مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٤ ٢٢/‏٣ ص ١٩-‏٢٢
  • مِن هپِّيّ يوقف السيارات للانتقال مجانا الى مرسَل في اميركا الجنوبية

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • مِن هپِّيّ يوقف السيارات للانتقال مجانا الى مرسَل في اميركا الجنوبية
  • استيقظ!‏ ١٩٩٤
  • مواد مشابهة
  • كفاحي الطويل والمرير لايجاد الايمان الحقيقي
    استيقظ!‏ ١٩٩٥
  • الاقتراب الى اللّٰه ساعدني في التغلب على مشاكلي
    استيقظ!‏ ١٩٩٣
  • العائلة التي احبتني حقا
    استيقظ!‏ ١٩٩٥
  • كيف استفدتُ من عناية اللّٰه
    استيقظ!‏ ١٩٩٥
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٤
ع٩٤ ٢٢/‏٣ ص ١٩-‏٢٢

مِن هپِّيّ يوقف السيارات للانتقال مجانا الى مرسَل في اميركا الجنوبية

كنت اوقف السيارات للانتقال مجانا الى برمنڠهام،‏ انكلترا،‏ مع صديقتي الفرنسية سنة ١٩٧٤.‏ فمرَّ بنا اثنان من شهود يهوه عائدان من العمل الى بيتهما،‏ وإذ التفت نحونا احدهما،‏ جون هايِت،‏ تساءل على مَسمع من صاحبه،‏ «كيف يتعلم يوما ما اشخاص كهؤلاء الحق عن اللّٰه؟‏» وطبعا،‏ لم اعلم ذلك إلا لاحقا.‏ على ايّ حال،‏ لم يتوقَّفا لنقلنا؛‏ وأنتم ايضا ما كنتم لتتوقفوا.‏ فقد بدوتُ هپِّيًّا نموذجيا.‏

ولكن دعوني ابتدئ من البداية.‏ وُلدت في ريتشموند،‏ ڤيرجينيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ عام ١٩٤٨.‏ والامر الاول الذي اتذكره هو كوني في الخامسة من العمر وعاجزا عن المشي.‏ فقد كنت مصابا بشلل الاطفال.‏ كانت امي تغسلني وأنا على مَحْمِل في حوض الاستحمام.‏ ومن حسن التوفيق انه بعد اربعة او خمسة اسابيع،‏ شُفيت بمساعدة والدَيَّ والاطباء.‏ وتمكَّنت من السير مرة اخرى.‏

كانت عائلتنا عائلة جنوبية نموذجية —‏ من المعمدانيين الجنوبيين المحافظين.‏ وكان والدانا يفرضان علينا نحن الاولاد —‏ اخويَّ،‏ اختي،‏ وأنا —‏ ان نذهب الى الكنيسة حتى صرنا بعمر ١٨ سنة.‏ وبعمر ١٨ سنة تركنا الكنيسة.‏ كنت قد اعتمدت بعمر سبع سنوات،‏ في حملة بيلي ڠرايَم التبشيرية.‏ وكنت جدِّيا بشأن معموديتي؛‏ انها لم تُجرَ بسبب نوبة عاطفية.‏ وأتذكر بوضوح انني نذرت حياتي للّٰه،‏ مع انني لم اعرف حقا مَن هو.‏

علَّمنا والدانا الآداب الجيدة،‏ الاحترام للسلطة،‏ والاحترام للكتاب المقدس.‏ هذه الافكار الباكرة اثَّرت في القرارات التي كنت سأتخذها بقية حياتي.‏ وإلى هذا اليوم،‏ انا شاكر على ذلك التدريب الابوي.‏

في الصف السادس،‏ اتذكر انني تأملت في حالة العالم وفكَّرت:‏ ‹لا يمكن ان تستمر كما هي الآن.‏› وحتى آنذاك،‏ لم اعتقد ان الانظمة السياسية يمكن ان تستمر.‏

في اول سنوات مراهقتي،‏ تطوَّر لدي الجَنَف scoliosis،‏ انحناء غير طبيعي في العمود الفقري،‏ يُحتمل ان يكون قد سبَّبه الشلل الابكر.‏ فصرت حقل تجارب اذ سجن الاطباء جسدي من الوركَين الى العنق في قالب ريسِر،‏ سترة تعمل كهيكل عظمي خارجي.‏

انه ليس الشكل الذي كنت سأختاره.‏ فقد بدوتُ كتمثال يسير.‏ كان الاولاد الآخرون في المدرسة لطفاء،‏ لكنَّ الدرس الذي تعلَّمته فيما ارتديت الاداة الغريبة في سنتِي ما قبل الاخيرة في المدرسة الثانوية هو:‏ قبول ما لا يمكننا تغييره.‏

كان متوقَّعا مني ان اذهب الى الكلية،‏ لذلك ذهبت.‏ وكنت في الصف الذي تخرَّج من الكلية عام ١٩٧٠.‏ وفي ستينات الـ‍ ١٩٠٠ كانت الحركة الهپِّيّة ناشطة جدا،‏ وكان الفساد الادبي والمخدِّرات موضة العصر.‏ وفيما كنت في الكلية قمت بعمل دنيوي لتسديد نفقات دراستي،‏ وعملي في مكتب تطلب ان يكون شعري قصيرا وأن ارتدي بدلة.‏ لكنَّ روح الاستقلال وعدم الامتثال اللذين لاصدقائي جذباني.‏ لقد كانوا مشمئزين من النظام المؤسس كما كنت انا.‏ وقد ارتديت الجينز تحت رداء تخرُّجي.‏

لم يتبيَّن ان التعليم يجلب الاكتفاء.‏ وملاحظة عمي الغني اقنعتني بأن المال ليس الجواب.‏ فهو لم يكن اسعد من الناس الفقراء.‏ فما المعنى من هذا؟‏ لذلك هجرت طريقة العيش التقليدية،‏ تركت شعري يطول،‏ ورحت ابحث عن قصد حقيقي في الحياة.‏

تنقَّلت في اوروپا مستعملا تذكرة يورِيْل وإبهامي.‏ كان هدفي ان اسافر حول العالم عن طريق ركوب السيارات مجانا.‏ فربما اجد الاجوبة في مكان ما.‏ وفي الحزمة التي حملتها على ظهري،‏ اخذت بنطلونين من الجينز،‏ ثلاثة قمصان،‏ وكتابا مقدسا.‏

وإذ كنت اجلس في الحانات،‏ اشرب البيرة وأقرأ الكتاب المقدس،‏ كنت اطرح اسئلة على مَن هم حولي،‏ فأحصل على كل انواع الاجوبة المختلفة.‏ كنت ابحث عن،‏ انظر،‏ وأتلمَّس —‏ ماذا؟‏ لم اكن متأكدا.‏

في لندن أَسَرَت انتباهي جماعة تدعى «اولاد اللّٰه.‏» ولكن كرسالة كل الهپِّيّين الاحداث،‏ كانت رسالتهم كلها صبيانية —‏ محبة عديمة التمييز.‏ فلا اجوبة لي هنا.‏

وفي جولة في كنيسة انڠليكانية جميلة جدا،‏ كاتدرائية كاثوليكية سابقة،‏ امتلأتُ رهبة.‏ فسألتُ القسّ الذي اجرى لنا الجولة عن سبب صيرورته كاهنا.‏ فرفع يده وفرك أصابعه بإبهامه كمَن يجسّ المال!‏ فسحقني ذلك.‏ يا للرياء!‏ وإذ أُثير اشمئزازي،‏ جمعتُ كل مطبوعاتي الدينية وحرقتها.‏

في ايلول ١٩٧٣،‏ كنت في الطريق مرة اخرى،‏ أُوقف السيارات لانتقل مجانا —‏ الى ليڤرپول لأرى فرقة البيتِلْز وأسمع موسيقاهم.‏ فأركبني ڠوردن مارلِر في سيارته.‏ وصار الكتاب المقدس موضوع محادثتنا لاننا قرأناه نحن الاثنين،‏ وهكذا تبادلنا الآيات المألوفة.‏

بعد ذلك،‏ صار ڠوردن الرابط بيني وبين «الحق.‏» فبقينا على اتصال بواسطة الرسائل وفي ربيع ١٩٧٤ كتب انه يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ لم يكن لي ايّ ردّ فعل تجاه الاسم شهود يهوه،‏ اذ لم يتَّصلوا بي قط في ريتشموند.‏ وبعد اشهر وصلَتْ رسالة مع دعوة:‏ «تعال من اجل درس في الكتاب المقدس.‏» وقال ان درسه هو يوم الاربعاء مساء.‏ لذلك في صباح يوم الاربعاء،‏ كنت مرة اخرى أوقف السيارات للانتقال مجانا.‏ ووجود صديقتي الفرنسية سهَّل اكثر الحصول على ركوب.‏

ذهبنا مع ڠوردن الى درسه في الكتاب المقدس.‏ وتبيَّن ان المضيف هو جون هايِت،‏ الشخص الذي مرَّ بنا قبل سنوات وتساءل،‏ ‹كيف يتعلم يوما ما اشخاص كهؤلاء الحق عن اللّٰه؟‏› وعند التعارف،‏ هتف:‏ «الرفيقان الهپِّيّان من الطريق،‏ اليانكيَّان!‏»‏

وهكذا ابتدأ درسي في الكتاب المقدس.‏ كان لديَّ الكثير من الاسئلة نتيجة لقراءتي الكتاب المقدس.‏ لم يكن هنالك وقت كافٍ للحصول على الاجوبة،‏ لأن المحفل الكبير للشهود كان سيبتدئ باكرا في الصباح التالي.‏ فأعطاني جون كتابا،‏ الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ وقال لي ان انتقي فصلا،‏ اجلب كل اسئلتي،‏ وأعود يوم الاربعاء التالي.‏ ودعاني الى حضور المحفل يوم الاحد.‏ فأثَّر فيَّ الشعب النظيف والمهذَّب.‏ لم تكن صديقتي مهتمة.‏ وعندما قلت لها انني احب اللّٰه اكثر مما احبها،‏ غادرت.‏

يوم الاربعاء،‏ عدت الى بيت جون،‏ منتقيا الفصل عن يسوع المسيح.‏ كانت لديَّ اسئلة محدَّدة عن السلوك الجنسي ونبوة دانيال عن الـ‍ ٧٠ اسبوعا من السنين.‏ كان جون مبشِّرا كامل الوقت،‏ يعرف حقا الكتاب المقدس.‏ فأخبرني ان نظرة الكتاب المقدس هي ان الجنس يقتصر على المتزوِّجين،‏ وأوضح لي نبوة دانيال عن الـ‍ ٧٠ اسبوعا.‏ فكل التفاصيل غير الموضَّحة من قراءتي للكتاب المقدس رُبطت ووُضِّحت بدقة.‏ وفي الساعة الثانية صباحا،‏ قلتُ:‏ «هذا هو الحق.‏» كنت عازما ان انام في المرأب،‏ كما فعلت مرارا في الماضي،‏ لكنَّ جون لم يوافق وجعلني انام على ارض غرفة الجلوس.‏

وما فعله بدا تدخُّلا الهيا،‏ لأن عصابة من محلوقي الرأس كانت في تلك الليلة منهمكة في مشاجرة في المصعد بسبب السُّكر.‏ ومظهري كان سيجعلني بالتأكيد هدفا لضرب عنيف.‏

وإذ تقدمتِ الدروس،‏ ادركت انني كنت على حق في تفكيري كولد.‏ فالنظام لا يمكن ان يستمر.‏ انه يميل نحو الزوال.‏ واللّٰه نفسه سيقوِّم الامور بواسطة حكومته،‏ الملكوت الذي كنت اصلِّي من اجله لكنني لم افهم عنه قط.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏٩،‏١٠‏)‏ ونفوري من الرياء أُيِّد.‏ ويسوع لم يحبه ايضا.‏ (‏متى،‏ الاصحاح ٢٣‏)‏ لقد تلمَّستُ اللّٰه،‏ وهو جعلني اجده.‏ —‏ اعمال ١٧:‏٢٧‏.‏

تحدثتُ عن هذا الحق الى كل فرد التقيته.‏ وفي الحال اردت ان اذهب الى الموطن وأشترك في المعرفة مع عائلتي.‏ وعند عودتي الى ريتشموند،‏ فعلت ذلك تماما.‏

واتصلتُ ايضا بقاعة الملكوت.‏ فردّ الأخ هِرْبِرْت لوواسِر على الهاتف.‏ كان يعمل في القاعة الجديدة،‏ مُعِدًّا اياها للتدشين.‏ فقلتُ له انني اريد درسا في الكتاب المقدس.‏ فأخبرني عن اجتماع كبير في اليوم التالي حيث كانت كل المدينة مدعوة لسماع محاضرة من الكتاب المقدس.‏ فذهبت.‏

لفتُّ النظر كثيرا،‏ اذ اعلن مظهري انني زائر غريب.‏ وهناك عرَّف بنفسه فاتح شاب اعزب اسمه مايك بولز ودعاني الى الجلوس بجانبه في المقدّمة.‏ بعدئذ،‏ صار الحشد يهمس متسائلا،‏ «مَن هي هذه الفتاة ذات الشعر الجميل الطويل التي تجلس بجانب مايك بولز؟‏» وتلك كانت انا!‏

بعد درسي الثالث،‏ قصصت شعري وغيَّرت نمط لباسي.‏ وابتدأ مظهري الخارجي يطابق مشاعري الداخلية.‏ انضممت الى مدرسة الخدمة الثيوقراطية في تشرين الاول وفي تشرين الثاني ابتدأت بعمل الكرازة العلني.‏ وسرعان ما كنت ادير دروسا في الكتاب المقدس مع الآخرين.‏ وفي آذار ١٩٧٥،‏ اعتمدت ثانية،‏ وهذه المرة رمزا الى انتذاري ليهوه،‏ الاله الذي اتيت الى معرفته اخيرا.‏

ابتدأتُ اخدم كامل الوقت،‏ كاللذَين ساعداني كثيرا.‏ وصار بتل بروكلين،‏ المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه،‏ بيتي في ايار ١٩٧٦.‏ وكان لديّ عملان،‏ تشغيل مصعد وتوزيع البريد.‏ والعملان سمحا لي بامتياز التحدث الى اخوة روحيين يوميا.‏

بعد سنتين،‏ عدت الى الموطن الى ڤيرجينيا وكرزت كامل الوقت لفترة.‏ وأخيرا صرت شيخا في الجماعة.‏ كان العمل ممتعا،‏ ولكن في داخلي كان هنالك شعور مقلق.‏ واستمررت في التفكير:‏ ‹يجب ان يكون هنالك المزيد ممّا يمكنني فعله في خدمة اللّٰه.‏› الخدمة الارسالية؟‏ هل يمكن ان تكون هي؟‏ فقدَّمت طلبا لمدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس وقُبلت للتدريب الإرسالي في صف شتاء ١٩٨٣.‏

قبل التخرُّج،‏ أُعلن تعييني الإرسالي:‏ كولومبيا،‏ اميركا الجنوبية.‏ فصرت في الطريق مرة اخرى لكنَّ السفر هذه المرة لم يكن بواسطة إبهامي.‏

كان توقُّفي الاول في مكتب فرع برج المراقبة في سانتا فاي دي بوڠوتا،‏ حيث درست الاسپانية بشكل مكثَّف مدة ثلاثة اشهر.‏ ثم عُيِّنت في بيت للمرسلين في ميديلين،‏ حيث جرى درس الاسپانية اربع ساعات في اليوم،‏ ستة ايام في الاسبوع.‏

والابتداء بالكرازة بلغة جديدة كانت له مناسباته التي لا تُنسى.‏ ففي مرحلة باكرة ذهبت اقرع الباب وحدي فيما كانت اخت تتكلم الاسپانية تراقب على مدى سَمْعها.‏ فقدَّمتُ مجلاتنا المسيحية لامرأة مقابل ٣٠ پيزو.‏ فبَدت المرأة ساخطة وأغلقت الباب!‏ وإذ عدتُ الى الاخت،‏ حصلت على الايضاح.‏ قالت:‏ «انتبهْ لتلفُّظك.‏» وأضافت:‏ «قلتَ بيزوس،‏ وليس پيزوس.‏»‏ فقد طلبتُ من المرأة ٣٠ قبلة!‏

كولومبيا مكان جميل.‏ والجاذب الكبير فيها هو الناس.‏ فهم ودّيون،‏ عمليون ومتواضعون اكثر من الناس في المجتمعات الصناعية اكثر.‏ لذلك فإن تعليم الكتاب المقدس يختلف.‏ فالشعب الكولومبي يتجاوب مع القصص،‏ الصور الايضاحية،‏ الاختبارات من واقع الحياة دون تفاصيل معقَّدة.‏ وهم متفهِّمون اكثر للحياة الواقعية.‏ والناس يعيشون قريبين من الناس هنا.‏ ولهم مشاعر قوية وهم متجاوبون.‏ والمستمعون اليَّ هم كالمستمعين الذين تكلَّم اليهم يسوع،‏ شعب الارض؛‏ مما يجعلني احاول التمثل بيسوع الى حد كبير في التعليم.‏ والناس يذكِّرونني بـ‍ أفسس ٣:‏١٩‏،‏ حيث تحدَّث بولس عن «محبة المسيح الفائقة المعرفة.‏»‏

سنة ١٩٨٩،‏ نلت تعيينا جديدا،‏ ناظر دائرة.‏ وذلك يعني انني انتقل الى جماعة مختلفة لشهود يهوه كل اسبوع وأبقى معهم،‏ أرافقهم في البحث من باب الى باب عن اولئك الذين يريدون ان يعرفوا اللّٰه،‏ اقدِّم خطابات في قاعة الملكوت،‏ وأرافق الاخوة والاخوات المحليين في دروس الكتاب المقدس.‏

يستمر يهوه في تأديبي وصقلي بطرائق عديدة.‏ وثمة حادثة اتذكرها على وجه التخصيص.‏ كانت موسكيرا،‏ خارج بوڠوتا،‏ الجماعة التي كنت سأخدم فيها،‏ وكالعادة،‏ كان الاخوة قد رتَّبوا ان امكث مع عائلة —‏ اخت،‏ زوجها غير المؤمن،‏ وولدين.‏

وصلتُ لأجد،‏ من حيث الاساس،‏ بيتا من غرفة واحدة بمساحة ضيِّقة تحتوي على سريرَين احدهما فوق الآخر منفصلة عن بقية المنزل بمجرد ستارة رقيقة.‏ وُجِّهتُ الى ذلك المكان،‏ وإذ قيل لي ان اختار سريري،‏ انتقيت السرير السفلي.‏ كان ذلك يوم الثلاثاء.‏ وفيما اضطجعت اقرأ الكتاب المقدس نحو الساعة ٣٠:‏٩ مساء،‏ دخل الولدان وارتميا على السرير العلوي.‏

تسارعت افكاري.‏ ‹لا!‏ احتاج الى عزلة اكثر من هذه.‏ ماذا افعل انا هنا،‏ الرجل الذي اعتاد ان تكون له غرفته الخاصة (‏او على الاقل فسحته المنعزلة الخاصة في مرأب)‏؟‏› فقرَّرت انني حتما سأسعى الى تسهيلات اخرى للزيارة التالية ونمتُ.‏ في كل ليلة حدث الامر نفسه.‏ ولكن يوم الخميس فيما كنت أقرأ،‏ اطلَّ رأس صغير الى اسفل من السرير العلوي.‏ لقد كان أندرِس،‏ الذي يبلغ من العمر تسع سنوات.‏ «ايها الاخ فْليت،‏» سأل،‏ «هل انت نائم؟‏» أجبت بجفاء،‏ لا.‏ وتبع سؤال آخر.‏ «هل صلَّيت يا اخ فْليت؟‏» فأجبت بـ‍ لا اخرى.‏

بعدئذ سأل أندرِس،‏ «عندما تصلِّي،‏ هل يمكن ان انزل،‏ وتصلِّي لي ايضا؟‏» فتأثَّرتُ.‏ وتغيَّر موقفي.‏ وفي الواقع،‏ تغيَّر موقفي من الزيارة كلها.‏ فها «يتيم» صغير يريد ان يصلِّي معه رجل.‏ وأنا كنت الرجل.‏ فصلَّيتُ معه.‏ ومكثت مع هذه العائلة في زيارة لاحقة.‏ لقد ساعدني الصغير أندرِس ان اركِّز اقلّ على حاجاتي الخاصة وأكثر على الحاجات الشخصية للاخوة.‏ فابتدأت ابحث عن ‹اليتامى› —‏ اولئك الذين يتلمَّسون اللّٰه،‏ تماما كما كنت انا كولد.‏ (‏مزمور ١٠:‏١٤‏)‏ ووالد أندرِس يحضر الآن الاجتماعات في قاعة الملكوت وقد انضمَّ الينا في عمل الكرازة العلني.‏

منذ وصولي الى كولومبيا،‏ ازداد عدد عبَّاد يهوه من ٠٠٠‏,٢٢ الى ٠٠٠‏,٥٥.‏ وأنا لم اعد اقاوم ذلك الشعور المقلق بأن هنالك المزيد ممّا يجب ان اقوم به.‏ فأنا مكتفٍ بأن اكون في هذا المكان الجيد.‏ وإلى الابد سأكون شاكرا اللّٰه الرحيم الذي نظر مباشرة الى ما وراء مظهري الخارجي الهپِّيّ ورأى شخصا يكافح ليجد الاله الحقيقي،‏ الذي اسمه يهوه.‏ —‏ كما رواها ريتشارد فْليت.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

ريتشارد عام ١٩٧٣

‏[الصورة في الصفحة ٢١]‏

ريتشارد فْليت،‏ مرسَل في اميركا الجنوبية

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة