مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الاحتمال —‏ حيوي للمسيحيين
    برج المراقبة ١٩٩٣ | ١٥ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • الاحتمال —‏ حيوي للمسيحيين

      ‏«زوِّدوا ايمانكم .‏ .‏ .‏ بالاحتمال.‏» —‏ ٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ ع‌ج.‏

      ١،‏ ٢ لماذا يجب ان نحتمل جميعا الى المنتهى؟‏

      كان الناظر الجائل وزوجته يزوران رفيقا مسيحيا في تسعيناته.‏ وكان قد قضى عقودا في الخدمة كامل الوقت.‏ وفيما كانوا يتحادثون،‏ استعاد الاخ الاكبر سنا ذكريات الماضي عن بعض الامتيازات التي كان قد تمتع بها طوال سنوات.‏ «لكنني،‏» رثى فيما ابتدأت الدموع تسيل على وجهه،‏ «لا استطيع الآن ان اقوم بالشيء الكثير.‏» ففتح الناظر الجائل كتابه المقدس وقرأ متى ٢٤:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏،‏ حيث اقتبس من يسوع المسيح قوله:‏ «الذي يحتمل الى المنتهى هو الذي يخلص.‏» ثم نظر الناظر الى الاخ العزيز وقال:‏ «ان التعيين الاخير الذي لدينا جميعا،‏ سواء كان مقدار ما يمكن ان ننجزه كثيرا او قليلا،‏ هو الاحتمال الى المنتهى.‏»‏

      ٢ نعم،‏ كمسيحيين يجب ان نحتمل جميعا الى منتهى نظام الاشياء هذا او الى منتهى حياتنا.‏ وليست هنالك طريقة اخرى لنيل رضى يهوه للخلاص.‏ فنحن في سباق من اجل الحياة،‏ ويجب ان «نركض باحتمال» حتى نعبر خط النهاية.‏ (‏عبرانيين ١٢:‏١‏،‏ ع‌ج‏)‏ وشدَّد الرسول بطرس على اهمية هذه الصفة عندما حثَّ الرفقاء المسيحيين:‏ «زوِّدوا ايمانكم .‏ .‏ .‏ بالاحتمال.‏» (‏٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولكن ما هو حقا الاحتمال؟‏

      الاحتمال —‏ ما يعنيه

      ٣،‏ ٤ ماذا يعني الاحتمال؟‏

      ٣ ماذا يعني الاحتمال؟‏ ان الفعل اليوناني مقابل «يحتمل» (‏هيپومينو‏)‏ يعني حرفيا «يبقى او يظل تحت.‏» وهو يظهر ١٧ مرة في الكتاب المقدس.‏ ووفقا للمعجميين و.‏ بوير،‏ ف.‏ و.‏ ڠينڠريتش،‏ وف.‏ دانكر،‏ يعني ‏«يبقى عوضا عن الهرب .‏ .‏ .‏،‏ يثبت،‏ يصمد.‏»‏ والاسم اليوناني مقابل «احتمال» (‏هيپومُني‏)‏ يظهر اكثر من ٣٠ مرة.‏ وفي ما يتعلق بذلك،‏ يقول كتاب مفردات العهد الجديد،‏ لواضعه وليم باركلي:‏ «انه الميل الذي يمكن ان يتحمَّل الامور،‏ لا بمجرد الاستسلام،‏ بل برجاء متَّقد .‏ .‏ .‏ انه الصفة التي تبقي الانسان على رجلَيه ووجهه الى الريح.‏ انه الفضيلة التي يمكن ان تحوِّل اقسى المحن الى مجد لأنها خلف الوجع ترى الهدف.‏»‏

      ٤ فالاحتمال،‏ اذًا،‏ يمكِّننا من الثبات وعدم فقدان الامل في وجه العقبات والمشقات.‏ (‏رومية ٥:‏٣-‏٥‏)‏ انه يتطلَّع الى ابعد من الالم الحاضر الى الهدف —‏ جائزة او هبة الحياة الابدية،‏ سواء في السماء او على الارض.‏ —‏ يعقوب ١:‏١٢‏.‏

      الاحتمال —‏ لماذا؟‏

      ٥ (‏أ)‏ لماذا ‹يحتاج الى الاحتمال› كل المسيحيين؟‏ (‏ب)‏ الى اية فئتين يمكن ان تنقسم محننا؟‏

      ٥ كمسيحيين،‏ جميعنا ‹نحتاج الى الاحتمال.‏› (‏عبرانيين ١٠:‏٣٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولماذا؟‏ لأننا من حيث الاساس ‹نقع في محن متنوعة.‏› والنص اليوناني هنا في يعقوب ١:‏٢‏،‏ ع‌ج‏،‏ يقترح ملاقاة غير متوقعة او غير مرحب بها،‏ كما عندما يصادف الشخص لصا.‏ (‏قارنوا لوقا ١٠:‏٣٠‏.‏)‏ ونحن نقع في محن يمكن ان تنقسم الى فئتين:‏ تلك المشتركة بين البشر نتيجة للخطية الموروثة،‏ وتلك التي تتطور بسبب تعبدنا التقوي.‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏١٣؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏)‏ فما هي بعض هذه المحن؟‏

      ٦ كيف احتمل احد الشهود عندما واجه مرضا موجعا؟‏

      ٦ المرض الخطير.‏ كتيموثاوس،‏ يجب ان يحتمل بعض المسيحيين ‹أسقاما كثيرة.‏› (‏١ تيموثاوس ٥:‏٢٣‏)‏ وخصوصا عندما يواجهنا مرض مزمن،‏ وربما مؤلم جدا،‏ نحتاج ان نحتمل،‏ ان نثبت،‏ بمساعدة اللّٰه وألّا يغيب رجاؤنا المسيحي عن بالنا.‏ تأملوا في مثال احد الشهود الذي في اوائل خمسيناته شن حربا طويلة وقاسية على ورم خبيث سريع النمو.‏ وخلال عمليتين بقي راسخا في تصميمه ان لا يقبل اجراءات نقل الدم.‏ (‏اعمال ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ لكنَّ الورم ظهر من جديد في بطنه واستمر في النمو قرب عموده الفقري.‏ وفيما كان ينمو،‏ اختبر وجعا جسديا لا يمكن تصوُّره الى حد انه ما من كمية دواء امكن ان تضع حدا له.‏ ومع ذلك،‏ تطلَّع الى ابعد من الوجع الحاضر الى جائزة الحياة في العالم الجديد.‏ واستمر في الاشتراك في رجائه المتَّقد مع الاطباء،‏ الممرضات،‏ والزائرين.‏ واحتمل حتى المنتهى —‏ منتهى حياته.‏ ومشكلتكم الصحية قد لا تكون مهدِّدة للحياة او موجعة كتلك التي اختبرها هذا الاخ العزيز،‏ لكنَّ ذلك لا يزال يشكِّل امتحانا عظيما للاحتمال.‏

      ٧ ايّ نوع من الألم يشمله الاحتمال بالنسبة الى بعض اخوتنا وأخواتنا الروحيين؟‏

      ٧ الالم العاطفي.‏ من وقت الى آخر،‏ يصادف البعض من شعب يهوه «حزن القلب» الذي يؤدي الى ‹انسحاق الروح.‏› (‏امثال ١٥:‏١٣‏)‏ فالكآ‌بة الشديدة ليست غير شائعة في هذه ‹الازمنة الحرجة الصعبة المعالجة.‏› (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ذكرت اخبار العلم في عدد ٥ كانون الاول ١٩٩٢:‏ «ان معدلات الكآ‌بة الشديدة،‏ التي غالبا ما تُعجِز،‏ تزداد في كل جيل تالٍ يولد منذ ١٩١٥.‏» والاسباب لكآ‌بة كهذه تختلف،‏ اذ تتراوح بين العوامل النفسية والاختبارات غير السارَّة على نحو مؤلم.‏ وبالنسبة الى بعض المسيحيين،‏ يشمل الاحتمال جهادا يوميا ليثبتوا في وجه الألم العاطفي.‏ ومع ذلك،‏ فانهم لا يستسلمون.‏ انهم يبقون امناء ليهوه على الرغم من الدموع.‏ —‏ قارنوا مزمور ١٢٦:‏٥،‏ ٦‏.‏

      ٨ اية محنة مالية يمكن ان نصادف؟‏

      ٨ والمحن المختلفة التي نصادفها يمكن ان تشمل مشقة اقتصادية خطيرة.‏ فعندما وجد فجأة اخ في نيوجيرزي،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ نفسه بلا عمل،‏ كان مهتما على نحو مفهوم بشأن إطعام عائلته وعدم خسارة بيته.‏ ومع ذلك،‏ لم يغب عن باله رجاء الملكوت.‏ وفيما كان يبحث عن عمل آخر،‏ استفاد من الفرصة للخدمة كفاتح اضافي.‏ وأخيرا،‏ وجد عملا.‏ —‏ متى ٦:‏٢٥-‏٣٤‏.‏

      ٩ (‏أ)‏ كيف يمكن ان يتطلب فقدان حبيب في الموت الاحتمال؟‏ (‏ب)‏ اية آيات تظهر انه ليس من الخطإ ذرف دموع الحزن؟‏

      ٩ اذا اختبرتم فقدان حبيب في الموت،‏ تحتاجون الى الاحتمال الذي يدوم طويلا بعد عودة اولئك الذين حولكم الى روتينهم الطبيعي.‏ ويمكن ان تجدوا ايضا ان ذلك يكون صعبا عليكم خصوصا كل سنة في الوقت الذي مات فيه حبيبكم.‏ واحتمال خسارة كهذه لا يعني انه من الخطإ ذرف دموع الحزن.‏ فمن الطبيعي ان نتفجع لموت شخص احببناه،‏ ولا يدل ذلك بالتأكيد على نقص في الايمان برجاء القيامة.‏ (‏تكوين ٢٣:‏٢‏؛‏ قارنوا عبرانيين ١١:‏١٩‏.‏)‏ فيسوع «بكى» بعد موت لعازر،‏ على الرغم من انه قال بثقة لمرثا:‏ «سيقوم اخوك.‏» وقام لعازر فعلا!‏ —‏ يوحنا ١١:‏٢٣،‏ ٣٢-‏٣٥،‏ ٤١-‏٤٤‏.‏

      ١٠ لماذا لدى شعب يهوه حاجة فريدة الى الاحتمال؟‏

      ١٠ وبالاضافة الى احتمال المحن المشتركة بين كل البشر،‏ لدى شعب يهوه حاجة فريدة الى الاحتمال.‏ «تكونون مبغضين من جميع الامم لأجل اسمي،‏» حذَّر يسوع.‏ (‏متى ٢٤:‏٩‏)‏ وقال ايضا:‏ «ان كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم.‏» (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ فلِمَ كل هذا البغض والاضطهاد؟‏ لأنه أينما عشنا على هذه الارض كخدام للّٰه،‏ يحاول الشيطان ان يكسر استقامتنا امام يهوه.‏ (‏١ بطرس ٥:‏٨‏؛‏ قارنوا رؤيا ١٢:‏١٧‏.‏)‏ ولهذه الغاية غالبا ما يضرم الشيطان نيران الاضطهاد،‏ ممتحنا احتمالنا بشدة.‏

      ١١،‏ ١٢ (‏أ)‏ واجه شهود يهوه وأولادهم ايّ امتحان للاحتمال في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ وفي وقت باكر من اربعينات الـ‍ ١٩٠٠؟‏ (‏ب)‏ لماذا لا يحيّي شهود يهوه الرمز القومي؟‏

      ١١ مثلا،‏ في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ وفي وقت باكر من اربعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ صار شهود يهوه وأولادهم في الولايات المتحدة وكندا اهدافا للاضطهاد لأنهم لم يحيّوا الرمز القومي لاسباب تتعلق بالضمير.‏ والشهود يحترمون رمز الامة التي يعيشون فيها،‏ لكنهم يعملون بحسب المبدإ المبيَّن في ناموس اللّٰه في خروج ٢٠:‏٤،‏ ٥ ع‌ج‏:‏ «لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة ما مما في السموات من فوق او ما في الارض من تحت او ما في المياه من تحت الارض.‏ لا تسجد لهن ولا تُغرَ بأن تخدمهن،‏ لأني انا يهوه الهك اله يتطلب التعبد المطلق.‏» وعندما طُرد بعض الاولاد الشهود في المدارس لأنهم رغبوا في توجيه عبادتهم الى يهوه اللّٰه فقط،‏ انشأ الشهود مدارس للملكوت لتعليمهم.‏ ورجع هؤلاء التلاميذ الى المدارس العامة عندما اعترفت المحكمة العليا للولايات المتحدة بوضعهم الديني،‏ كما تفعل اليوم الامم المستنيرة.‏ لكنَّ الاحتمال الشجاع لهؤلاء الاحداث يخدم كمثال اصيل خصوصا للأحداث المسيحيين الذين يمكن ان يواجهوا الآن الاستهزاء لأنهم يحاولون ان يعيشوا وفق مقاييس الكتاب المقدس.‏ —‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١‏.‏

      ١٢ والمحن المتنوعة التي نصادفها —‏ تلك التي هي مشتركة بين البشر وتلك التي نواجهها بسبب ايماننا المسيحي على السواء —‏ تدل على سبب حاجتنا الى الاحتمال.‏ ولكن كيف يمكننا ان نحتمل؟‏

      احتملوا الى المنتهى —‏ كيف؟‏

      ١٣ كيف يزوِّد يهوه الاحتمال؟‏

      ١٣ يمتاز شعب اللّٰه بشكل واضح عن اولئك الذين لا يعبدون يهوه.‏ فطلبا للمساعدة،‏ يمكننا ان نستغيث «الاله الذي يزوِّد الاحتمال.‏» (‏رومية ١٥:‏٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولكن،‏ كيف يزوِّد يهوه الاحتمال؟‏ ان احدى الطرائق لفعله ذلك هي من خلال امثلة الاحتمال المسجَّلة في كلمته،‏ الكتاب المقدس.‏ (‏رومية ١٥:‏٤‏)‏ واذ نتأمل في هذه،‏ لا يجري تشجيعنا فقط على الاحتمال بل ايضا نتعلم الكثير عن كيفية الاحتمال.‏ تأملوا في المثالَين البارزَين —‏ احتمال ايوب المشجِّع واحتمال يسوع المسيح الخالي من العيب.‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏١-‏٣؛‏ يعقوب ٥:‏١١‏.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ اية محن احتملها ايوب؟‏ (‏ب)‏ كيف كان ايوب قادرا على احتمال المحن التي واجهها؟‏

      ١٤ وأية حالات امتحنت احتمال ايوب؟‏ عانى مشقة اقتصادية عندما خسر معظم ممتلكاته.‏ (‏ايوب ١:‏١٤-‏١٧‏؛‏ قارنوا ايوب ١:‏٣‏.‏)‏ وشعر ايوب بألم الخسارة عندما قتلت عاصفة اولاده العشرة كلهم.‏ (‏ايوب ١:‏١٨-‏٢١‏)‏ واختبر مرضا خطيرا ومؤلما جدا.‏ (‏ايوب ٢:‏٧،‏ ٨؛‏ ٧:‏٤،‏ ٥‏)‏ وضغطت عليه زوجته ليتحوَّل عن اللّٰه.‏ (‏ايوب ٢:‏٩‏)‏ وقال الرفقاء الاحماء امورا كانت مؤذية،‏ غير لطيفة،‏ وغير صحيحة.‏ (‏قارنوا ايوب ١٦:‏١-‏٣ وأيوب ٤٢:‏٧‏.‏)‏ ولكن،‏ عبْر كل ذلك،‏ ثبت ايوب محافظا على الاستقامة.‏ (‏ايوب ٢٧:‏٥‏)‏ والامور التي احتملها مماثلة للمحن التي يواجهها شعب يهوه اليوم.‏

      ١٥ فكيف كان ايوب قادرا على احتمال كل هذه المحن؟‏ ان احد الامور التي دعمت ايوب خصوصا هو الرجاء.‏ «للشجرة رجاء،‏» اعلن.‏ «إن قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها» (‏ايوب ١٤:‏٧‏)‏ فأيّ رجاء كان لأيوب؟‏ كما يُلاحظ بعد أعداد قليلة،‏ ذكر:‏ «إن مات رجل أفيحيا .‏ .‏ .‏ تدعو فأنا اجيبك.‏ تشتاق الى عمل يدك [او،‏ تتوق اليه].‏» (‏ايوب ١٤:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ نعم،‏ نظر ايوب الى ما وراء ألمه الحاضر.‏ وعرف ان محنه لن تدوم الى الابد.‏ وعلى الاكثر كان عليه ان يحتمل حتى موته.‏ وتوقعه المفعم بالأمل كان ان يهوه،‏ الذي يرغب حبيا في اقامة الاموات،‏ سيعيده الى الحياة.‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      ١٦ (‏أ)‏ ماذا نتعلم عن الاحتمال من مثال ايوب؟‏ (‏ب)‏ الى ايّ حد يجب ان يكون رجاء الملكوت حقيقيا لنا،‏ ولماذا؟‏

      ١٦ ماذا نتعلم من احتمال ايوب؟‏ لنحتمل الى المنتهى،‏ يجب ان لا يغيب رجاؤنا ابدا عن بالنا.‏ تذكَّروا ايضا ان يقينية رجاء الملكوت تعني ان ايّ ألم نصادفه هو «وقتي» نسبيا.‏ (‏٢ كورنثوس ٤:‏١٦-‏١٨‏)‏ ورجاؤنا الثمين مؤسس بشكل ثابت على وعد يهوه بوقت في المستقبل القريب حين «سيمسح اللّٰه كل دمعة من [عيوننا] والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.‏» (‏رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏)‏ وهذا الرجاء،‏ الذي «لا يُخزي،‏» يجب ان يحفظ تفكيرنا.‏ (‏رومية ٥:‏٤،‏ ٥؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏٨‏)‏ فيجب ان يكون حقيقيا لنا —‏ حقيقيا جدا بحيث يمكننا بعيون الايمان تصوُّر انفسنا في العالم الجديد —‏ غير مكافحين المرض والكآ‌بة في ما بعد بل مستيقظين كل يوم بصحة جيدة وذهن صافٍ؛‏ غير قلقين في ما بعد بشأن الضغوط الاقتصادية بل عائشين بأمان؛‏ غير متفجعين في ما بعد لموت الاحباء بل مختبرين اثارة رؤيتهم يُقامون.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١‏)‏ فدون رجاء كهذا يمكن ان نصبح مغمورين جدا بمحننا الحاضرة بحيث نستسلم.‏ وبرجائنا،‏ يا للدافع العظيم الذي لدينا لنداوم على المحاربة،‏ لنداوم على الاحتمال الى المنتهى!‏

      ١٧ (‏أ)‏ اية محن احتملها يسوع؟‏ (‏ب)‏ الالم الشديد الذي احتمله يسوع يمكن على الارجح ان يُرى من ايّ واقع؟‏ (‏انظروا الحاشية.‏)‏

      ١٧ يحثنا الكتاب المقدس على ‹النظر بإمعان› الى يسوع و‹التفكُّر فيه بدقة.‏› فأية محن احتملها؟‏ نتج بعضها من خطية ونقص الآخرين.‏ ولم يحتمل يسوع فقط من «الخطاة مقاومة» بل ايضا المشاكل التي نشأت بين تلاميذه،‏ بما فيها مجادلاتهم المتكررة حول مَن هو الاعظم.‏ واكثر من ذلك،‏ صادف امتحانا للايمان لا نظير له.‏ «احتمل (‏خشبة الآلام)‏.‏» (‏عبرانيين ١٢:‏١-‏٣؛‏ لوقا ٩:‏٤٦؛‏ ٢٢:‏٢٤‏)‏ ومن الصعب ايضا تصوُّر الالم العقلي والجسدي المتعلق بوجع التعليق على وتد خشبي وعار اعدامه كمجدِّف.‏a

      ١٨ وفقا للرسول بولس،‏ ايّ امرَين دعما يسوع؟‏

      ١٨ فماذا مكَّن يسوع من الاحتمال الى المنتهى؟‏ يذكر الرسول بولس امرَين دعما يسوع:‏ ‹الطلبات والتضرعات› وأيضا «السرور الموضوع امامه.‏» فيسوع،‏ الابن الكامل للّٰه،‏ لم يستحِ بأن يطلب المساعدة.‏ وقد صلَّى «بصراخ شديد ودموع.‏» (‏عبرانيين ٥:‏٧؛‏ ١٢:‏٢‏)‏ وخصوصا عندما كانت محنته العظمى تقترب وجده ضروريا ان يصلّي طلبا للقوة تكرارا وبأشد لجاجة.‏ (‏لوقا ٢٢:‏٣٩-‏٤٤‏)‏ واستجابة لتضرعات يسوع،‏ لم يرفع يهوه المحنة،‏ انما قوَّى يسوع ليحتملها.‏ واحتمل يسوع ايضا لأنه تطلَّع الى ابعد من خشبة العذاب الى جائزته —‏ السرور الذي كان له في المساهمة في تقديس اسم يهوه وافتداء العائلة البشرية من الموت.‏ —‏ متى ٦:‏٩؛‏ ٢٠:‏٢٨‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ كيف يساعدنا مثال يسوع على امتلاك نظرة واقعية الى ما يشمله الاحتمال؟‏

      ١٩ من مثال يسوع نتعلم عددا من الامور التي تساعدنا على امتلاك نظرة واقعية الى ما يشمله الاحتمال.‏ ان مسلك الاحتمال ليس مسلكا سهلا.‏ واذا وجدنا احتمال محنة معيَّنة صعبا،‏ فهنالك تعزية في المعرفة ان الامر عينه صحَّ في يسوع ايضا.‏ ولنحتمل الى المنتهى،‏ يجب ان نصلّي تكرارا طلبا للقوة.‏ وعندما نكون تحت المحنة يمكن ان نشعر احيانا بأننا غير جديرين بأن نصلّي.‏ لكنَّ يهوه يدعونا الى سكب قلوبنا له ‹لأنه هو يعتني بنا.‏› (‏١ بطرس ٥:‏٧‏)‏ وبسبب ما وعد به يهوه في كلمته،‏ فقد ألزم نفسه ان يزوِّد بـ‍ «القدرة فوق ما هو عادي» اولئك الذين يدعونه بإيمان.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٧-‏٩‏،‏ ع‌ج.‏

      ٢٠ يجب ان نحتمل احيانا بدموع.‏ فبالنسبة الى يسوع لم يكن وجع خشبة العذاب بحد ذاته سببا للفرح.‏ وبالاحرى،‏ كان السرور الجائزة التي وُضعت امامه.‏ وفي حالتنا ليس واقعيا ان نتوقع ان نشعر دائما بأننا مبتهجون وفرحون عندما نكون تحت المحنة.‏ (‏قارنوا عبرانيين ١٢:‏١١‏.‏)‏ ولكن بالتطلُّع الى الامام الى الجائزة،‏ يمكن ان نكون قادرين على ‹حسبانه كل فرح› حتى عندما نواجه الحالات المسبِّبة للمحن اكثر.‏ (‏يعقوب ١:‏٢-‏٤؛‏ اعمال ٥:‏٤١‏)‏ والامر المهم هو ان نبقى راسخين —‏ وإن وجب ان يكون ذلك بدموع.‏ على ايّ حال،‏ لم يقل يسوع،‏ ‹الذي يذرف اقل كمية من الدموع هو الذي يخلص،‏› بل،‏ «الذي يحتمل الى المنتهى هو الذي يخلص.‏» —‏ متى ٢٤:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏.‏

      ٢١ (‏أ)‏ في ٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ يجري حثنا على تزويد احتمالنا بماذا؟‏ (‏ب)‏ اية اسئلة سيجري التأمل فيها في المقالة التالية؟‏

      ٢١ وهكذا فإن الاحتمال حيوي للخلاص.‏ لكن في ٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ يجري حثنا على تزويد احتمالنا بالتعبد التقوي.‏ فما هو التعبد التقوي؟‏ كيف يمكن ربطه بالاحتمال،‏ وكيف يمكنكم اكتسابه؟‏ سيجري التأمل في هذه الاسئلة في المقالة التالية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a الالم الشديد الذي احتمله يسوع يمكن على الارجح ان يُرى من واقع ان جسمه الكامل لفظ نفسه الاخير بعد ساعات قليلة فقط على الخشبة،‏ في حين ان فاعلَي الشر المعلَّقين الى جانبَيه وجب كسر سيقانهما للاسراع بالموت.‏ (‏يوحنا ١٩:‏٣١-‏٣٣‏)‏ وهما لم يختبرا الالم العقلي والجسدي الذي اصيب به يسوع في اثناء محنة الليل كله بلا نوم التي سبقت التعليق على الخشبة،‏ ربما الى حدٍّ لم يستطِع عنده ان يحمل ايضا خشبة عذابه.‏ —‏ مرقس ١٥:‏١٥،‏ ٢١‏.‏

  • زوِّدوا احتمالكم بالتعبد التقوي
    برج المراقبة ١٩٩٣ | ١٥ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • زوِّدوا احتمالكم بالتعبد التقوي

      ‏«زوِّدوا ايمانكم .‏ .‏ .‏ بالاحتمال،‏ احتمالكم بالتعبد التقوي.‏» —‏ ٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ ع‌ج.‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ ابتداء من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ ماذا حدث لشهود يهوه في البلدان تحت السيطرة النازية،‏ ولماذا؟‏ (‏ب)‏ كيف سارت الامور مع شعب يهوه تحت هذه المعاملة القاسية؟‏

      كانت حقبة مظلمة في تاريخ القرن الـ‍ ٢٠.‏ فابتداء من ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ اعتُقل الآلاف من شهود يهوه في البلدان تحت السيطرة النازية ظلما وطُرحوا في معسكرات الاعتقال.‏ ولماذا؟‏ لأنهم تجرأوا على البقاء حياديين ورفضوا القاء التحية الهتلرية.‏ فكيف جرت معاملتهم؟‏ «ما من فريق سجناء آخر .‏ .‏ .‏ تعرَّض لسادية جنود وحدات الحماية بالطريقة التي تعرَّض بها تلاميذ الكتاب المقدس [شهود يهوه].‏ فقد كانت سادية موسومة بسلسلة لا تنتهي من العذابات الجسدية والعقلية،‏ التي لا يمكن لأية لغة في العالم ان تعبِّر عنها.‏» —‏ كارل ويتيڠ،‏ رسمي حكومي الماني سابق.‏

      ٢ فكيف سارت الامور مع الشهود؟‏ في كتابها الدولة النازية والاديان الجديدة:‏ دراسات لخمس قضايا في عدم الموافقة،‏ ذكرت الدكتورة كريستين إ.‏ كينڠ:‏ «فقط ضد الشهود [بالتباين مع الفرق الدينية الاخرى] كانت الحكومة غير ناجحة.‏» نعم،‏ شهود يهوه ككل ثبتوا،‏ على الرغم من ان ذلك عنى للمئات منهم الاحتمال حتى الموت.‏

      ٣ ماذا مكَّن شهود يهوه من احتمال المحن القاسية؟‏

      ٣ فماذا مكَّن شهود يهوه من احتمال محن كهذه ليس فقط في المانيا النازية بل في العالم كله؟‏ لقد ساعدهم ابوهم السماوي على الاحتمال بسبب تعبدهم التقوي.‏ «يعلم اللّٰه كيف ينقذ (‏اناس التعبد التقوي)‏ من التجربة،‏» يوضح الرسول بطرس.‏ (‏٢ بطرس ٢:‏٩‏)‏ وفي وقت ابكر في الرسالة عينها،‏ كان بطرس قد نصح المسيحيين:‏ «زوِّدوا ايمانكم .‏ .‏ .‏ بالاحتمال،‏ احتمالكم بالتعبد التقوي.‏» (‏٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا فإن الاحتمال مرتبط بشكل وثيق بالتعبد التقوي.‏ وفي الواقع،‏ لنحتمل الى النهاية،‏ يجب ان ‹نتبع التعبد التقوي› ونظهره.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولكن ما هو بالضبط التعبد التقوي؟‏

      ما هو التعبد التقوي

      ٤،‏ ٥ ما هو التعبد التقوي؟‏

      ٤ ان الاسم اليوناني مقابل «التعبد التقوي» (‏ايسيبيا‏)‏ يمكن ان يترجم حرفيا الى «التوقير جيدا.‏»‏a (‏٢ بطرس ١:‏٦‏،‏ الملكوت ما بين السطور‏)‏ ويدل على شعور مخلص حار تجاه اللّٰه.‏ ووفقا لـ‍ و.‏ إ.‏ ڤاين فإن الصفة ايسيبيس،‏ التي تعني حرفيا «جيد التوقير،‏» تدل على «الطاقة التي،‏ اذ يوجهها الخوف المقدس من اللّٰه،‏ تجد تعبيرا في النشاط المخلص.‏» —‏ ٢ بطرس ٢:‏٩‏،‏ ما بين السطور.‏

      ٥ ولذلك يشير التعبير «التعبد التقوي» الى التوقير او التعبد ليهوه الذي يدفعنا الى فعل ما يسرّه.‏ ويجري القيام بذلك ايضا في وجه المحن الصعبة لأننا نحب اللّٰه من القلب.‏ وهو التعلق الولي الشخصي بيهوه الذي يُعبَّر عنه بالطريقة التي نحيا بها حياتنا.‏ ويُحَثّ المسيحيون الحقيقيون على الصلاة ليتمكنوا من قضاء «حياة مطمئنة هادئة (‏بتعبد تقوي كامل)‏.‏» (‏١ تيموثاوس ٢:‏١،‏ ٢‏)‏ ووفقا للمعجميَّين ج.‏ پ.‏ لو و إ.‏ أ.‏ نيدا،‏ «في عدد من اللغات يمكن ان تترجم [‏ايسيبيا‏] في ١ تيموثاوس ٢:‏٢ على نحو لائق الى ‹العيش كما يرغب اللّٰه في ان نعيش› او ‹العيش كما يخبرنا اللّٰه انه يجب ان نعيش.‏›»‏

      ٦ ما هي العلاقة بين الاحتمال والتعبد التقوي؟‏

      ٦ يمكننا الآن ان نقدِّر بشكل افضل العلاقة بين الاحتمال والتعبد التقوي.‏ ولأننا نعيش كما يرغب اللّٰه في ان نعيش —‏ بتعبد تقوي —‏ نجلب على انفسنا بغض العالم،‏ الذي يجلب محن الايمان بشكل ثابت.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏)‏ ولكن ما كنا لنندفع الى احتمال محن كهذه لو لم تكن بسبب تعلقنا الشخصي بأبينا السماوي.‏ وعلاوة على ذلك،‏ يستجيب يهوه لتعبد مخلص كهذا.‏ وتصوروا فقط كيف يجعله يشعر دون شك أن يتطلَّع من السموات وينظر الى اولئك الذين،‏ بسبب تعبدهم التقوي له،‏ يحاولون ان يرضوه على الرغم من كل انواع المقاومة.‏ فلا عجب انه ميال الى ان «ينقذ (‏اناس التعبد التقوي)‏ من التجربة»!‏

      ٧ لماذا يجب تنمية التعبد التقوي؟‏

      ٧ لكننا لم نولد بالتعبد التقوي،‏ ونحن لا نكتسبه آليا من والدين اتقياء.‏ (‏تكوين ٨:‏٢١‏)‏ وعوضا عن ذلك،‏ يجب تنميته.‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏٧،‏ ١٠‏)‏ ويجب ان نعمل على تزويد احتمالنا وايماننا بالتعبد التقوي.‏ وذلك،‏ كما يقول بطرس،‏ يتطلب ‹الاجتهاد.‏› (‏٢ بطرس ١:‏٥‏)‏ فكيف،‏ اذًا،‏ يمكننا ان نكتسب التعبد التقوي؟‏

      كيف نكتسب التعبد التقوي؟‏

      ٨ وفقا للرسول بطرس،‏ ما هو المفتاح الى اكتساب التعبد التقوي؟‏

      ٨ اوضح الرسول بطرس المفتاح الى اكتساب التعبد التقوي.‏ قال:‏ «لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة اللّٰه ويسوع ربنا.‏ كما أن قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة و (‏التعبد التقوي بالمعرفة الدقيقة للذي)‏ دعانا بالمجد والفضيلة.‏» (‏٢ بطرس ١:‏٢،‏ ٣‏)‏ ولذلك لتزويد ايماننا واحتمالنا بالتعبد التقوي،‏ يجب ان نزداد في المعرفة الدقيقة،‏ اي الكاملة،‏ او التامة،‏ عن يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏

      ٩ كيف يمكن الايضاح ان امتلاك المعرفة الدقيقة عن اللّٰه والمسيح يشمل اكثر من مجرد معرفة مَن هما؟‏

      ٩ وماذا يعني امتلاك المعرفة الدقيقة عن اللّٰه والمسيح؟‏ من الواضح انه يشمل اكثر من مجرد معرفة مَن هما.‏ للايضاح:‏ قد تعرفون مَن هو جاركم الذي في المنزل المجاور ويمكن ايضا ان تحيّوه بالاسم.‏ ولكن هل تقرضونه مبلغا كبيرا من المال؟‏ لا،‏ إلا اذا عرفتم حقا ايّ نوع من الاشخاص هو.‏ (‏قارنوا امثال ١١:‏١٥‏.‏)‏ وبشكل مماثل،‏ فإن معرفة يهوه ويسوع بدقة،‏ او كاملا،‏ تعني اكثر من مجرد الايمان بأنهما موجودان وإدراك اسميهما.‏ ولكي نكون مستعدين لاحتمال المحن من اجلهما حتى الموت،‏ لا بد ان نعرفهما حقا بشكل حميم.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ فماذا يشمل ذلك؟‏

      ١٠ امتلاك المعرفة الدقيقة عن يهوه ويسوع يشمل ايّ امرين،‏ ولماذا؟‏

      ١٠ ان امتلاك معرفة دقيقة،‏ او تامة،‏ عن يهوه ويسوع يشمل امرَين:‏ (‏١)‏ معرفتهما كشخصَين —‏ صفاتهما،‏ مشاعرهما،‏ وطرقهما —‏ و(‏٢)‏ الاقتداء بمثالهما.‏ والتعبد التقوي يشمل التعلق المخلص والشخصي بيهوه ويصير واضحا بالطريقة التي نحيا بها حياتنا.‏ ولذلك،‏ لاكتسابه يجب ان نعرف يهوه شخصيا ونتعرَّف على نحو تام بمشيئته وطرقه بقدر ما يكون ذلك ممكنا من الوجهة البشرية.‏ وفي الواقع لنعرف يهوه،‏ الذي خُلقنا على صورته،‏ يجب ان نستخدم معرفة كهذه ونجاهد لنكون على مثاله.‏ (‏تكوين ١:‏٢٦-‏٢٨؛‏ كولوسي ٣:‏١٠‏)‏ وبما ان يسوع اقتدى بيهوه كاملا في ما قاله وفعله،‏ فإن معرفة يسوع بدقة هي مساعد ذو قيمة على تطوير التعبد التقوي.‏ —‏ عبرانيين ١:‏٣‏.‏

      ١١ (‏أ)‏ كيف يمكننا نيل المعرفة الدقيقة عن اللّٰه والمسيح؟‏ (‏ب)‏ لماذا هو مهم التأمل في ما نقرأه؟‏

      ١١ ولكن كيف يمكننا نيل معرفة دقيقة كهذه عن اللّٰه والمسيح؟‏ بدرس الكتاب المقدس والمطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس بنشاط.‏b ولكن،‏ اذا كان درسنا الشخصي في الكتاب المقدس سيؤدي الى اكتسابنا التعبد التقوي،‏ فمن الحيوي ان نصرف الوقت في التأمل،‏ اي ان نفكر مليا،‏ او نتأمل في ما نقرأه.‏ (‏قارنوا يشوع ١:‏٨‏.‏)‏ ولماذا ذلك مهم؟‏ تذكَّروا ان التعبد التقوي هو الشعور الحار والمخلص نحو اللّٰه.‏ وفي الاسفار المقدسة،‏ يقترن التأمل تكرارا بالقلب المجازي —‏ الانسان الداخلي.‏ (‏مزمور ١٩:‏١٤؛‏ ٤٩:‏٣؛‏ امثال ١٥:‏٢٨‏)‏ وعندما نفكِّر مليا بتقدير في ما نقرأه،‏ يصل ذلك تدريجيا الى الانسان الداخلي،‏ مثيرا بالتالي مشاعرنا،‏ محرِّكا عواطفنا،‏ ومؤثِّرا في تفكيرنا.‏ وعندئذ فقط يمكن للدرس ان يقوِّي تعلقنا الشخصي بيهوه ويدفعنا الى العيش بطريقة ترضي اللّٰه حتى في وجه الظروف المتَّصفة بالتحدي او المحن الصعبة.‏

      ممارسة التعبد التقوي في البيت

      ١٢ (‏أ)‏ وفقا لبولس،‏ كيف يمكن للمسيحي ان يمارس التعبد التقوي في البيت؟‏ (‏ب)‏ لماذا يعتني المسيحيون الحقيقيون بالوالدين المسنين؟‏

      ١٢ يجب ممارسة التعبد التقوي اولا في البيت.‏ يقول الرسول بولس:‏ «ان كانت ارملة لها اولاد او حفدة فليتعلموا اولا ان (‏يمارسوا التعبد التقوي في)‏ بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة.‏ لأن هذا صالح ومقبول امام اللّٰه.‏» (‏١ تيموثاوس ٥:‏٤‏)‏ فالاعتناء بالوالدين المسنين هو،‏ كما يذكر بولس،‏ تعبير عن التعبد التقوي.‏ ويزوِّد المسيحيون الحقيقيون عناية كهذه ليس فقط بدافع الشعور بالواجب بل بسبب المحبة لوالديهم.‏ واكثر من ذلك،‏ فانهم يدركون الاهمية التي يضعها يهوه على اعتناء المرء بعائلته.‏ وهم يعون جيدا ان رفض مساعدة والديهم في وقت الحاجة يعادل ‹انكار الايمان المسيحي.‏› —‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٨‏.‏

      ١٣ لماذا يمكن ان تكون ممارسة التعبد التقوي في البيت تحديا حقيقيا،‏ ولكن ايّ اكتفاء ينتج من اعتناء المرء بوالدَيه؟‏

      ١٣ وعلى نحو معترف به،‏ ليست سهلة دائما ممارسة التعبد التقوي في البيت.‏ فيمكن ان تفصل مسافات كبيرة اعضاء العائلة.‏ وربما كان الاولاد الراشدون يربّون عائلاتهم وربما كانوا يجاهدون اقتصاديا.‏ ويمكن ان تكون طبيعة او درجة العناية التي يحتاج اليها والد مرهقةً للصحة الجسدية،‏ العقلية،‏ والعاطفية للذين يزوِّدون العناية.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ يمكن ان يكون هنالك اكتفاء حقيقي في المعرفة ان اعتناء المرء بوالدَيه لا يعادل «المكافأة» فحسب بل ايضا يرضي الذي «منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الارض.‏» —‏ افسس ٣:‏١٤،‏ ١٥‏.‏

      ١٤،‏ ١٥ اذكروا مثالا للعناية التقوية من جهة الاولاد بالوالد.‏

      ١٤ تأملوا في مثال مؤثر حقا.‏ يواجه إليس وخمسةٌ من اخوته وأخواته تحديا حقيقيا في الاعتناء بأبيهم في البيت.‏ «في السنة ١٩٨٦ عانى والدي سكتة دماغية تركته مصابا بالشلل بشكل تام،‏» يوضح إليس.‏ ويشترك الاولاد الستة في الاعتناء بحاجات ابيهم،‏ من تحميمه الى التيقن ان وضعيته في الفراش تتغيَّر قانونيا لكي لا يطوِّر قروح السرير.‏ «نقرأ عليه،‏ نتحدث اليه،‏ نعزف الموسيقى له.‏ لسنا على يقين من انه يعي ما يدور حوله،‏ لكننا نعامله كما لو انه يعي كاملا كل شيء.‏»‏

      ١٥ ولماذا يعتني الاولاد بأبيهم كما يفعلون؟‏ يتابع إليس:‏ «بعد موت امنا في السنة ١٩٦٤،‏ ربّانا ابونا وحده.‏ وفي ذلك الوقت،‏ كنا بأعمار تتراوح بين ٥ و ١٤ سنة.‏ كان آنذاك متوافرا لنا؛‏ ونحن الآن متوافرون له.‏» من الواضح انه ليس من السهل تزويد عناية كهذه،‏ والاولاد يصيرون احيانا متثبطين.‏ «لكننا ندرك ان حالة ابينا مشكلة مؤقتة،‏» يقول إليس.‏ «ونحن نتطلَّع بشوق الى الوقت الذي فيه يسترد ابونا الصحة الجيدة ونتمكَّن من الاتحاد من جديد بأمنا.‏» (‏اشعياء ٣٣:‏٢٤؛‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ من المؤكد ان عناية مخلصة كهذه بوالد تبهج دون شك قلب الذي يوصي الاولاد بأن يكرموا والديهم!‏c —‏ افسس ٦:‏١،‏ ٢‏.‏

      التعبد التقوي والخدمة

      ١٦ ماذا يجب ان يكون السبب الرئيسي لما نفعله في الخدمة؟‏

      ١٦ عندما نقبل دعوة يسوع الى ‹اتِّباعه باستمرار،‏› نكون تحت التفويض الالهي بالكرازة ببشارة الملكوت والتلمذة.‏ (‏متى ١٦:‏٢٤؛‏ ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ومن الواضح ان الاشتراك في الخدمة هو التزام مسيحي في هذه «الايام الاخيرة.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١‏)‏ ولكنَّ دافعنا الى الكرازة والتعليم يجب ان يتجاوز مجرد الشعور بالواجب او الالتزام.‏ فالمحبة العميقة ليهوه يجب ان تكون السبب الرئيسي لما نفعله ومقدار ما نفعله في الخدمة.‏ «من فضلة القلب يتكلم الفم،‏» قال يسوع.‏ (‏متى ١٢:‏٣٤‏)‏ نعم،‏ عندما تفيض قلوبنا بالمحبة ليهوه،‏ نشعر بأننا مدفوعون الى الشهادة عنه للآخرين.‏ وعندما تكون المحبة للّٰه دافعنا،‏ تكون خدمتنا تعبيرا ذا معنى عن تعبدنا التقوي.‏

      ١٧ كيف يمكننا ان ننمي الدافع الصائب الى الخدمة؟‏

      ١٧ وكيف يمكننا ان ننمي الدافع الصائب الى الخدمة؟‏ فكِّروا مليا بتقدير في الاسباب الثلاثة التي اعطانا اياها يهوه لمحبته.‏ (‏١)‏ نحب يهوه بسبب ما قد فعله لأجلنا.‏ فما من محبة كان يمكن ان يظهرها اعظم مما في تزويد الفدية.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨؛‏ يوحنا ١٥:‏١٣‏)‏ (‏٢)‏ نحب يهوه بسبب ما يفعله الآن لأجلنا.‏ فلدينا حرية الكلام مع يهوه،‏ الذي يستجيب صلواتنا.‏ (‏مزمور ٦٥:‏٢؛‏ عبرانيين ٤:‏١٤-‏١٦‏)‏ واذ نعطي الاولوية لمصالح الملكوت،‏ نتمتع بضرورات الحياة.‏ (‏متى ٦:‏٢٥-‏٣٣‏)‏ ونتسلَّم مؤونة مطردة من الطعام الروحي الذي يساعدنا على معالجة المشاكل التي نواجهها.‏ (‏متى ٢٤:‏٤٥‏)‏ ولدينا بركة ان نكون جزءا من اخوَّة مسيحية عالمية تجعلنا منفصلين عن باقي العالم.‏ (‏١ بطرس ٢:‏١٧‏)‏ (‏٣)‏ ونحب يهوه ايضا بسبب ما سيفعله بعدُ لأجلنا.‏ فبسبب محبته،‏ ‹نمسك بثبات بالحياة الحقيقية› —‏ الحياة الابدية في المستقبل.‏ (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٢،‏ ١٩‏،‏ ع‌ج‏)‏ وعندما نتأمل في محبة يهوه لنا،‏ من المؤكد ان قلوبنا ستدفعنا الى الاشتراك المخلص في اخبار الآخرين عنه وعن مقاصده الثمينة!‏ ولا ينبغي ان يقول لنا الآخرون ما يجب فعله ومقدار ما يجب ان نفعله في الخدمة.‏ فقلوبنا ستدفعنا الى فعل ما نستطيع.‏

      ١٨،‏ ١٩ اية عقبة تغلبت عليها احدى الاخوات لكي تشترك في الخدمة؟‏

      ١٨ وحتى في وجه الظروف المتَّصفة بالتحدي،‏ سيندفع القلب الذي يثيره التعبد التقوي الى التكلم.‏ (‏قارنوا ارميا ٢٠:‏٩‏.‏)‏ ويظهر ذلك في حالة ستيلا،‏ امرأة مسيحية خجولة الى ابعد حد.‏ فعندما بدأت اولا بدرس الكتاب المقدس،‏ فكَّرَت،‏ ‹لن استطيع ابدا الذهاب من بيت الى بيت!‏› وهي توضح:‏ «كنت دائما هادئة جدا.‏ لم اكن قط استطيع الاقتراب الى الآخرين للبدء بمحادثة.‏» واذ استمرت في الدرس،‏ ازدادت محبتها ليهوه،‏ وطوَّرت رغبة شديدة في التكلم الى الآخرين عنه.‏ «اتذكر قولي للتي كانت تعلِّمني الكتاب المقدس،‏ ‹ارغب كثيرا جدا في التكلم،‏ لكنني لا استطيع،‏ وذلك يزعجني حقا.‏› ولن انسى ابدا ما قالته لي:‏ ‹يا ستيلا،‏ كوني شاكرة على انك تريدين التكلم.‏›»‏

      ١٩ وسرعان ما وجدت ستيلا نفسها تشهد لجارتها التي في المنزل المجاور.‏ ثم اتَّخذت ما صار بالنسبة اليها الخطوة البارزة —‏ اشتركت في الخدمة من بيت الى بيت للمرة الاولى.‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ تتذكَّر:‏ «كنت قد كتبت عرضي.‏ لكنني كنت خائفة جدا على الرغم من انه كان امامي،‏ بحيث كنت مضطربة اكثر من ان انظر الى ملاحظاتي!‏» والآن بعد اكثر من ٣٥ سنة،‏ لا تزال ستيلا خجولة جدا بطبيعتها.‏ ولكنها تحب خدمة الحقل وتستمر في الحصول على اشتراك ذي معنى فيها.‏

      ٢٠ ايّ مثال يظهر انه لا يمكن حتى للاضطهاد او السجن ان يغلق افواه شهود يهوه المنتذرين؟‏

      ٢٠ لا يمكن حتى للاضطهاد او السجن ان يغلق افواه شهود يهوه المنتذرين.‏ تأملوا في مثال ارنست وهيلدِڠَرت زايليڠِر من المانيا.‏ فبسبب ايمانهما،‏ قضيا ما مجموعه اكثر من ٤٠ سنة في معسكرات الاعتقال النازية والسجون الشيوعية.‏ وحتى في السجن،‏ ثابرا على الشهادة للسجناء الآخرين.‏ تذكر هيلدِڠَرت:‏ «صنَّفني رسميو السجن بأنني خطِرة على نحو خصوصي،‏ لأنني،‏ كما قالت احدى الحارسات،‏ اتحدث عن الكتاب المقدس اليوم كله.‏ لذلك وُضعت في زنزانة الطابق السفلي.‏» وبعد ان نالا اخيرا حريتهما،‏ خصَّص الاخ والاخت زايليڠِر كامل وقتهما للخدمة المسيحية.‏ وكلاهما خدما بأمانة حتى موتهما،‏ الاخ زايليڠِر في السنة ١٩٨٥ وزوجته في السنة ١٩٩٢.‏

      ٢١ ماذا يجب ان نفعل لنزوِّد احتمالنا بالتعبد التقوي؟‏

      ٢١ بدرس كلمة اللّٰه بنشاط وصرف الوقت في التأمل بتقدير في ما نتعلمه،‏ سنزداد في المعرفة الدقيقة عن يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏ وهذا،‏ بدوره،‏ سيؤدي الى اكتسابنا مقدارا اكمل من تلك الصفة الثمينة —‏ التعبد التقوي.‏ وبدون التعبد التقوي لن تكون هنالك طريقة لاحتمال المحن المتنوعة التي تأتي علينا كمسيحيين.‏ فلنتبع نصيحة الرسول بطرس،‏ مستمرين في ‹تزويد ايماننا بالاحتمال واحتمالنا بالتعبد التقوي.‏› —‏ ٢ بطرس ١:‏٥،‏ ٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة