتا الريح والمطر وعداء رجال الدين،‏ غطَّتا قدر ما استطاعتا من الجزر المسكونة خلال مدة بقائهما.‏

      والى ابعد غربا،‏ باشر جورج ليندَل،‏ ايسلندي-‏كندي،‏ تعيينا دام مدة اطول بكثير.‏ فبناءً على اقتراح الاخ رذرفورد،‏ انتقل الى ايسلندا ليخدم كفاتح في السنة ١٩٢٩.‏ ويا للاحتمال الذي اظهره!‏ فطوال معظم السنوات الـ‍ ١٨ التالية خدم هناك وحده.‏ فزار البلدات والقرى مرة بعد اخرى.‏ ووُزِّعت عشرات الآلاف من المطبوعات،‏ ولكن في ذلك الوقت لم ينضمَّ اليه ايّ ايسلندي في خدمة يهوه.‏ وباستثناء سنة واحدة،‏ لم يكن هنالك شهود يمكن ان يعاشرهم في ايسلندا حتى السنة ١٩٤٧،‏ حين وصل مرسَلان مدرَّبان في جلعاد.‏

      عندما يمنع الناس ما يوصي به اللّٰه

      عند الاشتراك في خدمتهم العامة،‏ لم يكن غير عادي على الاطلاق،‏ وخصوصا من عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ الى اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ان يواجه الشهود المقاومة التي يثيرها عادةً رجال الدين المحليون وأحيانا الرسميون الحكوميون.‏

      ففي منطقة ريفية شمالي ڤيينا،‏ النمسا،‏ وجد الشهود انفسهم في مواجهة جمع عدائي من القرويين الذين حرَّضهم الكاهن المحلي،‏ الذي كانت تدعمه شرطة المنطقة.‏ وكان الكهنة مصمِّمين ان لا يكرز شهود يهوه في قراهم.‏ لكنَّ الشهود،‏ اذ كانوا مصمِّمين على اتمام تعيينهم المعطى من اللّٰه،‏ غيَّروا اقترابهم وعادوا في يوم آخر،‏ داخلين القرى بطرائق غير مباشرة.‏

      وبصرف النظر عن التهديدات والطلبات من جهة الناس،‏ ادرك شهود يهوه ان لديهم التزاما امام اللّٰه ان ينادوا بملكوته.‏ فقد اختاروا ان يطيعوا اللّٰه كحاكم اكثر من الناس.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ وحيث حاول الرسميون المحليون حرمان شهود يهوه حريتهم الدينية،‏ اتى الشهود بأعداد اكبر.‏

      بعد توقيفات متكررة في قطاع من باڤاريا،‏ في المانيا،‏ سنة ١٩٢٩،‏ استأجروا قطارين خصوصيين —‏ الاول لينطلق من برلين والآخر من دْرَسْدن.‏ وهذان التقيا معا في رايخِنْباخ،‏ وعند الساعة ٠٠:‏٢ صباحا دخل القطار الاول منطقة رايڠِنْزْبورڠ بـ‍ ٢٠٠‏,١ راكب كانوا تواقين الى الاشتراك في تقديم شهادة.‏ كان السفر مكلفا،‏ وكل واحد كان قد دفع اجرة سفره.‏ وعند كل محطة للسكة الحديدية جرى انزال البعض.‏ وكان عدد منهم قد جلبوا دراجات لكي يتمكنوا من بلوغ الريف.‏ فجرت تغطية المنطقة بكاملها في يوم واحد.‏ وعندما رأوا نتائج جهودهم المتحدة،‏ لم يسعهم إلا ان يتذكروا وعد اللّٰه لخدامه:‏ «كل آلة صُوِّرت ضدك لا تنجح.‏» —‏ اشعياء ٥٤:‏١٧‏.‏

      كان الشهود في المانيا غيورين حتى انهم وزَّعوا بين السنتين ١٩١٩ و ١٩٣٣،‏ كما يُقدَّر،‏ على الاقل ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٢٥ كتاب،‏ كراس،‏ ومجلة،‏ بالاضافة الى ملايين النشرات.‏ ولكن كانت هنالك نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٥ عائلة فقط في المانيا في ذلك الحين.‏ فتلقَّت المانيا خلال تلك الفترة شهادة تامة كتلك المعطاة في ايّ بلد على الارض.‏ وفي هذا الجزء من الارض وُجد احد اكبر الحشود من الاشخاص الذين يقرّون بأنهم أتباع المسيح الممسوحون بالروح.‏ ولكن خلال السنوات التالية،‏ اختبروا ايضا بعض امتحانات الاستقامة الاكثر ارهاقا.‏ —‏ رؤيا ١٤:‏١٢‏.‏

      في السنة ١٩٣٣،‏ اشتدت كثيرا المقاومة الرسمية لعمل شهود يهوه في المانيا.‏ ففتَّش الڠستاپو تكرارا بيوت الشهود ومكتب فرع الجمعية.‏ وفُرض الحظر على نشاط الشهود في معظم ولايات المانيا،‏ وأُوقف البعض.‏ وأُحرقت علنا اطنان عديدة من كتبهم المقدسة ومطبوعاتهم المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وفي ١ نيسان ١٩٣٥،‏ صدر قانون قومي يحظر الـ‍ Ernste Bibelforscher (‏تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيين،‏ او شهود يهوه)‏،‏ وبُذلت جهود نظامية لحرمانهم وسيلة عيشهم.‏ وبدورهم،‏ حوَّل الشهود كل اجتماعاتهم الى فرق صغيرة،‏ رتَّبوا لاعادة انتاج موادهم لدرس الكتاب المقدس في اشكال لا يدركها الڠستاپو بسهولة،‏ وتبنَّوا اساليب كرازية غير لافتة للنظر.‏

      وحتى قبل ذلك،‏ منذ السنة ١٩٢٥،‏ كان الاخوة في ايطاليا يعيشون تحت سلطة دكتاتورية فاشية،‏ وفي السنة ١٩٢٩ وُقِّعت اتفاقية بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة الفاشية.‏ فجرت مطاردة المسيحيين الحقيقيين دون رحمة.‏ وكان البعض يجتمعون في حظائر الماشية ومخازن التبن لكي يتجنبوا اعتقالهم.‏ وشهود يهوه في ايطاليا كانوا قليلي العدد جدا في ذلك الحين؛‏ لكنَّ جهودهم لنشر رسالة الملكوت تعزَّزت سنة ١٩٣٢ عندما عبر ٢٠ شاهدا من سويسرا الى ايطاليا وقاموا بتوزيع سريع جدا لـ‍ ٠٠٠‏,٣٠٠ نسخة من كراس الملكوت،‏ رجاء العالم.‏

      وفي الشرق الاقصى ايضا كان الضغط يتزايد.‏ فكانت هنالك توقيفات لشهود يهوه في اليابان.‏ وأتلف الرسميون كميات كبيرة من مطبوعاتهم المؤسسة على الكتاب المقدس في سييول (‏في ما هو الآن جمهورية كوريا)‏ وپيونڠيانڠ (‏في ما هو الآن جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية)‏.‏

      في وسط هذا الضغط المتعاظم،‏ في السنة ١٩٣٥،‏ احرز شهود يهوه فهما واضحا من الكتاب المقدس لهوية ‹الجمع الكثير› في الرؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏.‏ وهذا الفهم فتح لهم الفرصة ليدركوا عملا ملحا وغير متوقع.‏ (‏اشعياء ٥٥:‏٥‏)‏ فلم يعودوا يتمسكون بالنظرة ان كل الذين ليسوا من «القطيع الصغير» من ورثة الملكوت السماوي سيحصلون في وقت ما في المستقبل على فرصة جعل حياتهم على انسجام مع مطالب يهوه.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ وأدركوا ان الوقت قد حان لتلمذة اناس كهؤلاء الآن بغية نجاتهم الى عالم اللّٰه الجديد.‏ أما كم من الوقت سيستمر تجميع هذا الجمع الكثير من جميع الامم فلم يعرفوا،‏ مع انهم شعروا بأن نهاية النظام الشرير لا بد ان تكون قريبة جدا.‏ وتماما كيف سيُنجز العمل في وجه الاضطهاد الذي كان ينتشر ويصير اقسى،‏ لم يكونوا متأكدين.‏ ولكنهم كانوا على يقين من هذا —‏ بما ان ‹يد يهوه لا تقصر،‏› فانه سيفتح الطريق امامهم ليتمِّموا مشيئته.‏ —‏ اشعياء ٥٩:‏١‏،‏ ع‌ج‏.‏

      في السنة ١٩٣٥،‏ كان شهود يهوه قليلي العدد نسبيا —‏ ١٥٣‏,٥٦ فقط في كل العالم.‏

      كانوا يكرزون في ١١٥ بلدا خلال تلك السنة؛‏ ولكن في نصف هذه البلدان تقريبا كان هنالك اقل من عشرة شهود.‏ وفقط بَلَدان كان فيهما ٠٠٠‏,١٠ شاهد نشيط ليهوه او اكثر (‏الولايات المتحدة،‏ بـ‍ ٨٠٨‏,٢٣؛‏ المانيا،‏ بما يُقدَّر بـ‍ ٠٠٠‏,١٠ من اصل ٢٦٨‏,١٩ ممَّن كانوا قادرين على تقديم تقريرهم قبل سنتين)‏.‏ وسبعة بلدان اخرى (‏اوستراليا،‏ بريطانيا،‏ پولندا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ رومانيا،‏ فرنسا،‏ وكندا)‏ قدَّم كلٌّ منها تقريرا بأكثر من ٠٠٠‏,١ ولكن اقل من ٠٠٠‏,٦ شاهد.‏ وسجل النشاط في ٢١ بلدا آخر يُظهِر بين ١٠٠ و ٠٠٠‏,١ شاهد في كلٍّ منها.‏ ومع ذلك،‏ خلال تلك السنة الواحدة،‏ خصَّصت هذه الفرقة الغيورة من الشهود حول العالم ٤٢٤‏,١٦١‏,٨ ساعة للمناداة بملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏

      وبالاضافة الى البلدان التي كانوا مشغولين فيها خلال السنة ١٩٣٥،‏ كانوا قد نشروا البشارة في اماكن اخرى،‏ بحيث جرى بلوغ ١٤٩ بلدا ومجموعة جزر برسالة الملكوت حتى ذلك الحين.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٢٣]‏

      رغم الحجز في السجن،‏ وجدوا فرصا للكرازة

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٢٥]‏

      مستعدون وتواقون الى المضي قُدُما في العمل!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٤١]‏

      تحدَّتا الريح،‏ المطر،‏ وعداء رجال الدين

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٤٢]‏

      قُدِّمت في المانيا شهادة بأبعاد فوق العادة قبل حظر الـ‍ “Ernste Bibelforscher” هناك

      ‏[الخريطة/‏الصورتان في الصفحة ٤٢٤]‏

      فيما العالم متورط في الحرب،‏ كان ر.‏ ر.‏ هوليستر وفاني ماكينزي مشغولَين بأخذ رسالة السلام الى الناس في الصين،‏ كوريا،‏ واليابان

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      كوريا

      اليابان

      الصين

      المحيط الپاسيفيكي

      ‏[الخريطة في الصفحة ٤٢٩]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      عندما تعلَّم المهاجرون من البلدان المذكورة في هذه الخريطة عن قصد اللّٰه البديع ان يبارك الجنس البشري،‏ شعروا بالاندفاع الى اخذ هذه الاخبار الى مواطنهم

      الاميركتان

      ↓ ↓

      النمسا

      بلغاريا

      قبرص

      تشيكوسلوڤاكيا

      الدنمارك

      فنلندا

      المانيا

      اليونان

      هنڠاريا

      ايطاليا

      النَّذَرلند

      نَروج

      پولندا

      الپرتغال

      رومانيا

      اسپانيا

      السويد

      سويسرا

      تركيا

      يوڠوسلاڤيا

      ‏[الخريطة في الصفحة ٤٣٣]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      خلال عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انتقل مبشرون من المانيا الى بلدان كثيرة لتقديم شهادة

      المانيا

      ↓ ↓

      اميركا الجنوبية

      افريقيا الشمالية

      آسيا

      ‏[الخريطة/‏الصورتان في الصفحة ٤٣٤]‏

      الفاتحون الغيورون مثل فرانك سميث وأخيه ڠراي (‏الظاهر في الصورة العليا)‏ نشروا البشارة باتجاه ساحل افريقيا الشرقي

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      اوغندا

      كينيا

      تَنزانيا

      جنوب افريقيا

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٣٨]‏

      في كل انحاء جنوب غرب افريقيا (‏الآن ناميبيا)‏ تسلَّم الناس هذا الكراس بالبريد في السنة ١٩٢٨

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ناميبيا

      ‏[الخريطة/‏الصورتان في الصفحة ٤٤٠]‏

      على متن «حامل النور» نشر الفاتحون الغيورون رسالة الملكوت في جنوب شرق آسيا

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      ملايو

      بورنيو

      سيليبيز

      سومطْرة

      جاوا

      تيمور

      غينيا الجديدة

      اوستراليا

      المحيط الپاسيفيكي

      ‏[الصور في الصفحة ٤٢٧]‏

      في بلدان كثيرة جذبت المحاضرة «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا» أعدادا كبيرة من الحضور

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٢٦]‏

      أدوين سكوت،‏ في جنوب افريقيا،‏ وزَّع شخصيا ٠٠٠‏,٥٠ نسخة من «تحدٍّ لقادة العالم»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٢٨]‏

      تجاوبًا مع الدعوة الى مبشرين،‏ خدم ڤيلي أُنڠْلوب في اوروپا،‏ افريقيا،‏ والمشرق

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٣١]‏

      بحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان لكلٍّ من ايريك كوك وأخيه جون (‏جالس)‏ اكثر من ٦٠ سنة في الخدمة كامل الوقت،‏ متمتعَين باختبارات مثيرة في اوروپا وافريقيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣٠]‏

      عندما ذهب الى الهند سنة ١٩٢٦،‏ كان لدى أدوين سكينر تعيين شمل خمسة بلدان؛‏ وقد ظل يكرز هناك بأمانة طوال ٦٤ سنة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣٢]‏

      ألفرِد وفْرِيدا توتْشِك،‏ اذ كانا مزوَّدَين بضرورات الحياة والمطبوعات للشهادة،‏ خدما كفاتحَين في يوڠوسلاڤيا القديمة

      ‏[الصور في الصفحة ٤٣٥]‏

      في كل انحاء افريقيا الغربية اشترك «بايبل براون» بنشاط في تشهير العبادة الباطلة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣٦]‏

      جورج يونڠ اشترك في المناداة الواسعة الانتشار بملكوت اللّٰه في اميركا الجنوبية،‏ اسپانيا،‏ والپرتغال

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣٧]‏

      خوان مونييز (‏الى اليسار)‏،‏ الذي كان يكرز في اميركا الجنوبية منذ السنة ١٩٢٤،‏ كان حاضرا ليرحِّب بـ‍ ن.‏ ه‍.‏ نور عندما زار اولا الارجنتين بعد اكثر من ٢٠ سنة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣٩]‏

      نيكولاس أرخيروس نشر حق الكتاب المقدس المحرِّر في ١٤ من مقاطعات الارجنتين

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٣٨]‏

      ف.‏ ج.‏ فرانسكي،‏ اذ سافر في البر وبالمركب،‏ سعى الى بلوغ القرى الصغيرة البعيدة بحق الكتاب المقدس

  • الجزء ٣ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      الجزء ٣ —‏ شهود الى اقصى الارض

      يُنشر تقرير عالمي عن الكرازة برسالة الملكوت من السنة ١٩٣٥ حتى السنة ١٩٤٥ في الصفحات ٤٤٤ الى ٤٦١.‏ ان السنة ١٩٣٥ مهمة الى حد كبير لأنه في ذلك الحين حُدِّدت هوية الجمع الكثير في الرؤيا ٧:‏٩‏.‏ وفي ما يتعلق بتجميع هذا الفريق،‏ ابتدأ شهود يهوه يفهمون ان الكتاب المقدس وضع امامهم عملا ذا أبعاد اعظم من ايّ عمل سبقه.‏ فكيف شرعوا فيه عندما صارت الامم متورطة في الحرب العالمية الثانية وفرضت غالبية البلدان حظرا عليهم او على مطبوعاتهم المؤسسة على الكتاب المقدس؟‏

      عندما كان شهود يهوه يقومون بخدمتهم خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان هدفهم ان يبلغوا اكبر عدد ممكن من الناس برسالة الملكوت.‏ واذا ميَّزوا اهتماما استثنائيا،‏ كان بعضهم يبقون معظم الليل يوضحون حقائق الكتاب المقدس ويجيبون عن الاسئلة لاشباع الجياع روحيا.‏ ولكن في اغلب الحالات،‏ كان الشهود يستعملون عروضا موجزة مصمَّمة لاثارة اهتمام اصحاب البيوت،‏ ثم يدَعون مطبوعة او محاضرة عامة من الكتاب المقدس تقوم بالباقي.‏ فعملهم كان عمل إعلام للناس،‏ زارعين بزور حق الملكوت.‏

      جهد مكثَّف لبلوغ اناس كثيرين بالبشارة

      أُنجز العمل بشعور الالحاح.‏ على سبيل المثال،‏ قديما في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما قرأ أرماندو مِنَتْسي،‏ في كوردوبا،‏ الارجنتين،‏ العرض الواضح لحق الكتاب المقدس في الكراسين الهاوية و اين هم الموتى؟‏،‏ عمل بشكل حاسم.‏ (‏مزمور ١٤٥:‏٢٠؛‏ جامعة ٩:‏٥؛‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏)‏ واذ اندفع بما تعلَّمه،‏ وأثارته الغيرة التي اظهرها نيكولاس أرخيروس،‏ باع محله لاصلاح السيارات ليقف نفسه للكرازة بالحق كفاتح.‏ ثم في اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ بتشجيع منه،‏ اشترى الشهود في كوردوبا باصا قديما،‏ ركَّبوا اسرَّة،‏ واستخدموا هذه المركبة لاخذ عشرة ناشرين او اكثر في رحلات كرازية تدوم اسبوعا،‏ اسبوعين،‏ او حتى ثلاثة اشهر.‏ وفيما كان يخطَّط لهذه الرحلات،‏ كانت تُتاح لاخوة وأخوات مختلفين من الجماعة فرصة الذهاب.‏ وكان لكل واحد في الفريق عمله المعيَّن —‏ التنظيف،‏ الطبخ،‏ او صيد السمك وصيد الحيوانات من اجل الطعام.‏ فكرز هذا الفريق الغيور من بيت الى بيت في عشر مقاطعات ارجنتينية على الاقل،‏ مغطِّيا المدن والقرى وبالغا المزارع المتفرقة.‏

      ظهرت روح مماثلة في الحقل الاوسترالي.‏ فكثير من الشهادة أُنجز في المدن الساحلية الآهلة بالسكان بكثافة.‏ لكنَّ الشهود هناك سعَوا ايضا الى بلوغ الناس الساكنين في المناطق النائية.‏ وهكذا،‏ في ٣١ آذار ١٩٣٦،‏ لبلوغ الناس في مزارع الغنم والبقر المتفرقة في كل مكان من الريف المنعزل،‏ باشر آرثر ويليس وبيل نيولَنْدز رحلة اخذتهما ما مجموعه ٢٥٠‏,١٢ ميلا (‏٧١٠‏,١٩ كلم)‏.‏ ولم تكن هنالك طرقات في معظم رحلتهما —‏ مجرد مسالك وعرة عبر صحراء لا شجر فيها بحرارتها الثقيلة الوطأة وعواصفها الغبارية القوية.‏ لكنهما واصلا السير بعزم.‏ وحيثما وُجد اهتمام،‏ كانا يشغِّلان محاضرات مسجَّلة من الكتاب المقدس ويتركان المطبوعات.‏ وفي مناسبات اخرى،‏ كان جون إ.‏ (‏تِد)‏ سيووِل يذهب معهما؛‏ وبعد ذلك تطوع ليخدم في جنوب شرق آسيا.‏

      كانت المقاطعة التى يشرف عليها فرع الجمعية في اوستراليا تتجاوز كثيرا حدود اوستراليا نفسها.‏ فقد شملت الصين ومجموعات جزر ودُوَلًا تمتد من تاهيتي شرقا الى بورما (‏الآن ميانمار)‏ غربا،‏ مسافة ٥٠٠‏,٨ ميل (‏٧٠٠‏,١٣ كلم)‏.‏ وكانت ضمن هذه المنطقة اماكن مثل هونڠ كونڠ،‏ الهند الصينية (‏الآن كمبوديا،‏ لاوُس،‏ وڤيتنام)‏،‏ جزر الهند الشرقية الهولندية (‏بما فيها جزر مثل سومَطْرة،‏ جاوا،‏ وبورنيو)‏،‏ نيوزيلندا،‏ سَيام (‏الآن تايلند)‏،‏ وملايو.‏ ولم يكن غير عادي لناظر الفرع،‏ ألكسندر ماڠيلِڤْراي،‏ أسكتلندي،‏ ان يدعو فاتحا شابا غيورا الى مكتبه،‏ يريه خريطة لمقاطعة الفرع،‏ ويسأل:‏ ‹هل تريد ان تكون مرسَلا؟‏› ثم يسأل،‏ مشيرا الى بقعة أُنجِز فيها القليل او لا شيء من الكرازة:‏ ‹ما رأيك في افتتاح العمل في هذه المقاطعة؟‏›‏

      في اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان بعض هؤلاء الفاتحين قد انجزوا الكثير من العمل في جزر الهند الشرقية الهولندية (‏الآن إندونيسيا)‏ وسنڠافورة.‏ وفي السنة ١٩٣٥،‏ سافر فرانك دِيوَر،‏ نيوزيلندي،‏ مع فريق من هؤلاء الفاتحين على متن حامل النور حتى سنڠافورة.‏ ثم مباشرة قبل ان يتابع المركب سفره الى ساحل ملايو الشمالي الغربي،‏ قال القبطان ايريك إوِينز:‏ «حسنا،‏ فرانك،‏ ها قد وصلنا.‏ لا يمكننا ان نأخذك ابعد من ذلك.‏ انت اخترت الذهاب الى سَيام.‏ فاذهب الآن!‏» ولكنَّ فرانك كان قد صرف النظر تقريبا عن سَيام.‏ فقد تمتع بخدمته مع الفريق في المركب.‏ والآن ها هو وحده.‏

      توقف في كْوالالومپور الى ان استطاع جمع مال يكفي لبقية الرحلة،‏ ولكن فيما كان هناك وقع له حادث سير —‏ صدمته شاحنة فأوقعته عن دراجته.‏ وبعد ان استردّ عافيته،‏ وبخمسة دولارات فقط في جيبه،‏ ركب القطار متوجِّها من سنڠافورة الى بانكوك.‏ ولكن بايمان بقدرة يهوه على الاعالة،‏ واصل العمل.‏ وكان كلود ڠودمان قد كرز هناك لوقت قصير في السنة ١٩٣١؛‏ ولكن عندما وصل فرانك في تموز ١٩٣٦،‏ لم يكن هنالك شهود حاضرون ليرحِّبوا به.‏ ولكن خلال السنوات القليلة التالية،‏ اشترك آخرون في العمل —‏ ڤيلي أُنڠْلوب،‏ هانز توماس،‏ وكُرت ڠروبر من المانيا وتِد سيووِل من اوستراليا.‏ فوزَّعوا الكثير من المطبوعات،‏ ولكنَّ غالبيتها كانت بالانكليزية،‏ الصينية،‏ واليابانية.‏

      وعندما أُرسلت رسالة الى مركز الجمعية الرئيسي تقول ان الاخوة يحتاجون الى مطبوعات باللغة التايية ولكن لا يوجد مترجمون،‏ اجاب الاخ رذرفورد:‏ «انا لست في تايلند؛‏ انتم هناك.‏ آمنوا بيهوه واعملوا بجدّ،‏ وستجدون مترجما.‏» وهذا ما حدث.‏ فقد اعتنقت الحقَّ جومْجاي إنتاپان،‏ مديرة سابقة لمدرسة البنات المشيخية في شيانڠ ماي،‏ وبحلول السنة ١٩٤١ صارت تترجم مطبوعات الكتاب المقدس بالتايية.‏

      بعد اسبوع من مباشرة فرانك دِيوَر الكرازة في بانكوك،‏ عرَّج فرانك رايس،‏ الذي كان قد افتتح عمل الملكوت في جاوا (‏الآن جزء من إندونيسيا)‏،‏ على بانكوك في طريقه الى تعيين جديد في ما كان آنذاك الهند الصينية الفرنسية.‏ وكما فعل في مقاطعته السابقة،‏ كرز للذين يتكلمون الانكليزية فيما كان يتعلَّم اللغة المحلية.‏ وبعد تغطية سايڠون (‏الآن مدينة هو تشي مِنْهْ)‏،‏ درَّس اللغة الانكليزية لكي يشتري سيارة قديمة يستعملها لبلوغ الجزء الشمالي من البلد.‏ وكان اهتمامه لا الرفاهية المادية بل مصالح الملكوت.‏ (‏عبرانيين ١٣:‏٥‏)‏ واذ استخدم السيارة التي اشتراها،‏ شهد في البلدات والقرى وفي البيوت المنعزلة في كل الطريق الى هانوي.‏

      دعاية جريئة

      لاثارة الاهتمام برسالة الملكوت ولتنبيه الناس الى ضرورة اتخاذ اجراء حاسم،‏ استخدم الشهود في بلدان كثيرة وسائل لافتة للنظر.‏ فابتداء من السنة ١٩٣٦ في ڠلاسكو،‏ أسكتلندا،‏ كان الشهود يعلنون محاضرات المحافل بلبس اللافتات وتوزيع اوراق الدعوة في اماكن التسوق.‏ وبعد سنتين،‏ في السنة ١٩٣٨،‏ في ما يتعلق بمحفل في لندن،‏ انكلترا،‏ أُضيف وجه مؤثر آخر.‏ فقد قاد ناثان ه‍.‏ نور وألبرت د.‏ شرودر،‏ اللذان خدما معا في وقت لاحق في الهيئة الحاكمة،‏ موكبا من ألف شاهد تقريبا عبر المنطقة التجارية المركزية في لندن.‏ ولبس واحد من كل اثنين لافتة تعلن الخطاب العام «واجهوا الوقائع،‏» الذي كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد سيلقيه في قاعة ألبرت الملكية.‏ والآخرون حملوا لافتات تقول «الدين هو شرك وخدعة.‏» (‏في ذلك الحين كانوا يفهمون ان الدين هو كل عبادة غير منسجمة مع كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏)‏ وفي وقت لاحق من الاسبوع،‏ لابطال تأثير ردّ الفعل العدائي عند بعض العامة،‏ حمل بعض الذين في المقدمة لافتات تقول «اخدموا اللّٰه والمسيح الملك.‏» ولم يكن هذا النشاط سهلا على كثيرين من شهود يهوه،‏ لكنهم اعتبروه طريقة اخرى لخدمة يهوه،‏ امتحانا آخر لولائهم له.‏

      لم يكن الجميع مسرورين بالدعاية الجريئة التي منحها شهود يهوه لرسالتهم.‏ فرجال الدين في اوستراليا ونيوزيلندا كانوا يضغطون على مديري المحطات الاذاعية ليمنعوا كل البرامج الاذاعية التي يرعاها شهود يهوه.‏ وفي نيسان ١٩٣٨،‏ عندما كان الاخ رذرفورد في طريقه الى اوستراليا ليلقي محاضرة اذاعية،‏ اقتنع الرسميون الحكوميون بأن يلغوا ترتيبات صُنعت له لاستخدام قاعة مدينة سيدني والتسهيلات الاذاعية.‏ فاستُؤجر ملعب سيدني الرياضي بسرعة،‏ ونتيجة للدعاية الاعلامية الواسعة التي غطَّت المعارضة لزيارة الاخ رذرفورد،‏ اتى جمهور اكبر ايضا لسماع محاضرته.‏ وفي مناسبات اخرى،‏ عندما كان الشهود يُحرَمون حق استعمال التسهيلات الاذاعية،‏ كانوا يتجاوبون بمنح دعاية مكثَّفة للاجتماعات التي يجري الاستماع فيها الى محاضرات الاخ رذرفورد بواسطة جهاز الفونوڠراف.‏

      كان رجال الدين في بلجيكا يرسلون اولادا ليرموا الشهود بالحجارة،‏ وكان الكهنة يذهبون شخصيا الى البيوت ليجمعوا المطبوعات التي وُزِّعت.‏ ولكنَّ بعض القرويين كانوا يحبون ما يتعلَّمونه من شهود يهوه.‏ وكانوا يقولون غالبا:‏ «أَعطوني بعض كراريسكم؛‏ وعندما يأتي الكاهن،‏ يمكنني ان اعطيه واحدا لارضائه وأحتفظ بالباقي للقراءة!‏»‏

      ولكن ادَّت السنوات التالية الى مقاومة اقوى ايضا لشهود يهوه ورسالة الملكوت التي كانوا ينادون بها.‏

      الكرازة في اوروپا في وجه اضطهاد زمن الحرب

      لأنهم لم يكونوا ليهجروا ايمانهم ويكفّوا عن الكرازة،‏ سُجن آلاف من شهود يهوه في المانيا،‏ بلجيكا،‏ فرنسا،‏ النَّذَرلند،‏ والنمسا او أُرسلوا الى معسكرات الاعتقال النازية.‏ وهناك كانت المعاملة الوحشية امرا يوميا.‏ وأولئك الذين لم يكونوا في السجن بعدُ كانوا يواصلون خدمتهم بحذر.‏ وغالبا ما كانوا يعملون ومعهم مجرد الكتاب المقدس ويعرضون المطبوعات الاخرى فقط عندما يقومون بالزيارات المكررة للاشخاص المهتمين.‏ ولتفادي الاعتقال،‏ كان الشهود يزورون بيتا واحدا في مبنى سكني ثم ينتقلون ربما الى مبنى آخر،‏ او بعد زيارة بيت واحد فقط كانوا يذهبون الى شارع آخر قبل الاقتراب من بيت آخر.‏ ولكنهم لم يكونوا جبناء قط حيال تقديم شهادة.‏

      في ١٢ كانون الاول ١٩٣٦،‏ بعد اشهر قليلة فقط من اعتقال الڠستاپو آلافا من الشهود والاشخاص المهتمين الآخرين في جهد قومي النطاق لايقاف عملهم،‏ شنَّ الشهود انفسهم حملة.‏ فبسرعة البرق وضعوا عشرات الآلاف من النسخ من قرار مطبوع في العلب البريدية وتحت ابواب الناس في كل انحاء المانيا.‏ وهذه كانت تعترض على المعاملة القاسية التي كان يعانيها اخوتهم وأخواتهم المسيحيون.‏ وفي غضون ساعة واحدة بعد الابتداء بالتوزيع،‏ كانت الشرطة تعمل بسرعة محاولة القبض على الموزِّعين،‏ ولكنها لم تلقِ القبض إلا على نحو اثني عشر في البلد بكامله.‏

      صُعق الرسميون من امكانية القيام بحملة كهذه بعد كل ما فعلته الحكومة النازية لقمع العمل.‏ وعلاوة على ذلك،‏ صاروا خائفين من عامة الشعب.‏ ولماذا؟‏ لأنه عندما ذهبت الشرطة ورسميون آخرون يرتدون بِزَّات رسمية الى البيوت وسألوا عما اذا تسلَّم السكان منشورة كهذه،‏ نفى ذلك معظم الناس.‏ وفي الواقع،‏ لم تتسلَّم غالبيتهم اية منشورة.‏ فكانت قد سُلِّمت نسخ الى بيتين او ثلاثة فقط في كل مبنى.‏ لكنَّ الشرطة لم تكن تعرف ذلك.‏ فاعتقدت ان نسخة تُركت عند كل باب.‏

      خلال الاشهر التي تلت،‏ نفى الرسميون النازيون بكثير من الضجة التهم الموجَّهة في ذلك القرار المطبوع.‏ ولذلك،‏ في ٢٠ حزيران ١٩٣٧،‏ وزَّع الشهود الذين كانوا لا يزالون احرارا رسالة اخرى،‏ رسالة مفتوحة وافرة في تفصيلها عن الاضطهاد،‏ وثيقة سمَّت الرسميين وذكرت التواريخ والاماكن.‏ فكان الخوف عظيما بين الڠستاپو بسبب هذا التشهير وبسبب قدرة الشهود على تحقيق توزيع كهذا.‏

      والاختبارات العديدة لعائلة كوسِرو،‏ من باد ليپْشْپرينڠ،‏ المانيا،‏ اظهرت هذا التصميم عينه على تقديم شهادة.‏ وثمة مثال يشمل ما حدث بعد ان اعدم الحكم النازي ڤيلْهَلْم كوسِرو علنا في مونْسْتر بسبب رفضه المسايرة على ايمانه.‏ فقد ذهبت فورا والدة ڤيلْهَلْم،‏ هيلدا،‏ الى السجن وطلبت بالحاح الجثة من اجل الدفن.‏ قالت لعائلتها:‏ «سنقدِّم شهادة عظيمة للناس الذين يعرفونه.‏» وفي المأتم قدَّم والد ڤيلْهَلْم،‏ فرانز،‏ صلاة تعبِّر عن الايمان بتدابير يهوه الحبية.‏ وعند المدفن تكلم اخو ڤيلْهَلْم،‏ كارلْهاينْز،‏ بكلمات تعزية من الكتاب المقدس.‏ ولم يذهب ذلك دون عقاب،‏ ولكن بالنسبة اليهم كان الشيء المهم اكرام يهوه بتقديم شهادة عن اسمه وملكوته.‏

      واذ تفاقمت ضغوط زمن الحرب في النَّذَرلند،‏ عدَّل الشهود هناك بحكمة ترتيبات اجتماعاتهم.‏ فكانت هذه تُعقَد الآن في مجرد فرق من عشرة او اقل في بيوت خاصة.‏ وكانت اماكن الاجتماعات تتغير تكرارا.‏ وكل شاهد كان يحضر فقط مع فريقه الخاص،‏ وما من احد كان يبوح بعنوان مكان الدرس،‏ حتى ولا الى صديق موثوق به.‏ وفي ذلك الوقت من التاريخ،‏ حين كانت مجموعات بكاملها من السكان يُجبَرون على ترك بيوتهم نتيجة للحرب،‏ عرف شهود يهوه ان الناس يحتاجون بالحاح الى رسالة التعزية الموجودة فقط في كلمة اللّٰه،‏ وكانوا يخبرون بها بلا خوف.‏ ولكنَّ رسالة من مكتب الفرع ذكَّرت الاخوة بالحذر الذي اعرب عنه يسوع في مناسبات مختلفة عندما واجهه المقاومون.‏ (‏متى ١٠:‏١٦؛‏ ٢٢:‏​١٥-‏٢٢‏)‏ ونتيجة لذلك،‏ عندما يلتقون شخصا يُظهر العداء،‏ كانوا يسجِّلون العنوان بدقة لكي تُتَّخَذ احتياطات خصوصية عند العمل في تلك المقاطعة في المستقبل.‏

      في اليونان اختبر عامة الشعب خلال الاحتلال الالماني شدَّة واسعة النطاق.‏ لكنَّ المعاملة الاقسى التي عاناها شهود يهوه اتت نتيجة لتشويه الحقائق الاثيم من قبل رجال دين الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ الذين اصرُّوا ان تَتَّخذ الشرطة والمحاكم اجراء ضدهم.‏ فكان كثيرون من الشهود يُسجَنون او يُطرَدون من بلداتهم ويُرسَلون الى قرى نائية او يُحجَزون في ظروف قاسية في جزر قاحلة.‏ ومع ذلك استمروا في الشهادة.‏ (‏قارنوا اعمال ٨:‏​١،‏ ٤‏.‏)‏ وغالبا ما كان ذلك يُنجَز بالتحدث الى الناس في المنتزهات والحدائق العامة،‏ بالجلوس على المقاعد معهم واخبارهم عن ملكوت اللّٰه.‏ وعندما يوجد اهتمام اصيل،‏ كانت تجري اعارة الشخص مطبوعة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وهذه المطبوعة كانت تُسترجَع لاحقا وتُستعمَل مرة بعد اخرى.‏ وكثيرون من محبي الحق كانوا يقبلون بشكر المساعدة التي يقدِّمها الشهود وينضمون اليهم ايضا في اخبار الآخرين بالبشارة،‏ مع ان ذلك جلب عليهم اضطهادا مرّا.‏

      وأحد العوامل المهمة في شجاعة ومثابرة الشهود كان بناءهم بالطعام الروحي.‏ ومع ان مخزونات المطبوعات للتوزيع على الآخرين صارت اخيرا مستنفدة تماما في بعض انحاء اوروپا خلال الحرب،‏ رتَّبوا ان يوزِّعوا في ما بينهم مواد مقوية للايمان كانت قد اعدتها الجمعية ليدرسها شهود يهوه في كل العالم.‏ ورغم المخاطرة بحياتهم،‏ اشترك أُوڠست كرافت،‏ پيتر ڠولز،‏ لوتڤيخ سايْرَنِك،‏ تيريز شْرايبِر،‏ وآخرون كثيرون في اعادة انتاج وتوزيع مواد الدرس التي كانت تُهرَّب الى النمسا من ايطاليا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ وسويسرا.‏ وفي النَّذَرلند،‏ ساعد حارس سجن لطيف بجلب كتاب مقدس لآرثر وينكْلِر.‏ وعلى الرغم من كل الاحتياطات التي اتخذها العدو،‏ وصلت مياه حق الكتاب المقدس المنعشة من برج المراقبة حتى الى معسكرات الاعتقال الالمانية ووُزِّعت بين الشهود هناك.‏

      لم يوقف الحجز في السجون ومعسكرات الاعتقال شهود يهوه عن الكينونة شهودا.‏ وعندما كان الرسول بولس في السجن في روما كتب:‏ «أَحتمل المشقات حتى القيود .‏ .‏ .‏ لكنَّ كلمة اللّٰه لا تقيَّد.‏» (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٩‏)‏ وصح الامر نفسه في حالة شهود يهوه في اوروپا خلال الحرب العالمية الثانية.‏ فالحراس كانوا يلاحظون سلوكهم؛‏ البعض كانوا يطرحون الاسئلة،‏ وقليلون صاروا رفقاء مؤمنين،‏ مع ان ذلك عنى خسارة حريتهم.‏ وسجناء كثيرون ممَّن كانوا محتجَزين مع الشهود اتوا من بلدان مثل روسيا،‏ حيث كان قد أُنجز القليل جدا من الكرازة بالبشارة.‏ وبعد الحرب عاد بعض هؤلاء الى موطنهم كشهود ليهوه،‏ تواقين الى نشر رسالة الملكوت هناك.‏

      ان الاضطهاد الوحشي وآثار الحرب الشاملة لم تقدر ان تحول دون التجميع المنبإ به للناس الى بيت يهوه الروحي العظيم للعبادة.‏ (‏اشعياء ٢:‏​٢-‏٤‏)‏ ومن السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥،‏ اظهرت معظم بلدان اوروپا زيادات كبيرة في عدد المشتركين علنا في عبادة كهذه بالمناداة بملكوت اللّٰه.‏ ففي بريطانيا،‏ سويسرا،‏ فرنسا،‏ وفنلندا،‏ اختبر الشهود زيادات تبلغ ١٠٠ في المئة تقريبا.‏ وفي اليونان،‏ كانت هنالك زيادة سبعة اضعاف تقريبا.‏ وفي النَّذَرلند،‏ اثني عشر ضعفا.‏ ولكن بحلول نهاية السنة ١٩٤٥،‏ لم تكن قد اتت تفاصيل بعدُ من المانيا او رومانيا،‏ ولم تصل إلا تقارير ناقصة من عدد من البلدان الاخرى.‏

      خارج اوروپا خلال سنوات الحرب هذه

      وفي المشرق ايضا احدثت الحرب العالمية مشقة قاسية لشهود يهوه.‏ ففي اليابان وكوريا اعتُقلوا وأُخضعوا للضرب والتعذيب لأنهم يؤيدون ملكوت اللّٰه ولا يعبدون الامبراطور الياباني.‏ وأخيرا انقطع كل اتصال لهم بالشهود في البلدان الاخرى.‏ وبالنسبة الى كثيرين منهم،‏ كانت الفرصتان الوحيدتان لتقديم شهادة عندما كانوا يُستنطَقون او عند المثول امام محكمة.‏ وبحلول نهاية الحرب،‏ كانت الخدمة العامة لشهود يهوه في هذه البلدان قد توقفت فعلا.‏

      وعندما بلغت الحرب الفيليپين،‏ أُسيئت معاملة الشهود من كلا الطرفين لأنهم لم يدعموا لا اليابانيين ولا قوات المقاومة.‏ ولتجنب احتجازهم ترك كثيرون من الشهود بيوتهم.‏ ولكنهم اذ كانوا يتنقلون من مكان الى مكان،‏ كانوا يكرزون —‏ معيرين المطبوعات عندما يكون بعضها متوافرا،‏ ومستعملين لاحقا الكتاب المقدس فقط.‏ حتى انهم،‏ عندما تراجعت جبهة القتال،‏ حصلوا على عدة مراكب لنقل فرق كبيرة من الشهود الى الجزر حيث كان القليل او لا شيء من الشهادة قد قُدِّم.‏

      ان ما ادَّى الى حظر مطبوعات شهود يهوه في ايار ١٩٤١ في بورما (‏الآن ميانمار)‏ لم يكن الغزو الياباني وانما الضغط الذي مارسه رجال الدين الانڠليكانيون،‏ المنهجيون،‏ الروم الكاثوليك،‏ والمعمدانيون الاميركيون على الرسميين في المستعمرة.‏ ورأى شاهدان يعملان في مكتب للاتصالات السلكية برقية نبَّهتهم لما سيأتي،‏ فأخرج الاخوة بسرعة المطبوعات من مستودع الجمعية لتفادي مصادرتها.‏ وبُذلت الجهود بعد ذلك لارسال كثير من المطبوعات برّا الى الصين.‏

      في ذلك الوقت كانت الحكومة الاميركية تنقل بالشاحنات كميات كبيرة من المعدات الحربية على طريق بورما لدعم الحكومة الوطنية الصينية.‏ فحاول الاخوة ان يحصلوا على مكان في احدى هذه الشاحنات ولكن جرى صدّهم.‏ وفشلت ايضا الجهود للحصول على مركبة من سنڠافورة.‏ ولكن عندما اقترب مِيك انْڠل،‏ الذي كان مسؤولا عن مستودع الجمعية في رانڠون (‏الآن يانڠُن)‏،‏ من رسمي اميركي برتبة عالية،‏ مُنح الاذن في نقل المطبوعات في شاحنات الجيش.‏

      ولكن بعد ذلك عندما اقترب فْرِد پايتن وهكْتُر اوتْس من الضابط الذي يراقب القافلة الذاهبة الى الصين وطلبا مكانا،‏ كاد يغضب!‏ «ماذا؟‏» صرخ.‏ «كيف يمكنني ان اعطيكما مكانا ثمينا في شاحناتي من اجل كراريسكم التافهة في حين انني لا املك اطلاقا مكانا للمؤن العسكرية والطبية اللازمة بالحاح التي تبلى هنا في العراء؟‏» فتوقف فْرِد،‏ مدَّ يده الى محفظته،‏ اراه رسالة الترخيص،‏ وأشار الى انه ستكون مسألة خطيرة جدا اذا تجاهل الامر الذي اعطاه الرسميون في رانڠون.‏ فلم يرتِّب مراقب القافلة لنقل طنَّين من الكتب فقط بل وضع تحت تصرف الاخوين شاحنة صغيرة مع سائق ومؤن.‏ فتوجَّها الى الشمال الشرقي على الطريق الجبلي الخطر الى الصين بحمولتهما الثمينة.‏ وبعد الشهادة في باوشان،‏ واصَلا السفر الى تشونڠ كنڠ (‏باشين)‏.‏ فوُزِّعت خلال السنة التي قضياها في الصين آلاف المطبوعات التي تخبر عن ملكوت يهوه.‏ وكان بين الآخرين الذين شهدا لهم شخصيا شيانڠ كاي شيك،‏ رئيس الحكومة الوطنية الصينية.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ اذ اشتد القصف في بورما،‏ غادر جميع الشهود هناك البلد ما عدا ثلاثة،‏ ومعظمهم الى الهند.‏ وبحكم الضرورة كان نشاط الثلاثة الذين بقوا محدودا.‏ ولكنهم استمروا يشهدون بطريقة غير رسمية،‏ فأثمرت جهودهم بعد الحرب.‏

      وفي اميركا الشمالية ايضا واجهت شهود يهوه عقبات صعبة خلال الحرب.‏ فعنف الرعاع الواسع الانتشار وتطبيق القوانين المحلية المخالف للدستور جلبا ضغطا كبيرا على عمل الكرازة.‏ وسُجن الآلاف بسبب اتخاذ موقفهم كمسيحيين محايدين.‏ إلا ان ذلك لم يُبطئ بخدمة الشهود من بيت الى بيت.‏ وعلاوة على ذلك،‏ ابتداء من شباط ١٩٤٠،‏ صارت مألوفة رؤيتهم في الشوارع في المناطق التجارية يقدِّمون برج المراقبة و التعزية (‏الآن استيقظ!‏‏)‏.‏ وصارت غيرتهم اقوى ايضا.‏ ورغم اختبارهم بعض الاضطهادات الاكثر شدة في تلك الناحية من العالم،‏ صار عدد الشهود في الولايات المتحدة وكندا كلتيهما من السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤٥ اكثر من الضعف،‏ وازداد الوقت الذي خصَّصوه لخدمتهم العامة ثلاثة اضعاف.‏

      وفي بلدان كثيرة معروفة بالكومُنْولث البريطاني (‏في اميركا الشمالية،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر الكاريبي والپاسيفيك)‏ وُضع إما شهود يهوه او مطبوعاتهم تحت حظر حكومي.‏ وأحد هذه البلدان كان اوستراليا.‏ فالاشعار الرسمي الذي نُشر هناك في ١٧ كانون الثاني ١٩٤١،‏ بأمر من الجنرال الحاكم،‏ جعل اجتماع شهود يهوه للعبادة،‏ توزيع ايٍّ من مطبوعاتهم،‏ او حتى امتلاكها،‏ غير شرعية.‏ وتحت القانون كان ممكنا الاعتراض على الحظر في المحكمة،‏ وهذا ما جرى فعله على الفور.‏ ولكن مرّ اكثر من سنتين قبل ان يعلن حضرة قاضي المحكمة العليا ستارك ان الانظمة التي تأسس عليها الحظر هي «استبدادية،‏ اعتباطية وظالمة.‏» فرفعت كامل هيئة المحكمة العليا الحظر.‏ وماذا فعل شهود يهوه في هذه الاثناء؟‏

      اقتداء برسل يسوع المسيح،‏ ‹اطاعوا اللّٰه كحاكم اكثر من الناس.‏› (‏اعمال ٤:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ ٥:‏٢٩‏)‏ واستمروا في الكرازة.‏ حتى انهم،‏ على الرغم من العقبات العديدة،‏ رتَّبوا لمحفل في منتزه هارْڠْرايڤ،‏ قرب سيدني،‏ في ٢٥-‏٢٩ كانون الاول ١٩٤١.‏ وعندما رفضت الحكومة تأمين المواصلات بالقطار لبعض المندوبين،‏ جهَّز فريق من اوستراليا الغربية سياراتهم بوحدات منتجة للغاز تعمل بالفحم وبدأوا رحلة عبر البلد استغرقت ١٤ يوما،‏ الامر الذي شمل قضاء اسبوع في عبور سهل نولاربور الصحراوي.‏ فوصلوا بأمان وتمتعوا بالبرنامج مع الستة آلاف مندوب الآخرين.‏ وفي السنة التالية عُقد محفل آخر،‏ ولكن هذه المرة قُسِّم الى ١٥٠ فريقا اصغر في سبع مدن رئيسية عبر البلد،‏ بخطباء يقومون برحلات مكوكية من موقع الى آخر.‏

      واذ كانت الاحوال في اوروپا تتدهور سنة ١٩٣٩،‏ تطوَّع بعض الخدام الفاتحين من شهود يهوه للخدمة في حقول اخرى.‏ (‏قارنوا متى ١٠:‏٢٣؛‏ اعمال ٨:‏٤‏.‏)‏ فأُرسل ثلاثة فاتحين المان من سويسرا الى شَنڠهاي،‏ الصين.‏ وذهب عدد الى اميركا الجنوبية.‏ وبين الذين نُقلوا الى البرازيل كان اوتو اسْتِلْمان،‏ الذي كان يزور ويساعد الجماعات في تشيكوسلوڤاكيا،‏ وأيريخ كاتْنِر،‏ الذي كان يخدم في مكتب جمعية برج المراقبة في پراڠ.‏ وتعيينهما الجديد لم يكن تعيينا سهلا.‏ فقد وجدا في بعض مناطق المزارع ان الشهود ينهضون باكرا ويكرزون حتى الساعة ٠٠:‏٧ صباحا ثم يقومون بخدمة حقل اضافية حتى وقت متأخر من المساء.‏ ويتذكَّر الاخ كاتْنِر انه اذ كان يتنقل من مكان الى مكان،‏ غالبا ما كان ينام في العراء،‏ مستخدما حقيبة مطبوعاته كوسادة.‏ —‏ قارنوا متى ٨:‏٢٠‏.‏

      كان الأخَوان اسْتِلْمان وكاتْنِر كلاهما قد تعرَّضا لملاحقة البوليس السري النازي في اوروپا.‏ فهل حرَّرهما انتقالهما الى البرازيل من الاضطهاد؟‏ على العكس،‏ فبعد سنة فقط وجدا انفسهما تحت الاقامة الجبرية والحبس المطوَّل بتحريض من رسميين متعاطفين كما يبدو مع النازيين!‏ والمقاومة من رجال الدين الكاثوليك كانت ايضا شائعة،‏ لكنَّ الشهود ثابروا على عملهم المعطى من اللّٰه.‏ فبلغوا بثبات المدن والبلدات في البرازيل حيث لم يكن قد كُرز بعدُ برسالة الملكوت.‏

      ان مراجعة الوضع العالمي تُظهر ان شهود يهوه في غالبية البلدان التي كانوا فيها خلال الحرب العالمية الثانية واجهوا حظرا حكوميا إما على هيئتهم او على مطبوعاتهم.‏ فمع انهم كانوا يكرزون في ١١٧ بلدا في السنة ١٩٣٨،‏ شهدت سنوات الحرب (‏١٩٣٩-‏١٩٤٥)‏ حظرا على هيئتهم او مطبوعاتهم،‏ او ترحيلا لخدامهم،‏ في اكثر من ٦٠ من هذه البلدان.‏ وحتى حيث لم يكن هنالك حظر،‏ كانوا يواجهون عنف الرعاع وكانوا يُعتقَلون تكرارا.‏ وعلى الرغم من هذا كله،‏ لم تتوقف الكرازة بالبشارة.‏

      الجمع الكثير يبدأون بالظهور في اميركا اللاتينية

      في منتصف سنوات الحرب،‏ في شباط ١٩٤٣،‏ اذ كانت تخطِّط للعمل الواجب انجازه في فترة ما بعد الحرب،‏ افتتحت جمعية برج المراقبة مدرسة جلعاد في ولاية نيويورك لتدريب المرسلين على الخدمة في البلدان الاجنبية.‏ وقبل نهاية السنة،‏ كان ١٢ من هؤلاء المرسلين قد ابتدأوا يخدمون في كوبا.‏ وكان الحقل هناك مثمرا جدا.‏

      قديما في السنة ١٩١٠،‏ كانت بعض بزور حق الكتاب المقدس قد وصلت الى كوبا.‏ وألقى ت.‏ ت.‏ رصل محاضرة هناك في السنة ١٩١٣.‏ وخطب ج.‏ ف.‏ رذرفورد بالراديو في هاڤانا في السنة ١٩٣٢،‏ وأُعيد بث المواد بالاسپانية.‏ لكنَّ النمو كان بطيئا.‏ وكانت هنالك في ذلك الحين امية واسعة الانتشار وكثير من التحامل الديني.‏ والاهتمام الذي ظهر كان في البداية الى حد كبير بين السكان الناطقين بالانكليزية الذين كانوا قد اتوا من جامايكا وأماكن اخرى.‏ وبحلول السنة ١٩٣٦ كان هنالك ٤٠ مناديا بالملكوت فقط في كوبا.‏ ولكن بعد ذلك ابتدأ غرس وسقي بزور حق الملكوت يعطيان مزيدا من الثمر.‏

      في السنة ١٩٣٤ اعتمد الكوبيون الاولون؛‏ وتبعهم آخرون.‏ وابتداء من السنة ١٩٤٠،‏ عزَّز البث الاذاعي اليومي المقترن بشهادة الشارع الجريئة الخدمة من بيت الى بيت هناك.‏ وحتى قبل ان يصل المرسلون المدرَّبون في جلعاد في السنة ١٩٤٣،‏ كان هنالك ٩٥٠ في كوبا ممَّن اعتنقوا البشارة وكانوا يكرزون بها للآخرين،‏ مع انهم لم يكونوا جميعا يشتركون قانونيا.‏ وخلال السنتين اللتين تبعتا وصول المرسلين،‏ ازدادت الاعداد بسرعة اكبر ايضا.‏ وبحلول السنة ١٩٤٥،‏ بلغ عدد شهود يهوه في كوبا ٨٩٤‏,١.‏ وبالرغم من ان معظمهم كانوا قد اتوا من دين يعلِّم ان كل مؤيدي الكنيسة الامناء سيذهبون الى السماء،‏ اعتنقت بتوق الغالبية الساحقة لاولئك الذين صاروا شهودا ليهوه رجاء الحياة الابدية على الارض في فردوس مسترد.‏ (‏تكوين ١:‏٢٨؛‏ ٢:‏١٥؛‏ مزمور ٣٧:‏​٩،‏ ٢٩؛‏ رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤‏)‏ ومنهم ٤‏,١ في المئة فقط اقرُّوا بأنهم اخوة ممسوحون بالروح للمسيح.‏

      وبطريقة اخرى ايضا،‏ زوَّد المركز الرئيسي العالمي للجمعية المساعدة لحقل اميركا اللاتينية.‏ ففي وقت باكر من السنة ١٩٤٤ قضى ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ ف.‏ و.‏ فرانز،‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ و م.‏ ج.‏ هنشل عشرة ايام في كوبا لتقوية الاخوة هناك روحيا.‏ وفي اثناء ذلك الوقت عُقد محفل في هاڤانا،‏ وذُكرت الترتيبات لتنسيق عمل الكرازة بشكل افضل.‏ وأخذت هذه الرحلة ايضا الاخ نور والاخ هنشل الى ڠواتيمالا،‏ كوستاريكا،‏ والمكسيك لمساعدة شهود يهوه في تلك البلدان.‏

      في السنتين ١٩٤٥ و١٩٤٦،‏ قام ن.‏ ه‍.‏ نور و ف.‏ و.‏ فرانز بجولات مكَّنتهما من التكلم والعمل مع الشهود في ٢٤ بلدا في المنطقة الممتدة من المكسيك الى الطرف الجنوبي من اميركا الجنوبية وكذلك في البحر الكاريبي.‏ وقضيا شخصيا خمسة شهور في ذلك الجزء من العالم،‏ مزوِّدَين العون والتوجيه الحبيَّين.‏ وفي بعض الاماكن كانا يلتقيان مجموعة صغيرة من الاشخاص المهتمين.‏ ولكي تكون هنالك ترتيبات قانونية للاجتماعات وخدمة الحقل،‏ ساعدا شخصيا في تنظيم الجماعات الاولى في ليما،‏ پيرو،‏ وفي كاراكاس،‏ ڤنزويلا.‏ وحيثما كانت تُعقَد اجتماعات جماعية،‏ كانا يحضرانها وأحيانا كانا يزوِّدان المشورة في كيفية تحسين قيمتها العملية في ما يتعلق بالعمل التبشيري.‏

      وحيثما امكن،‏ كانت تُصنع ترتيبات للخطابات العامة من الكتاب المقدس خلال هذه الزيارات.‏ وكُثِّف الاعلان عن الخطابات من خلال استعمال اللافتات التي يلبسها الشهود ومن خلال اوراق الدعوة التي تُوزَّع في الشوارع.‏ ونتيجة لذلك،‏ سرّ الشهود الـ‍ ٣٩٤ في البرازيل بأن يحضر ٧٦٥ محفلهم في سان پاولو.‏ وفي تشيلي،‏ حيث كان هنالك ٨٣ مناديا بالملكوت،‏ اتى ٣٤٠ لسماع المحاضرة المعلَن عنها خصوصا.‏ وفي كوستاريكا ابتهج الشهود المحليون الـ‍ ٢٥٣ بأن يحضر محفلَيهم ما مجموعه ٨٤٩.‏ لقد كانت هذه مناسبات لرفقة حميمة بين الاخوة.‏

      ولكنَّ الهدف لم يكن مجرد عقد محافل مشهورة.‏ فخلال هذه الجولات شدَّد الممثلون من المركز الرئيسي خصوصا على اهمية القيام بزيارات مكررة للناس المهتمين وادارة دروس بيتية في الكتاب المقدس معهم.‏ فإذا كان الناس سيصيرون تلاميذ حقيقيين،‏ يحتاجون الى الارشاد القانوني من كلمة اللّٰه.‏ ونتيجة لذلك،‏ نما بسرعة عدد الدروس البيتية في الكتاب المقدس في هذا الجزء من العالم.‏

      بينما كان الاخ نور والاخ فرانز يقومان بجولات الخدمة هذه،‏ كان المزيد من المرسلين المدرَّبين في جلعاد يصلون الى تعييناتهم.‏ وبحلول نهاية السنة ١٩٤٤،‏ كان البعض يخدمون في پورتو ريكو،‏ كوستاريكا،‏ والمكسيك.‏ وفي السنة ١٩٤٥،‏ كان مرسلون آخرون يساعدون على جعل عمل الكرازة افضل تنظيما في اورڠواي،‏ باربادوس،‏ پاناما،‏ البرازيل،‏ تشيلي،‏ جامايكا،‏ السلڤادور،‏ ڠواتيمالا،‏ كولومبيا،‏ نيكاراڠْوا،‏ هايتي،‏ وهُندوراس البريطانية (‏الآن بيليز)‏.‏ وعندما وصل المرسَلان الاولان الى جمهورية الدومينيكان في السنة ١٩٤٥،‏ كانا الشاهدَين الوحيدَين في البلد.‏ وتأثير خدمة المرسلين الاولين جرى الشعور به بسرعة.‏ قال ترينيداد پانْياڠْوا عن المرسلَين الاولَين اللذين أُرسلا الى ڠواتيمالا:‏ «كان ذلك تماما ما نحتاج اليه —‏ معلِّمين لكلمة اللّٰه يساعدوننا على فهم كيفية الشروع في انجاز العمل.‏»‏

      وهكذا وُضع الاساس للتوسع في هذا الجزء من الحقل العالمي.‏ ففي جزر الكاريبي كان هنالك ٣٩٤‏,٣ مناديا بالملكوت بحلول نهاية السنة ١٩٤٥.‏ وفي المكسيك كان هنالك ٢٧٦‏,٣،‏ و ٤٠٤ آخرون كانوا في اميركا الوسطى.‏ وفي اميركا الجنوبية ٠٤٢‏,١.‏ وبالنسبة الى هذا الجزء من العالم،‏ يمثِّل ذلك زيادة ٣٨٦ في المئة خلال السنوات السبع السابقة،‏ فترة مضطربة جدا من التاريخ البشري.‏ ولكنَّ ذلك كان مجرد البداية.‏ فالنمو بأبعاد كبيرة حقا كان لا يزال في المستقبل!‏ وقد سبق الكتاب المقدس وأنبأ ان ‹جمعا كثيرا .‏ .‏ .‏ من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة› سيُجمَعون كعبَّاد ليهوه قبل الضيقة العظيمة.‏ —‏ رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠،‏ ١٤‏.‏

      عندما بدأت الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٣٩،‏ كان هنالك ٤٧٥‏,٧٢ شاهدا ليهوه فقط يكرزون في ١١٥ بلدا (‏اذا حُسبت وفقا للتقسيمات القومية في وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠)‏.‏ وعلى الرغم من الاضطهاد الشديد الذي اختبروه على نطاق عالمي،‏ ازداد عددهم اكثر من الضعف بحلول نهاية الحرب.‏ وهكذا اظهر تقرير السنة ١٩٤٥ ٢٩٩‏,١٥٦ شاهدا نشيطا في الـ‍ ١٠٧ بلدان التي كان يمكن جمع التقارير عنها.‏ ولكن،‏ بحلول ذلك الوقت،‏ كان هنالك ١٦٣ بلدا جرى بلوغها فعلا برسالة الملكوت.‏

      ان الشهادة المعطاة خلال السنوات من ١٩٣٦ الى ١٩٤٥ كانت مذهلة حقا.‏ فخلال عقد الاضطراب العالمي هذا خصَّص شهود يهوه الغيورون هؤلاء ما مجموعه ٢٨٥‏,٠٦٩‏,٢١٢ ساعة للمناداة للعالم بأن ملكوت اللّٰه هو الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏ ووزَّعوا ايضا ٥٧٩‏,٠٥٤‏,٣٤٣ كتابا،‏ كراسا،‏ ومجلة لمساعدة الناس على فهم اساس الاسفار المقدسة لهذه الثقة.‏ ولمساعدة المهتمين باخلاص،‏ كانوا في السنة ١٩٤٥ يديرون،‏ كمعدل،‏ ٨١٤‏,١٠٤ درسا بيتيا مجانيا في الكتاب المقدس.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٥٥]‏

      مع ان ظروف زمن الحرب اجبرتهم على الهرب،‏ داوموا على الكرازة

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحات ٤٥١-‏٤٥٣]‏

      رفضوا التوقف عن الشهادة على الرغم من السجن

      يظهر هنا مجرد قليلين من الآلاف الذين تألموا بسبب ايمانهم في السجون ومعسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية

      ١-‏ أدريان تومپسون،‏ نيوزيلندا.‏ سُجن سنة ١٩٤١ في اوستراليا؛‏ رُفض طلبه الاعفاء من الخدمة الالزامية عندما حظرت اوستراليا شهود يهوه.‏ وبعد اطلاق سراحه،‏ كناظر جائل،‏ قوَّى الجماعات في خدمتها العامة.‏ خدم كمرسل وأول ناظر جائل في اليابان بعد الحرب؛‏ استمر يكرز بغيرة حتى موته في السنة ١٩٧٦.‏

      ٢-‏ أَلُويْس موزِر،‏ النمسا.‏ في سبعة سجون ومعسكرات اعتقال.‏ ولا يزال شاهدا نشيطا في السنة ١٩٩٢ بعمر ٩٢ سنة.‏

      ٣-‏ فرانز ڤولْفارْت،‏ النمسا.‏ اعدام ابيه وأخيه لم يثنِ عزم فرانز.‏ وُضع في معسكر رولْڤالْت في المانيا خمس سنوات.‏ ولا يزال يشهد في السنة ١٩٩٢ بعمر ٧٠ سنة.‏

      ٤-‏ توماس جونز،‏ كندا.‏ سُجن سنة ١٩٤٤،‏ ثم وُضع في معسكرَي عمل الزامي.‏ بعد ٣٤ سنة من الخدمة كامل الوقت،‏ عُيِّن سنة ١٩٧٧ عضوا في لجنة الفرع التي تشرف على عمل الكرازة في كل كندا.‏

      ٥-‏ مارِيا هومباخ،‏ المانيا.‏ اعتُقلت تكرارا؛‏ في حبس انفرادي طوال ثلاث سنوات ونصف.‏ وكساعية بريد،‏ خاطرت بحياتها لاخذ مطبوعات الكتاب المقدس الى الرفقاء الشهود.‏ وهي،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ عضو امين في عائلة البتل بعمر ٩٠ سنة.‏

      ٦-‏ ماكس وكونْرات فرانكي،‏ المانيا.‏ أب وابن،‏ سُجنا كلاهما تكرارا،‏ ولسنوات عديدة.‏ (‏زوجة كونْرات،‏ ڠيرتْرُوت،‏ كانت ايضا في السجن.‏)‏ جميعهم بقوا اولياء،‏ خداما غيورين ليهوه،‏ وكونْرات كان في المقدمة لاعادة بناء عمل كرازة الشهود في المانيا ما بعد الحرب.‏

      ٧-‏ پرايس هيوز،‏ انكلترا.‏ حُكم عليه بمدتَي سجن في وورمْوود سْكرَبْس،‏ لندن؛‏ وكان قد سُجن ايضا بسبب ايمانه خلال الحرب العالمية الاولى.‏ وكان في مقدمة عمل الكرازة بالملكوت في بريطانيا حتى موته في السنة ١٩٧٨.‏

      ٨-‏ ادولف وإيما أرنولد مع الابنة سيمون،‏ فرنسا.‏ بعدما سُجن ادولف،‏ واصلت إيما وسيمون الشهادة،‏ وأيضا توزيع المطبوعات على الشهود الآخرين.‏ عندما كانت إيما في السجن،‏ احتُجزت في سجن انفرادي بسبب الشهادة باستمرار للسجينات الاخريات.‏ وأُرسلت سيمون الى مدرسة اصلاحية.‏ الجميع بقوا شهودا غيورين.‏

      ٩-‏ أرنست وهيلدْڠارت زايْليڠِر،‏ المانيا.‏ قضيا ما مجموعه اكثر من ٤٠ سنة في السجون ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانهما.‏ وحتى في السجن استمرا في اخبار الآخرين بحقائق الكتاب المقدس.‏ وعندما صارا حرَّين خصَّصا وقتهما الكامل للكرازة بالبشارة.‏ مات الاخ زايْليڠِر خادما وليا للّٰه في السنة ١٩٨٥؛‏ والاخت زايْليڠِر في السنة ١٩٩٢.‏

      ١٠-‏ كارل جونسون،‏ الولايات المتحدة.‏ بعد سنتين من المعمودية،‏ سُجن مع مئات الشهود الآخرين في آشلند،‏ كنتاكي.‏ خدم كفاتح وكناظر دائرة؛‏ لا يزال في السنة ١٩٩٢ يأخذ القيادة في خدمة الحقل كشيخ.‏

      ١١-‏ أُوڠست پيترز،‏ المانيا.‏ اذ أُبعد عن زوجته وأولاده الاربعة،‏ سُجن في ١٩٣٦-‏١٩٣٧،‏ وأيضا في ١٩٣٧-‏١٩٤٥.‏ وبعد اطلاق سراحه،‏ بدلا من القيام بمقدار اقل من الكرازة،‏ قام بالمزيد،‏ في الخدمة كامل الوقت.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٩٩ سنة،‏ كان لا يزال يخدم كعضو في عائلة البتل وكان قد رأى عدد شهود يهوه في المانيا ينمو الى ٠٩٥‏,١٦٣.‏

      ١٢-‏ ڠيرتْرُوت أُتْ،‏ المانيا.‏ سُجنت في لودز،‏ پولندا،‏ ثم في معسكر اعتقال أَوشڤيتس؛‏ وبعد ذلك في ڠروس-‏روزِن وبرڠِن-‏بِلزِن في المانيا.‏ بعد الحرب خدمت بغيرة كمرسلة في إندونيسيا،‏ ايران،‏ ولوكسمبورڠ.‏

      ١٣-‏ كاتْسْوو مِيُورا،‏ اليابان.‏ بعد سبع سنوات من اعتقاله وسجنه في هيروشيما،‏ دمَّرت القنبلة الذرية التي خرَّبت المدينة قسما كبيرا من السجن الذي كان محبوسا فيه.‏ لكنَّ الاطباء لم يجدوا دليلا على تضرره من الاشعاع.‏ وقد استخدم السنوات الاخيرة من حياته كفاتح.‏

      ١٤-‏ مارتن وڠيرتْرُوت پويتسنڠر،‏ المانيا.‏ بعد شهور قليلة من الزواج،‏ اعتُقلا وفُصل احدهما عن الآخر بالقوة طوال تسع سنوات.‏ فأُرسل مارتن الى داخاو وماوتهاوزن؛‏ وڠيرتْرُوت الى رَڤنْسْبروك.‏ وعلى الرغم من المعاملة الوحشية،‏ لم يتزعزع ايمانهما.‏ وبعد ان أُطلق سراحهما وقفا كل جهودهما لخدمة يهوه.‏ وطوال ٢٩ سنة خدم كناظر جائل في كل انحاء المانيا؛‏ ثم كعضو في الهيئة الحاكمة حتى موته في السنة ١٩٨٨.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كانت ڠيرتْرُوت لا تزال مبشرة غيورة.‏

      ١٥-‏ جيزو وماتسو إيشي،‏ اليابان.‏ بعد توزيع مطبوعات الكتاب المقدس في كل انحاء اليابان طوال عقد،‏ سُجنا.‏ ومع ان عمل شهود يهوه في اليابان كان مسحوقا خلال الحرب،‏ شهد الاخ والاخت إيشي ثانية بغيرة بعد الحرب.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كانت ماتسو إيشي قد شهدت ازدياد عدد الشهود النشاطى في اليابان الى اكثر من ٠٠٠‏,١٧١.‏

      ١٦-‏ ڤيكتور بروك،‏ لوكسمبورڠ.‏ سُجن في بوكنْوُلد،‏ لوبلين،‏ أَوشڤيتس،‏ ورَڤنْسْبروك.‏ وبعمر ٩٠ سنة،‏ لا يزال نشيطا كشيخ من شهود يهوه.‏

      ١٧-‏ كارل شورسْتاين،‏ المانيا.‏ ناظر جائل قبل تولي هتلر السلطة.‏ حُبس ثماني سنوات،‏ ثم قتلته وحدات الحماية SS في داخاو سنة ١٩٤٤.‏ وحتى داخل المعسكر،‏ كان يواصل بناء الآخرين روحيا.‏

      ١٨-‏ كيم پونڠ نيو،‏ كوريا.‏ حُبست ست سنوات.‏ ولا تزال بعمر ٧٢ سنة تخبر الآخرين عن ملكوت اللّٰه.‏

      ١٩-‏ پامفيل ألبو،‏ رومانيا.‏ بعد اساءة معاملته بوحشية،‏ أُرسل الى معسكر عمل الزامي في يوڠوسلاڤيا لسنتين ونصف.‏ وبعد الحرب سُجن مرتين اضافيتين طوال ١٢ سنة اخرى.‏ ولم يتوقف عن التحدث عن قصد اللّٰه.‏ وقبل موته ساعد الآلاف في رومانيا على الخدمة مع هيئة شهود يهوه العالمية.‏

      ٢٠-‏ ڤيلْهَلْم شنايدر،‏ پولندا.‏ في معسكرات الاعتقال النازية ١٩٣٩-‏١٩٤٥.‏ في السجون الشيوعية ١٩٥٠-‏١٩٥٦،‏ وأيضا ١٩٦٠-‏١٩٦٤.‏ حتى موته في السنة ١٩٧١،‏ وقف طاقاته دون تزعزع للمناداة بملكوت اللّٰه.‏

      ٢١-‏ هارالت وإلزا آبْت،‏ پولندا.‏ خلال الحرب وبعدها،‏ قضى هارالت ١٤ سنة في السجن ومعسكرات الاعتقال بسبب ايمانه لكنه هناك ايضا استمر يكرز.‏ وأُبعدت إلزا عن ابنتها الطفلة ثم احتُجزت في ستة معسكرات في پولندا،‏ المانيا،‏ والنمسا.‏ وعلى الرغم من الحظر ٤٠ سنة على شهود يهوه في پولندا حتى بعد الحرب،‏ بقوا جميعهم خداما غيورين ليهوه.‏

      ٢٢-‏ آدم سينڠر،‏ هنڠاريا.‏ خلال ست محاكمات،‏ حُكم عليه بـ‍ ٢٣ سنة،‏ خدم منها ٢/‏١ ٨ سنوات في السجن ومعسكرات العمل الالزامي.‏ وعندما صار حرًّا،‏ خدم كناظر جائل طوال ما مجموعه ٣٠ سنة.‏ ولا يزال بعمر ٦٩ سنة شيخا وليا في الجماعة.‏

      ٢٣-‏ جوزيف دوس سانتوس،‏ الفيليپين.‏ خصَّص ١٢ سنة كمنادٍ كامل الوقت برسالة الملكوت قبل سجنه في السنة ١٩٤٢.‏ اعاد احياء نشاط شهود يهوه في الفيليپين بعد الحرب واستمر شخصيا في خدمة الفتح حتى موته في السنة ١٩٨٣.‏

      ٢٤-‏ رودولف سونَل،‏ الولايات المتحدة.‏ سُجن في مِل پوينت،‏ ڤرجينيا الغربية.‏ بعد اطلاق سراحه خصَّص كامل الوقت لنشر معرفة ملكوت اللّٰه —‏ كفاتح،‏ عضو في عائلة البتل،‏ وناظر دائرة.‏ ولا يزال في السنة ١٩٩٢،‏ بعمر ٧٨ سنة،‏ يخدم كفاتح.‏

      ٢٥-‏ مارتن ماڠْياروزي،‏ رومانيا.‏ من السجن،‏ ١٩٤٢-‏١٩٤٤،‏ استمر يعطي التوجيه في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة في ترانسيلڤانيا.‏ وعندما أُطلق سراحه سافر بشكل واسع ليشجع الرفقاء الشهود في كرازتهم وكان هو نفسه شاهدا شجاعا.‏ سُجن ثانية في السنة ١٩٥٠،‏ ومات خادما وليا ليهوه في معسكر للعمل الالزامي في السنة ١٩٥٣.‏

      ٢٦-‏ ر.‏ آرثر ڤنكْلِر،‏ المانيا والنَّذَرلند.‏ أُرسل اولا الى معسكر اعتقال استِرْوَڠِن؛‏ داوم على الكرازة في المعسكر.‏ ولاحقا،‏ في النَّذَرلند،‏ ضربه الڠستاپو حتى لم تعد معرفته ممكنة.‏ وأخيرا أُرسل الى زاكسنهاوزن.‏ بقي شاهدا وليا غيورا حتى موته في السنة ١٩٧٢.‏

      ٢٧-‏ پاك اوكْخي،‏ كوريا.‏ ثلاث سنوات في سجن سوتايمُن،‏ سييول؛‏ أُخضعت لتعذيب لا يوصَف.‏ وكانت لا تزال بعمر ٩١ سنة،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ تشهد بغيرة كفاتحة خصوصية.‏

      ‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٤٤٧]‏

      ألكسندر ماڠيلِڤْراي،‏ بصفته ناظر فرع اوستراليا،‏ ساعد على التخطيط لرحلات كرازية الى بلدان وجزر كثيرة

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      اوستراليا

      نيوزيلندا

      تاهيتي

      تونڠا

      فيجي

      غينيا الجديدة

      جاوا

      بورنيو

      سومَطْرة

      بورما

      هونڠ كونڠ

      ملايو

      سيام

      الهند الصينية

      الصين

      المحيط الپاسيفيكي

      اسماء الاماكن هي كما كانت مستعملة خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الخريطة/‏الصور في الصفحة ٤٦١]‏

      بحلول اواخر السنة ١٩٤٥،‏ كان المرسلون من مدرسة جلعاد قد شرعوا في الخدمة في ١٨ بلدا في هذا الجزء من العالم

      تشارلز ولورِن آيزنهاور

      كوبا

      جون وآدا پاركر

      ڠواتيمالا

      اميل ڤان دالِن

      پورتو ريكو

      اولاف اولسُن

      كولومبيا

      دون بيرت

      كوستاريكا

      ڠلاديس وِلْسون

      السلڤادور

      هايزل بَرْفورد

      پاناما

      لويز سْتابْس

      تشيلي

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      باربادوس

      بيليز

      بوليڤيا

      البرازيل

      تشيلي

      كولومبيا

      كوستاريكا

      كوبا

      جمهورية الدومينيكان

      السلڤادور

      ڠواتيمالا

      هايتي

      جامايكا

      المكسيك

      نيكاراڠْوا

      پاناما

      پورتو ريكو

      اورڠواي

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٤]‏

      بعض موزعي المطبوعات الجائلين وزَّعوا صناديق كرتونية كثيرة من المطبوعات؛‏ وأصحاب البيوت تلقَّوا مواعظ عديدة من الكتاب المقدس في كل كتاب

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٥]‏

      أرماندو مِنَتْسي (‏الوسط الى الامام)‏ وفريق سعيد سافر معه في رحلة كرازية في «بيت الفاتحين على دواليب» الذي لهم

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٥]‏

      آرثر ويليس،‏ تِد سيووِل،‏ وبيل نيولَنْدز —‏ ثلاثة اخذوا رسالة الملكوت الى الريف النائي الاوسترالي

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٦]‏

      فرانك دِيوَر (‏الظاهر هنا مع زوجته وابنتيهما)‏ ذهب الى تايلند كفاتح منعزل سنة ١٩٣٦ وكان لا يزال فاتحا خصوصيا في السنة ١٩٩٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٦]‏

      جومْجاي إنتاپان استخدمت مقدرتها كمترجمة لبلوغ الناس التايلنديين بالبشارة الموجودة في الكتاب المقدس

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٩]‏

      في المانيا،‏ منح شهود يهوه هذه الرسالة المفتوحة توزيعا عاما واسعا في السنة ١٩٣٧،‏ مع ان عبادتهم كانت تحت حظر حكومي

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٤٨]‏

      عائلة فرانز وهيلدا كوسِرو —‏ كل واحد منهم شاهد امين ليهوه،‏ مع ان الجميع في العائلة (‏ما عدا ابنا كان قد مات في حادث)‏ وُضعوا في معسكرات للاعتقال،‏ سجون،‏ او مدارس اصلاحية بسبب ايمانهم

      ‏[الصور في الصفحة ٤٥٠]‏

      بعض الذين خاطروا بحياتهم في النمسا والمانيا لنَسخ او توزيع المواد الثمينة لدرس الكتاب المقدس،‏ كتلك الظاهرة في الخلفية

      تيريز شْرايبِر

      پيتر ڠولز

      إلفريدا لور

      ألبرت ڤاندْرِس

      أُوڠست كرافت

      إلزا أُنتِرْدورْفِر

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٥٤]‏

      شهود في محفل في شَنڠهاي،‏ الصين،‏ سنة ١٩٣٦؛‏ تسعة من هذا الفريق اعتمدوا في تلك المناسبة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٥٦]‏

      على الرغم من حظر عبادتهم،‏ عقد هؤلاء الشهود محفلا في منتزه هارْڠْرايڤ،‏ قرب سيدني،‏ اوستراليا،‏ في السنة ١٩٤١

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٥٨]‏

      شهود كوبيون في محفل في سيانفواڠوس سنة ١٩٣٩

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٥٩]‏

      ن.‏ ه‍.‏ نور (‏اليسار)‏ في محفل سان پاولو سنة ١٩٤٥،‏ مع أيريخ كاتْنِر كمترجم

  • الجزء ٤ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      الجزء ٤ —‏ شهود الى اقصى الارض

      بينما كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال جارية،‏ كان شهود يهوه يضعون الخطط لنشاط مكثَّف في فترة ما بعد الحرب.‏ والتقرير في الصفحات ٤٦٢ الى ٥٠١ يورد تفاصيل مذهلة لما حدث فعلا من السنة ١٩٤٥ الى السنة ١٩٧٥ فيما كانوا يزدادون في العدد،‏ يبلغون بلدانا عديدة اكثر،‏ وينهمكون في الكرازة والتعليم بكلمة اللّٰه بطريقة اكثر شمولا من ايّ وقت مضى.‏

      معظم جزر الهند الغربية كان قد جرى بلوغها بطريقة ما برسالة الملكوت بحلول السنة ١٩٤٥.‏ ولكنَّ شهادة اكثر شمولا كان يلزم تقديمها.‏ والمرسلون المدرَّبون في مدرسة جلعاد كانوا سيلعبون دورا مهما.‏

      المرسلون يكثِّفون الشهادة في جزر الهند الغربية

      بحلول السنة ١٩٦٠ كان هؤلاء المرسلون قد خدموا في ٢٧ جزيرة او مجموعة جزر في البحر الكاريبي.‏ ونصف هذه الاماكن لم تكن فيها جماعات لشهود يهوه عندما وصل المرسلون.‏ وشرع المرسلون في ادارة دروس بيتية في الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين،‏ ونظَّموا اجتماعات قانونية.‏ وحيث كانت هنالك جماعات من قبل،‏ منحوا الناشرين المحليين تدريبا قيِّما.‏ ونتيجة لذلك،‏ تحسَّنت نوعية الاجتماعات والفعَّالية في الخدمة.‏

      كان تلاميذ الكتاب المقدس الاولون يشهدون في ترينيداد قبل الحرب العالمية الاولى،‏ ولكن عقب وصول المرسلين من جلعاد في السنة ١٩٤٦،‏ مُنحت ادارة الدروس البيتية في الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين زخما قويا.‏ وفي جامايكا كانت الكرازة بالبشارة ماضية قُدُما طوال نصف قرن تقريبا،‏ وكان هنالك ألف شاهد محلي عند وصول المرسل الاول؛‏ ولكنهم كانوا مسرورين بنيل المساعدة في بلوغ الناس المثقَّفين اكثر،‏ وخصوصا في منطقة الضاحية حول العاصمة.‏ ومن جهة اخرى،‏ سبق وجرى انجاز الكثير من الشهادة في اروبا في المجتمع الناطق بالانكليزية،‏ ولذلك وجَّه المرسلون الانتباه الى السكان الاصليين.‏ فكل فرد كان يلزم ان يسمع البشارة.‏

      وللتأكد من حصول الناس في كل الجزر في هذه الناحية من الارض على فرصة السماع عن ملكوت اللّٰه،‏ جهَّزت جمعية برج المراقبة سنة ١٩٤٨ المركب الشراعي سيبِيا البالغ طوله ٥٩ قدما (‏١٨ م)‏ كبيت عائم للمرسلين.‏ وعُيِّن الطاقم لحمل رسالة الملكوت الى كل جزيرة من جزر الهند الغربية حيث لم يكن هنالك احد يقوم بالكرازة بالبشارة.‏ ڠاست ماكي كان الربَّان،‏ وكان معه ستانلي كارتر،‏ رونالد پاركِن،‏ وآرثر وُرْسْلي.‏ فبدأوا بالجزر الخارجية لمجموعة جزر بَهاما،‏ ثم شقوا طريقهم الى الجنوب الشرقي عبر جزر لِيوَرْد وجزر وِنْدْوَرْد.‏ وأيّ تأثير كان لزياراتهم؟‏ قال لهم رجل اعمال في سانت مارتن:‏ «لم يكن الناس يتكلمون قط عن الكتاب المقدس،‏ ولكن منذ اتيتم الى هنا يتكلم كل واحد عن الكتاب المقدس.‏» ولاحقا،‏ استُبدلت الـ‍ سيبِيا بمركب اكبر،‏ النور.‏ وحصلت ايضا تغييرات في الطاقم.‏ وفي غضون عقد أُنجز العمل الخصوصي الذي كان يجري باستخدام هذين المركبين،‏ والمنادون بالبشارة الذين يعملون على البر كانوا يواصلونه.‏

      الشهادة اولا في المدن الاكبر

      كما صح في جزر الهند الغربية،‏ كذلك ايضا كان هنالك في اميركا الوسطى والجنوبية اناس في مناطق كثيرة سبقوا وحصلوا على بعض مطبوعات جمعية برج المراقبة قبل وصول المرسلين من مدرسة جلعاد.‏ ولكن،‏ لبلوغ كل فرد بالبشارة ولمساعدة المخلصين على الصيرورة تلاميذ حقيقيين،‏ كان التنظيم المحسَّن لازما.‏

      وفي الوقت الذي انتهت فيه الحرب العالمية الثانية في السنة ١٩٤٥،‏ كان هنالك مئات من شهود يهوه في الارجنتين والبرازيل؛‏ نحو ثلاثة آلاف في المكسيك؛‏ جماعات قليلة صغيرة جدا في اورڠواي،‏ پاراڠواي،‏ تشيلي،‏ ڠِييانا البريطانية (‏الآن ڠَيانا)‏،‏ وڠِييانا الهولندية (‏الآن سورينام)‏؛‏ ومجموعة صغيرة من الناشرين في ڠواتيمالا،‏ ڤنزويلا،‏ وكولومبيا.‏ أما بالنسبة الى إكوادور،‏ بوليڤيا،‏ السلڤادور،‏ نيكاراڠْوا،‏ وهُندوراس،‏ فان نشاط شهود يهوه لم يترسخ على ايّ اساس دائم الى ان وصل المرسلون الذين تدرَّبوا في مدرسة جلعاد.‏

      وجَّه المرسلون في بادئ الامر انتباها خصوصيا الى المراكز السكانية الرئيسية.‏ ومن الجدير بالملاحظة ان الرسول بولس في القرن الاول قام بالكثير من كرازته في المدن على طول طرق السفر الرئيسية في آسيا الصغرى وفي اليونان.‏ وفي كورنثوس،‏ احدى ابرز المدن في اليونان القديمة،‏ خصَّص بولس ١٨ شهرا لتعليم كلمة اللّٰه.‏ (‏اعمال ١٨:‏​١-‏١١‏)‏ وفي افسس،‏ مفترق طرق للسفر والتجارة في العالم القديم،‏ نادى بملكوت اللّٰه طوال اكثر من سنتين.‏ —‏ اعمال ١٩:‏​٨-‏١٠؛‏ ٢٠:‏٣١‏.‏

      وبطريقة مماثلة،‏ عندما وصل ادْوَرْد ميهالِك وهارولد مورِس،‏ مرسَلان متخرجان من مدرسة جلعاد،‏ الى بوليڤيا سنة ١٩٤٥،‏ لم يفتشا عن موقع بمناخ مؤاتٍ اكثر.‏ وعوضا عن ذلك،‏ منحا الانتباه اولا لـ‍ لا پاز،‏ العاصمة،‏ التي تقع في جبال الأنديز على ارتفاع يبلغ نحو ٠٠٠‏,١٢ قدم (‏٧٠٠‏,٣ م)‏.‏ وهو صراع للقادمين الجدد ان يتسلقوا الشوارع الشديدة الانحدار في هذا الارتفاع؛‏ فغالبا ما كانت قلوبهم تضرب كالمطرقة.‏ ولكنَّ المرسلَين وجدا اناسا كثيرين مهتمين برسالة الكتاب المقدس.‏ وهناك في العاصمة،‏ لم يكن غير عادي ان يقال لهما:‏ «انا من الروم الكاثوليك الرسوليين،‏ ولكنني لا احب الكهنة.‏» وفي غضون شهرين فقط،‏ كان المرسَلان يديران ٤١ درسا بيتيا في الكتاب المقدس.‏

      خلال العقد التالي،‏ اذ وصل مرسلون اضافيون ونما عدد الشهود المحليين،‏ مُنح الانتباه لمدن بوليڤية اخرى:‏ كوتشابامبا،‏ أورورو،‏ سانتا كروز،‏ سوكريه،‏ پوتوسي،‏ وتاريخا.‏ وبعد ذلك،‏ امكن توجيه المزيد من الانتباه الى المدن والبلدات الاصغر والمناطق الريفية ايضا.‏

      وبشكل مماثل،‏ بدأ المرسلون في كولومبيا كرازة منظَّمة في العاصمة،‏ بوڠوتا،‏ في السنة ١٩٤٥،‏ وفي المدينة الساحلية بارّانكييا في السنة التالية.‏ وبعد ذلك،‏ وُجِّه الانتباه تدريجيا الى قرطاجَنّة،‏ سانتا مارتا،‏ كالي،‏ وميديلين.‏ وكان يمكن بلوغ اناس اكثر في غضون فترة قصيرة بالعمل في المدن الاكبر اولا.‏ وبمساعدة اولئك الذين تعلَّموا الحق هناك،‏ كانت الرسالة ستُحمل سريعا الى المناطق المجاورة.‏

      وعندما يظهر اهتمام قليل جدا في مدينة ما،‏ كان المرسلون ينتقلون الى اماكن اخرى.‏ وهكذا،‏ في إكوادور،‏ عندما لم تُنتج ثلاث سنوات من العمل في اواسط خمسينات الـ‍ ١٩٠٠ شخصا واحدا لديه الشجاعة ليتخذ موقفا الى جانب الحق في كْوِنْكا الدينية المتعصبة،‏ نُقل كارل داكاو الى ماتشالا،‏ مدينة يسكنها اناس متساهلون منفتحو العقل.‏ ولكن بعد عقد تقريبا أُعطي الناس في كْوِنْكا فرصة اخرى.‏ فوُجدت روح مختلفة،‏ وجرى التغلب على العقبات،‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ صار اكثر من ٢٠٠‏,١ شخص في كْوِنْكا وحولها شهودا ليهوه وكانوا منظَّمين في ٢٥ جماعة!‏

      البحث بصبر عن المشبَّهين بالخراف

      كان يلزم كثير من الصبر للتفتيش عن الاشخاص المشبَّهين حقا بالخراف.‏ فلكي يجدوهم في سورينام،‏ كان شهود يهوه يكرزون للإندونيسيين،‏ الصينيين،‏ اللبنانيين،‏ الهنود الاميركيين،‏ اليهود،‏ المتحدرين من مقيمين هولنديين،‏ وقبائل الادغال المؤلَّفة من الزنوج الاصليين،‏ الذين كان اسلافهم عبيدا هاربين.‏ وبينهم وُجد مئات الجياع فعلا الى الحق.‏ والبعض كان يجب ان يتحرروا من التورط العميق في مذهب الروحانية والممارسات الارواحية.‏ وأحد هؤلاء هو پايتو،‏ طبيب ساحر،‏ الذي اصغى الى رسالة الكتاب المقدس ثم رمى اصنامه،‏ تعاويذه،‏ وأدويته السحرية في النهر.‏ (‏قارنوا تثنية ٧:‏٢٥؛‏ ١٨:‏​٩-‏١٤؛‏ اعمال ١٩:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏)‏ وفي السنة ١٩٧٥ نذر نفسه ليهوه،‏ الاله الحقيقي.‏

      ان عددا كبيرا من سكان الپيرو يسكنون في قرى صغيرة مشتَّتة في جبال الأنديز وفي الادغال المحيطة بمنبع نهر الامازون.‏ فكيف كان يمكن بلوغهم؟‏ في السنة ١٩٧١ سافرت عائلة من الشهود من الولايات المتحدة الى الپيرو لزيارة ابنها المرسل،‏ جو لايدِخ.‏ وعندما صاروا يدركون العدد الكبير للقرى المنتشرة هنا وهناك في الاودية الجبلية،‏ دفعهم اهتمامهم بهؤلاء الناس الى فعل شيء.‏ فساعدوا في بادئ الامر في تزويد سيارة تُستخدم كبيت،‏ ثم سيارتين اضافيتين،‏ وكذلك دراجات آلية صغيرة للاستعمال في الرحلات الكرازية الواسعة الى هذه المناطق النائية.‏

      وعلى الرغم من الجهد المبذول،‏ ففي اماكن كثيرة بدا ان قليلين جدا فقط يُظهرون اهتماما برسالة الكتاب المقدس.‏ ويمكنكم ان تتصوروا جيدا كيف شعر الفريق المؤلَّف من ستة مرسلين شبان في باركيسيميتو،‏ ڤنزويلا،‏ في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠ عندما لم يروا،‏ بعد سنة كاملة من الكرازة النشيطة،‏ ايّ تقدُّم.‏ ومع ان الناس كانوا وديين تماما،‏ إلا ان معظمهم كانوا منغمسين في الخرافات وكانوا يعتبرون حتى قراءة آية من الكتاب المقدس خطية.‏ وكان اعضاء العائلة او الجيران سرعان ما يثبِّطون ايّ شخص يُظهر الاهتمام.‏ (‏متى ١٣:‏​١٩-‏٢١‏)‏ ولكنَّ المرسلين،‏ اذ كانوا واثقين بأنه لا بد ان يكون هنالك اشخاص مشبَّهون بالخراف في باركيسيميتو وأن يهوه سيجمعهم في وقته المعيَّن،‏ داوموا على الزيارة من بيت الى بيت.‏ ولذلك كم ابتهجت پِني ڠاڤِت ذات يوم عندما اصغت اليها امرأة شائبة ثم قالت:‏

      ‏«آنستي،‏ منذ كنت فتاة صغيرة انتظر ان يأتي احد الى بابي ويوضح الامور التي تخبرينني اياها الآن.‏ فعندما كنت فتاة،‏ كنت انظف بيت الكاهن،‏ وكان يملك في مكتبته كتابا مقدسا.‏ وكنت اعرف ان قراءته محرَّمة علينا،‏ ولكنني كنت فضولية جدا لاعرف السبب،‏ وذات يوم عندما لم يكن احد منتبها،‏ اخذته معي الى البيت وقرأته سرّا.‏ وما قرأته جعلني ادرك ان الكنيسة الكاثوليكية لم تكن تعلِّمنا الحق ولذلك لم تكن الدين الحقيقي.‏ كنت اخاف ان اقول شيئا لاحد،‏ ولكنني كنت متيقنة انه يوما ما سيأتي الذين يعلِّمون الدين الحقيقي الى بلدتنا.‏ وعندما اتى الدين الپروتستانتي،‏ اعتقدت في البداية انه لا بد ان يكونوا هم الاشخاص،‏ لكنني سرعان ما اكتشفت انهم كانوا يعلِّمون الكثير من الاباطيل نفسها التي تعلِّمها الكنيسة الكاثوليكية.‏ والآن،‏ فان ما اخبرتني اياه منذ قليل هو ما قرأته في ذلك الكتاب المقدس قبل سنوات كثيرة.‏» ووافقتْ بتوق على درس الكتاب المقدس وصارت واحدة من شهود يهوه.‏ وعلى الرغم من المقاومة العائلية،‏ خدمت يهوه بأمانة حتى موتها.‏

      كان يلزم جهد كبير لجمع اشخاص مشبَّهين بالخراف كهؤلاء في جماعات وتدريبهم على الاشتراك في خدمة يهوه.‏ مثلا،‏ في الارجنتين،‏ كان روسِنْدو اوخَيْدا يسافر قانونيا نحو ٤٠ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ من جنرال سان مارتين،‏ تشاكو،‏ ليدير اجتماعا في بيت أليخاندرو سوزُنْيِيُوك،‏ شخص مهتم.‏ وكانت الرحلة تستغرق عادةً عشر ساعات،‏ جزء منها على دراجة،‏ وجزء سيرا على القدمين،‏ خائضين أحيانا في الماء حتى الابطين.‏ وكان يقوم بالرحلة مرة في الشهر طوال خمس سنوات،‏ ماكثا اسبوعا كل مرة ليشهد في المنطقة.‏ فهل كان الامر جديرا بذلك؟‏ لم يكن لديه شك في ذلك لأن النتيجة كانت جماعة سعيدة من مسبِّحي يهوه.‏

      ترويج التعليم من اجل الحياة

      في المكسيك،‏ انجز شهود يهوه عملهم انسجاما مع القوانين التي تضبط الهيئات الثقافية هناك.‏ وهدف الشهود كان اكثر من مجرد عقد اجتماعات تُلقى فيها المحاضرات.‏ فقد ارادوا ان يكون الناس كأهل بيرية في ايام الرسول بولس الذين كانوا قادرين على ‹فحص الكتب باعتناء ليروا هل هذه الامور هكذا.‏› (‏اعمال ١٧:‏١١‏)‏ وفي المكسيك،‏ كما في بلدان اخرى كثيرة،‏ غالبا ما شمل ذلك تزويد المساعدة الخصوصية للناس الذين لم يتعلَّموا في المدرسة ولكنهم يريدون ان يتمكَّنوا هم انفسهم من قراءة كلمة اللّٰه الملهمة.‏

      ان صفوف تعليم القراءة والكتابة التي ادارها شهود يهوه في المكسيك ساعدت عشرات الآلاف من الناس هناك على تعلم القراءة والكتابة.‏ وهذا العمل تقدِّره وزارة التربية العامة في المكسيك،‏ وفي السنة ١٩٧٤ كتب مدير في المكتب العام لتعليم الراشدين رسالة الى لا تور دِل ڤيخيا دا ماخيكو،‏ جمعية مدنية يستخدمها شهود يهوه،‏ قائلا:‏ «انتهز هذه الفرصة لأهنئكم بحرارة .‏ .‏ .‏ بالمؤسسة الجديرة بالمدح التي توسعها جمعيتكم سنة بعد سنة لفائدة شعبنا.‏»‏

      فيما يعدّ الناس للحياة الابدية كرعايا لملكوت اللّٰه،‏ فان التعليم الذي يزوِّده الشهود يرفع ايضا مستوى حياتهم العائلية الآن.‏ وبعد ان اجرى قاضٍ في ايل سالتو،‏ ولاية دورانڠو،‏ مراسم الزواج في مناسبات مختلفة لشهود يهوه،‏ ذكر في السنة ١٩٥٢:‏ «نحن ندَّعي اننا وطنيون ومواطنون صالحون ولكنَّ شهود يهوه اخجلونا.‏ انهم مثال لنا لأنهم لا يسمحون بوجود شخص عازب في هيئتهم يعيش زواجا مؤسسا على الاتفاق المتبادل ولم يجعل علاقته شرعية.‏ وأنتم،‏ ايها الكاثوليك،‏ كلكم تقريبا تعيشون حياة فاسدة ادبيا ولم تجعلوا زيجاتكم شرعيا.‏»‏

      وهذا البرنامج التعليمي يساعد الناس ايضا على تعلُّم العيش معا في سلام،‏ محبة احدهم الآخر بدلا من البغض والقتل.‏ وعندما ابتدأ شاهد يكرز في ڤينادو،‏ ولاية ڠواناخواتو،‏ وجد ان الناس جميعا مسلَّحون بالبنادق والمسدسات.‏ والحزازات ادَّت الى ابادة عائلات.‏ لكنَّ ارشاد الكتاب المقدس احدث تغييرات كبيرة.‏ فبيعت البنادق من اجل شراء كتب مقدسة.‏ وأكثر من ١٥٠ في المنطقة سرعان ما اصبحوا شهودا ليهوه.‏ ومجازيا ‹طبعوا سيوفهم سككا› وابتدأوا يتبعون طرق السلام.‏ —‏ ميخا ٤:‏٣‏.‏

      اصغى مكسيكيون خائفون اللّٰه كثيرون الى ما علَّمهم اياه شهود يهوه من كلمة اللّٰه.‏ ونتيجة لذلك،‏ سرعان ما صار الآلاف القليلون من الناشرين في المكسيك عقب الحرب العالمية الثانية ٠٠٠‏,١٠،‏ ثم ٠٠٠‏,٢٠،‏ ٠٠٠‏,٤٠،‏ ٠٠٠‏,٨٠،‏ وأكثر اذ اظهر الشهود للآخرين كيف يطبقون مشورة كلمة اللّٰه وكيف يعلِّمونها لآخرين ايضا.‏

      الاجتماع معا تحت الشدة

      ولكن،‏ اذ كان عدد شهود يهوه يزداد،‏ وجدوا انه في بلد بعد آخر كان يجب التغلب على العقبات الصعبة لعقد محافل من اجل الارشاد المسيحي.‏ ففي الارجنتين وُضعوا تحت الحظر الحكومي في السنة ١٩٥٠.‏ لكنهم،‏ بدافع الطاعة للّٰه،‏ لم يتوقفوا عن الكرازة،‏ ولم يتركوا اجتماعهم معا.‏ وكانت الترتيبات نوعا ما اكثر تعقيدا،‏ لكنَّ المحافل عُقدت.‏

      مثلا،‏ في اواخر السنة ١٩٥٣،‏ زار الاخ نور والاخ هنشل الارجنتين ليخدما محفلا قومي النطاق.‏ فدخل الاخ نور البلد من الغرب،‏ وبدأ الاخ هنشل زياراته في الجنوب.‏ وألقيا خطابات في فرق اجتمعت في مزارع،‏ في بستان فاكهة،‏ في اثناء نزهة عند جدول جبلي،‏ وفي البيوت الخاصة.‏ وغالبا ما كان يجب ان يسافرا مسافات طويلة من فريق الى آخر.‏ واذ وصلا الى بونس إيريس،‏ خدم كلٌّ منهما في البرامج في تسعة مواقع في اليوم الاول،‏ وفي احد عشر بيتا في اليوم التالي.‏ ومعا القيا محاضرات في ٥٦ فريقا،‏ بمجموع حضور من ٥٠٥‏,٢.‏ لقد كان برنامجا مضنيا،‏ لكنهما كانا سعيدَين بأن يخدما اخوتهما بهذه الطريقة.‏

      وعند اعداد محفل في كولومبيا سنة ١٩٥٥،‏ عقد الشهود اتفاقا لاستخدام قاعة في بارّانكييا.‏ ولكن،‏ تحت ضغط من الاسقف،‏ تدخَّل المحافظ والحاكم،‏ وأُلغي العقد.‏ وبإشعار قبل يوم واحد فقط،‏ غيَّر الاخوة موقع المحفل،‏ مرتبين لعقده في مبنى مكتب فرع الجمعية.‏ ولكن،‏ اذ بدأت فترة المساء الاولى،‏ وصلت الشرطة المسلَّحة ومعها اوامر بفضّ المحفل.‏ فاستمر الاخوة.‏ وأدَّت مناشدة للمحافظ في الصباح التالي الى اعتذار من امين سره،‏ واحتشد ما يقارب الـ‍ ٠٠٠‏,١ شخص في عقار الجمعية لليوم الاخير من برنامج محفل «الملكوت الظافر» هذا.‏ وهكذا،‏ على الرغم من الظروف التي كانت موجودة آنذاك،‏ تقوَّى الاخوة بالمشورة الروحية اللازمة.‏

      الخدمة حيث الحاجة اعظم

      كان الحقل واسعا،‏ والحاجة الى فعلة كانت كبيرة في اميركا اللاتينية،‏ كما كانت الحال في اماكن اخرى كثيرة.‏ وفي السنة ١٩٥٧،‏ في محافل عالمية النطاق،‏ جرى تشجيع الافراد والعائلات الذين هم شهود ليهوه ناضجون على التأمل في الانتقال فعليا الى مناطق حيث الحاجة اعظم للسكن ومواصلة خدمتهم هناك.‏ وبعد ذلك مُنح تشجيع مماثل بطرائق متنوعة.‏ فكانت الدعوة اشبه بالتي قدَّمها اللّٰه للرسول بولس،‏ الذي شاهد في رؤيا رجلا يتوسل اليه:‏ «اعبر الى مكدونية وأعِنَّا.‏» (‏اعمال ١٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فماذا كان التجاوب مع الدعوة العصرية؟‏ قدَّم خدام يهوه انفسهم طوعا.‏ —‏ مزمور ١١٠:‏٣‏.‏

      بالنسبة الى عائلة لديها اولاد صغار،‏ يتطلب مقدارا كبيرا من الايمان ان يغادروا،‏ يتركوا الاقرباء والبيت والاستخدام الدنيوي،‏ ويسافروا الى بيئة جديدة كليا.‏ والانتقال قد يتطلب قبول مقياس عيش مختلف تماما،‏ وفي بعض الحالات تعلُّم لغة جديدة.‏ ومع ذلك،‏ قام آلاف الشهود الافراد والعائلات بانتقال كهذا لكي يساعدوا الآخرين على التعلُّم عن تدابير يهوه الحبية للحياة الابدية.‏

      واذ تجاوبوا بسرعة،‏ انتقل عدد من شهود يهوه في وقت متأخر من خمسينات الـ‍ ١٩٠٠؛‏ آخرون في ستينات الـ‍ ١٩٠٠؛‏ وآخرون ايضا في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وانتقال الشهود الى مناطق حيث الحاجة اعظم يستمر حتى الوقت الحاضر.‏

      ومن اين اتوا؟‏ اعداد كبيرة من اوستراليا،‏ كندا،‏ نيوزيلندا،‏ والولايات المتحدة.‏ وكثيرون من المانيا،‏ بريطانيا،‏ وفرنسا.‏ وأيضا من اسپانيا،‏ ايطاليا،‏ بلجيكا،‏ جمهورية كوريا،‏ الدنمارك،‏ السويد،‏ سويسرا،‏ فنلندا،‏ نَروج،‏ النمسا،‏ واليابان،‏ بين اخرى.‏ واذ كان عدد شهود يهوه يزداد في الارجنتين،‏ البرازيل،‏ المكسيك،‏ وبلدان اخرى في اميركا اللاتينية،‏ كانت هذه تزوِّد ايضا الفعلة الراغبين في الخدمة في بلدان اخرى حيث الحاجة ماسة.‏ وبشكل مماثل،‏ انتقل الفعلة الغيورون في افريقيا من بلد الى آخر للمساعدة على تقديم شهادة.‏

      والى اية مناطق انتقلوا؟‏ بلدان مثل أفغانستان،‏ السنڠال،‏ وماليزيا،‏ وجزر مثل ريونيون وسانت لوسيا.‏ وانتقل نحو ٠٠٠‏,١ الى ايرلندا،‏ حيث خدموا لفترات مختلفة من الوقت.‏ وذهب عدد كبير الى ايسلندا،‏ على الرغم من اشتيتها الطويلة المظلمة،‏ والبعض بقوا،‏ صائرين اعمدة في الجماعات ومزوِّدين العون الحبي للاشخاص الاجدّ.‏ وجرى انجاز الكثير من الخير خصوصا في اميركا الوسطى والجنوبية.‏ وأكثر من ٠٠٠‏,١ شاهد انتقلوا الى كولومبيا،‏ وما يزيد على ٨٧٠ الى إكوادور،‏ وأكثر من ١١٠ الى السلڤادور.‏

      هارولد وآن زيمرمَن كانا بين الذين انتقلوا.‏ وقد سبقا وخدما كمعلِّمَين ارساليَّين في إثيوپيا.‏ ولكن،‏ في السنة ١٩٥٩،‏ عندما كانا يُنهيان الترتيبات للانتقال من الولايات المتحدة الى كولومبيا للاشتراك في نشر رسالة الملكوت هناك،‏ كانا يربيان اربعة اولاد تتراوح اعمارهم بين خمسة اشهر وخمس سنوات.‏ سبقهم هارولد ليبحث عن عمل.‏ وعندما وصل الى البلد،‏ ازعجته تقارير اخبارية محلية.‏ فحرب اهلية غير معلَنة كانت جارية،‏ وكانت هنالك اعمال قتل جماعي داخل البلد.‏ فسأل نفسه،‏ ‹هل اريد حقا ان اجلب عائلتي لتعيش في احوال كهذه؟‏› فتَّش في ذاكرته عن مثال او مبدإ توجيهي في الكتاب المقدس.‏ وما خطر بباله هو رواية الكتاب المقدس عن الجواسيس الخائفين الذين قدَّموا لمحلة الاسرائيليين تقريرا رديا عن ارض الموعد.‏ (‏عدد ١٣:‏​٢٥–‏١٤:‏​٤،‏ ١١‏)‏ وهذا بتَّ الامر؛‏ فلم يُرد ان يكون مثلهم!‏ فرتَّب فورا لمجيء عائلته.‏ ولم يجد العمل الدنيوي اللازم إلا بعد ان تضاءلت اموالهم الى ثلاثة دولارات فقط،‏ ولكنهم حصلوا على ما هو ضروري حقا.‏ ومقدار مثل هذا العمل الذي كان يجب ان يقوم به لاعالة عائلته كان مختلفا عبر السنين،‏ لكنه سعى دائما الى إبقاء مصالح الملكوت في المكان الاول.‏ وعندما ذهبوا اولا الى كولومبيا،‏ كان هنالك نحو ٤٠٠‏,١ شاهد في البلد.‏ ويا للنمو المذهل الذي رأوه منذ ذلك الحين!‏

      والخدمة حيث الحاجة هي اعظم الى شهود لا تتطلب دائما ان يذهب الشخص الى بلد آخر.‏ فالآلاف من الشهود الافراد والعائلات ينتقلون الى مناطق اخرى داخل بلدهم.‏ وثمة عائلة في ولاية باهييا،‏ البرازيل،‏ انتقلت الى بلدة پرادو،‏ حيث لم يكن هنالك شهود.‏ وعلى الرغم من المعارضات من رجال الدين،‏ سكنت وعملت في تلك البلدة والمنطقة المحيطة بها طوال ثلاث سنوات.‏ وجرى شراء بناء كنسي مهجور وتحويله الى قاعة ملكوت.‏ وقبل مضي وقت طويل،‏ كان هنالك اكثر من مئة شاهد نشيط في المنطقة.‏ ولم تكن هذه سوى البداية.‏

      بأعداد متزايدة على الدوام،‏ يتجاوب محبو البر في اميركا اللاتينية مع الدعوة المسجَّلة في المزمور ١٤٨‏:‏ ‹هللويا.‏ سبِّحي الرب من الارض يا كل الشعوب.‏› (‏الاعداد ١‏،‏ ٧-‏١١‏)‏ وفي الواقع،‏ بحلول السنة ١٩٧٥ كان هنالك مسبِّحون ليهوه في كل بلد في اميركا اللاتينية.‏ وتقرير تلك السنة اظهر ان ٤٨١‏,٨٠،‏ منظَّمين في ٩٩٨‏,٢ جماعة،‏ كانوا يخدمون في المكسيك.‏ وكان ٧٠٣‏,٢٤ آخرون،‏ في ٤٦٢ جماعة،‏ يتكلمون عن ملكية يهوه في اميركا الوسطى.‏ وفي اميركا الجنوبية،‏ كان هنالك ٤٥٧‏,٢٠٦ مسبِّحا عاما ليهوه في ٦٢٠‏,٣ جماعة.‏

      بلوغ جزر الپاسيفيك

      بينما كان يحصل توسع سريع في اميركا الجنوبية،‏ كان شهود يهوه يوجِّهون الانتباه ايضا الى جزر الپاسيفيك.‏ وهنالك مئات من هذه الجزر مشتَّتة بين اوستراليا والاميركتين،‏ والكثير منها يكاد لا يبرز فوق سطح المحيط.‏ بعضها تسكنه عائلات قليلة فقط؛‏ والاخرى عشرات الآلاف من الناس.‏ وفي وقت باكر من خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ جعل التحامل الرسمي مستحيلا على جمعية برج المراقبة ان ترسل مرسلين الى كثير من هذه الجزر.‏ لكنَّ الناس هنا ايضا كان يلزم ان يسمعوا عن يهوه وملكوته.‏ وذلك انسجاما مع النبوة المسجَّلة في اشعياء ٤٢:‏​١٠-‏١٢‏،‏ التي تقول:‏ ‹غنّوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض.‏ ليخبروا بتسبيحه في الجزائر.‏› وهكذا،‏ في السنة ١٩٥١،‏ في محفل في سيدني،‏ اوستراليا،‏ دُعي الفاتحون ونظار الدوائر،‏ الذين كانوا مهتمين بالاشتراك في نشر رسالة الملكوت في الجزر،‏ الى لقاء الاخ نور.‏ وتطوع في ذلك الحين نحو ٣٠ للشروع في الكرازة في الجزر المدارية.‏

      كان بينهم توم ورُوِينا كيتو،‏ اللذان سرعان ما وجدا انفسهما في پاپوا،‏ حيث لم يكن هنالك في ذلك الحين شهود.‏ فبدأا عملهما بين الاوروپيين في مرفإ مورْزْبي.‏ وقبل ان يمضي وقت طويل صارا يقضيان الامسيات في هانُوابَدا،‏ «القرية الكبيرة،‏» مع فريق من ٣٠ الى ٤٠ من الپاپويين الجياع الى الحق الروحي.‏ ومنهم انتشرت الرسالة في القرى الاخرى.‏ وفي وقت قصير،‏ ارسل شعب الكِرِما وفدا يطلب ان يدار معهم درس في الكتاب المقدس.‏ ثم اتى زعيم من هايما،‏ مناشدا:‏ «من فضلكم تعالوا وعلِّموا شعبي الحق!‏» وهكذا انتشر الحق.‏

      زوجان آخران،‏ جون وإلِن هابلر،‏ ذهبا الى كاليدونيا الجديدة لتأسيس العمل هناك.‏ وعندما وصلا سنة ١٩٥٤،‏ حصلا على تأشيرتين سياحيتين لشهر واحد فقط.‏ لكنَّ جون وجد عملا دنيويا،‏ وذلك ساعدهما ليحصلا على تمديد.‏ وفي حينه،‏ انتقل شهود آخرون —‏ ٣١ ككل —‏ بشكل مماثل.‏ في البداية كانوا يقومون بخدمتهم في المناطق النائية لئلا يجتذبوا انتباها اكثر من اللازم.‏ ولاحقا ابتدأوا يكرزون في العاصمة،‏ نومييا.‏ فتشكلت جماعة.‏ ثم في السنة ١٩٥٩ شغل عضو في الحركة الكاثوليكية مركزا حكوميا رئيسيا.‏ فلم يعد الشهود يحصلون على تمديد للتأشيرات.‏ والزوجان هابلر اضطرا الى المغادرة.‏ وحُظرت مطبوعات برج المراقبة.‏ إلا ان بشارة الملكوت كان لها موطئ قدم،‏ واستمر عدد الشهود في الازدياد.‏

      في تاهيتي اظهر اناس كثيرون اهتماما بعمل شهود يهوه عندما قام الاخوة بزيارات قصيرة هناك.‏ ولكن في السنة ١٩٥٧،‏ لم يكن هنالك شهود محليون،‏ وعملهم كان محظورا،‏ ومُنع مرسلو برج المراقبة من الدخول.‏ ولكنَّ أڠْنِز شِنْك،‏ مواطنة من تاهيتي كانت تعيش آنذاك في الولايات المتحدة،‏ صارت واحدة من شهود يهوه.‏ وعندما علمت بالحاجة الى منادين بالملكوت في تاهيتي،‏ ابحرت هي وزوجها وابنهما من كاليفورنيا في ايار ١٩٥٨.‏ وبعد ذلك بوقت قصير،‏ انضمت اليهم عائلتان اخريان،‏ مع انهما تمكَّنتا من الحصول على تأشيرات سياحية لثلاثة اشهر فقط.‏ وبحلول السنة التالية،‏ تشكلت جماعة في پاپيتي.‏ وفي السنة ١٩٦٠ اعترفت الحكومة بجمعية شهود يهوه المنظَّمة محليا.‏

      ولكي تنشرا رسالة الملكوت،‏ توقفت اختان مرسَلتان في طريق عودتهما الى تعيينهما لزيارة قريبة في جزيرة نييووي.‏ والشهر الذي قضتاه هناك كان مثمرا جدا؛‏ فقد وُجد الكثير من الاهتمام.‏ ولكن عندما وصل القارب التالي الذي يتنقل بين الجزر،‏ كان يجب ان تغادرا.‏ ولكن سرعان ما حصل سيريمايا رايبي،‏ فيجيّ،‏ على عقد عمل مع وزارة الاشغال العامة في نييووي ثم استخدم كل وقت فراغه ليكرز.‏ ولكن نتيجة لضغط رجال الدين،‏ أُلغي جواز اقامة الاخ رايبي بعد شهور قليلة،‏ وفي ايلول ١٩٦١ قرَّرت الجمعية التشريعية عدم السماح في ما بعد بدخول شهود يهوه الى البلد.‏ ولكنَّ الكرازة بالبشارة استمرت هناك.‏ كيف؟‏ واظب الشهود المحليون على خدمة يهوه،‏ مع انهم جدد تماما.‏ وعلاوة على ذلك،‏ كانت الحكومة المحلية قد قبلت استخدام وليم لوڤيني،‏ من اهالي نييووي،‏ الذي كان يعيش في نيوزيلندا.‏ ولماذا كان تواقا الى العودة الى نييووي؟‏ لأنه صار واحدا من شهود يهوه وأراد ان يخدم حيث الحاجة اعظم.‏ وبحلول السنة ١٩٦٤ كان عدد الشهود هناك قد نما الى ٣٤.‏

      في السنة ١٩٧٣،‏ كان دايڤيد ڤولفْڠْرام،‏ مواطن من تونڠا،‏ وزوجته وأولاده الثمانية يسكنون في بيت مريح في نيوزيلندا.‏ لكنهم تركوا ذلك وراءهم وانتقلوا الى تونڠا لترويج مصالح الملكوت.‏ ومن هناك شاركوا في دفع العمل بعيدا اكثر في جزر تونڠا،‏ التي كانت ٣٠ جزيرة منها تقريبا آهلة بالسكان.‏

      كان الكثير من الوقت،‏ الجهد،‏ والنفقة لازما لبلوغ الجزر.‏ لكنَّ شهود يهوه يعتبرون حياة رفقائهم البشر ثمينة ولا يوفِّرون جهدا لمساعدتهم على الاستفادة من تدبير يهوه الحبي للحياة الابدية في عالمه الجديد.‏

      لخَّصت عائلة باعت مزرعتها في اوستراليا وانتقلت الى احدى جزر الپاسيفيك مشاعرها بهذه الطريقة:‏ «ان نسمع سكان الجزر هؤلاء يقولون انهم صاروا يعرفون يهوه،‏ ان نسمعهم يدعون اولادنا اولادهم،‏ ذلك لأنهم يحبونهم كثيرا بسبب الحق،‏ ان نشاهد مصالح الملكوت والحضور ينمون على حد سواء،‏ ان نسمع هؤلاء الناس اللطفاء يقولون:‏ ‹اولادي سيتزوجون في الرب فقط،‏› وذلك بعد التصاقهم بقرون عديدة من التقليد والزيجات ذات الطابع الشرقي،‏ ان نراقبهم يقوِّمون ويُصلحون اوضاعهم الزوجية المعقَّدة،‏ .‏ .‏ .‏ ان نراهم يدرسون فيما يرعون القطيع الى جانب الطريق،‏ بعد العمل المنهك في حقل الارزّ،‏ ان نعرف انهم يناقشون خطأ الصنمية،‏ جمال اسم يهوه في المتجر المحلي والاماكن الاخرى،‏ ان نسمع امًّا هندية مسنَّة تدعوكم اخا وأختا وتطلب ان تذهب معكم لتخبر الناس عن الاله الحقيقي .‏ .‏ .‏ كل ذلك يعني مكافأة لا تثمَّن على اتخاذ الخطوة التي قمنا بها استجابة للدعوة من جنوب الپاسيفيك.‏»‏

      ولكن لم يكن سكان جزر الپاسيفيك هؤلاء الوحيدين الذين نالوا الانتباه.‏ فابتداء من السنة ١٩٦٤ عُيِّن فاتحون ذوو خبرة من الفيليپين لدعم المرسلين الغيورين الذين كانوا قبلا يعملون في إندونيسيا،‏ تايلند،‏ تايوان،‏ جمهورية كوريا،‏ ڤيَتْنام،‏ لاوُس،‏ ماليزيا،‏ وهونڠ كونڠ.‏

      في وجه ضغط العائلة والمجتمع

      عندما يصير الشخص واحدا من شهود يهوه،‏ لا يكون ذلك مقبولا دائما من عائلته والمجتمع باعتباره قضية قرار شخصي.‏ —‏ متى ١٠:‏​٣٤-‏٣٦؛‏ ١ بطرس ٤:‏٤‏.‏

      ومعظم الذين صاروا شهودا ليهوه في هونڠ كونڠ كانوا احداثا.‏ لكنَّ هؤلاء الاحداث كانوا يتعرضون لضغط هائل في نظام يعطي الاولوية للتعليم العالي والوظائف ذات الاجر المرتفع.‏ والوالدون يعتبرون اولادهم استثمارا يضمن عيشهم براحة في سنواتهم المتأخرة.‏ وهكذا،‏ عندما ادرك والدا شاب في كوان تونڠ ان درس ابنهما للكتاب المقدس،‏ حضوره الاجتماعات،‏ وخدمته للحقل ستعيق جنيه المال،‏ اشتدت مقاومتهما.‏ فطارده ابوه بساطور اللحم؛‏ وبصقت عليه امه علنا.‏ واستمرت الاساءة الشفهية دون توقف تقريبا طوال شهور.‏ وذات مرة سأل والديه:‏ «ألم تربياني من اجل المحبة؟‏» فأجابا:‏ «لا،‏ من اجل المال!‏» إلا ان الحدث استمر يضع عبادته ليهوه اولا؛‏ ولكن عندما ترك البيت،‏ استمر ايضا يعين والديه ماليا بأفضل شكل ممكن،‏ لأنه عرف ان ذلك مرضي عند يهوه.‏ —‏ متى ١٥:‏​٣-‏٩؛‏ ١٩:‏١٩‏.‏

      وفي المجتمعات ذات الروابط الوثيقة،‏ غالبا ما يأتي الضغط القوي من اكثر من العائلة المباشرة.‏ وأحد الذين اختبروا ذلك كان فْوايوپولو پيليه في سامْوا الغربية.‏ فنبْذ السامْوي عادات ودين اجداده كان يُعتبَر امرا لا مجال للتفكير فيه بين الناس،‏ وعرف پيليه انه سيقدِّم حسابا.‏ فدرس بجدّ وصلَّى بحرارة الى يهوه.‏ وعندما استدعاه رئيس العائلة الاكبر الى اجتماع في فَلاسِيو،‏ واجهه ستة رؤساء،‏ ثلاثة خطباء،‏ عشرة قسوس،‏ استاذان في اللاهوت،‏ الرئيس الاكبر الذي كان يشرف،‏ ورجال ونساء مسنّون في العائلة.‏ فلعنوه وأدانوه هو وعضوا آخر من العائلة كان يُظهر اهتماما بشهود يهوه.‏ ونشأت مناظرة؛‏ واستمرت حتى الرابعة صباحا.‏ واستخدام پيليه الكتاب المقدس اغاظ بعض الحاضرين،‏ فصرخوا:‏ «أَبعد هذا الكتاب المقدس!‏ اترك هذا الكتاب المقدس!‏» ولكنَّ الرئيس الاكبر قال اخيرا بصوت ضعيف:‏ «ربحتَ،‏ يا پيليه.‏» لكنَّ پيليه اجاب:‏ ‏«عفوا،‏ سيدي،‏ لم اربح.‏ هذه الليلة سمعتم رسالة الملكوت.‏ ورجائي المخلص هو ان تصغوا اليها.‏»‏

      عندما تكون هنالك مقاومة شديدة من رجال الدين

      وصل مرسلو العالم المسيحي الى جزر الپاسيفيك في القرن التاسع عشر.‏ وكان وصولهم،‏ في اماكن كثيرة،‏ سلميا؛‏ وفي اماكن اخرى مدعوما بالقوة العسكرية.‏ وفي بعض المناطق كانوا يتقاسمون الجزر بينهم بواسطة «اتفاقية شرف.‏» ولكن كانت هنالك ايضا حروب دينية،‏ تقاتل فيها الكاثوليك والپروتستانت من اجل السيطرة.‏ والآن استعمل هؤلاء «الرعاة» الدينيون،‏ رجال الدين،‏ كل وسيلة تحت تصرفهم لابقاء شهود يهوه خارج ما اعتبروه منطقة نفوذهم.‏ ففي بعض الاحيان كانوا يضغطون على الرسميين لطرد الشهود من جزر معيَّنة.‏ وفي احيان اخرى كانوا ينفِّذون قانونهم الخاص.‏

      في جزيرة بريطانيا الجديدة،‏ في قرية ڤونابال،‏ اظهر فريق من قبيلة سولكا اهتماما شديدا بحق الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ في يوم احد في السنة ١٩٥٩،‏ فيما كان جون دايڤيسون يدير درسا في الكتاب المقدس معهم،‏ اقتحمت المنزل مجموعة من الرعاع الكاثوليك،‏ بأمر من معلِّم الدين الكاثوليكي،‏ وأوقفوا الدرس بصراخهم وشتمهم.‏ وبُلِّغت الشرطة في كوكوپو بذلك.‏

      وبدلا من ترك الخراف،‏ عاد الشهود في الاسبوع التالي لمتابعة تزويد العون الروحي لذوي التقدير في ڤونابال.‏ والكاهن الكاثوليكي كان هناك ايضا،‏ مع انه لم يُدعَ من قبل القرويين،‏ وجلب معه عدة مئات من الكاثوليك من قبيلة اخرى.‏ وبعد ان حرَّضهم الكاهن،‏ اهان الذين من كنيسته الشهود،‏ بصقوا عليهم،‏ هزّوا قبضات ايديهم،‏ ومزَّقوا كتب القرويين المقدسة،‏ فيما وقف الكاهن متكتفا وابتسم.‏ والشرطة التي سعت الى ضبط الوضع صُعقت بشكل واضح.‏ وكثيرون من القرويين خافوا ايضا.‏ ولكن تبيَّن ان واحدا على الاقل من القرويين كان شجاعا واتخذ موقفه الى جانب ما يعرف انه الحق.‏ والآن،‏ مئات الآخرين في هذه الجزيرة يفعلون ذلك ايضا.‏

      ولكن،‏ لم يُظهر جميع المعلِّمين الدينيين روحا عدائية تجاه شهود يهوه.‏ ففي جزر سليمان،‏ شعر سام إيروفالو بمسؤولية مخلصة تجاه اولئك الذين يتطلعون اليه بصفته قائدهم الديني.‏ وبعد قراءة كتاب جمعية برج المراقبة من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود،‏ ادرك ان احدا قد كذب عليه.‏ فأصغى هو والمعلِّمون الدينيون تحت سلطته الى المناقشات مع الشهود،‏ طرحوا الاسئلة،‏ وفتحوا الآيات في الكتاب المقدس.‏ ثم وافقوا ان يصيروا شهودا ليهوه،‏ ولذلك شرعوا في تحويل الكنائس في قراهم الـ‍ ٢٨ الى قاعات ملكوت.‏

      سيل الحق الدافق في افريقيا

      ابتداء من اوائل عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ خصوصا،‏ بُذل جهد كثير لكي يحظى الناس في كل انحاء افريقيا بالفرصة ليعرفوا يهوه،‏ الاله الحقيقي،‏ وليستفيدوا من تدابيره الحبية.‏ وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية،‏ كان هنالك شهود ليهوه نشاطى في ١٤ بلدا في القارة الافريقية.‏ وكان قد جرى بلوغ ١٤ بلدا افريقيا آخر برسالة الملكوت،‏ ولكن في هذه لم يكن ايّ من الشهود يقدِّم تقريرا عن نشاطه في السنة ١٩٤٥.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٣٠ التالية،‏ حتى السنة ١٩٧٥،‏ اخترقت الكرازة بالبشارة ١٩ بلدا اضافيا في افريقيا.‏ وفي كل هذه البلدان تقريبا،‏ وكذلك في الجزر المجاورة،‏ ابتدأت الجماعات تتشكل —‏ عدد قليل في بعض البلدان،‏ اكثر من ألف في زامبيا،‏ ما يقارب الالفين في نَيجيريا.‏ فكيف حدث كل ذلك؟‏

      كان نشر رسالة الملكوت مثل سيل ماء دافق.‏ وعلى الاغلب،‏ يجري الماء عبر قنوات النهر،‏ مع ان بعضه يفيض على الارض المجاورة؛‏ واذا قطع الطريق سدّ ما،‏ يجد الماء ممرا بديلا او يزداد حجما وضغطا الى ان يطفح من فوق.‏

      واذ استَخدمت قنواتها التنظيمية القانونية،‏ عيَّنت جمعية برج المراقبة خداما كامل الوقت —‏ فاتحين،‏ فاتحين خصوصيين،‏ ومرسلين —‏ في البلدان التي أُنجز فيها القليل او لا شيء من الكرازة.‏ وحيثما ذهبوا،‏ كانوا يدعون الناس ان ‹يأخذوا ماء حياة مجانا.‏› (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ مثلا،‏ في افريقيا الشمالية،‏ قدَّم اربعة فاتحين خصوصيين من فرنسا هذه الدعوة لشعب الجزائر في السنة ١٩٥٢.‏ وسرعان ما قبلت الحق هناك عرَّافة،‏ ادركت انه يجب ان تهجر مهنتها لكي ترضي يهوه،‏ وابتدأت تشهد لزبائنها السابقين.‏ (‏تثنية ١٨:‏​١٠-‏١٢‏)‏ لقد استعمل الفاتحون بفعَّالية كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏ لمساعدة الافراد المخلصين على رؤية الفرق بين الكتاب المقدس والتقليد الديني.‏ وكان فعَّالا في تحرير الناس من الممارسات الدينية الباطلة حتى ان رجل دين عرض الكتاب من على منبره وتلفظ بلعنة عليه،‏ على الذين يوزعونه،‏ وعلى الذين يقرأونه.‏

      في السنة ١٩٥٤ طُرد مرسل من اسپانيا الكاثوليكية بسبب تعليم الكتاب المقدس دون موافقة رجال الدين؛‏ ولذلك في السنة التالية شرع هو ورفيقه الفاتح يكرزان في المملكة المغربية.‏ وسرعان ما انضمت اليهما عائلة من خمسة شهود ليهوه كانوا قد رُحِّلوا من تونس،‏ حيث كان قد نشأ اهتياج كبير عندما قبل زوجان يهوديان يسوع بصفته المسيَّا وابتدأا بسرعة يشتركان في ايمانهما الجديد مع الآخرين.‏ والى ابعد في الجنوب،‏ أُرسل فاتحون من غانا الى مالي في السنة ١٩٦٢.‏ ولاحقا،‏ طُلب ايضا من زوجين فاتحين فرنسيين يخدمان في الجزائر ان يساعدا في مالي.‏ وبدورهم،‏ انخرط عدد كبير من الذين صاروا لاحقا شهودا هناك في صفوف الخدمة كامل الوقت.‏ وفي السنة ١٩٦٦ تسلَّم ثمانية فاتحين خصوصيين من نَيجيريا تعيينات في النَّيجر،‏ بلد قليل السكان يشمل جزءا من الصحراء الكبرى.‏ ومُنحت بوروندي الفرصة لسماع رسالة الملكوت عندما أُرسل فاتحان خصوصيان الى هناك من روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏ في السنة ١٩٦٣،‏ وتبعهما اربعة مرسلين مدرَّبين في مدرسة جلعاد.‏

      وكان هنالك ايضا مرسلون في إثيوپيا في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فطلبت الحكومة الإثيوپية ان يؤسسوا مدرسة ارسالية وتعليمية نظامية،‏ الامر الذي فعلوه.‏ ولكن،‏ بالاضافة الى ذلك،‏ كانوا مشغولين بتعليم الكتاب المقدس،‏ وسرعان ما كان هنالك تدفُّق مستمر من الناس الذين يأتون الى بيت المرسلين،‏ الجدد الذين يجيئون كل يوم ليطلبوا مساعدة احد على فهم الكتاب المقدس.‏ وفي خلال العقود الثلاثة التي تلت الحرب العالمية الثانية،‏ استفاد ٣٩ بلدا في القارة الافريقية من مساعدة مثل هؤلاء المرسلين المدرَّبين في جلعاد.‏

      وفي الوقت نفسه،‏ كانت مياه الحق تفيض على المناطق العطشى روحيا بواسطة شهود ليهوه جعلهم عملهم الدنيوي يتصلون بالناس الآخرين.‏ وهكذا،‏ كان زوجان شاهدان من مصر،‏ تطلب العمل ان ينتقلا الى ليبيا سنة ١٩٥٠،‏ يكرزان بغيرة خلال ساعات فراغهما.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ انتقل شاهد وهو تاجر صوف،‏ مع عائلته،‏ من مصر الى الخرطوم،‏ السودان.‏ فجعلها عادة ان يشهد للزبائن قبل التعامل معهم.‏ وأحد الشهود الاولين في السنڠال (‏جزء من افريقيا الغربية الفرنسية آنذاك)‏ ذهب الى هناك في السنة ١٩٥١ كممثِّل لمؤسسة تجارية.‏ وهو ايضا كان يقدّر مسؤولياته كشاهد للعلي.‏ وفي السنة ١٩٥٩،‏ في ما يتعلق بعمل دنيوي،‏ ذهب شاهد الى فور لامي (‏الآن نجامينا)‏،‏ في ما صار لاحقا تشاد،‏ وانتهز الفرصة لنشر رسالة الملكوت في ذلك البلد.‏ وفي البلدان المجاورة للنَّيجر كان هنالك تجار شهود ليهوه؛‏ ولذلك،‏ فيما كان الفاتحون الخصوصيون مشغولين في النَّيجر من السنة ١٩٦٦ فصاعدا،‏ كان هؤلاء التجار يكرزون ايضا للناس من النَّيجر الذين يتعاملون معهم.‏ وثمة شاهدتان ذهب زوجاهما الى موريتانيا للعمل سنة ١٩٦٦ انتهزتا الفرصة للشهادة في تلك المنطقة.‏

      والناس الذين انعشهم ‹ماء الحياة› كانوا يعطونه للآخرين.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٤٧ انتقل شخص كان قد حضر بعض الاجتماعات،‏ لكنه لم يكن هو نفسه واحدا من شهود يهوه،‏ من الكَمَرون الى اوبانڠي شاري (‏الآن جمهورية افريقيا الوسطى)‏.‏ واذ سمع عن رجل في بانڠوي كان مهتما كثيرا بالكتاب المقدس،‏ رتَّب بلطف ان يرسل اليه مكتب جمعية برج المراقبة في سويسرا كتابا.‏ ففرح أتْيِن انڠكوينڠكو،‏ المتسلِّم،‏ كثيرا بالطعام الروحي السليم الذي يحتويه،‏ وكان كل اسبوع يقرأ من هذا الكتاب على فريق من المهتمين الآخرين.‏ واتصل هؤلاء بمركز الجمعية الرئيسي.‏ واذ ازدادت معرفتهم،‏ صار فريق الدرس هذا فريقا كرازيا ايضا.‏ ومع ان ضغط رجال الدين ادَّى الى حظر حكومي على مطبوعات برج المراقبة،‏ استمر هؤلاء الشهود الجدد في الكرازة باستعمال الكتاب المقدس وحده.‏ والناس في ذلك البلد يحبون سماع مناقشات الكتاب المقدس،‏ ولذلك بحلول الوقت الذي رُفع فيه الحظر عن بعض مطبوعات الجمعية في السنة ١٩٥٧،‏ كان عدد الشهود هناك قد بلغ اكثر من ٥٠٠.‏

      عندما نشأت العقبات

      عندما كانت العقبات تعيق تدفق الماء المانح الحياة،‏ سرعان ما كان يخترق بطريقة اخرى.‏ فعندما اجبرت الحكومة أجِيت سيسي،‏ فاتح من داهومي (‏الآن بينين)‏،‏ على الرحيل،‏ كان قد كرز في توڠو الفرنسية (‏الآن توڠو)‏ لمجرد فترة قصيرة في السنة ١٩٤٩.‏ ولكن في السنة التالية عاد أكاكپو أڠْبيتور،‏ ملاكم سابق،‏ من توڠو في الاصل،‏ الى موطنه مع اخيه.‏ ولأنها كانت مسقط رأسه،‏ استطاع ان يشهد بحرية تماما،‏ وأن يعقد الاجتماعات ايضا.‏ وعلى الرغم من ان الفاتحين الذين تسلَّموا تعيينات في فرناندو پو (‏الآن جزء من غينيا الاستوائية)‏ نحو السنة ١٩٥٠ رُحِّلوا بعد وقت قصير نتيجة للتعصب الديني،‏ حصل شهود آخرون لاحقا على عقود عمل مكَّنتهم من العيش في تلك المنطقة.‏ وطبعا،‏ انسجاما مع وصية يسوع،‏ قاموا بالكرازة.‏ —‏ مرقس ١٣:‏١٠‏.‏

      ايمانويل ماما،‏ ناظر دائرة من غانا،‏ أُرسل الى ڤولتا العليا (‏تدعى الآن بركينا فازو)‏ لأسابيع قليلة في السنة ١٩٥٩ وتمكَّن من القيام بكثير من الشهادة في واڠادوڠو،‏ العاصمة.‏ ولكن لم يكن هنالك شهود يعيشون في البلد.‏ وبعد اربع سنوات،‏ انتقل سبعة شهود الى واڠادوڠو،‏ وهم في الاصل من توڠو،‏ داهومي (‏الآن بينين)‏،‏ والكونڠو،‏ وفتَّشوا عن عمل لكي يتمكنوا من الخدمة في هذه المنطقة.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ انضم اليهم عدة فاتحين خصوصيين من غانا.‏ ولكن،‏ نتيجة لضغط رجال الدين على الرسميين،‏ في السنة ١٩٦٤،‏ بعد ان كان للشهود هناك اقل من سنة،‏ اعتُقلوا واحتُجزوا ١٣ يوما ثم طُردوا من البلد.‏ وهل كانت جهودهم تستحق العناء؟‏ تعلَّم ايمانويل جونسون،‏ مقيم في البلد،‏ اين يمكن ان يوجد حق الكتاب المقدس.‏ فاستمر في الدرس مع شهود يهوه بالمراسلة،‏ واعتمد في السنة ١٩٦٩.‏ نعم،‏ كان لعمل الملكوت موطئ قدم في بلد آخر.‏

      عندما قُدِّم طلب للحصول على تأشيرات تُمكِّن مرسلين مدرَّبين في جلعاد من الخدمة في ساحل العاج،‏ حجب رسميون فرنسيون الموافقة.‏ ولذلك،‏ في السنة ١٩٥٠،‏ أُرسل ألفرِد شوتر،‏ من ساحل الذهب (‏الآن غانا)‏،‏ الى عاصمة ساحل العاج كفاتح.‏ وما ان ترسَّخ حتى انضمت اليه زوجته؛‏ وبعد اشهر قليلة اتى زوجان مرسلان،‏ ڠابرييل وفلورنس پاترسون.‏ وابتدأت المشاكل تنشأ.‏ فذات يوم،‏ صودرت مطبوعاتهم لأن الحكومة لم توافق عليها،‏ وغُرِّم الاخوة.‏ ولكنهم لاحقا وجدوا كتبهم تُباع في السوق،‏ فاشتروها واستفادوا منها.‏

      في هذه الاثناء،‏ زار هؤلاء الاخوة رسميين حكوميين عديدين في محاولة للحصول على تأشيرات دائمة.‏ فعرض السيد اوفْوِبواني،‏ الذي صار لاحقا رئيس ساحل العاج،‏ ان يساعد.‏ وعلَّق:‏ «الحق لا يقف امامه حاجز البتة.‏ فهو كنهر غزير؛‏ سُدَّه فيفيض من فوق السدّ.‏» وعندما حاول كاهن كاثوليكي وقس منهجي التدخل،‏ قال وازِن كوليبالي،‏ ممثل حكومي:‏ «انا امثِّل شعب هذا البلد.‏ نحن الشعب،‏ ونحن نحب شهود يهوه ولذلك نريد ان يبقوا هنا في هذا البلد.‏»‏

      تلاميذ يفهمون حقا

      عندما اعطى الارشادات ان ‹يتلمذوا اناسا من جميع الامم،‏› امر يسوع ايضا ان الذين سيصيرون تلاميذ —‏ الذين آمنوا بتعاليم المسيح وطبقوها —‏ يجب ان يعتمدوا.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وانسجاما مع ذلك،‏ هنالك تدبير لمعمودية التلاميذ الجدد في محافل شهود يهوه الدائرية والكورية الدورية.‏ وعدد المعتمدين في اية مناسبة معيَّنة قد يكون قليلا نسبيا.‏ ولكن في محفل في نَيجيريا سنة ١٩٧٠،‏ غُطِّس ٧٧٥‏,٣ شاهدا جديدا.‏ إلا ان الاعداد الكبيرة ليست هي الهدف.‏

      وعندما أُدرك في السنة ١٩٥٦ ان البعض في ساحل الذهب ممَّن يعتمدون لم يبنوا ايمانهم على اساس كافٍ،‏ أُسِّس هناك ترتيب لغربلة المرشحين للمعمودية.‏ فأُلقيت المسؤولية على نظار الجماعات المحليين في ساحل الذهب ان يمتحنوا شخصيا كل مرشح للتغطيس للتأكد ان لديه معرفة سليمة لحقائق الكتاب المقدس الاساسية،‏ انه يحيا انسجاما مع مقاييس الكتاب المقدس،‏ وأنه يفهم بوضوح الالتزامات التي ترافق كونه شاهدا منتذرا معتمدا ليهوه.‏ وفي حينه،‏ سرى مفعول اجراء مماثل في كل انحاء العالم.‏ فزُوِّد سنة ١٩٦٧ مجمل مفصَّل لاستعماله في مراجعة تعاليم الكتاب المقدس الاساسية مع المرشحين للمعمودية في كتاب “Your Word Is a Lamp to My Foot” (‏‏«سراج لرجلي كلامك»‏‏)‏.‏ وبعد سنوات من الخبرة،‏ صدر تحسين اضافي لذلك المجمل في السنة ١٩٨٣ في كتاب منظمين لاتمام خدمتنا.‏

      وبترتيب كهذا،‏ هل أُخذت في الاعتبار حاجات الناس الذين لديهم قليل او لا شيء من التعليم الرسمي؟‏

      التغلب على مشكلة الامّية

      في السنة ١٩٥٧ قدَّرت منظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للامم المتحدة ان ٤٤ في المئة تقريبا من سكان العالم بعمر ١٥ سنة او اكبر لا يستطيعون القراءة او الكتابة.‏ وأُخبر انه في ٤٢ بلدا في افريقيا،‏ ٢ في الاميركتين،‏ ٢٨ في آسيا،‏ و ٤ في اوقيانيا،‏ كان ٧٥ في المئة من الراشدين امّيين.‏ ولكنهم كانوا يحتاجون هم ايضا الى الفرصة ليتعلَّموا شريعة اللّٰه لكي يستعدوا للصيرورة رعايا ملكوته.‏ وكثيرون من الذين لا يستطيعون القراءة كانت لديهم عقول متقدة الذكاء وكانوا قادرين على تذكُّر الكثير مما يسمعونه،‏ ولكن لم يكن بامكانهم بعدُ ان يقرأوا هم انفسهم كلمة اللّٰه الثمينة ويستفيدوا من المساعِدات على درس الكتاب المقدس المطبوعة.‏

      طوال سنوات كان الشهود الافراد يقدِّمون المساعدة الشخصية للناس الذين يريدون ان يتعلَّموا القراءة.‏ ولكن،‏ في السنتين ١٩٤٩ و ١٩٥٠،‏ افتتح شهود يهوه صفوف تعليم القراءة والكتابة في كلٍّ من جماعاتهم في بلدان افريقية كثيرة.‏ وكانت الصفوف تُعقَد عادةً في قاعات الملكوت،‏ وفي بعض الاماكن كانت كامل القرية تدعى للاستفادة من البرنامج.‏

      وحيث ترعى الحكومة برنامجا لتعليم القراءة والكتابة،‏ كان شهود يهوه يتعاونون بسرور معها.‏ إلا انه كان على الشهود في مناطق عديدة ان يطوِّروا ويستعملوا كتبهم التعليمية الخاصة.‏ وقد جرت مساعدة عشرات الآلاف من الاشخاص،‏ بمن فيهم آلاف النساء والمسنين،‏ على تعلُّم القراءة والكتابة بواسطة هذه الصفوف التي يديرها شهود يهوه.‏ ونتيجة للطريقة التي صُمِّم بها المقرَّر التعليمي،‏ لم يتعلَّموا فقط القراءة والكتابة ولكنهم في الوقت نفسه صاروا عارفين بالحقائق الاساسية من كلمة اللّٰه المقدسة.‏ وهذا ساعدهم على التأهل للاشتراك في عمل التلمذة الذي اوصى به يسوع.‏ والرغبة في فعل ذلك بفعَّالية دفعت كثيرين الى بذل جهد كبير لتعلُّم القراءة.‏

      وعندما صرف صاحب بيت شاهدا جديدا في داهومي (‏الآن بينين)‏،‏ افريقيا الغربية،‏ لأن الشاهد لا يعرف القراءة،‏ قرَّر الشاهد ان يتغلب على هذه المشكلة.‏ وبالاضافة الى حضور صفوف تعليم القراءة والكتابة،‏ ركَّز شخصيا على التعلُّم.‏ وبعد ستة اسابيع قام بزيارة صاحب البيت نفسه؛‏ فاندهش الرجل لسماعه هذا الشخص،‏ الذي كان يجهل القراءة والكتابة قبل فترة وجيزة،‏ يقرأ عليه من كلمة اللّٰه حتى انه اظهر ايضا اهتماما بما يعلِّمه الشاهد.‏ وبعض الذين تعلَّموا في صفوف تعليم القراءة والكتابة هذه صاروا ايضا في الوقت المعيَّن نظارا جائلين،‏ بعدد من الجماعات لتعليمها.‏ وصح ذلك في حزقيال اوڤبيجِل في نَيجيريا.‏

      التعليم بواسطة عروض الافلام والصور المنزلقة

      لمساعدة الذين يعربون عن الاهتمام بالكتاب المقدس على تقدير عظمة هيئة يهوه المنظورة،‏ صدر فيلم في السنة ١٩٥٤.‏ وهذا الفيلم،‏ مجتمع العالم الجديد وهو يعمل‏،‏ ساعد ايضا على ازالة التحامل الجماعي.‏

      وفي ما هو الآن زامبيا،‏ غالبا ما كان يلزم مولِّد كهربائي قابل للحمل لعرض الفيلم.‏ وكانت تُستخدم قطعة قماش كانڤا بيضاء مبسوطة بين شجرتين كشاشة.‏ وفي مقاطعة باروتسي شاهد الرئيس الاعلى الفيلم مع عائلته الملكية،‏ وأراد بعد ذلك ان يُعرَض على العامة.‏ ونتيجة لذلك،‏ شاهده في الامسية التالية ٥٠٠‏,٢ شخص.‏ وتجاوز مجموع مشاهدي عروض الفيلم في زامبيا طوال فترة ١٧ سنة المليون.‏ وكان هؤلاء المشاهدون مسرورين بما رأوه.‏ ومن تنڠانيقا (‏الآن جزء من تَنزانيا)‏ المجاورة أُخبر انه بعد عرض الفيلم امتلأ الجو بصياح الجمع قائلا،‏ ‏«انداكا،‏ انداكا»‏ (‏شكرا لكم،‏ شكرا لكم)‏.‏

      بعد فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل،‏ تبعت افلام اخرى:‏ سعادة مجتمع العالم الجديد،‏ اعلان «البشارة الابدية» حول العالم،‏ لا يمكن ان يكذب اللّٰه،‏ والميراث.‏ وكانت هنالك ايضا عروض للصور المنزلقة،‏ مع تعليق،‏ عن كون الكتاب المقدس عمليا في زمننا،‏ الجذور الوثنية لعقائد وممارسات العالم المسيحي،‏ ومعنى احوال العالم في ضوء نبوة الكتاب المقدس،‏ بالاضافة الى عروض للصور المنزلقة عن شهود يهوه كهيئة،‏ مبرزة زيارة لمركزهم الرئيسي العالمي،‏ المحافل المثيرة في البلدان التي كان عملهم فيها محظورا سابقا،‏ ومراجعة لتاريخهم العصري.‏ كل هذه ساعدت الناس على الادراك ان يهوه لديه حقا شعب على الارض وأن الكتاب المقدس هو كلمته الملهمة.‏

      تحديد هوية الخراف الحقيقيين

      في بعض البلدان،‏ كان الاشخاص الذين يملكون بعض مطبوعات برج المراقبة يدَّعون انهم شهود ليهوه او يستخدمون الاسم برج المراقبة.‏ ولكن هل غيَّروا معتقداتهم وطريقة حياتهم لتتفق مع مقاييس الكتاب المقدس؟‏ وعند منحهم الارشاد اللازم،‏ هل كانوا سيبرهنون انهم حقا اشخاص مشبهون بالخراف يصغون الى صوت السيد،‏ يسوع المسيح؟‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٤،‏ ٥‏.‏

      جرى تسلُّم رسالة مروِّعة في مكتب فرع جمعية برج المراقبة في جنوب افريقيا،‏ في السنة ١٩٥٤،‏ من فريق من الافريقيين في بَيِيا دوستيڠراش،‏ مستعمرة يُنفى اليها المجرمون في جنوب آنڠولا.‏ قال الكاتب،‏ جْواوْن مَنْكوكا:‏ «ان فريق شهود يهوه في آنڠولا مؤلَّف من ٠٠٠‏,١ عضو.‏ وقائدهم هو سيماون ڠونسالڤيس توكو.‏» فمَن هو توكو؟‏ وهل كان أتباعه شهودا ليهوه حقا؟‏

      صُنعت الترتيبات ليقوم جون كوك،‏ مرسل قادر على التكلم بالپرتغالية،‏ بزيارة لآنڠولا.‏ وبعد مقابلة طويلة مع رسمي المستعمرة،‏ سُمح للاخ كوك بأن يزور مَنْكوكا.‏ فعلم الاخ كوك انه في اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما كان توكو مقترنا بارسالية معمدانية في الكونڠو البلجيكية (‏الآن زائير)‏،‏ حصل على بعض مطبوعات برج المراقبة وأخبر عشراءه الاحماء بما تعلَّمه.‏ ولكن بعد ذلك اثَّر ارواحيون في الفريق،‏ وعلى مر الوقت توقف توكو كاملا عن استعمال مطبوعات برج المراقبة والكتاب المقدس.‏ وعوضا عن ذلك،‏ صار يطلب التوجيه بواسطة الوسطاء الارواحيين.‏ وأعادت الحكومة أتباعه الى آنڠولا ثم فرَّقتهم في مختلف انحاء البلد.‏

      كان مَنْكوكا احد عشراء توكو،‏ لكنَّ مَنْكوكا حاول اقناع الآخرين بالتوقف عن ممارسة الارواحية وبالالتصاق بالكتاب المقدس.‏ ولم يعجب ذلك بعض أتباع توكو،‏ فوشوا بمَنْكوكا الى السلطات الپرتغالية،‏ ملفِّقين التهم.‏ ونتيجة لذلك،‏ رُحِّل مَنْكوكا ومشاركوه في آرائه الى مستعمرة يُنفى اليها المجرمون.‏ ومن هناك اتصل بجمعية برج المراقبة وحصل على مزيد من مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وقد كان متواضعا،‏ روحي التفكير،‏ ومهتما كثيرا بالعمل بشكل لصيق مع الهيئة التي بواسطتها تعلَّم الحق.‏ وبعد ان قضى الاخ كوك ساعات كثيرة يناقش مع هذا الفريق حقائق الكتاب المقدس،‏ لم يعد هنالك في ذهنه ايّ شك في ان جْواوْن مَنْكوكا هو حقا واحد من خراف الرب.‏ وفي الظروف الاصعب،‏ برهن الاخ مَنْكوكا على ذلك لسنوات عديدة الآن.‏

      أُجريت ايضا مقابلات مع توكو وبعض أتباعه.‏ ولكنهم،‏ باستثناءات قليلة،‏ لم يقدِّموا دليلا على صفات أتباع المسيح المشبهين بالخراف.‏ ولذلك،‏ في ذلك الحين لم يكن هنالك ٠٠٠‏,١ شاهد ليهوه في آنڠولا بل نحو ٢٥ فقط.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ في الكونڠو البلجيكية (‏الآن زائير)‏،‏ تطورت بلبلة اخرى بشأن الهوية.‏ فكانت هنالك حركة دينية سياسية معروفة بالكيتاوالا كانت احيانا تستعمل ايضا الاسم برج المراقبة.‏ وفي بيوت بعض اعضائها عُثر على مطبوعات لشهود يهوه حصلوا عليها بالبريد.‏ لكنَّ معتقدات وممارسات الكيتاوالا (‏بما فيها التمييز العرقي،‏ قلب السلطة بغية إحداث تغيير سياسي او اجتماعي،‏ والفساد الادبي الجنسي الفاضح باسم العبادة)‏ لم تمثِّل على الاطلاق تلك التي لشهود يهوه.‏ ومع ذلك،‏ حاولت بعض التقارير المنشورة توريط جمعية برج المراقبة لشهود يهوه مع الكيتاوالا.‏

      صدّ الرسميون البلجيكيون محاولات شهود يهوه المتكررة لارسال مشرفين مدرَّبين الى البلد.‏ فابتهجت الفرق الكاثوليكية والپروتستانتية.‏ وخصوصا من السنة ١٩٤٩ فصاعدا،‏ اتُّخذت اجراءات قمعية قاسية ضد الذين كانوا يحاولون في الكونڠو البلجيكية ان يدرسوا الكتاب المقدس بمساعدة مطبوعات برج المراقبة.‏ ولكنَّ الامر كان كما قال احد الشهود الامناء هناك:‏ «نحن مثل كيس حبوب افريقية.‏ حيثما يأخذوننا تسقط الكلمة،‏ الواحدة بعد الاخرى،‏ الى الوقت الذي يهطل فيه المطر،‏ فيروننا ننمو في كل مكان.‏» وهكذا،‏ على الرغم من الاحوال الصعبة،‏ من السنة ١٩٤٩ الى السنة ١٩٦٠،‏ حدث ان عدد الذين قدَّموا تقريرا عن نشاطهم كشهود ليهوه ازداد من ٤٨ الى ٥٢٨‏,١.‏

      تدريجيا صار الرسميون يقدِّرون ان شهود يهوه مختلفون كثيرا عن الكيتاوالا.‏ وعندما مُنح الشهود شيئا من الحرية لعقد المحافل،‏ كثيرا ما كان مراقبو الحكومة يعلِّقون على سلوكهم الجيد وتنظيمهم.‏ وعندما حدثت مظاهرات عنيفة تطالب بالاستقلال السياسي،‏ عرف الناس ان شهود يهوه ليسوا متورطين.‏ وفي السنة ١٩٦١ تمكَّن اخيرا مشرف شاهد مؤهل،‏ أرنست هُوِيسا الابن،‏ من بلجيكا،‏ من الدخول الى البلد.‏ وبكثير من الجهد الدؤوب كان من الممكن مساعدة الاخوة تدريجيا على جعل جماعاتهم وحياتهم الشخصية على انسجام اكمل مع كلمة اللّٰه.‏ فكان هنالك الكثير لتعلُّمه،‏ وتطلب الامر صبرا كثيرا.‏

      واذ اعتقدت ان ذلك يعزِّز موقفها،‏ ارسلت الكيتاوالا من بعض المناطق لوائح طويلة باسماء الاشخاص التابعين لها الذين يريدون ان يكونوا معروفين كشهود ليهوه.‏ وبحكمة ارسل الاخ هُوِيسا اخوة اكفاء الى هذه المناطق ليتحققوا ايّ نوع من الاشخاص هم عليه.‏ وبدلا من قبول مجموعات كبيرة،‏ اداروا دروسا في الكتاب المقدس مع الافراد.‏

      وفي حينه صار الخراف الحقيقيون،‏ اولئك الذين كانوا يتطلعون حقا الى يسوع المسيح بصفته راعيهم،‏ ظاهرين.‏ وكان هنالك الكثير منهم.‏ وهم بدورهم علَّموا آخرين.‏ وعلى مر السنين،‏ اتى عشرات من مرسلي برج المراقبة من الخارج للعمل معهم،‏ لمساعدتهم على نيل مزيد من معرفة كلمة اللّٰه الدقيقة ولتزويد التدريب اللازم.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥،‏ كان هنالك ٤٧٧‏,١٧ شاهدا ليهوه في زائير،‏ منظَّمين في ٥٢٦ جماعة،‏ ينهمكون في الكرازة بكلمة اللّٰه وتعليمها للآخرين.‏

      تحطيم قوة الفَتَشية

      الى الغرب من نَيجيريا تقع دولة بينين (‏المعروفة سابقا بداهومي)‏،‏ بسكان مقسَّمين الى ٦٠ فريقا عرقيا يتكلمون نحو ٥٠ لغة ولهجة.‏ وكما يصح في قسم كبير من افريقيا،‏ فان مذهب الروحانية هو الدين التقليدي،‏ وهو يقترن بعبادة الاسلاف.‏ وهذه البيئة الدينية تزعج حياة الناس بالخرافة والخوف.‏ وكثيرون ممَّن يدعون انهم مسيحيون يمارسون ايضا مذهب الروحانية.‏

      ومن اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ الى اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ نثر شهود يهوه من نَيجيريا بزورا كثيرة من حق الكتاب المقدس في داهومي بواسطة الزيارات بين حين وآخر لتوزيع مطبوعات الكتاب المقدس.‏ والكثير من هذه البزور كان يحتاج الى قليل من السقي بغية الصيروة مثمرا.‏ وهذه العناية زُوِّدت في السنة ١٩٤٨ عندما عاد الى داهومي نورو أكيتونْدي،‏ من اهالي داهومي كان يعيش في نَيجيريا،‏ ليخدم كفاتح.‏ وفي غضون اربعة اشهر،‏ تجاوب بسرعة مع الحق ٣٠٠ شخص واشتركوا معه في خدمة الحقل.‏ وهذا التجاوب تخطى كل التوقعات المعقولة.‏

      ونتيجة لهذا النشاط،‏ سرعان ما ثار غضب ليس فقط رجال دين العالم المسيحي بل ايضا اصحاب مذهب الروحانية.‏ وعندما اظهرت امينة سر جماعة الفَتَشية في پورتو نوڤو اهتماما بالحق،‏ اعلن زعيم الفَتَشية ان امينة السر ستموت في سبعة ايام.‏ إلا ان امينة سر الجماعة السابقة هذه قالت بحزم:‏ «اذا كانت الفَتَشية هي التي اوجدت يهوه،‏ فسأموت؛‏ ولكن اذا كان يهوه هو الاله الاسمى،‏ فحينئذ سيُبطِل الفَتَشية.‏» (‏قارنوا تثنية ٤:‏٣٥؛‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏)‏ ولجعل تكهنه يتم،‏ انهمك زعيم الفَتَشية في ليلة اليوم السادس في كل انواع الشعوذة ثم اعلن ان امينة سر الجماعة السابقة هذه ماتت.‏ ولكنَّ الذعر كان كبيرا بين عبَّاد الفَتَشية في اليوم التالي عندما اتت الى السوق في كوتونو حية.‏ وفي ما بعد،‏ استأجر احد الاخوة سيارة وجال بها في كل انحاء پورتو نوڤو لكي يتمكَّن الجميع شخصيا من رؤيتها حية.‏ وعقب ذلك،‏ اتخذ عبَّاد كثيرون آخرون للفَتَشية موقفا ثابتا الى جانب الحق.‏ —‏ قارنوا ارميا ١٠:‏٥‏.‏

      وسرعان ما حُظرت مطبوعات برج المراقبة في داهومي نتيجة للضغط الديني الشديد.‏ ولكنَّ الشهود،‏ اطاعة ليهوه اللّٰه،‏ استمروا يكرزون،‏ مستعملين غالبا الكتاب المقدس فقط.‏ وأحيانا كانوا ينهمكون في العمل من باب الى باب بصفتهم «تجارا» بكل انواع البضائع.‏ واذا سارت المحادثة حسنا،‏ كانوا يلفتون الانتباه الى الكتاب المقدس،‏ حتى انهم قد يُخرجون من جيبة ردائهم الداخلية الكبيرة مطبوعة ثمينة للكتاب المقدس.‏

      وعندما كانت الشرطة تصعِّب عليهم العمل في المدن،‏ كانوا حينئذ يكرزون في المناطق الريفية.‏ (‏قارنوا متى ١٠:‏٢٣‏.‏)‏ وعندما كانوا يُلقَون في السجن،‏ كانوا يكرزون هناك.‏ وفي السنة ١٩٥٥،‏ وجد الشهود في السجن على الاقل ١٨ شخصا مهتما بين السجناء ورسميي السجن في أبومي.‏

      وفي غضون عقد فقط بعد عودة الاخ الفاتح الداهومي الى موطنه ليكرز،‏ كان هنالك ٤٢٦‏,١ يشتركون في الخدمة —‏ وذلك على الرغم من كون عملهم تحت حظر حكومي!‏

      فعلة اكثر يشتركون في الحصاد

      كان واضحا انه يوجد اناس كثيرون في كل انحاء افريقيا جياع الى الحق.‏ فالحصاد كان كثيرا،‏ لكنَّ الفعلة قليلون.‏ ولذلك كان مشجعا للاخوة ان يروا كيف استجاب رب الحصاد،‏ يهوه اللّٰه،‏ صلواتهم من اجل فعلة اكثر ليساعدوا في التجميع الروحي.‏ —‏ متى ٩:‏​٣٧،‏ ٣٨‏.‏

      والفاتحون الجائلون وزَّعوا الكثير من المطبوعات في كينيا في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ انما كان هنالك القليل من عمل الملاحقة.‏ ولكن في السنة ١٩٤٩ هاجرت ماري ويتينڠتون مع اولادها الصغار الثلاثة من بريطانيا لتعيش في نَيروبي مع زوجها،‏ الذي كان مستخدَما هناك.‏ وكانت الاخت ويتينڠتون معتمدة لسنة فقط،‏ لكنها كانت تملك روح الفتح.‏ ومع انها كانت تعرف انه لا يوجد شهود آخرون في كينيا،‏ شرعت في مساعدة الآخرين في هذه المقاطعة الكبيرة على تعلُّم الحق.‏ وبالرغم من العقبات،‏ لم تنثنِ عزيمتها.‏ وأتى شهود آخرون ايضا —‏ من اوستراليا،‏ بريطانيا،‏ جنوب افريقيا،‏ زامبيا،‏ السويد،‏ كندا،‏ والولايات المتحدة —‏ مرتِّبين شخصيا للانتقال الى هناك لكي يشتركوا في رجاء الملكوت مع الناس.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ أُرسل ازواج مرسلون للمساعدة في الحصاد.‏ في البداية كان الرجال مضطرين الى القيام بعمل دنيوي لكي يبقوا في البلد،‏ ولذلك كان وقتهم المتوافر للخدمة محدودا.‏ لكنَّ زوجاتهم كنَّ يملكن الوقت للخدمة كفاتحات.‏ وفي حينه اتى اكثر من مئة مرسل مدرَّب في جلعاد الى كينيا.‏ وعندما اقترب الاستقلال،‏ مع نهاية التمييز العنصري الذي فرضه الحكم الاستعماري البريطاني،‏ درس الشهود الاوروپيون اللغة السواحلية ووسَّعوا بسرعة نشاطهم لبلوغ اهل البلد الافريقيين.‏ فنما عدد الشهود في هذا الجزء من الحقل العالمي بسرعة.‏

      وفي السنة ١٩٧٢ تلقت بوتْسْوانا ايضا مساعدة في الحصاد الروحي عندما انتقل شهود من بريطانيا،‏ جنوب افريقيا،‏ وكينيا الى مدنها الاكبر.‏ وبعد ثلاث سنوات،‏ اتى ايضا مرسلون مدرَّبون في جلعاد.‏ ولكنَّ السكان مشتَّتون الى حد كبير في القرى الريفية.‏ ولكي يصلوا اليهم كان الشهود من جنوب افريقيا يسافرون عبر المنطقة الصحراوية المعروفة بـ‍ كالاهاري.‏ وفي المجتمعات المنعزلة كانوا يشهدون لزعماء القرى،‏ اساتذة المدارس،‏ وغالبا لفرق من ١٠ او ٢٠ مستمعا ذا تقدير.‏ قال رجل كبير السن:‏ «عبرتم كل هذه الطريق لكي تحدِّثونا عن هذه الامور؟‏ هذا لطيف،‏ لطيف جدا.‏»‏

      كان «بايبل براون» قد ألقى محاضرات فعَّالة من الكتاب المقدس في لَيبيريا خلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ولكن كانت هنالك مقاومة كبيرة.‏ وعمل الحصاد الروحي هناك لم يتقدَّم فعلا حتى وصول المرسلين المدرَّبين في مدرسة جلعاد.‏ وهاري بيهانَن،‏ الذي اتى سنة ١٩٤٦،‏ كان الاول.‏ وشارك كثيرون آخرون في السنوات التالية.‏ وانضم اليهم تدريجيا في العمل اشخاص من اهل لَيبيريا،‏ وبحلول السنة ١٩٧٥ تجاوز عدد مسبِّحي يهوه الالف.‏

      قام «بايبل براون» بكرازة اكثر ايضا في نَيجيريا.‏ وهذه الدولة كانت مقسَّمة الى ممالك،‏ دول مدن،‏ وأنظمة اجتماعية متعددة،‏ بشعب ينطق بما يزيد على ٢٥٠ لغة ولهجة.‏ والدين كان عاملا مقسِّما اكثر.‏ وبشيء من اللباقة ولكن بحجج قوية من الاسفار المقدسة،‏ شهَّر الشهود الاولون هناك رجال الدين وتعاليمهم الباطلة.‏ وعندما حُظرت مطبوعاتهم خلال الحرب العالمية الثانية،‏ كرز الاخوة بواسطة الكتاب المقدس وحده.‏ والناس الذين يحبون الحق تجاوبوا بتقدير.‏ فتركوا الكنائس،‏ ثم هجروا تعدُّد الزوجات وتخلَّوا عن ممارستهم الجوجو،‏ التي تساهلت فيها الكنائس.‏ وبحلول السنة ١٩٥٠ كان عدد شهود يهوه المشتركين في المناداة برسالة الملكوت في نَيجيريا ٣٧٠‏,٨.‏ وبحلول السنة ١٩٧٠ كان هنالك اكثر من عشرة اضعاف هذا العدد.‏

      كان يجب التغلب على العقبات القانونية المستمرة من اجل تزويد العون الروحي للاشخاص المتهمين في روديسيا الجنوبية (‏المعروفة الآن بزمبابوي)‏.‏ وبدأت الجهود للحصول على الاعتراف الشرعي في اواسط عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وفي السنة ١٩٣٢،‏ أُمر فاتحون من جنوب افريقيا بمغادرة البلد وأُخبروا بطريقة اعتباطية بأنه لا يمكن استئناف القضية.‏ لكنهم استأنفوا على اية حال.‏ والتهم بأن مطبوعات برج المراقبة محرِّضة على الفتنة كانت تلزم معالجتها في المحاكم.‏ وفي اوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ قضى الاخوة وقتا في السجن بسبب توزيع مطبوعات توضح الكتاب المقدس.‏ وليس حتى السنة ١٩٦٦ كان ان مُنح شهود يهوه الاعتراف الشرعي الكامل كهيئة دينية في زمبابوي.‏ فطوال اكثر من ٤٠ سنة،‏ كان عمل الحصاد الروحي يجري تحت صعوبة كبيرة،‏ ولكن خلال ذلك الوقت ساعد الفعلة الشجعان اكثر من ٠٠٠‏,١١ ليصيروا خداما ليهوه اللّٰه.‏

      الشهادة للحكام والملوك

      عرف يسوع ان تلاميذه سيواجهون المقاومة في خدمتهم.‏ فأخبرهم بأنهم سيُسلَّمون الى «محاكم محلية،‏» وحتى الى «حكام وملوك،‏» وأن ذلك سيكون «شهادة لهم وللامم.‏» (‏متى ١٠:‏​١٧،‏ ١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشهود يهوه يختبرون تماما ما سبق يسوع وأنبأ به،‏ وانسجاما مع ما قاله يحاولون انتهاز الفرصة لتقديم شهادة.‏

      سمح بعض الرسميين للخوف بأن يمنعهم عن فعل الخير لأتباع المسيح.‏ (‏يوحنا ١٢:‏​٤٢،‏ ٤٣‏)‏ ورأى لولِن فيلپس الدليل على ذلك في السنة ١٩٤٨ عندما كانت له مقابلات خصوصية مع عدد من رسميي الحكومة في الكونڠو البلجيكية بهدف جلب الراحة للشهود المضطهدين هناك.‏ فأوضح لهؤلاء الرجال معتقدات ونشاطات شهود يهوه.‏ ولكن في اثناء المقابلة،‏ سأل الحاكمُ العام بحزن:‏ «واذا ساعدتكم،‏ فماذا يحدث لي؟‏» لقد عرف ان الكنيسة الكاثوليكية الرومانية تمارس نفوذا كبيرا في ذلك البلد.‏

      ولكنَّ الزعيم الاعلى للدولة السوازية،‏ الملك سوبوزا الثاني،‏ لم يكن مكترثا جدا لرأي رجال الدين.‏ فقد تحدث غالبا الى شهود يهوه،‏ حصل على الكثير من مطبوعاتهم،‏ وكان ميَّالا اليهم بلطف.‏ وفي «الجمعة الحزينة» كل سنة،‏ كان يدعو رجال الدين الافريقيين الى قريته الملكية.‏ وكان يدعهم يتكلمون،‏ ولكنه كان يدعو ايضا واحدا من شهود يهوه الى التكلم.‏ وفي السنة ١٩٥٦ تكلم الشاهد عن عقيدة خلود النفس وألقاب التبجيل للقادة الدينيين.‏ وعندما انتهى،‏ سأل الزعيم الاعلى رجال الدين:‏ «هل هذه الامور التي يقولها شهود يهوه هنا صحيحة ام باطلة؟‏ اذا كانت باطلة،‏ فاذكروا كيف.‏» فلم يتمكنوا من دحضها.‏ حتى انه في احدى المناسبات انفجر الزعيم الاعلى ضحكا من ارتباك رجال الدين بسبب ما قاله شاهد.‏

      كثيرا ما كانت الشرطة هي التي يُفوَّض اليها مطالبة الشهود بأسباب ما يفعلونه.‏ ومن الجماعة في طَنْجة،‏ المملكة المغربية،‏ كان الشهود يقومون برحلات قانونية الى سَبتة،‏ مرفأ بحري تحت السيطرة الاسپانية ولكن على الشاطئ المغربي.‏ واذ اوقفتهم الشرطة في احدى المناسبات سنة ١٩٦٧،‏ جرى التحقيق مع الشهود طوال ساعتين،‏ الوقت الذي قُدِّمت فيه شهادة ممتازة.‏ وفي احدى المراحل،‏ سأل مفتشان في الشرطة عما اذا كان الشهود يؤمنون بـ‍ «العذراء مريم.‏» وعندما أُخبرا ان روايات الاناجيل تُظهر ان مريم كان لها اولاد آخرون بعد ان ولدت العذراء يسوع،‏ وأن هؤلاء كانوا اخوة وأخوات يسوع من امه،‏ اطلق الضابطان شهقة اندهاش وقالا ان امرا كهذا لا يمكن ان يوجد ابدا في الكتاب المقدس.‏ وعندما فُتحت لهما يوحنا ٧:‏​٣-‏٥‏،‏ نظر اليها احد الضابطين طويلا دون ان يقول كلمة؛‏ ولذلك قال الآخر:‏ «أَعطني هذا الكتاب المقدس.‏ سأشرح الآية!‏» فردّ الضابط الاول:‏ «لا تزعج نفسك.‏ هذه الآية واضحة جدا.‏» وطُرحت اسئلة كثيرة اخرى وأُجيب عنها في جو من الارتياح.‏ وبعد ذلك،‏ كان هنالك القليل جدا من تدخل السلطات فيما كان الشهود يكرزون في تلك المنطقة.‏

      والرجال البارزون في الحكومة صاروا يعرفون جيدا شهود يهوه وخدمتهم.‏ وبعضهم يقدِّرون ان العمل الذي يقوم به الشهود مفيد حقا للناس.‏ وفي وقت متأخر من السنة ١٩٥٩،‏ عندما كانت الاستعدادات لاستقلال نَيجيريا جارية،‏ طلب الحاكم العام،‏ الدكتور نامدي أزيكيوي،‏ ان يكون و.‏ ر.‏ براون حاضرا كممثل لشهود يهوه.‏ وقال لمجلس وزرائه:‏ «اذا كانت كل الفئات الدينية كشهود يهوه،‏ فلن يكون لدينا قتل،‏ سرقة،‏ جُنَح،‏ مساجين وقنابل ذرية.‏ ولن تُقفَل الابواب يوما بعد يوم.‏»‏

      جرى جمع حصاد روحي كثير حقا في افريقيا.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥،‏ كان هنالك ٧٥٤‏,٣١٢ شاهدا يكرزون بالبشارة في ٤٤ بلدا في القارة الافريقية.‏ وفي تسعة من هذه البلدان،‏ كان هنالك اقل من ٥٠ يتخذون موقفهم الى جانب حق الكتاب المقدس ويشتركون في العمل التبشيري.‏ لكنَّ الشهود يعتبرون حياة كل امرئ ثمينة.‏ وفي ١٩ من هذه البلدان،‏ بلغ عدد المشتركين في الخدمة من بيت الى بيت كشهود ليهوه الآلاف.‏ وأُخبر عن زيادات مثيرة في بعض المناطق.‏ ففي آنڠولا،‏ مثلا،‏ من السنة ١٩٧٠ الى السنة ١٩٧٥،‏ ازداد عدد الشهود من ٣٥٥ الى ٠٥٥‏,٣.‏ وفي نَيجيريا،‏ في السنة ١٩٧٥،‏ كان هنالك ١٦٤‏,١١٢ شاهدا ليهوه.‏ وهؤلاء لم يكونوا مجرد اشخاص يتمتعون بقراءة مطبوعات برج المراقبة،‏ ولم يكونوا مجرد افراد قد يحضرون الاجتماعات في قاعة الملكوت من حين الى آخر.‏ فجميعهم كانوا منادين نشاطى بملكوت اللّٰه.‏

      المشرق ينتج مسبِّحين ليهوه

      وكما صحَّ في اماكن اخرى كثيرة،‏ توسع نشاط شهود يهوه بسرعة في الفيليپين عقب الحرب العالمية الثانية.‏ وبالسرعة الممكنة،‏ بعد اطلاق سراحه من السجن في ١٣ آذار ١٩٤٥،‏ اتصل جوزيف دوس سانتوس بمكتب جمعية برج المراقبة في نيويورك.‏ فقد اراد ان يحصل على جميع مواد درس الكتاب المقدس وارشادات الهيئة التي فاتت الاخوة في الفيليپين خلال الحرب.‏ ثم زار الجماعات شخصيا ليوحِّدهم ويقويهم.‏ وفي تلك السنة عينها عُقد محفل قومي في لينڠاين،‏ پانڠاسينان،‏ حيث قُدِّمت الارشادات حول كيفية تعليم الناس الجياع الى الحق بواسطة الدروس البيتية في الكتاب المقدس.‏ وشهدت السنوات التالية جهودا مكثَّفة لترجمة ونشر مزيد من المواد باللغات المحلية —‏ التَڠالوڠية،‏ الايلوكوِية،‏ والسايبوانية.‏ وكان الاساس يوضع من اجل التوسع،‏ وقد اتى ذلك سريعا.‏

      في غضون عقد بعد انتهاء الحرب،‏ ازداد عدد الشهود في الفيليپين من نحو ٠٠٠‏,٢ الى اكثر من ٠٠٠‏,٢٤.‏ وفي ٢٠ سنة اخرى،‏ كان هنالك اكثر بكثير من ٠٠٠‏,٧٨ مسبِّح ليهوه هناك.‏

      كانت الصين بين البلدان الاولى في المشرق التي يُرسَل اليها مرسلون مدرَّبون في مدرسة جلعاد.‏ وقد وصل هارولد كينڠ وستانلي جونز الى شَنڠهاي سنة ١٩٤٧؛‏ وليو دي هِمْ سنة ١٩٤٩.‏ فحضر الفاتحون الالمان الثلاثة،‏ الذين كانوا قد شرعوا في العمل هناك سنة ١٩٣٩،‏ للترحيب بهم.‏ وغالبية الناس في هذا البلد كانوا بوذيين ولم يتجاوبوا بسرعة مع مناقشة في الكتاب المقدس.‏ وداخل بيوتهم كانت هنالك مزارات ومذابح.‏ وبمرايا فوق مداخلهم،‏ كانوا يحاولون اخافة الارواح الشريرة.‏ والرقع الحمراء التي تحمل الكتابة ‹حظ سعيد› والصور المخيفة للآلهة البوذية كانت تزيِّن البوابات.‏ ولكن تلك كانت اوقات تغيير كبير في الصين.‏ فتحت الحكم الشيوعي كان مطلوبا من كل واحد ان يدرس ‹افكار ماو تسي تونڠ.‏› وبعد عملهم الدنيوي،‏ كان يجب ان يحضروا جلسات طويلة تُشرح فيها الشيوعية.‏ ووسط كل ذلك،‏ استمر اخوتنا مشغولين بالكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

      كثيرون ممَّن كانوا يرغبون في الدرس مع شهود يهوه كان لهم سابقا اتصال بالكتاب المقدس من خلال كنائس العالم المسيحي.‏ وصحَّ ذلك في نانسي يُوِن،‏ عاملة في الكنيسة وربة بيت كانت شاكرة على ما اظهره لها الشهود في الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما صارت هي نفسها تشارك بغيرة في العمل من بيت الى بيت وادارة دروس في الكتاب المقدس.‏ والآخرون الذين كرزوا لهم كانوا من خلفية صينية وبوذية نموذجية ولم تكن لديهم معرفة سابقة للكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٥٦ جرى بلوغ ذروة من ٥٧ ناشرا.‏ ولكن في تلك السنة عينها،‏ بعد توقيفها ست مرات بسبب الكرازة،‏ أُبقيت نانسي يُوِن في السجن.‏ والآخرون إما أُوقفوا او أُجبروا على مغادرة البلد.‏ واعتُقل ستانلي جونز وهارولد كينڠ في ١٤ تشرين الاول ١٩٥٨.‏ وقبل ان يمثلا امام المحكمة،‏ احتُجزا سنتين.‏ وفي اثناء هذا الوقت كانا يُستجوبان باستمرار.‏ وعندما أُخذا اخيرا الى المحكمة سنة ١٩٦٠،‏ حُكم عليهما بمدة سجن طويلة.‏ وهكذا،‏ في تشرين الاول ١٩٥٨،‏ أُوقف نشاط شهود يهوه العلني في الصين بالقوة.‏ لكنَّ كرازتهم لم تتوقف كاملا قط.‏ وحتى في السجن وفي معسكرات العمل الالزامي،‏ كانت هنالك طرائق للشهادة.‏ فهل سيُنجَز المزيد في هذا البلد الواسع في المستقبل؟‏ سيُعرف ذلك في الوقت المعيَّن.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ ماذا كان يحدث في اليابان؟‏ كان نحو مئة فقط من شهود يهوه يكرزون هناك قبل الحرب العالمية الثانية.‏ وعندما واجهتهم اجراءات قمعية وحشية خلال سنوات الحرب،‏ ساير كثيرون من هؤلاء.‏ ومع ان قليلين حافظوا على استقامتهم،‏ توقفت الكرازة العلنية المنظمة.‏ إلا ان المناداة بملكوت يهوه مُنحت انطلاقة جديدة في هذا الجزء من العالم عندما وصل دون هاسْلِت،‏ مرسل مدرَّب في جلعاد،‏ الى طوكيو في كانون الثاني ١٩٤٩.‏ وبعد شهرين تمكَّنت زوجته،‏ مايبِل،‏ من الانضمام اليه هناك.‏ وهذا حقل كان فيه اناس كثيرون جياعا الى الحق.‏ فكان الامبراطور قد تخلَّى عن ادعائه الالوهية.‏ وكانت الشنتوية،‏ البوذية،‏ الكاثوليكية،‏ والكْيودان (‏المؤلَّفة من فرق پروتستانتية مختلفة في اليابان)‏ قد فقدت اعتبارها جميعا لدى الناس بسبب تعاونها مع اليابان في الجهد الحربي الذي انتهى الى هزيمة.‏

      وبحلول نهاية السنة ١٩٤٩،‏ كان ١٣ مرسلا من مدرسة جلعاد مشغولين في اليابان.‏ وتبعهم المزيد —‏ اكثر من ١٦٠ ككل.‏ وكان هنالك القليل جدا من المطبوعات للعمل بها.‏ وبعض المرسلين كانوا يتكلمون اليابانية العتيقة الاسلوب في هاوايي،‏ ولكن كان يجب ان يتعلَّموا اللغة الحديثة.‏ وتعلَّم الآخرون بعض الامور الاساسية ولكنهم كانوا يضطرون الى اللجوء تكرارا الى قواميسهم اليابانية-‏الانكليزية الى ان اصبحوا عارفين اكثر بلغتهم الجديدة.‏ وقبل ان يمضي وقت طويل اتصلت عائلتا إيشي ومِيورا،‏ اللتان لم تهجرا ايمانهما خلال سنوات الحرب،‏ بالهيئة وابتدأتا مرة اخرى تشتركان في الخدمة العامة.‏

      فُتحت تدريجيا بيوت ارسالية في كوبي،‏ ناڠويا،‏ اوساكا،‏ يوكوهاما،‏ كيوتو،‏ وسَنداي.‏ ومن السنة ١٩٤٩ الى السنة ١٩٥٧ كان المسعى الرئيسي تثبيت عمل الملكوت في المدن الكبيرة في جزر اليابان الرئيسية.‏ ثم ابتدأ الفعلة ينتقلون الى المدن الاخرى.‏ فالحقل كان واسعا.‏ وكان واضحا انه اذا كانت اليابان كلها ستتلقَّى شهادة تامة،‏ فهنالك حاجة الى خدام فاتحين كثيرين.‏ وجرى التشديد على ذلك،‏ فتطوَّع كثيرون،‏ وكان هنالك تجاوب رائع مع الجهود المتحدة لهؤلاء الخدام العاملين بجدّ!‏ فأنتج العقد الاول ٣٩٠‏,١ مسبِّحا ليهوه.‏ وبحلول اواسط سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان هنالك ٤٨٠‏,٣٣ مسبِّحا غيورا ليهوه منتشرين في كل انحاء اليابان.‏ وسرعة التجميع كانت تتزايد.‏

      في السنة عينها التي وصل فيها دون هاسْلِت الى اليابان،‏ ١٩٤٩،‏ مُنح ايضا عمل الملكوت في جمهورية كوريا زخما كبيرا.‏ وكوريا كانت تحت السيطرة اليابانية خلال الحرب العالمية،‏ وكان الشهود مضطَهدين بلا رحمة.‏ ومع ان فريقا صغيرا كان يجتمع للدرس بعد الحرب،‏ لم يكن هنالك ايّ اتصال بالهيئة الاممية إلا بعد ان رأى تشو يونڠ وَن تقريرا عن شهود يهوه في السنة ١٩٤٨ في صحيفة الجيش الاميركي نجوم وشرائط.‏ وفي السنة التالية شُكِّلت جماعة من ١٢ ناشرا في سييول.‏ وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ وصل دون وأيرلين ستيل،‏ اول مرسلَين من مدرسة جلعاد.‏ وبعد سبعة اشهر،‏ تبعهما ستة مرسلين آخرين.‏

      كانوا يحصلون على نتائج ممتازة —‏ معدل ٢٠ درسا في الكتاب المقدس للواحد وحضور اجتماعات يبلغ ٣٣٦.‏ ثم اندلعت الحرب الكورية.‏ وبعد وقت لا يكاد يتجاوز ثلاثة اشهر من وصول فريق المرسلين الاخير هذا،‏ جرى ترحيلهم جميعا الى اليابان.‏ وانقضى اكثر من سنة قبل ان يتمكن دون ستيل من العودة الى سييول،‏ وسنة اخرى قبل ان تتمكن أيرلين من الانضمام اليه.‏ وفي هذه الاثناء بقي الاخوة الكوريون ثابتين وكانوا غيورين في الكرازة،‏ على الرغم من واقع خسارة البيوت وصيرورة كثيرين منهم لاجئين.‏ أما الآن،‏ اذ انتهت الحرب،‏ فقد مُنح الانتباه لتزويد مطبوعات اكثر بالكورية.‏ والمحافل ودفق المزيد من المرسلين اعطت دفعا للعمل.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥،‏ كان هنالك ٦٩٣‏,٣٢ شاهدا ليهوه في جمهورية كوريا —‏ بقدر ما في اليابان تقريبا —‏ وكانت هنالك امكانية لنمو رائع،‏ لأنه كان يدار اكثر من ٠٠٠‏,٣٢ درس بيتي في الكتاب المقدس.‏

      ماذا كانت عليه الحال في اوروپا؟‏

      لم تُنتج نهاية الحرب العالمية الثانية في اوروپا حرية تامة لشهود يهوه هناك ليتابعوا عملهم لتعليم الكتاب المقدس دون مقاومة.‏ وفي بعض الاماكن كان الرسميون يحترمونهم بسبب موقفهم الثابت خلال الحرب.‏ ولكن في اماكن اخرى ادَّى تيار القومية القوي والعداء الديني الى اضطهاد اضافي.‏

      بين الشهود في بلجيكا هنالك بعض الذين كانوا قد اتوا من المانيا ليشتركوا في الكرازة بالبشارة.‏ وبسبب عدم دعمهم النظام النازي،‏ كان الڠستاپو قد طاردهم كوحوش.‏ أما الآن فقد اتهم الرسميون البلجيكيون بعض هؤلاء الشهود انفسهم بأنهم نازيون وسجنوهم ثم رحَّلوهم.‏ وعلى الرغم من كل ذلك،‏ زاد عدد الشهود المشاركين في خدمة الحقل في بلجيكا اكثر من ثلاث مرات خلال خمس سنوات بعد الحرب.‏

      وماذا كان وراء الكثير من الاضطهاد؟‏ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ وحيثما كانت لها السلطة لفعل ذلك،‏ كانت لا تكل في حربها لوضع حد لشهود يهوه.‏

      واذ كانوا يعرفون ان اناسا كثيرين في الغرب يخافون الشيوعية،‏ اثار رجال الدين الكاثوليك في مدينة كورك الايرلندية،‏ في السنة ١٩٤٨،‏ مقاومة ضد شهود يهوه بالاشارة اليهم باستمرار بصفتهم «ابالسة شيوعيين.‏» ونتيجة لذلك،‏ عندما كان فْرِد مِتْكاف يشترك في خدمة الحقل،‏ واجهته مجموعة من الرعاع لكمته ورفسته ونثرت مطبوعاته للكتاب المقدس في الشارع.‏ ولحسن التوفيق،‏ كان شرطي مارًّا آنذاك ففرَّق افراد المجموعة.‏ وقد استمر الشهود في وجه كل ذلك.‏ ولم يكن الشعب الايرلندي كله يوافق على العنف.‏ ولاحقا،‏ تمنى حتى بعض الذين اشتركوا فيه لو لم يفعلوا ذلك.‏ ومعظم الناس الكاثوليك في ايرلندا لم يروا قط كتابا مقدسا.‏ ولكن،‏ بصبر حبي،‏ جرت مساعدة البعض منهم على التمسك بالحق الذي يحرِّر الناس.‏ —‏ يوحنا ٨:‏٣٢‏.‏

      مع ان الشهود في ايطاليا كان عددهم بنحو مئة فقط في السنة ١٩٤٦،‏ كانت لديهم بعد ثلاث سنوات ٦٤ جماعة —‏ صغيرة ولكن تعمل بجدّ.‏ فقلق رجال الدين.‏ واذ كانوا عاجزين عن دحض حقائق الكتاب المقدس التي يكرز بها شهود يهوه،‏ ضغط رجال الدين الكاثوليك على السلطات الحكومية في محاولة للتخلص منهم.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٤٩،‏ أُمر المرسلون الشهود بالخروج من البلد.‏

      وتكرارا سعى رجال الدين الروم الكاثوليك الى مقاطعة او منع محافل الشهود في ايطاليا.‏ فاستخدموا مماحكين في محاولة لمقاطعة محفل في سولْمونا سنة ١٩٤٨.‏ وفي ميلانو ضغطوا على رئيس الشرطة ليلغي إذنا في محفل في تياترو دِل أرتِه في السنة ١٩٥٠.‏ ومرة اخرى،‏ سنة ١٩٥١،‏ جعلوا الشرطة تلغي الإذن في محفل في تشِرينيولا.‏ ولكن في السنة ١٩٥٧،‏ عندما امرت الشرطة بايقاف محفل للشهود في ميلانو،‏ اعترضت الصحافة الايطالية،‏ وأُثيرت اسئلة في الپرلمان.‏ وصحيفة روما الاسبوعية إل موندو،‏ عدد ٣٠ تموز ١٩٥٧،‏ لم تتردد في الذكر ان الاجراء قد اتُّخذ «لارضاء رئيس الاساقفة،‏» جوڤاني باتيستا مونتيني،‏ الذي صار لاحقا البابا بولس السادس.‏ وكان معروفا جيدا ان الكنيسة الكاثوليكية لقرون كانت تمنع توزيع الكتاب المقدس باللغات التي يستعملها عامة الناس.‏ لكنَّ شهود يهوه ثابروا على جعل الكاثوليك المخلصين يرون لأنفسهم ما يقوله الكتاب المقدس.‏ فصار التباين بين الكتاب المقدس وعقيدة الكنيسة واضحا.‏ وعلى الرغم من الجهود المكثَّفة للكنيسة الكاثوليكية لمنع ذلك،‏ ترك الآلاف الكنيسة،‏ وبحلول السنة ١٩٧٥ كان هنالك ٢٤٨‏,٥١ شاهدا ليهوه في ايطاليا.‏ وهؤلاء جميعا كانوا مبشرين نشاطى،‏ وكانت أعدادهم تتزايد بسرعة.‏

      في اسپانيا الكاثوليكية عندما أُعيد احياء نشاط شهود يهوه المنظَّم تدريجيا بعد السنة ١٩٤٦،‏ لم يكن مستغربا ان يضغط رجال الدين هناك ايضا على الرسميين الدنيويين في محاولة لايقافهم.‏ فقوطعت اجتماعات شهود يهوه الجماعية.‏ وأُجبر المرسلون على الخروج من البلد.‏ واعتُقل الشهود لمجرد حيازتهم كتابا مقدسا او مطبوعة للكتاب المقدس.‏ وغالبا ما كانوا يُحتجَزون في سجون قذرة حتى ثلاثة ايام،‏ ثم يُطلَق سراحهم —‏ ولكن ليُعتقلوا،‏ يُستجوبوا،‏ ويوضعوا في السجن ثانية.‏ وكثيرون قضوا مدة سجن لشهر او اكثر.‏ وكان الكهنة يحرِّضون السلطات الدنيوية على مطاردة ايّ شخص يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وحتى بعد اصدار «قانون الحرية الدينية» في السنة ١٩٦٧،‏ حدثت التغييرات ببطء.‏ إلا انه بحلول الوقت الذي فيه مُنح شهود يهوه اخيرا الاعتراف الشرعي في السنة ١٩٧٠ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١١ منهم في اسپانيا.‏ وبعد خمس سنوات،‏ تجاوز عددهم ٠٠٠‏,٣٠،‏ وكل واحد مبشر نشيط.‏

      وماذا عن الپرتغال؟‏ هنا ايضا أُمر المرسلون بالخروج من البلد.‏ وبحضّ من رجال الدين الكاثوليك،‏ فتَّشت الشرطة بيوت شهود يهوه،‏ صادرت مطبوعاتهم،‏ وقاطعت اجتماعاتهم.‏ حتى ان آمر شرطة الامن العام في كالداس دا راينْيا اصدر امرا خطيا في كانون الثاني ١٩٦٣ يمنعهم من ‹ممارسة نشاطاتهم لقراءة الكتاب المقدس.‏› لكنَّ الشهود لم يتخلَّوا عن خدمتهم للّٰه.‏ وكان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٣ منهم بحلول الوقت الذي حصلوا فيه على الاعتراف الشرعي في الپرتغال سنة ١٩٧٤.‏

      وفي انحاء اخرى من اوروپا،‏ اثارت السلطات الدنيوية عقبات امام الكرازة بالبشارة بتصنيف توزيع مطبوعات الكتاب المقدس كنشاط تجاري خاضع للقوانين المتعلقة بالتجارة.‏ ففي عدد من كانتونات سويسرا،‏ طُبِّقت قوانين التجارة الجائلة على توزيع مطبوعات شهود يهوه لقاء تبرع طوعي.‏ واذ تابع الشهود نشاطهم،‏ أُخضعوا لاعتقالات ومحاكمات عديدة.‏ ولكن عندما أُحيلت القضايا الى المحاكم،‏ حكمت بعض المحاكم،‏ بما فيها المحكمة العليا لكانتون ڤود،‏ سنة ١٩٥٣،‏ بأن نشاط شهود يهوه لا يمكن اعتباره بلياقة تجارة جائلة.‏ وفي هذه الاثناء،‏ بُذل جهد في الدنمارك لتحديد الساعات التي يمكن فيها للشهود ان يقدِّموا المطبوعات،‏ حاصرين نشاطهم في اوقات يجيز القانون فيها عمل المحال التجارية.‏ وهذا ايضا كان يجب المجاهدة من اجله في المحاكم.‏ وعلى الرغم من العقبات،‏ استمر شهود يهوه في المناداة بملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏

      والقضية الاخرى التي اثَّرت في شهود يهوه في اوروپا،‏ وفي انحاء اخرى من الارض،‏ هي الحياد المسيحي.‏ فلأن ضمائرهم المسيحية لا تسمح لهم بالتورط في النزاعات بين احزاب العالم،‏ حُكم عليهم بالسجن في بلد بعد آخر.‏ (‏اشعياء ٢:‏​٢-‏٤‏)‏ وهذا ابعد الشبان عن خدمتهم القانونية من بيت الى بيت.‏ ولكنَّ احدى النتائج المفيدة كانت شهادة مكثَّفة للمحامين،‏ القضاة،‏ الضباط العسكريين،‏ وحراس السجون.‏ وحتى في السجن وجد الشهود طريقة للكرازة.‏ ومع ان المعاملة في بعض السجون كانت وحشية،‏ إلا ان الشهود المحتجَزين في سجن سانتا كاتالينا في قادس،‏ اسپانيا،‏ كانوا قادرين على استعمال شيء من وقتهم للشهادة بواسطة البريد.‏ وفي السويد كثيرا ما لُفت الانتباه الى الطريقة التي عولجت بها القضايا المتعلقة بحياد شهود يهوه.‏ وهكذا،‏ بطرائق عديدة أُعلم الناس بالواقع ان يهوه لديه شهود على الارض وأنهم يلتصقون بثبات بمبادئ الكتاب المقدس.‏

      كان هنالك امر آخر يبقي الشهود امام عيون الناس.‏ وكان له ايضا تأثير قوي منشِّط في عملهم التبشيري.‏

      المحافل ساهمت في الشهادة

      عندما عقد شهود يهوه محفلا امميا في پاريس،‏ فرنسا،‏ في السنة ١٩٥٥،‏ اعطت التقارير الاخبارية التلفزيونية الامة بكاملها لمحات الى ما حدث.‏ وفي السنة ١٩٦٩ عُقد محفل آخر قرب پاريس،‏ وكان واضحا ان خدمة الشهود كانت مثمرة.‏ فكان عدد المعتمدين في المحفل ٦١٩‏,٣،‏ او نحو ١٠ في المئة من معدل الحضور.‏ وعن هذا الامر قالت الصحيفة المسائية الپاريسية الشعبية فرانس-‏سوار عدد ٦ آب ١٩٦٩:‏ «ان ما يُقلق رجال دين الديانات الاخرى ليس وسيلة توزيع المطبوعات المذهلة التي يستخدمها شهود يهوه،‏ بل بالاحرى اعمال الهداية التي يقومون بها.‏ فكل واحد من شهود يهوه هو تحت الالتزام بأن يشهد او ينادي بايمانه باستخدام الكتاب المقدس من بيت الى بيت.‏»‏

      خلال فترة ثلاثة اسابيع من صيف السنة ١٩٦٩ نفسه،‏ عُقدت اربعة محافل اممية كبيرة اخرى في اوروپا —‏ في لندن،‏ كوپنهاڠن،‏ روما،‏ ونورَمبورڠ.‏ وقد حضر محفل نورَمبورڠ ٦٤٥‏,١٥٠ من ٧٨ بلدا.‏ والى جانب الطائرات والبواخر،‏ كان يلزم ما يقارب ٠٠٠‏,٢٠ سيارة،‏ ٢٥٠ باصا،‏ و ٤٠ قطارا خصوصيا لنقل المندوبين الى هذا المحفل.‏

      لم تحصِّن وتؤهِّب المحافل شهود يهوه لخدمتهم فقط،‏ ولكنها ايضا اعطت الناس الفرصة ليروا لانفسهم ايّ نوع من الناس هم شهود يهوه.‏ وعندما خُطِّط لمحفل اممي في دبلن،‏ ايرلندا،‏ في السنة ١٩٦٥،‏ استُخدم ضغط ديني شديد بغية الغاء الترتيبات.‏ لكنَّ المحفل عُقد،‏ وزوَّد اصحاب بيوت كثيرون في دبلن اماكن النوم للمندوبين.‏ وبأية نتيجة؟‏ «لم يخبرونا الحقيقة عنكم،‏» علَّقت بعض صاحبات الفنادق بعد المحفل.‏ «لقد كذب علينا الكهنة،‏ ولكن اذ نعرفكم الآن،‏ يُسعدنا دائما ان نستقبلكم من جديد.‏»‏

      عندما يتكلم الناس لغة اخرى

      في العقود الاخيرة وجد شهود يهوه في اوروپا ان الاتصال بالناس من قوميات اخرى يشكِّل تحديا خصوصيا.‏ فقد انتقلت اعداد كبيرة من بلد الى آخر للاستفادة من فرص الاستخدام.‏ وبعض المدن الاوروپية صارت مقرا لمؤسسات اممية كبرى،‏ بطاقم لا يتكلم الجميع فيه اللغة المحلية.‏

      طبعا،‏ كانت المقاطعة المتعددة اللغات واقع حياة طوال قرون في بعض الاماكن.‏ ففي الهند،‏ مثلا،‏ هنالك ١٤ لغة رئيسية وربما ٠٠٠‏,١ لغة ثانوية ولهجة.‏ وپاپوا غينيا الجديدة لديها اكثر من ٧٠٠ لغة.‏ ولكن خصوصا خلال ستينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠ حدث ان وجد الشهود في لوكسمبورڠ ان مقاطعتهم صارت تتضمن اناسا من اكثر من ٣٠ امة مختلفة —‏ وبعد ذلك وصلت على الاقل ٧٠ قومية اخرى.‏ وتخبر السويد بأنها تغيرت من بلد بلغة واحدة ينطق بها كل فرد تقريبا الى مجتمع يتكلم ١٠٠ لغة مختلفة.‏ فكيف تعامل شهود يهوه مع ذلك؟‏

      في البداية،‏ غالبا ما كانوا يسعون الى معرفة لغة صاحب البيت ثم يحاولون الحصول على بعض المطبوعات التي يمكنه ان يقرأها.‏ وفي الدنمارك،‏ كانت تُصنع تسجيلات على شُرُط لجعل الاتراك المخلصين يسمعون الرسالة بلغتهم الخاصة.‏ وفي سويسرا كان يوجد فريق كبير من العمال الاجانب من ايطاليا واسپانيا.‏ واختبار رودولف وِيدِرْكير في مساعدة بعض هؤلاء نموذجي لكيفية ابتداء الامور.‏ فقد حاول ان يشهد لرجل ايطالي،‏ ولكن لا احد منهما كان يعرف الكثير من لغة الآخر.‏ فماذا يمكن فعله؟‏ ترك اخونا معه نسخة من برج المراقبة بالايطالية.‏ وعلى الرغم من مشكلة اللغة،‏ عاد الاخ وِيدِرْكير.‏ فبوشر درس في الكتاب المقدس مع الرجل،‏ زوجته،‏ وابنهما البالغ من العمر ١٢ سنة.‏ وكتاب الاخ وِيدِرْكير للدرس كان بالالمانية،‏ لكنه زوَّد العائلة بنسخ ايطالية.‏ وحيث كانت الكلمات تعجز،‏ كانت الاشارات تُستعمَل.‏ وأحيانا كان الصبي،‏ الذي يتعلَّم الالمانية في المدرسة،‏ يخدم كمترجم.‏ فاعتنقت كل العائلة الحق وسرعان ما ابتدأت تخبر به الآخرين.‏

      ولكنَّ ملايين العمال حرفيا من اسپانيا،‏ ايطاليا،‏ الپرتغال،‏ تركيا،‏ يوڠوسلاڤيا،‏ اليونان كانوا ينتقلون الى المانيا وبلدان اخرى.‏ وكان يمكن تقديم المساعدة الروحية لهم بأكثر فعَّالية بلغاتهم الخاصة.‏ وسرعان ما بدأ بعض الشهود المحليين بتعلُّم لغات العمال الاجانب.‏ وفي المانيا،‏ رتب ايضا مكتب الفرع لصفوف اللغة بالتركية.‏ والشهود في بلدان اخرى الذين كانوا يعرفون اللغة المطلوبة دُعوا الى الانتقال الى الاماكن حيث توجد حاجة خصوصية الى المساعدة.‏

      بعض العمال الآتين من الخارج لم يلتقوا شهود يهوه من قبل قط وكانوا حقا جياعا الى الامور الروحية.‏ وكانوا شاكرين على الجهد المبذول لمساعدتهم.‏ وتشكلت جماعات عديدة اجنبية اللغة.‏ وفي حينه،‏ عاد بعض هؤلاء العمال الاجانب الى مواطنهم ليواصلوا الخدمة في مناطق لم تحصل سابقا على شهادة تامة عن ملكوت اللّٰه.‏

      حصاد وافر في وجه العقبات

      يستخدم شهود يهوه اساليب الكرازة نفسها في كل انحاء الارض.‏ وفي اميركا الشمالية يبشرون بنشاط لأكثر من قرن.‏ فليس مدهشا ان يوجد هناك حصاد روحي وافر.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥،‏ كان هنالك ٠٩٧‏,٦٢٤ شاهدا نشيطا ليهوه في بَر الولايات المتحدة الرئيسي وكندا.‏ ولكنَّ ذلك لم يكن لأن كرازتهم في اميركا الشمالية تجري دون مقاومة.‏

      مع ان الحكومة الكندية رفعت حظرها على شهود يهوه ومؤسساتهم الشرعية بحلول السنة ١٩٤٥،‏ إلا ان الفوائد من هذا القرار لم تُلمَس فورا في مقاطعة كْويبك.‏ ففي ايلول ١٩٤٥ هاجم الرعاع الكاثوليك شهود يهوه في شاتُڠْاي ولاشين.‏ واعتُقل الشهود واتُّهموا بالتحريض على الفتنة لأن المطبوعات التي وزَّعوها تنتقد الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ ووُضع آخرون في السجن بسبب توزيعهم مطبوعات الكتاب المقدس التي لم يوافق عليها رئيس الشرطة.‏ وبحلول السنة ١٩٤٧،‏ كانت هنالك ٧٠٠‏,١ قضية ضد الشهود معلَّقة في محاكم كْويبك.‏

      فيما كانت القضايا المتماثلة تُحال الى المحاكم،‏ طُلب من الشهود ان يكرزوا بالانجيل بكلمة الفم،‏ مستعملين الكتاب المقدس فقط —‏ ترجمة دواي الكاثوليكية حيثما امكن.‏ وتطوع خدام كامل الوقت من انحاء اخرى في كندا لتعلُّم الفرنسية وانتقلوا الى كْويبك ليشتركوا في نشر العبادة الحقة هناك.‏

      كان اناس كاثوليك مخلصون كثيرون يُدخلون الشهود الى بيوتهم ويطرحون الاسئلة،‏ مع انهم غالبا ما كانوا يقولون:‏ ‹انا من الروم الكاثوليك ولن اتغير ابدا.‏› ولكن عندما كانوا يرون لانفسهم ما يقوله الكتاب المقدس،‏ كان عشرات الآلاف منهم،‏ بسبب المحبة للحق والرغبة في ارضاء اللّٰه،‏ يتغيرون.‏

      وفي الولايات المتحدة ايضا كان من الضروري المحاججة امام المحاكم لتثبيت حق شهود يهوه في الكرازة علنا ومن بيت الى بيت.‏ ومن السنة ١٩٣٧ الى السنة ١٩٥٣ كانت هنالك ٥٩ قضية كهذه تشمل الشهود الذين أُحيلوا الى المحكمة العليا في واشنطن دي.‏ سي.‏

      الانتباه الى المقاطعات غير المعيَّنة

      ان هدف شهود يهوه ليس مجرد فعل شيء في الكرازة بالبشارة بل بلوغ كل شخص ممكن برسالة الملكوت.‏ ولهذه الغاية جعلت الهيئة الحاكمة لشهود يهوه كل مكتب فرع مسؤولا عن جزء محدَّد من الحقل العالمي.‏ واذ تتشكَّل الجماعات ضمن مقاطعة الفرع،‏ تُعطى كل جماعة جزءا من هذه المقاطعة لتكرز فيها.‏ ثم تقسم الجماعة المنطقة الى اقسام يمكن ان تعيَّن للفرق وللخدام الافراد في الجماعة.‏ وهؤلاء يسعون الى بلوغ كل بيت على اساس قانوني.‏ ولكن ماذا عن المناطق غير المعيَّنة بعدُ للجماعات؟‏

      في السنة ١٩٥١ أُعدت قائمة بكل الاقاليم في الولايات المتحدة لتحديد ايّ منها لا يتلقى زيارات قانونية من شهود يهوه.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كان ما يقارب ٥٠ في المئة غير مخدوم او كان مغطى جزئيا فقط.‏ فصُنعت الترتيبات ليقوم الشهود بخدمتهم في هذه المناطق خلال اشهر الصيف او في اوقات مناسبة اخرى بهدف تطوير جماعات.‏ وعندما لا يكون الناس في البيت،‏ كانت تُترك احيانا رسالة مطبوعة مع احدى مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وكانت الدروس في الكتاب المقدس تدار بالمراسلة.‏ ولاحقا،‏ أُرسل فاتحون خصوصيون الى مقاطعات كهذه لملاحقة الاهتمام الذي وُجد.‏

      لم يكن هذا النشاط مقتصرا على خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فحول العالم،‏ في البلدان التي فيها تتلقى المدن الرئيسية شهادة ولكن توجد مقاطعة غير معيَّنة،‏ يستمر بذل جهد مخلص لبلوغ الناس الذين لا يُتصَل بهم قانونيا.‏ وفي ألاسكا في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان نحو ٢٠ في المئة من السكان يعيشون في القرى النائية.‏ وأفضل وقت للعثور على كثيرين من هؤلاء الناس هو في الشتاء عندما يتوقف تقريبا عمل صيد السمك.‏ ولكن هذا هو الوقت الذي فيه يجعل التجلُّد الشديد والضباب القطبي الطيران خطرا.‏ إلا ان الاسكيمو،‏ الهنود،‏ وسكان جزر ألوشيان كانوا يحتاجون الى فرصة التعلُّم عن تدبير للحياة الابدية في ظل ملكوت اللّٰه.‏ ولبلوغهم،‏ طار فريق من ١١ شاهدا يستعملون طائرات صغيرة الى نحو ٢٠٠ قرية متفرقة في منطقة تبلغ مساحتها ٠٠٠‏,٣٢٦ ميل مربع (‏٠٠٠‏,٨٤٤ كلم ٢‏)‏ في فترة سنتين.‏ كل ذلك موَّلته التبرعات الطوعية التي زوَّدها الشهود المحليون.‏

      وبالاضافة الى رحلات كرازية كهذه،‏ جرى تشجيع الشهود الناضجين على التأمل فعلا في الانتقال الى مناطق في بلدهم حيث الحاجة الى منادين بالملكوت هي اعظم.‏ فتجاوب الآلاف.‏ وبين الذين فعلوا ذلك في الولايات المتحدة اوجين وديليا شوستِر،‏ اللذان غادرا ايلينُوي في السنة ١٩٥٨ ليخدما في هوپ،‏ اركنساس.‏ فمكثا اكثر من ثلاثة عقود لايجاد الاشخاص المهتمين،‏ تنظيمهم في جماعة،‏ ومساعدتهم على النمو الى النضج المسيحي.‏

      وبناء على تشجيع ناظر دائرتهم،‏ في السنة ١٩٥٧،‏ قام ألكسندر ب.‏ ڠرين وزوجته بمغادرة دايتون،‏ اوهايو،‏ ليخدما في الميسيسيپي.‏ فعُيِّنا اولا في جاكسون وبعد سنتين في كلاركْسْدَيْل.‏ وفي حينه،‏ خدم الاخ ڠرين في خمسة مواقع اخرى.‏ وفي كل هذه المواقع كانت هنالك جماعات صغيرة تحتاج الى العون.‏ وقد اعال نفسه بالعمل كبوّاب،‏ بستاني،‏ في تلبيس الاثاث،‏ في اصلاح السيارات،‏ وهلم جرا.‏ لكنَّ جهوده الرئيسية كانت موجَّهة نحو الكرازة بالبشارة.‏ وقد ساعد الشهود المحليين على النمو روحيا،‏ عمل معهم لبلوغ الناس في مقاطعتهم،‏ وغالبا ما اعانهم في بناء قاعة ملكوت قبل ان ينتقل.‏

      وفي السنة ١٩٦٧،‏ عندما صار جيرالد كاين شاهدا في غربي الولايات المتحدة،‏ شعر هو وعائلته بقوة بالحاح العمل التبشيري.‏ وحتى قبل ان يعتمد ايّ منهم،‏ كانوا يقومون بالترتيبات للخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ فعملوا اربع سنين مع الجماعة في نيدلْز،‏ كاليفورنيا.‏ وكانت الجماعة مسؤولة عن مقاطعة تشمل اجزاء من ثلاث ولايات في غربي الولايات المتحدة.‏ وعندما تطلبت اعتبارات صحية الانتقال،‏ اختاروا من جديد مكانا توجد فيه حاجة خصوصية الى المساعدة،‏ وحوَّلوا جزءا من بيتهم هناك الى قاعة ملكوت.‏ وتبعت ذلك انتقالات اخرى،‏ لكنَّ الاعتبار الرئيسي كان دائما ان يوجدوا في مكان يتمكَّنون فيه من تقديم عون كبير في الشهادة.‏

      فيما تضاعف عدد الجماعات،‏ جرى الشعور بشدة في بعض المناطق بالحاجة الى شيوخ اكفاء.‏ ولسدّ هذه الحاجة،‏ تطوع آلاف الشيوخ للسفر قانونيا (‏وعلى نفقتهم الخاصة)‏ الى الجماعات خارج مجتمعهم.‏ فكانوا يقومون بالرحلة ثلاث،‏ اربع،‏ خمس مرات او اكثر في الاسبوع —‏ للاشتراك في اجتماعات الجماعة وفي خدمة الحقل وأيضا لرعاية الرعية.‏ وجرى القيام بذلك ليس فقط في الولايات المتحدة بل في اسپانيا،‏ السلڤادور،‏ النَّذَرلند،‏ اليابان،‏ وبلدان اخرى كثيرة.‏ وفي بعض الحالات انتقل شيوخ وعائلاتهم،‏ لكي يسدوا هذه الحاجة.‏

      وماذا كانت النتائج؟‏ تأملوا في بلد واحد.‏ قديما في السنة ١٩٥١،‏ عندما أُعلنت اولا الترتيبات للعمل في المقاطعة غير المعيَّنة،‏ كانت هنالك ٠٠٠‏,٣ جماعة تقريبا في الولايات المتحدة،‏ بمعدل ٤٥ ناشرا في كل جماعة.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥،‏ كانت هنالك ١١٧‏,٧ جماعة،‏ ومعدل عدد الشهود النشاطى المقترنين بكل جماعة ارتفع الى ٨٠ تقريبا.‏

      ان الشهادة المعطاة لاسم يهوه وملكوته من السنة ١٩٤٥ الى السنة ١٩٧٥ كانت اعظم بكثير من كل ما أُنجز حتى ذلك الحين.‏

      فقد نما عدد الشهود من ٢٩٩‏,١٥٦ في السنة ١٩٤٥ الى ٢٥٦‏,١٧٩‏,٢ حول العالم في السنة ١٩٧٥.‏ وكل واحد من هؤلاء كان له دور شخصي في الكرازة علنا بملكوت اللّٰه.‏

      في السنة ١٩٧٥ كان شهود يهوه مشغولين في ٢١٢ بلدا (‏بحسب الطريقة التي بها كانت الخريطة مقسَّمة في اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠)‏.‏ ففي بَر الولايات المتحدة الرئيسي وكندا،‏ كان ٠٩٧‏,٦٢٤ منهم يواصلون خدمتهم.‏ وفي اوروپا،‏ خارج ما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي،‏ كان هنالك ٨٢٦‏,٦١٤ آخرون.‏ وافريقيا كانت تسمع رسالة حق الكتاب المقدس من الـ‍ ٧٥٤‏,٣١٢ شاهدا الذين كانوا يشتركون في العمل هناك.‏ وكان يخدم في المكسيك،‏ اميركا الوسطى،‏ واميركا الجنوبية ٦٤١‏,٣١١ شاهدا؛‏ آسيا،‏ ٥٩٨‏,١٦١؛‏ اوستراليا وجزر كثيرة حول الارض،‏ ٧٠٧‏,١٣١.‏

      وخلال الـ‍ ٣٠ سنة حتى السنة ١٩٧٥،‏ خصَّص شهود يهوه ٩٣٩‏,٢٦٥‏,٦٣٥‏,٤ ساعة للكرازة العلنية والتعليم.‏ ووزَّعوا ايضا ١٥٨‏,٩٧١‏,٩١٤‏,٣ كتابا،‏ كراسا،‏ ومجلة على الناس المهتمين لمساعدتهم ان يقدِّروا كيف يستفيدون من قصد يهوه الحبي.‏ وانسجاما مع وصية يسوع بالتلمذة،‏ قاموا بـ‍ ٣٢٩‏,١٤٧‏,٧٨٨‏,١ زيارة مكررة للاشخاص المهتمين،‏ وفي السنة ١٩٧٥ كانوا يديرون معدل ٢٥٦‏,٤١١‏,١ درسا بيتيا مجانيا في الكتاب المقدس مع الافراد والعائلات.‏

      بحلول السنة ١٩٧٥ كانت الكرازة بالبشارة قد بلغت فعلا ٢٢٥ بلدا.‏ وفي البلدان الاكثر من ٨٠ التي بلغتها البشارة بحلول السنة ١٩٤٥ والتي لم تكن فيها جماعات في تلك السنة،‏ كانت جماعات من الشهود الغيورين تزدهر بحلول السنة ١٩٧٥.‏ وبين هذه الاماكن جمهورية كوريا بـ‍ ٤٧٠ جماعة،‏ اسپانيا بـ‍ ٥١٣،‏ زائير بـ‍ ٥٢٦،‏ اليابان بـ‍ ٧٨٧،‏ وايطاليا بـ‍ ٠٣١‏,١.‏

      خلال الفترة من السنة ١٩٤٥ الى السنة ١٩٧٥،‏ لم تدَّعِ الغالبية الساحقة من الاشخاص الذين صاروا شهودا ليهوه بأنهم ممسوحون بروح اللّٰه بهدف الحياة السماوية.‏ ففي ربيع السنة ١٩٣٥،‏ بلغ مجموع عدد المتناولين من الرمزين في عشاء الرب ٩٣ في المئة تماما من اولئك الذين كانوا يشتركون في خدمة الحقل.‏ (‏لاحقا في تلك السنة عينها،‏ حُدِّدت هوية ‹الجمع الكثير› لل‍رؤيا ٧:‏٩ بأنهم يتألفون من الاشخاص الذين سيعيشون الى الابد على الارض.‏)‏ وبحلول السنة ١٩٤٥ كان عدد الشهود الذين يتطلعون الى الحياة على ارض فردوسية قد ازداد الى حد انهم صاروا يؤلِّفون ٨٦ في المئة من اولئك الذين يشتركون في الكرازة بالبشارة.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥ كان اولئك الذين يعترفون بأنهم مسيحيون ممسوحون بالروح اقل من نصف ١ في المئة من مجموع هيئة شهود يهوه العالمية.‏ ومع انهم كانوا مشتَّتين في نحو ١١٥ بلدا في ذلك الحين،‏ استمر هؤلاء الممسوحون في الخدمة كهيئة موحَّدة تحت رئاسة يسوع المسيح.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٦٢]‏

      ‏«منذ اتيتم الى هنا يتكلم كل واحد عن الكتاب المقدس»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٦٦]‏

      ‏«ان ما اخبرتني اياه منذ قليل هو ما قرأته في ذلك الكتاب المقدس قبل سنوات كثيرة»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٧٠]‏

      الآلاف انتقلوا الى مناطق داخل بلدهم حيث الحاجة الى شهود كانت اعظم

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٧٢]‏

      ‏«مكافأة لا تثمَّن»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٧٥]‏

      شهود اكفاء أُرسلوا الى بلدان توجد فيها حاجة خصوصية

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٨٦]‏

      بحجج قوية من الاسفار المقدسة،‏ شهَّر الشهود الاولون في نَيجيريا رجال الدين وتعاليمهم الباطلة

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٩٧]‏

      حيث كانت الكلمات تعجز،‏ كانت الاشارات تُستعمَل

      ‏[النبذة في الصفحة ٤٩٨]‏

      الهدف؟‏ بلوغ كل شخص ممكن برسالة الملكوت

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٤٨٨]‏

      بُذل جهد كبير لبلوغ شعب الصين ببشارة ملكوت يهوه

      من جِفو،‏ أُرسلت آلاف الرسائل،‏ النشرات،‏ والكتب بين السنتين ١٨٩١ و ١٩٠٠

      خطب ت.‏ ت.‏ رصل في شَنڠهاي وزار ١٥ مدينة وقرية،‏ سنة ١٩١٢

      قام موزعو المطبوعات الجائلون بتوزيع الكثير من المطبوعات على طول الساحل الصيني،‏ مع رحلات الى الداخل،‏ ١٩١٢-‏١٩١٨

      خدم موزعو المطبوعات الجائلون اليابانيون هنا،‏ ١٩٣٠-‏١٩٣١

      جرى البث الاذاعي بالصينية من شَنڠهاي،‏ پكين،‏ وتِنْتْسين خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠؛‏ ونتيجة لذلك وردت رسائل من انحاء كثيرة في الصين تطلب مطبوعات

      شهد فاتحون من اوستراليا وأوروپا في شَنڠهاي،‏ پكين،‏ تِنْتْسين،‏ تشينڠتاو،‏ بايداهو،‏ جِفو،‏ وايْهايْواي،‏ كانتون،‏ سْواتاو،‏ أمُوي،‏ فوتشاو،‏ هانكو،‏ ونانكينڠ خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ وأربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وآخرون اتوا عن طريق بورما وشهدوا في پاوتشان،‏ تشونڠ كنڠ،‏ تشانڠتو.‏ وخدم فاتحون محليون في شَنْسي ونينڠپو

      ‏[الصورة]‏

      المرسلون المدرَّبون في جلعاد،‏ مثل ستانلي جونز (‏اليسار)‏ وهارولد كينڠ (‏اليمين)‏،‏ خدموا هنا من السنة ١٩٤٧ الى السنة ١٩٥٨،‏ الى جانب عائلات من شهود محليين غيورين

      ‏[الخريطة]‏

      الصين

      ‏[الخريطة/‏الصور في الصفحة ٤٦٣]‏

      الـ‍ «سيبِيا» خدمت كبيت عائم للمرسلين في جزر الهند الغربية

      ڠ.‏ ماكي

      س.‏ كارتر

      ر.‏ پاركِن

      آ.‏ وُرْسْلي

      ‏[الخريطة]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      جزر بَهاما

      جزر لِيوَرْد

      جزر العذراء الاميركية

      جزر العذراء البريطانية

      جزر وينْدْوَرد

      ‏[الخريطة في الصفحة ٤٧٦]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      فاضت مياه الحق المانحة الحياة على الحدود القومية باتجاهات عديدة في افريقيا

      جنوب افريقيا

      غانا

      كينيا

      مَلاوي

      نَيجيريا

      سيراليون

      زامبيا

      ‏[الصور في الصفحة ٤٦٤]‏

      كمرسلَين في بوليڤيا،‏ كرز ادْوَرْد ميهالِك (‏الى اليسار)‏ وهارولد مورِس (‏الى اليمين)‏ اولا هنا في لا پاز

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٦٥]‏

      المركب «إل رافوكيو،‏» الذي بناه الشهود في پيرو،‏ كان يُستخدم لحمل رسالة الملكوت الى الناس على طول الانهر في منطقة الامازون العليا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٦٧]‏

      صفوف تعليم القراءة والكتابة التي ادارها الشهود في المكسيك مكَّنت عشرات الآلاف من الناس من قراءة كلمة اللّٰه

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٦٨]‏

      الاخ نور (‏في المقدمة الى اليمين)‏ التقى الشهود في محافل صغيرة في المزارع وفي الجبال في الارجنتين عندما كانوا محرومين حرية الاجتماع بشكل علني اكثر

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٦٩]‏

      بين آلاف الشهود الذين انتقلوا الى بلدان اخرى ليخدموا حيث الحاجة اعظم كانت عائلات،‏ مثل هارولد وآن زيمرمَن مع اولادهما الصغار الاربعة (‏كولومبيا)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٧١]‏

      تجاوبا مع دعوة لمتطوعين،‏ انتقل توم ورُوِينا كيتو الى پاپوا ليعلِّما حق الكتاب المقدس

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٧١]‏

      انتقل جون وإلِن هابلر،‏ اللذان تبعهما ٣١ شاهدا آخر،‏ الى كاليدونيا الجديدة.‏ وقبل ان يضطرا الى المغادرة،‏ تأسست جماعة هناك بشكل راسخ

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٧٣]‏

      كشاب في سامْوا الغربية،‏ واجه فْوايوپولو پيليه ضغطا شديدا من العائلة والمجتمع عندما قرَّر ان يصير واحدا من شهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٧٤]‏

      بعد ان اقتنع سام إيروفالو وعشراؤه بأن ما يعلِّمه شهود يهوه هو الحق فعلا،‏ حُوِّلت الكنائس في ٢٨ قرية في جزر سليمان الى قاعات ملكوت

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٧٧]‏

      للكرازة في إثيوپيا في اوائل خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان مطلوبا من الشهود تأسيس مدرسة ارسالية وتعليمية

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٧٨]‏

      عندما هُدِّد بالترحيل،‏ اعاد رسمي بارز التأكيد لڠابرييل پاترسون (‏الظاهر هنا)‏:‏ ‹الحق كنهر غزير؛‏ سُدَّه فيفيض من فوق السدّ›‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٧٩]‏

      في السنة ١٩٧٠ في محفل في نَيجيريا،‏ غُطِّس ٧٧٥‏,٣ شاهدا جديدا؛‏ ومورس الانتباه للتأكد ان كل فرد مؤهل حقا

      ‏[الصور في الصفحة ٤٨٠]‏

      عروض الافلام (‏في افريقيا وحول العالم)‏ اعطت الحضور لمحة الى عظمة هيئة يهوه المنظورة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٨٢]‏

      جْواوْن مَنْكوكا (‏الظاهر هنا مع زوجته،‏ ماري)‏ خدم يهوه بولاء لعقود في وجه الظروف الصعبة جدا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٨٣]‏

      في السنة ١٩٦١،‏ تمكَّن أرنست هُوِيسا الابن،‏ مع عائلته،‏ من الدخول الى زائير (‏التي كانت تُدعى آنذاك الكونڠو)‏ للمساعدة على تزويد الارشاد الروحي لاولئك الذين يريدون حقا ان يخدموا يهوه

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٨٥]‏

      مع انها كانت معتمدة لسنة فقط وتعرف انه لا يوجد شهود آخرون في كينيا،‏ شرعت ماري ويتينڠتون في مساعدة الآخرين على تعلُّم الحق

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٨٧]‏

      ماري نيزبت (‏في الوسط الى الامام)‏،‏ والى جانبيها ابناها روبرت (‏الى اليسار)‏ وجورج،‏ اللذان خدما كفاتحَين في افريقيا الشرقية في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وابنها وليم وزوجته مورييِل (‏في الخلف)‏،‏ اللذان خدما في افريقيا الشرقية من السنة ١٩٥٦ الى السنة ١٩٧٣

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٨٩]‏

      في محفل في الفيليپين سنة ١٩٤٥،‏ قُدِّمت الارشادات حول كيفية التعليم بواسطة الدروس البيتية في الكتاب المقدس

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٩١]‏

      دون ومايبِل هاسْلِت،‏ اول مرسلَين في فترة ما بعد الحرب في اليابان،‏ ينهمكان في شهادة الشارع

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٩٠]‏

      طوال ٢٥ سنة خدم لويد باري (‏اليمين)‏ في اليابان،‏ اولا كمرسل ثم كناظر فرع

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٩٠]‏

      دون وأيرلين ستيل،‏ اول مرسلَين من مرسلين كثيرين خدموا في جمهورية كوريا

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٩٣]‏

      في السنوات الماضية،‏ كان الرعاع يطاردون احيانا فْرِد مِتْكاف عندما يحاول ان يكرز من الكتاب المقدس في ايرلندا؛‏ ولكن لاحقا عندما توقف الناس ليصغوا،‏ صار الآلاف شهودا ليهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٩٢]‏

      على الرغم من مقاومة رجال الدين،‏ تدفق الآلاف الى محافل الشهود في ايطاليا (‏روما،‏ ١٩٦٩)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٩٥]‏

      خلال الحظر،‏ كثيرا ما كانت الاجتماعات الجماعية تُعقَد في الريف،‏ في شكل نزهة،‏ كما نرى هنا في الپرتغال

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٩٤]‏

      الشهود في السجن في قادس،‏ اسپانيا،‏ استمروا في الكرازة بكتابة الرسائل

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٩٦]‏

      المحافل الكبيرة اعطت الناس الفرصة ليروا ويسمعوا شخصيا ايّ نوع من الناس هم الشهود

      پاريس،‏ فرنسا (‏١٩٥٥)‏

      نورَمبورڠ،‏ المانيا (‏١٩٥٥)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٤٩٩]‏

      لبلوغ كل شخص في لوكسمبورڠ بالبشارة،‏ كان على شهود يهوه ان يستعملوا مطبوعات بلغات الناس من مئة امة

  • الجزء ٥ —‏ شهود الی اقصی الارض
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٢

      الجزء ٥ —‏ شهود الى اقصى الارض

      في السنة ١٩٧٥ اتُّخذت قرارات مهمة تتعلق بالطريقة التي بها سيُشرَف على نشاط شهود يهوه من مركزهم الرئيسي العالمي.‏ وفي ذلك الحين لم يعرفوا اية حقول يمكن ان تنفتح بعدُ من اجل شهادة شاملة قبل نهاية النظام العالمي الحاضر او كم من الكرازة سيُنجَز بعدُ في البلدان التي كانوا يكرزون فيها علنا لسنوات كثيرة.‏ ولكنهم ارادوا ان ينتهزوا بأفضل طريقة ممكنة كل فرصة.‏ والصفحات ٥٠٢ الى ٥٢٠ تروي بعض التطورات المثيرة.‏

      حدثت تغييرات كبيرة في اميركا الجنوبية.‏ فقبل سنوات غير كثيرة حدث ان واجه شهود يهوه في إكوادور الرعاع الكاثوليك،‏ والكهنة الكاثوليك في المكسيك كانوا يحكمون كملوك فعليين في قرى كثيرة،‏ وكان الحظر الحكومي مفروضا على شهود يهوه في الارجنتين والبرازيل.‏ ولكنَّ الظروف تغيرت بشكل ذي مغزى.‏ والآن كثيرون ممَّن تعلَّموا ان يخافوا او يكرهوا الشهود هم انفسهم شهود ليهوه.‏ والآخرون يصغون بسرور عندما يزورهم الشهود ليخبروهم برسالة السلام من الكتاب المقدس.‏ فشهود يهوه معروفون جيدا ومحترمون بشكل واسع.‏

      ان حجم محافلهم وسلوك الحاضرين المسيحي جذبا الانتباه.‏ واثنان من مثل هذه المحافل،‏ اللذان عُقدا في آن واحد في سان پاولو وريو دي جانيرو،‏ البرازيل،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ كانت لهما ذروة حضور من ٣٥١‏,٢٤٩.‏ ولاحقا رفع ٢٣ محفلا اضافيا،‏ عُقدت لاستيعاب الاشخاص المهتمين في باقي البرازيل،‏ مجموع عدد الحضور الى ٣٨٧‏,٣٨٩.‏ ونتائج العمل الذي كان شهود يهوه في البرازيل يقومون به كمعلِّمين لكلمة اللّٰه جرت رؤيتها بوضوح عندما رمز ٨٢٥‏,٤ شخصا الى انتذارهم ليهوه بالتغطيس في الماء في سلسلة المحافل هذه.‏ وبعد خمس سنوات فقط،‏ في السنة ١٩٩٠،‏ كان من الضروري عقد ١١٠ محافل في كل انحاء البرازيل لاستيعاب الـ‍ ٥١٧‏,٥٤٨ الذين حضروا.‏ وهذه المرة قدَّم ٤٤٨‏,١٣ انفسهم للتغطيس في الماء.‏ وكانت مئات الآلاف من الافراد والعائلات عبر البلاد ترحِّب بشهود يهوه ليعلِّموهم كلمة اللّٰه.‏

      وماذا عن الارجنتين؟‏ بعد عقود من القيود الحكومية،‏ كان شهود يهوه هناك قادرين ثانية على الاجتماع بحرية في السنة ١٩٨٥.‏ وكم كان مفرحا ان يكون ١٦٧‏,٩٧ حاضرين في سلسلة محافلهم الاولى!‏ وتحت العنوان «ملكوت ينمو —‏ ذاك الذي لشهود يهوه،‏» تعجبت المطبوعة الاخبارية المحلية أيورا من ترتيب الحشد في المحفل في بونس إيريس،‏ الانعدام التام للتحامل العرقي والاجتماعي بينهم،‏ كونهم مسالمين،‏ والمحبة التي اعربوا عنها.‏ ثم اختتمت:‏ «سواء كنا نشاركهم في افكارهم وعقائدهم او لا،‏ يستحق هذا الحشد بكامله احترامنا الاكبر.‏» ولكنَّ ارجنتينيين كثيرين ذهبوا الى ابعد من ذلك.‏ فقد ابتدأوا يدرسون الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ وحضروا الاجتماعات في قاعات الملكوت ليراقبوا كيف يطبِّق الشهود مبادئ الكتاب المقدس في حياتهم.‏ ثم اتخذ هؤلاء المراقبون قرارا.‏ وخلال السنوات السبع التالية،‏ نذر عشرات الآلاف منهم حياتهم ليهوه،‏ وعدد الشهود في الارجنتين ازداد حتى ٧١ في المئة!‏

      والتجاوب مع بشارة ملكوت اللّٰه كان فوق العادة اكثر ايضا في المكسيك.‏ ففي السنوات الماضية،‏ هاجم الرعاع شهود يهوه هناك تكرارا بتحريض من الكهنة.‏ ولكنَّ واقع ان الشهود لم يردّوا بالمثل او يطلبوا الانتقام اثَّر الى حد كبير في الاشخاص المستقيمي القلوب.‏ (‏رومية ١٢:‏​١٧-‏١٩‏)‏ ولاحظوا ايضا ان الشهود يؤسسون كل معتقداتهم على الكتاب المقدس،‏ كلمة اللّٰه الملهمة،‏ بدلا من التقاليد البشرية.‏ (‏متى ١٥:‏​٧-‏٩؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ واستطاعوا ان يروا ان الشهود يملكون الايمان الذي يدعمهم حقا في وجه الشدة.‏ فرحَّب المزيد والمزيد من العائلات بشهود يهوه عندما كانوا يعرضون ادارة دروس بيتية مجانية في الكتاب المقدس معهم.‏ وفي الواقع،‏ خلال السنة ١٩٩٢،‏ ١٢ في المئة من دروس الكتاب المقدس التي يديرها الشهود حول العالم كانت في المكسيك،‏ وكان عدد كبير منها مع عائلات كبيرة.‏ ونتيجة لذلك،‏ ارتفع عدد شهود يهوه في المكسيك —‏ ليس مجرد الذين يحضرون اجتماعاتهم بل الذين هم منادون نشاطى علنا بملكوت اللّٰه —‏ من ٤٨١‏,٨٠ في السنة ١٩٧٥ الى ٠٢٣‏,٣٥٤ في السنة ١٩٩٢!‏

      وفي اوروپا ايضا ساهمت حوادث فوق العادة في نشر رسالة الملكوت.‏

      تطوُّرات مذهلة في پولندا

      على الرغم من ان عمل شهود يهوه كان محظورا في پولندا من السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٥ (‏خلال فترة السيادة النازية والسوڤياتية)‏ ومرة اخرى ابتداء من تموز ١٩٥٠ (‏تحت السيطرة السوڤياتية)‏،‏ لم يتوقف شهود يهوه عن الكرازة هناك.‏ ومع ان عددهم كان فقط ٠٣٩‏,١ في السنة ١٩٣٩،‏ ففي السنة ١٩٥٠ كان هنالك ١١٦‏,١٨ مناديا بالملكوت،‏ وهؤلاء استمروا في الكينونة مبشرين غيورين (‏ولكن حذرين)‏.‏ (‏متى ١٠:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ أما بالنسبة الى المحافل فكانت هذه تُعقد بعيدا عن انظار الناس —‏ في الريف،‏ في الحظائر،‏ في الغابات.‏ ولكن،‏ ابتداء من السنة ١٩٨٢،‏ سمحت لهم الحكومة الپولندية بعقد محافل ليوم واحد بحجم معتدل في تسهيلات مستأجرة.‏

      وبعد ذلك في السنة ١٩٨٥،‏ جُعلت اكبر الملاعب في پولندا متوافرة لشهود يهوه من اجل اربعة محافل كبيرة خلال شهر آب.‏ وعندما وصل بالطائرة مندوب من النمسا،‏ اندهش من سماع اعلان بواسطة مكبِّر الصوت يرحِّب بشهود يهوه في پولندا من اجل محفلهم.‏ واذ ادرك التغيُّر في موقف الحكومة الذي دل عليه ذلك،‏ لم يسَع شاهدا پولنديا مسنّا كان هناك للترحيب بالزائر إلا ان يبكي فرحا.‏ وحضر هذه المحافل ١٣٤‏,٩٤ مندوبا،‏ بمن فيهم فرق من ١٦ بلدا.‏ وهل عرف الناس عموما ما كان يجري؟‏ في الواقع،‏ نعم!‏ فخلال وبعد هذه المحافل،‏ قرأوا التقارير في صحفهم الكبرى،‏ رأوا حشود المحافل على التلفزيون،‏ وسمعوا اجزاء من البرنامج في الاذاعة المحلية.‏ وكثيرون منهم احبوا ما رأوه وسمعوه.‏

      والخطط لمحافل اكبر ايضا في پولندا كانت جارية عندما منحت الحكومة الاعتراف الشرعي لشهود يهوه كجمعية دينية في ١٢ ايار ١٩٨٩.‏ وفي غضون ثلاثة اشهر،‏ انعقدت ثلاثة محافل اممية —‏ في كوجُوف،‏ پوزنان،‏ ووارسو —‏ بمجموع حضور من ٥١٨‏,١٦٦.‏ وبشكل مذهل،‏ استطاع آلاف الشهود مما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي وتشيكوسلوڤاكيا ان يحصلوا على الاذن اللازم في السفر وكانوا حاضرين.‏ وهل كان عمل شهود يهوه للتلمذة يعطي نتائج في هذه البلدان التي كانت فيها الدولة تؤيد الالحاد بقوة طوال عقود؟‏ كان الجواب واضحا عندما قدَّم ٠٩٣‏,٦،‏ بمن فيهم احداث كثيرون،‏ انفسهم للتغطيس في الماء في هذه المحافل.‏

      لم يسَع الناس إلا ان يروا الشهود مختلفين —‏ بطريقة سليمة جدا.‏ وفي الصحافة العامة قرأوا تعابير كالتالية:‏ «اولئك الذين يعبدون يهوه اللّٰه —‏ كما يقولون هم انفسهم —‏ يقدِّرون كثيرا تجمعاتهم،‏ التي هي بالتأكيد اعراب عن الوحدة بينهم.‏ .‏ .‏ .‏ وفي ما يتعلق بالترتيب،‏ السلام،‏ والنظافة،‏ فان المساهمين في المحفل هم امثلة للاقتداء.‏» (‏جيتشا ڤارشاڤا‏)‏ وبعض الناس الپولنديين قرَّروا ان يفعلوا اكثر من مجرد مراقبة المحتفلين.‏ فقد ارادوا ان يدرس شهود يهوه الكتاب المقدس معهم.‏ ونتيجة لمثل هذا التعليم من كلمة اللّٰه،‏ ازداد عدد شهود يهوه في پولندا من ٨٨٧‏,٧٢ في السنة ١٩٨٥ الى ٨٧٦‏,١٠٧ في السنة ١٩٩٢؛‏ وخلال هذه السنة الاخيرة،‏ خصَّصوا اكثر من ٠٠٠‏,٨٠٠‏,١٦ ساعة لاخبار آخرين ايضا عن الرجاء الرائع المذكور في الاسفار المقدسة.‏

      ولكن لم تكن التغييرات المثيرة تحدث في پولندا وحدها.‏

      بلدان اكثر في اوروپا الشرقية تفتح ابوابها

      منحت هنڠاريا شهود يهوه الوضع الشرعي في السنة ١٩٨٩.‏ وما كان آنذاك جمهورية المانيا الديموقراطية رفع حظره الذي دام ٤٠ سنة على الشهود في السنة ١٩٩٠،‏ بعد اربعة اشهر فقط من الابتداء بتدمير جدار برلين.‏ وفي الشهر التالي اعترفت الحكومة الرومانية الجديدة رسميا بجمعية شهود يهوه المسيحية في رومانيا.‏ وفي السنة ١٩٩١ اعلن وزير العدل في موسكو ان ميثاق «الهيئة الدينية لشهود يهوه في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤياتية» قد سُجل رسميا.‏ وفي تلك السنة عينها مُنح عمل شهود يهوه الاعتراف الشرعي في بلغاريا.‏ وخلال السنة ١٩٩٢ مُنح شهود يهوه في ألبانيا الوضع الشرعي.‏

      وماذا فعل شهود يهوه بالحرية الممنوحة لهم؟‏ سأل صحافي هلموت مارتن،‏ منسق عمل شهود يهوه في جمهورية المانيا الديموقراطية:‏ «هل ستنهمكون في السياسة؟‏» على اية حال،‏ هذا ما كان كثيرون من رجال دين العالم المسيحي يفعلونه.‏ «كلا،‏» اجاب الاخ مارتن،‏ «فقد اعطى يسوع تلاميذه تعيينا مؤسسا على الاسفار المقدسة،‏ ونحن نرى ان ذلك هو عملنا الرئيسي.‏» —‏ متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      لم يكن ذلك بالتأكيد بداية اعتناء شهود يهوه بهذه المسؤولية في هذا الجزء من العالم.‏ ومع انه كان من الضروري ان يقوموا بنشاطهم في ظروف صعبة جدا لسنوات عديدة،‏ ففي معظم هذه البلدان كانت هنالك جماعات (‏تجتمع في فرق صغيرة)‏ تعمل،‏ وكانت الشهادة تُنجَز.‏ أما الآن فانفتحت فرصة جديدة.‏ فيمكنهم ان يعقدوا اجتماعات يدعون الناس اليها بحرية.‏ ويمكنهم ان يكرزوا علنا من بيت الى بيت دون ان يخافوا السَّجن.‏ هنا بلدان مجموع عدد سكانها يزيد على ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٩٠،‏ حيث يوجد كثير من العمل للقيام به.‏ وبادراك شديد اننا نعيش في الايام الاخيرة لنظام الاشياء العالمي الحاضر،‏ عمل شهود يهوه بسرعة.‏

      وحتى قبل منح الاعتراف الشرعي،‏ زار اعضاء من الهيئة الحاكمة عددا من البلدان ليروا ما يمكن فعله لمساعدة اخوتهم المسيحيين.‏ وبعد رفع الحظر،‏ سافروا الى مزيد من هذه المناطق للمساعدة على تنظيم العمل.‏ وفي غضون سنوات قليلة التقوا وتحدثوا شخصيا الى الشهود في پولندا،‏ هنڠاريا،‏ رومانيا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ روسيا،‏ أوكرانيا،‏ استونيا،‏ وبيلوروسيا.‏

      رُتِّبت المحافل لتقوية الشهود الساكنين في هذه البلدان ولجعل رسالة ملكوت اللّٰه بارزة امام الناس.‏ وبعد اقل من خمسة اشهر من رفع الحظر من قبل ما كان آنذاك جمهورية المانيا الديموقراطية،‏ عُقد محفل من هذا النوع في ملعب اولمپيا في برلين.‏ وبسرعة تجاوب الشهود من ٦٤ بلدا آخر مع الدعوة الى الحضور.‏ لقد حسبوه امتيازا ان يتمتعوا بهذه المناسبة مع الاخوة والاخوات المسيحيين الذين كانوا طوال عقود قد اعربوا عن الولاء ليهوه في وجه الاضطهاد الشديد.‏

      وفي السنة ١٩٩٠ والسنة ١٩٩١ كلتيهما،‏ عُقدت محافل اخرى في كل انحاء اوروپا الشرقية.‏ وبعد عقد اربعة محافل محلية في هنڠاريا في السنة ١٩٩٠،‏ صُنعت الترتيبات لتجمع اممي في نِپسْتاديون في بوداپست سنة ١٩٩١.‏ وكان الحضور ٦٠١‏,٤٠ من ٣٥ بلدا.‏ وللمرة الاولى خلال اكثر من ٤٠ سنة،‏ تمكَّن شهود يهوه من عقد محافل عامة في رومانيا في السنة ١٩٩٠.‏ فقد عُقدت سلسلة محافل في كل انحاء البلد،‏ ولاحقا محفلان اكبر،‏ في تلك السنة.‏ وكانت هنالك ثمانية محافل اخرى في السنة ١٩٩١،‏ بحضور بلغ ٨٠٨‏,٣٤.‏ وفي السنة ١٩٩٠،‏ في ما كان آنذاك يوڠوسلاڤيا،‏ عُقدت محافل في كل واحدة من الجمهوريات التي كانت تشكل البلد.‏ وفي السنة التالية،‏ على الرغم من ان الحرب الاهلية كانت تهدد البلد،‏ تمتع ٦٨٤‏,١٤ شاهدا ليهوه بمحفل اممي في زَغْرِب،‏ عاصمة كرواتيا.‏ واندهشت الشرطة عندما رأوا افرادا من سكان الجبل الاسود،‏ سلوڤينيين،‏ صربيين،‏ كرواتيين،‏ وآخرين مجتمعين في سلام ليصغوا الى البرنامج.‏

      وأيضا،‏ في ما كان آنذاك تشيكوسلوڤاكيا،‏ رُتِّب بسرعة لمحافل.‏ فعُقد محفل قومي في پراڠ سنة ١٩٩٠ حضره ٨٧٦‏,٢٣.‏ ومديرو الملعب كانوا مسرورين بما رأوه حتى انهم جعلوا اكبر التسهيلات في البلد متوافرة للشهود من اجل محفلهم التالي.‏ وفي تلك المناسبة التاريخية،‏ في السنة ١٩٩١،‏ كان هنالك ٥٨٧‏,٧٤ محتفلا متحمسا ملأوا ملعب ستراهوف في پراڠ.‏ وابتهج المندوبون التشيكيون والسلوڤاكيون وصفقوا بحماسة عندما أُعلن عن صدور ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة الكاملة بلغتيهم من اجل استعمالهما في الخدمة العامة وفي الدرس الشخصي والجماعي.‏

      وأيضا خلال السنة ١٩٩١،‏ لأول مرة في التاريخ،‏ تمكَّن شهود يهوه من عقد محافل علنية في اماكن كانت آنذاك داخل الاتحاد السوڤياتي.‏ فبعد المحفل في تالين،‏ استونيا،‏ كان هنالك محفل في سيبيريا.‏ وعُقدت اربعة في المدن الرئيسية في أوكرانيا،‏ وواحد في قازاخستان.‏ وبلغ مجموع عدد الحضور ٢٥٢‏,٧٤.‏ وكثمر حديث لعمل شهود يهوه للتلمذة في هذه المناطق،‏ قدَّم ٨٢٠‏,٧ انفسهم للتغطيس في الماء.‏ وهذا لم يكن قرارا عاطفيا اتُّخذ لأنهم شعروا بالاثارة ازاء المحفل.‏ فالمرشحون للمعمودية استعدوا مسبقا بعناية طوال اشهر —‏ وفي بعض الحالات سنوات.‏

      فمن اين اتى كل هؤلاء الناس؟‏ من الواضح انه لم يكن ذلك بداية عمل شهود يهوه في هذا الجزء من الارض.‏ فمطبوعات برج المراقبة كانت قد أُرسلت بالبريد الى شخص مهتم في روسيا قديما في السنة ١٨٨٧.‏ وكان اول رئيس لجمعية برج المراقبة قد زار شخصيا كيشينيڤ (‏الآن في مولدوڤا)‏ في السنة ١٨٩١.‏ وبعض تلاميذ الكتاب المقدس كانوا قد ذهبوا الى روسيا للكرازة خلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠؛‏ ولكن كانت هنالك مقاومة رسمية قوية،‏ والفرق القليلة التي اظهرت الاهتمام برسالة الكتاب المقدس كانت صغيرة.‏ إلا ان الحالة تغيَّرت خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها.‏ فالحدود القومية أُعيد تحديد معالمها،‏ ورُحِّلت مجموعات كبيرة من السكان الى اماكن جديدة.‏ ونتيجة لذلك فان اكثر من ألف شاهد ناطق بالأوكرانية مما كان پولندا الشرقية وجدوا انفسهم داخل الاتحاد السوڤياتي.‏ والشهود الآخرون الذين يسكنون في رومانيا وتشيكوسلوڤاكيا وجدوا ان الاماكن التي يسكنون فيها صارت جزءا من الاتحاد السوڤياتي.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ فان الروس الذين صاروا شهودا ليهوه فيما كانوا في معسكرات الاعتقال الالمانية عادوا الى موطنهم وجلبوا معهم بشارة ملكوت اللّٰه.‏ وبحلول السنة ١٩٤٦ كان هنالك ٧٩٧‏,٤ شاهدا نشيطا في الاتحاد السوڤياتي.‏ وكثيرون من هؤلاء كانت الحكومة تنقلهم من مكان الى مكان على مر السنين.‏ والبعض أُرسلوا الى معسكرات اعتقال.‏ وحيثما ذهبوا كانوا يشهدون.‏ فنمت أعدادهم.‏ وحتى قبل ان تمنحهم الحكومة الاعتراف الشرعي،‏ كانت فرق منهم نشيطة كل المسافة من لْڤيف في الغرب الى ڤلاديڤوستوك على الحدود الشرقية من الاتحاد السوڤياتي،‏ عبر البحر من اليابان.‏

      كثيرون الآن مستعدون للاصغاء

      عندما عقد الشهود محافل في ما كان آنذاك اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤياتية في السنة ١٩٩١،‏ حصل الناس على فرصة رؤيتهم عن كثب.‏ فكيف تجاوبوا؟‏ في لْڤيف،‏ أوكرانيا،‏ قال رسمي شرطة لأحد المحتفلين:‏ «انتم تتفوقون في تعليم الآخرين ما هو صالح،‏ انتم تتكلمون عن اللّٰه،‏ وأنتم لا تنهمكون في العنف.‏ كنا نناقش لماذا كنا نضطهدكم،‏ واستنتجنا اننا لم نكن نصغي اليكم ولم نكن نعرف شيئا عنكم.‏» أما الآن فكثيرون يصغون،‏ وشهود يهوه يريدون ان يساعدوهم.‏

      لمواصلة عملهم بأكثر فعَّالية في هذه البلدان،‏ كانت تلزم مطبوعات الكتاب المقدس.‏ فبُذل جهد كبير لتزويدها بسرعة.‏ وفي زلترس/‏تاونوس،‏ المانيا،‏ ضاعف شهود يهوه تقريبا تسهيلاتهم للطباعة.‏ ومع ان هذا التوسع لم يكن قد انتهى بعدُ،‏ فبعد نحو اسبوعين من رفع الحظر في ما كان آنذاك المانيا الشرقية،‏ أُرسل من المطابع في زلترس ٢٥ طنا من المطبوعات الى هذه المنطقة.‏ ومن حين رفع الحظر في بلدان اوروپا الشرقية حتى السنة ١٩٩٢،‏ شُحن من المانيا ما يقارب ٠٠٠‏,١٠ طن من المطبوعات بـ‍ ١٤ لغة رئيسية الى هذه البلدان المختلفة،‏ ٦٩٨ طنا آخر من ايطاليا،‏ والمزيد من فنلندا.‏

      واذ كانوا معزولين الى حد كبير لسنوات كثيرة،‏ كان الشهود في بعض البلدان يحتاجون ايضا الى العون في مسائل الاشراف الجماعي والادارة التنظيمية.‏ ولسدّ هذه الحاجة الماسَّة،‏ جرى الاتصال بشيوخ ذوي خبرة —‏ اولئك الذين كانوا قادرين على التكلم بلغة البلد،‏ حيثما امكن —‏ في المانيا،‏ الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ وأماكن اخرى.‏ فهل كانوا مستعدين للانتقال الى احد هذه البلدان في اوروپا الشرقية للعمل على سدّ الحاجة؟‏ كان التجاوب سارًّا حقا!‏ وحيثما كان مؤاتيا،‏ أُرسل ايضا شيوخ كانوا قد تدرَّبوا في مدرسة جلعاد او في مدرسة تدريب الخدام.‏

      ثم في السنة ١٩٩٢ عُقد محفل اممي رائع في سانت پيترسبرڠ،‏ ثاني اكبر مدينة في روسيا.‏ ونحو ٠٠٠‏,١٧ من المندوبين كانوا من ٢٧ بلدا خارج روسيا.‏ وجرى القيام باعلان مكثَّف عن المحفل.‏ وبين اولئك الذين اتوا اشخاص لم يسمعوا من قبل قط بشهود يهوه.‏ فبلغ الحضور ذروة من ٢١٤‏,٤٦.‏ وكان المندوبون حاضرين من كل انحاء روسيا،‏ بعضهم من الشرق من جزيرة سَخالين،‏ قرب اليابان.‏ وأتت فرق كبيرة من أوكرانيا،‏ مولدوڤا،‏ وبلدان اخرى كانت سابقا جزءا من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤياتية.‏ لقد جلبوا معهم اخبارا مفرحة.‏ وأظهرت التقارير ان الجماعات الافرادية في مدن مثل كِييَڤ،‏ موسكو،‏ وسانت پيترسبرڠ كان لديها معدل حضور في اجتماعاتها يبلغ ضعف عدد الشهود او اكثر.‏ وكثيرون من الناس الذين ارادوا ان يدرس شهود يهوه الكتاب المقدس معهم كان يجب ان يوضعوا في لوائح الانتظار.‏ ومن لاتڤيا،‏ اتى نحو ٦٠٠ مندوب،‏ وأكثر ايضا من استونيا.‏ وكان يوجد في جماعة في سانت پيترسبرڠ اكثر من مئة على استعداد للمعمودية في المحفل.‏ وكثيرون ممَّن اظهروا الاهتمام هم احداث او افراد حسنو الثقافة.‏ حقا،‏ ان عملا كثيرا من الحصاد الروحي يجري في هذه المقاطعة الواسعة التي طالما اعتبرها العالم معقلا للالحاد!‏

      حقول ابيَضَّت للحصاد

      اذ تغيَّرت المواقف ازاء الحرية الدينية،‏ رفعت بلدان اخرى ايضا القيود عن شهود يهوه او منحتهم اعترافا شرعيا كانوا محرومين منه لمدة طويلة.‏ وفي كثير من هذه الاماكن،‏ كان الحصاد الروحي الوافر جاهزا للتجميع.‏ والاحوال كانت كتلك التي وصفها يسوع لتلاميذه عندما قال:‏ «ارفعوا اعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيَضَّت للحصاد.‏» (‏يوحنا ٤:‏٣٥‏)‏ تأملوا في اماكن قليلة فقط حيث صح ذلك في افريقيا.‏

      لقد فُرض حظر على خدمة شهود يهوه من بيت الى بيت في زامبيا سنة ١٩٦٩.‏ ونتيجة لذلك،‏ خصَّص الشهود هناك مزيدا من الوقت لادارة الدروس البيتية في الكتاب المقدس مع المهتمين.‏ وابتدأ آخرون ايضا يبحثون عن الشهود ليتمكَّنوا من نيل الارشاد.‏ وتدريجيا كانت القيود الحكومية تُخفَّف،‏ وازداد عدد حضور الاجتماعات.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٨٢٨‏,٣٦٥ ممَّن حضروا عشاء الرب في زامبيا،‏ ١ من كل ٢٣ من السكان!‏

      وفي شمال زامبيا،‏ في زائير،‏ اراد آلاف آخرون ان يتعلَّموا ما يعلِّمه شهود يهوه عن العيش المسيحي وعن قصد اللّٰه للجنس البشري.‏ وفي السنة ١٩٩٠ عندما سمحت الظروف للشهود بأن يعيدوا فتح قاعات ملكوتهم،‏ كان يتدفق الى اجتماعاتهم في بعض المناطق عدد يبلغ ٥٠٠ شخص.‏ وفي غضون سنتين كان الشهود الـ‍ ٩١٧‏,٦٧ في زائير يديرون ٨٥٩‏,١٤١ درسا بيتيا في الكتاب المقدس مع اشخاص كهؤلاء.‏

      ان عدد البلدان التي كانت ابوابها تنفتح انما هو مذهل.‏ ومرسلو برج المراقبة الذين كانوا قد طُردوا من بينين قبل ١٤ سنة مُنحوا الآن في السنة ١٩٩٠ رسميا فرصة العودة،‏ وفُتح الباب لمجيء آخرين.‏ وفي تلك السنة عينها وقَّع وزير العدل في جمهورية الرأس الاخضر مرسوما يوافق على تشريعات جمعية شهود يهوه المحلية،‏ مانحا اياهم بالتالي الاعتراف الشرعي.‏ ثم في السنة ١٩٩١ رُفع الحظر رسميا عن شهود يهوه في موزَمبيق (‏حيث كان الحكام السابقون قد اضطهدوهم بقسوة)‏،‏ غانا (‏حيث كان نشاطهم تحت تجميد رسمي)‏،‏ وإثيوپيا (‏حيث لم تكن ممكنة الكرازة علنا او عقد المحافل طوال ٣٤ سنة)‏.‏ وقبل نهاية السنة منحتهم النَّيجر والكونڠو ايضا الاعتراف الشرعي.‏ وفي وقت باكر من السنة ١٩٩٢،‏ رُفع الحظر او مُنح الاعتراف الشرعي لشهود يهوه في تشاد،‏ كينيا،‏ رُوَندا،‏ توڠو،‏ وآنڠولا.‏

      هنا حقول جاهزة للحصاد الروحي.‏ ففي آنڠولا،‏ مثلا،‏ اختبر الشهود سريعا زيادة ٣١ في المئة؛‏ وفضلا عن ذلك،‏ كان المنادون بالملكوت الـ‍ ٠٠٠‏,١٩ تقريبا هناك يديرون ما يقارب ٠٠٠‏,٥٣ درس بيتي في الكتاب المقدس.‏ ولتزويد العون الاداري اللازم لهذا البرنامج الواسع لتعليم الكتاب المقدس في آنڠولا وفي موزَمبيق (‏حيث يتكلم كثيرون الپرتغالية)‏،‏ دُعي شيوخ اكفاء من الپرتغال والبرازيل الى الانتقال الى افريقيا لمتابعة خدمتهم.‏ وعُيِّن المرسلون الناطقون بالپرتغالية في مقاطعة غينيا-‏بيساو المفتتحة حديثا.‏ ودُعي شهود مقتدرون في فرنسا وبلدان اخرى الى المساعدة في انجاز العمل الملح للكرازة والتلمذة في بينين،‏ تشاد،‏ وتوڠو،‏ حيث يتكلم اناس كثيرون الفرنسية.‏

      وبين تلك المناطق التي انتجت خصوصا حصادا وافرا من مسبِّحي يهوه مناطق كانت سابقا معاقل للروم الكاثوليك.‏ وبالاضافة الى اميركا اللاتينية،‏ صح ذلك في فرنسا (‏حيث اظهر تقرير السنة ١٩٩٢ ٦٧٤‏,١١٩ شاهدا مبشرا)‏،‏ اسپانيا (‏حيث كان هنالك ٢٨٢‏,٩٢)‏،‏ الفيليپين (‏بـ‍ ٣٣٥‏,١١٤)‏،‏ ايرلندا (‏بنمو للشهود بنسبة ٨ الى ١٠ في المئة كل سنة)‏،‏ والپرتغال.‏

      عندما حضر ٥٦٧‏,٣٧ شخصا محفلا للشهود في لِشبونة،‏ الپرتغال،‏ في السنة ١٩٧٨،‏ ذكرت المجلة الاخبارية أُوپساو:‏ «بالنسبة الى ايّ شخص كان في فاطيما خلال موسم الحج،‏ هذا في الواقع مختلف جدا.‏ .‏ .‏ .‏ فهنا [في محفل شهود يهوه] يختفي التصوُّف،‏ فاسحا المجال لعقد اجتماع يناقش فيه المؤمنون بانسجام معهود مشاكلهم،‏ ايمانهم ونظرتهم الروحية.‏ وسلوكهم الواحد نحو الآخر يعطي العلامة الفارقة لعلاقتهم التعاطفية.‏» وخلال العقد التالي،‏ ازداد عدد الشهود في الپرتغال حتى ٧٠ في المئة تقريبا.‏

      وماذا عن ايطاليا؟‏ ان النقص الكبير في المرشحين للكهنوت الكاثوليكي اضطر بعض معاهد اللاهوت الى اقفال ابوابها.‏ ولم يعد يوجد في كنائس عديدة كاهن ابرشية.‏ وفي حالات كثيرة صارت ابنية كنسية سابقة تحتوي الآن على متاجر او مكاتب.‏ وعلى الرغم من كل ذلك،‏ حاربت الكنيسة بشدة لايقاف شهود يهوه.‏ وفي السنين الماضية ضغطوا على الرسميين لترحيل المرسلين الشهود وطالبوا ان توقف الشرطة اجتماعاتهم.‏ وفي بعض المناطق خلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وضع كهنة الابرشيات ملصقات على ابواب الجميع (‏بمن فيهم بعض الذين حدث انهم من شهود يهوه)‏ تقول:‏ «لا تقرع.‏ نحن كاثوليك.‏» وحملت الصحف العنوانين:‏ «صرخة انذار الكنيسة ضد شهود يهوه» و «‹حرب مقدسة› ضد شهود يهوه.‏»‏

      عندما حاول الكهنوت اليهودي في القرن الاول اسكات الرسل،‏ نصح غمالائيل،‏ معلِّم للناموس،‏ بحكمة:‏ «إن كان هذا الرأي او هذا العمل من الناس فسوف ينتقض.‏ وإن كان من اللّٰه فلا تقدرون ان تنقضوه.‏» (‏اعمال ٥:‏​٣٨،‏ ٣٩‏)‏ وماذا كانت النتيجة عندما حاول كهنوت الروم الكاثوليك في القرن الـ‍ ٢٠ اسكات شهود يهوه؟‏ لم ينتقض عمل الـ‍ ١٢٠ شاهدا في ايطاليا سنة ١٩٤٦.‏ وبدلا من ذلك بحلول السنة ١٩٩٢ كان هنالك ٠١٣‏,١٩٤ شاهدا نشيطا يقترنون بـ‍ ٤٦٢‏,٢ جماعة في كل انحاء البلد.‏ لقد ملأوا فعليا ايطاليا بتعليمهم كلمة اللّٰه.‏ ومنذ السنة ١٩٤٦ خصَّصوا اكثر من ٥٥٠ مليون ساعة للتحدث عن ملكوت اللّٰه الى رفقائهم الايطاليين.‏ وفيما كانوا يفعلون ذلك وضعوا في ايديهم ملايين النسخ من الكتاب المقدس نفسه وما يزيد على ٤٠٠ مليون كتاب،‏ كراس،‏ ومجلة توضح الاسفار المقدسة.‏ فهم يريدون التأكد من حصول الناس في ايطاليا على فرصة تامة لاتخاذ موقفهم الى جانب يهوه قبل اتيان هرمجدون.‏ واذ يفعلون ذلك،‏ يتذكرون ما كتبه الرسول بولس في ٢ كورنثوس ١٠:‏​٤،‏ ٥‏،‏ وهو:‏ «اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة باللّٰه على هدم حصون.‏ هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة اللّٰه.‏»‏

      لم يوجِّه شهود يهوه الانتباه الى المعاقل الكاثوليكية السابقة فقط.‏ فهم يعرفون ان يسوع المسيح قال:‏ «ينبغي ان يُكرز .‏ .‏ .‏ بالانجيل في جميع الامم.‏» (‏مرقس ١٣:‏١٠‏)‏ وهذا هو العمل الذي يقوم به الشهود.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ١٦٨‏,١٢ منهم ينهمكون في اخبار الناس في الهند عن ملكوت اللّٰه.‏ و ٤٢٨‏,٧١ آخرون منهم يكرزون في جمهورية كوريا.‏ وفي اليابان،‏ كان هنالك ٤٣٨‏,١٧١،‏ وكانت اعدادهم تنمو كل شهر.‏ واستمروا ايضا في بلوغ البلدان حيث القليل او لا شيء من الكرازة كان قد جرى حتى ذلك الحين.‏

      وهكذا،‏ خلال الجزء الاخير من سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانوا قادرين،‏ لأول مرة،‏ على حمل رسالة الملكوت الى الناس الساكنين في جزر مركيز وفي جزيرة كوسْراي —‏ في المحيط الپاسيفيكي.‏ ووصلوا ايضا الى بوتان،‏ التي تحاذي حدود الصين الجنوبية،‏ وجزر كومورو،‏ مقابل ساحل افريقيا الشرقي.‏ وخلال ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ أُرسل تقرير عن اول عمل كرازي قام به شهود يهوه من جزر والِس وفوتونا،‏ وكذلك من جزر ناوُورو وجزيرة روتا،‏ وكلها في جنوبي غربي الپاسيفيك.‏ وبعض هذه الامكنة صغير نسبيا؛‏ لكنَّ اناسا يسكنون هناك،‏ وحياتهم ثمينة.‏ وشهود يهوه يعرفون جيدا نبوة يسوع انه قبل ان يأتي المنتهى،‏ يُكرز برسالة الملكوت «في كل المسكونة.‏» —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      الاتصال بالناس حيثما وكلما امكن

      فيما تستمر الكرازة من بيت الى بيت في ان تكون الاسلوب الرئيسي الذي يستخدمه شهود يهوه لبلوغ الناس،‏ يدركون انه حتى بهذا الاسلوب النظامي لا يتصلون بكل فرد.‏ وبشعور بالالحاح،‏ يواصلون البحث عن الناس حيثما يمكن ان يوجدوا.‏ —‏ قارنوا يوحنا ٤:‏​٥-‏٤٢؛‏ اعمال ١٦:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

      عندما ترسو القوارب في مرافئ المانيا والنَّذَرلند،‏ حتى لفترة قصيرة،‏ يحاول شهود يهوه ان يزوروهم،‏ شاهدين اولا للقبطان ثم للطاقم.‏ وهم يحملون مطبوعات الكتاب المقدس بلغات عديدة من اجل الناس.‏ وفي الاسواق المحلية في تشاد،‏ في افريقيا الوسطى،‏ ليست غريبة رؤية فريق من ١٥ او ٢٠ شخصا مجتمعين حول واحد من شهود يهوه يتحدث اليهم عن رجاء ملكوت اللّٰه.‏ واذ يعملون بالتناوب،‏ يتحدث الشهود الى اصحاب الأكشاك وآلاف المتسوقين يوم السبت صباحا في الاسواق في اوكلَنْد،‏ نيوزيلندا.‏ والناس الذين يمرّون عبر محطات الباص في ڠواياكيل،‏ إكوادور —‏ وكثيرون منهم من نواحٍ بعيدة من البلد —‏ يقترب اليهم هناك الشهود الذين يقدِّمون لهم كراسة ملائمة او برج المراقبة واستيقظ!‏ وأولئك الذين يتناوبون العمل ليلا في اسواق الطعام التي تفتح ليلَ نهار في مدينة نيويورك يزورهم الشهود وهم يعملون لكي يتمكَّنوا هم ايضا من الحصول على فرصة سماع البشارة.‏

      وعند السفر بالطائرات،‏ القطارات،‏ الباصات،‏ والقطارات النفقية،‏ يخبر كثيرون من شهود يهوه بحقائق الكتاب المقدس الثمينة الرفقاء الركاب.‏ وخلال فترة الغداء في عملهم الدنيوي وفي المدرسة،‏ وأيضا عندما يأتي الناس الى بابهم لاسباب تجارية،‏ ينتهزون الفرص ليشهدوا.‏ فهم يعرفون ان كثيرين من هؤلاء الناس ربما لا يكونون في البيت عندما يقوم الشهود بزياراتهم القانونية.‏

      واذ يشهدون للآخرين،‏ لا ينسون اعضاء العائلة الاحماء والانسباء الآخرين.‏ ولكن عندما حاولت ماريا كامانو،‏ شاهدة في الارجنتين،‏ ان تخبر عائلتها الى ايّ حد تأثرت بعمق بما تعلَّمته من الكتاب المقدس،‏ سخروا منها او كانوا غير مبالين.‏ فلم تستسلم وانما قامت برحلة من ٢٠٠‏,١ ميل (‏٩٠٠‏,١ كلم)‏ لتشهد لآخرين من انسبائها.‏ فتجاوب البعض بشكل مؤاتٍ.‏ ورويدا رويدا،‏ اصغى آخرون.‏ ونتيجة لذلك،‏ هنالك الآن بين انسبائها اكثر من ٨٠ راشدا وما يزيد على ٤٠ ولدا اعتنقوا حقائق الكتاب المقدس وهم يخبرون بها الآخرين.‏

      ولمساعدة انسبائه،‏ عاد مايكل ريڠَن الى بلدته،‏ بويل،‏ مقاطعة روسكومون،‏ في ايرلندا.‏ وشهد لهم جميعا.‏ فتأثرت ابنة اخيه بالروح السعيدة وطريقة الحياة السليمة لاولاد مايكل.‏ وسرعان ما وافقت هي وزوجها على درس في الكتاب المقدس.‏ وعندما اعتمدا،‏ منعها ابوها من المجيء الى بيت العائلة.‏ إلَّا ان موقفه لان تدريجيا،‏ وقَبِل بعض المطبوعات —‏ ناويا تشهير «خطإ» الشهود.‏ ولكنه سرعان ما ادرك ان ما يقرأه هو الحق،‏ وفي حينه اعتمد.‏ وأكثر من ٢٠ عضوا في العائلة يعاشرون الآن الجماعة،‏ ومعظمهم قد اعتمدوا.‏

      وماذا عن الناس في السجن؟‏ هل يمكنهم ان يستفيدوا من رسالة ملكوت اللّٰه؟‏ لا يتجاهل شهود يهوه هؤلاء.‏ ففي اصلاحية في اميركا الشمالية اعطت الترتيبات للدروس الشخصية في الكتاب المقدس مع المساجين،‏ بالاضافة الى حضور اجتماعات قانونية في السجن يديرها شهود ليهوه،‏ نتائج جيدة بحيث جعلت ادارة السجن ممكنا عقد محافل هناك.‏ وهذه لم يحضرها السجناء فقط بل ايضا آلاف الشهود من الخارج.‏ وفي بلدان اخرى ايضا بُذلت جهود جدية للشهادة للرجال والنساء في السجن.‏

      لا يعتقد شهود يهوه ان درس الكتاب المقدس سيصلح كل المساجين.‏ ولكنهم يعرفون من الاختبار انه يمكن مساعدة البعض،‏ ويريدون ان يمنحوهم الفرصة لاعتناق رجاء ملكوت اللّٰه.‏

      جهود متكررة لبلوغ القلوب

      مرة بعد اخرى يزور شهود يهوه الناس.‏ وكما فعل تلاميذ يسوع الاولون،‏ ‹يذهبون باستمرار› الى الناس في مقاطعاتهم المعيَّنة محاولين اثارة اهتمامهم بملكوت اللّٰه.‏ (‏متى ١٠:‏​٦،‏ ٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ ففي بعض الاماكن يتمكنون من زيارة كل اصحاب البيوت في منطقتهم مرة واحدة في السنة؛‏ وفي اماكن اخرى يزورون كل بضعة اشهر.‏ وفي الپرتغال،‏ في منطقة لِشبونة الكبرى،‏ حيث توجد نسبة شاهد ١ الى كل ١٦٠ من السكان،‏ يزور الشهود الناس كل اسبوع تقريبا.‏ وفي ڤنزويلا،‏ توجد مدن تُغطَّى فيها المقاطعات قانونيا اكثر من مرة في الاسبوع.‏

      عندما يقوم شهود يهوه بزيارات متكررة،‏ لا يحاولون فرض رسالة الكتاب المقدس على الناس.‏ وانما يحاولون منحهم الفرصة لاتخاذ قرار حكيم.‏ واليوم ربما يقول بعض الاشخاص انهم غير مهتمين؛‏ لكنَّ التغييرات الجذرية في حياتهم او في احوال العالم قد تجعلهم اكثر تقبُّلا في وقت آخر.‏ وبسبب التحامل او بسبب كونهم مشغولين اكثر من ان يصغوا،‏ لم يسمع اناس كثيرون في الواقع قط ما يعلِّمه الشهود.‏ لكنَّ الزيارات الودية المتكررة يمكن ان تجعلهم ينتبهون.‏ وكثيرا ما يتأثر الناس بالصدق والاستقامة الادبية للشهود الذين يسكنون في جوارهم او يعملون معهم.‏ ونتيجة لذلك،‏ في حينه،‏ يصير البعض مهتمين كفاية ليعرفوا ما هي رسالتهم.‏ قالت امرأة في ڤنزويلا بعد ان قبلت بسرور مطبوعة وعرضا لدرس بيتي مجاني في الكتاب المقدس:‏ «لم يوضح لي احد هذه الامور من قبل قط.‏»‏

      وبطريقة لطيفة،‏ يحاول الشهود ان يبلغوا قلوب اولئك الذين يتحدثون اليهم.‏ ففي ڠوادلوپ،‏ حيث كان هنالك شاهد ١ لكل ٥٧ من السكان في السنة ١٩٩٢،‏ ليس غريبا ان يقول اصحاب البيوت،‏ «انا لست مهتما.‏» فيردّ على ذلك ايريك دودوت:‏ «افهم ذلك،‏ وأنا اضع نفسي مكانك.‏» ثم يضيف:‏ «ولكنني اسألك،‏ هل تريد ان تعيش في ظل احوال افضل من تلك الموجودة اليوم؟‏» وبعد الاصغاء الى ما يقوله صاحب البيت،‏ يستخدم الكتاب المقدس ليظهر كيف سيجلب اللّٰه احوالا كهذه في عالمه الجديد.‏

      تغطية المقاطعة بشكل اشمل ايضا

      في السنوات الاخيرة صار صعبا بشكل متزايد العثور على الناس في البيت في بعض البلدان.‏ فكثيرا ما يقوم الزوج والزوجة كلاهما بعمل دنيوي،‏ وفي نهايات الاسابيع قد يطلبان الاستجمام بعيدا عن البيت.‏ ولمواجهة هذا الوضع،‏ يقوم شهود يهوه في بلدان كثيرة بمقدار متزايد من شهادتهم من باب الى باب في الامسيات.‏ وفي بريطانيا،‏ لا يقوم بعض الشهود فقط بين السادسة والثامنة مساء بملاحقة الزيارات للبيوت التي لم يوجد فيها احد،‏ ولكنَّ آخرين،‏ في محاولة للاتصال بالناس قبل ان يغادروا الى العمل،‏ يقومون بزيارات كهذه قبل الثامنة صباحا.‏

      وحتى حيث يكون الناس في البيت،‏ قد يكون صعبا جدا الوصول اليهم دون دعوة مسبقة،‏ نظرا الى الاجراءات الامنية المشدَّدة المتخذة بسبب انتشار الجريمة.‏ ولكن في البرازيل عندما يذهب بعض الذين يصعب الاتصال بهم في نزهة صباحية باكرة على الرصيف البحري على شاطئ كوپاكبانا،‏ قد يقترب منهم شاهد غيور موجود هناك باكرا يُشرك الآخرين في محادثة تظهر كيف سيحل ملكوت اللّٰه مشاكل الجنس البشري.‏ وفي پاريس،‏ فرنسا،‏ عندما يعود الناس الى شققهم في وقت متأخر بعد الظهر،‏ قد يجدون شاهدين وديين قرب مدخل البناية ينتظران لكي يتحدثا الى الافراد السكان الذين يرغبون في قضاء دقائق قليلة ليسمعوا عن الوسيلة التي سيستخدمها اللّٰه لجلب الامن الحقيقي.‏ وفي هونولولو،‏ مدينة نيويورك،‏ وأماكن اخرى كثيرة،‏ تُبذل الجهود ايضا للوصول الى الساكنين في الابنية ذات الاجراءات الامنية المشدَّدة بواسطة الهاتف.‏

      واذا تدبَّروا امر الاتصال بشخص ما في كل بيت،‏ فمع ذلك لا يشعر الشهود بأن مهمتهم قد أُنجزت.‏ فرغبتهم هي ان يبلغوا اكبر عدد ممكن من الافراد في كل بيت.‏ وأحيانا يُنجَز ذلك بالزيارة في ايام مختلفة او في اوقات مختلفة.‏ ففي پورتو ريكو،‏ عندما قالت صاحبة بيت انها ليست مهتمة،‏ سألها شاهد ما اذا كان هنالك شخص آخر في البيت يمكن ان يتحدث اليه.‏ وأدى ذلك الى محادثة مع رب البيت،‏ الذي كان مريضا طوال ١٤ سنة وملازما الفراش في اغلب الاوقات.‏ لقد ابتهج قلبه بالرجاء المذكور في كلمة اللّٰه.‏ وباهتمام متجدد بالحياة،‏ سرعان ما ترك الفراش،‏ حاضرا الاجتماعات في قاعة الملكوت،‏ ومشاركا الآخرين في رجائه المكتشف حديثا.‏

      تكثيف الشهادة فيما تقترب النهاية

      وهنالك عامل آخر ساهم كثيرا في تكثيف الشهادة في السنوات الاخيرة.‏ انه الزيادة السريعة في عدد الشهود الذين يخدمون كفاتحين.‏ واذ يرغبون بشدة في تخصيص قدر ما يمكن من وقتهم لخدمة اللّٰه،‏ وباهتمام حبي لرفقائهم الناس،‏ يرتبون شؤونهم ليصرفوا ٦٠،‏ ٩٠،‏ ١٤٠ ساعة او اكثر كل شهر في خدمة الحقل.‏ وكما صح في الرسول بولس عندما كان يكرز في كورنثوس،‏ اليونان،‏ يصير اولئك الذين يتبنَّون خدمة الفتح ‹منهمكين جدا في الكلمة،‏› ساعين الى الشهادة لاكبر عدد ممكن من الناس عن الملكوت المسيَّاني.‏ —‏ اعمال ١٨:‏٥‏،‏ ع‌ج‏.‏

      في السنة ١٩٧٥ كان هنالك ٢٢٥‏,١٣٠ فاتحا حول العالم.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كان هنالك ٦١٠‏,٦٠٥ كمعدل كل شهر (‏بمن فيهم الفاتحون القانونيون،‏ الاضافيون،‏ والخصوصيون)‏.‏ وهكذا،‏ خلال الفترة التي نما فيها عدد الشهود حول العالم حتى ١٠٥ في المئة،‏ ازداد اولئك الذين فسحوا المجال للاشتراك في الخدمة كامل الوقت ٣٦٥ في المئة!‏ ونتيجة لذلك،‏ ارتفع مقدار الوقت المخصَّص فعلا للشهادة من نحو ٣٨٢ مليون ساعة الى اكثر من بليون ساعة في السنة!‏

      ‏«الصغير يصير ألفا»‏

      فوَّض يسوع المسيح الى أتباعه ان يكونوا شهودا له الى اقصى الارض.‏ (‏اعمال ١:‏٨‏)‏ وبواسطة النبي اشعياء،‏ كان يهوه قد انبأ:‏ «الصغير يصير ألفا والحقير امة قوية.‏ انا الرب في وقته أُسرع به.‏» (‏اشعياء ٦٠:‏٢٢‏)‏ ويُظهر السجل بوضوح ان شهود يهوه ينجزون العمل الذي سبق يسوع وأنبأ به،‏ وأنهم يختبرون نوع النمو الذي وعد به اللّٰه نفسه.‏

      عند نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ كانوا موجودين بصورة رئيسية في اميركا الشمالية وأوروپا؛‏ وكان هنالك بعض منهم في افريقيا؛‏ وآخرون،‏ في فرق اصغر،‏ كانوا متفرقين حول الكرة الارضية.‏ فلم يصلوا الى كل بلد برسالة الملكوت،‏ ولم يبلغوا كل ناحية من تلك البلدان التي كانوا يكرزون فيها.‏ ولكنَّ هذه الصورة كانت تتغيَّر بسرعة مذهلة.‏

      تأملوا في اميركا الشمالية.‏ يمتد البَر الرئيسي من كندا في الشمال الى پاناما،‏ بتسعة بلدان بينهما.‏ بحلول السنة ١٩٤٥ كان هنالك ٤١٠‏,٨١ شهود في هذه المنطقة الواسعة.‏ اربعة بلدان اخبرت كلٌّ منها بأقل من ٢٠ شاهدا،‏ وبلد واحد لم يكن فيه عمل كرازي منظَّم على الاطلاق.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ تُقدَّم شهادة مكثَّفة ومعزَّزة في كل هذه البلدان.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ١٦٥‏,٤٤٠‏,١ شاهدا ليهوه في هذا الجزء من الارض.‏ وفي معظم هذه البلدان،‏ كمعدل،‏ كل شاهد لديه الآن فقط عدة مئات من الاشخاص ليشهد لهم.‏ وقسم كبير من السكان يزورهم الشهود كل عدة اشهر؛‏ وكثيرون تجري زيارتهم كل اسبوع.‏ وأكثر من ٠٠٠‏,٢٤٠‏,١ درس بيتي في الكتاب المقدس تدار قانونيا مع افراد وفرق مهتمين.‏

      وماذا عن اوروپا؟‏ يمتد هذا الجزء من الكرة الارضية من إسكنديناڤيا الى البحر الابيض المتوسط جنوبا.‏ وخارج معظم المنطقة المعروفة سابقا بالاتحاد السوڤياتي،‏ كانت قد قُدِّمت شهادة واسعة في اوروپا قبل الحرب العالمية الثانية.‏ ومنذ ذلك الوقت،‏ تنمو اجيال جديدة،‏ ولهم ايضا يجري الاظهار من الاسفار المقدسة ان ملكوت اللّٰه سيحل قريبا محل كل الحكومات البشرية.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ ومن آلاف قليلة من الشهود الذين قاموا بنشاطهم الكرازي تحت قيود قاسية خلال الحرب،‏ ارتفع عدد المنادين بالملكوت في البلدان الـ‍ ٤٧ التي نُشرت عنها تقارير في السنة ١٩٩٢ الى ٢٥٩‏,١٧٦‏,١،‏ بمن فيهم اولئك الموجودون في الاماكن التي كانت سابقا جزءا من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤياتية،‏ في اوروپا وآسيا على السواء.‏ وفي كلٍّ من البلدان الخمسة —‏ المانيا،‏ ايطاليا،‏ بريطانيا،‏ پولندا،‏ وفرنسا —‏ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ شاهد غيور.‏ وماذا كان يفعل كل هؤلاء الشهود؟‏ يُظهر تقريرهم للسنة ١٩٩٢ انهم في تلك السنة خصَّصوا اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٣٠ ساعة للكرازة علنا،‏ اذ ذهبوا من بيت الى بيت،‏ وأداروا دروسا بيتية في الكتاب المقدس.‏ وهؤلاء الشهود،‏ في تبشيرهم،‏ لم يتجاهلوا حتى جمهورية سان مارينو الصغيرة،‏ والامارات مثل آندورا وليختَنْشْتاين،‏ او جبل طارق.‏ حقا،‏ ان الشهادة المنبأ بها كانت تُقدَّم.‏

      تتلقى افريقيا ايضا شهادة واسعة.‏ فالسجلات تظهر انه حتى السنة ١٩٤٥ وصلت البشارة الى ٢٨ بلدا في هذه القارة،‏ لكنَّ القليل جدا من الشهادة الفعلية أُنجز في معظم هذه البلدان.‏ إلا انه،‏ منذ ذلك الحين،‏ أُنجز الكثير هناك.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٠٤٤‏,٥٤٥ شاهدا غيورا في القارة الافريقية يكرزون بالبشارة في ٤٥ بلدا.‏ وفي الاحتفال بذكرى عشاء الرب في تلك السنة كان ٨٦٣‏,٨٣٤‏,١ حاضرين.‏ وهكذا،‏ لم يكن النمو وحده مذهلا،‏ ولكنَّ امكانية التوسع الاضافي انما هي فوق العادة!‏

      ان التقرير المتعلق بأميركا الجنوبية ليس اقل روعة.‏ فعلى الرغم من بلوغ البلدان الـ‍ ١٣ كلها ما عدا واحدا برسالة الكتاب المقدس قبل الحرب العالمية الثانية،‏ كانت هنالك في ذلك الوقت ٢٩ جماعة فقط في القارة بكاملها،‏ ولم يكن هنالك حتى ذلك الحين ايّ نشاط كرازي منظَّم في بعض البلدان.‏ فمعظم عمل الكرازة بالملكوت كان آنذاك في المستقبل.‏ ومنذ ذلك الحين يعمل الشهود هناك باجتهاد.‏ والذين انعشهم ماء الحياة يدعون الآخرين بسرور،‏ قائلين:‏ ‹تعالوا خذوا ماء حياة مجانا.‏› (‏رؤيا ٢٢:‏١٧‏)‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان هنالك ٧٨٢‏,٦٨٣ خادما ليهوه في ٣٩٩‏,١٠ جماعة في اميركا الجنوبية يشتركون بسعادة في هذا العمل.‏ وبعضهم كانوا يصلون الى مناطق لم تحصل على شهادة تامة.‏ وآخرون كانوا يقومون بالزيارات مرة بعد اخرى في الاماكن التي قُدِّمت فيها سابقا شهادة لتشجيع الناس ان ‹يذوقوا وينظروا ما اطيب يهوه.‏› (‏مزمور ٣٤:‏٨‏)‏ وكانوا قانونيا يديرون ١٣٢‏,٩٠٥ درسا بيتيا في الكتاب المقدس لمساعدة المهتمين على جعل طرق يهوه طريقهم في الحياة.‏

      تأملوا ايضا في آسيا والجزر ومجموعات الجزر الكثيرة حول الكرة الارضية.‏ فماذا أُنجز هناك؟‏ حتى فترة ما بعد الحرب،‏ كان الكثير من هذه الاماكن قد نال القليل جدا من المناداة بالملكوت.‏ ولكنَّ يسوع المسيح سبق وأنبأ بأنه سيُكرز ببشارة الملكوت هذه «في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏» (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وانسجاما مع ذلك،‏ خلال العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية،‏ فان الكرازة بالبشارة التي كانت قد بلغت من قبل ٧٦ من هذه البلدان،‏ الجزر،‏ ومجموعات الجزر انتشرت في ٤٠ بلدا آخر وكُثِّفت في الاماكن التي جرى الوصول اليها في وقت ابكر.‏ وفي هذه المقاطعة الواسعة في السنة ١٩٩٢ كان هنالك ٥٣٧‏,٦٢٧ شاهدا مخلصا يسرّون كثيرا باعلان ‹قدرة يهوه ومجد جلال ملكه.‏› (‏مزمور ١٤٥:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ ولم تكن خدمتهم سهلة.‏ ففي بعض الاماكن كان عليهم ان يسافروا لساعات بالقارب او بالطائرة ليصلوا الى الجزر البعيدة في مقاطعتهم.‏ ولكن خلال السنة ١٩٩٢ خصَّصوا ما يزيد على ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٠٠ ساعة للعمل التبشيري وأداروا ٢١١‏,٦٨٥ درسا بيتيا قانونيا في الكتاب المقدس.‏

      لا شك ان اتمام الوعد بأن «الصغير يصير ألفا» قد حدث،‏ وبشكل وافر ايضا!‏ ففي كلٍّ مما يزيد على ٥٠ بلدا حيث لم يكن هنالك حتى «صغير» —‏ حيث لم يكن هنالك ايُّ من شهود يهوه قديما في السنة ١٩١٩،‏ حيث لم يقوموا بأيّ شيء من الكرازة على الاطلاق —‏ هنالك اليوم اكثر من الف مسبِّح ليهوه.‏ وفي بعض هذه البلدان،‏ هنالك الآن عشرات الآلاف،‏ نعم،‏ وحتى اكثر من مئة الف،‏ من شهود يهوه الذين هم منادون غيورون بملكوت اللّٰه!‏ ففي كل العالم صار شهود يهوه «امة قوية» —‏ اكثر في العدد كجماعة عالمية متحدة من سكان اية واحدة من ٨٠ امة على الاقل من الامم الذاتية الحكم في العالم.‏

      الى ايّ حد قُدِّمت شهادة في «البلدان الاخرى»؟‏

      في السنة ١٩٩٢ كان لا يزال هنالك ٢٤ «بلدا آخر» مشمولا بكل البلدان اعلاه —‏ حيث كان شهود يهوه تحت قيود حكومية قاسية ولم تُنشر عنها اية تقارير مفصلة.‏ ان الكثير من الشهادة يجري في بعض هذه البلدان.‏ ومع ذلك فعدد الشهود في بلدان معيَّنة محدود.‏ ولا يزال هنالك اناس لم يسمعوا رسالة الملكوت.‏ إلا ان شهود يهوه واثقون بأن الشهادة اللازمة ستُقدَّم.‏ ولماذا؟‏

      لأن الاسفار المقدسة تظهر ان يسوع المسيح نفسه،‏ من عرشه السماوي،‏ يشرف على العمل.‏ (‏متى ٢٥:‏​٣١-‏٣٣‏)‏ وتحت توجيهه يُودَع ‹ملاك طائر في وسط السماء› مسؤولية اعلان بشارة ابدية وحثّ «كل امة وقبيلة ولسان وشعب» ان ‹يخافوا اللّٰه ويعطوه مجدا.‏› (‏رؤيا ١٤:‏​٦،‏ ٧‏)‏ ولا توجد قوة في السماء او على الارض يمكن ان تمنع يهوه من ان يجتذب اليه «الميالين بالصواب الى الحياة الابدية.‏» —‏ اعمال ١٣:‏٤٨‏،‏ ع‌ج؛‏ يوحنا ٦:‏٤٤‏.‏

      لا توجد ناحية من الارض منعزلة اكثر من ان تبلغها رسالة الملكوت.‏ فالاقرباء يقومون بالزيارات.‏ الهواتف والبريد تحمل الاخبار.‏ رجال الاعمال،‏ العمال،‏ التلاميذ،‏ والسياح يتصلون بالناس من امم اخرى.‏ وكما في الماضي،‏ كذلك الآن،‏ يستمر بواسطة هذه الوسائل اعلان الاخبار الحيوية بأن يهوه قد توَّج ملكه السماوي بسلطة على الامم.‏ ويمكن للملائكة ان يتأكدوا ان الجياع والعطاش للحق والبر يجري الوصول اليهم.‏

      اذا كانت مشيئة الرب ان يُنجَز المزيد من الكرازة المباشرة برسالة الملكوت في بعض المناطق حيث تعيق الحكومات ذلك حتى الآن،‏ فان اللّٰه قادر ان يجلب احوالا تجعل هذه الحكومات تغيِّر سياستها.‏ (‏امثال ٢١:‏١‏)‏ وحيث يمكن ان تنفتح بعدُ ابواب الفرصة،‏ سيقدِّم شهود يهوه انفسهم بسرور ليتأكدوا ان الناس في هذه البلدان ينالون قدر ما يمكن من العون ليتعلَّموا عن قصد يهوه الحبي.‏ وهم مصمِّمون على الاستمرار في الخدمة بلا تراخٍ الى ان يقول يهوه بواسطة يسوع المسيح ان العمل قد أُنجز!‏

      في السنة ١٩٩٢ كان شهود يهوه مشغولين بالكرازة في ٢٢٩ بلدا.‏ وبحلول تلك السنة كانت بشارة ملكوت اللّٰه قد وصلت بطرائق مختلفة الى ٢٣٥ بلدا.‏ عشرة منها جرى الوصول اليها اولا بعد السنة ١٩٧٥.‏

      والى ايّ حد كانت الشهادة المقدَّمة كثيفة؟‏ خلال السنوات الـ‍ ٣٠ الاولى بعد الحرب العالمية الثانية،‏ خصَّص شهود يهوه ٩٣٩‏,٢٦٥‏,٦٣٥‏,٤ ساعة للكرازة والتعليم عن اسم يهوه وملكوته.‏ ولكن،‏ اذ ازداد الشهود وصار قسم اكبر منهم في الخدمة كامل الوقت،‏ خُصِّصت خلال السنوات الـ‍ ١٥ التالية (‏مجرد نصف ذلك العدد من السنين)‏ ٩٤٠‏,٦٧٧‏,٨٥٨‏,٧ ساعة للشهادة علنا ومن بيت الى بيت بالاضافة الى ادارة دروس بيتية في الكتاب المقدس.‏ واستمرت كثافة العمل في الازدياد،‏ اذ قدَّموا تقريرا بـ‍ ٠٢١‏,٨٧٠‏,٩٥١ ساعة اخرى في هذا النشاط خلال ١٩٩٠ ⁄‏١٩٩١ وأكثر من بليون ساعة في السنة التالية.‏

      ان كمية مطبوعات الكتاب المقدس التي وزَّعها الشهود لاعلان الملكوت،‏ الى جانب تنوُّع اللغات التي صارت متوافرة بها،‏ لا تجد لها مثيلا في كل حقول العمل البشرية.‏ والسجلات غير تامة؛‏ إلا ان التقارير التي لا تزال متوافرة تُظهر انه بـ‍ ٢٩٤ لغة،‏ وُضع ٢٦٩‏,٥٦٥‏,١٠٧‏,١٠ كتابا،‏ كراسا،‏ كراسة،‏ ومجلة،‏ بالاضافة الى بلايين النشرات غير المعدودة،‏ بين ايدي الناس المهتمين بين السنتين ١٩٢٠ و ١٩٩٢.‏

      وفي وقت هذه الكتابة لم تكن الشهادة العالمية قد انتهت بعدُ.‏ لكنَّ العمل الذي يُنجَز والظروف التي يُنجَز في ظلها تعطي الدليل المقنع على عمل روح اللّٰه.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٠٢]‏

      المحافل الكبيرة وسلوك المندوبين المسيحي جذبت الانتباه

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٠٥]‏

      ‏«في ما يتعلق بالترتيب،‏ السلام،‏ والنظافة،‏ فان المساهمين في المحفل هم امثلة للاقتداء»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٠٦]‏

      محافل تاريخية عُقدت في اماكن كان فيها الشهود تحت الحظر لعقود

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٠٨]‏

      آلاف الاطنان من مطبوعات الكتاب المقدس شُحنت الى بلدان اوروپا الشرقية

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٠٩]‏

      شيوخ اكفاء تطوعوا للانتقال الى بلدان توجد فيها حاجة خصوصية

      ‏[النبذة في الصفحة ٥١٦]‏

      رغبتهم هي ان يبلغوا اكبر عدد ممكن من الافراد في كل بيت

      ‏[النبذة في الصفحة ٥١٨]‏

      النمو المذهل وامكانية التوسع الاضافي

      ‏[الرسوم البيانية/‏الصور في الصفحة ٥١٢]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      زيادة المنادين بالملكوت في المشرق

      الهند

      ٠٠٠‏,١٠

      ٠٠٠‏,٥

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      جمهورية كوريا

      ٠٠٠‏,٦٠

      ٠٠٠‏,٣٠

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      اليابان

      ٠٠٠‏,١٥٠

      ٠٠٠‏,١٠٠

      ٠٠٠‏,٥٠

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٠٣]‏

      ملعب مورومبي،‏ في سان پاولو،‏ البرازيل (‏الظاهر ادناه)‏،‏ وملعب ماراكانا،‏ في ريو دي جانيرو،‏ كانا لازمين في آنٍ واحد في السنة ١٩٨٥ لاستيعاب الجموع من اجل محفل لشهود يهوه

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٠٤]‏

      بعض المرشحين للمعمودية في كوجُوف،‏ پولندا،‏ في السنة ١٩٨٩

      ‏[الصور في الصفحة ٥٠٧]‏

      بعض المحافل التاريخية في السنة ١٩٩١

      پراڠ،‏ تشيكوسلوڤاكيا

      تالين،‏ استونيا (‏اليمين)‏

      زَغْرِب،‏ كرواتيا (‏اليمين)‏

      بوداپست،‏ هنڠاريا (‏فوق)‏

      بايا-‏ماري،‏ رومانيا (‏اليمين)‏

      أُوسُلْي-‏سيبِرْسكُي،‏ روسيا (‏تحت)‏

      ألْما-‏أتا،‏ قازاخستان (‏فوق)‏

      كِييَڤ،‏ أوكرانيا (‏اليسار)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٥١١]‏

      المحفل الاممي لشهود يهوه في سانت پيترسبرڠ،‏ روسيا،‏ في السنة ١٩٩٢

      روح اممية حارَّة

      من روسيا

      من مولدوڤا

      من أوكرانيا

      كثيرون من الاحداث كانوا حاضرين

      م.‏ ج.‏ هنشل (‏اليسار)‏ يناقش البرنامج مع ستيفان كوجيمبا (‏الوسط)‏،‏ بمساعدة ترجمان

      المندوبون الاجانب جلبوا كتبا مقدسة بالروسية ليستعملها الشهود في كل انحاء روسيا

      ‏[الصور في الصفحة ٥١٣]‏

      في ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ اعلنت الكنيسة الكاثوليكية الحرب على الشهود،‏ وفقا لقصاصات الصحف الايطالية هذه

      ‏[الصورة في الصفحة ٥١٤]‏

      عندما ترسو السفن في روتردام،‏ النَّذَرلند،‏ يكون الشهود هناك ليتحدثوا الى الناس عن ملكوت اللّٰه

      ‏[الصورة في الصفحة ٥١٥]‏

      حتى في المقاطعة التي تُغطَّى تكرارا،‏ كما هي الحال هنا في ڠوادلوپ،‏ يستمر الشهود في محاولة بلوغ قلوب جيرانهم بالبشارة

  • المرسلون يواصلون التوسع العالمي
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٣

      المرسلون يواصلون التوسع العالمي

      ان النشاط الغيور للمرسلين الراغبين في الخدمة حيثما تكون هنالك حاجة اليهم هو عامل مهم في المناداة العالمية بملكوت اللّٰه.‏

      قبل ان تؤسس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس مدرسة لهذا القصد بوقت طويل،‏ كان المرسلون يُرسَلون الى بلدان اخرى.‏ فرئيس الجمعية الاول،‏ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ ادرك الحاجة الى اشخاص مؤهلين لبدء الكرازة بالبشارة في حقول اجنبية وأخذ القيادة فيها.‏ فأرسل رجالا من اجل هذا القصد —‏ ادولف وايبر الى اوروپا،‏ إ.‏ ج.‏ كاوارد الى منطقة البحر الكاريبي،‏ روبرت هوليستر الى المشرق،‏ وجوزيف بوث الى افريقيا الجنوبية.‏ ومن المؤسف ان يصير بوث اكثر اهتماما بخططه الخاصة؛‏ ولذلك،‏ في السنة ١٩١٠،‏ أُرسل وليم جونستون من أسكتلندا الى نياسالَنْد (‏الآن ملاوي)‏،‏ حيث جرى الشعور خصوصا بتأثير بوث المضاد.‏ وبعد ذلك،‏ عُيِّن الاخ جونستون ليؤسس مكتب فرع لجمعية برج المراقبة في دوربان،‏ جنوب افريقيا،‏ وخدم لاحقا كناظر فرع في اوستراليا.‏

      بعد الحرب العالمية الاولى،‏ ارسل ج.‏ ف.‏ رذرفورد المزيد من المرسلين ايضا —‏ مثلا،‏ توماس والدر وجورج فيليپس من بريطانيا الى جنوب افريقيا،‏ و.‏ ر.‏ براون من تعيين في ترينيداد الى افريقيا الغربية،‏ جورج يونڠ من كندا الى اميركا الجنوبية والى اوروپا،‏ خوان مونييز اولا الى اسپانيا ثم الى الارجنتين،‏ جورج رايت وأدوين سكينر الى الهند،‏ تبعهما كلود ڠودمان،‏ رون تيپِن،‏ والمزيد.‏ لقد كانوا فاتحين حقيقيين،‏ بالغين المناطق التي أُنجز فيها القليل او لا شيء من الكرازة بالبشارة وواضعين الاساس المتين للنمو التنظيمي المقبل.‏

      وكان هنالك آخرون ايضا ممَّن دفعتهم الروح الارسالية الى مباشرة الكرازة خارج بلدهم.‏ وبينهم كايت ڠُوَس وابنتها ماريون،‏ اللتان خصَّصتا سنوات للخدمة الغيورة في كولومبيا وڤنزويلا.‏ وآخر هو جوزيف دوس سانتوس،‏ الذي غادر هاوايي في رحلة كرازية ادَّت الى ١٥ سنة من الخدمة في الفيليپين.‏ وكان هنالك ايضا فرانك رايس،‏ الذي سافر بسفينة شحن من اوستراليا ليفتتح الكرازة بالبشارة في جزيرة جاوا (‏الآن إندونيسيا)‏.‏

      ولكن في السنة ١٩٤٢،‏ وُضعت الخطط لمدرسة ذات مقرَّر مصمَّم خصوصا لتدريب الرجال والنساء على السواء الراغبين في مباشرة خدمة ارسالية كهذه حيثما تكون هنالك حاجة اليهم في الحقل العالمي.‏

      مدرسة جلعاد

      في وسط الحرب العالمية،‏ ربما بدا التخطيط لتوسيع نشاطات الكرازة بالملكوت في حقول اجنبية غير عملي من وجهة نظر بشرية.‏ ولكن،‏ في ايلول ١٩٤٢،‏ بالاتكال على يهوه،‏ وافق مديرو اثنتين من المؤسسات الشرعية الرئيسية التي يستخدمها شهود يهوه على اقتراح ن.‏ ه‍ .‏ نور تأسيس مدرسة مصمَّمة لتدريب المرسلين وغيرهم على الخدمة المتخصصة.‏ وكانت ستُدعى كلية جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ وتغيَّر هذا الاسم لاحقا الى مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس.‏ ولم يكن ليُفرَض دفع ايّ رسم تعليمي،‏ والتلاميذ كان سيجري ايواؤهم وإطعامهم على حساب الجمعية طوال فترة تدريبهم.‏

      بين الذين كانوا مدعوين الى المساعدة في تحديد الاوجه الرئيسية لمقرَّر الدرس ألبرت د.‏ شرودر،‏ الذي سبق واكتسب كثيرا من الخبرة في دائرة الخدمة في المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين وكناظر فرع الجمعية في بريطانيا.‏ ونظرته الايجابية،‏ الطريقة التي اعطى بها من نفسه،‏ واهتمامه الحار بالتلاميذ جعلته محبوبا الى الذين علَّمهم خلال الـ‍ ١٧ سنة التي خدم فيها امينا للسجل وأستاذا في المدرسة.‏ وفي السنة ١٩٧٤ صار عضوا في الهيئة الحاكمة،‏ وفي السنة التالية عُيِّن ليخدم في لجنة تعليمها.‏

      الاخ شرودر ورفقاؤه الاساتذة (‏ماكسويل فْرِنْد،‏ ادوَرْدو كيلر،‏ وڤيكتور بلاكوِل)‏ حدَّدوا الاوجه الرئيسية لمقرَّر دراسي لخمسة اشهر يشدِّد على درس الكتاب المقدس نفسه والتنظيم الثيوقراطي،‏ وأيضا على عقائد الكتاب المقدس،‏ الخطابة العامة،‏ خدمة الحقل،‏ الخدمة الارسالية،‏ التاريخ الديني،‏ الشريعة الالهية،‏ كيفية التعامل مع الرسميين الحكوميين،‏ القانون الدولي،‏ حفظ السجلات،‏ ولغة اجنبية.‏ وأُدخلت على مر السنين تعديلات على المقرَّر التعليمي،‏ ولكنَّ درس الكتاب المقدس نفسه وأهمية العمل التبشيري أُبقيا دائما في المرتبة الاولى.‏ والهدف من المقرَّر هو تقوية ايمان التلاميذ ومساعدتهم على تطوير الصفات الروحية اللازمة لمواجهة تحديات الخدمة الارسالية بنجاح.‏ وجرى التشديد على اهمية الاتكال التام على يهوه والولاء له.‏ (‏مزمور ١٤٦:‏​١-‏٦؛‏ امثال ٣:‏​٥،‏ ٦؛‏ افسس ٤:‏٢٤‏)‏ ولا يُعطى التلاميذ اجوبة دقيقة عن كل شيء بل يُدرَّبون على البحث وتجري مساعدتهم على التقدير لماذا يؤمن شهود يهوه بما يؤمنون ولماذا يلتصقون بطرائق معيَّنة لفعل الامور.‏ ويتعلَّمون ان يفهموا المبادئ التي يمكنهم بها ان ينجحوا.‏ وهكذا يوضع الاساس لنمو اضافي.‏

      في ١٤ كانون الاول ١٩٤٢ أُرسلت الدعوات الى التلاميذ المتوقَّعين للصف الاول.‏ وكان الشتاء في منتصفه عندما دخل الـ‍ ١٠٠ تلميذ الذين يؤلفون هذا الصف في تسهيلات المدرسة الواقعة في الجزء الشمالي من نيويورك،‏ في ساوث لانسينڠ.‏ كانوا طوعيين،‏ تواقين،‏ والى حد ما قلقين.‏ وعلى الرغم من ان دروس الصف كانت موضع الاهتمام المباشر،‏ لم يكن في وسعهم إلا ان يتساءلوا عن المكان في الحقل العالمي الذي سيُرسَلون اليه بعد التخرج.‏

      في محاضرة امام الصف الاول هذا في ١ شباط ١٩٤٣،‏ اليوم الافتتاحي للمدرسة،‏ قال الاخ نور:‏ «انتم تُمنَحون إعدادا اضافيا للعمل يشبه ذاك الذي للرسول بولس،‏ مرقس،‏ تيموثاوس،‏ وغيرهم ممَّن سافروا الى كل انحاء الامبراطورية الرومانية منادين برسالة الملكوت.‏ فكان يجب ان يتقوَّوا بكلمة اللّٰه.‏ وكان يجب ان يحصلوا على معرفة واضحة لمقاصده.‏ وفي اماكن كثيرة كان عليهم ان يقفوا وحدهم ضد ذوي المراتب العالية والاقوياء في هذا العالم.‏ وربما يكون نصيبكم مماثلا؛‏ واللّٰه سيكون قوتكم ايضا.‏

      ‏«هنالك اماكن كثيرة لم تقدَّم فيها الشهادة عن الملكوت الى حد كبير.‏ والناس الساكنون في هذه الاماكن هم في ظلمة،‏ اذ يبقيهم الدين هناك.‏ ويُلاحَظ انه في بعض هذه البلدان حيث يوجد شهود قليلون يسمع اناس حسن النية بسرعة ويعاشرون هيئة الرب اذا أُرشدوا بلياقة.‏ فهنالك دون شك مئات وآلاف بعدُ يمكن بلوغهم اذا كان هنالك المزيد من الفعلة في الحقل.‏ وبنعمة الرب،‏ سيكون هنالك المزيد.‏

      ‏«‏ليس القصد من هذه الكلية ان تؤهلكم لتُرسَموا خداما.‏ فأنتم خدام من قبل وكنتم نشاطى في الخدمة طوال سنوات.‏ .‏ .‏ .‏ ان مقرَّر الدرس في الكلية هو بهدف وحيد وهو إعدادكم لتكونوا خداما مقتدرين اكثر في المقاطعات التي تذهبون اليها.‏ .‏ .‏ .‏

      ‏«ان عملكم الرئيسي هو الكرازة بانجيل الملكوت من بيت الى بيت كما فعل يسوع والرسل.‏ فعندما تجدون اذنا صاغية،‏ رتِّبوا لزيارة مكررة،‏ ابدأوا درسا بيتيا،‏ ونظِّموا فرقة [جماعة] من كل هؤلاء في المدينة او البلدة.‏ ولن تتمتعوا فقط بتنظيم فرقة،‏ بل يجب ان تساعدوهم على فهم الكلمة،‏ تقووهم،‏ تتكلموا اليهم من وقت الى آخر،‏ تُعِينوهم في اجتماعات خدمتهم وفي تنظيمهم.‏ وعندما يصيرون اقوياء ويستطيعون ان يستمروا وحدهم ويتولَّوا امر المقاطعة،‏ يمكنكم ان ترحلوا الى مدينة اخرى لتنادوا بالملكوت.‏ ومن حين الى حين ربما يكون ضروريا ان تعودوا وتبنوهم في الايمان الاقدس وتقوِّموهم في العقيدة؛‏ فيكون عملكم عمل رعاية ‹خراف الرب الاخر›،‏ وليس التخلي عنها.‏ (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏ فعملكم الحقيقي هو ان تساعدوا اناس حسن النية.‏ ويجب ان تأخذوا المبادرة،‏ ولكن متطلعين الى توجيه اللّٰه.‏»‏a

      بعد خمسة اشهر اكمل اعضاء الصف الاول هذا تدريبهم المتخصص.‏ وجرى الحصول على التأشيرات،‏ صُنعت ترتيبات السفر،‏ وبدأوا بالانتقال الى تسعة بلدان في اميركا اللاتينية.‏ وبعد تخرجهم بثلاثة اشهر،‏ كان المرسلون الاولون المدرَّبون في جلعاد،‏ الذين غادروا الولايات المتحدة،‏ في طريقهم الى كوبا.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان اكثر من ٥٠٠‏,٦ تلميذ من اكثر من ١١٠ بلدان قد تدرَّبوا وخدموا بعد ذلك في اكثر من ٢٠٠ بلد ومجموعة جزر.‏

      حتى وقت موته بعد ٣٤ سنة من تدشين مدرسة جلعاد،‏ اعرب الاخ نور عن اهتمام شخصي شديد بعمل المرسلين.‏ ففي كل فترة دراسية كان يقوم بزيارة الصف الجاري عددا من المرات ان امكن،‏ ملقيا المحاضرات وآخذا معه اعضاء آخرين من هيئة المستخدمين في المركز الرئيسي للتحدث الى التلاميذ.‏ وبعد ان بدأ خريجو جلعاد خدمتهم خارج البلاد،‏ قام شخصيا بزيارة الفرق الارسالية،‏ ساعدهم على حل المشاكل،‏ ومنحهم التشجيع اللازم.‏ واذ تكاثر عدد الفرق الارسالية،‏ رتب ان يقوم اخوة مؤهلون جيدا آخرون بزيارات كهذه ايضا،‏ بحيث ينال جميع المرسلين،‏ بصرف النظر عن مكان خدمتهم،‏ الانتباه الشخصي القانوني.‏

      هؤلاء المرسلون كانوا مختلفين

      يؤسس مرسلو العالم المسيحي مستشفيات،‏ مراكز للاجئين،‏ ومياتم للاعتناء بحاجات الناس المادية.‏ واذ يلعبون دور ابطال الشعب الفقير،‏ يحرِّكون ايضا الثورات ويساهمون في حرب العصابات.‏ وبالتباين مع ذلك فان المتخرجين الارساليين من مدرسة جلعاد يعلِّمون الناس الكتاب المقدس.‏ وبدلا من تشييد الكنائس والتوقع من الناس ان يأتوا اليها،‏ يذهبون من بيت الى بيت ليجدوا ويعلِّموا الجياع والعطاش للبر.‏

      واذ يلتصقون بدقة بكلمة اللّٰه،‏ يظهر المرسلون الشهود للناس لماذا ملكوت اللّٰه هو الحل الحقيقي والدائم لمشاكل الجنس البشري.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ والتباين بين هذا العمل وعمل مرسلي العالم المسيحي تأكد منه پيتر ڤوندِرهاكِن في السنة ١٩٥١ عندما كان في الطريق الى تعيينه في إندونيسيا.‏ فالراكب الآخر الوحيد على متن سفينة الشحن كان مرسلا معمدانيا.‏ ومع ان الاخ ڤوندِرهاكِن حاول ان يتحدث اليه عن بشارة ملكوت اللّٰه،‏ اوضح المعمداني ان اهتمامه الغالب هو دعم جهود تشانڠ كاي شيك في تايوان للرجوع الى السلطة في البر الرئيسي.‏

      غير ان اناسا آخرين كثيرين صاروا يقدِّرون قيمة ما هو مذكور في كلمة اللّٰه.‏ ففي بارّانكييا،‏ كولومبيا،‏ عندما شهد أُولاف أُولسُن لأنطونيو كارڤَهلينو،‏ الذي كان مؤيدا قويا لحركة سياسية معيَّنة،‏ لم ينحز الاخ أُولسُن اليه،‏ ولم يدافع عن ايديولوجية سياسية اخرى.‏ ولكنه عرض درسا مجانيا في الكتاب المقدس على أنطونيو وأخواته.‏ وسرعان ما ادرك أنطونيو ان ملكوت اللّٰه هو حقا الرجاء الوحيد لشعب كولومبيا الفقير وباقي العالم.‏ (‏مزمور ٧٢:‏​١-‏٤،‏ ١٢-‏١٤؛‏ دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ فصار أنطونيو وأخواته خداما غيورين للّٰه.‏

      وواقع ان المرسلين الشهود منفصلون ومتميزون عن النظام الديني للعالم المسيحي برز بطريقة اخرى في حادثة في روديسيا (‏الآن زمبابوي)‏.‏ فعندما قام دونالد موريسون بزيارة بيت احد مرسلي العالم المسيحي هناك،‏ تذمَّر المرسل ان الشهود لا يحترمون الحدود المرسومة.‏ اية حدود؟‏ كانت اديان العالم المسيحي قد قسَّمت البلد الى مناطق يعمل فيها كل دين دون تدخل من الآخر.‏ فلم يكن ممكنا ان يجاري شهود يهوه ترتيبا كهذا.‏ فقد قال يسوع انه سيُكرز برسالة الملكوت في كل المسكونة.‏ والعالم المسيحي لم يكن يفعل ذلك بالتأكيد.‏ والمرسلون المدرَّبون في جلعاد مصمِّمون على انجاز العمل كاملا،‏ اطاعة للمسيح.‏

      لقد أُرسل هؤلاء المرسلون،‏ لا ليُخدَموا،‏ بل ليَخدموا.‏ وكان واضحا بطرائق عديدة ان ذلك هو حقا ما يسعَون اليه.‏ وليس خاطئا ان يقبلوا التدابير المادية التي تقدَّم بسخاء (‏وليس نتيجة استعطاء)‏ تقديرا للمساعدة الروحية.‏ ولكن لبلوغ قلوب الناس في ألاسكا،‏ وجد جون أريكيتي وهِرمُن وُودَرْد انه من المفيد ان يصرفا بعض الوقت على الاقل في العمل بأيديهما لتزويد حاجاتهما الجسدية،‏ كما فعل الرسول بولس.‏ (‏١ كورنثوس ٩:‏​١١،‏ ١٢؛‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏​٧،‏ ٨‏)‏ فعملهما الرئيسي كان الكرازة بالبشارة.‏ ولكن عندما تجري اضافتهما،‏ كانا يساعدان ايضا في الاعمال التي يلزم انجازها —‏ مثلا،‏ طلي سطح بيت رجل بالقار لأنهما ادركا انه يحتاج الى المساعدة.‏ وعندما كانا يسافران من مكان الى مكان بالقارب،‏ كانا يساعدان في تفريغ الحمولة.‏ وسرعان ما ادرك الناس ان هذين المرسلين لم يكونا على الاطلاق كرجال دين العالم المسيحي.‏

      في بعض الاماكن كان من الضروري ان يتخذ المرسلون الشهود عملا دنيويا لبعض الوقت فقط لكي يستقروا في البلد بحيث يتمكنون من مواصلة خدمتهم هناك.‏ وهكذا،‏ عندما ذهب جِسّي كانتوِل الى كولومبيا،‏ علَّم الانكليزية في قسم الجامعة الطبي الى ان تغيَّر الوضع السياسي وانتهت القيود الدينية.‏ وبعد ذلك تمكن من استعمال خبرته كامل الوقت في الخدمة كناظر جائل لشهود يهوه.‏

      وفي اماكن كثيرة،‏ كان على المرسلين ان يبدأوا بتأشيرات سياحية تسمح لهم بدخول البلد لشهر واحد او ربما عدة شهور.‏ ثم كان عليهم ان يغادروا ويدخلوا ثانية.‏ لكنهم كانوا يثابرون،‏ مكررين العملية مرة بعد اخرى الى ان يحصلوا على اوراق الاقامة اللازمة.‏ فقد كانوا عازمين على مساعدة الناس في البلدان التي يُعيَّنون فيها.‏

      لم يعتبر هؤلاء المرسلون انفسهم اسمى من الناس المحليين.‏ فكناظر جائل،‏ كان جون كَتْفورث،‏ الذي هو في الاصل استاذ مدرسة في كندا،‏ يزور الجماعات والشهود المنعزلين في پاپوا غينيا الجديدة.‏ وكان يجلس على الارض معهم،‏ يأكل معهم،‏ ويقبل الدعوات الى النوم على حصيرة على الارض في بيوتهم.‏ وتمتع برفقتهم فيما كانوا يمشون معا في خدمة الحقل.‏ ولكنَّ ذلك كان مدهشا لغير الشهود الذين يلاحظون،‏ لأن للرعاة الاوروپيين في ارساليات العالم المسيحي سمعة تحاشي الناس المحليين،‏ مخالطين اعضاء ابرشياتهم فقط لوقت قصير في بعض اجتماعاتهم،‏ ولكن دون ان يأكلوا معهم ابدا.‏

      احس الناس الذين خدم بينهم هؤلاء الشهود بالاهتمام الحبي للمرسلين والهيئة التي ارسلتهم.‏ وتجاوبًا مع رسالة من جْوَاوْن مَنْكوكا،‏ افريقي متواضع محبوس في مستعمرة يُنفى اليها المجرمون في افريقيا الغربية الپرتغالية (‏الآن آنڠولا)‏،‏ أُرسل مرسل لبرج المراقبة لتزويد العون الروحي.‏ واذ تذكَّر تلك الزيارة،‏ قال مَنْكوكا لاحقا:‏ «لم يبقَ لديَّ ايّ شك في ان هذه هي الهيئة الحقيقية التي تحظى بتأييد اللّٰه.‏ لم اعتقد قط ان اية هيئة دينية اخرى تفعل شيئا كهذا:‏ دون مقابل،‏ ترسل مرسلا من بعيد ليزور شخصا عديم الاهمية لمجرد انه كتب رسالة.‏»‏

      احوال وعادات العيش

      في كثير من الاحيان لم تكن احوال العيش في البلدان التي أُرسل اليها المرسلون متقدِّمة ماديا كتلك التي في الاماكن التي اتوا منها.‏ فعندما حطّ روبرت كيرك في بورما (‏الآن ميانمار)‏ في وقت باكر من السنة ١٩٤٧،‏ كانت آثار الحرب لا تزال بادية،‏ وبيوت قليلة كانت فيها انوار كهربائية.‏ وفي بلدان كثيرة وجد المرسلون ان الثياب تُغسل قطعة قطعة على لوح غسيل او على الصخور عند النهر بدلا من غسَّالة كهربائية.‏ ولكنهم اتوا ليعلِّموا الناس حق الكتاب المقدس،‏ ولذلك تكيَّفوا وفقا للاحوال المحلية وانشغلوا بالخدمة.‏

      وفي الايام الباكرة،‏ كانت الحالة غالبا انه لم يكن احد ينتظر ليرحِّب بالمرسلين.‏ فكان عليهم ان يجدوا هم انفسهم مكانا للسكن.‏ وعندما وصل تشارلز آيزنهاور و١١ آخرون الى كوبا في السنة ١٩٤٣،‏ قضوا الليلة الاولى نياما على الارض.‏ وفي اليوم التالي اشتروا اسرَّة وصنعوا خزائن وأدراجا من صناديق التفاح.‏ واذ استخدموا التبرعات التي يحصلون عليها من توزيع المطبوعات،‏ الى جانب المساعدة المتواضعة التي تزوِّدها جمعية برج المراقبة للفاتحين الخصوصيين،‏ التفت كل فريق من المرسلين الى يهوه كي يبارك جهوده لدفع الايجار،‏ الحصول على الطعام،‏ وتغطية النفقات الضرورية الاخرى.‏

      وإعداد الوجبات كان احيانا يتطلب تغييرا في التفكير.‏ فحيث لا يوجد تبريد،‏ تكون الرحلات اليومية الى السوق ضرورية.‏ وفي بلدان كثيرة كان الطهي يُنجَز على الفحم او نيران الحطب بدلا من الغاز او الموقد الكهربائي.‏ ووجد جورج وويلا ماي واتْكِنز،‏ اللذان عُيِّنا في لَيبيريا،‏ ان موقدهما لا يتألَّف إلا من ثلاثة حجارة تُستعمل لتسند وعاء حديديا.‏

      وماذا عن الماء؟‏ اذ كانت تنظر الى بيتها الجديد في الهند،‏ قالت روث ماكاي:‏ ‹انه بيت لم ارَ له مثيلا من قبل قط.‏ فالمطبخ ليس له حوض غسل،‏ وانما مجرد حنفية في زاوية الحائط وحافة مرتفعة من الاسمنت لمنع جريان الماء الى كامل الارضية.‏ ليس ان الماء يتدفق طوال ٢٤ ساعة،‏ ولكن يجب خزن الماء للاوقات التي ينقطع فيها.‏›‏

      لأنهم لم يكونوا معتادين الاحوال المحلية،‏ أُصيب بعض المرسلين بالمرض خلال الاشهر الباكرة من تعيينهم.‏ فقد أُصيب رصل يَيْتْس بنوبة ديسنطاريا مرة بعد اخرى عندما وصل الى كوراساو في السنة ١٩٤٦.‏ لكنَّ اخا محليا قدَّم صلاة شكر حارة ليهوه من اجل المرسلين كي لا يفكِّروا في الرحيل.‏ وعند الوصول الى ڤولتا العليا (‏الآن بركينا فازو)‏،‏ وجد بْرَيان وإلكا وايز انفسهما في مناخ قاسٍ يؤثر في صحة المرء.‏ فكان عليهما ان يتعلَّما مواجهة درجة حرارة النهار البالغة ١٠٩°ف (‏٤٣°م)‏.‏ فخلال سنتهما الاولى،‏ جعلت الحرارة الشديدة الى جانب الملاريا إلكا مريضة طوال اسابيع كلَّ مرة.‏ وفي السنة التالية،‏ لازم بْرَيان الفراش طوال خمسة اشهر اذ أُصيب بحالة قوية من التهاب الكبد.‏ ولكنهما سرعان ما وجدا ان لديهما دروسا جيدة في الكتاب المقدس اكثر مما يمكنهما الاهتمام به.‏ والمحبة لهؤلاء الناس ساعدتهما على المثابرة؛‏ وكذلك ايضا واقع اعتبارهما تعيينهما امتيازا وتدريبا جيدا على ما يخبئه يهوه لهما في المستقبل.‏

      اذ مرت السنون،‏ جرى الترحيب بالمزيد من المرسلين في تعييناتهم من قبل الذين سبقوهم او من قبل الشهود المحليين.‏ وعُيِّن البعض في البلدان حيث المدن الرئيسية حديثة تماما.‏ وابتداء من السنة ١٩٤٦ حاولت جمعية برج المراقبة ايضا ان تزوِّد بيتا مناسبا وأثاثا اساسيا لكل فريق من المرسلين بالاضافة الى مال للطعام،‏ وهكذا حرَّرتهم من هذا الهمّ ومكَّنتهم من توجيه المزيد من انتباههم الى عمل الكرازة.‏

      في عدد من الاماكن كان التنقل اختبارا يمتحن احتمالهم.‏ فبعد ان تُمطر،‏ كانت اكثر من اخت مرسلة في پاپوا غينيا الجديدة تجد نفسها تحمل مؤنا في كيس على الظهر وهي تسير عبر الغابة في ممرّ زلِق وَحِل جدا حتى ان الوحل ينزع حذاءها احيانا.‏ وفي اميركا الجنوبية اختبر عدد غير قليل من المرسلين رحلات بالباص توقف شعر الرأس في طرقات ضيقة مرتفعة في جبال الأنديز.‏ وهو اختبار لا يُنسى سريعا ان يمرّ باصكم،‏ وهو في جهة الوادي،‏ بسيارة كبيرة اخرى مقبلة في الاتجاه المعاكس عند منعطف بلا حاجز فتشعرون بأن الباص ابتدأ يقع من فوق الحافة!‏

      بدت الثورات السياسية جزءا عاديا من الحياة في بعض الاماكن،‏ إلا ان المرسلين الشهود كانوا يذكرون قول يسوع ان تلاميذه ‹ليسوا جزءا من العالم›؛‏ ولذلك كانوا حياديين ازاء نزاعات كهذه.‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ لقد تعلَّموا ان يقمعوا ايّ فضول يعرِّضهم لخطر لا داعي اليه.‏ وغالبا ما كان الامر الافضل البقاء بعيدين عن الشوارع الى ان يهدأ الوضع.‏ وكان هنالك تسعة مرسلين في ڤيتنام يسكنون في وسط سايڠون (‏الآن مدينة هو تشي مِنْهْ)‏ عندما احاطت الحرب بتلك المدينة.‏ فكان يمكنهم ان يروا القنابل تتساقط،‏ النيران في كل مكان من المدينة،‏ وآلاف الناس يهربون حفاظا على حياتهم.‏ ولكنهم اذ قدَّروا ان يهوه ارسلهم لايصال المعرفة المانحة الحياة الى الناس الجياع للحق،‏ تطلعوا اليه من اجل الحماية.‏

      وحتى عندما كان هنالك سلام نسبي،‏ كان من الصعب على المرسلين ان يواصلوا خدمتهم في بعض انحاء المدن الآسيوية.‏ فكان مجرد مظهر الاجنبي في الشوارع الضيقة لناحية فقيرة في لاهور،‏ پاكستان،‏ كافيا لجذب جمع من الاولاد غير المغتسلين وغير المهذبين من كل الاعمار.‏ واذ يصرخون ويدفعون احدهم الآخر،‏ يتبعون المرسل من بيت الى بيت،‏ مقحمين انفسهم غالبا في البيوت بعد الناشر.‏ وسرعان ما يجري اخبار الشارع بكامله بسعر المجلات وأن الغريب ‹يصنع مسيحيين.‏› وفي ظروف كهذه،‏ كان من الضروري عادةً ترك المنطقة.‏ وغالبا ما كان الرحيل مصحوبا بالصياح،‏ التصفيق،‏ وأحيانا بوابل من الحجارة.‏

      كانت العادات المحلية تتطلب غالبا بعض التعديلات من جهة المرسلين.‏ ففي اليابان تعلَّموا ان يتركوا احذيتهم في الرواق عند دخول البيت.‏ وكان عليهم ان يعتادوا ان امكن الجلوس على الارض امام طاولة منخفضة في دروس الكتاب المقدس.‏ وفي بعض انحاء افريقيا،‏ تعلَّموا ان استعمال اليد اليسرى لعرض شيء على شخص آخر يُعتبر اهانة.‏ ووجدوا انه في تلك الناحية من العالم،‏ كانت آدابا سيئة محاولة توضيح سبب زيارتهم قبل الانهماك في شيء من الدردشة —‏ مستفسرين بشكل متبادل عن الصحة ومجيبين عن اسئلة تتعلق بالمكان الذي اتى منه المرء،‏ عدد الاولاد الذين لديه،‏ وهلم جرا.‏ وفي البرازيل وجد المرسلون انه بدلا من طرق الابواب،‏ يلزمهم عادةً ان يصفقوا عند البوابة الامامية لاستدعاء صاحب البيت.‏

      أما في لبنان،‏ فقد واجه المرسلون عادات من نوع آخر.‏ فكان اخوة قليلون يجلبون زوجاتهم وبناتهم الى الاجتماعات.‏ والنساء اللواتي حضرن كن يجلسن دائما في الخلف،‏ وليس مطلقا بين الرجال.‏ والمرسلون،‏ اذ لم يعرفوا العادة،‏ سبَّبوا ازعاجا ليس بقليل في اجتماعهم الاول.‏ فقد جلس زوجان في المقدمة،‏ والمرسلات العوازب جلسن حيثما وجدن مقعدا فارغا.‏ ولكن بعد الاجتماع ساعدت مناقشة للمبادئ المسيحية على تصفية الجو.‏ (‏قارنوا تثنية ٣١:‏١٢؛‏ غلاطية ٣:‏٢٨‏.‏)‏ فتوقف العزل.‏ وحضر المزيد من الزوجات والبنات الاجتماعات.‏ وانضممن ايضا الى الاخوات المرسلات في الخدمة من بيت الى بيت.‏

      تحدي لغة جديدة

      ان الفريق الصغير من المرسلين الذين وصلوا الى مارتينيك في السنة ١٩٤٩ كانوا يعرفون القليل جدا من الفرنسية،‏ ولكنهم كانوا يعلمون ان الناس يحتاجون الى رسالة الملكوت.‏ وبايمان حقيقي شرعوا في العمل من باب الى باب،‏ محاولين قراءة أعداد قليلة من الكتاب المقدس او مقتطفات من مطبوعة يعرضونها.‏ وبالصبر تحسنت لغتهم الفرنسية تدريجيا.‏

      ومع ان رغبتهم هي مساعدة الشهود المحليين وأشخاص مهتمين آخرين،‏ غالبا ما كان المرسلون انفسهم يحتاجون الى المساعدة اولا —‏ في ما يتعلق باللغة.‏ فالذين أُرسلوا الى توڠو وجدوا ان قواعد الايوية،‏ اللغة المحلية الرئيسية،‏ مختلفة تماما عن تلك التي للّغات الاوروپية،‏ وأن طبقة الصوت ايضا التي تُذكَر بها الكلمة يمكن ان تغيِّر المعنى.‏ وهكذا فان الكلمة المؤلَّفة من حرفين to‏،‏ عند التلفظ بها بطبقة مرتفعة،‏ يمكن ان تعني أُذنا،‏ جبلا،‏ حَمًا،‏ او قبيلة؛‏ وبطبقة منخفضة،‏ تعني جاموسا.‏ والمرسلون الذين باشروا الخدمة في ڤيتنام واجهوا لغة تستخدم ستة اختلافات في النغمة في اية كلمة محدَّدة،‏ اذ تنقل كل نغمة معنى مختلفا.‏

      أدنا وُترْفول،‏ اذ عُيِّنت في پيرو،‏ لم تنسَ سريعا البيت الاول الذي حاولت فيه ان تشهد بالاسپانية.‏ فبسبب القلق،‏ تلعثمت في عرضها المحفوظ غيبا،‏ قدَّمت المطبوعات،‏ ورتَّبت لدرس في الكتاب المقدس مع سيدة مسنة.‏ ثم قالت المرأة بانكليزية سليمة:‏ «حسنا،‏ كل ذلك جيد جدا.‏ سأدرس معك وسنفعل كل ذلك بالاسپانية لمساعدتك على تعلُّم الاسپانية.‏» واذ صُدمت أدنا اجابت:‏ «انت تعرفين الانكليزية؟‏ وتركتني اقول كل ذلك باسپانيتي الضعيفة؟‏» فردَّت المرأة:‏ «كان ذلك جيدا لك.‏» لقد كان كذلك فعلا!‏ وكما قدَّرت أدنا سريعا،‏ فان التكلم بلغة هو جزء مهم حقا من تعلُّمها.‏

      في ايطاليا،‏ عندما حاول جورج فْرِيدْيانِللي ان يتكلم اللغة،‏ وجد ان ما كان يعتقد انه تعابير ايطالية (‏لكنه في الواقع كلمات انكليزية مكيَّفة لتنسجم مع الايطالية)‏ هو غير مفهوم.‏ وللتغلب على المشكلة،‏ قرَّر ان يكتب خطاباته للجماعات كاملا ويلقيها من مخطوطة.‏ لكنَّ كثيرين من حضوره كانوا ينامون.‏ ولذلك تخلص من المخطوطة،‏ تكلم ارتجاليا،‏ وطلب من الحضور ان يساعدوه عندما يتلعثم.‏ فأبقاهم ذلك متيقظين،‏ وساعده على التقدُّم.‏

      ولاعطاء المرسلين انطلاقة في ما يتعلق بلغتهم الجديدة،‏ تضمَّن مقرَّر جلعاد الدراسي للصفوف الباكرة لغات كالاسپانية،‏ الفرنسية،‏ الايطالية،‏ الپرتغالية،‏ اليابانية،‏ العربية،‏ والأوردية.‏ وعلى مر السنين،‏ جرى تعليم اكثر من ٣٠ لغة.‏ ولكن بما ان المتخرجين في صف معيَّن لم يذهبوا جميعا الى الاماكن التي يجري التكلم فيها باللغة نفسها،‏ استُبدلت صفوف اللغة هذه لاحقا بترتيبات لفترة مكثَّفة من درس اللغة تحت اشراف استاذ عند الوصول الى تعييناتهم.‏ وطوال الشهر الاول كان القادمون الجدد ينهمكون كليا في درس اللغة ١١ ساعة في اليوم؛‏ وفي الشهر التالي كان نصف وقتهم يُصرَف في درس اللغة في البيت،‏ والنصف الآخر يُخصَّص لاستعمال هذه المعرفة في خدمة الحقل.‏

      ولكن لوحظ ان الاستعمال الفعلي للُّغة في خدمة الحقل هو المفتاح الرئيسي للتقدُّم؛‏ فصُنع تعديل.‏ وخلال الاشهر الثلاثة الاولى من تعيينهم كان المرسلون الجدد الذين لا يعرفون اللغة المحلية يصرفون اربع ساعات في اليوم مع استاذ كفء،‏ ومن البداية،‏ بالشهادة للناس المحليين عن ملكوت اللّٰه،‏ كانوا يطبقون ما يتعلَّمونه.‏

      عملت مجموعات مرسلين كثيرة كفرق لتحسين فهمهم للُّغة.‏ فكانوا يناقشون عددا قليلا،‏ او ما يبلغ ٢٠،‏ من الكلمات الجديدة كل يوم على الفطور وبعد ذلك يحاولون استعمالها في خدمتهم للحقل.‏

      ان تعلُّم اللغة المحلية عامل مهم في كسبهم ثقة الناس.‏ ففي بعض الاماكن،‏ هنالك شيء من عدم الثقة بالاجانب.‏ هيو وكارول كورميكَن خدما كعازبين او كمتزوجين في خمسة بلدان افريقية.‏ وهما يعرفان تماما عدم الثقة الذي يوجد غالبا بين الافريقيين والاوروپيين.‏ ولكنهما يقولان:‏ «ان التكلم باللغة المحلية يبدِّد سريعا هذا الشعور.‏ وأيضا فان الآخرين الذين لا يميلون الى سماع البشارة من اهل بلدهم يصغون الينا بسرعة،‏ يأخذون المطبوعات،‏ ويدرسون،‏ لأننا قمنا بجهد للتكلم اليهم بلغتهم الخاصة.‏» ولكي يفعل ذلك،‏ تعلَّم الاخ كورميكَن خمس لغات،‏ ما عدا الانكليزية،‏ وتعلَّمت الاخت كورميكَن ست لغات.‏

      طبعا،‏ يمكن ان تنشأ المشاكل عند محاولة تعلُّم لغة جديدة.‏ ففي پورتو ريكو كان الاخ الذي يعرض ان يشغِّل رسالة مسجَّلة من الكتاب المقدس لاصحاب البيوت يقفل فونوڠرافه ويذهب الى الباب التالي عندما يجيب الشخص،‏ ‏«كومو نو!‏»‏ بالنسبة اليه،‏ بدت هذه العبارة مثل «لا،‏» ومر وقت قبل ان يعلم ان هذا التعبير يعني «لمَ لا!‏» ومن ناحية اخرى،‏ لم يكن المرسلون يفهمون احيانا عندما يقول صاحب البيت انه ليس مهتما،‏ ولذلك كانوا يداومون على الشهادة.‏ فاستفاد عدد قليل من اصحاب البيوت المتعاطفين نتيجة ذلك.‏

      ونشأت حالات طريفة ايضا.‏ فقد تعلَّم لسْلي فرانكس،‏ في سنڠافورة،‏ انه يجب ان ينتبه لئلا يتكلم عن جوزة الهند (‏كيلاپا‏)‏ عندما يعني الرأس (‏كيپالا‏)‏،‏ والعشب (‏رامپَت‏)‏ عندما يعني الشَّعر (‏رامبَت‏)‏.‏ وسأل مرسل في سامْوا،‏ بسبب سوء اللفظ،‏ احد السكان،‏ «كيف هي لحيتك؟‏» (‏لم تكن لديه لحية)‏،‏ في حين كان المقصود سؤالا مهذَّبا عن زوجة الرجل.‏ وفي إكوادور عندما انطلق سائق الباص فجأة،‏ فقدت زولا هوفمَن،‏ التي كانت تقف في الباص،‏ توازنها وسقطت في حضن رجل.‏ واذ شعرت بالارتباك،‏ حاولت ان تعتذر.‏ ولكن كانت الكلمات التي خرجت،‏ ‏«كون سو پِرْميسو»‏ (‏عن إذنك)‏.‏ وعندما اجاب الرجل بلطف،‏ «اهلا بك،‏ سيدتي،‏» انفجر الركاب الآخرون بالضحك.‏

      إلا ان النتائج الجيدة في الخدمة كانت وشيكة لأن المرسلين قاموا بمحاولات جدية.‏ تتذكر لويس داير،‏ التي وصلت الى اليابان سنة ١٩٥٠،‏ النصيحة التي اعطاها الاخ نور:‏ «افعلوا ما في وسعكم،‏ ولو ارتكبتم الاخطاء افعلوا شيئا!‏»‏ وقد فعلت ذلك،‏ كما فعل آخرون كثيرون.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٤٢ التالية،‏ رأى المرسلون الذين أُرسلوا الى اليابان عدد المنادين بالملكوت هناك يزداد من مجرد حفنة الى اكثر من ٠٠٠‏,١٧٠،‏ والنمو مستمر.‏ فيا لها من مكافأة سخية لأنهم،‏ بعدما تطلعوا الى يهوه من اجل التوجيه،‏ كانوا مستعدين للمحاولة!‏

      افتتاح حقول جديدة،‏ تطوير اخرى

      ان المرسلين المدرَّبين في جلعاد،‏ في عشرات البلدان ومجموعات الجزر،‏ هم الذين إما افتتحوا عمل الكرازة بالملكوت او اعطوه الزخم اللازم بعد مقدار محدود من الشهادة التي قام بها آخرون.‏ وكانوا على ما يبدو الاولين من شهود يهوه الذين يكرزون بالبشارة في الصومال،‏ السودان،‏ لاوُس،‏ ومجموعات جزر عديدة حول الكرة الارضية.‏

      وجرى القيام بشيء من الكرازة الابكر في اماكن مثل بوليڤيا،‏ جمهورية الدومينيكان،‏ إكوادور،‏ السلڤادور،‏ هُندوراس،‏ نيكاراڠْوا،‏ إثيوپيا،‏ ڠامبيا،‏ لَيبيريا،‏ كَمبوديا،‏ هونڠ كونڠ،‏ اليابان،‏ وڤيتنام.‏ ولكن لم يكن هنالك ايٌّ من شهود يهوه يقدِّم تقريرا عن نشاطه في هذه البلدان عندما وصل اول المتخرجين الارساليين في مدرسة جلعاد.‏ وحيثما امكن باشر المرسلون تغطية نظامية للبلد،‏ مركِّزين اولا على المدن الاكبر.‏ ولم يوزِّعوا فقط المطبوعات ويمضوا،‏ كما كان موزعو المطبوعات الجائلون يفعلون في الماضي.‏ وانما قاموا بصبر بزيارة الاشخاص المهتمين،‏ اداروا دروسا في الكتاب المقدس معهم،‏ ودرَّبوهم في خدمة الحقل.‏

      وكان لدى بلدان اخرى نحو عشرة منادين بالملكوت فقط (‏وفي حالات كثيرة اقل)‏ قبل وصول المتخرجين الارساليين في مدرسة جلعاد.‏ وكان بين هذه البلدان كولومبيا،‏ ڠواتيمالا،‏ هايتي،‏ پورتو ريكو،‏ ڤنزويلا،‏ بوروندي،‏ ساحل العاج،‏ كينيا،‏ موريشيوس،‏ السنڠال،‏ جنوب غرب افريقيا (‏الآن ناميبيا)‏،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ الصين،‏ وسنڠافورة،‏ الى جانب مجموعات جزر عديدة.‏ وقد رسم المرسلون مثالا غيورا في الخدمة،‏ ساعدوا الشهود المحليين على تحسين قدراتهم،‏ نظَّموا الجماعات،‏ وعاونوا الاخوة على التأهل لأخذ القيادة.‏ وفي حالات كثيرة افتتحوا ايضا عمل الكرازة في المناطق التي لم يجرِ بلوغها من قبل.‏

      بهذه المساعدة ابتدأ عدد الشهود يزداد.‏ وفي معظم هذه البلدان،‏ هنالك الآن آلاف من شهود يهوه النشاطى.‏ وفي بعضها،‏ هنالك عشرات الآلاف،‏ او حتى اكثر من مئة الف،‏ من مسبِّحي يهوه.‏

      بعض الناس كانوا تواقين الى الاصغاء

      وجد المرسلون في بعض المناطق اناسا كثيرين راغبين وتواقين الى التعلُّم.‏ فعندما وصل تِد ودورِس كلاين،‏ متخرجان في الصف الاول من جلعاد،‏ الى الجزر العذراء في السنة ١٩٤٧،‏ كان هنالك اناس كثيرون يريدون ان يدرسوا الكتاب المقدس حتى انهما غالبا ما كانا يُنهيان يوم خدمتهما عند منتصف الليل.‏ وبالنسبة الى المحاضرة العامة الاولى التي ألقاها الاخ كلاين في ماركت سكوير في شارلوت آمالي،‏ كان عدد الحضور الف شخص.‏

      أُرسل جوزيف ماكْڠْرا وسيريل تشارلز الى مقاطعة أميس في تايوان سنة ١٩٤٩.‏ فوجدا انفسهما يسكنان في بيوت ذات سقوف من القش وأرضيات ترابية.‏ ولكنهما كانا هناك لمساعدة الناس.‏ وبعض الناس من قبيلة أميس كانوا قد حصلوا على مطبوعات برج المراقبة،‏ سُرُّوا بما قرأوه،‏ وأخبروا الآخرين بالبشارة.‏ والآن كان المرسلان هناك لمساعدتهم على النمو روحيا.‏ فأُخبرا ان ٦٠٠ شخص مهتمون بالحق،‏ لكنَّ مجموعا من ٦٠٠‏,١ حضروا الاجتماعات التي عقداها فيما كانا يتنقلان من قرية الى قرية.‏ وهؤلاء الناس المتواضعون كانوا راغبين في التعلُّم،‏ ولكن كانت تنقصهم المعرفة الدقيقة لامور كثيرة.‏ فابتدأ الاخوان بصبر يعلِّمانهم،‏ متناولَين موضوعا واحدا كلَّ مرة،‏ مخصِّصَين غالبا ثماني ساعات او اكثر لمناقشة موضوع بطريقة السؤال والجواب في كل قرية.‏ وزُوِّد التدريب ايضا للـ‍ ١٤٠ الذين عبَّروا عن الرغبة في الاشتراك في الشهادة من بيت الى بيت.‏ فيا للاختبار المبهج الذي حصل عليه المرسلان!‏ ولكن لا يزال هنالك الكثير لفعله اذا كان سيحدث نمو روحي ثابت.‏

      بعد نحو ١٢ سنة،‏ عُيِّن هارڤي وكاثلين لوڠَن،‏ مرسلان مدرَّبان في جلعاد كانا يخدمان في اليابان،‏ لتزويد عون اضافي للاخوة في أميس.‏ فكان الاخ لوڠَن يصرف كثيرا من الوقت في مساعدتهم على فهم عقيدة ومبادئ الكتاب المقدس الاساسية والمسائل التنظيمية.‏ والاخت لوڠَن كانت تعمل مع الاخوات في أميس في خدمة الحقل كل يوم،‏ وبعد ذلك تحاول ان تدرس معهم حقائق الكتاب المقدس الاساسية.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ رتَّبت جمعية برج المراقبة ان يجتمع مندوبون من ٢٨ بلدا مع الشهود المحليين هناك في قرية شو فَنڠ في ما يتعلق بمحفل حول العالم.‏ كل ذلك بدأ بوضع اساس متين لنمو اضافي.‏

      في السنة ١٩٤٨،‏ وصل مرسلان،‏ هاري أرنوت وإيان فِرْڠَسُن،‏ الى روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏.‏ وكانت هنالك ٢٥٢ جماعة من الشهود الافريقيين المحليين في ذلك الحين،‏ ولكن الآن مُنح الانتباه ايضا للاوروپيين الذين انتقلوا الى هناك بسبب عمليات تعدين النحاس.‏ فكان التجاوب مثيرا.‏ ووُزِّع الكثير من المطبوعات؛‏ وتقدَّم بسرعة اولئك الذين أُديرت معهم دروس في الكتاب المقدس.‏ فشهدت تلك السنة زيادة ٦١ في المئة في عدد الشهود النشاطى في خدمة الحقل.‏

      في اماكن كثيرة لم يكن غير عادي ان تكون لدى المرسلين لوائح انتظار بالناس الذين يريدون دروسا في الكتاب المقدس.‏ وفي بعض الاحيان كان الاقرباء،‏ الجيران،‏ وأصدقاء آخرون يحضرون ايضا عندما تدار الدروس.‏ وحتى قبل ان يتمكن الناس من حيازة درسهم الشخصي في الكتاب المقدس،‏ كانوا يحضرون قانونيا الاجتماعات في قاعة الملكوت.‏

      ولكن،‏ في بلدان اخرى،‏ على الرغم من بذل المرسلين جهدا كبيرا كان الحصاد محدودا جدا.‏ فقديما في السنة ١٩٥٣ أُرسل مرسلو برج المراقبة الى پاكستان الشرقية (‏الآن بنڠلادِش)‏ حيث اغلبية السكان،‏ الذين يتجاوز عددهم الآن ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١١٥،‏ مسلمون وهندوس.‏ وبُذل جهد كبير لمساعدة الناس.‏ ومع ذلك،‏ بحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٤٢ عابدا ليهوه فقط في هذا البلد.‏ إلا ان كل مَن يتبنى العبادة الحقة،‏ في نظر المرسلين الذين يخدمون في مناطق كهذه،‏ هو ثمين بشكل خصوصي —‏ لأنهم نادرون جدا.‏

      المساعدة الحبية للشهود الرفقاء

      ان عمل المرسلين الاساسي هو التبشير،‏ الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ ولكن فيما كانوا ينهمكون شخصيا في هذا النشاط،‏ استطاعوا ايضا ان يزوِّدوا عونا كبيرا للشهود المحليين.‏ فالمرسلون دعوهم الى مرافقتهم في خدمة الحقل وأعطوهم اقتراحات تتعلق بكيفية التعامل مع الاحوال الصعبة.‏ وبملاحظة المرسلين،‏ كثيرا ما كان الشهود المحليون يتعلَّمون كيف ينجزون خدمتهم بطريقة اكثر تنظيما وكيف يكونون معلِّمين اكثر فعَّالية.‏ وبدورهم،‏ كان الشهود المحليون يساعدون المرسلين على التكيُّف وفقا للعادات المحلية.‏

      عند وصول جون كوك الى الپرتغال سنة ١٩٤٨،‏ اتَّخذ خطوات لجعل العمل من بيت الى بيت منظَّما.‏ ومع ان الشهود المحليين كانوا طوعيين،‏ احتاج كثيرون منهم الى التدريب.‏ قال لاحقا:‏ «لن انسى ابدا احدى المرات الاولى التي خرجتُ فيها في الخدمة مع الاخوات في ألمادا.‏ نعم،‏ ست منهن كن يذهبن معا الى البيت نفسه.‏ يمكنكم ان تتخيلوا فريقا من ست نساء يقفن حول الباب فيما تقدِّم احداهن الموعظة!‏ ولكنَّ الامور ابتدأت تتطور وتتقدَّم شيئا فشيئا.‏»‏

      ان مثال شجاعة المرسلين ساعد الشهود في جزر لِيوَرْد ان يكونوا جريئين،‏ غير مخوَّفين من المقاومين الذين حاولوا ان يعرقلوا العمل.‏ والايمان الذي اظهره مرسل ساعد الاخوة في اسپانيا على الابتداء بالخدمة من بيت الى بيت،‏ على الرغم من الحكم الدكتاتوري الفاشي الكاثوليكي الذي كانوا يعيشون في ظله في ذلك الوقت.‏ والمرسلون الذين كانوا يخدمون في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية رسموا مثالا في اللباقة —‏ غير متحدثين كثيرا عن فشل الدين القومي،‏ بعد ان انكر الامبراطور الياباني الوهيته،‏ بل مقدِّمين بالحري الدليل المقنع على الايمان بالخالق.‏

      لاحظ الشهود المحليون المرسلين وغالبا ما كانوا يتأثرون بعمق بطرائق ربما لم يكن المرسلون يدركونها في ذلك الحين.‏ ففي ترينيداد لا يزال يجري التحدث بعد سنوات كثيرة عن الحوادث التي ظهر فيها تواضع المرسلين،‏ استعدادهم لتحمل الاحوال الصعبة،‏ وعملهم الجدّي في خدمة يهوه على الرغم من الطقس الحار.‏ والشهود في كوريا تأثروا بعمق بروح التضحية بالذات للمرسلين الذين لم يغادروا البلد طوال عشر سنوات ليزوروا عائلاتهم لأن الحكومة لم تكن لتمنح إذنا في الدخول ثانية إلا في حالات «انسانية» طارئة قليلة.‏

      خلال وبعد درسهم الاولي في جلعاد،‏ اخذ معظم المرسلين فكرة عن كثب تتعلق بسير عمل المركز الرئيسي لهيئة يهوه المنظورة.‏ وكثيرا ما كانت تسنح لهم فرصة كبيرة لمعاشرة اعضاء الهيئة الحاكمة.‏ ولاحقا،‏ في تعييناتهم الارسالية،‏ كانوا قادرين ان ينقلوا الى الشهود المحليين والاشخاص المهتمين حديثا تقارير شهود عيان عن الطريقة التي تعمل بها الهيئة وأن يعبِّروا لهم عن التقدير الذي يكنونه هم انفسهم لها.‏ وعمق التقدير الذي كانوا يظهرونه في ما يختص بسير عمل الهيئة الثيوقراطي كثيرا ما كان عاملا مهما في النمو الذي اختُبر.‏

      في كثير من الاماكن التي أُرسل اليها المرسلون،‏ لم تكن هنالك اجتماعات جماعية عندما وصلوا.‏ ولذلك كانوا يقومون بالترتيبات اللازمة،‏ يديرون الاجتماعات،‏ ويعالجون معظم اجزاء الاجتماعات الى ان يتأهل آخرون للمشاركة في هذه الامتيازات.‏ وكانوا يدرِّبون باستمرار اخوة آخرين ليصيروا مؤهلين لتولّي المسؤولية.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٢‏)‏ ومكان الاجتماع الاول كان عادة بيت المرسلين.‏ ولاحقا صُنعت ترتيبات لقاعات الملكوت.‏

      وحيثما كانت توجد جماعات من قبل،‏ ساهم المرسلون في جعل الاجتماعات ممتعة وتعليمية اكثر.‏ فتعليقاتهم المحضَّرة جيدا قُدِّرت،‏ وسرعان ما وضعت نموذجا حاول الآخرون الاقتداء به.‏ واذ استخدم الاخوة تدريبهم في جلعاد،‏ رسموا مثالا حسنا في الخطابة العامة والتعليم،‏ وصرفوا الوقت بسرور مع الاخوة المحليين لمساعدتهم على تعلُّم هذا الفن.‏ وفي البلدان التي فيها لا يهتم الناس بالوقت عادةً ولا يراعون المواعيد خصوصا،‏ ساعدهم المرسلون ايضا بصبر على تقدير قيمة الابتداء بالاجتماعات في الوقت المحدَّد وشجعوا الجميع ان يكونوا هناك في الوقت المحدَّد.‏

      ان الاحوال التي وجدوها في بعض الاماكن دلَّت ان المساعدة كانت لازمة لبناء التقدير لاهمية الالتصاق بمقاييس يهوه البارة.‏ ففي بوتْسْوانا،‏ مثلا،‏ وجدوا ان بعض الاخوات لا يزلن يضعن خيوطا او خَرَزا على اطفالهنَّ كحماية من الاذى،‏ غير مقدِّرات كاملا ان هذه العادة متأصلة في الخرافة والشعوذة.‏ وفي الپرتغال وجدوا ظروفا تسبِّب الانقسام.‏ وبالصبر،‏ المساعدة الحبية،‏ والحزم عند اللزوم،‏ صارت الصحة الروحية المتحسنة ظاهرة.‏

      خصَّص المرسلون المعيَّنون في مراكز اشراف في فنلندا الكثير من الوقت والجهد لتدريب الاخوة المحليين على المباحثة في المسائل في ضوء مبادئ الكتاب المقدس وبالتالي الوصول الى استنتاج يتفق مع تفكير اللّٰه.‏ وفي الارجنتين ساعدوا الاخوة ايضا على تعلُّم قيمة البرنامج،‏ كيفية حفظ السجلات،‏ اهمية الملفات.‏ وفي المانيا ساعدوا اخوة اولياء كانوا في بعض المجالات صارمين تماما في آرائهم،‏ نتيجة لمكافحتهم للنجاة في معسكرات الاعتقال،‏ على الاقتداء بشكل اكمل بطرائق يسوع المسيح المتسمة بالوداعة فيما يرعون رعية اللّٰه.‏ —‏ متى ١١:‏​٢٨-‏٣٠؛‏ اعمال ٢٠:‏٢٨‏.‏

      شمل عمل بعض المرسلين التعامل مع الرسميين الحكوميين،‏ مجيبين عن اسئلتهم،‏ ومقدِّمين طلبا من اجل الاعتراف الشرعي بعمل شهود يهوه.‏ مثلا،‏ طوال فترة اربع سنوات تقريبا،‏ قام الاخ جالي،‏ الذي كان معيَّنا مع زوجته في الكَمَرون،‏ بجهود متكررة للحصول على اعتراف شرعي.‏ فتكلم مرارا الى الرسميين الفرنسيين والافريقيين.‏ وأخيرا،‏ بعد تغيُّر الحكومة،‏ مُنح الاعتراف الشرعي.‏ وبحلول هذا الوقت كان الشهود نشاطى في الكَمَرون طوال ٢٧ سنة وكان عددهم قد بلغ اكثر من ٠٠٠‏,٦.‏

      مواجهة تحديات الخدمة الجائلة

      كان بعض المرسلين معيَّنين ليخدموا كنظار جائلين.‏ وكانت هنالك حاجة خصوصية في اوستراليا،‏ حيث تحولت بعض جهود الاخوة بشكل غير حكيم عن مصالح الملكوت الى المساعي الدنيوية خلال الحرب العالمية الثانية.‏ فجرى تقويم ذلك في حينه،‏ وخلال زيارة قام بها الاخ نور في السنة ١٩٤٧،‏ شُدِّد على اهمية إبقاء عمل الكرازة بالملكوت في المقدمة.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا،‏ صارت الحماسة،‏ المثال الحسن،‏ والاساليب التعليمية لخريجي جلعاد الذين خدموا كنظار دوائر وكور تساعد اكثر على تنمية جو روحي اصيل بين الشهود هناك.‏

      والمشاركة في مثل هذه الخدمة الجائلة كثيرا ما تطلبت الرغبة في بذل جهد كبير ومواجهة الخطر.‏ وقد وجد والاس ليڤِرَنس ان الطريقة الوحيدة للوصول الى عائلة من الناشرين المنعزلين في ڤولكان،‏ بوليڤيا،‏ هي ان يسير في رحلة طولها ٥٥ ميلا (‏٩٠ كلم)‏ ذهابا وإيابا عبر ارض صخرية قاحلة تحت شمس محرقة على ارتفاع ٠٠٠‏,١١ قدم (‏٤٠٠‏,٣ م)‏ تقريبا،‏ فيما يحمل كيس نومه،‏ طعامه،‏ ماءه،‏ ومطبوعاته.‏ وليخدم الجماعات في الفيليپين،‏ ركب نيل كَلاوَي تكرارا في باصات تقوم برحلات الى الريف مزدحمة بالركاب يجري فيها تقاسم الاماكن ليس فقط مع الناس وانما ايضا مع الحيوانات والمحاصيل.‏ وريتشارد كاتِرِل بدأ عمله كناظر جائل في الهند في وقت كان يُقتل فيه آلاف الناس بسبب البغض الديني.‏ وعندما صُنع برنامج ليخدم الاخوةَ في منطقة شغب،‏ حاول موظف الحجز في السكة الحديدية اقناعه بالعدول عن الذهاب.‏ لقد كانت رحلة كابوس لمعظم الركاب،‏ لكنَّ الاخ كاتِرِل كان يحب اخوته بعمق،‏ بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه او اللغة التي يتكلمونها.‏ وبثقة بيهوه فكَّر:‏ «اذا شاء يهوه،‏ فسأحاول ان اصل الى هناك.‏» —‏ يعقوب ٤:‏١٥‏.‏

      تشجيع الآخرين على الاشتراك في الخدمة كامل الوقت

      نتيجة لروح الغيرة التي اعرب عنها المرسلون،‏ اقتدى كثيرون ممَّن علَّموهم بمثالهم بالانخراط في الخدمة كامل الوقت.‏ ففي اليابان،‏ حيث خدم ١٦٨ مرسلا،‏ كان هنالك ٩٥٦‏,٧٥ فاتحا في السنة ١٩٩٢؛‏ اكثر من ٤٠ في المئة من الناشرين في اليابان كانوا في فرع من فروع الخدمة كامل الوقت.‏ وفي جمهورية كوريا،‏ كانت النسبة مماثلة.‏

      ومن البلدان التي فيها نسبة الشهود الى عدد السكان مؤاتية تماما دُعي كثيرون من الخدام كامل الوقت لتلقّي التدريب في مدرسة جلعاد ثم أُرسلوا ليخدموا في اماكن اخرى.‏ وقد اتت أعداد كبيرة من المرسلين من الولايات المتحدة وكندا؛‏ نحو ٤٠٠ من بريطانيا؛‏ اكثر من ٢٤٠ من المانيا؛‏ ما يزيد على ١٥٠ من اوستراليا؛‏ اكثر من ١٠٠ من السويد؛‏ بالاضافة الى أعداد كبيرة من الدنمارك،‏ فنلندا،‏ النَّذَرلند،‏ نيوزيلندا،‏ هاوايي وغيرها.‏ وبعض البلدان التي ساعدها المرسلون زوَّدت هي نفسها لاحقا ايضا مرسلين مرتقبين للخدمة في بلدان اخرى.‏

      سدّ الحاجات في هيئة نامية

      فيما كانت الهيئة تنمو،‏ تولَّى المرسلون انفسهم مسؤوليات اضافية.‏ فخدم عدد كبير منهم كشيوخ او خدام مساعدين في الجماعات التي ساعدوها على النمو.‏ وفي بلدان عديدة كانوا اول نظار دوائر وكور.‏ وعندما جعل التطور الاضافي نافعا ان تؤسس الجمعية مكاتب فروع جديدة،‏ استُؤمن عدد من المرسلين على مسؤوليات تتعلق بسير عمل الفرع.‏ وفي بعض الحالات طُلب من الذين صاروا يعرفون اللغة جيدا ان يساعدوا في ترجمة وتدقيق مطبوعات الكتاب المقدس.‏

      ولكنهم شعروا خصوصا بأنهم كوفئوا عندما صار الذين درسوا معهم كلمة اللّٰه،‏ او الاخوة الذين ساهموا الى حد ما في نموهم الروحي،‏ مؤهلين لتولّي مسؤوليات كهذه.‏ وهكذا سرّ زوجان في الپيرو بأن يريا بعض الذين درسا معهم يخدمون كفاتحين خصوصيين،‏ مساعدين على تقوية الجماعات الجديدة وافتتاح مقاطعة جديدة.‏ ومن درس اداره مرسل مع عائلة في سْري لانكا اتى احد اعضاء لجنة الفرع لذلك البلد.‏ وتمتع مرسلون آخرون كثيرون بأفراح مماثلة.‏

      وواجهوا ايضا المقاومة.‏

      في وجه المقاومة

      قال يسوع لأتباعه انهم سيُضطهدون،‏ كما اضطُهد هو ايضا.‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ وبما ان المرسلين كانوا يأتون عادةً من خارج البلاد،‏ فان الاضطهاد الشديد الذي ينشأ في البلد كثيرا ما كان يعني الترحيل.‏

      في السنة ١٩٦٧ أُوقفت صونا هايدوستْيان ووالداها في حلب،‏ سوريا.‏ واحتُجزوا في السجن خمسة اشهر ثم طُردوا من البلد دون امتعتهم.‏ ومارڠريتا كونيڠر،‏ من المانيا،‏ عُيِّنت في مدغشقر؛‏ لكنَّ الترحيل بعد الآخر ادَّى الى تعيينات جديدة،‏ في كينيا،‏ داهومي (‏بينين)‏،‏ وڤولتا العليا (‏بركينا فازو)‏.‏ ودومينيك بيكوني وزوجته،‏ إلزا،‏ طُردا من اسپانيا في السنة ١٩٥٧ لسبب كرازتهما،‏ ثم من الپرتغال في السنة ١٩٦٢،‏ ومن المملكة المغربية في السنة ١٩٦٩.‏ ولكن في كل بلد كان يُنجز الخير فيما كانت هنالك محاولات لابطال اوامر الطرد.‏ فكانت تقدَّم شهادة للرسميين.‏ مثلا،‏ في المملكة المغربية،‏ سنحت لهما الفرصة ليشهدا للرسميين في الامن القومي،‏ قاضي المحكمة العليا،‏ رئيس الشرطة في طَنْجة،‏ وقنصلي الولايات المتحدة في طَنْجة والرباط.‏

      ان طرد المرسلين لم يؤدِّ الى وضع حدّ لعمل شهود يهوه،‏ كما توقع بعض الرسميين.‏ فبزور الحق المزروعة كثيرا ما استمرت في النمو.‏ مثلا،‏ قام اربعة مرسلين بخدمتهم اشهرا قليلة فقط في بوروندي قبل ان تجبرهم الحكومة على المغادرة في السنة ١٩٦٤.‏ ولكنَّ واحدا منهم داوم على مراسلة شخص مهتم كتب ليقول انه يدرس الكتاب المقدس مع ٢٦ شخصا.‏ وبقي ايضا شاهد تَنزاني كان قد انتقل حديثا الى بوروندي مشغولا بالكرازة.‏ وتدريجيا ازدادت أعدادهم حتى صار مئات يخبرون آخرين ايضا برسالة الملكوت.‏

      وفي اماكن اخرى،‏ قبل اصدار الامر بالترحيل،‏ كان الرسميون يلجأون الى الضرب الوحشي في محاولة لجعل كل واحد يذعن لمطالبهم.‏ ففي بانْڠا،‏ لَيبيريا،‏ في السنة ١٩٦٣،‏ حاصر الجنود ٤٠٠ رجل،‏ امرأة،‏ وولد كانوا يحضرون محفلا مسيحيا هناك.‏ فساقهم الجنود الى معسكر الجيش،‏ هدَّدوهم،‏ ضربوهم،‏ وطلبوا من كل واحد —‏ بصرف النظر عن القومية او المعتقد الديني —‏ ان يحيي العلم اللَيبيري.‏ وبين الذين في المجموعة كان ميلتون هنشل من الولايات المتحدة.‏ وكان هنالك ايضا بعض المرسلين،‏ بمن فيهم جون شاروك من كندا.‏ فساير احد خريجي جلعاد،‏ كما فعل في مناسبة سابقة (‏مع انه لم يَجعل ذلك معروفا)‏،‏ ولا شك ان ذلك ساهم في المسايرة من جهة آخرين كانوا في ذلك المحفل.‏ وصار واضحا مَن يخافون اللّٰه حقا ومَن يوقعهم خوف الانسان في شرك.‏ (‏امثال ٢٩:‏٢٥‏)‏ وبعد ذلك،‏ امرت الحكومة كل المرسلين الشهود من الخارج ان يغادروا البلد،‏ مع ان امرا تنفيذيا من الرئيس بعد ذلك سمح لهم بالعودة في تلك السنة.‏

      ان الاجراء المتخذ من قبل الرسميين الحكوميين ضد المرسلين غالبا ما كان نتيجة لضغط رجال الدين.‏ وكان هذا الضغط احيانا يمارَس بطريقة سرية.‏ وفي احيان اخرى،‏ كان كل واحد يعرف مَن يثير المقاومة.‏ وجورج كُويِڤيستو لن ينسى ابدا صباحه الاول في خدمة الحقل في ميديلّين،‏ كولومبيا.‏ فقد ظهر فجأة رعاع من اولاد المدارس يصرخون،‏ قاذفين الحجارة وكتل الطين.‏ فجذبته بقوة الى الداخل صاحبة البيت،‏ التي لم تكن قد رأته من قبل قط،‏ وأغلقت مصاريع النوافذ الخشبية،‏ معتذرة كل الوقت عن تصرُّف الرعاع في الخارج.‏ وعندما وصلت الشرطة،‏ لام البعض استاذ المدرسة على السماح للتلاميذ بذلك.‏ لكنَّ صوتا آخر صرخ:‏ «ليس الامر هكذا!‏ انه الكاهن!‏ فقد نادى عبر مكبِّرات الصوت للسماح للتلاميذ بالخروج ‹ليرموا الپروتستانت بالحجارة.‏›»‏

      كانت الشجاعة التقوية المقترنة بالمحبة للخراف لازمة.‏ فقد عُيِّنت ألْفْريدا لور وإلزا أُنْتِردورفر في وادي ڠاستاين في النمسا.‏ وفي وقت قصير وُزِّع الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس لدى الناس الجياع للطعام الروحي.‏ ولكن بعد ذلك اهتاج رجال الدين.‏ وحرَّضوا اولاد المدارس ان يصرخوا في وجه المرسلتين في الشوارع وأن يركضوا امامهما لتحذير اصحاب البيوت من الاصغاء.‏ فخاف الناس.‏ ولكن بالمثابرة الحبية،‏ جرى الابتداء بدروس جيدة قليلة.‏ وعندما رُتِّب لمحاضرة عامة من الكتاب المقدس،‏ وقف رجل الدين بتحدٍّ امام مكان الاجتماع.‏ ولكن عندما خرجت المرسلتان الى الشارع لترحِّبا بالناس،‏ اختفى رجل الدين.‏ فقد استدعى شرطيا وعاد،‏ آملا ان يقاطع الاجتماع.‏ إلا ان جهوده باءت بالفشل.‏ وفي حينه تشكلت جماعة رائعة هناك.‏

      في البلدات القريبة من إيبارا،‏ إكوادور،‏ واجهت أُون رونْهولم وجوليا پارسونز الرعاع المحرَّضين من الكهنة مرة بعد اخرى.‏ وبسبب الاضطراب الذي كان يثيره الكاهن كلما ظهرت المرسلتان في سان انطونيو،‏ قرَّرت الاختان التركيز على بلدة اخرى تدعى أتوانْتاكْوِي.‏ ولكن ذات يوم حث عمدة البلدة المحلي هناك بالحاح الاخت رونْهولم على مغادرة البلدة بسرعة.‏ قال مؤكِّدا:‏ «الكاهن ينظِّم مظاهرة ضدكما،‏ وليس عندي عدد كافٍ من الرجال للدفاع عنكما.‏» وهي تتذكر جيدا:‏ «كان الجمع يلاحقنا!‏ وكان علم الڤاتيكان الابيض والاصفر يُلوَّح به امام المجموعة فيما كان الكاهن يُطلق شعارات مثل ‹لتحيَ الكنيسة الكاثوليكية!‏› ‹ليسقط الپروتستانت!‏› ‹لتحيَ بتولية العذراء!‏› ‹ليحيَ الاعتراف!‏› وكلَّ مرة كان الجمع يردِّد الشعارات كلمة فكلمة بعد الكاهن.‏» وحينئذ دعا رجلان الشاهدتين الى «دار الاتحاد العمالي» المحلي من اجل الامان.‏ وهناك انهمكت المرسلتان في الشهادة للناس الفضوليين الذين اتوا ليروا ما يجري.‏ فوزَّعتا كل المطبوعات التي لديهما.‏

      مقرَّرات مصمَّمة لسدّ الحاجات الخصوصية

      في السنوات التي تلت ارسال المرسلين الاولين من مدرسة جلعاد،‏ اختبرت هيئة شهود يهوه النمو بنسبة مذهلة.‏ ففي السنة ١٩٤٣،‏ عندما افتُتحت المدرسة،‏ كان هنالك ٠٧٠‏,١٢٩ شاهدا فقط في ٥٤ بلدا (‏ولكن ١٠٣ بلدان وفقا لطريقة تقسيم الخريطة في وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠)‏.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٧٨٧‏,٤٧٢‏,٤ شاهدا في ٢٢٩ بلدا ومجموعة جزر حول العالم.‏ وفيما كان يحدث هذا النمو،‏ كانت حاجات الهيئة تتغيَّر.‏ فمكاتب الفروع التي كانت في ما مضى تعتني بأقل من مئة شاهد مجموعين في جماعات قليلة تشرف الآن على نشاط عشرات الآلاف من الشهود،‏ والكثير من هذه الفروع وجد انه من الضروري طبع المطبوعات محليا لتجهيز المشتركين في عمل التبشير.‏

      ولسدّ الحاجات المتغيرة،‏ بعد ١٨ سنة من افتتاح مدرسة جلعاد،‏ زُوِّد مقرَّر تدريب لمدة عشرة اشهر في مركز الجمعية الرئيسي العالمي خصوصا للاخوة الذين يحملون احمالا ثقيلة من المسؤولية في مكاتب فروع جمعية برج المراقبة.‏ وبعضهم كانوا قد حضروا مقرَّرا ارساليا لمدة خمسة اشهر في جلعاد؛‏ والآخرون لم يحضروا سابقا.‏ وكان بامكانهم جميعا ان يستفيدوا من التدريب المتخصص المتعلق بعملهم.‏ والمناقشات حول كيفية معالجة الاوضاع المختلفة وسدّ الحاجات التنظيمية انسجاما مع مبادئ الكتاب المقدس كان لها اثر موحِّد.‏ وأبرز مقرَّرهم درسا تحليليا عددا فعددا لكامل الكتاب المقدس.‏ وزوَّد ايضا مراجعة لتاريخ الدين؛‏ تدريبا في التفاصيل المشمولة بادارة مكتب فرع،‏ بيت ايل،‏ ومطبعة؛‏ وارشادات في الاشراف على خدمة الحقل،‏ تنظيم جماعات جديدة،‏ وافتتاح حقول جديدة.‏ وهذه المقرَّرات (‏بما فيها الاخير الذي خُفض الى ثمانية اشهر)‏ كانت تُدار في المركز الرئيسي العالمي،‏ في بروكلين،‏ نيويورك،‏ من السنة ١٩٦١ الى السنة ١٩٦٥.‏ وكثيرون من المتخرجين أُعيدوا الى البلدان التي كانوا يخدمون فيها؛‏ وبعضهم عُيِّنوا في بلدان اخرى حيث يمكنهم ان يساهموا مساهمة قيِّمة في العمل.‏

      في ١ شباط ١٩٧٦،‏ سرى مفعول ترتيب جديد في مكاتب فروع الجمعية استعدادا للتوسع الاضافي المتوقع انسجاما مع نبوة الكتاب المقدس.‏ (‏اشعياء ٦٠:‏​٨،‏ ٢٢‏)‏ فبدلا من ان يكون هنالك ناظر فرع واحد فقط،‏ مع مساعده،‏ لتزويد الاشراف على كل فرع،‏ عيَّنت الهيئة الحاكمة ثلاثة اخوة اكفاء او اكثر ليخدموا في كل لجنة فرع.‏ والفروع الاكبر يمكن ان يصل عدد اعضاء لجنتها الى سبعة.‏ ولتزويد التدريب لكل هؤلاء الاخوة،‏ رُتِّب لمقرَّر جلعادي خصوصي مدته خمسة اسابيع في بروكلين،‏ نيويورك.‏ فمُنح هذا التدريب المتخصص لاربعة عشر صفا مؤلَّفا من اعضاء لجان الفروع من كل انحاء العالم في المركز الرئيسي العالمي من اواخر السنة ١٩٧٧ الى السنة ١٩٨٠.‏ لقد كانت فرصة ممتازة لتوحيد وتمحيص الاعمال.‏

      استمرت مدرسة جلعاد في تدريب الذين يملكون سنوات من الخبرة في الخدمة كامل الوقت ويرغبون ويستطيعون الذهاب الى الخارج،‏ ولكن يمكن استخدام المزيد.‏ ولتسهيل التدريب ابتدأت تعمل مدارس في بلدان اخرى كامتداد لجلعاد بحيث لا يضطر التلاميذ الى تعلُّم الانكليزية قبل ان يتأهلوا للحضور.‏ وفي ١٩٨٠-‏١٩٨١،‏ زوَّدت مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك تدريبا للتلاميذ الناطقين بالاسپانية الذين ساعدوا على سدّ حاجة فورية الى فعلة اكفاء في اميركا الوسطى والجنوبية.‏ وفي ١٩٨١-‏١٩٨٢،‏ ١٩٨٤،‏ ومرة اخرى في ١٩٩٢،‏ أُديرت صفوف لمدرسة جلعاد الفرعية ايضا في المانيا.‏ ومن هناك أُرسل المتخرجون الى افريقيا،‏ اوروپا الشرقية،‏ اميركا الجنوبية،‏ ومختلف الدول الجزر.‏ وعُقدت صفوف اخرى في الهند في السنة ١٩٨٣.‏

      واذ انضم شهود محليون غيورون الى المرسلين في توسيع شهادة الملكوت ازداد عدد شهود يهوه بسرعة،‏ وهذا ادَّى الى تشكيل جماعات اكثر.‏ وبين السنتين ١٩٨٠ و ١٩٨٧ ازداد عدد الجماعات في كل العالم حتى ٢٧ في المئة،‏ الى ما مجموعه ٩١١‏,٥٤.‏ وفي بعض المناطق،‏ مع ان كثيرين كانوا يحضرون الاجتماعات ويشتركون في خدمة الحقل،‏ كان معظم الاخوة جددا تماما.‏ وكانت هنالك حاجة ملحة الى رجال مسيحيين ذوي خبرة ليخدموا كرعاة ومعلِّمين روحيين وليأخذوا القيادة في العمل التبشيري.‏ وللمساعدة على سدّ هذه الحاجة،‏ ابدأت الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٨٧ مدرسة تدريب الخدام كجزء من برنامج مدرسة جلعاد لتعليم الكتاب المقدس.‏ ويتضمن مقرَّر الثمانية اسابيع درسا مكثَّفا في الكتاب المقدس وانتباها شخصيا للنمو الروحي لكل تلميذ.‏ ويجري التأمل في المسائل التنظيمية والقضائية،‏ الى جانب مسؤوليات الشيوخ والخدام المساعدين،‏ ويزوَّد تدريب متخصص في الخطابة العامة.‏ ودون تضارب مع الصفوف القانونية لتدريب المرسلين،‏ استخدمت هذه المدرسة تسهيلات اخرى اذ انعقدت في بلدان متنوعة.‏ والمتخرجون يسدّون الآن حاجات حيوية في بلدان عديدة.‏

      وهكذا ماشى التدريب الموسَّع الذي زوَّدته مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس الحاجات المتغيرة للتنظيم الاممي النامي بسرعة.‏

      ‏«هأنذا أَرسلني»‏

      تشبه الروح التي اظهرها المرسلون تلك التي للنبي اشعياء.‏ فعندما نبَّهه يهوه الى فرصة الخدمة الخصوصية،‏ تجاوب:‏ «هأنذا أَرسلني.‏» (‏اشعياء ٦:‏٨‏)‏ والروح الطوعية هذه دفعت آلاف الشبان والشابات ان يتركوا وراءهم المحيط المألوف والاقرباء ليخدموا من اجل تعزيز مشيئة اللّٰه حيث توجد حاجة اليهم.‏

      احدثت الظروف العائلية تغييرات في حياة مرسلين كثيرين.‏ فعدد ممَّن صار لهم اولاد بعد ان اصبحوا مرسلين تمكنوا من البقاء في البلد الذي عُيِّنوا فيه،‏ قائمين بالعمل الدنيوي اللازم وعاملين مع الجماعات.‏ وكان على البعض،‏ بعد سنوات من الخدمة،‏ ان يعودوا الى موطنهم لكي يعتنوا بوالديهم المسنين او لاسباب اخرى.‏ ولكنهم حسبوه امتيازا ان يشتركوا في الخدمة الارسالية قدر ما استطاعوا.‏

      وتمكن آخرون من جعل الخدمة الارسالية مهنة حياتهم.‏ ولفعل ذلك،‏ كان عليهم جميعا ان يواجهوا الظروف المتسمة بالتحدي.‏ اعترف أُولاف أُولسُن الذي تمتع بمهنة ارسالية طويلة في كولومبيا:‏ «السنة الاولى كانت الاصعب.‏» وكان ذلك الى حد بعيد لسبب عدم القدرة على التعبير عن نفسه بشكل كافٍ بلغته الجديدة.‏ وأضاف:‏ «لو استمررت في التفكير في البلد الذي غادرته،‏ لما كنت سعيدا،‏ لكنني عقدت العزم ان اعيش جسديا وعقليا على السواء في كولومبيا،‏ ان ابني صداقات مع الاخوة والاخوات في الحق هناك،‏ ان أُبقي حياتي مشغولة بالخدمة،‏ وسرعان ما صار تعييني موطنا لي.‏»‏

      ان مثابرتهم على تعييناتهم لم تكن بالضرورة لأنهم وجدوا محيطهم الجسدي نموذجيا.‏ عبَّر نورمَن باربر،‏ الذي خدم في بورما (‏الآن ميانمار)‏ والهند من السنة ١٩٤٧ حتى موته في السنة ١٩٨٦،‏ عن نفسه بهذه الطريقة:‏ «اذا ابتهج الشخص بأن يستخدمه يهوه،‏ فحينئذ تكون كل الاماكن جيدة.‏ .‏ .‏ .‏ وبصراحة،‏ ليس الطقس المداري رأيي في الطقس المثالي الذي احب ان اعيش فيه.‏ ولا الطريقة التي يحيا بها شعب المنطقة المدارية هي الطريقة التي اختارها شخصيا للعيش.‏ ولكن هنالك امور مهمة لاخذها في الاعتبار اكثر من مثل هذه المسائل الزهيدة.‏ فكون المرء قادرا على تقديم العون للناس الفقراء روحيا حقا هو امتياز يفوق قوى التعبير البشرية.‏»‏

      يشترك كثيرون ايضا في هذا الرأي،‏ وروح التضحية بالذات هذه ساهمت كثيرا في اتمام نبوة يسوع بأنه سيُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم قبل ان يأتي المنتهى.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a برج المراقبة،‏ ١٥ شباط ١٩٤٣،‏ الصفحات ٦٠-‏٦٤ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٢٣]‏

      التشديد على اهمية الاتكال التام على يهوه والولاء له

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٣٤]‏

      روح الفكاهة الجيدة ساعدت!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٣٩]‏

      الصبر،‏ المساعدة الحبية،‏ والحزم عند اللزوم

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٤٦]‏

      ‏«تقديم العون للناس الفقراء روحيا حقا هو امتياز يفوق قوى التعبير البشرية»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥٣٣]‏

      صفوف جلعاد

      ١٩٤٣-‏١٩٦٠:‏ المدرسة في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك.‏ في ٣٥ صفًّا،‏ تخرَّج ٦٣٩‏,٣ تلميذا من ٩٥ بلدا،‏ معظمهم عُيِّنوا في الخدمة الارسالية.‏ ونظار الدوائر والكور الذين يخدمون في الولايات المتحدة كانوا مشمولين ايضا بالصفوف.‏

      ١٩٦١-‏١٩٦٥:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ في ٥ صفوف،‏ تخرَّج ٥١٤ تلميذا وأُرسلوا الى بلدان حيث جمعية برج المراقبة لديها مكاتب فروع؛‏ معظم المتخرجين استُؤمنوا على تعيينات ادارية.‏ اربعة من هذه الصفوف كانت مقرَّراتها لـ‍ ١٠ اشهر؛‏ وواحد مقرَّره لـ‍ ٨ اشهر.‏

      ١٩٦٥-‏١٩٨٨:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ في ٤٥ صفًّا،‏ مقرَّر كلٍّ منها ٢٠ اسبوعا،‏ تدرَّب ١٩٨‏,٢ تلميذا آخر،‏ معظمهم في الخدمة الارسالية.‏

      ١٩٧٧-‏١٩٨٠:‏ المدرسة في بروكلين،‏ نيويورك.‏ مقرَّر جلعادي لخمسة اسابيع لاعضاء لجان الفروع.‏ وقد عُقد اربعة عشر صفًّا.‏

      ١٩٨٠-‏١٩٨١:‏ مدرسة جلعاد الثقافية في المكسيك؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع؛‏ ثلاثة صفوف؛‏ ٧٢ متخرجا ناطقا بالاسپانية مجهَّزون للخدمة في اميركا اللاتينية.‏

      ١٩٨١-‏١٩٨٢،‏ ١٩٨٤،‏ ١٩٩٢:‏ مدرسة جلعاد الفرعية في المانيا؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع؛‏ اربعة صفوف؛‏ ٩٨ تلميذا ناطقا بالالمانية من بلدان اوروپية.‏

      ١٩٨٣:‏ صفوف في الهند؛‏ مقرَّر لـ‍ ١٠ اسابيع،‏ أُديرت بالانكليزية؛‏ ٣ فرق؛‏ ٧٠ تلميذا.‏

      ١٩٨٧-‏ :‏ مدرسة تدريب الخدام،‏ بمقرَّر لـ‍ ٨ اسابيع،‏ عُقدت في مواقع رئيسية في انحاء مختلفة من العالم.‏ وفي ١٩٩٢ كان المتخرجون يخدمون في اكثر من ٣٥ بلدا خارج بلد مولدهم.‏

      ١٩٨٨-‏ :‏ المدرسة في وولكيل،‏ نيويورك.‏ يُعقَد حاليا هناك مقرَّر لعشرين اسبوعا إعدادا للخدمة الارسالية.‏ ويخطَّط لنقل المدرسة الى المركز الثقافي لبرج المراقبة في پاترسن،‏ نيويورك،‏ عند اكماله.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥٣٨]‏

      مجموعة التلاميذ من جميع الامم

      مثَّل التلاميذ الذين حضروا مدرسة جلعاد عشرات القوميات وأتوا الى المدرسة من اكثر من ١١٠ بلدان.‏

      الفريق الاممي الاول كان الصف السادس،‏ في ١٩٤٥-‏١٩٤٦.‏

      قُدِّم الطلب الى حكومة الولايات المتحدة من اجل ادخال التلاميذ الاجانب بمقتضى احكام تأشيرات التلاميذ غير القادمين بهدف الهجرة.‏ وتجاوبا مع ذلك،‏ اعترف مكتب التعليم في الولايات المتحدة بمدرسة جلعاد بصفتها تقدِّم تعليما على غرار كلّيات الاختصاص والمؤسسات التعليمية.‏ وهكذا،‏ منذ السنة ١٩٥٣،‏ ادرجت قنصليات الولايات المتحدة في كل انحاء العالم مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في لائحتها للمؤسسات التعليمية الموافَق عليها.‏ وابتداء من ٣٠ نيسان ١٩٥٤ صارت هذه المدرسة تَظهر في المطبوعة بعنوان «المؤسسات التعليمية الموافَق عليها من النائب العام.‏»‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٢٢]‏

      تلاميذ الصف الاول لمدرسة جلعاد

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٢٤]‏

      ألبرت شرودر يناقش اوجه المسكن مع تلاميذ جلعاد

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٢٥]‏

      ماكسويل فْرِنْد يحاضر في مدرَّج مدرسة جلعاد

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٢٧]‏

      خريجو جلعاد كانوا وجها روحيا بارزا

      ‏.‏ .‏ .‏ البعض في باحة المدرسة (‏حيث يظهر ن.‏ ه‍ .‏ نور وهو يلقي خطابا امام مكتبة المدرسة،‏ في السنة ١٩٥٦)‏

      ‏.‏ .‏ .‏ البعض في المحافل الكبيرة (‏نيويورك،‏ سنة ١٩٥٠)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٥٢٦]‏

      باحة مدرسة جلعاد في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ كما بدت خلال خمسينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٢٨]‏

      هِرمُن وُودَرْد (‏اليسار)‏ وجون أريكيتي (‏اليمين)‏ يخدمان في ألاسكا

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٢٩]‏

      جون كَتْفورث يستخدم مساعِدات بصرية ليعلِّم في پاپوا غينيا الجديدة

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      مرسلون في ايرلندا،‏ مع ناظر الكورة،‏ في السنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      متخرجون في طريقهم الى التعيينات الارسالية في المشرق في السنة ١٩٤٧

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      بعض المرسلين والفعلة الرفقاء في اليابان في السنة ١٩٦٩

      ‏[الصور في الصفحة ٥٣٠]‏

      مرسلون في البرازيل في السنة ١٩٥٦

      ‏.‏ .‏ .‏ في اورڠواي في السنة ١٩٥٤

      ‏.‏ .‏ .‏ في ايطاليا في السنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      اول اربعة مرسلين مدرَّبين في جلعاد يُرسَلون الى جامايكا

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      اول بيت مرسلين في سولزبوري (‏الآن هاراري،‏ زمبابوي)‏،‏ في السنة ١٩٥٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      مالكوم ڤيڠو (‏جلعاد،‏ ١٩٥٦-‏١٩٥٧)‏ مع زوجته ليندا لُويز؛‏ خدما معا في ملاوي،‏ كينيا،‏ ونَيجيريا

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٠]‏

      روبرت ترايسي (‏اليسار)‏ وجِسّي كانتوِل (‏اليمين)‏ مع زوجتيهما —‏ مرسلون في العمل الجائل في كولومبيا في السنة ١٩٦٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٢]‏

      صف اللغة في بيت المرسلين في ساحل العاج

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٥]‏

      تِد ودورِس كلاين،‏ اللذان وجدا اناسا كثيرين تواقين الى سماع حق الكتاب المقدس في الجزر العذراء الاميركية في السنة ١٩٤٧

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٣٦]‏

      هارڤي لوڠَن (‏الى الامام في الوسط)‏ مع الشهود في أميس امام قاعة الملكوت،‏ في ستينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٤٠]‏

      ڤيكتور وايت،‏ ناظر كورة مدرَّب في جلعاد،‏ يلقي خطابا في الفيليپين في السنة ١٩٤٩

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٤٢]‏

      مارڠريتا كونيڠر،‏ في بركينا فازو،‏ تدير درسا بيتيا في الكتاب المقدس

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٤٣]‏

      أُون رونْهولم،‏ مرسلة منذ السنة ١٩٥٨،‏ كان عليها ان تواجه الرعاع الذين يقودهم الكهنة في إكوادور

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٤٥]‏

      مدرسة تدريب الخدام

      الصف الاول،‏ كورياپوليس،‏ پنسلڤانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٨٧ (‏فوق)‏

      الصف الثالث في بريطانيا،‏ في مانشستر،‏ في السنة ١٩٩١ (‏يمين)‏

  • بالقدرة البشرية؟‏ ام بروح اللّٰه؟‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٤

      بالقدرة البشرية؟‏ ام بروح اللّٰه؟‏

      ان التعيين الذي وضعه يسوع المسيح امام أتباعه كان على ما يبدو ذا أبعاد مستحيلة.‏ فعلى الرغم من قلة عددهم،‏ كانوا سينادون ببشارة ملكوت اللّٰه في كل المسكونة.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ اعمال ١:‏٨‏)‏ ولم تكن المهمة هائلة الحجم فقط لكنها كانت ستُنجز كما يظهر في وجه ظروف معاكسة لأنهم،‏ كما قال يسوع بصراحة لتلاميذه،‏ كانوا سيُبغَضون ويُضطهَدون في كل الامم.‏ —‏ متى ٢٤:‏٩؛‏ يوحنا ١٥:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      في وجه المقاومة العالمية،‏ جاهد شهود يهوه بقوة لينجزوا العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع.‏ والحد الذي اليه قُدِّمت الشهادة هو واقع مثبت،‏ وهو رائع حقا.‏ ولكن ماذا جعل ذلك ممكنا؟‏ هل كان القدرة او الابداع البشري؟‏ ام كان عمل روح اللّٰه؟‏

      وسجل الكتاب المقدس عن ردّ العبادة الحقة في اورشليم في القرن السادس ق‌م يذكّرنا بأنه لا يجب التغاضي ابدا عن دور اللّٰه في انجاز مشيئته.‏ وقد يبحث المعلّقون الدنيويون عن تعليل آخر لما يحدث.‏ ولكن عند شرح كيفية انجاز قصده،‏ جعل اللّٰه نبيه زكريا يعلن:‏ «‹لا بالقوة العسكرية،‏ ولا بالقدرة،‏ بل بروحي،‏› قال يهوه الجنود.‏» (‏زكريا ٤:‏٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولا يتردد شهود يهوه في القول ان هذه هي الطريقة التي بها تُنجَز الكرازة برسالة الملكوت اليوم —‏ لا باللجوء الى القوة العسكرية،‏ ولا بسبب القدرة الشخصية او نفوذ ايّ فريق بارز من الناس،‏ بل نتيجة لعمل روح يهوه.‏ فهل يؤيد الدليل قناعتهم؟‏

      ‏«ليس كثيرون حكماء حسب الجسد»‏

      عندما كتب الرسول بولس الى المسيحيين الاولين في اليونان،‏ اعترف قائلا:‏ «انظروا دعوتكم ايها الاخوة ان ليس كثيرون حكماء حسب الجسد ليس كثيرون اقوياء ليس كثيرون شرفاء بل اختار اللّٰه جهال العالم ليُخزي الحكماء.‏ واختار اللّٰه ضعفاء العالم ليُخزي الاقوياء.‏ واختار اللّٰه ادنياء العالم والمزدرَى وغير الموجود ليُبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد امامه.‏» —‏ ١ كورنثوس ١:‏​٢٦-‏٢٩‏.‏

      كان رسل يسوع من الطبقة العاملة.‏ فأربعة كانت مهنتهم صيد السمك.‏ وواحد كان جابي ضرائب،‏ مهنة يحتقرها اليهود.‏ وهؤلاء الرسل كانوا رجالا يعتبرهم رجال الدين اليهود ‹عديمي العلم وعاميين،‏› مما يدل ان ثقافتهم لم تكن من مدارس التعليم العالي.‏ (‏اعمال ٤:‏١٣‏)‏ ولا يعني ذلك انه لم يصر مسيحيا ايّ ممَّن كانت لهم ثقافة دنيوية او دينية.‏ فالرسول بولس كان قد درس عند رِجلي غمالائيل المتعلِّم،‏ عضو في السنهدريم اليهودي.‏ (‏اعمال ٢٢:‏٣‏)‏ ولكن،‏ كما تقول الآية،‏ ‹لم يكن كثيرون› هكذا.‏

      يشهد التاريخ ان سِلسُس،‏ فيلسوف روماني للقرن الثاني ب‌م،‏ استهزأ بالفكرة ان «يكون العمال،‏ صانعو الاحذية،‏ المزارعون،‏ الناس الاقل علما ومعرفة،‏ كارزين غيورين بالانجيل.‏» (‏تاريخ الدين المسيحي والكنيسة،‏ خلال القرون الثلاثة الاولى،‏ لواضعه اوغسطوس نياندر)‏ ففي وجه الهزء والاضطهاد العنيف اللذين كُوِّما عليهم في الامبراطورية الرومانية،‏ ماذا قوَّى المسيحيين الحقيقيين على الاستمرار في الكينونة منادين بالبشارة؟‏ قال يسوع انه روح اللّٰه القدوس.‏ —‏ اعمال ١:‏٨‏.‏

      وفي الاوقات الاحدث،‏ جرى تعيير شهود يهوه بشكل مماثل،‏ لأن غالبيتهم من عامة الناس،‏ وليسوا ممَّن مركزهم في الحياة يجعل العالم ينظر اليهم نظرة اعتبار.‏ فكان بين اول خدام يهوه العصريين الذين قدَّموا رسالة الملكوت للناس في الدنمارك صانع احذية.‏ وفي سويسرا وفرنسا،‏ بستاني.‏ وفي انحاء كثيرة من افريقيا،‏ حمل الرسالة عمَّال جائلون.‏ وفي البرازيل،‏ كانت للبحَّارة حصة.‏ وعدد من الشهود الپولندين في فرنسا الشمالية كانوا عمَّال مناجم فحم.‏

      واذ اندفعوا عميقا بما تعلَّموه من كلمة اللّٰه بمساعدة مطبوعات برج المراقبة،‏ ارادوا ان يعربوا عن محبتهم ليهوه باطاعته،‏ ولذلك شرعوا في العمل الذي تقول كلمة اللّٰه ان المسيحيين الحقيقيين سيقومون به.‏ ومنذ ذلك الحين يشترك ملايين اكثر من كل مسالك الحياة في هذا العمل.‏ فجميعهم مبشرون.‏

      يشكِّل شهود يهوه الهيئة الدينية الوحيدة في العالم التي فيها يشهد كل عضو شخصيا لغير المؤمنين،‏ يحاول ان يجيب عن اسئلتهم من الكتاب المقدس،‏ ويحثهم على الايمان بكلمة اللّٰه.‏ وتعترف الهيئات الدينية الاخرى بأن هذا ما يجب ان يفعله كل المسيحيين.‏ وقد حاول البعض ان يشجعوا اعضاء كنيستهم على ذلك.‏ لكنَّ شهود يهوه وحدهم يفعلون ذلك باستمرار.‏ فتوجيه مَن،‏ مشورة مَن،‏ ضمان مَن بالدعم الحبي،‏ ووعود مَن تدفعهم الى القيام بهذا العمل الذي يتجنبه الآخرون؟‏ اسألوهم انتم بنفسكم.‏ ومهما كانت الامة التي يعيشون فيها فسيجيبون:‏ «يهوه.‏» اذًا،‏ الى مَن يجب نسب الفضل؟‏

      دور منبأ به لملائكة اللّٰه

      في وصف الحوادث التي كانت ستجري خلال اختتام نظام الاشياء هذا،‏ اظهر يسوع ان أتباعه على الارض لن يكونوا وحدهم مَن يشتركون في تجميع محبي البر.‏ ففي متى الاصحاح ١٣‏،‏ عند مناقشة تجميع الاخيرين الذين يشتركون معه في الملكوت السماوي،‏ قال يسوع:‏ «الحصَّادون هم الملائكة.‏» والى ايّ حد كبيرٌ هو الحقل الذي منه سيَجمعون ‹بني الملكوت› هؤلاء؟‏ اوضح يسوع:‏ «الحقل هو العالم.‏» وهكذا فان الذين يُجمَعون يأتون من زوايا الارض الواسعة.‏ فهل حدث ذلك؟‏ —‏ متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏.‏

      لقد حدث فعلا!‏ ومع ان عدد تلاميذ الكتاب المقدس كان مجرد آلاف قليلة عندما دخل العالم ايامه الاخيرة في السنة ١٩١٤،‏ انتشرت رسالة الملكوت التي يكرزون بها حول الكرة الارضية بسرعة.‏ ففي المشرق،‏ في بلدان اوروپا،‏ افريقيا،‏ والاميركتين،‏ وفي الجزر،‏ اغتنم الافراد الفرصة ليخدموا مصالح ملكوت اللّٰه وجُمعوا في هيئة متحدة واحدة.‏

      على سبيل المثال،‏ في اوستراليا الغربية،‏ تلقَّى بيرت هورتون رسالة الملكوت.‏ ولم يكن الدين كما عرفه يهمه؛‏ فكان متورطا في السياسة ونشاطات نقابة العمال.‏ ولكن عندما اعطته امه مطبوعة برج المراقبة نظام الدهور الالهي وابتدأ يقرأها مع الكتاب المقدس،‏ عرف انه وجد الحق.‏ وتلقائيا راح يخبر به زملاء عمله.‏ وعندما تمكن من معرفة مكان تلاميذ الكتاب المقدس،‏ صار يعاشرهم بسرور،‏ اعتمد في السنة ١٩٢٢،‏ تبنى الخدمة كامل الوقت،‏ وعرض ان يخدم في اية منطقة توجهه اليها هيئة يهوه.‏

      وفي الجانب الآخر من الارض،‏ غادر و.‏ ر.‏ براون،‏ الذي كان يكرز في جزر البحر الكاريبي،‏ الى افريقيا في السنة ١٩٢٣ لينشر رسالة الملكوت هناك.‏ ولم يكن كارزا مستقلا في مهمة شخصية.‏ فهو ايضا كان يعمل مع شعب يهوه المنظَّم.‏ فعرض ان يخدم حيث توجد حاجة اليه،‏ وقبِل التعيين في افريقيا الغربية تجاوبا مع التوجيه من مكتب المركز الرئيسي.‏ والذين استفادوا شخصيا من خدمته جرت مساعدتهم ايضا على تقدير اهمية العمل بشكل لصيق مع هيئة يهوه.‏

      بلغت المناداة بالملكوت ايضا اميركا الجنوبية.‏ ايرمَن زايڠلْكِن في مَنْدوزا،‏ الارجنتين،‏ كان يدرك لمدة طويلة الرياء في الكنيستين الكاثوليكية والپروتستانتية كلتيهما.‏ ولكن في السنة ١٩٢٩ سمع هو ايضا رسالة الملكوت،‏ قبِلها بشوق،‏ وابتدأ يخبر بها الآخرين في وحدة مع خدام يهوه في كل العالم.‏ وقد حدثت اختبارات مماثلة حول الارض.‏ والناس «من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة،‏» رغم انهم متفرقون جغرافيا ويتّبعون انماط حياة مختلفة،‏ لم يسمعوا فقط بل قدَّموا انفسهم في خدمة اللّٰه.‏ وجُمعوا في هيئة موحَّدة لانجاز العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع في ما يتعلق بهذا الوقت.‏ (‏رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فماذا يوضح ذلك؟‏

      يقول الكتاب المقدس انه سيكون لملائكة اللّٰه دور حيوي في هذا العمل.‏ ولهذا السبب تدوّي المناداة بالملكوت حول الارض كصوت بوق من مصدر فوق الطبيعة البشرية.‏ وفي الواقع،‏ في السنة ١٩٣٥ كانت قد دخلت ١٤٩ بلدا —‏ الى الشمال،‏ الجنوب،‏ الشرق،‏ والغرب،‏ من اقصاء الارض الى اقصائها.‏

      في البداية اظهر ‹قطيع صغير› فقط التقدير الاصيل لملكوت اللّٰه وكانوا مستعدين ان يخدموا مصالحه.‏ وهذا ما سبق وأنبأ به الكتاب المقدس.‏ أما الآن فيعاشرهم «جمع كثير» ينمو بسرعة ويُعَدّ بالملايين من كل الامم.‏ وهذا ايضا سبقت وأنبأت به كلمة اللّٰه.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ وهؤلاء ليسوا مجرد اناس يدَّعون الاشتراك في الدين نفسه لكنهم،‏ في الواقع،‏ منقسمون في ما بينهم بسبب كل المواقف والفلسفات التي تجزِّئ العالم حولهم.‏ وشهود يهوه لا يتحدثون فقط عن ملكوت اللّٰه فيما يضعون ثقتهم فعلا في حكم الانسان.‏ وحتى عندما تكون حياتهم في خطر،‏ يطيعون اللّٰه حاكما.‏ والكتاب المقدس يذكر بوضوح ان تجميع اناس ‹يخافون اللّٰه ويعطونه مجدا› كهؤلاء سيُنجَز تحت توجيه الملائكة.‏ (‏رؤيا ١٤:‏​٦،‏ ٧؛‏ متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏)‏ والشهود مقتنعون بثبات بأن هذا ما يحدث فعلا.‏

      في مناسبات لا تُحصى،‏ فيما كانوا يشتركون في خدمتهم،‏ رأوا الدليل المقنع على التوجيه السماوي.‏ مثلا،‏ في ريو دي جانيرو،‏ البرازيل،‏ كان فريق من الشهود يكملون خدمتهم من بيت الى بيت في يوم احد عندما قالت واحدة من الفريق:‏ «اريد ان استمر في العمل لوقت قصير.‏ لسبب ما اريد ان اذهب الى ذلك البيت.‏» فاقترح الشخص المسؤول عن الفريق ان يتركوه ليوم آخر،‏ لكنَّ الناشرة اصرَّت.‏ فوجدت الشاهدة عند ذلك الباب امرأة قالت والدموع تسيل على وجهها انها كانت تصلّي الآن من اجل المساعدة.‏ وكان الشهود قد اتصلوا بها سابقا لكنها لم تُبدِ اهتماما برسالة الكتاب المقدس.‏ إلا ان موت زوجها المفاجئ جعلها تدرك حاجتها الى المساعدة الروحية.‏ فبحثت عن قاعة الملكوت ولكن عبثا.‏ وكانت تصلّي الى اللّٰه بحرارة من اجل المساعدة،‏ وها هي الآن عند بابها.‏ واعتمدت بعد ذلك بوقت ليس بطويل.‏ لقد كانت مقتنعة بأن اللّٰه سمع صلاتها واتخذ الاجراء اللازم للاستجابة.‏ —‏ مزمور ٦٥:‏٢‏.‏

      وثمة شاهدة ليهوه المانية كانت تسكن في نيويورك،‏ جعلت الصلاة الى اللّٰه من اجل التوجيه عندما تنهمك في خدمتها ممارسة قانونية.‏ وكانت تبحث في الشارع عن امرأة مهتمة،‏ اسبوعا بعد اسبوع،‏ لأنها لا تعرف اين تسكن المرأة.‏ ثم في احد الايام في السنة ١٩٨٧،‏ عندما بدأت الشاهدة الخدمة،‏ صلَّت:‏ «يا يهوه،‏ انت تعرف اين هي.‏ فمن فضلك ساعدني لايجادها.‏» وبعد دقائق قليلة،‏ رأت المرأة جالسة في مطعم.‏

      فهل كان ذلك مجرد صدفة؟‏ يقول الكتاب المقدس ان المسيحيين الحقيقيين ‹عاملون مع اللّٰه› وأن الملائكة تُرسَل «للخدمة لاجل العتيدين ان يرثوا الخلاص.‏» (‏١ كورنثوس ٣:‏٩؛‏ عبرانيين ١:‏١٤‏)‏ وبعد ان اخبرت الشاهدة المرأة كيف وجدتها،‏ قبلت المرأة دعوة الى الجلوس وفحص الكتاب المقدس اكثر في ذلك اليوم عينه.‏

      بلوغ ‹المقاطعات التي يصعب الوصول اليها› بالبشارة

      كان شهود يهوه يثابرون على بذل جهودهم لبلوغ جميع البلدان برسالة الملكوت.‏ ولكنَّ ذلك لا يعلِّل كاملا ما جرى انجازه.‏ فقد رأوا رسالة الملكوت تنتشر في المناطق التي كانت قد صُدَّت فيها كل جهودهم المخطط لها بعناية.‏

      مثلا،‏ في اكثر من مناسبة واحدة خلال عشرينات وثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ قُدِّمت احتجاجات جدية للرسميين الحكوميين في ما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي للحصول على اذن في شحن مطبوعات الكتاب المقدس الى ذلك البلد او في طبعها هناك.‏ فكانت الردود في ذلك الحين سلبية.‏ وكان هنالك عدد قليل من شهود يهوه في الاتحاد السوڤياتي،‏ ولكن كانت تلزم مساعدة اكثر بكثير لانجاز عمل الكرازة الذي قالت كلمة اللّٰه انه يجب القيام به.‏ فهل كان بالامكان فعل شيء ما لتزويد هذه المساعدة؟‏

      من المثير للاهتمام انه عند نهاية الحرب العالمية الثانية،‏ الى جانب اناس آخرين كثيرين،‏ وجد اكثر من الف شاهد ليهوه مما كان سابقا پولندا الشرقية انفسهم ضمن الاتحاد السوڤياتي.‏ وفي معسكر اعتقال رَڤنْسْبروك،‏ تعرَّفت مئات الشابات الروسيات برفيقات سجينات من شهود يهوه.‏ وبعض هؤلاء النساء انتذرن ليهوه خلال ذلك الوقت،‏ ولاحقا أُعدن الى انحاء مختلفة من الاتحاد السوڤياتي.‏ ومئات آخرون ايضا وجدوا انهم من سكان الاتحاد السوڤياتي اذ تغيَّرت الحدود القومية خلال الحرب.‏ ولم تكن النتيجة ما نَوَته الحكومة السوڤياتية.‏ ولم ترتِّب الهيئة الحاكمة لشهود يهوه لهذا الامر.‏ ولكنَّ ذلك عمل على انجاز ما سبقت وأنبأت به كلمة اللّٰه الملهمة.‏ واذ علَّقت على هذه التطورات،‏ قالت برج المراقبة:‏ «وهكذا يمكن ان يُرى كيف يستطيع الرب،‏ بعنايته،‏ ان يقيم شهودا في ايّ بلد ليرفعوا هناك راية الحق ويعلنوا اسم يهوه.‏» —‏ عدد ١ شباط ١٩٤٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ولم يقل بلد واحد فقط لشهود يهوه:‏ ‹لا يمكنكم ان تدخلوا الى هنا!‏› او،‏ ‹لا يمكنكم ان تكرزوا هنا.‏› فقد حدث ذلك مرة بعد اخرى حول الارض،‏ في عشرات البلدان حرفيا،‏ وتكرارا نتيجة لضغط رجال الدين على الرسميين الحكوميين.‏ وبعض هذه البلدان منح شهود يهوه الوضع الشرعي لاحقا.‏ ولكن حتى قبل ان يحدث ذلك،‏ اعتنق آلاف الاشخاص عبادة يهوه،‏ خالق السماء والارض،‏ ضمن حدودهم.‏ فكيف أُنجز ذلك؟‏

      ان التعليل البسيط موجود في الكتاب المقدس،‏ وهو ان لملائكة اللّٰه دورا بارزا في حمل المناشدة الملحة الى الناس من كل امة:‏ «خافوا اللّٰه وأعطوه مجدا لأنه قد جاءت ساعة دينونته واسجدوا لصانع السماء والارض والبحر وينابيع المياه.‏» —‏ رؤيا ١٤:‏​٦،‏ ٧‏.‏

      النجاح على الرغم من الظروف الساحقة

      ان ما واجهه شهود يهوه في بعض البلدان ليس مجرد تحريمات فُرضت على خدمتهم العامة بل جهود لمحوهم كاملا.‏

      خلال الحرب العالمية الاولى،‏ بذل رجال الدين في الولايات المتحدة وكندا جهدا موحَّدا لوضع حدّ لعمل تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان شهود يهوه معروفين آنذاك.‏ وهذا واقع معروف عموما.‏ فعلى الرغم من الضمانات الشرعية لحرية التعبير والدين،‏ ضغط رجال الدين على الرسميين الحكوميين ليحظروا مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فاعتُقل واحتُجز كثيرون بدون كفالة؛‏ وضُرب آخرون بقساوة.‏ وحُكم على رسميي جمعية برج المراقبة وعشرائهم الاحماء بفترات سجن طويلة في اجراءات للمحاكم تَبيَّن لاحقا انها باطلة.‏ قال راي ابرامز في كتابه كارزون يقدِّمون اسلحة:‏ «ان تحليلا لكامل القضية يقود الى الاستنتاج ان الكنائس ورجال الدين كانوا من حيث الاصل وراء الحركة لقمع الرصليين،‏» كما كان رجال الدين يدعون باستخفاف تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ولكن بعد الحرب،‏ برز تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء بقوة اعظم من ايّ وقت مضى ليعلنوا مَلك يهوه،‏ يسوع المسيح،‏ وملكوته.‏ فمن اين اتت هذه القوة المتجددة؟‏ سبق وأنبأ الكتاب المقدس بحدث كهذا وقال انه سيكون نتيجة «روح حياة من اللّٰه.‏» —‏ رؤيا ١١:‏​٧-‏١١‏.‏

      بعد تولّي النازية السلطة في المانيا،‏ اشتد اضطهاد شهود يهوه في البلدان التي صارت تحت السيطرة النازية.‏ فكانت هنالك اعتقالات ومعاملة وحشية.‏ وفُرض الحظر.‏ وأخيرا،‏ في تشرين الاول ١٩٣٤،‏ ارسلت جماعات شهود يهوه في كل المانيا رسائل مسجَّلة الى الحكومة تذكر بوضوح انه ليست لديهم اية اغراض سياسية بل انهم مصمِّمون ان يطيعوا اللّٰه كحاكم.‏ وفي الوقت نفسه،‏ ارسلت جماعات الشهود في كل العالم برقيات تأييدا لاخوتهم المسيحيين في المانيا.‏

      وفي ذلك اليوم عينه،‏ ٧ تشرين الاول ١٩٣٤،‏ في مكتب الدكتور ڤيلْهَلْم فْريك،‏ في برلين،‏ اعلن أدولف هتلر بقبضتين مشدودتين في ما يتعلق بشهود يهوه:‏ «سيباد هذا الجنس في المانيا!‏» ولم يكن ذلك مجرد تهديد فارغ.‏ فقد حدثت اعتقالات واسعة الانتشار.‏ واستنادا الى بيان شرطة الدولة السرية الپروسية الخاص المؤرخ في ٢٤ حزيران ١٩٣٦،‏ تشكلت «فرقة ڠستاپو خصوصية» لمحاربة الشهود.‏ وبعد استعداد واسع شنّ الڠستاپو حملتهم لأسر كل شهود يهوه وكل مَن يُشتبه في انه شاهد.‏ وفي ذلك الهجوم كانت شبكة الشرطة بكاملها متورطة،‏ تاركة العناصر الاجرامية دون رادع.‏

      تدل التقارير ان نحو ٢٦٢‏,٦ شاهدا المانيا اعتُقلوا في نهاية الامر.‏ كتب لاحقا كارل ويتيڠ،‏ رسمي حكومي الماني سابق كان محتجزا في عدة معسكرات اعتقال:‏ «ما من فريق سجناء آخر .‏ .‏ .‏ تعرَّض لسادية جنود وحدات الحماية بالطريقة التي تعرَّض بها تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فقد كانت سادية موسومة بسلسلة لا تنتهي من العذابات الجسدية والعقلية،‏ التي لا يمكن لأية لغة في العالم ان تعبِّر عنها.‏»‏

      وماذا كانت النتيجة؟‏ في كتاب صدر في السنة ١٩٨٢،‏ تستنتج كريستين كينڠ:‏ «فقط ضد الشهود [بالتباين مع الفرق الدينية الاخرى] كانت الحكومة غير ناجحة.‏» لقد صرَّح هتلر انه سيبيدهم،‏ فقُتل المئات.‏ ولكنَّ الدكتورة كينڠ تذكر:‏ «استمر العمل [عمل الكرازة بملكوت اللّٰه] وفي ايار ١٩٤٥ كانت حركة شهود يهوه لا تزال ناشطة،‏ في حين ان الاشتراكية القومية لم تكن كذلك.‏» وتوضح ايضا:‏ «لم تكن هنالك مسايرات.‏» (‏الدولة النازية والاديان الجديدة:‏ دراسات لخمس قضايا في عدم الموافقة‏)‏ فلماذا عجز هتلر،‏ بجيشه المجهَّز جيدا،‏ شرطته المدرَّبة على مستوى رفيع،‏ ومعسكراته العديدة للابادة،‏ عن تنفيذ تهديده بأن يهلك هذا الفريق الصغير نسبيا وغير المسلَّح ممَّن يعتبرهم العالم اناسا عاديين؟‏ ولماذا عجزت الامم الاخرى عن وضع حدّ لنشاطهم؟‏ ولماذا بقي شهود يهوه ككل،‏ لا مجرد عدد قليل من الافراد المنعزلين،‏ ثابتين في وجه الاضطهاد الوحشي؟‏

      يكمن الجواب في نصيحة حكيمة اعطاها غمالائيل،‏ معلِّم للناموس،‏ للرفقاء الاعضاء في السنهدريم اليهودي عندما كانوا يعالجون قضية مماثلة تتعلق برسل يسوع المسيح.‏ قال:‏ «تنحَّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم.‏ لأنه إن كان هذا الرأي او هذا العمل من الناس فسوف ينتقض.‏ وإن كان من اللّٰه فلا تقدرون ان تنقضوه.‏ لئلا توجدوا محاربين للّٰه ايضا.‏» —‏ اعمال ٥:‏​٣٨،‏ ٣٩‏.‏

      وهكذا تظهر الوقائع التاريخية ان المهمة المستحيلة ظاهريا التي فوَّض يسوع الى أتباعه ان يقوموا بها في وجه ما يبدو ظروفا ساحقة تُنجَز لا بالقدرة البشرية بل بروح اللّٰه.‏ وكما قال يسوع نفسه في الصلاة الى اللّٰه:‏ ‹ايها الآب كل شيء مستطاع لك.‏› —‏ مرقس ١٤:‏٣٦‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٤٧]‏

      ‏«‹بروحي،‏› قال يهوه الجنود»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٤٨]‏

      ماذا قوَّاهم على الاستمرار في الكرازة على الرغم من السخرية والاضطهاد العنيف؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٤٩]‏

      الدليل على التوجيه الملائكي

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٥١]‏

      ‏‹يستطيع الرب ان يقيم شهودا في ايّ بلد›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٥٣]‏

      شعب متحد برهن انه ثابت في الايمان في وجه ما يبدو ظروفا ساحقة

  • الكرازة جهرا ومن بيت الی بيت
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٥

      الكرازة جهرا ومن بيت الى بيت

      عندما ارسل يسوع تلاميذه،‏ امرهم:‏ «وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات.‏» (‏متى ١٠:‏٧‏)‏ وفي وصيَّته النبوية للمسيحيين الحقيقيين الذين كانوا سيحيون خلال اختتام نظام الاشياء قال:‏ ‏«يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة.‏» (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ فماذا عنى ذلك؟‏

      لم يعنِ انه كان عليهم ان يبنوا كنائس،‏ يقرعوا جرسا،‏ وينتظروا حتى تجتمع جماعةٌ لتصغي اليهم وهم يقدِّمون موعظة كلَّ اسبوع.‏ فالفعل اليوناني المنقول هنا الى «يكرز» (‏كِريسّو‏)‏ يعني،‏ من حيث الاساس،‏ «ينادي كبشير.‏» والفكرة ليست إلقاء مواعظ على فريق محدود من التلاميذ بل بالاحرى صنع اعلان جهري علني.‏

      رسم يسوع نفسه المثال في ما يتعلق بكيفية القيام بذلك.‏ فذهب الى اماكن حيث كان بإمكانه ان يجد الناس.‏ وفي القرن الاول كان الناس يجتمعون قانونيا في المجامع ليسمعوا قراءة الاسفار المقدسة.‏ فانتهز يسوع الفرص ليكرز لهم هناك،‏ لا في مجرد مدينة واحدة بل في المدن والقرى في كل انحاء الجليل واليهودية.‏ (‏متى ٤:‏٢٣؛‏ لوقا ٤:‏​٤٣،‏ ٤٤؛‏ يوحنا ١٨:‏٢٠‏)‏ وبشكل متكرِّر اكثر ايضا،‏ كما تُظهر سجلات الاناجيل،‏ كرز عند شاطئ البحر،‏ في سفح الجبل،‏ على طول الطريق،‏ في القرى،‏ وفي بيوت اولئك الذين استقبلوه.‏ وحيثما وجد اناسا،‏ كان يتكلم عن قصد اللّٰه للجنس البشري.‏ (‏لوقا ٥:‏٣؛‏ ٦:‏​١٧-‏٤٩؛‏ ٧:‏​٣٦-‏٥٠؛‏ ٩:‏​١١،‏ ٥٧-‏٦٢؛‏ ١٠:‏​٣٨-‏٤٢؛‏ يوحنا ٤:‏​٤-‏٢٦،‏ ٣٩-‏٤٢‏)‏ وعندما ارسل تلاميذه،‏ امرهم ان يذهبوا الى بيوت الناس ليفحصوا مَن فيها مستحقون ويشهدوا لهم بملكوت اللّٰه.‏ —‏ متى ١٠:‏​٧،‏ ١١-‏١٣‏.‏

      وفي الازمنة العصرية يسعى شهود يهوه الى اتِّباع المثال الذي رسمه يسوع وتلاميذه في القرن الاول.‏

      التبشير بخبر حضور المسيح

      اذ ابتدأ تشارلز تاز رصل وعشراؤه يدركون نموذج الحق المتناسق المرسوم في كلمة اللّٰه،‏ تأثَّروا عميقا بما تعلَّموه عن هدف وطريقة رجوع المسيح.‏ فشعر الاخ رصل بالحاجة الى اعلان ذلك وبالالحاح الكبير في هذا الامر على السواء.‏ فرتَّب شؤونه ليسافر الى اماكن يوجد فيها اشخاص يمكنه التكلم اليهم عن حقائق الكتاب المقدس هذه.‏ وحضر الاجتماعات الدينية التي تُعقد في الهواء الطلق واستفاد من الفرص للتكلم اليهم،‏ كما كان يسوع يكرز في المجامع.‏ ولكنه سرعان ما ادرك انه يمكن انجاز المزيد بطرائق اخرى.‏ وأظهر درسه للاسفار المقدسة ان يسوع ورسله قاموا بالجزء الاكبر من كرازتهم وهم يتحدثون شخصيا الى الافراد وحين يذهبون من بيت الى بيت.‏ وأدرك ايضا قيمة متابعة المحادثة بوضع شيء مطبوع بين ايدي الناس.‏

      في السنة ١٨٧٧ كان قد اصدر كراس هدف وطريقة رجوع ربنا.‏ وبعد سنتين شرع في الاصدار القانوني لمجلة برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏ اجل،‏ كان الهدف هو الكرازة،‏ او التبشير،‏ بالخبر الحيوي عن حضور المسيح.‏

      وقديما في السنة ١٨٨١ كانت مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس تُعطى مجانا قرب الكنائس —‏ لا عند ابواب الكنائس مباشرة بل على مقربة منها لكي يتسلَّمها الناس ذوو الميل الديني.‏ وكثيرون من تلاميذ الكتاب المقدس اعطوا مطبوعات كهذه لمعارفهم او ارسلوها بالبريد.‏ وبحلول السنة ١٩٠٣ اوصت برج المراقبة بأن يحاولوا الوصول الى كل شخص بتوزيع النشرات من بيت الى بيت،‏ عوض التركيز على روَّاد الكنائس.‏ لم يفعل هذا كل تلاميذ الكتاب المقدس،‏ لكنَّ كثيرين تجاوبوا بغيرة حقيقية.‏ مثلا،‏ أُخبر انه في عدد من المدن الكبرى في الولايات المتحدة،‏ وكذلك في ضواحيها على بعد عشرة اميال (‏١٦ كلم)‏ او اكثر بكل اتجاه،‏ جرت زيارة كل بيت تقريبا.‏ وبهذه الطريقة وُزِّعت ملايين وملايين النشرات او الكراريس.‏ وفي ذلك الوقت كان معظم تلاميذ الكتاب المقدس الذين اشتركوا في نشر البشارة قد فعلوا ذلك بشكل من اشكال التوزيع المجاني للنشرات والمطبوعات الاخرى.‏

      وآخرون من تلاميذ الكتاب المقدس —‏ وهم اقل عددا —‏ خدموا كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات،‏ مستعملين جزءا كبيرا من وقتهم كليا لهذا العمل.‏

      موزعو المطبوعات الجائلون الغيورون في الطليعة

      ان الدعوة الاولى للرجال والنساء المنتذرين الذين يمكنهم استعمال مقدار كبير من وقتهم في هذه الخدمة خرجت في نيسان ١٨٨١.‏ فكانوا يقدِّمون لاصحاب البيوت ورجال الاعمال كتابا صغيرا يشرح حقائق الكتاب المقدس واشتراكا في برج المراقبة.‏ وكان هدفهم ان يفتِّشوا جاهدين عن الجياع للحق ويشتركوا معهم في الاستنارة.‏ وقد حاولوا لمدة من الوقت ان يقولوا مجرد ما يكفي لاثارة الاهتمام،‏ تاركين في كل بيت رزمة صغيرة تحتوي على مطبوعات ليتفحَّصها صاحب البيت،‏ وعائدين بعد ايام قليلة.‏ كان بعض اصحاب البيوت يعيدون المطبوعات؛‏ وكان آخرون يرغبون في شرائها؛‏ وكثيرا ما كانت تُتاح الفرص للمحادثة.‏ وفي ما يتعلق بهدفهم،‏ ذكرت برج المراقبة:‏ «ليس الامر بيع الرِّزَم الصغيرة،‏ ولا الحصول على الاشتراكات،‏ بل نشر الحق بحمل الناس على القراءة.‏»‏

      كان العدد الذي اشترك في عمل التبشير الجائل لتوزيع المطبوعات هذا صغيرا نسبيا.‏ فخلال الـ‍ ٣٠ سنة الاولى،‏ تراوحت صفوفهم بين عدد قليل و ٦٠٠ او نحو ذلك.‏ وكان موزعو المطبوعات الجائلون هؤلاء فاتحين بكل معنى الكلمة،‏ مفتتحين مقاطعات جديدة.‏ كانت آنا اندرسن واحدة من الذين واظبوا على هذه الخدمة لعقود،‏ متنقِّلة عادةً على دراجة،‏ وقد وصلت شخصيا بالبشارة الى كل بلدة تقريبا في النَّروج.‏ وسافر موزعو مطبوعات جائلون آخرون الى الخارج وكانوا اول مَن حملوا الرسالة الى بلدان مثل فنلندا،‏ باربادوس،‏ السلڤادور،‏ ڠواتيمالا،‏ هُندوراس،‏ وبورما (‏الآن ميانمار)‏.‏ وكان هنالك ايضا بعض الذين لم يكونوا قادرين على الانتقال الى مناطق اخرى ولكنهم خدموا كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات في مقاطعتهم المحلية.‏

      كان عمل موزعي المطبوعات الجائلين رائعا.‏ وفي السنة ١٨٩٨ كتب شخص كان يخدم في الساحل الغربي للولايات المتحدة انه،‏ خلال الاشهر الـ‍ ٣٣ الماضية،‏ سافر ٠٠٠‏,٨ ميل (‏٨٠٠‏,١٢ كلم)‏ بعربته وجواده،‏ شهد في ٧٢ بلدة،‏ قام بـ‍ ٠٠٠‏,١٨ زيارة،‏ وضع ٥٠٠‏,٤ كتاب،‏ حصل على ١٢٥ اشتراكا،‏ وزَّع مجانا ٠٠٠‏,٤٠ نشرة،‏ ورأى ٤٠ شخصا ليس فقط يقبلون الرسالة بل ايضا يبدأون باخبارها للآخرين.‏ ونجح فريق يتألف من زوج وزوجة يخدم في اوستراليا في وضع ٠٠٠‏,٢٠ كتاب بين ايدي الاشخاص المهتمين خلال فترة سنتين ونصف فقط.‏

      هل كانت التوزيعات الكثيرة استثناء ام قاعدة؟‏ يظهر تقرير السنة ١٩٠٩ ان نحو ٦٢٥ موزِّعا للمطبوعات جائلا (‏المجموع في القائمة في ذلك الوقت)‏ تسلَّموا من الجمعية ٩٨١‏,٦٢٦ كتابا مجلَّدا للتوزيع على العامة (‏معدل اكثر من ألف لكل موزِّع مطبوعات جائل)‏،‏ الى جانب مقدار كبير من المطبوعات المجانية.‏ وفي اغلب الاحيان لم يكن بإمكانهم ان يحملوا ما يكفي من الكتب من بيت الى بيت،‏ ولذلك كانوا يأخذون الطلبات ثم يعودون لاحقا للتسليم.‏

      لكنَّ البعض اعترضوا:‏ «هذه ليست كرازة!‏» ولكنها في الواقع،‏ كما اوضح الاخ رصل،‏ كانت كرازة من النوع الاكثر فعَّالية.‏ فعوض الاصغاء الى مجرد موعظة واحدة،‏ كان الناس ينالون مواعظ عديدة في شكل مطبوع وهكذا كان بإمكانهم ان يتمتعوا بها مرة بعد اخرى وأن يتحقَّقوا محتوياتها في كتبهم المقدسة.‏ فهذا كان تبشيرا اخذ في الاعتبار واقع ان التعليم العام مكَّن الناس من القراءة.‏ اوضح كتاب الخليقة الجديدة:‏ «ان واقع عمل هؤلاء المبشرين وفقا لأساليب تلائم زمننا بدلا من اساليب تلائم الماضي ليس حجة ضد هذا العمل اكثر من واقع سفرهم بوسائل تعمل بالطاقة البخارية والكهربائية بدلا من المشي او ركوب الجمال.‏ فالتبشير هو بتقديم الحق .‏ .‏ .‏،‏ كلمة اللّٰه.‏»‏

      ان الاهتمام الاصيل لتلاميذ الكتاب المقدس بمساعدة الناس كان ظاهرا في الشمولية التي صارت على مر الوقت صفة تميِّز عملهم الكرازي.‏ وقد اختصرت برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩١٧ (‏بالانكليزية)‏ البرنامج كما يلي:‏ اولا،‏ يقوم موزعو المطبوعات الجائلون بزيارة المنازل في المنطقة،‏ مقدِّمين مجلَّدات دروس في الاسفار المقدسة.‏ ثم يقوم العمال الرعويونa بزيارة الاشخاص الذين يسجِّل اسماءهم موزعو المطبوعات الجائلون او يقدِّمونها في الاجتماعات العامة.‏ وكانوا يحاولون اثارة الرغبة في قراءة المطبوعات،‏ يشجِّعون المهتمين على حضور الخطابات المرتَّبة بشكل خصوصي،‏ ويبذلون جهدا لترتيب صفوف للدرس البيري للكتاب المقدس.‏ وعندما يكون ممكنا،‏ يغطي موزعو المطبوعات الجائلون المنطقة نفسها من جديد،‏ ثم يلاحق العمال الرعويون زياراتهم بهدف البقاء على اتصال بالذين اظهروا اهتماما.‏ وفي ما بعد يزور عمال الصف الآخرون المنازل نفسها بمواد طوعية،‏ كما كانوا يَدْعون النشرات والمطبوعات المجانية الاخرى التي يقدِّمونها.‏ وهذا مكَّن الجميع من نيل شيء على الاقل قد يثير الرغبة في تعلُّم المزيد عن قصد اللّٰه.‏

      عندما كان يخدم موزع مطبوعات جائل واحد او اثنان فقط في منطقة،‏ ولم تكن هنالك جماعة،‏ كثيرا ما كان موزعو المطبوعات الجائلون يقومون هم بعمل الملاحقة.‏ وهكذا،‏ عندما ذهب هرمان هِركِندِل ورفيقه الى بيلفَلت،‏ المانيا،‏ كموزعَي مطبوعات جائلَين في السنة ١٩٠٨،‏ أُعطيا تعليمات على وجه التخصيص بأن يعرِّفا المهتمين في المنطقة بعضهم ببعض ويشكِّلا جماعة.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ ذكرت برج المراقبة موزعي مطبوعات جائلين آخرين كانوا يمنحون انتباها شخصيا للمهتمين حتى انهم كانوا يتركون صفا من تلاميذ الكتاب المقدس في كل بلدة او مدينة يخدمون فيها.‏

      وزُوِّد مساعد قيِّم في هذا العمل سنة ١٩٢١ في كتاب The Harp of God (‏قيثارة اللّٰه‏)‏‏.‏ واذ صُمِّم خصوصا لفائدة المبتدئين،‏ بلغ توزيع الكتاب اخيرا ٠٣٧‏,٨١٩‏,٥ بـ‍ ٢٢ لغة.‏ ولمساعدة الذين حصلوا على هذا الكتاب،‏ رتَّبت الجمعية مقرَّرا تعليميا بالمراسلة في درس للكتاب المقدس مرتَّب بحسب المواضيع.‏ وقد تألف هذا المقرَّر من ١٢ مجموعة من الاسئلة ترسَل خلال فترة ١٢ اسبوعا.‏ وباستعمال هذا الكتاب كانت تُصنَع ايضا ترتيبات لمناقشات للكتاب المقدس كفريق في بيوت الاشخاص المهتمين.‏ وكان عدد من تلاميذ الكتاب المقدس يحضر عادةً درسا كهذا.‏

      ولكنَّ الشهود كانوا مدركين جيدا ضخامة الحقل وقلَّة أعدادهم.‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢‏.‏

      الوصول الى كثيرين عندما كانت الاعداد قليلة

      اوضحت برج المراقبة ان اولئك الذين هم مسيحيون ممسوحون بالروح حقا،‏ لديهم المسؤولية المعطاة من اللّٰه ان يجدوا ويساعدوا كل الذين هم مسيحيون مخلصون،‏ سواء أكانوا من روَّاد الكنائس أم لا.‏ (‏اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢‏)‏ فكيف كان يمكن القيام بذلك؟‏

      ان تلميذَي الكتاب المقدس (‏ج.‏ سي.‏ سانْدِرْلِن و ج.‏ ج.‏ بِندر)‏ اللذين أُرسلا الى انكلترا في السنة ١٨٨١ كان يمكن ان ينجزا القليل نسبيا وحدهما؛‏ ولكن بمساعدة مئات الشبان الذين دُفع لهم لقاء خدماتهم،‏ نجحا في توزيع ٠٠٠‏,٣٠٠ نسخة من طعام للمسيحيين المفكرين في مجرد وقت قصير.‏ وأدولف وايبر،‏ الذي عاد الى سويسرا حاملا البشارة في اواسط تسعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ كانت لديه مقاطعة واسعة تمتد الى بلدان عديدة ليكرز فيها.‏ فكيف كان بإمكانه ان يغطيها كلها؟‏ لقد سافر شخصيا بعيدا كموزع جائل للمطبوعات،‏ ولكنه وضع ايضا اعلانات في الصحف وصنع الترتيبات لكي يشمل باعةُ الكتب مطبوعات برج المراقبة بمجموعاتهم.‏ والفريق الصغير لتلاميذ الكتاب المقدس في المانيا في السنة ١٩٠٧ رتَّب لارسال ٠٠٠‏,٨٥٠‏,٤ نشرة مؤلَّفة من اربع صفحات مع الصحف بالبريد.‏ وبعد الحرب العالمية الاولى بوقت قصير،‏ دفع المال اخ من لاتڤيا،‏ وهو احد مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية في نيويورك،‏ لقاء نشر اعلانات في الصحف في بلده الام.‏ وأحد الرجال الذي تجاوب مع احد هذه الاعلانات صار اول تلميذ للكتاب المقدس في لاتڤيا.‏ إلا ان استعمال وسائل دعاية كهذه لم يحل محل الشهادة الشخصية والبحث من بيت الى بيت عن المستحقين.‏ ولكنها استُعملت لتوسيع المناداة.‏

      إلا انه نُشر في الصحف اكثر من مجرد اعلانات.‏ فخلال السنوات التي ادَّت الى الحرب العالمية الاولى،‏ وتحت اشراف الاخ رصل،‏ نُشرت مواعظه قانونيا.‏ وفي فترة قصيرة ازداد نشرها في الصحف بشكل مذهل.‏ فأكثر من ٠٠٠‏,٢ صحيفة،‏ بمجموع قرَّاء من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٥،‏ كانت تحمل هذه المواعظ في آن واحد في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ بريطانيا،‏ اوستراليا،‏ وجنوب افريقيا.‏ وهل كان بالامكان فعل المزيد؟‏ اعتقد الاخ رصل ذلك.‏

      بعد سنتين من التحضير،‏ عُرضت لأول مرة «رواية الخلق المصوَّرة» في كانون الثاني ١٩١٤.‏ وقد قُدِّمت «الرواية المصوَّرة» في اربعة اجزاء.‏ وشمل البرنامج الذي يستغرق ثماني ساعات صورا متحركة وصورا منزلقة،‏ متناسقة مع تسجيلات صوتية.‏ لقد كانت في الحقيقة انتاجا رائعا مصمَّما لبناء التقدير للكتاب المقدس وقصد اللّٰه كما هو موجود فيه.‏ ونُظِّمت العروض بحيث يكون بالامكان خدمة ٨٠ مدينة كل يوم.‏ وجرى الاعلان مسبقا بواسطة الصحف،‏ عدد كبير من اللافتات الموضوعة على زجاج شبابيك البيوت وواجهات المتاجر،‏ وتوزيع كميات ضخمة من المواد المطبوعة المجانية المصمَّمة لاثارة الاهتمام بـ‍ «الرواية المصوَّرة.‏» وحيثما عُرضت كانت الحشود تخرج لرؤيتها.‏ وفي غضون سنة،‏ وصلت «الرواية المصوَّرة» الى حضور يزيد مجموعه على ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٨ شخص في الولايات المتحدة وكندا،‏ ووردت تقارير عن حشود كبيرة اخرى من بريطانيا والقارة الاوروپية بالاضافة الى اوستراليا ونيوزيلندا.‏ وتبعت «الرواية المصوَّرة» نسخةٌ معدَّلة اقصر نوعا ما (‏دون الصور المتحركة)‏ للاستعمال في البلدات الاصغر والمناطق الريفية.‏ واستمر استعمال الرواية لعقدين على الاقل بلغات مختلفة.‏ فأُثير كثير من الاهتمام،‏ قُدِّمت اسماء المهتمين،‏ وجرى القيام بزيارات الملاحقة.‏

      ثم،‏ في السنة ١٩٢٠،‏ توافرت اداة اخرى لاعلان رسالة الملكوت بشكل واسع.‏ وشعر الاخ رذرفورد بقوة بأن يد الرب كانت ظاهرة في تطوُّرها.‏ فماذا كانت؟‏ الراديو.‏ فبعد اقل من سنتين من ابتداء البث القانوني لأول محطة اذاعية تجارية في العالم (‏في السنة ١٩٢٠)‏،‏ تكلَّم ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة،‏ على الهواء لاذاعة حق الكتاب المقدس.‏ وهذه كانت اداة يمكن ان تصل الى ملايين الناس في آن واحد.‏ وبعد سنتين اضافيتين،‏ في السنة ١٩٢٤،‏ كانت للجمعية محطتها الاذاعية الخاصة،‏ WBBR‏،‏ العاملة في نيويورك.‏ وبحلول السنة ١٩٣٣،‏ السنة الذروة،‏ كانت ٤٠٨ محطات تُستخدم لنقل الرسالة الى ست قارات.‏ والى جانب البرامج الاذاعية الحية،‏ سُجِّلت مسبقا برامج حول عدد كبير من المواضيع.‏ وجرى القيام بالاعلان المحلي المكثَّف بتوزيع اعلانات مطبوعة لكي يعلم الناس بالبرامج الاذاعية ويستفيدوا منها.‏ وهذه البرامج الاذاعية خففت كثيرا التحامل وفتحت اعين الاشخاص المستقيمي القلب.‏ فكثيرون من الناس،‏ بدافع الخوف من جيرانهم ورجال الدين،‏ احجموا عن حضور الاجتماعات التي يرعاها تلاميذ الكتاب المقدس،‏ ولكنَّ ذلك لم يمنعهم من الاصغاء الى الراديو في عزلة بيوتهم الخاصة.‏ ولم تحل البرامج الاذاعية محل الحاجة الى الشهادة من بيت الى بيت؛‏ لكنها حملت حق الكتاب المقدس الى اماكن يصعب الوصول اليها،‏ وزوَّدت فرصا ملائمة ممتازة للمحادثات عندما كان الشهود يزورون البيوت شخصيا.‏

      مسؤولية كل فرد ان يشهد

      طوال عقود في برج المراقبة،‏ لُفِت الانتباه الى مسؤولية الاشتراك الشخصي في الشهادة.‏ ولكن من السنة ١٩١٩ فصاعدا كان ذلك موضوعا للمناقشة المستمرة في المطبوعات وفي برامج المحافل.‏ ومع ذلك بالنسبة الى كثيرين لم يكن من السهل الاقتراب الى الغرباء عند بابهم،‏ وفي بادئ الامر اشترك قانونيا عدد محدود فقط من تلاميذ الكتاب المقدس في الشهادة من بيت الى بيت.‏

      مُنح تشجيع مبهج للقلب مؤسس على الاسفار المقدسة.‏ وبرز الموضوع «مبارَكون هم الشجعان» في عددَي برج المراقبة ١ و ١٥ آب ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏.‏ وقد حذَّر من خوف الانسان،‏ لفت الانتباه الى محاربي جدعون الـ‍ ٣٠٠ الشجعان الذين كانوا منتبهين ومستعدين للخدمة بالطريقة التي يوجِّههم اليها الرب وفي وجه الصعاب التي تبدو ساحقة،‏ ومدح اتكال اليشع الشجاع على يهوه.‏ (‏قضاة ٧:‏​١-‏٢٥؛‏ ٢ ملوك ٦:‏​١١-‏١٩؛‏ امثال ٢٩:‏٢٥‏)‏ وفي السنة ١٩٢١،‏ ابرزت المقالة «تشجَّعوا» لا مجرد الواجب بل الامتياز الذي للخدمة الى جانب الرب ضد قوى الظلمة الشيطانية بالاشتراك في القيام بالعمل المنبإ به في متى ٢٤:‏١٤‏.‏ والذين تفرض عليهم ظروفهم تقييدات،‏ جرى حثُّهم على عدم التثبُّط وفي الوقت نفسه على عدم الاحجام عن فعل ما في وسعهم.‏

      وبواسطة مناقشات صريحة مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ جعلت برج المراقبة كل الذين يدَّعون انهم خدام ممسوحون للّٰه يدركون مسؤوليتهم ان يكونوا منادين بملكوت اللّٰه.‏ واحتوى عدد ١٥ آب ١٩٢٢ (‏بالانكليزية)‏ على مقالة مختصرة وصريحة بعنوان «الخدمة اساسية» —‏ اي الخدمة تمثُّلا بالمسيح،‏ الخدمة التي كانت ستأخذ الفرد الى بيوت الآخرين لاخبارهم عن ملكوت اللّٰه.‏ ولاحقا في تلك السنة عينها،‏ أُظهر ان خدمة كهذه يجب ان تدفعها المحبة لتكون ذات قيمة في نظر اللّٰه.‏ (‏١ يوحنا ٥:‏٣‏)‏ والمقالة في عدد ١٥ حزيران ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ ذكرت ان اللّٰه لا يتأثر مطلقا بالعبادة الشكلية؛‏ فما يريده هو الطاعة،‏ وهذا يشمل التقدير لاية وسيلة يستعملها لانجاز قصده.‏ (‏١ صموئيل ١٥:‏٢٢‏)‏ وفي السنة التالية،‏ عند التأمل في «مهمة المسيحيين على الارض،‏» وُجِّه الانتباه الى دور يسوع بصفته «الشاهد الامين الصادق» والى واقع ان الرسول بولس كرز «جهرا ومن بيت الى بيت.‏» —‏ رؤيا ٣:‏١٤؛‏ اعمال ٢٠:‏٢٠‏،‏ ع‌ج.‏

      وكانت العروض المفصَّلة ليحفظها الناشرون تُزوَّد في النشرة،‏ رسالتهم الشهرية التي تحتوي على ارشادات تتعلق بالخدمة.‏ وكان يُمنح التشجيع على الاشتراك في خدمة الحقل قانونيا كل اسبوع.‏ ولكنَّ عدد الذين يشهدون فعليا بالذهاب من بيت الى بيت كان صغيرا في البداية،‏ وبعض الذين بدأوا لم يستمروا في العمل.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ كان المعدل الاسبوعي لعدد الذين أُخبر انهم اشتركوا في خدمة الحقل سنة ١٩٢٢ يبلغ ٧١٢‏,٢.‏ ولكن بحلول السنة ١٩٢٤،‏ انخفض الرقم الى ٠٣٤‏,٢.‏ وفي السنة ١٩٢٦،‏ ارتفع المعدل الى ٢٦١‏,٢،‏ بذروة ٩٣٧‏,٥ اشتركوا خلال اسبوع واحد من النشاط الخصوصي.‏

      ثم،‏ في وقت متأخر من السنة ١٩٢٦،‏ ابتدأت الجمعية تشجِّع الجماعات ان يشملوا جزءا من يوم الاحد كوقت لشهادة الفريق وأن يقدِّموا في ذلك الوقت لا النشرات فقط بل ايضا الكتب لدرس الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٢٧،‏ حثَّت برج المراقبة الاولياء في الجماعات ان ينحّوا عن مركز شيخ كل مَن يُظهر كلامهم او اعمالهم انهم لا يقبلون مسؤولية الشهادة جهرا ومن بيت الى بيت.‏ وهكذا،‏ مجازيا،‏ نُزعت الاغصان التي لا تأتي بثمر،‏ وتلك الباقية جرى قضبها لكي تأتي بثمر اكثر تسبيحا للّٰه.‏ (‏قارنوا مثل يسوع في يوحنا ١٥:‏​١-‏١٠‏.‏)‏ وهل انتج ذلك فعلا زيادة في تسبيح يهوه الجهري؟‏ شهدت السنة ١٩٢٨ زيادة ٥٣ في المئة في المعدل الاسبوعي لعدد المشتركين في الشهادة في الولايات المتحدة!‏

      لم يعد الشهود يكتفون بتسليم الناس نشرة مجانية والانتقال الى البيت التالي.‏ فقد كان المزيد منهم يتكلمون باختصار مع اصحاب البيوت،‏ محاولين اثارة الاهتمام برسالة الكتاب المقدس،‏ ثم يعرضون عليهم الكتب ليقرأوها.‏

      كان اولئك الشهود الاولون شجعانا بالتأكيد،‏ بالرغم من انهم لم يكونوا جميعا لبقين.‏ ومع ذلك برزوا متميزين عن الفرق الدينية الاخرى.‏ فهم لم يقولوا فقط ان كل فرد يجب ان يشهد لايمانه.‏ ولكنهم كانوا يقومون بذلك فعلا بأعداد متزايدة على الدوام.‏

      بطاقات الشهادة والفونوڠرافات

      في وقت متأخر من السنة ١٩٣٣ جرى الابتداء بأسلوب مختلف للكرازة.‏ كمقدمة،‏ كان الشهود يسلِّمون الناس بطاقة شهادة فيها رسالة مختصرة ليقرأها صاحب البيت.‏ وكان ذلك مساعدا الى حد بعيد وخصوصا للناشرين الجدد،‏ الذين لم ينالوا الكثير من التدريب في تلك الايام.‏ وعموما،‏ كانوا يقدِّمون لصاحب البيت مجرد تعليقات مختصرة قليلة بعد ان تكون البطاقة قد قُرئت؛‏ وكان البعض يتكلمون بشكل مطوَّل اكثر،‏ مستخدمين الكتاب المقدس.‏ واستمر استعمال بطاقات الشهادة حتى اواخر اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وسمح ذلك بتغطية سريعة للمقاطعة،‏ ومكَّن الشهود من بلوغ مزيد من الناس،‏ ايصال الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس القيِّمة الى ايديهم،‏ اعطاء شهادة موحَّدة،‏ وحتى تقديم الرسالة للناس الذين لا يتكلمون لغتهم.‏ وأدَّى ايضا الى لحظات حرجة عندما كان اصحاب البيوت يحتفظون بالبطاقة ويغلقون بابهم،‏ مما يضطر الشاهد الى القرع من جديد لاسترجاعها!‏

      ومحاضرات الكتاب المقدس المسجَّلة كان لها ايضا دور بارز خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ وأوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ ففي السنة ١٩٣٤،‏ ابتدأ بعض الشهود يأخذون معهم فونوڠرافا قابلا للحمل عندما يذهبون للشهادة.‏ وكان الجهاز ثقيلا الى حد ما،‏ ولذلك كانوا يُبقونه في سياراتهم او يتركونه في مكان ملائم حتى يجدوا اشخاصا راغبين في الاصغاء الى خطاب مسجَّل من الكتاب المقدس.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٣٧،‏ جرى الابتداء باستخدام الفونوڠراف القابل للحمل عند عتبة الباب.‏ وكان الاجراء بسيطا:‏ بعد ان يذكر الشاهد انَّ لديه رسالة مهمة من الكتاب المقدس،‏ كان يضع الإبرة على الاسطوانة ويدعها تتكلم.‏ كاسپر كايم،‏ فاتح الماني يخدم في النَّذَرلند،‏ كان شاكرا جدا على ‹هٰرونه،‏› كما دعا الفونوڠراف،‏ لانه كان يستصعب الشهادة بالهولندية.‏ (‏قارنوا خروج ٤:‏​١٤-‏١٦‏.‏)‏ وبدافع الفضول كانت احيانا عائلات بكاملها تصغي الى الاسطوانات.‏

      في السنة ١٩٤٠،‏ كان يُستعمَل اكثر من ٠٠٠‏,٤٠ فونوڠراف.‏ وفي تلك السنة أُدخل طراز عمودي جديد من تصميم وصنع الشهود،‏ واستُعمل خصوصا في الاميركتين.‏ وقد اثار فضولا اكثر ايضا لانه لم يكن بإمكان اصحاب البيوت ان يروا الاسطوانات وهي تشغَّل.‏ وكانت كل اسطوانة تدور بسرعة ٧٨ دورة في الدقيقة ومدَّتها اربع دقائق ونصف.‏ وكانت العناوين قصيرة وتصيب الهدف:‏ «الملكوت،‏» «الصلاة،‏» «الطريق الى الحياة،‏» «الثالوث،‏» «المطهر،‏» «لماذا يقاوم رجال الدين الحق.‏» وقد سُجِّل ما يزيد على ٩٠ محاضرة مختلفة؛‏ وأكثر من مليون اسطوانة وُضعت قيد الاستعمال.‏ وكانت العروض واضحة وسهلة المتابعة.‏ وكثيرون من اصحاب البيوت اصغوا بتقدير؛‏ وقليلون تجاوبوا بعنف.‏ ولكن جرى تقديم شهادة فعَّالة ومنتظمة.‏

      اعلان البشارة بجرأة في الاماكن العامة

      مع ان بطاقات الشهادة وأسطوانات الفونوڠراف كانت تقوم بالقسط الاكبر من «الكلام،‏» كانت تلزم شجاعة كبيرة ليكون المرء شاهدا خلال تلك السنوات.‏ فطبيعة العمل بحد ذاتها تطلَّبت من الشهود الافراد ان يظهروا امام الناس.‏

      عقب محفل السنة ١٩٣١ في كولومبس،‏ اوهايو،‏ وزَّع شهود يهوه كراس الملكوت،‏ رجاء العالم،‏ الذي تضمَّن قرارا بعنوان «تحذير من يهوه» كان موجَّها «الى الحكام والى الشعب.‏» واعترفوا بأنه يُلقى عليهم،‏ كشهود ليهوه،‏ التزام خطير ان يقدِّموا التحذير الموجود في كلمته.‏ (‏حزقيال ٣:‏​١٧-‏٢١‏)‏ وهم لم يكتفوا بوضع هذه الكراريس في البريد او دسِّها تحت الابواب.‏ لقد سلَّموها شخصيا.‏ فزاروا كل رجال الدين والى الحد الممكن السياسيين،‏ القادة العسكريين،‏ والموظفين الاداريين في الشركات الكبرى.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ زاروا الناس عموما في مئة بلد تقريبا حيث كان شهود يهوه آنذاك يواصلون شهادة منظَّمة.‏

      وبحلول السنة ١٩٣٣ كانوا يستخدمون فونوڠرافات قوية الصوت لتشغيل اسطوانات محاضرات صريحة مؤسسة على الكتاب المقدس في الاماكن العامة.‏ وكان الاخَوان سْمِتْس وپولمانس يضعان تجهيزاتهما على دراجة ثلاثية العجلات ويقفان الى جانبها فيما تذيع عاليا الرسالة في الاسواق وقرب الكنائس في لييج،‏ بلجيكا.‏ وكثيرا ما كانوا يقضون هناك عشر ساعات كل يوم.‏ وكان الناس في جامايكا يتجمعون بسرعة عندما يسمعون الموسيقى،‏ ولذلك كان الاخوة هناك يشغِّلون الموسيقى اولا.‏ وعندما يخرج الحشود بأعداد كبيرة من مناطق الادغال الى الطرق الرئيسية ليروا ما يحدث،‏ كانوا يجدون شهود يهوه يقدِّمون رسالة الملكوت.‏

      كانت بعض اجهزة الفونوڠراف هذه تُركَّب في السيارات والقوارب،‏ بمكبِّرات للصوت على السطح لجعل مدى الصوت ابعد.‏ وكان برت وڤَي هورتُن،‏ في اوستراليا،‏ يديران شاحنة صغيرة مقفلة وعلى سطحها مكبِّر للصوت تظهر عليه الكلمتان «رسالة الملكوت.‏» وذات سنة جعلا كل شارع في ملبورن تقريبا يضجُّ بتشهيرات مثيرة للدين الباطل ووصف مبهج لبركات ملكوت اللّٰه.‏ وخلال تلك السنوات،‏ كان كلود ڠودمان يخدم كفاتح في الهند.‏ واستعمال السيارة المزوَّدة بمكبِّر للصوت،‏ مع اسطوانات باللغات المحلية،‏ مكَّنه من الوصول الى الحشود الكبيرة في الاسواق،‏ في المتنزَّهات،‏ على طول الطريق —‏ حيثما يمكن ان يوجد الناس.‏

      عندما كان الاخوة في لبنان يوقفون سيارتهم المزوَّدة بمكبِّر للصوت على تلّ ويبثّون المحاضرات،‏ كان الصوت يبلغ الاودية.‏ والناس في القرى،‏ اذ لا يرون مصدر الصوت،‏ كانوا احيانا يخافون،‏ معتقدين ان اللّٰه يتكلم اليهم من السموات!‏

      ولكن كانت هنالك لحظات قليلة من التوتُّر بالنسبة الى الاخوة.‏ ففي احدى المناسبات،‏ في سوريا،‏ ترك كاهن القرية غداءه على الطاولة،‏ قبض على عكازه الكبير،‏ وخرج راكضا الى الحشد الذي اجتمع ليسمع محاضرة من الكتاب المقدس تُبَثّ من سيارة مزوَّدة بمكبِّر للصوت.‏ فطلب ملوِّحا بعكَّازه بغضب وصراخ:‏ «توقفوا!‏ آمركم بأن تتوقفوا!‏» ولكنَّ الاخوة ادركوا انه لم يكن الجميع يوافقونه؛‏ فكان هنالك مَن يريدون ان يسمعوا.‏ وسرعان ما رفع بعض من الحشد الكاهنَ معا وحملوه عائدين به الى منزله،‏ حيث وضعوه من جديد على طاولة الغداء!‏ فعلى الرغم من مقاومة رجال الدين،‏ تأكد الشهود بشجاعة ان الناس يحصلون على فرصة للسماع.‏

      شهدت هذه الفترة ايضا استخداما مكثَّفا للَّافتات الاعلانية التي كان الشهود يلبسونها في المناطق التجارية وهم يوزِّعون الدعوات الى المحاضرات الخصوصية.‏ بدأ ذلك في السنة ١٩٣٦ في ڠلاسكو،‏ أسكتلندا.‏ وفي تلك السنة استُعمل اسلوب الاعلان نفسه في لندن،‏ انكلترا،‏ ثم في الولايات المتحدة.‏ وبعد سنتين وُسِّعت مثل هذه الاعلانات بحَمل لافتات معلَّقة على عصي.‏ وقد اعلنت هذه اللافتات،‏ «الدين هو شرك وخدعة»‏b و«اخدموا اللّٰه والمسيح الملك.‏» وفي وقت المحفل،‏ كان يمكن ان يبلغ طول صف المشاة الحاملين هذه اللافتات اميالا.‏ وإذ كانوا يمشون بهدوء،‏ في صف طويل واحد،‏ على طول الشوارع الناشطة الحركة،‏ كان المظهر اشبه بذاك الذي لجيش اسرائيل القديمة وهو يدور حول اريحا قبل سقوط اسوارها.‏ (‏يشوع ٦:‏١٠،‏ ١٥-‏٢١‏)‏ وقُدِّمت شهادة علنية جريئة كهذه من لندن،‏ انكلترا،‏ الى مانيلا،‏ في الفيليپين.‏

      وجرى الابتداء ايضا بأسلوب آخر للشهادة العلنية في السنة ١٩٤٠.‏ فانسجاما مع الآية التي تشير الى ‹الحكمة التي تنادي في الشوارع،‏› بدأ شهود يهوه في شباط من تلك السنة بتوزيع برج المراقبة والتعزية (‏المعروفة الآن بـ‍ استيقظ!‏‏)‏ في زوايا الشوارع.‏c (‏امثال ١:‏٢٠‏)‏ وكانوا ينادون بشعارات تلفت الانتباه الى المجلات والرسالة التي تحتويها.‏ وفي المدن الكبيرة والبلدات الصغيرة في كل انحاء العالم،‏ صار شهود يهوه وهم يقدِّمون مجلاتهم منظرا مألوفا.‏ لكنَّ القيام بهذا العمل يتطلَّب الشجاعة،‏ وشجاعة كهذه كانت لازمة خصوصا عندما بدأ هذا العمل،‏ لانها كانت فترة كَثُر فيها الاضطهاد المقترن بحمّى قومية زمن الحرب.‏

      عندما دُعوا الى الاشتراك في شهادة علنية كهذه،‏ تجاوب الشهود بايمان.‏ وعدد الذين اشتركوا شخصيا في العمل استمر في الازدياد.‏ فقد حسبوه امتيازا ان يعربوا عن استقامتهم امام يهوه بهذه الطريقة.‏ ولكن كان هنالك المزيد ليتعلَّموه.‏

      كل فرد قادر على توضيح ايمانه

      بدأ برنامج تعليمي رائع في السنة ١٩٤٢.‏ وقد بدأ في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه،‏ وبحلول السنة التالية،‏ بدأ العمل به في جماعات شهود يهوه في كل انحاء الارض.‏ وإذ كانوا واثقين ان روح اللّٰه كان عليهم وأنه وضع كلمته في افواههم،‏ صمَّموا على الكرازة بتلك الكلمة حتى ولو حرمهم المضطهِدون من مطبوعات برج المراقبة او الكتاب المقدس نفسه.‏ (‏اشعياء ٥٩:‏٢١‏)‏ وكانت هنالك من قبل بلدان،‏ مثل نَيجيريا،‏ حيث كان للشهود الكتاب المقدس وحده ليستعملوه عند الكرازة،‏ لان الحكومة حظرت كل مطبوعات برج المراقبة وصادرت ايضا مطبوعات اخوة كثيرين في مكتباتهم الخاصة.‏

      في ١٦ شباط ١٩٤٢ ابدأ الاخ نور منهجا متقدما في الخدمة الثيوقراطية في «بيت ايل» ببروكلين،‏ نيويورك.‏ وزوَّد المقرَّر ارشادا في امور كالبحث،‏ تعبير المرء عن نفسه بشكل واضح وصحيح،‏ صنع مجمل للمواد من اجل القاء المحاضرات،‏ تقديم الخطابات بفعَّالية،‏ عرض الافكار بإقناع،‏ والاتصاف باللباقة.‏ وكان يُرحَّب بحضور الاخوة والاخوات على السواء،‏ لكنَّ الذكور وحدهم كانوا مدعوين الى الانخراط وتقديم خطابات التلاميذ التي سيُنصَحون بشأنها.‏ وسرعان ما صارت الفوائد واضحة لا عند التكلُّم من على المنبر فقط بل ايضا بفعَّالية اعظم في الكرازة من بيت الى بيت.‏

      وفي السنة التالية ابتدأ هذا التعليم يمتد الى جماعات شهود يهوه المحلية في كل انحاء العالم.‏ كان اولا بالانكليزية،‏ ثم بلغات اخرى.‏ وقصد المدرسة المعلَن كان مساعدة كل فرد من شهود يهوه ليكون قادرا على تعليم الآخرين عند مقابلة الناس من بيت الى بيت،‏ القيام بالزيارات المكررة،‏ وإدارة دروس في الكتاب المقدس.‏ فكانت ستجري مساعدة كل شاهد ليصير خادما مؤهَّلا.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏٢‏)‏ وفي السنة ١٩٥٩،‏ أُعطيت الاخوات ايضا فرصة الانخراط في المدرسة وتقديم الخطابات في مشاهد لخدمة الحقل —‏ لا بمخاطبة الحضور بكامله بل بالاحرى الشخص المعيَّن ليأخذ دور صاحب البيت.‏ ولم يكن ذلك كل شيء.‏

      فمنذ السنة ١٩٢٦ كان ممثِّلو الجمعية الجائلون يعملون مع الشهود الافراد في خدمة الحقل بهدف مساعدتهم على تحسين قدراتهم.‏ ولكن،‏ في محفل اممي في نيويورك في السنة ١٩٥٣،‏ اذ كان نظار الدوائر والكور جالسين امام المنبر،‏ اعلن الاخ نور ان العمل الرئيسي لكل الخدام،‏ او النظار،‏ يجب ان يكون مساعدة كل شاهد على الصيرورة خادما قانونيا من بيت الى بيت.‏ «كل شخص،‏» قال،‏ «يجب ان يكون قادرا على الكرازة بالبشارة من بيت الى بيت.‏» فجرى الشروع في حملة عالمية لانجاز ذلك.‏

      ولماذا مثل هذا التشديد على المسألة؟‏ تأملوا في الولايات المتحدة كمثال:‏ في ذلك الوقت كان ٢٨ في المئة من الشهود يجعلون نشاطهم يقتصر على توزيع اوراق الدعوة او الوقوف في الشوارع ومعهم المجلات.‏ وأكثر من ٤٠ في المئة من الشهود كانوا يشتركون في خدمة الحقل انما بشكل غير قانوني،‏ سامحين بانقضاء اشهر دون القيام بأية شهادة على الاطلاق.‏ وكانت هنالك حاجة الى المساعدة الحبية في شكل تدريب شخصي.‏ فوُضِعت الخطط التي كانت ستمكِّن كل شهود يهوه الذين لم يكونوا آنذاك شهودا من بيت الى بيت من نيل المساعدة في الاقتراب الى الناس عند ابوابهم،‏ التكلُّم اليهم من الكتاب المقدس،‏ والاجابة عن اسئلتهم.‏ وكانوا سيتعلمون تحضير مواعظ مؤسسة على الاسفار المقدسة يمكنهم تقديمها ربما في ثلاث دقائق للناس المشغولين،‏ او في نحو ثماني دقائق للآخرين.‏ وكان الهدف مساعدة كل شاهد على الصيرورة مبشِّرا مسيحيا ناضجا.‏

      لم يكن النظار الجائلون وحدهم الاشخاص الذين قدَّموا هذا الارشاد.‏ فالخدام،‏ او النظار،‏ المحليون فعلوا ذلك ايضا؛‏ وفي السنوات التالية،‏ تعيَّن شهود آخرون مؤهَّلون حسنا لتدريب البعض.‏ وطوال سنوات قُدِّمت في اجتماع الخدمة الاسبوعي للجماعة تمثيليات تظهر كيفية القيام بالعمل.‏ ولكنَّ ذلك اقترن الآن بالتشديد المتزايد على التدريب الشخصي في الحقل.‏

      كانت النتائج رائعة.‏ فعدد الشهود الكارزين من بيت الى بيت ازداد،‏ كما ازداد عدد المشتركين قانونيا في خدمة الحقل.‏ وفي خلال عقد ارتفع مجموع عدد الشهود في كل العالم ١٠٠ في المئة.‏ وازدادت الزيارات المكررة ايضا التي كانوا يقومون بها لاجابة المهتمين عن الاسئلة المتعلقة بالكتاب المقدس ١٢٦ في المئة،‏ وازدادت الدروس البيتية القانونية في الكتاب المقدس التي كانوا يديرونها مع الذين اظهروا جوعا لحق الكتاب المقدس ١٥٠ في المئة.‏ فكانوا يبرهنون حقا انهم خدام اكفاء.‏

      نظرا الى الخلفيات الثقافية والتربوية المتنوِّعة التي اتى منها اولئك الشهود،‏ والى واقع انهم كانوا مشتَّتين في فرق صغيرة في كل انحاء الارض،‏ يتَّضح سبب نسب الشهود الفضل،‏ لا الى ايّ انسان،‏ بل الى يهوه اللّٰه في الطريقة التي بها تأهبوا وتدرَّبوا للمناداة بالبشارة.‏ —‏ يوحنا ١٤:‏​١٥-‏١٧‏.‏

      الكرازة من بيت الى بيت —‏ علامة مميِّزة

      في اوقات مختلفة شجَّعت فرق دينية اخرى اعضاءها على الذهاب الى بيوت الناس في مجتمعهم للتكلُّم عن الدين.‏ وقد جرَّب بعض الافراد ذلك.‏ حتى ان البعض فعلوا ذلك كمرسلين لبضع سنوات،‏ ولكن كان هذا كل ما في الامر.‏ إلا انه بين شهود يهوه فقط يشترك في الواقع الجميع،‏ الصغار والكبار،‏ الذكور والاناث،‏ سنة بعد سنة في الخدمة من بيت الى بيت.‏ وشهود يهوه فقط يسعون حقا الى الوصول الى كل المسكونة برسالة الملكوت،‏ اطاعة للوصية النبوية في متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ليس ان جميع شهود يهوه يجدون هذا العمل سهلا.‏d على العكس،‏ قال كثيرون منهم عندما بدأوا اولا بدرس الكتاب المقدس:‏ ‹هنالك شيء واحد لن افعله ابدا،‏ وهو الذهاب من بيت الى بيت!‏› ورغم ذلك فهو نشاط يشترك فيه تقريبا جميع شهود يهوه اذا كانوا جسديا قادرين على ذلك.‏ وكثيرون من الذين ليسوا جسديا قادرين على ذلك يقومون به على اية حال —‏ على كراسٍ ذات دواليب،‏ بعكازات،‏ وهلم جرا.‏ وآخرون —‏ إما لانهم غير قادرين كاملا على مغادرة بيتهم،‏ او محتجَزون مؤقتا،‏ او بهدف الوصول الى اشخاص يستحيل الوصول اليهم بطريقة اخرى —‏ يشهدون بالهاتف او بكتابة الرسائل.‏ فلماذا هذا الجهد المتَّسم بالتصميم؟‏

      اذ يأتون الى معرفة يهوه،‏ تغيِّر محبتهم له كامل نظرتهم الى الحياة.‏ فهم يريدون ان يتكلموا عنه.‏ والامور الرائعة التي يخبِّئها للذين يحبونه هي ابدع من ان يحتفظوا بها لأنفسهم.‏ وهم يشعرون امام اللّٰه بمسؤولية تحذير الناس من الضيق العظيم الكامن امامهم.‏ (‏متى ٢٤:‏٢١‏؛‏ قارنوا حزقيال ٣:‏​١٧-‏١٩‏.‏)‏ ولكن لماذا يفعلون ذلك بالذهاب من بيت الى بيت؟‏

      انهم يعرفون ان يسوع علَّم تلاميذه ان يذهبوا الى بيوت الناس ليكرزوا ويعلِّموا.‏ (‏متى ١٠:‏​١١-‏١٤‏)‏ وهم يدركون ان الرسل،‏ بعد سكب الروح القدس في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ داوموا بلا انقطاع على اعلان البشارة «في الهيكل [في اورشليم] ومن بيت الى بيت.‏» (‏اعمال ٥:‏٤٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وكل شاهد يعرف الاعمال ٢٠:‏٢٠‏،‏ ع‌ج،‏ التي تقول ان الرسول بولس علَّم «جهرا ومن بيت الى بيت.‏» وهم يرون دليلا وافرا على بركة يهوه على هذا العمل في الازمنة العصرية.‏ وهكذا،‏ اذ يكتسبون الخبرة في الخدمة من بيت الى بيت،‏ كثيرا ما يصير النشاط الذي كانوا يخشونه مرةً امرا يتطلعون اليه بشوق.‏

      وهم يفعلون ذلك بشكل شامل.‏ فيحفظون سجلات دقيقة لكي يتمكَّنوا من الرجوع للتكلم الى جميع الذين لم يكونوا في البيت.‏ وليس ذلك فقط،‏ لكنَّهم يرجعون مرارا الى كل بيت.‏

      ولسبب فعَّالية الخدمة من بيت الى بيت،‏ حاول المقاومون في بلدان عديدة ان يوقفوها.‏ وبهدف كسب الاحترام الرسمي لحقِّهم في الكرازة من باب الى باب،‏ لجأ شهود يهوه الى رسميي الحكومة.‏ وحيثما كان ضروريا،‏ ذهبوا الى المحاكم لكي يثبِّتوا شرعيا حق نشر البشارة بهذه الطريقة.‏ (‏فيلبي ١:‏٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ وحيث استمرت الحكومات المستبدة في منع نشاط كهذا،‏ قام به شهود يهوه احيانا بطريقة اقل لفتا للانتباه او،‏ اذا كان ذلك ضروريا،‏ استخدموا اساليب اخرى للوصول الى الناس برسالة الملكوت.‏

      ومع ان البث الاذاعي والتلفزيوني كان يُستعمل لنشر رسالة الملكوت،‏ يدرك شهود يهوه ان الاتصال الشخصي الممكن بالذهاب من بيت الى بيت هو اكثر فعَّالية بكثير.‏ وهو يمنح فرصة افضل للاجابة عن اسئلة اصحاب البيوت الافراد وللتفتيش عن المستحقين.‏ (‏متى ١٠:‏١١‏)‏ وهذا هو احد الاسباب التي لاجلها،‏ في السنة ١٩٥٧،‏ باعت جمعية برج المراقبة محطة الراديو WBBR في نيويورك.‏

      ولكن،‏ بعد الشهادة للناس شخصيا،‏ لا يشعر شهود يهوه بأن عملهم قد أُنجز.‏ فذلك هو البداية فقط.‏

      ‏«تلمذوا .‏ .‏ .‏ وعلِّموهم»‏

      اوصى يسوع أتباعه ان يقوموا بأكثر من الكرازة.‏ فتمثُّلا به،‏ ينبغي لهم ايضا ان يعلِّموا.‏ (‏متى ١١:‏١‏)‏ وقبل صعوده الى السماء،‏ امرهم:‏ «فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم .‏ .‏ .‏ وعلِّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.‏» (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ والتعليم (‏باليونانية،‏ ديداسكو‏)‏ يختلف عن الكرازة في ان المعلِّم يقوم بأكثر من المناداة؛‏ فهو يرشد،‏ يشرح،‏ يقدِّم البراهين.‏

      قدَّمت برج المراقبة،‏ قديما في نيسان ١٨٨١،‏ بعض الاقتراحات المختصرة حول كيفية التعليم.‏ وبعض موزعي المطبوعات الجائلين الاولين بذلوا جهدا خصوصيا ليزوروا ثانية اولئك الذين اظهروا اهتماما ليشجِّعوهم على قراءة كتب الجمعية والاجتماع مع الآخرين من اجل درس قانوني لكلمة اللّٰه.‏ وكتاب قيثارة اللّٰه (‏الصادر سنة ١٩٢١)‏ غالبا ما كان يُستعمل لهذا القصد.‏ ولكن،‏ في ما بعد،‏ جرى فعل المزيد ايضا في سبيل منح المهتمين انتباها شخصيا.‏ وكانت تُستعمل بشكل بارز في هذا النشاط محاضرات مؤسسة على الكتاب المقدس مسجَّلة الى جانب كتب دراسية مطبوعة.‏ فكيف حدث ذلك؟‏

      منذ وقت باكر من السنة ١٩٣٣،‏ اضافت الجمعية الى بثِّها الاذاعي اسطوانات تشغِّلها اجهزة فونوڠراف قابلة للحمل في قاعات الاجتماع،‏ في المتنزَّهات،‏ عند مداخل المعامل،‏ وهلم جرا.‏ وخلال وقت قصير،‏ كان الشهود الذين يجدون اشخاصا مهتمين عند الذهاب من بيت الى بيت يصنعون الترتيبات ليعودوا ويشغِّلوا لهم بعض هذه الاسطوانات في بيوتهم.‏ وعندما صار كتاب الغنى متوافرا في السنة ١٩٣٦،‏ كانت تُستعمل المناقشات منه،‏ بعد الاسطوانات،‏ لتأسيس دروس يمكن ان يحضرها المهتمون في المنطقة.‏ وجرى التشديد خصوصا على هذا العمل بهدف مساعدة اعضاء ‹الجمع الكثير› المرتقَبين على تعلُّم الحق.‏ —‏ رؤيا ٧:‏٩‏.‏

      في ذلك الوقت تقريبا،‏ ضاعفت هيئة الكهنوت الكاثوليكية ضغطها على اصحاب ومديري محطات الراديو وكذلك الوكالات الحكومية في جهد متَّسم بالتصميم لايقاف بثّ برامج برج المراقبة.‏ ووقَّع ٠٠٠‏,٦٣٠‏,٢ شخص في الولايات المتحدة عريضة تطالب بمناظرة علنية بين ج.‏ ف.‏ رذرفورد ومسؤول كبير في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ فلم يكن ايّ من رجال الدين الكاثوليك على استعداد لقبول التحدي.‏ ولذلك،‏ في السنة ١٩٣٧،‏ صنع الاخ رذرفورد اسطوانتين بعنوان «التشهير» و«الدين والمسيحية،‏» قدَّمتا تعاليم الكتاب المقدس الاساسية،‏ وخصوصا في دحض العقائد الكاثوليكية غير المؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ والمواد نفسها صدرت في الكراسين Protection (‏الحماية‏)‏ و Uncovered (‏الكشف‏)‏،‏ وسُلِّمت شخصيا نسخة من الكشف الى كل مَن وقَّع العريضة لكي يقرأ الناس بأنفسهم حقائق الكتاب المقدس التي كانت هيئة الكهنوت الكاثوليكية تسعى الى اخفائها.‏

      وبهدف مساعدة الناس على رؤية القضايا بوضوح وفحص ما لها من اساس في الاسفار المقدسة،‏ طُبع كراس Model Study (‏الدرس النموذجي‏)‏ رقم ١ ليُستعمل في الاجتماعات المرتَّبة للمهتمين.‏ وتضمَّن الكراس اسئلة،‏ اجوبة،‏ وآيات تدعم الاجوبة المقدَّمة.‏ اولا،‏ كان المدير يشغِّل واحدة او اكثر من الاسطوانات الآنفة الذكر للمحاضرات المسجَّلة لكي يسمع الجميع الحجة العامة.‏ ثم تتبع مناقشة،‏ باستعمال المواد المزوَّدة في كراس الدرس النموذجي،‏ وبفحص الاسفار المقدسة نفسها.‏ والدرس النموذجي رقم ١ تبعه الرقمان ٢ و ٣،‏ بتنسيق مع محاضرات مسجَّلة اخرى.‏ ونُظِّمت دروس كهذه اولا في اماكن يمكن ان تجتمع فيها فرق من الاشخاص المهتمين،‏ ولكن سرعان ما صارت تُعقَد ايضا مع الافراد والعائلات.‏

      ومنذ ذلك الوقت،‏ زُوِّد الكثير من الكتب الممتازة ليستعملها شهود يهوه خصوصا في ادارة الدروس البيتية في الكتاب المقدس.‏ والتي لاقت اعظم انتشار هي ‏«ليكن اللّٰه صادقا،‏»‏ الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ ويمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏ وكانت هنالك ايضا كراريس من ٣٢ صفحة —‏ “This Good News of the Kingdom” (‏‏«بشارة الملكوت هذه»‏‏)‏،‏ God’s Way Is Love (‏المحبة طريق اللّٰه‏)‏،‏ “Look! I Am Making All Things New” (‏‏«ها انا اصنع كل شيء جديدا»‏‏)‏،‏ والكثير غيرها.‏ وتبعتها كراسات مثل تمتعوا بالحياة على الارض الى الابد!‏،‏ التي تحتوي على عرض بسيط جدا وسهل الفهم لتعاليم الكتاب المقدس الاساسية.‏

      ان استعمال هذه الادوات،‏ الى جانب التدريب الشخصي والجماعي الشامل،‏ انتج ازديادا مثيرا في عدد الدروس البيتية في الكتاب المقدس التي تُدار.‏ ففي السنة ١٩٥٠ بلغ معدَّل الدروس البيتية في الكتاب المقدس،‏ التي تُدار غالبا كل اسبوع ٩٥٢‏,٢٣٤.‏ والدروس التي لا تحرز تقدُّما كافيا كانت توقف.‏ إلا ان تلاميذ كثيرين كانوا يتقدَّمون الى ان يصيروا بدورهم معلِّمين.‏ وعلى الرغم من عدد الدروس التي تتوقف،‏ استمر العدد في الارتفاع،‏ وغالبا بسرعة.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كان الشهود يديرون ١٢٧‏,٢٧٨‏,٤ درسا بيتيا في الكتاب المقدس حول العالم.‏

      وبهدف انجاز عمل الكرازة والتعليم الواسع هذا،‏ بلغات كل الارض،‏ استخدم شهود يهوه الصفحة المطبوعة على نحو واسع.‏ وتطلَّب ذلك عمليات طبع بكميات هائلة.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a نُظِّم عمل الرعاية اولا خلال ١٩١٥-‏١٩١٦ في الـ‍ ٥٠٠ جماعة او نحو ذلك التي كانت قد انتخبت الاخ رصل راعيا لها.‏ وبصفته راعيا،‏ كان قد كتب اليهم رسالة توجز العمل،‏ الذي كان في بادئ الامر مقتصرا على الاخوات.‏ وفي السنة التالية شمل هذا النشاط الاخوة ايضا.‏ وعمل الرعاية هذا،‏ الذي واصله فريق مختار،‏ استمر حتى السنة ١٩٢١.‏

      b كانت هذه العبارة مؤسسة على الفهم ان الكلمة دين تشمل كل عبادة مبنية على تقاليد الناس،‏ بدلا من كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ في السنة ١٩٥٠،‏ عندما صدرت ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية،‏ دلَّت الحواشي في اعمال ٢٦:‏٥،‏ كولوسي ٢:‏١٨،‏ ويعقوب ١:‏​٢٦،‏ ٢٧ انه يمكن استعمال الكلمة دين بشكل ملائم للاشارة الى العبادة الحقة او الباطلة.‏ واتَّضح ذلك اكثر في برج المراقبة عدد ١٥ آذار ١٩٥١،‏ الصفحة ١٩١ (‏بالانكليزية)‏،‏ وكتاب What Has Religion Done for Mankind? (‏ماذا فعل الدين للجنس البشري؟‏‏)‏‏،‏ الصفحات ٨-‏١٠.‏

      c في السنة التي سبقت،‏ جرى القيام بشيء من شهادة الشوارع بالمجلات على اساس تجريبي في كاليفورنيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ وحتى قديما في السنة ١٩٢٦،‏ انهمك تلاميذ الكتاب المقدس في توزيع عام في الشوارع للكراريس التي تحتوي على رسائل مهمة.‏ وفي وقت ابكر بكثير،‏ في السنة ١٨٨١،‏ كانوا قد وزَّعوا المطبوعات قرب الكنائس ايام الآحاد.‏

      d برج المراقبة،‏ ١٥ نيسان ١٩٨٢،‏ «تحدي الذهاب من بيت الى بيت» (‏١٥ ايار ١٩٨١،‏ بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٥٦]‏

      حيثما وجد يسوع اناسا،‏ كان يتكلم عن قصد اللّٰه للجنس البشري

      ‏[الاطار في الصفحة ٥٥٩]‏

      بركة خصوصية على العمل من باب الى باب

      «كما عند المجيء الاول،‏ يبدو ان العمل من باب الى باب،‏ بدلا من الكرازة من على المنبر،‏ ينال بركة الرب الخصوصية.‏» —‏ «برج المراقبة،‏» ١٥ تموز ١٨٩٢ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥٧١]‏

      لماذا يزور الشهود مرة بعد اخرى

      اذ اوضحت لماذا يزور شهود يهوه تكرارا كل بيت،‏ قالت «برج المراقبة» عدد ١ تموز ١٩٦٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «الظروف تتغيَّر باستمرار.‏ اليوم قد لا يكون الشخص في البيت،‏ وفي المرة التالية قد يكون.‏ اليوم قد يكون مشغولا اكثر من ان يصغي،‏ ولكن في المرة التالية قد لا يكون.‏ اليوم يفتح الباب احد اعضاء العائلة،‏ وفي المرة التالية يفتحه آخر؛‏ والشهود مهتمون بالوصول ليس فقط الى كل بيت في تعييناتهم بل ايضا،‏ ان امكن،‏ الى كل شخص راشد في كل بيت.‏ وكثيرا ما تكون العائلات منقسمة في ما يتعلق بالدين،‏ ولذلك ليس ممكنا دائما ان يتكلم احد الاعضاء عن العائلة بكاملها.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يستمر الناس في الانتقال ولذلك لا يمكن ان يكون الشهود ابدا على يقين ممَّن سيلتقونه عند باب معيَّن.‏

      «ليست الظروف وحدها هي التي تتغيَّر،‏ ولكنَّ الناس انفسهم يتغيَّرون.‏ .‏ .‏ .‏ بسبب مجرد امر تافه قد يكون الشخص بمزاج رديء وغير راغب مطلقا في مناقشة الدين او ايّ شيء آخر ايًّا كان الآتي الى بابه،‏ ولكن من غير المنطقي ان نستنتج انه سيكون بذلك الموقف العقلي في وقت آخر.‏ او ان مجرد كون الشخص غير مهتم على الاطلاق بمناقشة الدين في الشهر الماضي لا يعني انه قد لا يكون مهتما هذا الشهر.‏ ومنذ زيارة الشاهد الاخيرة لهذا الشخص ربما اختبر امرا مزعجا للغاية او بطريقة اخرى تعلَّم شيئا جعله متواضعا بدلا من متكبِّر،‏ جائعا ومدركا لحاجته الروحية بدلا من الرضا عن الذات.‏

      «وبالاضافة الى ذلك،‏ تبدو الرسالة التي يحملها الشهود غريبة بالنسبة الى اشخاص كثيرين وهم يفشلون في فهم إلحاحها.‏ ولكن بسماعها مرة بعد اخرى يفهمون المغزى تدريجيا.‏»‏

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٥٧٤]‏

      استعمال «كل طريقة ممكنة»‏

      «حاول اولئك الذين منا داخل هيئة الرب،‏ بكل طريقة ممكنة،‏ ان يجذبوا انتباه [العالم] الى رسالة الحياة.‏ فاستعملنا الشعارات،‏ اعلانات الصفحة الكاملة،‏ الراديو،‏ السيارات المزوَّدة بمكبِّر للصوت،‏ الفونوڠرافات القابلة للحمل،‏ المحافل الضخمة،‏ مواكب المشاة حاملي اللافتات الاعلانية،‏ وجيشا متزايدا من الخدام من بيت الى بيت.‏ وهذا النشاط عمل على تقسيم الناس —‏ الذين هم مع ملكوت اللّٰه المؤسس في الجانب الواحد،‏ والذين هم ضده في الجانب الآخر.‏ هذا هو العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع لجيلي.‏» —‏ كتبها سنة ١٩٨٧ ملڤن سارجنت،‏ بعمر ٩١ سنة.‏

      ‏[الصورة]‏

      ملڤن سارجنت

      ‏[الرسم البياني في الصفحة ٥٧٤]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      الزيادة في الدروس البيتية في الكتاب المقدس

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١

      ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      ‏[الصور في الصفحة ٥٥٧]‏

      وُزِّعت عشرات الملايين من هذه النشرات مجانا قرب الكنائس،‏ من بيت الى بيت،‏ وبالبريد

      ‏[الصور في الصفحة ٥٥٨]‏

      المبشرون الجائلون لتوزيع المطبوعات وزَّعوا الكتب التي تشرح الكتاب المقدس

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٥٩]‏

      وصلت آنا اندرسن بمطبوعات الكتاب المقدس الى كل بلدة تقريبا في النَّروج

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٦١]‏

      ساعدت اعلانات الصحف على الوصول الى الناس الذين لا يُتَّصل بهم بطرائق اخرى

      ‏[الصور في الصفحة ٥٦٠]‏

      اكثر من ‎٠٠٠,٢ صحيفة في اربع قارات كانت تحمل مواعظ الاخ رصل في آن واحد

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٦٣]‏

      قدَّمت «رواية الخلق المصوَّرة» شهادة قوية لملايين الناس في بلدان كثيرة

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٢]‏

      بواسطة الراديو،‏ استطاع ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان يشهد لملايين الناس في كل انحاء العالم وهم في بيوتهم

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٥]‏

      مستعدون للذهاب بالدراجة لشهادة الفريق في انكلترا

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٤]‏

      ابتداء من السنة ١٩٣٣ استُعملت بطاقات الشهادة المطبوعة

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٦]‏

      قدَّمت محاضرات الكتاب المقدس المسجَّلة شهادة قوية خلال ثلاثينات وأربعينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٧]‏

      السيارات المزوَّدة بمكبِّرات للصوت،‏ والكثير منها احيانا (‏كما هنا في اوستراليا)‏،‏ كانت تُستعمل لبثّ حق الكتاب المقدس في الاماكن العامة

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٩]‏

      اللافتات المضاءة في شبابيك بيوت شهود يهوه قدَّمت شهادة متواصلة

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٩]‏

      اللوحات واللافتات الاعلانية ساهمت في شهادة علنية جريئة (‏كما هنا في أسكتلندا)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٨]‏

      توزيع «برج المراقبة» و«التعزية» في الشوارع (‏كما يظهر هنا في الولايات المتحدة الاميركية)‏ بدأ في السنة ١٩٤٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٦٨]‏

      ابتداء من السنة ١٩٤٣ كان الاخوة في الجماعات يُدرَّبون على الخطابة العامة

      ‏[الصور في الصفحة ٥٧٠]‏

      تُدار الدروس البيتية في الكتاب المقدس مع المهتمين.‏ وأدناه مطبوعات مصمَّمة خصوصا لاجل ذلك —‏ صدرت اولا بالانكليزية،‏ ثم بلغات كثيرة اخرى

      ‏[الصور في الصفحتين ٥٧٢ و ٥٧٣]‏

      يشترك الشهود،‏ الصغار والكبار،‏ الذكور والاناث،‏ حول الكرة الارضية في الشهادة من بيت الى بيت

      رومانيا

      بوليڤيا

      زمبابوي

      هونڠ كونڠ

      بلجيكا

      اورڠواي

      فيجي

  • انتاج مطبوعات الكتاب المقدس للاستعمال في الخدمة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٦

      انتاج مطبوعات الكتاب المقدس للاستعمال في الخدمة

      لعبت الكلمة المكتوبة دورا حيويا في العبادة الحقة.‏ فقد اعطى يهوه الوصايا العشر لاسرائيل،‏ اولا شفهيا وبعد ذلك كتابة.‏ (‏خروج ٢٠:‏​١-‏١٧؛‏ ٣١:‏١٨؛‏ غلاطية ٣:‏١٩‏)‏ وللتأكُّد ان كلمته ستُنقَل بدقة،‏ اوصى اللّٰه موسى وسلسلة طويلة من الانبياء والرسل بعده ان يكتبوا.‏ —‏ خروج ٣٤:‏٢٧؛‏ ارميا ٣٠:‏٢؛‏ حبقوق ٢:‏٢؛‏ رؤيا ١:‏١١‏.‏

      كانت معظم هذه الكتابة الباكرة تدوَّن في ادراج.‏ ولكن بحلول القرن الثاني ب‌م،‏ تطوَّر المجلَّد،‏ او الكتاب المؤلَّف من صحائف.‏ وكان هذا اقتصاديا اكثر وأسهل استعمالا.‏ وكان المسيحيون في طليعة الذين استعملوه،‏ اذ رأوا قيمته في نشر البشارة عن ملكوت اللّٰه المسيَّاني.‏ يذكر الپروفسور ا.‏ ج.‏ ڠودسپيد في كتابه المسيحية تلجأ الى الطباعة عن اولئك المسيحيين الاولين كناشري كتب:‏ «لم يكونوا فقط متماشين مع عصرهم في امور كهذه،‏ بل سبقوه،‏ وقد تبعهم الناشرون في القرون اللاحقة.‏» —‏ ١٩٤٠،‏ ص ٧٨.‏

      ولذلك ليس مدهشا ان يكون شهود يهوه اليوم،‏ كمنادين بملكوت اللّٰه،‏ بين الذين هم في طليعة الصناعة الطباعية من بعض النواحي.‏

      تزويد المطبوعات لتلاميذ الكتاب المقدس الاولين

      احدى المقالات الاولى بقلم ت.‏ ت.‏ رصل نُشرت في السنة ١٨٧٦ في فاحص الكتاب المقدس،‏ التي كان يحرِّرها جورج ستورز من بروكلين،‏ نيويورك.‏ وبعد ان صار الاخ رصل شريك ن.‏ ه‍.‏ باربور من روتشستر،‏ نيويورك،‏ زوَّد الاخ رصل رأس المال لاصدار كتاب العوالم الثلاثة والمجلة المعروفة بـ‍ بشير الصباح.‏ وقد خدم كمحرِّر مساعد لتلك المجلة واستعمل في السنة ١٨٧٧ تسهيلات الـ‍ بشير لاصدار كراس هدف وطريقة رجوع ربنا.‏ وكان الاخ رصل يتمتع بذكاء متوقِّد في الامور الروحية وكذلك الشؤون التجارية،‏ ولكنَّ باربور كان الخبير بتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني.‏

      ولكن عندما انكر باربور القيمة الكفَّارية لذبيحة يسوع المسيح الفدائية،‏ قطع الاخ رصل علاقاته به.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٨٧٩ عندما باشر رصل اصدار برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ كان يجب ان يعتمد على المطابع التجارية.‏

      في السنة التالية،‏ أُعِدَّت للنشر الاولى في سلسلة واسعة من النشرات المصمَّمة لاثارة اهتمام الناس بحقائق الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما اتَّخذ هذا العمل ابعادا هائلة.‏ وبهدف معالجة الامر تشكَّلت جمعية برج مراقبة زيون للكراريس في ١٦ شباط ١٨٨١،‏ مع و.‏ ه‍.‏ كونلي رئيسا و ت.‏ ت.‏ رصل امينا للسر والصندوق.‏ وصُنعت الترتيبات لتقوم بالطبع شركات تجارية في مدن مختلفة من پنسلڤانيا،‏ نيويورك،‏ وأوهايو،‏ وكذلك من بريطانيا.‏ وفي السنة ١٨٨٤،‏ تأسست شرعيا جمعية برج مراقبة زيون للكراريس،‏a مع ت.‏ ت.‏ رصل رئيسا،‏ وأظهر ميثاقها انها اكثر من جمعية تدير النشر.‏ فهدفها الحقيقي كان دينيا؛‏ وقد رُخِّص لها في «نشر حقائق الكتاب المقدس بلغات مختلفة.‏»‏

      ويا للغيرة التي وسمت السعي الى هذا الهدف!‏ ففي السنة ١٨٨١،‏ خلال فترة اربعة اشهر،‏ صدرت ٠٠٠‏,٢٠٠‏,١ نشرة يبلغ مجموع صفحاتها نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٠٠ صفحة.‏ (‏الكثير من هذه «النشرات» كان في الواقع في شكل كتب صغيرة.‏)‏ وبعد ذلك ارتفع انتاج نشرات الكتاب المقدس للتوزيع المجاني الى عشرات الملايين سنة بعد سنة.‏ وهذه النشرات طُبعت بنحو ٣٠ لغة ولم تُوزَّع فقط في اميركا بل ايضا في اوروپا،‏ جنوب افريقيا،‏ اوستراليا،‏ وبلدان اخرى.‏

      وافتُتح وجه آخر للعمل في السنة ١٨٨٦ عندما انهى الاخ رصل كتابة نظام الدهور الالهي،‏ الاول في سلسلة من ستة مجلَّدات كتبها شخصيا.‏ وفي ما يتعلق باصدار المجلَّدات الاربعة الاولى في تلك السلسلة (‏١٨٨٦-‏١٨٩٧)‏،‏ وكذلك النشرات وبرج المراقبة من السنة ١٨٨٧ الى ١٨٩٨،‏ استخدم شركة البرج للنشر.‏b وعلى مر الوقت،‏ صار الاخوة يقومون بتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني في بيت الكتاب المقدس في پيتسبورڠ.‏ ولإبقاء النفقات منخفضة،‏ اشتروا ايضا الورق للطباعة.‏ وفي ما يتعلق بالطبع والتجليد الفعليين كثيرا ما كان الاخ رصل يطلب ذلك من اكثر من شركة واحدة.‏ وكان يخطط باعتناء،‏ مقدِّما الطلب قبل وقت كافٍ للحصول على اسعار مؤاتية.‏ ومن وقت اصدار الكتاب الاول الذي كتبه ت.‏ ت.‏ رصل حتى السنة ١٩١٦،‏ أُنتج ووُزِّع مجموع ٠٠٠‏,٣٨٤‏,٩ من تلك المجلَّدات الستة.‏

      لم يتوقف اصدار مطبوعات الكتاب المقدس عند موت الاخ رصل.‏ ففي السنة التالية طُبع المجلَّد السابع من دروس في الاسفار المقدسة.‏ وأُعلن اصداره لعائلة البتل في ١٧ تموز ١٩١٧.‏ وكان الطلب عليه كثيرا جدا حتى انه بحلول نهاية تلك السنة كانت الجمعية قد قدَّمت طلبات من اجل ٠٠٠‏,٨٥٠ نسخة بالانكليزية لدى اولئك الذين يطبعون ويجلدون الكتب تجاريا.‏ وكانت تُنتَج طبعات بلغات اخرى في اوروپا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ طُبع في تلك السنة نحو ٣٨ مليون نشرة.‏

      ولكن بعدئذ،‏ خلال فترة من الاضطهاد الشديد في السنة ١٩١٨،‏ فيما كان رسميو الجمعية مسجونين ظلما،‏ جُرِّد مركزهم الرئيسي (‏الواقع في بروكلين،‏ نيويورك)‏ من محتوياته.‏ وأُتلفت الالواح المستعمَلة للطباعة.‏ وهيئة المستخدَمين التي خُفض عددها كثيرا نقلت المكتب من جديد الى پيتسبورڠ الى الطابق الثالث من بناء في ١١٩ شارع فيديرال.‏ فهل كان ذلك سيضع حدا لانتاجهم مطبوعات الكتاب المقدس؟‏

      هل يجب ان يقوموا بطباعتهم الخاصة؟‏

      بعد اطلاق سراح رئيس الجمعية ج.‏ ف.‏ رذرفورد وعشرائه من السجن اجتمع تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩١٩.‏ وتأملوا في ما سمح اللّٰه بحدوثه خلال السنة السابقة وما تدل كلمته انه يجب ان يفعلوه خلال الايام المقبلة.‏ وأُعلن ان مجلة جديدة،‏ العصر الذهبي،‏ كانت ستصدر كأداة لاستعمالها في ارشاد الناس الى ملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏

      وكما فعلت في الماضي،‏ رتَّبت الجمعية ان تقوم شركة تجارية بالطبع.‏ لكنَّ الاوقات تغيَّرت.‏ فكانت هنالك صعوبات عمَّالية في الصناعة الطباعية ومشاكل في سوق الورق.‏ ولزم ترتيب يُعتمَد عليه اكثر.‏ فصلَّى الاخوة بخصوص المسألة وتطلعوا الى توجيهات الرب.‏

      اولا،‏ اين يجب ان يقيموا مكاتب الجمعية؟‏ هل يجب ان يعيدوا المركز الرئيسي الى بروكلين؟‏ تأمَّل مجلس ادارة الجمعية في المسألة،‏ وعُيِّنت لجنة لتفحُّص الوضع.‏

      اوصى الاخ رذرفورد سي.‏ أ.‏ وايز،‏ نائب رئيس الجمعية،‏ ان يذهب الى بروكلين ليبحث في اعادة فتح البتل واستئجار عقارات حيث يمكن ان تبدأ الجمعية عمليات الطبع.‏ واذ رغب في معرفة ايّ مسلك سيباركه اللّٰه،‏ قال الاخ رذرفورد:‏ «اذهب وتحقق ما اذا كانت مشيئة الرب ان نعود ثانية الى بروكلين.‏»‏

      فسأل الاخ وايز،‏ «وكيف اعرف ما اذا كانت مشيئة الرب ان نعود او لا؟‏»‏

      ‏«الفشل في الحصول على مخزون من الفحم في السنة ١٩١٨ هو ما جعلنا نعود من بروكلين الى پيتسبورڠ،‏»‏c اجاب الاخ رذرفورد.‏ «فلنجعل الفحم امتحانا.‏ اذهب واطلب شيئا من الفحم.‏»‏

      ‏«كم طنًّا تعتقد انه يجب ان اطلب لاجراء الامتحان؟‏»‏

      ‏«اجعله امتحانا كبيرا،‏» اوصى الاخ رذرفورد.‏ «اطلب ٥٠٠ طن.‏»‏

      هذا تماما ما فعله الاخ وايز.‏ وماذا كانت النتيجة؟‏ عندما قدَّم طلبا الى السلطات،‏ مُنح موافقة للحصول على ٥٠٠ طن من الفحم —‏ ما يكفي للاعتناء بحاجاتهم عدة سنوات!‏ ولكن اين كانوا سيضعونه؟‏ حُوِّلَت اقسام كبيرة من الطابق السفلي في «بيت ايل» الى مخزن للفحم.‏

      اعتُبرت نتيجة هذا الامتحان دليلا واضحا على مشيئة اللّٰه.‏ وبحلول اول تشرين الاول ١٩١٩ كانوا مرة اخرى يبدأون بمواصلة نشاطهم من بروكلين.‏

      والآن هل يجب ان يقوموا بطباعتهم الخاصة؟‏ سعوا الى شراء مطبعة دوَّارة للمجلات ولكن قيل لهم ان هنالك فقط عددا قليلا منها في الولايات المتحدة وانه لا امل في الحصول على واحدة لأشهر عديدة.‏ ولكنهم كانوا واثقين انه اذا كان ذلك مشيئة الرب،‏ يمكن ان يفتح الطريق.‏ وقد فعل ذلك!‏

      بعد اشهر قليلة فقط من عودتهم الى بروكلين نجحوا في شراء مطبعة دوَّارة.‏ وعلى بُعد ثمانية مجمَّعات من «بيت ايل،‏» في ٣٥ جادة ميرتل،‏ استأجروا ثلاث طبقات في بناء.‏ وبحلول اوائل السنة ١٩٢٠،‏ كان للجمعية مصنعها الخاص للطباعة —‏ صغير،‏ ولكن حسن التجهيز.‏ والاخوة الذين كانت لديهم الخبرة الكافية لتشغيل التجهيزات ابدوا استعدادهم للمساعدة في العمل.‏

      طُبع عدد ١ شباط من برج المراقبة في تلك السنة بمطبعة الجمعية الخاصة.‏ وبحلول نيسان كانت العصر الذهبي ايضا تُنتَج في مطبعتهم الخاصة.‏ وعند نهاية السنة كان من الممتع ان تذكر برج المراقبة:‏ «خلال الجزء الاكبر من السنة أُنجز العمل كله المتعلق بـ‍ برج المراقبة،‏ العصر الذهبي،‏ والكثير من الكراريس،‏ بأيدٍ مكرَّسة لا يوجِّه اعمالها سوى دافع واحد،‏ وهذا الدافع هو المحبة للرب وقضية بره.‏ .‏ .‏ .‏ وعندما اقتضى الامر ان تتوقف المجلات والمطبوعات الاخرى عن الصدور مؤقتا لسبب النقص في الورق او المشاكل العمَّالية،‏ استمر انتاج مطبوعاتنا دون مشاكل.‏»‏

      كانت فسحة المصنع محدودة الى حد بعيد،‏ ولكنَّ مقدار العمل المنجَز كان مدهشا.‏ فالكميات المطبوعة من برج المراقبة كانت ٠٠٠‏,٦٠ نسخة لكل عدد.‏ ولكنَّ العصر الذهبي كانت تُطبع ايضا هناك،‏ وخلال السنة الاولى كان عدد ٢٩ ايلول عددا خصوصيا.‏ فقد حمل تشهيرا مفصَّلا للمذنبين باضطهاد تلاميذ الكتاب المقدس من السنة ١٩١٧ الى السنة ١٩٢٠.‏ وطُبعت اربعة ملايين نسخة!‏ وفي ما بعد قال احد عمَّال المطبعة في المصنع:‏ ‹لزم ان يعمل الجميع ما عدا الطبَّاخ لاصدار هذا العدد.‏›‏

      في السنة الاولى لاستعمالهم مطبعة المجلات الدوَّارة،‏ سأل الاخ رذرفورد الاخوة عما اذا كان يمكنهم ان يطبعوا ايضا الكراريس على هذه المطبعة.‏ في بادئ الامر لم يبدُ ذلك محتملا.‏ وصانعو المطبعة قالوا انه لا يمكن فعل ذلك.‏ لكنَّ الاخوة حاولوا ونجحوا تماما.‏ واخترعوا ايضا آلتهم الخاصة لطيّ الورق وهكذا خفضوا حاجتهم الى عمَّال لهذا الوجه من العمل من ١٢ الى ٢.‏ وماذا كان سبب نجاحهم؟‏ «الخبرة وبركة الرب» هي الطريقة التي لخَّص بها مدير المصنع الامر.‏

      لكنَّ الجمعية لم تكن تتولى عمليات الطبع في بروكلين فقط.‏ فبعض العمليات المتعلقة باللغات الاجنبية كان يجري الاشراف عليها من مكتب في ميشيڠان.‏ وبغية الاعتناء بالحاجات المتعلقة بذلك العمل،‏ اعدَّت الجمعية في السنة ١٩٢١ آلة لَينوتَيپ،‏ مطابع،‏ وتجهيزات ضرورية اخرى في ديترويت،‏ ميشيڠان.‏ وهناك كانت المطبوعات تُطبع بالاوكرانية،‏ الپولندية،‏ الروسية،‏ وبلغات اخرى.‏

      في تلك السنة عينها اصدرت الجمعية كتاب قيثارة اللّٰه،‏ الذي كُتب بأسلوب يلائم المبتدئين بدرس الكتاب المقدس.‏ وحتى السنة ١٩٢١،‏ لم تكن الجمعية قد حاولت ان تطبع وتجلِّد كتبها الخاصة.‏ فهل يجب ان يسعوا الى اخذ هذا العمل ايضا على عاتقهم؟‏ مرة اخرى تطلَّعوا الى توجيه الرب.‏

      اخوة منتذرون يطبعون ويجلِّدون الكتب

      في السنة ١٩٢٠ اخبرت برج المراقبة ان كثيرين من موزِّعي المطبوعات الجائلين اضطروا الى ترك هذه الخدمة لأن الذين يطبعون ويجلِّدون الكتب كانوا غير قادرين على تلبية طلبات الجمعية.‏ ففكَّر الاخوة في المركز الرئيسي انه اذا استطاعوا التحرر من الاعتماد على اصحاب المصانع التجارية مع كل مشاكلهم العمَّالية،‏ فسيكونون في وضع يمكِّنهم من انجاز شهادة اعظم عن قصد اللّٰه للجنس البشري.‏ واذا طبعوا وجلَّدوا كتبهم الخاصة،‏ فسيصعب اكثر ايضا على المقاومين ان يتدخَّلوا في العمل.‏ وأملوا على مر الوقت ان يتمكنوا من التوفير في كلفة المجلَّدات وهكذا يصيرون في وضع يمكِّنهم من جعلها متوافرة بأكثر سرعة للعموم.‏

      لكنَّ ذلك يتطلب المزيد من الفسحة والمعدات،‏ ويجب ان يتعلَّموا مهارات جديدة.‏ فهل يمكنهم ذلك؟‏ تذكَّر روبرت ج.‏ مارتن،‏ ناظر المصنع،‏ ان يهوه في ايام موسى،‏ ‹ملأ بصلئيل وأهوليآ‌ب حكمة قلب ليصنعا كل عمل› لازم لبناء المسكن المقدس.‏ (‏خروج ٣٥:‏​٣٠-‏٣٥‏)‏ واذ كان يفكِّر في رواية الكتاب المقدس هذه،‏ وثق الاخ مارتن بأن يهوه سيقوم ايضا بما يلزم لكي يتمكن خدامه من نشر المطبوعات لاعلان الملكوت.‏

      بعد الكثير من التأمل والصلاة بدأت تبرز خطط محدَّدة.‏ واذ نظر الى ما حدث قبلًا كتب الاخ مارتن في ما بعد الى الاخ رذرفورد:‏ «اعظم يوم على الاطلاق كان اليوم الذي اردتَ فيه ان تعرف ما اذا كان هنالك سبب وجيه لعدم طبعنا وتجليدنا كل كتبنا الخاصة.‏ لقد كانت فكرة مثيرة،‏ لانها عنت فتح مصنع كامل لتنضيد الحروف المطبعية،‏ الطلاء الكهربائي،‏ الطباعة والتجليد،‏ الى جانب تشغيل عدد كبير من الآلات غير المألوفة لنا،‏ ومعظمها آلات لم نكن نعرف قط انها موجودة،‏ وضرورة تعلُّم عدد كبير من المهن.‏ ولكنها بدت الطريقة الفضلى لمواجهة الاسعار المرتفعة المطلوبة ثمنا للكتب بعد الحرب.‏

      ‏«استأجرْتَ المبنى المؤلَّف من ست طبقات في ١٨ شارع كونكورد (‏وكان هنالك مستأجرون في طابقين)‏؛‏ وفي ١ آذار ١٩٢٢ انتقلنا اليه.‏ واشتريتَ لنا معدات كاملة لتنضيد الحروف المطبعية،‏ الطلاء الكهربائي،‏ آلات للطباعة والتجليد،‏ معظمها جديد،‏ وبعضها مستعمل؛‏ فبدأنا العمل.‏

      ‏«احدى المؤسسات الطباعية الكبرى التي كانت تنجز الكثير من عملنا سمعت بما نحن عاملون وأتت،‏ ممثَّلةً بشخص الرئيس،‏ لزيارتنا.‏ فرأى التجهيزات الجديدة وعلَّق بعبوس،‏ ‹لديكم هنا مؤسسة طباعية من الدرجة الاولى،‏ ولا احد في المصنع يعرف شيئا عن كيفية ادارتها.‏ بعد ستة اشهر سيصير كل شيء خُردةً؛‏ وستكتشفون ان مَن يجب ان يطبعوا لكم مطبوعاتكم هم الذين كانوا يفعلون ذلك على الدوام،‏ والذين جعلوا ذلك مهنتهم.‏›‏

      ‏«بدا ذلك منطقيا كفاية،‏ ولكنه استثنى الرب؛‏ فقد كان دائما معنا.‏ وعندما بدأ معمل التجليد ارسل اخا قضى حياته كلها في مهنة التجليد.‏ وقد كان نافعا جدا حين كانت هنالك حاجة ماسة اليه.‏ وبمساعدته،‏ وبعمل روح الرب من خلال الاخوة الذين كانوا يحاولون ان يتعلَّموا،‏ سرعان ما صرنا نصنع الكتب.‏»‏

      لأن فسحة المصنع في شارع كونكورد كانت كبيرة،‏ أُدمجت عمليات الطبع من ديترويت في تلك التي في بروكلين.‏ وبحلول السنة الثانية كان الاخوة في هذا الموقع يُنتجون ٧٠ في المئة من الكتب والكراريس المطلوبة،‏ بالاضافة الى المجلات،‏ النشرات،‏ وأوراق الدعوة.‏ وفي السنة التالية،‏ بسبب نمو العمل،‏ صار ضروريا استعمال طابقي المصنع الباقيين.‏

      وهل يمكنهم ان يجعلوا انتاجهم للكتب اسرع؟‏ لقد ركَّبوا مطبعة في المانيا،‏ شحنوها بحرا الى اميركا،‏ وشغَّلوها في السنة ١٩٢٦ خصوصا لهذا القصد.‏ وعلى حد علمهم،‏ كانت هذه اول مطبعة دوَّارة تُستعمل في اميركا لطبع الكتب.‏

      لكنَّ عمليات الطبع التي يوجِّهها تلاميذ الكتاب المقدس لم تكن كلها في اميركا.‏

      عمليات الطباعة الباكرة في البلدان الاخرى

      باستخدام الشركات التجارية،‏ كان الاخ رصل ينجز الطباعة في بريطانيا قديما في السنة ١٨٨١.‏ وكانت تُنجَز في المانيا بحلول السنة ١٩٠٣،‏ اليونان بحلول السنة ١٩٠٦،‏ فنلندا بحلول السنة ١٩١٠،‏ وحتى اليابان بحلول السنة ١٩١٣.‏ وخلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الاولى،‏ كان يُنجَز مقدار كبير من مثل هذه الطباعة —‏ الكتب،‏ الكراريس،‏ المجلات،‏ والنشرات —‏ في بريطانيا،‏ البلدان الاسكنديناڤية،‏ المانيا،‏ وپولندا،‏ والبعض كان يُنجَز في البرازيل والهند.‏

      ثم في السنة ١٩٢٠،‏ السنة نفسها التي تولَّت فيها الجمعية طباعتها الخاصة للمجلات في بروكلين،‏ صُنعت الترتيبات ليقوم اخوتنا في اوروپا بشيء من هذا العمل ايضا.‏ فنظَّم فريق منهم في سويسرا مؤسسة طباعية في برْن.‏ فصارت شركتهم التجارية الخاصة.‏ ولكنهم كانوا جميعا من تلاميذ الكتاب المقدس،‏ وقد انتجوا المطبوعات للجمعية باللغات الاوروپية بأسعار مؤاتية جدا.‏ وعلى مر الوقت،‏ حصلت الجمعية على حق ملكية هذا المعمل الطباعي ووسَّعته.‏ وبغية تلبية حاجة ملحَّة في البلدان الاوروپية الفقيرة اقتصاديا في ذلك الوقت،‏ أُنتجت هناك كميات هائلة من المطبوعات المجانية.‏ وفي اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ شُحنت بحرا من هذا المصنع مطبوعات بأكثر من اثنتي عشرة لغة.‏

      وفي الوقت عينه كان يَظهر الكثير من الاهتمام برسالة الملكوت في رومانيا.‏ وعلى الرغم من المقاومة القاسية لعملنا هناك،‏ اسست الجمعية معمل طباعة في كلوج،‏ بهدف خفض كلفة المطبوعات وجعلها متوافرة بأكثر سهولة للجياع للحق في رومانيا والبلدان المجاورة.‏ وفي السنة ١٩٢٤،‏ كان بإمكان هذه المطبعة ان تنتج نحو ربع مليون كتاب مجلَّد،‏ بالاضافة الى المجلات والكراريس،‏ بالرومانية والهنڠارية.‏ ولكن،‏ تبيَّن ان الشخص المشرف على العمل هناك لم يكن امينا على وديعته وارتكب اعمالا ادَّت الى خسارة الجمعية ملكيتها ومعداتها.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ استمر الاخوة الامناء في رومانيا في فعل ما في وسعهم لاخبار الآخرين حقائق الكتاب المقدس.‏

      وفي المانيا عقب الحرب العالمية الاولى كانت اعداد كبيرة من الناس تتدفَّق الى اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ولكن،‏ كان الشعب الالماني يعاني ضيقة اقتصادية كبيرة.‏ وبهدف ابقاء كلفة مطبوعات الكتاب المقدس منخفضة لفائدتهم،‏ طوَّرت الجمعية عملياتها الطباعية الخاصة هناك ايضا.‏ ففي بارمن،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ أُنجزت الطباعة على طابعة مستوية عند بَسْطة الدرج في «بيت ايل» وعلى اخرى في سقيفة لخزن الحطب.‏ وفي السنة التالية انتقل الاخوة الى ماڠْدَبورڠ الى تسهيلات ملائمة اكثر.‏ فكانت لديهم ابنية جيدة هناك،‏ وأُضيف اليها المزيد،‏ ورُكِّبت معدات للطباعة وتجليد الكتب.‏ وبحلول نهاية السنة ١٩٢٥ أُخبر ان القدرة الانتاجية لهذا المصنع كانت ستصير على الاقل بحجم قدرة المصنع المستخدَم آنذاك في المركز الرئيسي في بروكلين.‏

      معظم الطباعة التي انجزها الاخوة فعليا بدأ على نطاق صغير.‏ وقد صحَّ ذلك في كوريا حيث اقامت الجمعية في السنة ١٩٢٢ مصنع طباعة صغيرا مجهَّزا لانتاج المطبوعات باللغة الكورية بالاضافة الى اليابانية والصينية.‏ وبعد سنوات قليلة نُقلت التجهيزات الى اليابان.‏

      وبحلول السنة ١٩٢٤،‏ كانت طباعة المواد الاصغر تُنجَز ايضا في كندا وفي جنوب افريقيا.‏ وفي السنة ١٩٢٥،‏ رُكِّبت مطبعة صغيرة في اوستراليا وأخرى في البرازيل.‏ وسرعان ما صار الاخوة في البرازيل يستعملون معداتهم لطبع النسخة الپرتغالية من برج المراقبة.‏ وحصل فرع الجمعية في انكلترا على تجهيزاته الاولى للطباعة في السنة ١٩٢٦.‏ وفي السنة ١٩٢٩ كان الجوع الروحي للاشخاص المتواضعين في اسپانيا يُسدّ بطبع برج المراقبة على مطبعة صغيرة هناك.‏ وبعد سنتين،‏ ابتدأت مطبعة تعمل في الطبقة السفلى لمكتب الفرع في فنلندا.‏

      وفي هذه الاثناء كان التوسُّع في المركز الرئيسي العالمي جاريا.‏

      مصنعهم الخاص في المركز الرئيسي العالمي

      منذ السنة ١٩٢٠،‏ كانت الجمعية تستأجر فسحة مصنع في بروكلين.‏ وحتى المبنى المستعمل من السنة ١٩٢٢ فصاعدا لم يكن في حالة جيدة؛‏ فكل شيء كان يرتجّ بقوة عندما تدور المطبعة الدوَّارة في الطبقة السفلية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانت تلزم فسحة اضافية بغية الاعتناء بالعمل النامي.‏ ففكَّر الاخوة ان المال المتوافر يمكن استخدامه بطريقة افضل اذا كان لديهم مصنعهم الخاص.‏

      بدا ان ارضا تقع على بُعد مجمَّعات قليلة من «بيت ايل» هي الموقع المرغوب فيه جدا،‏ ولذلك عرضوا ثمنا لها.‏ وحدث ان دفعت شركة سْكْوِيب للصيدلة ثمنا اعلى؛‏ ولكن عندما بنوا في هذه الملكية،‏ كان عليهم ان يركِّزوا في الارض ١٦٧‏,١ دعامة للحصول على اساس متين.‏ (‏بعد سنوات اشترت جمعية برج المراقبة هذه الابنية من شركة سْكْوِيب،‏ بذلك الاساس الجيد الذي سبق فوُضع!‏)‏ ولكنَّ قطعة الارض التي اشترتها الجمعية في السنة ١٩٢٦ كانت لها تربة بقدرة جيدة على تحمُّل الثقل للبناء عليها.‏

      وفي شباط ١٩٢٧ انتقلوا الى مبناهم الجديد في ١١٧ شارع آدمز في بروكلين.‏ وقد زوَّدهم تقريبا ضعف الفسحة التي كانوا يستعملونها حتى ذلك الوقت.‏ وكان حسَن التصميم،‏ اذ كان العمل ينتقل من الطبقات العليا نزولا عبر مختلف الاقسام حتى يصل الى قسم الشحن في الطبقة الارضية.‏

      لكنَّ النمو لم ينتهِ.‏ فقد وجب توسيع هذا المصنع في خلال عشر سنوات؛‏ وكان المزيد سيأتي في ما بعد.‏ وبالاضافة الى طباعة ملايين النسخ من المجلات والكراريس سنويا،‏ كان المصنع ينتج ما مقداره ٠٠٠‏,١٠ كتاب مجلَّد في اليوم.‏ وعندما صارت هذه الكتب تشمل الكتب المقدسة الكاملة في السنة ١٩٤٢،‏ كانت جمعية برج المراقبة تفتتح ثانية حقلا جديدا في الصناعة الطباعية.‏ فقام الاخوة بالتجارب حتى صاروا قادرين على استعمال ورق الكتاب المقدس الخفيف الوزن على المطابع الدوَّارة —‏ الامر الذي لم تجرِّبه المطابع الاخرى حتى سنوات لاحقة.‏

      وفيما كان مثل هذا الانتاج الواسع النطاق جاريا،‏ لم تُغفَل الفِرَق ذات الحاجات الخصوصية.‏ فباكرا في السنة ١٩١٠ كان احد تلاميذ الكتاب المقدس في بوسطن،‏ ماساتشوستس،‏ وآخر في كندا يتعاونان على اعادة انتاج مطبوعات الجمعية بنظام برايل.‏ وبحلول السنة ١٩٢٤،‏ من مكتب في لوڠانسپورت،‏ إنديانا،‏ كانت الجمعية تنتج مطبوعات لفائدة العميان.‏ ولكن بسبب التجاوب المحدود جدا في ذلك الوقت،‏ انتهى العمل بنظام برايل في السنة ١٩٣٦،‏ وجرى التشديد على مساعدة العميان بواسطة اسطوانات الفونوڠراف والانتباه الشخصي.‏ وفي ما بعد،‏ في السنة ١٩٦٠،‏ بدأ من جديد انتاج المطبوعات بنظام برايل —‏ وهذه المرة بتنويع اكبر،‏ وتدريجيا بتجاوب افضل.‏

      مواجهة تحدي المقاومة الشديدة

      في عدد من البلدان كانت الطباعة تجري في وجه ظروف صعبة للغاية.‏ لكنَّ اخوتنا ثابروا،‏ مقدِّرين ان المناداة ببشارة الملكوت هي عملٌ امر يهوه اللّٰه،‏ بواسطة ابنه،‏ بانجازه.‏ (‏اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢؛‏ مرقس ١٣:‏١٠‏)‏ ففي اليونان،‏ مثلا،‏ كان الاخوة قد ركَّبوا مطبعتهم في السنة ١٩٣٦ وشغَّلوها اشهرا قليلة فقط عندما حدث تغيير في الحكومة وأقفلت السلطات معملهم.‏ وبشكل مماثل،‏ في الهند،‏ في السنة ١٩٤٠،‏ عمل كلود ڠودمان طوال اشهر على تركيب مطبعة وتعلُّم كيفية تشغيلها،‏ ولكن لتهاجم المكان الشرطة التي ارسلها المهاراجا،‏ تنقل المطبعة بشاحنة،‏ وتلقي كل الاحرف المفروزة باعتناء في اوعية تنك كبيرة.‏

      وفي مواقع عديدة اخرى فرضت القوانين المتعلقة بالمطبوعات المستوردة على الاخوة ان يوكلوا العمل الى مطابع تجارية محلية،‏ مع ان الجمعية تملك مؤسسة طباعية في بلد مجاور مجهَّزة للقيام بالعمل.‏ وصحَّ ذلك في اماكن كالدنمارك،‏ لاتڤيا،‏ وهنڠاريا في اواسط ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

      وفي السنة ١٩٣٣ بدأت الحكومة الالمانية،‏ مدفوعة من رجال الدين،‏ بايقاف النشاطات الطباعية لشهود يهوه في المانيا.‏ فاحتلَّت الشرطة مصنع جمعية برج المراقبة في ماڠْدَبورڠ وأقفلته في نيسان من تلك السنة،‏ ولكنهم لم يتمكنوا من ايجاد دليل إدانة،‏ ولذلك انسحبوا.‏ إلا انهم تدخَّلوا من جديد في حزيران.‏ وبهدف متابعة نشر رسالة الملكوت اسَّست الجمعية مطبعة في پراڠ،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ ونُقل كثير من المعدات الى هناك من ماڠْدَبورڠ.‏ وبهذه الترتيبات أُنتجت المجلات بلغتين والكراريس بست لغات خلال السنوات القليلة التي تلت.‏

      ثم،‏ في السنة ١٩٣٩،‏ زحفت جيوش هتلر الى پراڠ،‏ ولذلك فكَّك الاخوة بسرعة معداتهم وشحنوها بحرا الى خارج البلاد.‏ فذهب بعضها الى النَّذَرلند.‏ وكان ذلك في حينه.‏ فالاتصال بسويسرا صار اصعب على الاخوة الهولنديين.‏ ولذلك استأجروا الآن مكانا،‏ وبمطابعهم التي حصلوا عليها حديثا قاموا بطباعتهم الخاصة.‏ غير ان ذلك استمر فترة قصيرة فقط قبل ان يستولي الغزاة النازيون على المصنع.‏ ولكنَّ الاخوة كانوا قد استمروا في استعمال هذه المعدات اطول فترة ممكنة.‏

      عندما منع اجراء رسمي اعتباطي في فنلندا نشر برج المراقبة خلال الحرب،‏ قام الاخوة هناك بنسخ المقالات الرئيسية بالآلة الناسخة وتوزيعها بواسطة سعاة.‏ وبعد ان صارت النمسا تحت السيطرة النازية في السنة ١٩٣٨،‏ طُبعت برج المراقبة على آلة ناسخة وجب نقلها على الدوام من مكان الى آخر بهدف ابقائها بعيدة عن ايدي الڠستاپو.‏ وبشكل مماثل،‏ في كندا،‏ خلال الوقت الذي كان فيه الشهود تحت الحظر في زمن الحرب،‏ كان عليهم ان يغيِّروا مكان معداتهم تكرارا لكي يستمروا في تزويد الطعام الروحي لاخوتهم.‏

      وفي اوستراليا،‏ خلال الوقت الذي كان فيه عمل شهود يهوه تحت الحظر،‏ طبع الاخوة مجلاتهم الخاصة،‏ حتى انهم طبعوا الكتب وجلَّدوها —‏ الامر الذي لم يفعلوه هناك حتى في الظروف المؤاتية اكثر.‏ وكان عليهم ان ينقلوا معمل التجليد ١٦ مرة للحؤول دون مصادرة المعدات،‏ ولكنهم استطاعوا ان يُنتجوا ٠٠٠‏,٢٠ كتاب مجلَّد في الوقت المناسب للاصدار في محفل عُقد في السنة ١٩٤١ على الرغم من العوائق الكبيرة!‏

      التوسُّع بعد الحرب العالمية الثانية

      بعد انتهاء الحرب اجتمع شهود يهوه في محفل اممي في كليڤلَنْد،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٤٦.‏ وهناك تكلَّم ناثان ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ عن اعادة البناء والتوسُّع.‏ فمنذ اندلاع الحرب العالمية الثانية ازداد عدد الشهود ١٥٧ في المئة،‏ وكان المرسلون يفتتحون العمل سريعا في حقول جديدة.‏ ولتلبية الطلب العالمي على مطبوعات الكتاب المقدس اوجز الاخ نور خططا لتوسيع تسهيلات المركز الرئيسي العالمي.‏ ونتيجة للتوسُّع المقترَح،‏ كانت فسحة المصنع ستصير اكثر من ضعف فسحة البناء الاصلي الذي شُيِّد في السنة ١٩٢٧،‏ وكان «بيت ايل» الموسَّع كثيرا سيُزوَّد للعمَّال المتطوِّعين.‏ وهذه الاقسام الاضافية أُكملت ووُضعت موضع الاستعمال في وقت باكر من السنة ١٩٥٠.‏

      وجب توسيع تسهيلات المصنع والمكتب في المركز الرئيسي العالمي في بروكلين مرة بعد اخرى منذ السنة ١٩٥٠.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانت تغطي مساحة ما يقارب ثمانية مجمَّعات في المدينة وكانت مساحة الارضيات تبلغ ٤٦٠‏,٤٧٦‏,٢ قدما مربعة (‏٠٧١‏,٢٣٠ م٢‏)‏.‏ وهذه ليست مجرد مبانٍ لصنع الكتب.‏ انها موقوفة ليهوه،‏ للاستعمال في انتاج المطبوعات المصمَّمة لتعليم الناس مطالبه للحياة.‏

      في بعض المناطق كان من الصعب الابتداء من جديد بالعمليات الطباعية للجمعية بعد الحرب العالمية الثانية.‏ فمجمَّع المصنع والمكتب الذي تملكه الجمعية في ماڠْدَبورڠ،‏ المانيا،‏ كان في المنطقة الواقعة تحت السيطرة الشيوعية.‏ وعاد الشهود الالمان من جديد اليه،‏ ولكنهم لم يتمكنوا من العمل إلا لفترة وجيزة قبل ان يصادَر من جديد.‏ ولسدّ الحاجة في المانيا الغربية وجب تأسيس مطبعة هناك.‏ وكانت المدن قد تحوَّلت الى انقاض نتيجة القصف.‏ ولكن سرعان ما تمكن الشهود من استعمال مطبعة صغيرة كان يشغِّلها النازيون في كارلْسْروهه.‏ وبحلول السنة ١٩٤٨ كانت لديهم طابعتان مستويتان تدوران ليل نهار في مبنى حصلوا عليه في ڤيسبادن.‏ وفي السنة التالية وسَّعوا التسهيلات في ڤيسبادن وزادوا عدد المطابع اربعة اضعاف بهدف سدّ حاجات العدد المتزايد بسرعة من المنادين بالملكوت في ذلك الجزء من الحقل.‏

      عندما استأنفت الجمعية الطباعة علانية في اليونان في السنة ١٩٤٦،‏ لم يكن ممكنا الاعتماد على التيار الكهربائي.‏ فأحيانا كان ينقطع طوال ساعات كل مرة.‏ وفي نَيجيريا،‏ في السنة ١٩٧٧،‏ واجه الاخوة مشكلة مماثلة.‏ والى ان حصل الفرع في نَيجيريا على مولِّده الخاص كان عمَّال المصنع يعودون الى العمل في ايّ وقت يعود فيه التيار ليلا او نهارا.‏ وبروح كهذه لم يفوِّتوا قط ايّ عدد من برج المراقبة.‏

      بعد ان زار الاخ نور جنوب افريقيا في السنة ١٩٤٨ اشتُريت ارض في إلانْتسفُنتاين؛‏ وفي وقت باكر من السنة ١٩٥٢ انتقل الفرع الى مصنع جديد هناك —‏ الاول الذي تبنيه الجمعية فعليا في جنوب افريقيا.‏ وباستعمال طابعة مستوية جديدة ابتدأوا يطبعون المجلات بثماني لغات يُنطَق بها في افريقيا.‏ وفي السنة ١٩٥٤،‏ جُهِّز الفرع في السويد ليطبع مجلاته على طابعة مستوية،‏ وكذلك الفرع في الدنمارك في السنة ١٩٥٧.‏

      واذ ازداد الطلب على المجلات،‏ زُوِّدت مطابع دوَّارة للطباعة البارزة عالية السرعة،‏ اولا لفرع واحد ثم لآخر.‏ وحصلت كندا على مطبعتها الاولى في السنة ١٩٥٨؛‏ وانكلترا في السنة ١٩٥٩.‏ وبحلول السنة ١٩٧٥ كانت جمعية برج المراقبة تملك ٧٠ مطبعة دوَّارة كبيرة تعمل في مطابعها حول العالم.‏

      شبكة عالمية لنشر حق الكتاب المقدس

      في اواخر ستينات الـ‍ ١٩٠٠ وبعدها بُذِل جهد مركَّز لتحقيق مزيد من اللامركزية في العمليات الطباعية لجمعية برج المراقبة.‏ فازدياد عدد شهود يهوه كان سريعا.‏ وكانت تلزم فسحة مصنع اضافية لتزويد مطبوعات الكتاب المقدس لاستعمالهم الخاص وللتوزيع العام.‏ ولكن كان التوسُّع في بروكلين عملية بطيئة لسبب العدد المحدود للعقارات المتوافرة وكذلك الاجراءات الروتينية القانونية.‏ فصُنعت الخطط للقيام بالمزيد من الطباعة في مكان آخر.‏

      وهكذا،‏ في السنة ١٩٦٩،‏ بدأ العمل على تصميم مطبعة جديدة تُبنى بالقرب من وولكيل،‏ نيويورك،‏ على بعد نحو ٩٥ ميلا (‏١٥٠ كلم)‏ شمالي غربي بروكلين.‏ وهذا كان سيعمل على ازدياد وانتشار تسهيلات المركز الرئيسي،‏ وأخيرا كانت تقريبا كل مجلات برج المراقبة واستيقظ!‏ من اجل الولايات المتحدة ستأتي من وولكيل.‏ وبعد ثلاث سنوات كان يُخطَّط لمصنع ثانٍ في وولكيل،‏ وكان هذا اكبر بكثير من الاول.‏ وبحلول السنة ١٩٧٧ كانت المطابع الدوَّارة للطباعة البارزة هناك تنتج ما يزيد على ١٨ مليون مجلة في الشهر.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانت تُستعمل مطابع أوفست كبيرة من نوع مان-‏رولاند وهانشو (‏٤ مطابع أوفست فقط بدلا من مطابع الطباعة البارزة الـ‍ ١٥ السابقة)‏،‏ وكانت القدرة الانتاجية اكثر بكثير من مليون مجلة في اليوم.‏

      عندما وُضعت اولا الخطط للعمليات الطباعية في وولكيل،‏ كانت برج المراقبة تصدر في بروكلين بـ‍ ٣٢ لغة من لغاتها الـ‍ ٧٢ آنذاك؛‏ واستيقظ!‏ بـ‍ ١٤ لغة من لغاتها الـ‍ ٢٦.‏ ونحو ٦٠ في المئة من مجموع عدد النسخ المطبوعة حول العالم كان يُنتَج هناك في المركز الرئيسي العالمي.‏ وكان من المفيد انجاز المزيد من هذا العمل في بلدان خارج الولايات المتحدة وبواسطة اخوتنا هناك بدلا من الشركات التجارية.‏ وهكذا،‏ اذا كانت الازمات العالمية او التدخل الحكومي في عمل شهود يهوه ستعيق في المستقبل العمليات في اية ناحية من الارض،‏ كان سيبقى بالامكان ايضا تزويد الطعام الروحي الضروري.‏

      ولذلك في السنة ١٩٧١،‏ قبل ان يباشِر العمل اول مصنع لبرج المراقبة في وولكيل بسنتين تقريبا،‏ بدأ العمل على تزويد معمل طباعة جديد ممتاز في نومازو،‏ اليابان.‏ وزيادة المنادين بالملكوت في اليابان التي بلغت اكثر من خمسة اضعاف خلال العقد السابق اشارت انه ستكون هنالك حاجة الى الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس هناك.‏ وفي الوقت نفسه كانت تسهيلات الفرع في البرازيل توسَّع.‏ وصحَّ الامر نفسه في جنوب افريقيا،‏ حيث كانت مطبوعات الكتاب المقدس تُنتَج بأكثر من اربع وعشرين لغة افريقية.‏ وفي السنة التالية،‏ ١٩٧٢،‏ ازداد حجم تسهيلات الجمعية للنشر في اوستراليا اربعة اضعاف بهدف توفير كل عدد من برج المراقبة واستيقظ!‏ في تلك الناحية من العالم دون التأخيرات المطوَّلة في الشحن البحري.‏ وشُيِّدت ايضا مصانع اضافية في فرنسا والفيليپين.‏

      وفي وقت باكر من السنة ١٩٧٢ قام ن.‏ ه‍.‏ نور وناظر مصنع بروكلين،‏ م.‏ ه‍.‏ لارسن،‏ بجولة اممية لتفحُّص العمل الجاري انجازه بغية تنظيم الامور من اجل الاستعمال الافضل لهذه التسهيلات ووضع الاساس لمزيد من التوسُّع في المستقبل.‏ وشملت زياراتهما ١٦ بلدا في اميركا الجنوبية،‏ افريقيا،‏ والشرق الاقصى.‏

      وبعد ذلك بوقت قصير كان الفرع في اليابان ينتج المجلات باللغة اليابانية اللازمة لذلك الجزء من الحقل بدلا من الاعتماد على مطبعة تجارية.‏ وفي تلك السنة عينها،‏ ١٩٧٢،‏ ابتدأ الفرع في غانا يطبع برج المراقبة بثلاث من لغاته المحلية بدلا من انتظار الشحنات البحرية من الولايات المتحدة ونَيجيريا.‏ ثم ابتدأ فرع الفيليپين يعتني بالاخراج الفني والطبع لـ‍ برج المراقبة واستيقظ!‏ بثماني لغات محلية (‏بالاضافة الى طبع المجلات اللازمة باللغة الانكليزية)‏.‏ ومثَّل ذلك خطوة رئيسية اضافية في جعل العمليات الطباعية لبرج المراقبة لامركزية.‏

      بحلول نهاية السنة ١٩٧٥ كانت جمعية برج المراقبة تطبع مطبوعات الكتاب المقدس في تسهيلاتها الخاصة في ٢٣ بلدا منتشرا حول الكرة الارضية —‏ الكتب في ثلاثة بلدان؛‏ الكراريس او المجلات او كلتيهما في المواقع الـ‍ ٢٣ كلها.‏ وفي ٢٥ بلدا آخر كانت الجمعية تصنع مواد اصغر على معداتها الخاصة.‏

      وقدرة الجمعية على انتاج الكتب المجلَّدة كانت تزداد ايضا.‏ فبعض اعمال تجليد الكتب أُنجز في سويسرا وفي المانيا باكرا في اواسط عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وبعد الحرب العالمية الثانية،‏ في السنة ١٩٤٨،‏ تولَّى الاخوة في فنلندا تجليد الكتب (‏اولا،‏ باليد في الاغلب)‏ لسدّ حاجات ذلك البلد بشكل رئيسي.‏ وبعد سنتين كان الفرع في المانيا يدير من جديد معملا للتجليد،‏ وعلى مر الوقت صار يتولَّى تجليد الكتب الذي كان يُنجَز في سويسرا.‏

      ثم،‏ في السنة ١٩٦٧،‏ بأكثر من مليون شاهد حول العالم وباصدار الكتب بحجم الجيب للمرة الاولى لاستعمالها في خدمتهم،‏ ارتفع الطلب كثيرا على هذا النوع من مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وفي غضون تسع سنين كانت هنالك زيادة اكثر من ستة اضعاف في خطوط التجليد في بروكلين.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان لجمعية برج المراقبة ما مجموعه ٢٨ خطا للتجليد يعمل في ثمانية بلدان مختلفة.‏

      في تلك السنة عينها،‏ ١٩٩٢،‏ لم تكن جمعية برج المراقبة تطبع مطبوعات الكتاب المقدس بـ‍ ١٨٠ لغة في الولايات المتحدة فقط،‏ لكنَّ اربعا من مطابعها الرئيسية الموجودة في اميركا اللاتينية كانت تزوِّد الكثير من المطبوعات اللازمة محليا وللبلدان الاخرى على السواء في تلك الناحية من العالم.‏ وكان احد عشر مصنعا اضافيا للطباعة ينتج المطبوعات في اوروپا،‏ وكل هذه المصانع كانت تساعد على سدّ حاجات بلدان اخرى الى المطبوعات.‏ ومن هذه كانت فرنسا تزوِّد المطبوعات قانونيا لـ‍ ١٤ بلدا،‏ والمانيا،‏ التي كانت تطبع بأكثر من ٤٠ لغة،‏ كانت تشحن بحرا كميات كبيرة الى ٢٠ بلدا وكميات اصغر الى بلدان كثيرة اخرى.‏ وفي افريقيا كانت ستة مصانع للطباعة تابعة لبرج المراقبة تصدر مطبوعات الكتاب المقدس بما مجموعه ٤٦ لغة.‏ و ١١ مصنعا آخر للطباعة —‏ البعض كبير،‏ والبعض صغير —‏ كانت تزوِّد الشرق الاوسط والشرق الاقصى،‏ جزر الپاسيفيك،‏ كندا،‏ ومناطق اخرى بالمطبوعات لاستعمالها في نشر الرسالة الملحَّة عن ملكوت اللّٰه.‏ وفي ٢٧ بلدا آخر ايضا كانت الجمعية تطبع مواد اصغر تحتاج اليها الجماعات لكي تعمل بنعومة.‏

      اساليب جديدة،‏ معدات جديدة

      خلال ستينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠ اكتسحت ثورةٌ الصناعة الطباعية.‏ وبسرعة مذهلة استُبدلت الطباعة البارزة بطباعة الأوفست.‏d ولم تتحوَّل جمعية برج المراقبة بسرعة الى اساليب الطباعة الجديدة.‏ فالالواح التي كانت متوافرة لمطابع الأوفست لم تكن ملائمة تماما لطبع الكميات الكبيرة من المطبوعات التي تحتاج اليها الجمعية.‏ وفضلا عن ذلك،‏ كان تغيير من هذا النوع يتطلَّب طرائق جديدة كليا لتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني.‏ فكانت تلزم مطابع جديدة.‏ وكان يجب تعلُّم تكنولوجيا جديدة.‏ وفي الواقع،‏ كان يجب استبدال كل معدات الطباعة في مصانع الجمعية.‏ وكانت الكلفة ستصير مذهلة.‏

      ولكن،‏ على مر الوقت،‏ اتضح ان المواد لمواصلة الطباعة البارزة لن تعود متوافرة بعد مدة من الوقت.‏ ومتانة الواح الأوفست كانت تتحسَّن بسرعة.‏ فوجب صنع التغيير.‏

      وباكرا في السنة ١٩٧٢،‏ لسبب اهتمامهم الشديد بالتطوُّرات في طباعة الأوفست،‏ اشترى ثلاثة اعضاء في عائلة البتل في جنوب افريقيا مطبعة أوفست تُغذَّى بصحائف الورق صغيرة ومستعمَلة.‏ واكتُسب شيء من الخبرة في القيام بأعمال طباعية صغيرة عليها.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٧٤،‏ استُعملت تلك المطبعة لطبع الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ كتاب بحجم الجيب،‏ بالرونڠية.‏ وقدرتهم على فعل ذلك بسرعة مكَّنت من ايصال ارشاد الكتاب المقدس القيِّم الى آلاف الناس الجياع للحق قبل ان يُحظَر عمل شهود يهوه من جديد في المنطقة التي يعيش فيها هؤلاء الناس.‏ ومطبعة الأوفست التي تُغذَّى بصحائف الورق الاخرى،‏ التي أُعطيت لفرع الجمعية في جنوب افريقيا بعد وقت قصير من شراء الاخوة للاولى،‏ شُحنت بحرا الى زامبيا واستُعملت هناك.‏

      وكانت ايضا لمصنع الجمعية في المانيا بداية باكرة في طباعة الأوفست.‏ ففي نيسان ١٩٧٥ ابتدأ الاخوة هناك يستعملون مطبعة تُغذَّى بصحائف الورق لطباعة المجلات على ورق الكتاب المقدس لشهود يهوه في المانيا الشرقية حيث كان الشهود آنذاك تحت الحظر.‏ وتبع ذلك،‏ في السنة التالية،‏ انتاج الكتب على مطبعة الأوفست هذه لاولئك الاخوة المضطهدين.‏

      وفي الوقت عينه تقريبا،‏ في السنة ١٩٧٥،‏ وضعت جمعية برج المراقبة قيد العمل اول مطبعة أوفست بشريط ورق للمجلات في الارجنتين.‏ لكنها اشتغلت فقط اكثر بقليل من سنة قبل ان تحظر حكومة الارجنتين عمل الشهود وتقفل مطبعتهم.‏ لكنَّ عمليات طباعة الأوفست في البلدان الاخرى استمرت في التوسُّع.‏ ففي وقت باكر من السنة ١٩٧٨،‏ في معمل المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة في بروكلين،‏ نيويورك،‏ ابتدأت مطبعة أوفست بشريط ورق تنتج طباعة بثلاثة ألوان للكتب.‏e واشتُريت مطبعة ثانية في تلك السنة عينها.‏ ولكن كانت تلزم معدات اكثر بكثير بغية اكمال التغيير.‏

      كانت الهيئة الحاكمة واثقة بأن يهوه سيزوِّد كل ما يلزم لاتمام العمل الذي يريد ان يُنجَز.‏ وفي نيسان ١٩٧٩ وكانون الثاني ١٩٨٠ أُرسلت رسائل الى الجماعات في الولايات المتحدة تشرح الوضع.‏ فأتت الهبات —‏ ببطء في بادئ الامر،‏ ولكن كان هنالك في حينه ما يكفي لتجهيز كامل الشبكة العالمية لمصانع برج المراقبة من اجل طباعة الأوفست.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ للاستفادة من المعدات الموجودة وللاسراع بالتغيير،‏ عقدت جمعية برج المراقبة اتفاقا لتحويل مطابعها من نوع مان ذات الطراز الاحدث الى طباعة الأوفست.‏ فزُوِّد اثنا عشر بلدا بهذه المطابع،‏ بما فيها ستة لم تكن قد طبعت مجلاتها من قبل محليا.‏

      الطباعة بأربعة الوان

      كان الفرع في فنلندا اول فرع يطبع كل عدد من مجلاته بالأوفست بأربعة الوان،‏ مبتدئا بطريقة بسيطة من الأعداد في كانون الثاني ١٩٨١ ثم مستعملا تدريجيا تقنيات محسَّنة.‏ وبعد ذلك طبعت اليابان كتابا مجلَّدا بأربعة الوان.‏ وحذت حذوهما مطابع اخرى لبرج المراقبة اذ صارت المعدات متوافرة.‏ وبعض المطابع اشتراها وشحنها بحرا المركز الرئيسي العالمي.‏ وأخرى موَّلها شهود يهوه في البلد حيث يقع المصنع.‏ وفي حالات اخرى ايضا وهب الشهود في البلد الواحد المعدات اللازمة لاخوتهم في البلد الآخر.‏

      في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية صار العالم ميَّالا خصوصا الى المطبوعات التي تحتوي على صور،‏ واستعمال الالوان الطبيعية كان له دور كبير في جعل المطبوعات تروق العين اكثر.‏ وهذا الاستعمال للالوان جعل الصفحة المطبوعة جذَّابة اكثر وشجَّع بالتالي على القراءة.‏ وفي اماكن عديدة وُجد ان توزيع برج المراقبة واستيقظ!‏ ازداد كثيرا بعد تجميل مظهرهما على هذا النحو.‏

      تطوير انظمة كمپيوتر ملائمة

      لدعم الطباعة بأربعة الوان وجب تطوير نظام لإعداد المواد للطبع يضبطه الكمپيوتر؛‏ وقرار المضي في ذلك اتُّخذ في السنة ١٩٧٧.‏ وتطوَّع الشهود المتخصصون في هذا الحقل للعمل في المركز الرئيسي العالمي لمساعدة الجمعية على سدّ هذه الحاجات بسرعة.‏ (‏بعد ذلك بوقت قصير،‏ في السنة ١٩٧٩،‏ بدأ فريق في اليابان شمل اخيرا نحو ٥٠ شاهدا بالعمل على برامج لازمة للغة اليابانية.‏)‏ واستُخدمت معدات hardware الكمپيوتر التجارية المتوافرة،‏ وأعد الشهود برامج للمساعدة على سدّ حاجات الجمعية الادارية وتلك المتعلقة بالنشر بلغات متعدِّدة.‏ وللمحافظة على مقاييس رفيعة وحيازة المرونة اللازمة اقتضى الامر تطوير برامج متخصِّصة لتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني بواسطة الكمپيوتر.‏ ولم تكن هنالك برامج تجارية متوافرة لإدخال النصوص وإجراء التنضيد التصويري لكثير من الـ‍ ١٦٧ لغة التي كانت جمعية برج المراقبة تطبع بها آنذاك،‏ ولذلك وجب على الشهود ان يطوِّروا برامجهم الخاصة.‏

      في ذلك الحين لم يرَ العالم التجاري ايّ ربح في اللغات التي تستعملها اعداد قليلة من الناس او ذوو الدَّخل المحدود جدا،‏ لكنَّ شهود يهوه مهتمون بالحياة.‏ وفي غضون وقت قصير نسبيا كانت برامج تنضيد الحروف المطبعية التي طوَّروها تُستعمَل لانتاج المطبوعات بأكثر من ٩٠ لغة.‏ وفي ما يتعلق بعملهم قال تقرير سيبولد عن انظمة النشر الحسن السمعة:‏ «لا يسعنا إلا ان نُثني على المشروع،‏ روح المبادرة وبصيرة اعضاء برج المراقبة.‏ فهنالك اليوم قليلون طموحون كفاية او شجعان كفاية للشروع في تطبيق كهذا،‏ وخصوصا في الواقع من لا شيء.‏» —‏ المجلد ١٢،‏ العدد ١،‏ ١٣ ايلول ١٩٨٢.‏

      تصير العمليات الطباعية والصيانة اسهل الى حد بعيد اذا كانت الاجهزة المستعملة عالميا متوافقة تماما.‏ ولذلك في السنة ١٩٧٩ تقرَّر ان تطوِّر جمعية برج المراقبة نظامها الخاص للتنضيد التصويري.‏ وكان على الفريق العامل في هذا المشروع ان يصنع المعدات الاساسية،‏ بدلا من الاعتماد كثيرا على الاجهزة التجارية.‏

      وهكذا في السنة ١٩٧٩ بدأ فريق من شهود يهوه مركز عملياته في مزارع برج المراقبة،‏ وولكيل،‏ نيويورك،‏ بتصميم وبناء نظام التنضيد التصويري الالكتروني المتعدِّد اللغات (‏MEPS‏)‏.‏ وبحلول ايار ١٩٨٦ لم يكن الفريق العامل في هذا المشروع قد صمَّم وبنى فقط اجهزة كمپيوتر MEPS‏،‏ منضدات تصويرية،‏ وطرفيات رسوم بيانية graphics terminals بل،‏ بشكل اهم،‏ كانوا قد طوَّروا ايضا البرمجيَّات software اللازمة لمعالجة المواد للنشر بـ‍ ١٨٦ لغة.‏

      نُسِّق بين تطوُّر البرمجيَّات هذا والعملية الكبيرة لترقيم طقم الحروف الطباعية font-digitizing‏.‏ وهذه تطلَّبت درسا مكثَّفا للخصائص التي تميِّز كل لغة.‏ وكان يجب انجاز العمل الفني لكل حرف في اللغة (‏مثلا،‏ كل حرف في حالته الاستهلالية والصغيرة،‏ بالاضافة الى العلامات الصوتية المميِّزة والترقيم —‏ كل ذلك في مجموعات حجوم متنوِّعة)‏،‏ برسوم مختلفة لكل وجه طباعي typeface (‏كالحرف الرقيق،‏ المائل،‏ الاسود،‏ والاسود الثخين)‏،‏ ربما بعدد من طقوم او نماذج الحروف الطباعية المتميِّزة.‏ وكل طقم من الحروف الطباعية اللاتينية تطلَّب ٢٠٢ حرف.‏ ولذلك فان طقوم الحروف الطباعية اللاتينية الـ‍ ٣٦٩ تطلَّبت ما مجموعه ٥٣٨‏,٧٤ حرفا.‏ وإعداد طقوم الحروف الطباعية الصينية اقتضى رسم ٣٦٤‏,٨ حرفا لكل منها،‏ بمزيد من الحروف ستضاف لاحقا.‏

      بعد انجاز العمل الفني صُمِّمت البرمجيَّات التي تمكِّن من طبع الحروف في شكل حسن وواضح.‏ ووجب ان تكون البرمجيَّات قادرة ليس فقط على معالجة الابجدية اللاتينية بل ايضا البنڠالية،‏ السيريلية،‏ الكمبودية،‏ الكورية،‏ الهندية،‏ واليونانية،‏ بالاضافة الى العبرانية والعربية (‏اللتين تُقرأان كلتاهما من اليمين الى اليسار)‏ واليابانية والصينية (‏اللتين لا تستعملان حروفا ابجدية)‏.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانت البرمجيَّات متوافرة لمعالجة مواد بأكثر من ٢٠٠ لغة،‏ وكانت برامج للغات اخرى يستعملها ملايين الناس لا تزال قيد التطوير.‏

      وإنجاز التغيير في الفروع استلزم تبنّي اجراءات جديدة وتعلُّم مهارات جديدة.‏ فأُرسل المستخدَمون الى المركز الرئيسي العالمي ليتعلَّموا كيفية تركيب،‏ تشغيل،‏ وصيانة مطابع أوفست بشريط ورق كبيرة.‏ والبعض تعلَّموا كيفية القيام بعمل فرز الالوان بماسحة ليزَريّة.‏ ودُرِّب مستخدَمون اضافيون على استعمال وصيانة اجهزة الكمپيوتر.‏ وهكذا يمكن ان تُحل بسرعة مشاكل الانتاج التي تنشأ في ايّ مكان من العالم بحيث يستمر سير العمل.‏

      ادركت الهيئة الحاكمة انه اذا تمكَّن شهود يهوه حول العالم من درس المواد نفسها في اجتماعاتهم اسبوعا بعد اسبوع وتوزيع المطبوعات نفسها في خدمة الحقل فسيكون لذلك اثر موحِّد قوي.‏ في الماضي لم تكن المطبوعات الصادرة بالانكليزية تتوافر عادةً بلغات اخرى إلا بعد اربعة اشهر على الاقل؛‏ وبالنسبة الى لغات عديدة بعد سنة،‏ او احيانا كثيرة بعد سنوات.‏ ولكن الآن صار التغيير ممكنا.‏ وامتلاك اجهزة متوافقة تماما في الفروع التي تقوم بالطباعة كان عاملا مهما في التمكُّن من اصدار المطبوعات في آن واحد بلغات متنوِّعة.‏ وبحلول السنة ١٩٨٤ جرى اصدار برج المراقبة في آن واحد بـ‍ ٢٠ لغة.‏ وفي السنة ١٩٨٩،‏ عندما وُزِّعت على العموم الرسالة القوية التي يحتويها كتاب الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏ بعد مجرد اشهر قليلة من اصداره،‏ كان هذا الكتاب متوافرا بـ‍ ٢٥ لغة.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ توسَّع اصدار برج المراقبة في آن واحد ليشمل ٦٦ لغة،‏ تلك التي تستعملها نسبة كبيرة من سكان العالم.‏

      منذ مباشرة مشروع MEPS في السنة ١٩٧٩ احرزت صناعة الكمپيوتر تقدُّما غير عادي.‏ وأجهزة الكمپيوتر الشخصية الفعَّالة المتعددة الاستعمالات الى حد كبير كانت الآن متوافرة بسعر اقل بكثير من الاجهزة الابكر.‏ ولمجاراة حاجات عمل طباعتها،‏ قرَّرت جمعية برج المراقبة ان تستخدم اجهزة الكمپيوتر الشخصية هذه الى جانب برمجيَّاتها الخاصة.‏ وهذا جعل عملية الانتاج اسرع بكثير.‏ ومكَّن ايضا من تزويد فوائد برامج الكمپيوتر للمزيد من فروع الجمعية،‏ وسرعان ما ارتفع عدد الفروع التي تستعملها الى ٨٣.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت جمعية برج المراقبة تملك حول العالم اكثر من ٨٠٠‏,٣ جهاز طرفي تستعمل فيها برامج الكمپيوتر الخاصة بها.‏ والفروع المجهَّزة على هذا النحو لا تقوم كلها بالطباعة،‏ ولكنَّ ايّ فرع يملك جهاز كمپيوتر صغيرا وبرمجيَّات الجمعية،‏ بالاضافة الى طابعة ليزَريّة صغيرة،‏ يستطيع انجاز عمل إعداد المواد لطبع النشرات،‏ المجلات،‏ الكتب،‏ وأية مطبوعة اخرى يلزم اصدارها.‏

      دعم الكمپيوتر المتزايد للمترجمين

      هل يمكن ايضا لاستعمال الكمپيوتر ان يقدِّم دعما اكبر للذين يقومون بعمل الترجمة؟‏ ينجز الآن مترجمو مطبوعات برج المراقبة عملهم،‏ في معظم الاحوال،‏ على اجهزة كمپيوتر طرفية.‏ وكثيرون من هؤلاء موجودون في مكاتب فروع الجمعية.‏ والآخرون،‏ الذين ربما يترجمون في البيت والذين قاموا بعملهم لسنوات كثيرة على آلات كاتبة او حتى يدويا،‏ جرت مساعدتهم على تعلُّم كيفية ادخال ترجمتهم في محطات تشغيل الكمپيوتر computer workstation او في اجهزة كمپيوتر قابلة للحمل (‏اجهزة صغيرة بشكل ملائم)‏ اشترتها الجمعية.‏ والتعديلات في الترجمة يمكن اجراؤها بسهولة على شاشة الكمپيوتر مباشرة.‏ واذا كانت الترجمة تجري في مكان غير مكتب الفرع حيث تُنجَز الطباعة الفعلية فكل ما يلزم هو نقل النص الى قرص مرن ورقيق وارساله الى الفرع الذي يقوم بالطباعة لمعالجته.‏

      خلال ١٩٨٩-‏١٩٩٠،‏ اذ حدثت تغييرات سريعة في الحكومات في بلدان عديدة،‏ صار الاتصال الدولي اسهل.‏ وبسرعة دعا شهود يهوه الى حلقة دراسية لمترجميهم من اوروپا الشرقية.‏ وهذه صُمِّمت لمساعدتهم على تحسين نوعية عملهم،‏ لتمكينهم من الاستفادة من اجهزة الكمپيوتر المتوافرة،‏ ولجعل اصدار برج المراقبة بلغاتهم في آن واحد امرا ممكنا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ مُنح المترجمون في جنوب شرق آسيا مساعدة مماثلة.‏

      ولكن هل يمكن استعمال الكمپيوتر لجعل عمل الترجمة اسرع او لتحسين نوعيته؟‏ نعم.‏ فبحلول السنة ١٩٨٩ كان شهود يهوه يستخدمون انظمة كمپيوتر فعَّالة للمساعدة في ترجمة الكتاب المقدس.‏ وبعد عمل تمهيدي شامل زُوِّدت ملفَّات الكترونية تمكِّن المترجم من ان يُحضِر بسرعة على شاشة الكمپيوتر عرضا مرئيا لأية كلمة باللغة الاصلية الى جانب سجل لكل الطرائق التي نُقلت بها الى الانكليزية،‏ انسجاما مع سياق الكلام،‏ في ترجمة العالم الجديد.‏ ويمكنه ايضا ان يختار كلمة انكليزية رئيسية ويحضر كل كلمات اللغة الاصلية التي أُخذت منها هذه (‏وربما كلمات ذات معنى مماثل)‏.‏ وهذا كثيرا ما يكشف انه استُعملت مجموعة كلمات بالانكليزية لنقل الفكرة التي تتضمَّنها كلمة واحدة باللغة الاصلية.‏ ويمنح ذلك المترجم بسرعة نظرة عميقة الى ما يترجمه.‏ ويساعده على فهم المعنى المميَّز للعبارة الاساسية باللغة الاصلية بالاضافة الى المعنى الدقيق الذي يتطلَّبه سياق الكلام وبالتالي على التعبير عنها بدقة بلغته الخاصة.‏

      باستعمال ملفَّات الكمپيوتر هذه يفحص المترجمون ذوو الخبرة كل ورود لأية كلمة في الكتاب المقدس ويحدِّدون باللغة المحلية ما يقابل كل ورود حسبما يتطلَّبه سياق الكلام.‏ وهذا يضمن درجة عالية من الانسجام والثبات.‏ ويراجع عمل كل مترجم آخرون يعملون في الفريق بحيث تجري الاستفادة في الترجمة من بحثهم وخبرتهم جميعا.‏ وبعد ذلك يمكن استعمال الكمپيوتر لعرض مقطع من الاسفار المقدسة،‏ مبيِّنا كل كلمة في النص الانكليزي،‏ رقما معيَّنا يشير الى ما يظهر باللغة الاصلية،‏ والكلمة المقابلة باللغة المحلية التي اختيرت.‏ وهذا لا يكمل العمل.‏ فالمترجم يحتاج بعدُ الى صقل تركيب الجملة وجعلها حسنة القراءة بلغته.‏ ولكن في اثناء ذلك من الحيوي فهم معنى الآية فهما واضحا.‏ ولمساعدته مُنح طريقة فورية بالكمپيوتر للوصول الى التعليق المنشور لبرج المراقبة على آية الكتاب المقدس او اية عبارة فيه.‏

      وهكذا يمكن الحدّ من وقت البحث،‏ ويمكن احراز درجة عالية من الانسجام والثبات.‏ وبالتطوير الاضافي لهذه الامكانية،‏ يؤمَل ان يُجعل المزيد من المطبوعات القيِّمة متوافرا بسرعة حتى باللغات التي لها عدد محدود من العاملين في الترجمة.‏ واستعمال هذه الاداة لتزويد المطبوعات دعمًا للمناداة برسالة الملكوت فتح حقلا كبيرا للنشر.‏

      وهكذا،‏ كنظرائهم المسيحيين الاولين،‏ يستخدم شهود يهوه في الازمنة العصرية الاساليب الاحدث لنشر كلمة اللّٰه.‏ وبهدف الوصول الى اكبر عدد ممكن من الناس بالبشارة،‏ لم يهابوا مواجهة التحديات الجديدة في حقل النشر.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في السنة ١٨٩٦ تغيَّر اسم المؤسسة رسميا الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏

      b كانت هذه الشركة ملكا لتشارلز تاز رصل.‏ وفي السنة ١٨٩٨ نقل موجودات شركة البرج للنشر،‏ عن طريق التبرع،‏ الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏

      c هذا الفشل في الحصول على الفحم لم يكن ناتجا فقط من النقص في زمن الحرب.‏ كتب في ما بعد هوڠو رِيمِر،‏ الذي كان آنذاك عضوا في هيئة المستخدمين في المركز الرئيسي،‏ ان ذلك بصورة رئيسية كان لسبب البغض لتلاميذ الكتاب المقدس الذي كان متفشِّيا كثيرا في نيويورك في ذلك الوقت.‏

      d الطباعة البارزة تجري من سطح بارز تظهر عليه صورة معكوسة لما سيكون في الصفحة المطبوعة.‏ ثم يُحبَّر هذا السطح البارز ويُضغَط على الورق.‏ أما طباعة الأوفست فتجري بصنع طبعة محبَّرة من لوح على اسطوانة مطاطية ثم بنقل هذه الطبعة الى الورق.‏

      e من السنة ١٩٥٩ الى السنة ١٩٧١ كانت الجمعية قد استعملت مطبعة أوفست تُغذَّى بصحائف الورق في معملها في بروكلين لانتاج روزنامات بأربعة ألوان تُبرز محاور تتعلق بالكرازة بالبشارة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٧٩]‏

      ‏«فلنجعل الفحم امتحانا»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٩٥]‏

      تجهيز كامل الشبكة العالمية لمصانع برج المراقبة لطباعة الأوفست

      ‏[النبذة في الصفحة ٥٩٧]‏

      ‏«لا يسعنا إلا ان نُثني على .‏ .‏ .‏ اعضاء برج المراقبة»‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٥٨٠]‏

      تنضيد الحروف المطبعية

      في البداية كان كل شيء يُنجَز باليد،‏ حرف واحد كل مرة

      جنوب افريقيا

      من السنة ١٩٢٠ حتى ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ كانت تُستعمل آلات لَينوتَيپ

      الولايات المتحدة

      في بعض الاماكن كان يجري تنضيد الحروف المطبعية بجهاز مونوتَيپ

      اليابان

      تُستعمل الآن عملية تنضيد تصويري بواسطة الكمپيوتر

      المانيا

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٥٨٣]‏

      صنع الالواح

      من عشرينات الى ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ كانت تُصنع ألواح رصاصية للطباعة البارزة

      ‏[الصور]‏

      ١-‏ كانت اسطر الحروف لصفحات المواد المطبوعة تُثبَّت في أُطُر معدنية تدعى اطواقا

      ٢-‏ تحت الضغط كانت تُصنع طبعة للحروف على مادة يمكن استعمالها كقالب

      ٣-‏ كان الرصاص الساخن يُسكب على القالب لصنع ألواح طباعية معدنية مقوَّسة

      ٤-‏ كان المعدن غير المرغوب فيه يُزال عن وجه اللوح

      ٥-‏ كانت الالواح تُغطَّى بالنيكل من اجل المتانة

      في ما بعد،‏ كانت الصور السلبية لصفحات الحروف المنضَّدة تصويريا توضع في موضعها الملائم،‏ وكانت الصور تُلصَق في اماكنها.‏ وكانت مجموعات الصفحات تُنقل بالتصوير الفوتوڠرافي الى ألواح مرنة لطباعة الأوفست

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٥٨٥]‏

      ‏‹الدليل على روح يهوه›‏

      «ان الطباعة الناجحة للكتب والكتب المقدسة على مطابع دوَّارة بواسطة اشخاص لديهم القليل او لا شيء من الخبرة السابقة [وفي وقت لم يكن فيه الآخرون يفعلون ذلك بعد] هي دليل على اشراف يهوه وتوجيه روحه،‏» قال تشارلز فِكِل.‏ عرف الاخ فِكِل جيدا ما يشمله ذلك،‏ لأنه كان قد شارك في تطوُّر عمليات الطباعة في مركز الجمعية الرئيسي لأكثر من نصف قرن.‏ وفي سنواته المتأخرة خدم كعضو في الهيئة الحاكمة.‏

      ‏[الصورة]‏

      تشارلز فِكِل

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٥٨٧]‏

      الاتكال على اللّٰه الكلي القدرة

      يعكس اختبار رواه هوڠو رِيمِر،‏ وكيل مشتريات سابق لجمعية برج المراقبة،‏ الطريقة التي تنجز بها جمعية برج المراقبة اعمالها.‏

      خلال الحرب العالمية الثانية،‏ جرى تقنين ورق الطباعة في الولايات المتحدة.‏ وللحصول على مخزون كان يجب تقديم طلب للجنة معيَّنة من الحكومة.‏ وفي احدى المناسبات كان يمثِّل احدى جمعيات الكتاب المقدس البارزة امام اللجنة محامون،‏ رجال اعمال كبيرة،‏ واعظون،‏ وغيرهم.‏ فأُعطوا اقل بكثير مما ارادوا.‏ وبعد النظر في طلبهم استدعت اللجنة جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ وعندما مثل امامها هوڠو رِيمِر وماكس لارسن،‏ سأل الرئيس:‏ «انتما الاثنين فقط؟‏» فكان الجواب:‏ «نعم.‏ ونأمل ان يكون اللّٰه الكلي القدرة معنا ايضا.‏» فمُنحا كل ما طلباه من مخزون.‏

      ‏[الصورة]‏

      هوڠو رِيمِر

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٥٨٦]‏

      المطابع

      استعملت جمعية برج المراقبة تنوُّعا كبيرا من المطابع في عملياتها الطباعية

      ‏[الصور]‏

      لسنوات عديدة استُعملت طابعات مستوية متعدِّدة المواصفات (‏المانيا)‏

      استُعملت مطابع الاشغال ليس فقط لطبع النماذج وأوراق الدعوة بل ايضا المجلات (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏

      في مطابعها المتنوعة استُعملت ٥٨ من هذه المطابع الدوَّارة للطباعة البارزة من نوع مان من المانيا (‏كندا)‏

      تُستعمل الآن في مطابع الجمعية الرئيسية مطابع أوفْست بشريط ورق مصنوعة في بلدان متنوِّعة وهي عالية السرعة وتطبع بالالوان الطبيعية

      ايطاليا

      المانيا

      ‏[الصور في الصفحتين ٥٨٨ و ٥٨٩]‏

      تجليد الكتب

      بعض الاعمال الباكرة لتجليد الكتب في مصانع برج المراقبة كان يُنجَز باليد (‏سويسرا)‏

      الانتاج الواسع النطاق في الولايات المتحدة تطلَّب عمليات منفصلة عديدة

      ١-‏ جمع الملازم

      ٢-‏ خياطتها معا

      ٣-‏ لَصْق اوراق البطانة

      ٤-‏ التشذيب

      ٥-‏ بصم الغُلُف

      ٦-‏ وضع الغُلُف على الكتب

      ٧-‏ كبس الكتب حتى يثبت اللِّصاق

      الآن،‏ بدلا من الخياطة،‏ غالبا ما يُستعمل التجليد بالغراء،‏ ويمكن لكل آلة عالية السرعة ان تُنتج ٠٠٠‏,٢٠ كتاب او اكثر في اليوم

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٥٩٤]‏

      لترويج المعرفة عن ملكوت اللّٰه

      انتجت جمعية برج المراقبة في اوقات مختلفة مطبوعات بأكثر من ٢٩٠ لغة مختلفة.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانوا يصدرون المطبوعات بنحو ٢١٠ لغات.‏ كل ذلك أُنجز لمساعدة الناس ليعرفوا عن ملكوت اللّٰه وما يعنيه لهم.‏ وبين مساعِداتهم على درس الكتاب المقدس الاكثر توزيعا حتى الآن ما يلي:‏

      ‏«الحق الذي يقود الى الحياة الابدية» (‏١٩٦٨)‏:‏ ٨٨٨‏,٥٥٣‏,١٠٧ نسخة بـ‍ ١١٧ لغة

      ‏«يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض» (‏١٩٨٢)‏:‏ ٢٣١‏,٤٢٨‏,٦٢ نسخة بـ‍ ١١٥ لغة

      ‏«تمتعوا بالحياة على الارض الى الابد!‏» (‏١٩٨٢)‏:‏ ٦٤٦‏,٢٠٣‏,٧٦ نسخة بـ‍ ٢٠٠ لغة

      الارقام المذكورة اعلاه هي للسنة ١٩٩٢.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٥٩٩]‏

      التسجيلات على كسيتات سمعية

      بالاضافة الى استعمال الصفحة المطبوعة في عمل تبشيرها،‏ انتجت جمعية برج المراقبة منذ السنة ١٩٧٨ كسيتات سمعية —‏ اكثر من ٦٥ مليون نسخة على اجهزتها الخاصة في الولايات المتحدة والمانيا.‏

      ان كامل «ترجمة العالم الجديد» مسجَّلة على كسيتات سمعية بالاسپانية،‏ الالمانية،‏ الانكليزية،‏ الايطالية،‏ الفرنسية،‏ واليابانية.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانت اجزاء مختلفة من ترجمة الكتاب المقدس هذه متوافرة ايضا على كسيتات سمعية بثماني لغات اخرى.‏

      وكمساعِد على تعليم الاولاد الصغار،‏ صُنعت تسجيلات على اشرطة لـ‍ «كتابي لقصص الكتاب المقدس» و «الاستماع الى المعلم الكبير،‏» مطبوعتان مصمَّمتان خصوصا للصغار.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ تُنتَج في بعض البلدان اشرطة سمعية للاستعمال في البثّ الاذاعي.‏

      وتسجيلات الموسيقى تنتجها اوركسترا كلها من الشهود.‏ وهذه الاشرطة تُستعمل لمصاحبة الترنيم في محافل شهود يهوه.‏ ولهذه الموسيقى توزيع اوركسترالي جميل متوافر ايضا للتمتع به في البيت.‏

      المسرحيات المسجَّلة (‏العصرية وروايات الكتاب المقدس على السواء)‏ تُستعمل في المحافل حيث يساعد الممثِّلون الشهود الحضور على تخيُّل الحوادث.‏ وبعضها يُستعمل لاحقا من اجل تسلية تعليمية وممتعة للعائلة.‏

      مجلَّتا «برج المراقبة» و «استيقظ!‏» متوافرتان كلتاهما على كسيتات سمعية بالانكليزية والفنلندية.‏ و «برج المراقبة» متوافرة ايضا بالفرنسية،‏ الالمانية،‏ الدنماركية،‏ النَّروجية،‏ والسويدية.‏ وهي معدَّة في الاصل لذوي البصر الضعيف،‏ وآلاف كثيرة غيرهم يقدِّرون هذه الاشرطة.‏

      ‏[الصور]‏

      ج.‏ إ.‏ بار في ستديو التسجيل

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٦٠٠ و ٦٠١]‏

      استعمال كسيتات الڤيديو في المناداة بالملكوت

      في السنة ١٩٩٠ دخلت جمعية برج المراقبة حقلا جديدا بإصدار اول كسيتة ڤيديو لها مصمَّمة للتوزيع العام.‏

      وقُدِّر في تلك السنة ان اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٠٠ بيت حول الكرة الارضية يملكون اجهزة ڤيديو من مختلف الانواع.‏ وحتى في البلدان التي لم تكن توجد فيها محطات تلفزيونية كانت تُستعمل اجهزة الڤيديو.‏ لذلك فان استعمال كسيتات الڤيديو كوسيلة للتعليم قدَّم طريقة جديدة للوصول الى حضور واسع الانتشار.‏

      آنذاك في السنة ١٩٨٥ كان قد بدأ العمل على عرض ڤيديوي مصمَّم ليُري زائري تسهيلات مركز الجمعية الرئيسي العالمي بعض نشاطاته.‏ وعلى مر الوقت،‏ تبرهن ايضا ان العروض الڤيديوية توفِّر الوقت في توجيه اعضاء عائلة البتل الجدد.‏ فهل يمكن ان تُستعمل وسيلة التعليم هذه بطرائق اخرى للمساعدة في عمل التلمذة العالمي؟‏ اعتقد بعض الاخوة ان ذلك ممكن.‏

      ونتيجة لذلك،‏ في تشرين الاول ١٩٩٠،‏ صدرت (‏بالانكليزية)‏ كسيتة الڤيديو ”Jehovah’s Witnesses— The Organization Behind the Name“ (‏«شهود يهوه —‏ الهيئة وراء الاسم»)‏.‏ وكان التجاوب رائعا.‏ وجرى تسلُّم فيض من الطلبات لمزيد من برامج كهذه.‏ ولسدّ الحاجة تأسس قسم جديد يدعى خدمات الڤيديو.‏

      والشهود الذين كانوا خبراء بهذا الحقل قدَّموا مساعدتهم بسرور.‏ فجرى الحصول على الاجهزة.‏ وأُنشئت الستديوهات.‏ وابتدأ فريق تصوير يسافر الى بلدان مختلفة ليصوِّر اناسا وأشياء يمكن استخدامهم في العروض الڤيديوية المصمَّمة لبناء الايمان.‏ والاوركسترا الاممية المؤلَّفة كلها من الشهود التي كانت قد ساعدت تكرارا في مشاريع خصوصية زوَّدت الموسيقى التي تجمِّل العروض الڤيديوية.‏

      نُفِّذت الخطط لبلوغ فرق لغوية اكثر.‏ وبحلول منتصف السنة ١٩٩٢ كان قد صدر الڤيديو «شهود يهوه —‏ الهيئة وراء الاسم» بأكثر من اثنتي عشرة لغة.‏ وكان قد سُجِّل بـ‍ ٢٥ لغة،‏ بما فيها بعض لغات اوروپا الشرقية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ كانت الترتيبات جارية لتسجيله بالمَندرينية وكذلك الكانتونية للصينيين.‏ وكانت الجمعية قد حصلت ايضا على حق اعادة انتاج وتوزيع «المثلَّثات الارجوانية،‏» كسيتة ڤيديو عن استقامة عائلة من الشهود في المانيا خلال الفترة النازية.‏ وفي غضون سنتين كان قد أُنتج اكثر من مليون كسيتة ڤيديو ليستعملها شهود يهوه في خدمتهم.‏

      ومُنح انتباه خصوصي لحاجات الصمّ.‏ فأُنتجت نسخة من «شهود يهوه —‏ الهيئة وراء الاسم» بلغة الاشارات الاميركية.‏ وبوشرت الدراسات بهدف تزويد كسيتات ڤيديو تناسب الصمّ في بلدان اخرى.‏

      وفيما كان يجري القيام بذلك كان العمل جاريا لانتاج سلسلة تساعد على بناء الايمان بالكتاب الذي هو اساس الايمان المسيحي،‏ الكتاب المقدس.‏ وبحلول ايلول ١٩٩٢ أُكمل بالانكليزية الجزء الاول من هذا البرنامج،‏ ”Reliable Prophecy ،‏The Bible — Accurate History“ (‏«الكتاب المقدس —‏ تاريخ دقيق،‏ نبوة موثوق بها»)‏،‏ وكان يجري الإعداد لنُسَخ بلغات اخرى.‏

      لا تحل كسيتات الڤيديو على الاطلاق محل الصفحة المطبوعة او الشهادة الشخصية.‏ فمطبوعات الجمعية تستمر في لعب دور حيوي في نشر البشارة.‏ وعمل شهود يهوه من بيت الى بيت يبقى وجها لخدمتهم مؤسسا بقوة على الاسفار المقدسة.‏ لكنَّ كسيتات الڤيديو تُكمِّل الآن تينك الوسيلتين كأدوات قيِّمة لتنمية الايمان بوعود يهوه الثمينة واثارة التقدير لما ينجزه على الارض في ايامنا.‏

      ‏[الصور]‏

      ١-‏ بعد تقرير المحتوى الاساسي يبدأ التصوير بالڤيديو فيما يُطوَّر النص

      ٢-‏ يجري اختيار الصور وتقرير تسلسلها خلال عملية تحرير editing منفصلة

      ٣-‏ لتجميل العرض تسجَّل موسيقى الاوركسترا المؤلَّفة خصوصا

      ٤-‏ الموسيقى الرقمية digital music والمؤثِّرات الصوتية تُدمَج في صوت الراوي والصور

      ٥-‏ يجري تحرير الصوت والصورة بشكل نهائي

      ‏[الصور في الصفحة ٥٧٧]‏

      الطبع الفعلي لهذه المطبوعات الباكرة قامت به شركات تجارية

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٧٦]‏

      اجرى سي.‏ أ.‏ وايز امتحانا ليرى ما اذا كان على تلاميذ الكتاب المقدس ان يعيدوا تأسيس المركز الرئيسي في بروكلين

      ‏[الصورتان في الصفحة ٥٧٨]‏

      اول مطبعة دوَّارة للجمعية استُعملت لطبع ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤ نسخة من «العصر الذهبي» الشديدة الوقع عدد ٢٧

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٨١]‏

      ر.‏ ج.‏ مارتن (‏الى اليمين)‏،‏ اول ناظر لمصنع الجمعية في بروكلين،‏ يتشاور مع الاخ رذرفورد

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٨٢]‏

      احدى اولى مطابع الجمعية في اوروپا (‏برْن،‏ سويسرا)‏

      ‏[الصور في الصفحة ٥٨٤]‏

      في ماڠْدَبورڠ،‏ المانيا،‏ اقامت الجمعية مطبعة خلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصورة في الصفحتين ٥٩٠ و ٥٩١]‏

      إلانْتسفُنتاين،‏ جنوب افريقيا (‏١٩٧٢)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩١]‏

      نومازو،‏ اليابان (‏١٩٧٢)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩١]‏

      ستراثفيلد،‏ اوستراليا (‏١٩٧٢)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩١]‏

      سان پاولو،‏ البرازيل (‏١٩٧٣)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩٠]‏

      لاڠوس،‏ نَيجيريا (‏١٩٧٤)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩٠]‏

      ڤيسبادن،‏ المانيا (‏١٩٧٥)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩٠]‏

      تورونتو،‏ كندا (‏١٩٧٥)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩٦]‏

      قام الشهود بترقيم مكثَّف لطقم الحروف الطباعية لسدّ حاجتهم الى مطبوعات الكتاب المقدس بلغات عديدة (‏بروكلين،‏ نيويورك)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٥٩٨]‏

      محطات تشغيل الكمپيوتر الملوَّن تمكِّن المصمِّمين الفنيين من وضع الصور في مكانها الصحيح،‏ تشذيبها،‏ وتحسين نوعيتها الكترونيا

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٢]‏

      يستعمل شهود يهوه انظمة الكمپيوتر للاسراع بعمل ترجمة الكتاب المقدس وتحسين نوعيته (‏كوريا)‏

  • طبع وتوزيع كلمة اللّٰه المقدسة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٧

      طبع وتوزيع كلمة اللّٰه المقدسة

      على الجهة الخارجية من مجمَّع المصنع الرئيسي في مركزهم الرئيسي العالمي،‏ يعرض شهود يهوه لعقود لافتة تحثّ الجميع:‏ «اقرأوا كلمة اللّٰه الكتاب المقدس يوميا.‏»‏

      فهم انفسهم تلاميذ مجتهدون لكلمة اللّٰه.‏ وعلى مر السنين استعملوا عشرات ترجمات الكتاب المقدس المختلفة في محاولة للتحقُّق من المعنى الدقيق للاسفار المقدسة الملهمة الاصلية.‏ ويُشجَّع كل شاهد على حيازة برنامج شخصي لقراءة الكتاب المقدس يوميا.‏ وبالاضافة الى درسهم كلمة اللّٰه حسب المواضيع،‏ يقرأون ويناقشون الكتاب المقدس نفسه بشكل متدرج في اجتماعاتهم الجماعية.‏ وهدفهم ليس التفتيش عن آيات لدعم افكارهم.‏ فهم يعترفون بالكتاب المقدس بصفته كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ وهم يدركون انه يمنح التوبيخ والتأديب،‏ ويسعون بجدّ الى تكييف تفكيرهم وسلوكهم وفق ما يقوله.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏؛‏ قارنوا ١ تسالونيكي ٢:‏١٣‏.‏

      ان شهود يهوه،‏ لسبب اقتناعهم بأن الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه المقدسة ولأنهم يعرفون البشارة المجيدة التي يحتويها،‏ هم ايضا ناشرون وموزِّعون غيورون للكتاب المقدس.‏

      جمعية تنشر الكتاب المقدس

      في السنة ١٨٩٦ حدث انّ اشارة مباشرة الى الكتاب المقدس تضمنها رسميا اسم المؤسسة الشرعية التي كان تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك يستخدمونها في عملهم للنشر.‏ وفي ذلك الوقت صارت جمعية برج مراقبة زيون للكراريس تُعرف شرعيا بجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏a لم تصر الجمعية على الفور جمعية تطبع وتجلِّد الكتب المقدسة،‏ ولكنها كانت تنشرها بنشاط،‏ محدِّدة المواصفات،‏ مزوِّدة ملاحق قيِّمة،‏ ثم مرتِّبة مع الشركات التجارية لتقوم بالطبع والتجليد.‏

      وحتى قبل السنة ١٨٩٦،‏ كانت الجمعية تفعل الشيء الكثير في توزيع الكتاب المقدس.‏ ومن اجل خدمة قرَّائها وليس للربح التجاري،‏ لفتت الانتباه الى ترجمات متعددة للكتاب المقدس كانت متوافرة،‏ اشترتها بكميات كبيرة لكي تحصل على اسعار جيدة،‏ ثم جعلتها متوافرة لقاء ثمن يبلغ احيانا ٣٥ في المئة من ذاك المسجَّل في قائمة الاسعار.‏ وبين هذه كانت هنالك طبعات متعددة لـ‍ ترجمة الملك جيمس يسهل حملها واستعمالها،‏ وأيضا ‹الكتب المقدسة للمعلِّمين› الاكبر حجما (‏ترجمة الملك جيمس مع مساعِدات كفهرس كلمات،‏ خرائط،‏ وإشارات هامشية)‏،‏ مؤكد اللسانين بترجمته ما بين السطور من اليونانية الى الانكليزية،‏ ترجمة ليسَر التي تضع النص الانكليزي الى جانب العبراني،‏ ترجمة مردوك من السريانية القديمة،‏ الكتاب المقدس لـ‍ نيوبِري بإشاراته الهامشية التي تلفت الانتباه الى اماكن ورود الاسم الالهي باللغة الاصلية بالاضافة الى تفاصيل قيِّمة اخرى ظاهرة في النص العبراني واليوناني،‏ العهد الجديد لـ‍ تِشِنْدورف بإشاراته في الحاشية الى القراءات المختلفة في ثلاث من اكمل المخطوطات القديمة للكتاب المقدس باليونانية (‏السينائية،‏ الڤاتيكانية،‏ والاسكندرية)‏،‏ الكتاب المقدس طبعة ڤاريوروم بحواشيه التي تورد ليس فقط القراءات المختلفة للمخطوطات القديمة بل ايضا ترجمات مختلفة لاجزاء من النص قام بها علماء بارزون،‏ وترجمة يونڠ الحرفية.‏ ووفَّرت الجمعية ايضا مساعِدات مثل فهرس كلمات كرودِن وفهرس الكلمات التحليلي لـ‍ يونڠ مع تعليقاته على الكلمات العبرانية واليونانية الاصلية.‏ وفي السنوات التي تلت حصل شهود يهوه تكرارا حول العالم من جمعيات اخرى للكتاب المقدس على آلاف عديدة من الكتب المقدسة باللغات المتوافرة ووزَّعوها.‏

      وباكرا في السنة ١٨٩٠،‏ بحسب الدليل المتوافر،‏ رتَّبت الجمعية لطبعة خصوصية،‏ تحمل اسمها الخاص،‏ من الطبعة الثانية لـ‍ العهد الجديد المترجَم حديثا والمؤكَّد بالنقد،‏ كما اعدَّه مترجم الكتاب المقدس البريطاني جوزيف ب.‏ رذرهام.‏ ولماذا هذه الترجمة؟‏ لسبب حرفيتها وسعيها الى الاستفادة كاملا من البحث الذي أُجري لتأسيس نص يوناني ادقّ ولأنه جرت مساعدة القارئ بوسائل استعملها المترجم ليحدِّد اية كلمات او عبارات جرى التشديد عليها بشكل خصوصي في النص اليوناني.‏

      في السنة ١٩٠٢ صُنعت طبعة خصوصية من طبعة هولمن المقارَنة السطرية للكتاب المقدس بترتيب من جمعية برج المراقبة.‏ وقد احتوت على هوامش عريضة طُبعت فيها اشارات الى اماكن في مطبوعات برج المراقبة حيث تُشرح اعداد مختلفة،‏ وأيضا على فهرس يدرج عشرات المواضيع مع استشهادات من الاسفار المقدسة وإشارات مساعِدة الى مطبوعات الجمعية.‏ وهذا الكتاب المقدس احتوى على نص ترجمتين —‏ ترجمة الملك جيمس فوق الترجمة المنقحة حيثما يوجد اختلاف.‏ وقد شمل ايضا فهرس كلمات شاملا ينبِّه المستعمِل الى المعاني المختلفة لكلمات اللغة الاصلية.‏

      في تلك السنة عينها صارت جمعية برج المراقبة تملك ألواح الطبع الخاصة بـ‍ مؤكد اللسانين،‏ الذي يتضمن نص ج.‏ ج.‏ ڠريسباك اليوناني للاسفار اليونانية المسيحية (‏طبعة ١٧٩٦-‏١٨٠٦)‏ مع ترجمة انكليزية ما بين السطور.‏ والى جانب ذلك كانت هنالك ترجمة النص بواسطة بنجَمِن ويلسون البريطاني المولد،‏ الذي استقر في جنيڤ،‏ ايلينُوي،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ لقد اشتُريت هذه الالواح والحق الحصري في النشر ثم وُهبت للجمعية.‏ وبعد ان وُزِّع مخزون النسَخ،‏ صنعت الجمعية الترتيبات لانتاج المزيد،‏ وصارت هذه متوافرة في السنة ١٩٠٣.‏

      بعد اربع سنوات،‏ في السنة ١٩٠٧،‏ نُشرت طبعة تلاميذ الكتاب المقدس لـ‍ ترجمة الملك جيمس.‏ وكان «كُتيِّب معلِّمي الكتاب المقدس البيريِّين» مجلَّدا معها كملحق.‏ وهذا شمل تعليقات مختصرة على اعداد من كل اجزاء الكتاب المقدس،‏ مع اشارات الى مطبوعات برج المراقبة من اجل توضيح اكمل.‏ ونُشرت طبعة بملحق موسَّع بعد نحو سنة.‏

      كانت هذه الكتب المقدسة تُطلب من المطابع ومعامل التجليد بأعداد كبيرة بين ٠٠٠‏,٥ و ٠٠٠‏,١٠ كل مرة بغية ابقاء السعر منخفضا.‏ وكانت الجمعية راغبة في جعل تنوُّع من ترجمات الكتاب المقدس وأدوات البحث ذات العلاقة متوافرا بسهولة لاكبر عدد ممكن من الناس.‏

      ثم في السنة ١٩٢٦ خطت جمعية برج المراقبة خطوة مهمة الى الامام في انهماكها في نشر الكتاب المقدس.‏

      طبع الكتاب المقدس على مطابعنا الخاصة

      بعد ٣٦ سنة من تولّيها اولا نشر الكتب المقدسة كان انَّ جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس طبعت وجلَّدت الكتاب المقدس في مصنعها الخاص.‏ وأول ما أُنتج على هذا النحو كان مؤكد اللسانين،‏ الذي كانت الجمعية تملك ألواحه طوال ٢٤ سنة.‏ وفي كانون الاول ١٩٢٦ طُبع هذا الكتاب المقدس على طابعة مستوية في مصنع الجمعية في شارع كونكورد في بروكلين.‏ وقد أُنتج منه حتى الآن ٩٢٤‏,٤٢٧ نسخة.‏

      بعد ست عشرة سنة،‏ في غمرة الحرب العالمية الثانية،‏ تولَّت الجمعية طبع كامل الكتاب المقدس.‏ ولهذه الغاية اشتُريت ألواح ترجمة الملك جيمس ذات المراجع الهامشية في السنة ١٩٤٢ من شركة أ.‏ ج.‏ هولمن،‏ فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا.‏ وهذه الترجمة لكامل الكتاب المقدس بالانكليزية أُنتجت،‏ لا من الڤولڠات اللاتينية،‏ بل بواسطة علماء تمكَّنوا من مقارنة الترجمات الابكر بالعبرانية،‏ الآرامية،‏ واليونانية الاصلية.‏ وأُضيف فهرس كلمات اعدَّه اكثر من ١٥٠ شخصا متعاونا من خدام يهوه.‏ وهذا صُمِّم خصوصا لمساعدة شهود يهوه على العثور على الآيات المناسبة بسرعة عندما يكونون في خدمة الحقل،‏ وبالتالي على استعمال الكتاب المقدس بفعَّالية بصفته «سيف الروح» لنزع وتشهير الكذب الديني.‏ (‏افسس ٦:‏١٧‏)‏ وبغية جعل الكتاب المقدس متوافرا للناس في كل مكان بسعر منخفض،‏ طُبع على مطبعة دوَّارة بشريط ورق —‏ الامر الذي لم يحاول فعله من قبل قط الآخرون الذين يطبعون الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان قد أُنتج ما مجموعه ٣٦٨‏,٨٥٨‏,١ من هذه الكتب المقدسة.‏

      كانت رغبة شهود يهوه تتعدّى ايصال نُسَخ الكتاب المقدس نفسه الى ايدي الناس.‏ فالشهود كانوا يريدون ان يساعدوا الناس على معرفة الاسم الشخصي وكذلك القصد الذي لمؤلِّفه الالهي،‏ يهوه اللّٰه.‏ وكانت هنالك ترجمة بالانكليزية —‏ الترجمة الاميركية القانونية للسنة ١٩٠١ —‏ تستعمل الاسم الالهي في اكثر من ٨٧٠‏,٦ مكانا حيث يَظهر في المصادر التي منها ترجم المترجمون.‏ وفي السنة ١٩٤٤،‏ بعد عدة اشهر من المفاوضات،‏ اشترت جمعية برج المراقبة الحق في صنع مجموعة من ألواح طباعية طبق الاصل لهذا الكتاب المقدس منقولة من ألواح وحروف طباعية زوَّدتها شركة توماس نلسون وأولاده،‏ نيويورك.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٤٨ التالية،‏ أُنتجت ٤٨٢‏,٠٣٩‏,١ نسخة.‏

      كان ستيڤن باينتون من بالَرد ڤايل،‏ ماساتشوستس،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ قد صنع هو ايضا ترجمة بالانكليزية العصرية للكتاب المقدس تعطي الاسم الالهي مكانه الملائم.‏ فامتلكت جمعية برج المراقبة مخطوطته غير المنشورة في السنة ١٩٥١ ونالت الحق الحصري في نشرها في السنة ١٩٦١.‏ وهذه الترجمة الكاملة طُبعت في السنة ١٩٧٢.‏ وحتى السنة ١٩٩٢،‏ أُنتجت ٥٧٣‏,٢٦٢ نسخة.‏

      ولكن،‏ في هذه الاثناء،‏ كان يحدث تطوُّر آخر.‏

      انتاج ترجمة العالم الجديد

      في وقت باكر من تشرين الاول ١٩٤٦ كان انَّ ناثان ه‍.‏ نور،‏ الذي كان آنذاك رئيسا لجمعية برج المراقبة،‏ اقترح اولا ان تُنتج الجمعية ترجمة حديثة للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وابتدأ عمل الترجمة الفعلي في ٢ كانون الاول ١٩٤٧.‏ راجعت النص الكامل باعتناء لجنة الترجمة كلها،‏ وهم جميعا مسيحيون ممسوحون بالروح.‏ ثم،‏ في ٣ ايلول ١٩٤٩،‏ عقد الاخ نور اجتماعا مشتركا لمجلسَي مديري مؤسستي الجمعية في نيويورك وپنسلڤانيا.‏ وأعلن لهم ان لجنة ترجمة العالم الجديد للكتاب المقدس قد اكملت عمل ترجمة الاسفار اليونانية المسيحية باللغة العصرية وقدَّمتها للجمعية لنشرها.‏b وهذه كانت ترجمة حديثة من اليونانية الاصلية.‏

      وهل كانت هنالك حقا حاجة الى ترجمة اخرى؟‏ في ذلك الوقت كان الكتاب المقدس الكامل صادرا بـ‍ ١٩٠ لغة،‏ وكان جزء منه على الاقل مترجما بـ‍ ٩٢٨ لغة ولهجة اضافية.‏ وقد استعمل شهود يهوه في اوقات مختلفة معظم هذه الترجمات.‏ لكنَّ الواقع هو ان معظم هذه صنعها رجال دين ومرسلو طوائف العالم المسيحي الدينية،‏ وبدرجات متفاوتة كانت ترجماتهم متأثرة بالفلسفات الوثنية والتقاليد غير المؤسسة على الاسفار المقدسة التي ورثتها انظمتهم الدينية من الماضي وكذلك بتحامل النقد الاعلى.‏ وعلاوة على ذلك،‏ كانت مخطوطات الكتاب المقدس الاقدم والموثوق بها اكثر تصير متوافرة.‏ وكانت اللغة اليونانية للقرن الاول تصير مفهومة بشكل اوضح نتيجة لاكتشافات علم الآثار.‏ وأيضا تخضع اللغات التي بها تُصنع الترجمات للتغييرات على مر السنين.‏

      اراد شهود يهوه ترجمة تجسِّد فوائد العلم الاحدث،‏ ترجمة غير متأثرة بعقائد وتقاليد العالم المسيحي،‏ ترجمة حرفية تقدِّم بأمانة ما هو موجود في الكتابات الاصلية وبالتالي يمكن ان تزوِّد الاساس لنمو متزايد في معرفة الحق الالهي،‏ ترجمة تكون واضحة ومفهومة لدى قرَّاء هذا العصر.‏ وترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية،‏ الصادرة في السنة ١٩٥٠،‏ سدَّت هذه الحاجة —‏ على الاقل بالنسبة الى ذلك الجزء من الكتاب المقدس.‏ واذ ابتدأ شهود يهوه يستعملونها،‏ أُثير كثيرون ليس فقط لأنهم وجدوا ان قراءة لغتها العصرية اسهل بل لأنهم ادركوا انهم ينالون فهما اوضح لمعنى كلمة اللّٰه الموحى بها.‏

      ان احد الاوجه البارزة لهذه الترجمة هو ردُّها الاسم الالهي،‏ اسم اللّٰه الشخصي،‏ يهوه،‏ ٢٣٧ مرة في الاسفار اليونانية المسيحية.‏ وهذه لم تكن الترجمة الاولى التي تردّ الاسم.‏c ولكنها ربما كانت الاولى التي فعلت ذلك بشكل ثابت في النص الرئيسي من متى الى الرؤيا.‏ والمناقشة الشاملة لهذه المسألة في المقدمة اظهرت الاساس السليم لما جرى فعله.‏

      وبعد ذلك تُرجمت الاسفار العبرانية بالانكليزية وصدرت تدريجيا،‏ في خمسة مجلَّدات منفصلة،‏ ابتداء من السنة ١٩٥٣.‏ وكما جرى بالنسبة الى الاسفار اليونانية المسيحية،‏ مورس الانتباه لنقل ما هو موجود في نص اللغة الاصلية حرفيا قدر الامكان.‏ ومُنح انتباه خصوصي لجعل ترجمة الكلمات موحَّدة،‏ نقل العمل او الحالة المعبَّر عنها في الافعال بدقة،‏ واستعمال لغة بسيطة يمكن ان يفهمها بسرعة قرَّاء هذا العصر.‏ وحيثما ظهر التتراڠراماتون في النص العبراني،‏ كان يُنقَل بلياقة الى الاسم الشخصي للّٰه،‏ بدلا من استبداله بتعبير آخر كما صار شائعا في كثير من الترجمات الاخرى.‏ والملاحق والحواشي في هذه المجلَّدات مكَّنت التلاميذ المنتبهين من فحص الاساس للترجمة المستعملة.‏

      في ١٣ آذار ١٩٦٠ اكملت لجنة ترجمة العالم الجديد للكتاب المقدس قراءتها الاخيرة لنص جزء الكتاب المقدس المعيَّن للمجلَّد الخامس.‏ وكان ذلك بعد ١٢ سنة،‏ ٣ اشهر،‏ و ١١ يوما من الابتداء بالترجمة الفعلية للاسفار اليونانية المسيحية.‏ وبعد اشهر قليلة صدر للتوزيع في شكل مطبوع هذا المجلَّد الاخير للاسفار العبرانية.‏

      بدلا من حلِّها بعد اكمال هذا المشروع،‏ تابعت لجنة الترجمة العمل.‏ فجرى تنقيح شامل للترجمة بكاملها.‏ ثم نشرت جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٦١ ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة الكاملة،‏ طبعة منقَّحة في مجلَّد واحد.‏ وجُعلت متوافرة للتوزيع لقاء مجرد دولار (‏اميركي)‏ واحد لكي يتمكَّن كل شخص،‏ بصرف النظر عن حالته الاقتصادية،‏ من الحصول على نسخة من كلمة اللّٰه.‏

      وبعد سنتين،‏ نُشرت طبعة خصوصية للتلاميذ.‏ وهذه ضمَّت تحت غلاف واحد كل المجلَّدات الفردية الاصلية،‏ غير المنقَّحة،‏ مع آلاف حواشيها النَّصية القيِّمة،‏ وكذلك المناقشات في المقدمة والملحق.‏ وأبقت ايضا الاحالات المزدوجة القيِّمة التي توجِّه القرَّاء الى كلمات مماثلة،‏ افكار او حوادث مماثلة،‏ معلومات عن سِيَر الاشخاص،‏ تفاصيل جغرافية،‏ اتمامات للنبوات،‏ واقتباسات مباشرة في او من اجزاء اخرى في الكتاب المقدس.‏

      منذ نشر طبعة المجلَّد الواحد للسنة ١٩٦١ صدرت اربع طبعات منقَّحة حديثة اضافية.‏ وأحدثها كان في السنة ١٩٨٤،‏ حين نُشرت طبعة ذات حروف كبيرة بملحق موسَّع،‏ ٠٠٠‏,١٢٥ اشارة هامشية،‏ ٤٠٠‏,١١ حاشية منوِّرة،‏ وفهرس للكلمات.‏ وتساعد ميزات هذه الطبعة التلاميذ ان يفهموا لماذا يجب نقل آيات متنوِّعة بطريقة معيَّنة من اجل الدقة،‏ وكذلك متى يكون ممكنا نقل الآيات بشكل صحيح بأكثر من طريقة واحدة.‏ وتساعدهم الاحالات المزدوجة ايضا على تقدير الانسجام المترابط بين مختلف اسفار الكتاب المقدس.‏

      وكجزء من الجهد المخلص للجنة ترجمة العالم الجديد للكتاب المقدس لمساعدة محبي كلمة اللّٰه على التعرُّف بمحتويات نص الاسفار اليونانية المسيحية بالكينية الاصلية (‏اليونانية العامية)‏،‏ انتجت اللجنة ترجمة الملكوت ما بين السطور للاسفار اليونانية.‏ وهذه نشرتها اولا جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٦٩ ثم جُدِّدت في السنة ١٩٨٥.‏ وهي تحتوي على العهد الجديد باليونانية الاصلية،‏ كما جمعه ب.‏ ف.‏ وستكوت وف.‏ ج.‏ أ.‏ هورت.‏ وفي الجهة اليمنى من الصفحة يَظهر نص ترجمة العالم الجديد (‏تنقيح السنة ١٩٨٤ في الطبعة المجدَّدة)‏.‏ ولكن،‏ بين اسطر النص اليوناني،‏ هنالك ترجمة اخرى،‏ حرفية جدا،‏ ترجمة كلمة فكلمة لما تقوله اليونانية فعلا حسب المعنى الاساسي والصيغة النحوية لكل كلمة.‏ وهذا يمكِّن حتى التلاميذ الذين لا يقرأون اليونانية من اكتشاف ما هو موجود فعلا في النص اليوناني الاصلي.‏

      وهل كان هذا العمل في ترجمة العالم الجديد سيفيد فقط اولئك الذين يقرأون الانكليزية؟‏ في اماكن كثيرة كان يصعب على مرسلي برج المراقبة ان يحصلوا على ما يكفي من الكتب المقدسة باللغة المحلية لتوزيعها على الناس التواقين الى امتلاك نسخة شخصية من كلمة اللّٰه.‏ ولم يكن غير عادي،‏ في بعض انحاء العالم،‏ ان يكون هؤلاء المرسلون الموزِّعين الرئيسيين للكتب المقدسة التي تطبعها جمعيات اخرى للكتاب المقدس.‏ ولكنَّ ذلك لم يكن يَنظر اليه دائما بشكل مؤاتٍ المستخدَمون الدينيون الذين يمثِّلون جمعيات الكتاب المقدس هذه.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ لم يكن بعض هذه الكتب المقدسة افضل الترجمات.‏

      الترجمة بلغات اخرى

      في السنة التي ظهرت فيها اولا ترجمة العالم الجديد الكاملة في مجلَّد واحد،‏ اي ١٩٦١،‏ اجتمع فريق من المترجمين المهرة لنقل النص الانكليزي الى ست لغات اخرى مستعمَلة بشكل واسع —‏ الاسپانية،‏ الالمانية،‏ الايطالية،‏ الپرتغالية،‏ الفرنسية،‏ والهولندية.‏ وإعادة الترجمة من الانكليزية،‏ بالاضافة الى المقارنة بالعبرانية واليونانية،‏ كانت ممكنة لسبب الطبيعة الحرفية للترجمة الانكليزية نفسها.‏ وقد عمل المترجمون كلجنة اممية باتحاد مع لجنة ترجمة العالم الجديد للكتاب المقدس،‏ في مركز الجمعية الرئيسي في بروكلين،‏ نيويورك.‏ وفي السنة ١٩٦٣ طُبعت الاسفار اليونانية المسيحية وصدرت باللغات الستّ كلها.‏

      وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة الكاملة متوافرة بـ‍ ١٢ لغة —‏ الاسپانية،‏ الالمانية،‏ الانكليزية،‏ الايطالية،‏ الپرتغالية،‏ التشيكية،‏ الدنماركية،‏ السلوڤاكية،‏ السويدية،‏ الفرنسية،‏ الهولندية،‏ واليابانية.‏ وكانت الاسفار اليونانية المسيحية متوافرة بلغتين اضافيتين.‏ وعنى ذلك ان هذه الترجمة متوافرة باللغات المحلية لنحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٤٠٠‏,١ شخص،‏ اي اكثر من ربع سكان العالم،‏ وكثيرون آخرون يستفيدون منها عن طريق ترجمة مقتطفات منها بـ‍ ٩٧ لغة اخرى في برج المراقبة.‏ ولكنَّ الذين يقرأون هذه اللغات الـ‍ ٩٧ يتوقون الى الحصول على ترجمة العالم الجديد بكاملها بلغتهم الخاصة.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كانت الترتيبات جارية لانتاج هذه الترجمة بـ‍ ١٦ من هذه اللغات ولاكمال الاسفار العبرانية باللغتين اللتين صدرت بهما الاسفار اليونانية المسيحية فقط.‏

      منذ طُبعت هذه الكتب المقدسة في مصانع الجمعية الخاصة بواسطة عمَّال متطوعين صار ممكنا جعلها متوافرة بأقل سعر ممكن.‏ وفي السنة ١٩٧٢ عندما عرض شاهد نمساوي ترجمة العالم الجديد بالالمانية على مجلِّد كتب وسأله كم يعتقد انها تكلِّف،‏ اندهش الرجل عندما علم ان التبرع المقترَح كان مجرد عُشر السعر الذي ذكره.‏

      توضح بعض الامثلة تأثير هذه الترجمة.‏ ففي فرنسا كانت الكنيسة الكاثوليكية لقرون قد حظرت امتلاك الكتاب المقدس من قبل عامة الناس.‏ والترجمات الكاثوليكية التي صارت متوافرة كانت غالية الثمن نسبيا،‏ وبيوت قليلة كانت تملكها.‏ وترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية صدرت بالفرنسية في السنة ١٩٦٣،‏ وتبعها الكتاب المقدس الكامل في السنة ١٩٧٤.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ شُحن بحرا ما مجموعه ٧١١‏,٤٣٧‏,٢ نسخة من ترجمة العالم الجديد للتوزيع في فرنسا؛‏ وعدد شهود يهوه في فرنسا ازداد ٤٨٨ في المئة خلال هذه الفترة نفسها،‏ بالغا ما مجموعه ٦٧٤‏,١١٩.‏

      كانت الحالة مماثلة في ايطاليا.‏ فلمدة طويلة مُنع الناس من امتلاك نسخة من الكتاب المقدس.‏ وبعد اصدار الطبعة الايطالية من ترجمة العالم الجديد وحتى السنة ١٩٩٢ وُزِّعت ٢٢٠‏,٥٩٧‏,٣ نسخة؛‏ وغالبيتها كانت الكتاب المقدس الكامل.‏ فالناس ارادوا ان يفحصوا شخصيا ما تحتويه كلمة اللّٰه.‏ وبشكل مثير للاهتمام،‏ خلال هذه الفترة نفسها،‏ ارتفع عدد شهود يهوه في ايطاليا كثيرا —‏ من ٨٠١‏,٧ الى ٠١٣‏,١٩٤.‏

      عندما صارت ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية متوافرة بالپرتغالية،‏ كان هنالك مجرد ١١٨‏,٣٠ شاهدا في البرازيل و ٧٩٨‏,١ في الپرتغال.‏ وخلال السنوات التالية،‏ حتى السنة ١٩٩٢،‏ أُرسل ما مجموعه ٤٣٨‏,٢١٣ نسخة من الاسفار اليونانية المسيحية و ٧٣٨‏,١٥٣‏,٤ نسخة من الكتاب المقدس الكامل بالپرتغالية الى الافراد والجماعات في هذين البلدين.‏ وماذا كانت النتائج؟‏ في البرازيل،‏ ازداد عدد مسبِّحي يهوه النشاطى اكثر من ١١ مرة؛‏ وفي الپرتغال أكثر من ٢٢ مرة.‏ وعشرات الآلاف من الاشخاص الذين لم يكن لديهم قط كتاب مقدس كانوا شاكرين على نيل واحد،‏ وآخرون قدَّروا الحصول على كتاب مقدس يستعمل كلمات يمكنهم ان يفهموها.‏ وعندما صارت ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة —‏ بشواهد متوافرة في البرازيل،‏ ذكرت وسائل الاعلام انها الطبعة الاكمل (‏اي،‏ بعدد اكبر من الاحالات المزدوجة والحواشي)‏ المتوافرة في البلد.‏ وأشارت ايضا الى ان الطبعة الاولية كانت عشر مرات اكثر من تلك التي لمعظم الطبعات المحلية.‏

      والطبعة الاسپانية لـ‍ ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية صدرت ايضا في السنة ١٩٦٣،‏ وتبعها الكتاب المقدس الكامل في السنة ١٩٦٧.‏ وطُبعت ٤٥١‏,٥٢٧ نسخة من الاسفار اليونانية المسيحية،‏ وبعد ذلك حتى السنة ١٩٩٢ ما مجموعه ٧٨٢‏,٤٤٥‏,١٧ نسخة من الكتاب المقدس الكامل بالاسپانية.‏ وساهم ذلك في زيادة بارزة في عدد مسبِّحي يهوه في البلدان الناطقة بالاسپانية.‏ وهكذا،‏ من السنة ١٩٦٣ الى السنة ١٩٩٢،‏ في البلدان التي يتكلم فيها معظم الناس الاسپانية حيث يواصل شهود يهوه خدمتهم،‏ ازدادت اعدادهم من ١٠٦‏,٨٢ الى ٥٥١‏,٩٤٢.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ في السنة ١٩٩٢،‏ كان هنالك ٢٢٤‏,١٣٠ شاهدا آخر ليهوه يتكلمون الاسپانية.‏

      لم تُستقبَل ترجمة العالم الجديد بحماس فقط في حيِّز العالم المسيحي.‏ ففي السنة الاولى لنشر الطبعة اليابانية تسلَّم مكتب الفرع في اليابان طلبات بنصف مليون نسخة.‏

      وفي السنة ١٩٩٢ بلغ عدد النسخ المطبوعة لـ‍ ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة الكاملة،‏ باللغات الـ‍ ١٢ المتوافرة آنذاك،‏ ٢٥٨‏,١٠٥‏,٧٠.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ طُبعت ٠٨٠‏,٨١٩‏,٨ نسخة من اجزاء من الترجمة.‏

      جعل الكتاب المقدس متوافرا في اشكال عديدة

      ان استعمال الكمپيوتر في اعمال جمعية برج المراقبة،‏ ابتداءً من السنة ١٩٧٧،‏ ساعد في انتاج الكتاب المقدس،‏ كما في اوجه اخرى من نشاط النشر.‏ وقد ساعد المترجمين على تحقيق انسجام وثبات اكبر في عملهم؛‏ وسهَّل ايضا طبع الكتاب المقدس في اشكال متنوِّعة.‏

      بعد ادخال نص الكتاب المقدس الكامل في الكمپيوتر،‏ لم يكن صعبا استعمال منضِّدة تصويرية الكترونية لطبع النص في تنوُّع من الحجوم والاشكال.‏ فصدرت اولا في السنة ١٩٨١ طبعة عادية الحجم بالانكليزية مع فهرس كلمات وملاحق مساعِدة اخرى،‏ وهذه كانت اول طبعة تطبعها جمعية برج المراقبة على مطبعة أوفست بشريط ورق.‏ وبعد ادخال فوائد التنقيح في النص المخزون في الكمپيوتر،‏ صدرت طبعة بحروف كبيرة بالانكليزية سنة ١٩٨٤؛‏ وهذه شملت اوجها قيِّمة عديدة للبحث.‏ وجُعلت طبعة عادية الحجم بالانكليزية من هذه النسخة المنقَّحة عينها متوافرة ايضا في تلك السنة؛‏ وشُملت الاحالات المزدوجة وفهرس كلمات،‏ ولكن دون الحواشي؛‏ وكان ملحقها مصمَّما لخدمة الحقل بدلا من الدرس الاعمق.‏ ثم،‏ لفائدة الذين يريدون طبعة جيب صغيرة جدا،‏ نُشرت هذه بالانكليزية في السنة ١٩٨٧.‏ وكل هذه الطبعات نُشرت بسرعة بلغات اخرى ايضا.‏

      وبالاضافة الى ذلك،‏ مُنح انتباه لمساعدة ذوي الحاجات الخصوصية.‏ فلمساعدة الذين يستطيعون ان يروا ولكنهم يحتاجون الى حروف كبيرة،‏ نُشرت ترجمة العالم الجديد الكاملة باللغة الانكليزية في اربعة مجلَّدات كبيرة في السنة ١٩٨٥.‏ وسرعان ما طُبعت هذه الطبعة عينها بالالمانية،‏ الفرنسية،‏ الاسپانية،‏ واليابانية.‏ وقبل ذلك،‏ في السنة ١٩٨٣،‏ جُعلت ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية،‏ في اربعة مجلَّدات،‏ متوافرة بنظام برايل بالانكليزية من الدرجة الثانية.‏ وفي غضون خمس سنوات اخرى أُنتجت ترجمة العالم الجديد الكاملة بنظام برايل بالانكليزية في ١٨ مجلَّدا.‏

      وهل يمكن مساعدة بعض الناس اذا كانوا قادرين على الاستماع الى تسجيل للكتاب المقدس؟‏ نعم،‏ بالتأكيد.‏ ولذلك باشرت جمعية برج المراقبة انتاج ذلك ايضا.‏ والتسجيل الاول على كسيتات سمعية كان انجيل يوحنا،‏ بالانكليزية،‏ الذي صدر سنة ١٩٧٨.‏ وفي الوقت المناسب،‏ جُعلت ترجمة العالم الجديد بكاملها متوافرة بالانكليزية في ٧٥ كسيتة سمعية.‏ وما بدأ كعملية صغيرة سرعان ما نما بشكل مذهل حتى اصبح مشروعا كبيرا.‏ وبسرعة صار ذلك متوافرا بلغات اخرى.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت ترجمة العالم الجديد،‏ كاملا او جزئيا،‏ متوافرة في كسيتات سمعية بـ‍ ١٤ لغة.‏ اولا،‏ جعلت بعض الفروع شركات تجارية تقوم بالعمل.‏ وحتى السنة ١٩٩٢ كانت جمعية برج المراقبة قد انتجت بواسطة تجهيزاتها الخاصة اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣١ من هذه الكسيتات السمعية.‏

      ان فوائد كسيتات الكتاب المقدس السمعية واستعمالاتها تخطت كثيرا التوقُّعات الاولى.‏ ففي كل انحاء الارض كان الناس يستعملون مسجِّلات الكسيتات.‏ وكثيرون ممَّن لا يستطيعون القراءة جرت مساعدتهم بهذه الطريقة على الاستفادة شخصيا من كلمة اللّٰه المقدسة.‏ وصارت النساء قادرات على الاستماع الى الكسيتات السمعية وهنَّ يقمن بعملهنَّ المنزلي.‏ وصار الرجال يستمعون اليها على مسجِّلات الكسيتات وهم ذاهبون الى العمل بالسيارة.‏ والمقدرة التعليمية للشهود الافراد ازدادت اذ استمعوا قانونيا الى كلمة اللّٰه وتعلَّموا التلفظ بأسماء الكتاب المقدس والطريقة التي بها تُقرأ المقاطع في الاسفار المقدسة.‏

      في السنة ١٩٩٢ كانت تُطبع طبعات متنوِّعة من ترجمة العالم الجديد على مطابع الجمعية في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ والمشرق،‏ وما مجموعه ٣٣٨‏,٩٢٤‏,٧٨ مجلَّدا أُنتج وجُعل متوافرا للتوزيع.‏ وفي بروكلين وحدها كانت هنالك ثلاث مطابع أوفست بشريط ورق عالية السرعة وضخمة وكانت مخصَّصة في الاغلب لانتاج الكتاب المقدس.‏ وبالاجمال يمكن لهذه المطابع ان تنتج ما يعادل ٩٠٠‏,٧ كتاب مقدس في الساعة،‏ وأحيانا كان يلزم ان تعمل نوبة عمل اضافية.‏

      ولكنَّ شهود يهوه لا يعرضون على الناس مجرد كتاب مقدس يمكن ان يضعوه على الرف.‏ فهم يعرضون ايضا على ايّ شخص مهتم بالكتاب المقدس —‏ سواء حصل على نسخة من شهود يهوه او لا —‏ درسا بيتيا مجانيا في الكتاب المقدس.‏ وهذه الدروس لا تستمر الى ما لا نهاية.‏ فبعض التلاميذ يصغون الى ما يتعلَّمونه،‏ يصيرون شهودا معتمدين،‏ ثم يشتركون في تعليم الآخرين.‏ واذا لم يُحرَز بعد اشهر تقدُّم معقول في تطبيق ما يجري تعلُّمه،‏ فغالبا ما تتوقف الدروس لفائدة اناس آخرين مهتمين بشكل اصيل.‏ وفي السنة ١٩٩٢،‏ كان شهود يهوه يقدِّمون لـ‍ ١٢٧‏,٢٧٨‏,٤ فردا او بيتا خدمة الدرس المجاني في الكتاب المقدس هذه،‏ وعادةً على اساس اسبوعي.‏

      وهكذا فان شهود يهوه،‏ بشكل لا مثيل له في اية هيئة اخرى،‏ هم ناشرون وموزِّعون للكتاب المقدس ومعلِّمون لكلمة اللّٰه المقدسة.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a كما تُظهر برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٨٩٢ (‏ص ٢١٠،‏ بالانكليزية)‏،‏ استُعمل الاسم جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس عدة سنوات قبل ان يسجَّل هذا الاسم شرعيا.‏ وهنالك نشرة صدرت في السنة ١٨٩٠ في سلسلة اللاهوت القديم حدَّدت هوية الناشرين بصفتهم جمعية البرج للكتاب المقدس والكراريس.‏

      b تعيَّن ان تنشر هذه الترجمة جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا،‏ مع طلب عدم نشر اسماء المترجمين مطلقا.‏ فقد ارادوا ان يعود كل الاكرام الى يهوه اللّٰه،‏ المؤلِّف الالهي لكلمته الموحى بها.‏

      c ان بعض الترجمات الابكر بالعبرانية،‏ الالمانية،‏ والانكليزية ردَّ الاسم الالهي في الاسفار اليونانية المسيحية،‏ كما فعلت ترجمات عديدة للمرسلين.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٠٩]‏

      ترجمة حيَّة

      عندما نُشر المجلَّد الاول من «ترجمة العالم الجديد للاسفار العبرانية»،‏ كتب ألِڠْزاندر طومسون،‏ ناقد بريطاني للكتاب المقدس:‏ «ان الترجمات الاصلية للاسفار العبرانية باللغة الانكليزية قليلة جدا.‏ لذلك يسرُّنا كثيرا ان نرحب بإصدار الجزء الاول من ترجمة العالم الجديد [للاسفار العبرانية]،‏ تكوين الى راعوث.‏ .‏ .‏ .‏ وقد بذلت هذه الترجمة على نحو واضح جهدا خصوصيا لكي تكون قراءتها سهلة وممتعة الى ابعد حد.‏ ولا احد يقدر ان يقول انه تنقصها الحيوية والاصالة.‏ ومصطلحاتها ليست مؤسسة اطلاقا على تلك التي للترجمات السابقة.‏» —‏ «المميِّز» حزيران ١٩٥٤،‏ ص ١٣١.‏

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٦١١]‏

      ‏«نص بمفردات جاهزة»‏

      في «المجلة الكلاسيكية،‏» كتب توماس ن.‏ وِنتر من جامعة نبراسكا مقالة نقدية عن «ترجمة الملكوت ما بين السطور للاسفار اليونانية» قال فيها:‏ «ليست هذه ترجمة عادية ما بين السطور:‏ فالامانة في النص محفوظة،‏ والانكليزية التي تَظهر تحته هي المعنى الاساسي للكلمة اليونانية.‏ وهكذا فان وجه الترجمة ما بين السطور في هذا الكتاب ليس مطلقا ترجمة.‏ والوصف الاصحّ له هو نص بمفردات جاهزة.‏ والترجمة بإنكليزية سلسة تَظهر في عمود ضيق في الهامش الايمن للصفحات.‏ .‏ .‏ .‏

      «ان متن الترجمة مؤسس على نص بروك ف.‏ وستكوت وفِنتُن ج.‏ أ.‏ هورت (‏طبعة ١٨٨١ المعاد طبعها)‏،‏ لكنَّ الترجمة للَّجنة المجهولة حديثة تماما ودقيقة بشكل منسجم وثابت.‏» —‏ عدد نيسان-‏ايار لسنة ١٩٧٤،‏ الصفحتان ٣٧٥،‏ ٣٧٦.‏

      ‏[الصورة]‏

      طبْعتا ١٩٦٩ و ١٩٨٥

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦١٠]‏

      رأي عالِم عبراني

      عن «ترجمة العالم الجديد» قال الپروفسور الدكتور بنيامين قيدار،‏ عالِم عبراني في اسرائيل،‏ في السنة ١٩٨٩:‏ «في بحثي اللغوي في ما يتعلق بالكتاب المقدس العبراني والترجمات،‏ كثيرا ما اشير الى الطبعة الانكليزية المعروفة بـ‍ ‹ترجمة العالم الجديد.‏› واذ افعل ذلك،‏ اجد ان شعوري يتأكَّد تكرارا بأن هذا العمل يعكس جهدا صادقا في احراز ادقّ فهم ممكن للنص.‏ واذ تعطي دليلا على التضلّع الواسع من اللغة الاصلية،‏ فانها تنقل الكلمات الاصلية الى لغة ثانية على نحو مفهوم دون الانحراف بشكل غير ضروري عن البنية المحدَّدة للعبرانية.‏ .‏ .‏ .‏ فكل عبارة لغوية تسمح بحرية معيَّنة في التفسير او الترجمة.‏ وهكذا فإن الحل اللغوي في اية حالة معيَّنة يمكن ان يكون عرضة للمناقشة.‏ لكنني لم اكتشف قط في ‹ترجمة العالم الجديد› اية نية منحرفة لتحميل النص معنى غير موجود فيه.‏»‏

      ‏[الرسوم البيانية في الصفحة ٦١٢]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      نمو الشهود منذ اصدار «ترجمة العالم الجديد»‏

      فرنسا

      ٠٠٠‏,١٥٠

      ٠٠٠‏,١٠٠

      ٠٠٠‏,٥٠

      ١٩٦٣ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      ايطاليا

      ٠٠٠‏,١٥٠

      ٠٠٠‏,١٠٠

      ٠٠٠‏,٥٠

      ١٩٦٣ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      الپرتغال والبرازيل

      ٠٠٠‏,٣٠٠

      ٠٠٠‏,٢٠٠

      ٠٠٠‏,١٠٠

      ١٩٦٣ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      البلدان الناطقة بالاسپانية

      ٠٠٠‏,٩٠٠

      ٠٠٠‏,٦٠٠

      ٠٠٠‏,٣٠٠

      ١٩٦٣ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢

      ‏[الصور في الصفحة ٦٠٥]‏

      بعض الترجمات التي استعملها تلاميذ الكتاب المقدس الاولون

      ترجمة يونڠ الحرفية

      ترجمة ليسَر (‏الانكليزية الى جانب العبرانية)‏

      ‏«العهد الجديد» لـ‍ تِشِنْدورف (‏بقراءات مختلفة من المخطوطات اليونانية)‏

      ترجمة مردوك (‏من السريانية)‏

      ‏«مؤكد اللسانين» (‏من اليونانية الى الانكليزية)‏

      ‏«الكتاب المقدس طبعة ڤاريوروم» (‏بترجمات انكليزية مختلفة)‏

      ‏«الكتاب المقدس لـ‍ نيوبِري» (‏بملاحظات هامشية قيِّمة)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٤]‏

      مقدِّمة طبعة «العهد الجديد» لرذرهام التي طُبعت لجمعية برج المراقبة نحو السنة ١٨٩٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٧]‏

      طبعة هولمن المقارَنة السطرية للكتاب المقدس،‏ كما نُشرت بترتيب من جمعية برج المراقبة في السنة ١٩٠٢

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٧]‏

      طبعة برج المراقبة من «ترجمة الملك جيمس،‏» بفهرس كلمات مصمَّم بشكل خصوصي (‏١٩٤٢)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٦]‏

      ‏«الترجمة الاميركية القانونية،‏» ترجمة تستعمل الاسم الالهي،‏ يهوه،‏ اكثر من ٨٧٠‏,٦ مرة؛‏ طبعة برج المراقبة (‏١٩٤٤)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٦]‏

      ترجمة باينتون (‏١٩٧٢)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٠٨]‏

      ‏«ترجمة العالم الجديد،‏» صدرت اولا بالانكليزية في ستة مجلَّدات،‏ من السنة ١٩٥٠ الى السنة ١٩٦٠؛‏ ولاحقا جُمعت في طبعة خصوصية للتلاميذ

      نُشرت كمجلَّد صغير واحد في السنة ١٩٦١

      طبعة ذات حروف كبيرة،‏ بشواهد للدرس،‏ نُشرت في السنة ١٩٨٤

      ‏[الصورة في الصفحة ٦١٣]‏

      تدريجيا جُعلت «ترجمة العالم الجديد» متوافرة بلغات اكثر

      ‏[الصورة في الصفحة ٦١٤]‏

      ‏«ترجمة العالم الجديد» بحروف كبيرة

      .‏ .‏ .‏ بنظام برايل

      .‏ .‏ .‏ على كسيتات سمعية

      .‏ .‏ .‏ على اقراص كمپيوتر

  • امتحان وغربلة من الداخل
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٨

      امتحان وغربلة من الداخل

      ان تطور ونمو هيئة شهود يهوه العصرية شملا حالات عديدة امتحنت بقسوة ايمان الافراد.‏ وكما ان الدِّراس والتذرية يفصلان القمح عن التبن،‏ كذلك عملت هذه الحالات على اثبات هوية الذين هم مسيحيون حقيقيون.‏ (‏قارنوا لوقا ٣:‏١٧‏.‏)‏ والاشخاص المقترنون بالهيئة لزم ان يُظهروا ما في قلوبهم.‏ فهل كانوا يخدمون لمجرد مصلحة شخصية؟‏ وهل كانوا مجرد أتباع لانسان ناقص؟‏ ام هل كانوا متواضعين،‏ متشوِّقين الى معرفة وفعل مشيئة اللّٰه،‏ كاملين في تعبدهم ليهوه؟‏ —‏ قارنوا ٢ أخبار الايام ١٦:‏٩‏.‏

      اختبر أتباع يسوع المسيح في القرن الاول ايضا امتحانات ايمانهم.‏ وأخبر يسوع أتباعه انهم اذا كانوا امناء،‏ فسيشتركون معه في ملكوته.‏ (‏متى ٥:‏​٣،‏ ١٠؛‏ ٧:‏٢١؛‏ ١٨:‏٣؛‏ ١٩:‏٢٨‏)‏ ولكنه لم يخبرهم متى كانوا سينالون هذه الجائزة.‏ وفي وجه اللامبالاة العامة وحتى العداء ازاء كرازتهم،‏ هل كانوا سيستمرون بولاء في جعل مصالح هذا الملكوت الاهتمام الاول في حياتهم؟‏ لم يفعل كل فرد ذلك.‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏١٠‏.‏

      والاسلوب الذي علَّم به يسوع نفسه شكَّل امتحانا للبعض.‏ فقد نفر الفريسيون عندما رفض بصراحة تقاليدهم.‏ (‏متى ١٥:‏​١-‏١٤‏)‏ وكثيرون ايضا ممَّن ادَّعوا انهم تلاميذ ليسوع استاءوا من اسلوب تعليمه.‏ ففي احدى المناسبات،‏ عندما كان يناقش اهمية ممارسة الايمان بقيمة جسده ودمه المقدَّمين ذبيحة،‏ صُدم كثيرون من تلاميذه بسبب اللغة المجازية التي استعملها.‏ واذ لم ينتظروا ايضاحا اضافيا،‏ ‹رجعوا الى الوراء ولم يعودوا يمشون معه.‏› —‏ يوحنا ٦:‏​٤٨-‏٦٦‏.‏

      ولكن لم يبتعد الجميع.‏ فكما اوضح سمعان بطرس،‏ «يا رب الى من نذهب.‏ كلام الحياة الابدية عندك.‏ ونحن قد آمنَّا وعرفنا انك انت المسيح ابن اللّٰه الحي.‏» (‏يوحنا ٦:‏​٦٧-‏٦٩‏)‏ لقد رأوا وسمعوا ما يكفي ليقتنعوا بأن يسوع هو الشخص الذي بواسطته يُظهر اللّٰه الحق عن نفسه وقصده.‏ (‏يوحنا ١:‏١٤؛‏ ١٤:‏٦‏)‏ إلا ان امتحانات الايمان استمرت.‏

      بعد موته وقيامته،‏ استخدم يسوع الرسل وآخرين كرعاة للجماعات.‏ وهؤلاء كانوا رجالا ناقصين،‏ وكانت نقائصهم احيانا تشكِّل تجربة للذين حولهم.‏ (‏قارنوا اعمال ١٥:‏​٣٦-‏٤١؛‏ غلاطية ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ صار بعض الافراد غير متزنين في اعجابهم بالمسيحيين البارزين وقالوا:‏ «انا لبولس،‏» فيما قال آخرون:‏ «انا لأبلوس.‏» (‏١ كورنثوس ٣:‏٤‏)‏ فكان يلزمهم جميعا ان يكونوا متيقظين لئلا يغيب عن بالهم ما يعنيه كون المرء تابعا ليسوع المسيح.‏

      انبأ الرسول بولس بمشاكل خطيرة اخرى،‏ موضحا انه حتى داخل الجماعة المسيحية «سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم.‏» (‏اعمال ٢٠:‏​٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وحذَّر الرسول بطرس من ان المعلِّمين الكذبة بين خدام اللّٰه سيسعَون الى استغلال الآخرين «بكلام مزيف.‏» (‏٢ بطرس ٢:‏​١-‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ فمن الواضح ان امتحانات الايمان والولاء الفاحصة للقلب تكمن في المستقبل.‏

      لذلك فان الامتحان والغربلة اللذين هما جزء من التاريخ العصري لشهود يهوه لم يكونا شيئا مدهشا.‏ ولكنَّ عددا ليس بقليل اندهشوا ممَّن عثروا وممَّا اعثرهم.‏

      هل قدَّروا الفدية حقا؟‏

      في اوائل سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ نما الاخ رصل وعشراؤه في المعرفة والتقدير لقصد اللّٰه.‏ لقد كان وقت انتعاش روحي بالنسبة اليهم.‏ ولكن بعدئذ،‏ في السنة ١٨٧٨،‏ واجههم امتحان كبير لايمانهم وولائهم لكلمة اللّٰه.‏ وموضوع الخلاف كان القيمة الفدائية لجسد يسوع ودمه —‏ التعليم نفسه الذي اعثر كثيرين من تلاميذ يسوع في القرن الاول.‏

      وقبل ذلك بسنتين فقط،‏ في السنة ١٨٧٦،‏ كان انّ ت.‏ ت.‏ رصل دخل في علاقة عمل مع ن.‏ ه‍.‏ باربور من روتشستر،‏ نيويورك.‏ وانضمَّ فريقا درسهما الواحد الى الآخر.‏ وزوَّد رصل رأس المال لاعادة احياء طبع مجلة باربور بشير الصباح،‏ مع باربور كمحرِّر ورصل كمحرِّر مساعد.‏ وأيضا انتجا معا كتابا بعنوان العوالم الثلاثة،‏ وحصاد هذا العالم.‏

      ثم حدث شيء مروِّع!‏ ففي عدد آب ١٨٧٨ من بشير الصباح كتب باربور مقالة تجاهل فيها آيات مثل ١ بطرس ٣:‏١٨ واشعياء ٥٣:‏​٥،‏ ٦‏،‏ وأيضا عبرانيين ٩:‏٢٢‏،‏ وأعلن ان كامل فكرة موت المسيح تكفيرا عن خطايانا بغيضة.‏ كتب رصل لاحقا:‏ «لدهشتنا المؤلمة،‏ كتب السيد باربور .‏ .‏ .‏ مقالة لمجلة بشير ينكر فيها عقيدة الكفَّارة —‏ ينكر ان موت المسيح كان الثمن الفدائي مقابل آدم وعرقه البشري،‏ ويقول ان موت المسيح لم يكن بتًّا لجزاء خطايا الانسان اكثر من اعتبار اب ارضي غرْز دبوس في جسم ذبابة وجعْلها تتألم وتموت بتًّا عادلا لجنحة في ولده.‏»‏a

      كان ذلك امرا مهما.‏ فهل كان الاخ رصل سيتمسك بولاء بما يقوله الكتاب المقدس بوضوح عن تدبير اللّٰه لخلاص الجنس البشري؟‏ ام كان سيقع فريسة الفلسفة البشرية؟‏ رغم ان رصل كان فقط في الـ‍ ٢٦ من عمره في ذلك الوقت وباربور اكبر بكثير،‏ كتب رصل بشجاعة مقالة للعدد التالي عينه من الـ‍ بشير دافع فيها بقوة عن قيمة دم المسيح للتكفير عن الخطية،‏ مشيرا الى ذلك بأنه «احد التعاليم الاهم لكلمة اللّٰه.‏»‏

      بعد ذلك طلب من ج.‏ ه‍.‏ پاتون،‏ المحرِّر المساعد الآخر في الـ‍ بشير،‏ ان يكتب مقالة تؤيد الايمان بدم المسيح كأساس للكفَّارة عن الخطية.‏ فكتب پاتون المقالة،‏ وصدرت في عدد كانون الاول.‏ وبعد جهود متكررة غير ناجحة لمناقشة الامر مع باربور من الاسفار المقدسة،‏ توقف رصل عن مشاركته وسحب الدعم المالي من مجلته.‏ وفي تموز ١٨٧٩ بدأ رصل باصدار مجلة جديدة —‏ برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح —‏ وقد كانت من البداية المدافع الخصوصي عن الفدية.‏ لكنَّ ذلك لم يكن نهاية المطاف.‏

      بعد سنتين ابتدأ پاتون،‏ الذي كان يخدم آنذاك كممثل جائل لـ‍ برج المراقبة،‏ بالتحول ايضا عن الهيئة اذ اصدر بعد ذلك كتابا (‏كتابه الثاني بعنوان فجر النهار‏)‏ رفض فيه الاعتقاد بسقوط آدم في الخطية وبالتالي الحاجة الى فادٍ.‏ وحاجَّ بأن الرب نفسه كان رجلا ناقصا اظهر بحياته للآخرين كيف يميتون ميولهم الخاطئة.‏ وفي السنة ١٨٨١ اصدر أ.‏ د.‏ جونز،‏ عشير آخر،‏ مطبوعة (‏كوكب نهار زيون‏)‏ مشابهة لـ‍ برج المراقبة ولكن بفكرة انها ستناقش اوجها ابسط لقصد اللّٰه.‏ في البداية بدا ان كل شيء هو على ما يرام.‏ ولكن،‏ في غضون سنة،‏ انكرت مطبوعة جونز ذبيحة المسيح التكفيرية،‏ وفي غضون سنة اخرى رفضت باقي الكتاب المقدس كله.‏ فماذا جرى لهؤلاء الرجال؟‏ لقد سمحوا للنظريات الشخصية والافتتان بفلسفات البشر الشائعة بأن تضلهم عن كلمة اللّٰه.‏ (‏قارنوا كولوسي ٢:‏٨‏.‏)‏ والمطبوعة التي كان يصدرها أ.‏ د.‏ جونز استمرت فترة قصيرة فقط ثم توقفت.‏ وقرَّر ج.‏ ه‍.‏ پاتون ان يصدر مجلة يُظهر فيها الانجيل كما يراه هو،‏ ولكنَّ انتشارها كان محدودا جدا.‏

      كان الاخ رصل مهتما بعمق بتأثير هذا كله في قرَّاء برج المراقبة.‏ لقد ادرك ان ذلك يضع ايمان كل فرد تحت الامتحان.‏ وعرف جيدا ان البعض يعتبرون نقده للتعاليم غير المؤسسة على الاسفار المقدسة مدفوعا بروح المنافسة.‏ ولكنَّ الاخ رصل لم يطلب أتباعا لنفسه.‏ وفي ما يتعلق بما كان يحدث كتب:‏ «ان هدف هذه المحنة والغربلة كما يَظهر هو اختيار جميع الذين رغبات قلوبهم غير انانية،‏ الذين هم مكرَّسون للرب كاملا ودون تحفظ،‏ الذين يتوقون جدا الى فعل ارادة الرب،‏ والذين ثقتهم بحكمته،‏ طريقه وكلمته كبيرة جدا،‏ بحيث يرفضون ان يُبعَدوا عن كلمة الرب،‏ سواء كان ذلك بسفسطات الآخرين او بخططهم وأفكارهم الخاصة.‏»‏

      هل كان اللّٰه يستخدم قناة منظورة؟‏

      طبعا،‏ هنالك هيئات دينية كثيرة،‏ وعدد كبير من المعلِّمين يستعملون الى حد ما الكتاب المقدس.‏ فهل كان اللّٰه يستخدم خصوصا تشارلز تاز رصل؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فهل توقف اللّٰه عن ان تكون له قناة منظورة عندما مات الاخ رصل؟‏ صارت هاتان قضيتين خطيرتين ادَّتا الى امتحان وغربلة اضافيين.‏

      بالتأكيد،‏ لا يمكن التوقع ان يستخدم اللّٰه ت.‏ ت.‏ رصل ان لم يكن ملتصقا بولاء بكلمة اللّٰه.‏ (‏ارميا ٢٣:‏٢٨؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ فاللّٰه لا يستخدم رجلا يمتنع بخوف عن الكرازة بما رآه مكتوبا بوضوح في الاسفار المقدسة.‏ (‏حزقيال ٢:‏​٦-‏٨‏)‏ واللّٰه لا يستخدم شخصا يستغل معرفته للاسفار المقدسة ليجلب المجد لنفسه.‏ (‏يوحنا ٥:‏٤٤‏)‏ ولذلك،‏ ماذا تظهر الوقائع؟‏

      اذ يراجع شهود يهوه اليوم العمل الذي قام به،‏ الامور التي علَّمها،‏ سبب تعليمه اياها،‏ والنتيجة،‏ لا يشكّون في ان اللّٰه كان يستخدم تشارلز تاز رصل حقا بطريقة خصوصية وفي وقت بالغ الاهمية.‏

      ان هذه النظرة ليست مؤسسة فقط على الموقف الثابت الذي اتخذه الاخ رصل في ما يتعلق بالفدية.‏ انها تأخذ ايضا بعين الاعتبار واقع رفضه دون خوف قوانين الايمان التي تحتوي على بعض المعتقدات الاساسية للعالم المسيحي،‏ لان هذه تتعارض مع الاسفار المقدسة الموحى بها.‏ وهذه المعتقدات شملت عقيدة الثالوث (‏التي كانت متأصلة في بابل القديمة ولم يعتنقها المسيحيون الاسميون إلا بعد فترة طويلة من اكمال كتابة الكتاب المقدس)‏ وكذلك تعليم الخلود الملازم للانفس البشرية (‏الذي تبنَّاه الناس الذين ارهبتهم فلسفة افلاطون والذي تركهم عرضة لافكار مثل عذاب الانفس الابدي في نار الهاوية)‏.‏ وكثيرون من علماء العالم المسيحي ايضا يعرفون ان هذه العقائد لا يجري تعليمها في الكتاب المقدس،‏b ولكنَّ هذا عموما ليس ما يقوله واعظوهم من على المنابر.‏ وعلى سبيل التباين،‏ شرع الاخ رصل في حملة مكثَّفة ليخبر بما يقوله الكتاب المقدس فعلا كل مَن يرغب في الاستماع.‏

      والجدير بالملاحظة ايضا هو ما فعله الاخ رصل بالحقائق الاخرى المهمة جدا التي تعلَّمها من كلمة اللّٰه.‏ فقد ميَّز ان المسيح سيرجع كشخص روحاني مجيد،‏ غير منظور للاعين البشرية.‏ وفي وقت باكر من السنة ١٨٧٦ ادرك ان السنة ١٩١٤ ستسم نهاية ازمنة الامم.‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٤‏)‏ وبصورة مماثلة،‏ فهم علماء آخرون للكتاب المقدس بعض هذه الامور ودافعوا عنها.‏ ولكنَّ الاخ رصل استخدم كل موارده لاعلانها امميا على نطاق لم يصل اليه آنذاك ايّ فرد او فريق آخر.‏

      وحثَّ الآخرين على مقابلة كتاباته باعتناء بكلمة اللّٰه الموحى بها لكي يقتنعوا بأن ما يتعلَّمونه منسجم تماما معها.‏ وردًّا على شخص كتب رسالة استفسار،‏ قال الاخ رصل:‏ «اذا كان ملائما ان يثبت المسيحيون الاولون صحة ما تسلَّموه من الرسل،‏ الذين ادَّعوا انهم ملهمون وقد كانوا كذلك،‏ فكم هو اهم بكثير ان تقتنع كاملا بأن هذه التعاليم تبقى بدقة ضمن ارشادات الرسل المذكورة وتلك التي لربنا؛‏ —‏ لان مؤلِّفها لا يدَّعي الالهام،‏ بل مجرد توجيه الرب،‏ بصفته شخصا يستخدمه لتغذية رعيته.‏»‏

      لم يدَّع الاخ رصل قوة فوق الطبيعة،‏ ولا اعلانات الهية.‏ ولم يدَّع ان له الفضل في ما علَّمه.‏ لقد كان تلميذا بارزا للكتاب المقدس.‏ ولكنه اوضح ان فهمه الجدير بالملاحظة للاسفار المقدسة يعود الى «الواقع البسيط ان وقت اللّٰه المعيَّن قد حان.‏» وقال:‏ «إن لم اتكلم،‏ ولم يكن ممكنا ان يوجد وكيل آخر،‏ فالحجارة تصرخ.‏» وشبَّه نفسه بمجرد اصبع تشير الى ما هو مذكور في كلمة اللّٰه.‏

      لم يطلب تشارلز تاز رصل المجد من البشر.‏ ولتعديل تفكير مَن يميلون الى منحه اكراما مفرطا كتب الاخ رصل في السنة ١٨٩٦:‏ «اذ جرى استخدامنا الى حد ما بنعمة اللّٰه في خدمة الانجيل،‏ من الملائم ان نقول هنا ما قلناه تكرارا في السر،‏ وسابقا في هذه الاعمدة،‏ —‏ وهو انه فيما نقدِّر محبة،‏ تعاطف،‏ ثقة وصداقة الرفقاء الخدام وكامل اهل الايمان،‏ لا نريد اجلالا ولا توقيرا لانفسنا او لكتاباتنا؛‏ ولا نرغب في ان نُدعى الموقَّر او السيد.‏ ولا نرغب في ان يُسمَّى ايّ فريق باسمنا.‏»‏

      واذ اقترب موته،‏ لم يتبنَّ النظرة انه لم يعد هنالك المزيد لتعلُّمه،‏ انه لم يعد هنالك عمل للقيام به.‏ وكثيرا ما تحدث عن إعداد مجلَّد سابع من دروس في الاسفار المقدسة.‏ وعندما سُئل عنه قبل ان يموت،‏ قال لـ‍ مِنْتا سْتاردْجَن،‏ رفيقه الجائل:‏ «يمكن لشخص آخر ان يكتبه.‏» وفي وصيته عبَّر عن رغبته في استمرار اصدار برج المراقبة تحت توجيه لجنة من رجال مخلصين كاملا للرب.‏ وذكر ان الذين سيخدمون بهذه الصفة يجب ان يكونوا رجالا «اولياء كاملا لعقائد الاسفار المقدسة —‏ وخصوصا لعقيدة الفدية —‏ لانه لن نكون مقبولين عند اللّٰه ولن ننجو الى الحياة الابدية إلا بالايمان بالمسيح واطاعة كلمته وروحه.‏»‏

      ادرك الاخ رصل ان هنالك عملا كثيرا بعدُ للقيام به في الكرازة بالبشارة.‏ وفي جلسة سؤال وجواب في ڤانكوڤر،‏ كولومبيا البريطانية،‏ كندا،‏ في السنة ١٩١٥،‏ سُئل متى يمكن لأتباع المسيح الممسوحين بالروح العائشين آنذاك ان يتوقعوا نيل مكافأتهم السماوية.‏ فأجاب:‏ «لا اعرف،‏ ولكن هنالك عمل عظيم للقيام به.‏ وسيتطلَّب آلاف الاخوة ومالا بالملايين للقيام به.‏ أما من اين سيأتي ذلك فلا اعرف —‏ الرب يعرف عمله.‏» ثم في السنة ١٩١٦،‏ قبيل ابتدائه بالجولة الخطابية التي مات في اثنائها،‏ دعى أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ احد المساعدين الاداريين،‏ الى مكتبه.‏ وفي تلك المناسبة قال:‏ «لم اعد قادرا على مواصلة العمل،‏ ولكن هنالك عمل عظيم للقيام به.‏» وطوال ثلاث ساعات وصف للاخ ماكميلان عمل الكرازة الواسع الذي يراه في المستقبل على اساس الاسفار المقدسة.‏ وردًّا على اعتراضات الاخ ماكميلان،‏ قال:‏ «هذا ليس عمل انسان.‏»‏

      تغيير الادارة يجلب امتحانات

      كان كثيرون من عشراء الاخ رصل مقتنعين بثبات بأن الرب يضبط الامور جيدا.‏ ففي مأتم الاخ رصل ذكر و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ:‏ «استخدم اللّٰه خداما كثيرين في الماضي وسيستخدم دون شك كثيرين في المستقبل.‏ ان تكريسنا ليس لانسان،‏ او لعمل انسان،‏ بل لفعل مشيئة اللّٰه،‏ كما سيكشفها لنا بواسطة كلمته وتوجيهاته بفضل العناية الالهية.‏ لا يزال اللّٰه يدير دفة الامور.‏» ولم يَحِد الاخ ڤان آمبورڠ قط عن هذا الاقتناع حتى موته.‏

      ولكن من المحزن ان البعض ادَّعوا الاعجاب برصل ولكنهم اعربوا عن روح مختلفة.‏ ونتيجة لذلك،‏ ادَّت الظروف المتغيرة بعد موت رصل الى امتحان وغربلة.‏ فانشقَّت فرق للمرتدّين ليس فقط في الولايات المتحدة بل ايضا في بلفاست،‏ ايرلندا؛‏ في كوپنهاڠن،‏ الدنمارك؛‏ في ڤانكوڤر وڤيكتوريا،‏ كولومبيا البريطانية،‏ كندا؛‏ وفي اماكن اخرى.‏ وفي هَلسنكي،‏ فنلندا،‏ تبنى البعض الفكرة انه بعد موت رصل لم تعد هنالك قناة لمزيد من النور الروحي.‏ وبتحريض من بعض الاشخاص البارزين،‏ ترك ١٦٤ شخصا الهيئة هناك.‏ فهل نال ذلك بركة اللّٰه؟‏ لفترة من الوقت اصدروا مجلتهم الخاصة وعقدوا اجتماعاتهم الخاصة.‏ ولكن على مر الوقت انقسم الفريق،‏ ذوى،‏ ولم يعد موجودا؛‏ وكثيرون منهم رجعوا بسرور الى اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ولكن لم يرجع الجميع.‏

      ان موت الاخ رصل،‏ الى جانب التطورات اللاحقة،‏ شكَّل امتحانا ايضا لـ‍ ر.‏ إ.‏ ب.‏ نيكلسون،‏ سكرتير فرع اوستراليا،‏ وجعله يظهر ما في قلبه.‏ فبعد موت رصل كتب نيكلسون:‏ «لاكثر من ربع قرن احببته،‏ ليس فقط من اجل اعماله،‏ بل ايضا بسبب شخصيته المحبوبة،‏ وابتهجت بالحقائق التي اصدرها بصفتها ‹الطعام في حينه،‏› وبمشورته،‏ معجبا بطبيعته المتعاطفة،‏ اللطيفة،‏ الحبية،‏ الممزوجة بشكل رائع بالثبات والتصميم القوي على فعل وتحدّي ايّ شيء لانجاز ما آمن بأنه مشيئة اللّٰه او كشْف كلمته.‏ .‏ .‏ .‏ وهنالك شعور بالوحدة عندما يدرك المرء ان هذه الدعامة القوية لم تعد موجودة.‏»‏

      لم يكن جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ الرئيس الجديد لجمعية برج المراقبة،‏ نوع الرجل الذي فكر نيكلسون انه يجب ان يتبوَّأ مركز الاشراف الذي كان يشغله الاخ رصل.‏ فصار نيكلسون انتقاديا علنا للاسلوب الصريح الذي شهَّرت به مواد درس الكتاب المقدس الجديدة الدين الباطل.‏ وقبل مضيّ وقت طويل ترك الهيئة،‏ وأخذ معه الكثير من ممتلكات الجمعية (‏التي كان قد سجَّلها باسمه)‏ والذين كانوا،‏ بدورهم،‏ يميلون الى تبجيله في مَلبورن.‏ فلماذا حدث ذلك؟‏ من الواضح ان نيكلسون سمح لنفسه بأن يصير تابعا لانسان؛‏ ولذلك عندما رحل ذلك الانسان،‏ اخذت استقامة وغيرة نيكلسون لخدمة الرب تبرد.‏ ولم يزدهر ايٌّ من الذين انشقوا في ذلك الوقت.‏ ولكن من الجدير بالملاحظة ان جاين نيكلسون،‏ رغم بنيتها الضعيفة،‏ لم تنضم الى زوجها في ارتداده.‏ فتعبُّدها كان بشكل رئيسي ليهوه اللّٰه،‏ واستمرت في خدمته كامل الوقت حتى موتها في السنة ١٩٥١.‏

      ادرك كثيرون ان ما كان يجري في السنوات التي تلت موت الاخ رصل كان يُنجِز مشيئة الرب.‏ كتب احد خدام يهوه في كندا عن ذلك الى الاخ رذرفورد،‏ قائلا:‏

      ‏«اخي العزيز،‏ لا تسِئ فهمي الآن بسبب ما اكتبه.‏ ان طبعك وذاك الذي لاخينا العزيز رصل مختلفان اختلاف النهار عن الليل.‏ كثيرون،‏ يا للاسف،‏ كثيرون جدا احبوا الاخ رصل بسبب شخصيته،‏ طبعه،‏ الخ؛‏ وقليلون،‏ قليلون جدا قاوموه.‏ وكثيرون قبلوا الحق فقط لأن الاخ رصل قال ذلك.‏ فابتدأ كثيرون يعبدون الانسان .‏ .‏ .‏ انت تذكر الوقت الذي اجرى فيه الاخ رصل مناقشة صريحة في احد المحافل حول هذا الفشل لكثيرين من الاخوة الحسني النية،‏ مؤسسا خطابه على يوحنا والملاك.‏ (‏رؤيا ٢٢:‏​٨،‏ ٩‏)‏ ونعرف جميعا ما حدث عندما مات.‏

      ‏«ولكن لديك،‏ ايها الاخ رذرفورد،‏ طبع لا يقارن بذاك الذي للاخ رصل.‏ وحتى مظهرك مختلف.‏ انها ليست غلطتك.‏ لقد كانت هدية يوم ميلادك،‏ ولا تقدر ان ترفضها.‏ .‏ .‏ .‏ ومنذ عُيِّنتَ مديرا لشؤون الجمعية،‏ صرتَ هدفا لانتقادات ظالمة وأسوإ نوع من الافتراء،‏ وكل ذلك يأتي من الاخوة.‏ لكن رغم هذا كله كنتَ وليا ومخلصا للرب الحبيب ولمهمته كما هي مسجَّلة في اشعياء ٦١:‏​١-‏٣‏.‏ فهل عرف الرب ما كان يفعله عندما عيَّنك مديرا للشؤون؟‏ عرف ذلك دون شك.‏ وفي الماضي كنا جميعا ميَّالين الى عبادة المخلوق اكثر من الخالق.‏ لقد عرف الرب ذلك.‏ ولذلك عيَّن مخلوقا بطبع مختلف مديرا للشؤون،‏ او يجب ان اقول مسؤولا عن العمل،‏ عمل الحصاد.‏ وأنت لا ترغب في ان يعبدك احد.‏ انا اعرف ذلك،‏ لكنك ترغب فعلا في ان يتمتع بالنور جميع الذين لديهم ايمان عظيم مماثل،‏ النور الذي يضيء الآن في طريق الابرار،‏ كما يرى الرب ملائما ان يضيء.‏ وهذا ما يريد الرب ان يُنجَز.‏»‏

      ايضاح هوية «العبد الامين الحكيم»‏

      تمسك كثيرون ممَّن جرت غربلتهم في ذلك الوقت بالفكرة ان شخصا واحدا،‏ تشارلز تاز رصل،‏ هو «العبد الامين الحكيم» الذي انبأ به يسوع في متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧‏،‏ العبد الذي سيوزِّع الطعام الروحي على اهل الايمان.‏ وعقب موته خصوصا نشرت برج المراقبة نفسها هذه الفكرة طوال عدد من السنين.‏ فنظرا الى الدور البارز الذي لعبه الاخ رصل،‏ ظهر لتلاميذ الكتاب المقدس آنذاك ان الحالة هي كذلك.‏ وهو شخصيا لم يروِّج الفكرة،‏ إلا انه اعترف بأن حجج الذين يؤيدونها معقولة ظاهريا.‏c ولكنه شدَّد ايضا انه ايا كان الشخص الذي قد يستخدمه الرب في دور كهذا يجب ان يكون متواضعا وكذلك غيورا في جلب التمجيد للسيد،‏ وأنه اذا فشل الشخص الذي يختاره الرب،‏ فسيُستبدل بآ‌خر.‏

      ولكن،‏ اذ اضاء نور الحق تدريجيا وباشراق اكثر ايضا بعد موت الاخ رصل،‏ واذ صارت الكرازة التي سبق وأنبأ بها يسوع اوسع انتشارا ايضا،‏ اتضح ان «العبد الامين الحكيم» لم يغب عن المسرح عندما مات الاخ رصل.‏ وفي السنة ١٨٨١ عبَّر الاخ رصل نفسه عن الفكرة ان هذا «العبد» مؤلَّف من كامل هيئة المسيحيين الممسوحين بالروح الامناء.‏ لقد فهم انه عبد جماعي،‏ صف من الاشخاص المتحدين في فعل مشيئة اللّٰه.‏ (‏قارنوا اشعياء ٤٣:‏١٠‏.‏)‏ وتلاميذ الكتاب المقدس اكَّدوا ثانية هذا الفهم في السنة ١٩٢٧.‏ ويدرك شهود يهوه اليوم ان العبد الامين الحكيم يستخدم مجلة برج المراقبة والمطبوعات المماثلة لتوزيع الطعام الروحي.‏ ولا يدَّعون بأن صف العبد هذا معصوم من الخطإ،‏ لكنهم يعتبرونه القناة الواحدة التي يستخدمها الرب في الايام الاخيرة لنظام الاشياء هذا.‏

      عندما وقفت الكبرياء في الطريق

      ولكن كانت هنالك اوقات اعتبر فيها افراد في مراكز مسؤولية انفسهم قناة النور الروحي،‏ حتى انهم قاوموا ما كانت تزوِّده الهيئة.‏ واستسلم آخرون للرغبة في ممارسة نفوذ شخصي اعظم.‏ فسعَوا ان يجعلوا الآخرين يتبعونهم او،‏ كما عبَّر عن ذلك الرسول بولس،‏ ان «يجتذبوا التلاميذ وراءهم.‏» (‏اعمال ٢٠:‏​٢٩،‏ ٣٠‏)‏ طبعا،‏ امتحن ذلك الدوافع والثبات الروحي لاولئك الذين جرت محاولة اغرائهم.‏ تأملوا في بعض الامثلة:‏

      دعت رسائل خصوصية تلاميذ الكتاب المقدس في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ الى اجتماع في ٥ نيسان ١٨٩٤.‏ لم يُدعَ الاخ والاخت رصل ولم يحضرا،‏ لكنَّ نحو ٤٠ آخرين كانوا حاضرين.‏ وقالت الرسالة،‏ التي وقَّعها إ.‏ برايَن،‏ س.‏ د.‏ رودجرز،‏ ج.‏ ب.‏ آدمسُن،‏ وأُ.‏ ڤون زِك،‏ ان الاجتماع سيتضمَّن امورا تتعلق بـ‍ ‹خيرهم الاسمى.‏› فتبرهن ان ذلك كان محاولة خبيثة من جهة هؤلاء المتآ‌مرين لافساد اذهان الآخرين بافشاء ما ظنّوا انه رديء في شؤون عمل الاخ رصل (‏رغم ان الوقائع اظهرت العكس)‏،‏ بالمجادلة ان الاخ رصل لديه سلطة اكثر من اللازم (‏الامر الذي كانوا يريدونه لانفسهم)‏،‏ وبالتذمر لأنه دعم استعمال الصفحة المطبوعة لنشر البشارة واجتماعات صفوف الكتاب المقدس بدلا من القاء المحاضرات فقط (‏التي يمكنهم فيها بأكثر سهولة ان يدافعوا عن الآراء الشخصية)‏.‏ فتشوشت الجماعة كثيرا بما حدث،‏ وعثر كثيرون.‏ ولكنَّ الذين تركوا الهيئة لم يصيروا نتيجة لذلك اشخاصا روحيين اكثر او غيورين اكثر في عمل الرب.‏

      وبعد اكثر من ٢٠ سنة،‏ قبل موته،‏ عبَّر الاخ رصل عن نيته ان يرسل پول س.‏ ل.‏ جونسون،‏ خطيب بارع جدا،‏ الى بريطانيا لتقوية تلاميذ الكتاب المقدس هناك.‏ وبدافع الاحترام لرغبة الاخ رصل،‏ ارسلت الجمعية جونسون الى بريطانيا في تشرين الثاني ١٩١٦.‏ ولكن ما ان وصل الى بريطانيا حتى طرد اثنين من مسؤولي الجمعية الاداريين.‏ واذ اعتبر نفسه شخصية مهمة،‏ حاجَّ في الخطابات والمراسلات بأن ما يفعله انبأ به عزرا،‏ نحميا،‏ ومردخاي في الاسفار المقدسة.‏ وادَّعى بأنه الوكيل (‏او،‏ الرجل المسؤول)‏ الذي اشار اليه يسوع في مثله في متى ٢٠:‏٨‏.‏ وحاول ان يسيطر على اموال الجمعية،‏ وأقام دعوى في محكمة لندن العليا لتحقيق اهدافه.‏

      واذ أُحبطت مساعيه،‏ رجع الى نيويورك.‏ وهناك سعى الى الحصول على الدعم من اشخاص معيَّنين كانوا يخدمون في مجلس مديري الجمعية.‏ وأولئك الذين أُقنعوا بتأييده سعَوا الى تحقيق اهدافهم بمحاولة اصدار قرار يلغي النظام الداخلي للجمعية الذي يجيز للرئيس ان يدير شؤونها.‏ لقد ارادوا ان تُترك لهم سلطة اتخاذ كل القرارات.‏ فاتَّخذ الاخ رذرفورد الاجراء القانوني لحماية مصالح الجمعية،‏ وطُلب من اولئك الذين كانوا يسعَون الى تعطيل عملها ان يغادروا «بيت ايل.‏» وفي الاجتماع السنوي للمساهمين في الجمعية في وقت باكر من السنة التالية،‏ عندما انتُخب مجلس المديرين ورسميوه للسنة المقبلة،‏ أُبعد بأكثرية ساحقة اولئك الذين كانوا يثيرون المشاكل.‏ ربما اعتقد بعضهم انهم كانوا على صواب،‏ ولكنَّ الغالبية العظمى من اخوتهم الروحيين اوضحوا انهم لا يوافقون.‏ فهل كانوا سيقبلون هذا التوبيخ؟‏

      بعد ذلك ظهر پ.‏ س.‏ ل.‏ جونسون في اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس وتظاهر بأنه على اتفاق مع معتقداتهم ونشاطهم.‏ ولكن بعد نيل ثقة البعض،‏ كان يزرع بزور الشك.‏ فاذا اقترح احد قطع الصلة بالجمعية،‏ كان يحاول منع ذلك بشكل ريائي —‏ حتى ضعف تماما ولاء الفريق.‏ وبالمراسلات وحتى بالرحلات الشخصية،‏ حاول التأثير في الاخوة ليس فقط في الولايات المتحدة بل ايضا في كندا،‏ جامايكا،‏ اوروپا،‏ وأوستراليا.‏ فهل نجح ذلك؟‏

      ربما بدا الامر كذلك عندما صوَّتت الاغلبية في احدى الجماعات لقطع الصلات بالجمعية.‏ لكنهم كانوا مثل غصن قُطع من شجرة —‏ بقي اخضر فترة من الوقت،‏ ثم ذبل ومات.‏ وعندما عقد المقاومون محفلا في السنة ١٩١٨،‏ ظهرت الخلافات،‏ وحدث انشقاق.‏ وتبع ذلك تفكك اضافي.‏ وعمل البعض فترة من الوقت كفرق صغيرة مع القائد الذي أُعجبوا به.‏ ولم يقف ايّ منهم نفسه لعمل اعطاء شهادة علنية في كل المسكونة عن ملكوت اللّٰه،‏ العمل الذي عيَّنه يسوع لأتباعه.‏

      وإذ حدثت هذه الامور،‏ ذكَّر الاخوة انفسَهم بما هو مسجَّل في ١ بطرس ٤:‏١٢‏:‏ «ايها الاحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لاجل امتحانكم كأنه اصابكم امر غريب.‏»‏

      لم يكن المذكورون اعلاه الوحيدين الذين سمحوا للكبرياء بأن تضعف ايمانهم.‏ لقد فعل ذلك آخرون ايضا،‏ بمن فيهم ألكسندر فْرايْتاڠ،‏ مدير مكتب الجمعية في جنيڤ،‏ سويسرا.‏ فقد اراد ان يلفت الانتباه الى نفسه،‏ وكان يضيف افكاره الخاصة عند ترجمة مطبوعات الجمعية بالفرنسية،‏ حتى انه استعمل تسهيلات الجمعية لنشر افكاره الخاصة.‏ وفي كندا كان هنالك و.‏ ف.‏ سولتر،‏ مدير فرع للجمعية بدأ بمعارضة مطبوعات الجمعية،‏ الذي اعلن انه كان يتوقع ان يكون الرئيسَ التالي لجمعية برج المراقبة،‏ وبعد ان طُرد استخدم بخداع رسائل تحمل في رأسها اسم الجمعية ليطلب من الجماعات في كندا والخارج ان يدرسوا المواد التي كتبها شخصيا.‏ وفي نَيجيريا كان هنالك،‏ بين آخرين،‏ جي.‏ م.‏ يوكولي،‏ الذي اظهر في بادئ الامر غيرة للحق ولكنه بعد ذلك ابتدأ يراه كوسيلة للربح المادي والشهرة الشخصية.‏ وفي ما بعد،‏ عندما أُحبطت اهدافه،‏ تحوَّل الى نقد الاخوة الامناء في الصحافة العامة.‏ وكان هنالك آخرون.‏

      وحتى في السنين الاخيرة،‏ اظهر بعض الافراد الذين كانوا يشغلون مراكز اشراف بارزة روحا مماثلة.‏

      طبعا،‏ كانت لدى هؤلاء الاشخاص بالتأكيد الحرية ليؤمنوا بما يختارون.‏ ولكنَّ الشخص الذي يؤيد علنا او سرا افكارا مختلفة عما يظهر في مطبوعات هيئة ما،‏ فاعلا ذلك فيما يدَّعي تمثيل هذه الهيئة،‏ يسبِّب الانشقاق.‏ فكيف تعامل شهود يهوه مع هذه الحالات؟‏

      لم يشنّوا حملة اضطهاد على اشخاص كهؤلاء (‏رغم ان المرتدّين كثيرا ما انهمكوا في اساءة معاملة اخوتهم الروحيين السابقين)‏،‏ ولا سعَوا الى ايذائهم جسديا (‏كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية بواسطة محكمة التفتيش)‏.‏ لكنهم اتَّبعوا نصيحة الرسول بولس الملهمة،‏ الذي كتب:‏ «لاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلَّمتموه وأعرضوا عنهم.‏ لأن مثل هؤلاء لا يخدمون ربنا يسوع المسيح .‏ .‏ .‏ وبالكلام الطيِّب والاقوال الحسنة يخدعون قلوب السلماء.‏» —‏ رومية ١٦:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏

      واذ لاحظ آخرون ما كان يحدث،‏ أُعطوا هم ايضا الفرصة ليظهروا ما في قلوبهم.‏

      آراء عقائدية بحاجة الى تمحيص

      يعترف شهود يهوه جهارا ان فهمهم لقصد اللّٰه خضع لتعديلات عديدة على مر السنين.‏ وواقع ان معرفة قصد اللّٰه تدريجية يعني انه يجب ان يكون هنالك تغيير.‏ ليس ان قصد اللّٰه يتغيَّر،‏ لكنَّ الانارة التي يمنحها باستمرار لخدامه تستلزم تعديلات في وجهة نظرهم.‏

      ومن الكتاب المقدس يشير الشهود الى ان ذلك صحَّ ايضا في خدام اللّٰه الامناء في الماضي.‏ فابرهيم كانت له علاقة وثيقة بيهوه؛‏ ولكن عندما ترك اور،‏ لم يعرف رجل الايمان هذا الارض التي كان اللّٰه يقوده اليها،‏ ولسنوات عديدة لم يكن متأكدا على الاطلاق من كيفية اتمام اللّٰه وعده ان يجعله امة عظيمة.‏ (‏تكوين ١٢:‏​١-‏٣؛‏ ١٥:‏٣؛‏ ١٧:‏​١٥-‏٢١؛‏ عبرانيين ١١:‏٨‏)‏ وكشف اللّٰه عن حقائق عديدة للانبياء،‏ ولكن كانت هنالك امور اخرى لم يفهموها آنذاك.‏ (‏دانيال ١٢:‏​٨،‏ ٩؛‏ ١ بطرس ١:‏​١٠-‏١٢‏)‏ وبشكل مماثل،‏ اوضح يسوع امورا كثيرة لرسله،‏ ولكن حتى عند نهاية حياته الارضية اخبرهم ان هنالك امورا عديدة ليتعلَّموها بعد.‏ (‏يوحنا ١٦:‏١٢‏)‏ وبعض هذه الامور،‏ كقصد اللّٰه ان يجلب الامم الى الجماعة،‏ لم يُفهم حتى رأى الرسل ما كان يحدث فعلا اتماما للنبوة.‏ —‏ اعمال ١١:‏​١-‏١٨‏.‏

      وكما يمكن توقعه،‏ عندما تطلَّبت التغييرات نبذ الافكار التي كانت عزيزة عليهم سابقا،‏ شكَّل ذلك امتحانا بالنسبة الى البعض.‏ وفضلا عن ذلك،‏ لم تأتِ كل التعديلات في الفهم دفعة واحدة.‏ وبسبب النقص،‏ هنالك احيانا ميل الى التطرف قبل ان يتبيَّن الوضع الصحيح.‏ وقد يستغرق ذلك وقتا.‏ وبعض الذين كانوا ميالين الى الانتقاد اعثرهم ذلك.‏ تأملوا في احد الامثلة:‏

      قديما في السنة ١٨٨٠ ناقشت مطبوعات برج المراقبة تفاصيل مختلفة تقترن بالعهد الابرهيمي،‏ عهد الناموس،‏ والعهد الجديد.‏ والعالم المسيحي كان قد نسي وعد اللّٰه بأنه في نسل ابرهيم ستتبارك جميع قبائل الارض.‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨‏)‏ ولكنَّ الاخ رصل كان مهتما جدا بفهم الطريقة التي سينجز بها اللّٰه ذلك.‏ واعتقد انه رأى في وصف الكتاب المقدس ليوم الكفَّارة اليهودي ادلة على كيفية انجاز ذلك في ما يتعلق بالعهد الجديد.‏ وفي السنة ١٩٠٧،‏ عندما نوقشت العهود نفسها ثانية،‏ وبتشديد خصوصي على دور الوارثين مع المسيح في جلب البركات المنبإ بها للجنس البشري في العهد الابراهيمي،‏ اثار بعض تلاميذ الكتاب المقدس اعتراضات قوية.‏

      في ذلك الوقت كانت هنالك بعض العقبات امام الفهم الواضح للامور.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس لم يكونوا قد فهموا بعدُ بشكل صحيح المركز الذي كان يشغله اسرائيل الطبيعي آنذاك في ما يتعلق بقصد اللّٰه.‏ ولم تُزَح هذه العقبة من الطريق الى ان صار واضحا على نحو شامل ان اليهود كشعب لم يكونوا مهتمين بأن يستخدمهم اللّٰه في اتمام كلمته النبوية.‏ والعقبة الاخرى كانت عجز تلاميذ الكتاب المقدس عن اثبات هوية ‹الجمع الكثير› لل‍رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠ بشكل صحيح.‏ ولم تتضح هذه الهوية الى ان بدأ فعلا الجمع الكثير بالظهور اتماما للنبوة.‏ وأولئك الذين انتقدوا الاخ رصل بقسوة لم يفهموا هذه الامور ايضا.‏

      ولكنَّ بعض الذين ادَّعوا انهم اخوة مسيحيون اتهموا برج المراقبة باطلا بأنها انكرت ان يسوع هو الوسيط بين اللّٰه والناس،‏ بأنها رفضت الفدية وأنكرت ضرورة وواقع الكفَّارة.‏ ولم يكن ايٌّ من ذلك صحيحا.‏ لكنَّ بعض الذين قالوا ذلك كانوا افرادا بارزين،‏ وقد اجتذبوا آخرين وراءهم كتلاميذ.‏ ربما كانوا على صواب في بعض التفاصيل التي علَّموها في ما يتعلق بالعهد الجديد،‏ ولكن هل بارك الرب ما كانوا يفعلونه؟‏ لوقت قصير عقد بعضهم اجتماعات،‏ لكنَّ فِرَقهم لم تستمر بعدئذ.‏

      وعلى سبيل التباين،‏ استمر تلاميذ الكتاب المقدس في الاشتراك في الكرازة بالبشارة،‏ كما امر يسوع تلاميذه.‏ وفي الوقت نفسه،‏ استمروا في درس كلمة اللّٰه وفي ترقُّب التطورات التي كانت ستلقي ضوءا على معناها.‏ وأخيرا،‏ في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ أُزيلت العقبات الرئيسية امام الفهم الواضح للعهود،‏ وظهرت عبارات مصحَّحة عن الموضوع في برج المراقبة والمطبوعات المتعلقة بها.‏d ويا للفرح الذي جلبه ذلك لاولئك الذين انتظروا بصبر!‏

      هل كانت توقعاتهم صحيحة؟‏

      في اوقات معيَّنة كانت لدى تلاميذ الكتاب المقدس آمال وتوقعات سخر منها النقَّاد.‏ إلا ان كل هذه الآمال والتوقعات نشأت من رغبة شديدة في رؤية اتمام ما ادرك المسيحيون الغيورون هؤلاء انه وعود اللّٰه التي لا تفشل.‏

      فمن درسهم الاسفار المقدسة الموحى بها عرفوا ان يهوه وعد ببركات لجميع امم الارض بواسطة نسل ابرهيم.‏ (‏تكوين ١٢:‏​١-‏٣؛‏ ٢٢:‏​١٥-‏١٨‏)‏ ورأوا في كلمة اللّٰه الوعد بأن ابن الانسان سيحكم كملك سماوي على كل الارض،‏ ان قطيعا صغيرا من الامناء سيؤخذ من الارض ليشترك معه في ملكوته،‏ وأن هؤلاء سيحكمون كملوك ألف سنة.‏ (‏دانيال ٧:‏​١٣،‏ ١٤؛‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ١٤:‏​١-‏٥؛‏ ٢٠:‏٦‏)‏ وعرفوا وعد يسوع بأنه سيرجع ويأخذ معه اولئك الذين أَعدَّ لهم مكانا في السماء.‏ (‏يوحنا ١٤:‏​١-‏٣‏)‏ وكانوا عارفين بالوعد ان المسيَّا سيختار ايضا بعضا من آبائه الامناء ليكونوا امراء في كل الارض.‏ (‏مزمور ٤٥:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ وأدركوا ان الاسفار المقدسة تنبئ بنهاية نظام الاشياء القديم الشرير وفهموا ان ذلك يقترن بقتال اليوم العظيم للّٰه القادر على كل شيء في هرمجدون.‏ (‏متى ٢٤:‏٣؛‏ رؤيا ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ وتأثروا بعمق بالآيات التي تظهر ان الارض خُلقت لتُسكن الى الابد،‏ ان الذين يعيشون عليها سيحصلون على السلام الحقيقي،‏ وأن كل الذين يمارسون الايمان بذبيحة يسوع البشرية الكاملة يمكنهم ان يتمتعوا بحياة ابدية في الفردوس.‏ —‏ اشعياء ٢:‏٤؛‏ ٤٥:‏١٨؛‏ لوقا ٢٣:‏​٤٢،‏ ٤٣؛‏ يوحنا ٣:‏١٦‏.‏

      كان من الطبيعي ان يتساءلوا متى وكيف ستحدث هذه الامور.‏ فهل زوَّدت الاسفار المقدسة الموحى بها اية ادلة؟‏

      اذ استعملوا جدول تواريخ الكتاب المقدس الذي عرضه اولا كريستوفر بووين من انكلترا،‏ اعتقدوا ان الـ‍ ٠٠٠‏,٦ سنة من التاريخ البشري انتهت في السنة ١٨٧٣،‏ انهم من ذلك الحين فصاعدا صاروا في فترة الالف سنة السابعة من التاريخ البشري،‏ وأنهم اقتربوا بالتأكيد من فجر العصر الالفي المنبإ به.‏ وسلسلة الكتب التي عُرفت بـ‍ الفجر الالفي (‏والتي سُمِّيت لاحقا بـ‍ دروس في الاسفار المقدسة‏)‏،‏ التي كتبها ت.‏ ت.‏ رصل،‏ لفتت الانتباه الى المعاني الضمنية لذلك بحسب ما فهمه تلاميذ الكتاب المقدس من الاسفار المقدسة.‏

      والشيء الآخر الذي جرت رؤيته كمؤشر معقول للوقت يتعلق بالترتيب الذي اسَّسه اللّٰه في اسرائيل القديمة لليوبيل،‏ سنة التحرير،‏ كل ٥٠ سنة.‏ وكان ذلك يأتي بعد سلسلة من سبع فترات مؤلفة من ٧ سنين،‏ ينتهي كل منها بسنة سبتية.‏ وفي اثناء سنة اليوبيل كان يُحرَّر العبيد العبرانيون وتُسترد ممتلكات الاراضي الموروثة التي بيعت.‏ (‏لاويين ٢٥:‏​٨-‏١٠‏)‏ والحسابات المؤسسة على هذه الدورة من السنين قادت الى الاستنتاج انه ربما ابتدأ اليوبيل الاعظم لكل الارض في خريف السنة ١٨٧٤،‏ ان الرب على ما يظهر رجع في تلك السنة وصار حاضرا بشكل غير منظور،‏ وأن «ازمنة رد كل شيء» قد حانت.‏ —‏ اعمال ٣:‏​١٩-‏٢١‏.‏

      وعلى اساس الافتراض ان حوادث القرن الاول يمكن ان تجد تناظرات في الحوادث ذات العلاقة لاحقا،‏ استنتجوا ايضا انه اذا ناظرت معمودية يسوع ومسحه في خريف السنة ٢٩ ب‌م ابتداء الحضور غير المنظور في السنة ١٨٧٤،‏ فحينئذ يشير ركوبه الى اورشليم كملك في ربيع السنة ٣٣ ب‌م الى ربيع السنة ١٨٧٨ بصفته الوقت الذي فيه يتسلَّم سلطته كملك سماوي.‏e واعتقدوا ايضا انهم سينالون مكافأتهم السماوية في ذلك الوقت.‏ وعندما لم يحدث ذلك،‏ استنتجوا انه بما ان أتباع يسوع الممسوحين سيشتركون معه في الملكوت،‏ فالقيامة الى الحياة الروحانية لاولئك الراقدين في الموت ابتدأت آنذاك.‏ واعتُقد ايضا ان نهاية رضى اللّٰه الخصوصي على اسرائيل الطبيعي حتى السنة ٣٦ ب‌م يمكن ان تشير الى السنة ١٨٨١ بصفتها الوقت الذي فيه تنتهي الفرصة الخصوصية للصيرورة جزءا من اسرائيل الروحي.‏f

      وفي المحاضرة «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا،‏» التي ألقاها ج.‏ ف.‏ رذرفورد في ٢١ آذار ١٩٢٠،‏ في هيپّودروم في مدينة نيويورك،‏ لُفت الانتباه الى السنة ١٩٢٥.‏ وعلى ايّ اساس اعتُقد انها ذات مغزى؟‏ في كراس صدر في تلك السنة عينها،‏ ١٩٢٠،‏ جرت الاشارة الى انه اذا حُسب ٧٠ يوبيلا كاملا من الوقت الذي فُهم انه التاريخ الذي دخلت فيه اسرائيل ارض الموعد (‏بدلا من الابتداء بعد اليوبيل المعهود الاخير قبل السبي البابلي ثم العدّ الى بداية سنة اليوبيل عند نهاية الدورة الـ‍ ٥٠)‏،‏ يمكن ان يشير ذلك الى السنة ١٩٢٥.‏ وعلى اساس ما قيل هناك كان كثيرون يأملون بأن الباقين من القطيع الصغير ربما ينالون مكافأتهم السماوية بحلول السنة ١٩٢٥.‏ وهذه السنة اقترنت ايضا بتوقعات تتعلق بقيامة خدام اللّٰه الامناء قبل المسيحية بهدف ان يخدموا على الارض كممثلين امراء للملكوت السماوي.‏ فاذا حدث ذلك فعلا،‏ يعني ان الجنس البشري دخل عصرا لا يعود فيه الموت سيِّدا،‏ والملايين الاحياء آنذاك يمكن ان يملكوا رجاء عدم الزوال ابدا من الارض.‏ فيا له من رجاء سعيد!‏ ورغم انهم كانوا على خطإ،‏ فقد اشتركوا فيه بشوق مع الآخرين.‏

      وفي ما بعد،‏ خلال السنوات من ١٩٣٥ الى ١٩٤٤،‏ اظهرت مراجعة للاطار الشامل لجدول تواريخ الكتاب المقدس ان الترجمة الركيكة للاعمال ١٣:‏​١٩،‏ ٢٠ في ترجمة الملك جيمس،‏g مع بعض العوامل الاخرى،‏ جعلت جدول التواريخ يخطئ بأكثر من قرن.‏h وهذا ادَّى لاحقا الى الفكرة —‏ التي تُذكر احيانا كشيء ممكن،‏ وأحيانا بأكثر تأكيد —‏ انه بما ان الالف السابع من التاريخ البشري يبدأ في السنة ١٩٧٥ فان الحوادث المقترنة بابتداء حكم المسيح الالفي يمكن ان تبدأ آنذاك.‏

      فهل تَبرهن ان معتقدات شهود يهوه في هذه الامور صحيحة؟‏ بالتأكيد لم يخطئوا في الاعتقاد ان اللّٰه سيتمِّم حتما ما وعد به.‏ ولكنَّ بعض حساباتهم الزمنية والتوقعات التي قرنوها بها سبَّبت خيبات امل كبيرة.‏

      عقب السنة ١٩٢٥ انخفض عدد حضور الاجتماعات بشكل مفاجئ في بعض الجماعات في فرنسا وسويسرا.‏ وثانية،‏ في السنة ١٩٧٥،‏ كانت هنالك خيبة امل عندما لم تتحقق التوقعات المتعلقة بابتداء العصر الالفي.‏ ونتيجة لذلك،‏ انسحب البعض من الهيئة.‏ وفُصل آخرون لأنهم كانوا يسعَون الى هدم ايمان العشراء.‏ لا شك ان خيبة الامل بسبب التاريخ كانت احد العوامل،‏ ولكن في بعض الحالات امتدت الجذور الى اعمق.‏ فبعض الافراد اعترضوا ايضا على ضرورة الاشتراك في الخدمة من بيت الى بيت.‏ ولم يختر بعض الاشخاص ان يتركوا الهيئة بهدوء؛‏ فصاروا عدائيين في مقاومة الهيئة التي كانوا مقترنين بها،‏ واستخدموا الصحافة العامة والتلفزيون لنشر افكارهم.‏ ومع ذلك،‏ كان عدد الذين ارتدّوا قليلا نسبيا.‏

      ورغم ان هذه الامتحانات ادَّت الى غربلة وأن البعض ولَّوا كالعُصافة عند تذرية القمح،‏ بقي الآخرون ثابتين.‏ ولماذا؟‏ في ما يتعلق باختباره الخاص وذاك الذي لآخرين في السنة ١٩٢٥،‏ اوضح جولز فايلِر:‏ «ان الذين وثقوا بيهوه بقوا راسخين واستمروا في نشاط كرازتهم.‏» لقد اعترفوا بأن خطأ قد ارتُكب لكنَّ كلمة اللّٰه لم تفشل في اية ناحية،‏ ولذلك لم يكن هنالك سبب ليجعلوا رجاءهم يضعف او ليتباطأوا في عمل توجيه الناس الى ملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏

      ان بعض التوقعات لم يتم،‏ لكنَّ ذلك لم يعنِ ان جدول تواريخ الكتاب المقدس عديم القيمة.‏ فالنبوة التي سجلها دانيال عن ظهور المسيَّا بعد ٦٩ اسبوعا من السنين من «خروج الامر لتجديد اورشليم وبنائها» تمَّت في الوقت المعيَّن،‏ في السنة ٢٩ ب‌م.‏i (‏دانيال ٩:‏​٢٤-‏٢٧‏)‏ وأشارت نبوة الكتاب المقدس ايضا الى السنة ١٩١٤.‏

      ١٩١٤ —‏ توقعات وحقيقة

      في السنة ١٨٧٦ كتب ت.‏ ت.‏ رصل اول مقالة من مقالات عديدة اشار فيها الى السنة ١٩١٤ بصفتها نهاية ازمنة الامم التي ذكرها يسوع المسيح.‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٤‏)‏ وفي المجلَّد الثاني من الفجر الالفي،‏ الذي صدر في السنة ١٨٨٩،‏ قدَّم الاخ رصل بأسلوب منطقي تفاصيل تمكِّن القرَّاء من ان يروا من الاسفار المقدسة الاساس لما قيل وأن يتحققوا ذلك لانفسهم.‏ وطوال فترة نحو اربعة عقود سبقت السنة ١٩١٤،‏ وزَّع تلاميذ الكتاب المقدس ملايين النسخ من المطبوعات التي تركِّز الانتباه على نهاية ازمنة الامم.‏ ان مطبوعات دينية اخرى قليلة تطرَّقت الى جدول تواريخ الكتاب المقدس الذي يشير الى السنة ١٩١٤،‏ ولكن ايّ فريق غير تلاميذ الكتاب المقدس استمروا في لفت الانتباه اليها امميا وعاشوا بطريقة تظهر انهم يؤمنون بأن ازمنة الامم ستنتهي في تلك السنة؟‏

      واذ اقتربت السنة ١٩١٤ ازدادت التوقعات.‏ فماذا كانت ستعني؟‏ في شهرية تلاميذ الكتاب المقدس (‏المجلَّد ٦،‏ العدد ١،‏ الصادر في وقت باكر من السنة ١٩١٤)‏ كتب الاخ رصل:‏ «اذا كان لدينا التاريخ والجدول الصحيحان،‏ فستنتهي ازمنة الامم في هذه السنة —‏ ١٩١٤.‏ وما هو المغزى؟‏ لا نعرف بالتأكيد.‏ وتوقعنا هو ان الحكم الفعلي للمسيَّا سيبدأ نحو وقت انتهاء الفترة التي مُنحت السلطة فيها للامم.‏ وتوقعنا،‏ سواء كنا على صواب او خطإ،‏ هو انه ستكون هنالك اظهارات رائعة للاحكام الالهية على جميع الاثمة،‏ وأن ذلك سيعني انهاء الكثير من مؤسسات الوقت الحاضر،‏ ان لم يكن كلها.‏» وشدَّد على انه لا يتوقع «نهاية العالم» في السنة ١٩١٤ وأن الارض باقية الى الابد،‏ لكنَّ نظام الاشياء الحاضر،‏ الذي يحكمه الشيطان،‏ سيزول.‏

      وفي عددها ١٥ تشرين الاول ١٩١٣ (‏بالانكليزية)‏،‏ ذكرت برج المراقبة:‏ «وفقا لافضل حساب للتواريخ يمكننا القيام به،‏ انه تقريبا هذا الوقت —‏ سواء كان تشرين الاول ١٩١٤ او لاحقا.‏ ودون ان نكون جازمين نتطلَّع الى حادثتين معيَّنتين:‏ (‏١)‏ انتهاء ازمنة الامم —‏ سيادة الامم في العالم —‏ و (‏٢)‏ الى تدشين ملكوت المسيَّا في العالم.‏»‏

      فكيف كان هذا سيحدث؟‏ لقد بدا معقولا لتلاميذ الكتاب المقدس آنذاك ان ذلك سيشمل تمجيد ايّ من الذين لا يزالون على الارض الذين اختارهم اللّٰه ليشتركوا في الملكوت السماوي مع المسيح.‏ ولكن كيف شعروا عندما لم يحدث ذلك في السنة ١٩١٤؟‏ ذكرت برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏:‏ «نؤمن بأن التواريخ تبرهنت صحتها تماما.‏ ونؤمن بأن ازمنة الامم قد انتهت.‏» ولكنها اضافت بصراحة:‏ «لم يقل الرب ان الكنيسة ستكون كلها ممجَّدة بحلول السنة ١٩١٤.‏ لقد استنتجنا ذلك فقط،‏ ومن الواضح اننا اخطأنا.‏»‏

      وفي هذا كانوا الى حد ما يشبهون رسل يسوع.‏ فالرسل عرفوا واعتقدوا انهم يؤمنون بالنبوات عن ملكوت اللّٰه.‏ ولكن كانت لديهم في اوقات مختلفة توقعات خاطئة تتعلق بكيفية ووقت اتمامها.‏ وهذا ادَّى الى الخيبة من جهة البعض.‏ —‏ لوقا ١٩:‏​١١؛‏ ٢٤:‏​١٩-‏٢٤؛‏ اعمال ١:‏٦‏.‏

      عندما انقضى تشرين الاول ١٩١٤ دون التغيير المتوقَّع الى الحياة السماوية،‏ عرف الاخ رصل انه سيكون هنالك فحص مهم للقلب.‏ وفي برج المراقبة عدد ١ تشرين الثاني ١٩١٤ (‏بالانكليزية)‏ كتب:‏ «دعونا نتذكر اننا في فترة امتحان.‏ وقد اختبر الرسل وقتا مماثلا في الفترة بين موت ربنا ويوم الخمسين.‏ فبعد قيامة ربنا ظهر لتلاميذه عدة مرات،‏ ثم لم يروه اياما عديدة.‏ فتثبطوا وقالوا،‏ ‹لا فائدة من الانتظار›؛‏ ‹انا اذهب لأتصيَّد،‏› قال احدهم.‏ فقال اثنان آخران،‏ ‹نذهب معك.‏› وكانوا على وشك الشروع في مهنة الصيد وترك عمل صيد الناس.‏ كان هذا وقت امتحان للتلاميذ.‏ ولذلك هنالك الآن ايضا وقت امتحان.‏ واذا كان هنالك ايّ سبب يقود احدا الى ترك الرب وحقه والى التوقف عن التضحية من اجل قضية الرب،‏ فحينئذ لا يكون مجرد محبة اللّٰه في القلب ما حثَّ على الاهتمام بالرب،‏ بل شيء آخر؛‏ وربما الرجاء بأن الوقت قصير؛‏ فالتكريس كان لوقت محدَّد فقط.‏»‏

      على ما يظهر،‏ هكذا كانت الحال مع البعض.‏ فأفكارهم ورغباتهم كانت مركَّزة بصورة رئيسية على رجاء التغيُّر الى الحياة السماوية.‏ وعندما لم يحدث ذلك في الوقت المتوقَّع،‏ اغلقوا اذهانهم عن مغزى الامور المدهشة التي حدثت في السنة ١٩١٤.‏ ونسوا كل الحقائق الثمينة التي تعلَّموها من كلمة اللّٰه،‏ وابتدأوا يسخرون من الاشخاص الذين ساعدوهم على تعلُّمها.‏

      وبتواضع،‏ فحص تلاميذ الكتاب المقدس الاسفار المقدسة ثانية لجعل كلمة اللّٰه تعدِّل نظرتهم.‏ ولم يتغير اقتناعهم بأن ازمنة الامم انتهت في السنة ١٩١٤.‏ وتدريجيا صاروا يفهمون بأكثر وضوح كيف بدأ الملكوت المسيَّاني —‏ أنه تأسس في السماء عندما منح يهوه السلطة ليسوع المسيح،‏ ابنه؛‏ وأيضا،‏ أن هذا لم يكن لينتظر حتى يُقام الوارثون مع يسوع الى الحياة السماوية،‏ بل أن تمجيدهم معه سيحدث لاحقا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ صاروا يفهمون ان انتشار تأثير الملكوت لا يتطلَّب ان يُقام اولا الانبياء الامناء القُدامى،‏ بل ان الملك سيستخدم مسيحيين اولياء يعيشون الآن كممثلين له ليضعوا امام الناس من جميع الامم فرصة العيش الى الابد كرعايا ارضيين للملكوت.‏

      واذ انفتحت هذه الصورة الرائعة امام اعينهم،‏ نتج امتحان وغربلة اضافيان.‏ لكنَّ الذين احبوا يهوه حقا وسُروا بخدمته كانوا شاكرين جدا على امتيازات الخدمة التي أُتيحت لهم.‏ —‏ رؤيا ٣:‏​٧،‏ ٨‏.‏

      وأحد هؤلاء كان أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان.‏ كتب لاحقا:‏ «رغم ان توقعاتنا بشأن اخذنا الى السماء لم تتم في السنة ١٩١٤،‏ شهدت تلك السنة نهاية ازمنة الامم .‏ .‏ .‏ لم ننزعج بشكل خصوصي لانه لم يحدث كل شيء كما توقعنا،‏ لأننا كنا مشغولين جدا بعمل الرواية المصوَّرة وبالمشاكل التي سبَّبتها الحرب.‏» لقد بقي مشغولا بخدمة يهوه وابتهج برؤية عدد المنادين بالملكوت يزداد الى اكثر من مليون خلال مدة حياته.‏

      واذ نظر الى الوراء الى اختباراته خلال ٦٦ سنة مع الهيئة،‏ قال:‏ «لقد رأيت محنا قاسية كثيرة تأتي على الهيئة وامتحانات لايمان الذين فيها.‏ وبمساعدة روح اللّٰه نجت واستمرت في الازدهار.‏» وفي ما يتعلق بالتعديلات للفهم في هذه الاثناء،‏ اضاف:‏ «بقيت الحقائق الاساسية التي تعلَّمناها من الاسفار المقدسة هي نفسها.‏ ولذلك تعلَّمت انه يجب ان نعترف بأخطائنا ونستمر في البحث في كلمة اللّٰه من اجل مزيد من الانارة.‏ ومهما كانت التعديلات التي يجب ان نقوم بها في آرائنا من وقت الى آخر،‏ لا يغيِّر ذلك تدبير الفدية الرحيم ووعد اللّٰه بالحياة الابدية.‏»‏

      وخلال مدة حياته رأى الاخ ماكميلان انه،‏ بين القضايا التي انتجت امتحانات الايمان،‏ كانت الرغبة في الشهادة والتقدير للهيئة الثيوقراطية امرين اظهرا حقا ما في قلوب الافراد.‏ وكيف ذلك؟‏

      خدمة الحقل والتنظيم يصيران قضيتين

      ابتداء من عددها الاول،‏ وبتشديد متزايد بعد ذلك،‏ حثَّت برج مراقبة زيون كل مسيحي حقيقي على اخبار الآخرين بالحق.‏ وبعد ذلك جرى تشجيع قرَّاء برج المراقبة تكرارا على تقدير امتيازهم ومسؤوليتهم ان ينادوا بالبشارة للآخرين.‏ فاشترك كثيرون بطرائق محدودة،‏ ولكنَّ قليلين نسبيا كانوا في طليعة العمل،‏ يزورون الناس من بيت الى بيت لمنح كل شخص فرصة سماع رسالة الملكوت.‏

      ولكن ابتداء من السنة ١٩١٩،‏ صار الاشتراك في خدمة الحقل مسألة بارزة اكثر.‏ وشدَّد الاخ رذرفورد بقوة على ذلك في محاضرة في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في تلك السنة.‏ وفي كل جماعة من الجماعات التي طلبت من الجمعية ان تنظِّمها للخدمة،‏ كانت تُصنع الترتيبات من اجل مدير للخدمة تعيِّنه الجمعية للاعتناء بالعمل.‏ وكان يجب ان يأخذ القيادة هو نفسه ويتأكد ان الجماعة لديها المخزون اللازم.‏

      وفي السنة ١٩٢٢ نشرت برج المراقبة مقالة بعنوان «الخدمة اساسية.‏» فأشارت الى حاجة الناس الملحة الى سماع بشارة الملكوت،‏ وجَّهت الانتباه الى وصية يسوع النبوية في متى ٢٤:‏١٤‏،‏ وقالت للشيوخ في الجماعات:‏ «لا يفكر احد انه بسبب كونه شيخا في الصف [الجماعة] يجب ان تتألف كل خدمته من الكرازة بكلمة الفم.‏ فاذا سنحت له فرص الذهاب بين الناس ووضع الرسالة المطبوعة بين ايديهم،‏ فذلك امتياز عظيم وهو كرازة بالانجيل اكثر فعَّالية في الغالب من اية طريقة اخرى للكرازة به.‏» ثم سألت المقالة:‏ «هل يمكن لأيّ شخص مكرَّس حقا للرب ان يبرِّر نفسه او نفسها في التكاسل في هذا الوقت؟‏»‏

      لقد احجم البعض.‏ فأثاروا كل انواع الاعتراضات.‏ ولم يعتقدوا انه من المناسب «بيع الكتب،‏» رغم ان العمل لم يكن من اجل الربح ورغم انهم،‏ بواسطة هذه المطبوعات نفسها،‏ كانوا قد تعلَّموا الحق عن ملكوت اللّٰه.‏ وعندما جرى التشجيع على الشهادة بالكتب من بيت الى بيت يوم الاحد،‏ ابتداء من السنة ١٩٢٦،‏ احتجَّ البعض على ذلك،‏ رغم ان الاحد هو اليوم الذي يخصصه عادةً كثيرون من الناس للعبادة.‏ والمشكلة الاساسية كانت انهم شعروا بأن الكرازة من بيت الى بيت تقلِّل من كرامتهم.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يقول بوضوح ان يسوع ارسل تلاميذه الى بيوت الناس ليكرزوا،‏ والرسول بولس كرز «جهرا ومن بيت الى بيت.‏» —‏ اعمال ٢٠:‏٢٠‏،‏ ع‌ج‏؛‏ متى ١٠:‏​٥-‏١٤‏.‏

      واذ ازداد التشديد على خدمة الحقل،‏ انسحب تدريجيا اولئك الذين لم تدفعهم قلوبهم الى الاقتداء بيسوع ورسله كشهود.‏ وفي جماعة سكيڤه في الدنمارك،‏ وفي بعض الجماعات الاخرى،‏ انخفض العدد الى النصف تقريبا.‏ وبقي من المئة شخص او نحو ذلك،‏ المقترنين بجماعة دَبلن في ايرلندا،‏ اربعة فقط.‏ وكان هنالك امتحان وغربلة مماثلان في الولايات المتحدة،‏ كندا،‏ النَّروج،‏ وبلدان اخرى.‏ فأدَّى ذلك الى تطهير الجماعات.‏

      ان الذين ارادوا حقا ان يقتدوا بابن اللّٰه تجاوبوا بشكل مؤاتٍ مع التشجيع من الاسفار المقدسة.‏ لكنَّ رغبتهم لم تسهِّل عليهم بالضرورة ان يبتدئوا بالذهاب من بيت الى بيت.‏ فقد وجد البعض صعوبة في الابتداء.‏ إلا ان ترتيبات شهادة الفرق ومحافل الخدمة الخصوصية كانت تشجيعا لهم.‏ وطالما تذكَّرت اختان في جوتلَند الشمالية،‏ في الدنمارك،‏ يومهما الاول في خدمة الحقل.‏ فقد اجتمعتا مع الفريق،‏ سمعتا الارشادات،‏ انطلقتا الى مقاطعتهما،‏ ولكنهما بعدئذ بدأتا بالبكاء.‏ فرأى اثنان من الاخوة ما يحدث ودعَوَا الاختين الى العمل معهما.‏ وسرعان ما اشرق وجههما ثانية.‏ وبعد تذوق خدمة الحقل،‏ امتلأت الاكثرية فرحا وكانوا متحمسين لفعل المزيد.‏

      ثم،‏ في السنة ١٩٣٢،‏ احتوت برج المراقبة على مقالة من جزءين بعنوان «هيئة يهوه.‏» (‏عددا ١٥ آب و ١ ايلول،‏ بالانكليزية)‏ وهذه اظهرت ان المركز الانتخابي للشيخ في الجماعات لم يكن مؤسسا على الاسفار المقدسة.‏ وجرى حثّ الجماعات ان لا تستخدم في مراكز المسؤولية إلا رجالا نشاطى في خدمة الحقل،‏ رجالا يحيون وفق المسؤولية التي يدل عليها الاسم شهود يهوه.‏ وهؤلاء كان عليهم ان يعملوا كلجنة خدمة.‏ وكان واحد منهم،‏ موصى به من الجماعة،‏ تعيِّنه الجمعية ليكون مدير الخدمة.‏ وفي بلفاست،‏ ايرلندا،‏ ادَّى ذلك الى غربلة المزيد من اولئك الذين كانوا يرغبون في الشهرة الشخصية بدلا من الخدمة المتواضعة.‏

      وبحلول اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ انسحب من الجماعات في المانيا معظم الذين كانوا يحاولون التثبيط عن خدمة الحقل.‏ وانسحب آخرون بخوف عندما حُظر العمل في السنة ١٩٣٣ في ولايات عديدة في المانيا.‏ لكنَّ آلافا احتملوا امتحانات الايمان هذه وأظهروا انهم على استعداد للكرازة بصرف النظر عن الخطر المشمول.‏

      نالت المناداة بالملكوت زخما في كل انحاء الارض.‏ وصارت خدمة الحقل جزءا مهما من حياة جميع شهود يهوه.‏ مثلا،‏ كانت الجماعة في أوسلو،‏ النَّروج،‏ تستأجر باصات في نهايات الاسابيع لنقل الناشرين الى المدن المجاورة.‏ فكانوا يلتقون باكرا في الصباح،‏ يصلون الى مقاطعتهم بحلول الساعة التاسعة او العاشرة،‏ يعملون باجتهاد في خدمة الحقل سبع او ثماني ساعات،‏ ثم ينضمون الى فريق الباصات من اجل رحلة عودتهم الى البيت.‏ وكان آخرون يذهبون الى المناطق الريفية بالدرَّاجة،‏ مع حقائب الكتب وعلب كرتونية ممتلئة مخزونات اضافية.‏ لقد كان شهود يهوه سعداء،‏ غيورين،‏ ومتحدين في فعل مشيئة اللّٰه.‏

      في السنة ١٩٣٨،‏ عندما مُنح الانتباه ثانية لتعيين رجال مسؤولين في الجماعات،‏j رُحِّب عموما بإلغاء كل الانتخابات المحلية للخدام.‏ وأصدرت الجماعات بسرور قرارات تظهر التقدير للهيئة الثيوقراطية وتطلب من «الجمعية» (‏التي فهموا انها تعني البقية الممسوحة،‏ او العبد الامين الحكيم)‏ ان تنظِّم الجماعة للخدمة وتعيِّن جميع الخدام.‏ وبعد ذلك شرعت الهيئة الحاكمة المنظورة في القيام بالتعيينات اللازمة وفي تنظيم الجماعات من اجل نشاط موحَّد ومثمر.‏ وفرق قليلة فقط احجمت وانسحبت من الهيئة في هذه المرحلة.‏

      موقوفة فقط لنشر رسالة الملكوت

      لكي تستمر الهيئة في نيل رضى يهوه،‏ يجب ان تكون موقوفة بشكل مطلق للعمل الذي تأمر به كلمته لايامنا.‏ وهذا العمل هو الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ ولكن كانت هنالك حالات قليلة حاول فيها ايضا افراد كانوا يعملون باجتهاد في التعاون مع الهيئة ان يستخدموها لترويج مساعٍ تميل الى تحويل عشرائهم الى نشاطات اخرى.‏ وعندما وُبِّخوا،‏ كان ذلك امتحانا لهم،‏ وخصوصا عندما شعروا بأن دوافعهم كانت نبيلة.‏

      حدث ذلك في فنلندا خلال السنة ١٩١٥ حين اسس بعض الاخوة جمعية تعاونية تدعى اراراط واستخدموا اعمدة الطبعة الفنلندية من برج المراقبة لحثّ قرَّائها على الانضمام الى هذه الجمعية التجارية.‏ والشخص الذي بدأ هذا النشاط في فنلندا تجاوب بتواضع عندما اوضح الاخ رصل انه هو وعشراءه كانوا يسمحون لأنفسهم «بالانحراف عن عمل البشارة المهم.‏» إلا ان الكبرياء منعت اخا آخر،‏ اخا كان نشيطا في خدمة يهوه لأكثر من عقد في النَّروج،‏ من قبول المشورة نفسها.‏

      وخلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ نشأت في الولايات المتحدة مشكلة مماثلة الى حد ما.‏ فكانت عدة جماعات تصدر نشراتها الشهرية الخاصة لارشادات الخدمة،‏ التي شملت مذكِّرات من النشرة التي للجمعية وكذلك اختبارات وبرنامجها المحلي لترتيبات الخدمة.‏ وإحدى هذه النشرات التي صدرت في بلتيمور،‏ ماريلند،‏ قدَّمت دعما حماسيا لنشاط الكرازة ولكنها كانت ايضا تُستخدم لترويج بعض المشاريع التجارية.‏ وفي بادئ الامر وافق الاخ رذرفورد ضمنيا على بعضها.‏ ولكن عندما جرى ادراك ما يمكن ان يتطور من التورط في مشاريع كهذه،‏ ذكرت برج المراقبة ان الجمعية لا توافق عليها.‏ فشكَّل ذلك امتحانا شخصيا قاسيا لأَنطُن كوربر،‏ لأنه كان يريد بهذه الوسائل ان يساعد اخوته.‏ ولكن،‏ على مر الوقت،‏ استخدم ثانية قدراته كاملا لترويج عمل الكرازة الذي يقوم به شهود يهوه.‏

      ونشأت مشكلة ذات علاقة في اوستراليا ابتداء من السنة ١٩٣٨ وازدادت حدتها خلال الحظر على الجمعية (‏كانون الثاني ١٩٤١ الى حزيران ١٩٤٣)‏.‏ فللاهتمام بما بدا في ذلك الوقت حاجات ماسة،‏ انهمك مكتب فرع الجمعية مباشرة في نشاطات تجارية متنوعة.‏ وهكذا ارتُكب خطأ كبير.‏ فكانت لديهم مناشر،‏ اكثر من ٢٠ «مزرعة للملكوت،‏» شركة هندسة،‏ مخبز،‏ ومشاريع اخرى.‏ لقد زوَّدت مطبعتان تجاريتان تغطية لانتاج مستمر لمطبوعات الجمعية في اثناء الحظر.‏ إلا ان بعض عملياتهم التجارية جعلتهم يتورطون في انتهاكات للحياد المسيحي،‏ وكان العمل يجري بحجة تزويد المال ودعم الفاتحين في اثناء الحظر.‏ ولكنَّ ضمائر البعض انزعجت بعمق.‏ ورغم ان الاغلبية بقيت مع الهيئة،‏ حلَّ ركود عام في عمل المناداة بالملكوت.‏ فماذا كان يمنع بركة يهوه؟‏

      عندما رُفع الحظر عن العمل في حزيران ١٩٤٣،‏ ادرك الاخوة في مكتب الفرع آنذاك ان هذه المشاريع يجب التخلص منها من اجل التركيز على الكرازة بالملكوت الكلية الاهمية.‏ وفي مدة ثلاث سنوات أُنجز ذلك،‏ وخُفضت عائلة البتل الى حجم عادي.‏ ولكن كان من الضروري بعدُ ازالة الشكوك،‏ وبالتالي ردّ الثقة التامة بالهيئة.‏

      زار ناثان ه‍.‏ نور،‏ رئيس الجمعية،‏ وأمين سره م.‏ ج.‏ هنشل اوستراليا في السنة ١٩٤٧ ليعالجا بشكل خصوصي هذه الحالة.‏ وفي تقرير عن القضية قالت برج المراقبة عدد ١ حزيران ١٩٤٧ (‏بالانكليزية)‏ عن النشاط التجاري الذي جرت مزاولته:‏ «ان القضية ذات العلاقة لم تكن العمل الدنيوي اليومي للاخوة المنهمكين في تحصيل المعيشة،‏ بل كانت واقع ان مكتب فرع الجمعية كان قد حصل على انواع مختلفة من الصناعات ودعا الناشرين من كل انحاء البلد،‏ وخصوصا الفاتحين،‏ الى العمل في هذه الصناعات بدلا من الكرازة بالانجيل.‏» حتى ان ذلك ادَّى الى تورط غير مباشر في المجهود الحربي.‏ وفي المحافل في كلٍّ من العواصم الاقليمية،‏ تكلَّم الاخ نور بصراحة الى الاخوة عن الحالة.‏ وفي كل محفل جرى تبنّي قرار اعترف فيه الاخوة الاوستراليون بخطئهم وطلبوا رحمة يهوه وغفرانه بواسطة يسوع المسيح.‏ وهكذا كان يلزم الحذر ومواجهة الامتحانات لكي تبقى الهيئة موقوفة فقط لنشر رسالة ملكوت اللّٰه.‏

      واذ يراجع شهود يهوه تاريخهم العصري،‏ يرون الدليل على ان يهوه كان ينقِّي حقا شعبه.‏ (‏ملاخي ٣:‏​١-‏٣‏)‏ فالمواقف،‏ المعتقدات،‏ والممارسات الخاطئة أُزيلت تدريجيا،‏ والاشخاص الذين اختاروا التمسك بها ذهبوا معها.‏ وأولئك الذين بقوا ليسوا اشخاصا مستعدين ليسايروا على حق الكتاب المقدس لكي يتكيفوا وفق الفلسفة البشرية.‏ وهم ليسوا أتباعا للناس ولكنهم خدام موقوفون ليهوه اللّٰه.‏ وهم يتجاوبون بسرور مع توجيه الهيئة لأنهم يرون الدليل الواضح على انها ليهوه.‏ ويفرحون بنور الحق المتزايد.‏ (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ وافراديا يعتبرونه امتيازا عظيما ان يكونوا شهودا نشاطى ليهوه،‏ منادين بملكوت اللّٰه.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ طبعة اضافية،‏ عدد ٢٥ نيسان ١٨٩٤،‏ ص ١٠٢-‏١٠٤ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b في ما يتعلق بالثالوث،‏ انظروا دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة،‏ المجلَّد ١٤،‏ ١٩٦٧،‏ الصفحة ٢٩٩؛‏ قاموس الكتاب المقدس،‏ بواسطة ج.‏ ل.‏ ماكنزي،‏ س.‏ ج.‏،‏ ١٩٦٥،‏ الصفحة ٨٩٩؛‏ القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد،‏ المجلَّد ٢،‏ ١٩٧٦،‏ الصفحة ٨٤.‏ وفي ما يتعلق بالنفس،‏ انظروا دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة،‏ المجلَّد ١٣،‏ ١٩٦٧،‏ الصفحات ٤٤٩،‏ ٤٥٠،‏ ٤٥٢،‏ ٤٥٤؛‏ قاموس وستمنستر الجديد للكتاب المقدس،‏ حرَّره ه‍.‏ س.‏ ڠايمَن،‏ ١٩٧٠،‏ الصفحة ٩٠١؛‏ الكتاب المقدس للمفسِّر،‏ المجلَّد ١،‏ ١٩٥٢،‏ الصفحة ٢٣٠؛‏ تعليق پيك على الكتاب المقدس،‏ حرَّره م.‏ بلاك و ه‍.‏ ه‍.‏ رولي،‏ ١٩٦٢،‏ الصفحة ٤١٦.‏

      c بحسب الاخ رصل،‏ كانت زوجته،‏ التي تركته لاحقا،‏ اول مَن طبَّق متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧ عليه.‏ انظروا اعداد برج المراقبة (‏بالانكليزية)‏ ١٥ تموز ١٩٠٦،‏ الصفحة ٢١٥؛‏ ١ آذار ١٨٩٦،‏ الصفحة ٤٧؛‏ و ١٥ حزيران ١٨٩٦،‏ الصفحتين ١٣٩،‏ ١٤٠.‏

      d التبرئة،‏ المجلَّد الثاني،‏ ص ٢٥٨،‏ ٢٥٩،‏ ٢٦٨،‏ ٢٦٩؛‏ برج المراقبة (‏بالانكليزية)‏،‏ ١ نيسان ١٩٣٤،‏ ص ٩٩-‏١٠٦؛‏ ١٥ نيسان ١٩٣٤،‏ ص ١١٥-‏١٢٢؛‏ ١ آب ١٩٣٥،‏ ص ٢٢٧-‏٢٣٧.‏

      e أما ان السنة ١٨٧٨ كانت ذات مغزى فبدا انه امر تعززه الاشارة الى ارميا ١٦:‏١٨ (‏‹ضعفَي يعقوب›)‏ مع الحسابات التي تدل ان ٨٤٥‏,١ سنة قد انقضت كما يظهر من موت يعقوب حتى السنة ٣٣ ب‌م،‏ عندما رُفض اسرائيل الطبيعي،‏ وأن ضعف ذلك يمتد من السنة ٣٣ ب‌م حتى السنة ١٨٧٨.‏

      f وفي التوسع في التناظرات اكثر،‏ ذُكر ان دمار اورشليم في السنة ٧٠ ب‌م (‏بعد ٣٧ سنة من ترحيب تلاميذ يسوع به ملكا عندما ركب الى اورشليم)‏ يمكن ان يشير الى السنة ١٩١٥ (‏بعد ٣٧ سنة من السنة ١٨٧٨)‏ كوقت يصل فيه الى الذروة الاضطراب الفوضوي الذي اعتقدوا ان اللّٰه سيسمح به كوسيلة لانهاء مؤسسات العالم الموجودة.‏ وظهر هذا التاريخ في الطبعات الثانية من دروس في الاسفار المقدسة.‏ (‏انظروا المجلَّد ٢،‏ الصفحات ٩٩-‏١٠١،‏ ١٧١،‏ ٢٢١،‏ ٢٣٢،‏ ٢٤٦،‏ ٢٤٧؛‏ قارنوا طبعة ١٩١٤ الثانية بالطبعات الابكر،‏ كطبعة ١٩٠٢ من الفجر الالفي.‏‏)‏ لقد بدا لهم ان ذلك يتلاءم جيدا مع ما نُشر عن السنة ١٩١٤ كسنة تسم نهاية ازمنة الامم.‏

      g قارنوا النقل في الترجمة المؤكَّدة،‏ ترجمها ج.‏ ب.‏ رذرهام؛‏ انظروا ايضا حاشية اعمال ١٣:‏٢٠ في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة —‏ بشواهد.‏

      h انظروا ‏«الحق يحرركم،‏»‏ الفصل ١١؛‏ ‏«الملكوت قريب،‏»‏ الصفحات ١٧١-‏١٧٥؛‏ ايضا العصر الذهبي،‏ ٢٧ آذار ١٩٣٥،‏ الصفحتين ٣٩١،‏ ٤١٢ (‏بالانكليزية)‏.‏ في ضوء هذه الجداول المصحَّحة لتواريخ الكتاب المقدس يمكن التأكد ان الاستعمال السابق للتاريخين ١٨٧٣ و ١٨٧٨ وكذلك التواريخ ذات العلاقة المستمدّة منهما على اساس التناظرات مع حوادث القرن الاول،‏ كانت مؤسسة على سوء فهم.‏

      i انظروا بصيرة في الاسفار المقدسة،‏ المجلَّد ٢،‏ الصفحات ٨٩٩-‏٩٠٤.‏

      j انظروا الفصل ١٥،‏ «تطوُّر بنية الهيئة.‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦١٩]‏

      الامتحان والغربلة لم يكونا شيئا مدهشا

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢١]‏

      ‏«يرفضون ان يُبعَدوا عن كلمة الرب»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٣]‏

      ‏«لا نريد اجلالا ولا توقيرا لانفسنا او لكتاباتنا»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٤]‏

      ‏«لا يزال اللّٰه يدير دفة الامور»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٦]‏

      ‏«العبد الامين الحكيم» لم يغب عن المسرح عندما مات الاخ رصل

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٧]‏

      محاولة خبيثة لافساد اذهان الآخرين

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٨]‏

      سمح البعض للكبرياء بأن تضعف ايمانهم

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٢٩]‏

      ‏«لاحظوا الذين يصنعون الشقاقات .‏ .‏ .‏ وأعرضوا عنهم»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٣٠]‏

      اتهم البعض «برج المراقبة» باطلا بأنها رفضت الفدية

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٣٥]‏

      ‏«لقد استنتجنا ذلك فقط،‏ ومن الواضح اننا اخطأنا»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٣٦]‏

      الذين احبوا يهوه حقا كانوا شاكرين على امتيازات الخدمة التي أُتيحت لهم

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٣٨]‏

      ‏«هل يمكن لأيّ شخص مكرَّس حقا للرب ان يبرِّر نفسه او نفسها في التكاسل في هذا الوقت؟‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٤١]‏

      المواقف،‏ المعتقدات،‏ والممارسات الخاطئة أُزيلت تدريجيا

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٦٢٢]‏

      و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ

      في السنة ١٩١٦،‏ اعلن و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ:‏ «ان هذا العمل العالمي النطاق العظيم ليس عمل شخص واحد.‏ .‏ .‏ .‏ انه عمل اللّٰه.‏» ورغم انه رأى آخرين يرتدّون،‏ بقي ثابتا في هذا الاقتناع حتى موته في السنة ١٩٤٧،‏ بعمر ٨٣ سنة.‏

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٦٣٢]‏

      جولز فايلِر

      عندما كان شابا،‏ رأى جولز فايلِر امتحانات قاسية للايمان.‏ وبعض الجماعات في سويسرا تضاءلت الى نصف حجمها السابق او اقل.‏ ولكنه كتب لاحقا:‏ «ان الذين وثقوا بيهوه بقوا راسخين واستمروا في نشاط كرازتهم.‏» والاخ فايلِر كان مصمِّما على ذلك ايضا،‏ وكانت النتيجة انه تمتع حتى السنة ١٩٩٢ بـ‍ ٦٨ سنة من خدمة البتل.‏

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٦٣٤]‏

      ك.‏ ج.‏ وودوَرث

      كتب ك.‏ ج.‏ وودوَرث الى شخص تخلّى عن خدمة يهوه لأن أتباع يسوع المسيح الممسوحين لم يؤخذوا الى السماء في السنة ١٩١٤ ما يلي:‏

      «منذ عشرين سنة كنا نؤمن انت وأنا بمعمودية الاطفال؛‏ بالحق الالهي لرجال الدين في ادارة هذه المعمودية؛‏ بأن المعمودية ضرورية للنجاة من العذاب الابدي؛‏ بأن اللّٰه محبة؛‏ بأن اللّٰه خلق ويستمر في خلق بلايين الكائنات على صورته الذين سيقضون عصور الابدية التي لا تُحصى في الدخان الخانق للكبريت المشتعل،‏ ملتمسين عبثا نقطة ماء واحدة لتخفيف آلامهم المبرِّحة .‏ .‏ .‏

      «كنا نعتقد ان الانسان بعد ان يموت يبقى حيا؛‏ وكنا نعتقد ان يسوع المسيح لم يمت قط؛‏ انه لا يمكن ان يموت؛‏ انه لم تُدفع فدية قط او لن تُدفع ابدا؛‏ ان يهوه اللّٰه والمسيح يسوع ابنه هما واحد والشخص نفسه؛‏ ان المسيح هو ابوه؛‏ ان يسوع هو ابنه؛‏ ان الروح القدس هو شخص؛‏ ان واحدا زائدا واحدا،‏ زائدا واحدا،‏ يساوي واحدا؛‏ انه عندما عُلِّق يسوع على الصليب وقال،‏ ‹الهي الهي لماذا تركتني،‏› كان يتحدث الى نفسه؛‏ .‏ .‏ .‏ ان الممالك الحاضرة هي جزء من ملكوت المسيح؛‏ ان ابليس بعيد في مكان ما في هاوية غير محدَّدة الموقع،‏ بدلا من ممارسة السيطرة على ممالك هذه الارض .‏ .‏ .‏

      «احمد اللّٰه على اليوم الذي اتى فيه الحق الى بابي.‏ لقد كان مفيدا جدا،‏ منعشا جدا للعقل والقلب،‏ حتى انني تركت سريعا خداع وهراء الماضي واستخدمني اللّٰه لأفتح عينيك العمياوين ايضا.‏ لقد فرحنا بالحق معا،‏ عاملَين جنبا الى جنب طوال خمس عشرة سنة.‏ وأكرمك الرب كثيرا كمتحدث باسمه؛‏ ولم اعرف قط شخصا مثلك قادرا على جعل حماقات بابل تبدو سخيفة الى هذا الحد.‏ وتسأل في رسالتك،‏ ‹ماذا بعد ذلك؟‏› هنا يأتي الجانب المحزن!‏ بعد ذلك تسمح لقلبك بأن يصير مغتاظا على الذي جلبتْ اعمال محبته وبركته من العلاء الحق لقلبي وقلبك.‏ فانسحبتَ،‏ وأخذتَ معك عدة خراف .‏ .‏ .‏

      «لعلي ابدو سخيفا لك لأني لم اذهب الى السماء في ١ تشرين الاول ١٩١٤،‏ ولكنك لا تبدو سخيفا لي —‏ ابدا!‏

      «فيما تتلوّى عشر من اعظم الدول من ألم موتها،‏ يبدو لي انه وقت غير مناسب خصوصا لتسخر من الرجل،‏ والرجل الوحيد،‏ الذي علَّم طوال اربعين سنة ان ازمنة الامم ستنتهي في السنة ١٩١٤.‏»‏

      لم يتزعزع ايمان الاخ وودوَرث عندما لم تحدث الامور في السنة ١٩١٤ كما جرى التوقع.‏ فقد ادرك ان هنالك المزيد لتعلُّمه.‏ وبسبب ثقته بقصد اللّٰه،‏ قضى تسعة اشهر في السجن في ١٩١٨-‏١٩١٩.‏ وفي ما بعد خدم كمحرِّر في مجلتي «العصر الذهبي» و «التعزية .‏» وبقي ثابتا في الايمان ووليا لهيئة يهوه حتى موته في السنة ١٩٥١،‏ بعمر ٨١ سنة.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦٣٧]‏

      أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان

      «ادركت حكمة انتظار يهوه بصبر ليجعل فهمنا للامور المؤسسة على الاسفار المقدسة اوضح بدلا من الانزعاج من فكرة جديدة.‏ وأحيانا كانت توقعاتنا لتاريخ معيَّن اكثر مما تبيِّنه الاسفار المقدسة.‏ وعندما لم تتم هذه التوقعات،‏ لم يغيِّر ذلك مقاصد اللّٰه.‏»‏

      ‏[الصور في الصفحة ٦٢٠]‏

      شمل الامتحان الرئيسي للايمان الاعتراف بقيمة ذبيحة يسوع للتكفير عن الخطية

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٢٥]‏

      بعض الذين أُعجبوا برصل وجدوا ان تجاوبهم مع طبع رذرفورد اظهر مَن كانوا يخدمون حقا

      ‏[الصور في الصفحة ٦٣٩]‏

      عندما ازداد التشديد على خدمة الحقل،‏ انسحب كثيرون؛‏ وأظهر آخرون غيرة اكثر

      ‏«برج المراقبة،‏» ١ نيسان ١٩٢٨

      ‏«برج المراقبة،‏» ١٥ حزيران ١٩٢٧

      ‏«برج المراقبة،‏» ١٥ آب ١٩٢٢

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٤٠]‏

      اذ صار التنظيم الثيوقراطي مسألة بارزة،‏ غُربل الساعون الى الشهرة الشخصية

  • ‏«مبغَضين من جميع الامم»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٢٩

      ‏«مبغَضين من جميع الامم»‏

      في الامسية الاخيرة التي قضاها يسوع مع رسله قبل موته،‏ ذكَّرهم:‏ «ليس عبد اعظم من سيده.‏ إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم.‏ وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم.‏ لكنهم انما يفعلون بكم هذا كله من اجل اسمي لأنهم لا يعرفون الذي ارسلني.‏» —‏ يوحنا ١٥:‏​٢٠،‏ ٢١‏.‏

      لم يكن يسوع يفكِّر في مجرد حالات منفردة من عدم التسامح.‏ فقبل ثلاثة ايام فقط قال:‏ «تكونون مبغَضين من جميع الامم لاجل اسمي.‏» —‏ متى ٢٤:‏٩‏.‏

      لكنَّ يسوع نصح أتباعه انهم عند مواجهة الاضطهاد لا يجب ان يلجأوا الى الاسلحة الجسدية.‏ (‏متى ٢٦:‏​٤٨-‏٥٢‏)‏ ولا يجب ان يشتموا مضطهِديهم او يسعوا الى الانتقام.‏ (‏رومية ١٢:‏١٤؛‏ ١ بطرس ٢:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ أفلا يمكن ان يصير حتى اولئك المضطهِدون مؤمنين يوما ما؟‏ (‏اعمال ٢:‏​٣٦-‏٤٢؛‏ ٧:‏​٥٨–‏٨:‏١؛‏ ٩:‏​١-‏٢٢‏)‏ فالانتقام كان يجب ان يُترك للّٰه.‏ —‏ رومية ١٢:‏​١٧-‏١٩‏.‏

      من المعروف جيدا ان المسيحيين الاولين كانوا مضطهَدين بقسوة من الحكومة الرومانية.‏ ولكن من الجدير بالملاحظة ايضا ان مضطهِدي يسوع المسيح الرئيسيين كانوا القادة الدينيين وأن بيلاطس البنطي،‏ الحاكم الروماني،‏ نفَّذ الحكم في يسوع لانهم طلبوا ذلك.‏ (‏لوقا ٢٣:‏​١٣-‏٢٥‏)‏ وبعد موت يسوع،‏ كان القادة الدينيون ثانية في طليعة الذين اضطهدوا أتباع يسوع.‏ (‏اعمال ٤:‏​١-‏٢٢؛‏ ٥:‏​١٧-‏٣٢؛‏ ٩:‏​١،‏ ٢‏)‏ ألم تكن الحالة كذلك ايضا في الازمنة الاحدث؟‏

      رجال الدين يَدعون الى مناظرة علنية

      اذ ازداد توزيع كتابات ت.‏ ت.‏ رصل بسرعة وبلغ عشرات الملايين من النسخ بلغات عديدة،‏ لم يتمكَّن رجال الدين الكاثوليك والپروتستانت من ان يتجاهلوا بسهولة ما يقوله.‏ واذ اغضبهم تشهير تعاليمهم كشيء غير مؤسس على الاسفار المقدسة،‏ وثبطتهم خسارة الاعضاء،‏ استخدم كثيرون من رجال الدين منابر وعظهم للتنديد بكتابات رصل.‏ وأمروا رعاياهم بأن لا يقبلوا المطبوعات التي يوزِّعها تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وسعى عدد منهم الى اقناع الرسميين الحكوميين بإيقاف هذا العمل.‏ وفي بعض الاماكن في الولايات المتحدة —‏ بينها تامپا،‏ فلوريدا؛‏ روك آيلند،‏ ايلينُوي؛‏ ونستون-‏سالم،‏ كارولينا الشمالية؛‏ وسْكرانتون،‏ پنسلڤانيا —‏ اشرفوا على الاحراق العلني للكتب التي كتبها رصل.‏

      شعر بعض رجال الدين بالحاجة الى القضاء على تأثير رصل بتشهيره في مناظرة علنية.‏ وبالقرب من المركز الرئيسي لنشاطه وافقت مجموعة من رجال الدين ان يكون الدكتور إ.‏ ل.‏ إيتن،‏ قس كنيسة نورث أڤِنيو الاسقفية الميثودية في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ الناطق بلسانهم.‏ وفي السنة ١٩٠٣ اقترح مناظرة علنية،‏ وقبل الاخ رصل الدعوة.‏

      عُرضت ست قضايا كما يلي:‏ اكَّد الاخ رصل،‏ لكنَّ الدكتور إيتن نفى،‏ ان انفس الموتى هي في حالة عدم وعي؛‏ ان «المجيء الثاني» للمسيح يسبق العصر الالفي وأن القصد من ‹مجيئه الثاني› والعصر الالفي كليهما هو مباركة جميع قبائل الارض؛‏ وأيضا ان قدّيسي «عصر الانجيل» فقط يشتركون في القيامة الاولى لكنَّ الحشود الضخمة ستحظى بفرصة للخلاص بالقيامة اللاحقة.‏ وأكَّد الدكتور إيتن،‏ لكنَّ الاخ رصل نفى،‏ انه لن تكون هنالك فترة امتحان بعد الموت لأيّ شخص؛‏ ان جميع المخلَّصين سيدخلون الى السماء؛‏ وأن الاشرار الذين لا سبيل الى تقويمهم سيخضعون للعذاب الابدي.‏ وعُقدت سلسلة من ست مناظرات حول هذه القضايا،‏ وجرت كل مناظرة امام حشد من الحضور في قاعة كارنيجي في ألليڠيني في السنة ١٩٠٣.‏

      وماذا كان وراء هذا التحدي للمناظرة؟‏ اذ نظر ألبرت ڤاندنبرڠ الى المسألة نظرة تاريخية،‏ كتب لاحقا:‏ «كانت المناظرات تُدار بواسطة قس من طائفة پروتستانتية مختلفة يعمل كمشرف خلال كل مناقشة.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ جلس قسوس من كنائس مجاورة مختلفة على منبر الخطيب مع إيتن الموقَّر بحجة دعمه بالآيات ودعمه معنويا.‏ .‏ .‏ .‏ وتشكيل اتحاد غير رسمي من رجال دين پروتستانت دلَّ انهم كانوا يخافون من امكانية هداية رصل لاعضاء من طوائفهم.‏» —‏ «تشارلز تاز رصل:‏ نبي پيتسبورڠ،‏ ١٨٧٩-‏١٩٠٩،‏» نُشر في المجلة التاريخية لپنسلڤانيا الغربية،‏ كانون الثاني ١٩٨٦،‏ ص ١٤.‏

      ان مناظرات كهذه كانت قليلة نسبيا.‏ ولم تعطِ النتائج التي رغب فيها اتحاد رجال الدين.‏ والبعض من جماعة الدكتور إيتن الخاصة،‏ اذ تأثروا بما سمعوه خلال سلسلة المناظرات في السنة ١٩٠٣،‏ تركوا كنيسته واختاروا ان يقترنوا بتلاميذ الكتاب المقدس.‏ حتى ان رجل دين كان حاضرا اعترف بأن رصل ‹ادار خرطوم المياه على الهاوية وأطفأ النار.‏› ومع ذلك شعر الاخ رصل نفسه بأن قضية الحق يمكن ان تُخدم بشكل افضل باستخدام الوقت والجهد في نشاطات غير المناظرات.‏

      لم يكفَّ رجال الدين عن هجومهم.‏ فعندما ألقى الاخ رصل خطابا في دَبلن،‏ ايرلندا،‏ وفي أتلي،‏ يوركشير،‏ انكلترا،‏ اقاموا رجالا بين الحضور ليطلقوا بصوت عالٍ الاعتراضات والاتهامات الباطلة ضد رصل شخصيا.‏ فعالج الاخ رصل هذه الحالات بلباقة،‏ معتمدا دائما على الكتاب المقدس كمرجع لاجاباته.‏

      كان رجال الدين الپروتستانت،‏ بصرف النظر عن الطائفة،‏ مقترنين بما يُعرف بالاتحاد الانجيلي.‏ وممثلوهم في بلدان عديدة اثاروا الشعور العام ضد رصل وأولئك الذين يوزِّعون مطبوعاته.‏ مثلا،‏ في تكساس (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏،‏ وجد تلاميذ الكتاب المقدس ان كل واعظ،‏ حتى في البلدات الاصغر والمقاطعات الريفية،‏ كان مجهَّزا بالمجموعة نفسها من الاتهامات الباطلة ضد رصل والتحريفات نفسها لما يعلِّمه.‏

      ولكن كانت لهذه الهجومات ضد رصل احيانا نتائج لم يتوقعها رجال الدين.‏ ففي نيو برونزويك،‏ كندا،‏ عندما استخدم واعظ منبره لموعظة ازدرائية عن رصل،‏ كان هنالك بين الحضور رجل قرأ شخصيا مطبوعات كتبها الاخ رصل.‏ فكان مشمئزا عندما لجأ الواعظ الى الاكاذيب المتعمدة.‏ وفي منتصف الموعظة تقريبا وقف الرجل،‏ اخذ بيد زوجته،‏ ونادى بناته السبع اللواتي يرتِّلن في الجوقة:‏ «تعالَين يا بنات،‏ سنذهب الى البيت.‏» فخرج التسعة جميعا،‏ وكان القس يراقب فيما يغادر الرجل الذي بنى الكنيسة والذي كان الدعامة المالية للجماعة.‏ وسرعان ما تفككت الجماعة،‏ وغادر الواعظ.‏

      اللجوء الى السخرية والافتراء

      في جهودهم اليائسة للقضاء على تأثير ت.‏ ت.‏ رصل وعشرائه،‏ استخف رجال الدين بالادعاء انه خادم مسيحي.‏ ولاسباب مماثلة،‏ اعتبر القادة الدينيون اليهود في القرن الاول الرسولين بطرس ويوحنا ‹انسانين عديمي العلم وعاميين.‏› —‏ اعمال ٤:‏١٣‏.‏

      لم يتخرج الاخ رصل من احدى مدارس العالم المسيحي اللاهوتية.‏ لكنه قال بجرأة:‏ «نتحدى [رجال الدين] ان يبرهنوا ان رسامتهم الهية او انهم اعتقدوا ذلك في وقت من الاوقات.‏ فهم يعتقدون فقط انها رسامة،‏ او تفويض،‏ طائفية كل واحد من طائفته او فريقه.‏ .‏ .‏ .‏ ان الرسامة،‏ او التفويض،‏ من اللّٰه لايّ انسان ليكرز هي بمنحه الروح القدس.‏ فكل مَن ينال الروح القدس ينال القوة والسلطة ليعلِّم ويكرز باسم اللّٰه.‏ وكل مَن لا ينال الروح القدس لا يملك السلطة او الموافقة الالهية على كرازته.‏» —‏ اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢‏.‏

      ولكي يطعنوا في سمعته،‏ كرز ونشر بعض رجال الدين اكاذيب جسيمة عنه.‏ وإحدى الاكاذيب التي استعملوها تكرارا —‏ وما زالوا يستعملونها —‏ تشمل الوضع الزوجي للاخ رصل.‏ والانطباع الذي سعوا الى نقله هو ان رصل كان فاسدا ادبيا.‏ فما هي الوقائع؟‏

      في السنة ١٨٧٩ تزوج تشارلز تاز رصل ماريا فرانْتسِس آكلي.‏ وكانت لديهما علاقة جيدة طوال ١٣ سنة.‏ ثم ابتدأ اطراء الآخرين لماريا وإثارتهم كبرياءها يُضعفان هذه العلاقة؛‏ ولكن عندما صار هدفهم واضحا،‏ بدا انها استعادت اتزانها.‏ حتى انها،‏ بعد ان نشر عشير سابق اكاذيب عن الاخ رصل،‏ طلبت اذنا من زوجها ان تزور عددا من الجماعات وتردّ على التهم،‏ اذ جرى الادِّعاء بأنه يسيء معاملتها.‏ لكنَّ الاستقبال الجيد الذي لقيته في تلك الرحلة في السنة ١٨٩٤ ساهم كما يبدو في تغيير رأيها في نفسها تدريجيا.‏ فسعت الى الحصول على مزيد من السلطة في توجيه ما يصدر في برج المراقبة.‏a وعندما ادركت انه لن يُنشر شيء مما تكتبه ما لم يوافق زوجها،‏ رئيس تحرير المجلة،‏ على محتوياته (‏على اساس انسجامه مع الاسفار المقدسة)‏،‏ انزعجت كثيرا.‏ فبذل جهدا مخلصا لمساعدتها،‏ لكنها تركته في تشرين الثاني سنة ١٨٩٧.‏ ومع ذلك،‏ زوَّدها بمكان تسكن فيه ووسيلة للاعالة.‏ واذ مرَّت سنوات،‏ وبعد مباشرتها الاجراءات القضائية في السنة ١٩٠٣،‏ مُنحت في السنة ١٩٠٨ حكما،‏ لا بطلاق شامل،‏ بل بطلاق يمنحها حقا شرعيا في نيل نفقة دون ان تسكن معه.‏

      واذ فشلت في اجبار زوجها على الاذعان لمطالبها،‏ بذلت جهدا كبيرا بعد ان تركته في تشويه سمعته.‏ ففي السنة ١٩٠٣ اصدرت نشرة ملآنة،‏ لا بحقائق مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ بل بإساءات تمثيل جسيمة للاخ رصل.‏ وسعت الى استخدام قسوس من طوائف مختلفة لتوزيعها حيث كان تلاميذ الكتاب المقدس يعقدون اجتماعات خصوصية.‏ ويستحق القسوس المدح لأن قليلين في ذلك الوقت كانوا مستعدين ليُستخدموا بهذه الطريقة.‏ ولكن منذ ذلك الحين يُظهِر رجال دين آخرون روحا مختلفة.‏

      في وقت ابكر كانت ماريا رصل قد دانت،‏ شفهيا وكتابيا،‏ اولئك الذين اتَّهموا الاخ رصل بسوء السلوك الذي تتهمه به هي نفسها الآن.‏ واذ استعملوا بعض التقارير غير المثبتة التي قُدِّمت خلال الاجراءات القضائية في السنة ١٩٠٦ (‏والتي شُطبت من السجل بأمر من المحكمة)‏،‏ نشر بعض المقاومين الدينيين للاخ رصل تهما معدَّة لتظهر انه رجل فاسد ادبيا وبالتالي غير مؤهل ليكون خادما للّٰه.‏ لكنَّ سجل المحكمة يوضح ان تهما كهذه باطلة.‏ ومحامي السيدة رصل سألها عما اذا كانت تعتقد ان زوجها مذنب بالزنا.‏ فأجابت:‏ «كلا.‏» والجدير بالملاحظة ايضا انه عندما استمعت لجنة من الشيوخ المسيحيين الى تهم السيدة رصل ضد زوجها في السنة ١٨٩٧،‏ لم تشِر الى الامور التي ذكرتها لاحقا في المحكمة لكي تقنع هيئة المحلَّفين بوجوب منح طلاق،‏ رغم ان هذه الاحداث المزعومة حصلت قبل ذلك الاجتماع.‏

      بعد تسع سنوات من تقديم السيدة رصل القضية اولا الى المحكمة كتب القاضي جيمس مكفارلِن رسالة ردًّا على رجل كان يطلب نسخة من سجل المحكمة لكي يتمكن احد عشرائه من تشهير رصل.‏ فأخبره القاضي بصراحة بأن ما يريده سيكون تبديدا للوقت والمال.‏ ذكرت رسالته:‏ «ان الاساس لطلبها ولحكم هيئة المحلَّفين كان ‹الاهانات› وليس الزنا.‏ والشهادة،‏ كما افهم،‏ لا تُظهر ان رصل كان يعيش ‹حياة زنا مع شريك آخر.‏› وفي الواقع لم يكن هنالك شريك آخر.‏»‏

      جاء اعتراف ماريا رصل المتأخر في اثناء مأتم الاخ رصل في قاعة كارنيجي في پيتسبورڠ في السنة ١٩١٦.‏ فقد سارت في الممشى الى التابوت وهي ترتدي برقعا ووضعت هناك باقة من زنابق الوادي.‏ وكان عليها شريط يحمل الكلمات،‏ «الى زوجي الحبيب.‏»‏

      من الواضح ان رجال الدين استعملوا التكتيك نفسه الذي استخدمه نظراؤهم في القرن الاول.‏ ففي ذلك الحين حاولوا تدمير سمعة يسوع باتهامه بأنه يأكل مع الخطاة وأنه هو نفسه خاطئ ومجدِّف.‏ (‏متى ٩:‏١١؛‏ يوحنا ٩:‏​١٦-‏٢٤؛‏ ١٠:‏​٣٣-‏٣٧‏)‏ ان تهما كهذه لم تغيِّر الحقيقة عن يسوع،‏ لكنها شهَّرت فعلا اولئك الذين لجأوا الى افتراء كهذا —‏ وهي تشهِّر الذين يلجأون الى تكتيك مشابه اليوم —‏ بأن اباهم الروحي هو ابليس،‏ الذي يعني اسمه «المفتري.‏» —‏ يوحنا ٨:‏٤٤‏.‏

      انتهاز حمى الحرب لتحقيق اهدافهم

      اذ اكتسحت الحمى القومية العالم خلال الحرب العالمية الاولى،‏ وُجد سلاح جديد للاستعمال ضد تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فعداوة القادة الدينيين الپروتستانت والروم الكاثوليك امكن التعبير عنها وراء واجهة من الوطنية.‏ فقد انتهزوا هستيريا زمن الحرب ليَسِموا تلاميذ الكتاب المقدس كمحرضين على الفتنة —‏ التهمة نفسها التي وجَّهها قادة اورشليم الدينيون في القرن الاول ضد يسوع المسيح والرسول بولس.‏ (‏لوقا ٢٣:‏​٢،‏ ٤؛‏ اعمال ٢٤:‏​١،‏ ٥‏)‏ طبعا،‏ لكي يوجِّه رجال الدين تهمة كهذه،‏ يجب ان يكونوا هم انفسهم مؤيدين فعَّالين للمجهود الحربي،‏ لكنَّ ذلك لم يبدُ مربكا لمعظمهم،‏ رغم انه عنى ارسال الشبان ليقتلوا اعضاء من دينهم الخاص في بلد آخر.‏

      وكان في تموز ١٩١٧،‏ بعد موت رصل،‏ ان جمعية برج المراقبة اصدرت كتاب السر المنتهي،‏ تعليق على الرؤيا وحزقيال وكذلك نشيد الانشاد.‏ وهذا الكتاب شهَّر بصراحة رياء رجال دين العالم المسيحي!‏ ووُزِّع بشكل واسع في وقت قصير نسبيا.‏ وفي اواخر كانون الاول ١٩١٧ وأوائل ١٩١٨،‏ تولَّى تلاميذ الكتاب المقدس ايضا في الولايات المتحدة وكندا توزيع ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من رسالة نارية في نشرة شهرية تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وهذه النشرة الصغيرة المصوَّرة بأربع صفحات كانت بعنوان «سقوط بابل،‏» وحملت العنوان الفرعي «لماذا يجب ان يتألم الآن العالم المسيحي —‏ النتيجة النهائية.‏» وقد حدَّدت هوية الهيئتين الدينيتين الكاثوليكية والپروتستانتية معا بأنهما بابل العصرية التي يجب ان تسقط سريعا.‏ ودعما لما قيل،‏ قدَّمت من السر المنتهي تعليقا على النبوات التي تعبِّر عن الدينونة الالهية على «بابل السرية.‏» وفي الصفحة الاخيرة اظهر رسم كاريكاتوري جدارا ينهار.‏ والحجارة الضخمة من الجدار حملت عبارات مثل «عقيدة الثالوث (‏‹٣×١=١›)‏،‏» «خلود النفس،‏» «نظرية العذاب الابدي،‏» «الپروتستانتية —‏ العقائد،‏ رجال الدين،‏ الخ،‏» «الرومانية —‏ البابوات،‏ الكرادلة،‏ الخ،‏ الخ» —‏ وكلها كانت تسقط.‏

      غضب رجال الدين بسبب تشهير كهذا،‏ تماما كما غضب رجال الدين اليهود عندما شهَّر يسوع رياءهم.‏ (‏متى ٢٣:‏​١-‏٣٩؛‏ ٢٦:‏​٣،‏ ٤‏)‏ وفي كندا تجاوب رجال الدين بسرعة.‏ ففي كانون الثاني ١٩١٨ وقَّع اكثر من ٦٠٠ رجل دين كندي عريضة تطالب الحكومة بحظر مطبوعات جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ وكما ورد في وينِّيپيڠ ايڤننڠ تريبيون،‏ بعد ان ندَّد تشارلز جي.‏ پاترسون،‏ قس كنيسة القديس استفانوس في وينِّيپيڠ،‏ من منبره بـ‍ شهرية تلاميذ الكتاب المقدس،‏ التي احتوت على المقالة «سقوط بابل،‏» اتصل به النائب العام جونسون ليحصل على نسخة.‏ وبعد ذلك بقليل،‏ في ١٢ شباط ١٩١٨،‏ اصدرت الحكومة الكندية مرسوما يعتبره جريمة تستحق العقاب بالغرامة والسجن ان يمتلك الشخص كتاب السر المنتهي او النشرة المُشار اليها اعلاه.‏

      في ذلك الشهر نفسه،‏ في ٢٤ شباط،‏ ألقى الاخ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة المنتخب حديثا،‏ خطابا في الولايات المتحدة في قاعة تمْپِلْ في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا.‏ وكان موضوعه مذهلا:‏ «العالم قد انتهى —‏ ملايين من الاحياء الآن يمكن ان لا يموتوا ابدا.‏» وفي عرض الدليل ان العالم كما كان معروفا حتى ذلك الوقت قد انتهى حقا في السنة ١٩١٤،‏ اشار الى الحرب الجارية آنذاك،‏ مع المجاعة المرافقة،‏ وبيَّن ذلك كجزء من العلامة التي انبأ بها يسوع.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣-‏٨‏)‏ ثم ركَّز الانتباه على رجال الدين،‏ قائلا:‏

      ‏«بحسب الاسفار المقدسة،‏ رجال الدين كصف هم الرجال الاكثر ملامة على الارض على الحرب الكبرى التي تؤلم الجنس البشري الآن.‏ فطوال ٥٠٠‏,١ سنة علَّموا الناس العقيدة الشيطانية لحق الملوك الالهي في الحكم.‏ وخلطوا السياسة بالدين،‏ الكنيسة بالدولة؛‏ برهنوا على عدم الولاء لامتيازهم المعطى من اللّٰه ان ينادوا برسالة الملكوت المسيَّاني،‏ ووقفوا انفسهم لتشجيع الحكام على الاعتقاد ان الملك يحكم بحق الهي،‏ ولذلك مهما فعل يكون صائبا.‏» واذ اظهر نتيجة ذلك،‏ قال:‏ «تسلَّح ملوك اوروپا الطموحون من اجل الحرب،‏ لانهم رغبوا في انتزاع مقاطعة الشعوب الاخرى؛‏ فهنَّأهم رجال الدين وقالوا:‏ ‹افعلوا كما تريدون،‏ لستم تفعلون خطأ؛‏ ومهما فعلتم يكون صائبا.‏›» ولكن لم يكن رجال الدين الاوروپيون الوحيدين الذين كانوا يفعلون ذلك،‏ والمبشرون في اميركا عرفوا انهم كانوا يفعلون ذلك ايضا.‏

      نُشر تقرير شامل عن هذه المحاضرة في اليوم التالي في مورنينڠ تريبيون في لوس انجلوس.‏ فغضب رجال الدين حتى ان جمعية الخدام الدينيين عقدت اجتماعا في ذلك اليوم نفسه وأرسلت رئيسها الى مديري الجريدة لاعلامهم باستيائها الشديد.‏ وعقب ذلك كانت هنالك فترة من المضايقة المستمرة لمكاتب جمعية برج المراقبة من قبل اعضاء مكتب استخبارات الحكومة.‏

      وفي اثناء فترة الحماسة القومية هذه عُقد مؤتمر لرجال الدين في فيلادلفيا،‏ في الولايات المتحدة،‏ اتُّخذ فيه قرار يطالب بتعديل قانون التجسس بحيث يمكن للمجلس العسكري ان يحاكم المخالفين المتَّهَمين ويعاقبهم بالموت.‏ واختير جون لورد اوبريان،‏ المساعد الخاص للنائب العام من اجل المسائل المتعلقة بالحرب،‏ لعرض الموضوع على مجلس الشيوخ.‏ فلم يسمح رئيس الولايات المتحدة لمشروع القانون هذا بأن يصير قانونا.‏ ولكنَّ اللواء جيمس فرانكلين بِل،‏ في الجيش الاميركي،‏ افشى عند حمو غضبه لـ‍ ج.‏ ف.‏ رذرفورد و و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ ما كان قد حدث في المؤتمر ونية استعمال مشروع القانون هذا ضد رسميي جمعية برج المراقبة.‏

      والملفات الرسمية لحكومة الولايات المتحدة تظهر انه على الاقل من ٢١ شباط ١٩١٨ فصاعدا اشترك جون لورد اوبريان شخصيا في محاولات لاقامة دعوى على تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ويحتوي سجل الكونڠرس لـ‍ ٢٤ نيسان و ٤ ايار على مذكرات من جون لورد اوبريان يؤكِّد فيها بقوة انه اذا سمح القانون بقول «ما هو صحيح،‏ بدوافع صائبة،‏ ولغايات مبرَّرة،‏» كما هو مذكور في ما يدعى التعديل الفرنسي لقانون التجسس وكما وافق عليه مجلس الشيوخ الاميركي،‏ فلن يتمكن من ان يحاكم بنجاح تلاميذ الكتاب المقدس.‏

      وفي ووسْتَر،‏ ماساتشوستس،‏ استغل ايضا ب.‏ ف.‏ وايلند «الموقَّر» حمى الحرب بالزعم ان تلاميذ الكتاب المقدس كانوا يروِّجون دعاية للعدو.‏ ونشر مقالة في دايلي تلڠرام اعلن فيها:‏ «ان احد واجباتكم الوطنية التي تواجهكم كمواطنين هو قمع جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ التي مركزها الرئيسي في بروكلين.‏ انهم يروِّجون،‏ تحت ستار الدين،‏ دعاية المانية في ووسْتَر ببيع كتابهم،‏ ‏‹السر المنتهي.‏›» وقال للسلطات بوقاحة انه من واجبهم ان يقبضوا على تلاميذ الكتاب المقدس ويمنعوهم من عقد اجتماعات اضافية.‏

      شهد ربيع وصيف السنة ١٩١٨ اضطهادا واسعا لتلاميذ الكتاب المقدس في اميركا الشمالية وفي اوروپا على السواء.‏ وكان بين المحرضين رجال دين المعمدانيين،‏ الميثوديين،‏ الاسقفيين،‏ اللوثريين،‏ الروم الكاثوليك،‏ والكنائس الاخرى.‏ فصادر الضباط مطبوعات الكتاب المقدس دون امر رسمي بالتفتيش،‏ وأُلقي كثيرون من تلاميذ الكتاب المقدس في السجن.‏ وآخرون طوردوا من الرعاع،‏ ضُربوا،‏ جُلدوا،‏ طُلوا بالقار وغُطّوا بالريش،‏ او كُسرت اضلاعهم او جُرِّحت رؤوسهم.‏ والبعض أُلحق بهم عجز دائم.‏ واحتُجز رجال ونساء مسيحيون في السجن دون تهمة او محاكمة.‏ وأكثر من مئة حالة خصوصية لمعاملة وحشية كهذه أُخبر عنها في العصر الذهبي عدد ٢٩ ايلول ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏.‏

      الاتهام بالتجسس

      اتت الذروة في ٧ ايار ١٩١٨ عندما صدرت مذكرات فيديرالية في الولايات المتحدة لالقاء القبض على ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس،‏ وعشرائه الاحماء.‏

      وفي اليوم السابق في بروكلين،‏ نيويورك،‏ قُدِّمت لائحتا اتهام ضد الاخ رذرفورد وعشرائه.‏ فاذا لم يجرِ الوصول الى النتائج المرجوة من الدعوى الاولى،‏ يمكن اتِّباع لائحة الاتهام الاخرى.‏ ولائحة الاتهام الاولى،‏ التي وجَّهت اتهامات ضد العدد الاكبر من الافراد،‏ شملت اربع مواد اتهام:‏ مادتان اتهمتاهم بالتآ‌مر لانتهاك قانون التجسس المؤرَّخ في ١٥ حزيران ١٩١٧؛‏ ومادتان اتهمتاهم بمحاولة تنفيذ خططهم غير الشرعية او القيام بذلك فعلا.‏ وجرى الادِّعاء بأنهم يتآ‌مرون لتسبيب التمرد ورفض الخدمة العسكرية في القوات المسلَّحة الاميركية وأنهم يتآ‌مرون لمنع الناس من التجنُّد والتطوُّع لخدمة كهذه فيما الامة في حالة حرب،‏ وأنهم ايضا حاولوا ان يفعلوا او في الواقع فعلوا هذين الامرين كليهما.‏ وذكرت لائحة الاتهام خصوصا طبع وتوزيع كتاب السر المنتهي.‏ ولائحة الاتهام الثانية فسَّرت ارسال شِكّ الى اوروپا (‏كان سيُستخدم في عمل تعليم الكتاب المقدس في المانيا)‏ بأنه ضارّ بمصالح الولايات المتحدة.‏ وعندما أُخذ المدَّعى عليهم الى المحكمة،‏ كانت لائحة الاتهام الاولى،‏ التي شملت اربع مواد اتهام،‏ هي التي جرى اتِّباعها.‏

      ولكنَّ لائحة اتهام اخرى ضد ك.‏ ج.‏ وودوَرث و ج.‏ ف.‏ رذرفورد تحت قانون التجسس كانت في ذلك الوقت معلَّقة في سْكرانتون،‏ پنسلڤانيا.‏ ولكن بحسب رسالة من جون لورد اوبريان مؤرَّخة في ٢٠ ايار ١٩١٨،‏ كان اعضاء في وزارة العدل يخافون ألا يوافق القاضي الاتحادي المحلي في الولايات المتحدة وِتمر،‏ الذي كان سيُنظَر امامه في القضية،‏ على استعمالهم قانون التجسس لقمع نشاط اناس،‏ بسبب قناعات دينية مخلصة،‏ قالوا اشياء يمكن ان يفسِّرها الآخرون كدعاية ضد الحرب.‏ ولذلك علَّقت وزارة العدل قضية سْكرانتون مؤقتا في انتظار نتيجة القضية في بروكلين.‏ ودبَّرت الحكومة ايضا الوضع بحيث يكون القاضي هارلَند ب.‏ هاو،‏ من ڤيرمونت،‏ الذي كان جون لورد اوبريان يعرف انه يوافق على وجهة نظره في امور كهذه،‏ هو مَن يقضي في المسألة في المحكمة الاتحادية المحلية في الولايات المتحدة في المنطقة الشرقية من نيويورك.‏ وأُحيلت القضية الى المحاكمة في ٥ حزيران،‏ والمدَّعيان العامَّان فيها هما أيزَك ر.‏ أُولاند وتشارلز ج.‏ بوكنر من الروم الكاثوليك.‏ وخلال المحاكمة،‏ كما لاحظ الاخ رذرفورد،‏ تشاور الكهنة الكاثوليك تكرارا مع بوكنر وأُولاند.‏

      واذ بوشرت القضية ظهر ان رسميي الجمعية وجامعَي الكتاب لم تكن في نيتهم اعاقة المجهود الحربي للبلد.‏ والدليل المقدَّم في اثناء المحاكمة اظهر ان الخطط لكتابة الكتاب —‏ وفي الواقع،‏ كتابة معظم المخطوطة —‏ جرت قبل ان تعلن الولايات المتحدة الحرب (‏في ٦ نيسان ١٩١٧)‏ وأن العقد الاصلي للطبع وُقِّع قبل ان تصدر الولايات المتحدة القانون (‏في ١٥ حزيران)‏ الذي يقال انهم انتهكوه.‏

      ابرزت المحاكمة اضافات الى الكتاب جرت خلال نيسان وحزيران ١٩١٧ في اثناء إعداد النسخة وقراءة المسوَّدات.‏ وهذه شملت اقتباسا من جون هاينس هولمز،‏ رجل دين كان قد اعلن بقوة ان الحرب هي انتهاك للمسيحية.‏ وكما اشار احد محامي الدفاع،‏ كانت تعليقات رجل الدين هذه،‏ المنشورة تحت عنوان بيان الى شعبي عشية الحرب،‏ لا تزال تُباع في الولايات المتحدة في وقت المحاكمة.‏ ولم يُحاكَم رجل الدين ولا الناشر على ذلك.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس الذين اشاروا الى موعظته هم الذين اعتُبروا مسؤولين قانونيا عن الآراء المعبَّر عنها فيها.‏

      لم يقل الكتاب للناس في العالم انه لا حق لهم في الاشتراك في الحرب.‏ لكنه،‏ في توضيح للنبوة،‏ اقتبس مقتطفات من اعداد برج المراقبة للسنة ١٩١٥ تظهر التناقض الذاتي لرجال الدين الذين يدَّعون بأنهم خدام للمسيح لكنهم يتصرفون كعملاء تجنيد للامم في الحرب.‏

      عندما عُلم ان الحكومة اعترضت على الكتاب،‏ ارسل الاخ رذرفورد فورا برقية الى صاحب المطبعة لايقاف انتاجه،‏ وفي الوقت نفسه أُرسل ممثل للجمعية الى قسم الاستخبارات في الجيش الاميركي لمعرفة سبب اعتراضهم.‏ وعندما عُلم انه بسبب الحرب الجارية آنذاك اعتُبرت الصفحات ٢٤٧-‏٢٥٣ من الكتاب معترضا عليها،‏ امرت الجمعية بحذف هذه الصفحات من جميع نسخ الكتاب قبل تقديمها الى العامة.‏ وعندما اشعرت الحكومة المدَّعين العامِّين للمنطقة القضائية بأن التوزيع الاضافي سيكون انتهاكا لقانون التجسس (‏رغم ان الحكومة رفضت ان تعبِّر للجمعية عن رأيها في الكتاب في صيغته المعدَّلة)‏،‏ امرت الجمعية بأن يُعلَّق مؤقتا كل التوزيع العام للكتاب.‏

      لماذا مثل هذه العقوبة القاسية؟‏

      بصرف النظر عن كل ذلك،‏ في ٢٠ حزيران ١٩١٨،‏ اصدرت هيئة المحلَّفين قرارا يجد كلًّا من المدَّعى عليهم مذنبا بكل مادة من مواد لائحة الاتهام.‏ وفي اليوم التالي،‏ حُكم على سبعةb منهم بأربع فترات سجن كلٌّ منها ٢٠ سنة يجري قضاؤها بشكل متزامن.‏ وفي ١٠ تموز حُكم على الثامنc بأربع فترات سجن متزامنة من ١٠ سنوات.‏ فالى ايّ حد كانت هذه الاحكام قاسية؟‏ في مذكرة الى النائب العام في ١٢ آذار ١٩١٩ اعترف رئيس الولايات المتحدة وودرو ولسون بأن «فترات السجن هي بشكل واضح اطول مما ينبغي.‏» وفي الواقع،‏ ان الرجل الذي اطلق النار في ساراييڤو وقتل ولي عهد الامبراطورية النمساوية المجرية —‏ الامر الذي اثار الحوادث التي اقحمت الامم في الحرب العالمية الاولى —‏ لم يصدر ضده حكم اقسى.‏ فقد حُكم عليه بـ‍ ٢٠ سنة في السجن —‏ لا اربع فترات سجن من ٢٠ سنة،‏ كما في قضية تلاميذ الكتاب المقدس!‏

      فماذا كان الدافع وراء فرض فترات السجن القاسية هذه على تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ صرَّح القاضي هارلَند ب.‏ هاو:‏ «في رأي المحكمة،‏ ان الدعاية الدينية التي ايَّدها ونشرها بقوة المدَّعى عليهم هؤلاء في كل انحاء الامة وكذلك بين حلفائنا هي خطر اعظم من فرقة عسكرية للجيش الالماني.‏ .‏ .‏ .‏ ان الشخص الذي يكرز بالدين يكون له عادةً تأثير كبير،‏ واذا كان مخلصا يكون له تأثير اكبر ايضا.‏ وهذا يزيد بدلا من ان يخفف من خطورة الخطإ الذي ارتكبوه.‏ ولذلك،‏ كشيء حكيم وحيد لفعله بأشخاص كهؤلاء،‏ قرَّرت المحكمة ان تكون العقوبة قاسية.‏» ولكن من الجدير بالذكر ايضا انه قبل اصدار الحكم قال القاضي هاو ان البيانات التي قدَّمها المحامون دفاعا عن المدَّعى عليهم عبَّرت عن الشك وأساءت بشدة ليس فقط الى الموظفين القضائيين في الحكومة بل الى ‏«جميع الخدام الدينيين في كل انحاء البلد.‏»‏

      استُؤنف الحكم فورا الى محكمة الاستئناف الدورية للولايات المتحدة.‏ لكنَّ القاضي هاو رفض بشكل استبدادي اطلاق السراح بكفالة بانتظار سماع هذا الاستئناف،‏d وفي ٤ تموز،‏ قبل ان يُسمع الاستئناف الثالث والاخير من اجل اطلاق السراح بكفالة،‏ نُقل الاخوة السبعة الاولون بسرعة الى الاصلاحية الفيديرالية في اتلانتا،‏ جورجيا.‏ وتبيَّن بعد ذلك ان هنالك ١٣٠ خطأ اجرائيا في تلك المحاكمة المتحيِّزة جدا.‏ واستغرق اشهرا من العمل تحضير الاوراق المطلوبة لسماع الاستئناف.‏ وفي هذه الاثناء انتهت الحرب.‏ وفي ١٩ شباط ١٩١٩ ارسل الاخوة الثمانية في السجن مناشدة من اجل عفو تنفيذي الى وودرو ولسون،‏ رئيس الولايات المتحدة.‏ وأرسل مواطنون كثيرون رسائل اخرى الى النائب العام المعيَّن حديثا تحثّ على اطلاق سراح الاخوة.‏ ثم في ١ آذار ١٩١٩،‏ ردا على استفسار من النائب العام،‏ اوصى القاضي هاو بـ‍ «تخفيف فوري» للاحكام.‏ وفيما كان ذلك سيخفِّف الاحكام،‏ كان سيؤكِّد ايضا ذنب المدَّعى عليهم.‏ وقبل التمكن من فعل ذلك،‏ حصل محامو الاخوة على امر من المحكمة أُرسل الى محامي الولايات المتحدة الذي عرض القضية امام محكمة الاستئناف.‏

      بعد تسعة اشهر من الحكم على رذرفورد وعشرائه —‏ وبانتهاء الحرب —‏ في ٢١ آذار ١٩١٩،‏ امرت محكمة الاستئناف باطلاق سراح جميع المدَّعى عليهم الثمانية بكفالة،‏ وفي ٢٦ آذار أُطلق سراحهم في بروكلين بكفالة ٠٠٠‏,١٠ دولار عن كل واحد.‏ وفي ١٤ ايار ١٩١٩ حكمت محكمة الاستئناف الدورية للولايات المتحدة في نيويورك:‏ «لم ينَل المدَّعى عليهم في هذه القضية المحاكمة العادلة والمنصفة التي يستحقونها،‏ ولهذا السبب يُنقَض الحكم.‏» وأُعيدت القضية الى المحكمة من اجل محاكمة جديدة.‏ ولكن في ٥ ايار ١٩٢٠،‏ بعد ان مثل المدَّعى عليهم امام المحكمة،‏ عند الطلب،‏ خمس مرات،‏ اعلن محامي الحكومة في جلسة علنية في بروكلين سحب الدعوى.‏e ولماذا؟‏ كما ظهر في مراسلة محفوظة في الارشيفات القومية للولايات المتحدة،‏ كانت وزارة العدل تخاف من انه اذا عُرضت القضايا على هيئة محلَّفين غير متحيِّزة،‏ مع توقف هستيريا الحرب،‏ فستجري خسارة القضية.‏ وذكر محامي الولايات المتحدة ل.‏ و.‏ روس في رسالة الى النائب العام:‏ «اعتقد انه يكون افضل،‏ لعلاقاتنا العامة،‏ اذا اخذنا مبادرتنا الخاصة» وذكرنا ان القضية لن تجري متابعتها اكثر.‏

      وفي اليوم نفسه،‏ ٥ ايار ١٩٢٠،‏ رُفضت ايضا لائحة الاتهام البديلة التي كانت قد قُدِّمت في ايار ١٩١٨ ضد ج.‏ ف.‏ رذرفورد وأربعة من عشرائه.‏

      من حرَّض على ذلك حقا؟‏

      هل حرَّض رجال الدين على كل هذا حقا؟‏ انكر جون لورد اوبريان ذلك.‏ لكنَّ الذين عاشوا في ذلك الوقت عرفوا الوقائع جيدا.‏ ففي ٢٢ آذار ١٩١٩ احتجَّت اللجوء الى العقل،‏ صحيفة صادرة في جِرارد،‏ كانساس:‏ «اذ لاحقهم حقد رجال الدين ‹الارثوذكس،‏› أُدين وسُجن أتباع الراعي رصل دون اطلاق سراح بكفالة،‏ مع انهم بذلوا كل جهد ممكن لمراعاة احكام قانون التجسس.‏ .‏ .‏ .‏ ونعلن ان أتباع الراعي رصل هؤلاء،‏ بصرف النظر عما اذا كان قانون التجسس دستوريا من الناحية التقنية او مبرَّرا من الناحية الاخلاقية او لا،‏ أُدينوا ظلما تحت احكامه.‏ ودرس الدليل بعقل منفتح سيقنع بسرعة ايّ شخص بأن هؤلاء الرجال ليس فقط لم يكن قصدهم انتهاك القانون،‏ ولكنهم لم ينتهكوه.‏»‏

      بعد سنوات علَّق الدكتور راي ابرامز في كتاب كارزون يقدِّمون اسلحة:‏ «انه ذو مغزى ان يشترك كثيرون من رجال الدين بشكل عدواني في محاولة التخلص من الرصليين [كما كان يسمَّى تلاميذ الكتاب المقدس بازدراء].‏ والنزاعات والاحقاد الدينية الطويلة العهد،‏ التي لم تنل ايّ اعتبار في المحاكم في زمن السلم،‏ وجدت الآن طريقها الى قاعة المحكمة تحت تأثير هستيريا زمن الحرب.‏» وذكر ايضا:‏ «ان تحليلا لكامل القضية يقود الى الاستنتاج ان الكنائس ورجال الدين كانوا من حيث الاصل وراء الحركة لقمع الرصليين.‏» —‏ ص ١٨٣-‏١٨٥.‏

      لكنَّ نهاية الحرب لم تضع حدًّا لاضطهاد تلاميذ الكتاب المقدس.‏ لقد فتحت عصرا جديدا منه.‏

      الكهنة يضغطون على الشرطة

      بانتهاء الحرب اثار رجال الدين قضايا اخرى لكي يوقفوا،‏ اذا كان ممكنا بأية حال،‏ نشاط تلاميذ الكتاب المقدس.‏ ففي باڤاريا الكاثوليكية وأنحاء اخرى من المانيا جرى التحريض على اعتقالات عديدة في عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ بموجب قوانين البيع بالتجول.‏ ولكن عندما كانت القضايا تصل الى محاكم الاستئناف،‏ كان القضاة يؤيدون عادةً تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وأخيرا،‏ بعدما غُمرت المحاكم بآ‌لاف القضايا هذه،‏ اصدرت وزارة الداخلية تعميما في السنة ١٩٣٠ الى جميع رسميي الشرطة يأمرهم بعدم الابتداء بإجراء قانوني ضد تلاميذ الكتاب المقدس بموجب قوانين البيع بالتجول.‏ وهكذا لفترة قصيرة خفّ الضغط من هذا المصدر،‏ وواصل شهود يهوه نشاطهم على نطاق مدهش في الحقل الالماني.‏

      ومارس رجال الدين ايضا تأثيرا قويا في رومانيا خلال تلك السنوات.‏ ونجحوا في تسبيب اصدار مراسيم تحظر مطبوعات ونشاط شهود يهوه.‏ لكنَّ الكهنة كانوا خائفين من ان يستمر الناس في قراءة المطبوعات التي حصلوا عليها قبلا وبالتالي يعلموا بالتعاليم غير المؤسسة على الاسفار المقدسة والادّعاءات المخادعة للكنيسة.‏ ولمنع ذلك كان الكهنة يذهبون فعليا مع الدرك من بيت الى بيت ليبحثوا عن اية مطبوعة وزَّعها شهود يهوه.‏ حتى انهم كانوا يسألون الاولاد الصغار غير المرتابين عما اذا قبل والدوهم مطبوعات كهذه.‏ واذا وُجد ايّ منها كان الاشخاص يهدَّدون بالضرب والسجن اذا قبلوا المزيد في المستقبل.‏ وفي بعض القرى كان الكاهن رئيس البلدية وقاضي الصلح ايضا،‏ ولم يكن ممكنا لأيّ شخص ان يرجو العدل ان لم يفعل ما يقوله الكاهن.‏

      ان سجل بعض الرسميين الاميركيين في فعل ارادة رجال الدين خلال هذه الحقبة ليس افضل.‏ مثلا،‏ عقب قيام الاسقف الكاثوليكي اوهارا بزيارة لا ڠرانج،‏ جورجيا،‏ اعتقل المحافظ ومحامي البلدية العشرات من شهود يهوه في السنة ١٩٣٦.‏ وخلال حجزهم أُجبروا على النوم بجانب كومة من السماد على فرش مرشوشة ببول البقر،‏ أُطعموا طعاما فيه دود،‏ وأُجبروا على العمل مع المساجين في شقّ الطرقات.‏

      وفي پولندا ايضا استخدم رجال الدين الكاثوليك كل وسيلة تمكنوا من ابتكارها لاعاقة عمل شهود يهوه.‏ فحرَّضوا الناس على العنف،‏ احرقوا مطبوعات شهود يهوه علنا،‏ اتهموهم بأنهم شيوعيون،‏ وساقوهم الى المحكمة بتهمة ان مطبوعاتهم «تنتهك حرمة المقدَّسات.‏» ولكن لم يكن جميع الرسميين على استعداد لفعل ما يطلبونه.‏ فالمدَّعي العام للمنطقة في محكمة الاستئناف في پوزن (‏پوزنان)‏،‏ مثلا،‏ رفض ان يحاكم واحدا من شهود يهوه اتهمه رجال الدين بأنه اشار الى رجال الدين الكاثوليك بصفتهم «هيئة الشيطان.‏» وأوضح المدَّعي العام نفسه ان الروح الفاسدة ادبيا التي انتشرت في العالم المسيحي كله منذ محكمة الكسندر السادس البابوية (‏١٤٩٢-‏١٥٠٣ ب‌م)‏ كانت حقا روح هيئة شيطانية.‏ وعندما اتهم رجال الدين واحدا من شهود يهوه بالتجديف على اللّٰه بسبب توزيع مطبوعات برج المراقبة،‏ طلب المدَّعي العام للمنطقة في محكمة الاستئناف في تورن (‏تورون)‏ التبرئة قائلا:‏ ‹ان شهود يهوه يتخذون الموقف نفسه تماما كما فعل المسيحيون الاولون.‏ واذ يُساء تمثيلهم ويُضطهدون،‏ يؤيدون المُثُل العليا في بنية عالمية فاسدة ومنحلة.‏›‏

      وتظهر أرشيفات الحكومة الكندية انه استجابة لرسالة من قصر الكردينال الكاثوليكي ڤيلّنوڤ،‏ من كْويبك،‏ الى وزير العدل،‏ أرنست لاپوانت،‏ حُظر شهود يهوه في كندا في السنة ١٩٤٠.‏ وبعد ذلك طلب رسميون حكوميون آخرون توضيحا كاملا لاسباب هذا الاجراء،‏ لكنَّ اجابات لاپوانت لم تكن مقنعة على الاطلاق لكثيرين من اعضاء البرلمان الكندي.‏

      وفي الناحية الاخرى من الكرة الارضية،‏ كانت هنالك خطة مماثلة لرجال الدين.‏ وأرشيفات الحكومة الاوسترالية تحتوي على رسالة من رئيس اساقفة سيدني للروم الكاثوليك الى النائب العام و.‏ م.‏ هيوز تحثُّ على الاعلان ان شهود يهوه غير شرعيين.‏ وكُتبت هذه الرسالة في ٢٠ آب ١٩٤٠،‏ قبل خمسة اشهر فقط من فرض الحظر.‏ وبعد مراجعة الاساس المزعوم للحظر،‏ قال لاحقا حضرة قاضي المحكمة العليا في اوستراليا وليمز ان ذلك له «اثر في جعل المدافعة عن مبادئ وعقائد الدين المسيحي غير شرعية وكل احتفال ديني يعقده المؤمنون بولادة المسيح اجتماعا غير شرعي.‏»‏ وفي ١٤ حزيران ١٩٤٣ حكمت المحكمة بأن الحظر لم يكن منسجما مع القانون الاوسترالي.‏

      وفي سويسرا طالبت صحيفة كاثوليكية بأن تصادر السلطات مطبوعات الشهود التي تعتبرها الكنيسة مسيئة.‏ وهدَّدوا بأنه ان لم يجرِ ذلك فسينفِّذون القانون هم انفسهم.‏ وهذا ما فعلوه تماما في انحاء كثيرة من العالم!‏

      القادة الدينيون يلجأون الى العنف

      شعر رجال الدين الكاثوليك في فرنسا بأنه لا تزال لديهم سيطرة قوية على الناس،‏ وكانوا مصمِّمين الا يدعوا شيئا يعترض احتكار السلطة هذا.‏ وخلال ١٩٢٤-‏١٩٢٥ كان تلاميذ الكتاب المقدس في بلدان عديدة يوزِّعون نشرة الاكليريكيون متَّهَمون.‏ وفي السنة ١٩٢٥ عُيِّن موعد ليلقي ج.‏ ف.‏ رذرفورد في پاريس خطابا عن موضوع «تشهير خداع رجال الدين.‏» وفي ما يتعلق بما حدث في الاجتماع اخبر شاهد عيان:‏ «كانت القاعة مكتظة.‏ وظهر الاخ رذرفورد على المنصة،‏ فحدث تصفيق حار.‏ وعندما ابتدأ يتكلم اندفع فجأة الى القاعة نحو ٥٠ كاهنا وعضوا في الحركة الكاثوليكية،‏ مسلَّحين بعصيّ،‏ وهم ينشدون لا مارسيّيز [النشيد الوطني الفرنسي].‏ ورموا نشرات من اعلى الدرج.‏ وصعد احد الكهنة الى المنصة.‏ فطرحه شابان الى الارض.‏ وثلاث مرات ترك الاخ رذرفورد المنصة ثم عاد.‏ وأخيرا ترك ولم يعد.‏ .‏ .‏ .‏ وقُلبت الطاولات التي تعرض مطبوعاتنا ورُميت كتبنا هنا وهناك.‏ لقد كانت فوضى تامة!‏» لكنَّ تلك الحادثة لم تكن الوحيدة.‏

      شعر جاك كور تكرارا بعنف رجال الدين الكاثوليك فيما كان يشهد في ايرلندا.‏ ففي احدى المناسبات سحبه الرعاع من السرير في منتصف الليل،‏ بتحريض من كاهن الابرشية،‏ ثم احرقوا كل مطبوعاته في الساحة العامة.‏ وفي راسكراي في اقليم تيپيراري وصل ڤيكتور ڠِرد وجيم كوربي الى منزلهما ليجدا ان المقاومين قد سرقوا مطبوعاتهم،‏ نقعوها في البنزين،‏ وأوقدوها.‏ ووقفت حول المشعلة الشرطة المحلية،‏ رجال الدين،‏ وأولاد من المنطقة،‏ يغنُّون «ايمان آبائنا.‏»‏

      وقبل ان يجتمع شهود يهوه في ماديسون سكوير ڠاردن في نيويورك في السنة ١٩٣٩،‏ هدَّد أتباع الكاهن الكاثوليكي تشارلز كاڠلِن بإيقاف المحفل.‏ فجرى اشعار الشرطة.‏ وفي ٢٥ حزيران تكلَّم الاخ رذرفورد الى ٠٠٠‏,١٨ او اكثر في قاعة الاستماع هذه،‏ والى عدد كبير من المستمعين للراديو من جميع الامم،‏ عن موضوع «الحكومة والسلام.‏» وبعد ان ابتدأت المحاضرة احتشد ٢٠٠ او اكثر من الروم الكاثوليك والنازيين في الشرفة يقودهم كهنة كاثوليك عديدون.‏ وعند اشارة معيَّنة اطلقوا صرخة مروِّعة،‏ هاتفين ‏«هايل هتلر!‏»‏ و ‏«ڤيڤا فرانكو!‏»‏ واستخدموا كل انواع الكلام القبيح والتهديدات وهاجموا العديد من الحجَّاب الذين شرعوا في تهدئة الشغب.‏ لم ينجح المشاغبون في ايقاف الاجتماع.‏ واستمر الاخ رذرفورد في التكلم بقوة وبدون خوف.‏ وعند ذروة الاضطراب اعلن:‏ «لاحظوا اليوم النازيين والكاثوليك الذين يريدون ايقاف هذا الاجتماع،‏ ولكن بنعمة اللّٰه لا يستطيعون ذلك.‏» وأيَّد الحضور ذلك بجولة بعد اخرى من التصفيق الحاد.‏ صار الشغب جزءا دائما من التسجيل الصوتي الذي صُنع في تلك المناسبة،‏ وقد سمعه الناس في انحاء عديدة من العالم.‏

      ولكن حيثما امكن،‏ كما في ايام محكمة التفتيش،‏ استخدم رجال الدين الروم الكاثوليك الدولة لقمع ايّ شخص يجرؤ على الاعتراض على تعاليم وممارسات الكنيسة.‏

      معاملة وحشية في معسكرات الاعتقال

      كان ادولف هتلر حليفا طوعيا لرجال الدين.‏ وفي السنة ١٩٣٣،‏ السنة نفسها التي وُقِّعت فيها اتفاقية بين الڤاتيكان والمانيا النازية،‏ شنَّ هتلر حملة لابادة شهود يهوه في المانيا.‏ وبحلول السنة ١٩٣٥ حُرموا من حماية القانون في الامة بكاملها.‏ ولكن مَن حرَّض على ذلك؟‏

      اذ كتب كاهن كاثوليكي في دِر دوتشه ڤايڠ (‏جريدة تصدر باللغة الالمانية في لودز،‏ پولندا)‏،‏ قال في عددها الصادر في ٢٩ ايار ١٩٣٨:‏ «هنالك الآن بلد واحد على الارض حيث المدعوون .‏ .‏ .‏ تلاميذ الكتاب المقدس [شهود يهوه] تحت الحظر.‏ انه المانيا!‏ .‏ .‏ .‏ وعندما تولَّى ادولف هتلر السلطة،‏ وكرَّرت الاسقفية الكاثوليكية الالمانية طلبها،‏ قال هتلر:‏ ‹ان المدعوين تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيين [شهود يهوه] هؤلاء هم مثيرون للمتاعب؛‏ .‏ .‏ .‏ انا اعتبرهم دجالين؛‏ ولا احتمل ان يلوِّث القاضي الاميركي رذرفورد هذا الكاثوليك الالمان بهذه الطريقة؛‏ انا احلّ [شهود يهوه] في المانيا.‏›» —‏ الحروف المائلة لنا.‏

      وهل كانت الاسقفية الكاثوليكة الالمانية وحدها التي ارادت اتخاذ اجراء كهذا؟‏ كما ورد في Oschatzer Gemeinnützige‏،‏ عدد ٢١ نيسان ١٩٣٣،‏ تكلم القس اللوثري أوتو في خطاب اذاعي في ٢٠ نيسان عن «التعاون الاوثق» من جهة الكنيسة اللوثرية الالمانية لولاية سكسونيا مع القادة السياسيين للامة،‏ ثم اعلن:‏ «ان اولى نتائج هذا التعاون يمكن ان يُخبَر بها في الحظر الذي فُرض اليوم على جمعية تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيين من جميع الامم [شهود يهوه] وأقسامها الفرعية في سكسونيا.‏»‏

      وبعد ذلك اطلقت الدولة النازية العنان لاحد اكثر الاضطهادات بربرية ضد المسيحيين في التاريخ المسجَّل.‏ فأُلقي آلاف من شهود يهوه —‏ من المانيا،‏ النمسا،‏ پولندا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ النَّذَرلند،‏ فرنسا،‏ وبلدان اخرى —‏ في معسكرات الاعتقال.‏ وهناك أُخضعوا لاكثر المعاملات قساوة وسادية التي يمكن تصورها.‏ ولم يكن غير عادي ان يُشتموا ويُرفسوا،‏ ثم ان يُجبَروا على القيام بحركات شاقة تشمل حني الجسم عند الركبتين،‏ القفز،‏ والزحف ساعات دون انقطاع،‏ حتى يُغمَى عليهم او ينهاروا من التعب الشديد،‏ فيما يضحك الحرّاس بابتهاج.‏ وأُجبر البعض على الوقوف عراة او بثياب قليلة في الفِناء في منتصف الشتاء.‏ وجُلد كثيرون حتى أُغمي عليهم وتغطَّت ظهورهم بالدم.‏ واستُخدم آخرون كحقول تجارب في الاختبارات الطبية.‏ وعُلِّق البعض من معاصمهم وأذرعهم مربوطة وراء ظهرهم.‏ ورغم ضعفهم بسبب الجوع ولباسهم غير الكافي في الطقس القارس،‏ كانوا يُجبَرون على القيام بأشغال شاقة،‏ عاملين ساعات طويلة،‏ مستعملين غالبا ايديهم فيما كانت تلزم الرفوش والادوات الاخرى.‏ والرجال والنساء على السواء أُسيئت معاملتهم على هذا النحو.‏ وكانت اعمارهم تتراوح بين سنوات المراهقة والسبعينات.‏ وكان معذِّبوهم يصرخون متحدّين يهوه.‏

      وفي محاولة لاضعاف معنويات الشهود،‏ امر قائد المعسكر في زاكسنهاوزن باعدام اوڠست ديكمان،‏ شاهد حدث،‏ في حضور جميع السجناء،‏ مع وجود شهود يهوه في المقدِّمة حيث يكون الوقع شديدا عليهم.‏ وبعد ذلك صُرف باقي السجناء ولكن كان على شهود يهوه ان يبقوا.‏ وبتشديد كبير سألهم القائد،‏ ‹مَن هو مستعد الآن لتوقيع البيان؟‏› —‏ بيان ينكر فيه المرء ايمانه ويعبِّر عن الرغبة في الصيرورة جنديا.‏ فلم يُجب احد من الشهود الـ‍ ٤٠٠ او اكثر.‏ ثم تقدَّم اثنان!‏ كلا،‏ لا ليوقِّعا،‏ بل ليطلبا الغاء توقيعيهما اللذين أُعطيا قبل سنة تقريبا.‏

      وفي معسكر بوكنْوُلد مورس ضغط مماثل.‏ فقد ابلغ الضابط النازي رودل الشهود:‏ «اذا رفض احدكم ان يقاتل ضد فرنسا او انكلترا،‏ فستموتون كلكم!‏» وكانت تنتظر عند بيت الحراسة فرقتان من وحدات الحماية الـ‍ SS مدجَّجتان بالسلاح.‏ فلم يستسلم ولا واحد من الشهود.‏ وتبعت ذلك معاملة قاسية،‏ لكنَّ تهديد الضابط لم يُنفَّذ.‏ وصار معروفا جيدا ان الشهود،‏ فيما يقومون في المعسكر بأيّ نوع تقريبا من العمل يعيَّن لهم وعلى الرغم من معاقبتهم بالتجويع المنظَّم والعمل الشاق،‏ يرفضون بثبات ان يفعلوا شيئا يدعم الحرب او موجَّها ضد رفيق سجين.‏

      يعجز الكلام عن وصف اختباراتهم المريعة.‏ لقد مات مئات منهم.‏ وبعد تحرير الناجين من المعسكرات في نهاية الحرب كتب شاهد من فلاندر:‏ «الرغبة الثابتة في العيش،‏ الرجاء والثقة بيهوه،‏ الذي هو كلي القدرة،‏ والمحبة للثيوقراطية،‏ هي التي مكَّنتنا من احتمال كل هذا واحراز النصر.‏ —‏ رومية ٨:‏٣٧‏.‏»‏

      لقد أُبعد الوالدون عن اولادهم بلا رحمة.‏ وأُبعد رفقاء الزواج احدهم عن الآخر،‏ والبعض لم يسمعوا ثانية قط احدهم عن الآخر.‏ وبعد وقت قصير من زواجه قُبض على مارتن پويتسنڠر وأُخذ الى المعسكر السيئ السمعة في داخاو،‏ ثم الى ماوتهاوزن.‏ وسُجنت زوجته،‏ ڠيرتْرُوت،‏ في رَڤنْسْبروك.‏ ولم يريا واحدهما الآخر طوال تسع سنوات.‏ واذ تذكَّر اختباراته في ماوتهاوزن،‏ كتب لاحقا:‏ «جرَّب الڠستاپو كل طريقة لحملنا على كسر ايماننا بيهوه.‏ فنظام التجويع،‏ الصداقات الخدَّاعة،‏ الاعمال الوحشية،‏ الاجبار على الوقوف في زنزانة ضيقة جدا يوما بعد يوم،‏ التعليق بعمود طوله عشر اقدام (‏٣ م)‏ من المعصمين وهما ملويَّان وراء الظهر،‏ الجَلد —‏ كل هذه وغيرها من الامور التي ذكْرها مخز جدا،‏ جُرِّبت.‏» لكنه بقي وليا ليهوه.‏ وكان بين الناجين ايضا،‏ وخدم لاحقا كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏

      مسجونون بسبب ايمانهم

      لم يكن شهود يهوه في معسكرات الاعتقال لأنهم مجرمون.‏ فعندما كان الضباط يريدون ان يحلق لهم احد،‏ كانوا يستأمنون شاهدا على موسى الحلاقة،‏ لأنهم يعرفون انه ما من شاهد يستعمل في وقت من الاوقات اداة كهذه كسلاح لايذاء انسان آخر.‏ وفي معسكر الابادة أَوشڤيتس عندما كان ضباط وحدات الحماية الـ‍ SS يحتاجون الى شخص ينظِّف بيوتهم او يعتني بأولادهم،‏ كانوا يختارون الشهود،‏ لأنهم يعرفون ان هؤلاء لن يحاولوا تسميمهم او يحاولوا الهرب.‏ وعند اخلاء معسكر زاكسنهاوزن في نهاية الحرب وضع الحرّاس عربة فيها غنيمتهم وسط فريق من الشهود.‏ ولماذا؟‏ لأنهم عرفوا ان الشهود لن يسرقوا منها.‏

      سُجن شهود يهوه بسبب ايمانهم.‏ ووُعدوا تكرارا باطلاق سراحهم من المعسكرات اذا وقَّعوا فقط بيانا ينكرون فيه معتقداتهم.‏ وفعلت وحدات الحماية الـ‍ SS كل ما في وسعها لاغراء او اجبار الشهود على توقيع بيان كهذا.‏ فهذا ما ارادوه قبل كل شيء.‏

      برهن جميع الشهود باستثناء قليلين ان استقامتهم لا تنثلم.‏ لقد تألموا بسبب ولائهم ليهوه وإخلاصهم لاسم المسيح.‏ واحتملوا تعذيب الاستجواب الذي أُنزل بهم.‏ وأكثر من ذلك حافظوا ايضا على رُبُط قوية من الوحدة الروحية.‏

      لم تكن روحهم روح الاهتمام بنجاة انفسهم مهما كلَّف الامر.‏ لقد اظهروا محبة التضحية بالذات واحدهم للآخر.‏ فعندما كان يضعف واحد منهم،‏ كان الآخرون يعطونه من حصتهم القليلة من الطعام.‏ وعندما كانوا يُحرَمون من كل معالجة طبية،‏ كانوا يعتنون بمحبة واحدهم بالآخر.‏

      ورغم كل جهود مضطهديهم لمنع ذلك،‏ كانت تصل مواد درس الكتاب المقدس الى الشهود —‏ مخفية في رزم الهدايا من الخارج،‏ مَرويَّة بلسان السجناء الذين يصلون حديثا،‏ وحتى مخبَّأة في الرِّجل الخشبية لسجين جديد،‏ او بوسائل اخرى وهم في تعيينات العمل خارج المعسكرات.‏ وكانت النسخ تُمرَّر من واحد الى آخر؛‏ وفي بعض الاحيان كانت تُنسخ سرا على آلات في مكاتب ضباط المعسكرات نفسها.‏ حتى ان بعض الاجتماعات المسيحية كانت تُعقد في المعسكرات،‏ رغم ان ذلك كان ينطوي على خطر كبير.‏

      استمر الشهود يكرزون بأن ملكوت اللّٰه هو الرجاء الوحيد للجنس البشري —‏ وقد فعلوا ذلك هناك في معسكرات الاعتقال!‏ ونتيجة للنشاط المنظَّم داخل بوكنْوُلد سمع آلاف السجناء البشارة.‏ وفي معسكر نوينڠاما،‏ قرب هامبورڠ،‏ خُطط باعتناء لحملة شهادة مكثَّفة ونُفِّذت في وقت باكر من السنة ١٩٤٣.‏ وجُهِّزت بطاقات شهادة بمختلف اللغات التي يجري التكلم بها في المعسكر.‏ وبُذلت الجهود للوصول الى كل معتقل.‏ وصُنعت الترتيبات من اجل درس شخصي قانوني في الكتاب المقدس مع المهتمين.‏ وكان الشهود غيورين في كرازتهم حتى ان بعض السجناء السياسيين تذمروا:‏ «حيثما تذهبون،‏ كل ما تسمعونه هو حديث عن يهوه!‏» وعندما أتت اوامر من برلين بتفريق الشهود بين السجناء الآخرين لاضعافهم،‏ مكَّنهم ذلك فعلا من الشهادة لاشخاص اكثر.‏

      وفي ما يتعلق بالشاهدات الامينات الـ‍ ٥٠٠ او اكثر في رَڤنْسْبروك،‏ كتبت ابنة اخي الجنرال الفرنسي شارل ديڠول بعد ان أُطلق سراحها:‏ «انا معجبة حقا بهنَّ.‏ لقد انتمين الى قوميات متنوعة:‏ الالمانية،‏ الپولندية،‏ الروسية والتشيكية،‏ واحتملن آلاما عظيمة جدا من اجل معتقداتهن.‏ .‏ .‏ .‏ وجميعهن اظهرن شجاعة كبيرة جدا وموقفهن نال اخيرا احترام حتى وحدات الحماية الـ‍ SS‏.‏ وكان بامكانهن نيل الحرية فورا لو انكرن ايمانهن.‏ لكنهن،‏ على العكس،‏ لم يتوقفن عن المقاومة،‏ حتى انهن نجحن في ادخال الكتب والنشرات الى المعسكر.‏»‏

      وكيسوع المسيح،‏ برهنوا انهم غلبوا العالم الذي حاول ان يضعهم في قالبه الشيطاني.‏ (‏يوحنا ١٦:‏٣٣‏)‏ وتقول كريستين كينڠ عنهم في كتاب الحركات الدينية الجديدة:‏ صورة لفهم المجتمع:‏ «قدَّم شهود يهوه تحديا للمفهوم الكلِّياني للمجتمع الجديد،‏ وهذا التحدي،‏ وكذلك الاصرار على بقائه،‏ ازعج على نحو يمكن اثباته مهندسي النظام الجديد.‏ .‏ .‏ .‏ ان الاساليب القديمة العهد للاضطهاد،‏ التعذيب،‏ السجن والسخرية لم تكن تؤدي الى تحويل ايّ من الشهود الى الموقف النازي وكانت في الواقع تعطي نتائج عكسية ضد مثيريها.‏ .‏ .‏ .‏ بين هذين المتنافسين اللذين يطالبان بالولاء كان القتال مرا،‏ وخصوصا لأن النازيين الاقوى جسديا كانوا بطرائق عديدة اقل يقينا،‏ اقل رسوخا في اقتناعهم،‏ اقل تأكدا من بقاء رايخهم للـ‍ ٠٠٠‏,١ سنة.‏ والشهود لم يشكّوا في رسوخهم،‏ لان ايمانهم كان واضحا منذ زمن هابيل.‏ وبينما كان على النازيين ان يخمدوا المقاومة ويقنعوا مؤيديهم،‏ مقتبسين غالبا اللغة والتخيلات من المسيحية الطائفية،‏ كان الشهود على يقين من ولاء اعضائهم الكامل الذي لا ينثني حتى الموت.‏» —‏ نُشر في السنة ١٩٨٢.‏

      عند نهاية الحرب خرج اكثر من الف شاهد ناجٍ من المعسكرات وإيمانهم سليم ومحبتهم بعضهم لبعض قوية.‏ واذ اقتربت الجيوش الروسية،‏ اخلى الحرّاس بسرعة زاكسنهاوزن.‏ وجمعوا السجناء بحسب القومية.‏ لكنَّ شهود يهوه بقوا معا كفريق واحد —‏ ٢٣٠ منهم من هذا المعسكر.‏ واذ اقترب الروس خلفهم،‏ اضطرب الحرّاس.‏ لم يكن هنالك طعام،‏ والسجناء كانوا ضعفاء؛‏ ومع ذلك،‏ كل مَن يتلكأ او ينهار بسبب الانهاك كان يُقتل.‏ فانتشرت جثث الآلاف منهم على طول خط سيرهم.‏ لكنَّ الشهود ساعدوا واحدهم الآخر بحيث لم يقع حتى الاضعف فيهم على الطريق!‏ مع ان بعضهم كانت تتراوح اعمارهم بين ٦٥ و ٧٢ سنة.‏ وحاول سجناء آخرون ان يسرقوا الطعام في الطريق،‏ فرُمي كثيرون بالرصاص وهم يفعلون ذلك.‏ وعلى سبيل التباين،‏ انتهز شهود يهوه الفرص وهم في طريق الاجلاء لاخبار الناس عن مقاصد يهوه الحبية،‏ وبعض هؤلاء،‏ بدافع الشكر على الرسالة المعزية،‏ زوَّدوهم وإخوتهم المسيحيين بالطعام.‏

      رجال الدين يستمرون في المقاومة

      بعد الحرب العالمية الثانية استمر رجال الدين في الجزء الشرقي من تشيكوسلوڤاكيا في التحريض على اضطهاد شهود يهوه.‏ وفي اثناء السيطرة النازية كانوا قد اتهموا الشهود بأنهم شيوعيون؛‏ والآن ادَّعوا بأن الشهود ضد الحكومة الشيوعية.‏ وأحيانا،‏ عندما كان شهود يهوه يزورون بيوت الناس،‏ كان الكهنة يحثّون المعلِّمين على اخراج مئات الاولاد من المدرسة ليرموا الشهود بالحجارة.‏

      وبشكل مماثل،‏ ثار الكهنة الكاثوليك في سانتا آنّا،‏ السلڤادور،‏ ضد الشهود في السنة ١٩٤٧.‏ فبينما كان الاخوة يعقدون درسهم الاسبوعي في برج المراقبة رمى الصبيان حجارة عبر بوابة المبنى.‏ ثم اتى الموكب ويقوده كهنة.‏ كان البعض يحملون مشاعل؛‏ وكان آخرون يحملون صورا.‏ وكانوا يصرخون:‏ «لتحيَ العذراء!‏» «ليمت يهوه!‏» ولنحو ساعتين رشقوا المبنى بالحجارة.‏

      وفي منتصف اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ أُسيئت ايضا معاملة شهود يهوه بشكل رهيب في كْويبك،‏ كندا،‏ على ايدي الرعاع الكاثوليك والرسميين على السواء.‏ وكانت الوفود من قصر الاسقف تتوافد يوميا الى قسم الشرطة مطالبة الشرطة بالتخلص من الشهود.‏ وتكرارا،‏ قبل الاعتقال،‏ شوهد رجال الشرطة يخرجون من الباب الخلفي للكنيسة.‏ وفي السنة ١٩٤٩ طرد رعاع كاثوليك مرسلي شهود يهوه من جولييت،‏ كْويبك.‏

      ولكن لم يكن جميع الناس في كْويبك موافقين على ما يجري.‏ واليوم هنالك قاعة ملكوت رائعة لشهود يهوه في احد الشوارع الرئيسية في جولييت.‏ والمعهد اللاهوتي السابق هناك أُقفل،‏ اشترته الحكومة،‏ وحوَّلته الى كلية محلية.‏ وفي مونتريال عقد شهود يهوه محافل اممية كبيرة،‏ بحضور بلغ حتى ٠٠٨‏,٨٠ في السنة ١٩٧٨.‏

      إلا ان الكنيسة الكاثوليكية استخدمت كل وسيلة ممكنة لتبقى مسيطرة على الناس بقبضة من حديد.‏ وبالضغط على الرسميين الحكوميين،‏ تأكَّدوا ان المرسلين الشهود أُمروا بمغادرة ايطاليا في السنة ١٩٤٩ وأن التصاريح التي حصل عليها الشهود من اجل المحافل هناك أُلغيت،‏ حيثما امكن،‏ خلال خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ استمرت اعداد شهود يهوه في الازدياد،‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,١٩٠ مبشر شاهد في ايطاليا.‏

      وكما في زمن محكمة التفتيش،‏ كان رجال الدين في اسپانيا يتهمون ثم يتركون العمل القبيح لتقوم به الدولة.‏ مثلا،‏ في برشلونة،‏ حيث شنَّ رئيس الاساقفة حملة عنيفة على الشهود في السنة ١٩٥٤،‏ استخدم رجال الدين منابر وعظهم وكذلك المدارس والراديو ليقولوا للناس انه عندما يأتي الشهود لزيارتهم يجب ان يدعوهم الى الداخل —‏ ثم يتصلوا بالشرطة فورا.‏

      خاف الكهنة ان يتعلَّم الشعب الاسپاني ما في الكتاب المقدس وربما ان يظهروا ايضا للآخرين ما رأوه.‏ فعندما سُجن مانويل مولا خيماينس في ڠرانادا في السنة ١٩٦٠ بسبب «جريمة» تعليم الآخرين عن الكتاب المقدس،‏ ازال كاهن السجن (‏كاثوليكي)‏ الكتاب المقدس الوحيد في مكتبة السجن.‏ وعندما قدَّم سجين آخر لمانويل نسخة من الاناجيل،‏ انتُزعت منه.‏ غير ان الكتاب المقدس صار الآن في متناول العامة في اسپانيا،‏ ولديهم الفرصة ليتحققوا هم بأنفسهم ما يقوله،‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٩٠ ممَّن تبنَّوا عبادة يهوه كشهود له.‏

      وفي جمهورية الدومينيكان تعاون رجال الدين مع الدكتاتور تروخييو،‏ مستخدمينه لتحقيق اهدافهم تماما كما كان يستخدمهم لمقاصده الخاصة.‏ وفي السنة ١٩٥٠،‏ بعد ان ندَّدت مقالات الصحف التي كتبها الكهنة بشهود يهوه،‏ استدعى وزير الداخلية والشرطة ناظر فرع جمعية برج المراقبة.‏ واذ كان ينتظر خارج المكتب،‏ رأى ناظر الفرع كاهنين يسوعيين يدخلان ثم يغادران.‏ وبعد ذلك مباشرة دُعي الى مكتب الوزير،‏ وقرأ الوزير بعصبية قرارا يحظر نشاط شهود يهوه.‏ وبعد رفع الحظر لوقت قصير في السنة ١٩٥٦،‏ استخدم رجال الدين الراديو والصحافة على السواء لتشويه سمعة الشهود من جديد.‏ فقُبض على جماعات بكاملها وأُمروا بأن يوقِّعوا بيانا ينكرون فيه ايمانهم ويعدون بالرجوع الى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ وعندما رفض الشهود،‏ ضُربوا،‏ رُفسوا،‏ جُلدوا،‏ وهُشِّمت وجوههم بأعقاب البنادق.‏ لكنهم بقوا ثابتين،‏ وازدادت اعدادهم.‏

      وفي سوكريه،‏ بوليڤيا،‏ حدث عنف اكثر.‏ ففي وقت محفل لشهود يهوه في السنة ١٩٥٥ احاطت عصابة من الصبية من مدرسة القلب الاقدس الكاثوليكية بمكان المحفل وأخذوا يصرخون ويرمون الحجارة.‏ ومن مبنى الكنيسة عبر الشارع حثَّ مكبر قوي للصوت جميع الكاثوليك على الدفاع عن الكنيسة و «العذراء» ضد «الهراطقة الپروتستانت.‏» وحاول الاسقف والكهنة شخصيا ايقاف الاجتماع لكنَّ الشرطة امرتهم بالخروج من القاعة.‏

      وقبل سنة،‏ عندما كان شهود يهوه يعقدون محفلا في ريوبامبا،‏ إكوادور،‏ ابرز برنامجهم خطابا عاما بعنوان «المحبة،‏ عملية في عالم اناني؟‏» لكنَّ كاهنا يسوعيا اثار العامة الكاثوليك،‏ محرِّضا اياهم على منع هذا الاجتماع.‏ وهكذا،‏ اذ بدأ الخطاب،‏ سُمع الرعاع يصرخون «لتحيَ الكنيسة الكاثوليكية!‏» و «ليسقط الپروتستانت!‏» ومن الجدير بالمدح ان الشرطة ردعتهم بسيوف مسلولة.‏ لكنَّ الرعاع رشقوا مكان الاجتماع بالحجارة وفي ما بعد المبنى الذي يسكنه المرسلون.‏

      كان رجال الدين الروم الكاثوليك في مقدمة الاضطهاد،‏ ولكنهم لم يكونوا الوحيدين.‏ فرجال الدين الروم الارثوذكس كانوا عنفاء مثلهم واستعملوا التكتيك نفسه في منطقة نفوذهم المحدودة اكثر.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اعرب كثيرون من رجال الدين الپروتستانت عن روح مماثلة حيثما شعروا بأنه يمكنهم ذلك.‏ مثلا،‏ قادوا في إندونيسيا الرعاع الذين اوقفوا دروس الكتاب المقدس في البيوت الخاصة والذين ضربوا بوحشية شهود يهوه الحاضرين.‏ وفي بعض البلدان الافريقية حاولوا التأثير في الرسميين ليطردوا شهود يهوه من البلد او ليحرموهم حرية التكلم بكلمة اللّٰه مع الآخرين.‏ ورغم انهم قد يختلفون في امور اخرى،‏ يتفق رجال الدين الكاثوليك والپروتستانت ككل في مقاومتهم شهود يهوه.‏ حتى انهم احيانا يعملون معا في محاولة للتأثير في الرسميين الحكوميين لايقاف نشاط الشهود.‏ وحيث تسيطر الاديان غير المسيحية،‏ غالبا ما يستخدمون هم ايضا الحكومة لحماية شعبهم من ايّ تعرُّض للتعاليم التي يمكن ان تجعلهم يشكّون في دين مولدهم.‏

      وأحيانا كانت هذه الفرق غير المسيحية تعمل مع المدَّعين المسيحية في التخطيط للمحافظة على الوضع الديني الراهن.‏ ففي دِكين،‏ في داهومي (‏الآن بينين)‏،‏ تآ‌مر كاهن الجوجو وكاهن كاثوليكي معا لجعل الرسميين يحظرون نشاط شهود يهوه في وقت باكر من خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وبدافع اليأس لفَّقا تهما معدَّة لاثارة كل انواع المشاعر العدائية.‏ فاتهما الشهود بأنهم يحرِّضون الناس على الثورة ضد الحكومة،‏ بأنهم لا يدفعون الضرائب،‏ بأنهم سبب عدم نجاح تعاويذ الجوجو في استنزال المطر،‏ وبأنهم مسؤولون عن عدم فعَّالية صلوات الكاهن.‏ لقد خاف جميع القادة الدينيين هؤلاء ان يتعلَّم شعبهم امورا تحرِّرهم من المعتقدات الخرافية ومن حياة الطاعة العمياء.‏

      ولكن تدريجيا ضعف تأثير رجال الدين في اماكن عديدة.‏ ولا يجد رجال الدين الآن ان الشرطة تدعمهم دائما عندما يضايقون الشهود.‏ فعندما حاول كاهن للروم الارثوذكس ان يوقف محفلا لشهود يهوه بواسطة عنف الرعاع في لاريسا،‏ اليونان،‏ في السنة ١٩٨٦،‏ تدخَّل المدَّعي العام في المنطقة القضائية مع فرقة كبيرة من الشرطة لمصلحة الشهود.‏ وأحيانا كانت الصحافة صريحة تماما في شجبها اعمال التعصب الديني.‏

      ومع ذلك،‏ في انحاء كثيرة من العالم،‏ ادَّت قضايا اخرى الى موجات من الاضطهاد.‏ واحدى هذه القضايا شملت موقف شهود يهوه من الرموز القومية.‏

      لأنهم يعبدون يهوه فقط

      في الازمنة العصرية كان ان شهود يهوه في المانيا النازية اولا واجهوا على نحو بارز قضايا تتعلق بالاحتفالات القومية.‏ فقد حاول هتلر ان يُخضع الامة الالمانية لنظام موحَّد بجعل التحية النازية ‏«هايل هتلر!‏»‏ الزامية.‏ وكما ذكر الصحافي السويدي والمذيع في الـ‍ BBC بْيِرن هالستروم،‏ عندما كان شهود يهوه يُعتقلون في المانيا في اثناء العهد النازي،‏ كانت التهم ضدهم تشمل عادةً «رفض تحية العلم وتقديم التحية النازية.‏» وسرعان ما ابتدأت الدول الاخرى تطلب من كل شخص ان يحيي علمها.‏ فرفض شهود يهوه —‏ لا بدافع عدم الولاء بل لاسباب تتعلق بالضمير المسيحي.‏ فهم يحترمون العلم ولكنهم يعتبرون تحية العلم عمل عبادة.‏f

      وبعد سجن نحو ٢٠٠‏,١ شاهد في المانيا في وقت باكر من العهد النازي بسبب رفض تقديم التحية النازية ومخالفة حيادهم المسيحي،‏ أُسيئت معاملة الآلاف جسديا في الولايات المتحدة لأنهم امتنعوا عن تحية العلم الاميركي.‏ وخلال اسبوع ٤ تشرين الثاني ١٩٣٥ أُخذ عدد من اولاد المدرسة في كانُنْزبورڠ،‏ پنسلڤانيا،‏ الى غرفة جهاز التدفئة المركزية في المدرسة،‏ وجُلدوا لأنهم رفضوا التحية.‏ وصُرفت المعلِّمة ڠريس إستِپ من عملها في تلك المدرسة للسبب نفسه.‏ وفي ٦ تشرين الثاني رفض وليم وليليان ڠوبايتس تحية العلم وطُردا من المدرسة في ماينرزڤِل،‏ پنسلڤانيا.‏ فأقام والدهما دعوى لمنح ولديه حق دخول المدرسة ثانية.‏ فحكمت المحكمة الاتحادية المحلية ومحكمة الاستئناف الدورية كلتاهما في القضية لمصلحة شهود يهوه.‏ ولكن،‏ في السنة ١٩٤٠،‏ اذ كانت الامة على شفير الحرب،‏ ايَّدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة،‏ في قضية المجلس التعليمي لمقاطعة ماينرزڤِل ضد ڠوبايتس،‏ بقرار ٨ مقابل ١،‏ تحية العلم الالزامية في المدارس الحكومية.‏ فأدَّى ذلك الى اندلاع العنف ضد شهود يهوه في كل انحاء البلد.‏

      كان هنالك الكثير من الهجومات العنيفة على شهود يهوه حتى ان السيدة إلينور روزڤلت (‏زوجة الرئيس ف.‏ د.‏ روزڤلت)‏ ناشدت الشعب ان يكفَّ عن ذلك.‏ وفي ١٦ حزيران ١٩٤٠،‏ في برنامج اذاعي على الراديو غطَّى كل انحاء البلد،‏ اشار الوكيل العام الاميركي،‏ فرنسيس بيدل،‏ بالتحديد الى الاعمال الوحشية التي ارتُكبت ضد الشهود وقال بأن هذه لن يُسمح بها.‏ ولكنَّ ذلك لم يمنعها.‏

      وفي كل ظرف يمكن تصوره —‏ في الشوارع،‏ في اماكن الاستخدام،‏ عندما يزور الشهود البيوت في اثناء خدمتهم —‏ كانت الاعلام تُمدُّ قدامهم،‏ ويُطلب منهم ان يؤدّوا التحية لها —‏ وإلا!‏ وفي نهاية السنة ١٩٤٠،‏ اخبر الكتاب السنوي لشهود يهوه:‏ «كانت هيئة الكهنوت والرابطة الاميركية للمحاربين القدامى عنيفتين في إحداث اضرار لا يمكن وصفها بواسطة مثل هؤلاء الرعاع الذين اخذوا على عاتقهم تنفيذ القانون بأيديهم.‏ فقد جرى الاعتداء على شهود يهوه،‏ ضربهم،‏ خطفهم،‏ طردهم من البلدات،‏ الاقاليم والولايات،‏ طليهم بالقار وتغطيتهم بالريش،‏ اجبارهم على شرب زيت الخروع،‏ ربطهم معا ومطاردتهم كحيوانات عجماء في الشوارع،‏ خصيهم وتشويههم،‏ تعييرهم وإهانتهم من قِبل جموع واقعة تحت نفوذ الابالسة،‏ سجنهم بالمئات بدون تهمة ووضعهم في سجون انفرادية وحرمانهم حق التكلم مع الاقرباء،‏ الاصدقاء او المحامين.‏ وسُجن مئات كثيرون آخرون وجعلوا في ما يُسمَّى ‹الاعتقال الوقائي›؛‏ أُطلقت النار على البعض ليلا؛‏ هُدِّد البعض بالشنق وضُربوا حتى فقدوا الوعي.‏ وحدثت انواع عديدة من عنف الرعاع.‏ فجُرِّد كثيرون من ثيابهم عنوة،‏ صودرت كتبهم المقدسة ومطبوعاتهم الاخرى وأُحرقت علانية؛‏ حُطِّمت وأُحرقت سياراتهم،‏ مقطوراتهم،‏ بيوتهم وأماكن اجتماعاتهم .‏ .‏ .‏ وفي حالات عديدة حيث كانت المحاكمات تجري في مجتمعات يسودها الرعاع،‏ هوجم وضرب المحامون وكذلك الشهود وهم في المحكمة.‏ وفي كل قضية تقريبا حيث حصل عنف الرعاع،‏ لم يفعل الرسميون الحكوميون شيئا ورفضوا تقديم الحماية،‏ وفي عشرات الحالات اشترك اعضاء من الشرطة مع الرعاع وأحيانا قادوا الرعاع فعلا.‏» ومن السنة ١٩٤٠ الى السنة ١٩٤٤ هاجم اكثر من ٥٠٠‏,٢ مجموعة من الرعاع العنفاء شهود يهوه في الولايات المتحدة.‏

      وبسبب طرد اولاد شهود يهوه جملة من المدرسة كان ضروريا،‏ لفترة من الوقت في اواخر ثلاثينات وأوائل اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ان يديروا مدارسهم الخاصة في الولايات المتحدة وكندا بغية تثقيف اولادهم.‏ وهذه سُمِّيت مدارس الملكوت.‏

      واضطهدت بلدان اخرى ايضا الشهود بقساوة لأنهم امتنعوا عن تحية او تقبيل الرموز القومية.‏ ففي السنة ١٩٥٩ مُنع اولاد شهود يهوه في كوستاريكا الذين لم ينهمكوا في ما يصفه القانون بـ‍ ‹عبادة الرموز القومية› من الذهاب الى المدارس.‏ وعومل بشكل مماثل الاولاد الشهود في پاراڠواي في السنة ١٩٨٤.‏ وحكمت المحكمة العليا في الفيليپين في السنة ١٩٥٩ بأنه،‏ رغم الاعتراضات الدينية،‏ يمكن اجبار اولاد شهود يهوه على تحية العلم.‏ ومع ذلك،‏ في اغلب القضايا،‏ تعاونت السلطات المدرسية هناك مع الشهود بحيث تمكَّن اولادهم من حضور المدرسة دون مخالفة ضمائرهم.‏ وفي السنة ١٩٦٣ اتَّهم الرسميون في لَيبيريا،‏ افريقيا الغربية،‏ الشهود بعدم الولاء للدولة؛‏ فأوقفوا عنوة محفلا للشهود في بانڠا وطلبوا من كل شخص حاضر —‏ اللَيبيريين والاجانب على السواء —‏ ان يتعهَّد بالولاء للعلم الوطني.‏ وفي السنة ١٩٧٦ ذكر تقرير بعنوان «شهود يهوه في كوبا» انه خلال السنتين الماضيتين أُرسل الف من الوالدين،‏ الرجال والنساء على السواء،‏ الى السجن لأن اولادهم لا يحيّون العلم.‏

      لم يوافق الجميع على مثل هذه الاجراءات القمعية ضد اناس،‏ لاسباب تتعلق بالضمير،‏ يمتنعون باحترام عن الاشتراك في الاحتفالات الوطنية.‏ وفي السنة ١٩٤١ ذكرت المنبر المفتوح،‏ التي يصدرها فرع اتحاد الحريات المدنية الاميركي في كاليفورنيا الجنوبية:‏ «انه الوقت لنعود الى رشدنا بشأن مسألة تحية العلم هذه.‏ فشهود يهوه ليسوا اميركيين عديمي الولاء.‏ .‏ .‏ .‏ وليست عادتهم كسر القانون عموما،‏ لكنهم يحيون حياة مرتَّبة ولائقة،‏ قائمين بدورهم في المصلحة العامة.‏» وفي السنة ١٩٧٦ ذكر محرِّر عمود في الارجنتين،‏ في صحيفة بونس إيريس هيرالد،‏ بصراحة ان «معتقدات [الشهود] لا تسيء إلا الى الذين يعتقدون ان الوطنية هي قبل كل شيء مسألة تلويح بالعلم وإنشاد اناشيد،‏ لا مسألة قلب.‏» وأضاف:‏ «وجد هتلر وستالين ان [الشهود] لا يمكن قبولهم،‏ فعاملاهم بفظاعة.‏ وكثيرون من الدكتاتوريين الآخرين اذ كانوا يرغبون في نيل الخضوع حاولوا ان يقمعوهم.‏ وفشلوا.‏»‏

      من المعروف جيدا ان بعض الفرق الدينية ايَّدت العنف المسلَّح ضد الحكومات التي لا يوافقون عليها.‏ لكنَّ شهود يهوه لم يشتركوا قط في اية فتنة سياسية في ايّ مكان على الارض.‏ وليس بسبب عدم الولاء —‏ بسبب دعم حكومة بشرية اخرى —‏ يرفضون تحية الرمز الوطني.‏ فهم يتخذون الموقف نفسه في كل بلد يوجدون فيه.‏ وموقفهم ليس موقف عدم احترام.‏ فهم لا يصفرون او يصرخون لخلق التشويش في الاحتفالات الوطنية؛‏ لا يبصقون على العلم،‏ يدوسونه او يحرقونه.‏ وهم ليسوا ضد الحكومة.‏ وموقفهم مؤسس على ما قاله يسوع المسيح نفسه،‏ كما هو مسجَّل في متى ٤:‏١٠‏:‏ «للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.‏»‏

      ان الموقف الذي يتخذه شهود يهوه هو كالموقف الذي اتخذه المسيحيون الاولون في ايام الامبراطورية الرومانية.‏ وفي ما يتعلق بأولئك المسيحيين الاولين يذكر كتاب مبادئ تاريخ الكتاب المقدس:‏ «عمل عبادة الامبراطور كان يتضمَّن رشّ ذرات قليلة من البخور او قطرات قليلة من الخمر على مذبح قائم امام تمثال للامبراطور.‏ وربما في بعدنا الطويل عن الوضع لا نرى في العمل شيئا يختلف عن .‏ .‏ .‏ رفع اليد في التحية للعلم او لحاكم دولة مشهور،‏ تعبير مجاملة،‏ احترام،‏ ووطنية.‏ وربما شعر عدد كبير من الناس في القرن الاول بهذه الطريقة تجاه ذلك ولكن ليس المسيحيون.‏ فقد اعتبروا القضية كلها قضية عبادة دينية،‏ الاعتراف بالامبراطور كإله وبالتالي الصيرورة عديمي الولاء للّٰه وللمسيح،‏ ورفضوا فعل ذلك.‏» —‏ إلمر و.‏ ك.‏ مُولد،‏ ١٩٥١،‏ ص ٥٦٣.‏

      مبغَضون لأنهم «ليسوا جزءا من العالم»‏

      لأن يسوع قال ان تلاميذه «ليسوا جزءا من العالم،‏» لا يشترك شهود يهوه في شؤونه السياسية.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يوحنا ٦:‏١٥‏)‏ وفي هذا ايضا يشبهون المسيحيين الاولين الذين يقول عنهم المؤرخون:‏

      ‏«لم تكن المسيحية الاولى مفهومة ولم يكن يُنظر اليها برضى من اولئك الذين يسودون العالم الوثني.‏ .‏ .‏ .‏ فقد رفض المسيحيون الاشتراك في بعض واجبات المواطنين الرومانيين.‏ .‏ .‏ .‏ وكانوا لا يشغلون الوظائف السياسية.‏» (‏في الطريق الى المدنية —‏ تاريخ العالم،‏ ا.‏ ك.‏ هكل و ج.‏ جي.‏ سيڠمن،‏ ١٩٣٧،‏ ص ٢٣٧،‏ ٢٣٨)‏ «كانوا يرفضون القيام بأيّ دور فعَّال في الادارة المدنية للحكم او الدفاع العسكري عن الامبراطورية.‏ .‏ .‏ .‏ وكان يستحيل على المسيحيين ان يصيروا جنودا او قضاة او ولاة دون ان ينكروا واجبا اقدس.‏» —‏ تاريخ المسيحية،‏ ادوارد ڠيبون،‏ ١٨٩١،‏ ص ١٦٢،‏ ١٦٣.‏

      لا ينظر العالم الى هذا الموقف برضى،‏ وخصوصا في البلدان حيث يتطلَّب الحكام من الجميع ان يشتركوا في نشاطات معيَّنة كدليل على تأييد النظام السياسي.‏ والنتيجة هي كما ذكر يسوع:‏ «لو كنتم (‏جزءا)‏ من العالم لكان العالم يحب خاصته.‏ ولكن لأنكم لستم (‏جزءا)‏ من العالم بل انا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم.‏» —‏ يوحنا ١٥:‏١٩‏.‏

      في بعض البلدان يُعتبر التصويت في الانتخابات السياسية التزاما.‏ والتخلُّف عن التصويت يعاقَب عليه بالغرامة،‏ السجن،‏ او بما هو اسوأ.‏ لكنَّ شهود يهوه يؤيدون ملكوت اللّٰه المسيَّاني الذي هو،‏ كما قال يسوع،‏ ‹ليس جزءا من هذا العالم.‏› لذلك لا يشتركون في الشؤون السياسية لأمم هذا العالم.‏ (‏يوحنا ١٨:‏٣٦‏)‏ والقرار هو قرار شخصي؛‏ فهم لا يفرضون آراءهم على الآخرين.‏ وحيث لا يوجد تسامح ديني،‏ جعل الرسميون الحكوميون عدم اشتراك الشهود عذرا للاضطهاد الشديد.‏ مثلا،‏ في اثناء العهد النازي جرى ذلك في البلدان التي هي تحت سيطرتهم.‏ وجرى ذلك ايضا في كوبا.‏ غير ان الرسميين في بلدان عديدة كانوا اكثر تسامحا.‏

      ولكن في بعض الاماكن كان اصحاب السلطة يطلبون من الجميع ان يعبِّروا عن التأييد للحزب السياسي المسيطر بالهتاف بشعارات معيَّنة.‏ ولأنهم لم يفعلوا ذلك بسبب الضمير،‏ ضُرب آلاف من شهود يهوه في الانحاء الشرقية من افريقيا،‏ حُرموا معيشتهم،‏ وطُردوا من بيوتهم خلال سبعينات وثمانينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ إلا ان شهود يهوه في كل البلدان،‏ رغم انهم مجتهدون ومطيعون للقانون،‏ هم مسيحيون حياديون في ما يتعلق بالقضايا السياسية.‏

      في ملاوي هنالك حزب سياسي واحد فقط،‏ وامتلاك بطاقة الحزب يدل على العضوية.‏ ورغم ان الشهود مثاليون في دفع ضرائبهم،‏ رفضوا شراء بطاقات الحزب السياسي انسجاما مع معتقداتهم الدينية.‏ ففعلهم ذلك هو انكار لايمانهم بملكوت اللّٰه.‏ وبسبب ذلك،‏ في اواخر السنة ١٩٦٧،‏ بتشجيع من الرسميين الحكوميين،‏ شنَّت عصابات من الاحداث في كل مكان من ملاوي هجوما شاملا على شهود يهوه لم يسبق له مثيل في قذارته ووحشيته السادية.‏ فاغتُصبت اكثر من الف امرأة مسيحية تقيَّة.‏ وبعضهن عُرِّين امام جمع كبير من الرعاع،‏ ضُربن بالعصي وقبضات اليد،‏ ثم اعتُدي عليهن جنسيا من شخص بعد آخر.‏ ودُقَّت المسامير في اقدام الرجال وقضبان دواليب الدراجات في سيقانهم،‏ ثم أُمروا بأن يركضوا.‏ وفي كل انحاء البلد أُتلفت بيوتهم،‏ اثاثهم،‏ ثيابهم،‏ ومؤن طعامهم.‏

      ومرة ثانية،‏ في السنة ١٩٧٢،‏ تجددت هذه الاعمال الوحشية عقب الاجتماع السنوي لحزب الكونڠرس في ملاوي.‏ وفي هذا الاجتماع تقرَّر رسميا حرمان شهود يهوه كل استخدام دنيوي وطردهم من بيوتهم.‏ وحتى مناشدات المستخدِمين لاستبقاء هؤلاء العمَّال الموثوق بهم لم تنفع.‏ والبيوت،‏ المحاصيل،‏ والحيوانات الداجنة صودرت او دُمِّرت.‏ ومُنع الشهود من سحب الماء من بئر القرية.‏ وأعداد كبيرة ضُربت،‏ اغتُصبت،‏ شُوِّهت،‏ او قُتلت.‏ وفي اثناء كل هذا الوقت كان يُهزأ بهم ويُسخر منهم بسبب ايمانهم.‏ وأكثر من ٠٠٠‏,٣٤ هربوا من البلد اخيرا لئلا يُقتلوا.‏

      ولكنَّ ذلك لم يكن قد انتهى.‏ فمن بلد واحد اولا ثم من آخر أُجبروا على الرجوع عبر الحدود الى ايدي مضطهديهم،‏ وانما ليختبروا مزيدا من الوحشية.‏ ولكن،‏ رغم ذلك كله،‏ لم يسايروا،‏ ولم يتخلَّوا عن ايمانهم بيهوه اللّٰه.‏ وبرهنوا انهم كأولئك الخدام الامناء للّٰه الذين يقول عنهم الكتاب المقدس:‏ «آخرون تجرَّبوا في هزء وجَلد ثم في قيود ايضا وحبس.‏ رُجموا نُشروا جُرِّبوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنم وجلود معزى معتازين مكروبين مُذلِّين.‏ وهم لم يكن العالم مستحقا لهم.‏» —‏ عبرانيين ١١:‏​٣٦-‏٣٨‏.‏

      مضطهَدون في جميع الامم

      وهل خالفت امم قليلة نسبيا فقط في العالم ادِّعاءاتها الحرية بمثل هذا الاضطهاد الديني؟‏ كلا على الاطلاق!‏ فقد حذَّر يسوع المسيح أتباعه:‏ «تكونون مبغَضين من جميع الامم لاجل اسمي.‏» —‏ متى ٢٤:‏٩‏.‏

      خلال الايام الاخيرة من نظام الاشياء هذا،‏ منذ السنة ١٩١٤،‏ اشتد هذا البغض بشكل خصوصي.‏ فبدأت كندا والولايات المتحدة بالهجوم بفرض حظر على مطبوعات الكتاب المقدس خلال الحرب العالمية الاولى،‏ وسرعان ما انضمت اليهما الهند ونياسالَنْد (‏تدعى الآن ملاوي)‏.‏ وخلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ فُرضت قيود اعتباطية على تلاميذ الكتاب المقدس في اسپانيا،‏ ايطاليا،‏ رومانيا،‏ هنڠاريا،‏ واليونان.‏ وفي بعض هذه الاماكن كان توزيع مطبوعات الكتاب المقدس محظورا؛‏ وحتى الاجتماعات الخاصة كانت احيانا ممنوعة.‏ وانضم مزيد من البلدان الى الهجوم خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما فُرضت قوانين الحظر (‏بعضها على شهود يهوه،‏ والأخرى على مطبوعاتهم)‏ في استونيا،‏ البانيا،‏ بلغاريا،‏ پولندا،‏ بعض الكانتونات في سويسرا،‏ لاتڤيا،‏ ليثوانيا،‏ النمسا،‏ ما كان آنذاك يوڠوسلاڤيا،‏ ساحل الذهب (‏الآن غانا)‏،‏ المقاطعات الفرنسية في افريقيا،‏ ترينيداد،‏ وفيجي.‏

      وخلال الحرب العالمية الثانية كان هنالك حظر على شهود يهوه،‏ خدمتهم العلنية،‏ ومطبوعاتهم للكتاب المقدس في انحاء كثيرة من العالم.‏ وصحَّ ذلك ليس فقط في المانيا،‏ ايطاليا،‏ واليابان —‏ التي كانت جميعها تحت حكم دكتاتوري —‏ بل ايضا في البلدان العديدة التي صارت بشكل مباشر او غير مباشر تحت سيطرتها قبل او خلال هذه الحرب.‏ وبين هذه البلدان كانت البانيا،‏ بلجيكا،‏ تشيكوسلوڤاكيا،‏ جزر الهند الشرقية الهولندية (‏الآن إندونيسيا)‏،‏ كوريا،‏ النَّذَرلند،‏ النَّروج،‏ والنمسا.‏ وخلال سنوات الحرب هذه اصدرت كلٌّ من الارجنتين،‏ البرازيل،‏ فرنسا،‏ فنلندا،‏ وهنڠاريا قرارات رسمية ضد شهود يهوه او نشاطهم.‏

      لم تحظر بريطانيا مباشرة نشاط شهود يهوه خلال الحرب،‏ لكنها ابعدت ناظر فرع جمعية برج المراقبة الاميركي المولد وحاولت ان تخنق نشاط الشهود بواسطة حظر زمن الحرب على شحنات مطبوعاتهم للكتاب المقدس.‏ وفي كل الامبراطورية البريطانية والكومُنْولث البريطاني فُرض حظر تام على شهود يهوه او على مطبوعاتهم.‏ وأوستراليا،‏ باسوتولَنْد (‏الآن ليسوتو)‏،‏ بتشْوانالَنْد (‏الآن بوتْسْوانا)‏،‏ بورما (‏الآن ميانمار)‏،‏ جامايكا،‏ جزر بَهاما،‏ جزر لِيوَرْد (‏جزر الهند الغربية البريطانية)‏،‏ جنوب افريقيا،‏ دومينيكا،‏ روديسيا الجنوبية (‏الآن زمبابوي)‏،‏ روديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏،‏ ساحل الذهب (‏الآن غانا)‏،‏ سنڠافورة،‏ سْوازيلند،‏ سيلان (‏الآن سْري لانكا)‏،‏ ڠِييانا البريطانية (‏الآن ڠَيانا)‏،‏ فيجي،‏ قبرص،‏ كندا،‏ نياسالَنْد (‏الآن ملاوي)‏،‏ نَيجيريا،‏ نيوزيلندا،‏ والهند كلها اتخذت مثل هذا الاجراء تعبيرا عن العداء نحو خدام يهوه.‏

      وبعد انتهاء الحرب فترت حدة الاضطهاد من بعض المجموعات من الناس ولكن ازدادت من اخرى.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٤٥ التالية،‏ بالاضافة الى واقع رفض الاعتراف بشهود يهوه شرعيا في بلدان كثيرة،‏ كان الحظر التام مفروضا عليهم او على نشاطاتهم في ٩ بلدان في آسيا،‏ ٢٣ في افريقيا،‏ ٣ في اميركا اللاتينية،‏ ٨ في اوروپا،‏ و ٤ في بعض دول الجزر.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان شهود يهوه لا يزالون تحت القيود في ٢٤ بلدا.‏

      لا يعني ذلك ان جميع الرسميين الحكوميين يقاومون شخصيا عمل شهود يهوه.‏ فالعديد من الرسميين يؤيدون الحرية الدينية ويدركون ان الشهود هم مقتنى ثمين للمجتمع.‏ ورجال كهؤلاء لا يوافقون اولئك الذين يحرِّضون على اجراء رسمي ضد الشهود.‏ مثلا،‏ قبل ان تصير ساحل العاج دولة مستقلة،‏ عندما حاول كاهن كاثوليكي وقسيس ميثودي ان يؤثرا في رسمي لكي يطرد شهود يهوه من البلد،‏ وجدا انهما يتحدثان الى رسميين غير مستعدين ليصيروا رهائن لرجال الدين.‏ وعندما حاول رسمي تغيير قانون ناميبيا،‏ في السنة ١٩٩٠،‏ بغية التحامل على اللاجئين الذين كانوا معروفين بأنهم من شهود يهوه،‏ لم يسمح المجلس التأسيسي بذلك.‏ وفي بلدان عديدة،‏ حيث كان شهود يهوه ذات مرة تحت الحظر،‏ يتمتعون الآن بالاعتراف الشرعي.‏

      ولكن،‏ بطرائق متنوعة،‏ في كل ناحية من الارض،‏ شهود يهوه هم مضطهَدون.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏)‏ وفي بعض الاماكن قد يأتي هذا الاضطهاد بصورة رئيسية من اصحاب البيوت المسيئين،‏ الاقرباء المقاومين،‏ او زملاء العمل او رفقاء الصف الذين يعربون عن عدم الخوف من اللّٰه.‏ ولكن،‏ بصرف النظر عمَّن هم المضطهِدون او كيف يحاولون تبرير ما يفعلونه،‏ يدرك شهود يهوه ما هو حقا وراء اضطهاد المسيحيين الحقيقيين.‏

      القضية

      اوضحت مطبوعات برج المراقبة لزمن طويل ان اول اسفار الكتاب المقدس انبأ بلغة رمزية بعداوة او بغض الشيطان ابليس والذين تحت سيطرته لهيئة يهوه السماوية وممثليها الارضيين.‏ (‏تكوين ٣:‏١٥؛‏ يوحنا ٨:‏​٣٨،‏ ٤٤؛‏ رؤيا ١٢:‏​٩،‏ ١٧‏)‏ وخصوصا منذ السنة ١٩٢٥ اظهرت برج المراقبة من الاسفار المقدسة ان هنالك فقط هيئتين رئيسيتين —‏ هيئة يهوه وهيئة الشيطان.‏ وكما تذكر ١ يوحنا ٥:‏١٩ «العالم كله» —‏ اي كل الجنس البشري خارج هيئة يهوه —‏ «قد وُضع في الشرير.‏» ولهذا السبب يختبر جميع المسيحيين الحقيقيين الاضطهاد.‏ —‏ يوحنا ١٥:‏٢٠‏.‏

      ولكن لماذا يسمح اللّٰه بذلك؟‏ هل يجري تحقيق ايّ خير؟‏ اوضح يسوع المسيح انه قبل ان يسحق كملك سماوي الشيطان وهيئته الشريرة سيكون هنالك فرز للناس من كل الامم،‏ كما يفرز الراعي في الشرق الاوسط الخراف من الجداء.‏ وسيُمنَح الناس فرصة ليسمعوا عن ملكوت اللّٰه وليتخذوا موقفهم الى جانبه.‏ وعندما يُضطهَد المنادون بهذا الملكوت،‏ يبرز السؤال بأكثر وضوح:‏ هل يفعل اولئك الذين يسمعون عنه الخير ‹لاخوة› المسيح وعشرائهم وبالتالي يُظهرون المحبة للمسيح نفسه؟‏ ام هل ينضمون الى الذين يسيئون معاملة ممثلي ملكوت اللّٰه هؤلاء —‏ او ربما يبقون صامتين فيما يفعل الآخرون ذلك؟‏ (‏متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦؛‏ ١٠:‏٤٠؛‏ ٢٤:‏١٤‏)‏ رأى البعض في ملاوي بوضوح مَن كانوا يخدمون الاله الحقيقي ولذلك ربطوا مصيرهم بمصير الشهود المضطهَدين.‏ وفعَل الامر نفسه عدد غير قليل من السجناء وكذلك بعض الحرّاس في معسكرات الاعتقال الالمانية.‏

      رغم توجيه اتهامات كاذبة ضدهم واساءة معاملتهم جسديا،‏ ورغم تعييرهم بسبب ايمانهم باللّٰه،‏ لا يشعر شهود يهوه بأن اللّٰه تخلّى عنهم.‏ وهم يعرفون ان يسوع المسيح اختبر الامور نفسها.‏ (‏متى ٢٧:‏٤٣‏)‏ ويعرفون ايضا انه بولائه ليهوه،‏ برهن يسوع ان ابليس كاذب وساهم في تقديس اسم ابيه.‏ ورغبة كل شاهد ليهوه هي ان يفعل الامر نفسه.‏ —‏ متى ٦:‏٩‏.‏

      ليست القضية ما اذا كان بامكانهم ان ينجوا من العذاب والموت.‏ فقد انبأ يسوع المسيح بأن بعض أتباعه سيُقتلون.‏ (‏متى ٢٤:‏٩‏)‏ وقد قُتل هو نفسه.‏ لكنه لم يساير قط خصم اللّٰه الرئيسي،‏ الشيطان ابليس،‏ «رئيس هذا العالم.‏» لقد غلب يسوع العالم.‏ (‏يوحنا ١٤:‏٣٠؛‏ ١٦:‏٣٣‏)‏ فالقضية اذًا هي ما اذا كان عبَّاد الاله الحقيقي سيبقون امناء له رغم اية مشقة قد يختبرونها.‏ وشهود يهوه العصريون اعطوا دليلا وافرا على ان لهم الفكر نفسه الذي للرسول بولس،‏ الذي كتب:‏ «إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت.‏ فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن.‏» —‏ رومية ١٤:‏٨‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a لم يفهم تلاميذ الكتاب المقدس بوضوح في ذلك الوقت ما يعرفه الشهود الآن من الكتاب المقدس في ما يتعلق بالرجال كمعلِّمين في الجماعة.‏ (‏١ كورنثوس ١٤:‏​٣٣،‏ ٣٤؛‏ ١ تيموثاوس ٢:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ ونتيجة لذلك،‏ كانت ماريا رصل محرِّرة مساعدة في برج المراقبة وكاتبة قانونية في اعمدتها.‏

      b جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة؛‏ وليم إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ امين سر وصندوق الجمعية؛‏ روبرت ج.‏ مارتن،‏ مدير المكتب؛‏ فردريك ه‍.‏ رَبِسُن،‏ عضو في لجنة تحرير برج المراقبة؛‏ أ.‏ هوڠ ماكميلان،‏ مدير في الجمعية؛‏ جورج ه‍.‏ فيشر وكلايتَن ج.‏ وودوَرث،‏ جامِعا مواد السر المنتهي.‏

      c جيوڤاني دَتشيكا،‏ الذي كان يعمل في القسم الايطالي في مكتب جمعية برج المراقبة.‏

      d رفض قاضي المحكمة الدورية مارتن ت.‏ مانتُن،‏ كاثوليكي روماني متحمس،‏ استئنافا ثانيا من اجل اطلاق السراح بكفالة في ١ تموز ١٩١٨.‏ وعندما نقضت لاحقا محكمة الاستئناف الفيديرالية الحكم على المدَّعى عليهم،‏ اعطى مانتُن الصوت المعارض الوحيد.‏ والجدير بالملاحظة انه في ٤ كانون الاول ١٩٣٩ ايَّدت محكمة استئنافية مشكَّلة خصوصا ادانة مانتُن بسبب اساءة استعمال السلطة القضائية،‏ الغش،‏ والاحتيال.‏

      e أما ان هؤلاء الرجال كانوا مسجونين ظلما،‏ وليسوا مجرمين،‏ فيظهره الواقع ان ج.‏ ف.‏ رذرفورد بقي عضوا في نقابة محامي المحكمة العليا للولايات المتحدة منذ قبوله في ايار ١٩٠٩ حتى موته في السنة ١٩٤٢.‏ وفي ١٤ قضية استُؤنفت الى المحكمة العليا من السنة ١٩٣٩ حتى السنة ١٩٤٢،‏ كان ج.‏ ف.‏ رذرفورد واحدا من المحامين.‏ وفي القضيتين المعروفتين بـ‍ شنايدر ضد ولاية نيو جيرزي (‏في السنة ١٩٣٩)‏ والمجلس التعليمي لمقاطعة ماينرزڤِل ضد ڠوبايتس (‏في السنة ١٩٤٠)‏،‏ قدَّم شخصيا مرافعة شفهية امام المحكمة العليا.‏ وأيضا،‏ في اثناء الحرب العالمية الثانية،‏ كان أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ احد الرجال الذين سُجنوا ظلما في ١٩١٨-‏١٩١٩،‏ مقبولا من مدير دائرة السجون الفيديرالية كزائر قانوني للسجون الفيديرالية في الولايات المتحدة ليهتم بالمصالح الروحية للشبان الذين كانوا هناك بسبب اتخاذهم موقف الحياد المسيحي.‏

      f تقول دائرة المعارف الاميركية،‏ المجلَّد ١١،‏ ١٩٤٢،‏ الصفحة ٣١٦:‏ «العلم،‏ كالصليب،‏ هو مقدَّس.‏ .‏ .‏ .‏ والقوانين والانظمة المتعلقة بالموقف البشري من المقاييس القومية تستعمل كلمات تعبيرية قوية مثل،‏ ‹خدمة العلم،‏› .‏ .‏ .‏ ‹التوقير للعلم،‏› ‹الولاء للعلم.‏›» وفي البرازيل،‏ ذكرت دياريو دي جوستيسا،‏ ١٦ شباط ١٩٥٦،‏ الصفحة ١٩٠٤،‏ انه في احتفال عام قال رسمي عسكري:‏ «صارت الاعلام اله الدين الوطني .‏ .‏ .‏ فالعلم يُكرم ويُعبد.‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٤٢]‏

      مضطهِدو يسوع المسيح الرئيسيون كانوا القادة الدينيين

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٤٥]‏

      ‏«ان الرسامة،‏ او التفويض،‏ من اللّٰه لايّ انسان ليكرز هي بمنحه الروح القدس»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٤٧]‏

      كتاب «السر المنتهي» شهَّر بصراحة رياء رجال دين العالم المسيحي!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٥١]‏

      هوجم رجال ونساء مسيحيون من الرعاع،‏ أُلقوا في السجن،‏ واحتُجزوا هناك دون تهمة او محاكمة

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٥٢]‏

      ‏«فترات السجن هي بشكل واضح اطول مما ينبغي» —‏ رئيس الولايات المتحدة وودرو ولسون

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٥٦]‏

      لم يكن ممكنا لأيّ شخص ان يرجو العدل ان لم يفعل ما يقوله الكاهن

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٦٦]‏

      كان الكهنة يحثّون المعلِّمين على اخراج الاولاد من المدرسة ليرموا الشهود بالحجارة

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٦٨]‏

      وحَّد رجال الدين القوى لمقاومة الشهود

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٧١]‏

      هاجم الرعاع شهود يهوه في الولايات المتحدة

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٧٦]‏

      في كل ناحية من الارض،‏ شهود يهوه هم مضطهَدون

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٥٥]‏

      رجال الدين يظهرون مشاعرهم

      ان ردود فعل النشرات الدورية الدينية تجاه الحكم على ج.‏ ف.‏ رذرفورد وعشرائه في السنة ١٩١٨ جديرة بالملاحظة:‏

      ◆ «السجل المسيحي»:‏ «ان ما تهاجمه الحكومة هنا بصراحة تامة هو الادِّعاء انه يمكن نشر الافكار الدينية بحصانة مهما كانت جنونية ومؤذية.‏ انه اعتقاد قديم باطل،‏ وحتى الآن كنا عديمي الاكتراث بذلك كاملا.‏ .‏ .‏ .‏ ويَظهر ان الحكم هو نهاية الرصلية.‏»‏

      ◆ «المدوِّن الغربي،‏» مطبوعة معمدانية،‏ قالت:‏ «ليس مدهشا ان يُسجَن قائد هذه الفرقة الدينية المحبة للخصام في احدى المؤسسات للمتمردين.‏ .‏ .‏ .‏ ان المشكلة المحيِّرة حقا في هذا الخصوص هي ما اذا كان يجب ارسال المدَّعى عليهم الى مستشفى للمجانين او الى سجن.‏»‏

      ◆ «المجلة النقدية نصف الشهرية» لفتت الانتباه الى التعليق في «ايڤننڠ پوست» النيويوركية التي قالت:‏ «نحن واثقون بأن معلِّمي الدين في كل مكان سينتبهون لرأي القاضي هذا ان تعليم ايّ دين غير الدين الذي يتفق تماما مع القوانين التشريعية هو جريمة خطيرة وتكون اكثر خطورة على خادم الانجيل اذا كان مخلصا.‏»‏

      ◆ «القارة» لقَّبت باستخفاف المدَّعى عليهم بـ‍ «أتباع ‹الراعي› الراحل رصل» وحرَّفت معتقداتهم بالقول انهم ادَّعوا «ان الجميع ما عدا الخطاة يجب اعفاؤهم من محاربة قيصر المانيا.‏» وادَّعت انه وفقا للنائب العام في واشنطن،‏ «اشتكت الحكومة الايطالية منذ مدة الى الولايات المتحدة ان رذرفورد وعشراءه .‏ .‏ .‏ نشروا بين الجنود الايطاليين مقدارا من مطبوعات الدعاية ضد الحرب.‏»‏

      ◆ بعد اسبوع نشرت «القرن المسيحي» اغلبية مواد المقالة اعلاه حرفيا،‏ مظهرة انهما على انسجام تام.‏

      ◆ اخبرت المجلة الكاثوليكية «الحق» بإيجاز عن الحكم الذي فُرض ثم عبَّرت عن مشاعر محرريها،‏ قائلة:‏ «ان مطبوعات هذه الجمعية ملآنة بوضوح هجومات خبيثة على الكنيسة الكاثوليكية وكهنوتها.‏» واذ حاولت ان تلصق تهمة «التحريض على الفتنة» بكل مَن يخالف علانية الكنيسة الكاثوليكية،‏ اضافت:‏ «يصير واضحا اكثر فأكثر ان روح التعصب مرتبطة بشكل وثيق بروح التحريض على الفتنة.‏»‏

      ◆ علَّق الدكتور راي ابرامز في كتابه «كارزون يقدِّمون اسلحة»:‏ «عندما وصلت أخبار الحكم بعشرين سنة الى محرري الصحافة الدينية،‏ فإن كل واحدة تقريبا من هذه المطبوعات،‏ كبيرة وصغيرة،‏ تهلَّلت فعلا بالحادث.‏ وكنت عاجزا عن اكتشاف اية كلمات عطف في ايّ من الصحف الدينية التقليدية.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٦١]‏

      ‏«اضطُهدوا لاسباب دينية»‏

      «كان يوجد فريق من الناس في معسكر اعتقال ماوتهاوزن اضطُهدوا لاسباب دينية فقط:‏ اعضاء طائفة ‹تلاميذ الكتاب المقدس الجدّيون،‏› او ‹شهود يهوه› .‏ .‏ .‏ وكان رفضهم ليمين الولاء لهتلر ورفضهم القيام بأيّ نوع من الخدمة العسكرية —‏ نتيجة سياسية لمعتقدهم —‏ سببا لاضطهادهم.‏» Konzentrationslagers Mauthausen « —‏ » Die Geschichte des (‏تاريخ معسكر اعتقال ماوتهاوزن)‏،‏ دعمه بالوثائق هانس مارشالِك،‏ ڤيينا،‏ النمسا،‏ ١٩٧٤.‏

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٦٦٠]‏

      ترجمة البيان الذي حاولت وحدات الحماية الـ‍ SS ان تجبر الشهود على توقيعه

      معسكر الاعتقال .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏

      القسم ٢

      بيان

      انا .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏

      المولود بتاريخ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏

      في .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏

      بهذا أُدلي بالبيان التالي:‏

      ١-‏ صرت اعرف ان جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم تنادي بتعاليم خاطئة وتحت غطاء الدين تتبع اهدافا عدائية ضد الدولة.‏

      ٢-‏ لذلك تركت الهيئة كليا وتحرَّرت تماما من تعاليم هذه الطائفة.‏

      ٣-‏ بهذا اؤكد انني لن اشترك ثانية ابدا في نشاط جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏ والاشخاص الذين يقتربون اليَّ بتعليم تلاميذ الكتاب المقدس،‏ او الذين بأية طريقة يظهرون صِلاتهم بهم،‏ ابلِّغ عنهم فورا.‏ وكل المطبوعات من تلاميذ الكتاب المقدس التي تُرسَل الى عنواني اسلِّمها فورا الى اقرب مخفر للشرطة.‏

      ٤-‏ سأحترم في المستقبل قوانين الدولة،‏ وخصوصا في حالة الحرب سأدافع عن الوطن والسلاح في يدي،‏ وأنضمّ بكل طريقة الى مجتمع الناس.‏

      ٥-‏ أُعلمت بأنني سأُحتجز فورا مرة ثانية في السجن الوقائي اذا عملت بخلاف البيان المعطى اليوم.‏

      ‏.‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ ،‏ مؤرَّخ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏.‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏ .‏

      التوقيع

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٦٢]‏

      رسائل من بعض الذين حُكم عليهم بالموت

      من فرانز رايتر (‏الذي كان يواجه الموت بالمقصلة)‏ الى امه،‏ ٦ كانون الثاني ١٩٤٠،‏ من مركز سجن برلين-‏پْلُتْزَنسي:‏

      «انا مقتنع بشدة باعتقادي انني اعمل الصواب.‏ ما زال بامكاني ان اغيِّر رأيي ما دمت هنا،‏ ولكنَّ اللّٰه سيعتبر ذلك عدم ولاء.‏ جميعنا هنا نتمنَّى ان نبقى امناء للّٰه،‏ لمجده.‏ .‏ .‏ .‏ وكما اعرف،‏ لو اقسمت اليمين [العسكرية] لارتكبت خطية تستحق الموت.‏ ولكان ذلك شرا لي.‏ فلا انال قيامة.‏ لكنني التصق بما قاله المسيح:‏ ‹من يخلّص حياته يهلكها.‏ ومن يهلك حياته من اجلي يجدها.‏› والآن،‏ يا امي العزيزة ويا جميع اخوتي وأخواتي،‏ أُخبرت اليوم بالحكم عليَّ،‏ فلا ترتاعوا،‏ انه الموت،‏ وسأُعدم غدا صباحا.‏ انني استمد قوتي من اللّٰه،‏ كما كانت الحال دائما مع كل المسيحيين الحقيقيين في الماضي.‏ يكتب الرسل،‏ ‹مَن يولد من اللّٰه لا يفعل خطية.‏› ويصحّ الامر نفسه فيَّ.‏ لقد برهنت هذا لكم،‏ ويمكنكم ان تعرفوا ذلك.‏ امي العزيزة،‏ لا تحزني.‏ سيكون لخيركم جميعا ان تزدادوا في معرفة الاسفار المقدسة اكثر ايضا.‏ واذا بقيتم ثابتين حتى الموت،‏ فسنلتقي ثانية في القيامة.‏ .‏ .‏ .‏

      ‏«ابنك فرانز

      ‏«حتى نلتقي ثانية.‏»‏

      من بِرْتولت سابو،‏ الذي أُعدم رميا بالرصاص،‏ في كُرْمَند،‏ هنڠاريا،‏ في ٢ آذار ١٩٤٥:‏

      «اختي العزيزة،‏ ماريكا!‏

      «بقي لي ساعة ونصف،‏ وسأحاول ان اكتب اليك لكي تتمكني من اخبار والدَينا بحالتي،‏ اذ سأواجه الموت بعد قليل.‏

      «اتمنى لهما سلام العقل نفسه الذي اختبره في هذه اللحظات الاخيرة في هذا العالم الحافل بالكوارث.‏ انها العاشرة الآن،‏ وسأُعدم في الحادية عشرة والنصف؛‏ لكنني هادئ تماما.‏ لقد وضعت حياتي المستقبلية بين يدي يهوه وابنه الحبيب،‏ يسوع المسيح،‏ الملك،‏ اللذين لن ينسيا ابدا الذين يحبونهما باخلاص.‏ انا اعرف ايضا انه ستكون هنالك قريبا قيامة للذين ماتوا،‏ او بالاحرى رقدوا في المسيح.‏ اريد ايضا ان اذكر خصوصا انني اتمنى لكم جميعا اسخى بركات يهوه بسبب المحبة التي اظهرتموها لي.‏ من فضلك قبِّلي عني ابي وأمي،‏ وأَنوش ايضا.‏ لا يجب ان يقلقوا عليَّ؛‏ فسنرى احدنا الآخر ثانية عن قريب.‏ يدي هادئة الآن،‏ وأنا ذاهب لاستريح الى ان يناديني يهوه ثانية.‏ وحتى الآن سأحافظ على النذر الذي نذرته له.‏

      «انتهى وقتي الآن.‏ ليكن اللّٰه معكم ومعي.‏

      ‏«مع فائق محبتي،‏ .‏ .‏ .‏

      ‏«بيرتي»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٦٣]‏

      مشهورون بالشجاعة والايمان الراسخ

      ◆ «على الرغم من كل الصعاب،‏ كان الشهود في المعسكرات يجتمعون ويصلّون معا،‏ ينتجون المطبوعات ويهدون الآخرين.‏ واذ نالوا الدعم من اخوَّتهم،‏ وأدركوا جيدا بخلاف كثيرين من السجناء الآخرين الاسباب التي من اجلها توجد هذه الاماكن وسبب تألمهم على هذا النحو،‏ كان الشهود فريقا من السجناء صغيرا ولكن لا يُنسى،‏ مميَّزين بعلامة المثلث الارجواني ومشهورين بشجاعتهم وايمانهم الراسخ.‏» هذا ما كتبته الدكتورة كريستين كينڠ في «الدولة النازية والاديان الجديدة:‏ دراسات لخمس قضايا في عدم الموافقة.‏»‏

      ◆ يذكر «القيم والعنف في أَوشڤيتس،‏» لواضعته آنا پاڤلزينسكا:‏ «كان هذا الفريق من المسجونين قوة عقائدية متينة وقد ربحوا معركتهم ضد النازية.‏ فالفريق الالماني من هذه الطائفة كان جماعة صغيرة من المقاومة التي لا تضعف موجودة وسط امة مذعورة،‏ وبروح عدم الرعب هذه نفسها عملوا في معسكر أَوشڤيتس.‏ لقد تمكَّنوا من ربح احترام رفقائهم المسجونين .‏ .‏ .‏ وموظفي السجن،‏ وحتى ضباط وحدات الحماية الـ‍ SS.‏ وكل فرد كان يعرف انه ما من ‹بيبل فورشر› [شاهد ليهوه] ينفِّذ امرا يخالف معتقده الديني.‏»‏

      ◆ رودولف هوس،‏ في سيرة حياته،‏ الصادرة في كتاب «قائد أَوشڤيتس،‏» اخبر عن تنفيذ الحكم في بعض شهود يهوه بسبب رفضهم مخالفة حيادهم المسيحي.‏ قال:‏ «هكذا اتخيَّل وضع الشهداء المسيحيين الاولين وهم ينتظرون في الميدان لتمزقهم الحيوانات المفترسة اربا اربا.‏ لقد مضوا الى الموت ووجوههم متغيِّرة كاملا،‏ عيونهم موجَّهة الى السماء،‏ وأيديهم مشبوكة ومرفوعة في الصلاة.‏ وجميع الذين رأوهم يموتون تأثروا بعمق،‏ وحتى فرقة الاعدام نفسها تأثرت.‏» (‏صدر هذا الكتاب في پولندا بعنوان Hössa-komendanta obozu oświęcimskiego « » Autobiografia Rudolfa .‏)‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٧٣]‏

      ‏«ليسوا ضد البلد»‏

      «ليسوا ضد البلد؛‏ انهم فقط مؤيدون ليهوه.‏» «لا يحرقون بطاقات التجنيد،‏ يقومون بثورة .‏ .‏ .‏ او ينهمكون في ايّ شكل من اشكال التحريض على الفتنة.‏» «استقامة وأمانة الشهود امران دائمان.‏ ومهما يكن تفكير المرء في الشهود —‏ وكثيرون من الناس يفكرون في امور سلبية كثيرة —‏ فانهم يحيون حياة مثالية.‏» —‏ «تلڠرام،‏» تورونتو،‏ كندا،‏ تموز ١٩٧٠.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٧٤]‏

      مَن هو المسؤول؟‏

      يعرف شهود يهوه ان مسؤوليتهم ان يكرزوا لا تعتمد على عمل جمعية برج المراقبة او اية مؤسسة شرعية اخرى.‏ «لتُحظَر جمعية برج المراقبة وتُقفَل بالقوة مكاتب فروعها في مختلف البلدان بتدخل من الدولة!‏ فذلك لا يلغي او يرفع المسؤولية الالهية عن الرجال والنساء المكرَّسين لفعل مشيئة اللّٰه والذين وضع عليهم روحه.‏ فالامر ‹اكرزوا!‏› مكتوب بوضوح في كلمته.‏ وهو يسمو فوق امر ايّ انسان.‏» (‏«برج المراقبة،‏» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٤٩،‏ بالانكليزية)‏ واذ يدركون ان اوامرهم تأتي من يهوه اللّٰه ويسوع المسيح،‏ يواظبون على المناداة برسالة الملكوت بصرف النظر عن المقاومة التي يواجهونها.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٧٧]‏

      مثل المسيحيين الاولين

      ◆ «لدى شهود يهوه دين يتَّخذونه بجدية اكثر بكثير من الغالبية العظمى للناس.‏ ومبادئهم تذكِّرنا بالمسيحيين الاولين الذين كانوا مكروهين جدا من الناس والذين كانوا مضطهدين بوحشية كبيرة من الرومان.‏» —‏ «مجلة منارة أكرون،‏» أكرون،‏ اوهايو،‏ ٤ ايلول ١٩٥١.‏

      ◆ «عاش [المسيحيون الاولون] حياة هادئة،‏ اخلاقية،‏ مثالية حقا.‏ .‏ .‏ .‏ ومن كل ناحية باستثناء تلك المسألة الواحدة لإحراق البخور كانوا مواطنين مثاليين.‏» «فيما بقي تقديم الذبائح للروح الحارسة للامبراطور امتحانا للوطنية،‏ هل كان بامكان سلطات الدولة ان تتغاضى عن تمرد اولئك المسيحيين غير الوطنيين؟‏ ان المشكلة التي وجد المسيحيون انفسهم فيها نتيجة لذلك لم تكن مختلفة تماما عن المشكلة التي وجدت نفسها فيها،‏ اثناء سنوات الحرب،‏ تلك الطائفة الجريئة المعروفة بشهود يهوه في الولايات المتحدة بسبب قضية تحية العلم القومي.‏» —‏ «٢٠ قرنا من المسيحية،‏» لواضعه پول هاتشينسون ووِنْفرد ڠاريسون،‏ ١٩٥٩،‏ ص ٣١.‏

      ◆ «لعل الشيء الابرز عن الشهود هو اصرارهم على ولائهم الاول للّٰه قبل اية سلطة اخرى في العالم.‏» —‏ «هؤلاء ايضا يؤمنون،‏» للدكتور ت.‏ س.‏ برادن،‏ ١٩٤٩،‏ ص ٣٨٠.‏

      ‏[الصور في الصفحة ٦٤٤]‏

      ‏«ذا پيتسبورڠ ڠازِت» اعطت شهرة واسعة للمناظرات التي نتجت من تحدي الدكتور إيتن لـ‍ ت.‏ ت.‏ رصل

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٤٦]‏

      نشر المقاومون بشكل واسع اكاذيب جسيمة عن الشؤون الزوجية لتشارلز وماريا رصل

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٤٨]‏

      غضب رجال الدين عندما وُزِّعت ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من هذه النشرة التي تشهِّر معتقداتهم وممارساتهم على ضوء كلمة اللّٰه

      ‏[الصور في الصفحة ٦٤٩]‏

      زادت الصحف لهب اضطهاد تلاميذ الكتاب المقدس في السنة ١٩١٨

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٥٠]‏

      في اثناء محاكمة مستخدمي المركز الرئيسي للجمعية التي جرت هنا،‏ رُكِّز كثير من الانتباه على كتاب «السر المنتهي»‏

      المحكمة الفيديرالية ومكتب البريد،‏ بروكلين،‏ نيويورك

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٥٣]‏

      حُكم عليهم بعقوبة اقسى من عقوبة القاتل الذي اشعلت طلقته نار الحرب العالمية الاولى.‏ من اليسار الى اليمين:‏ و.‏ إ.‏ ڤان آمبورڠ،‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان،‏ ر.‏ ج.‏ مارتن،‏ ف.‏ ه‍.‏ رَبِسُن،‏ ك.‏ ج.‏ وودوَرث،‏ ج.‏ ه‍.‏ فيشر،‏ ج.‏ دَتشيكا

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٥٧]‏

      عندما عُقد محفل الشهود هذا في نيويورك في السنة ١٩٣٩،‏ حاول ايقافه نحو ٢٠٠ مشاغب يقودهم كهنة كاثوليك

      ‏[الصور في الصفحة ٦٥٩]‏

      في اثناء الحرب العالمية الثانية أُلقي آلاف من شهود يهوه في معسكرات الاعتقال هذه

      شعار الجمجمة لحرس الحماية الـ‍ SS (‏اليسار)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٦٥]‏

      جزء من كتاب لدرس الكتاب المقدس صُغِّر فوتوڠرافيا،‏ وُضع في علبة كبريت،‏ وهُرِّب الى الشهود في احد معسكرات الاعتقال

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٦٤]‏

      بعض الشهود الذين احتمل ايمانهم الاختبار القاسي لمعسكرات الاعتقال النازية

      ماوتهاوزن

      ڤايڤلسبورڠ

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٦٧]‏

      عنف الرعاع قرب مونتريال،‏ كْويبك،‏ في السنة ١٩٤٥.‏ وقد تكرَّر مثل هذا العنف بتحريض من رجال الدين ضد الشهود خلال اربعينات وخمسينات الـ‍ ١٩٠٠

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٦٩]‏

      اعتُقل آلاف من شهود يهوه (‏بمَن فيهم جون بوث،‏ الظاهر هنا)‏ وهم يوزِّعون مطبوعات الكتاب المقدس

      ‏[الصور في الصفحة ٦٧٠]‏

      عقب قرار المحكمة العليا ضد الشهود في السنة ١٩٤٠،‏ انتشر عنف الرعاع في كل انحاء الولايات المتحدة،‏ أُوقفت الاجتماعات،‏ ضُرب الشهود،‏ ودُمِّرت الممتلكات

      ‏[الصورتان في الصفحة ٦٧٢]‏

      في اماكن عديدة كان ضروريا تأسيس مدارس الملكوت لأن الاولاد الشهود كانوا يُطرَدون من المدارس الحكومية

  • ‏«الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٣٠

      ‏«الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا»‏

      ان الاضطهاد الشديد الذي جُلب على شهود يهوه ادَّى الى سوقهم امام رسميي الشرطة،‏ القضاة،‏ والحكام حول الارض.‏ والقضايا القانونية التي تشمل الشهود بلغ عددها آلافا عديدة،‏ واستؤنف منها المئات في المحاكم العليا.‏ وهذا الامر كان له تأثير بالغ في القانون نفسه وكثيرا ما عزَّز الضمانات القانونية للحريات الاساسية للناس عموما.‏ ولكنَّ ذلك لم يكن الهدف الرئيسي لشهود يهوه.‏

      فرغبتهم الرئيسية هي المناداة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ والاجراء القانوني الذي يتَّخذونه ليس لأنهم مهيِّجون للمجتمع او مصلحون للقانون.‏ فهدفهم هو ان ‹يدافعوا عن البشارة ويثبِّتوها شرعيا،‏› تماما كما صحَّ في الرسول بولس.‏ (‏فيلبي ١:‏٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتُعتبر ايضا جلسات السماع امام رسميي الحكومة،‏ سواء كانت بطلب الشهود او بسبب القبض عليهم لنشاطهم المسيحي،‏ فرصا لاعطاء شهادة.‏ قال يسوع المسيح لأتباعه:‏ «تساقون امام ولاة وملوك من اجلي شهادة لهم وللامم.‏» —‏ متى ١٠:‏١٨‏.‏

      فيض اممي من الاجراءات القانونية

      قبل الحرب العالمية الاولى بزمن طويل حاول رجال الدين،‏ بالضغط على الرسميين المحليين،‏ ان يمنعوا تلاميذ الكتاب المقدس من توزيع المطبوعات في مناطقهم.‏ ولكن عقب الحرب العالمية الاولى اشتدت المقاومة.‏ فكانت توضع،‏ في بلد بعد آخر،‏ عقبات قانونية من كل نوع يمكن تصوُّره امام الذين يحاولون ان يطيعوا امر المسيح النبوي بالكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه بقصد الشهادة.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      واذ اثارهم الدليل على اتمام نبوة الكتاب المقدس،‏ غادر تلاميذ الكتاب المقدس محفلهم في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ مصممين على جعل العالم يعرف ان ازمنة الامم قد انتهت وأن الرب اخذ سلطته العظيمة وهو يحكم من السموات كملك.‏ وكان شعارهم «أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏» وفي تلك السنة عينها حرَّض رجال الدين في المانيا الشرطة على اعتقال بعض تلاميذ الكتاب المقدس وهم يوزِّعون مطبوعات الكتاب المقدس.‏ وهذه الحادثة لم تكن الوحيدة.‏ فبحلول السنة ١٩٢٦ كانت هنالك ٨٩٧ قضية كهذه معلَّقة في المحاكم الالمانية.‏ كانت القضايا كثيرة جدا حتى انه صار ضروريا في السنة ١٩٢٦ ان تؤسِّس جمعية برج المراقبة دائرة قانونية في مكتب فرعها في ماڠْدَبورڠ.‏ وخلال السنة ١٩٢٨ كان هنالك في المانيا وحدها ٦٦٠‏,١ اجراء قانونيا ضد تلاميذ الكتاب المقدس،‏ واستمر الضغط في الازدياد سنة بعد سنة.‏ فكان رجال الدين مصممين على وضع حدّ لعمل تلاميذ الكتاب المقدس،‏ وكانوا يفرحون عندما يشير ايّ قرار للمحكمة الى انهم احرزوا مقدارا من النجاح.‏

      حدثت في الولايات المتحدة اعتقالات لتلاميذ الكتاب المقدس بسبب الكرازة من بيت الى بيت في السنة ١٩٢٨،‏ في جنوب امبوي،‏ نيو جيرزي.‏ وفي غضون عقد كان العدد السنوي للاعتقالات بسبب خدمتهم في الولايات المتحدة اكثر من ٥٠٠.‏ وخلال السنة ١٩٣٦ ارتفع العدد كثيرا —‏ الى ١٤٩‏,١.‏ ولتزويد المشورة اللازمة،‏ صار ضروريا تشكيل دائرة قانونية في مركز الجمعية الرئيسي ايضا.‏

      وعلى نحو مماثل،‏ واجه النشاط الكرازي المكثَّف في رومانيا مقاومة شديدة من السلطات الحاكمة آنذاك.‏ وشهود يهوه الذين يوزِّعون مطبوعات الكتاب المقدس كثيرا ما كان يُقبض عليهم ويُضربون بقسوة.‏ ومن السنة ١٩٣٣ حتى السنة ١٩٣٩ واجه الشهود هناك ٥٣٠ دعوى.‏ لكنَّ قانون البلد تضمَّن ضمانات للحرية،‏ ولذلك ادَّت قضايا الاستئناف في المحكمة العليا في رومانيا الى قرارات مؤاتية عديدة.‏ واذ ابتدأت الشرطة تدرك ذلك،‏ كانت تصادر المطبوعات وتسيء معاملة الشهود لكنها كانت تحاول تجنب الاجراءات القضائية.‏ وبعد ان سُمح للجمعية اخيرا بأن تُسجَّل كمؤسسة في رومانيا،‏ حاول المقاومون ان يحبطوا القصد من هذا التسجيل الشرعي بالحصول على امر من المحكمة يمنع توزيع مطبوعات برج المراقبة.‏ فأبطلت محكمة اعلى هذا القرار،‏ لكنَّ رجال الدين اقنعوا حينئذ وزير الاديان ليعمل على الغاء هذا الحكم.‏

      وفي ايطاليا وهنڠاريا،‏ كما في رومانيا،‏ قامت الشرطة تحت سلطة الحكومة التي كانت تحكم آنذاك بمصادرة مطبوعات الكتاب المقدس التي يستخدمها الشهود.‏ وحدث الامر نفسه في اليابان،‏ كوريا،‏ وساحل الذهب (‏الآن غانا)‏.‏ وأُمر شهود يهوه الذين اتوا من الخارج بمغادرة فرنسا.‏ ولسنين كثيرة لم يُمنح ايٌّ من شهود يهوه اذنا في الدخول الى الاتحاد السوڤياتي للكرازة بملكوت اللّٰه.‏

      واذ اكتسحت حمى القومية العالم من السنة ١٩٣٣ حتى اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ حظرت الحكومات شهود يهوه في بلد بعد آخر.‏ وسيق آلاف من الشهود امام المحاكم خلال هذه الفترة بسبب رفضهم المؤسس على الضمير لتحية العلم واصرارهم على الحياد المسيحي.‏ وفي السنة ١٩٥٠ ذُكر انه خلال الـ‍ ١٥ سنة السابقة خضع شهود يهوه في الولايات المتحدة وحدها لاكثر من ٠٠٠‏,١٠ اعتقال.‏

      وعندما سيق اكثر من ٤٠٠ شاهد امام محاكم اليونان في خلال فترة قصيرة في السنة ١٩٤٦،‏ لم تكن تلك المرة الاولى لمثل هذا الاجراء هناك.‏ فقد كان جاريا طوال سنوات.‏ وبالاضافة الى السجن،‏ فُرضت غرامات كبيرة،‏ مستنزفة اموال الاخوة.‏ ولكن عندما تأملوا في حالتهم قالوا:‏ «الرب فتح الطريق ليصل عمل الشهادة الى الرسميين في اليونان،‏ الذين سمعوا عن تأسيس ملكوت البر؛‏ والقضاة ايضا في المحاكم حصلوا على الفرصة نفسها.‏» فمن الواضح ان شهود يهوه نظروا الى المسألة بالطريقة التي قال يسوع ان أتباعه يجب ان ينظروا اليها.‏ —‏ لوقا ٢١:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

      معركة بدا ربحها مستحيلا

      خلال اربعينات وخمسينات الـ‍ ١٩٠٠ صارت مقاطعة كْويبك الكندية ساحة قتال حقيقية.‏ وكانت الاعتقالات بسبب الكرازة بالبشارة تحدث هناك منذ السنة ١٩٢٤.‏ وبحلول شتاء ١٩٣١ كانت الشرطة تلقي القبض على بعض الافراد الشهود كل يوم،‏ وفي بعض الاحيان مرتين في اليوم.‏ وصارت نفقات دعاوي الشهود في كندا كبيرة.‏ ثم في وقت باكر من السنة ١٩٤٧ ارتفع مجموع عدد القضايا التي تشمل الشهود والتي كانت معلَّقة في المحاكم في مقاطعة كْويبك الى ٣٠٠‏,١؛‏ مع انه كانت هنالك فرقة صغيرة فقط من شهود يهوه هناك.‏

      كان ذلك عصرا كانت فيه الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ذات نفوذ قوي يحسب له حسابا كل سياسي وكل قاض في المقاطعة.‏ وكان رجال الدين عموما يتمتعون باحترام رفيع في كْويبك،‏ وكان الآخرون يسرعون الى اطاعة اوامر الكاهن المحلي.‏ وكما وصف كتاب الدولة والخلاص (‏١٩٨٩)‏ الحالة:‏ «كان لدى كردينال كْويبك كرسي حيث تجتمع الجمعية التشريعية مباشرة بجانب الكرسي المحفوظ لنائب حاكم المقاطعة.‏ وبطريقة او بأخرى كان جزء كبير من كْويبك تحت السيطرة المباشرة للكنيسة .‏ .‏ .‏ وكانت مهمة الكنيسة،‏ في الواقع،‏ ان تجعل الحياة السياسية في كْويبك تنسجم مع المفهوم الكاثوليكي الروماني بأن الحق هو الكاثوليكية،‏ الخطأ هو ايّ شيء غير كاثوليكي،‏ والحرية هي حرية تكلم وعيش الحق الكاثوليكي الروماني.‏»‏

      ومن وجهة النظر البشرية فان ربح الشهود للمعركة ليس فقط في كْويبك بل في كل العالم بدا مستحيلا.‏

      اتهامات من كل نوع يمكن تصوُّره

      بحث مقاومو الشهود في كتب القانون ليجدوا اية ذريعة ممكنة لوضع حدّ لنشاطهم.‏ وكثيرا ما اتهموهم بالبيع بدون ترخيص،‏ مدَّعين بالتالي ان العمل تجاري.‏ وبشكل مناقض لذلك،‏ اتُّهم بعض الفاتحين في مكان آخر بالتشرد اذ جرى القول بأنهم لم يكونوا يعملون في استخدام مربح.‏

      لعقود حاول الرسميون باستمرار في بعض كانتونات سويسرا ان يصنِّفوا توزيع شهود يهوه لمطبوعات الكتاب المقدس كبيع تجاري.‏ وبشكل خصوصي،‏ كان المدَّعي العام في كانتون ڤود الناطق بالفرنسية مصمما على ابطال اية قرارات من المحاكم الادنى تصدر لمصلحة الشهود.‏

      وفي مكان بعد آخر أُخبر شهود يهوه بوجوب الحصول على رخص لتوزيع مطبوعاتهم او لعقد اجتماعاتهم للكتاب المقدس.‏ ولكن هل كانت الرخصة لازمة حقا؟‏ اجاب الشهود «لا!‏» وعلى ايّ اساس؟‏

      اوضَحوا:‏ ‹يأمر يهوه اللّٰه شهوده بأن يكرزوا ببشارة ملكوته،‏ ووصايا اللّٰه هي الاسمى ويجب ان يطيعها شهوده.‏ وما من هيئة تشريعية او تنفيذية ارضية يمكنها ان تمنع بحق شريعة يهوه.‏ وبما انه لا يمكن لأية سلطة حاكمة في العالم ان تمنع بحق الكرازة بالبشارة،‏ لا يمكن لأية سلطة او دولة عالمية كهذه ان تمنح رخصة في الكرازة بالبشارة.‏ فليس للدول العالمية سلطة في المسألة بطريقة او بأخرى.‏ وأن نطلب من البشر رخصة لنقوم بشيء امر به اللّٰه انما هو اهانة للّٰه.‏›‏

      ان الاتهامات ضد الشهود غالبا ما كانت تقدِّم دليلا قويا على العداء الديني.‏ وهكذا،‏ عندما نُشر كراسا Face the Facts (‏واجهوا الوقائع‏)‏ و Cure (‏الشفاء‏)‏،‏ استُدعي ناظر فرع الجمعية في النَّذَرلند الى المحكمة في هارلِم،‏ في السنة ١٩٣٩،‏ للردّ على الاتهام باهانة فريق من الجماهير الهولندية.‏ مثلا،‏ حاجَّ المدَّعي العام بأن مطبوعات برج المراقبة ذكرت ان اساقفة الروم الكاثوليك ينتزعون المال من الناس بطريقة خدَّاعة بالادِّعاء انهم يحرِّرون الموتى من مكان ليسوا موجودين فيه —‏ من المطهر،‏ الذي قالت المطبوعات ان الكنيسة لا يمكنها ان تثبت وجوده.‏

      وفي مكان وقوف الشاهد شكا الشاهد الرئيسي للاساقفة،‏ «الاب» هنري دو خرِڤي:‏ «ان ألمي الاكبر هو ان الغريب يمكن ان يملك الانطباع اننا نحن الكهنة مجرد فريق من الاوغاد والخدَّاعين.‏» وعندما دُعي ناظر فرع الجمعية الى الشهادة،‏ فتح الكتاب المقدس الكاثوليكي وأظهر للمحكمة ان ما قاله الكراس عن تعاليم الكاثوليك ينسجم مع كتابهم المقدس الخاص.‏ وعندما سأل محامي الجمعية بعدئذ دو خرِڤي عما اذا كان بامكانه ان يثبت عقيدتي نار الهاوية والمطهر،‏ اجاب:‏ «لا يمكنني اثبات ذلك؛‏ انا أومن بذلك فقط.‏» فأدرك القاضي بسرعة ان هذا هو تماما ما ادَّعاه الكراس.‏ فرُفض النظر في القضية،‏ وخرج الكاهن من المحكمة بغضب!‏

      واذ اثارهم نشاط شهود يهوه المتزايد في الجزء الشرقي مما كان آنذاك تشيكوسلوڤاكيا،‏ اتهم رجال الدين هناك الشهود بالتجسس.‏ وكانت الحالة مشابهة لتلك التي اختبرها الرسول بولس عندما اتهمه رجال الدين اليهود في القرن الاول بالتحريض على الفتنة.‏ (‏اعمال ٢٤:‏٥‏)‏ وفي ١٩٣٣-‏١٩٣٤ أُحيلت مئات القضايا الى المحكمة الى ان اقتنعت الحكومة بأنه لم يكن هنالك اساس صحيح للاتهام.‏ وفي ثلاثينات وأربعينات الـ‍ ١٩٠٠ سيق الشهود ايضا في مقاطعة كْويبك الكندية الى المحاكم بتهمة المؤامرة للتحريض على الفتنة.‏ حتى ان رجال الدين انفسهم —‏ الكاثوليك والپروتستانت على السواء،‏ ولكن خصوصا الروم الكاثوليك —‏ ذهبوا الى المحكمة ليشهدوا ضدهم.‏ فماذا فعل شهود يهوه؟‏ حاجَّ رجال الدين بأنهم كانوا يعرِّضون الوحدة الوطنية للخطر بنشر امور يمكن ان تسبِّب النفور من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.‏ لكنَّ الشهود اجابوا انهم كانوا في الواقع يوزِّعون مطبوعات تجلب التعزية من كلمة اللّٰه للناس المتواضعين لكنَّ ذلك اغاظ رجال الدين لأن التعاليم والممارسات غير المؤسسة على الاسفار المقدسة جرى تشهيرها.‏

      فماذا مكَّن شهود يهوه من الاستمرار في وجه مثل هذه المقاومة المتواصلة؟‏ كان ذلك ايمانهم باللّٰه وكلمته الموحى بها،‏ ولاءهم غير الاناني ليهوه وملكوته،‏ والقوة التي تنتج من عمل روح اللّٰه.‏ وكما تذكر الاسفار المقدسة،‏ «فضل القوة للّٰه لا منا.‏» —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏.‏

      شهود يهوه يبدأون بالهجوم في الميدان القانوني

      لعقود قبل الحرب العالمية الاولى انهمك تلاميذ الكتاب المقدس في توزيع مجاني واسع لمطبوعات الكتاب المقدس في الشوارع قرب الكنائس ومن بيت الى بيت.‏ لكنَّ بلدات ومدنا كثيرة في الولايات المتحدة اصدرت بعدئذ قوانين محلية اعاقت كثيرا مثل هذا «العمل الطوعي.‏» فماذا كان يمكن فعله؟‏

      اوضحت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩١٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «اذ نعتقد انه من واجبنا ان نبذل كل جهد ممكن لنشهد لملكوت الرب ولا نرخي يدنا بسبب رؤيتنا العقبات،‏ ونظرا الى وجود مثل هذا الجهد المنظَّم ضد العمل الطوعي،‏ صُنعت الترتيبات لاستعمال مجلة،‏ .‏ .‏ .‏ العصر الذهبي.‏»‏a

      ولكن اذ تكثَّفت اكثر الشهادة من بيت الى بيت،‏ تكثَّفت ايضا المحاولات لتطبيق القوانين بغية التقليل منها او منعها.‏ ليس لدى كل البلدان تدابير قانونية يمكن ان تضمن حريات الاقليات في وجه المقاومة الرسمية.‏ لكنَّ شهود يهوه عرفوا ان دستور الولايات المتحدة يضمن حرية الدين،‏ حرية التعبير،‏ وحرية الصحافة.‏ ولذلك،‏ عندما فسَّر القضاة القوانين المحلية بطريقة تعيق الكرازة بكلمة اللّٰه،‏ رفع الشهود قضاياهم الى المحاكم العليا.‏b

      وفي مراجعة ما حدث اوضح لاحقا هايدن ك.‏ كوڤنڠتن،‏ الذي كان له دور بارز في المسائل القانونية لجمعية برج المراقبة:‏ «لو لم تُستأنف آلاف الاحكام التي سجَّلها القضاة،‏ محاكم الجزاء والمحاكم الادنى الاخرى،‏ لتَكدَّس جبل من السوابق القانونية كعقبة ضخمة في مجال العبادة.‏ فبالاستئناف منعنا اقامة عقبة كهذه.‏ وطريقة عبادتنا صارت مشمولة بقانون الولايات المتحدة وغيرها من البلدان بسبب اصرارنا على استئناف القرارات غير الملائمة.‏» وفي الولايات المتحدة أُحيلت عشرات القضايا الى المحكمة العليا.‏

      تعزيز ضمانات الحرية

      ان احدى القضايا الاولى المتعلقة بخدمة شهود يهوه التي وصلت الى المحكمة العليا للولايات المتحدة نشأت في جورجيا ونوقشت في المحكمة في ٤ شباط ١٩٣٨.‏ فقد سبق ان أُدينت أَلما لوڤِل في المحكمة الجنائية المحلية في ڠْرِفِن،‏ جورجيا،‏ بانتهاك قانون محلي يمنع توزيع ايّ نوع من المطبوعات بدون رخصة من رئيس بلدية المدينة.‏ وبين امور اخرى،‏ كانت الاخت لوڤِل قد قدَّمت للناس مجلة العصر الذهبي.‏ وفي ٢٨ آذار ١٩٣٨ حكمت المحكمة العليا للولايات المتحدة بأن القانون المحلي باطل لأنه يُخضع حرية الصحافة للترخيص والرقابة.‏c

      وفي السنة التالية رافع ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ كمحامٍ عن المستدعية،‏ امام المحكمة العليا في قضية كلارا شنايدر ضد ولاية نيو جيرزي.‏d وتبعت ذلك،‏ في السنة ١٩٤٠،‏ قضية كانتوِل ضد ولاية كونكتيكُت،‏e التي اعدَّ فيها ج.‏ ف.‏ رذرفورد ملخَّص الدعوى القانوني وقدَّم فيها هايدن كوڤنڠتن مرافعة شفهية امام المحكمة.‏ والنتيجة الايجابية لهذه القضايا دعمت الضمانات الدستورية لحرية الدين،‏ حرية التعبير،‏ وحرية الصحافة.‏ ولكن كانت هنالك نكسات.‏

      نكسات قوية في المحاكم

      وصلت مسألة تحية العلم المتعلقة بأولاد شهود يهوه في المدارس الى المحاكم الاميركية لأول مرة في السنة ١٩٣٥ في قضية كارلتون ب.‏ نيكولز ضد رئيس بلدية ولجنة مدرسة لين (‏ماساتشوستس‏)‏‏.‏f أُحيلت القضية الى المحكمة القضائية العليا في ماساتشوستس.‏ فحكمت المحكمة،‏ في السنة ١٩٣٧،‏ بأنه بصرف النظر عما قال كارلتون نيكولز،‏ الاصغر،‏ ووالداه انهم يؤمنون به،‏ لا مجال لأخذ المعتقد الديني في الاعتبار لأن «تحية العلم وتعهُّد الولاء اللذين نحن بصددهما الآن،‏» كما قالت «لا يرتبطان بأيّ معنى صحيح بالدين.‏ .‏ .‏ .‏ لا يتعلقان بآ‌راء ايّ شخص في ما يختص بخالقه.‏ ولا يمسّان علاقاته بصانعه.‏» وعندما رُفعت مسألة تحية العلم الالزامية الى المحكمة العليا للولايات المتحدة في قضية ليولِس ضد لاندرزg في السنة ١٩٣٧،‏ ومرة ثانية في هيرينڠ ضد هيئة التعليم للولاية h في السنة ١٩٣٨،‏ رفضت المحكمة النظر في هاتين القضيتين لأنه،‏ في رأيها،‏ لا توجد مسألة فيديرالية مهمة للبحث فيها.‏ وفي السنة ١٩٣٩ رفضت المحكمة العليا مرة ثانية النظر في استئناف يتعلق بالمسألة نفسها،‏ في قضية ڠبرِيللي ضد نِكربَكر.‏i وفي ذلك اليوم نفسه،‏ دون سماع المرافعة الشفهية،‏ اقرُّوا القرار غير المؤاتي للمحكمة الادنى في قضية جونسون ضد بلدة ديرفيلد.‏j

      وأخيرا،‏ في السنة ١٩٤٠،‏ استمعت المحكمة العليا كاملا الى القضية المسمَّاة المجلس التعليمي لمقاطعة ماينرزڤِل ضد ڠوبايتس.‏k وقدَّم عدد كبير من المحامين المشهورين ملخصات للدعوى في كلا الطرفين.‏ وقدَّم ج.‏ ف.‏ رذرفورد مرافعة شفهية لمصلحة والتر ڠوبايتس وولديه.‏ ومثَّل عضو في الدائرة القانونية في جامعة هارْڤَرْد نقابة المحامين الاميركية واتحاد الحريات المدنية في المرافعة ضد تحية العلم الالزامية.‏ لكنَّ مرافعتهما رُفضت،‏ وبصوت معارض واحد فقط،‏ حكمت المحكمة العليا في ٣ حزيران بأن الاولاد الذين لا يحيّون العلم يمكن طردهم من المدارس الحكومية.‏

      وخلال السنوات الثلاث التالية،‏ حكمت المحكمة العليا ضد شهود يهوه في ١٩ قضية.‏ والاهم كان القرار غير المؤاتي،‏ في السنة ١٩٤٢،‏ في قضية جونز ضد مدينة أُوپِلايكا.‏l وكان راسكو جونز قد اتُّهم بالانهماك في توزيع المطبوعات في شوارع أُوپِلايكا،‏ آلاباما،‏ دون دفع رسم ترخيص.‏ فأيَّدت المحكمة العليا الاتهام وقالت ان الحكومات لها الحق في فرض رسوم معقولة على البيع بالتجوُّل وان قوانين كهذه لا يمكن الاعتراض عليها حتى ولو ألغت السلطات المحلية اعتباطا رسم الترخيص.‏ فشكَّل ذلك نكسة قوية،‏ لأنه يمكن الآن لأية مجموعة من الناس،‏ بتحريض من رجال الدين او ايّ شخص آخر مقاوم للشهود،‏ ان تمنعهم قانونيا وبالتالي أن توقف،‏ كما يمكن ان يفكر المقاومون،‏ نشاط شهود يهوه الكرازي.‏ ولكن حدث شيء غريب.‏

      الحالة تتغيَّر

      في قضية جونز ضد أُوپِلايكا،‏ القرار عينه الذي كان بمثابة نكسة لخدمة شهود يهوه العلنية،‏ ذكر ثلاثة من القضاة انهم لا يعارضون فقط الاكثرية في المحكمة العليا في القضية قيد المعالجة بل يشعرون ايضا بأنهم كانوا قد ساعدوا على وضع الاساس لها في قضية ڠوبايتس.‏ «بما اننا اشتركنا في الرأي في قضية ڠوبايتس،‏» اضافوا،‏ ‏«نرى ان هذه هي فرصة مناسبة لنذكر اننا نعتقد الآن ان القرار فيها كان خاطئا ايضا.‏» فاتخذ شهود يهوه ذلك حافزا الى رفع القضايا من جديد الى المحكمة العليا.‏

      قُدِّم طلب لسماع الدعوى ثانية في قضية جونز ضد أُوپِلايكا.‏ وفي هذا الطلب قُدِّمت حجج قانونية قوية.‏ وأعلن ايضا بثبات:‏ «يجب ان تأخذ هذه المحكمة العليا بعين الاعتبار الواقع الاسمى انها تتعامل قضائيا مع خدام الاله الكلي القدرة.‏» وجرت مراجعة السوابق القضائية للكتاب المقدس التي تظهر الادلة الضمنية على ذلك.‏ ولُفت الانتباه الى النصيحة التي قدَّمها معلِّم الناموس غمالائيل للمحكمة العليا اليهودية في القرن الاول،‏ وهي:‏ «تنحَّوا عن هؤلاء الناس واتركوهم.‏ .‏ .‏ .‏ لئلا توجَدوا محاربين للّٰه ايضا.‏» —‏ اعمال ٥:‏​٣٤-‏٣٩‏.‏

      وأخيرا،‏ في ٣ ايار ١٩٤٣،‏ في قضية ميردوك ضد ولاية پنسلڤانيا a التي مثَّلت نقطة تحوُّل،‏ نقضت المحكمة العليا قرارها الابكر في قضية جونز ضد أُوپِلايكا.‏ وأعلنت ان ايّ رسم ترخيص كشرط لممارسة المرء حرية الدين بتوزيع المطبوعات الدينية انما هو امر مخالف للدستور.‏ وهذه القضية زوَّدت فرصا جديدة لشهود يهوه في الولايات المتحدة وجرت الاشارة اليها كمرجع في مئات القضايا منذ ذلك الحين.‏ وكان ٣ ايار ١٩٤٣ يوما جديرا بالذكر حقا لشهود يهوه في ما يتعلق بالقضايا امام المحكمة العليا للولايات المتحدة.‏ وفي ذلك اليوم الواحد حكمت المحكمة العليا في ١٢ من ١٣ قضية (‏جُمعت كلها في اربع جلسات لسماع الشهادة وابداء الرأي)‏ لمصلحتهم.‏b

      بعد نحو شهر —‏ في ١٤ حزيران،‏ عيد العلم السنوي للامة —‏ ناقضت المحكمة العليا ثانية نفسها،‏ وهذه المرة في ما يتعلق بقرارها في قضية ڠوبايتس،‏ فاعلة ذلك في القضية المسمَّاة هيئة التعليم في ولاية ڤرجينيا الغربية ضد بارْنِت.‏c فحكمت انه «لا يمكن لأيّ رسمي،‏ كبير او صغير،‏ ان يفرض ما يكون مقبولا كشيء صحيح في السياسة،‏ القومية،‏ الدين،‏ او مسائل الرأي الاخرى او ان يجبر المواطنين على الاعتراف بالقول او العمل بايمانهم في هذا الشأن.‏» والكثير من الحجج التي عُرضت في هذا القرار تبنَّته بعد ذلك في كندا محكمة الاستئناف في اونتاريو في قضية دونالد ضد هيئة التعليم في هاملتون،‏ القرار الذي رفضت المحكمة العليا الكندية إلغاءه.‏

      وانسجاما مع قرارها في قضية بارْنِت،‏ وفي اليوم نفسه،‏ في قضية تايلور ضد ولاية ميسيسيپي،‏d حكمت المحكمة العليا للولايات المتحدة بأنه لا يمكن اتهام شهود يهوه بشكل صحيح بالتحريض على الفتنة لمجرد انهم يوضحون اسباب امتناعهم عن تحية العلم وأنهم يعلّمون ان كل الامم هي في الجانب الخاسر لأنها تقاوم ملكوت اللّٰه.‏ وهذه القرارات ايضا مهَّدت الطريق لاحكام مؤاتية لاحقة في محاكم اخرى في قضايا تشمل والدين شهود رفض اولادهم ان يحيّوا العلم في المدرسة،‏ وكذلك في مسائل تشمل الاستخدام والوصاية على الاولاد.‏ لقد تغيَّرت الحالة بشكل واضح.‏e

      افتتاح عصر جديد من الحرية في كْويبك

      كان شهود يهوه يعملون ايضا بجد في قضية حرية العبادة في كندا.‏ فمن السنة ١٩٤٤ الى السنة ١٩٤٦ قُبض على مئات من الشهود في كْويبك عندما كانوا يشتركون في خدمتهم العلنية.‏ كان القانون الكندي يضمن حرية العبادة،‏ لكنَّ الرعاع كانوا يحولون دون عقد الاجتماعات حيث يُناقَش الكتاب المقدس.‏ وكانت الشرطة تذعن لمطالب رجال الدين الكاثوليك ان يوقفوا شهود يهوه.‏ وكان قضاة المحاكم الجنائية المحلية يسيئون معاملة الشهود في حين لم يكن يُتَّخذ ايّ اجراء ضد الرعاع.‏ فماذا كان يمكن فعله؟‏

      رتَّبت الجمعية لمحفل خصوصي في مونتريال في ٢ و ٣ تشرين الثاني ١٩٤٦.‏ فراجع الخطباء موقف شهود يهوه على اساس الاسفار المقدسة ومن وجهة نظر قانون البلد.‏ ثم أُعلنت الترتيبات لحملة في كل انحاء البلد مدتها ١٦ يوما لكي تُوزَّع —‏ بالانكليزية،‏ الاوكرانية،‏ والفرنسية —‏ نشرة Is the Shame of All Canada Quebec’s Burning Hate for God and Christ and Freedom (‏بغض كْويبك المتَّقد للّٰه والمسيح والحرية هو عار كل كندا‏)‏‏.‏ وذكرت بالتفصيل عنف الرعاع والفظائع الاخرى المرتكبة ضد شهود يهوه في كْويبك.‏ وتبعت ذلك نشرة ثانية،‏ ‏,‏You Have Failed Your People! Quebec (‏لقد خذلت شعبك يا كْويبك!‏‏)‏.‏

      ازدادت الاعتقالات فجأة في كْويبك.‏ ولمعالجة الحالة اقام فرع جمعية برج المراقبة في كندا دائرة قانونية مع ممثلين في تورونتو وفي مونتريال كلتيهما.‏ وعندما وصلت الاخبار الى الصحافة ان موريس دوپْلِسّي،‏ رئيس وزراء كْويبك،‏ سبَّب عمدا افلاس مطعم فرانك رونكارِلي،‏ واحد من شهود يهوه،‏ لمجرد انه زوَّد كفالة من اجل الرفقاء الشهود احتجَّ عامة الناس الكنديون بشدة.‏ ثم في ٢ آذار ١٩٤٧ بدأ شهود يهوه بحملة في كل انحاء البلد داعين الناس في كندا ان يلتمسوا من الحكومة وثيقة حقوق.‏ فجرى الحصول على اكثر من ٠٠٠‏,٥٠٠ توقيع —‏ اكبر عريضة قُدِّمت الى البرلمان الكندي على الاطلاق!‏ وفي السنة التالية تبعت ذلك عريضة اكبر ايضا لدعم العريضة الاولى.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ اختارت الجمعية قضيتي امتحان لاستئنافهما امام المحكمة العليا في كندا.‏ وإحداهما،‏ ايميه بوشيه ضد جلالة الملك،‏ عالجت تهمة التحريض على الفتنة التي وُجِّهت تكرارا الى الشهود.‏

      كانت قضية بوشيه مؤسسة على الدور الذي كان لإيميه بوشيه،‏ مزارع وديع،‏ في توزيع نشرة بغض كْويبك المتَّقد.‏ فهل كان تحريضا على الفتنة ان يعلن عنف الرعاع الموجَّه ضد الشهود في كْويبك،‏ تجاهل القانون من جهة الرسميين الذين تعاملوا معهم،‏ والدليل على ان الاسقف الكاثوليكي وغيره من رجال الدين الكاثوليك كانوا يحرِّضون على عنف الرعاع؟‏

      وفي تحليل النشرة التي وُزِّعت قال احد قضاة المحكمة العليا:‏ «كانت الوثيقة بعنوان ‹بغض كْويبك المتَّقد للّٰه والمسيح والحرية هو عار كل كندا؛‏› وكانت تتألف اولا من دعوة الى الهدوء والتعقُّل في تقييم المسائل التي ستُعالَج دعما للعنوان؛‏ ثم من اشارات عامة الى الاضطهاد الانتقامي الذي عاناه في كْويبك الشهود كإخوة في المسيح؛‏ رواية مفصَّلة لحوادث اضطهاد معيَّنة؛‏ ومناشدة ختامية للناس في المقاطعة،‏ احتجاجا على حكم الرعاع وأساليب الڠستاپو،‏ لكي يجري،‏ من خلال درس كلمة اللّٰه وإطاعة وصاياها،‏ انتاج ‹غلة وافرة من ثمار المحبة الجيدة للّٰه والمسيح وحرية الانسان.‏›»‏

      ابطل قرار المحكمة العليا ادانة ايميه بوشيه،‏ لكنَّ ثلاثة من القضاة الخمسة طلبوا محاكمة جديدة.‏ فهل كان ذلك سيؤدي الى قرار غير متحيز في المحاكم الادنى؟‏ قدَّم محامي شهود يهوه طلبا الى المحكمة العليا نفسها لسماع الدعوى ثانية.‏ ومن المدهش انها وافقت على ذلك.‏ وبينما كان الطلب معلَّقا،‏ ازداد عدد القضاة في المحكمة العليا،‏ وغيَّر احد القضاة الاولين رأيه.‏ وكانت النتيجة في كانون الاول ١٩٥٠ قرارا بـ‍ ٥ مقابل ٤ يبرِّئ الاخ بوشيه كاملا.‏

      في بادئ الامر،‏ تحدَّى هذا القرارَ الوكيل العام ورئيس الوزراء (‏الذي كان ايضا نائبا عاما)‏ في مقاطعة كْويبك كلاهما،‏ لكنَّ المحاكم فرضت تنفيذه تدريجيا.‏ وهكذا أُزيلت تماما تهمة التحريض على الفتنة التي أُثيرت تكرارا ضد شهود يهوه في كندا.‏

      ولكن استؤنفت قضية امتحان اخرى امام المحكمة العليا الكندية —‏ لورييه سومور ضد مدينة كْويبك.‏ وهذه القضية واجهت القوانين المحلية المتعلقة بالرخص التي لها صلة بعدد كبير من الادانات في المحاكم الادنى.‏ وفي قضية سومور كانت الجمعية تسعى الى الحصول على امر قضائي دائم ضد مدينة كْويبك لمنع السلطات من اعاقة شهود يهوه عن توزيع المطبوعات الدينية.‏ وفي ٦ تشرين الاول ١٩٥٣ اصدرت المحكمة العليا قرارها.‏ فكان الجواب «نعم» لشهود يهوه،‏ «لا» لمقاطعة كْويبك.‏ وهذا القرار حقَّق النصر ايضا في ألف قضية اخرى حيث كان مبدأ الحرية الدينية نفسه العامل السائد.‏ وافتتح ذلك عصرا جديدا لعمل شهود يهوه في كْويبك.‏

      تعلُّم الحقوق والاجراءات القانونية

      اذ ازداد عدد قضايا المحاكم في اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ وبعدها،‏ صار ضروريا ان يتعلَّم شهود يهوه الاجراءات القانونية.‏ وبما ان ج.‏ ف.‏ رذرفورد كان محاميا وعمل هو نفسه احيانا كقاضٍ،‏ قدَّر حاجة الشهود الى التوجيه في هذه الامور.‏ وخصوصا منذ السنة ١٩٢٦ يشدِّد الشهود على الكرازة من بيت الى بيت ايام الآحاد،‏ مستعملين الكتب التي تشرح الكتاب المقدس.‏ ولسبب المقاومة لتوزيعهم مطبوعات الكتاب المقدس ايام الآحاد اعدَّ الاخ رذرفورد كراسة Liberty to Preach (‏الحرية للكرازة‏)‏ لمساعدة الذين في الولايات المتحدة على فهم حقوقهم في ظل القانون.‏ لكنه لم يكن شخصيا قادرا على القيام بكل العمل القانوني،‏ ولذلك رتَّب ان يخدم محامون آخرون كجزء من مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ تعاون محامون آخرون منتشرون في انحاء مختلفة من البلد بشكل وثيق.‏

      لم يكن المحامون قادرين على المثول امام المحكمة في آلاف القضايا التي شملت نشاط شهود يهوه الكرازي،‏ لكنهم كانوا قادرين على منح المشورة القيِّمة.‏ ولهذه الغاية صُنعت الترتيبات لتدريب جميع شهود يهوه في الاجراءات القانونية الاساسية.‏ وجرى ذلك في محافل خصوصية في الولايات المتحدة في السنة ١٩٣٢ وفي ما بعد في برامج اجتماعات الخدمة العادية في الجماعات.‏ ونُشر «نظام المحاكمة» المفصَّل في الكتاب السنوي لعام ١٩٣٣ لشهود يهوه (‏وفي ما بعد كنشرة منفصلة)‏.‏ وهذه الارشادات جرى تعديلها حسبما تطلبته الظروف.‏ وفي عدد ٣ تشرين الثاني ١٩٣٧ من التعزية أُعطيت مشورة قانونية اضافية تتعلق بحالات معيَّنة تجري مواجهتها.‏

      وباستعمال هذه المعلومات،‏ كان الشهود يتولَّون عادةً دفاعهم الخاص في المحاكم المحلية عوضا عن طلب خدمات محام.‏ ووجدوا انهم بهذه الطريقة غالبا ما يتمكنون من تقديم شهادة للمحكمة وعرض القضايا مباشرة على القاضي عوضا عن ان يُتَّخذ القرار في قضاياهم على اساس مجرد تقنيات قانونية.‏ وعندما كان يُتَّخذ قرار مضاد في اية قضية،‏ كانت تُستأنف عادةً،‏ مع ان بعض الشهود كانوا يقضون فترة السجن عوضا عن استخدام محامٍ تلزم خدماته في محكمة استئنافية.‏

      اذ نشأت حالات جديدة وأحدثت القرارات في المحاكم سوابق قانونية،‏ زُوِّدت معلومات اضافية لابقاء الشهود على علم بالمستجدات.‏ وهكذا،‏ طُبع في السنة ١٩٣٩ (‏بالانكليزية)‏ كراس Advice for Kingdom Publishers (‏نصيحة لناشري الملكوت‏)‏ لمساعدة الاخوة في معارك المحاكم.‏ وبعد سنتين وردت مناقشة اوسع في كراس Jehovah’s Servants Defended (‏دفاع خدام يهوه‏)‏.‏ واقتبس او ناقش ٥٠ قرارا مختلفا للمحاكم الاميركية يشمل شهود يهوه،‏ وكذلك قضايا اخرى عديدة،‏ وأوضح كيف يمكن استخدام هذه السوابق القانونية بشكل مفيد.‏ ثم،‏ في السنة ١٩٤٣،‏ جُعلت نسخة من Freedom of Worship (‏حرية العبادة‏)‏ متوافرة لكل شاهد ودُرست باجتهاد في اجتماعات الخدمة في الجماعات.‏ وبالاضافة الى تزويد مجموعة قيِّمة من القضايا القانونية،‏ اورد هذا الكراس بالتفصيل الاسباب المؤسسة على الاسفار المقدسة لمعالجة الامور بطرائق معيَّنة.‏ وفي السنة ١٩٥٠ تبع ذلك الكراس الحديث Defending and Legally Establishing the Good News (‏الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا‏)‏‏.‏

      كل ذلك كان تعلُّما تقدُّميا يتعلق بالقانون.‏ لكنَّ الهدف لم يكن جعل الشهود محامين بل ابقاء الطريق مفتوحة امام الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه جهارا ومن بيت الى بيت.‏

      مثل سرب من الجراد

      حيثما اعتبر الرسميون انفسهم فوق القانون،‏ كانت معاملتهم للشهود احيانا عديمة الرحمة.‏ ولكن،‏ بصرف النظر عن الاساليب التي استخدمها مقاوموهم،‏ عرف شهود يهوه ان كلمة اللّٰه تنصح:‏ «لا تنتقموا لأنفسكم ايها الاحباء بل اعطوا مكانا للغضب.‏ لأنه مكتوب لي النقمة انا اجازي يقول الرب.‏» (‏رومية ١٢:‏١٩‏)‏ ومع ذلك،‏ شعروا بأنهم تحت التزام قوي لتقديم شهادة.‏ فكيف فعلوا ذلك عندما واجهتهم مقاومة رسمية؟‏

      رغم ان جماعات شهود يهوه كانت عادةً صغيرة الى حد ما خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان هنالك رابط قوي بينها.‏ فعندما يوجد اضطراب خطير في مكان ما،‏ يكون الشهود من المناطق المجاورة توّاقين الى المساعدة.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٣٣ في الولايات المتحدة نُظِّم ٦٠٠‏,١٢ شاهد في ٧٨ فرقة كبيرة.‏ وعندما كانت تحدث اعتقالات متواصلة في احدى المناطق،‏ او عندما ينجح المقاومون في الضغط على المحطات الاذاعية لالغاء الاتفاقيات لبثّ برامج اعدَّها شهود يهوه،‏ كان مكتب الجمعية في بروكلين يبلَّغ بذلك.‏ وفي غضون اسبوع كانت التعزيزات ترسل الى تلك المنطقة لتقديم شهادة مكثَّفة.‏

      وحسب الحاجة،‏ كان يلتقي من ٥٠ الى ٠٠٠‏,١ شاهد في وقت معيَّن،‏ وعادةً في الريف قرب المنطقة التي سيخدمون فيها.‏ كانوا جميعا متطوعين؛‏ وكان البعض يأتون من اماكن تبعد ٢٠٠ ميل (‏٣٢٠ كلم)‏.‏ وكانت الفِرق تُعطى مقاطعة يمكن تغطيتها في ٣٠ دقيقة او ربما ساعتين.‏ واذ كان ركَّاب كل سيارة يبتدئون بالعمل في جزئهم المعيَّن،‏ كانت لجنة من الاخوة تزور الشرطة لاعلامهم بالعمل الجاري ولتزويد لائحة بجميع الشهود الذين يعملون ضمن المنطقة في ذلك الصباح.‏ واذ يدرك الرسميون ان عدد الشهود يفوق عدد قواتهم،‏ كانوا يسمحون في معظم الاماكن باستمرار العمل دون اعاقة.‏ وفي بعض المواقع كانوا يملأون سجنهم ولكنهم بعد ذلك لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا اكثر.‏ وبالنسبة الى الذين يُقبَض عليهم،‏ كان لدى الشهود محامون حاضرون مع كفالة.‏ وكان التأثير كذاك الذي لسرب الجراد الرمزي المشار اليه في الاسفار المقدسة في يوئيل ٢:‏​٧-‏١١ ورؤيا ٩:‏​١-‏١١‏.‏ وبهذه الطريقة كان من الممكن الاستمرار في الكرازة بالبشارة حتى في وجه المقاومة الشديدة.‏

      تشهير اعمال الرسميين المستبدين امام الرأي العام

      اعتُبر مفيدا ان يجري اعلام الناس في بعض المناطق بما يفعله رسميوهم المحليون.‏ ففي كْويبك،‏ عندما اخضعت المحاكم الشهود لاجراءات تذكِّر بمحاكم التفتيش،‏ أُرسلت رسالة تصف الوقائع الى جميع اعضاء الهيئة التشريعية في كْويبك.‏ وعندما لم يُتَّخذ ايّ اجراء،‏ ارسلت الجمعية نسخة من الرسالة الى ٠٠٠‏,١٤ رجل اعمال في كل انحاء المقاطعة.‏ ثم أُخذت المعلومات الى محرِّري الصحف للنشر.‏

      وفي شرقي الولايات المتحدة جرى اعلام العامة بواسطة البرامج الاذاعية.‏ ففي بتل بروكلين،‏ شكَّل عدد من المدرَّبين في التمثيل،‏ المهرة في التقليد،‏ ما دُعي بمسرح الملك.‏ وعندما كان الرسميون المستبدون يحيلون شهود يهوه الى المحاكمة،‏ كان يُصنع سجل اختزالي كامل باجراءات المحكمة.‏ وكان الممثلون يحضرون المحكمة لكي يصيروا ملمّين جيدا بنبرة صوت وأسلوب تكلم رجال الشرطة،‏ المدَّعي العام،‏ والقاضي.‏ وبعد حملة اعلانية واسعة لضمان عدد كبير من المستمعين للراديو،‏ كان مسرح الملك يمثِّل مشاهد قاعة المحكمة بواقعية جديرة بالملاحظة لكي تعرف العامة تماما ما يفعله رسميوهم.‏ وعلى مر الوقت،‏ بسبب فيض تشهيرهم العلني،‏ صار بعض هؤلاء الرسميين اكثر حذرا في معالجتهم القضايا المتعلقة بالشهود.‏

      اجراء متَّحد في وجه الظلم النازي

      عندما قامت حكومة المانيا النازية بحملة لايقاف نشاط شهود يهوه في المانيا،‏ بُذلت جهود متكررة لنيل فرصة للتعبير عن رأيهم امام السلطات الالمانية.‏ ولكن لم يكن الفرج قريبا.‏ وبحلول صيف السنة ١٩٣٣ كان عملهم محظورا في غالبية الولايات الالمانية.‏ ولذلك،‏ في ٢٥ حزيران ١٩٣٣،‏ تبنَّى شهود يهوه بيانا يتعلق بخدمتهم وأهدافها في محفل في برلين.‏ وأُرسلت نسخ الى جميع الرسميين الحكوميين ذوي المراتب العالية،‏ ووُزِّعت ملايين اخرى على العامة.‏ ومع ذلك،‏ رفضت المحاكم في تموز ١٩٣٣ ان تخصص جلسة سماع بهدف انصافهم.‏ وفي وقت باكر من السنة التالية كتب ج.‏ ف.‏ رذرفورد رسالة شخصية الى ادولف هتلر تتعلق بالحالة وأرسلها اليه بواسطة رسول خصوصي.‏ وبعد ذلك شرعت الاخوَّة العالمية النطاق بكاملها في التحرُّك.‏

      وصباح الاحد في ٧ تشرين الاول ١٩٣٤،‏ عند الساعة التاسعة،‏ اجتمعت كل فرقة من الشهود في المانيا.‏ وصلَّوا طلبا لتوجيه يهوه وبركته.‏ ثم ارسلت كل فرقة رسالة الى الرسميين الحكوميين الالمان تعلن تصميمهم الثابت على الاستمرار في خدمة يهوه.‏ وقبل الانصراف ناقشوا معا كلمات ربهم،‏ يسوع المسيح،‏ في متى ١٠:‏​١٦-‏٢٤‏.‏ وبعد ذلك خرجوا لتقديم شهادة لجيرانهم عن يهوه وملكوته برئاسة المسيح.‏

      وفي ذلك اليوم نفسه اجتمع شهود يهوه في كل انحاء الارض،‏ وبعد صلاة متَّحدة الى يهوه ارسلوا برقية تحذِّر حكومة هتلر:‏ «ان معاملتكم السيئة لشهود يهوه تصدم جميع الناس الصالحين في الارض وتهين اسم اللّٰه.‏ امتنعوا عن اضطهاد شهود يهوه؛‏ وإلا فسيدمركم اللّٰه وحزبكم الوطني.‏» ولكنَّ ذلك لم يكن نهاية الامر.‏

      كثَّف الڠستاپو جهودهم لسحق نشاط شهود يهوه.‏ وبعد اعتقالات واسعة في السنة ١٩٣٦ اعتقدوا انهم ربما نجحوا.‏ ولكن بعدئذ،‏ في ١٢ كانون الاول ١٩٣٦،‏ شنَّ نحو ٤٥٠‏,٣ شاهدا كانوا لا يزالون احرارا في المانيا حملة خاطفة في البلد موزِّعين قرارا مطبوعا يذكر بوضوح قصد يهوه ويعلن تصميم شهود يهوه على اطاعة اللّٰه كحاكم اكثر من الناس.‏ ولم يقدر المقاومون ان يفهموا كيف امكن القيام بمثل هذا التوزيع.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ عندما استخفَّ الڠستاپو بالاتهامات الواردة في القرار،‏ اعدَّ شهود يهوه رسالة مفتوحة ذكروا فيها عددا كبيرا من اسماء الرسميين النازيين الذين عاملوا شهود يهوه بوحشية.‏ وفي السنة ١٩٣٧ وُزِّعت هذه الرسالة ايضا بشكل واسع في المانيا.‏ وهكذا شُهِّرت اعمال الرجال الاشرار ليراها الجميع.‏ وأعطى ذلك ايضا فرصة للعامة ليقرروا ايّ مسلك سيتبعونه شخصيا في ما يتعلق بخدام العلي هؤلاء.‏ —‏ قارنوا متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏.‏

      حملة اعلانية عالمية تجلب شيئا من الراحة

      عاملت حكومات اخرى ايضا شهود يهوه بقساوة،‏ مانعة اجتماعاتهم وكرازتهم العلنية.‏ وفي بعض الحالات تسبَّبت هذه الحكومات بطرد الشهود من استخدامهم الدنيوي ومنع اولادهم من حضور المدارس.‏ ولجأ عدد من الحكومات ايضا الى الاعمال الوحشية الجسدية.‏ ومع ذلك،‏ لدى هذه البلدان نفسها عادةً دساتير تضمن الحرية الدينية.‏ وبهدف جلب الراحة لاخوتهم المضطهَدين،‏ قامت جمعية برج المراقبة تكرارا بحملة اعلانية عالمية النطاق للفت الانظار الى التفاصيل المتعلقة بمثل هذه المعاملة.‏ وجرى ذلك بواسطة مجلتي برج المراقبة واستيقظ!‏،‏ وكانت الصحافة العامة تتبنَّى احيانا هذه التقارير.‏ وبعد ذلك كانت آلاف عديدة من الرسائل التي تقدِّم التماسات لمصلحة الشهود تتدفق الى مكاتب الرسميين الحكوميين من كل انحاء العالم.‏

      ونتيجة لحملة كهذه في السنة ١٩٣٧،‏ تسلَّم حاكم جورجيا،‏ في الولايات المتحدة،‏ نحو ٠٠٠‏,٧ رسالة من اربعة بلدان في فترة يومين،‏ وانهالت ايضا آلاف الرسائل على محافظ لاڠرانج،‏ جورجيا.‏ وكذلك أُديرت حملات كهذه من اجل شهود يهوه في إثيوپيا في السنة ١٩٥٧،‏ الارجنتين في السنتين ١٩٧٨ و ١٩٧٩،‏ الاردن في السنة ١٩٥٩،‏ اسپانيا في السنة ١٩٦١ وثانية في السنة ١٩٦٢،‏ الپرتغال في السنتين ١٩٦٤ و ١٩٦٦،‏ بوروندي في السنة ١٩٨٩،‏ بينين في السنة ١٩٧٦،‏ جمهورية الدومينيكان في السنتين ١٩٥٠ و ١٩٥٧،‏ سنڠافورة في السنة ١٩٧٢،‏ سْوازيلند في السنة ١٩٨٣،‏ ڠابون في السنة ١٩٧١،‏ الكَمَرون في السنة ١٩٧٠،‏ ملاوي في السنوات ١٩٦٨،‏ ١٩٧٢،‏ ١٩٧٥،‏ ومرة اخرى في السنة ١٩٧٦،‏ ملايو في السنة ١٩٥٢،‏ موزَمبيق في السنة ١٩٧٦،‏ وأيضا اليونان في السنتين ١٩٦٣ و ١٩٦٦.‏

      وكمثال حديث لما يفعله شهود يهوه على نطاق عالمي لجلب الراحة لاخوتهم المتضايقين،‏ تأملوا في الحالة في اليونان.‏ فبسبب شدة اضطهاد شهود يهوه بتحريض من رجال الدين الارثوذكس هناك،‏ ذكرت في السنة ١٩٨٦ مجلتا برج المراقبة واستيقظ!‏ كلتاهما (‏بمجموع توزيع اممي لأكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٢٢ نسخة)‏ تفاصيل الاضطهاد.‏ ودُعي الشهود في البلدان الاخرى الى الكتابة الى رسميي الحكومة اليونانية لمصلحة اخوتهم.‏ ففعلوا ذلك؛‏ وكما أُخبر في صحيفة ڤراثيني في اثينا،‏ انهال على وزير العدل اكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ رسالة من اكثر من ٢٠٠ بلد وب‍ ١٠٦ لغات.‏

      وفي السنة التالية،‏ عندما سُمعت قضية تشمل الشهود في محكمة الاستئناف في هانيا،‏ كريت،‏ حضر ممثلو شهود يهوه من سبعة بلدان اخرى (‏اسپانيا،‏ المانيا،‏ انكلترا،‏ ايطاليا،‏ فرنسا،‏ الولايات المتحدة،‏ واليابان)‏ كأطراف في القضية ودعما لاخوتهم المسيحيين.‏ ثم،‏ عقب اتخاذ المحكمة العليا في اليونان قرارا غير مؤاتٍ في السنة ١٩٨٨ في قضية اخرى ايضا تشمل الشهود،‏ رُفع استئناف الى اللجنة الاوروپية لحقوق الانسان.‏ وهناك،‏ في ٧ كانون الاول ١٩٩٠،‏ قُدِّم الى ١٦ عالما بالقانون من كل انحاء اوروپا تقريبا ملف بـ‍ ٠٠٠‏,٢ اعتقال ومئات من قضايا المحاكم التي أُدين فيها شهود يهوه في اليونان لأنهم تحدثوا عن الكتاب المقدس.‏ (‏في الواقع،‏ كان هنالك ١٤٧‏,١٩ اعتقالا كهذا في اليونان من السنة ١٩٣٨ الى ١٩٩٢.‏)‏ وقرَّرت اللجنة بالاجماع انه يجب ان تسمع القضية المحكمة الاوروپية لحقوق الانسان.‏

      وفي بعض الحالات يجلب مثل هذا التشهير لانتهاك حقوق الانسان مقدارا من الراحة.‏ ولكن،‏ بصرف النظر عن الاجراء الذي يتَّخذه القضاة او الحكام،‏ يستمر شهود يهوه في اطاعة اللّٰه بصفته حاكمهم الاسمى.‏

      ضمان الاعتراف الشرعي

      من الواضح ان التفويض لممارسة العبادة الحقة لا يصدر من ايّ انسان او اية حكومة بشرية.‏ فهو يأتي من يهوه اللّٰه نفسه.‏ ولكن في بلدان عديدة تَبرهن انه،‏ لضمان الحماية التي يمنحها القانون الدنيوي،‏ من المفيد ان يكون شهود يهوه مسجَّلين في الحكومة كجمعية دينية.‏ والخطط لشراء ملكية لمكتب الفرع او لطبع مطبوعات الكتاب المقدس بشكل واسع يمكن ان تصير سهلة بتشكيل مؤسسات شرعية محلية.‏ وانسجاما مع السابقة القانونية التي رسمها الرسول بولس في فيلبي القديمة في ‹تثبيت البشارة شرعيا،‏› يتَّخذ شهود يهوه الاجراء المناسب لتحقيق ذلك.‏ —‏ فيلبي ١:‏٧‏.‏

      وأحيانا كان ذلك صعبا جدا.‏ مثلا،‏ في النمسا،‏ حيث يضمن اتفاق مع الڤاتيكان دعم الحكومة المالي للكنيسة الكاثوليكية،‏ صدَّ الرسميون في بادئ الامر جهود شهود يهوه قائلين:‏ ‹ان هدفكم هو تشكيل هيئة دينية،‏ ولا يمكن انشاء هيئة من هذا النوع تحت القانون النمساوي.‏› ولكن،‏ في السنة ١٩٣٠،‏ استطاعوا ان يسجِّلوا جمعية لتوزيع الكتب المقدسة ومطبوعات الكتاب المقدس.‏

      وفي اسپانيا يرجع تاريخ نشاط شهود يهوه للقرن الـ‍ ٢٠ الى زمن الحرب العالمية الاولى.‏ ولكن منذ السنوات الباكرة لمحكمة التفتيش في القرن الـ‍ ١٥ كانت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والدولة الاسپانية،‏ باستثناءات قليلة،‏ على وفاق تام.‏ والتغيُّرات في الوضع السياسي والديني ادَّت الى السماح للافراد بممارسة دين آخر،‏ إلا ان التعبير العلني عن ايمانهم كان ممنوعا.‏ رغم هذه الظروف،‏ سعى شهود يهوه،‏ في السنة ١٩٥٦ ومرة ثانية في السنة ١٩٦٥،‏ الى الحصول على الاعتراف الشرعي في اسپانيا.‏ ولكن لم يكن ايّ تقدُّم حقيقي ممكنا حتى اصدر البرلمان الاسپاني قانون الحرية الدينية في السنة ١٩٦٧.‏ وأخيرا،‏ في ١٠ تموز ١٩٧٠،‏ عندما كان عدد الشهود قد بلغ اكثر من ٠٠٠‏,١١ في اسپانيا،‏ مُنح الاعتراف الشرعي.‏

      وفي السنة ١٩٤٨ قُدِّم الى حاكم المستعمرة الفرنسية داهومي (‏المعروفة الآن بِـ‍ بينين)‏ طلب لتسجيل جمعية برج المراقبة شرعيا.‏ ولكنَّ تسجيلا شرعيا كهذا لم يُمنح حتى السنة ١٩٦٦،‏ بعد ست سنوات من صيرورة البلد جمهورية مستقلة.‏ ومع ذلك،‏ سُحب هذا الاعتراف الشرعي في السنة ١٩٧٦ ثم استُردَّ في السنة ١٩٩٠ عندما حدثت تغيُّرات في الوضع السياسي وفي الموقف الرسمي من الحرية الدينية.‏

      رغم ان شهود يهوه كانوا قد تمتعوا بالاعتراف الشرعي لسنوات في كندا،‏ قدَّمت الحرب العالمية الثانية عذرا للمقاومين لاقناع الحاكم العام الجديد بأن يعلن ان الشهود غير شرعيين.‏ وجرى ذلك في ٤ تموز ١٩٤٠.‏ وبعد سنتين،‏ عندما مُنح الشهود فرصة لتوجيه احتجاجات الى لجنة برلمانية لمجلس العموم،‏ اوصت هذه اللجنة بقوة ان يُرفع الحظر عن شهود يهوه ومؤسساتهم الشرعية.‏ لكنَّ وزير العدل،‏ وهو من الروم الكاثوليك،‏ لم يشعر بأنه ملزم برفع الحظر كاملا إلا بعد مناقشة متكررة ومطوَّلة في مجلس العموم وقيام الشهود بعمل كثير لجمع تواقيع على عريضتين تشمل كامل الامة.‏

      كانت التغيُّرات الاساسية في وجهة نظر الحكومات في اوروپا الشرقية لازمة قبل ان يتمكَّن شهود يهوه من الحصول على الاعتراف الشرعي هناك.‏ وأخيرا،‏ بعد عقود من الالتماسات لنيل الحرية الدينية،‏ مُنح الشهود اعترافا شرعيا في پولندا وهنڠاريا سنة ١٩٨٩،‏ في رومانيا والمانيا الشرقية (‏قبل اتحادها مع جمهورية المانيا الاتحادية)‏ سنة ١٩٩٠،‏ في بلغاريا وما كان آنذاك الاتحاد السوڤياتي سنة ١٩٩١،‏ وفي البانيا سنة ١٩٩٢.‏

      يسعى شهود يهوه الى العمل بانسجام مع قوانين اية امة.‏ وهم يؤيدون بقوة،‏ على اساس الكتاب المقدس،‏ الاحترام للرسميين الحكوميين.‏ ولكن عندما تتعارض قوانين الناس مع وصايا اللّٰه المعلَنة بوضوح،‏ يجيبون:‏ «ينبغي ان يُطاع اللّٰه (‏كحاكم)‏ اكثر من الناس.‏» —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

      عندما يجعل الخوف الناس ينسون الحريات الاساسية

      بسبب ازدياد اساءة استعمال المخدرات من جهة اناس كثيرين والتضخم المالي،‏ الذي كثيرا ما يجبر الازواج والزوجات على السواء على القيام بأعمال دنيوية،‏ وجد شهود يهوه في الولايات المتحدة انفسهم يواجهون حالات جديدة في خدمتهم.‏ فالكثير من المناطق يكون فارغا تقريبا اثناء النهار،‏ وأعمال السطو منتشرة.‏ والناس خائفون.‏ وفي اواخر سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ وأوائل ثمانينات الـ‍ ١٩٠٠ سُنَّت مجموعة جديدة من القوانين التي تتطلب الترخيص للباعة لمعرفة مكان وجود الغرباء في المجتمعات.‏ وهدَّدت بعض البلدات شهود يهوه بالاعتقال اذا لم يحصلوا على إذن.‏ ولكن كان قد وُضع اساس قانوني متين،‏ ولذلك امكن بذل الجهود لمعالجة المشاكل خارج المحكمة.‏

      وحيثما تنشأ صعوبات يمكن ان يجتمع الشيوخ المحليون برسميي البلدة لايجاد حل.‏ ويرفض شهود يهوه بثبات ان يطلبوا إذنا للقيام بعمل امر به اللّٰه،‏ ودستور الولايات المتحدة،‏ الذي تدعمه قرارات المحكمة العليا،‏ يضمن حرية العبادة والصحافة التي لا تخضع لدفع ايّ رسم كشرط.‏ ولكنَّ شهود يهوه يفهمون ان الناس خائفون،‏ ويمكن ان يوافقوا على اعلام الشرطة قبل ان يبدأوا بالشهادة في منطقة معيَّنة،‏ اذا كان ذلك ضروريا.‏ ولكن اذا لم يجرِ الوصول الى تسوية مقبولة،‏ يراسل محامٍ من مركز الجمعية الرئيسي الرسميين المحليين موضحا عمل شهود يهوه،‏ القانون الدستوري الذي يدعم حقهم في الكرازة،‏ وقدرتهم على فرض هذا الحق من خلال دعاوى الحقوق المدنية الفيديرالية ضد البلدية ورسمييها تطالب بالتعويض المالي.‏f

      في بعض البلدان يتبرهن ايضا انه من الضروري الذهاب الى المحكمة لاعادة تأكيد الحريات الاساسية التي طالما اعتُبرت من المسلَّمات.‏ وصحَّ ذلك في فنلندا في السنة ١٩٧٦ وثانية في السنة ١٩٨٣.‏ واذ جرى الادّعاء بالحفاظ على سلام اصحاب البيوت،‏ منع عدد كبير من القوانين المحلية العمل الديني الذي يشمل الذهاب من بيت الى بيت.‏ ولكن أُظهر في المحكمة في لوڤيسا وفي راوما ان الكرازة من بيت الى بيت هي جزء من دين شهود يهوه وأن الحكومة سبق ان وافقت على طريقة التبشير هذه عندما منحت اجازة لجمعية شهود يهوه الدينية.‏ وأُظهر ايضا ان اناسا كثيرين يرحِّبون بزيارات الشهود وأن حظر نشاط كهذا لمجرد ان البعض لا يقدِّرونه هو انتقاص للحرية.‏ وعقب النتيجة الناجحة لتلك القضايا،‏ ألغت بلدات ومدن كثيرة قوانينها.‏

      صياغة قانون دستوري

      كان نشاط شهود يهوه،‏ في بعض البلدان،‏ عاملا رئيسيا في صياغة القانون.‏ وكل تلميذ حقوق اميركي يعرف جيدا المساهمة التي قام بها شهود يهوه في المدافعة عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.‏ وتعكس مدى هذه المساهمة مقالات كالتالية:‏ «دَيْن القانون الدستوري لشهود يهوه،‏» التي ظهرت في مجلة قانون مينيسوتا،‏ عدد آذار ١٩٤٤،‏ و «حافز على تطوُّر القانون الدستوري:‏ شهود يهوه في المحكمة العليا،‏» التي نُشرت في مجلة قانون جامعة سِنسِناتي،‏ في السنة ١٩٨٧.‏

      تشكل قضاياهم في المحكمة جزءا مهما من القانون الاميركي المتعلق بحرية الدين،‏ حرية التعبير،‏ وحرية الصحافة.‏ وهذه القضايا فعلت الشيء الكثير ليس فقط لصون حريات شهود يهوه بل ايضا الشعب بكامله.‏ وفي خطاب في جامعة درايك قال إيرڤِنڠ ديليارد،‏ مؤلِّف ومحرِّر مشهور:‏ «سواء اعجبكم ذلك او لا،‏ ساهم شهود يهوه في صون حرياتنا اكثر من ايّ فريق ديني آخر.‏»‏

      وفي ما يتعلق بالحالة في كندا تعلن مقدِّمة كتاب الدولة والخلاص —‏ شهود يهوه وصراعهم من اجل الحقوق المدنية:‏ «علَّم شهود يهوه الدولة،‏ والشعب الكندي،‏ ماذا يجب ان يكون التطبيق العملي للحماية القانونية للفرق المعارضة.‏ وفضلا عن ذلك،‏ .‏ .‏ .‏ ادَّى الاضطهاد [اضطهاد الشهود في مقاطعة كْويبك] الى سلسلة من القضايا التي،‏ في اربعينات وخمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ شقَّت طريقها الى المحكمة العليا في كندا.‏ وساهمت هذه القضايا ايضا بشكل مهم في المواقف الكندية حيال الحقوق المدنية،‏ وشكَّلت الاساس الراسخ لعلم قانون الحريات المدنية في كندا اليوم.‏» ويوضح الكتاب ان «احدى نتائج» معركة الشهود القانونية من اجل حرية العبادة «كانت السلسلة الطويلة من المناقشات والمناظرات التي ادَّت الى ميثاق الحقوق،‏» الذي هو الآن جزء من قانون كندا الاساسي.‏

      تفوُّق قانون اللّٰه

      ولكن،‏ بصورة رئيسية،‏ كان السجل القانوني لشهود يهوه شهادة لاقتناعهم بأن القانون الالهي هو الاسمى.‏ وسبب اتخاذهم هذا الموقف هو تقديرهم لقضية السلطان الكوني.‏ فهم يعترفون بأن يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد والمتسلط الشرعي في الكون.‏ ولذلك يتخذون بثبات الموقف ان اية قوانين او قرارات قضائية تمنع ما يأمر به يهوه هي باطلة وأن الوكالة البشرية التي تفرض قيودا كهذه تتجاوز سلطتها.‏ وموقفهم هو كذاك الذي لرسل يسوع المسيح،‏ الذين اعلنوا:‏ «ينبغي ان يطاع اللّٰه (‏كحاكم)‏ اكثر من الناس.‏» —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

      وبعون اللّٰه شهود يهوه مصممون على الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم قبل ان يأتي المنتهى.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a كان تاريخ العدد الاول ١ تشرين الاول ١٩١٩.‏ وكان توزيع هذه المجلة وخليفتيها،‏ التعزية واستيقظ!‏،‏ غير عادي.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان التوزيع القانوني لاستيقظ!‏ ٠٠٠‏,١١٠‏,١٣ نسخة بـ‍ ٦٧ لغة.‏

      b كخطة عامة،‏ عندما كان شهود يهوه يؤخذون الى المحكمة بسبب الشهادة،‏ كانوا يستأنفون قضاياهم بدلا من دفع غرامات.‏ واذا خسروا قضية عند الاستئناف،‏ كانوا حينئذ يذهبون الى السجن بدلا من دفع الغرامة،‏ اذا كان القانون يسمح بذلك.‏ ورفْض الشهود المتواصل دفع غرامات عمِل على تثبيط بعض الرسميين عن الاستمرار في اعاقة نشاط شهادتهم.‏ وبينما لا يزال اتِّباع هذه الخطة ممكنا في بعض الظروف،‏ اظهرت برج المراقبة عدد ١ نيسان ١٩٧٥ (‏بالانكليزية)‏ انه في قضايا كثيرة يمكن ان تُعتبر الغرامة بلياقة عقابا قضائيا،‏ ولذلك لا يعني دفعها اعترافا بالذنب،‏ كما ان الذهاب الى السجن لا يثبت ان الشخص مذنب.‏

      c لوڤِل ضد مدينة ڠْرِفِن،‏ ٣٠٣ الولايات المتحدة ٤٤٤ (‏١٩٣٨)‏.‏

      d شنايدر ضد ولاية نيو جيرزي (‏بلدة إيرڤنڠتون‏)‏‏،‏ ٣٠٨ الولايات المتحدة ١٤٧ (‏١٩٣٩)‏.‏

      e ٣١٠ الولايات المتحدة ٢٩٦ (‏١٩٤٠)‏.‏

      f ٢٩٧ ماساتشوستس ٦٥ (‏١٩٣٥)‏.‏ شملت القضية تلميذا يبلغ الثامنة من العمر اسمه كارلتون نيكولز.‏

      g ٣٠٢ الولايات المتحدة ٦٥٦ (‏١٩٣٧)‏ (‏من جورجيا)‏.‏

      h ٣٠٣ الولايات المتحدة ٦٢٤ (‏١٩٣٨)‏ (‏من نيو جيرزي)‏.‏

      i ٣٠٦ الولايات المتحدة ٦٢١ (‏١٩٣٩)‏ (‏من كاليفورنيا)‏.‏

      j ٣٠٦ الولايات المتحدة ٦٢١ (‏١٩٣٩)‏ (‏من ماساتشوستس)‏.‏

      k ٣١٠ الولايات المتحدة ٥٨٦ (‏١٩٤٠)‏.‏ ذهب والتر ڠوبايتس،‏ الاب،‏ مع ولديه وليم وليليان الى المحكمة لمنع هيئة التعليم من رفض السماح للولدين بالذهاب الى مدرسة ماينرزڤِل الحكومية لأن الولدين لا يحيّيان العلم القومي.‏ فحكمت المحكمة الاتحادية المحلية ومحكمة الاستئناف الدورية كلتاهما لمصلحة شهود يهوه.‏ ثم رفعت هيئة التعليم القضية الى المحكمة العليا.‏

      l ٣١٦ الولايات المتحدة ٥٨٤ (‏١٩٤٢)‏.‏

      a ٣١٩ الولايات المتحدة ١٠٥ (‏١٩٤٣)‏.‏

      b خلال السنة الشمسية ١٩٤٣ قُدِّمت عرائض واستئنافات في ٢٤ قضية قانونية تشمل شهود يهوه الى المحكمة العليا للولايات المتحدة.‏

      c ٣١٩ الولايات المتحدة ٦٢٤ (‏١٩٤٣)‏.‏

      d ٣١٩ الولايات المتحدة ٥٨٣ (‏١٩٤٣)‏.‏

      e من السنة ١٩١٩ الى السنة ١٩٨٨ أُحيلت الى المحكمة العليا للولايات المتحدة عرائض واستئنافات في ما مجموعه ١٣٨ قضية تشمل شهود يهوه.‏ مئة وثلاثون من هذه القضايا قدَّمها شهود يهوه؛‏ وثماني قضايا قدَّمها خصومهم في القانون.‏ في ٦٧ قضية رفضت المحكمة العليا مراجعة القضايا لأنه،‏ كما اعتبرت المحكمة العليا المسألة في ذلك الوقت،‏ لم تنشأ مسائل فيديرالية دستورية او قانونية مهمة.‏ وفي ٤٧ من القضايا التي نظرت فيها المحكمة العليا كانت القرارات لمصلحة شهود يهوه.‏

      f جاين مونِل ضد دائرة الخدمات الاجتماعية لمدينة نيويورك،‏ ٤٣٦ الولايات المتحدة ٦٥٨ (‏١٩٧٨)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٨٠]‏

      حظرت الحكومات شهود يهوه في بلد بعد آخر

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٨٣]‏

      رُفض النظر في القضية،‏ وخرج الكاهن من المحكمة بغضب!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦٩٣]‏

      صار بعض الرسميين اكثر حذرا في معالجتهم القضايا المتعلقة بالشهود

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٨٤]‏

      شهادة للمحكمة العليا للولايات المتحدة

      عندما مثل امام المحكمة العليا للولايات المتحدة كمستشار قانوني في قضية «ڠوبايتس،‏» ركَّز جوزيف ف.‏ رذرفورد،‏ عضو في نقابة محامي نيويورك ورئيس جمعية برج المراقبة،‏ الانتباه بوضوح على اهمية الخضوع لسلطان يهوه اللّٰه.‏ قال:‏

      «شهود يهوه هم الذين يشهدون لاسم الاله الكلي القدرة،‏ الذي اسمه وحده يهوه.‏ .‏ .‏ .‏

      «ألفت الانتباه الى واقع ان يهوه اللّٰه،‏ منذ اكثر من ستة آلاف سنة،‏ وعد بأن يؤسِّس بواسطة المسيَّا حكومة بر.‏ وسيَفي بهذا الوعد في الوقت المعيَّن.‏ وتدل الوقائع الحاضرة على ضوء النبوة ان ذلك قريب.‏ .‏ .‏ .‏

      «اللّٰه،‏ يهوه،‏ هو المصدر الوحيد للحياة.‏ ولا يمكن لأحد غيره ان يعطي الحياة.‏ ولا يمكن لولاية پنسلڤانيا ان تعطي الحياة،‏ ولا الحكومة الاميركية.‏ لقد صنع اللّٰه هذا القانون [تحريم عبادة الصور]،‏ كما يعبِّر عن ذلك بولس،‏ ليحمي شعبه من الصنمية.‏ هذا قليل الاهمية،‏ تقولون.‏ وكذلك كان عمل آدم في اكل الثمرة المحرَّمة.‏ فالقضية لم تكن التفاحة التي اكلها آدم،‏ بل كانت عمل عصيانه على اللّٰه.‏ والمسألة هي ما اذا كان الانسان سيطيع اللّٰه او يطيع مؤسسة بشرية.‏ .‏ .‏ .‏

      «اذكِّر هذه المحكمة العليا (‏وليس ضروريا ان افعل ذلك)‏ بأنه في قضية ‹الكنيسة ضد الولايات المتحدة› اعتبرت هذه المحكمة اميركا دولة مسيحية؛‏ وهذا يعني ان اميركا يجب ان تطيع القانون الالهي.‏ ويعني ايضا ان هذه المحكمة تنتبه لواقع ان قانون اللّٰه هو اسمى.‏ واذا آمن انسان بضمير حي بأن قانون اللّٰه هو اسمى وسلك بضمير حي وفقا لذلك،‏ فلا يمكن لأية سلطة بشرية ان تتحكَّم او تتدخَّل في ضميره.‏ .‏ .‏ .‏

      «اسمحوا لي بلفت الانتباه الى هذا:‏ أنه عند افتتاح كل جلسة لهذه المحكمة يعلن الحاجب هذه الكلمات:‏ ‹ليحفظ اللّٰه الولايات المتحدة وهذه المحكمة الموقَّرة.‏› والآن اقول،‏ ليحفظ اللّٰه هذه المحكمة الموقَّرة من ارتكاب خطإ يقود شعب الولايات المتحدة هذا الى مجتمع كلِّياني ويدمِّر كل الحريات التي يضمنها الدستور.‏ هذا هو امر مقدس لدى كل اميركي يحب اللّٰه وكلمته.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٨٧]‏

      الحوادث المؤدية الى النقض

      في السنة ١٩٤٠ عندما حكمت المحكمة العليا الاميركية،‏ في قضية «المجلس التعليمي لمقاطعة ماينرزڤِل ضد ڠوبايتس،‏» بأنه يمكن طلب تحية العلم من اولاد المدارس،‏ كان ثمانية من القضاة التسعة متفقين في الرأي.‏ وكان القاضي ستون وحده غير موافق.‏ ولكن بعد سنتين،‏ عند التعبير عن رأيهم المخالف في قضية «جونز ضد أُوپِلايكا،‏» اغتنم الفرصة ثلاثة قضاة آخرون (‏بلاك،‏ دوڠلاس،‏ ومورفي)‏ للتعبير عن اعتقادهم انه كان يوجد خطأ في الحكم في قضية «ڠوبايتس» لان ذلك وضع الحرية الدينية في مركز ادنى.‏ وعنى ذلك ان اربعة من القضاة التسعة كانوا يفضِّلون نقض القرار في قضية «ڠوبايتس.‏» ومن القضاة الخمسة الآخرين الذين كانوا قد قلَّلوا من اهمية الحرية الدينية تقاعد اثنان.‏ وكان هنالك قاضيان جديدان (‏روتلج وجاكسون)‏ في هيئة المحكمة عندما أُحيلت القضية التالية لتحية العلم الى المحكمة العليا.‏ وفي السنة ١٩٤٣،‏ في قضية «هيئة التعليم في ولاية ڤرجينيا الغربية ضد بارْنِت،‏» صوَّت كلاهما لمصلحة الحرية الدينية بدلا من تحية العلم الالزامية.‏ وهكذا،‏ بـ‍ ٦ اصوات مقابل ٣،‏ نقضت المحكمة العليا الموقف الذي كانت قد اتَّخذته في القضايا الخمس الاولى (‏«ڠوبايتس،‏» «ليولِس،‏» «هيرينڠ،‏» «ڠبرِيللي،‏» و «جونسون»)‏ التي استؤنفت في هذه المحكمة.‏

      ومن المثير للاهتمام ان القاضي فرانكفورتر،‏ في التعبير عن رأيه المخالف في قضية «بارْنِت،‏» قال:‏ «كما صحَّ في الماضي،‏ ستنقض المحكمة من حين الى آخر موقفها.‏ ولكنني اعتقد انه قبل قضايا شهود يهوه هذه (‏باستثناء انحرافات طفيفة جرى التراجع عنها لاحقا)‏ لم يسبق ان ألغت هذه المحكمة قرارات بحيث تقيِّد سلطات الحكومة الديموقراطية.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٨٨]‏

      ‏«شكل قديم العهد من التبشير الارسالي»‏

      في سنة ١٩٤٣،‏ في قضية «ميردوك ضد پنسلڤانيا،‏» قالت المحكمة العليا للولايات المتحدة بين امور اخرى:‏

      «ان توزيع النشرات الدينية باليد هو شكل قديم العهد من التبشير الارسالي —‏ قديم قدم تاريخ المطابع.‏ لقد كان قوة فعَّالة في مختلف الحركات الدينية على مر السنين.‏ وهذا الشكل من التبشير تستخدمه اليوم على نطاق واسع مختلف الطوائف الدينية التي يحمل موزِّعو مطبوعاتها الجائلون الانجيل الى آلاف وآلاف البيوت ويسعون من خلال الزيارات الشخصية الى الفوز بأتباع لايمانهم.‏ انه اكثر من كرازة؛‏ انه اكثر من توزيع للمطبوعات الدينية.‏ انه مزيج من الاثنين.‏ والقصد منه تبشيري كالاجتماع لايقاظ الروح الدينية.‏ وهذا الشكل من النشاط الديني يحتل المنزلة الرفيعة نفسها تحت التعديل الدستوري الاول كالعبادة في الكنائس والكرازة من المنابر.‏ وهو يتمتع بحق المطالبة بالحماية نفسه كالنشاطات الدينية الاكثر ارثوذكسية وتقليدية.‏ ويتمتع ايضا كالنشاطات الدينية الاخرى بحق المطالبة نفسه بضمانات حرية التعبير وحرية الصحافة.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٩١]‏

      ‏«حقوق متساوية للجميع»‏

      تحت العنوان اعلاه،‏ كتبت في السنة ١٩٥٣ محرِّرة عمود كندية مشهورة في ذلك الوقت:‏ «مشعل كبير على پارلمنت هيل يجب ان يعلن قرار المحكمة العليا في كندا في قضية سومور [التي احالها شهود يهوه الى المحكمة]؛‏ مشعل جدير بمناسبة عظيمة.‏ فقليلة هي القرارات في تاريخ العدالة الكندية التي يمكن ان تكون اكثر اهمية.‏ وقليلة هي المحاكم التي يمكن ان تقدِّم خدمة افضل من هذه لكندا.‏ ولا تستحق اية محكمة من الكنديين الذين يقدِّرون ميراث حريتهم شكرا اعظم.‏ .‏ .‏ .‏ وهذه الحرية تستحق اعلانا اعظم مما يمكن ان يقدِّمه مشعل.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٩٤]‏

      بيان حازم للدولة النازية

      في ٧ تشرين الاول ١٩٣٤ ارسلت كل جماعة لشهود يهوه في المانيا الرسالة التالية الى الحكومة الالمانية:‏

      ‏«الى رسميي الحكومة:‏

      «ان كلمة يهوه اللّٰه،‏ كما ترد في الكتاب المقدس،‏ هي القانون الاسمى،‏ وبالنسبة الينا هي دليلنا الوحيد لأننا وقفنا انفسنا للّٰه ونحن أتباع حقيقيون ومخلصون للمسيح يسوع.‏

      «خلال السنة الماضية،‏ خلافا لشريعة اللّٰه وانتهاكا لحقوقنا،‏ منعتمونا كشهود ليهوه من الاجتماع معا لدرس كلمة اللّٰه وعبادته وخدمته.‏ وهو يأمرنا في كلمته بأن لا نترك اجتماعنا معا.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٢٥‏)‏ ويأمرنا يهوه:‏ ‹انتم شهود لي بأني اللّٰه.‏ فاذهبوا وأخبروا الناس برسالتي.‏› (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠،‏ ١٢؛‏ اشعياء ٦:‏٩؛‏ متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وهنالك تناقض بين قانونكم وشريعة اللّٰه،‏ واذ نحذو حذو الرسل الامناء ‹ينبغي لنا ان نطيع اللّٰه اكثر من الناس،‏› وهذا ما سنفعله.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏ وبهذا نعلمكم بأننا مهما كان الثمن سنطيع وصايا اللّٰه،‏ سنجتمع معا لدرس كلمته،‏ وسنعبده ونخدمه كما امر.‏ واذا عاملتنا حكومتكم او رسميوكم بعنف لأننا نطيع اللّٰه،‏ فحينئذ سيكون دمنا عليكم وستكونون مسؤولين امام الاله الكلي القدرة.‏

      «نحن لا نهتم بالشؤون السياسية،‏ ولكننا نقف انفسنا كليا لملكوت اللّٰه برئاسة المسيح ملكه.‏ ونحن لن نضرّ او نؤذي احدا.‏ ويسرّنا ان نسكن بسلام ونعمل الخير للجميع حسبما لنا فرصة،‏ ولكن بما ان حكومتكم ورسمييها يستمرون في محاولة اجبارنا على مخالفة القانون الاسمى في الكون،‏ نحن مضطرون الآن الى ابلاغكم اننا،‏ بنعمته،‏ سنطيع يهوه اللّٰه ونثق به كاملا لتحريرنا من كل الظلم والظالمين.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٩٧]‏

      الشهود تحت الحظر يذكرون موقفهم بوضوح

      وُضعت هيئة شهود يهوه تحت الحظر الحكومي في كندا في السنة ١٩٤٠.‏ وبعد ذلك كان هنالك اكثر من ٥٠٠ دعوى.‏ فأيّ دفاع كان يمكن ان يقدِّمه الشهود؟‏ باحترام ولكن بثبات،‏ قدَّموا بيانات الى المحكمة العليا تذكر النقاط التالية:‏

      ‹ليس لديَّ ما اعتذر عنه بشأن هذه الكتب.‏ فهي تعلِّم الطريق الى الحياة الابدية.‏ وأعتقد باخلاص انها توضح قصد الاله الكلي القدرة ان يؤسس ملكوت بر في الارض.‏ وبالنسبة اليَّ،‏ كانت اعظم بركة في حياتي.‏ وفي رأيي،‏ انها خطية ضد الكلي القدرة ان نتلف هذه الكتب،‏ ورسالة اللّٰه التي تحتويها،‏ تماما كما انها خطية ان نحرق الكتاب المقدس نفسه.‏ ويجب على كل شخص ان يختار ما اذا كان سيجلب لنفسه عدم رضى الناس او عدم رضى الاله الكلي القدرة.‏ وبالنسبة اليَّ،‏ اتَّخذت موقفي الى جانب الرب وملكوته،‏ وأسعى الى اكرام اسم العلي،‏ الذي هو يهوه،‏ واذا كنت سأُعاقَب على ذلك،‏ فحينئذ سيتحمل المسؤولية امام اللّٰه اولئك الذين يفرضون العقوبة.‏›‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٩٨]‏

      كيف نظر اعضاء الحكومة الكندية الى ذلك

      هذه هي بيانات لبعض اعضاء مجلس العموم الكندي في السنة ١٩٤٣ وهم يحثّون وزير العدل على رفع الحظر عن شهود يهوه ومؤسساتهم الشرعية:‏

      «لم تضع وزارة العدل امام اللجنة ايّ دليل يشير الى ان شهود يهوه،‏ في ايّ وقت،‏ يجب ان يُعتبروا هيئة غير شرعية .‏ .‏ .‏ وهو احتقار لدولة كندا ان يُحاكَم الناس بسبب قناعاتهم الدينية بالطريقة التي يُحاكَم بها هذا الشعب المسكين.‏» «في رأيي،‏ ان التحامل الديني المحض الواضح هو ما يُبقي الحظر.‏» —‏ السيد أنڠُس مَكينيس.‏

      «ان اختبار معظمنا هو ان هؤلاء هم اناس غير مؤذين،‏ وليس في نيتهم ان يضرّوا بالدولة.‏ .‏ .‏ .‏ فلماذا لم يُرفع الحظر؟‏ لا يمكن ان يكون ذلك بسبب ايّ خوف من ان تكون هذه الهيئة ضارّة بخير الدولة،‏ او ان تكون اعمالها هدَّامة للمجهود الحربي.‏ وليس هنالك مطلقا اقل دليل على ان الحالة هي كذلك.‏» —‏ السيد جون ج.‏ دَيفِنْبايكر.‏

      «يجعل ذلك المرء يتساءل عما اذا كان الاجراء ضد شهود يهوه هو الى حد بعيد بسبب موقفهم من الروم الكاثوليك،‏ بدلا من موقفهم ذي الطبيعة الهدَّامة.‏» —‏ السيد ڤيكتور كْويلتش.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٦٩٩]‏

      ‏«خدمة لقضية الحرية الدينية»‏

      «لن يكون منصفا اختتام هذا التقرير الوجيز عن مشاكل شهود يهوه مع الدولة دون الاشارة الى ما قُدِّم من خدمة لقضية الحرية الدينية في ظل دستورنا نتيجة لمثابرتهم.‏ وفي السنوات الاخيرة اخذوا من وقت المحاكم اكثر من ايّ فريق ديني آخر،‏ وظهروا للعامة بأنهم متعصبون،‏ لكنهم كانوا مخلصين لقناعاتهم المتعلقة بالضمير،‏ ونتيجة لذلك اصدرت المحاكم الفيديرالية سلسلة من القرارات التي كفلت ووسَّعت ضمانات الحرية الدينية للمواطنين الاميركيين وحمت وعمَّمت حرياتهم المدنية.‏ ونحو احدى وثلاثين دعوى تتعلق بهم أُحيلت الى المحكمة العليا في السنوات الخمس من ١٩٣٨ الى ١٩٤٣،‏ والقرارات في هذه الدعاوى والدعاوى اللاحقة ساهمت كثيرا في تقدُّم قضية حريات وثيقة الحقوق عموما،‏ وحماية الحرية الدينية خصوصا.‏» —‏ «الكنيسة والدولة في الولايات المتحدة،‏» بواسطة أنسون فِلْپْس ستوكس،‏ المجلَّد ٣،‏ ١٩٥٠،‏ الصفحة ٥٤٦.‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٧٠٠ و ٧٠١]‏

      مبتهجون بحريتهم للعبادة

      في بلدان كثيرة حيث لم يكن شهود يهوه في الماضي يتمتعون بالحرية الدينية الكاملة،‏ يجتمعون الآن علنا للعبادة ويخبرون الآخرين بحرية ببشارة ملكوت اللّٰه.‏

      كْويبك،‏ كندا

      خلال اربعينات الـ‍ ١٩٠٠ هاجم الرعاع الشهود القليلين هنا في شاتُڠاي.‏ وفي السنة ١٩٩٢ كان اكثر من ٠٠٠‏,٢١ شاهد في مقاطعة كْويبك يجتمعون بحرية في قاعات ملكوتهم.‏

      سانت پيترسبرڠ،‏ روسيا

      في السنة ١٩٩٢ تقدَّم ما مجموعه ٢٥٦‏,٣ للمعمودية في اول محفل اممي لشهود يهوه في روسيا

      پالما،‏ اسپانيا

      بعد منح شهود يهوه في اسپانيا الاعتراف الشرعي في السنة ١٩٧٠،‏ عكست لافتات كبيرة في اماكن الاجتماعات فرحهم بتمكنهم من الاجتماع علنا

      تارتيو،‏ استونيا

      الشهود في استونيا شاكرون على تسلُّم مطبوعات الكتاب المقدس دون اعاقة منذ السنة ١٩٩٠

      ماپوتو،‏ موزَمبيق

      في غضون سنة بعد ان صار وضع شهود يهوه شرعيا هنا في السنة ١٩٩١،‏ كان اكثر من ٥٠ جماعة من الشهود الحماسيين ينجزون خدمتهم في العاصمة وحولها

      كوتونو،‏ بينين

      عند الوصول الى اجتماع في السنة ١٩٩٠،‏ اندهش كثيرون من رؤية لافتة ترحِّب علنا بشهود يهوه.‏ هنا عرفوا ان الحظر على عبادتهم قد رُفع

      پراڠ،‏ تشيكوسلوڤاكيا

      يَظهر ادناه بعض الذين خدموا يهوه تحت الحظر الحكومي طوال ٤٠ سنة.‏ وفي السنة ١٩٩١ ابتهجوا بأن يكونوا معا في محفل اممي لشهود يهوه في پراڠ

      لوواندا،‏ آنڠولا

      عندما رُفع الحظر في السنة ١٩٩٢،‏ رحَّب اكثر من ٠٠٠‏,٥٠ شخص وعائلة بالشهود ليدرسوا الكتاب المقدس معهم

      كييڤ،‏ أوكرانيا

      الاجتماعات في هذا البلد (‏غالبا في قاعات مستأجرة)‏ تتمتع بحضور جيد،‏ وخصوصا منذ مُنح شهود يهوه الاعتراف الشرعي في السنة ١٩٩١

      ‏[الصور في الصفحة ٦٧٩]‏

      في ١٣٨ قضية تشمل شهود يهوه أُحيلت استئنافات وعرائض الى المحكمة العليا للولايات المتحدة.‏ وفي ١١١ من هذه القضايا،‏ من ١٩٣٩ الى ١٩٦٣،‏ خدم هايدن كوڤنڠتن (‏الظاهر هنا)‏ كمحامٍ

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٨١]‏

      موريس دوپْلِسّي،‏ رئيس وزراء كْويبك،‏ يركع علنا امام الكردينال ڤيلنوڤ في اواخر ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ ويضع خاتما في اصبعه دليلا على الروابط الوثيقة بين الكنيسة والدولة.‏ وفي كْويبك كان اضطهاد شهود يهوه شديدا بشكل خصوصي

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٨٣]‏

      و.‏ ك.‏ جاكسون،‏ الذي كان في الدائرة القانونية في مركز الجمعية الرئيسي،‏ خدم عشر سنوات كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٨٥]‏

      راسكو جونز أُحيلت قضيته المتعلقة بخدمة شهود يهوه مرتين الى المحكمة العليا للولايات المتحدة

      ‏[الصور في الصفحة ٦٨٦]‏

      قضاة المحكمة العليا للولايات المتحدة الذين،‏ بـ‍ ٦ اصوات مقابل ٣ في قضية «بارْنِت،‏» رفضوا تحية العلم الالزامية لمصلحة حرية العبادة.‏ وهذا نقض القرار الابكر للمحكمة نفسها في قضية «ڠوبايتس»‏

      الاولاد المشمولون بالقضايا

      ليليان ووليم ڠوبايتس

      ماري (‏اليسار)‏ وڠايثي بارْنِت

      ‏[الصورة في الصفحة ٦٨٩]‏

      ايميه بوشيه برَّأته المحكمة العليا في كندا في قرار رفض تهم التحريض على الفتنة الموجَّهة الى شهود يهوه

      ‏[الصور في الصفحة ٦٩٠]‏

      هذه النشرة،‏ بثلاث لغات،‏ اخبرت كل كندا بالفظائع المرتكبة ضد شهود يهوه في كْويبك

      ‏[الصور في الصفحة ٦٩٢]‏

      صار ضروريا تعليم شهود يهوه الاجراءات القانونية كي يتمكنوا من التعامل مع المقاومة لخدمتهم؛‏ وهذه بعض المطبوعات القانونية التي استخدموها

  • كيف اختارهم واقتادهم اللّٰه
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٣١

      كيف اختارهم واقتادهم اللّٰه

      ‏«من المنطقي ان يوجد دين حقيقي واحد.‏ وينسجم ذلك مع الواقع ان الاله الحقيقي ‹ليس اله تشويش بل اله سلام.‏› (‏١ كورنثوس ١٤:‏٣٣‏)‏ ويقول الكتاب المقدس انه انما يوجد ‹ايمان واحد› فقط.‏ (‏افسس ٤:‏٥‏)‏ فمن هم الذين يشكلون هيئة العبَّاد الحقيقيين اليوم؟‏ لا نتردد في القول انهم شهود يهوه،‏» يصرِّح كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏a

      ‏‹كيف يمكنكم ان تكونوا على يقين الى هذا الحد من انه لديكم الدين الحقيقي؟‏› قد يسأل البعض.‏ ‹فأنتم لا تملكون دليلا خارقا للطبيعة —‏ كالمواهب العجائبية.‏ وعلى مر السنين،‏ ألم تضطروا الى صنع تعديلات في آرائكم وتعاليمكم؟‏ اذًا كيف يمكنكم ان تثقوا الى هذا الحد بأن اللّٰه يقودكم؟‏›‏

      للاجابة عن هذه الاسئلة من المساعد ان نتأمل اولا كيف اختار واقتاد يهوه شعبه في الازمنة القديمة.‏

      اختيار اللّٰه في ازمنة الكتاب المقدس

      في القرن الـ‍ ١٦ ق‌م جمع يهوه الاسرائيليين عند جبل سيناء ودعاهم ان يصيروا شعبه المختار.‏ لكنه اخبرهم في البداية ان هنالك مطالب معيَّنة يجب عليهم بلوغها.‏ قال لهم:‏ «إن سمعتم لصوتي .‏ .‏ .‏ (‏فحينئذ‏)‏ تكونون لي خاصة.‏» (‏خروج ١٩:‏٥‏)‏ وبواسطة موسى عرض يهوه المطالب بوضوح،‏ وبعد ذلك اجاب الشعب:‏ «كل ما تكلم به الرب نفعل.‏» وحينئذ قطع يهوه عهدا مع اسرائيل وأعطاهم ناموسه.‏ —‏ خروج ٢٤:‏​٣-‏٨،‏ ١٢‏.‏

      مختارون من اللّٰه —‏ يا له من امتياز رائع!‏ ولكنَّ هذا الامتياز ألقى على اسرائيل مسؤولية اطاعة ناموس اللّٰه اطاعة تامة.‏ وفشلهم في ذلك كان سيؤدي الى رفضهم كأمة.‏ ولغرس خوف سليم فيهم كي يطيعوه،‏ سبَّب يهوه علامات مثيرة خارقة للطبيعة —‏ «صارت رعود وبروق،‏» و «ارتجف كل الجبل جدا.‏» (‏خروج ١٩:‏​٩،‏ ١٦-‏١٨؛‏ ٢٠:‏​١٨،‏ ٢٠‏)‏ وطوال الـ‍ ٥٠٠‏,١ سنة التالية تقريبا كان الاسرائيليون في مركز فريد —‏ كانوا شعب اللّٰه المختار.‏

      ولكن في القرن الاول ب‌م تغيَّرت الحالة تماما.‏ فقد خسرت اسرائيل مكانتها المميَّزة،‏ اذ نبذها يهوه بسبب رفضها ابنه.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣؛‏ ٢٣:‏​٣٧،‏ ٣٨؛‏ اعمال ٤:‏​٢٤-‏٢٨‏)‏ وحينئذ اوجد يهوه الجماعة المسيحية الباكرة،‏ المؤسسة على المسيح.‏ وفي يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م سكب يهوه روحه القدوس على أتباع يسوع في اورشليم،‏ جاعلا اياهم ‹جنسا مختارا .‏ .‏ .‏ امة مقدسة شعب اقتناء.‏› (‏١ بطرس ٢:‏٩؛‏ اعمال ٢:‏​١-‏٤؛‏ افسس ٢:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ لقد صاروا «مختاري اللّٰه.‏» —‏ كولوسي ٣:‏١٢‏.‏

      والعضوية في هذه الامة المختارة كانت مشروطة.‏ فقد وضع يهوه مطالب ادبية وروحية صارمة يجب بلوغها.‏ (‏غلاطية ٥:‏​١٩-‏٢٤‏)‏ والذين عملوا وفق المطالب وضعوا انفسهم في مسلك يؤدي الى اختياره اياهم.‏ ولكن،‏ حالما اختارهم اللّٰه،‏ كان من الحيوي ان يبقوا طائعين لشرائعه.‏ و «الذين يطيعونه (‏كحاكم)‏» كانوا وحدهم سيستمرون في نيل روحه القدوس.‏ (‏اعمال ٥:‏٣٢‏)‏ والذين يفشلون في اطاعته كانوا في خطر الصيرورة خارج الجماعة وخسارة ميراثهم في ملكوت اللّٰه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏​١١-‏١٣؛‏ ٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      ولكن كيف كان الآخرون سيعرفون يقينا ان اللّٰه اختار تلك الجماعة المسيحية الباكرة لتحل محل اسرائيل بصفتها «جماعة اللّٰه»؟‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ كان اختيار اللّٰه واضحا.‏ فبعد موت يسوع منح اعضاء الجماعة المسيحية الباكرة مواهب عجائبية ليظهر انهم الآن مختارون من اللّٰه.‏ —‏ عبرانيين ٢:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      وهل كانت العلامات الخارقة للطبيعة،‏ او العجائب،‏ ضرورية دائما لاثبات هوية الذين اختارهم واقتادهم اللّٰه في ازمنة الكتاب المقدس؟‏ كلا،‏ على الاطلاق.‏ فالاعمال العجائبية لم تكن حدثا شائعا في تاريخ الكتاب المقدس.‏ ومعظم الذين عاشوا في ازمنة الكتاب المقدس لم يشهدوا عجيبة قط.‏ وغالبية العجائب المسجلة في الكتاب المقدس جرت في ايام موسى ويشوع (‏القرنين الـ‍ ١٦ والـ‍ ١٥ ق‌م)‏،‏ ايليا واليشع (‏القرنين الـ‍ ١٠ والـ‍ ٩ ق‌م)‏،‏ ويسوع ورسله (‏القرن الاول ب‌م)‏.‏ وقد رأى واختبر اشخاص امناء آخرون مختارون من اللّٰه لمقاصد معيَّنة،‏ كإبرهيم وداود،‏ اظهارات لقدرة اللّٰه،‏ ولكن لا يوجد دليل على انهم صنعوا هم انفسهم عجائب.‏ (‏تكوين ١٨:‏١٤؛‏ ١٩:‏​٢٧-‏٢٩؛‏ ٢١:‏​١-‏٣‏؛‏ قارنوا ٢ صموئيل ٦:‏٢١؛‏ نحميا ٩:‏٧‏.‏)‏ وبالنسبة الى المواهب العجائبية التي كانت موجودة في القرن الاول،‏ انبأ الكتاب المقدس بأن هذه كانت «ستُبطَل.‏» (‏١ كورنثوس ١٣:‏٨‏)‏ وقد حدث ذلك عند موت آخر الرسل الـ‍ ١٢ وأولئك الذين قبلوا المواهب العجائبية بواسطتهم.‏ —‏ قارنوا اعمال ٨:‏​١٤-‏٢٠‏.‏

      ماذا عن اختيار اللّٰه اليوم؟‏

      بعد القرن الاول تطور دون ايّ رادع الارتداد المنبأ به.‏ (‏اعمال ٢٠:‏​٢٩،‏ ٣٠؛‏ ٢ تسالونيكي ٢:‏​٧-‏١٢‏)‏ ولقرون عديدة كان نور سراج المسيحية الحقيقية خافتا جدا.‏ (‏قارنوا متى ٥:‏​١٤-‏١٦‏.‏)‏ ولكنَّ يسوع اشار في مَثل انه سيكون هنالك في ‏«اختتام نظام الاشياء» تمييز واضح بين «الحنطة» (‏المسيحيين الحقيقيين)‏ و «الزوان» (‏المسيحيين الزائفين)‏.‏ وستُجمع الحنطة،‏ او ‹المختارون،‏› الى جماعة مسيحية حقيقية واحدة،‏ كما في القرن الاول.‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏،‏ ع‌ج؛‏ متى ٢٤:‏٣١‏)‏ ووصف يسوع ايضا اعضاء هذه الجماعة الممسوحين بـ‍ «العبد الامين الحكيم» وأشار الى انهم،‏ في وقت النهاية،‏ سيوزِّعون الطعام الروحي.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣،‏ ٤٥-‏٤٧‏)‏ وسينضم الى هذا العبد الامين «جمع كثير» من العبَّاد الحقيقيين من كل الامم.‏ —‏ رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠‏؛‏ قارنوا ميخا ٤:‏​١-‏٤‏.‏

      وكيف كان سيجري اثبات هوية العبَّاد الحقيقيين العائشين في وقت النهاية؟‏ هل سيكونون دائما على صواب،‏ وهل سيكون تفكيرهم معصوما من الخطإ؟‏ لم يكن رسل يسوع دون حاجة الى التقويم.‏ (‏لوقا ٢٢:‏​٢٤-‏٢٧؛‏ غلاطية ٢:‏​١١-‏١٤‏)‏ وكالرسل،‏ يجب على أتباع المسيح الحقيقيين في ايامنا ان يكونوا متواضعين،‏ مستعدين لقبول التأديب وصنع التعديلات عند اللزوم،‏ لكي يجعلوا تفكيرهم منسجما اكثر فاكثر مع ذاك الذي للّٰه.‏ —‏ ١ بطرس ٥:‏​٥،‏ ٦‏.‏

      وعندما دخل العالم الايام الاخيرة في السنة ١٩١٤،‏ ايّ فريق برهن انه الهيئة المسيحية الحقيقية الواحدة؟‏ كان العالم المسيحي يزخر بالكنائس التي تدَّعي تمثيل المسيح.‏ ولكنَّ السؤال هو:‏ اية منها،‏ اذا وُجدت،‏ كانت تبلغ مطالب الاسفار المقدسة؟‏

      كان يجب على الجماعة المسيحية الحقيقية الواحدة ان تكون هيئة تتبع الكتاب المقدس بدقة باعتباره مرجعها الرئيسي،‏ وليس مرجعا تقتبس منه آيات متفرقة ولكنها ترفض الباقي عندما لا يطابق لاهوتها الحديث.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٧؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وكان يجب ان تكون هيئة اعضاؤها —‏ ليس البعض بل الجميع —‏ في الواقع ليسوا جزءا من العالم،‏ اقتداء بالمسيح.‏ ولذلك هل كان يمكن ان يتورطوا في السياسة،‏ كما فعلت كنائس العالم المسيحي تكرارا؟‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩؛‏ ١٧:‏١٦‏)‏ وكان يجب على الهيئة المسيحية الحقيقية ان تشهد للاسم الالهي،‏ يهوه،‏ وتقوم بالعمل الذي امر به يسوع —‏ الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ وكجماعة القرن الاول،‏ كان يجب ان يكون جميع اعضائها لا مجرد قليلين منهم مبشرين مخلصين.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢؛‏ متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ كولوسي ٣:‏٢٣‏)‏ وكان العبَّاد الحقيقيون سيُعرَفون ايضا بمحبة التضحية بالذات واحدهم للآخر،‏ المحبة التي تتجاوز العوائق العرقية والقومية وتوحِّدهم في اخوَّة عالمية النطاق.‏ ومحبة كهذه كان يجب ان تَظهر لا في حالات منفردة بل بطريقة تميِّزهم حقا كهيئة.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      من الواضح انه،‏ عندما بدأ وقت النهاية في السنة ١٩١٤،‏ لم تكن اية من كنائس العالم المسيحي تبلغ مقاييس الكتاب المقدس هذه المتعلقة بالجماعة المسيحية الحقيقية الواحدة.‏ ولكن ماذا عن تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان شهود يهوه معروفين آنذاك؟‏

      بحث مثمر عن الحق

      عندما كان ت.‏ ت.‏ رصل شابا،‏ توصل الى الاستنتاج ان العالم المسيحي قد اساء تمثيل الكتاب المقدس على نحو جسيم.‏ واعتقد ايضا ان الوقت قد حان لفهم كلمة اللّٰه وأن الذين يدرسون الكتاب المقدس باخلاص ويطبقونه في حياتهم سينالون الفهم.‏

      اوضحت سيرة حياة رصل،‏ التي نُشرت بعد وقت قصير من موته:‏ «لم يكن مؤسِّسا لدين جديد،‏ ولم يدَّعِ ذلك قط.‏ لقد احيا الحقائق العظمى التي علَّمها يسوع والرسل،‏ ووجَّه نور القرن العشرين اليها.‏ ولم يدَّعِ وحيًا خصوصيا من اللّٰه،‏ لكنه اعتقد انه كان الوقت المعيَّن من اللّٰه لفهم الكتاب المقدس؛‏ وأنه،‏ اذ كان مكرَّسا كاملا للرب ولخدمته،‏ أُتيحت له فرصة فهمه.‏ ولأنه وقف نفسه لتنمية ثمر ونعمة الروح القدس،‏ تمَّ فيه وعد الرب:‏ ‹لأن هذه اذا كانت فيكم وكثرت تصيّركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح.‏› —‏ ٢ بطرس ١:‏​٥-‏٨‏.‏» —‏ برج المراقبة،‏ ١ كانون الاول ١٩١٦،‏ ص ٣٥٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      كان بحث ت.‏ ت.‏ رصل وعشرائه عن فهم الاسفار المقدسة مثمرا.‏ فكمحبين للحق،‏ آمنوا بأن الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ ورفضوا افكار داروين المتعلقة بالتطور وآراء اصحاب النقد الاعلى للكتاب المقدس التي تهدم الايمان.‏ واذ قبلوا الاسفار المقدسة كمرجع اسمى،‏ رفضوا ايضا التعاليم غير المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ كالثالوث،‏ خلود النفس،‏ والعذاب الابدي —‏ العقائد التي لها جذور دينية وثنية.‏ وبين «الحقائق العظمى» التي قبلوها كان أن يهوه هو خالق جميع الاشياء،‏ أن يسوع المسيح هو ابن اللّٰه،‏ الذي قدَّم حياته فدية عن الآخرين،‏ وأنه عند رجوعه سيكون يسوع حاضرا بشكل غير منظور كمخلوق روحاني.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨؛‏ يوحنا ٣:‏١٦؛‏ ١٤:‏١٩؛‏ رؤيا ٤:‏١١‏)‏ وفهموا ايضا بوضوح ان الانسان نفس قابلة للموت.‏ —‏ تكوين ٢:‏٧؛‏ حزقيال ١٨:‏٢٠‏.‏

      ليس ان تلاميذ الكتاب المقدس المقترنين برصل اكتشفوا كل هذه الحقائق؛‏ فالكثير كان قد فهمه في وقت ابكر اشخاص مخلصون يدَّعون المسيحية،‏ حتى ان بعضهم تمسكوا باقتناعاتهم بثبات عندما كانت معتقدات كهذه غير شعبية.‏ ولكن هل عمل اشخاص كهؤلاء وفق جميع مطالب الاسفار المقدسة للعبادة الحقة؟‏ مثلا،‏ هل تبيَّن انهم حقا ليسوا جزءا من العالم،‏ كما قال يسوع ان أتباعه الحقيقيين سيكونون؟‏

      وفضلا عن نظرتهم الى الكتاب المقدس،‏ بأية طرائق اخرى برز تلاميذ الكتاب المقدس الاولون المقترنون برصل كأشخاص مختلفين؟‏ بالتأكيد،‏ في الغيرة التي اظهروها في الاشتراك مع الآخرين في معتقداتهم،‏ بتشديد خصوصي على المناداة باسم اللّٰه وملكوته.‏ ورغم ان عددهم كان قليلا نسبيا،‏ فقد وصلوا بسرعة الى عشرات البلدان بالبشارة.‏ وهل تبيَّن ايضا انهم حقا ليسوا جزءا من العالم كأتباع للمسيح؟‏ من بعض النواحي،‏ نعم.‏ لكنَّ ادراكهم للمسؤولية التي يشملها ذلك نما منذ الحرب العالمية الاولى حتى صار الآن الميزة البارزة لشهود يهوه.‏ ولا يجب ان نغفل عن انه عندما كانت الفرق الدينية الاخرى ترحّب بعصبة الامم،‏ ولاحقا بالامم المتحدة،‏ كان شهود يهوه ينادون بملكوت اللّٰه —‏ لا بأية هيئة بشرية الصنع —‏ بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري.‏

      ولكن ألم تخضع بعض معتقدات شهود يهوه للتعديلات على مر السنين؟‏ فاذا كان اللّٰه قد اختارهم واقتادهم حقا،‏ واذا كانت تعاليمهم تحظى في المقام الاول بدعم الاسفار المقدسة،‏ فلماذا تكون تغييرات كهذه ضرورية؟‏

      كيف يقود يهوه شعبه

      ان الذين يؤلِّفون الهيئة المسيحية الحقيقية الواحدة اليوم ليست عندهم اعلانات ملائكية او وحي الهي.‏ ولكن عندهم الاسفار المقدسة الملهمة،‏ التي تحتوي على اعلانات لفكر اللّٰه ومشيئته.‏ فكهيئة وافراديا،‏ يجب ان يقبلوا الكتاب المقدس بصفته الحق الالهي،‏ ان يدرسوه بدقة،‏ وأن يدَعوه يعمل فيهم.‏ (‏١ تسالونيكي ٢:‏١٣‏)‏ ولكن كيف يصلون الى الفهم الصحيح لكلمة اللّٰه؟‏

      يقول الكتاب المقدس نفسه:‏ «أليست للّٰه التعابير.‏» (‏تكوين ٤٠:‏٨‏)‏ فاذا وجدوا في درسهم للاسفار المقدسة عبارة صعبة الفهم،‏ يجب ان يبحثوا ليجدوا عبارات ملهمة اخرى تلقي ضوءا على الموضوع.‏ وهكذا يدَعون الكتاب المقدس يفسِّر نفسه،‏ ومن هذا يحاولون ان يفهموا «صورة» الحق المعلَنة في كلمة اللّٰه.‏ (‏٢ تيموثاوس ١:‏١٣‏)‏ ويهوه يقودهم او يوجِّههم نحو فهم كهذا بواسطة روحه القدوس.‏ ولكن للحصول على توجيه هذا الروح،‏ يجب ان ينمّوا ثمره،‏ ان لا يحزنوه او يعملوا ضده،‏ وأن يستجيبوا باستمرار لمذكِّراته.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣،‏ ٢٥؛‏ افسس ٤:‏٣٠‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اذ يطبقون بغيرة ما يتعلَّمونه،‏ يستمرون في بناء ايمانهم كأساس لنيل فهم اوضح فأوضح لكيفية وجوب فعلهم مشيئة اللّٰه في العالم الذي هم ليسوا جزءا منه.‏ —‏ لوقا ١٧:‏٥؛‏ فيلبي ١:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      يقود يهوه شعبه دائما نحو فهم اوضح لمشيئته.‏ (‏مزمور ٤٣:‏٣‏)‏ وكيفية توجيهه اياهم يمكن ايضاحها بهذه الطريقة:‏ اذا كان شخص ما في غرفة مظلمة لفترة طويلة من الوقت،‏ أليس من الافضل ان يتعرَّض للنور تدريجيا؟‏ لقد عرَّض يهوه شعبه لنور الحق بطريقة مماثلة؛‏ فقد انارهم تقدُّميا.‏ (‏قارنوا يوحنا ١٦:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏)‏ وكان الامر كما تقول الامثال:‏ «أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل.‏» —‏ امثال ٤:‏١٨‏.‏

      ان تعاملات يهوه مع خدامه المختارين في ازمنة الكتاب المقدس تؤكد ان الفهم الواضح لمشيئته ومقاصده غالبا ما يأتي تدريجيا.‏ وهكذا،‏ لم يفهم ابرهيم تماما كيف كان قصد يهوه في ما يتعلق ‹بالنسل› سيتحقق.‏ (‏تكوين ١٢:‏​١-‏٣،‏ ٧؛‏ ١٥:‏​٢-‏٤‏؛‏ قارنوا عبرانيين ١١:‏٨‏.‏)‏ ولم يدرك دانيال النتيجة النهائية للنبوات التي سجلها.‏ (‏دانيال ١٢:‏​٨،‏ ٩‏)‏ واعترف يسوع عندما كان على الارض انه لا يعرف اليوم والساعة حين ينتهي نظام الاشياء الحاضر.‏ (‏متى ٢٤:‏٣٦‏)‏ ولم يفهم الرسل في البداية ان ملكوت يسوع سيكون سماويا،‏ أنه لم يكن ليتأسس في القرن الاول،‏ وأنه يمكن حتى للامم ان يرثوه.‏ —‏ لوقا ١٩:‏١١؛‏ اعمال ١:‏​٦،‏ ٧؛‏ ١٠:‏​٩-‏١٦،‏ ٣٤،‏ ٣٥؛‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏١٨؛‏ رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      لا يجب ان يدهشنا ان يهوه في الازمنة العصرية ايضا كثيرا ما يقود شعبه كهيئة تقدُّمية،‏ منيرا اياهم تدريجيا من جهة حقائق الكتاب المقدس.‏ ليس ان الحقائق نفسها تتغيَّر.‏ فالحق يبقى حقا.‏ ومشيئة يهوه وقصده،‏ كما هما مرسومان في الكتاب المقدس،‏ يبقيان ثابتين.‏ (‏اشعياء ٤٦:‏١٠‏)‏ ولكنَّ فهمهم لهذه الحقائق يصير تقدُّميا اوضح «في حينه،‏» في وقت يهوه المعيَّن.‏ (‏متى ٢٤:‏٤٥‏؛‏ قارنوا دانيال ١٢:‏​٤،‏ ٩‏.‏)‏ وأحيانا،‏ بسبب خطإ بشري او غيرة في غير موضعها،‏ قد تحتاج وجهة نظرهم الى تعديل.‏

      مثلا،‏ في اوقات مختلفة من تاريخ شهود يهوه العصري،‏ ادَّت غيرتهم وحماستهم لتبرئة سلطان يهوه الى توقعات قبل الاوان تتعلق بوقت اتيان نهاية نظام اشياء الشيطان الشرير.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏​٢١-‏٢٣‏)‏ لكنَّ يهوه لم يكشف مسبقا عن الوقت بالضبط.‏ (‏اعمال ١:‏٧‏)‏ ولذلك كان على شعب يهوه ان يعدِّلوا آراءهم في هذا الموضوع.‏

      وتعديلات كهذه في وجهة النظر لا تعني ان قصد اللّٰه قد تغيَّر.‏ ولا توحي بأن نهاية هذا النظام هي بالضرورة في المستقبل البعيد.‏ وعلى العكس،‏ ان اتمام نبوات الكتاب المقدس عن «اختتام نظام الاشياء» يؤكد اقتراب النهاية.‏ (‏متى ٢٤:‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهل تعني حيازة شهود يهوه توقعات قبل الاوان ان اللّٰه لا يقودهم؟‏ كلا،‏ تماما كما ان سؤال التلاميذ عن قرب الملكوت في ايامهم لم يعنِ انهم لم يكونوا مختارين ومقتادين من اللّٰه!‏ —‏ اعمال ١:‏٦‏؛‏ قارنوا اعمال ٢:‏٤٧؛‏ ٦:‏٧‏.‏

      ولماذا شهود يهوه هم على يقين الى هذا الحد من انه لديهم الدين الحقيقي؟‏ لأنهم يؤمنون ويقبلون ما يقوله الكتاب المقدس عن السِّمات التي تثبت هوية العبَّاد الحقيقيين.‏ وتاريخهم العصري،‏ كما نوقش في الفصول السابقة من هذه المطبوعة،‏ يظهر انهم،‏ ليس فقط كأفراد بل كهيئة،‏ يبلغون المطالب:‏ يدافعون بولاء عن الكتاب المقدس بصفته كلمة حق اللّٰه المقدسة (‏يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏؛‏ يبقون منفصلين كاملا عن الشؤون العالمية (‏يعقوب ١:‏٢٧؛‏ ٤:‏٤‏)‏؛‏ يشهدون للاسم الالهي،‏ يهوه،‏ وينادون بملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري (‏متى ٦:‏٩؛‏ ٢٤:‏١٤؛‏ يوحنا ١٧:‏٢٦‏)‏؛‏ ويحبون بعضهم بعضا باخلاص.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      ولماذا المحبة سمة بارزة تثبت هوية عبَّاد الاله الحقيقي؟‏ ايّ نوع من المحبة هو ما يثبت هوية المسيحيين الحقيقيين؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٠٥]‏

      حالما اختارهم اللّٰه،‏ كان من الحيوي ان يبقوا طائعين لشرائعه

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٠٦]‏

      كيف كان سيجري اثبات هوية العبَّاد الحقيقيين العائشين في وقت النهاية؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٠٧]‏

      ‏«لم يدَّعِ وحيًا خصوصيا من اللّٰه»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٠٨]‏

      يدَعون الكتاب المقدس يفسِّر نفسه

      ‏[النبذة في الصفحة ٧٠٩]‏

      يهوه يقود شعبه كهيئة تقدُّمية،‏ منيرا اياها تدريجيا من جهة حقائق الكتاب المقدس

  • ‏«بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٣٢

      ‏«بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي»‏

      كان ذلك في ١٤ نيسان قمري سنة ٣٣ ب‌م،‏ الليلة الاخيرة لحياة يسوع الارضية.‏ وكان يعرف ان موته وشيك،‏ غير انه لم يكن يفكر في نفسه.‏ وعوضا عن ذلك،‏ اغتنم هذه الفرصة ليشجع تلاميذه.‏

      عرف يسوع ان الامر لن يكون سهلا عليهم بعد رحيله.‏ فسيكونون «مبغَضين من جميع الامم» لاجل اسمه.‏ (‏متى ٢٤:‏٩‏)‏ وكان الشيطان سيحاول ان يقسِّمهم ويفسدهم.‏ (‏لوقا ٢٢:‏٣١‏)‏ ونتيجة للارتداد،‏ كان سيبرز مسيحيون زائفون.‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏)‏ و «لكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين.‏» (‏متى ٢٤:‏١٢‏)‏ وفي وجه كل ذلك،‏ ماذا كان سيبقي تلاميذه الحقيقيين معا؟‏ قبل كل شيء،‏ كانت محبتهم ليهوه ستخدم كرباط موحِّد لهم.‏ (‏متى ٢٢:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ ولكن كان عليهم ايضا ان يحبوا بعضهم بعضا وأن يفعلوا ذلك بطريقة تميِّزهم عن باقي العالم.‏ (‏كولوسي ٣:‏١٤؛‏ ١ يوحنا ٤:‏٢٠‏)‏ فأيّ نوع من المحبة قال يسوع انه سيثبت بوضوح هوية أتباعه الحقيقيين؟‏

      في تلك الامسية الاخيرة اعطاهم يسوع هذه الوصية:‏ «وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.‏ كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.‏ بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض.‏» (‏يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏)‏ تكلم يسوع عن المحبة اكثر من ٢٠ مرة في تلك الليلة.‏ وثلاث مرات ذكر الوصية ان ‹يحبوا بعضهم بعضا.‏› (‏يوحنا ١٥:‏​١٢،‏ ١٧‏)‏ ومن الواضح ان يسوع لم يكن يفكر فقط في رسله الامناء الـ‍ ١١ الذين كانوا معه في تلك الامسية بل في جميع الآخرين الذين كانوا اخيرا سيعتنقون المسيحية الحقة.‏ (‏قارنوا يوحنا ١٧:‏​٢٠،‏ ٢١‏.‏)‏ والوصية ان يحبوا بعضهم بعضا كانت ستصير مُلزِمة للمسيحيين الحقيقيين «كل الايام الى انقضاء الدهر.‏» —‏ متى ٢٨:‏٢٠‏.‏

      ولكن هل عنى يسوع ان ايّ فرد في ايّ مكان في العالم يُظهر اللطف والمحبة لرفيقه الانسان يثبت بذلك هويته كواحد من تلاميذ يسوع الحقيقيين؟‏

      ‏‹ليكن لكم حب بعضا لبعض›‏

      في تلك الامسية نفسها كان ليسوع ايضا الكثير ليقوله عن الوحدة.‏ قال لتلاميذه:‏ «اثبتوا فيَّ.‏» (‏يوحنا ١٥:‏٤‏)‏ وصلَّى لاجل أتباعه «ليكون الجميع واحدا،‏» وأضاف،‏ ‏«كما أنك انت ايها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٢١‏)‏ وفي هذه القرينة اوصاهم:‏ ‹ليكن لكم حب بعضا لبعض.‏›‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ ولذلك كانت محبتهم ستَظهر لا لمجرد قليلين من الرفقاء الاحمَّاء او في جماعة واحدة.‏ كتب الرسول بطرس لاحقا،‏ مكرِّرا وصية يسوع:‏ «أَحبوا كامل معشر الاخوة [او،‏ ‹الاخوَّة›].‏» (‏١ بطرس ٢:‏١٧‏،‏ الملكوت ما بين السطور؛‏ قارنوا ١ بطرس ٥:‏٩‏.‏)‏ ولذلك كانوا سيصيرون اخوَّة متماسكة عالمية النطاق.‏ وكانت المحبة الخصوصية ستصير من حق الجميع في عائلة المؤمنين العالمية لأنهم سيُعتَبرون اخوة وأخوات.‏

      فكيف كانت محبة كهذه ستَظهر؟‏ وماذا كان سيصير مميَّزا جدا،‏ مختلفا جدا،‏ في محبتهم بعضهم لبعض بحيث يرى فيه الآخرون دليلا واضحا على المسيحية الحقة؟‏

      ‏«كما احببتكم انا»‏

      ‏«تحب قريبك كنفسك،‏» ذكر ناموس اللّٰه للاسرائيليين قبلما عاش يسوع على الارض بأكثر من ٥٠٠‏,١ سنة.‏ (‏لاويين ١٩:‏١٨‏)‏ ولكنَّ محبة كهذه للقريب لم تكن نوع المحبة الذي يميِّز أتباع يسوع.‏ فالمحبة التي كان يسوع يفكر فيها تتجاوز كثيرا محبة الآخرين كالنفس.‏

      كانت الوصية ان يحبوا بعضهم بعضا،‏ كما قال يسوع،‏ «وصية جديدة.‏» جديدة،‏ ليس لأنها كانت احدث من الناموس الموسوي،‏ بل جديدة في الحد الذي اليه كانت المحبة ستتم.‏ أَحبوا بعضكم بعضا «كما احببتكم انا،‏» اوضح يسوع.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٤‏)‏ لقد كانت محبته لتلاميذه قوية،‏ ثابتة.‏ كانت محبة التضحية بالذات.‏ وأعرب عنها بفعل ما هو اكثر من مجرد اعمال صالحة قليلة من اجلهم.‏ فقد اطعمهم روحيا،‏ وعند اللزوم اهتم بحاجاتهم الجسدية.‏ (‏متى ١٥:‏​٣٢-‏٣٨؛‏ مرقس ٦:‏​٣٠-‏٣٤‏)‏ وفي ذروة البرهان عن محبته بذل حياته لاجلهم.‏ —‏ يوحنا ١٥:‏١٣‏.‏

      هذا هو نوع المحبة البارز الذي تتطلبه ‹الوصية الجديدة،‏› المحبة التي يملكها أتباع يسوع الحقيقيون احدهم نحو الآخر.‏ (‏١ يوحنا ٣:‏١٦‏)‏ فمَن يعطون اليوم البرهان الواضح على اطاعة ‹الوصية الجديدة›؟‏ يشير الدليل المقدَّم سابقا في هذه المطبوعة بوضوح الى معشر عالمي واحد للمسيحيين.‏

      انهم معروفون،‏ لا بشكل لباس خصوصي او عادات فريدة،‏ بل بالمودة القوية والحارة التي لهم بعضهم نحو بعض.‏ ولهم صيت الاعراب عن المحبة التي تتخطى الفوارق العرقية والحدود القومية.‏ وهم معروفون برفضهم ان يقاتلوا احدهم الآخر حتى عندما تتحارب الدول التي يعيشون فيها.‏ ويتأثر الآخرون بكيفية وصولهم بعضهم الى بعض في اوقات الشدة،‏ كما عندما تضرب الكوارث الطبيعية او عندما يُضطهَد اعضاء من اخوَّتهم بسبب المحافظة على الاستقامة امام اللّٰه.‏ وهم مستعدون ان يتحملوا المشقة او يواجهوا الخطر لمساعدة اخوتهم وأخواتهم الذين ضحى المسيح بحياته من اجلهم.‏ نعم،‏ انهم مستعدون للموت احدهم لاجل الآخر.‏ فالمحبة التي يعربون عنها فريدة في عالم تزداد فيه الانانية.‏ انهم شهود يهوه.‏a

      يُرى مثال لهذه المحبة وهي تعمل في ما حدث بعد اعصار أندرو،‏ الذي ضرب ساحل فلوريدا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ساعات الصباح الباكرة يوم الاثنين ٢٤ آب ١٩٩٢.‏ لقد ترك في اعقابه نحو ٠٠٠‏,٢٥٠ شخص دون مأوى.‏ وبين الضحايا كان آلاف من شهود يهوه.‏ فعملت الهيئة الحاكمة لشهود يهوه فورا تقريبا بتعيين لجنة اغاثة والترتيب لجعل اموال الاغاثة متوافرة.‏ والنظار المسيحيون في المنطقة التي ضربها الاعصار اتصلوا بسرعة بالافراد الشهود لتحديد حاجاتهم وتقديم المساعدة.‏ ويوم الاثنين صباحا،‏ يوم العاصفة،‏ ارسل الشهود في جنوب كارولينا،‏ التي تبعد مئات الاميال،‏ الى المنطقة المنكوبة شاحنة محمَّلة مولدات كهربائية،‏ مناشير بسلاسل،‏ وماء للشرب.‏ ويوم الثلاثاء،‏ مع مزيد من المؤن المتبرَّع بها،‏ وصل مئات من المتطوعين من خارج المنطقة لمساعدة الاخوة المحليين في ترميم قاعات الملكوت والبيوت الخاصة.‏ وفي ما يتعلق بجهود الاغاثة علَّقت امرأة ليست شاهدة كانت تسكن قرب قاعة الملكوت:‏ «هذه هي حقا المحبة المسيحية التي يتحدث عنها الكتاب المقدس.‏»‏

      فهل كانت محبة كهذه ستخمد بعد عمل لطف او اثنين؟‏ وهل كانت ستوجَّه فقط نحو اشخاص من العرق نفسه او القومية نفسها؟‏ طبعا لا!‏ ونتيجة للاحوال السياسية والاقتصادية غير المستقرة في زائير،‏ خسر اكثر من ٢٠٠‏,١ شاهد هناك خلال السنة ١٩٩٢ بيوتهم وكل ممتلكاتهم.‏ فهبَّ الشهود الآخرون في زائير بسرعة لمساعدتهم.‏ ورغم انهم كانوا هم انفسهم في شدة،‏ ساعدوا ايضا اللاجئين الذين اتوا الى زائير من السودان.‏ وسرعان ما وصلت مؤن الاغاثة من جنوب افريقيا وفرنسا؛‏ وهذه شملت دقيق الذرة،‏ السمك المملَّح،‏ والامدادات الطبية —‏ المواد التي كان يمكن ان يستفيدوا منها فعلا.‏ ومرة بعد اخرى،‏ زُوِّدت المساعدة حسبما تطلبت الظروف.‏ وبينما كان ذلك جاريا كانت مساعدة مماثلة تزوَّد في بلدان عديدة اخرى.‏

      ولكنَّ امتلاك شهود يهوه محبة كهذه لا يجعلهم راضين عن انفسهم.‏ فهم يدركون انه،‏ كأتباع ليسوع المسيح،‏ يجب عليهم ان يواصلوا السهر.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا الفصل ١٩،‏ «النمو معا في المحبة.‏»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١٠]‏

      ايّ نوع من المحبة قال يسوع انه سيثبت بوضوح هوية أتباعه الحقيقيين؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١١]‏

      كانوا سيصيرون اخوَّة متماسكة عالمية النطاق

      ‏[الاطار في الصفحة ٧١٢]‏

      ‏«الشهود يهتمون بخاصتهم —‏ وبالآخرين»‏

      تحت هذا العنوان قدَّمت «ذا ميامي هيرالد» تقريرا عن جهود الاغاثة لشهود يهوه في جنوب فلوريدا بعد الدمار الذي سبَّبه اعصار أندرو في آب ١٩٩٢.‏ ذكرت المقالة:‏ «لا احد في هومْسْتد يغلق الابواب في وجه شهود يهوه هذا الاسبوع —‏ حتى ولو بقيت هنالك ابواب لتغلَق.‏ فنحو ٠٠٠‏,٣ شاهد متطوع من انحاء البلاد تجمعوا في المنطقة المنكوبة،‏ اولا لمساعدة خاصتهم،‏ ثم لمساعدة الآخرين.‏ .‏ .‏ .‏ ونُقل نحو ١٥٠ طنا من الطعام والمؤن بواسطة مركز للتنظيم في قاعة المحافل في اقليم برُوَرد الغربي الى قاعتي ملكوت في منطقة هومْسْتد.‏ ومن القاعتين كانت فرق العمل تنطلق كل صباح لترميم البيوت المهدَّمة للاخوة الشهود.‏ .‏ .‏ .‏ وكان مطبخ ميداني يصنع الوجبات بسرعة لاشخاص يصل عددهم الى ٥٠٠‏,١،‏ ثلاث مرات في اليوم.‏ ولم يكن يُصنَع مجرد هوت دوڠ وكعك.‏ فقد زُوِّد المتطوعون بخبز بيتي الصنع،‏ لازانيا مطبوخة،‏ سلطة خضر،‏ عدس،‏ فطائر محلَّاة وخبز محمَّص على الطريقة الفرنسية —‏ كلها من مواد متبرَّع بها.‏» —‏ ٣١ آب ١٩٩٢،‏ الصفحة ١٥ أ.‏

  • مواصلة السهر
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ٣٣

      مواصلة السهر

      ‏«بما ان يسوع ذكر بوضوح انه لا احد يستطيع ان يعلم بذلك ‹اليوم› او تلك ‹الساعة› حين يأمر الآب ابنه بأن ‹يأتي› على نظام اشياء الشيطان الشرير،‏ فقد يسأل البعض:‏ ‹لماذا من الملح جدا ان نحيا في انتظار النهاية؟‏› ذلك ملح لأن يسوع اضاف في اللحظة نفسها تقريبا:‏ ‹داوموا على النظر،‏ داوموا على اليقظة .‏ .‏ .‏ داوموا على السهر.‏› (‏مرقس ١٣:‏​٣٢-‏٣٥‏،‏ ع‌ج‏)‏» —‏ برج المراقبة،‏ ١ ايلول ١٩٨٥ (‏١ كانون الاول ١٩٨٤،‏ بالانكليزية)‏.‏

      مضى على سهر وانتظار شهود يهوه عقود حتى الآن.‏ انتظارهم ماذا؟‏ مجيء يسوع في سلطة الملكوت لتنفيذ الدينونة في نظام اشياء الشيطان الشرير ولنشر فوائد حكم ملكوته الكاملة في كل الارض!‏ (‏متى ٦:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ٢٤:‏٣٠؛‏ لوقا ٢١:‏٢٨؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏​٧-‏١٠‏)‏ وهؤلاء الساهرون يعرفون ان «علامة» حضور يسوع ظاهرة للعيان منذ السنة ١٩١٤ وأن نظام الاشياء الحاضر دخل ايامه الاخيرة في تلك السنة.‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣–‏٢٥:‏٤٦‏.‏

      ولكن حتى الآن لم يأتِ يسوع كمنفِّذ للدينونة ومنقذ.‏ ولذلك كيف ينظر شهود يهوه الى حالتهم الحاضرة؟‏

      ‏‹يقين تام› من فهمهم

      كجماعة عالمية هم على ‹يقين تام من فهمهم.‏› (‏كولوسي ٢:‏٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ ليس انهم يشعرون بأنهم يفهمون كل تفاصيل مقاصد يهوه.‏ فهم يداومون على البحث في الاسفار المقدسة بذهن منفتح ويداومون على التعلُّم.‏ ولكنَّ ما يتعلَّمونه لا يغيِّر وجهة نظرهم الرئيسية من الحقائق الاساسية لكلمة اللّٰه.‏ فهم على ‹يقين تام› من هذه الحقائق الاساسية؛‏ وهم يعرفونها ويقبلونها لعقود عديدة الآن.‏ ولكنَّ ما يتعلَّمونه يحسِّن باستمرار فهمهم لكيفية اتفاق آيات معيَّنة مع النموذج العام لحق الكتاب المقدس ولكيفية تمكنهم من تطبيق مشورة كلمة اللّٰه بشكل اكمل في حياتهم.‏

      وشهود يهوه على ‹يقين تام› ايضا من وعود اللّٰه.‏ وهم يثقون بشكل مطلق بأنه لن يسقط ايّ من وعوده حتى في اصغر التفاصيل وبأن جميعها ستتم في وقته المعيَّن.‏ وهكذا فان اتمام نبوة الكتاب المقدس الذي رأوه واختبروه على حدّ سواء يتركهم على يقين تام من ان العالم الحاضر هو في ‹وقت نهايته› وأن وعد اللّٰه بعالم جديد بار سيتحقق قريبا.‏ —‏ دانيال ١٢:‏​٤،‏ ٩؛‏ رؤيا ٢١:‏​١-‏٥‏.‏

      فماذا يجب ان يفعلوا؟‏ «داوموا على النظر،‏ داوموا على اليقظة،‏» اوصى يسوع،‏ «لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت المعيَّن.‏ داوموا على السهر اذًا .‏ .‏ .‏ لئلا يأتي [السيد] بغتة فيجدكم نياما.‏ وما اقوله لكم اقوله للجميع،‏ داوموا على السهر.‏» (‏مرقس ١٣:‏​٣٣،‏ ٣٥-‏٣٧‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشهود يهوه يدركون جيدا الحاجة الى المداومة على السهر.‏

      والتوق المفرط الذي كانوا احيانا يعربون عنه في ما يتعلق باتمام نبوات معيَّنة لا يغيِّر الدليل المتراكم منذ الحرب العالمية الاولى على اننا في اختتام نظام الاشياء.‏ وأن يكون المرء غيورا —‏ وحتى غيورا بإفراط —‏ لرؤية انجاز مشيئة اللّٰه هو دون شك افضل بكثير من ان يكون نائما روحيا بالنسبة الى اتمام مقاصده!‏ —‏ قارنوا لوقا ١٩:‏١١؛‏ اعمال ١:‏٦؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏​١،‏ ٢،‏ ٦‏.‏

      وماذا تشمل المداومة على السهر؟‏

      المداومة على السهر —‏ كيف؟‏

      ان المسيحيين الساهرين لا يجلسون مكتوفي الايدي وينتظرون.‏ وعلى العكس،‏ يجب ان يحافظوا على حالة لائقة روحيا حتى اذا اتى يسوع كمنفِّذ للدينونة يكون ايضا منقذا لهم.‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٨‏)‏ حذَّر يسوع:‏ «احترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة .‏ .‏ .‏ كالفخ .‏ .‏ .‏ (‏داوموا على اليقظة)‏.‏» (‏لوقا ٢١:‏​٣٤-‏٣٦‏)‏ وهكذا يجب على المسيحيين الساهرين اولا ان ‹يحترزوا لأنفسهم،‏› اذ يحرصون ان يحيوا كل يوم كما يليق بالمسيحي.‏ ويجب ان يبقوا متيقظين تماما للمسؤوليات المسيحية ويتجنبوا سمة السلوك غير المسيحي التي تميِّز العالم الذي «وُضع في الشرير.‏» (‏١ يوحنا ٥:‏١٩؛‏ رومية ١٣:‏​١١-‏١٤‏)‏ فعندما يأتي المسيح،‏ يجب ان يكونوا مستعدين.‏

      ومَن هم الذين بقوا حقا متيقظين تماما،‏ في حالة لائقة روحيا؟‏ يشير السجل التاريخي المعروض في الفصول السابقة من هذه المطبوعة الى شهود يهوه.‏ ومن الواضح انهم يتخذون بجدية المسؤوليات المشمولة بكونهم مسيحيين.‏ ففي زمن الحرب،‏ مثلا،‏ كانوا مستعدين لتعريض انفسهم للسجن والموت لسبب كونهم متيقظين تماما للالتزام بأن لا يكونوا جزءا من العالم وأن يُظهروا محبة التضحية بالذات بعضهم لبعض.‏ (‏يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥؛‏ ١٧:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ والاشخاص الذين يلاحظونهم في قاعات ملكوتهم،‏ في محافلهم الكبيرة،‏ او حتى في اعمالهم الدنيوية يتأثرون ‹بسيرتهم الحسنة.‏› (‏١ بطرس ٢:‏١٢‏)‏ وفي هذا العالم الذي ‹فقد الحس› يشتهرون بعيشهم حياة مستقيمة نظيفة ادبيا.‏ —‏ افسس ٤:‏​١٩-‏٢٤؛‏ ٥:‏​٣-‏٥‏.‏

      ولكنَّ المداومة على السهر تشمل اكثر من ‹الاحتراز لنفسكم.‏› فيجب على الرقيب ان يعلن للآخرين ما يراه.‏ وفي وقت النهاية هذا يجب على المسيحيين الساهرين الذين يرون بوضوح علامة حضور المسيح ان ينادوا للآخرين «ببشارة الملكوت،‏» وأن يحذِّروهم ان المسيح سيأتي قريبا وينفِّذ الدينونة في نظام الاشياء الشرير هذا.‏ (‏متى ٢٤:‏​١٤،‏ ٣٠،‏ ٤٤‏)‏ وبهذه الطريقة يساعدون الآخرين على وضع انفسهم في طريق ‹النجاة.‏› —‏ لوقا ٢١:‏٢٨‏.‏

      فمَن برهنوا انهم ساهرون باعلان التحذير؟‏ شهود يهوه معروفون في كل انحاء العالم بغيرتهم في المناداة باسم اللّٰه وملكوته.‏ وهم لا يعتبرون الكرازة امرا محصورا في صف مختار من رجال الدين.‏ فهم يدركون انها مسؤولية جميع المؤمنين.‏ وينظرون اليها كجزء اساسي من عبادتهم.‏ (‏رومية ١٠:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ١ كورنثوس ٩:‏١٦‏)‏ وماذا كانت النتائج؟‏

      انهم يؤلِّفون الآن جماعة نامية من ملايين الاعضاء النشاطى في اكثر من ٢٢٠ بلدا في كل مكان من الارض.‏ (‏اشعياء ٦٠:‏٢٢‏؛‏ قارنوا اعمال ٢:‏٤٧؛‏ ٦:‏٧؛‏ ١٦:‏٥‏.‏)‏ وبعض الحكومات الاقوى في تاريخ الجنس البشري حظرت عملهم،‏ حتى انها قبضت عليهم ووضعتهم في السجن.‏ ولكنَّ شهود يهوه استمروا في المناداة بملكوت اللّٰه!‏ وتصميمهم هو كذاك الذي للرسل الذين،‏ عندما أُمروا بالتوقف عن الكرازة،‏ اعلنوا:‏ «نحن لا يمكننا ان لا نتكلم بما رأينا وسمعنا.‏» «ينبغي ان يطاع اللّٰه (‏كحاكم)‏ اكثر من الناس.‏» —‏ اعمال ٤:‏​١٨-‏٢٠؛‏ ٥:‏​٢٧-‏٢٩‏.‏

      ‏«داوم على انتظارها»‏

      ان حالة شهود يهوه اليوم تشبه تلك التي لمسيحيي اليهودية في القرن الاول.‏ فكان يسوع قد اعطاهم علامة يعرفون بها متى يكون وقت الهرب من اورشليم بغية النجاة من دمارها.‏ ‹متى رأيتم اورشليم محاطة بجيوش .‏ .‏ .‏ فاهربوا،‏› قال يسوع.‏ (‏لوقا ٢١:‏​٢٠-‏٢٣‏)‏ وبعد اكثر من ٣٠ سنة بقليل،‏ في السنة ٦٦ ب‌م،‏ احاطت الجيوش الرومانية بأورشليم.‏ وعندما انسحبت القوات الرومانية فجأة لسبب غير واضح،‏ اتَّبع مسيحيو اليهودية ارشادات يسوع وهربوا —‏ ليس فقط من اورشليم بل من كل ارض اليهودية —‏ الى مدينة في پيريا تدعى پيلا.‏

      وهناك انتظروا بأمان.‏ اتت السنة ٦٧ ب‌م وولَّت.‏ ثم السنة ٦٨ وتبعتها السنة ٦٩.‏ ومع ذلك بقيت اورشليم حرَّة.‏ فهل يلزم ان يعودوا؟‏ على ايّ حال،‏ لم يقل يسوع كم يجب ان ينتظروا.‏ ولكن لو عاد احد لندم كثيرا،‏ لأن الجيوش الرومانية رجعت في السنة ٧٠ ب‌م بأعداد كبيرة كطوفان لا يقاوَم،‏ وهذه المرة لم ينسحبوا.‏ وعوضا عن ذلك،‏ دمَّروا المدينة وقتلوا اكثر من مليون شخص.‏ وكم كان مسيحيو اليهودية في پيلا سعداء دون شك لأنهم انتظروا وقت يهوه المعيَّن لتنفيذ الدينونة!‏

      والامر مماثل بالنسبة الى الذين يداومون على السهر اليوم.‏ فهم يدركون تماما انه كلما توغلنا في وقت النهاية هذا اكثر صار تحدي المداومة على انتظار مجيء يسوع اعظم.‏ ولكنهم ولم يفقدوا الايمان بكلمات يسوع:‏ «الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله.‏» (‏متى ٢٤:‏٣٤‏)‏ وتشير العبارة «هذا كله» الى الاوجه المختلفة ‹للعلامة› المركَّبة.‏ وهذه العلامة تُرى بوضوح منذ السنة ١٩١٤ وستبلغ الذروة في ‹الضيق العظيم.‏› (‏متى ٢٤:‏٢١‏)‏ ان «الجيل» الذي كان حيا في السنة ١٩١٤ يتناقص بسرعة.‏ والنهاية لا يمكن ان تكون بعيدة.‏

      وفي هذه الاثناء،‏ شهود يهوه مصمِّمون بثبات على مواصلة السهر،‏ بايمان تام بأن اللّٰه سيتمِّم وعوده في وقته المعيَّن!‏ وهم يفكرون جديا في كلمات يهوه الى النبي حبقوق.‏ فعن احتمال يهوه الظاهري للشر في مملكة يهوذا في الجزء الاخير من القرن السابع ق‌م،‏ قال يهوه للنبي:‏ «اكتب الرؤيا [عن نهاية احوال الظلم] وانقشها على الالواح لكي يركض قارئها.‏ لأن الرؤيا بعدُ الى (‏الوقت المعيَّن)‏ وفي النهاية تتكلم ولا تكذب.‏ إن [ظهر انها] توانت (‏فداوم على انتظارها)‏ لأنها ستأتي اتيانا ولا تتأخر.‏» (‏حبقوق ١:‏​٢،‏ ٣؛‏ ٢:‏​٢،‏ ٣‏)‏ وبشكل مماثل،‏ يملك شهود يهوه الثقة ببر يهوه وعدله،‏ وهذا يساعدهم على المحافظة على اتزانهم وعلى انتظار ‹وقت يهوه المعيَّن.‏›‏

      عبَّر ف.‏ و.‏ فرانز،‏ الذي اعتمد في السنة ١٩١٣،‏ جيدا عن مشاعر شهود يهوه.‏ ففي السنة ١٩٩١،‏ كرئيس لجمعية برج المراقبة،‏ ذكر:‏

      ‏«رجاؤنا امر اكيد،‏ وسيتحقق كاملا حتى آخر عضو من الاعضاء الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ من القطيع الصغير الى درجة تفوق حتى ما تخيَّلناه.‏ نحن البقية الذين كنا موجودين في السنة ١٩١٤،‏ حين توقعنا جميعا الذهاب الى السماء،‏ لم نفقد ادراكنا لقيمة ذلك الرجاء.‏ لكننا ثابتون فيه كما كنا على الدوام،‏ وكلما انتظرناه مدة اطول قدَّرناه اكثر.‏ انه امر يستحق الانتظار،‏ حتى لو تطلَّب مليون سنة.‏ انا اقدِّر رجاءنا تقديرا رفيعا اكثر من ايّ وقت مضى،‏ ولا اريد ابدا ان اخسر تقديري له.‏ ان رجاء القطيع الصغير يؤكد ايضا ان توقُّع الجمع الكثير من الخراف الاخر سيتحقق،‏ دون اية امكانية للفشل،‏ على نحو يفوق تخيُّلنا الاكثر اشراقا.‏ ولهذا السبب نحن ثابتون بشكل راسخ حتى هذه الساعة،‏ وسنثبت بشكل راسخ الى ان يبرهن اللّٰه فعلا انه امين ‹لمواعيده العظمى والثمينة.‏›» —‏ ٢ بطرس ١:‏٤؛‏ عدد ٢٣:‏١٩؛‏ رومية ٥:‏٥‏.‏

      يقترب الوقت بسرعة حين يكون حضور المسيح في سلطة الملكوت ظاهرا بوضوح لكل الجنس البشري.‏ والاشخاص الساهرون آنذاك ‹سينالون الموعد.‏› (‏عبرانيين ١٠:‏٣٦‏)‏ حقا،‏ ان توقعاتهم ستتحقق ‹على نحو يفوق ما تخيَّلوه في ايّ وقت مضى.‏› وكم سيكونون سعداء وشاكرين انهم في الايام الختامية لنظام الاشياء الشرير هذا هم الذين كانوا يواصلون السهر،‏ الذين كانوا ينادون بغيرة بملكوت اللّٰه!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١٣]‏

      على يقين تام من ان العالم الحاضر هو في ‹وقت نهايته›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١٤]‏

      يحرصون ان يحيوا كل يوم كما يليق بالمسيحي

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١٥]‏

      مَن برهنوا انهم ساهرون باعلان التحذير؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧١٦]‏

      ‏«انا اقدِّر رجاءنا تقديرا رفيعا اكثر من ايّ وقت مضى،‏ ولا اريد ابدا ان اخسر تقديري له» —‏ ف.‏ و.‏ فرانز

      ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحة ٧١٧]‏

      تقارير عن الشهادة العالمية

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ البلدان

      ١٩٢٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٦

      ١٩٢٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٣

      ١٩٣٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٧

      ١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١١٥

      ١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١١٢

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٠٧

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٤٧

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٦٤

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٨٧

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٠١

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٠٨

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢١٢

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢١٧

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٢٢

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٢٩

      مجموع البلدان

      عدد البلدان محسوب وفقا لطريقة تقسيم الكرة الارضية في وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ وليس وفقا للتقسيمات السياسية التي سادت،‏ مثلا،‏ حين حكمت امبراطوريات كبيرة سابقة المنطقة التي يتقاسمها الآن عدد من الامم المستقلة.‏

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ الجماعات

      ١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٣٠‏,٥

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢١٨‏,٧

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٣٨‏,١٣

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٤٤‏,١٦

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٠٨‏,٢١

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٥٨‏,٢٤

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٢٤‏,٢٦

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٥٦‏,٣٨

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٨١‏,٤٣

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧١٦‏,٤٩

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٥٨‏,٦٩

      مجموع الجماعات

      قبل السنة ١٩٣٨ لم يُحفَظ ايّ سجل اممي ثابت لمجموع عدد الجماعات.‏

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ الناشرون

      ١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٥٣‏,٥٦

      ١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤١٨‏,٩٦

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٩٩‏,١٥٦

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٣٠‏,٣٧٣

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩٢٩‏,٦٤٢

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٣٢‏,٩١٦

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٠٦‏,١٠٩‏,١

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٣٠‏,٤٨٣‏,١

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٥٦‏,١٧٩‏,٢

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٧٨‏,٢٧٢‏,٢

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٣١‏,٠٢٤‏,٣

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧٨٧‏,٤٧٢‏,٤

      مجموع ناشري الملكوت

      خضع اسلوب احصاء الناشرين لعدد من التغييرات خلال عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ وأوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فتقارير الجماعات كانت تُرسَل اسبوعيا،‏ بدلا من مرة كل شهر.‏ (‏لم يسرِ مفعول التقارير الشهرية حتى تشرين الاول ١٩٣٢.‏)‏ ولكي يُحسب المرء عامل صف (‏ناشر جماعة)‏ كان عليه ان يخصص لخدمة الحقل ٣ ساعات على الاقل في الاسبوع (‏او ١٢ كل شهر)‏،‏ وفقا لـ‍ «النشرة» عدد ١ كانون الثاني ١٩٢٩.‏ وكان على الرماة المهرة (‏الناشرين المنعزلين)‏ ان يخصصوا للشهادة ساعتين على الاقل في الاسبوع.‏

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ الفاتحون

      ١٩٢٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٨٠

      ١٩٢٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٣٥‏,١

      ١٩٣٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٩٧‏,٢

      ١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٥٥‏,٤

      ١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٥١‏,٥

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧٢١‏,٦

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٩٣‏,١٤

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠١١‏,١٧

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٨٤‏,٣٠

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٥٣‏,٤٧

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٧١‏,٨٨

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٢٥‏,١٣٠

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٦١‏,١٣٧

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٢١‏,٣٢٢

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦١٠‏,٦٠٥

      الفاتحون

      الارقام الواردة هنا تشمل الفاتحين القانونيين،‏ الفاتحين الاضافيين،‏ الفاتحين الخصوصيين،‏ المرسلين،‏ نظار الدوائر،‏ ونظار الكور.‏ وكان الفاتحون يُعرفون سابقا بموزِّعي المطبوعات الجائلين،‏ والفاتحون الاضافيون بموزِّعي المطبوعات الجائلين الاضافيين.‏ وبالنسبة الى معظم السنوات تمثِّل الارقام المعدَّلات الشهرية.‏

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ دروس الكتاب المقدس

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨١٤‏,١٠٤

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩٥٢‏,٢٣٤

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٥٦‏,٣٣٧

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٠٨‏,٦٤٦

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٩٥‏,٧٧٠

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٧٨‏,١٤٦‏,١

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٥٦‏,٤١١‏,١

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٨٤‏,٣٧١‏,١

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٤٦‏,٣٧٩‏,٢

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٢٧‏,٢٧٨‏,٤

      الدروس البيتية في الكتاب المقدس

      خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ كانت بعض الدروس تُعقد مع الافراد،‏ ولكنَّ التشديد كان على تعليم الناس كيف يدرسون وحدهم،‏ وأيضا على تنظيم الدروس التي يمكن ان يحضرها اشخاص مهتمون آخرون في المنطقة.‏ ولاحقا،‏ صارت الدروس تُعقد مع الافراد،‏ عندما كانوا يُظهرون اهتماما اصيلا،‏ الى ان يعتمدوا.‏ وفي ما بعد ايضا جرى التشجيع على الاستمرار في الدرس الى ان يكون الشخص قد نال المساعدة الاساسية ليصير مسيحيا ناضجا.‏

      السنوات .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ الساعات

      ١٩٣٠-‏١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٠٧‏,٢٠٥‏,٤٢

      ١٩٣٦-‏١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٨٨‏,٠٢٦‏,٦٣

      ١٩٤١-‏١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٩٧‏,٠٤٣‏,١٤٩

      ١٩٤٦-‏١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠١٧‏,٣٨٥‏,٢٤٠

      ١٩٥١-‏١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٥٦‏,٥٥٠‏,٣٧٠

      ١٩٥٦-‏١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٤٠‏,٨٥٩‏,٥٥٥

      ١٩٦١-‏١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤١٧‏,٠٤٩‏,٧٦٠

      ١٩٦٦-‏١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٣٥‏,٦٧٧‏,٠٧٠‏,١

      ١٩٧١-‏١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧٧٤‏,٧٤٤‏,٦٣٧‏,١

      ١٩٧٦-‏١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٤١‏,٣٥٦‏,٦٤٦‏,١

      ١٩٨١-‏١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٤٢‏,٢٨٧‏,٢٧٦‏,٢

      ١٩٨٦-‏١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤١٢‏,٨١٤‏,٩١٢‏,٥

      مجموع الساعات

      لم يكن هنالك تقرير عام عن الوقت حتى اواخر عشرينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وأسلوب حساب الساعات خضع لعدد من التغييرات:‏ في اوائل ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ كان يُحسب الوقت المخصص للشهادة من بيت الى بيت فقط —‏ وليس ما يُصرف في الزيارات المكررة.‏ وفي حين ان التقرير الظاهر هنا مؤثر حقا،‏ إلا انه تقرير تقريبي عن مقدار الوقت الكبير الذي خصصه شهود يهوه لعمل المناداة بملكوت اللّٰه.‏

      السنوات .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ المطبوعات الموزَّعة

      ١٩٢٠-‏١٩٢٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٣٩‏,٧٥٧‏,٣٨

      ١٩٢٦-‏١٩٣٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٩٩‏,٨٧٨‏,٦٤

      ١٩٣١-‏١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٠٤‏,٠٧٣‏,١٤٤

      ١٩٣٦-‏١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩٠٩‏,٧٨٨‏,١٦٤

      ١٩٤١-‏١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٧٠‏,٢٦٥‏,١٧٨

      ١٩٤٦-‏١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٠٤‏,٠٢٧‏,١٦٠

      ١٩٥١-‏١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧٠١‏,١٥١‏,٢٣٧

      ١٩٥٦-‏١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٩٥‏,٢٠٢‏,٤٩٣

      ١٩٦١-‏١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٥٠‏,٩٠٣‏,٦٨١

      ١٩٦٦-‏١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٢٧‏,١٠٦‏,٩٣٥

      ١٩٧١-‏١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٨١‏,٥٧٨‏,٤٠٧‏,١

      ١٩٧٦-‏١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧١٧‏,٨٥٠‏,٣٨٠‏,١

      ١٩٨١-‏١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٣٩‏,٩٨٠‏,٥٠٤‏,١

      ١٩٨٦-‏١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩٣٤‏,٩٩٨‏,٧١٥‏,٢

      المطبوعات الموزَّعة

      باستثناءات قليلة،‏ لا تشمل الارقام قبل السنة ١٩٤٠ توزيع المجلات،‏ رغم توزيع ملايين النسخ.‏ والارقام منذ السنة ١٩٤٠ تشمل الكتب،‏ الكراريس،‏ الكراسات،‏ والمجلات،‏ ولكنها لا تشمل مئات الملايين من النشرات التي استُعملت ايضا لاثارة الاهتمام برسالة الملكوت.‏ ومجموع نسخ المطبوعات الموزَّعة الـ‍ ٢٦٩‏,٥٦٥‏,١٠٧‏,١٠ من السنة ١٩٢٠ الى السنة ١٩٩٢ بأكثر من ٢٩٠ لغة يعطي الدليل على شهادة عالمية غير عادية.‏

      السنة .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ الحضور .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ المتناولون

      ١٩٣٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٤٦‏,٦٣ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٤٦٥‏,٥٢

      ١٩٤٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩٨٩‏,٩٦ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧١١‏,٢٧

      ١٩٤٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٤٧‏,١٨٦ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٢٨‏,٢٢

      ١٩٥٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٢٠٣‏,٥١١ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٧٢٣‏,٢٢

      ١٩٥٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٣٠٣‏,٨٧٨ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨١٥‏,١٦

      ١٩٦٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٨٢١‏,٥١٩‏,١ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٩١١‏,١٣

      ١٩٦٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٨٩‏,٩٣٣‏,١ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٥٠‏,١١

      ١٩٧٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٦٨‏,٢٢٦‏,٣ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٢٦‏,١٠

      ١٩٧٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٤٣‏,٩٢٥‏,٤ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٥٠‏,١٠

      ١٩٨٠ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٥٦‏,٧٢٦‏,٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٥٦٤‏,٩

      ١٩٨٥ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٠٩‏,٧٩٢‏,٧ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٠٥١‏,٩

      ١٩٩٢ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ١٧١‏,٤٣١‏,١١ .‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏.‏ ٦٨٣‏,٨

      حضور الذكرى والمتناولون

      الارقام المتوافرة لحضور الذكرى قبل السنة ١٩٣٢ ليست كاملة غالبا.‏ وأحيانا كانت مجرد فرق من ١٥،‏ ٢٠،‏ ٣٠،‏ او اكثر تُشمل بالمجموع المنشور.‏ ومن المثير للاهتمام ان الارقام المتوافرة لمعظم السنوات تظهر ان بعض الحضور على الاقل لم يكونوا من المتناولين.‏ وبحلول السنة ١٩٣٣ كان الفَرق نحو ٠٠٠‏,٣.‏

  • حوادث جديرة بالملاحظة في تاريخ شهود يهوه المعاصر
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • حوادث جديرة بالملاحظة في تاريخ شهود يهوه المعاصر

      ١٨٧٠:‏ تشارلز تاز رصل وفريق من پيتسبورڠ وألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ يبدأون بدرس شامل للكتاب المقدس

      ١٨٧٠-‏١٨٧٥:‏ رصل وعشراؤه في الدرس يتعلَّمون ان المسيح عندما يعود سيكون غير منظور للعيون البشرية وأن الهدف من رجوعه يشمل مباركة جميع عائلات الارض

      ١٨٧٢:‏ رصل وفريق درسه يقدِّرون الثمن الفدائي الذي زوَّده المسيح من اجل الجنس البشري

      ١٨٧٦:‏ ت.‏ ت.‏ رصل يتسلَّم نسخة من بشير الصباح في كانون الثاني؛‏ يجتمع مع ن.‏ ه‍ .‏ باربور،‏ رئيس التحرير،‏ في ذلك الصيف في فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا

      مقالة يكتبها ت.‏ ت.‏ رصل،‏ تُنشر في عدد تشرين الاول من فاحص الكتاب المقدس،‏ في بروكلين،‏ نيويورك،‏ تشير الى السنة ١٩١٤ بوصفها نهاية ازمنة الامم

      ١٨٧٧:‏ نشر كتاب العوالم الثلاثة،‏ نتيجة جهود مشتركة لِـ‍ ن.‏ ه‍ .‏ باربور و ت.‏ ت.‏ رصل

      ت.‏ ت.‏ رصل ينشر كراس هدف وطريقة رجوع ربنا،‏ في مكتب بشير الصباح،‏ في روتشستر،‏ نيويورك

      ١٨٧٩:‏ رصل يسحب كل الدعم من بشير الصباح،‏ في ايار،‏ بسبب موقف باربور من الفدية

      اول عدد من برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ بتاريخ تموز ١٨٧٩

      ١٨٨١:‏ تلاميذ الكتاب المقدس يصدرون النشرات الاولى؛‏ توزيع النشرات السنوي،‏ قبل السنة ١٩١٤،‏ يبلغ مجموعه عشرات الملايين من النسخ بـ‍ ٣٠ لغة

      تنظيم جمعية برج مراقبة زيون للكراريس؛‏ اطلاق الدعوة «مطلوب ٠٠٠‏,١ كارز» ليكون البعض موزِّعي مطبوعات قانونيين،‏ وليصرف الآخرون ما يمكنهم من الوقت لنشر حق الكتاب المقدس

      توزيع ٠٠٠‏,٣٠٠ نسخة من طعام للمسيحيين المفكرين على روَّاد الكنائس في المدن الرئيسية في بريطانيا

      ١٨٨٣:‏ برج المراقبة تصل الى الصين؛‏ مرسلة مشيخية سابقة سرعان ما تبدأ بالشهادة للآخرين هناك

      ١٨٨٤:‏ طعام للمسيحيين المفكرين يصل الى لَيبيريا،‏ افريقيا؛‏ قارئ ذو تقدير يكتب طالبا نسخا للتوزيع

      جمعية برج مراقبة زيون للكراريس يرخَّص لها شرعيا في پنسلڤانيا؛‏ وتسجَّل رسميا في ١٥ كانون الاول

      ١٨٨٥:‏ كان بعض الاشخاص الجياع للحق في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ وآسيا يقرأون مطبوعات برج المراقبة

      ١٨٨٦:‏ نشر نظام الدهور الالهي،‏ المجلَّد الاول من سلسلة تُدعى الفجر الالفي (‏عُرفت لاحقا بـ‍ دروس في الاسفار المقدسة‏)‏

      ١٨٨٩:‏ تشييد بيت الكتاب المقدس في شارع آرْك،‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا،‏ بوصفه مركز الجمعية الرئيسي

      ١٨٩١:‏ اول تجمُّع لتلاميذ الكتاب المقدس يدعونه محفلا،‏ في ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا (‏نيسان ١٩-‏٢٥)‏

      ١٨٩٤:‏ النظار الجائلون الذين صاروا على مر الوقت يُعرفون بالخطباء الجائلين (‏اليوم،‏ نظار الدوائر والكور)‏ يُرسَلون ضمن اطار برنامج الجمعية لزيارة الجماعات

      ١٩٠٠:‏ افتتاح اول مكتب فرع لجمعية برج المراقبة،‏ في لندن،‏ انكلترا

      قيام تلاميذ الكتاب المقدس بالشهادة في ٢٨ بلدا،‏ والرسالة التي يكرزون بها تصل الى ١٣ بلدا آخر

      ١٩٠٣:‏ توزيع مكثَّف للنشرات المجانية من بيت الى بيت ايام الآحاد؛‏ وفي وقت ابكر أُنجز الكثير من توزيع النشرات في الشوارع قرب الكنائس

      ١٩٠٤:‏ المواعظ التي ألقاها ت.‏ ت.‏ رصل تبدأ بالظهور قانونيا في الصحف؛‏ في غضون عشر سنوات صارت تطبع في نحو ٠٠٠‏,٢ صحيفة

      ١٩٠٩:‏ انتقال مركز الجمعية الرئيسي الى بروكلين،‏ نيويورك،‏ في نيسان

      ١٩١٤:‏ اول عرض لـ‍ «رواية الخلق المصوَّرة،‏» في نيويورك،‏ في كانون الثاني؛‏ قبل نهاية السنة يشاهدها جمهور بلغ مجموعه اكثر من ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٩ في اميركا الشمالية،‏ اوروپا،‏ وأوستراليا

      في ٢ تشرين الاول،‏ في غرفة طعام البتل في بروكلين،‏ يؤكِّد ت.‏ ت.‏ رصل،‏ «انتهت ازمنة الامم»‏

      تلاميذ الكتاب المقدس يكرزون بنشاط في ٤٣ بلدا؛‏ ١٥٥‏,٥ يشتركون في الشهادة للآخرين؛‏ تقرير حضور الذكرى هو ٢٤٣‏,١٨

      ١٩١٦:‏ موت ت.‏ ت.‏ رصل بعمر ٦٤ سنة،‏ في ٣١ تشرين الاول،‏ وهو في قطار يسافر عبر تكساس

      ١٩١٧:‏ ج.‏ ف.‏ رذرفورد يصير رئيسا للجمعية في ٦ كانون الثاني،‏ بعد ان ادارت شؤون الجمعية لجنة تنفيذ من ثلاثة اشخاص طوال شهرين تقريبا

      اصدار كتاب السر المنتهي لعائلة البتل في بروكلين في ١٧ تموز؛‏ اربعة ممَّن كانوا يخدمون في مجلس مديري الجمعية تشتد مقاومتهم؛‏ انقسام جماعات عديدة بعد ذلك

      ١٩١٨:‏ إلقاء المحاضرة «العالم قد انتهى —‏ ملايين من الاحياء الآن يمكن ان لا يموتوا ابدا» لاول مرة في ٢٤ شباط،‏ في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا.‏ وفي ٣١ آذار،‏ في بوسطن،‏ ماساتشوستس،‏ الخطاب بعنوان «العالم قد انتهى —‏ ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا»‏

      ج.‏ ف.‏ رذرفورد وعشراء احمَّاء له ذُكرت اسماؤهم في مذكّرات توقيف فيديرالية في ٧ ايار؛‏ المحاكمة تبدأ في ٥ حزيران؛‏ يُحكم عليهم في ٢١ حزيران (‏واحد منهم في ١٠ تموز)‏ بمدد طويلة في سجن اصلاحي فيديرالي

      المركز الرئيسي في بروكلين يقفَل في آب،‏ وتُعاد اعماله الى پيتسبورڠ لاكثر من سنة

      ١٩١٩:‏ اطلاق سراح رسميي الجمعية وعشرائهم بكفالة،‏ في ٢٦ آذار؛‏ في ١٤ ايار تنقض محكمة الاستئناف قرار المحكمة الادنى،‏ وتأمر بمحاكمة جديدة؛‏ في السنة التالية،‏ في ٥ ايار،‏ تنسحب الحكومة من القضية،‏ رافضة رفع دعوى

      كامتحان ليرى ما اذا كان من الممكن اعادة احياء عمل تلاميذ الكتاب المقدس،‏ يرتِّب ج.‏ ف.‏ رذرفورد لالقاء المحاضرة العامة «الرجاء للبشرية المتضايقة» في قاعة استماع كْلون،‏ في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا،‏ في ٤ ايار؛‏ القاعة لا تتسع للجموع،‏ ووجب إلقاء الخطاب مرة ثانية

      تلاميذ الكتاب المقدس يعقدون محفلا في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ١-‏٨ ايلول؛‏ الاعلان عن صدور قريب لمجلة العصر الذهبي (‏المعروفة الآن بـ‍ استيقظ!‏‏)‏

      اصدار النشرة (‏المعروفة الآن بـ‍ خدمتنا للملكوت‏)‏ كحافز الى خدمة الحقل

      تقرير السنة يُظهر ٧٩٣‏,٥ تلميذا للكتاب المقدس يكرزون بنشاط في ٤٣ بلدا؛‏ تقرير حضور الذكرى ٤١١‏,٢١

      ١٩٢٠:‏ جمعية برج المراقبة تتولَّى عملياتها الطباعية الخاصة في بروكلين

      ١٩٢٢:‏ استعمال الراديو لاول مرة من قِبل ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ في ٢٦ شباط،‏ في كاليفورنيا،‏ لاذاعة محاضرة من الكتاب المقدس

      محفل تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ٥-‏١٣ ايلول؛‏ اطلاق المناشدة «أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته»‏

      رجال الدين في المانيا يحرِّضون الشرطة على توقيف تلاميذ الكتاب المقدس وهم ينهمكون في التوزيع العلني لمطبوعات الكتاب المقدس

      ١٩٢٤:‏ WBBR (‏اول محطة اذاعية تملكها جمعية برج المراقبة)‏ تبدأ بالبث في ٢٤ شباط

      ١٩٢٥:‏ برج المراقبة عدد ١ آذار،‏ في مناقشة ولادة ملكوت اللّٰه في السنة ١٩١٤،‏ تظهر ان هنالك هيئتين متميِّزتين ومتضادتين —‏ هيئة يهوه وهيئة الشيطان

      ١٩٢٦:‏ التشجيع على الكرازة من بيت الى بيت باستعمال الكتب ايام الآحاد

      ١٩٢٨:‏ توقيف تلاميذ الكتاب المقدس في نيو جيرزي (‏الولايات المتحدة الاميركية)‏ لسبب توزيع المطبوعات كجزء من كرازتهم من بيت الى بيت؛‏ في غضون عقد،‏ كان هنالك اكثر من ٥٠٠ اعتقال كهذا في السنة في الولايات المتحدة

      ١٩٣١:‏ تبنّي الاسم شهود يهوه بقرار في محفل في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ في ٢٦ تموز،‏ وبعد ذلك في محافل في كل الارض

      ١٩٣٢:‏ التبرئة،‏ المجلَّد ٢،‏ يوضح سبب انطباق نبوات الردّ في الكتاب المقدس على اسرائيل الروحي وليس اليهود الطبيعيين

      ابطال ترتيب «الشيوخ المنتخَبين،‏» انسجاما مع التوضيح في عددي برج المراقبة ١٥ آب و ١ ايلول

      ١٩٣٣:‏ حظر شهود يهوه في المانيا.‏ خلال الاضطهاد الشديد حتى نهاية الحرب العالمية الثانية يُعتَقل ٢٦٢‏,٦،‏ ويبلغ مجموع وقت سجنهم ٣٣٢‏,١٤ سنة؛‏ يُرسَل ٠٧٤‏,٢ الى معسكرات الاعتقال،‏ حيث يبلغ مجموع سجنهم ٣٣٢‏,٨ سنة

      آلات الاسطوانات (‏بعضها مركَّب على السيارات)‏ يستعملها الشهود لبث محاضرات الكتاب المقدس في الاماكن العامة

      ١٩٣٤:‏ استعمال الشهود فونوڠرافات قابلة للحمل لتشغيل محاضرات الكتاب المقدس القصيرة المسجَّلة للاشخاص المهتمين

      ١٩٣٥:‏ تحديد هوية ‹الجمع الكثير› بصفته صفًّا ارضيا في محاضرة محفل في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ في ٣١ ايار؛‏ ٨٤٠ شخصا يعتمدون في هذا المحفل؛‏ تدريجيا يجري التشديد اكثر لخدام اللّٰه الامناء الاحياء الآن على رجاء الحياة الابدية في ارض فردوسية

      تسمية مكان الاجتماع،‏ لاول مرة،‏ قاعة الملكوت في هونولولو،‏ هاوايي

      ١٩٣٦:‏ اللافتات الاعلانية يلبسها لاول مرة ناشرو الملكوت لاعلام الناس بمحاضرات الكتاب المقدس

      منح التشجيع على مباشرة دروس مع الاشخاص المهتمين باستعمال كتاب الجمعية الغنى مع الكتاب المقدس؛‏ وهذه غالبا ما تكون دروسا لفرق من الناس

      ١٩٣٧:‏ استعمال الشهود فونوڠرافات قابلة للحمل لتشغيل تسجيلات خطابات الكتاب المقدس على عتبات ابواب البيوت

      ١٩٣٨:‏ استبدال الاجراءات الديموقراطية بترتيبات ثيوقراطية لاختيار النظار في الجماعات،‏ انسجاما مع عددي برج المراقبة ١ و ١٥ حزيران

      الترتيب لمحافل اقليمية (‏معروفة الآن بالمحافل الدائرية)‏ لفرق من الجماعات

      ١٩٣٩-‏١٩٤٥:‏ ٢٣ دولة في كل انحاء الامبراطورية البريطانية والكومُنْولث البريطاني تحظر شهود يهوه او تمنع مطبوعاتهم للكتاب المقدس

      ١٩٤٠:‏ توزيع برج المراقبة والتعزية في الشوارع يصير وجها قانونيا لنشاط شهود يهوه

      قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة،‏ في ٣ حزيران،‏ المؤيد لتحية العلم الالزامية دون اعتبار للمعتقد الديني يطلق العنان لعنف الرعاع ضد شهود يهوه في كل انحاء الامة

      ١٩٤١:‏ الشهود النشاطى يتجاوزون الـ‍ ٠٠٠‏,١٠٠،‏ بالغين ذروة من ٣٧١‏,١٠٩ في ١٠٧ بلدان،‏ على الرغم من واقع ان الحرب العالمية الثانية كانت تغمر اوروپا وتنتشر في افريقيا وآسيا

      ١٩٤٢:‏ موت ج.‏ ف.‏ رذرفورد في ٨ كانون الثاني،‏ في سان دياڠو،‏ كاليفورنيا

      ن.‏ ه‍ .‏ نور يصير الرئيس الثالث للجمعية في ١٣ كانون الثاني

      مجموع طبع برج المراقبة للسنة بكل اللغات ١٤٣‏,٣٢٥‏,١١

      افتتاح منهج متقدم في الخدمة الثيوقراطية لهيئة مستخدَمي مركز الجمعية الرئيسي في ١٦ شباط

      جمعية برج المراقبة تطبع كامل الكتاب المقدس،‏ ترجمة الملك جيمس،‏ على مطبعتها الخاصة (‏مطبعة دوَّارة بشريط ورق)‏

      ١٩٤٣:‏ اول صف لمدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس يبتدئ دروسه في ١ شباط

      منهج في الخدمة الثيوقراطية (‏يُدعى الآن مدرسة الخدمة الثيوقراطية)‏ لجماعات شهود يهوه يقدَّم في المحافل في نيسان

      المحكمة العليا للولايات المتحدة تصدر قرارات لمصلحة شهود يهوه في ٢٠ من ٢٤ قضية؛‏ المحكمة العليا في اوستراليا ترفع الحظر عن الشهود هناك في ١٤ حزيران

      ١٩٤٥:‏ ابتداء من ١ تشرين الاول لم يعد المقترعون على اساس تبرعاتهم المالية يختارون مجلس مديري الجمعية

      معدّل عدد الدروس البيتية المجانية في الكتاب المقدس التي تُدار كل شهر هو الآن ٨١٤‏,١٠٤

      ١٩٤٦:‏ ايقاف اكثر من ٠٠٠‏,٤ شاهد ليهوه في الولايات المتحدة و ٥٩٣‏,١ في بريطانيا خلال السنوات السبع السابقة والحكم عليهم بمدد سجن تتراوح بين شهر وخمس سنوات بسبب حيادهم المسيحي

      في هذه السنة الاولى بعد الحرب العالمية الثانية يشترك ٥٠٤‏,٦ في الخدمة كامل الوقت كفاتحين

      مجلة استيقظ!‏ (‏خليفة العصر الذهبي والتعزية‏)‏ تبدأ بالصدور؛‏ مجموع الطبع ٤٢٩‏,٩٣٤‏,١٣ نسخة للسنة

      اكثر من ٤٧٠ شاهدا يمثلون امام المحاكم في اليونان بسبب اخبار الآخرين بتعاليم الكتاب المقدس

      ١٩٤٧:‏ في كْويبك،‏ كندا،‏ ٧٠٠‏,١ قضية تتعلق بعمل شهود يهوه التبشيري معلَّقة في المحاكم

      عدد الجماعات الآن يتجاوز ٠٠٠‏,١٠،‏ بالغا ما مجموعه ٧٨٢‏,١٠ في كل العالم

      ١٩٥٠:‏ اصدار ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية بالانكليزية في ٢ آب في محفل في نيويورك

      ١٩٥٣:‏ برنامج مكثَّف لتدريب شهود يهوه في الكرازة من بيت الى بيت يبدأ في ١ ايلول

      ١٩٥٧:‏ في ١٦٩ بلدا يخصص شهود يهوه ٠١٦‏,١٣٥‏,١٠٠ ساعة للمناداة بملكوت اللّٰه وادارة دروس الكتاب المقدس مع الاشخاص المهتمين حديثا

      ١٩٥٨:‏ محفل المشيئة الالهية الاممي في نيويورك يجذب حضورا يبلغ ٩٢٢‏,٢٥٣ من ١٢٣ بلدا؛‏ ١٣٦‏,٧ يعتمدون

      ١٩٥٩:‏ الجلسات الاولى لمدرسة خدمة الملكوت،‏ ابتداء من ٩ آذار،‏ في ساوث لانسينڠ،‏ نيويورك،‏ مصمَّمة لنظار الجماعات والنظار الجائلين

      ١٩٦١:‏ اول فريق من نظار فروع الجمعية يحضر مقرَّر تدريب خصوصي مدته عشرة اشهر في بروكلين،‏ نيويورك،‏ بغية تعزيز وحدة عمل شهود يهوه في كل العالم

      اصدار ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة،‏ الكتاب المقدس الكامل في مجلَّد واحد،‏ بالانكليزية

      ١٩٦٣:‏ اصدار ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية بست لغات اخرى (‏الاسپانية،‏ الالمانية،‏ الايطالية،‏ الپرتغالية،‏ الفرنسية،‏ والهولندية)‏،‏ والمزيد سيأتي في السنوات اللاحقة

      اكثر من مليون شاهد ليهوه هم الآن نشاطى في ١٩٨ بلدا؛‏ ذروة الناشرين للسنة هي ٨٣٦‏,٠٤٠‏,١؛‏ ٧٩٨‏,٦٢ آخرون يعتمدون

      ١٩٦٥:‏ استعمال شهود يهوه لأول قاعة محافل،‏ مسرح مجدَّد،‏ في نيويورك

      ١٩٦٧:‏ موجات من اضطهاد شهود يهوه الطويل والوحشي تجتاح ملاوي وتستمر سنوات بعد ذلك

      ١٩٦٩:‏ الدروس البيتية في الكتاب المقدس تتجاوز المليون؛‏ التقارير تُظهر معدّل ٢٣٧‏,٠٩٧‏,١

      ١٩٧١:‏ توسيع الهيئة الحاكمة؛‏ في ١ تشرين الاول يبدأ اعضاؤها بتناوب مركز العريف على اساس سنوي

      ١٩٧٢:‏ جماعات شهود يهوه تصير تحت اشراف محلي لهيئة الشيوخ،‏ بدلا من شخص واحد،‏ ابتداء من ١ تشرين الاول

      ١٩٧٤:‏ ذروة الناشرين في كل العالم تبلغ ٤٣٢‏,٠٢١‏,٢؛‏ الفاتحون يزدادون من ٦٠٤‏,٩٤ في السنة ١٩٧٣ الى ١٣٥‏,١٢٧

      ١٩٧٥:‏ اعادة تنظيم الهيئة الحاكمة؛‏ في ٤ كانون الاول تُعيَّن المسؤوليات المتعلقة بجزء كبير من العمل لست لجان،‏ التي تبدأ بالعمل في ١ كانون الثاني ١٩٧٦

      ١٩٧٦:‏ مكاتب فروع جمعية برج المراقبة يصير كل منها تحت اشراف لجنة من ثلاثة رجال ناضجين روحيا او اكثر،‏ بدلا من ناظر واحد،‏ ابتداء من ١ شباط

      ١٩٧٧:‏ مدرسة خدمة الفتح تبدأ بمنح التدريب المتخصص لعشرات الآلاف من الفاتحين حول العالم

      ١٩٨٤:‏ الدروس البيتية في الكتاب المقدس التي يعقدها شهود يهوه الآن هي بمعدّل ١١٣‏,٠٤٧‏,٢

      ١٩٨٥:‏ الشروع في ترتيب المتطوعين الامميين،‏ بتنسيق عمل البناء العالمي من مركز الجمعية الرئيسي

      التقارير تُظهر ١٣١‏,٠٢٤‏,٣ يشتركون في عمل الكرازة بالملكوت في ٢٢٢ بلدا؛‏ معدّل الفاتحين الآن ٨٢١‏,٣٢٢؛‏ ٨٠٠‏,١٨٩ يعتمدون هذه السنة

      ١٩٨٦:‏ تعيين لجان البناء الاقليمية للمساعدة في تنسيق بناء قاعات الملكوت

      ١٩٨٧:‏ عمل التلمذة يستمر في التوسع،‏ اذ تُدار دروس الكتاب المقدس الآن مع ٠٤٨‏,٠٠٥‏,٣ شخصا وعائلة،‏ وكثير منها على اساس اسبوعي؛‏ مجموع المعتمدين للسنة ٨٤٣‏,٢٣٠

      مدرسة تدريب الخدام تبدأ بالعمل في ١ تشرين الاول بعقد اول صف في كورياپوليس،‏ پنسلڤانيا

      ١٩٨٩:‏ الاحوال المتغيِّرة في اوروپا الشرقية تساعد على عقد ثلاثة محافل اممية كبيرة في پولندا،‏ ثم في بلدان اخرى في السنوات اللاحقة

      ١٩٩٠:‏ رفع القيود عن شهود يهوه في بلدان في افريقيا وأوروپا الشرقية يسهِّل التبشير بين ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠٠ شخص اضافي

      ناشرو الملكوت يبلغون ذروة جديدة من ٢١٣‏,٠١٧‏,٤؛‏ صفوف الفاتحين ترتفع الى ٥٠٨‏,٥٣٦؛‏ تخصيص ما مجموعه ٤٢٤‏,٢٢٩‏,٨٩٥ ساعة لعمل المناداة بالملكوت الملحّ

      ١٩٩١:‏ رفع الحظر في اوروپا الشرقية وافريقيا يسهِّل اكثر الوصول الى ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٣٩٠ شخص اضافي ببشارة ملكوت اللّٰه

      ١٩٩٢:‏ معدّل طبع برج المراقبة ٠٠٠‏,٥٧٠‏,١٥ بـ‍ ١١١ لغة؛‏ استيقظ!‏ متوافرة بـ‍ ٦٧ لغة،‏ ومعدّل انتاجها ٠٠٠‏,١١٠‏,١٣

      تقديم اعظم شهادة حتى الآن،‏ اذ يشترك ٧٨٧‏,٤٧٢‏,٤ في المناداة بالملكوت في ٢٢٩ بلدا؛‏ معدّل الفاتحين الشهري ٦١٠‏,٦٠٥؛‏ ٤٣٤‏,٩١٠‏,٠٢٤‏,١ ساعة تخصص للشهادة العامة؛‏ ١٢٧‏,٢٧٨‏,٤ درسا في الكتاب المقدس يُدار؛‏ ٠٠٢‏,٣٠١ تلميذ جديد يعتمدون

  • اصدار برج المراقبة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • اصدار برج المراقبة

      عندما صدرت لاول مرة في تموز ١٨٧٩،‏ دُعيت برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏ وهذه المجلة،‏ التي كانت المدافع عن ذبيحة يسوع المسيح الفدائية،‏ صدرت لتقدِّم الطعام الروحي لاهل الايمان.‏ وفي ١ كانون الثاني ١٩٠٩ تغيَّر العنوان الى برج المراقبة وبشير حضور المسيح لكي تركِّز الانتباه بأكثر وضوح على هدف المجلة.‏ وابتداء من ١ كانون الثاني ١٩٣٩ تبدَّل العنوان ليصير برج المراقبة وبشير ملكوت المسيح،‏ مشدِّدا اكثر على واقع ان المسيح يملك الآن من السماء.‏ ثم في ١ آذار ١٩٣٩،‏ بتغيير العنوان الى برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه،‏ وُجِّه الانتباه بشكل ابرز الى يهوه بصفته المتسلط الكوني،‏ الذي اعطى سلطة الحكم لابنه.‏

      عندما صدرت لاول مرة،‏ كانت برج المراقبة مطبوعة من ثماني صفحات،‏ تصدر مرة في الشهر.‏ وازداد حجمها الى ١٦ صفحة في السنة ١٨٩١،‏ وأصبحت مجلة نصف شهرية في السنة ١٨٩٢.‏ وجرى تبنّي حجم ٣٢ صفحة للغات عديدة في السنة ١٩٥٠.‏

      بدأت ترجمة برج المراقبة بلغات اخرى ببطء.‏ فصدر عدد واحد كعيِّنة بالسويدية في السنة ١٨٨٣ لاستعماله كنشرة.‏ ومن السنة ١٨٨٦ الى ١٨٨٩ طُبعت طبعة صغيرة الحجم من المجلة بالالمانية.‏ ولكن لم تَظهر برج المراقبة ثانية بالالمانية حتى السنة ١٨٩٧ واستمرت في الصدور على اساس ثابت.‏ وبحلول السنة ١٩١٦ كانت تُطبع بسبع لغات —‏ الالمانية،‏ الانكليزية،‏ الپولندية،‏ الدنماركية-‏النَّروجية،‏ السويدية،‏ الفرنسية،‏ والفنلندية.‏ وعندما أُعطيت الكرازة بالبشارة زخما اقوى في السنة ١٩٢٢،‏ ازداد عدد اللغات التي كانت المجلة تصدر بها الى ١٦.‏ ولكن في السنة ١٩٩٣ كانت تصدر قانونيا بـ‍ ١١٢ لغة —‏ تلك التي يستعملها قسم كبير من سكان الارض.‏ وهذه لم تشمل فقط لغات كالانكليزية،‏ الاسپانية،‏ واليابانية،‏ التي يُطبع كل عدد منها بملايين النسخ،‏ بل ايضا الپالاوِية،‏ التوڤالوِية،‏ وغيرها من اللغات التي توزَّع من اعدادها مئات قليلة فقط.‏

      طوال سنوات اعتُبرت برج المراقبة بشكل رئيسي مجلة لـ‍ «القطيع الصغير» من المسيحيين المكرَّسين.‏ فبقي توزيعها محدودا نوعا ما؛‏ وبحلول السنة ١٩١٦ كان يُطبع منها ٠٠٠‏,٤٥ نسخة فقط.‏ ولكن ابتداء من السنة ١٩٣٥ شُدِّد تكرارا على تشجيع «اليونادابيين،‏» او «الجمع الكثير،‏» ان يحصلوا على برج المراقبة ويقرأوها قانونيا.‏ وفي السنة ١٩٣٩،‏ عندما ابتدأ غلاف المجلة يبرز الملكوت،‏ عُرضت اشتراكات في برج المراقبة على الناس خلال حملة اشتراكات اممية لاربعة اشهر.‏ ونتيجة لذلك ارتفع عدد الاشتراكات الى ٠٠٠‏,١٢٠.‏ وفي السنة التالية كانت برج المراقبة تُعرض قانونيا على الناس في الشوارع.‏ فازداد التوزيع بسرعة.‏ وبحلول اوائل السنة ١٩٩٣ كان يُطبع من كل عدد بجميع اللغات ٠٠٠‏,٤٠٠‏,١٦.‏

  • استيقظ!‏ —‏ مجلة بجاذبية شعبية واسعة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • استيقظ!‏ —‏ مجلة بجاذبية شعبية واسعة

      حملت هذه المجلة اولا العنوان العصر الذهبي.‏ وتاريخ اول عدد كان ١ تشرين الاول ١٩١٩.‏ وهذه كانت مجلة تتناول اخبارا تتعلق بحقول عديدة من المساعي البشرية.‏ وتنبِّه الناس الى ما يحدث في العالم وتُظهر لهم ان الحل الحقيقي لمشاكل الجنس البشري هو حكم المسيح الالفي،‏ الذي سيفتتح حقا «عصرا ذهبيا» للجنس البشري.‏ خضع غلاف المجلة للتغييرات،‏ لكنَّ الرسالة بقيت كما هي.‏ والعصر الذهبي كانت مصمَّمة للتوزيع العام،‏ وكان توزيعها لسنوات عديدة يفوق توزيع برج المراقبة.‏

      ابتداء من عدد ٦ تشرين الاول ١٩٣٧ تغيَّر العنوان الى التعزية.‏ وكان ذلك ملائما جدا نظرا الى الظلم الذي كان كثيرون يختبرونه والاضطراب الذي تورط فيه العالم في الحرب العالمية الثانية.‏ ومع ذلك فان التعزية التي قدَّمتها المجلة كانت من النوع الذي لا يروق إلا للذين لديهم محبة اصيلة للحق.‏

      ابتداء من عدد ٢٢ آب ١٩٤٦ جرى تبنّي العنوان استيقظ!‏.‏ وشُدِّد على ايقاظ الناس الى مغزى حوادث العالم.‏ واستعملت المجلة مصادر اخبارية مألوفة،‏ ولكن كان لديها ايضا مراسلوها حول الكرة الارضية.‏ والمقالات المتزنة العملية العميقة في استيقظ!‏ التي تناقش مجموعة واسعة من المواضيع تشجع القرَّاء على التفكير في الرسالة الاهم لهذه المجلة،‏ وهي ان حوادث العالم تتمِّم نبوة الكتاب المقدس،‏ التي تُظهر اننا نحيا في الايام الاخيرة وأن ملكوت اللّٰه سيجلب قريبا فوائد ابدية للذين يتعلَّمون ويفعلون مشيئة اللّٰه.‏ وهذه المجلة هي اداة فعَّالة في المناداة العالمية ببشارة ملكوت اللّٰه وجسر الى مواد الدرس الاعمق التي ترد في برج المراقبة والكتب المجلَّدة.‏

      بحلول اوائل السنة ١٩٩٣ كانت استيقظ!‏ تُطبع بـ‍ ٦٧ لغة،‏ وكان يصدر من كل عدد ٠٠٠‏,٢٤٠‏,١٣ نسخة.‏

  • نيل المعرفة الدقيقة لكلمة اللّٰه وتطبيقها
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٢

      نيل المعرفة الدقيقة لكلمة اللّٰه وتطبيقها

      كيف تطورت معتقدات شهود يهوه؟‏ كيف حصلوا على اسمهم؟‏ ماذا يميِّزهم من سائر الفرق الدينية؟‏ تجري الاجابة عن هذه الاسئلة في الفصول ١٠ الى ١٤.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ١١٩]‏

  • معشر اخوة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٣

      معشر اخوة

      هل من الممكن ان يعمل معا ملايين من الناس من كل الامم والالسنة كمعشر اخوة اصيل؟‏

      يجيب سجل شهود يهوه العصريين بنعم مدوّية!‏ وهذا القسم (‏الفصول ١٥ الى ٢١)‏ يخبر كيف تعمل هيئتهم.‏ وينقل الغيرة التي بها ينادون بملكوت اللّٰه والمحبة التي تظهر فيما يعملون معا وفيما يعتنون احدهم بالآخر في اوقات الازمة.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٠٣]‏

  • المناداة بالبشارة في كل المسكونة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٤

      المناداة بالبشارة في كل المسكونة

      كيف وصلت المناداة بملكوت اللّٰه بصفته الرجاء الوحيد للجنس البشري الى كل انحاء الارض؟‏ اليكم،‏ في الفصول ٢٢ الى ٢٤،‏ التقرير المثير،‏ الى جانب الاختبارات المبهجة لاولئك الذين اشتركوا فيه.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٤٠٣]‏

  • الكرازة بالملكوت تتعزَّز بانتاج مطبوعات الكتاب المقدس
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٥

      الكرازة بالملكوت تتعزَّز بانتاج مطبوعات الكتاب المقدس

      الكرازة في كل المسكونة —‏ كيف يمكن انجازها؟‏ كما يُظهر هذا القسم (‏الفصول ٢٥ الى ٢٧)‏،‏ شملت الوسائل المستخدمة تطوُّر التسهيلات الاممية لنشر الكتب المقدسة ومطبوعات الكتاب المقدس بغية الوصول الى جميع الامم.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٥٥٥]‏

  • التعرض للتعييرات والضيقات
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٦

      التعرض للتعييرات والضيقات

      حذَّر يسوع المسيح أتباعه من انهم سيواجهون محنا —‏ بعضها بسبب النقص البشري،‏ وأخرى بسبب اخوة كذبة،‏ وغيرها ايضا بسبب الاضطهاد على ايدي المقاومين.‏ والفصول ٢٨ الى ٣٠ تروي بصورة حيَّة ما اختبره شهود يهوه في الازمنة العصرية وكيف مكَّنهم ايمانهم من الخروج منتصرين.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٦١٧]‏

  • شعب له خاص،‏ غيور في اعمال حسنة
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • القسم ٧

      شعب له خاص،‏ غيور في اعمال حسنة

      لماذا يؤمن شهود يهوه بأن اللّٰه يقودهم؟‏ وماذا يثبت هويتهم كتلاميذ حقيقيين ليسوع المسيح؟‏ وبما انهم ينادون بأن ملكوت اللّٰه يحكم الآن من السموات،‏ اية حادثة عظيمة اخرى يترقبونها بشوق؟‏ يجيب هذا القسم الاخير (‏الفصول ٣١ الى ٣٣)‏ عن هذه الاسئلة.‏

      ‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٧٠٣]‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة