-
شريعة المسيحبرج المراقبة ١٩٩٦ | ١ ايلول (سبتمبر)
-
-
شريعة المسيح
«اني . . . تحت ناموس للمسيح.» — ١ كورنثوس ٩:٢١.
١، ٢ (أ) كيف كان يمكن تحاشي الكثير من اخطاء الجنس البشري؟ (ب) اي امر لم يتعلمه العالم المسيحي من تاريخ الدين اليهودي؟
«الشعوب والحكومات لا تتعلّم ابدا من التاريخ، ولا تعمل وفق المبادئ المستخلصة منه.» هذا ما قاله فيلسوف الماني في القرن الـ ١٩. فعلا، يوصف مجرى التاريخ البشري بأنه «تدرُّج في الحماقة،» سلسلة من الجهالات والازمات الشنيعة التي كان يمكن تجنب الكثير منها لو كان الجنس البشري على استعداد للتعلم من الاخطاء الماضية.
٢ ان الرفض نفسه للتعلم من الاخطاء الماضية يظهر بشكل بارز في هذه المناقشة حول الشريعة الالهية. فقد استبدل يهوه اللّٰه الشريعة الموسوية بشريعة اعظم — شريعة المسيح. ولكنّ قادة العالم المسيحي، الذين يدّعون انهم يعلّمون هذه الشريعة ويعيشون وفقها، لا يتعلمون من خطإ الفريسيين الفادح. لذلك حرّف العالم المسيحي شريعة المسيح وأساء استعمالها تماما كما فعل الدين اليهودي بشريعة موسى. وكيف ذلك؟ اولا، دعونا نتفحّص شريعة المسيح نفسها — ما هي، على مَن تسود وكيف، وماذا يميزها عن الشريعة الموسوية. وبعد ذلك سنبحث كيف يسيء العالم المسيحي استعمالها. فلنتعلّم من التاريخ ولنستفد منه!
العهد الجديد
٣ اي وعد صنعه يهوه في ما يتعلق بعهد جديد؟
٣ مَن غير يهوه اللّٰه يمكنه ان يزيد الشريعة الكاملة كمالا؟ كان عهد الشريعة الموسوية كاملا. (مزمور ١٩:٧) ومع ذلك، وعد يهوه: «ها ايام تأتي . . . وأقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم.» لقد كُتبت الوصايا العشر — نواة الشريعة الموسوية — على لوحي حجر. أما عن العهد الجديد، فقال يهوه: «اجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم.» — ارميا ٣١:٣١-٣٤.
٤ (أ) اي اسرائيل يشمله العهد الجديد؟ (ب) مَن ايضا الى جانب الاسرائيليين الروحيين هم تحت شريعة المسيح؟
٤ مَن يدخلون في هذا العهد الجديد؟ طبعا، ليس «بيت اسرائيل» الحرفي الذين رفضوا وسيط هذا العهد. (عبرانيين ٩:١٥) وبالاحرى، ان «اسرائيل» الجديد هذا هو «اسرائيل اللّٰه،» امة من اسرائيليين روحيين. (غلاطية ٦:١٦؛ رومية ٢:٢٨، ٢٩) وهذا الفريق الصغير من المسيحيين الممسوحين بالروح كان سينضم اليه لاحقا «جمع كثير» من كل الامم يطلبون ايضا عبادة يهوه. (رؤيا ٧:٩، ١٠؛ زكريا ٨:٢٣) ورغم ان الجمع الكثير هؤلاء ليسوا فريقا مشاركا في العهد الجديد، فهم ايضا تُلزمهم الشريعة. (قارنوا لاويين ٢٤:٢٢؛ عدد ١٥:١٥.) و‹كرعية واحدة› تحت رعاية «راع واحد» يكون الجميع «تحت ناموس للمسيح،» كما كتب الرسول بولس. (يوحنا ١٠:١٦؛ ١ كورنثوس ٩:٢١) لقد دعا بولس هذا العهد الجديد ‹عهدا اعظم.› ولماذا؟ احد الاسباب هو انه مؤسس على وعود تمت لا على ظلال امور ستأتي. — عبرانيين ٨:٦؛ ٩:١١-١٤.
٥ ما هو القصد من العهد الجديد، ولماذا سيُفلِح؟
٥ ما هو القصد من هذا العهد؟ انتاج امة من ملوك وكهنة لمباركة الجنس البشري كله. (خروج ١٩:٦؛ ١ بطرس ٢:٩؛ رؤيا ٥:١٠) لم يُنتج عهد الشريعة الموسوية قط هذه الامة بالمعنى الاكمل، لأن اسرائيل ككل تمردت وخسرت الفرصة التي أُتيحت لها. (قارنوا رومية ١١:١٧-٢١.) ولكنّ العهد الجديد سيُفلِح بالتأكيد، لأنه مقترن بشريعة من نوع مختلف جدا. كيف؟
شريعة الحرية
٦، ٧ كيف تمنح شريعة المسيح حرية اعظم من التي منحتها الشريعة الموسوية؟
٦ تُقرَن شريعة المسيح تكرارا بالحرية. (يوحنا ٨:٣١، ٣٢) ويشار اليها بأنها «شريعة شعب حر» و«الشريعة الكاملة شريعة الحرية.» (يعقوب ١:٢٥، عج؛ ٢:١٢، عج) طبعا، كل حرية بين البشر هي نسبية. ومع ذلك، تمنح هذه الشريعة حرية اعظم بكثير من التي منحتها سالفتها، الشريعة الموسوية. وكيف ذلك؟
٧ مثلا، لم يولد احد تحت شريعة المسيح. فالعوامل كالعرق والموطن لا علاقة لها بذلك. والمسيحيون الحقيقيون يختارون طوعا في قلوبهم قبول نير اطاعة هذه الشريعة. وبفعلهم ذلك يجدون انه نير هين، حمل خفيف. (متى ١١:٢٨-٣٠) على اية حال، أُعدت الشريعة الموسوية لتجعل الانسان يدرك انه خاطئ وأنه في حاجة ماسة الى ذبيحة فدائية لافتدائه. (غلاطية ٣:١٩) وتعلّم شريعة المسيح ان المسيَّا قد اتى، دفع حياته ثمن الفدية، وفتح لنا الطريق لنتحرر من الطغيان الرهيب للخطية والموت! (رومية ٥:٢٠، ٢١) ولكي نستفيد من ذلك، يلزم ان ‹نمارس الايمان› بهذه الذبيحة. — يوحنا ٣:١٦.
٨ ماذا تشمل شريعة المسيح، ولكن لماذا العيش وفقها لا يستلزم حفظ مئات التشريعات عن ظهر قلب؟
٨ تستلزم ‹ممارسة الايمان› العيش وفق شريعة المسيح. وهذا يشمل اطاعة كل وصايا المسيح. هل يعني ذلك حفظ مئات الشرائع والتشريعات عن ظهر قلب؟ كلا. فرغم ان موسى، وسيط العهد القديم، كتب الشريعة الموسوية، لم يكتب يسوع، وسيط العهد الجديد، اية شريعة قط. وبالاحرى، عاش هذه الشريعة. وبمسلك حياته الكامل رسم مثالا ليتّبعه الجميع. (١ بطرس ٢:٢١) وربما لهذا السبب كان يشار الى عبادة المسيحيين الاولين بأنها «الطريق.» (اعمال ٩:٢؛ ١٩:٩، ٢٣؛ ٢٢:٤؛ ٢٤:٢٢) فبالنسبة اليهم، تمثلت شريعة المسيح في حياته. والاقتداء بيسوع عنى اطاعة هذه الشريعة. ومحبتهم الشديدة له عنت ان هذه الشريعة مكتوبة فعلا على قلوبهم، كما ذكرت النبوة. (ارميا ٣١:٣٣؛ ١ بطرس ٤:٨) فالذي يطيع بدافع المحبة لا يشعر ابدا بأنه مظلوم — سبب آخر يمكن لاجله ان تدعى شريعة المسيح «شريعة شعب حر.»
٩ ما هو جوهر شريعة المسيح، وبأية طريقة تشمل هذه الشريعة وصية جديدة؟
٩ وإذا كانت المحبة مهمة في الشريعة الموسوية، فهي جوهر الشريعة المسيحية نفسه. وهكذا تشمل شريعة المسيح وصية جديدة — يجب ان تكون للمسيحيين محبة التضحية بالذات واحدهم نحو الآخر. فيجب ان يحبوا كما أحب يسوع؛ لقد بذل حياته طوعا من اجل اصدقائه. (يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥؛ ١٥:١٣، عج) وهكذا يمكن القول ان شريعة المسيح هي تعبير عن الثيوقراطية اسمى من شريعة موسى. وكما اشارت هذه المجلة سابقا: «الثيوقراطية هي حكم اللّٰه؛ واللّٰه محبة؛ لذلك فالثيوقراطية هي الحكم بمحبة.»
يسوع والفريسيون
١٠ كيف اختلف تعليم المسيح عن تعليم الفريسيين؟
١٠ اذًا، ليس مدهشا ان يكون هنالك تعارض بين يسوع والقادة الدينيين اليهود في ايامه. فقد كانت «الشريعة الكاملة شريعة الحرية» ابعد ما يمكن عن اذهان الكتبة والفريسيين. لقد حاولوا ان يسيطروا على الشعب من خلال الفرائض البشرية. فصارت تعاليمهم مرهِقة، انتقادية، سلبية. وبتباين شديد، كانت تعاليم يسوع بناءة وإيجابية الى الغاية! فقد كان عمليا والتفت الى حاجات واهتمامات الناس الحقيقية. وعلّم بطريقة بسيطة وبإخلاص، مستعملا امثلة من الحياة اليومية ومستمدًّا من سلطة كلمة اللّٰه. ولذلك «بهتت الجموع من تعليمه.» (متى ٧:٢٨) نعم، لقد بلغ تعليم يسوع قلوبهم!
١١ كيف اوضح يسوع عمليا انه كان يجب تطبيق الشريعة الموسوية بتعقل ورحمة؟
١١ عوضا عن اضافة المزيد من الفرائض الى الشريعة الموسوية، اظهر يسوع كيف كان يجب ان يطبق اليهود دائما هذه الشريعة — بتعقل ورحمة. مثلا، تذكروا المناسبة عندما اقتربت منه امرأة بنزف دم. بحسب الشريعة الموسوية، كان كل من تمسه يصير نجسا، وبالتأكيد كان من المفروض ألّا تختلط بجمع من الناس. (لاويين ١٥:٢٥-٢٧) ولكنها كانت شديدة التوق الى الشفاء حتى انها تقدمت بين الجمع ومسّت ثوب يسوع. وللوقت توقف النزف. فهل وبخها على مخالفة الشريعة؟ كلا؛ وبالاحرى، فهم حالتها اليائسة وأوضح عمليا الوصية العظمى للشريعة — المحبة. فقال لها بتعاطف: «يا ابنة ايمانك قد شفاك. اذهبي بسلام وكوني صحيحة من دائك.» — مرقس ٥:٢٥-٣٤.
هل تطلق شريعة المسيح العنان للحرية الفردية؟
١٢ (أ) لماذا لا يجب ان نفترض ان المسيح يسمح بإطلاق العنان للحرية الفردية؟ (ب) ماذا يُظهر ان خلق شرائع كثيرة يؤدي الى خلق ثغرات كثيرة؟
١٢ فهل نستنتج ان شريعة المسيح تطلق العنان للفرد لأنها «شريعة الحرية،» في حين ان الفريسيين، بتقاليدهم الشفهية كلها، كانوا على الاقل يبقون سلوك الناس ضمن حدود صارمة؟ كلا. فالانظمة القانونية اليوم تبيِّن انه في اغلب الاحيان كلما كثرت القوانين وجد الناس فيها ثغرات اكثر.a وكثرة القواعد الفريسية، في زمن يسوع، شجعت على البحث عن الثغرات، القيام روتينيا بأعمال خالية من المحبة، وتطوير مظهر خارجي ذي بر ذاتي لستر الفساد الداخلي. — متى ٢٣:٢٣، ٢٤.
١٣ لماذا تُنتِج شريعة المسيح مقياسا للسلوك اسمى من الذي تنتجه اية مجموعة قوانين مكتوبة؟
١٣ وبالتباين، لا تعزز شريعة المسيح مثل هذه المواقف. وفي الواقع، ان الشريعة المؤسسة على محبة يهوه والتي تُطاع بالاقتداء بمحبة التضحية بالذات التي للمسيح نحو الآخرين، تُنتِج اطاعتُها مقياسا للسلوك اسمى بكثير من الذي ينتجه اتّباع مجموعة قوانين شرعية رسمية. فالمحبة لا تفتش عن ثغرات في الشريعة؛ انها تمنعنا من فعل امور مؤذية لا تحرّمها بوضوح مجموعة معيّنة من الشرائع. (انظروا متى ٥:٢٧، ٢٨.) وهكذا، تدفعنا شريعة المسيح الى فعل امور من اجل الآخرين — الاعراب عن الكرم، الضيافة، والمحبة — بطرائق لا يمكن لأي قانون رسمي ان يجعلنا نفعلها. — اعمال ٢٠:٣٥؛ ٢ كورنثوس ٩:٧؛ عبرانيين ١٣:١٦.
١٤ اي تأثير كان للعيش وفق شريعة المسيح في الجماعة المسيحية للقرن الاول؟
١٤ فبقدر ما كان اعضاء الجماعة المسيحية الاولى يعيشون وفق شريعة المسيح كانوا يتمتعون بجو دافئ حبي، خالٍ نسبيا من المواقف الصارمة، الانتقادية، والريائية التي كانت سائدة في المجامع آنذاك. فلا بد ان اعضاء هذه الجماعات الجديدة شعروا حقا بأنهم يعيشون وفق «شريعة شعب حر»!
١٥ ماذا كانت بعض جهود الشيطان الاولى لإفساد الجماعة المسيحية؟
١٥ ولكنّ الشيطان كان يتوق الى افساد الجماعة المسيحية من الداخل، تماما كما افسد امة اسرائيل. حذر الرسول بولس من اناس مشبهين بالذئاب «يتكلمون بأمور ملتوية» ويظلمون رعية اللّٰه. (اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠) وكان عليه ان يقاوم مهوِّدي المسيحية الذين سعوا الى استبدال الحرية النسبية لشريعة المسيح بعبودية الشريعة الموسوية التي تمت في المسيح. (متى ٥:١٧؛ اعمال ١٥:١؛ رومية ١٠:٤) وبعد موت آخر رسول لم يعد هنالك رادع عن مثل هذا الارتداد. فصار الفساد متفشيا. — ٢ تسالونيكي ٢:٦، ٧.
العالم المسيحي يلوث شريعة المسيح
١٦، ١٧ (أ) اية اشكال اتخذها الفساد في العالم المسيحي؟ (ب) كيف روجت شرائع الكنيسة الكاثوليكية نظرة ملتوية الى الجنس؟
١٦ كما هي الحال مع الدين اليهودي، اتخذ الفساد اشكالا متنوعة في العالم المسيحي. فهو ايضا وقع فريسة العقائد الباطلة والآداب الخليعة. والجهود التي يبذلها لحماية رعيته من التأثيرات الخارجية غالبا ما تبيَّن انها قوَّضت القليل الباقي من العبادة النقية. فتكاثرت الشرائع الصارمة وغير المؤسسة على الكتاب المقدس.
١٧ ان الكنيسة الكاثوليكية هي اول من خلق مجموعات كبيرة من الشرائع الكنسية. وكانت هذه الشرائع معوجة بصورة خصوصية في قضايا الجنس. فبحسب كتاب الخاصيَّة الجنسية والكثلكة (بالانكليزية)، تشرّبت الكنيسة الفلسفة الرِّواقية اليونانية التي كانت ترتاب بكل انواع المتعة. فصارت الكنيسة تعلّم ان كل المتع الجنسية، وكذلك في العلاقات الزوجية الطبيعية، هي خاطئة. (قابلوا امثال ٥:١٨، ١٩.) وجرى الادعاء ان الجنس هو للتناسل، لا غير. وهكذا دانت الشريعة الكنسية كل طريقة لمنع الحبل بصفتها خطية جسيمة جدا، تتطلب احيانا سنوات كثيرة من الاعمال التكفيرية. وإضافة الى ذلك، مُنع الكهنة من التزوج، مرسوم سبَّب الكثير من الممارسات الجنسية المحرَّمة، بما فيها الاساءة الى الاولاد. — ١ تيموثاوس ٤:١-٣.
١٨ ماذا نتج من تكاثر الشرائع الكنسية؟
١٨ واذ تكاثرت الشرائع الكنسية نُظِّمت في كتب. فأخذت هذه الكتب تحجب الكتاب المقدس وتحل محله. (قارنوا متى ١٥:٣، ٩.) وكالدين اليهودي، لم يثق المذهب الكاثوليكي بالكتابات العلمانية واعتبر الكثير منها تهديدا. فتخطت هذه النظرة بسرعة التحذير السليم للكتاب المقدس في هذه المسألة. (جامعة ١٢:١٢؛ كولوسي ٢:٨) صرخ جيروم، كاتب كنسي في القرن الرابع بم، قائلا: «يا رب، إِن اقتنيت كتبا عالمية مرة اخرى او قرأتها اكون قد نكرتك.» وعلى مر الوقت، اخذت الكنيسة على نفسها ان تضع الكتب تحت الرَّقابة — حتى تلك التي تحتوي على مواضيع دنيوية. وهكذا أُدين فلكي القرن الـ ١٧ ڠاليليو لأنه كتب ان الارض تدور حول الشمس. وإصرار الكنيسة على انها المرجع الاخير في كل شيء — حتى في مسائل عِلم الفلَك — كان في النهاية سيعمل على إضعاف الايمان بالكتاب المقدس.
١٩ كيف عملت الاديرة على ترويج النزعة التسلُّطية الصارمة؟
١٩ ازدهر سن القواعد الكنسية في الاديرة، حيث عزل الرهبان انفسهم عن هذا العالم ليحيوا حياة نكران الذات. والتصقت معظم الاديرة الكاثوليكية بـ «دستور القديس بنيديكت.» فرئيس الدير، («الآبّوت» بالانكليزية، كلمة مشتقة من الكلمة الارامية التي تقابل «أب»)، كان يسود بسلطة مطلقة. (قارنوا متى ٢٣:٩.) فإذا تسلّم راهب هدية من والديه، كان رئيس الدير يقرر ما اذا كان هذا الراهب سيتسلّمها ام آخَر. وبالاضافة الى ادانة الفظاظة، حظرت احدى القواعد المحادثات في الامور الزهيدة والنكات، اذ قالت: «التلميذ لا يتكلم بهذه الاشياء.»
٢٠ ماذا يظهر ان الپروتستانتية برهنت ايضا انها تعزِّز النزعة التسلُّطية غير المؤسسة على الكتاب المقدس؟
٢٠ وبسرعة صارت الپروتستانتية، التي سعت الى اصلاح تجاوزات المذهب الكاثوليكي غير المؤسسة على الكتاب المقدس، تعزِّز هي الاخرى وضع قواعد تسلُّطية لا اساس لها في شريعة المسيح. مثلا، صار المصلح الرئيسي جون كالڤن يدعى «مشترع الكنيسة المصلَحة.» فقد ساد الكنيسة الپروتستانتية في جنيڤ بقواعد قاسية كثيرة فرضها «شيوخٌ» «مهمتهم،» كما ذكر كالڤن، «مراقبة حياة كل فرد.» (قابلوا ٢ كورنثوس ١:٢٤.) فسيطرت الكنيسة على الفنادق وحدَّدت المحادثات المسموح بها. وكانت هنالك عقوبات قاسية على اساءات مثل الغناء السفيه او الرقص.b
التعلم من اخطاء العالم المسيحي
٢١ ماذا كانت النتيجة عموما من ميل العالم المسيحي الى ان ‹يفتكر فوق ما هو مكتوب›؟
٢١ هل عملت كل هذه القواعد والشرائع على حماية العالم المسيحي من الفساد؟ على العكس تماما! فقد انشق العالم المسيحي اليوم الى مئات الطوائف التي تتراوح بين المتزمتة الى اقصى حد والمتساهلة على نحو جسيم. وكلها، بطريقة او بأخرى، ‹تفتكر فوق ما هو مكتوب،› سامحةً للتفكير البشري بأن يسود الرعية ويتعارض مع الشريعة الالهية. — ١ كورنثوس ٤:٦.
٢٢ لماذا لا يعني ارتداد العالم المسيحي نهاية شريعة المسيح؟
٢٢ ولكنّ تاريخ شريعة المسيح ليس مأساة. فلن يسمح يهوه اللّٰه ابدا لمجرد بشر بإِزالة الشريعة الالهية. والشريعة المسيحية نافذة جدا اليوم بين المسيحيين الحقيقيين، وهؤلاء لديهم الامتياز العظيم ان يعيشوا وفقها. ولكن بعد امتحان ما فعله الدين اليهودي والعالم المسيحي بالشريعة الالهية، من الملائم ان نطرح سؤالين، ‹كيف نعيش وفق شريعة المسيح ونحن نتجنب فخ تدنيس كلمة اللّٰه بتفكير وقواعد البشر التي تُضعف الروح نفسها للشريعة الالهية؟ اية وجهة نظر متزنة تغرسها فينا شريعة المسيح اليوم؟› ستعالج المقالة التالية هذين السؤالين.
-
-
العيش وفق شريعة المسيحبرج المراقبة ١٩٩٦ | ١ ايلول (سبتمبر)
-
-
العيش وفق شريعة المسيح
«احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح.» — غلاطية ٦:٢.
١ لماذا يمكن القول ان شريعة المسيح هي قوة هائلة للخير اليوم؟
في رواندا، خاطر شهود يهوه من الهوتو والتوتسي بحياتهم لحماية احدهم الآخر من المجزرة العرقية التي اجتاحت تلك البلاد مؤخرا. وشهود يهوه في كوبي، اليابان، حطَّمهم فقدان اعضاء من عائلاتهم في الزلزال المدمِّر. ومع ذلك، اندفعوا فورا الى انقاذ الضحايا الآخرين. نعم، تُظهر الامثلة المبهجة للقلب حول العالم ان شريعة المسيح فعَّالة اليوم. انها قوة هائلة للخير.
٢ بأية طريقة لم يفهم العالم المسيحي شريعة المسيح، وماذا يمكن ان نفعل لنتمم هذه الشريعة؟
٢ وفي الوقت نفسه، تتم احدى نبوات الكتاب المقدس عن هذه «الايام الاخيرة» الصعبة. فكثيرون «لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها.» (٢ تيموثاوس ٣:١، ٥) فالدين هو مسألة تمسّ الشكل، لا القلب، وخصوصا في العالم المسيحي. وهل هذا لأنه يصعب جدا العيش وفق شريعة المسيح؟ كلا. فالمسيح لا يعطينا شريعة لا يمكن اتّباعها. والعالم المسيحي لم يفهم هذه الشريعة. وهو لم يصغِ الى هذه الكلمات الموحى بها: «احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح.» (غلاطية ٦:٢) فنحن ‹نتمم ناموس المسيح› بأن يحمل بعضنا اثقال بعض، لا بالتمثل بالفريسيين وإضافة المزيد الى احمال اخوتنا دون مبرِّر.
٣ (أ) ما هي بعض الوصايا التي تشملها شريعة المسيح؟ (ب) لماذا من الخطإ الاستنتاج ان الجماعة المسيحية لا يجب ان تكون لديها قواعد غير وصايا المسيح المباشرة؟
٣ تشمل شريعة المسيح كل وصايا المسيح يسوع — سواء كانت الكرازة والتعليم، ابقاء العين طاهرة وبسيطة، العمل على حفظ السلام مع قريبنا، او ازالة النجاسة من الجماعة. (متى ٥:٢٧-٣٠؛ ١٨:١٥-١٧؛ ٢٨:١٩، ٢٠؛ رؤيا ٢:١٤-١٦) وفي الواقع، ان المسيحيين ملزمون بحفظ كل وصايا الكتاب المقدس الموجَّهة الى أتباع المسيح. وهنالك المزيد ايضا. فهيئة يهوه، بالاضافة الى الجماعات افراديا، يجب ان تضع قواعد ومناهج ضرورية للمحافظة على نظام جيد. (١ كورنثوس ١٤:٣٣، ٤٠) فالمسيحيون لا يمكن حتى ان يجتمعوا معا اذا لم تكن لديهم قواعد تتعلق بزمان ومكان وكيفية عقد مثل هذه الاجتماعات! (عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥) والتعاون مع الارشادات المنطقية التي يضعها اولئك الذين تعطى لهم سلطة في الهيئة هو ايضا جزء من اتمام شريعة المسيح. — عبرانيين ١٣:١٧.
٤ ما هي القوة الدافعة وراء العبادة النقية؟
٤ ومع ذلك، لا يسمح المسيحيون الحقيقيون بأن تصير عبادتهم بنية من الشرائع لا معنى لها. وهم لا يخدمون يهوه لمجرد ان شخصا معيّنا او هيئة ما تقول لهم ان يفعلوا ذلك. فالقوة الدافعة وراء عبادتهم هي المحبة. كتب بولس: «محبة المسيح تحثّنا.» (٢ كورنثوس ٥:١٤، الترجمة اليسوعية) اوصى يسوع أتباعه ان يحبوا بعضهم بعضا. (يوحنا ١٥:١٢، ١٣) فمحبة التضحية بالذات هي اساس شريعة المسيح، وهي تحثّ او تدفع المسيحيين الحقيقيين في كل مكان، في العائلة وفي الجماعة على السواء. فلنرَ كيف.
في العائلة
٥ (أ) كيف يمكن ان يتمم الوالدون شريعة المسيح في البيت؟ (ب) الى ماذا يحتاج الاولاد من والديهم، وأية عقبات يجب ان يتغلب عليها بعض الوالدين لسد هذه الحاجة؟
٥ كتب الرسول بولس: «ايها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح ايضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها.» (افسس ٥:٢٥) اذ يتمثل الزوج بالمسيح ويعامل زوجته بمحبة وتفهم، يتمم وجها حيويا من شريعة المسيح. وعلاوة على ذلك، اظهر يسوع علنا المودة للاولاد الصغار، اذ كان يحتضنهم، يضع يديه عليهم، ويباركهم. (مرقس ١٠:١٦) فالوالدون الذين يتممون شريعة المسيح يظهرون ايضا المودة لاولادهم. صحيح ان هنالك والدين يجدونه تحديا ان يقتدوا بمثال يسوع من هذه الناحية. فالبعض بطبيعتهم لا يعبِّرون عن مشاعرهم. فيا ايها الوالدون لا تدعوا مثل هذه الاعتبارات تمنعكم من ان تُظهروا لاولادكم المحبة التي تشعرون بها نحوهم! لا يكفي ان تعرفوا انتم انكم تحبون اولادكم. يجب ان يعرفوا ذلك هم ايضا. ولن يعرفوا ذلك إلا اذا وجدتم طرائق لإظهار محبتكم. — قارنوا مرقس ١:١١.
٦ (أ) هل يحتاج الاولاد الى قواعد ابوية، ولماذا تجيبون هكذا؟ (ب) اي سبب اساسي لوضع القواعد في البيت يلزم ان يفهمه الاولاد؟ (ج) اية مخاطر يجري تجنبها عندما تسود شريعة المسيح في البيت؟
٦ وفي الوقت نفسه، يلزم ان تكون للاولاد حدود، مما يعني انه يلزم ان يرسم والدوهم قواعد وأن يفرضوا احيانا هذه القواعد بالتأديب. (عبرانيين ١٢:٧، ٩، ١١) ولكن يجب ان يساعَد الاولاد تدريجيا على رؤية السبب الاساسي لوضع هذه القواعد: ان والديهم يحبونهم. ويجب ان يعلَموا ان المحبة هي اهم سبب ليكونوا طائعين لوالديهم. (افسس ٦:١؛ كولوسي ٣:٢٠؛ ١ يوحنا ٥:٣) فهدف الوالدين ذوي التمييز هو تعليم الصغار استعمال ‹قوتهم العقلية› لكي يتخذوا هم انفسهم القرارات السليمة اخيرا. (رومية ١٢:١، عج؛ قارنوا ١ كورنثوس ١٣:١١.) ومن ناحية اخرى، لا يجب ان تكون القواعد اكثر مما ينبغي ولا ان يكون التأديب اقسى مما ينبغي. قال بولس: «ايها الآباء لا تغيظوا اولادكم لئلا يفشلوا.» (كولوسي ٣:٢١؛ افسس ٦:٤) فعندما تسود شريعة المسيح في البيت، لا يكون هنالك مجال لأن يُمنح التأديب بغضب غير مضبوط او للإهانات المؤذية. وفي بيت كهذا يشعر الاولاد بالأمن والبنيان، لا بأنهم تحت عبء او مسحوقون. — قارنوا مزمور ٣٦:٧.
٧ بأية طرائق يمكن ان تزود بيوت ايل مثالا لوضع القواعد في البيت؟
٧ يقول بعض الذين يزورون بيوت ايل حول العالم انها امثلة جيدة للاتزان في مسألة القواعد العائلية. فرغم ان مثل هذه المؤسسات تتألف من راشدين، فهي تعمل بطريقة مشابهة جدا للعائلات.a فالاعمال في البتل معقدة وتستلزم عددا وافرا من القواعد — طبعا اكثر مما تستلزمه العائلة العادية. ومع ذلك، يسعى الشيوخ الذين يأخذون القيادة في بيوت ايل والمكاتب واعمال المصانع الى تطبيق شريعة المسيح. فهم يعتبرون ان تعيينهم ليس تنظيم العمل فحسب بل ايضا ترويج التقدم الروحي و«فرح يهوه» بين العاملين معهم. (نحميا ٨:١٠، عج) لذلك فإنهم يسعون الى فعل الامور بطريقة ايجابية ومشجِّعة ويجاهدون ليكونوا متعقلين. (افسس ٤:٣١، ٣٢) فلا عجب ان عائلات البتل معروفة بروحها الفرِحة!
في الجماعة
٨ (أ) ماذا يجب ان يكون دائما هدفنا في الجماعة؟ (ب) في اية حالات يطلب البعض القواعد او يحاولون وضعها؟
٨ في الجماعة هدفنا ايضا هو بناء احدنا الآخر بروح المحبة. (١ تسالونيكي ٥:١١) فيجب ان ينتبه كل المسيحيين لئلا يزيدوا من اثقال الآخرين بأن يأخذوا على عاتقهم فرض آرائهم الخاصة في مسائل الاختيار الشخصي. يكتب البعض احيانا الى جمعية برج المراقبة طالبين قواعد في قضايا مثل اية نظرة يجب ان تكون لديهم من افلام، كتب، وحتى ألعاب معيّنة. ولكن لم يفوَّض الى الجمعية امر التدقيق في مثل هذه الامور وإصدار احكام فيها. وفي معظم الحالات، تكون هذه مسائل يجب ان يتخذ كل فرد او رأس عائلة قرارا فيها على اساس محبته لمبادئ الكتاب المقدس. يميل آخرون الى تحويل اقتراحات الجمعية وخطوطها الارشادية الى قواعد. مثلا، في عدد ١٥ آذار ١٩٩٦ من برج المراقبة، هنالك مقالة رائعة تشجع الشيوخ على القيام قانونيا بزيارات رعائية لافراد الجماعة. فهل كان الهدف منها وضع قواعد؟ كلا. فرغم ان الذين يمكنهم اتّباع الاقتراحات يجدون الكثير من الفوائد، فبعض الشيوخ لا يمكنهم ذلك. وعلى نحو مماثل، فإن المقالة «اسئلة من القراء» في عدد ١ نيسان ١٩٩٥ من برج المراقبة حذَّرت من الحطّ من وقار مناسبة المعمودية بالتطرف، مثل اقامة حفلات جامحة او تنظيم احتفالات. فاتخذ البعض هذه المشورة الناضجة بتطرف، واضعين ايضا قاعدة انه من الخطإ ارسال بطاقة تشجيعية في هذه المناسبة.
٩ لماذا من المهم ان نتجنب انتقاد وإدانة واحدنا الآخر بإفراط؟
٩ لاحظوا ايضا انه اذا كانت «الشريعة الكاملة شريعة الحرية» تسود بيننا، يجب ان نقبل بأن ضمائر المسيحيين ليست كلها متماثلة. (يعقوب ١:٢٥، عج) فإذا كانت للاشخاص خيارات فردية لا تخالف مبادئ الاسفار المقدسة، فهل نجعل من ذلك قضية؟ كلا. يسبب ذلك الانشقاقات. (١ كورنثوس ١:١٠) قال بولس عندما حذَّرَنا من ادانة الرفيق المسيحي: «هو لمولاه يَثْبت او يسقط. ولكنه سيُثَبَّت لأن اللّٰه قادر ان يُثَبِّته.» (رومية ١٤:٤) فنحن في خطر اسخاط يهوه اذا ذممنا بعضنا بعضا في مسائل يجب ان تُترك لضمير الفرد. — يعقوب ٤:١٠-١٢.
١٠ مَن هم المعيّنون للسهر على الجماعة، وكيف نؤيدهم؟
١٠ لنتذكر ايضا ان الشيوخ معيّنون ليبقوا ساهرين على رعية اللّٰه. (اعمال ٢٠:٢٨) انهم موجودون للمساعدة. فيجب ان نشعر بحرية الاقتراب اليهم من اجل النصيحة، لأنهم تلاميذ للكتاب المقدس ومطَّلعون على ما يناقَش في مطبوعات جمعية برج المراقبة. وعندما يرى الشيوخ سلوكا قد يؤدي الى مخالفة مبادئ الاسفار المقدسة، يقدمون المشورة اللازمة دون تردُّد. (غلاطية ٦:١) ويتبع اعضاء الجماعة شريعة المسيح بالتعاون مع هؤلاء الرعاة الاحباء الذين يأخذون القيادة بينهم. — عبرانيين ١٣:٧.
الشيوخ يطبقون شريعة المسيح
١١ كيف يطبق الشيوخ شريعة المسيح في الجماعة؟
١١ يحرص الشيوخ على ان يتمموا شريعة المسيح في الجماعة. فيأخذون القيادة في الكرازة بالبشارة، يعلِّمون من الكتاب المقدس لكي يبلغوا القلوب، ويتكلمون الى «النفوس الكئيبة» كرعاة محبين مترفقين. (١ تسالونيكي ٥:١٤، عج) وهم يتجنبون المواقف غير المسيحية الموجودة في اديان كثيرة من العالم المسيحي. صحيح ان هذا العالم ينحط بسرعة، وكبولس، قد يشعر الشيوخ بالقلق على الرعية؛ إلا انهم يحافظون على الاتزان وهم يعملون على معالجة ما يقلقهم. — ٢ كورنثوس ١١:٢٨.
١٢ كيف يمكن ان يتجاوب الشيخ عندما يقترب اليه مسيحي من اجل المساعدة؟
١٢ مثلا، قد يرغب المسيحي في ان يستشير شيخا في امر مهم لا تعالجه مباشرة اشارة من الكتاب المقدس او يستلزم الموازنة بين مبادئ مسيحية مختلفة. فقد تُعرض عليه ترقية في العمل براتب اعلى ومسؤولية اكبر. او قد يطلب اب غير مؤمن من ابنه المسيحي الحدث امورا تؤثر على خدمته. في مثل هذه الحالات يمتنع الشيخ عن تقديم رأي شخصي. لكنه سيفتح على الارجح الكتاب المقدس ويساعد الشخص على التأمل في المبادئ ذات العلاقة. ويمكن ان يستعمل فهرس مطبوعات برج المراقبة، اذا كان موجودا، للعثور على ما يقوله «العبد الامين الحكيم» عن هذا الموضوع في صفحات برج المراقبة والمطبوعات الاخرى. (متى ٢٤:٤٥) وماذا اذا اتخذ المسيحي بعد ذلك قرارا لا يبدو حكيما في نظر الشيخ؟ اذا كان القرار لا يخالف مباشرة مبادئ او شرائع الكتاب المقدس، فسيجد المسيحي ان الشيخ يعترف بحق الفرد في اتخاذ مثل هذا القرار، عالما ان «كل واحد سيحمل حمل نفسه.» ومع ذلك، يجب ان يتذكر المسيحي ان «الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا.» — غلاطية ٦:٥، ٧.
١٣ لماذا يساعد الشيوخ الآخرين على التأمل في المسائل، عوض اعطائهم اجوبة مباشرة عن الاسئلة او آراءهم الخاصة؟
١٣ لماذا يتصرف الشيخ ذو الخبرة بهذه الطريقة؟ على الاقل لسببين. اولا، قال بولس لاحدى الجماعات انه لا ‹يسود على ايمانهم.› (٢ كورنثوس ١:٢٤) ويتمثل الشيخ بموقف بولس بمساعدة اخيه على التأمل في الاسفار المقدسة واتخاذ قراره الخاص المؤسس على المعرفة. فهو يدرك ان هنالك حدودا لسلطته، تماما كما ادرك يسوع ان هنالك حدودا لسلطته هو. (لوقا ١٢:١٣، ١٤؛ يهوذا ٩) وفي الوقت نفسه، يقدم الشيوخ بسرور المساعدة، حتى المشورة القوية من الاسفار المقدسة حيثما يلزم. ثانيا، انه يدرب رفيقه المسيحي. قال الرسول بولس: «أما الطعام القوي فللبالغين [«فللناضجين،» عج] الذين بسبب التمرُّن قد صارت لهم الحواس [«قوى ادراكهم،» عج] مدرَّبة على التمييز بين الخير والشر.» (عبرانيين ٥:١٤) وهكذا، لكي نتقدم الى النضج، يجب ان نستعمل قوى ادراكنا، لا ان نعتمد دائما على شخص آخر ليعطينا الاجوبة. فعندما يُظهر الشيخ لرفيقه المسيحي كيف يتأمل في الاسفار المقدسة، يساعده بذلك على التقدم.
١٤ كيف يمكن للناضجين ان يظهروا انهم يثقون بيهوه؟
١٤ يمكننا ان نثق ان يهوه اللّٰه يؤثر في قلوب عباده الحقيقيين بواسطة روحه القدوس. ولذلك، يناشد المسيحيون الناضجون قلوب اخوتهم، متوسلين اليهم، كما فعل الرسول بولس. (٢ كورنثوس ٨:٨؛ ١٠:١، ترجمة تفسيرية؛ فليمون ٨، ٩) كان بولس يدرك ان الأثمة، لا الابرار، تلزمهم شرائع مفصَّلة ليسلكوا بلياقة. (١ تيموثاوس ١:٩) ولم يعبّر عن الارتياب او الشك، بل عن الثقة التامة بإخوته. كتب الى احدى الجماعات يقول: «نثق بالرب من جهتكم.» (٢ تسالونيكي ٣:٤) فثقة بولس التامة كان لها حتما دور كبير في تحريض هؤلاء المسيحيين. ولدى الشيوخ والنظار الجائلين اليوم الاهداف نفسها. فيا للانتعاش الذي يجلبه هؤلاء الامناء، فيما يرعون رعية اللّٰه بمحبة! — اشعياء ٣٢:١، ٢؛ ١ بطرس ٥:١-٣.
العيش وفق شريعة المسيح
١٥ ما هي بعض الاسئلة التي يمكن ان نطرحها على انفسنا لنرى هل نطبق شريعة المسيح في علاقتنا بإخوتنا؟
١٥ يلزمنا جميعا ان نمتحن انفسنا قانونيا لنرى هل نعيش وفق شريعة المسيح ونروّجها. (٢ كورنثوس ١٣:٥) حقا، يمكننا جميعا ان نستفيد اذ نسأل: ‹هل انا بنّاء ام انتقادي؟ هل انا متزن ام متطرف؟ هل اظهر الاعتبار للآخرين ام اصرّ على حقوقي الخاصة؟› لا يحاول المسيحي ان يفرض اية خطوات يجب او لا يجب ان يتخذها اخوه في مسائل لا يتطرّق اليها الكتاب المقدس بشكل خاص. — رومية ١٢:١، عج؛ ١ كورنثوس ٤:٦.
١٦ كيف يمكننا ان نساعد الذين لديهم نظرة سلبية الى انفسهم، متممين بذلك وجها حيويا من شريعة المسيح؟
١٦ في هذه الازمنة الصعبة، من المهم ان نبحث عن طرائق لتشجيع احدنا الآخر. (عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥؛ قارنوا متى ٧:١-٥.) فعندما ننظر الى اخوتنا وأخواتنا، ألا تعني لنا صفاتهم الجيدة اكثر بكثير مما تعنيه ضعفاتهم؟ كل شخص عزيز على يهوه. ومن المحزن أن لا يشعر الجميع هكذا، حتى تجاه انفسهم. فكثيرون يميلون الى رؤية اخطائهم ونقائصهم الشخصية فقط. ولتشجيع مثل هؤلاء — والآخرين — هل نحاول التكلم الى شخص او اثنين في كل اجتماع، جاعلينهم يدركون لماذا نقدّر وجودهم واشتراكهم المهم في الجماعة؟ يا له من فرح ان نخفف اثقالهم بهذه الطريقة ونتمم بذلك شريعة المسيح! — غلاطية ٦:٢.
شريعة المسيح فعَّالة!
١٧ بأية طرائق مختلفة ترون شريعة المسيح فعَّالة في جماعتكم؟
١٧ شريعة المسيح فعَّالة في الجماعة المسيحية. ويُرى ذلك يوميا — عندما يشترك الرفقاء الشهود بغيرة في البشارة، عندما يعزّون ويشجعون واحدهم الآخر، عندما يجاهدون ليخدموا يهوه رغم اصعب المشاكل، عندما يكافح الوالدون ليربّوا اولادهم على محبة يهوه بقلب فرحان، عندما يعلّم النظار كلمة اللّٰه بمحبة ودفء، حاثّين الرعية على امتلاك حماسة متقدة لخدمة يهوه الى الابد. (متى ٢٨:١٩، ٢٠؛ ١ تسالونيكي ٥:١١، ١٤) وكم يفرح قلب يهوه عندما نجعل نحن الافراد شريعة المسيح تعمل في حياتنا الخاصة! (امثال ٢٣:١٥) فهو يريد ان يحيا جميع الذين يحبون شريعته الكاملة الى الابد. وفي الفردوس القادم، سنرى وقتا يكون فيه الجنس البشري كاملا، وقتا ليس فيه منتهكون للشريعة، وقتا تكون فيه كل ميول قلبنا مضبوطة. فيا لها من مكافأة مجيدة على العيش وفق شريعة المسيح!
-