اَلْبِشَارَةُ عَلَى مَا رَوَى مَرْقُسُ
١ بِدَايَةُ ٱلْبِشَارَةِ عَنْ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ: ٢ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي إِشَعْيَا ٱلنَّبِيِّ: «(هَا أَنَا مُرْسِلٌ أَمَامَ وَجْهِكَ رَسُولِي ٱلَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ)؛+ ٣ اِسْمَعُوا! فِي ٱلْبَرِّيَّةِ صَارِخٌ: ‹هَيِّئُوا طَرِيقَ يَهْوَهَ، ٱجْعَلُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً›»،+ ٤ ظَهَرَ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدُ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، يَكْرِزُ بِٱلْمَعْمُودِيَّةِ رَمْزًا إِلَى ٱلتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا.+ ٥ فَخَرَجَ إِلَيْهِ كُلُّ مُقَاطَعَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَكُلُّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، وَٱعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ جَهْرًا بِخَطَايَاهُمْ.+ ٦ وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ ٱلْجَمَلِ وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ،+ وَيَأْكُلُ جَرَادًا+ وَعَسَلًا بَرِّيًّا.+ ٧ وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلًا: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، وَأَنَا لَسْتُ جَدِيرًا بِأَنْ أَنْحَنِيَ وَأَفُكَّ سُيُورَ نَعْلَيْهِ.+ ٨ أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِمَاءٍ، أَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِرُوحٍ قُدُسٍ».+
٩ وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ ٱلْجَلِيلِ وَٱعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي ٱلْأُرْدُنِّ.+ ١٠ وَفِي ٱلْحَالِ عِنْدَ صُعُودِهِ مِنَ ٱلْمَاءِ رَأَى ٱلسَّمٰوَاتِ تَنْشَقُّ، وَٱلرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلًا عَلَيْهِ،+ ١١ وَأَتَى صَوْتٌ مِنَ ٱلسَّمٰوَاتِ: «أَنْتَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ، عَنْكَ رَضِيتُ».+
١٢ وَفِي ٱلْحَالِ دَفَعَهُ ٱلرُّوحُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ.+ ١٣ فَبَقِيَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا+ يُجَرِّبُهُ ٱلشَّيْطَانُ،+ وَكَانَ مَعَ ٱلْوُحُوشِ، لٰكِنَّ ٱلْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَخْدُمُهُ.+
١٤ وَبَعْدَمَا أُلْقِيَ ٱلْقَبْضُ عَلَى يُوحَنَّا، جَاءَ يَسُوعُ إِلَى ٱلْجَلِيلِ+ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ ٱللّٰهِ+ ١٥ وَيَقُولُ: «قَدْ تَمَّ ٱلزَّمَانُ ٱلْمُعَيَّنُ،+ وَٱقْتَرَبَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ. فَتُوبُوا+ وَآمِنُوا بِٱلْبِشَارَةِ».
١٦ وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ رَأَى سِمْعَانَ+ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَا سِمْعَانَ يُلْقِيَانِ شِبَاكَهُمَا فِي ٱلْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ.+ ١٧ فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي، فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيْ نَاسٍ».+ ١٨ فَتَرَكَا شِبَاكَهُمَا حَالًا وَتَبِعَاهُ.+ ١٩ وَتَقَدَّمَ قَلِيلًا فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبَدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَهُمَا فِي مَرْكَبِهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا.+ ٢٠ فَدَعَاهُمَا عَلَى ٱلْفَوْرِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبَدِيَ فِي ٱلْمَرْكَبِ مَعَ ٱلْأُجَرَاءِ وَذَهَبَا وَرَاءَهُ. ٢١ وَدَخَلُوا كَفَرْنَاحُومَ.+
وَمَا إِنْ أَتَى ٱلسَّبْتُ حَتَّى دَخَلَ ٱلْمَجْمَعَ وَأَخَذَ يُعَلِّمُ. ٢٢ فَذَهِلُوا مِنْ طَرِيقَةِ تَعْلِيمِهِ،+ لِأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَةٌ، لَا كَٱلْكَتَبَةِ.+ ٢٣ وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ آنَئِذٍ رَجُلٌ يُسَيْطِرُ عَلَيْهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَاحَ+ ٢٤ قَائِلًا: «مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ؟+ أَجِئْتَ لِتُهْلِكَنَا؟ أَنَا أَعْرِفُكَ+ مَنْ أَنْتَ، قُدُّوسُ+ ٱللّٰهِ».+ ٢٥ فَٱنْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اُسْكُتْ، وَٱخْرُجْ مِنْهُ!».+ ٢٦ فَجَعَلَهُ ٱلرُّوحُ ٱلنَّجِسُ يَنْتَفِضُ وَزَعَقَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ.+ ٢٧ فَدُهِشَ ٱلْجَمِيعُ حَتَّى أَخَذُوا يَتَنَاقَشُونَ فِي مَا بَيْنَهُمْ، قَائِلِينَ: «مَا هٰذَا؟ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ! حَتَّى ٱلْأَرْوَاحُ ٱلنَّجِسَةُ يَأْمُرُهَا بِسُلْطَةٍ فَتُطِيعُهُ».+ ٢٨ وَفِي ٱلْحَالِ ذَاعَ خَبَرُهُ فِي أَنْحَاءِ ٱلْكُورَةِ ٱلْمُجَاوِرَةِ كُلِّهَا فِي ٱلْجَلِيلِ.+
٢٩ وَحَالَمَا خَرَجُوا مِنَ ٱلْمَجْمَعِ دَخَلُوا بَيْتَ سِمْعَانَ+ وَأَنْدَرَاوُسَ مَعَ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. ٣٠ وَكَانَتْ حَمَاةُ+ سِمْعَانَ مُضْطَجِعَةً مَحْمُومَةً،+ فَأَخْبَرُوهُ عَنْهَا. ٣١ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا وَأَقَامَهَا مُمْسِكًا بِيَدِهَا. فَتَرَكَتْهَا ٱلْحُمَّى،+ وَأَخَذَتْ تَخْدُمُهُمْ.+
٣٢ وَحَلَّ ٱلْمَسَاءُ، إِذْ غَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ، فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ ٱلسُّقَمَاءِ+ وَٱلَّذِينَ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِمِ ٱلشَّيَاطِينُ.+ ٣٣ وَكَانَتِ ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى ٱلْبَابِ. ٣٤ فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا سُقَمَاءَ بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ،+ وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرِينَ، لٰكِنَّهُ لَمْ يَدَعِ ٱلشَّيَاطِينَ يَتَكَلَّمُونَ، لِأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ.+
٣٥ وَفِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ، إِذْ كَانَ ظَلَامٌ بَعْدُ، قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَكَانٍ خَلَاءٍ،+ وَأَخَذَ يُصَلِّي هُنَاكَ.+ ٣٦ غَيْرَ أَنَّ سِمْعَانَ وَمَنْ مَعَهُ سَعَوْا فِي إِثْرِهِ ٣٧ فَوَجَدُوهُ، وَقَالُوا لَهُ: «اَلْجَمِيعُ يُفَتِّشُونَ عَنْكَ». ٣٨ فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، إِلَى ٱلْبَلَدَاتِ ٱلرِّيفِيَّةِ ٱلْمُجَاوِرَةِ، لِأَكْرِزَ+ هُنَاكَ أَيْضًا، فَإِنِّي لِهٰذَا جِئْتُ».+ ٣٩ فَذَهَبَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ ٱلْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ.+
٤٠ وَجَاءَهُ أَبْرَصُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ، فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي».+ ٤١ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ،+ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ، وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ، فَٱطْهُرْ».+ ٤٢ وَفِي ٱلْحَالِ زَالَ عَنْهُ ٱلْبَرَصُ، وَطَهُرَ.+ ٤٣ فَأَعْطَاهُ أَوَامِرَ صَارِمَةً وَصَرَفَهُ فِي ٱلْحَالِ، ٤٤ وَقَالَ لَهُ: «اُنْظُرْ أَلَّا تَقُولَ لِأَحَدٍ شَيْئًا، بَلِ ٱذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ+ وَقَرِّبْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى،+ شَهَادَةً لَهُمْ».+ ٤٥ وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ فَٱنْصَرَفَ وَٱبْتَدَأَ يُنَادِي كَثِيرًا وَيُذِيعُ ٱلْخَبَرَ، حَتَّى لَمْ يَعُدْ يَسُوعُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْخُلَ مَدِينَةً عَلَنًا، بَلْ بَقِيَ خَارِجًا فِي أَمَاكِنَ خَلَاءٍ. وَمَعَ ذٰلِكَ ظَلُّوا يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.+
٢ وَلٰكِنَّهُ عَادَ فَدَخَلَ كَفَرْنَاحُومَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَسُمِعَ أَنَّهُ فِي ٱلْبَيْتِ.+ ٢ فَٱجْتَمَعَ كَثِيرُونَ جِدًّا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مُتَّسَعٌ، وَلَا عِنْدَ ٱلْبَابِ، فَٱبْتَدَأَ يُخَاطِبُهُمْ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ.+ ٣ وَأَتَى رِجَالٌ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ مَشْلُولًا يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ.+ ٤ وَإِذْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا ٱلْوُصُولَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ بِسَبَبِ ٱلْجَمْعِ، كَشَفُوا ٱلسَّقْفَ فَوْقَ ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي كَانَ فِيهِ، وَبَعْدَمَا نَقَبُوا فُتْحَةً، أَنْزَلُوا ٱلْفِرَاشَ ٱلَّذِي كَانَ ٱلْمَشْلُولُ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ.+ ٥ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ+ قَالَ لِلْمَشْلُولِ: «يَا وَلَدِي، مَغْفُورَةٌ خَطَايَاكَ».+ ٦ وَكَانَ هُنَاكَ بَعْضُ ٱلْكَتَبَةِ جَالِسِينَ وَيَفْتَكِرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ:+ ٧ «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ هٰذَا ٱلرَّجُلُ هٰكَذَا؟ إِنَّهُ يُجَدِّفُ. مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا إِلَّا ٱللّٰهُ وَحْدَهُ؟».+ ٨ فَفِي ٱلْحَالِ أَدْرَكَ يَسُوعُ بِرُوحِهِ أَنَّهُمْ يَفْتَكِرُونَ هٰكَذَا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَفْتَكِرُونَ بِهٰذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟+ ٩ أَيُّمَا أَسْهَلُ، أَنْ يُقَالَ لِلْمَشْلُولِ: ‹مَغْفُورَةٌ خَطَايَاكَ›، أَمْ أَنْ يُقَالَ: ‹قُمْ وَٱحْمِلْ فِرَاشَكَ وَٱمْشِ›؟+ ١٠ وَلٰكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ+ سُلْطَةً أَنْ يَغْفِرَ ٱلْخَطَايَا عَلَى ٱلْأَرْضِ . . .».+ وَقَالَ لِلْمَشْلُولِ: ١١ «أَقُولُ لَكَ: قُمْ وَٱحْمِلْ فِرَاشَكَ وَٱذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ».+ ١٢ فَقَامَ، وَفِي ٱلْحَالِ حَمَلَ فِرَاشَهُ وَخَرَجَ مَاشِيًا أَمَامَهُمْ جَمِيعًا،+ حَتَّى بُهِتَ ٱلْجَمِيعُ وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ، قَائِلِينَ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ هٰذَا قَطُّ».+
١٣ ثُمَّ خَرَجَ ثَانِيَةً إِلَى جَانِبِ ٱلْبَحْرِ. وَأَتَى إِلَيْهِ ٱلْجَمْعُ كُلُّهُ، فَأَخَذَ يُعَلِّمُهُمْ. ١٤ وَبَيْنَمَا هُوَ مَارٌّ أَبْصَرَ لَاوِيَ+ بْنَ حَلْفَى جَالِسًا عِنْدَ مَكْتَبِ جِبَايَةِ ٱلضَّرَائِبِ، فَقَالَ لَهُ: «اِتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.+ ١٥ ثُمَّ حَدَثَ أَنَّهُ كَانَ مُتَّكِئًا إِلَى ٱلْمَائِدَةِ فِي بَيْتِهِ، وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنْ جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ+ وَٱلْخُطَاةِ مُتَّكِئِينَ مَعَ يَسُوعَ وَتَلَامِيذِهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ وَتَبِعُوهُ.+ ١٦ وَأَمَّا ٱلْكَتَبَةُ مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ ٱلْخُطَاةِ وَجُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ، قَالُوا لِتَلَامِيذِهِ: «أَيَأْكُلُ مَعَ جُبَاةِ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْخُطَاةِ؟».+ ١٧ فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذٰلِكَ قَالَ لَهُمْ: «لَا يَحْتَاجُ ٱلْأَقْوِيَاءُ إِلَى طَبِيبٍ، بَلِ ٱلسُّقَمَاءُ. مَا جِئْتُ لِأَدْعُوَ أَبْرَارًا، بَلْ خُطَاةً».+
١٨ وَكَانَ تَلَامِيذُ يُوحَنَّا وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ يَصُومُونَ. فَأَتَوْا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلَامِيذُ يُوحَنَّا وَتَلَامِيذُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ، وَأَمَّا تَلَامِيذُكَ فَلَا يَصُومُونَ؟».+ ١٩ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَيَسْتَطِيعُ أَصْدِقَاءُ ٱلْعَرِيسِ أَنْ يَصُومُوا وَٱلْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟+ مَا دَامَ ٱلْعَرِيسُ مَعَهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا.+ ٢٠ وَلٰكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ ٱلْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ.+ ٢١ لَا أَحَدَ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قُمَاشٍ جَدِيدٍ عَلَى رِدَاءٍ عَتِيقٍ، وَإِلَّا فَٱلْقُمَاشُ ٱلْجَدِيدُ يَنْكَمِشُ وَيَنْمَزِعُ عَنِ ٱلثَّوْبِ ٱلْعَتِيقِ، فَيَصِيرُ ٱلْخَرْقُ أَسْوَأَ.+ ٢٢ وَلَا أَحَدَ يَضَعُ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ عَتِيقَةٍ، وَإِلَّا فَٱلْخَمْرُ تَشُقُّ ٱلزِّقَاقَ، فَتُرَاقُ ٱلْخَمْرُ وَتَتْلَفُ ٱلزِّقَاقُ.+ بَلْ يَضَعُونَ خَمْرًا جَدِيدَةً فِي زِقَاقٍ جَدِيدَةٍ».+
٢٣ وَحَدَثَ أَنَّهُ كَانَ فِي ٱلسَّبْتِ مُجْتَازًا فِي حُقُولِ ٱلزَّرْعِ، فَأَخَذَ تَلَامِيذُهُ يَقْطِفُونَ+ ٱلسَّنَابِلَ وَهُمْ سَائِرُونَ.+ ٢٤ فَقَالَ لَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ: «اُنْظُرْ! لِمَاذَا يَفْعَلُونَ فِي ٱلسَّبْتِ مَا لَا يَحِلُّ؟».+ ٢٥ فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَ دَاوُدُ+ حِينَ ٱحْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ؟+ ٢٦ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ ٱللّٰهِ، فِي ٱلرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيَاثَارَ+ ٱلْكَاهِنِ ٱلْكَبِيرِ، وَأَكَلَ أَرْغِفَةَ ٱلتَّقْدِمَةِ،+ ٱلَّتِي لَا يَحِلُّ+ أَكْلُهَا إِلَّا لِلْكَهَنَةِ، وَأَعْطَى مِنْهَا أَيْضًا لِلَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ؟».+ ٢٧ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ٱلسَّبْتَ وُجِدَ لِأَجْلِ ٱلْإِنْسَانِ،+ لَا ٱلْإِنْسَانُ لِأَجْلِ ٱلسَّبْتِ.+ ٢٨ إِذًا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ ٱلسَّبْتِ أَيْضًا».+
٣ ثُمَّ دَخَلَ ثَانِيَةً إِلَى مَجْمَعٍ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ.+ ٢ فَكَانُوا يُرَاقِبُونَهُ عَنْ كَثَبٍ لِيَرَوْا هَلْ يَشْفِي ٱلرَّجُلَ فِي ٱلسَّبْتِ، لِكَيْ يَتَّهِمُوهُ.+ ٣ فَقَالَ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَدُهُ يَابِسَةٌ: «قُمْ إِلَى ٱلْوَسَطِ». ٤ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «أَيَحِلُّ فِي ٱلسَّبْتِ فِعْلُ عَمَلٍ صَالِحٍ أَمْ فِعْلُ عَمَلٍ رَدِيءٍ، تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَمْ قَتْلُهَا؟».+ أَمَّا هُمْ فَظَلُّوا سَاكِتِينَ. ٥ فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَيْظٍ، وَهُوَ حَزِينٌ كُلَّ ٱلْحُزْنِ عَلَى تَصَلُّبِ قُلُوبِهِمْ،+ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً.+ ٦ عِنْدَئِذٍ خَرَجَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَعَلَى ٱلْفَوْرِ عَقَدُوا مَجْلِسَ شُورَى فِي أَمْرِهِ مَعَ أَعْضَاءِ حِزْبِ هِيرُودُسَ،+ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.+
٧ أَمَّا يَسُوعُ فَٱنْصَرَفَ مَعَ تَلَامِيذِهِ إِلَى ٱلْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ ٱلْجَلِيلِ وَمِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ.+ ٨ حَتَّى مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَا وَمِنْ عِبْرِ ٱلْأُرْدُنِّ وَحَوْلِ صُورَ+ وَصَيْدُونَ، جَاءَ إِلَيْهِ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ كَانَ يَصْنَعُ. ٩ فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ أَنْ يُبْقُوا فِي خِدْمَتِهِ مَرْكَبًا صَغِيرًا كَيْ لَا يَزْدَحِمَ عَلَيْهِ ٱلْجَمْعُ. ١٠ لِأَنَّهُ شَفَى كَثِيرِينَ، حَتَّى كَانَ كُلُّ مَنْ بِهِمْ عِلَلٌ مُضْنِيَةٌ يَقَعُونَ عَلَيْهِ لِيَلْمُسُوهُ.+ ١١ حَتَّى ٱلْأَرْوَاحُ ٱلنَّجِسَةُ+ كَانَتْ، حِينَ تُبْصِرُهُ، تَخُرُّ أَمَامَهُ وَتَصْرُخُ قَائِلَةً: «أَنْتَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ».+ ١٢ لٰكِنَّهُ أَوْصَاهَا مِرَارًا بِلَهْجَةٍ شَدِيدَةٍ أَلَّا تَشْهَرَهُ.+
١٣ وَصَعِدَ إِلَى جَبَلٍ وَٱسْتَدْعَى ٱلَّذِينَ أَرَادَهُمْ،+ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ.+ ١٤ وَأَقَامَ فَرِيقًا مِنِ ٱثْنَيْ عَشَرَ، سَمَّاهُمْ «رُسُلًا»، لِيَبْقَوْا مَعَهُ وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا+ ١٥ وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَةٌ أَنْ يُخْرِجُوا ٱلشَّيَاطِينَ.+
١٦ وَكَانَ فَرِيقُ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ ٱلَّذِي شَكَّلَهُ: سِمْعَانَ، ٱلَّذِي أَعْطَاهُ أَيْضًا ٱللَّقَبَ بُطْرُسَ،+ ١٧ وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبَدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ+ (وَأَعْطَاهُمَا أَيْضًا ٱللَّقَبَ بُوَانَرْجِسَ، ٱلَّذِي يَعْنِي: اِبْنَيِ ٱلرَّعْدِ)، ١٨ وَأَنْدَرَاوُسَ وَفِيلِبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ وَمَتَّى وَتُومَا وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَتَدَّاوُسَ وَسِمْعَانَ ٱلْغَيُورَ ١٩ وَيَهُوذَا ٱلْإِسْخَرْيُوطِيَّ، ٱلَّذِي سَلَّمَهُ فِي مَا بَعْدُ.+
وَأَتَى إِلَى بَيْتٍ. ٢٠ فَٱجْتَمَعَ ٱلْجَمْعُ ثَانِيَةً، حَتَّى لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَامًا.+ ٢١ وَلٰكِنْ لَمَّا سَمِعَ ذَوُوهُ+ بِٱلْأَمْرِ، خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: «إِنَّهُ فَقَدَ عَقْلَهُ».+ ٢٢ وَأَيْضًا كَانَ ٱلْكَتَبَةُ ٱلَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ يَقُولُونَ: «إِنَّ بِهِ بِيلَزَبُوبَ، وَإِنَّهُ يُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ بِرَئِيسِ ٱلشَّيَاطِينِ».+ ٢٣ فَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بِأَمْثَالٍ: «كَيْفَ يَقْدِرُ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يُخْرِجَ ٱلشَّيْطَانَ؟ ٢٤ فَإِنِ ٱنْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا، لَا يُمْكِنُ لِتِلْكَ ٱلْمَمْلَكَةِ أَنْ تَثْبُتَ.+ ٢٥ وَإِنِ ٱنْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ، لَا يَسْتَطِيعُ ذٰلِكَ ٱلْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ.+ ٢٦ وَإِنْ قَامَ ٱلشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَٱنْقَسَمَ، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ هُوَ آيِلٌ إِلَى نِهَايَتِهِ.+ ٢٧ فَمَا مِنْ أَحَدٍ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ قَوِيٍّ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْهَبَ+ أَمْتِعَتَهُ إِنْ لَمْ يُقَيِّدِ ٱلرَّجُلَ ٱلْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ.+ ٢٨ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُغْفَرُ لِبَنِي ٱلْبَشَرِ، مَهْمَا كَانَتِ ٱلْخَطَايَا وَٱلتَّجَادِيفُ ٱلَّتِي يُجَدِّفُونَ بِهَا.+ ٢٩ وَلٰكِنْ، مَنْ جَدَّفَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، فَلَا مَغْفِرَةَ لَهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُذْنِبٌ بِخَطِيَّةٍ أَبَدِيَّةٍ».+ ٣٠ ذٰلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: «بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ».+
٣١ وَجَاءَتْ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ،+ وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ وَهُمْ وَاقِفُونَ فِي ٱلْخَارِجِ.+ ٣٢ وَكَانَ جَمْعٌ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ».+ ٣٣ فَأَجَابَهُمْ قَائِلًا: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟»،+ ٣٤ وَأَدَارَ نَظَرَهُ فِي ٱلْجَالِسِينَ حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي!+ ٣٥ مَنْ يَفْعَلُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ فَذَاكَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».+
٤ وَٱبْتَدَأَ ثَانِيَةً يُعَلِّمُ بِجَانِبِ ٱلْبَحْرِ.+ فَٱجْتَمَعَ بِقُرْبِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ جِدًّا، حَتَّى إِنَّهُ صَعِدَ إِلَى مَرْكَبٍ وَجَلَسَ عَلَى مَسَافَةٍ فِي ٱلْبَحْرِ، وَأَمَّا ٱلْجَمْعُ كُلُّهُ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ فَكَانَ عَلَى ٱلشَّاطِئِ.+ ٢ فَأَخَذَ يُعَلِّمُهُمْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً بِأَمْثَالٍ+ وَيَقُولُ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ:+ ٣ «اِسْمَعُوا. هُوَذَا ٱلزَّارِعُ خَرَجَ لِيَزْرَعَ.+ ٤ وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ، سَقَطَ بَعْضُ ٱلْبِذَارِ عَلَى جَانِبِ ٱلطَّرِيقِ، فَجَاءَتِ ٱلطُّيُورُ وَأَكَلَتْهُ.+ ٥ وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى مَكَانٍ صَخْرِيٍّ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ فِي ٱلْحَالِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ تُرْبَةٍ.+ ٦ وَلٰكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ لُفِحَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ يَبِسَ.+ ٧ وَسَقَطَ آخَرُ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ، فَطَلَعَ ٱلشَّوْكُ وَخَنَقَهُ، فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا.+ ٨ وَلٰكِنْ سَقَطَتْ حَبَّاتٌ أُخْرَى عَلَى ٱلتُّرْبَةِ ٱلْجَيِّدَةِ،+ وَإِذْ طَلَعَتْ وَنَمَتْ، أَعْطَتْ ثَمَرًا، حَامِلَةً ثَلَاثِينَ ضِعْفًا، وَسِتِّينَ وَمِئَةً».+ ٩ وَأَضَافَ قَائِلًا: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ».+
١٠ وَلَمَّا صَارَ وَحْدَهُ، سَأَلَهُ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُ مَعَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ عَنِ ٱلْأَمْثَالِ.+ ١١ فَقَالَ لَهُمْ: «لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ ٱلسِّرُّ ٱلْمُقَدَّسُ،+ سِرُّ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي ٱلْخَارِجِ فَكُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ تَكُونُ لَهُمْ بِأَمْثَالٍ،+ ١٢ لِكَيْ يَكُونُوا وَهُمْ نَاظِرُونَ، يَنْظُرُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ، وَهُمْ سَامِعُونَ، يَسْمَعُونَ وَلَا يَفْهَمُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَبَدًا فَيُغْفَرُ لَهُمْ».+ ١٣ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ، فَكَيْفَ سَتَفْهَمُونَ سَائِرَ ٱلْأَمْثَالِ؟
١٤ «اَلزَّارِعُ يَزْرَعُ ٱلْكَلِمَةَ.+ ١٥ وَٱلْبِذَارُ ٱلَّذِي يَسْقُطُ عَلَى جَانِبِ ٱلطَّرِيقِ هُوَ ٱلْكَلِمَةُ ٱلْمَزْرُوعَةُ فِي ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ حَالَمَا يَسْمَعُونَهَا يَأْتِي ٱلشَّيْطَانُ+ وَيَنْزِعُ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمَزْرُوعَةَ فِيهِمْ.+ ١٦ وَكَذٰلِكَ حَالُ ٱلْمَزْرُوعِ عَلَى ٱلْأَمَاكِنِ ٱلصَّخْرِيَّةِ: فَحَالَمَا يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ، يَقْبَلُونَهَا بِفَرَحٍ.+ ١٧ وَلٰكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. ثُمَّ حَالَمَا يَحْدُثُ ضِيقٌ أَوِ ٱضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ ٱلْكَلِمَةِ يَعْثُرُونَ.+ ١٨ وَهُنَالِكَ أَيْضًا ٱلْبَعْضُ ٱلْآخَرُ ٱلْمَزْرُوعُ بَيْنَ ٱلشَّوْكِ، وَهُوَ مَنْ سَمِعُوا ٱلْكَلِمَةَ،+ ١٩ إِلَّا أَنَّ هُمُومَ+ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا وَقُوَّةَ ٱلْغِنَى ٱلْخَادِعَةَ+ وَشَهَوَاتِ+ بَاقِي ٱلْأَشْيَاءِ تَغْزُو وَتَخْنُقُ ٱلْكَلِمَةَ، فَتَصِيرُ بِلَا ثَمَرٍ.+ ٢٠ وَأَخِيرًا، ٱلَّذِي زُرِعَ فِي ٱلتُّرْبَةِ ٱلْجَيِّدَةِ هُوَ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ ٱلْكَلِمَةَ وَيَقْبَلُونَهَا وَيُثْمِرُونَ ثَلَاثِينَ ضِعْفًا وَسِتِّينَ وَمِئَةً».+
٢١ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يُؤْتَى بِسِرَاجٍ لِيُوضَعَ تَحْتَ ٱلْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ ٱلسَّرِيرِ؟ أَلَيْسَ لِيُوضَعَ عَلَى ٱلْمَنَارَةِ؟+ ٢٢ فَمَا مِنْ خَفِيٍّ إِلَّا سَيُكْشَفُ، وَلَا كُتِمَ شَيْءٌ إِلَّا لِيُعْلَنَ.+ ٢٣ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ».+
٢٤ وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا: «اِنْتَبِهُوا لِمَا تَسْمَعُونَ!+ بِٱلْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ، يُكَالُ لَكُمْ+ وَيُزَادُ لَكُمْ.+ ٢٥ لِأَنَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى ٱلْمَزِيدَ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ، فَحَتَّى ٱلَّذِي لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».+
٢٦ ثُمَّ قَالَ: «هٰكَذَا هُوَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ كَأَنَّ إِنْسَانًا يُلْقِي ٱلْبِذَارَ عَلَى ٱلْأَرْضِ،+ ٢٧ وَيَنَامُ لَيْلًا وَيَقُومُ نَهَارًا، وَٱلْبِذَارُ يُفْرِخُ وَيَعْلُو، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ كَيْفَ.+ ٢٨ فَٱلْأَرْضُ مِنْ ذَاتِهَا تُثْمِرُ تَدْرِيجِيًّا، أَوَّلًا وَرَقَ ٱلزَّرْعِ، ثُمَّ ٱلسُّنْبُلَ، وَأَخِيرًا ٱلْحَبَّ ٱلْمُكْتَمِلَ فِي ٱلسُّنْبُلِ. ٢٩ وَلٰكِنْ حَالَمَا يُدْرِكُ ٱلثَّمَرُ، يُعْمِلُ فِيهِ ٱلْمِنْجَلَ، لِأَنَّ وَقْتَ ٱلْحَصَادِ قَدْ حَانَ».
٣٠ ثُمَّ قَالَ: «بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ، أَوْ بِأَيِّ مَثَلٍ نُمَثِّلُهُ؟+ ٣١ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، ٱلَّتِي حِينَ تُزْرَعُ فِي ٱلْأَرْضِ تَكُونُ أَصْغَرَ جَمِيعِ ٱلْبُزُورِ ٱلَّتِي عَلَى ٱلْأَرْضِ،+ ٣٢ وَلٰكِنْ مَتَى زُرِعَتْ، تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلْبُقُولِ وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً،+ حَتَّى إِنَّ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ+ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَجِدَ مَأْوًى فِي ظِلِّهَا».+
٣٣ بِأَمْثَالٍ+ كَثِيرَةٍ مِثْلِ هٰذِهِ كَانَ يُخَاطِبُهُمْ بِٱلْكَلِمَةِ، عَلَى قَدْرِ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَسْمَعُوا. ٣٤ وَبِدُونِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ، وَلٰكِنَّهُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ كَانَ يَشْرَحُ لِتَلَامِيذِهِ كُلَّ شَيْءٍ.+
٣٥ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، عِنْدَمَا حَلَّ ٱلْمَسَاءُ، قَالَ لَهُمْ: «لِنَعْبُرْ إِلَى ٱلشَّاطِئِ ٱلْآخَرِ».+ ٣٦ فَلَمَّا صَرَفُوا ٱلْجَمْعَ، أَخَذُوهُ فِي ٱلْمَرْكَبِ ٱلَّذِي كَانَ فِيهِ، وَكَانَتْ مَعَهُ مَرَاكِبُ أُخْرَى.+ ٣٧ وَهَبَّتْ عَاصِفَةُ رِيحٍ عَنِيفَةٌ جِدًّا، وَأَخَذَتِ ٱلْأَمْوَاجُ تَنْدَفِعُ عَلَى ٱلْمَرْكَبِ، حَتَّى أَوْشَكَ ٱلْمَرْكَبُ أَنْ يُغْمَرَ.+ ٣٨ وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ فِي ٱلْمُؤَخَّرِ، نَائِمًا عَلَى وِسَادَةٍ. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّنَا نَكَادُ نَهْلِكُ؟».+ ٣٩ فَنَهَضَ وَٱنْتَهَرَ ٱلرِّيحَ وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «صَهْ! اِهْدَأْ!».+ فَهَدَأَتِ ٱلرِّيحُ، وَسَادَ سُكُونٌ عَظِيمٌ.+ ٤٠ فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ ضُعَفَاءُ ٱلْقَلْبِ؟ أَلَيْسَ لَكُمْ إِيمَانٌ بَعْدُ؟». ٤١ وَلٰكِنَّهُمْ شَعَرُوا بِخَوْفٍ غَيْرِ عَادِيٍّ، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هٰذَا حَقًّا، لِأَنَّهُ حَتَّى ٱلرِّيحُ وَٱلْبَحْرُ يُطِيعَانِهِ؟».+
٥ وَوَصَلُوا إِلَى ضَفَّةِ ٱلْبَحْرِ ٱلْأُخْرَى إِلَى كُورَةِ ٱلْجِرَاسِيِّينَ.+ ٢ وَحَالَمَا خَرَجَ مِنَ ٱلْمَرْكَبِ لَاقَاهُ مِنْ بَيْنِ ٱلْقُبُورِ ٱلتَّذْكَارِيَّةِ إِنْسَانٌ يُسَيْطِرُ عَلَيْهِ رُوحٌ نَجِسٌ.+ ٣ كَانَ مَأْوَاهُ بَيْنَ ٱلْقُبُورِ. وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ قَطُّ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِإِحْكَامٍ حَتَّى بِسِلْسِلَةٍ، ٤ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا قُيِّدَ بِأَكْبَالٍ وَسَلَاسِلَ، لٰكِنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ ٱلسَّلَاسِلَ وَيُحَطِّمُ ٱلْأَكْبَالَ، وَلَمْ يَقْوَ أَحَدٌ عَلَى تَذْلِيلِهِ. ٥ وَكَانَ عَلَى ٱلدَّوَامِ، لَيْلًا وَنَهَارًا، يَصْرُخُ فِي ٱلْقُبُورِ وَفِي ٱلْجِبَالِ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِٱلْحِجَارَةِ. ٦ فَلَمَّا أَبْصَرَ يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ، ٧ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَالٍ+ وَقَالَ: «مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ؟+ أَسْتَحْلِفُكَ+ بِٱللّٰهِ أَلَّا تُعَذِّبَنِي».+ ٨ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُ: «اُخْرُجْ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ، أَيُّهَا ٱلرُّوحُ ٱلنَّجِسُ».+ ٩ وَسَأَلَهُ: «مَا ٱسْمُكَ؟». فَقَالَ لَهُ: «اِسْمِي فَيْلَقٌ،+ لِأَنَّنَا كَثِيرُونَ».+ ١٠ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ مِرَارًا كَثِيرَةً أَلَّا يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ ٱلْكُورَةِ.+
١١ وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ ٱلْجَبَلِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ ٱلْخَنَازِيرِ+ يَرْعَى.+ ١٢ فَتَوَسَّلَتِ ٱلْأَرْوَاحُ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «أَرْسِلْنَا إِلَى ٱلْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». ١٣ فَسَمَحَ لَهَا. فَخَرَجَتِ ٱلْأَرْوَاحُ ٱلنَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي ٱلْخَنَازِيرِ. فَٱنْدَفَعَ ٱلْقَطِيعُ مِنْ عَلَى ٱلْجُرُفِ إِلَى ٱلْبَحْرِ، وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ، فَغَرِقَتِ ٱلْخَنَازِيرُ وَاحِدًا فَوَاحِدًا فِي ٱلْبَحْرِ.+ ١٤ وَأَمَّا رُعْيَانُهَا فَهَرَبُوا وَأَذَاعُوا ٱلْخَبَرَ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَفِي ٱلْأَرْيَافِ. فَجَاءَ ٱلنَّاسُ لِيَرَوْا مَا ٱلَّذِي حَدَثَ.+ ١٥ وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ، وَأَبْصَرُوا ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي كَانَتِ ٱلشَّيَاطِينُ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِ جَالِسًا لَابِسًا وَسَلِيمَ ٱلْعَقْلِ، ذَاكَ ٱلَّذِي كَانَ بِهِ ٱلْفَيْلَقُ، فَخَافُوا. ١٦ وَحَدَّثَهُمُ ٱلنَّاظِرُونَ كَيْفَ جَرَى ذٰلِكَ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي كَانَتِ ٱلشَّيَاطِينُ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِ، وَعَنِ ٱلْخَنَازِيرِ. ١٧ فَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ نَوَاحِيهِمْ.+
١٨ وَبَيْنَمَا هُوَ صَاعِدٌ إِلَى ٱلْمَرْكَبِ، أَخَذَ ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي كَانَتِ ٱلشَّيَاطِينُ تُسَيْطِرُ عَلَيْهِ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَبْقَى هُوَ مَعَهُ.+ ١٩ فَلَمْ يَدَعْهُ، بَلْ قَالَ لَهُ: «اِذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ إِلَى ذَوِيكَ،+ وَأَخْبِرْهُمْ بِكُلِّ مَا فَعَلَ يَهْوَهُ+ لَكَ وَبِرَحْمَتِهِ+ لَكَ». ٢٠ فَذَهَبَ وَٱبْتَدَأَ يُنَادِي فِي ٱلدِّكَابُولِيسِ+ بِكُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ لَهُ، فَتَعَجَّبَ ٱلْجَمِيعُ.+
٢١ وَبَعْدَمَا عَادَ يَسُوعُ وَعَبَرَ فِي ٱلْمَرْكَبِ إِلَى ٱلشَّاطِئِ ٱلْمُقَابِلِ، ٱجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ بِجَانِبِ ٱلْبَحْرِ.+ ٢٢ فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ ٱلْمَجْمَعِ ٱسْمُهُ يَايِرُسُ، وَلَمَّا رَآهُ سَقَطَ عِنْدَ قَدَمَيْهِ+ ٢٣ وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ مِرَارًا كَثِيرَةً قَائِلًا: «اِبْنَتِي ٱلصَّغِيرَةُ تُشْرِفُ عَلَى ٱلْمَوْتِ. تَعَالَ مِنْ فَضْلِكَ وَضَعْ يَدَيْكَ+ عَلَيْهَا لِتَتَعَافَى وَتَحْيَا».+ ٢٤ فَذَهَبَ مَعَهُ. وَكَانَ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَتْبَعُهُ وَيَزْحَمُهُ.+
٢٥ وَكَانَتِ ٱمْرَأَةٌ بِهَا سَيْلُ دَمٍ+ مُنْذُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً،+ ٢٦ وَقَدْ عَانَتْ أَوْجَاعًا كَثِيرَةً مِنْ أَطِبَّاءَ+ كَثِيرِينَ وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئًا، بَلْ بِٱلْأَحْرَى صَارَتْ إِلَى حَالَةٍ أَسْوَأَ. ٢٧ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِأَخْبَارِ يَسُوعَ، جَاءَتْ فِي ٱلْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ وَلَمَسَتْ+ رِدَاءَهُ، ٢٨ لِأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ لَمَسْتُ وَلَوْ رِدَاءَهُ، شُفِيتُ».+ ٢٩ وَفِي ٱلْحَالِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَأَحَسَّتْ فِي جَسَدِهَا أَنَّهَا شُفِيَتْ مِنْ مَرَضِهَا ٱلْمُضْنِي.+
٣٠ وَفِي ٱلْحَالِ أَدْرَكَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ قُوَّةً+ قَدْ خَرَجَتْ مِنْهُ، فَٱلْتَفَتَ فِي ٱلْجَمْعِ يَقُولُ: «مَنْ لَمَسَ رِدَائِي؟».+ ٣١ فَقَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: «تَرَى ٱلْجَمْعَ يَزْحَمُكَ+ وَتَقُولُ: ‹مَنْ لَمَسَنِي؟›». ٣٢ لٰكِنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى ٱلَّتِي فَعَلَتْ ذٰلِكَ. ٣٣ وَأَمَّا ٱلْمَرْأَةُ فَأَتَتْ وَهِيَ مُرْتَاعَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا جَرَى لَهَا، وَخَرَّتْ أَمَامَهُ وَقَالَتْ لَهُ ٱلْحَقِيقَةَ كُلَّهَا.+ ٣٤ فَقَالَ لَهَا: «يَا ٱبْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. اِذْهَبِي بِسَلَامٍ،+ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ مَرَضِكِ ٱلْمُضْنِي».+
٣٥ وَإِذْ كَانَ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ، جَاءَ أُنَاسٌ مِنْ بَيْتِ رَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ وَقَالُوا: «اِبْنَتُكَ مَاتَتْ! لِمَاذَا تُزْعِجُ ٱلْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟».+ ٣٦ فَلَمَّا وَقَعَتْ فِي سَمْعِ يَسُوعَ ٱلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي قِيلَتْ، قَالَ لِرَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ: «لَا تَخَفْ، آمِنْ فَقَطْ».+ ٣٧ وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ إِلَّا بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ.+
٣٨ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ، فَرَأَى ٱلْجَلَبَةَ وَٱلَّذِينَ يَبْكُونَ وَيُعْوِلُونَ كَثِيرًا، ٣٩ وَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُمْ: «لِمَ ٱلْجَلَبَةُ وَٱلْبُكَاءُ؟ لَمْ تَمُتِ ٱلْبِنْتُ لٰكِنَّهَا نَائِمَةٌ».+ ٤٠ فَضَحِكُوا عَلَيْهِ بِٱزْدِرَاءٍ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ ٱلْجَمِيعَ وَأَخَذَ مَعَهُ أَبَا ٱلْبِنْتِ وَأُمَّهَا وَٱلَّذِينَ مَعَهُ، وَدَخَلَ إِلَى حَيْثُ كَانَتِ ٱلْبِنْتُ.+ ٤١ وَأَمْسَكَ بِيَدِ ٱلْبِنْتِ وَقَالَ لَهَا: «طَالِيثَا قُومِي»، ٱلَّذِي يَعْنِي عِنْدَ تَرْجَمَتِهِ: «يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ: قُومِي!».+ ٤٢ وَفِي ٱلْحَالِ قَامَتِ ٱلصَّبِيَّةُ وَأَخَذَتْ تَمْشِي، وَكَانَتِ ٱبْنَةَ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَلَمْ يَمْلِكُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ شِدَّةِ ٱلْفَرَحِ ٱلَّذِي غَمَرَهُمْ.+ ٤٣ وَأَوْصَاهُمْ مِرَارًا أَلَّا يَعْلَمَ+ أَحَدٌ بِذٰلِكَ، وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ.
٦ وَرَحَلَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى مَوْطِنِهِ، وَتَبِعَهُ تَلَامِيذُهُ.+ ٢ وَلَمَّا أَتَى ٱلسَّبْتُ، ٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُ فِي ٱلْمَجْمَعِ. فَذَهِلَ أَكْثَرُ ٱلسَّامِعِينَ وَقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لَهُ هٰذِهِ؟+ وَلِمَاذَا أُعْطِيَتْ لَهُ هٰذِهِ ٱلْحِكْمَةُ، وَتُجْرَى عَلَى يَدَيْهِ هٰذِهِ ٱلْقُوَّاتُ؟ ٣ أَلَيْسَ هٰذَا هُوَ ٱلنَّجَّارَ+ ٱبْنَ مَرْيَمَ+ وَأَخَا يَعْقُوبَ+ وَيُوسُفَ وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟+ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ* هُنَا عِنْدَنَا؟». فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ.+ ٤ أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ نَبِيٌّ بِلَا كَرَامَةٍ إِلَّا فِي مَوْطِنِهِ+ وَبَيْنَ أَهْلِهِ وَفِي بَيْتِهِ».+ ٥ وَلَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ أَيَّةَ قُوَّةٍ سِوَى أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ. ٦ وَتَعَجَّبَ مِنْ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ. وَطَافَ بِٱلْقُرَى ٱلْمُحِيطَةِ يُعَلِّمُ.+
٧ وَٱسْتَدْعَى ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ،+ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَةً عَلَى ٱلْأَرْوَاحِ ٱلنَّجِسَةِ.+ ٨ وَأَوْصَاهُمْ أَلَّا يَحْمِلُوا شَيْئًا لِلطَّرِيقِ سِوَى عُكَّازٍ فَقَطْ، لَا خُبْزًا وَلَا مِزْوَدًا+ وَلَا نُقُودًا مِنَ ٱلنُّحَاسِ فِي جُيُوبِ مَنَاطِقِهِمْ،+ ٩ بَلْ أَنْ يَشُدُّوا نَعْلَيْهِمْ، وَلَا يَلْبَسُوا قَمِيصَيْنِ.+ ١٠ وَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُمَا دَخَلْتُمْ بَيْتًا،+ فَٱمْكُثُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا مِنْ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ.+ ١١ وَأَيُّ مَكَانٍ لَا يَقْبَلُكُمْ وَلَا يَسْمَعُ لَكُمْ، فَلَدَى خُرُوجِكُمْ مِنْ هُنَاكَ ٱنْفُضُوا ٱلتُّرَابَ ٱلَّذِي تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ شَهَادَةً لَهُمْ».+ ١٢ فَٱنْطَلَقُوا وَكَرَزُوا لِكَيْ يَتُوبَ ٱلنَّاسُ.+ ١٣ وَكَانُوا يُخْرِجُونَ شَيَاطِينَ+ كَثِيرَةً وَيَدْهُنُونَ بِٱلزَّيْتِ مَرْضَى+ كَثِيرِينَ وَيَشْفُونَهُمْ.+
١٤ وَبَلَغَ ٱلْأَمْرُ مَسَامِعَ ٱلْمَلِكِ هِيرُودُسَ، لِأَنَّ ٱسْمَ يَسُوعَ صَارَ مَشْهُورًا، وَكَانَ أُنَاسٌ يَقُولُونَ: «إِنَّ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدَ قَدْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، وَلِذٰلِكَ تُعْمَلُ بِهِ ٱلْقُوَّاتُ».+ ١٥ وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: «إِنَّهُ إِيلِيَّا».+ وَآخَرُونَ أَيْضًا يَقُولُونَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ كَأَحَدِ ٱلْأَنْبِيَاءِ».+ ١٦ وَلٰكِنْ لَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ بِذٰلِكَ، قَالَ: «هٰذَا يُوحَنَّا ٱلَّذِي قَطَعْتُ أَنَا رَأْسَهُ قَدْ قَامَ».+ ١٧ فَإِنَّ هِيرُودُسَ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ أَرْسَلَ وَقَبَضَ عَلَى يُوحَنَّا وَقَيَّدَهُ فِي ٱلسِّجْنِ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا زَوْجَةِ فِيلِبُّسَ أَخِيهِ، لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا.+ ١٨ فَإِنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لِهِيرُودُسَ: «لَا يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةُ أَخِيكَ لَكَ».+ ١٩ وَلٰكِنَّ هِيرُودِيَّا كَانَتْ تُضْمِرُ لَهُ ضَغِينَةً+ وَتُرِيدُ قَتْلَهُ، وَلَمْ تَقْدِرْ.+ ٢٠ فَقَدْ كَانَ هِيرُودُسُ يَخَافُ+ يُوحَنَّا، عَالِمًا أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقُدُّوسٌ،+ وَكَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهِ. وَبَعْدَمَا سَمِعَهُ+ حَارَ جِدًّا فِي أَمْرِهِ، إِلَّا أَنَّهُ ٱسْتَمَرَّ يَسْمَعُهُ بِسُرُورٍ.
٢١ ثُمَّ سَنَحَتِ ٱلْفُرْصَةُ+ عِنْدَمَا صَنَعَ هِيرُودُسُ فِي يَوْمِ مِيلَادِهِ+ عَشَاءً لِرِجَالِهِ ذَوِي ٱلْمَنَاصِبِ ٱلرَّفِيعَةِ وَقُوَّادِ ٱلْجُنْدِ وَوُجُوهِ ٱلْجَلِيلِ. ٢٢ وَدَخَلَتِ ٱبْنَةُ هِيرُودِيَّا هٰذِهِ وَرَقَصَتْ، فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ وَٱلْمُتَّكِئِينَ+ مَعَهُ. فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِلصَّبِيَّةِ: «اُطْلُبِي مِنِّي مَا تُرِيدِينَ، فَأُعْطِيَكِ». ٢٣ وَحَلَفَ لَهَا: «مَهْمَا طَلَبْتِ مِنِّي أُعْطِيكِ،+ وَلَوْ إِلَى نِصْفِ مَمْلَكَتِي».+ ٢٤ فَخَرَجَتْ وَقَالَتْ لِأُمِّهَا: «مَاذَا أَطْلُبُ؟». قَالَتْ: «رَأْسَ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدِ».+ ٢٥ وَفِي ٱلْحَالِ دَخَلَتْ مُسْرِعَةً إِلَى ٱلْمَلِكِ وَطَلَبَتْ قَائِلَةً: «أُرِيدُ أَنْ تُعْطِيَنِي عَلَى ٱلْفَوْرِ رَأْسَ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ عَلَى طَبَقٍ كَبِيرٍ». ٢٦ فَحَزِنَ ٱلْمَلِكُ جِدًّا، وَلٰكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَجَاهَلَهَا، بِسَبَبِ ٱلْأَقْسَامِ وَٱلْمُتَّكِئِينَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ.+ ٢٧ فَأَرْسَلَ ٱلْمَلِكُ فِي ٱلْحَالِ وَاحِدًا مِنَ ٱلْحَرَسِ ٱلْخَاصِّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَأْسِهِ. فَمَضَى وَقَطَعَ رَأْسَهُ فِي ٱلسِّجْنِ+ ٢٨ وَأَتَى بِرَأْسِهِ عَلَى طَبَقٍ كَبِيرٍ، وَأَعْطَاهُ لِلصَّبِيَّةِ، وَٱلصَّبِيَّةُ أَعْطَتْهُ لِأُمِّهَا.+ ٢٩ وَلَمَّا سَمِعَ تَلَامِيذُهُ بِذٰلِكَ جَاءُوا وَرَفَعُوا جُثَّتَهُ وَوَضَعُوهَا فِي قَبْرٍ تَذْكَارِيٍّ.+
٣٠ وَٱجْتَمَعَ ٱلرُّسُلُ أَمَامَ يَسُوعَ وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ مَا فَعَلُوا وَعَلَّمُوا.+ ٣١ فَقَالَ لَهُمْ: «تَعَالَوْا أَنْتُمْ عَلَى ٱنْفِرَادٍ إِلَى مَكَانٍ خَلَاءٍ+ وَٱسْتَرِيحُوا قَلِيلًا».+ فَإِنَّ ٱلْآتِينَ وَٱلذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَقْتُ فَرَاغٍ حَتَّى لِتَنَاوُلِ ٱلطَّعَامِ.+ ٣٢ فَمَضَوْا فِي ٱلْمَرْكَبِ إِلَى مَكَانٍ خَلَاءٍ مُنْفَرِدِينَ.+ ٣٣ وَلٰكِنَّ ٱلنَّاسَ رَأَوْهُمْ ذَاهِبِينَ وَعَرَفَ كَثِيرُونَ ذٰلِكَ، فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْمُدُنِ جَرْيًا عَلَى ٱلْأَقْدَامِ وَسَبَقُوهُمْ.+ ٣٤ وَلَمَّا خَرَجَ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا، فَأَشْفَقَ+ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا كَخِرَافٍ لَا رَاعِيَ لَهَا.+ فَٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً.+
٣٥ وَإِذْ كَانَتِ ٱلسَّاعَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ، دَنَا إِلَيْهِ تَلَامِيذُهُ وَقَالُوا: «اَلْمَكَانُ مُنْعَزِلٌ، وَٱلسَّاعَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ.+ ٣٦ اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى ٱلْأَرْيَافِ وَٱلْقُرَى ٱلْمُحِيطَةِ وَيَشْتَرُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا يَأْكُلُونَ».+ ٣٧ فَأَجَابَهُمْ قَائِلًا: «أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ مَا يَأْكُلُونَ». فَقَالُوا لَهُ: «أَنَمْضِي وَنَشْتَرِي خُبْزًا بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيهِمْ لِيَأْكُلُوا؟».+ ٣٨ قَالَ لَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمْ؟ اِذْهَبُوا وَٱنْظُرُوا!». فَتَحَقَّقُوا وَقَالُوا: «خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ».+ ٣٩ فَأَمَرَ ٱلْجَمِيعَ أَنْ يَتَّكِئُوا مَجْمُوعَاتٍ+ عَلَى ٱلْعُشْبِ ٱلْأَخْضَرِ.+ ٤٠ فَٱتَّكَأُوا فِي فِرَقٍ مِنْ مِئَةٍ وَمِنْ خَمْسِينَ.+ ٤١ فَأَخَذَ ٱلْأَرْغِفَةَ ٱلْخَمْسَةَ وَٱلسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَبَارَكَ،+ وَكَسَرَ+ ٱلْأَرْغِفَةَ وَأَعْطَاهَا لِلتَّلَامِيذِ لِيُقَدِّمُوهَا لِلنَّاسِ. وَقَسَّمَ ٱلسَّمَكَتَيْنِ عَلَى ٱلْجَمِيعِ. ٤٢ فَأَكَلَ ٱلْجَمِيعُ وَشَبِعُوا.+ ٤٣ وَرَفَعُوا مِنَ ٱلْكِسَرِ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَلْآنَةً، فَضْلًا عَنِ ٱلسَّمَكِ. ٤٤ وَكَانَ ٱلَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ ٱلْأَرْغِفَةِ خَمْسَةَ آلَافِ رَجُلٍ.+
٤٥ وَعَلَى ٱلْفَوْرِ أَلْزَمَ تَلَامِيذَهُ أَنْ يَصْعَدُوا إِلَى ٱلْمَرْكَبِ وَيَسْبِقُوهُ إِلَى ٱلشَّاطِئِ ٱلْمُقَابِلِ فِي ٱتِّجَاهِ بَيْتَ صَيْدَا، فِي حِينَ صَرَفَ هُوَ ٱلْجَمْعَ.+ ٤٦ وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى جَبَلٍ لِيُصَلِّيَ.+ ٤٧ وَلَمَّا حَلَّ ٱلْمَسَاءُ، كَانَ ٱلْمَرْكَبُ فِي وَسَطِ ٱلْبَحْرِ، وَهُوَ وَحْدَهُ عَلَى ٱلْبَرِّ.+ ٤٨ وَعِنْدَمَا رَآهُمْ مُنْهَكِينَ+ فِي ٱلتَّجْذِيفِ، لِأَنَّ ٱلرِّيحَ كَانَتْ ضِدَّهُمْ، جَاءَ إِلَيْهِمْ نَحْوَ ٱلْهَزِيعِ ٱلرَّابِعِ مِنَ ٱللَّيْلِ، مَاشِيًا عَلَى ٱلْبَحْرِ، وَكَانَ يَوَدُّ أَنْ يَتَجَاوَزَهُمْ. ٤٩ فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ مَاشِيًا عَلَى ٱلْبَحْرِ ظَنُّوا: «إِنَّهُ خَيَالٌ!»، فَصَرَخُوا.+ ٥٠ فَإِنَّهُمْ رَأَوْهُ كُلُّهُمْ وَٱضْطَرَبُوا. لٰكِنَّهُ كَلَّمَهُمْ فِي ٱلْحَالِ وَقَالَ لَهُمْ: «تَشَجَّعُوا، هٰذَا أَنَا. لَا تَخَافُوا».+ ٥١ وَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى ٱلْمَرْكَبِ، فَهَدَأَتِ ٱلرِّيحُ. فَبُهِتُوا فِي أَنْفُسِهِمْ لِلْغَايَةِ،+ ٥٢ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَى ٱلْأَرْغِفَةِ، بَلْ بَقِيَتْ قُلُوبُهُمْ بَلِيدَةَ ٱلْفَهْمِ.+
٥٣ وَلَمَّا عَبَرُوا إِلَى ٱلْبَرِّ، جَاءُوا إِلَى جِنِّيسَارِتَ وَأَرْسَوُا ٱلسَّفِينَةَ قَرِيبًا مِنْ هُنَاكَ.+ ٥٤ وَحَالَمَا خَرَجُوا مِنَ ٱلْمَرْكَبِ، عَرَفَهُ ٱلنَّاسُ، ٥٥ فَطَافُوا كُلَّ تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ وَٱبْتَدَأُوا يَحْمِلُونَ ٱلسُّقَمَاءَ عَلَى فُرُشٍ إِلَى حَيْثُ سَمِعُوا أَنَّهُ هُنَاكَ. ٥٦ وَحَيْثُمَا كَانَ يَدْخُلُ إِلَى قُرًى أَوْ مُدُنٍ أَوْ أَرْيَافٍ،+ كَانُوا يَضَعُونَ ٱلْمَرْضَى فِي سَاحَاتِ ٱلْأَسْوَاقِ، وَيَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَلْمُسُوا+ وَلَوْ هُدْبَ+ رِدَائِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ.+
٧ وَٱجْتَمَعَ حَوْلَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَبَعْضُ ٱلْكَتَبَةِ ٱلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ.+ ٢ وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضَ تَلَامِيذِهِ يَتَنَاوَلُونَ طَعَامَهُمْ بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ+ — ٣ لِأَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ ٱلْيَهُودِ لَا يَأْكُلُونَ مَا لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ إِلَى ٱلْمِرْفَقِ، تَمَسُّكًا بِتَقْلِيدِ ٱلْأَقْدَمِينَ، ٤ وَعِنْدَمَا يَعُودُونَ مِنَ ٱلسُّوقِ لَا يَأْكُلُونَ مَا لَمْ يُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِٱلرَّشِّ. وَهُنَاكَ تَقَالِيدُ+ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِيَتَمَسَّكُوا بِهَا، مِنْ مَعْمُودِيَّاتِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ+ — ٥ لِذٰلِكَ سَأَلَهُ هٰؤُلَاءِ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱلْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لَا يَسْلُكُ تَلَامِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلْأَقْدَمِينَ، بَلْ يَتَنَاوَلُونَ طَعَامَهُمْ بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ؟».+ ٦ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَا عَنْكُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُرَائِينَ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:+ ‹هٰذَا ٱلشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قُلُوبُهُمْ فَمُبْتَعِدَةٌ عَنِّي بَعِيدًا.+ ٧ عَبَثًا يَعْبُدُونَنِي، لِأَنَّهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا ٱلنَّاسِ›.+ ٨ إِنَّكُمْ تَتْرُكُونَ وَصِيَّةَ ٱللّٰهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ».+
٩ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَيْضًا: «بِحِذْقٍ تُبْطِلُونَ وَصِيَّةَ+ ٱللّٰهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. ١٠ مَثَلًا، قَالَ مُوسَى: ‹أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ›،+ وَأَيْضًا: ‹مَنْ شَتَمَ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا›.+ ١١ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: ‹إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: «كُلُّ مَا قَدْ تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي هُوَ قُرْبَانٌ،+ (أَيْ عَطِيَّةٌ مُكَرَّسَةٌ+ لِلّٰهِ)»›، ١٢ فَلَا تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ،+ ١٣ وَهٰكَذَا تُبْطِلُونَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ+ بِتَقْلِيدِكُمُ ٱلَّذِي تَنَاقَلْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً+ مِثْلَ هٰذِهِ تَفْعَلُونَ». ١٤ وَإِذْ دَعَا ٱلْجَمْعَ إِلَيْهِ ثَانِيَةً، قَالَ لَهُمْ: «اِسْمَعُوا لِي كُلُّكُمْ وَٱفْهَمُوا.+ ١٥ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ ٱلْإِنْسَانِ يَدْخُلُ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُدَنِّسَهُ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ ٱلَّذِي يُدَنِّسُ ٱلْإِنْسَانَ».+ ١٦ ــــــــ
١٧ وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتًا، بَعِيدًا عَنِ ٱلْجَمْعِ، سَأَلَهُ تَلَامِيذُهُ عَنِ ٱلْمَثَلِ.+ ١٨ فَقَالَ لَهُمْ: «أَهٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا لَا تُدْرِكُونَ؟+ أَلَا تَعْلَمُونَ أَنْ لَا شَيْءَ يَدْخُلُ ٱلْإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ يَقْدِرُ أَنْ يُدَنِّسَهُ، ١٩ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ، بَلْ إِلَى أَمْعَائِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْخَلَاءِ؟».+ وَهٰكَذَا أَعْلَنَ أَنَّ جَمِيعَ ٱلْأَطْعِمَةِ طَاهِرَةٌ.+ ٢٠ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ ٱلَّذِي يُدَنِّسُ ٱلْإِنْسَانَ؛+ ٢١ لِأَنَّهُ مِنَ ٱلدَّاخِلِ، مِنْ قَلْبِ ٱلنَّاسِ،+ تَخْرُجُ أَفْكَارٌ مُؤْذِيَةٌ: عَهَارَةٌ،+ سَرِقَةٌ، قَتْلٌ،+ ٢٢ زِنًى، طَمَعٌ،+ شُرُورٌ، خِدَاعٌ، فُجُورٌ،+ عَيْنٌ حَاسِدَةٌ، تَجْدِيفٌ، تَكَبُّرٌ، عَدَمُ تَعَقُّلٍ. ٢٣ جَمِيعُ هٰذِهِ ٱلشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ ٱلْبَاطِنِ وَتُدَنِّسُ ٱلْإِنْسَانَ».+
٢٤ وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدُونَ.+ فَدَخَلَ بَيْتًا وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ. وَمَعَ ذٰلِكَ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْفِيَ أَمْرَهُ.+ ٢٥ وَفِي ٱلْحَالِ سَمِعَتْ بِهِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا ٱبْنَةٌ صَغِيرَةٌ بِهَا رُوحٌ نَجِسٌ فَجَاءَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ.+ ٢٦ كَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ يُونَانِيَّةً، مِنْ جِنْسِيَّةٍ سُورِيَّةٍ فِينِيقِيَّةٍ. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ ٱلشَّيْطَانَ مِنِ ٱبْنَتِهَا.+ ٢٧ وَلٰكِنَّهُ قَالَ لَهَا: «دَعِي ٱلْأَوْلَادَ أَوَّلًا يَشْبَعُونَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ ٱلصَّوَابِ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ ٱلْأَوْلَادِ+ وَيُلْقَى إِلَى صِغَارِ ٱلْكِلَابِ».+ ٢٨ فَأَجَابَتْهُ قَائِلَةً: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ، وَلٰكِنَّ صِغَارَ ٱلْكِلَابِ تَحْتَ ٱلْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ+ ٱلْأَوْلَادِ ٱلصِّغَارِ».+ ٢٩ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهَا: «مِنْ أَجْلِ هٰذَا ٱلْكَلَامِ، ٱذْهَبِي. لَقَدْ خَرَجَ ٱلشَّيْطَانُ مِنِ ٱبْنَتِكِ».+ ٣٠ فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ+ ٱلْبِنْتَ مُلْقَاةً عَلَى ٱلسَّرِيرِ وَٱلشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ.
٣١ وَإِذْ رَجَعَ مِنْ نَوَاحِي صُورَ، مَرَّ فِي صَيْدُونَ إِلَى بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ، مُجْتَازًا نَوَاحِيَ دِكَابُولِيسَ.+ ٣٢ فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ أَصَمَّ وَأَعْقَدَ، وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.+ ٣٣ فَٱنْفَرَدَ بِهِ بَعِيدًا عَنِ ٱلْجَمْعِ وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيِ ٱلرَّجُلِ، وَبَعْدَ أَنْ تَفَلَ، لَمَسَ لِسَانَهُ.+ ٣٤ وَرَفَعَ نَظَرَهُ إِلَى ٱلسَّمَاءِ+ مُتَنَهِّدًا+ مِنَ ٱلْأَعْمَاقِ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا»، أَيِ «ٱنْفَتِحْ!». ٣٥ فَٱنْفَتَحَتْ أُذُنَاهُ،+ وَحُلَّتْ عُقْدَةُ لِسَانِهِ، وَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ سَوِيًّا. ٣٦ وَوَصَّاهُمْ أَلَّا يُخْبِرُوا أَحَدًا.+ وَلٰكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا وَصَّاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا.+ ٣٧ وَكَانُوا يَقُولُونَ وَهُمْ فِي غَايَةِ ٱلذُّهُولِ:+ «قَدْ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا. حَتَّى إِنَّهُ يَجْعَلُ ٱلصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَٱلْبُكْمَ يَتَكَلَّمُونَ».+
٨ وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، إِذْ كَانَ هُنَاكَ ثَانِيَةً جَمْعٌ كَبِيرٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، ٱسْتَدْعَى ٱلتَّلَامِيذَ وَقَالَ لَهُمْ:+ ٢ «إِنِّي أُشْفِقُ+ عَلَى ٱلْجَمْعِ لِأَنَّ ٱلْآنَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. ٣ وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ، يَخُورُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ. فَبَعْضُهُمْ قَدْ جَاءَ مِنْ بَعِيدٍ». ٤ فَأَجَابَهُ تَلَامِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هٰؤُلَاءِ خُبْزًا هُنَا فِي مَكَانٍ مُنْعَزِلٍ؟».+ ٥ فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمْ؟». قَالُوا: «سَبْعَةٌ».+ ٦ فَأَمَرَ ٱلْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَأَخَذَ ٱلْأَرْغِفَةَ ٱلسَّبْعَةَ، وَشَكَرَ،+ وَكَسَرَ، وَأَعْطَى تَلَامِيذَهُ لِيُقَدِّمُوهَا، فَقَدَّمُوهَا لِلْجَمْعِ.+ ٧ وَكَانَ مَعَهُمْ أَيْضًا قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ ٱلسَّمَكِ، فَبَارَكَهَا وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هٰذِهِ أَيْضًا.+ ٨ فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا، وَرَفَعُوا فَضَلَاتِ ٱلْكِسَرِ، سَبْعَةَ سِلَالٍ مَلْآنَةٍ.+ ٩ وَكَانَ هُنَاكَ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ. وَأَخِيرًا صَرَفَهُمْ.+
١٠ وَفِي ٱلْحَالِ صَعِدَ إِلَى ٱلْمَرْكَبِ مَعَ تَلَامِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ.+ ١١ فَخَرَجَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱبْتَدَأُوا يُجَادِلُونَهُ، طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ لِيَمْتَحِنُوهُ.+ ١٢ فَأَنَّ مِنْ أَعْمَاقِ+ رُوحِهِ، وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هٰذَا ٱلْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ: لَنْ يُعْطَى هٰذَا ٱلْجِيلُ آيَةً».+ ١٣ ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَعَادَ فَصَعِدَ إِلَى ٱلْمَرْكَبِ وَمَضَى إِلَى ٱلشَّاطِئِ ٱلْمُقَابِلِ.
١٤ وَكَانُوا قَدْ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا مَعَهُمْ خُبْزًا وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فِي ٱلْمَرْكَبِ سِوَى رَغِيفٍ وَاحِدٍ.+ ١٥ وَأَخَذَ يُوصِيهِمْ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ وَيَقُولُ: «أَبْقُوا عُيُونَكُمْ مَفْتُوحَةً، وَٱحْذَرُوا خَمِيرَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَخَمِيرَ هِيرُودُسَ».+ ١٦ فَٱبْتَدَأُوا يَتَحَاجُّونَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا خُبْزَ عِنْدَهُمْ.+ ١٧ وَإِذْ لَاحَظَ ذٰلِكَ، قَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تَتَحَاجُّونَ أَنْ لَا خُبْزَ عِنْدَكُمْ؟+ أَلَا تُدْرِكُونَ وَلَا تَفْهَمُونَ ٱلْمَعْنَى بَعْدُ؟ أَلَكُمْ قُلُوبٌ بَلِيدَةُ ٱلْفَهْمِ؟+ ١٨ ‹أَلَكُمْ عُيُونٌ وَلَا تُبْصِرُونَ، وَآذَانٌ وَلَا تَسْمَعُونَ؟›.+ أَوَلَا تَذْكُرُونَ، ١٩ حِينَ كَسَرْتُ ٱلْأَرْغِفَةَ ٱلْخَمْسَةَ+ لِلْخَمْسَةِ ٱلْآلَافِ، كَمْ قُفَّةً مَمْلُوءَةً كِسَرًا رَفَعْتُمْ؟». قَالُوا لَهُ: «اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ».+ ٢٠ «وَحِينَ كَسَرْتُ ٱلسَّبْعَةَ لِلْأَرْبَعَةِ ٱلْآلَافِ، كَمْ سَلًّا مَمْلُوءًا كِسَرًا رَفَعْتُمْ؟». قَالُوا لَهُ: «سَبْعَةً».+ ٢١ فَقَالَ لَهُمْ: «أَلَا تَفْهَمُونَ ٱلْمَعْنَى بَعْدُ؟».+
٢٢ وَوَصَلُوا إِلَى بَيْتَ صَيْدَا. فَأَحْضَرَ ٱلنَّاسُ إِلَيْهِ أَعْمَى وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمُسَهُ.+ ٢٣ فَأَخَذَ بِيَدِ ٱلْأَعْمَى، وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ ٱلْقَرْيَةِ، وَبَعْدَمَا تَفَلَ+ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ تَرَى شَيْئًا؟». ٢٤ فَرَفَعَ ٱلرَّجُلُ نَظَرَهُ وَقَالَ: «أَرَى أُنَاسًا، لِأَنَّنِي أُبْصِرُ مَا يَبْدُو أَنَّهُ أَشْجَارٌ، لٰكِنَّهَا تَمْشِي». ٢٥ ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى عَيْنَيِ ٱلرَّجُلِ، فَرَأَى بِوُضُوحٍ، وَعَادَ صَحِيحًا، وَصَارَ يَرَى كُلَّ شَيْءٍ جَلِيًّا. ٢٦ فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلًا: «لَا تَدْخُلِ ٱلْقَرْيَةَ».+
٢٧ وَمَضَى يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلِبِّي، وَفِي ٱلطَّرِيقِ سَأَلَ تَلَامِيذَهُ، قَائِلًا لَهُمْ: «مَنْ يَقُولُ ٱلنَّاسُ إِنِّي أَنَا؟».+ ٢٨ فَقَالُوا لَهُ: «يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ.+ وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا.+ وَآخَرُونَ أَيْضًا: أَحَدُ ٱلْأَنْبِيَاءِ».+ ٢٩ فَسَأَلَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟». فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ».+ ٣٠ عِنْدَئِذٍ أَوْصَاهُمْ بِشِدَّةٍ أَلَّا يُخْبِرُوا أَحَدًا عَنْهُ.+ ٣١ وَٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ لَا بُدَّ أَنْ يُقَاسِيَ آلَامًا كَثِيرَةً وَيَرْفُضَهُ ٱلشُّيُوخُ وَكِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ وَيُقْتَلَ،+ وَيَقُومَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.+ ٣٢ وَكَانَ يَذْكُرُ ذٰلِكَ صَرَاحَةً. فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ جَانِبًا وَٱبْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ.+ ٣٣ فَٱلْتَفَتَ وَنَظَرَ إِلَى تَلَامِيذِهِ وَٱنْتَهَرَ بُطْرُسَ، وَقَالَ: «اِذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ، لِأَنَّكَ لَا تُفَكِّرُ تَفْكِيرَ ٱللّٰهِ، بَلْ تَفْكِيرَ ٱلنَّاسِ».+
٣٤ وَدَعَا ٱلْجَمْعَ مَعَ تَلَامِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ كُلِّيًّا وَيَحْمِلْ خَشَبَةَ آلَامِهِ وَيَتْبَعْنِي عَلَى ٱلدَّوَامِ.+ ٣٥ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يَخْسَرُهَا، أَمَّا مَنْ خَسِرَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِي وَسَبِيلِ ٱلْبِشَارَةِ فَيُخَلِّصُهَا.+ ٣٦ فَإِنَّهُ مَاذَا يَنْفَعُ ٱلْإِنْسَانَ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟+ ٣٧ وَمَاذَا يُعْطِي ٱلْإِنْسَانُ بَدَلَ نَفْسِهِ؟+ ٣٨ فَمَنْ يَخْجَلْ بِي وَبِكَلَامِي فِي هٰذَا ٱلْجِيلِ ٱلزَّانِي ٱلْخَاطِئِ، يَخْجَلْ+ بِهِ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ أَيْضًا حِينَ يَجِيءُ فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ ٱلْمَلَائِكَةِ ٱلْقُدُّوسِينَ».+
٩ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ بَعْضًا مِنَ ٱلْقَائِمِينَ هٰهُنَا لَنْ يَذُوقُوا ٱلْمَوْتَ أَبَدًا حَتَّى يَرَوْا أَوَّلًا مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ قَدْ أَتَى بِقُدْرَةٍ».+ ٢ وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ عَلَى ٱنْفِرَادٍ إِلَى جَبَلٍ شَامِخٍ. وَتَجَلَّى أَمَامَهُمْ،+ ٣ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ ٱلْخَارِجِيَّةُ تَتَلَأْلَأُ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِمَّا يُمْكِنُ لِأَيِّ قَصَّارٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ.+ ٤ وَتَرَاءَى لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى، وَكَانَا يَتَحَدَّثَانِ إِلَى يَسُوعَ.+ ٥ فَقَالَ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «رَابِّي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هٰهُنَا، فَلْنَنْصِبْ ثَلَاثَ خِيَامٍ: وَاحِدَةً لَكَ، وَوَاحِدَةً لِمُوسَى، وَوَاحِدَةً لِإِيلِيَّا».+ ٦ فَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِمَا يُجِيبُ، إِذْ كَانُوا فِي غَايَةِ ٱلْخَوْفِ. ٧ وَتَشَكَّلَتْ سَحَابَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَأَتَى صَوْتٌ+ مِنَ ٱلسَّحَابَةِ قَائِلًا: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي+ ٱلْحَبِيبُ، لَهُ ٱسْمَعُوا».+ ٨ وَفَجْأَةً نَظَرُوا حَوْلَهُمْ فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا مَعَهُمْ، سِوَى يَسُوعَ وَحْدَهُ.+
٩ وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ ٱلْجَبَلِ، أَوْصَاهُمْ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ أَلَّا يُخْبِرُوا+ أَحَدًا بِمَا رَأَوْا، إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ قَدْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ.+ ١٠ فَحَفِظُوا ٱلْكَلِمَةَ، لٰكِنَّهُمْ تَنَاقَشُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ مَاذَا يَعْنِي هٰذَا ٱلْقِيَامُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. ١١ وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا يَقُولُ ٱلْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا+ لَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا؟».+ ١٢ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلًا وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ.+ فَكَيْفَ هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَاسِيَ آلَامًا+ كَثِيرَةً وَيُرْذَلَ؟+ ١٣ لٰكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا+ قَدْ أَتَى فِعْلًا، وَفَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ».+
١٤ وَلَمَّا عَادُوا إِلَى بَاقِي ٱلتَّلَامِيذِ، رَأَوْا جَمْعًا كَثِيرًا حَوْلَهُمْ وَكَتَبَةً يُجَادِلُونَهُمْ.+ ١٥ فَمَا إِنْ أَبْصَرَهُ كُلُّ ٱلْجَمْعِ حَتَّى ٱنْذَهَلُوا، وَرَكَضُوا إِلَيْهِ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. ١٦ فَسَأَلَهُمْ: «فِيمَ تُجَادِلُونَهُمْ؟». ١٧ فَأَجَابَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، أَحْضَرْتُ إِلَيْكَ ٱبْنِي لِأَنَّ بِهِ رُوحًا يَجْعَلُهُ أَبْكَمَ،+ ١٨ وَحَيْثُمَا أَخَذَهُ يَصْرَعُهُ أَرْضًا، فَيُزْبِدُ وَيَصِرُّ بِأَسْنَانِهِ وَتَتَلَاشَى قِوَاهُ. فَقُلْتُ لِتَلَامِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا».+ ١٩ فَأَجَابَهُمْ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْجِيلُ غَيْرُ ٱلْمُؤْمِنِ،+ إِلَى مَتَى أَبْقَى مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَتَحَمَّلُكُمْ؟ أَحْضِرُوهُ إِلَيَّ».+ ٢٠ فَأَحْضَرُوهُ إِلَيْهِ. وَفِي ٱلْحَالِ، لَمَّا رَآهُ ٱلرُّوحُ، جَعَلَ ٱلْوَلَدَ يَنْتَفِضُ، فَسَقَطَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَبَقِيَ يَتَمَرَّغُ وَهُوَ يُزْبِدُ.+ ٢١ فَسَأَلَ أَبَاهُ: «مُنْذُ مَتَى يَحْدُثُ لَهُ هٰذَا؟». قَالَ: «مُنْذُ صِغَرِهِ. ٢٢ وَكَثِيرًا مَا أَلْقَاهُ فِي ٱلنَّارِ، وَفِي ٱلْمَاءِ أَيْضًا، لِيُهْلِكَهُ.+ وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئًا، فَأَشْفِقْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا». ٢٣ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَتَقُولُ: ‹إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ›؟! إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِمَنْ لَهُ إِيمَانٌ».+ ٢٤ فَصَرَخَ أَبُو ٱلصَّغِيرِ فِي ٱلْحَالِ وَقَالَ: «لِي إِيمَانٌ! أَعِنِّي حَيْثُ أَحْتَاجُ إِلَى ٱلْإِيمَانِ!».+
٢٥ وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ ٱلْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ إِلَيْهِمِ، ٱنْتَهَرَ+ ٱلرُّوحَ ٱلنَّجِسَ قَائِلًا لَهُ: «أَيُّهَا ٱلرُّوحُ ٱلْأَبْكَمُ ٱلْأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اُخْرُجْ مِنْهُ وَلَا تَدْخُلْ فِيهِ بَعْدُ». ٢٦ فَصَرَخَ ٱلرُّوحُ وَخَرَجَ بَعْدَمَا جَعَلَ ٱلْوَلَدَ يَنْتَفِضُ بِعُنْفٍ.+ فَصَارَ كَٱلْمَيِّتِ، حَتَّى قَالَ أَكْثَرُهُمْ: «إِنَّهُ مَاتَ!». ٢٧ فَأَمْسَكَهُ يَسُوعُ بِيَدِهِ وَأَقَامَهُ، فَقَامَ.+ ٢٨ وَبَعْدَمَا دَخَلَ بَيْتًا سَأَلَهُ تَلَامِيذُهُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ: «لِمَاذَا لَمْ نَسْتَطِعْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟».+ ٢٩ فَقَالَ لَهُمْ: «هٰذَا ٱلنَّوْعُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلَّا بِٱلصَّلَاةِ».+
٣٠ وَمَضَوْا مِنْ هُنَاكَ فَمَرُّوا فِي ٱلْجَلِيلِ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ. ٣١ لِأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلَامِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «سَيُسَلَّمُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ إِلَى أَيْدِي ٱلنَّاسِ، فَيَقْتُلُونَهُ،+ وَيَقُومُ بَعْدَ قَتْلِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».+ ٣٢ وَأَمَّا هُمْ فَمَا كَانُوا يَفْهَمُونَ هٰذَا ٱلْكَلَامَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ.+
٣٣ وَجَاءُوا إِلَى كَفَرْنَاحُومَ. وَلَمَّا كَانَ فِي ٱلْبَيْتِ سَأَلَهُمْ: «فِيمَ كُنْتُمْ تَتَحَاجُّونَ فِي ٱلطَّرِيقِ؟».+ ٣٤ فَظَلُّوا سَاكِتِينَ، لِأَنَّهُمْ تَحَاجُّوا فِي ٱلطَّرِيقِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي مَنْ هُوَ ٱلْأَعْظَمُ.+ ٣٥ فَجَلَسَ وَدَعَا ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ ٱلْأَوَّلَ، فَلْيَكُنْ آخِرَ ٱلْجَمِيعِ وَخَادِمًا لِلْجَمِيعِ».+ ٣٦ وَأَخَذَ وَلَدًا صَغِيرًا، فَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ وَضَمَّهُ بِذِرَاعَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ:+ ٣٧ «مَنْ يَقْبَلْ وَاحِدًا مِنْ أَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَوْلَادِ ٱلصِّغَارِ بِٱسْمِي يَقْبَلْنِي؛ وَمَنْ يَقْبَلْنِي، فَلَمْ يَقْبَلْنِي أَنَا فَقَطْ، بَلِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي أَيْضًا».+
٣٨ وَقَالَ لَهُ يُوحَنَّا: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا رَجُلًا يُخْرِجُ شَيَاطِينَ بِٱسْمِكَ، فَحَاوَلْنَا أَنْ نَمْنَعَهُ+ لِأَنَّهُ لَا يُرَافِقُنَا».+ ٣٩ لٰكِنَّ يَسُوعَ قَالَ: «لَا تُحَاوِلُوا أَنْ تَمْنَعُوهُ، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَصْنَعُ قُوَّةً بِٱسْمِي وَيَقْدِرُ سَرِيعًا أَنْ يَشْتُمَنِي؛+ ٤٠ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا.+ ٤١ لِأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ+ مَاءٍ لِأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ،+ فَٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يَخْسَرَ مُكَافَأَتَهُ أَبَدًا. ٤٢ لٰكِنْ مَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هٰؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى كَبِيرٍ وَرُمِيَ فِي ٱلْبَحْرِ.+
٤٣ «وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَٱقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ ٱلْحَيَاةَ وَبِكَ عَاهَةٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَذْهَبَ إِلَى وَادِي هِنُّومَ،* إِلَى ٱلنَّارِ ٱلَّتِي لَا تُطْفَأُ.+ ٤٤ ــــــــ ٤٥ وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَٱقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ ٱلْحَيَاةَ أَعْرَجَ+ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلَانِ وَتُرْمَى فِي وَادِي هِنُّومَ.+ ٤٦ ــــــــ ٤٧ وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَأَلْقِهَا عَنْكَ.+ خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُرْمَى فِي وَادِي هِنُّومَ،+ ٤٨ حَيْثُ دُودُهُمْ لَا يَمُوتُ وَٱلنَّارُ لَا تُطْفَأُ.+
٤٩ «لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يُمَلَّحَ+ بِنَارٍ. ٥٠ اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلٰكِنْ إِذَا تَفِهَ ٱلْمِلْحُ، فَبِمَاذَا تُطَيِّبُونَهُ؟+ لِيَكُنْ لَكُمْ مِلْحٌ+ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَحَافِظُوا عَلَى ٱلسَّلَامِ+ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ».
١٠ وَقَامَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَعَبْرَ ٱلْأُرْدُنِّ، فَٱجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ ٱلْجُمُوعُ مَرَّةً أُخْرَى، فَأَخَذَ يُعَلِّمُهُمْ أَيْضًا كَعَادَتِهِ.+ ٢ فَٱقْتَرَبَ مِنْهُ فَرِّيسِيُّونَ، وَسَأَلُوهُ لِيَمْتَحِنُوهُ هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ.+ ٣ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «بِمَاذَا أَوْصَاكُمْ مُوسَى؟». ٤ قَالُوا: «سَمَحَ مُوسَى بِأَنْ تُكْتَبَ شَهَادَةُ طَلَاقٍ وَتُطَلَّقَ».+ ٥ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِأَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ+ كَتَبَ لَكُمْ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةَ. ٦ وَلٰكِنْ، مِنْ بَدْءِ ٱلْخَلِيقَةِ ‹صَنَعَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى.+ ٧ لِذٰلِكَ يَتْرُكُ ٱلرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، ٨ وَيَكُونُ ٱلِٱثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا›.+ فَلَيْسَا بَعْدُ ٱثْنَيْنِ، بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. ٩ فَمَا جَمَعَهُ ٱللّٰهُ فِي نِيرٍ وَاحِدٍ فَلَا يُفَرِّقْهُ إِنْسَانٌ».+ ١٠ وَفِي ٱلْبَيْتِ+ أَيْضًا سَأَلَهُ ٱلتَّلَامِيذُ عَنْ ذٰلِكَ. ١١ فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى يَزْنِي+ فِي حَقِّهَا، ١٢ وَإِنْ طَلَّقَتِ ٱمْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ آخَرَ تَزْنِي».+
١٣ وَٱبْتَدَأَ ٱلنَّاسُ يُحْضِرُونَ إِلَيْهِ أَوْلَادًا صِغَارًا لِيَلْمُسَهُمْ، فَأَنَّبَهُمُ ٱلتَّلَامِيذُ.+ ١٤ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذٰلِكَ ٱغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا ٱلْأَوْلَادَ ٱلصِّغَارَ يَأْتُونَ إِلَيَّ. لَا تُحَاوِلُوا مَنْعَهُمْ، لِأَنَّ لِأَمْثَالِ هٰؤُلَاءِ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ.+ ١٥ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لَا يَقْبَلْ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ مِثْلَ وَلَدٍ صَغِيرٍ، فَلَنْ يَدْخُلَهُ أَبَدًا».+ ١٦ وَضَمَّ ٱلْأَوْلَادَ بِذِرَاعَيْهِ، وَبَارَكَهُمْ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ.+
١٧ وَبَيْنَمَا هُوَ مَاضٍ فِي طَرِيقِهِ، رَكَضَ إِلَيْهِ رَجُلٌ وَسَقَطَ أَمَامَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا ٱلْمُعَلِّمُ ٱلصَّالِحُ، مَاذَا عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَ لِأَرِثَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ؟».+ ١٨ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَ تَدْعُونِي صَالِحًا؟+ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلَّا وَاحِدٌ، وَهُوَ ٱللّٰهُ.+ ١٩ أَنْتَ تَعْرِفُ ٱلْوَصَايَا: ‹لَا تَقْتُلْ،+ لَا تَزْنِ،+ لَا تَسْرِقْ،+ لَا تَشْهَدْ بِٱلزُّورِ،+ لَا تَغْبِنْ أَحَدًا،+ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ›».+ ٢٠ فَقَالَ لَهُ ٱلرَّجُلُ: «يَا مُعَلِّمُ، كُلُّ هٰذِهِ قَدْ حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». ٢١ فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَشَعَرَ بِمَحَبَّةٍ نَحْوَهُ وَقَالَ لَهُ: «يَنْقُصُكَ أَمْرٌ وَاحِدٌ: اِذْهَبْ، بِعْ مَا عِنْدَكَ وَأَعْطِ ٱلْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَتَعَالَ ٱتْبَعْنِي».+ ٢٢ فَٱغْتَمَّ لِهٰذَا ٱلْكَلَامِ وَمَضَى حَزِينًا، لِأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْلَاكٍ كَثِيرَةٍ.+
٢٣ فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ ثُمَّ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «مَا أَصْعَبَ دُخُولَ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ عَلَى ذَوِي ٱلْمَالِ!».+ ٢٤ فَدُهِشَ+ ٱلتَّلَامِيذُ مِنْ كَلَامِهِ. فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ ثَانِيَةً قَائِلًا: «يَا أَوْلَادِي، مَا أَصْعَبَ دُخُولَ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ! ٢٥ فَمُرُورُ جَمَلٍ فِي ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَسْهَلُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ».+ ٢٦ فَٱشْتَدَّ ذُهُولُهُمْ وَقَالُوا لَهُ: «وَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟».+ ٢٧ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مُبَاشَرَةً وَقَالَ: «ذٰلِكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَ ٱلنَّاسِ، وَلٰكِنْ لَيْسَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ ٱللّٰهِ».+ ٢٨ وَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ».+ ٢٩ فَقَالَ يَسُوعُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَا مِنْ أَحَدٍ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أُمًّا أَوْ أَبًا أَوْ أَوْلَادًا أَوْ حُقُولًا لِأَجْلِي وَلِأَجْلِ ٱلْبِشَارَةِ،+ ٣٠ إِلَّا وَيَنَالُ مِئَةَ ضِعْفٍ+ ٱلْآنَ فِي هٰذَا ٱلزَّمَانِ، بُيُوتًا وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلَادًا وَحُقُولًا، مَعَ ٱضْطِهَادَاتٍ،+ وَفِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْآتِي حَيَاةً أَبَدِيَّةً. ٣١ وَلٰكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَصِيرُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ».+
٣٢ وَكَانُوا فِي ٱلطَّرِيقِ صَاعِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَيَسُوعُ يَتَقَدَّمُهُمْ، وَهُمْ مَبْهُوتُونَ. أَمَّا ٱلَّذِينَ يَتْبَعُونَ فَكَانُوا خَائِفِينَ. فَأَخَذَ أَيْضًا ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ عَلَى ٱنْفِرَادٍ، وَقَالَ لَهُمْ مَا سَيَجْرِي لَهُ:+ ٣٣ «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ سَيُسَلَّمُ إِلَى كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَإِلَى ٱلْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِٱلْمَوْتِ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ،+ ٣٤ فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَقْتُلُونَهُ، وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ».+
٣٥ وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، ٱبْنَا زَبَدِي،+ وَقَالَا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ لَنَا كُلَّ مَا نَطْلُبُ مِنْكَ».+ ٣٦ فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟». ٣٧ قَالَا لَهُ: «أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ، وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَٱلْآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ، فِي مَجْدِكَ».+ ٣٨ فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «إِنَّكُمَا لَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا ٱلْكَأْسَ ٱلَّتِي أَشْرَبُهَا أَنَا، أَوْ تَعْتَمِدَا بِٱلْمَعْمُودِيَّةِ ٱلَّتِي أَعْتَمِدُ بِهَا أَنَا؟».+ ٣٩ فَقَالَا لَهُ: «نَسْتَطِيعُ». عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «اَلْكَأْسُ ٱلَّتِي أَشْرَبُهَا تَشْرَبَانِهَا، وَبِٱلْمَعْمُودِيَّةِ ٱلَّتِي أَعْتَمِدُ بِهَا تَعْتَمِدَانِ.+ ٤٠ أَمَّا ٱلْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي، فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ،+ إِنَّمَا هُوَ لِلَّذِينَ هُيِّئَ لَهُمْ».
٤١ وَلَمَّا سَمِعَ ٱلْعَشَرَةُ ٱلْآخَرُونَ بِذٰلِكَ، ٱغْتَاظُوا مِنْ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.+ ٤٢ لٰكِنَّ يَسُوعَ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنَّ مَنْ يُعَدُّونَ حُكَّامَ ٱلْأُمَمِ يَسُودُونَ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.+ ٤٣ فَلَيْسَ ٱلْأَمْرُ كَذٰلِكَ فِي مَا بَيْنَكُمْ، بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا بَيْنَكُمْ فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا،+ ٤٤ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ ٱلْأَوَّلَ بَيْنَكُمْ فَلْيَكُنْ عَبْدًا لِلْجَمِيعِ.+ ٤٥ لِأَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ،+ بَلْ لِيَخْدُمَ وَلِيَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً+ عَنْ كَثِيرِينَ».+
٤٦ وَأَتَوْا إِلَى أَرِيحَا. وَبَيْنَمَا هُوَ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحَا مَعَ تَلَامِيذِهِ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ، كَانَ بَرْتِيمَاوُسُ (ٱبْنُ تِيمَاوُسَ)، وَهُوَ مُتَسَوِّلٌ أَعْمَى، جَالِسًا بِجَانِبِ ٱلطَّرِيقِ.+ ٤٧ فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ، صَاحَ وَقَالَ: «يَا يَسُوعُ ٱبْنَ دَاوُدَ،+ ٱرْحَمْنِي!».+ ٤٨ فَأَمَرَهُ كَثِيرُونَ بِلَهْجَةٍ شَدِيدَةٍ أَنْ يَسْكُتَ، لٰكِنَّهُ صَاحَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ٱبْنَ دَاوُدَ، ٱرْحَمْنِي!».+ ٤٩ فَتَوَقَّفَ يَسُوعُ وَقَالَ: «اُدْعُوهُ». فَدَعَوُا ٱلْأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «تَشَجَّعْ، قُمْ، إِنَّهُ يَدْعُوكَ».+ ٥٠ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ وَوَثَبَ وَاقِفًا وَذَهَبَ إِلَى يَسُوعَ. ٥١ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ لَكَ؟».+ فَقَالَ لَهُ ٱلْأَعْمَى: «رَابُّونِي، رُدَّ لِي بَصَرِي».+ ٥٢ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اِذْهَبْ، إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ».+ وَفِي ٱلْحَالِ ٱسْتَرَدَّ بَصَرَهُ،+ وَتَبِعَهُ فِي ٱلطَّرِيقِ.+
١١ وَلَمَّا ٱقْتَرَبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، مِنْ بَيْتَ فَاجِي وَبَيْتَ عَنْيَا+ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ ٱثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ،+ ٢ وَقَالَ لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحَالَمَا تَدْخُلَانِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ بَعْدُ. فَحُلَّاهُ وَأْتِيَا بِهِ.+ ٣ وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: ‹لِمَ تَفْعَلَانِ هٰذَا؟›، فَقُولَا: ‹اَلرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، وَسَيُعِيدُهُ إِلَى هُنَا فِي ٱلْحَالِ›».+ ٤ فَذَهَبَا وَوَجَدَا جَحْشًا مَرْبُوطًا عِنْدَ ٱلْبَابِ خَارِجًا عَلَى ٱلطَّرِيقِ، فَحَلَّاهُ.+ ٥ فَقَالَ لَهُمَا بَعْضُ ٱلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ: «مَا بَالُكُمَا تَحُلَّانِ ٱلْجَحْشَ؟».+ ٦ فَقَالَا لَهُمْ كَمَا قَالَ يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا يَذْهَبَانِ.+
٧ وَأَتَيَا بِٱلْجَحْشِ+ إِلَى يَسُوعَ، وَوَضَعَا عَلَيْهِ أَرْدِيَتَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ.+ ٨ وَأَيْضًا، فَرَشَ كَثِيرُونَ أَرْدِيَتَهُمْ+ فِي ٱلطَّرِيقِ، وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مُورِقَةً+ مِنَ ٱلْحُقُولِ.+ ٩ وَظَلَّ ٱلَّذِينَ أَمَامَهُ وَٱلَّذِينَ وَرَاءَهُ يَصْرُخُونَ: «خَلِّصْهُ!+ مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ!+ ١٠ مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ ٱلْآتِيَةُ!+ خَلِّصْهُ فِي ٱلْأَعَالِي!». ١١ وَدَخَلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى ٱلْهَيْكَلِ. وَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَإِذْ كَانَتِ ٱلسَّاعَةُ قَدْ تَأَخَّرَتْ، خَرَجَ إِلَى بَيْتَ عَنْيَا مَعَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.+
١٢ وَفِي ٱلْغَدِ، لَدَى خُرُوجِهِمْ مِنْ بَيْتَ عَنْيَا، جَاعَ.+ ١٣ وَأَبْصَرَ مِنْ بَعِيدٍ شَجَرَةَ تِينٍ مُورِقَةً، فَذَهَبَ لَعَلَّهُ يَجِدُ شَيْئًا عَلَيْهَا. وَلٰكِنْ لَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا سِوَى ٱلْوَرَقِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْسِمَ ٱلتِّينِ.+ ١٤ فَقَالَ لَهَا: «لَا يَأْكُلْ أَحَدٌ ثَمَرًا مِنْكِ بَعْدُ إِلَى ٱلْأَبَدِ».+ وَكَانَ تَلَامِيذُهُ يَسْمَعُونَ.
١٥ وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. فَدَخَلَ ٱلْهَيْكَلَ وَٱبْتَدَأَ يَطْرُدُ ٱلَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي ٱلْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ ٱلصَّيَارِفَةِ وَمَقَاعِدَ بَاعَةِ ٱلْحَمَامِ.+ ١٦ وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ ٱلْهَيْكَلَ وَهُوَ يَحْمِلُ مَتَاعًا، ١٧ وَكَانَ يُعَلِّمُ وَيَقُولُ: «أَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: ‹سَيُدْعَى بَيْتِي بَيْتَ صَلَاةٍ+ لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ›؟+ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ».+ ١٨ وَسَمِعَ بِذٰلِكَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ، فَرَاحُوا يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ.+ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَهُ، لِأَنَّ ٱلْجَمْعَ كُلَّهُ كَانَ مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِهِ.+
١٩ وَلَمَّا صَارَ آخِرُ ٱلنَّهَارِ، خَرَجُوا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ كَعَادَتِهِمْ. ٢٠ وَفِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ، بَيْنَمَا هُمْ مَارُّونَ، رَأَوْا شَجَرَةَ ٱلتِّينِ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ ٱلْأُصُولِ.+ ٢١ فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «رَابِّي، ٱنْظُرْ! إِنَّ شَجَرَةَ ٱلتِّينِ ٱلَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ».+ ٢٢ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «آمِنُوا بِٱللّٰهِ. ٢٣ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ قَالَ لِهٰذَا ٱلْجَبَلِ: ‹اِنْقَلِعْ وَٱنْطَرِحْ فِي ٱلْبَحْرِ›، وَلَا يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ سَيَحْدُثُ، فَذٰلِكَ يَكُونُ لَهُ.+ ٢٤ لِهٰذَا أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تُصَلُّونَ لِأَجْلِهِ وَتَطْلُبُونَهُ، فَآمِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ.+ ٢٥ وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَٱغْفِرُوا+ مَهْمَا كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمٰوَاتِ زَلَّاتِكُمْ».+ ٢٦ ــــــــ
٢٧ وَجَاءُوا ثَانِيَةً إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَبَيْنَمَا كَانَ يَمْشِي فِي ٱلْهَيْكَلِ، أَتَى إِلَيْهِ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ وَٱلشُّيُوخُ،+ ٢٨ وَقَالُوا لَهُ: «بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ هٰذَا؟ أَوْ مَنْ أَعْطَاكَ هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةَ لِتَفْعَلَ هٰذَا؟».+ ٢٩ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَسْأَلُكُمْ سُؤَالًا وَاحِدًا. أَجِيبُونِي، فَأَقُولَ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ هٰذَا.+ ٣٠ أَمِنَ ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ مَعْمُودِيَّةُ+ يُوحَنَّا أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟ أَجِيبُونِي».+ ٣١ فَٱفْتَكَرُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ، قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: ‹مِنَ ٱلسَّمَاءِ›، يَقُولُ: ‹لِمَاذَا إِذًا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟›.+ ٣٢ وَهَلْ نَجْرُؤُ أَنْ نَقُولَ: ‹مِنَ ٱلنَّاسِ›؟» — فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ ٱلْجَمْعَ، لِأَنَّهُ كَانَ كُلُّهُ يَعْتَبِرُ أَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ حَقًّا+ — ٣٣ فَأَجَابُوا يَسُوعَ قَائِلِينَ: «لَا نَعْرِفُ». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «وَلَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ هٰذَا».+
١٢ وَٱبْتَدَأَ يُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا،+ وَأَقَامَ حَوْلَهُ سِيَاجًا، وَحَفَرَ حَوْضًا لِمِعْصَرَةِ ٱلْخَمْرِ وَشَيَّدَ بُرْجًا،+ وَأَجَّرَهُ لِفَلَّاحِينَ،+ وَسَافَرَ.+ ٢ وَلَمَّا آنَ ٱلْأَوَانُ، أَرْسَلَ إِلَى ٱلْفَلَّاحِينَ عَبْدًا، لِيَأْخُذَ مِنَ ٱلْفَلَّاحِينَ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ ٱلْكَرْمِ.+ ٣ فَأَخَذُوهُ وَضَرَبُوهُ وَصَرَفُوهُ فَارِغًا.+ ٤ فَعَادَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدًا آخَرَ، وَهٰذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَهَانُوهُ.+ ٥ وَأَرْسَلَ آخَرَ، وَهٰذَا أَيْضًا قَتَلُوهُ، وَكَثِيرِينَ آخَرِينَ، فَضَرَبُوا بَعْضَهُمْ وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ. ٦ وَبَقِيَ لَهُ وَاحِدٌ، ٱبْنٌ حَبِيبٌ.+ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ أَخِيرًا، قَائِلًا: ‹سَيَحْتَرِمُونَ ٱبْنِي›.+ ٧ وَلٰكِنَّ أُولٰئِكَ ٱلْفَلَّاحِينَ قَالُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ: ‹هٰذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ.+ تَعَالَوْا نَقْتُلُهُ، فَيَكُونَ ٱلْمِيرَاثُ لَنَا›.+ ٨ فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ،+ وَأَلْقَوْهُ خَارِجَ ٱلْكَرْمِ.+ ٩ فَمَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟ إِنَّهُ يَأْتِي وَيُهْلِكُ ٱلْفَلَّاحِينَ، وَيُعْطِي ٱلْكَرْمَ+ لِآخَرِينَ.+ ١٠ أَمَا قَرَأْتُمْ هٰذِهِ ٱلْآيَةَ: ‹اَلْحَجَرُ+ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ هُوَ صَارَ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ ٱلرَّئِيسِيَّ.+ ١١ مِنْ يَهْوَهَ كَانَ هٰذَا، وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا›؟».+
١٢ عِنْدَئِذٍ ٱبْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ طَرِيقَةً لِلْقَبْضِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمُ ٱنْتَبَهُوا أَنَّهُ قَالَ ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ. لٰكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ ٱلْجَمْعِ، فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.+
١٣ ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ بَعْضًا مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَمِنْ أَعْضَاءِ حِزْبِ هِيرُودُسَ+ لِيُمْسِكُوهُ بِكَلَامِهِ.+ ١٤ وَلَمَّا وَصَلُوا قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْرِفُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، لِأَنَّكَ لَا تَنْظُرُ إِلَى مَظْهَرِ ٱلنَّاسِ ٱلْخَارِجِيِّ، بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْحَقِّ:+ أَيَحِلُّ دَفْعُ ضَرِيبَةِ ٱلرَّأْسِ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ ١٥ أَنَدْفَعُ أَمْ لَا نَدْفَعُ؟».+ فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَ تَمْتَحِنُونَنِي؟ أَحْضِرُوا إِلَيَّ دِينَارًا لِأَنْظُرَهُ».+ ١٦ فَأَحْضَرُوهُ إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هٰذِهِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟». قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ».+ ١٧ حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ: «أَوْفُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ،+ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ».+ فَتَعَجَّبُوا مِنْهُ.+
١٨ وَأَتَى إِلَيْهِ ٱلصَّدُّوقِيُّونَ، ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، وَسَأَلُوهُ:+ ١٩ «يَا مُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ لِأَحَدٍ أَخٌ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا، يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ أَخُوهُ+ ٱلزَّوْجَةَ وَيُقِيمَ مِنْهَا نَسْلًا لِأَخِيهِ.+ ٢٠ وَكَانَ هُنَاكَ سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. فَأَخَذَ ٱلْأَوَّلُ زَوْجَةً، لٰكِنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ نَسْلًا.+ ٢١ فَأَخَذَهَا ٱلثَّانِي، وَمَاتَ دُونَ أَنْ يَتْرُكَ نَسْلًا. وَكَذٰلِكَ ٱلثَّالِثُ. ٢٢ وَلَمْ يَتْرُكِ ٱلسَّبْعَةُ نَسْلًا. وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضًا.+ ٢٣ فَفِي ٱلْقِيَامَةِ لِأَيٍّ مِنْهُمْ تَكُونُ زَوْجَةً؟ لِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ».+ ٢٤ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ لِهٰذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لَا تَعْرِفُونَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَلَا قُدْرَةَ ٱللّٰهِ؟+ ٢٥ لِأَنَّهُمْ حِينَ يَقُومُونَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، لَا يَتَزَوَّجُ ٱلرِّجَالُ وَلَا تُزَوَّجُ ٱلنِّسَاءُ، بَلْ يَكُونُونَ مِثْلَ ٱلْمَلَائِكَةِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.+ ٢٦ أَمَّا أَنَّ ٱلْأَمْوَاتَ يَقُومُونَ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي ٱلرِّوَايَةِ عَنِ ٱلْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ قَالَ ٱللّٰهُ لَهُ: ‹أَنَا إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ›؟+ ٢٧ فَهُوَ لَيْسَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ، بَلْ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ تَضِلُّونَ كَثِيرًا».+
٢٨ وَكَانَ أَحَدُ ٱلْكَتَبَةِ قَدْ دَنَا وَسَمِعَهُمْ يَتَجَادَلُونَ، وَعَرَفَ أَنَّهُ أَجَابَهُمْ بِطَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ، فَسَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ ٱلْكُلِّ؟».+ ٢٩ فَأَجَابَ يَسُوعُ: «اَلْأُولَى هِيَ: ‹اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، يَهْوَهُ إِلٰهُنَا، يَهْوَهُ وَاحِدٌ،+ ٣٠ وَتُحِبُّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ عَقْلِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ›.+ ٣١ وَٱلثَّانِيَةُ هِيَ هٰذِهِ: ‹تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ›.+ وَلَيْسَ مِنْ وَصِيَّةٍ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ». ٣٢ فَقَالَ لَهُ ٱلْكَاتِبُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَحْسَنْتَ إِذْ قُلْتَ بِٱلْحَقِّ: ‹وَاحِدٌ هُوَ، وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ›.+ ٣٣ وَمَحَبَّتُهُ بِكُلِّ ٱلْقَلْبِ وَبِكُلِّ ٱلْفَهْمِ وَبِكُلِّ ٱلْقُوَّةِ وَمَحَبَّةُ ٱلْقَرِيبِ كَٱلنَّفْسِ، أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ ٱلْمُحْرَقَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ».+ ٣٤ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِذَكَاءٍ، قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ». وَلَمْ يَجْرُؤْ أَحَدٌ مِنْ بَعْدُ أَنْ يَسْأَلَهُ.+
٣٥ لٰكِنَّ يَسُوعَ أَجَابَ وَقَالَ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ: «كَيْفَ يَقُولُ ٱلْكَتَبَةُ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ هُوَ ٱبْنُ دَاوُدَ؟+ ٣٦ فَإِنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ:+ ‹قَالَ يَهْوَهُ لِرَبِّي: «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي إِلَى أَنْ أَضَعَ أَعْدَاءَكَ تَحْتَ قَدَمَيْكَ»›.+ ٣٧ فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدْعُوهُ ‹رَبًّا›، فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ ٱبْنَهُ؟».+
وَكَانَ ٱلْجَمْعُ ٱلْكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بِسُرُورٍ.+ ٣٨ وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «اِحْذَرُوا مِنَ ٱلْكَتَبَةِ+ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلتَّجَوُّلَ بِٱلْحُلَلِ، وَٱلتَّحِيَّاتِ فِي سَاحَاتِ ٱلْأَسْوَاقِ، ٣٩ وَٱلْمَقَاعِدَ ٱلْأَمَامِيَّةَ فِي ٱلْمَجَامِعِ، وَٱلْأَمَاكِنَ ٱلْأَبْرَزَ فِي مَآدِبِ ٱلْعَشَاءِ.+ ٤٠ هُمُ ٱلَّذِينَ يَلْتَهِمُونَ بُيُوتَ+ ٱلْأَرَامِلِ، وَيُطِيلُونَ ٱلصَّلَوَاتِ تَظَاهُرًا. فَهٰؤُلَاءِ سَيَنَالُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ».+
٤١ وَجَلَسَ مُقَابِلَ صَنَادِيقِ ٱلْخِزَانَةِ،+ وَأَخَذَ يَنْظُرُ كَيْفَ يُلْقِي ٱلْجَمْعُ ٱلْمَالَ فِي هٰذِهِ ٱلصَّنَادِيقِ. وَكَانَ أَغْنِيَاءُ كَثِيرُونَ يُلْقُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلنُّقُودِ.+ ٤٢ وَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ.*+ ٤٣ فَدَعَا تَلَامِيذَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةَ ٱلْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ ٱلَّذِينَ أَلْقَوْا فِي صَنَادِيقِ ٱلْخِزَانَةِ،+ ٤٤ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَلْقَوْا مِنْ فَضْلَتِهِمْ. أَمَّا هِيَ فَمِنْ عَوَزِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».+
١٣ وَبَيْنَمَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ، قَالَ لَهُ أَحَدُ تَلَامِيذِهِ: «يَا مُعَلِّمُ، ٱنْظُرْ! أَيُّ حِجَارَةٍ وَأَيُّ أَبْنِيَةٍ هٰذِهِ!».+ ٢ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَتَرَى هٰذِهِ ٱلْأَبْنِيَةَ ٱلْعَظِيمَةَ؟+ لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ+ إِلَّا وَيُنْقَضُ».+
٣ وَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ مُقَابِلَ ٱلْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ+ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ:+ ٤ «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هٰذَا، وَمَاذَا تَكُونُ ٱلْعَلَامَةُ عِنْدَمَا تُخْتَتَمُ هٰذِهِ ٱلْأُمُورُ كُلُّهَا؟».+ ٥ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «اِحْذَرُوا أَنْ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ.+ ٦ فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِٱسْمِي قَائِلِينَ: ‹إِنِّي هُوَ›، وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ.+ ٧ وَعِنْدَمَا تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ لَا تَرْتَعِبُوا. فَلَا بُدَّ أَنْ تَحْدُثَ هٰذِهِ، وَلٰكِنْ لَيْسَتِ ٱلنِّهَايَةُ بَعْدُ.+
٨ «لِأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ،+ وَتَكُونُ زَلَازِلُ+ فِي مَكَانٍ بَعْدَ آخَرَ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ.+ وَهٰذِهِ بِدَايَةُ ٱلْمَخَاضِ.+
٩ «أَمَّا أَنْتُمْ فَٱحْتَرِزُوا لِأَنْفُسِكُمْ. فَسَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ،+ وَتُضْرَبُونَ فِي ٱلْمَجَامِعِ،+ وَتَمْثُلُونَ أَمَامَ حُكَّامٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ.+ ١٠ وَيَجِبُ أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِٱلْبِشَارَةِ+ فِي كُلِّ ٱلْأُمَمِ.+ ١١ وَعِنْدَمَا يَسُوقُونَكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، لَا تَحْمِلُوا هَمًّا مِنْ قَبْلُ بِمَ تَتَكَلَّمُونَ،+ بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ فَبِذٰلِكَ تَكَلَّمُوا، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ ٱلْمُتَكَلِّمِينَ، بَلِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ.+ ١٢ وَسَيُسَلِّمُ ٱلْأَخُ أَخَاهُ إِلَى ٱلْمَوْتِ، وَٱلْأَبُ وَلَدَهُ،+ وَيَقُومُ ٱلْأَوْلَادُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ.+ ١٣ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي.+ وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ إِلَى ٱلنِّهَايَةِ+ هُوَ يَخْلُصُ.+
١٤ «وَلٰكِنْ، مَتَى رَأَيْتُمُ ٱلرِّجْسَةَ+ ٱلْمُخَرِّبَةَ+ قَائِمَةً حَيْثُ لَا يَنْبَغِي (لِيُمَيِّزِ ٱلْقَارِئُ)،+ فَحِينَئِذٍ لِيَبْدَإِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ بِٱلْهَرَبِ إِلَى ٱلْجِبَالِ.+ ١٥ وَمَنْ كَانَ عَلَى ٱلسَّطْحِ فَلَا يَنْزِلْ، وَلَا يَدْخُلْ بَيْتَهُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا.+ ١٦ وَمَنْ كَانَ فِي ٱلْحَقْلِ فَلَا يَعُدْ إِلَى مَا هُوَ وَرَاءُ لِيَأْخُذَ رِدَاءَهُ.+ ١٧ اَلْوَيْلُ لِلْحَوَامِلِ وَٱلْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ!+ ١٨ صَلُّوا لِكَيْلَا يَكُونَ ذٰلِكَ فِي شِتَاءٍ؛+ ١٩ لِأَنَّ تِلْكَ ٱلْأَيَّامَ سَتَكُونُ أَيَّامَ ضِيقٍ+ لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهُ مُنْذُ بَدْءِ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي خَلَقَهَا ٱللّٰهُ إِلَى ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، وَلَنْ يَحْدُثَ ثَانِيَةً.+ ٢٠ وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرْ يَهْوَهُ+ ٱلْأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلٰكِنْ لِأَجْلِ ٱلْمُخْتَارِينَ+ ٱلَّذِينَ ٱخْتَارَهُمْ،+ قَصَّرَ ٱلْأَيَّامَ.+
٢١ «وَإِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: ‹هَا هُوَ ٱلْمَسِيحُ هُنَا!›، ‹هَا هُوَ هُنَاكَ!›،+ فَلَا تُصَدِّقُوا.+ ٢٢ لِأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ دَجَّالُونَ وَأَنْبِيَاءُ دَجَّالُونَ+ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ،+ لِيُضَلِّلُوا ٱلْمُخْتَارِينَ لَوْ أَمْكَنَ.+ ٢٣ فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا عَلَى حَذَرٍ.+ لَقَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ.+
٢٤ «وَلٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، بَعْدَ ذٰلِكَ ٱلضِّيقِ، تُظْلِمُ ٱلشَّمْسُ، وَلَا يُعْطِي ٱلْقَمَرُ نُورَهُ، ٢٥ وَتَسْقُطُ ٱلنُّجُومُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، وَتَتَزَعْزَعُ ٱلْقُوَّاتُ ٱلَّتِي فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.+ ٢٦ ثُمَّ يَرَوْنَ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ+ آتِيًا فِي ٱلسُّحُبِ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمَيْنِ.+ ٢٧ وَيُرْسِلُ بَعْدَ ذٰلِكَ ٱلْمَلَائِكَةَ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ+ مِنَ ٱلرِّيَاحِ ٱلْأَرْبَعِ، مِنْ أَقْصَى ٱلْأَرْضِ إِلَى أَقْصَى ٱلسَّمَاءِ.+
٢٨ «مِنْ شَجَرَةِ ٱلتِّينِ تَعَلَّمُوا ٱلْمَثَلَ: حَالَمَا يَصِيرُ غُصْنُهَا ٱلصَّغِيرُ رَخْصًا وَيُخْرِجُ أَوْرَاقَهُ، تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلصَّيْفَ قَرِيبٌ.+ ٢٩ كَذٰلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ تَحْدُثُ، فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ.+ ٣٠ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَنْ يَزُولَ هٰذَا ٱلْجِيلُ أَبَدًا حَتَّى تَحْدُثَ هٰذِهِ كُلُّهَا.+ ٣١ اَلسَّمَاءُ+ وَٱلْأَرْضُ تَزُولَانِ، أَمَّا كَلَامِي+ فَلَا يَزُولُ.+
٣٢ «أَمَّا ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ أَوِ ٱلسَّاعَةُ فَلَا يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ، لَا ٱلْمَلَائِكَةُ فِي ٱلسَّمَاءِ وَلَا ٱلِٱبْنُ، إِلَّا ٱلْآبُ.+ ٣٣ اِبْقَوْا مُنْتَبِهِينَ وَمُسْتَيْقِظِينَ،+ لِأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ مَتَى يَكُونُ ٱلْوَقْتُ ٱلْمُعَيَّنُ.+ ٣٤ فَذٰلِكَ مِثْلُ رَجُلٍ مُسَافِرٍ+ تَرَكَ بَيْتَهُ وَأَعْطَى عَبِيدَهُ ٱلسُّلْطَةَ، لِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَأَوْصَى ٱلْبَوَّابَ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى ٱلسَّهَرِ. ٣٥ فَدَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ+ إِذًا، لِأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ مَتَى يَأْتِي سَيِّدُ ٱلْبَيْتِ، أَفِي آخِرِ ٱلنَّهَارِ، أَمْ فِي مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ، أَمْ عِنْدَ صِيَاحِ ٱلدِّيكِ، أَمْ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرِ؛+ ٣٦ لِئَلَّا يَصِلَ فَجْأَةً فَيَجِدَكُمْ نَائِمِينَ.+ ٣٧ وَلٰكِنْ مَا أَقُولُهُ لَكُمْ، أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: دَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ».+
١٤ وَكَانَ ٱلْفِصْحُ+ وَعِيدُ+ ٱلْفَطِيرِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ.+ وَكَانَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يَقْبِضُونَ عَلَيْهِ بِحِيلَةٍ وَيَقْتُلُونَهُ،+ ٢ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: «لَيْسَ فِي ٱلْعِيدِ، لِئَلَّا يَكُونَ شَغَبٌ فِي ٱلشَّعْبِ».+
٣ وَبَيْنَمَا هُوَ فِي بَيْتَ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ ٱلْأَبْرَصِ،+ وَهُوَ مُتَّكِئٌ لِلطَّعَامِ، جَاءَتِ ٱمْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةٌ مِنَ ٱلْمَرْمَرِ فِيهَا زَيْتٌ عَطِرٌ، نَارَدِينٌ خَالِصٌ غَالٍ جِدًّا. فَكَسَرَتْ قَارُورَةَ ٱلْمَرْمَرِ وَأَخَذَتْ تَسْكُبُهُ عَلَى رَأْسِهِ.+ ٤ فَٱغْتَاظَ ٱلْبَعْضُ وَقَالُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ: «لِمَاذَا هٰذَا ٱلتَّبْذِيرُ لِلزَّيْتِ ٱلْعَطِرِ؟+ ٥ فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هٰذَا ٱلزَّيْتُ ٱلْعَطِرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ!». وَكَانُوا مُسْتَائِينَ مِنْهَا جِدًّا.+ ٦ غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ قَالَ: «دَعُوهَا وَشَأْنَهَا. لِمَ تُزْعِجُونَهَا؟ فَقَدْ عَمِلَتْ لِي عَمَلًا حَسَنًا.+ ٧ لِأَنَّ ٱلْفُقَرَاءَ عِنْدَكُمْ كُلَّ حِينٍ،+ وَمَتَى أَرَدْتُمْ تَقْدِرُونَ كُلَّ حِينٍ أَنْ تَعْمَلُوا لَهُمْ عَمَلًا صَالِحًا، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ عِنْدَكُمْ كُلَّ حِينٍ.+ ٨ لَقَدْ فَعَلَتْ مَا فِي وُسْعِهَا. قَدْ سَبَقَتْ فَعَطَّرَتْ جَسَدِي لِلدَّفْنِ.+ ٩ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِٱلْبِشَارَةِ فِي ٱلْعَالَمِ كُلِّهِ،+ يُخْبَرْ أَيْضًا بِمَا فَعَلَتْهُ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ، تَذْكَارًا لَهَا».+
١٠ وَذَهَبَ يَهُوذَا ٱلْإِسْخَرْيُوطِيُّ، أَحَدُ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، إِلَى كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ.+ ١١ فَلَمَّا سَمِعُوا بِذٰلِكَ، فَرِحُوا وَوَعَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً.+ فَأَخَذَ يَطْلُبُ كَيْفَ يُسَلِّمُهُ فِي ظَرْفٍ مُنَاسِبٍ.+
١٢ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنَ ٱلْفَطِيرِ،+ وَفِيهِ كَانُوا يَذْبَحُونَ ذَبِيحَةَ ٱلْفِصْحِ، قَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ:+ «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنُهَيِّئَ لِتَأْكُلَ ٱلْفِصْحَ؟».+ ١٣ فَأَرْسَلَ ٱثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ وَقَالَ لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، وَسَيُصَادِفُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّةَ مَاءٍ.+ اِتْبَعَاهُ، ١٤ وَحَيْثُمَا يَدْخُلْ فَقُولَا لِرَبِّ ٱلْبَيْتِ: ‹يَقُولُ ٱلْمُعَلِّمُ: «أَيْنَ غُرْفَةُ ٱلضُّيُوفِ حَيْثُ آكُلُ ٱلْفِصْحَ+ مَعَ تَلَامِيذِي؟»›.+ ١٥ فَيُرِيَكُمَا عُلِّيَّةً كَبِيرَةً، مَفْرُوشَةً مُهَيَّأَةً. هُنَاكَ هَيِّئَا لَنَا».+ ١٦ فَخَرَجَ ٱلتِّلْمِيذَانِ وَدَخَلَا ٱلْمَدِينَةَ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، وَهَيَّأَا ٱلْفِصْحَ.+
١٧ وَحَلَّ ٱلْمَسَاءُ فَأَتَى مَعَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ.+ ١٨ وَبَيْنَمَا كَانُوا مُتَّكِئِينَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ يَأْكُلُونَ، قَالَ يَسُوعُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: وَاحِدٌ مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي،+ وَهُوَ يَأْكُلُ مَعِي».+ ١٩ فَحَزِنُوا وَقَالُوا لَهُ ٱلْوَاحِدُ بَعْدَ ٱلْآخَرِ: «أَلَعَلِّي هُوَ؟».+ ٢٠ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، وَهُوَ ٱلَّذِي يَغْمِسُ مَعِي فِي ٱلصَّحْفَةِ نَفْسِهَا.+ ٢١ صَحِيحٌ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ، لٰكِنِ ٱلْوَيْلُ لِذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ! كَانَ خَيْرًا لِذٰلِكَ ٱلرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ».+
٢٢ وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ بَعْدُ، أَخَذَ رَغِيفًا، وَطَلَبَ بَرَكَةً، وَكَسَرَهُ وَأَعْطَاهُمْ، وَقَالَ: «خُذُوا، هٰذَا يُمَثِّلُ جَسَدِي».+ ٢٣ وَأَخَذَ كَأْسًا وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ، فَشَرِبُوا مِنْهَا كُلُّهُمْ.+ ٢٤ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰذِهِ تُمَثِّلُ ‹دَمِي+ ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ›،+ ٱلَّذِي يُسْكَبُ+ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ.+ ٢٥ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَا أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ ٱلْكَرْمَةِ حَتَّى ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».+ ٢٦ وَأَخِيرًا، رَنَّمُوا تَسَابِيحَ+ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ.+
٢٧ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «سَتَعْثُرُونَ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ‹أَضْرِبُ ٱلرَّاعِيَ+ فَتَتَبَدَّدُ ٱلْخِرَافُ›.+ ٢٨ وَلٰكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى ٱلْجَلِيلِ».+ ٢٩ فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوْ عَثَرَ ٱلْآخَرُونَ جَمِيعًا، فَأَنَا لَنْ أَعْثُرَ».+ ٣٠ عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ، فِي هٰذِهِ ٱللَّيْلَةِ، قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ ٱلدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».+ ٣١ لٰكِنَّهُ قَالَ بِأَكْثَرِ تَشْدِيدٍ: «لَوِ ٱضْطُرِرْتُ إِلَى ٱلْمَوْتِ مَعَكَ، لَا أُنْكِرُكَ أَبَدًا». وَهٰكَذَا قَالَ ٱلْجَمِيعُ أَيْضًا.+
٣٢ وَجَاءُوا إِلَى مَوْضِعٍ يُدْعَى جَتْسِيمَانِيَ، فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «اِجْلِسُوا هُنَا رَيْثَمَا أُصَلِّي».+ ٣٣ وَأَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا،+ وَٱبْتَدَأَ يَأْخُذُهُ ٱلذُّهُولُ مِنْ شِدَّةِ ٱلْكَرْبِ وَٱلِٱنْزِعَاجُ ٱلشَّدِيدُ.+ ٣٤ وَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا+ حَتَّى ٱلْمَوْتِ. اُمْكُثُوا هُنَا وَٱبْقَوْا سَاهِرِينَ».+ ٣٥ وَتَقَدَّمَ قَلِيلًا فَسَقَطَ إِلَى ٱلْأَرْضِ وَأَخَذَ يُصَلِّي أَنْ تَعْبُرَ عَنْهُ ٱلسَّاعَةُ، إِنْ كَانَ مُمْكِنًا.+ ٣٦ ثُمَّ قَالَ: «أَبَّا، أَيُّهَا ٱلْآبُ،+ كُلُّ شَيْءٍ مُمْكِنٌ عِنْدَكَ، فَٱصْرِفْ عَنِّي هٰذِهِ ٱلْكَأْسَ. وَلٰكِنْ لَيْسَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ».+ ٣٧ ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نَائِمِينَ، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ، هَلْ أَنْتَ نَائِمٌ؟ أَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَبْقَى سَاهِرًا سَاعَةً وَاحِدَةً؟+ ٣٨ اِبْقَوْا سَاهِرِينَ وَصَلُّوا+ لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. إِنَّ ٱلرُّوحَ مُنْدَفِعٌ، أَمَّا ٱلْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».+ ٣٩ وَذَهَبَ ثَانِيَةً وَصَلَّى، قَائِلًا ٱلْكَلَامَ نَفْسَهُ.+ ٤٠ ثُمَّ جَاءَ ثَانِيَةً وَوَجَدَهُمْ نَائِمِينَ لِأَنَّ أَعْيُنَهُمْ كَانَتْ ثَقِيلَةً، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ.+ ٤١ وَجَاءَ فِي ٱلْمَرَّةِ ٱلثَّالِثَةِ وَقَالَ لَهُمْ: «فِي مِثْلِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ تَنَامُونَ وَتَسْتَرِيحُونَ! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ ٱلسَّاعَةُ!+ هَا إِنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي ٱلْخُطَاةِ.+ ٤٢ قُومُوا لِنَذْهَبَ.+ هَا إِنَّ ٱلَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ ٱقْتَرَبَ».+
٤٣ وَفِي ٱلْحَالِ، إِذْ كَانَ بَعْدُ يَتَكَلَّمُ، وَصَلَ يَهُوذَا، أَحَدُ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، وَمَعَهُ جَمْعٌ بِسُيُوفٍ وَهَرَاوَى مِنْ عِنْدِ كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةِ وَٱلشُّيُوخِ.+ ٤٤ وَكَانَ مُسَلِّمُهُ قَدْ أَعْطَاهُمْ عَلَامَةً مُتَّفَقًا عَلَيْهَا، قَائِلًا: «اَلَّذِي أُقَبِّلُهُ يَكُونُ هُوَ. اِعْتَقِلُوهُ وَٱمْضُوا بِهِ بِحِرْصٍ».+ ٤٥ وَجَاءَ مُبَاشَرَةً وَٱقْتَرَبَ مِنْهُ وَقَالَ: «رَابِّي!»، وَقَبَّلَهُ.+ ٤٦ فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ وَٱعْتَقَلُوهُ.+ ٤٧ وَلٰكِنَّ وَاحِدًا مِنَ ٱلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ ٱسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ وَقَطَعَ أُذُنَهُ.+ ٤٨ فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ قَائِلًا: «أَخَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَهَرَاوَى كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ لِتَقْبِضُوا عَلَيَّ؟+ ٤٩ كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي ٱلْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ،+ وَلَمْ تَعْتَقِلُونِي. وَلٰكِنَّ هٰذَا لِكَيْ تَتِمَّ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ».+
٥٠ وَتَرَكَهُ ٱلْجَمِيعُ+ وَهَرَبُوا.+ ٥١ غَيْرَ أَنَّ شَابًّا لَابِسًا ثَوْبَ كَتَّانٍ جَيِّدٍ عَلَى عُرْيِهِ أَخَذَ يَتْبَعُهُ عَلَى قُرْبٍ. فَحَاوَلُوا ٱلْقَبْضَ عَلَيْهِ،+ ٥٢ لٰكِنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ ٱلْكَتَّانِيَّ وَفَرَّ عُرْيَانًا.
٥٣ وَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ، فَٱجْتَمَعَ كُلُّ كِبَارِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخِ وَٱلْكَتَبَةِ.+ ٥٤ أَمَّا بُطْرُسُ فَتَبِعَهُ+ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ فِنَاءِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ، وَكَانَ جَالِسًا مَعَ خُدَّامِ ٱلْبَيْتِ يَسْتَدْفِئُ أَمَامَ ٱلنَّارِ ٱلْمُتَوَهِّجَةِ. ٥٥ وَفِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ، كَانَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ وَكُلُّ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ يُفَتِّشُونَ عَنْ شَهَادَةٍ عَلَى يَسُوعَ لِيُمِيتُوهُ،+ وَلَا يَجِدُونَ.+ ٥٦ فَإِنَّ كَثِيرِينَ كَانُوا يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ زُورًا،+ إِلَّا أَنَّ شَهَادَاتِهِمْ لَمْ تَتَّفِقْ.+ ٥٧ ثُمَّ قَامَ بَعْضٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ زُورًا، قَائِلِينَ: ٥٨ «سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: ‹سَأَنْقُضُ هٰذَا ٱلْهَيْكَلَ ٱلْمَصْنُوعَ بِأَيْدٍ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيْدٍ›».+ ٥٩ وَلَا عَلَى هٰذَا ٱتَّفَقَتْ شَهَادَتُهُمْ.
٦٠ فَقَامَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ فِي وَسْطِهِمْ وَسَأَلَ يَسُوعَ، قَائِلًا: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَا ٱلَّذِي يَشْهَدُ بِهِ هٰؤُلَاءِ عَلَيْكَ؟».+ ٦١ لٰكِنَّهُ ظَلَّ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ أَلْبَتَّةَ.+ فَسَأَلَهُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ أَيْضًا، وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱلْمُبَارَكِ؟».+ ٦٢ حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ: «إِنِّي هُوَ. وَسَتَرَوْنَ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ+ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ+ ٱلْقُدْرَةِ وَآتِيًا مَعَ سُحُبِ ٱلسَّمَاءِ».+ ٦٣ عِنْدَئِذٍ مَزَّقَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ قَمِيصَهُ+ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟+ ٦٤ قَدْ سَمِعْتُمُ ٱلتَّجْدِيفَ.+ فَمَاذَا تَرَوْنَ؟». فَحَكَمُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا بِأَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتِ. ٦٥ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ يَبْصُقُونَ+ عَلَيْهِ وَيُغَطُّونَ كُلَّ وَجْهِهِ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ!». وَلَطَمَهُ مَأْمُورُو ٱلْمَحْكَمَةِ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أَخَذُوهُ.+
٦٦ وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي ٱلْأَسْفَلِ فِي ٱلْفِنَاءِ، أَتَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ،+ ٦٧ وَإِذْ رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ مُبَاشَرَةً وَقَالَتْ: «أَنْتَ أَيْضًا كُنْتَ مَعَ ٱلنَّاصِرِيِّ، مَعَ يَسُوعَ هٰذَا».+ ٦٨ لٰكِنَّهُ أَنْكَرَ قَائِلًا: «لَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ»، وَخَرَجَ إِلَى ٱلدِّهْلِيزِ.+ ٦٩ وَإِذْ رَأَتْهُ ٱلْجَارِيَةُ، أَخَذَتْ تَقُولُ ثَانِيَةً لِلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ: «هٰذَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ».+ ٧٠ فَأَنْكَرَ ثَانِيَةً. وَبَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا قَالَ ٱلْوَاقِفُونَ هُنَاكَ لِبُطْرُسَ: «بِٱلتَّأْكِيدِ أَنْتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لِأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ».+ ٧١ فَٱبْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ:+ «لَا أَعْرِفُ هٰذَا ٱلْإِنْسَانَ ٱلَّذِي تَتَكَلَّمُونَ عَنْهُ».+ ٧٢ وَفِي ٱلْحَالِ صَاحَ ٱلدِّيكُ مَرَّةً ثَانِيَةً،+ وَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ ٱلْكَلَامَ ٱلَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ ٱلدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ».+ فَلَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ وَٱنْفَجَرَ بِٱلْبُكَاءِ.+
١٥ وَفِي ٱلْحَالِ عِنْدَ ٱلْفَجْرِ عَقَدَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ مَعَ ٱلشُّيُوخِ وَٱلْكَتَبَةِ، أَيْ كُلُّ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ، ٱجْتِمَاعًا لِلتَّشَاوُرِ،+ فَقَيَّدُوا يَسُوعَ وَسَاقُوهُ وَسَلَّمُوهُ إِلَى بِيلَاطُسَ.+ ٢ فَسَأَلَهُ بِيلَاطُسُ: «أَأَنْتَ مَلِكُ+ ٱلْيَهُودِ؟». أَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ نَفْسُكَ تَقُولُ».+ ٣ فَأَخَذَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ يَتَّهِمُونَهُ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ.+ ٤ وَسَأَلَهُ بِيلَاطُسُ ثَانِيَةً قَائِلًا: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟+ اُنْظُرْ مَا أَكْثَرَ ٱلشَّكَاوَى ٱلَّتِي يُقَدِّمُونَهَا عَلَيْكَ».+ ٥ وَلٰكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَعُدْ يُجِيبُ بِشَيْءٍ، حَتَّى تَعَجَّبَ بِيلَاطُسُ.+
٦ وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ سَجِينًا، مَنْ طَلَبُوا.+ ٧ وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ كَانَ ٱلْمَدْعُوُّ بَارَابَاسَ مُقَيَّدًا مَعَ أَهْلِ ٱلْفِتْنَةِ، ٱلَّذِينَ ٱرْتَكَبُوا ٱلْقَتْلَ فِي فِتْنَتِهِمْ.+ ٨ فَصَعِدَ ٱلْجَمْعُ وَأَخَذُوا يَطْلُبُونَ مَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَفْعَلَ لَهُمْ. ٩ فَأَجَابَهُمْ بِيلَاطُسُ قَائِلًا: «أَتُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ مَلِكَ ٱلْيَهُودِ؟».+ ١٠ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ سَلَّمُوهُ حَسَدًا.+ ١١ لٰكِنَّ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ أَثَارُوا ٱلْجَمْعَ لِكَيْ يُطْلِقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ عِوَضًا عَنْهُ.+ ١٢ فَأَجَابَهُمْ بِيلَاطُسُ ثَانِيَةً قَائِلًا: «فَمَاذَا أَفْعَلُ إِذًا بِٱلَّذِي تَدْعُونَهُ مَلِكَ+ ٱلْيَهُودِ؟».+ ١٣ فَصَرَخُوا مَرَّةً أُخْرَى: «عَلِّقْهُ عَلَى خَشَبَةٍ!».+ ١٤ فَقَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: «وَأَيَّ أَمْرٍ رَدِيءٍ فَعَلَ؟». فَٱزْدَادَ صُرَاخُهُمْ: «عَلِّقْهُ عَلَى خَشَبَةٍ!».+ ١٥ وَإِذْ كَانَ بِيلَاطُسُ يُرِيدُ تَلْبِيَةَ رَغْبَةِ ٱلْجَمْعِ،+ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَبَعْدَمَا جَلَدَ يَسُوعَ بِٱلسَّوْطِ، سَلَّمَهُ لِيُعَلَّقَ عَلَى خَشَبَةٍ.+
١٦ فَسَاقَهُ ٱلْجُنُودُ إِلَى فِنَاءِ قَصْرِ ٱلْحَاكِمِ، وَجَمَعُوا كُلَّ ٱلْعَسْكَرِ،+ ١٧ وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُوَانًا وَضَفَرُوا تَاجًا مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ.+ ١٨ وَٱبْتَدَأُوا يُحَيُّونَهُ قَائِلِينَ: «سَلَامٌ لَكَ+ يَا مَلِكَ ٱلْيَهُودِ!». ١٩ وَكَانُوا أَيْضًا يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ.+ ٢٠ وَأَخِيرًا بَعْدَمَا هَزَأُوا بِهِ، عَرَّوْهُ مِنَ ٱلْأُرْجُوَانِ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ ٱلْخَارِجِيَّةَ. وَخَرَجُوا بِهِ لِيُعَلِّقُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ.+ ٢١ وَأَيْضًا سَخَّرُوا أَحَدَ ٱلْمَارَّةِ لِيَرْفَعَ خَشَبَةَ آلَامِهِ، وَهُوَ سِمْعَانُ مِنَ ٱلْقَيْرَوَانِ، أَبُو ٱلْإِسْكَنْدَرِ وَرُوفُسَ، وَكَانَ آتِيًا مِنَ ٱلرِّيفِ.+
٢٢ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ جُلْجُثَةَ، ٱلَّذِي يَعْنِي عِنْدَ تَرْجَمَتِهِ: مَوْضِعَ ٱلْجُمْجُمَةِ.+ ٢٣ وَحَاوَلُوا أَنْ يُعْطُوهُ خَمْرًا مَمْزُوجَةً بِمُرٍّ مُخَدِّرٍ،+ لٰكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ.+ ٢٤ وَعَلَّقُوهُ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ وَٱقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ ٱلْخَارِجِيَّةَ،+ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا لِيَعْرِفُوا مَا يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمْ.+ ٢٥ وَكَانَتِ ٱلسَّاعَةُ ٱلثَّالِثَةُ،+ فَعَلَّقُوهُ عَلَى ٱلْخَشَبَةِ. ٢٦ وَكَانَتْ كِتَابَةُ تُهْمَتِهِ+ مُدَوَّنَةً فَوْقُ: «مَلِكُ ٱلْيَهُودِ».+ ٢٧ وَعَلَّقُوا مَعَهُ عَلَى خَشَبَةٍ لِصَّيْنِ، وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ وَوَاحِدًا عَنْ يَسَارِهِ.+ ٢٨ ــــــــ ٢٩ وَكَانَ ٱلْمُجْتَازُونَ يُوَجِّهُونَ إِلَيْهِ كَلَامًا مُهِينًا+ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ: «يَا نَاقِضَ ٱلْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ،+ ٣٠ خَلِّصْ نَفْسَكَ وَٱنْزِلْ عَنْ خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ».+ ٣١ وَكَذٰلِكَ كِبَارُ ٱلْكَهَنَةِ كَانُوا يَهْزَأُونَ فِي مَا بَيْنَهُمْ مَعَ ٱلْكَتَبَةِ وَيَقُولُونَ: «خَلَّصَ آخَرِينَ، وَنَفْسُهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!+ ٣٢ لِيَنْزِلِ ٱلْآنَ ٱلْمَسِيحُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَنْ خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ، لِنَرَى وَنُؤْمِنَ».+ وَٱللَّذَانِ عُلِّقَا مَعَهُ عَلَى خَشَبَةٍ كَانَا أَيْضًا يُعَيِّرَانِهِ.+
٣٣ وَلَمَّا صَارَتِ ٱلسَّاعَةُ ٱلسَّادِسَةُ، حَلَّتْ ظُلْمَةٌ عَلَى تِلْكَ ٱلْأَرْضِ بِأَسْرِهَا حَتَّى ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ.+ ٣٤ وَفِي ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَالٍ: «إِيلِي، إِيلِي، لَمَا شَبَقْتَنِي؟»، ٱلَّذِي يَعْنِي عِنْدَ تَرْجَمَتِهِ: «إِلٰهِي، إِلٰهِي، لِمَاذَا تَخَلَّيْتَ عَنِّي؟».+ ٣٥ وَإِذْ سَمِعَ ذٰلِكَ بَعْضُ ٱلْوَاقِفِينَ هُنَاكَ، قَالُوا: «هَا إِنَّهُ يَدْعُو إِيلِيَّا!».+ ٣٦ فَرَكَضَ وَاحِدٌ، وَأَشْبَعَ إِسْفَنْجَةً بِخَمْرٍ حَامِضَةٍ، وَوَضَعَهَا عَلَى قَصَبَةٍ، لِيَسْقِيَهُ+ قَائِلًا: «دَعُوهُ! لِنَرَ هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا لِيُنْزِلَهُ».+ ٣٧ لٰكِنَّ يَسُوعَ صَرَخَ صَرْخَةً عَالِيَةً وَلَفَظَ نَفَسَهُ ٱلْأَخِيرَ.+ ٣٨ وَٱنْشَقَّ حِجَابُ+ ٱلْمَقْدِسِ ٱثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ.+ ٣٩ وَلَمَّا رَأَى ٱلضَّابِطُ ٱلْوَاقِفُ هُنَاكَ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ لَفَظَ نَفَسَهُ ٱلْأَخِيرَ هٰكَذَا، قَالَ: «حَقًّا كَانَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ».+
٤٠ وَكَانَتْ نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ،+ بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ ٱلْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ ٱلصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ،+ ٤١ ٱللَّوَاتِي كُنَّ يُرَافِقْنَهُ+ وَيَخْدُمْنَهُ حِينَ كَانَ فِي ٱلْجَلِيلِ، وَنِسَاءٌ غَيْرُهُنَّ كَثِيرَاتٌ كُنَّ قَدْ صَعِدْنَ مَعَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.+
٤٢ وَلَمَّا كَانَ ٱلْوَقْتُ مُتَأَخِّرًا بَعْدَ ٱلظُّهْرِ، وَإِذْ كَانَتِ ٱلتَّهْيِئَةُ، أَيِ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي قَبْلَ ٱلسَّبْتِ، ٤٣ جَاءَ يُوسُفُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلرَّامَةِ، وَهُوَ عُضْوٌ شَرِيفٌ فِي ٱلْمَجْلِسِ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ،+ فَتَشَجَّعَ وَدَخَلَ أَمَامَ بِيلَاطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ+ يَسُوعَ. ٤٤ فَتَعَجَّبَ بِيلَاطُسُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَٱسْتَدْعَى ٱلضَّابِطَ وَسَأَلَهُ هَلْ مَاتَ. ٤٥ فَتَحَقَّقَ مِنَ ٱلضَّابِطِ، ثُمَّ أَعْطَى ٱلْجُثَّةَ لِيُوسُفَ.+ ٤٦ فَٱشْتَرَى كَتَّانًا جَيِّدًا وَأَنْزَلَهُ، وَلَفَّهُ فِي ٱلْكَتَّانِ ٱلْجَيِّدِ وَوَضَعَهُ+ فِي قَبْرٍ+ كَانَ قَدْ نُقِرَ فِي ٱلصَّخْرِ. وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ ٱلْقَبْرِ ٱلتَّذْكَارِيِّ.+ ٤٧ وَكَانَتْ مَرْيَمُ ٱلْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يُوسِي تَنْظُرَانِ أَيْنَ وُضِعَ.+
١٦ وَلَمَّا مَضَى ٱلسَّبْتُ،+ ٱشْتَرَتْ مَرْيَمُ ٱلْمَجْدَلِيَّةُ،+ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ، وَسَالُومَةُ، أَطْيَابًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهُنَّهُ.+ ٢ وَبَاكِرًا جِدًّا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ+ مِنَ ٱلْأُسْبُوعِ، أَتَيْنَ إِلَى ٱلْقَبْرِ وَقَدْ أَشْرَقَتِ ٱلشَّمْسُ.+ ٣ وَكُنَّ يَقُلْنَ بَعْضُهُنَّ لِبَعْضٍ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا ٱلْحَجَرَ عَنْ بَابِ ٱلْقَبْرِ؟». ٤ وَلٰكِنْ لَمَّا رَفَعْنَ نَظَرَهُنَّ، رَأَيْنَ أَنَّ ٱلْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَبِيرًا جِدًّا.+ ٥ وَلَمَّا دَخَلْنَ ٱلْقَبْرَ، رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ ٱلْيَمِينِ لَابِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَٱنْذَهَلْنَ.+ ٦ فَقَالَ لَهُنَّ: «لَا تَنْذَهِلْنَ. أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ ٱلنَّاصِرِيَّ ٱلَّذِي عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ.+ لَقَدْ أُقِيمَ،+ وَهُوَ لَيْسَ هُنَا. هَا هُوَ ٱلْمَكَانُ ٱلَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ.+ ٧ لٰكِنِ ٱذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلَامِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: ‹إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى ٱلْجَلِيلِ.+ هُنَاكَ تَرَوْنَهُ، كَمَا قَالَ لَكُمْ›».+ ٨ فَخَرَجْنَ وَهَرَبْنَ مِنَ ٱلْقَبْرِ، لِأَنَّ ٱلرِّعْدَةَ وَٱلدَّهَشَ ٱسْتَحْوَذَا عَلَيْهِنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لِأَحَدٍ شَيْئًا لِأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ.*+
الخاتمة القصيرة
تحتوي بعض المخطوطات والترجمات المتأخرة على خاتمة قصيرة بعد مرقس ١٦:٨، كما يلي:
وَكُلُّ مَا أُوصِينَ بِهِ رَوَيْنَهُ بِإِيجَازٍ لِلَّذِينَ كَانُوا حَوْلَ بُطْرُسَ. وَبَعْدَ هٰذَا، جَعَلَهُمْ يَسُوعُ نَفْسُهُ يَحْمِلُونَ مِنَ ٱلشَّرْقِ إِلَى ٱلْغَرْبِ ٱلْمُنَادَاةَ بِٱلْخَلَاصِ ٱلْأَبَدِيِّ، ٱلْمُقَدَّسِ وَغَيْرِ ٱلْقَابِلِ لِلْفَسَادِ.
الخاتمة الطويلة
تضيف بعض المخطوطات (المجلّد الاسكندري، المجلّد الافرامي، المجلّد البيزي) والترجمات (الڤولڠات اللاتينية، السريانية الكورتونية، البشيطة السريانية) القديمة الخاتمةَ الطويلة التالية، التي لا ترد في المجلّد السينائي، المجلّد الڤاتيكاني، المجلّد السرياني السينائي، والترجمة الارمنية:
٩ وَقَامَ بَاكِرًا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنَ ٱلْأُسْبُوعِ فَتَرَاءَى أَوَّلًا لِمَرْيَمَ ٱلْمَجْدَلِيَّةِ، ٱلَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. ١٠ فَذَهَبَتْ وَأَخْبَرَتِ ٱلَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، وَكَانُوا يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. ١١ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ عَادَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ وَأَنَّهَا شَاهَدَتْهُ لَمْ يُصَدِّقُوا. ١٢ وَتَرَاءَى بَعْدَ ذٰلِكَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لِٱثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَهُمَا يَمْشِيَانِ، ذَاهِبَيْنِ إِلَى ٱلرِّيفِ. ١٣ فَرَجَعَا وَأَخْبَرَا ٱلْبَاقِينَ. فَلَمْ يُصَدِّقُوهُمَا أَيْضًا. ١٤ وَلَاحِقًا تَرَاءَى لِلْأَحَدَ عَشَرَ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا كَانُوا مُتَّكِئِينَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ، وَعَيَّرَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا ٱلَّذِينَ رَأَوْهُ قَدْ قَامَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. ١٥ وَقَالَ لَهُمْ: «اِذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ كُلِّهِ وَٱكْرِزُوا بِٱلْبِشَارَةِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. ١٦ مَنْ آمَنَ وَٱعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ. ١٧ وَهٰذِهِ ٱلْآيَاتُ تُرَافِقُ ٱلْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ ٱلشَّيَاطِينَ بِٱسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ، ١٨ وَيَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ بِأَيْدِيهِمْ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا فَلَا يُؤْذِيهِمْ أَبَدًا. وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى ٱلْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ».
١٩ ثُمَّ إِنَّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمْ، رُفِعَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ. ٢٠ وَهٰكَذَا، خَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَٱلرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَدْعَمُ ٱلرِّسَالَةَ بِٱلْآيَاتِ ٱلْمُرَافِقَةِ.
يمكن ان تشير صيغة الجمع اليونانية الى المثنى، أي: «أُخْتَاهُ».
انظر الملحق ٢.
أي: «رُبْع قِرْشٍ». انظر الملحق ٥.
تضيف بعض المخطوطات والترجمات الخاتمتين أدناه، الطويلة أو القصيرة، لكنّ هاتين الخاتمتين ليستا جزءا موثوقا به من الاسفار المقدسة الموحى بها. وعالِما القرن الرابع اوسابيوس وجيروم متفقان على ان السجل الصحيح يُختتَم بالكلمات: «لِأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ».